الجزء الثاني : الادلة على تحريم زواج الفاطمية بغير فاطمي

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
سلوى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 77
اشترك في: الخميس أكتوبر 08, 2009 12:33 pm
مكان: كلية الآداب

الجزء الثاني : الادلة على تحريم زواج الفاطمية بغير فاطمي

مشاركة بواسطة سلوى »

بسم الله الرحمن الرحيم ..

أولا ما تسألونيش .. مين الذي اعطاني هذه المشاركة .. لـــ :D ــن أخبركم

______________________________

قال الإمام المنصور بالله الحسن بن بدر الدين في كتاب أنوار اليقين :




واعلم أرشدك الله أنه لا يجوز نكاح الفاطميات لأحدٍ من الناس ما خلا بني الحسن والحسين عليهم السلام، والذي يدل على ذلك أن الإجماع منعقد على اعتبار الكفاءة في النكاح، وذلك أيضاً مأثور عن النبي صلى الله عليه وآله نحو ما روى عطاء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ((لا يزوجنَّ النساء إلا من الأكفاء، ولا ينكحهنَّ إلا الأولياء، ولا مهر دون عشرة دراهم)) وقد ثبت أن الكفوء في اللغة العربية هو المثل والنظير، فاقتضى ذلك أن امرأة لا تزوج إلا من مثلها ونظيرها، ولا مثل للفاطميات؛ لأن المثل هاهنا لا يخلو إما أن يراد به المماثلة فيما وقع فيه الاشتراك من الجسمية وما شاكلها، وذلك لا يصح؛ لأنه لا تفاضل في ذلك بين الناس بل هم فيه سواء، ولا خلاف أن ذلك ليس هو المراد، ويراد به المماثلة فيما وقع فيه الاتفاق بين بعض الناس دون بعض، كالنسب والدين، وهو الوجه؛ لأن العلماء اختلفوا في ذلك فاعتبر زيد بن علي والناصر للحق في أحد قوليه، ومحمد بن يحيى عليهم السلام الكفو في الدين فقط، واعتبر القاسم ويحيى الهادي، وعامة أهل البيت عليهم السلام الكفو في الدين والنسب جميعاً، وهو قول الناصر للحق في الإبانة.
وقال أبو حنيفة: الكفو في المال والحسب والدين.
وقال أبو يوسف: مثله، وزاد الصناعة.
وقال محمد: هو الحسب والمال.
وقال الشافعي: الكفو في النسب والدين، والحرية والصناعة، واليسار، والصحيح من هذا هو اعتبار النسب في الدين جميعاً،

ولا أعلم في ذلك خلافاً بين أهل البيت عليهم السلام ما خلى زيد بن علي، والناصر للحق في أحد قوليه، ومحمد بن يحيى عليهم السلام .

و الذي يدل على ذلك ما رواه ابن عمر وعائشة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم[248] قال: ((العرب بعضها أكفاء لبعض، قبيلة بقبيلة، وحي بحي، ورجل برجل، والموالي بعضها أكفاء لبعض، قبيلة بقبيلة، وحي بحي، ورجل برجل)).
ووجه الاستدلال بهذا الخبر أنا لو حملنا الخبر على الكفاءة في الدين فقط لأداء ذلك إلى إبطال فائدة كلامه عليه السلام، والحاقه بالهذر والعبث الذي لا فائدة فيه؛ لأنه إذا لم يكن الاعتبار إلا بالكفاءة في الدين فقط، فسواء كانا عربيين أو موليين، أو كان أحدهما عربياً والآخر مولى، أو كان أحدهما عربياً أو مولى وكان الآخر عجمياً، فكان هذا التفصيل المذكور في الخبر عبثاً و هذراً لا فائدة فيه؛ لأنه ليس من شرط الكفاء في الدين هذا التفضيل، وهذا معلوم عند كل عاقل عارف باللغة العربية، متدبر لمعنى الخطاب، بل لا حكم هاهنا إلا للنسب على الحقيقة؛ لأن الخبر يقتضي ذلك تحقيقه، وهو يجب حمل الخطاب على الحقيقة مهما أمكن، وليس في هذا الخبر ما يدل على الدين، فإنما كان يدخل فيه الدين، لو قال صلى الله عليه وآله: ((المسلمون بعضهم أكفاء لبعض)) وإن كان الدين ثابتاً بدليل آخر، وقد ثبت أنه لا يجوز حمل كلامه صلى الله عليه على الهذر والعبث الذي لا فائدة فيه، وكيف بذلك، وقد قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} فإذا كان وحياً من الله تعالى وجب تنزيهه عن ذلك، ولم يجز حمله عليه، يزيد ذلك بياناً وهو قول سلمان الفارسي رحمه الله تعالى : أمرنا أن ننكحكم ولا ننكح إليكم، وسلمان من أكابر الصحابة، ومن أهل العلم والصلاح، وقول الصحابي أمرنا بكذا يدل على أن الآمر هو الرسول صلى الله عليه وآله دون غيره، والذي يدل على ذلك أن من عرف الأخبار، وبحث على السير والآثار، كانت تورد ذلك مورد الاحتجاج، والقطع للخصوم إجماعاً منهم على ذلك، ولا يسوغون لأحدٍ اطراحه، وترك العمل به، ولا يوردونه مورد الحكاية، فلو لم يكن مضافاً إليه عليه الصلاة والسلام لما أجمعوا على الاحتجاج به، والرجوع إليه من حيث أن الحجة بعد الكتاب والسنة ليست إلا الإجماع، والصحابي لا يقول في ما ثبت بالإجماع أمرنا بكذا؛ لأن الإجماع يقتضي لو أنه داخل فيه، ولا يصح أن يأمر نفسه، وعلى أنهم كانوا يطلقون ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وآله، وذلك يدل على أنهم لا يريدون به الإجماع؛ لأنه لا إجماع إلا بعد موته صلى الله عليه وآله.


