خلاصة عقائدية

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

خلاصة عقائدية

مشاركة بواسطة القاسمى »

إن واحدة من أهم قضايا الخلاف بين المسلمين في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو موضوع العصمة وسعة التلقي من النبي ص ، وقد طفحت هذه القضية في صور شتى، وكانت محور كل الخلافات الجانبية في شخصية الرسول ، ولو أردنا أن نحصر الكلام في لوازم ذلك فسنقول إن أهم لازم عند الصحابة كان يدور حول هذا السؤال: ( هل يؤخذ جميع ما يقوله النبي ؟ أم انه بشر يخطئ ويصيب فنأخذ منه ما نراه صائبا؟)
وقد سرت بين الصحابة ثورة ضد رسول الله حين طالب بغزو الروم في قضية غزوة تبوك واتهمه الكثير من الصحابة بالجنون والخيال وعدم الواقعية . وكان عليا عليه السلام يصيح في الأسواق (وما ينطق عن الهوى) فكل هذا لم يكن بدون مناسبة وليس عملا جنونيا يقوم به علي بن أبي طالب بلا مناسبة.
وقد كانت هناك رشحات كثيرة تبين معالم هذا الخلاف في زمن الرسول منها مثلا اعتقاد السيدة عائشة بان الرسول يؤلف القرآن على هواه ، فقالت له متهمة إياه بتهمة باطنية (ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك) وتقصد بذلك الإشارة إلى التوافق بين ما يريده الرسول وبين النصوص القرآنية. وهو تهمة وطعن واضح.
ولكن أوضح ما ورد في هذه المسألة اعتراف عبد الله بن عمرو بن العاص بان الصحابة كانوا ينهونه عن كتابة حديث رسول الله ص معللين ذلك بأنه بشر يغضب ويخطئ فلا ينبغي كتابة كل أقواله وحركاته ، فسأل رسول الله عن قولهم فأمره بكتابة كل أقواله وحركاته للرد عليهم ، وان كلامه معصوم لا يخرج منه الباطل. هذه الحادثة الموثقة تعتبر دليلا هاما على وجود هذا الاتجاه في صحابة رسول الله ، وبعد ذلك تبين أن أصحاب هذا الاتجاه هم من استلم زمام السلطة ونفذوا نظريتهم فرفضوا تدوين حديث الرسول وقالوا بانه بشر يغضب ويخطئ . بينما كان الفريق الآخر وهم فريق من يؤمن بعصمة الرسول وانه لا ينطق عن الهوى وهم فريق علي وشيعته كانوا يدونون الكتب ويخفونها عن أعين السلطة لئلا تتلفها .
ولكن بنفس الوقت فقد حصل تحديث كاذب عن رسول الله وأول حديث كذب هو زيادة (ما تركنا صدقة) وهي كذبة لم يستطيعوا هم تصديقها فقد ورثوا زوجاته وورث من زوجته بينما بنيت عليها قاعدة فقهية عندهم ان الانبياء لا يرثون ولا يورثون خلاف القران الكريم وقد زادوا فيما بعد الكذبة كذبات حتى ادعوا بان عليا اعترف بان الرسول قال ذلك وان فاطمة اعترفت وسكتت حين سمعت ذلك، كانت هذه أول كذبة سياسية مرصودة وتوالت بعدها الأعمال الكبيرة من الأكاذيب على رسول الله ومن رفض سيرته وتعلمياته ، وكانت اكبر فضيحة كاشفة لحجم افتعالهم الكذب هو عمل عبد الله بن الزبير حين وصلت عائشة إلى (الحوئب) فقالت أرجعوني لما سمعت من رسول الله ص وقد بشرها بالخسران المبين ، فقام المؤمن المجاهد عبد الله بن الزبير مع مروان بن الحكم ومجموعته بتدبير (قسامة) وهم أربعون شاهدا مزورا يشهدون أن هذه الأرض ليست الحوئب ، وقد كانت شهادة زور مدبرة ، وكانت جزء طبيعيا من طبيعة تفكير ذلك الفريق الذي يستسهل الكذب والتزوير على رسول الله بينما يمنع الحديث الصادق الصحيح عن رسول الله ص .
لقد اخترعت كل الطرق الغريبة ما عدا الأخذ من علي والحسن والحسين .
فقد اخترعوا الاجتهاد مقابل النص الصريح
واخترعوا منع الحديث عن رسول الله وإنما العمل بفهم الرجل من الكتاب ومما يتذكره من فعل الرسول كما يدعيه هو.
واخترعوا نظرية القرآنيين
واخترعوا محاربة الكتب وحرقها حتى احرقوا مكتبات الأمم المتعلمة واحرقوا العلوم (يبدو انها كانت مضرة بالصحة) ولا زلنا لحد هذا اليوم تحرق كتبنا ، فقد رأينا بام اعيينا في سنة 1410 كيف ان جيش اهل السنة الصداميين في العراق اول ما دخلوا كربلاء والنجف قاموا بإحراق الكتب والمخطوطات بكميات هائلة. وبشهية في الحرق لا مثيل لها وكذا فعلوا حين سقط صدام فقد احرق كل الكتب والوثائق ، وقد رأينا هذا في كل الفتن التي عملوها على مر التاريخ.
واخترعوا حرق المصاحف وإلزام الناس بمصحف الدولة ( هذا الأمر لم يكن عليه كثير اعتراض ولكنه يبقى عملا غريبا لأنه تهمة جاهزة بان كل مصاحف الناس محرفة يجب حرقها)
واخترعوا واخترعوا
ثم قتلوا الناس بحجة الاختراع والبدعة .
عجيب أيبتدعوا البدع ثم يقتلون الناس بحجة البدعة ؟
هذا هو الواقع .
هذا لا يهمنا الآن ... ولكن نريد أن نفهم كيف بدأ علم الحديث عند من يحرّم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟
إن مجموعة علي بن أبي طالب استمرت في مدارسة العلم وفي الكتابة ، فانتشرت بين المسلمين كقوة علمية فارضة لنفسها . مقابل القوة العسكرية التي يقودها العسكريون الزناة العادرون المعروفون الذين لم يظهر منهم الا الفضاضة . فكانت الكتب تؤلف والأحاديث تحدث من قبل أفراد يؤمنون بالله ورسوله رغم حضر السلطة وقد انتشر اسم هؤلاء المحدثون الواعظون كالمقداد وعمار وابي ذر وجابر وسلمان وغيرهم من انصار علي .
ثم حين آلت الأمور إلى الداعية إلى نار جهنم معاوية قرر القيام باحتواء مزدوج للحديث ، فهو يمنع الحديث عن علي وأهل بيته ويمنع ذكرهم والاشادة بهم كبيت الرسول ، وأطلق العنان لكل من يريد أن يكذب ويحدث عن الرسول وأطلق العنان حتى للكذب على نفس الكذابين . وهكذا جمع حول مائدته مجموعة غريبة ممن تسلقوا على الصحابة من أهل (الصفة) فقد أصبح أهل الصفة أهم بكثير من رواد علم رسول الله ص، وكان بينهم من وصفه الإمام علي بن أبي طالب بأنه (اكذب خلق الله على رسول الله) ، وهكذا جمع معاوية كل من يكره محمدا وعليا ويكذب عليهما حتى انه أغرى بعض ضعاف النفوس من بني هاشم أنفسهم بالمال والسلطة الزائفة ليجعلهم رأس حربة ضد علي والعترة الطاهرة.
فبدأت في عهد معاوية تتشكل أولى المدارس الفكرية المناصرة للسلطة على أساس فكري وقد ضم إليها خبرات أبناء الخلفاء السابقين أمثال عبيد الله وزيد ابني عمر بن الخطاب ، الذين قتلا على يد علي بن ابي طالب وهما يدافعان عن معاوية وكذلك عبد الله بن عمر حيث يكرمه ويستدعيه ويهينه ويهين أبيه أيضا على شكل دوري وذلك من اجل أن يبقى الباطل كما هو فاخترع له العبقري عبد الله بن عمر نظرية (نصلي خلف من غلب) ، وكذا استمال عائشة وحزبها بالمال والتكريم والدفع باتجاه العداء لعلي، واستمال جميع مجموعة عثمان لأنهم أبناء عمومة معاوية.
