السعادة

مواضيع ثقافية لاترتبط بباقي المجالس
سعي الآخرة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 188
اشترك في: الثلاثاء إبريل 29, 2008 8:51 pm

السعادة

مشاركة بواسطة سعي الآخرة »

بسم الله الرحمان الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله

هل السعادة شيء أو أمر يلاقينا أم هي من صنع أيدينا ؟

كثيرا ما تاه الإنسان في بحث طويل و مضن للإجابة عن هذا السؤال في الوقت الذي ما كان شقائه إلا بسبب تركه البحث عن غرضه في المكان الصحيح إيمانا منه أن ذلك الموضع لا يحوي دواء لسقمه .

إن بلوغ الحقيقة ، أيّا كانت يستلزم صدق مطلق و علم . أمّا من أعوزه العلم ، فتسليم بحكم الله بأنّ الخير في ما شرع و ليس في غيره . إنّ هذا التسليم يقوم مقام الواجب في الحكم الشرعي ، وهو لا يستغني مطلقا عمّا يقوم في مقام النافلة في الشرع . بعبارة واضحة ، قد يكون للإنسان حقّ شرعيّ لكنّ سعادته في تنازله عنه لأخيه . إن هذه الرّوح هي عصب السعادة ، إذ السعادة لا تقترن بالوحدة ، أنت تحتاج لمن يشاطرك و يبادلك هذا الشعور . أمّا الذي أعوزه الصدق ، فلا أعلم لسقمه دواء .

ماذا لو أراد أحد بلوغ السعادة عبر الزواج ؟ هل هذا ممكن ، أم هي أحلام ما يفتأ الإنسان يصحو من فلتات مناسباتها حتى يغرق مجددا في ما يراه أحزان واقعه . هذا ممكن بالتأكيد و لكلّ إنسان قبل بالشرطين كاملين . السعادة ، أيها السادة و السيدات ، صناعة يصنعها الإنسان في قلبه ، فإن هو وفّاها حقّها ، أنعم الله عليه بمتعتها ، و من بخسها حقّها ، كان لزاما عليه الإستمتاع بما صنع .

في المناسبة المقبلة ، إن شاء الله ، نتطرّق إلى كيفية بناء أسرة ناجحة بالقواعد التي سبقت.

السلام عليكم و رحمة الله
اللهم اجعلني من خيرة شيعة آل بيت محمد و صلي اللهم على محمد و آل محمد

alhashimi
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1048
اشترك في: الجمعة فبراير 29, 2008 12:44 am

مشاركة بواسطة alhashimi »

موضوع جميل اخي سعي الاخره

شكرا لك

متابعين لبقيه مواضيعك












وليس الذئب يأكل لحم ذئب ... ويأكل بعضنا بعضا عيانا

سعي الآخرة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 188
اشترك في: الثلاثاء إبريل 29, 2008 8:51 pm

مشاركة بواسطة سعي الآخرة »

بسم الله الرحمان الرحيم

شكرا جزيلا أخي الهاشمي لمروركم المبارك

لا تبخلوا علينا بالدّعاء
اللهم اجعلني من خيرة شيعة آل بيت محمد و صلي اللهم على محمد و آل محمد

سعي الآخرة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 188
اشترك في: الثلاثاء إبريل 29, 2008 8:51 pm

السعادة2

مشاركة بواسطة سعي الآخرة »