وبعد فإن الصحابة كانوا لا يرون الحجة إلا الكتاب والسنة، والإجماع دون أقوال الخلفاء أو غيرهم، ولهذا كانوا يخالفونهم في كثير من المسائل، فلا يصح أن يقال إن الأمر وارد منهم؛ لأنهم ليسوا بحجة، وقد بينا أنهم لا يقصدون به الإجماع، فلم يبق إلا أنهم يريدون الأمر منه صلى الله عليه وآله فثبت أن قول سلمان الفارسي رحمه الله أمرنا أن ننكحكم ولا ننكح إليكم هو عنه صلى الله عليه وآله، ومن الظاهر الجلي أنه لا وجه لذلك إلا كونه من العجم، وأولئك من العرب، وذلك أمر زائد على الدين لا معقول منه غير النسب، مع أنه رحمه الله كان آخذاً من الدين بالحظ الأوفر، يؤكد ذلك ويزيده وضوحاً قول النبي صلى الله عليه وآله: ((إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه)) والنسب من جملة الخلق[249]فصح بذلك أن الكفو يعتبر
في النسب والدين جميعاً، فأما اعتبار الكفاءة في الدين فيدل على ذلك قوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلاََمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} فنها الله عن نكاح المشركين، ونكاح المشركات، وكذا قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} فشرط الله تعالى في ذلك الإيمان في الحرائر، وشرطه في وطئ ملك اليمين أيضاً، وكذا قوله تعالى: {لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية، والزوجية تجمع المودة والرحمة، لقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} فحكى الله تعالى أنه جعل بين الزوجين مودة ورحمة، وقد نفى تعالى الإيمان مع مودة من حاد الله ورسوله، فثبت أنه لابد من اعتبار الدين مع النسب في النكاح، وأن الكفاءة فيهما جميعاً، يؤيد ذلك ما رواه الإمام المهدي لدين الله الحسين بن القاسم رضوان الله عليه في كتاب الأكفاء من قول النبي صلى الله عليه وآله: الكفو في المعنيين جميعاً في المنصب والدين معاً، والمنصب هو الأصل، وهذا تصريح ما ذهبنا إليه من اعتبارها جميعاً في الكفاءة، فأما ما اعتبره غير أئمتنا عليهم السلام من التقديم فالحجة على إبطاله أجمع العترة عليهم السلام على أنه لايعتبر في الكفاءة ما زاد عليهما، وإجماعهم حجة على ما تقدم بيانه، ومتى ثبت اعتبار النسب والدين جميعاً بما تقدم من الأدلة، فاعلم أنه لا مثل لأهل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم من عداهم؛ لأن الشرف إنما هو برسول الله صلى الله عليه وآله، ولمكانه شرفت العرب على العجم، وعلى هذا دل خبر سلمان حيث يقول: أمرنا أن ننكحكم ولا ننكح إليكم، فإنه لا وجه له، إلا كونه من العجم، وأنهم ليسوا أكفاء للعرب، لمكان رسول الله صلى الله عليه وآله فوجب أن تكون لأولاده على سائر العرب مثل ما كان للعرب على العجم صلى الله عليه وآله من الشرف، فلا يكونون أكفاء لهم، كما لم يكن العجم أكفاء للعرب لهذه العلة، بل هم بذلك أولى، و لا شبهة في ذلك عند أهل البصائر، ألا ترى أن كل قبيلة وفصيلة تكون إليه أقرب فهي أشرف، ولا خلاف بين الأمة في حصول الشرف به عليه السلام، وقد تقدم بعض ذلك عند كلامنا في فضل أهل البيت عليهم السلام، ألا تسمع إلى قول الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} أي أنتم خير أمة، وذلك كله لمكان محمد صلى الله عليه وآله، والإجماع من الصحابة منعقد على حصول الشرف للأقرب فالأقرب إليه، ولهذا فإن الأنصار إنما سلمت الأمر لقريش لقربها من رسول الله صلى الله عليه وآله، وكونها من شجرته، واحتج بنو هاشم بهذا بعينه على غيرهم من قريش، ولهذا لما استخبر أمير المؤمنين علي عليه السلام عن أنباء السقيفة فأخبروه أن قريشاً احتجت على الأنصار بأنهم شجرة الرسول صلى الله عليه وآله، قال عليه السلام: احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة، وقد ثبت أن ثمرة شجرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أشرف من ثمرة شجرة غيره، وقد دل على ذلك قوله صلى الله عليه وآله: ((إن الله[250] اصطفى كنانة من بني إسماعيل، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم)) والاصطفاء هو الاختيار، وهذا الخبر نص صريح في موضع الخلاف لمن ظنه على غير ما بينا، وعلى حسب