هل سحق الإنترنت الكتاب؟

مواضيع ثقافية لاترتبط بباقي المجالس
أضف رد جديد
لــؤي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 3099
اشترك في: الخميس نوفمبر 17, 2005 4:22 pm
مكان: قلب المجالس

هل سحق الإنترنت الكتاب؟

مشاركة بواسطة لــؤي »

إنّ الهدف من طباعة الكتب وإصدارها هو قراءتها، وهو كذلك السبب وراء تأليفها. فالقراءة هي غذاء العقل، كما أنّ الماء والخبز هما غذاء الجسد. فالقراءة تعطي الطاقة للعقل، وترفع من مقدرته على التركيز والتفكير. فهل نحن على وعي بهذه الأمور؟ وماذا حصل لزيت سراج المطالعة.. هل نضب؟

شفيق خوري (مكتبة العلم والمعرفة في عبلين):

هنالك فرق كبير بين المطالعة اليوم والمطالعة بالأمس، قديماً كانوا يقرأون الكتب أكثر، أمّا اليوم فنسبة القرّاء قلّت. قد يكون السبب الرئيسي هو الأنترنت والملهيات الموجودة اليوم. فبالأمس كانوا يستعينون بالكتاب لملء أوقات الفراغ، أمّا اليوم فالأولاد ليسوا على استعداد للنظر إلى الكتاب بل إلى الألعاب، ولكن مع ذلك فهناك نسبة قليلة التي تهتم بالقراءة. في معارضنا نشجع على القراءة، وهنالك عودة إلى الكتاب، ونحن نلمس هذه العودة ولكنّها ضئيلة. فكلّما عرضت الكتب على الناس، كلّما شجعتهم على شراءها وقرأتها.
لقد حلّ الأنترنت بدرجة كبيرة محل الكتاب، وخاصة بالنسبة للجيل الصغير. أمّا بالنسبة للجيل الأكبر، فهناك نسبة لا بأس بها التي ما تزال تقرأ ولم يؤثر الأنترنت عليها، وهؤلاء أغلبهم من المعلمين أو مدراء المدارس، والنسبة متساوية بين الرجال والنساء. لقد أصبح الأنترنت بالنسبة للجيل الصاعد أهم من الكتاب، وأنا أعتقد أنّ المجتمع بحاجة لأن يعمل توازناً بين مطالعة الكتب وبين الأنترنت، ونحن علينا أن نهتم أكثر بالكتاب، وفي الحقيقة هناك رجعة ملموسة إلى الكتاب ولكنّها غير كافية. فنرى تواجداً لبعض العائلات في معارض الكتب، ويبحث الأهل دائماً عن الأفضل لكافة أفراد العائلة، ويبحثون عن كتب لتلطيف الجو وليس فقط عن الكتب الجديّة، لذلك نراهم يهتمون بكتب الأبراج والطبخ والعلاقات الزوجية ومواضيع أخرى.


هل سحق الأنترنت الكتاب؟!!

خير طبري (مكتبة حكايات في الناصرة):

أعتقد أنّ هناك تقصير شديد في الوسط العربي بالنسبة للمطالعة، لكن من تجربتنا الخاصة منذ خمس سنوات وحتى اليوم، فهناك وعي ولكنه غير كافٍ؛ وأنا أقول غير كافٍ لأنّنا نطمح إلى الأفضل. هناك وعي ملموس عند كل الأهالي ،متعلمين وغير متعلمين، وهذا يناقض الإشاعات الدائمة بأنّ العرب لا يقرأون. فما زال هناك من يطالع الكتب حتى مع وجود الأنترنت، فالأنترنت يساعد على البحث عن المواد ولكن ليس للمطالعة، فالمطالعة هي جانب آخر لا يمكن الاستغناء عنه. ولذلك لا يمكن للأنترنت أن يحل محل الكتاب، فالكتب تزيد من الوعي، والمطالعة تساعد على حل مشاكل اجتماعية وسلوكية بشكل غير مباشر إلى جانب المادة التعليمية، وذلك من خلال القصة مثلاً. فهناك دور نشر ما تزال تتوسّع بإصداراتها حسب مستوى القراءة، وهي تصدر كتباً للأطفال حسب مقاييس خاصة، بحيث أنّ مضمونها والصور التي فيها تلائم أجيالاً مختلفة من الأطفال، فهذه مثلاً إحدى مميزات الكتب العربية الصادرة في السنوات الأخيرة.
هنالك إحصائيات عديدة حول القراءة في العالم العربي، وإحدى هذه الإحصائيات قالت إنّ الإنسان العربي يقرأ لمدة نصف ساعة بالسنة. لا يمكننا أن ننكر بأنّ هناك تراجعاً في القراءة، ولكن من جهة أخرى لا يمكننا أن ننكر بأنّ هناك تطور وتقدّم في هذا الموضوع، حتى لو كان التقدّم بطيئاً، وهذا التطور هو بسبب التشجيع من قبل الأهل، فمثلاً قبل فترة كنت أتناقش مع الأصدقاء بأنّ هناك من يأتي لشراء كتب للمطالعة، وهؤلاء ما كنت لتتوقع أنّهم سيشترون الكتب. فقال لي أحد الأصدقاء بأنّه عامل بناء ويعود إلى البيت في آخر النهار متعباً ولا يقوى على الحراك، ولذلك فهو لا يريد أن تكون حياة ابنه في المستقبل مثل حياته، ولهذا السبب فهو يهتم بشراء الكتب (العلمية وغير العلمية) لأبنائه، حتى يتمكنوا في المستقبل من أن يبنوا حياة أفضل من حياته هو، ولذلك فهناك وعي حول الموضوع، ليس ملموساً بالشكل المطلوب ولكنه موجود.
يبحث الأهل بشكل عام عن كتب حول المواضيع الاجتماعية، النفسية والسلوكية. كتب تهتم بالأطفال؛ مثل الغيرة بين الأخوة أو حول النطق عند الأطفال والانخراط في المجتمع، ومواضيع أخرى عديدة وهذا إثبات للوعي. هناك من يبحث عن كتب للأطفال في جيل صغير جداً، أعني بضعة أشهر وحتى السنوات الخمس الأولى؛ طبعاً هذه القصص تضم صوراً ملونة للأطفال. ثمّ هناك الأطفال بين الأجيال (7-12) يأتون ويبحثون عن قصص ملائمة لجيلهم، طلاب الجامعات يبحثون عن الأدب العالمي المترجم مثل روايات باولو كويلو وماركيز؛ الأدب العربي مطلوب، ولكن ليس بالدرجة الأولى. والملاحظ بأنّ هناك محاربة للأدب المحلي، وأظن بأنّ السبب هو أنّه لا يوجد إعلام وتسويق لهذه الكتب؛ فمثلاً عمارة يعقوبيان، رواية مطلوبة بشكل كبير من جيل 16 وما فوق، والسبب هو أنّه في العالم العربي هناك تسويق وإعلام جيد، وهذا هو الفرق بيننا وبينهم. أمّا بالنسبة للأنترنت فقد حلّ محل الكتاب بشكل سلبي، فالأنترنت لا يغني عن الكتاب. ألف باء المطالعة هي قراءة الكتب، ومع الوعي المتزايد لدينا فأنا آمل أن يكون وضع الكتاب أفضل بكثير بعد عشر سنوات ممّا هو عليه اليوم.