بسم الله الرحمان الرحيم

إثر صلاة للعشاء في أحد مساجد محطّات الأرتال و في وقت متأخر ، لاحظ أحد الشبّان فتات تصليّ . عند ركوب الرّتل ركبا نفس العربة. فاتح الشابّ الفتات بغية التعرّف عليها . تبيّن أنها من بلدته ، كان الشابّ يرغب بالزواج ، لكن الفتات كانت خطبت لأحد إخوانه يعرفه في أحد مساجد بلدتهم . لمح الشابّ الفتات إثر صلاة الجمعة و برفقتها فتات أخرى . تحيّن فرصة أخرى في القطار و فاتحها هذه المرّة في شأن صديقتها ، فأخبرته أنّها مخطوبة لغيره ، كما وبّخته لسلوكه و اخوانه في الإقبال على فتيات الجامعات دون غيرهنّ ، مادحة أخرى كانت تجلس غير بعيد. يا لحظّه العاثر ؟ سنرى . كان الكلّ في نفس التّنظيم لحركة اسلاميّة . بعد مدّة أخرى عاد أخونا لكن هذه المرة لطلب الوساطة و التقدم للفتات المشار إليها. كان الشّاب في سنّ العشرين ، و لم يكن يعلم في الحالات الثلاث شيئا عن الفتيات غير صلتهنّ بالمسجد و الحركة الإسلامية . و كان رأس ماله في كلّ الأمر " ثلاثة حقّ على الله عونهم ... الناكح الرّاغب في العفاف ..." . لم يكن يعلم شيئا لا عن مكانة اجتماعية و لا عن نسب و لا عن مستوى تعليمي . هل كان ذلك عبثيّ . لا . في ذلك الزّمان ، كانت قلّة من تلبس اللباس الشرعي ، و كان ذلك لا يزال رمزا للتديّن . الغريب لا يزال ، كان الشّاب من عائلة ميسورة و كانت الفتات من أخرى مسحوقة . كان الشّاب جامعيّا ، كانت الفتات تعمل عاملة يومية بأحد مصانع النّسيج . كانت عائلة الشّاب ترى في ذاتها نسبا عريقا و لا ترى ذلك لعائلة الفتات . و أخيرا كانت الفتات أكبر سنّا من الفتى . لم يتوقع أحد لهكذا علاقة القيام ، فضلا عن الإستمرار ، فكيف بالنجاح ؟ و كان ذلك موقف الحركة الإسلاميّة التي عارضت الزّيجة لعدم التكافؤ ، و كذا عائلة الشّاب . لكن عالم الغيب أراد لهذا الأمر شأنا آخر . اذ فشلت معظم الزّيجات التي وافق عليها التّنظيم ، و الذي تفكّك في محنته الثالثة ، كما صمد هذا الزواج أمام كيد عائلة كلّ من الزوجين . أمّا عن السّاحة المحليّة فيعطى به المثل في النجاح ، و المتمثّل في الإنسجام بين الزوجين و الأهمّ من ذلك و الذي هو المحكّ الحقيقي ألا وهو تربية الأبناء . بالتأكيد ، مرّ البيت بهزّات عنيفة مختلفة ، و هذا طبيعيّ كما سنبيّنه لاحقا ، لكن المهمّ أنّه نجح و أنتج ذرية طيبة . ختم الإبن القرآن العظيم وهو اليوم شابّ متديّن في مجتمع ماديّ بامتياز، و شقيقته حملت ما يناهز نصف الكتاب وهي أيضا راضية بتديّنها .

هذه قصة حقيقيّة ، كان عمادها الإخلاص في حب دين الله . أمّا الرغبة الصّادقة في اعلاء شأنه فكان العهد بين الزوجين . و سرّ النجاح كانت تلك الرغبة . هذا العنصر بالغ الأهميّة ، سنفصّل فيه عندما نتطرّق إلى كيفية إرساء علاقة سليمة بين زوجين.

بالتأكيد ، هذا ليس النموذج المثالي للتقليد ، لكن هذه محاولة لمحاكات ما سبق من قواعد ، نجح أصحابها نجاح مرض إذا اعتبرنا الظّروف التي ألمّت بأفراد هذه الأسرة.

إلى لقاء آخر ، ان شاء الله
اللهم اجعلني من خيرة شيعة آل بيت محمد و صلي اللهم على محمد و آل محمد

سعي الآخرة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 188
اشترك في: الثلاثاء إبريل 29, 2008 8:51 pm

السعادة3

مشاركة بواسطة سعي الآخرة »

بسم الله الرحمان الرحيم

رأينا في القصّة التي سبقت أنّ مشروع الزوجيّة بني على أسس ، لغير المتديّنين ، تعتبر غير معقولة . أنا أفهم أنّ القرّاء في كثير من الحالات لا يشعرون بأهميّة مسألة التديّن نظرا لكون أداء فريضة الصلاة و الإلتزام باللّباس الشرعيّ يعتبر أمر عاديّ لا يميّز المسلم أو المسلمة في بلادهم ، لكن الأمر في البلدان المجاهرة بعلمانيّتها واعتبارها التدين نطرّف أو تعصّب يغيّر المعادلة . كما أن المقصود بالتديّن ليس القيام ببضع شعائر والتزام مضهر هو تقليد اجتماعي . التديّن هنا هو ثورة على العادات الفاسد في المجتمع سواء الثقافية أو الأخلاقية أو في المعاملات ... و التديّن المقصود هنا هو الإلتزام بتعاليم الدّين في مناحي الحياة . يجب على الفرد التنبّه أنّ بعض الدول تعمّدت عدم التعرّض للشعائر دهاء و ليس تبنّيا في حين ذهبت دول أخرى الى التّضييق حتى في الشّعائر ، فلا الجمعة هو يوم العطلة الأسبوعيّة و لا التّوقيت الإداري مراع للصّلاة اليوميّة و لا الجمعة و لا مساجد مفتوحة في غير أوقات الصلاة فضلا عن امكانية القاء دروس في المساجد و لا أئمّة حاملون للقرآن العظيم ... و هكذا . من هنا تبرز قيمة الخيار الذي بني عليه هذا الزواج من الناحية السياسيّة و الإجتماعيّة . غير أنّ هذا الأساس بالغ الأهميّة من جهة تحديد العلاقة بين الزوجين وانعكاس ذلك على الأطفال و هذا ما سنفصّل فيه قليلا في ما يلي .