هذا الحبر اعتبر المؤيد بالله قدس الله روحه، الكفاءة فقال عليه السلام: الناس بعضهم أكفاء لبعض إلا العرب، والعرب بعضهم أكفاء لبعض إلا أولاد فاطمة عليهم السلام، وأولاد فاطمة بعضهم أكفاء لبعض، هكذا ذكره عليه السلام، فإذا كانوا عليهم السلام صفوة الصفوة النبوية، وسلالة الخيرة الإلهية، ثبت أنه لا كفو لهم في النسب إذ لو كان لهم فيه كفواً لعاد ذلك على فائدة الاختيار بالنقض، وقد قال الله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} وفاطمة وبناتها عليها السلام من جملة نسائه صلى الله عليه وآله، ودليل ذلك قوله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ} الآية، ولا خلاف بين أهل النقل أنه ما دعا من النساء يوم المباهلة إلا فاطمة عليها السلام، ومثل ذلك قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ} فإن قوله تعالى: {وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ} عام لزوجات المؤمنين وغيرهم من بنات البنين والبنات وغيرهم من القرابات بلا خلاف، والأصل في ذلك أن اسم النساء لفظ جمع معرف مستغرق على ما هو مبين في مواضعه من أصول الفقه، فأخبر تعالى أن نساء النبي لسن كأحدٍ من النساء، وقد دخلت فاطمة عليها السلام وبناتها في نسائه بالدلالة، فدل هذا الخبر على أنه لا مثل لهنًّ في النساء دلالة واضحة، فلو كان للفاطميات مثل فيمن عدا أهل البيت ينكحهنَّ وهو مع ذلك مثل للنساء ممن عداهنَّ، وكقولهن لما كان لقوله تعالى: {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} فائدة من يحث قد صار غيرهنًّ من النساء مثلهنَّ، وإنما كان ذلك الشرف لنسائه صلى الله عليه وآله بشرط الاتقاء، وليس الشرف بالاتقاء وحده، وإلا شاركهنَّ من اتقا، وبطلت فائدة الآية، فثبت أنه لا مثل لبنات الرسول الله صلى الله عليه وآله ولا لبنيه في النسب إلا من كان منهم، ومتى لم يكن لهم كفو من غيرهم لم يجز نكاح الفاطميات ممن عداهم، ولا اعتبار بمن عدا فاطمة عليها السلام من بناته صلى الله عليه وآله؛ لأن ذلك مخصوص بقوله صلى الله عليه وآله: ((أمرت أن أنكح إليكم وأنكحكم إلا فاطمة)) فاستثناها صلى الله عليه وآله من بناته، ووجب أن يكون لبناتها مثل ما لها، لدلالة الكفاءة في النسب المتقدم، يزيد ذلك بياناً أنه لا شك عند أحدٍ من أهل الدين والمعرفة في أن الله تعالى ما حرم نكاح أزواج النبي عليه السلام بقوله تعالى: {وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ} إلا لشرفه وكرامته لا لدينهنَّ وصلاحهنَّ، وإلا فقد فسقت عائشة بخروجها على أمير المؤمنين عليه السلام بلا خلاف بين المخلصين، فلم يقل أحد يجواز نكاحها لأجل الفسق لأحدٍ من الناس، وفاطمة وولدها عليهم السلام[251] أحق بشرف رسول الله وكرامته من عائشة؛ لأن بضعة رسول الله أشرف من زوجته، ومتى اعتبرنا الدين أيضاً ظهر أنه ليس لأحدٍ مثل ما ثبت لأهل البيت عليهم السلام بآية التطهير وغيرها من الكتاب والسنة، فإن ذلك كله قاضٍ بأن إجماعهم حجة، وأن الله تعالى طهرهم من الأرجاس، وصاروا معصومين عند إجماعهم، وليس لأحدٍ من العرب ولا من العجم مثل ذلك، بل الاعتبار بإجماع الأمة كافة متى خرج منه أهل البيت عليهم السلام، وكل ذلك قاضٍ لهم بأنهم لا كفواً لهم في الوجهين جميعاً؛ لأن من لم يظهر من الأرجاس، ولم يعصم من جميع الناس لا يكون مثلاً لهم هذا وقد قال للقوم رسول الله صلى الله عليه وآله: ((إن الله كره لكم غسالة أوساخ أيدي الناس)) أفيكره لهم الزكاة ويرضى لهم بما هو أوسخ منها، وهم أفضل الخلق بعده صلى الله عليه، ولا كفو لهم.
روينا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((نحن أهل شجرة النبوة ليس أحد من الخلائق يفضل أهل بيتي غيري)) وإذا لم يكن يفضل عليهم غيره عليه السلام لم يكن غيرهم لهم كفو، وكذلك ما روى ابن المغازلي في مناقبه، ورفعه إلى علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((فضل أهل البيت على الناس كفضل البنفسج على سائر الأدهان)).
وفي كتاب الحياة لإسحاق بن أحمد رحمه الله: ((فضل أهل البيت على الناس كفضل دهن البنفسج على سائر الأدهان)) إلى غير ذلك مما قدمناه من الآثار.