وهذا يعني انه كون مجموعة عمل مناهضة لعلي من نفس الفريق المشكك في عصمة رسول الله وفي أنه يغضب ويسارع الله إلى هواه.
وفي هذه الفترة بدأت الحلقات البسيطة للحديث عند رواد السلطة ولكن كان ضابطها العام هو البراءة من علي ومن الحديث عنه ومن الاتصال به . بينما كانت متقدمة عند جماعة علي وكان ابرز المحدثين هم من المجاميع العلوية ، في الكوفة والبصرة والمدينة ومكة.
وجاء بعدها فترة عبد الملك بن مروان ، حيث كلف الحجاج بمحاربة شيعة علي في الحجاز والعراق ، وهنا اخترع الحجاج علم الرجال (لطرد كل من يشيد بعلي وبأهل البيت) ، وهو علم مخابراتي القصد منه متابعة وإبعاد أي شخص معجب بعلي أو يروي عنه ، فكلف لهذه المهمة عامر الشعبي وأمثاله ، وهو رجل من عشيرة موالية لأمير المؤمنين ومن أهل الكوفة ولكنه يكره عليا بشكل غير طبيعي ، فهو خير من يعرف أسرار مجموعة اهل البيت ومواليهم . فكانت له عجائب في التحقيقات والأمر بترك العلماء والمتدينين من اجل تمسكهم بعلي بن أبي طالب.
ثم حين سقطت الدولة الأموية وجاءت الدولة العباسية ، وقد كانت مبنية أساسا على فكر الخارج عن أهله عبد الله بن محمد بن الحنفية ، حيث كان هذا الرجل يكره جده عليا ويتهمه بأنه ليس معصوما (لعل لنقص نفسي يشعر به حيث لم يكن والده مكرما عند أبيه وعمومته لضعف في شخصيته ولكونه ليس ابن بنت رسول الله ) ولهذا كان أبو هاشم (عبد الله بن محمد) يكره الحسين بشكل خاص ويكره أبناءه وقد تاجر بمقتل الحسين وتحالف مع المختار وأسس المذهب الكيساني ، واستطاع أن يستدرج أبناء الحسن وبعد ذلك استدرجت حركته أبناء زيد بواسطة أبناء الحسن وكونوا المذهب الزيدي . ودعوا إلى الثورة واخذ الحكم من بني أمية فقامت الحركة العباسية المنادية بإمامة محمد بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى ، ولكن كما قلنا فان العباسيين غدروا سادتهم وأئمتهم وذبحوهم وفعلوا كما اخبر الإمام الصادق عليه السلام بغدرهم ومآل الحكم إليهم وليس إلى أبناء عبد الله المحض الذي اغتاض من نصيحة الإمام الصادق فقال له (أخذك الحسد) فتبين من هو على حق ومن هو على باطل بعد ما ذبحهم خادمهم المنصور جميعا، وهنا بدا عصر جديد للتلقي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
العهد الجديد غريب بكل معنى الكلمة . انه عهد اختلاط وامتزاج بين الماء والزيت وبين الأمويين والهاشميين العباسيين ولكن ضد العترة الطاهرة.
لقد أحدثت الدولة الأموية في أواخر عهدها انفجارا في عدد الأحاديث فقد كانت دكاكين حمص مزدهرة بالحديث الكاذب وبلغت الأحاديث بالملايين ، فجاء هؤلاء العباسيون ذوي التوجه الفكري الشيعي العام والذين يؤمنون بالقوة وبمبدأ السيف الذي يوافق دين بني أمية ، فحدث مزج وخلط
ولكنهم اضطروا لأن يخففوا من حجم المكذوبات ومن حجم الخروج عن الإسلام نتيجة توسع عمليات الكذب، فقد كانت الأحاديث قد رسمت صورة للإسلام أعجب من الخيال فحتى اشد النواصب كان يستنكف منها ، فقد وقع إسفاف يرويه أهل السير والطرافة يصعب تصديقه رغم وقوعه فعلا حيث كانت الأحاديث موردا للدعاية للسلع التجارية كما نقل عن موضوع البصل الأحمر وبصل عكا، وخلال هذه المسيرة فقد اشتهر أن بعض الرواة عن رسول الله من الخط الأموي كابي هريرة حيث أنهم في الفترة العباسية اخذوا من أحاديثه اقل من 2 بالألف فقد اخذوا بحدود ألف حديث من اصل ستمائة ألف حديث رويت عنه في الشام، وقد اخرج البخاري اقل من ثلاثة آلاف حديث بحذف المتكرر من اصل ستمائة ألف حديث توفرت بين يديه. وهذا يعني أن ماكنة الفرز كانت هائلة في زمن بني العباس . ولكن المشكلة أن بني العباس أيضا وضعوا شرطا لكل الحديث والفقه والدين هو استبعاد أهل البيت المعصومين وخلط الأوراق واعتبار بني العباس من أهل البيت بل هم الحقيقة والطريقة، وقد توجه الكتّاب في زمنهم إلى اتجاهين الأول هو قلب الأسانيد لصالح رواة من الخط الأموي ، والثاني هو الكذب على لسان عبد الله بن عباس حتى أصبح من أهم رموز الدين والعلم والتفسير بينما هو اقل بكثير من أن يذكر لأنه ضعيف الشخصية.
وكلا الاتجاهين كان لضرورة ملحة في زمنهم .
فأما الاتجاه لقلب الأسانيد فقد كان ضرورة لأخذ الدين المعقول من ال الرسول وقلب الأسانيد بدل أن تكون عنهم فأصبحت باسم أبي هريرة وعبد الله بن عباس وعائشة وغيرهم .
وأما الاتجاه الثاني فهو ضرورة لإثبات اصالتهم في الإسلام وللتستر على ضعف أبيهم العباس في دينه وفي نفسه حيث كان محبا للمال والجاه وقد أصدر رسول الله إشارات في حقه تكشف هويته وأما ابوهم عبد الله بن عباس فقد كان رخيصا ومن رخصه انه خان المسلمين وخان ابن عمه عليا فسرق أموال المسلمين في البصرة وهرب وترك وراءه زياد ابن ابيه ليحكم بين الناس وقد مكنه من رقاب المسلمين. وأما أخيه عبيد الله الذي كان واليا في اليمن وقد ذبح بسر بن ارطاة ولديه أمام أمهما التي جنت عليهما فقد استهوته اموال معاوية فالتحق ليلا بمعاوية وترك الإمام الحسن بلا قائد جيش وكل هذا بوعده بمليون درهم . فأسرة هذا تاريخها تحتاج إلى تلميع وتحسين الصورة. وقد اصبح بيدها المال والرجال والقوة، فلهذا نسبوا كل غث وسمين لعبد الله بن عباس بقلب الأسانيد واختراع الأسانيد .
وقد بينا إن القاسم المشترك بين الأمويين والعباسيين هو رفض أفكار وتوجهات أهل البيت ، وقد اضطروا أن يخفوا أمام الناس بادعائهم أنهم يوافقون أهل البيت في مسائل كثيرة ، واخذوا يكذبون عليهم ويلفقون الأحاديث فمثلا اكتشف المنهج العباسي أن تحريم المتعة ليس منسوبا لعمر وإنما للرسول ولعلي بن أبي طالب فرووا عن أبي هاشم بن محمد بن الحنفية عن علي بن أبي طالب عن رسول الله كذبة طريفة بتحريم المتعة ولحوم الحمر الأهلية ، بينما الثابت عند المسلمين إن لحم الحمر الاهلية مكروه وليس محرما لأن إفناءها بالأكل يضر بالمجتمع الإسلامي باعتبارها وسيلة النقل والجهاد. وهذا يكشف طبيعة الكذبة حين يخلط الأمر بهذا الشكل. فقد كانت كذبة نسبة تحريم المتعة على الأغلب عباسية بامتياز وقد زوروا الأسانيد أو قلبوها. بدليل أنها أحاديث مضطربة غير سليمة وقد اضطر بعض كتبة المسانيد إلى القول بأنها أحلت ثم حرمت ثم أحلت ثم حرمت ست مرات ، فهذا هو الاستهانة الحقيقية بالدين الإسلامي.

القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: خلاصة عقائدية

مشاركة بواسطة القاسمى »

من يقرأ تاريخ الإسلام ونشوء المدارس الفقهية والفكرية فيه يجزم جزما قاطعا أن .. الخلاف هو حول تكذيب طرق التلقي وتحديدها فعلي وشيعته يكذبون صراحة بعض الصحابة وتابعيهم من الكذابين الذين كذبوا على رسول الله ، كما يكذبون الرأي المبني على تحريف الكلمات الذين وصفهم الله في كتابه الكريم: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}(البقرة/75). وقال تعالى فيمن عاصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من اليهود وأتباعهم من المنافقين: {مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً}(النساء/46).
ثم إن كتب الفقه والعقائد عند من يسمي انفسهم أهل السنة (سنة معاوية) أمامنا اغلبها مأخوذ عن غير رسول الله وبدون حجة شرعية، فهو إما أقوال صحابة مشكوك في تدينهم أو مشكوك في فهمهم وقدرتهم على فهم الدين فهذا من اتهمه أبوه بأنه لا يجيد ابسط مسألة في الفقه وهي الطلاق وشروطه وهو عبد الله بن عمر، هو أهم مشرّع يبني على قوله الشرائع في الفقه السني . بل العقائد ، وقد تجد في الفقه السني عجائب غرائب مثلا حكم التكفير (التكتف) في الصلاة مبني على قول أعرابي لا يُعرف من هو؟ يقول دخلت صباحا في جو بارد فرأيت رسول الله يصلي صلاة الصبح وقد ضم يديه بعباءته .
فلا الراوي يمكن أن يكون مصدرا للرواية كما هو التحقيق، والاعتماد عليه هو اعتماد على غير الرسول!! أيعتمد على أعرابي مجهول ويترك علي بن أبي طالب الذي رفض هذا ؟؟
ولا الفعل وظرفه كان دالا على حكم إلزامي أو ترخيصي لفعل مغير لصورة الصلاة، فلعله صلى الله عليه وآله وسلم للحظة برد شديد لف عباءته بحركة مفردة جائزة ، وهو من الحركات غير المخلة بصورة الصلاة المسموح بها . فرآها الأعرابي مارا أمامه ثم أسبل يديه. فكيف يبنى على هذا حكم ويكون العلامة الفارقة عند بعض المذاهب؟ بينما هو حكم ثبت أنه من مبتدعات الخليفة عمر وليس له علاقة برسول الله أصلا. وهكذا صلاة التراويح التي هي صلاة باطلة لأنه لا جماعة في النافلة بنص صريح ، فخالف عمر النص ببدعة سمّاها البدعة الحسنة وهذه بدعة مركبة. فأصبح الفقه السني يتبع هذه المخالفة الصريحة . وكذا حكم المتعتين اللتين نهى عنهما عمر ثم لفقوا أكاذيب مكشوفة بان النهي من النبي ومن علي وغير ذلك من أكاذيب مكشوفة لم يسلم بها المسلمون الحقيقيون، وكذا حكم السجود على الحرير والصوف فهو من عمل معاوية وليس له أي علاقة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وإنما لأن الجبابرة المترفين يأنفون أن يمرغوا جباههم بالتراب تذللا لله فاخترعوا حكما لتحليل السجود على الأقمشة الناعمة والسجاد الفاخر . وكذا كان الحجاج يأنف من دخول الفلاحين إلى المسجد الذي هو فيه فأمرهم بغسل الرجلين في الوضوء ، ثم نسب أتباعه ذلك لعثمان كذبا على عثمان نفسه ولو ثبت فإنما هو موقوف على صحابي قتله المسلمون مكفرين له ودفنوه في حش كوكب (مقبرة اليهود) بلا صلاة عليه ، لاعتقادتهم بردته وخروجه الكلي عن الاسلام بدليل عدم الصلاة عليه ، فكيف يكون هو من يحدد تعاليم الله؟ والقائمة تطول بحيث تشمل ابسط البديهيات في الفقه إلى أعظمها خطرا ، فهذا الفقه السني اغلبه لا يشترط النية في العبادات ، وابن تيمية يرى قتل من يجهر بالنية في صلاته، فإذا كان بانيا على بطلان الصلاة للجهر بالنية لأنه خلاف معنى النية وهذا المعنى مما يقول به أهل البيت ، فان حكمه بالقتل باطل قطعا وهو بدعة ما انزل الله بها من سلطان غاية ما يدل عليه الحكم هو البطلان فمن أين أتانا بحكم القتل؟ فأنت ترى التذبذب بين عدم اشتراط النية وبين حكم الكفر لمن يجهر بها ؟؟
وهكذا الأمر في تفاصيل العبادات وفي تفاصيل المعاملات وفي تفاصيل الحدود والديات فكلها أمور لم تؤخذ عن الرسول أصلا وإنما هي موقوفة على صحابةٍ أو تابعين أو على أصحاب المذهب أنفسهم ، وقولهم واجتهادهم، فكيف نرقع هذه الفتق القائل بان المذهب السني هو عبارة عن الأخذ عن الرسول بينما لا علاقة له به إطلاقا وما يذكر من الأخذ فهو اما للمجاملة أو لان القضية غير مهمة وليست داخلة في المصالح، فلا يضر الأخذ بقول الرسول فيها، وبشرط ان يكون عن طريق من يريدون، وأما إذا كانت القضية لا تعنيهم مطلقا فيمكن الأخذ حتى من أعدائهم أمثال أهل البيت المتروكين كعلي وفاطمة والحسن والحسين والباقر والصادق . وفي بعض الأحيان يذكرون رأي أهل البيت ويتركونه عمدا . فقد ذكروا اراءً في حد القطع فقالوا في أربعة دنانير وقالوا في دينار وقالوا في ربع دينار ونقلوا عن الباقر انه في ثلث دينار ونقلوا عن عمر انه في خمس دينار فإذا كان الحديث عن الرسول هو القطع في ربع دينار فصاعدا فمن أين أتت هذه الأقوال العجيبة؟ فهم ذكروا قول العترة ولم يعتمدوه . رغم انه قول غير صحيح وملفق عليهم بالدليل الثابت لأننا نرى القطع في ربع دينار فصاعدا وهذا هو قول الباقر والصادق وجميع العترة وهو قول رسول الله.