ماذا لو كان الإختيار دون أساس ديني ؟
ماذا لو كان الإختيار على أساس ديني لكن بدون مشروع ؟
لماذا الإختيار على أساس مشروع ذات طابع ديني ؟
ما هي انعكاسات تأخير ترتيب هذا العنصر و لو مرتبة واحدة ؟
ما هي حقوق الأبناء على الآباء ؟

كلّ هذه المسائل يجب أن تكون لها أجوبة واضحة محسومة قبل الذهاب نحو الخطبة .

في المرة القادمة ننطلق في الإجابة عن هذه التساؤلات .

السلام عليكم و رحمة الله
اللهم اجعلني من خيرة شيعة آل بيت محمد و صلي اللهم على محمد و آل محمد

سعي الآخرة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 188
اشترك في: الثلاثاء إبريل 29, 2008 8:51 pm

السعادة4

مشاركة بواسطة سعي الآخرة »

بسم الله الرحمان الرحيم

الإنسان مزيج من مادّة و روح . لكلّ من العنصرين غذاءه الخاصّ . و لا يستقيم أن يجنح الفرد الى تعويض غذاء عنصر بغذاء العنصر الآخر . لأوّل وهلة يبدو الكلام لا غبار عليه . هوّ كذلك من النّاحية النّظريّة البحتة ، لكن الإنسان مبدع في استعمال ما يسمّى بعمليّة التعويض . هي حيلة نفسيّة يلجأ اليها جلّ النّاس عند عجزهم تحقيق مأرب ما بالشّكل الذي يريد . هذا السلوك ، تارة لا يترتّب عليه حرج بل يكون مطلوب ، و أخرى يفضي الى اشكال أو مشاكل .

يعيش الإنسان صراعا بين ما تتطلّبه نفسه من اشباع لحاجة مادّيّة و أخرى روحيّة . و كثيرا ما يختلط الأمر عليه ، فلا يميّز سبب تعكّر مزاجه أهو احتياج من هذا الجانب أم ذاك . و يزداد الأمر سوء عندما يقدم على تلبية ما يعتقده حاجة ملحّة لإضفاء شيئا من البهجة على نفسه ، فيتحدّى الصّعاب و العباد لبلوغ ما يعتقده مفتاح سعادته . لكن مع تبدّد الضّباب يشعر بكآبة أشدّ ممّا كان عليه . و الحقيقة ، أنّ سبب تعاسة الإنسان لا تكون إلاّ لسببان ، إمّا جهل و إمّا تجاهل ، و الثانية أخطر . الأولى تهون على الصّادق . و الثّانية نوعان ، تردّد و جحود . صاحب الأولى يمهل لإمكانية عدوله ، أمّا الثّانية فلا دواء لسقمه .

كان لا بدّ من هذا التبيين قبل ولوج بقيّة ما بدأنا .