أم كلثوم وزواجها من عمر

فأما ما يعترض به من لا بصيرة له من نكاح عمر لأم كلثوم فإن ضرورة الشرع أباحه كما أباح الشرع أكل الميتة، والنطق بكلمة الكفر عند الضرورة، فلما وقع الإكراه من عمر، وامتنع علي عليه السلام من إنكاحه أشد الامتناع، وكره ذلك قال له عمه العباس: أنا عمه وأنا ازوجك، فأجاز علي عليه السلام فعل العباس رضي الله عنه لما وقع الإكراه من عمه، ووقع الخوف عليه وعلى أهل بيته كما تقدم ذكر هذه الرواية عن الإمام المنصور بالله عليه السلام، وليس ما جاز للضرورة يجوز لغيرها، ألا ترى أنه لا يجوز لغير الضرورة أكل الميتة، ولا النطق بكلمة الكفر، فكذلك هذا، ومن قال بأن ابني فاطمة وأولادهما عليهم السلام سواء هم وغيرهم من الناس في الفضل والنسب فقد تجاهل واخطأ، ورد ما علم من الدين ضرورة؛ لأنهما أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله قضى بذلك الكتاب والسنة.
أما الكتاب قول الله تعالى: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} ولا خلاف بين أهل النقل أن المراد بالأبناء الحسن والحسين عليهما السلام، وأنه ما دعا من الأبناء غيرهما، وأن المراد بالنساء فاطمة عليها السلام، وأنه ما دعا من النساء غيرها، وأن الأنفس هاهنا علي عليه السلام دون كل أحد؛ لأنه ما دعا سواه مع نفسه ممن عداهم.
وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه وآله: ((كل بني أنثى ينتمون إلى أبيهم إلا ابني فاطمة فأنا أبوهما وعصبتهما)).
وقوله صلى الله عليه وآله: ((وإنهما ولداه وابناه، إن الله جعل ذرية كل نبي من صلبه، وإن الله عز وجل جعل ذريتي من صلب علي بن أبي طالب عليه السلام)) وقد ورد فيهما عنه صلى الله عليه وآله وأنهما[252] ولداه وابناه ما لا يتسع له الكلام في هذا الفصل مع ظهوره واشتهاره، وقد قدمناه في الكتاب، وقدمنا من الكلام في فضلهما وفضل أهل البيت عليهم السلام ما فيه كفاية وغنى عن غيره بحمد الله، ومتى كان كذلك لم يجز نكاح الفاطميات لمن عداهم، بل لو نكح فاطمية أجنبي من غيرهم لما انبرم النكاح، ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وآله: ((لا يزوجنَّ النساء إلا من الأكفاء)) فإنه دليل على هذا بعينه؛ لأنه بمنزلة قوله: ((لا نكاح إلإ بكفو)) والمعنى لا نكاح شرعي إلا بكفو، فأما وحوده غير شرعي فذلك ممكن، ومتى لم يكن شرعياً فهو الغرض بقولنا لا يجوز، أي لا ينبرم في الشرع لعدم الكفو لهنَّ من غير القوم.
وروينا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ((لما أسري بي رأيت على باب الجنة مكتوباً بالذهب لا بماء الذهب: لا إله إلا الله، محمد حبيب الله، علي ولي الله، الحسن والحسين صفوة الله، على باغضهم لعنة الله)) وقد تقدم الحديث فأين الكفو لصفوة الله، ولأولاد حبيب الله ورسوله من غيرهم ما أبعد ذلك، وهذا واضح بين بحمد الله، فأما ما عدا الفاطميات فإن نكاحهنَّ ممن عدا الكفو إذا رضيت المرأة، ورضي أولياؤها صحيح لما ثبت من أمثال ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وآله من غير إنكار منه، ويمكن أن يحتج على ذلك بقوله صلى الله عليه وآله: ((أنتم بنو آدم طف الصاع لن تملاؤه، ولا فضل لأحدٍ إلا بتقوى الله)) فإن هذا الخبر دليل على أنه لا تفاضل بغير الدين غير أنه مخصوص في أهل البيت عليهم السلام بما تقدم من أدلة الكتاب والسنة النبوية التي قدمناها، فبقي من عداهم داخلاً في عموم الخبر.



فأما من يقول أن الإجماع منعقد على أن المرأة متى رضيت ورضي أولياؤه بالنكاح من غير كفو صح النكاح على وجه العموم فقد غلط؛ لأن الإمام المؤيد بالله نص على أن نكاح الفاطميات مع ذلك لا يصح، وكذلك الإمام المتوكل على الله قال: لا ينبرم العقد، ولم يكونا عليهما السلام ليجهلا هذا الإجماع، فإن كان ذلك فيما عدا الفاطميات فلعل إذ لا يصح الإجماع من دونهما عليهما السلام، ولو كان لم يخف عليهما فنصهما على ذلك مؤذن بأنه لا إجماع فهذا هو المعتمد عليه والله الهادي.



وهذه مسألة في تحريم نكاح الفاطميات بغير الفاطميين، أجاب عنها مولانا الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة بن سليمان عن رسول الله عليه وآله السلام، وسألت عن الدليل على تحريم نساء ولد الحسين والحسن على سائر الناس، وقلت أنك قد سمعت جماعة ممن يدعي الفهم يزعم أن حجتنا في ذلك ضعيفة، وقال: ليس أحد أعز من النبي صلى الله عليه وآله فزوج بناته قريش، وذكر أن أكثر العلماء مطبق على زواج بنات النبي صلى الله عليه وآله من العامة.
الجواب عن ذلك أن قول من ذكرت من يدعي العلم أن حجتنا في منع زواج الفاطيمات من غير الفاطميين ضعيفة استضعاف من ذكرت لها لا يقضي بصحة دعواه فيها.



