الأسماء..سحر ومحرمات

مواضيع ثقافية لاترتبط بباقي المجالس
أضف رد جديد
غريب هاشم
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 10
اشترك في: الاثنين مارس 13, 2006 9:07 pm

الأسماء..سحر ومحرمات

مشاركة بواسطة غريب هاشم »

الأسماء..سحر ومحرمات

هل يمكن تخيل الأشخاص والأشياء من دون أسماء وكيف يمكن أن تسير الحياة عندما لا يحمل المرء اسماً يميزه عن غيره كيف اكتشف الانسان أهمية الاسم فأنتج فلسفة خاصة بالأسماء تعبر عن الحياة والحضارة

الاسم هو التعريف بالشخص أو الشيء والأشياء من دون أسمائها تفقد هويتها ومعناها ووجودها فالاسم يدل على صاحبه ويعرف به وبمحيطه الاجتماعي والثقافي بشكل أكبر فالمرء لا ينتج اسمه ولكن محيطه هو الذي يعطيه الاسم.

وقد قيل من اسمك اعرف أباك فالأسماء ترتبط بالثقافة والسحر والعاطفة وحتى الموضة وكثيراً ما أثارت بعض الأسماء دهشتنا وعلقت بأذهاننا لغرابتها وطرافتها.

ولم يكن تعامل الحضارات القديمة مع الأسماء واختيار اسم المولود تعاملاً عادياً فقد اتسم بكثير من الجدية لاعتقاد بقوة الاسم السحرية وارتباطه بمصير صاحبه.

ويبدو أن الرغبة بتمييز الأشياء وإطلاق أسماء خاصة بها هي التي أنتجت اللغة عند الانسان البدائي ثم تطورت لتجد تعبيراً عن علاقات الأشياء ببعضها عن طريق الدلالات أو التعابير اللغوية الأخرى.

وقد كان العراقيون القدماء يعتقدون بألا وجود للشيء من دون اسم إذ يمثل الاسم عندهم الشخص نفسه.

ويذكر الباحث خزعل الماجدي في كتابه بخور الاَلهة أن الساحر العراقي القديم يعتقد بوجود القوة في الاسم فيستعمله وكأنه يجسد الشخص في اسمه وكان على الساحر أن يعرف اسم المريض الذي يعالجه ليتلفظ به عند قراءة التعويذات الشافية.

وكان المصريون القدماء يحرصون على تسمية المولود حين ولادته مباشرة خوفا من أن يموت فلا يبقى من أثره ذكره شيء وفي الوقت ذاته كانت حماية الاسم من الابتذال تجعلهم يطلقون على المولود أكثر من اسم يكون أحدها سرياً وخاصاً بالمولود لا يعرفه إلا المقربون جداً.

وتطلق على الطفل أسماء مشتقة من الدين أو البيئة أو العادات ويختارون له اسماً عادياً واسم تدليل اضافة الى اسم يختاره أبوه واَخر تختاره أمه.

وكان من المحبب لديهم إطلاق أسماء مرتبطة بالعبادة أو بالفراعنة مثل باكن اَمون التي تعني خادم اَمون و سا اَمون أي ابن اَمون.


نطق الاسم جريمة
توجد عند البدائيين علاقة واضحة مع الأسماء فهي ليست اعتباطية لأنهم يعتقدون بأن رابطة حقيقية بين الأسماء وأصحابها وتوحد الاثنين فيعتقد بأن السحر يؤثر بسهولة حين يعرف اسم الشخص لأن الاسم يقابل أي شيء مادي من جسد الانسان كالشعر أو الأظفار التي تستخدم غالباً في السحر الأسود.

ويعد الرجل البدائي اسمه جزءاً حيوياً من نفسه ينبغي احترامه ومراعاته فعلى سبيل المثال يعتقد سكان شمال أمريكا الأصليون أن اسم الانسان جزء مميز من شخصيته مثل عينيه وأسنانه وأنه يمكن السيطرة على المرء عن طريق اسمه وقد ساد هذا الاعتقاد عند معظم الشعوب القديمة في العالم كما اتخذ الناس طرقاً لإخفاء أسمائهم لئلا يتعرضوا للخطر.

ويعتقد سكان أستراليا الأصليون أنه من الضروري أن تبقى أسماء الأشخاص سرية لأن معرفة العدو بها تعطيه فرصة لاستخدام السحر الأسود ضد صاحب الاسم وكل رجل أو امرأة أو طفل من القبائل الاسترالية يحمل إضافة الى اسمه اسما سرياً يمنحه الكهنة أو الأهل ويحافظون على سريته التامة ولا يلفظ إلا في المناسبات الجدية بعيداً عن عن مسامع النساء أو رجال المجموعات الأخرى وعليهم لفظه بصوت خافت.

ويعتقد مواطنوا نياس بأن الأذى قد يأتي من الأشباح التي تسمع اسم الشخص,لذا فإنهم لا ينادون بعضهم بأسمائهم في أعماق الغابات أو الأماكن الموحشة.