ثم إننا لو درسنا مصادر التشريع عند أهل السنة لوجدنا شيئا عجيبا ..، ومن اجل إعطاء صورة للمقارنة أبين أولا مصادر التشريع عند الشيعة الإمامية ثم أعرج إلى مصادر التشريع عند أهل السنة.
مصادر التشريع عند الشيعة الإمامية أربعة اثنان متفق عليهما وعلى حدودهما ، واثنان مختلف في حدودهما :
المتفق عليهما :
القرآن والسنة.
والمختلف في حدودهما:
الإجماع والعقل.
والمتفق عليه عند جميع الشيعة في الأخيرين هو أن الإجماع إذا كان كاشفا عن توجيه المعصوم مثل فعل الشيعة فعلا في أيام المعصوم مؤكد الحدوث وكان المعصوم بينهم ولم يصدر منه نهي أو توجيه فهذا يكشف عن رضاه او توجيه المسلمين له، فمرد الإجماع هو إلى الكشف عن السنة فهو جزء من السنة بطريق إلزامي وليس بالنص الصريح. وأما حكم العقل فهو فيما لا يمكن للعقل البشري أن ينفي إلزامه ، وهذا متفق عليه بين جميع الشيعة ، ولكن في الحقيقة فان هذا الأمر نادر الوقوع بدون نص من الشريعة . بل ادعى الكثير من الأعلام الأصوليين والاخباريين أنهم لم يعثروا على حكم عقلي إلزامي بدون قول من الشريعة. وعلى هذا فان مرد جميع الأحكام إلى المصدرين الأولين حصرا والبقية قواعد المعالجة المذكورة من الشريعة نفسها في الكتاب والسنة كالأصول العملية المقررة من الشريعة بواسطة القرآن والسنة. وهذا يعني مصدرية القرآن والعترة حصرا، والسبب لهذا التفسير هو حديث الثقلين، وعدم معقولية سنة لرسول الله تؤخذ من غير المعصومين خصوصا مع كثرة الكذابة عليه ، بشهادة الرسول وأهل بيته ، ولأن العلم الإجمالي بقطعية الخروج عن الحقيقة وادعاء عدم معرفة الخارج ، يوجب الاقتصار على القدر المتيقن وهو الأخذ عن المعصومين وهم العترة المقررة المخصوصة بالعصمة لا كل من كان من نسل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
والخلاصة أن المصادر الحقيقية للتشريع عند الشيعة هي فقط وفقط الكتاب والسنة ومعناهما الكتاب وقول العترة وهما المصدر الحصري للتشريع الإسلامي بنص حديث الثقلين وبالزاماته خصوصا بعدم ضلال متبعهما.
نأتي الآن إلى ما يقره أهل السنة من مصادر للتشريع :
1.القرآن
2.سنة النبي
3.الإجماع
4.العقل في الأخذ بحدود العبارات الشرعية (يقصدون به الانسلاخ عن اللغة والعرف في النص الديني حين لا يطلب ذلك، وادعاء أن العقل يقتضي تحديد النص بهذه الحدود التي يضعونها).
5.سنة الشيخين
6.سنة من قبلنا ، أو ديانة من قبلنا (أي ديانة اليهود والنصارى فيما لا نص عليه من الرسول)
7.سنة أهل المدينة
8.قول الصحابي وعمله
9.قول التابعي وعمله
10.القياس ( دليل التمثيل: إثبات الحكم في جزئي لثبوته في جزئي آخر مشابه له، وهو هنا يعتمد على إدراك علة الحكم) انظر مثلا قولهم في حكم اختلاف الورثة في قبول البيع ستجد عجبا في اختلاف الحكم بين القياس والاستحسان في المسألة الواحدة وشواهدها كثير في الفقه السني تصل إلى مئات الأحكام.
11.الاستحسان (الدليل الذوقي الصرف: إدراك نفس الحكم عند الله ، وهو دليل ينقدح في نفس المجتهد لا تساعده العبارة عنه ولا يقدر على إبرازه وإظهاره. كما عبر الغزالي عنه) والشافعي قال ببطلان الاستحسان إذا خالف الخبر أو القياس.
12.المصالح المرسلة (اعتماد العلة الاجتماعية الباعثة للحكم الشرعي!!!)
13.سد الذرائع (تحريم المحللات لسد الذريعة!!)
14.العرف ( إذا كان الاعتبار تحديد المفاهيم فهو ليس مصدرا للتشريع رغم تسميته لأنه عبارة عن مرجع لتحليل النص أو ما يتسالم عليه العقلاء من الفهم للنص والحكم وليس هو حكما بنفسه، ولكن هناك أحكاما شرعية مستندها العرف فبهذا الاعتبار يعتبر تشريعا، ولا اعرف لهذه الصورة أحكاما معتمدة إلا قليلا ولعل منها خلافهم في نجاسة الشعرات المنسوبة لرسول الله ص فقد قالوا بنجاسة شعر الميت لان العرف يعتبر الشعر جزءً من الميتة فنجسوا شعر الإنسان. وبما أن شعرات رسول الله الموجودة عند بني عثمان وغيرهم هي جزء من جسده الميت فهي نجسة . ولكن بعض الفقهاء رد هذا القول بنفي نجاسة ما لا تحله الحياة كرأي أهل البيت، وقسم قال انه معفو عنه كدم البعوض لقلته !! وبعضهم قال بطهارة جسد الرسول بدليل خاص ، وعندي أنه من يقول إن الشعرات مأخوذة من الرسول بعد وفاته؟ بل لعلها أخذت من حلاقته فهي شعرات إنسان حي هذا بناء على تنجيسهم لشعر الميت – انظر المجموع لمحيي الدين النووي ج1 ص 233)
15.حكم الحاكم (قالوا إذا حكم بما يخالف الكتاب والسنة وتبين له خطأه فلا ينقض حكمه وقال بعضهم إذا خالف الكتاب والسنة لا ينقض وإذا خالف الإجماع ينقض حكمه)

فهذه هي مصادر التشريع عند السنة ، وقد بلغت عند بعضهم سبعة عشر مصدرا ، ومن يتمعن فيها يجد ان اغلبها لا يتصل بالكتاب والسنة وانما هي للتحايل على الكتاب والسنة بل بعضها لرد الكتاب والسنة ، وقد قالوا بنسخ القرآن نفسه بقول الصحابي أو بقول أهل المدينة.

القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: خلاصة عقائدية

مشاركة بواسطة القاسمى »

الزيدية
بالنسبة لأخوتنا الزيدية حفظهم الله وأعانهم فمشكلتهم مشكلة حقيقية، وما حركتهم إلا حركة أبناء الحسن المثنى بعد أن امتزجوا بالكيسانية وكانوا القياديين بعد عبد الله بن محمد بن الحنفية (أبي هاشم)... فما هم وزيد سلام ربي عليه؟ وقد ورّطونا بالحركة العباسية التي انقلبت عليهم وذبحتهم. فهم من أسسّها وقام بها لا العباسيون ، وكانوا ينْون نية سيئة لأبناء عمهم الأئمة الطاهرين وانقلب عليهم الأمر. لأنهم تآمروا مع من نيتهم قتل أبناء عمومتهم وقد استأمنوا الخائن. ونحن نعذرهم فإن الحق ثقيل، ولا بد من نفور نفوس توّاقة للزعامة وطلب الرياسة من مسلك العلم والحقيقة، والالتزام بأوامر إلهية غير مفهومة السبب، وغير واضحة النفع. ..
إن الزيدية ليس لهم فكر واضح ولا تراث سليم، رغم أنهم حكموا اليمن باسم الإمامة الزيدية أكثر من ألف سنة وكان نصيب اليمن التخلف والدمار والضعف العلمي ، وهذا كما ترى فإننا نُقتل يوميا ونُطارد مع ذلك لدينا علوم وأصول وتراث حديثي وعقائدي وكتب تعادل أكثر من نصف إنتاج المسلمين، وهم لا يملكون إلا الإشكالات الواهية والغيبة لمحبيهم والتودد لأعدائهم. ساعدهم الله وحرسهم من أنفسهم
آخر تعديل بواسطة القاسمى في الاثنين أغسطس 20, 2018 11:40 pm، تم التعديل مرة واحدة.

القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: خلاصة عقائدية

مشاركة بواسطة القاسمى »

إن اهم ما انتجه الفكر الكيساني الزيدي كان يصب كليا لصالح مؤسسة الحكم ، ففقه ابي حنيفة هو الفقه الامثل لاعطاء الحاكم الجائر سلطة الله على العباد، والفكر العدلي المزيف المسروق هو اهم بيئة لانتاج فكر سني جديد متعصب ضد أهل البيت ومضيع لحقوقهم، بدعوى حرية التفكير وأن لا قداسة في الإسلام لأحد وأنهم كعلماء يفوقون اهل البيت فى القدرة الفكرية، ولكن حين الامتحان يجدهم يؤجلون القضية لما بعد الآخرة، لأنهم لا يملكون شيئا حقيقيا. وهذه مشكلة حقيقية من الناحية العلمية

القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: خلاصة عقائدية

مشاركة بواسطة القاسمى »

الانحراف الأساسي في بداية الاسلام كان سياسيا مع استعمال الدين كغطاء وعملية مداراة ، فهو انحراف عملي. وهذا ما قامت به قريش وحزبها .

لكن لم يكن عند العرب غير المخالفات نتيجة الأهواء والمصالح الشخصية ونبذ الحق وطرد الاستحقاق.
وبعد حكم معاوية ظهرت ثلاثة أفكار خطيرة
الأولى نظرية عبد الله بن عمر في الوالي وهي قوله (نصلي خلف من غلب) وهي تعطي الشرعية الدينية لمن تغلب على المسلمين مهما كان فاجرا جائرا وقد أسس لولاية الجور فقهيا وعقائديا ،
والثانية : نظرية الجبر وهي أما من اصل يهودي أو فارسي والثاني اقرب.
والثالثة: مسألة رفض العلاقة بين العقل والدين، التي أفرزت الحركة الاعتزالية (الاهتمام بالعقل).
فواحدة من هذه البدع الأساسية الخطيرة هي قرشية والبقية ليس كذلك والأقرب أنهما فارسيتان وان كان هناك أقوال أخرى كالأصل النصراني أو اليهودي لهذه الشبهات.
وبعد ذلك 99% من المخالفات الفكرية المؤصلة هي من إنتاج الدول المفككة بالغزو.

وللتوضيح ..: لم انفِ ابتداء الفتن والبدع عن قريش وإنما اعتبرت التأصيل الفكري قد جاء من الأقوام الحاقدين .. ولهذا قلت (بطرق فكرية وليست بعمل بَدَوي متوحش محض. أي بفكر استراتيجي جديد حوّل الإسلام إلى دين دنيوي خبيث.) واقصد بذلك التأصيل الفكري ، وهذا بحثه طويل جدا ،..

فلو درست نظرية واحدة مثلا وهي نظرية الرأي (القياس والاستحسان) لأبي حنيفة الكابلي الأفغاني ، (و هى من اسس الزيدية ))ستجد أن الدين الإسلامي تحوّل إلى دين وضعي تماما لا علاقة له بالله خصوصا وهي نظرية مطعمة بنظرية التصويب التي تجعل حكم الله تابعا لظن الفقيه.
فإننا سنكون بإزاء دين جديد لا يمت للإسلام بصلة بل هو عين الخروج عن الإسلام بطريقة فنية وإسلامية.
ولو درسنا ألاف النظريات التي جاءت من ذلك الوسط الديني التابع للدولة. المحَرَك من قبل أقوام مستجدين بالإسلام ويحملون ثقافات أساسية تختلف عن الإسلام.
فالمسألة تحتاج إلى تفريق دقيق بين المخالفة والمروق وتدبير المؤامرة على الإسلام وبين تأصيل تلك المخالفة وعلمنتها

القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: خلاصة عقائدية

مشاركة بواسطة القاسمى »

المهدوية

1- النصوص متضافرة متواترة على حقيقة المهدي، 2- والنصوص عندنا متواترة على تسميته وتسمية آباءه فردا فردا، 3- وقد وقع بالفعل كل تلك المسميات بالتسلسل، 4- وقد اُخبرنا بأن ولادته غير طبيعية وغامضة، لأن والده وجده ووالد جده وجد جده كانوا تحت الإقامة الجبرية في القصور العباسية وكانوا تحت المراقبة بحساسية ظهور المهدي ، وقد عمد العباسيون لتسمية أحد أولادهم (بالمهدي) فخيّب ظنهم لأنه تبيّن انه من الراقصين والحمقى، فترصدُ المهدي في هذا البطن من هاشم، لم يكن تربص الشيعة وحدهم، بل تربص أعداءهم أيضا للقضاء عليه، ولكن شاء الله أن يظهر نوره، ولو بشكل معجز وخفي، ولهذا شابت حالته الكثير من التناقضات المتعمدة، كإخفاء وإظهار في نفس الوقت، وقد قيل إن الإمام الحسن العسكري نفى وجود ولد له (لو صح الحديث) وفي نفس الوقت يبعث على رؤساء الشيعة يريهم إمامهم، وهو طفل يكلمهم بأرقى ما يتكلم به رجل. والإمام الحسن العسكري لا يتزوج و إنما يتخذ لنفسه أمَة وهي تكون أم المهدي، ليقال هو غير متزوج، فمن أين له الولد؟ فهذا كله نوع من أنواع وضع المشوشات العقلية أمام الأعداء من أجل حفظ هذا الإمام العظيم، وهي أمور جرت بأمر الله وتوفيقه، ونجاحها كان معجزة بحد ذاته، فلو فكرنا جيدا، لوجدنا إن من الصعب تضييع مثل هذه الحقيقة على جند يقومون بحراسة إمام تحت الإقامة الجبرية في بيت الخليفة يسير مع الخليفة أينما سار، ولهذا فإن الجند هم من اختلق قضية السرداب، التي لا يعرفها الشيعة القدماء و إنما حَرسُ الخليفة هم من أثارها، حين تأكدوا من الاستخبارات وجود ولد للإمام، فأرادوا القبض عليه، فهجموا على دار الإمام، فلم يجدوا إلا أن طفلا نزل سردابا فنزلوا خلفه فلم يجدوا شيئا وهم من أشاع هذا، وجاء من لا يفهم بعد ذلك وأدعى إن هذه هي الغيبة!! بينما هي حاثة في بداية حياة المهدي عليه السلام، وهذا هو نتيجة الإشاعات والتشويش الذهني الذي قام به نفس من يشيع هذه الترهات وساعد عليها الشيعة لسلامة إمامهم كما فعل الإمام الحسن العسكري نفسه سلام الله عليه. المهم أن المهدي عليه السلام تم الإخبار عن ولادته من قبل أبيه الحسن العسكري ومن اغلب الأئمة قبله ومن النبي، 5- وتم الإخبار عن ولادته بشهادة أبيه والقابلة (عمة أبيه) ، 6- وتم مشاهدته واللقاء به، 7- وتم تواصل الشيعة به بطرق ملتوية، 8- ومن ثم اخبر بالغيبة الكبرى التي لا يعلمها إلا الله. فهذه أدلة لم تحصل لثبوت أي واحد منا، لا أنت ولا أنا، وقد ثبت لنا وجودنا تاريخيا، فكيف تريد أن ننكر هذه الأدلة؟ التي يثبت بأقل منها وجود شخص تاريخيا، فالشهادة على الولادة واللقاء به وثبوت آثاره، من فقه ودعاء وعقيدة، تعتبر إثبات وجود لا ينكرها إلا منكر للعقل ونتائجه. على انك للأسف خرجت من تسننك برفض فكرة المهدي وملت إلى الوهابية في تفكيرك، ولكنك خالفتهم بإيمانهم بضرورة الإيمان بالمهدي.

القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: خلاصة عقائدية

مشاركة بواسطة القاسمى »

ان قيل :بما أنكم تقولون بوجوب وجود الإمام وأن وجوده لطف ، فهذا منفي في حال الغيبة فبطل دليلكم.
- قلت: هذا السؤال كله خطأ، فلا نحن نقول بوجوب وجود الإمام بل نقول بوجوب الإمامة، وأن الأمة لا تخلو من إمامة، وهذا أمر لا يختلف مسلم معنا فيه ، غير أننا نقول أن الوجوب عقلي، بمعنى لا ينبغي أن يكون بدونه، ويختلف معنا قسم ممن لا يفهم الإسلام فيقول بأن الدليل شرعي وليس عقليا ، ودليل اللطف هو جوابنا على المعتزلة القائلين به، والذي هو دليل صحيح، ولكنه لا يمثل رأينا بالكامل، فليس فيما طرح أهل البيت أي إشارة إلى اللطف، و إنما هو من باب إلزام الخصم بما التزم به. وقد بحثه علماء الشيعة فوسعوا في تحديد هذا الدليل وتصحيح طرقه بموجب قاعدة الحسن والقبح والعقليين وهو عندنا فرع لدليل ( قبح العقاب بلا بيان) المنبثق من تلك القاعدة التي تؤسس للعدل والتي نتفق فيها مع المعتزلة بتطابق تام. ثم إننا لا نرى مطلقا عدم حصول اللطف بالغيبة ، لأننا نؤمن إيمانين مهمين الأول هو حصول التوفيق الخفي بواسطة الإمام نفسه وهذا بحث خارج موضوعنا ، والثاني وهو المهم فكريا ، وهو إن المدار على الحجة المجعولة شرعا وهي حاصلة قطعا بالنص الصريح، بخلافها عند غيرنا وهذا بفضل الإمام نفسه، حيث تم تكليف المؤمن بالعمل وفق القواعد المؤسسة، سواء بجعل أو بكاشفية الصحة من النص ، والصيرورة إلى جعل (صحة الحكم الظاهري) ، وقد حُرم الناس وليس نحن فقط من الحكم الواقعي، الذي ننتظر حصوله بلهفة بظهور مولانا المهدي صلوات ربي عليه، وهنا أبين لك الفرق بين السنة والشيعة في مقام الجعل والحكم، ببيان بسيط جدا، وهو أن فترة البيان عندنا بحدود 345 سنة من البعثة إلى الغيبة، بينما فترة البيان عند السنة من البعثة إلى وفاة الرسول نظريا، وعمليا من السنة الرابعة أو الخامسة للهجرة إلى وفاة الرسول، ثم انقلب مصدر التشريع عندهم في تذبذب بين اتباع طريق الصحابة الذي لا دليل على اتباعه إلى أدلة عقلية قاصرة عن الوصول للحجة المبرأة للذمة ، فالفرق هو طول فترة البيان الحجة عندنا بما لم يدع شيئا إلا ذكر، وقد تنكر علينا بالإرسال عن رسول الله ، وبوجود التعارض، جوابه: إن رواية إرسال أئمتنا غير ضار أبدا وهذا يعرفه أهل الحقيقة، ولهذا حين يروي عنهم سني يؤكد بأنه رواية متسلسلة إلى الرسول لأنه لا يفهم القضية حقيقة، كما هو حال السكوني القاضي السني الراوي عن أئمتنا والموثق عندنا، فلو تمعنت في روايته عن الإمام الصادق عليه السلام، لوجدت اغلبها منصوص على انه رواية عن الرسول، و أما التعارض فهذا حاصل وهو غير مضر لأنه محلول بشتى الطرق ، ولم يكن التعارض في يوم من الأيام مصدر نفي لأصل الحديث وإلا لبطل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فملخص ما أريد قوله بأن الفترة التي قدرها الله للبيان هي فترة كبيرة، وقد عرفنا فيها جل القواعد مما لا يخفى على الفقيه الشيعي حل اصعب وأعقد المسائل الفقهية بواسطة قوانين أسسها أئمتنا عليهم السلام بحجة عندنا ، وهي نفسها لو عمل بها غيرنا لا تخرج من كونها ضلالا مبينا لهم، لأنها بدون حجةٍ من حجةٍ عندهم، وما هي إلا سرقات واحتمالات ظنية مجردة لأنهم لا يؤمنون بحجة الأئمة واقعا، وهذا لا يقوم به حق وبراءة ذمة، ولكن على قول من يقول بسقوط التكليف بموافقة الحجة في العمل حتى بدون إرادتها فيكون من يتبع هذه القواعد ناجٍ وهذا قولُ يقول به بعض فقهائنا ومن المتأخرين السيد محمد الروحاني، فما تعتقدونه من التعارض بين دليل الإمامة عندنا ومن معارضته بالغيبة ما هو إلا عدم توفيق في إصابتكم الحقيقة، وعدم فهم كبير فيما نقول، وفي مقولاتنا العقائدية والفقهية وفي تاريخنا الإسلامي الناصع.

القاسمى
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 292
اشترك في: الجمعة يوليو 30, 2010 9:14 am

Re: خلاصة عقائدية

مشاركة بواسطة القاسمى »

إسلام العصمة هو الإسلام الكامل المكتمل الذي لا فجوة فيه في كيفية الخروج عن عهدة التكليف، بخلاف إسلام الجائرين والخطاة الذي لا يوجد فيه طريقة شرعية للخروج من عهدة التكليف إلا في ضروريات الإسلام. وحين نقول انه لا يوجد طريقة للخروج من عهدة التكليف نعني ذلك لأنه حتى لو قيل بوجوب من يحتاط من الفقهاء الذين يقلدهم العامة فإن نفس الفقيه السلطاني لا يوجد دليل شرعي على صحة إتباعه بل لا دليل على أتباعه هو لما توصل إليه ظنه. فالمصيبة أعظم بكثير مما يتخيله عامة المسلمين، فلم يستطع أحد من كل فقهاء مدرسة الخلفاء أن يثبت أي دليل على صحة التعبد بطريقه، وانه هو طريق الله، بينما بنفس الوقت نراهم يكفّرون المسلمين ويكفرون بعضهم، وكأنهم يملكون الحقيقة التي لا يعرفون ما هي، ويقتلون الناس على اتباع مذاهبهم، ويقصون الاخرين، وخصوصا شيعة أهل البيت وشيعة المهدي الذين يمتلكون الحجة الشرعية الناصعة التي تمكنهم من القول بالحجة والدليل بان حكمهم مبرأٌ للذمة ومخرج عن عهدة التكليف شرعا.