تختلف علاقة الإنسان بدينه من واحد الى آخر . فالذي يختار أن لا يجعل للدين مكان و دور في حياته فقد اختار أن يجعل روحه دون غذاء تماما . فتراه يتخبط بين الأزمات لا يعرف كيف يخرج من واحدة إلاّ ليقع في غيرها . و نحن نقول هذا لا نقصد الذين لا يؤمنون بأن الإسلام هو الدّين عند الله . لكنّهم يفصلونه عن حياتهم . فأيّ سعادة يمكن أن يعيش هذا الإنسان ؟ و الصنف الثاني يختار على أساس ديني لكن بهدف تأمين الحد الأدنى من الإستقرار و الإطمئنان الى أنّ القرين ليس ذو موبقات. و هذا الصنف أيضا لا يعرف لراحة النفس سبيل ، لأنّه و إن اجتنب الكبائر إلاّ أنّه أهمل شأن تراكم كثير الصّغائراليوميّة . أمّا الذي لزم دينه وربط نفسه بمشروع لفائدته فحياته عكس ما أسلفنا ، فهدف حياته التقرّب الى الله في كلّ يوم أكثر ، الإستعداد ليوم الرّحيل ، العمل على ترك بذرة طيّبة بعد رحيله . و هكذا من كانت هذه همومه و شواغله قد تحرّر من كثير من حبال الدنيا . و ميزة هذا في العلاقة الزوجية أن هذا الشغل المنتظر و الذي هو أساس اللّقاء و من ثمّة أساس حياة كلّ منهما بما يحمل من قيمة لا يترك مجال لجعل أسباب الخصام بين الزوجين من يحكم في البيت أو من له الكلمة الفصل في أيّ شأن من شؤونه وصولا الى تربية الأبناء . فجلّ المسائل محسومة المرجع فلا نزاع . كما أنّ الإلتزام الحقيقي يفضي الى رعاية حقيقيّة لكلّ واحد لحقوق قرينه ، فلا يحتاج أحد المطالبة بحق ، إذ يأتيه قبل السؤال عنه . و من هنا تنشأ الألفة و الإحترام ، و أهمية ذلك في تربية الأبنا لا تقدّر . فلا أحد يفكّر بالإستعانة بأحد أبويه عند منع الآخر شيئا الطفل ، وهي حيلته المفضلة في ظلّ عدم تطابق وجهات النظر بين الأولياء . كما أنّ غياب التنازع بين الآباء يعطي الأبناء الشعور بالرّاحة و السّعادة و يفسح المجال لتفتح المواهب ، و يحصّنهم ضدّ مفاسد المجتمع . فهو و إن تغريه بعض المسائل إلاّ أنه لا يجرؤ على المقامرة بما هو عليه وهو يسمع و يرى سوء حال أقرانه في مسائل هو متنعم بها . فيرى و يدرك أنّ الآخر قد قبل بوهم أنّ المادّة تسدّ حاجة الرّزح . كما يستقرّ مفهوم علميّ و سليم لتلبية الحاجة المادّية . هذا النموذج يعطي الأسبقيّة للجانب الرّوحي على المادّي ، و هذا منسجم مع من يؤمن بالجنة عند ربّه ، فهو دائم الإستعداد لهذه السعادة الغامرة . وهو على ذلك ، يكرمه الرّحمان باليسير حتى يصبح في شوق الى الكثير مع كلّ ما يصاحب هذا الواقع الروحي . أمّا من أخر نرنيب المشروع فسرعان ما يسقط في اشكالات سبق ذكرها . إنّ هذا المشروع مربح ، ناجح ، لكنّه لا يرضى بمنافس. كما أن من حقوق الأبناء على الآباء ، حسن اختيار القرين ، حسن اختيار الإسم ، حسن التربية .

كلّ هذا الكلام موجّه في المقام الأول الى الذين ينوون إنشاء علاقة بغية الزواج . كلّ هذا يجب أن يكون معلوما و قناعة راسخة قبل أيّ شيء . بالتأكيد يمكن للأزواج الإستفادة لمحاولة تدارك بعض ما فات و خاصة الذين لا يزال أبنائهم دون العاشرة.

الى لقاء آخر ان شاء الله
اللهم اجعلني من خيرة شيعة آل بيت محمد و صلي اللهم على محمد و آل محمد

alhashimi
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1048
اشترك في: الجمعة فبراير 29, 2008 12:44 am

مشاركة بواسطة alhashimi »

مشكور اخي

تسجيل متابعه للموضوع

فعلاً موضوع مفيد وان شاء الله نستفيد منه عند الاقبال على الزواج

بس طلب بسيط

وهو ان تحاول توضح بعض النقاط اكثر ولا تختصرها حتى تحصل الفائده


هذا راجع لوقتكم اخي الكريم












وليس الذئب يأكل لحم ذئب ... ويأكل بعضنا بعضا عيانا

الشريف العلوي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 424
اشترك في: الثلاثاء يوليو 20, 2004 7:35 pm

مشاركة بواسطة الشريف العلوي »

جزاكم الله خيراً أستاذي سعي الآخرة .

