الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الأمين، وعلى آله الغر الميامين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وبعد:
إننا من منطلق واجبنا الديني والأخلاقي والإنساني لَندين ونستنكر بشدة ما يتعرض له إخواننا من أبناء الشعب الفلسطيني - وخصوصا أهالي غزة الأبية ومقاومتها الصامدة - من الحصارِ الظالم والعدوان الغاشم بكل آلات القتل والتدمير الصهيونية، وما تقوم به من قتلٍ للنساء والأطفال والشيوخ، وهدمٍ للمنازل على رؤوس سكانها، وتدميرٍ لكافة مقومات الحياة، وإبادةٍ شاملة لأبناء هذا الشعب المظلوم الصامد في ظل صمت مطبق من حكومات الدول العربية والإسلامية، بل لقد وصل البعض منها إلى حد التواطؤ والتآمر مع الغزاة الصهاينة المجرمين، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فإننا وفي هذه الظروف الصعبة والأليمة للأمة الإسلامية فإننا لنناشد جميع أمتنا العربية والإسلامية حكوماتٍ وشعوباً وأحزاباً ومنظماتٍ مدنيةً وإنسانيةً القيام بواجبهم الديني والأخلاقي والإنساني في نصرة أهالي غزة، ومد يد العون لهم بكلِّ ما تستطيع من سلاح وغذاء وأدوية وغيرها امتثالا لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:((المؤمنون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)).
كما نناشدهم القيام بكافة الأنشطة والفعاليات لممارسة الضغط على حكوماتهم لاتخاذ موقف جاد وعملي لرفع هذا العدوان الغاشم والحصار الظالم وفتح جميع المعابر وفي مقدمتها معبر رفح وإلى الأبد.
كما نقول لكل من تآمر أو تواطأ أو رضي من الأنظمة والحكام: إنكم مهما فعلتم ومهما قدمتم من تنازلات ومهما ضحيتم به من دماء الأبرياء وبعتم من كراماتكم وكرامات شعوبكم وأمتكم فإنكم لن تكسبوا رضاء من تسعون لإرضائه من أنظمة الاستكبار العالمي من اليهود والنصارى الذين تضحون بكل واجباتكم الدينية والأخلاقية من أجلهم، وسيأتي اليوم الذي تعضون فيه على الأصابع من الندم لعدم وقوفكم مع إخوانكم المستضعفين ومع إرادة شعبكم وصدق الله سبحانه: { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}.
وأما بقية دول وحكام العالَمين العربي والإسلامي فنقول لهم:
أما كفاكم تخاذلاً وتفرقاً وانقساماً وسكوتاً عن المجازر التي ترتكب في حق إخوانكم الفلسطينيين.
أما آن لكم أن تستجيبوا لنداء ضمائركم - إن بقيت لكم ضمائر- وإرادة شعوبكم ولو لمرة واحدة فتقفوا موقفا صادقا لرفع معاناة هذا الشعب المظلوم الذي يعاني منذ أكثر من خمسين عاما.
أما آن لكم أن تقفوا موقفا يرضاه الله لكم وترضاه الأجيال القادمة ويسطِّره لكم التاريخ؛ فإذا كانت دولة أو دولتين قد استطاعت أن تدعم حزب الله حتى هزم هذا الكيان وآلته الحربية وأخرجه من لبنان، أفليس بإمكان دول العالَمين العربي والإسلامي أن تدعم المقاومة الفلسطينية حتى تدافع عن نفسها وأرضها ومقدساتها.
فاتقوا الله في أنفسكم وشعوبكم وأمتكم، {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.
وأخيراً نقول لإخواننا الصابرين الصامدين في غزة: نحن وجميع شعوب أمتنا العربية والإسلامية معكم والله معكم واستعينوا بالله واصبروا فـ {إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} فأنتم بثباتكم وصبركم ستكسرون بمشيئة الله كبرياء وغطرسة هذا الكيان الغاصب، فأنتم موعودون بالنصر والتأييد من الله عز وجل: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا}، فبالله فثقوا، وعليه فتوكلوا، واصبروا وَصَابِرُوا ورَابطُوا واذكروا الله كثيرا لعلكُمْ تفلحون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وسلم.
الهيئة العلمية لعلماء صعدة
الجمعة 6 محرم الحرام 1430هـ