ما زال هناك من يطالع الكتب حتى مع وجود الأنترنت

أسامه إدريس (مكتبة المنار في الطيبه): المطالعة اليوم تختلف عن السابق فهي تعتمد على الترفيه والكتب المدرسية، بينما في السابق كان الناس يطالعون الكتب يومياً. اليوم حلّ الحاسوب محل الكتاب، والناس تعطي الحاسوب وقتاً أكثر مما تعطي الكتاب. وقد يكون السبب في قلّة الوقت، ولذلك فاستعمال الحاسوب أسرع من استعمال الكتاب وخصوصاً إذا كنت تبحث عن مواد معينة، فالحاسوب أسرع لهذا الغرض.
الأنترنت حلّ بدل الكتاب، لأنّ طالب المدرسة عندما يريد أن يبحث عن مواد فأنّه يعود إلى الأنترنت وليس إلى الكتاب. حتى الأهل ليسوا على استعداد للرجوع إلى المصدر، لكي يأخذوا المعلومة الوافية، وللأسف بسبب قلّة المطالعة هناك طبقات من المعلمين أسوأ من التلاميذ، فحتى هم لا يعودون إلى المصدر وإلى الكتاب عند تحضير الدرس. فعندما يريد طالب أن يبحث عن كلمة في القاموس، فهو لا يعرف كيف يستعمل القاموس، ولا كيف يبحث عن مصدر الكلمة. وكذلك الأمر بالنسبة للأهل لأنّه ليس لديهم القاعدة الأساسية، فلذلك لا عتب على الأطفال. يبحث الطالب في الأنترنت حتى يجد مواداً حول الموضوع الذي يريده بشكل أسرع. وهذه مشكلة كبيرة، كذلك فالمجلات الأسبوعية تأخذ حيزاً كبيراً، والصراع مع الزمن هو سبب رئيسي في الابتعاد عن مطالعة الكتب وسلوك طريق الأنترنت.
الكتب اليوم نادراً جداً ما يشترونها، وأكثر الكتب مبيعاً اليوم هي كتب الأبراج، طلاب المدارس نادراً ما يطلبون الكتب، جيل الشباب ،وأقصد ما فوق العشرين، يقرأون الروايات الرومانسية. أمّا الإقبال على الكتب السياسية والثقافية فهو من نصيب من هم فوق الأربعين. أعتقد أنّه بعد عشر سنوات أو أكثر "بتروح الفكره وبتيجي السكره"، أتوقع أن يعود الناس لمطالعة الكتب، لأنّهم سيكتشفون لوحدهم بأنّه لا غنى عن الكتاب.
إذاً هذه هي آراء بعض أصحاب المكتبات، منها ما هو متشابه وما هو متناقض. ولا يسعنا في النهاية إلا أن نأمل بأن ينضج الوعي العام عندنا، وأن تتفتح مداركنا على أهمية المطالعة إلى جانب الأنترنت، فما زلنا بحاجة إلى الكتاب، كما أنّ الكتاب بحاجة إلينا. وإلا فلن تكون عندنا أقلام جديدة في المستقبل، ما لم يكن لدينا قرّاء، فإنّ الكتابة وليدة المطالعة.
رب إنى مغلوب فانتصر

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الثقافة العامة“