دليلك إلى صناعة السعادة دليل رائع . وهو سيساعدنا جميعاً

أنا متابع باهتمام ,

سعي الآخرة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 188
اشترك في: الثلاثاء إبريل 29, 2008 8:51 pm

مشاركة بواسطة سعي الآخرة »

بسم الله الرحمان الررحيم

أخي " الهاشمي " شكرا على مروركم الكريم ، أمّا عن التفصيل فالإختصار متعمّد و إليك الأسباب.

أولا عدم الإطالة ، لضمان المطالعة الكاملة للمقال
ثانيا عدم الدخول في التفاصيل لأن كل نفس تعتبر بتفاصيلها حالة فريدة لكنها تلتقي في كل الخطوط العريضة و كذا القواعد العلمية
ثالثا التفاصيل لغير المتمكن ، وأقصد القارء ، يدخله متاهة و لا يجد بغيته
أخيرا التفاصيل مرآة شخصية الفرد و هنا يجب مراعات من قد يجد حرجا في الخوض فيها علنا

أمّا حلّ ذلك لمن شاء فيمكن المراسلة على البريد الخاص في المجالس أو طرح ما يراه أحد غموض يحبّ أن يستجليه .

أمّا الإستفادة ، فتحصل إن شاء الله قبل الإقبال على الزواج ، ذلك أنّ موضوع الزواج اختير لأسباب محدّدة . لكن ، في الحقيقة ، الهدف هو تحقيق السعادة للإنسان بشكل عام في حياته ، و ما الزواج الاّ حاجة من حوائج الفرد . و قريبا نتطرق الى ما يفيد هذا.

أخي " الشريف العلوي "

أسأل الله أن تكون بخير ، مر زمن على مشاركتك . نحن نسعد بانتفاع اخواننا . جعلنا الله خدما لكم .

السلام عليكم و رحمة الله
اللهم اجعلني من خيرة شيعة آل بيت محمد و صلي اللهم على محمد و آل محمد

سعي الآخرة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 188
اشترك في: الثلاثاء إبريل 29, 2008 8:51 pm

السعادة5

مشاركة بواسطة سعي الآخرة »

بسم الله الرحمان الرحيم

كما هو معلوم ، فإنّ الإنسان لا يختار في حياته لا مجيئه اليها و لا والديه ولا جنسه ولا حتى اسمه ، فضلا عن ملحقات أخرى . كلّ هذه العناصر التي تخرج عن سيطرته تؤرّقه . فهو غير راض عن واقعه و مع ذلك هو كاره لمفارقته . إنّ هكذا واقع في حياته كفيل بأن يجعلها ، بنظره ، مغمورة بالأحزان . فينطلق في كلّ الإتجاهات بحثا عن بصيص أمل يعبر به الى السّعادة المنشودة .

أنا على ثقة أنّ الكثير مع علمه لم يتوقف بالقدر الكافي أما بكاء كلّ مولود عند مغادرته رحم أمه . و البكاء في علم النفس ، يعبّر عن أزمة عميقة يشعر صاحبها بالعجز أمامها.

إنقسم الخلق الى مؤمن بكون خالق الكون هو الله و جاحد له . وانقسم المؤمنون الى طائعين له و مفارقين لهذه الطّاعة . و انقسم الطائعاون بحسب أفعالهم واجتهادهم في العبادة و الخضوع لقدر الرحمان . و لكلّ فئة قصة في البحث عن السعادة .

خلق الله الكون واستعمر الإنسان في الأرض . و جعل في حاجياته متعة و ضجر ، و في كلاهما منفعة و مفسدة .

إذا كان ثمة خطاء في ما يلي ، فالرّجاء من الكرام في العلوم الشرعية جبر العثرة. كنت دائما ، إذا كان حديث عن الهداية أقول ، هي جلاء الرؤية بحيث يفرّق بين الحقّ و الباطل .

أمّا الذين اختاروا الباطل ، فلم يعد يرجى منهم شيئا . و أمّا من كان في الباطل متردّدا و لم يتجرّأ على الموبقات ، فيهمّنا أمره لإمكانية إيّابه اذا أفاق من حيرته . و سنعرض أمره في تيهه في البحث عن السعادة . و أمّا من كان للرحمان عبدا فكلّما زاد قربه من الرّحمان وجد قطعة فسيفساء جديدة من خريطة السعادة.