وأما اطباق الأكثر على ذلك فأكثرهم لا يعقلون، وأكثرهم للحق كارهون، ولله الحجة البالغة، غير أنا نقول أن القرآن الكريم قد نص بتحريم نكاح أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأحدٍ من المخلوقين، وأجمعت الأمة على ذلك، وأولاد رسول الله صلى الله عليه وآله غير مخاطبين بالنهي عن نكاح[253] أزواج النبي صلى الله عليه وآله؛ لأن الآية لو لم ترد وأطلق نكاحهنَّ للأمة حرم نكاحهنَّ عليهم؛ لأنهنَّ زوجات جدهم، وما يعلم لتحريمهنَّ على الأمة وجه يشار إليه إلا كونهنَّ فراشاً لرسول الله صلى الله عليه وآله، ومتصلات بسبب زوجيته، وشرفهنَّ الواقع بمناكحته، والمعلوم أن سبب الولادة آكد في الحرمة من سبب النكاح؛ لأن أولئك فراشه وهؤلاء لحمه ودمه، فتحريم نكاح بناته على الأمة بطريق الأولى أولى، وهذا قياس لا نعلم في أقيسة الفقه ما هو أقوى منه، بل هو يوصل من نظر فيه على الوجه الصحيح إلى العلم، وهو يستعمل في أصول الدين لقوته، وبعض أدلة الفقه أمارات لا تقتضي إلا غالب الظن، ويسميها أهل الفقه أدلة، وهذا الدليل كان يوجب الحكم في جميع البنات لعمومه وشموله، إلا ما خصه الدليل، وقد خص الدليل ما عدا فاطمة عليها السلام بالقول والفعل، أما الفعل فإنه زوج رقية وأم كلثوم عليهما السلام من عثمان واحدة بعد واحدة، وزوج زينب من أبي العاص بن الربيع.




وأما القول فإن أبا بكر وعمر وجماعة من الصحابة خطبوا إليه فاطمة عليها السلام، فكان يقول: ((انتظر القضاء)) إلى أن نزل الوحي بزواج فاطمة عليها السلام من علي عليه السلام، فإن الله تعالى زوجه إياها في السماء، وأشهد ملائكته وأوحى إلى شجرة طوبا، فنثرت الدر والياقوت وأنواع الجواهر، فلقطت ذلك الحور العين فمن لقط منهنَّ شيئاً من نثار فاطمة عليها السلام كان حلياً للحلي، وفضيلة لمن أخذه في أخبار كثيرة، نرويها مسندة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال: ((إنما أنا بشر مثلكم أتزوج منكم وأزوجكم إلا فاطمة، فإن زواجها نزل من السماء)) فانحاز الحكم كله إليها، وعكف عليها سلام الله ورحمته عليها، وذكر أن من يذكر أن بنات فاطمة من زوج من غير الفاطميين، وذلك مما لا لا ننكره، ولكنا نقول ونعلم أنما زوجت واحدة منهنَّ في غيرهم إلا لضرورة، والضرورات تبيح المحظورات، فيصير الذي كان قبيحاً في الحال الأول جائزاً أو واجباً في الحالة الثانية، كما تقول في النطق بكلمة الكفر أنه محظور في الحال الأولى جائز في الحال الثانية، وكذلك أكل الميتة محظور في الحالة الأولى واجب في الحالة الثانية، وهو بأن تخاف تلف النفس ولا تجد إلا هي.




وتفريع قول القائل أن ما عدا ما قلنا هو قول أكثر العلماء إنما يجوز على الجهال؛ لأن قول أكثر العلماء لا يكون حجة بل لا يمنع أن يكون قول الأكثر هو الخطأ، وقول الأقل هو الصواب، ونحن نقول بأن الدولتين العباسية والأموية لما تظاهر ضعف حال أهل البيت عليهم السلام، وجهل الناس حقهم، وأنكروا فضلهم، وأكبر برهان على ما قلنا ما فعلوا بالحسين بن علي عليهما السلام ولا واسطة بينه وبين النبي صلى الله عليه وآله إلا بضعة البنوية فاطمة عليها السلام، فمنعوه وقتلوه، وقتلوا أهل بيته، وفرقوا بين جسده ورأسه، وأوطؤا الخيل صدره وظهره، وسلبوا ثيابه، ونزعوا سراويله، وكشفوا عورته، وسلبوا نسائه، وساقوا حريمه وذريته، كأنهم أهل شرك من ترك وتأمل، وقال شاعرهم:
أطعنا من ولايته علينا ... ..........ثم هادينا حسينا



فقامت الخطباء بذمه وذم أبيه حاشاهم على رؤوس الأشهاد، فهل علمت أن حكمت عقلك هل بقيت[254] عندهم حرمة النكاح أهل هذا البيت عليهم السلام، ولولا دفاع الله فأما من الأمة فلم يبق من يدفع فضربوا عليهم السهام، وسبوهنَّ كما تسبى بنات يافث وحام، ولقد قال رجل من أهل الشام، وقد نظر إلى فاطمة بنت الحسين بن علي عليه السلام، أو إلى سكينة الشك من قبلي فلما أعجبته قال ليزيد يا أمير المؤمنين، هب لي هذه فقالت زينب بنت علي عليه السلام: ليس ذلك إليك يا عدو الله فقال: يزيد، والله لو شئت لكان إلي، قالت: والله لا كان ذلك إليك إلا أن تكفر بما جاء به محمد صلى الله عليه، فلما قهرته بالحجة، وخشي مقت الأمة لا سوا ذلك، قال يا أمير المؤمنين: هبها لي، ولا عليك كلام من هذه، فقال له: اذهب وهب الله لك حيفا قاضيا، ولا كان عنك راضياً، وذلك بعد أن أخذتها زينب وتركتها خلف ظهرها، ولما قال هشام بن عبد الملك لسكينة بنت الحسين رضي الله عنها: هل أولاد أختك فاطمة منكم أفضل أم أولادها منا؟
فقالت: أبرزنا لك يوم الطف يا أحول فقام وقال: إنك امرأة تحبين الشر، ولما خطب عبد الله بن عمر وابن عثمان الذي كان يقال له المطرف لحسنه فاطمة بنت الحسين بعد وفاة جدنا الحسن بن الحسن عليه السلام، حلفت وكررت الأيمان وهذا نهاية قدرتهم في ذلك الزمن



