من العادات الحميدة التي فقدناها بزمن التصحر الثقافي .. الرجز

مواضيع ثقافية لاترتبط بباقي المجالس
أضف رد جديد
الهاشمي اليماني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 668
اشترك في: السبت أغسطس 07, 2004 3:39 pm
اتصال:

من العادات الحميدة التي فقدناها بزمن التصحر الثقافي .. الرجز

مشاركة بواسطة الهاشمي اليماني »

من العادات الحميدة التي فقدناها بزمن التصحر الثقافي ... فن الرجز ،، والرجز هو بناء الجمل كأطراف بيت شعر تنتهي بحرف واحد ... والرجز كان يتم إرتجالا ويتباهى به القوم بمحافلهم عند لقاء عام يظم قبائل مختلفة أو مناسبة إجتماعية للتعريف بقظية أو مناسبة والتنويه عنها وعن سبب قدومهم ... وقد يتم لظرف معين وبشكل فردي .. ويسبقه المغرد أو الزامل والذي بالعادة لايحتوي أكثر من أربعة أبيات من الشعر .
وبمناسبة وصول قوم من قبائل العصيمات بحاشد ومعهم مجموعة من قبائل سفيان البكيلية وكان المكان أو المسرح هو ساحة المقام بصعدة .... فبرز شخص من العصيمات مرتجزا موجها كلامه للمضيفين ومستهلا الكلام :
أتاك سفيان والعصيمات كم من ولد ..
ولبث بكلامه قريب النصف ساعة أورد بها ربما كل ما بالقاموس من كلمات تحوي بأخرها حرف الدال وبتلقائية وتنسيق وكأنه يتلقاها من ملقن رغم وقوفه منفردا ..
وبصعدة وربما باليمن عامة كانت سنوات عجاف مع الأوبئة تفتك بالسكان ، بل ربما فتك الطاعون بسكان قرية فلم يوجد من يدفن الموتى لكثرتهم ... ويحكى أنهم رأوا النسور تدخل عبر نوافذ المنازل لتأكل جثث الموتى ..
حكى لي أبي أنه خلال مسغبة " مجاعة " كان أحد المؤسرين قد حمل جعبة من حبوب الذرة ليبيعها بالسوق وخلاله مسيرته نظر لعقب شجرة فوجد رجلا أشبه بالوحش شعر رأسه مجعد قذر وملابسه ممزقة وتتكشف عورته وذقنه عليها أوراق الأشجار الجافة ... الخلاصة بوضع مزر ..
تقدم الرجل منه فوجده بحال سئ جدا ... فقال مرتجزا ..
صباح الخير واهل عاقب أم حامرة
شاة بن هران قاهفلن بام مجزرة
إن شي معك حد والا هالك أم مقصرة
خير ... ياذاك ..

المعنى : صباح الخير واهل عاقب أم حامرة ، أسعدت صباحا ياساكن جذع شجرة الحومر " التمر الهندي"
شاة بن هران قاهفلن بام مجزرة ، شاة بن هران أهفلن أي صوفها متسخ مسترسل ، بام مجزرة ، بالمسلخ
إن شي معك حد ، يعني هل معك موسى حادة ، والا هالك أمقصرة ، وإلا أعطيتك سكينتي ...
وينتهي بالقول خير ... ياذاك ..

فيجيبه الرجل الخائر المتعب وهو يحاول لملمة ملابسه المهترئة حتى لاتظهر عورته ويرتجز الجواب ويقول :
معنا سنة صبت دم الناس بو مندرة
قدلي سنة وانا مدور لحب الذرة
حلفت ما يستر الرجال غير المرة
حيا... بالخير..

المعنى : معنا سنة صبت دم الناس بومندرة ، أي تلقينا عام إنسكبت به دمائنا بمنحدر
قد لي سنة وانا مدور لحب الذرة , لبثت عاما كاملا وأنا أبحث عن حبوب الذرة "الطعام"
حلفت ما يستر الرجال غير المرة ، هنا يقسم أن الرجل لايمكنه العيش بدون إمرأة ويعطي إشارة بهلاك زوجه
حيا بالخير ... العبارة الجوابية للترحيب بالزائر .