مذ فارق المخلوق رحم أمّه ، أفاق على صراع بين ما يصبو اليه و ما يتمكن منه . و السّعادة و الشقى في هذه الحياة بنظره مرهون بما يؤول اليه هذا الصراع . فإن نال مل يريد رأى نفسه و قد سرّ ، و إلاّ فيا حسرته .

السؤال الفاصل هنا هو " متى يكون المخلوق مصيبا ؟ " . كلّ الأمر مرهون بدقّة هذه الإجابة .

الى لقاء آخر ان شاء الله
اللهم اجعلني من خيرة شيعة آل بيت محمد و صلي اللهم على محمد و آل محمد

سعي الآخرة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 188
اشترك في: الثلاثاء إبريل 29, 2008 8:51 pm

السعادة6

مشاركة بواسطة سعي الآخرة »

بسم الله الرحمان الرحيم

المشكلة تبدأ أصلا في النّظرة الآولى للإنسان لمسألة ما . بمعنى ، الى أيّ حدّ هذه النظرة صحيحة ، و لنكون أكثر واقعيّة ، الى أي حدّ تكون نسبة الخطأ فيها مقبولة. فالإنسان ينظر الى أمر ما ثمّ يحاول تقدير حاجته الذّاتية اليه ، ومن ثمّ تأثير نيله من عدمه عليه .

لكلّ حاجة غرض يلبّيها . و الأزمة النفسية هي صورة عن اخفاق في تلبية حاجة بغرضها في المرحلة الأولى و بتعويضها بأخرى في اللاّحقة . لكن يحدث أن يستبدل الإنسان غرض بآخر متصورا أنه بذلك قضى حاجته . الحقيقة أن للإنسان حاجات متعددة و متنوعة . و الشعور بالرضاء الجزئي عند القنوع بتلبية أخرى مكان الأولى ما هو الا القبول بالتأجيل المؤقت للأولى .

إن الإنسان ، بضعفه ، ميّال الى التغيّر الدّائم . هو لا يقوى على الرتابة مع امكانية التغيير . و ترى ذلك في أكله ، ملبسه ، لعبه ، أثاث بيته ، سيّارته ، في كلّ ما يمكن أن يعدّ ضمن الحاجيات الإستهلاكية بصرف النّظر عن سنّه و كذا جنسه. و في المقابل هو شديد التّعلق بما يمكن أن يمثل وجوده و هويّته ، كأسرته و دينه و موطنه مثلا.

في حاجات الإنسان ما هو في دينه حلال و حرام . و هنا يضاف الى امكانيّة التحقيق من عدمه الى جانب الوجود و القدرة عنصر آخر . كلّ هذه العوامل تتمّ بداخله بسرعة فائقة الى الحد الذي لا يتفطن الإنسان الى كيفية سير العمليّة الحسابيّة للأمر في نفسه .

هناك معضلة يعيشها الإنسان دائما ، ألا وهي : هل في قضاء هذه الحاجة سعادة أبحث عنها ؟ من هذا المستوى سيتركز خطابنا حول من هو موحّد ، ذلك أنّ العلاج بنظري لا يكون لغيره . أمّا الإستشهاد بسعادة غيره ، فنقول ، أنّها وهم هو أول من يعرفه لكن لا بديل لديه يلائم نهجه في الحياة ، و أمّا الجاهل فنزوله في القبر يبدّد كلّ شك.

تبدأ الحيرة مع ظهور الرغبة و تعارضها مع مانع. أكان هذا المانع شرعا ، سلطة وليّ أمر ، سلطة حاكم ، عجز جسدي ، عجز مالي ... في هذا المستوى النفس لم تتلقى الجواب الحاسم . و من أجل ذلك هي تسخر كلّ الطاقات المتاحة لنيل الغرض ، محاولة في ذلك التنصل من الرّقيب إذا كان هو الحائل ، اكتساب العنصر المادي اذا كان المانع ، التغافل عن الرّقيب الدّاخلي الذي ينبه الى حرمة الغرض إن وجدت.

في هذا المستوى يعرض أمامنا احتمالين يخصّان الإنجاز و هما هل نجحت عملية التلبية أم لا ؟ و آخران يخصان الحرمة و هما هل كان الغرض حلالا أم حراما ؟ و ثمة تفريع ثالث يخصّ مقدار حلال يصبح تجاوزه حرام لتأكّد حصول الضرر.