لا تزوجته فاحتال بكل حيلة، فلم يصل إلى شيء مما أراد، فأتى الرأي من قبل أمها فاستشفع بزوج أمها فصدر لذلك أمها وطلبت ذلك منها فأبت أشد الإباء، فنزعت أمها خمارها وقامت في الشمس، وأقسمت لا فارقت الشمس على حالها حتى يشفعها أو تتلف، فمكثت سدس نهارها ساعتين لا تكلم حتى استوت فقالت: هاجرت نفس أمك والسلطان، والسلطان يومئذٍ سلطان بني أمية، فأجابت بعد هذا، وأعطا عن كل كفارة كفارتين، وعن كل نفس نفسين من المعتقين، وكذلك خطب عمر إلى علي عليه السلام أم كلثوم، فامتنع واعتذر وألح عليه فلم يفعل، واعتذر ولم يفعل وقال: إنك امرء فدخلت وهي صبية صغيرة ولا تعرف حقك، وأنت تحتاج إلى امرأة تعرف حقك وصرح فغضب عمر حتى ورمت أنفه، فدخل على العباس وهو يقول: والله يا بني هاشم لا تركت لكم مأثرة إلا هدمتها، أو كما قد قال في حديث طويل، فقال العباس رضي الله عنه: وما قال؟ قال فقص عليه القصص، فقال: وما يضرك من امتناعه وأنا عمه وأنا أزوجك، فزوجه العباس رضي الله عنه، ولم يرض علي عليه السلام إلا الإجازة، وذلك في حال الزواج جائز، لولا جاز لم يفعله بعد الامتناع؛ لأنه معصوم فعله عندنا حجة، وقد كانت بنو أمية لها سلطان قاهر، وهي عندنا كافرة إلا القليل، والباقي يفسق بعضهم لأمور أحدثوها، فكانت لهم رغبة في نكاح بنات رسول الله صلى الله عليه وآله، ومنافسة في ذلك لمن قدر عليه، ولولا ذلك لما كان عمر من الزهد في الغاية، ومن التقسيط في النهاية، وكان يعاقب من زاد في الصدقات على خمسمائة درهم قفلة، وأصدق أم كلثوم بنت علي عليه السلام أربعين ألفاً، ولما تزوج المصعب بن الزبير سكينة بنت الحسين أصدقها ألف ألف درهم، فقال شاعرهم: [255]

مهر الفتاة بألف ألف كامل ... وبنات سادات الجنود ضياعا

كان من رأي ولد الحسن والحسين أن يزوجوا من خافوا أن يطلب منه إلى غير بني هاشم في بني هاشم؛ لأنهم أكفاؤهم لولا النص، وفي أولاد علي على من سوى ولد الحسن والحسين عليهما السلام، وفي بيوتات قريش من سوى بني أمية، وصواباً في الدين كان رأيهم؛ لأن المحظورات والشرور بعضها أغلظ من بعض الزنا حرام محظور، ونكاح المحارم، وأمثلة ذلك كثيرة، وميلنا إلى التخفيف فعلى ما ذكرنا أجمل ما بلغك من هذا الباب فبرهانه واضح، وهو اضطهاد أهل هذا البيت عليهم السلام إلى يومنا هذا، ونحن نروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من قبل العرش ألا لا يجوزنَّ أحد إلا بجواز، فيقال: وما ذلك الجواز؟ فيقال: حُب أهل البيت المستضعفين في الأرض، المغلوبين على حقهم، فمن لقيني بحبهم أسكنته جنتي، ومن لقيني ببغضهم أنزلته مع أهل النفاق)) فقد نطق الشرع باستضعافهم، وغلبة على حقهم، فمن ادعا غير ذلك خالف المعلوم مشاهد ونصاً.
وأما اتفاق من اتفق على المنع من ذلك فقد اتفق الأكثر على المنع ممن تقول الإمامة لعلي بالنص بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا فضل، والعلماء القائلون بهذا أكثر وأعلم من القائلين بثبوت نكاح بنات النبي صلى الله عليه وآله، ومناهي شرفه لغير أولاده لئن يفترش شرف رسول الله صلى الله عليه وآله، ويعلو شعره بشعره، ولا يجوز ذلك لغيره لعظم حرمته صلى الله عليه وآله وتناهي شرفه، فتأمل ما ذكرنا لك، فإنا لم نتمكن من المبالغة لكثرة الاشتغال، وقد ذكرنا لك جملة كافية بإشارات هادية إن شاء الله تعالى.

