السعادة

مواضيع ثقافية لاترتبط بباقي المجالس
سعي الآخرة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 188
اشترك في: الثلاثاء إبريل 29, 2008 8:51 pm

السعادة9

مشاركة بواسطة سعي الآخرة »

بسم الله الرحمان الرحيم

كثيرا ما يغفل الإنسان أو يتغافل عن أمور لا يدرك أنها معبره الوحيد الى الرضى . لا يعتبر الإنسان كون أول ما نزل على محمد صلى الله عليه و آله هو " إقرأ " فلا تراه يعظم للعلم شأنا . كون العلم نور ، كثيرا ما يختار الإنسان ، " الذكي " باعتقاده ، الركون إلى الجهل ، أي الى الظلمة . ثم تراه حائر ، متسائل عن أسباب ارتطامه بالعوائق . و لو حاججته لأتاك بأعذار لا تحصى لتبرير ما هو عليه ، " ليس بالإمكان أكثر مما كان " و مع ذلك عليك بالحل لسعادته . إن مفتاح السعادة ، بتقديري و الله أعلم ، علم بالسنن و إخلاص لواضعها ، تبارك و تعالى . أما سعادة العلم تتيح سبل النجاح و النجاة . إن الذي خلق الكون قيد كل ما فيه بقانون ، فكل من أراد النجاح ليس عليه أكثر من البحث عنه و الإلمام به و من ثم الخضوع له . أما من اعتقد في نفسه ، و العياذ بالله ، ينفق عمره و ماله دون بلوغ مأرب . و أما الإخلاص ، فيقتضي السير بالنفس على طريق ملاذها الأخير . و المؤمن فقط من يبصر هذه السبيل . أما المسلم فعليه بإخلاصه التدرج في ترويض النفس لقبولها بالمكاره ليتسنى لها العبور الى الجنة ، موطن تمام الرضى للنفس .

إن المتأمل في كون الدنيا سجن المؤمن ، يدرك أن ما تعرفه نفسه من انشراح ما هو الا لتخفيف ضغط المشاق . و للرحمان حكمة في ذلك ، اذ لو كانت الدنيا كما تحب ، لما رضيت ببديل عنها ، و هذا حال من لا تدين في حياته ، و إن حسب تعدادا مع المسلمين . و أما الذي يعتقد في كون الجنة مآله ، و أن بينه و الرحمان عقد بيع ، نتيجته الجنة ، طابت نفسه للتعب من أجلها ، كما تطيب نفس العامل لقسوة العمل ليسعد بأجرة يدخل بها المسرة على أسرته . نعم الأمر بهذه البساطة . لذلك كان الشرط علم يقنع عقلك بالواجب و إخلاص لله يثمر به عملك طيبا تسعد به نفسك قليلا في الدنيا و يخبئ لك الرحمان العظيم يوم تلقاه . من كان صادقا في اعتقاده ، رآها بديهية ، و من استشكل ، راجع علاقته بخالقه و أصلح فيها اذا كان يريد النجاة .

من منا لا يحب أن يكون الأمر كما يريد . لكن ما أدراك أن الخير ، حقا ، في ما تريد . كيف تحل المعضلة ؟ للصادق ، بسهولة ، بالإستخارة . للخاسر بالإعراض عنها . الرضى ، في الحياة الدنيا ، بلوغك التسليم . أي لا تحزن على ما ذهب و لا تفرح بما أتى . لا يذهبن أحد الى أننا ننظر للخنوع أو القدرية أو الجبرية أو ما شاكل . ما الأمر الا ادراك صحيح للسنن ، و الإدراك لا يغير في وجوب قيام الواجب . أن تفهم أن العاصي يدخل النار بمعصيته لا يجعلها قدرا عليه و لا يعفي صاحب الحق من المطالبة بحقه و هو يعلم أنه لا يناله .

للذين يريدون حلا سهلا دون تعقيد نظري نقول من قول الرحمان :

في الرضى بالقدر " و عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم و عسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم و أنتم لا تعلمون "
و في عاقبة العمل " و من يعمل مثقال ذرة خيرا يره و من يعمل مثقال ذرة شرا يره " و أيضا " و البلد الطيب يخرج نباته باذن ربه و الذي خبث لا يخرج الا نكدا " و أيضا " و لو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء و الأرض و لكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون " و أيضا " لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الآخر "
و في ما تتعلق به النفس من متاع الدنيا " كل من عليها فان و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام " .

أما في ما قال نبينا عليه و آله أفضل الصلاة و التسليم :

" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه "
" عش ما شئت فإنك ميت ، و أحبب من شئت فإنك مفارقه ، و اعمل ما شئت فإنك مجزي به ، و اعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل ، و عزه استغناؤه عن الناس "

إن للمسلم في دينه لنور ، لو أخذ بشيء منه بصدق لكفاه طول العمر . و إن الواحد منا ليعلم يقينا ما هو عليه متى خلا بنفسه و صدق . ما ينقص هو العزيمة ، و هذه تكبر بالطاعة الخالصة . الطريق سهل المعرفة ، و صعوبته ليست الا في دوام حمل النفس عليه . و دواء ذلك الإخلاص لله و التوكل عليه و الإستعانة به ، لا يخيب أبدا ، و الله ولي التوفيق .

السلام عليكم ورحمة الله
اللهم اجعلني من خيرة شيعة آل بيت محمد و صلي اللهم على محمد و آل محمد

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الثقافة العامة“