في المرّة القادمة ، ان شاء الله ، نبسط الوضع النفسي لكلّ حالة

و السلام عليكم و رحمة الله
اللهم اجعلني من خيرة شيعة آل بيت محمد و صلي اللهم على محمد و آل محمد

سعي الآخرة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 188
اشترك في: الثلاثاء إبريل 29, 2008 8:51 pm

السعادة7

مشاركة بواسطة سعي الآخرة »

بسم الله الرحمان الرحيم

إنّ الإنسان منذ ادراكه يقع في أزمة وجوديّة . لماذا هو موجود ؟ لماذا هو على هذه الحال ؟ لماذا يجب عليه أن يموت ؟ هل ثمة حياة أفضل من تعاسته في هذه ؟ ليس المهم هنا متى ينطلق هذا ، الذي نحن بصدده هو أن هذه الأزمة تتوارى وراء حاجيات الإنسان الفطرية .

إن الإنسن الذي سلم بوجود الخالق لكنه لم يلتزم دينه ، يعيش في الحقيقة حيرتان . واحدة مماثلة للإنسان الملحد في طلبه السعادة ، عبر اشباع الرغبات المادية ، و عدم بلوغها . و أخرى هي نتاج التناقض بين ما صنع و ما ينتظره من عقاب الرحمان جراء ذلك الصنيع .

أما المتدين فهو بإجماع الدراسات الغربية هو الأقل عرضة للهزات النفسية ، و بالتالي الأقرب للإستقرار أي السعادة . كما أن الصحة تاج لا يراه إلا العليل ، يندهش إخواننا لتعريفنا السعادة بانخفاض عدد المشاكل في حياة الفرد . هذا مستوى للسعادة ، هناك أفضل ، لكن الأول هو الشائع .

أحيانا يتسائل الفرد عن عدم ادراكه هدف ، وهو لا يعلم أنه معه و مع ذلك هو مستمر في البحث . و إذا أنبأته ، رأى قولك مجاف للحقيقة ، وأنك لا تفهمه ، و لا تشعر بما هو فيه ... و هذا حال السواد الأعظم من الناس .

فترى الفقير يتمنى الغنى اقتناعا منه أن المال هو ما ينقصه لتحقيق سعادته . هو في هذا لا يحب أن يتأمل عافيته الجسمية . كما هو لا يقنع كونه لا يسهر الليالي خشية ذهاب ماله ، بل يعتقد في شيء من السعادة في ذلك العمل الذي فيه تهيئة النفس لتحقيق الأماني و الأحلام . هو لا يرى حسرة الغني عند وجوب الإنفاق . هو يرى في الغني إنسان سعيد بثيابه الفاخرة ، و عربته النادرة ، و مأكولاته الشهية ، و مصاحبته أعيان القوم معظم الوقت ، و أسفاره التي لا تنقطع ، و خلّانه الذين لا عدد لهم . هذا الغني ، بنظره ، ملك الدنيا و حقق كل ما يصبو اليه .

لكن الغني حاسد للفقير هو ببساطة أكله بعيد عن انتاج أورمة سرطانية و أمراض لا يعرف لها أصل و لا دواء ، كحاله هو . هو يحسده في امتلاكه جسم صلب ، مفتول العضلات ، لا يعرف للدواء طعم الا نادرا في الوقة الذي يتناول هو أصناف متعددة ، هذا دواء للجهاز الهظمي ، و آخر للسكري ، و آخر للقلب و الشرايين ، و آخر للأعصاب للنوم ، كي يتوقف قليلا عن التفكير في المشاكل التي يستحدثها الموظفون عنده و النفقات، فهذا متقاعس ، و ذاك محتال ، و آخر مفسد ، و آخر حسود ، و آخر طامع ، و هذه طلبات لأفراد الأسرة لا تنتهي و لا تنقطع . و كل هذه الأدوية باهظة الثمن ، وهو مجبر عليها ، في حين أن ذلك الفقير لا يحتاج الا قليلا من الدواء اذا غدر به زكام . هذا الفقير يمكنه ارتداء ما شاء من الثياب ، أما هو ، فلا يمكن ملاقات الزبائن ، و العملاء ، و كبار المسؤولين في ثوبه الذي يحب ، يجب أن يتقيد بالعرف . كما يتمنى لو يجد بعض الوقت لممارسة رياضة حقيقية لا تتخللها حوارات في العمل ، و يعوض بذلك كثرة الجلوس في السيارة و في العمل و في البيت . ترى ، هل يمكن أن يتنصل من مقابلة ذاك المسؤول اليوم ، كم يتمنى مسلك الفقير الذي لا تربطه به صلة . هو متحرر من وجوب تحمله من أجل مصلحة العمل .