سلوى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 77
اشترك في: الخميس أكتوبر 08, 2009 12:33 pm
مكان: كلية الآداب

Re: الجزء الثاني : الادلة على تحريم زواج الفاطمية بغير فاطمي

مشاركة بواسطة سلوى »

ما ما روي عن الهادي سلام الله عليه أنه زوج بناته للطبريين فهي رواية مغمورة و إن ذكر ذلك العلامة محمد بن إسماعيل الأمير فمن أين جاء بالرواية مع أنها لم يذكرها الإمام المؤيد بالله في شرح التجريد و العلامة الشيخ علي بن بلال رحمه الله في شرحه لأحكام الهادي و لا في المصابيح في ترجمته و لا مؤلف سيرة الهادي سلام الله عليه و لا في الإفادة و لا الإمام أحمد بن سليمان في أصول الأحكام و لا الإمام المنصور عبد الله بن حمزة مع أنهم قد ذكروا تزويج النبي لبناته لعثمان وردوا على ذلك و لو كان ذلك صحيحاً عن هادينا يحيى بن الحسين لذكروه وردوا و لاسيما و أنهم قد ذكروا كل ما يحتج به حتى ما يروى من تزويج أمير المؤمنين لأم كلثوم فتأملوا .
و إنما ذكرها في حواشي شرح الأزهار ذكرها الشوكاني ( و الشوكاني معروف بمناصرة لفقه العترة طبعاً بالمعكوس ) و لعله أخذها من إبن الأمير و قد كان اللازم على ابن الأمير ذكر مصدر روايته لا أن يطلق الكلام و لا سيما وهو في موقف إحتجاج .

وجمعاً بين آراء أهل البيت يحمل قول من قال بجواز ذلك على أنه في حالة الضرورة ويحمل قول زيد بن علي أن الكفأة في الدين فقط على أن صلوات ربي عليه ذكر ذلك لأن عصره قد كثرة قلة الدين فشدد على ذلك الشرط و كذا بالنسبة لغيره ممن يرى برأيه و الله أعلم .

سلوى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 77
اشترك في: الخميس أكتوبر 08, 2009 12:33 pm
مكان: كلية الآداب

Re: الجزء الثاني : الادلة على تحريم زواج الفاطمية بغير فاطمي

مشاركة بواسطة سلوى »

الاخوة الذين يريدون نقاش حول هذا الموضوع ارجو منهم عدم كتابت الردود هنا ..

بل يناقشونا في موضوع الاخ .محمد الهادوي على هذا الرابط ..
http://www.almajalis.org/forums/viewtop ... 525#p60525
فلا داعي لفتح العديد من المواضيع حول غرض واحد والله الموفق

سلوى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 77
اشترك في: الخميس أكتوبر 08, 2009 12:33 pm
مكان: كلية الآداب

Re: الجزء الثاني : الادلة على تحريم زواج الفاطمية بغير فاطمي

مشاركة بواسطة سلوى »

:arrow: :arrow: كتاب الاكفاء :arrow: :arrow:
تأليف : - :arrow: الإمام المهدي لدين الله الحسين ابن القاسم العياني ..
تحقيق :- :arrow: عبد الكريم أحمد جدبان :roll:

________________

كتاب الأكفاء

سألت يا أخي أكرمك الله بثوابه، ونجانا وإياك من سخطه وعذابه، عن مسألة غرق فيها كثير من الجهال، وتخبَّط فيها من لا يعقل من الضُّلال، وعمي عنها جميع أهل الركاكة الأنذال، ممن جهل الحكمة وضل عن الهدى، واتبع الغي والتكمة والردى، فزاد الله من كان كذلك نأيا وبعدا، وقلت: ما صفة الأكفاء عند النكاح؟

وسأوضح ما سألت عنه بعون الله أحسن الإيضاح، ولقد سألت عن سبب يلزمني إنكاره وبيانه، ويجب على العباد إيضاحه وتبيانه، ويجب العقوبة باللسان والسيف لمن خالفه، والإخاء والمودة لمن والفه، لأن الله عز وجل حكم بأحكام الحق بين العباد، فمن خالف ذلك وقع في الغي والفساد، وخرج من الحق والصدق والرشاد، فرأيتُ عند مسألتك أن يكون كتابي هذا جوابا لسؤالك، وزجرا وتحذيرا لمن كان من أولئك، وكان في خلاف حكم الله على ما ذكرنا من ذلك.

واعلم يا أخي علمك الله رشدا، وزادك إلى هداك هدى، أن الله سبحانه خالف بين أصناف عباده، ونشرهم وكثرهم في بلاده، لغير حاجة منه إلى تكثيرهم، ولا فاقة منه إلى شيء من أمورهم، فجعل النكاح سببا لنشر حكمته، وعجائب صنعته، وإظهار نعمته، وحرم على الأصناف الدنية نكاح من ليس من أشكالها، وأمر تلك الأصناف بنكاح مثلها، وكذلك يكره لأهل الشرف نكاح الزنجيات، وإن كن في حكم الله غير محرمات، وفي ذلك ما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبني هاشم: ((عليكم ببنات الأعجميات فإن في أرحامهن بركة)).