ويعتقد هنود تشيلوي أن أسماءهم يجب ألا تنطق لئلا تعرفها الجنيات والعفاريت التي تؤذي الناس بأسمائهم بينما تبطل قواها حين تكون جاهلة بالاسم.

ويمثل الاسم حياة المرء عند بعض سكان الاسكيمو لذا فهم يتخذون أسماء جديدة حين يصبحون كباراً في السن, معتقدين بذلك أنهم سيحصلون على حياة جديدة.

ويعتقد بعض البدائيين أنك إذا كتبت إسم الشخص واحتفظت به فإنك تحمل جزءاً من روحه معك.

وتتسم العلاقات الاجتماعية بين القبائل البدائية بنوع من التابو أو المحرمات في ما يخص الأسماء فبعض القبائل تحرم لفظ الزوجة لاسم زوجها وكذلك لفظ أي كلمة أخرى تشبه اسمه فإذا كان اسم الزوج قريباً من اسم حيوان معين مثلاً عليها أن تجد اسماً اَخر لهذا الحيوان لتجنب لفظ اسمه.

وفي جنوب الهند يعتقد بأن ذكر الزوجة لاسم زوجها حتى لو كان في الحلم, يقرب نهايته.

وفي الجزر الغربية لمضيق توريس يجب على المرء ألا يذكر أسماء أنسبائه وإذا ما أخطأ واستخدم اسم نسيبه فعليه أن يشعر بالخزي ويقدم هدية يكفر بها عن ذنبه إلى صاحب الاسم الذي انتهك بلفظه وفي إحدى جزر بريطانيا يعد ذكر الاسم من الجرائم التي قد تعرض اسم مرتكبها لعقوبة الموت.

أسماء الموتى
توجد ظاهرة الامتناع عن ذكر اسم الميت عند القوقازيين وتنتشر كذلك بين سكان أستراليا الأصليين ويبدو أن السبب في ذلك هو الخوف من استدعاء أرواح الموتى وقد خبأ أحد البدائيين نفسه أياماً حين سمع أحد الرحالة يذكر اسم شخص ميت وكانت بعض القبائل البدائية تعتقد بأن ذكر إسم الميت سيثير روحه ويزعجها لذا فإنهم يلفظون الاسم بخفوت شديد.

وترديد أسماء الموتى يعد خطأً كبيراً لدى هنود أمريكا وقد يعمد أقرباء الميت إلى قتل من يلفظ اسمه أما إذا استطاع الهرب فإنه سيضطر إلى دفع غرامة كبيرة تتمثل بعدد من الثيران.

ويتجنب الناس إطلاق أسماء الموتى على أبنائهم لأنهم يعتقدون بأن ذلك كفيل بإنهاء حياة الطفل بسرعة وربما زاد الخوف مما يجعل بعض الأشخاص يغيرون أسماءهم إذا كانت مشابهة لأسماء أشخاص ماتوا قريباً وهذا التحريم قد يدوم سنوات عدة أو يكون مؤقتاً يستمر في مدة الحداد فقط.

وينسحب تحريم ذكر الأسماء عند القبائل البدائية إلى أسماء الملوك والكهنة فعند قبائل الزولو الافريقية لا أحد يذكر اسم الملك أو أسماء أسلافه ويتم تجنب الأسماء المشابهة لأسمائهم وكانت أسماء الملوك التي تقدم للرحالة الأوروبييت أسماء مستعارة فهم لا ينطقون أسماء الملوك الأصلية وينطبق الحال على قبائل مدغشقر وكذلك كان اليونانيون قديماً لا ينطقون أسماء أفراد الطبقة الحاكمة خلال حياتهم ويعاقب من ينتهك هذا التحريم.

الأسماء العربية
اهتم العرب بتسمية أبنائهم وخاصة الذكور منهم فقد كان الأب أو الجد هو الذي يسمي الابن الذكر بينما تترك تسمية الأنثى للأم ويثبت اسم المولود في اليوم السابع من ولادته.

وتعتمد معظم التسميات العربية على قيم اجتماعية ودينية فمنها ما كان لأغراض التفاؤل كأن يتخذوا أسماء الحيوانات طلباً لصفاتها المميزة فإذا سمي أحدهم ذئباً توسموا في صاحب الاسم الفطنة وإذا سمي المولود حجراً توسموا به الشدة والصلابة والقوة.

وكان العرب يستخدمون أسماء شنيعة لأسباب منها تجنب الحسد لأنهم يعتقدون بأن وقع الاسم القبيح يرد عين الحاسد ويجنب المولود الأذى فسميت الحسناء بقبيحة وسوداء وغيرها من الأسماء الغريبة.كما يسمون أبناءهم بأسماء مخيفة لإلقاء الرعب في نفوس أعدائهم.

وكانت التفرقة الاجتماعية واضحة في التسميات القديمة فأسماء الأبناء تختلف عن أسماء العبيد عند عرب الجاهلية وقد سئل أحد الرواة لم سمت العرب أبناءها بأسماء شنيعة وصلبة بينما اختارت لعبيدها أسماء سهلة ورقيقة فأجاب لأنها سمت أبناءها لأعدائها وسمت عبيدها لأنفسها.