و هكذا ، كلما أعطي الإنسان ، رأى أن سعادته في ما لا يملك . أما عن اللذة المادية فلنعرض لهذا المثل . تذكر أحسن الأطباق تناولت . أنت لا تقدر على تمييز الملعقة الأولى من الموالية ، و مع ذالك أنت لا ترغب في التوقف الى أن يخونك جسمك و في هذا المثال ، أدركك الشبع . بعد فترة من الإنقطاع ، يندثر الشعور باللذة و تعود سريعا و كأنك لم تستمتع. و هنا تعود الى الحلة النفسية التي سبقت المتعة ، اذا كانت محللة . أما إذا كانت حرام ، فأنت تتحسر على فقدان المتعة من جهة ، و يسوؤك تذكير دافعك اليها بالعقاب . عرضنا لهذا المثال لانطباقه على كل متعة مادية .

في المرة المقبلة ، ان شاء الله ، نعرض للمتعة المعنوية

السلام عليكم و رحمة الله
اللهم اجعلني من خيرة شيعة آل بيت محمد و صلي اللهم على محمد و آل محمد

سعي الآخرة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 188
اشترك في: الثلاثاء إبريل 29, 2008 8:51 pm

السعادة8

مشاركة بواسطة سعي الآخرة »

بسم الله الرحمان الرحيم

يجنح الإنسان الى التخفيف من أزمته الوجودية بالتمتع ببعض الرضى المعنوي . و يتجسد ذلك باعتراف الآخر له بالفضل في عمل ما أنجزه . كما أن هذا العمل يمكن أن يكون ماديا كتقديم معونة أو معنوي كمؤازرة شعورية عند الضرورة في سراء أو ضراء . فيكون هذا الإعتراف بمثابة الإقرار بالحاجة الى وجوده . و تتعلق النفس بهذا العرفان المتكرر لسده شيئا من حاجتها على هذا الصعيد . و جل ضحايا هذه الحاجة هم المتوجهون الى انشاء علاقات صداقة بين أطراف من نفس الجنس أو علاقات عاطفية بين ذكور و إناث . وسبب الفشل تعود الى نقص في المعرفة بقواعد العلاقة لنجاحها . فالمفرط بالإهتمام بنفسه ينسى حق الطرف الآخر فيختل الميزان . و هذه القاعدة ثابتة أكانت العلاقة بين صديقين أو صديقتين أو شاب و فتات . و الخطأ الشائع أن يغفل أحد الأطراف أو كليهما عن كون كل واحد جاء من بيئة مختلفة عن الآخر مهما كانت المشتركات . و أن هذه الفروق هي أساسية في تمييز هوية و شخصية كل منهما . و تبعا لذلك من الخطأ أن يبحث أحد عن نسخة مطابقة لنفسه ، إذ ما حاجته إلا لنقص يشكوه و ليس بديلا معوض لما هو عليه عند الحاجة . بعبارة أخرى أنت تحتاج الى الآخر لعجزك عن الإستغناء عن خدمة يقدمها اليك و العكس صحيح . على هذا الأساس ، من الخطأ بناء العلاقة عن الأخذ دون العطاء . و النجاح هو رهن بتقيد طرفي العقد بموجباته .

في الحلقة المقبلة و الأخيرة ، نتحدث ، إن شاء الله ، عن سبل بلوغ الرضى

و السلام عليكم ورحمة الله
اللهم اجعلني من خيرة شيعة آل بيت محمد و صلي اللهم على محمد و آل محمد

alhashimi
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1048
اشترك في: الجمعة فبراير 29, 2008 12:44 am

مشاركة بواسطة alhashimi »

كلام جميل وقلم مبدع

شكرا لك اخي سعي الاخره

وشكرا لك مره اخرى لاهتمامك باحياء المجالس المباركه












وليس الذئب يأكل لحم ذئب ... ويأكل بعضنا بعضا عيانا

سعي الآخرة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 188
اشترك في: الثلاثاء إبريل 29, 2008 8:51 pm

مشاركة بواسطة سعي الآخرة »

بسم الله الرحمان الرحيم

أخي الهاشمي

شكرا على مروركم المبارك ، نأمل أن نكون أفدنا و أمتعنا ، و الله ولي التوفيق

السلام عليكم و رحمة الله
اللهم اجعلني من خيرة شيعة آل بيت محمد و صلي اللهم على محمد و آل محمد

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الثقافة العامة“