ثم قال عليه السلام: ((وإياكم والزنحيات، وما شابههن من الخلق المكروهات، فإنهن خلق مشئوم))، وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله، أن الزنجيات وما شابههن من الخلق المكروهات، لخلق مشئوم، على أهل الأنساب، وأهل الشرف والمرواءت والأحساب. لأن الولد ربما أشبه من تلك الأمهات قبح ألوانهن وصورهن المقبحات، فيصير الهاشمي بعد حسن أصله الصريح، كالزنجي الشنيع الدني القبيح، فكره رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك لنسله، وزجر من دخل منهم في ذلك لجهله، وقلة تمييزه وركاكة عقله، وكان صلى الله عليه وآله يأمر بأن تحمل الأشكال من جميع الحيوانات على أشكالها، ولا تحمل أبدا عند من عقل على غير أمثالها، وقال صلى الله عليه وآله: ((الكفؤ في المعنيين جميعا، في المنصب والدين معا)). والمنصب فهو: الأصل الصحيح، والنسب المعروف المهذب الصريح، فأعظم الأنساب كلها نسب ذرية الرسول، وأولاد الوصي وفاطمة البتول، صلوات الله عليهم أجمعين، فنساء رسول الله صلى الله عليه وآله على جميع الخلق محرمات، لأنهن لخاتم النبيين ذرية وبنات، وحُرَمٌ له على مماليكه محرمات، لأنه صلى الله عليه وآله مالك وغيره مملوك، وهو أولى بهم من أنفسهم، وأعظم حقا عليهم من آبائهم، ولذلك حرم رسول الله صلى الله عليه وآله نساءه عليهم، وجعلهن للعباد مثل أمهاتهن، وإذا حرمت بحق لأجل النكاح زوجاته، فتحريم نسله أعظم لأنهن بناته، ولأن حق الأولاد أجل من حق الفراش، لا ينكر ذلك أحد من الأخيار والأوباش، وإذا حرمت على بناته زكواتهم، فأجدر أن تحرم عليه مناكحتهم، لأن الله نزههم من وسخ الأموال، فكيف بما هو أقبح من ذلك من الأحوال، فعظَّم سبحانه بنات رسوله من أقل الأشياء وأسهلها، وطهرهن من زكاة الرعية ونذالتها، فكيف بأعظم القبائح من فعلها، وجعل نكاح زوجات الرسول من أعظم الكبائر كلها، ببنات البتول ونسلها؟! فمن أحل ذلك بعد علمه بتحريمه، أو قال ذلك حلال مع تعظيمه، رأيت قتله في حكم الله واجبا، وفرضا من الله مؤكدا لازبا.
وبعد ذلك فقريش أكفاء فيما بينهم، وكذلك جميع العرب على قدر أنسابهم، ومعرفتهم بمناصبهم وأحسابهم، فلا تحل نساء العرب إلا لمن هو مثلهن في النسب، أو من هو أفضل منهن في الأصل والحسب، ومن كان مجهول الأصل من العباد فمناكحته حرام على المعروفين، ولا يجوز نكاح المجهول بمعروفة النسب، لأنه لا يؤمن أن يكون أصله من غير العرب، فيكون ذلك النكاح محرما لدناءة المنصب، ومن فعل ذلك رأيت التفريق بينه وبينها واجبا، ورأيت الأدب لوليها، والتنكيل والإبعاد للناكح لها، وكتابي هذا إعذار وإنذار لمن نكح من هؤلاء المجهولين، إلى العرب الصرحاء المعروفين، فرحم الله عبدا عرف أصله، ثم طلب من النسوان من كان مثله، ومن فعل غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ومن سمع كتابي هذا وهو من المذكورين، الذين حرم الله نكاحه على الصرحاء المعروفين، فيفارق من كان عنده، ويستر بذلك عَوَره وعرضه، وإلا فيصبر نفسه على كشف أمره، وقبيح شناعته وذمامة ذكره، فإني بعون الله أخزي مَن حكم بغير حكم الرسول، وأميز بين أهل الدناءة والأصول، وكذلك من كان غير حمي على أصله، ولم ينكف على حرمه وأهله، فيبشر منا بالعقوبة والهوان، وبما يخزيه في الآخرة من عذاب الرحمان، ومن لم يزدجر من آولئك بآدابنا وكلامنا، فسنرده إلى الحق بحد سيوفنا ورماحنا، وقد عرَّضت لمن عقل بالتلويج، قبل المباينة والضرب والتصريح، فمَن قَبِلَ ما أمرناه به من حكم القرآن، وإلا قتلته بحدة السيوف والمِرَان، والله حسبنا وعليه التكلان، وكذلك لا يتم النكاح إلا بعد رضى الحرم وإعلامهن، ولا يجوز لأوليائهن ذلك إلا بأمرهن، أو بعد الإخبار بمساكهن، ولا يجوز لأحد أن ينكح من هي كارهة له، والذي أراد الله من العباد، هو كلما أبعد من المقت والفساد، والكفؤ فهو: على ما ذكرنا، وبه من المنصب والدين قلنا، وبعد فلا يجوز لقبيح الصورة ثقيل، أن ينكح ذات جمال وخلق عديل، إلا أن ترضى به رضى لا تريد معه أن يطلقها، وإلا فيجب عليه في حكم الله أن يفارقها، وبالله لولا ما أراد الله من الحق، وحكم به من العدل والصدق، لما ذكرنا شيئا من ذلك، ولا مسكنا عمن كان من العباد كذلك، ولكن الله أكرم القائلين، قال: فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [الحجر:94]. وصلى الله على مولانا خاتم النبيين، وعلى أهل بيته الطاهرين، وسلم ورحم وكرم.
انتهى كتاب الأكفاء كاملا بحمد الله ومنِّه.

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“