هناك نظريتان في التصويب هما :

أولا : خلو الوقائع والأحداث عن الأحكام الواقعية , وهي تابعة لنظر المجتهد , فالحكم الإلهي يدور مدار نظر المجتهد .

قال الإمام أبو حامد الغزالي في المستصفى 2 / 363 : " فالذي عيه محققو المصوبة أنه : ليس في الواقعة التي لا نص فيها حكم معين يطلب بالظن , بل الحكم يتبع الظن , وحكم الله تعالى على مجتهد ما غلب على ظنه , وهو المختار وإليه ذهب القاضي " . ( انتهى ) . أقول وهذا القسم هو اختيار الشافعي والشافعية وهو اختيار ابي حنيفة ايضا كما يظهر من مجمل المذهب. وقد سميت هذه النظرية بنظرية (( التصويب الأشعري)), ولا أعرف سبب هذه التسمية فهي قبل الأشعري قطعا .

النظرية الثانية في التصويب : حصول الحكم في الواقع ولكنه معطل بسبب مصلحة متولدة من ظن المجتهد وفعلية الأحكام تابعة لظن المجتهد وفق المصالح والمفاسد التي يشخّصها المجتهد، وأما ألحكام الواقعية فلا فعلية لها، وهي في مرحلة الشأن بلا تكليف . والتكليف على المجتهد قبل المكلف إنما هو في إعمال ظنه لا طلب حكم الله الواقعي!! :

قال الإمام أبو حامد الغزالي في المستصفى 2 / 366 : " وذهب قوم من المصوبة إلى ان فيه حكما معينا يتوجه إليه الطلب إذ لابد للطلب من مطلوب , لكن لم يكلف المجتهد إصابته فلذلك كان مصيبا وإن اخطأ ذلك الحكم المعين الذي لم يؤمر بإصابته , بمعنى أنه أدى ما كلف فأصاب ما عليه " . انتهى .

وقد نسب هذا القول إلى الشافعي ونسبه آخرون إلى المعتزلة ومن الصعب البت في ذلك.



أقول : لا يخفى أن القول الثاني عجيب جدا لأن الحكم مساوق للتكليف، وإلا فلا معنى له وهذا القول يقول بوجود حكم ولكنه لا تكليف به . فما معنى الحكم إذا لم يكن مكلف به؟ . وهل هو مجرد رأي يطير في الفضاء؟ والواقع في مآل هذا القول هو خلو الواقعة من حكم لأنه لم يقل بعدم تنجيز الحكم وإنما قال بعدم التكليف به وان التكليف كان ( بسعي المجتهد ) فهو بحسب ظاهر الكلام التكليف الواقعي , وأما غيره من تفصيلات فلا تكليف بها . انظر قوله : " بمعنى أنه أدى ما كلف فأصاب ما عليه " . وهذا نوع من اللف والدوران حول أمر واحد ذي مؤدى واحد . بقي أن نقول أن التكليف بالحكم الظاهري لا ينفي التكليف بالحكم الواقعي , ولكن كما هو معلوم فإن التنجيز تابع للعلم فإذا حجب الحكم الواقعي تعين التكليف بالحكم الظاهري عذرا لا تحقيقا كما لا يخفى . لذلك فنحن نقول بأن المجتهد مخطئ إذا لم يصب الحكم الواقعي . ولكنه معذور إذا لم يقصر في تحصيل الحكم الشرعي .



() المنخول في تعليقات الأصول للإمام الغزالي ج1 ص503 قال متحدثا عن مخالفات أبي حنيفة للشرع الإسلامي : ( ثم أردف جميع قواعد الشريعة بأصل هدم به شرع محمد ’ قطعاً، حيث قال: شهود الزور إذا شهدوا كاذبين على نكاح زوجة الغير وقضى به القاضي مخطئا حلت الزوجة للمشهود له وإن كان عالما بالتزوير وحرمت على الأول بينه وبين الله ) انتهى ما قاله الإمام الغزالي في المنخول .

أقول : هذه الفتوى من أبي حنيفة منسجمة مع نظرية التصويب، وهي نظرية يؤمن بها الشافعي والغزالي نفسه كشافعي، وقد صرح بأنها صحيحة وحقيقية، فلا يعلم لماذا ينتقد هذا الأصل المبني على نظرية أساسية في طبيعة التشريع؟ فالقاضي يعلم إن حكم الله هو ما غلب على ظن القاضي أو ما حكم به القاضي، فحكمه سيكون حكم الله قطعا، ولهذا أرى أن مشكلة الغزالي لا تحل بسهولة، بمجرد نقده وتخليه عن هذه الفتوى. نعم قد يناقش ويقول إن المقبول عندنا انه يوافق ظن المجتهد، وهنا حكم القاضي بخلاف علمه وظنه! فنقول: وما يدريه فلعله ظن أن البينة شكلا كافية في تكوين الحكم لدى القاضي فحكم على الصيغة الشكلية لتأسيس الحكم، أو أنه يرى مطلق متابعة الله لحكم المجتهد. ولهذا فالخطأ عليه أجر عند المصوبة بخلاف المخطّئة كالشيعة. ومن خلال نفس الفتوى يتبين أن الإجزاء عنده معتمد على حكم المجتهد، وليس على ظنه أو علمه. ولهذا صحح الصورة الشكلية من المقاضاة واعتبر العلقة الزوجية قد تبدلت عند الله نتيجة هذه الصورة الشكلية من التقاضي بواسطة الصورة الشكلية من البينة وهذا واضح من الفتوى ولا يحتاج إلى جدال.

() لعل خير المصادر في هذا الباب هي المستصفى والمنخول للإمام الغزالي. كما أنه يجب ان نشير إلى ان الزيدية يقولون بالتصويب فقد ذكر العلامة الزيدى صارم الدين بن محمد الوزير فى كتابه " الفصول اللؤلؤية فى اصول فقه العترة الزكية " ان مذهب متاخرى ائمة الزيدية و جمهورهم: ان لا حكم في الاجتهاديات لله تعالى معين قبل الاجتهاد، بل كلها حق. و أنه لا أشبه فيها عند الله تعالى،" وإنما مراده تابع لظن كل مجتهد" وهذا نص كلامه :

الفصول اللؤلؤية فى اصول فقه العترة الزكية ص 291

[حكم الله في الاجتهـاديات] (273) فصـل واختلف في المسائل الشرعية الظنية، فقيل:

لله تعالى فيها حكم معين قبل الاجتهاد، فالحق فيها واحد، وهو قول: (الناصر في رواية، وأبي العباس، وقديم قولي المؤيّد بالله).