وقد تغيرت التسميات بتغير العصور والاتجاهات الفكرية فالأسماء الاسلامية اختلفت عن سابقتها بدلالاتها الدينية وغلبة الطابع الاسلامي عليها.

اختيار الاسم
ويختلف اختيار الاسم باختلاف المكان والزمان في شتى بقاع الأرض ففي الوقت الذي كان التنجيم سائداً في الحضارات القديمة كان اختيار الاسم يعتمد على الطالع وتحدده ضوابط معينة تدخل في برج المولود وغيرها مما يتعلق بالتنجيم.

بينما تتجه القبائل البدائية إلى الخرافات في تسمية أبناءها فعند قبائل اللابي كانت المرأة الحامل تنتظر أن يزورها أحد الأسلاف الراحلين في الحلم ويخبرها باسم جنينها وإذا لم تحصل المرأة على مثل هذا الحلم تترك الأمر الى الأب الذي يحدد اسم المولود باستشارة السحرة وغالباً ما يتخذ المولود اسماً من أسماء الأسلاف ضمن طقوس سحرية معينة.

وتختلف الأسماء الريفية عن أسماء أبناء المدن وغالباً ما تتسم الأسماء الريفية بالطرافة لارتباطها بالطبيعة وبساطة الحياة وترتبط الأسماء ببعض العادات الشائعة مثل تسمية المولود باسم المناسبة الدينية التي ولد فيها أو الحدث التاريخي الذي صادف مولده.

كذلك تسود الأسماء المرتبطة بالمقدسات والموروث الديني مثل أسماء الأنبياء والأولياء وأسماء القديسين المسيحيين وغيرها مما يرتبط بالدين.

كذلك للأثر السياسي دخل في تسمية المواليد حيث يمكن التعرف إلى وجهات الأهل السياسية من أسماء أبنائهم.

ونلاحظ وجود أسماء نادرة وغريبة ما زال بعض الناس يتداولونها ويسمون أبناءهم بها,منها الأسماء الموغلة في القدم أو الأسماء المضحكة فقد يسمي بعض الريفيين المولود باسم أحد البلدان الغربية أو باسم شخصية تاريخية أو باسم قبيح أو مركب تركيباً غريباً.

اسم العائلة
لم يعرف عن شعوب العالم القديم استخدام اسم العائلة إلا بعدما عرفه الصينيون بوقت طويل فقد كانوا من أوائل الشعوب التي استخدمت أسماء العائلات ويقال إن الامبراطور فوكسي أصدر قراراً باستخدام أسماء العائلة عام 2852 قبل الميلاد وغالباً ما يكون للصينيين ثلاثة أسماء اسم العائلة ويأتي في البداية ومصدره إحدى الكلمات البالغ عددها 438 كلمة وهي كلمات القصيدة الصينية المقدسة ويأتي بعده اسم جيلي يؤخذ من قصيدة تتكون من 20 إلى 30 كلمة تتبناها كل أسرة ثم أخيراً اسم لبني يوازي الاسم الأول.

وكان الرومان يستخدمون اسماً واحداً ثم استخدموا الأسماء الثلاثية التي تنتهي باسم العائلة وبعد سقوط الامبراطورية الرومانية عادت الأسماء المفردة من جديد.

وفي أوروبا ظهرت أسماء العائلة في الأسر الثرية ولم يكن استخدام اسم العائلة وراثياً في البداية ثم بدأت عملية تنظيم وراثة الأسماء.

لكن أشهر الشعوب التي اهتمت بالنسب هم العرب فقد وجد نظام دقيق جداً للأنساب العربية أذهل الغرب وكان هناك علماء ومختصون بالأنساب العربية يحفظون نسب المرء من أم و أبيه وكان الهدف منها الحفاظ على نظام العشيرة ونقاء روابط الدم التي تربطها ببعضها.

وقد حث الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم على تعلم الانسان فقال: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر.

لــؤي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 3099
اشترك في: الخميس نوفمبر 17, 2005 4:22 pm
مكان: قلب المجالس

مشاركة بواسطة لــؤي »

موضوع مثير ومشوق اخي العزيز غريب هاشم
والحقيقة أنه شدني إلى قراءته كاملا لما وجدت فيه من فائدة كبيرة ..
رحم الله والديكم
وننتظر المزيد من كتاباتكم الجميلة
رب إنى مغلوب فانتصر

الامين محمد
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 10
اشترك في: الثلاثاء مارس 21, 2006 4:44 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

مشاركة بواسطة الامين محمد »

فعلا مو ضوع شيق وفيه

الفائدة والمتعة والسحر والخرافات

شكرا لك اخي غريب هاشم
وكنت اتمنى ان تتوسع في الاسماء عند العرب كيفية اختياراها
خاصة في وانه في وقتنا الحاضر اصبح الاسم لا يحمل تلك الاهمية مع ان الاسلام والشارع الحكيم حثنا على اختيار الاسماء المناسبة ولكن اصحنا نرى في هذه الايام اسماء بلا معاني عدم اهتمام


لكلا من اسمه نصيب

سلمت وسلم اسمك من اي سحر

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الثقافة العامة“