حينها قام المؤسر بإعطاء الرجل حمولته من الطعام ... وإعطائه برده ليستر به عورته ، ودعاه لزيارته بمنزله ليزوجه أخته .. أداب وتقاليد وشيم ،، أعتقد أننا أفلسنا منها بعالم اليوم ..

زيد بن علي العراقي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 118
اشترك في: الاثنين ديسمبر 20, 2004 1:35 am
مكان: ستوكهولم

مشاركة بواسطة زيد بن علي العراقي »

لك الشكر أيها الأصيل..
أما الرجَز الذي تفتقده، فلا أظنّ انك ستسمعه في حياتك اليومية مُرتجَلاً. لأنه ينتمي الى ثقافةٍ لم يعد لها ايمّا وجود. وتلك الثقافة بدورها كانت جزءاً من اسلوب حياةٍ كاملة بدأت بالإنقراض منذ بدايات القرن الماضي تاركة المجال لثقافة هجينة لاهي بالعربية ولا هي بالغربية.
لن نقف، انتَ وانا، على الاطلال لنبكي ماضٍ ذهبيّ.
بل سنوجِد في رحم ثقافتنا الأصيلة اشكالاً أبداعية جديدة ربمات تكون قريبة للرجز وربما لا تكون. المهم ان نترك وراءنا شيئاً ، ويكون لدينا شيئاً نحكيه لأطفالنا قرب المواقد في ليالي الشتاء الباردة، شيئأ يفهمونه ويجدون انفسهم في كلماته.
ما تفعله انتَ لا يبتعد كثيراً عن ذلك.
تحياتي
صورة

الهاشمي اليماني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 668
اشترك في: السبت أغسطس 07, 2004 3:39 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة الهاشمي اليماني »

بل لك الشكر لما تحيطني به من نبل المشاعر ودفئ المعاني التي تتحفني بها وعلى الدوام ... نعم يازيد بن علي ... العراقي ، يابن الرافدين هو الجهل والمغامرة التي دفعت بقراء تاريخ الثورة الفرنسية للتقدم للصفوف الأمامية ... دون مراعاة أن الثوار الفرنسين كانوا يقدسون الفنون والآداب والتاريخ والثقافة ، نسيوا أن بيرناردين دي سان بيير كان من جلسائهم وندمائهم ... أما ثوارنا فقلدوا نصب المقاصل وحسب .... وغمطوا الآداب والثقافة بل ودمروا الإقتصاد ... ولست أعلم أي إتجاه يسوقون السفينة ... التي يبدو أن لها أكثر من قبطان غبي ،،،
نعم يازيد كانت المشكلة ببلدنا اليمن أن الثوار الأوائل كانوا يأتوننا بذقون محلوقة ورؤوس مكشوفة وبنطلون ،،، ويدعون أن ذلك هو جوهر التغيير لحياة أفضل ..... عمد الأغبياء لوصف كل ما يحسب كتميز يمني من لباس وغناء ومثل وعادات وتقاليد ... أنها من عادات الإمامة .. وهكذا دمرونا كأمة ومحوا كل ثقافتنا ولم يأتوا بجديد ... فلاهم أعطونا ثقافة الكوكاكولا .... ولم يتركونا على نقيع البرقوق{ شراب يمني يسمى قمر الدين بالشام } أفرغونا من كل حسن وجلبوا لنا مساوئ العالم إضافة لمساوئهم ... إنتهى الرجز ... بل إنتهت الإيقاعات اليمنية التي كانت تقدم مع طبول خاصة لها قرعة متميزه ... وبالطبع لكل قرية أو مديرية إيقاعتها ... ثراء ما بعده ثراء ... ولكنه وقع بما يشبه وليمة الكلاب ..
ويبقى أملنا بالباحثين الأجانب لتدارك وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بين براثم الجهلاء الأميين ثقافة ومنهجا ..
مع عظيم الحب وصادق الود وعميق الإحترام ... لحبيبنا العراقي ، زيد بن علي .

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الثقافة العامة“