ثم اختلفـوا، فعنـد (الأصم ، والمريسي ، وابن عليَّة ، ونفاة القياس): أن عليه دليلاً قاطعاً . واختلفوا في مخالفه، فقيل: معذور، وقيل: مأزور. (الأصم): وينقض حكمه بمخالفته . (بعض الفقهاء، والأصوليين): بل ظني ، ومخالفه معذور مأجور، مخطئ بالإضافة إلى ما طلب لا بالإضافة إلى ما وجب . (بعض الفقهاء، والمتكلمين): لا دليل عليه قطعي ولا ظني، وإنما هو كدفين يصاب، فلمصيبه أجران ولمخطئه أجر.

وقيل: لا حكم فيها لله تعالى معين قبل الاجتهاد، بل كلها حق. ثم اختلفوا فعند (متأخري أئمتنا، والجمهور): أنه لا أشبه فيها عند الله تعالى، وإنما مراده تابع لظن كل مجتهد، وكل منها أشبه بالنظر إلى قائله. (بعض الحنفية، والشافعية): بل الأشبه منها عند الله هو مراده منها، ولقبوه: الأصوب، والصواب، والأشبه عند الله تعالى، وقد يصيبه المجتهد وقد يخطئه، ولذلك قالوا: أصاب اجتهاداً لا حكماً. واختلفوا في تفسيره، فقيل: ما قويت أماراته، وقيل: الحكم الذي لو نص الشارع لم ينص إلا عليه، وقيل: الأكثر ثواباً، وقيل: لا يفسر إلاَّ بأنه أشبه فقط.

ونقل عن (الفقهاء الأربعة) التصويب والتخطئة. وقول (قدماء أئمتنا) وفعلهم يقتضي التصويب، كمتأخريهم ، وقد يقع في كلام بعضهم ما يقتضي التخطئة، وهو رأي (بعض شيعتهم)، ولذلك كانت (القاسمية) من الديلم و(الناصرية) من الجيل يخطئ بعضهم بعضاً إلى زمن (المهدي أبي عبد الله بن الداعي ) ، فأوضح لهم أن كل مجتهد مصيب، وكذلك كان (جمهور اليحيوية) باليمن يخطئون مخالف (يحيى) إلى زمن المتوكل أحمد بن سليمان.

وما ورد عن الوصي وغيره من الصحابة وغيرهم مما يقتضي خلاف التصويب، فمتأول.)

أقول: أن اغرب شيء هو مخالفة الوصي وتأويل كلامه لاجتهاد باطل قطعا يمحق الدين.



من الملاحظ أن القرآن الكريم عد التشريع بدون إذن من الله من الموبقات التي توعد الله عليها العذاب، وبالتأمل بالايات القرآنية نجد ان القرآن وصف من يفتي مشرعا لا مستكشفا للحكم الشرعي بانه ضال ومشرك ويعبد غير الله وله عذاب أليم الخ، وهذا الحال لا يشك فيه بالنسبة للنصوص، ولكن قد يدعي البعض انه لا يشمله باعتباره نطق بالشهاديتين، الا أن النصوص عامة، وصحة اسلام المرء هي حكم على التعامل البشري ولا علاقة لها بالجزاء الأخروي بمعنى ان النسبة إلى الإسلام لا تمنع من الجزاء الأخروي، فالعقوبة هي على المخالفة، وليست على العنوان. وعلى كل حال نحتاج الى نفس صافية للتأمل في الايات الشريفة.

وهل تدل على نبذ المرتكب لمثلها؟

وهل ينطبق على المشرع دون الكاشف عن الحكم؟ وعن المؤصّل دون المعذّر؟

فهذا متروك لضمير وعلم القارئ الكريم ، قال تعالى : {وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(النحل/116 - 117). وقال تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمْ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}(الأنعام/140). وقال تعالى: {وَمِنْ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنْ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ أَالذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمْ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمْ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}(الأنعام/144). وقال تعالى: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}(لقمان/6). وقال تعالى فيمن يحرّم حين لا يجد نصا : {وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ}(الأنعام/119). وقال تعالى : {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لاَ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}(الأنعام/138). وقال تعالى : {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(الشورى/21). وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}(الأعراف/33). والشرك نوعان : الأول شرك الإلوهية والثاني شرك التشريع والاية كما الآيات التالية تشمل النوعين والسياق هو لشرك التشريع لأنه في سياق التحريم والتحليل وهو التشريع. وقال تعالى : {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ}(الحج/71). وقال تعالى: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمْ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ} (آل عمران/151). {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}(التوبة/37). وهذه الآيات محل تدبر وتفهم واجتهاد في التوجيه والله العالم

ومن الجميل ان نقرأ ما قاله الشهيد السيد محمد باقر الصدر في وصف نظرية التصويب، وانها تجعل من الاجتهاد عملية تشريع ظاهر، وليس استكشافا لحكم الله، لأنه لا حكم لله في الوقائع :

الشهيد السيد محمد باقر الصدر في كتابه المعالم الجديدة للاصول/39 :

( فكرة النقص في الشريعة () التي قام على أساسها القول بالتصويب تجعل عمل الفقيه في مجالات الاجتهاد عملا تشريعيا لا اكتشافيا، فالعقل بمعناه المنفتح أو الاجتهاد في مصطلح الاتجاه العقلي المتطرف لم يعد - على أساس فكرة النقص في الشريعة - كاشفا عن الحكم الشرعي، إذ لا يوجد حكم شرعي ثابت في مجالات الاجتهاد ليكشف عنه الاجتهاد، وإنما هو أساس لتشريع الحكم من قبل المجتهد وفقا لما يؤدي إليه رأيه..

وإنما نستهدف الكشف عن خطورة الاتجاه العقلي المتطرف وأهمية المعركة التي خاضتها مدرسة أهل البيت ضد هذا الاتجاه، إذ لم تكن معركة ضد اتجاه أصولي فحسب بل هي في حقيقتها معركة للدفاع عن الشريعة وتأكيد كمالها واستيعابها وشمولها لمختلف مجالات الحياة، ولهذا استفاضت الاحاديث عن أئمة أهل البيت في عصر تلك المعركة تؤكد اشتمال الشريعة على كل ما تحتاج إليه الانسانية من أحكام وتنظيم في شتى مناحي حياتها. ) ()



أقول: ليس فكرة النقص هي التي قام على اساسها التصويب وإنما هي شماعة تعلق عليها المعالجة التبرعية لتغيير الشريعة وفق ظن الحاكم، وقد بدا واضحا أن دعوى سد النقص بالتصويب هي محاولة التفافية على اساس الشريعة.

ويجب ان نضيف إن تلك المعركة هي معركة تثبيت الإسلام مقابل دعاوى التشريع قبالة الله، وان الله تابع للمشرع الأرضي في احكامه، وهذه المعركة واضحة في سيرها وفي دوافعها ، إنها مختلقة من إجل اعطاء صلاحيات إلهية للفقيه الذي يعمل تحت امرة الحاكم من أجل تسهيل اموره باعتباره مشرعا حاكما على الله. فالقضية لم تكن مجرد اتهام الشريعة بالنقص من الاصل أي من الله ، وانما خرجوا بحل بسيط جدا وهو كون المجتهد مشرع وان حكم الله تابع لظن المجتهد!!!

وبعد كل هذا ينتقدون قول الشيعة بعصمة ائمتهم بمعنى التزامهم بالشرع الرباني وعدم زيغيهم من مراد الله بأوامره ونواهييه ، وهذا هو معنى العصمة التي يقصدها الشيعة ، فأين هذا من ذاك؟

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“