وقفات مع أطروحات الدكتور ناصر محمد في صحيفة الوسط ؟!

[علي الحضرمي]

يتصف الكثير من الكتاب والمثقفين والأكاديميين ( الأميين !! ) في اليمن بمجموعة من الصفات التي تكاد تميزهم عن غيرهم من الكتاب خارج اليمن ! و من أهم تلك الصفات البارزة " نظرتهم السطحية للأحداث والظواهر المختلفة .. وتحليها تحليلاً أقرب إلى الإستهبال والإستغباء السياسي .. واستجرار مصطلحات وتوصيفات من خارج الحدود لمحاولة إنزالها وإلباسها لأوضاع الداخل اليمني .. !!
ولعل من أقرب الأمثلة ما قرأناه الأسبوع الماضي في صحيفة الوسط العدد ( 213 ) بتأريخ 29 /10/2008 م حيث أتحفنا الدكتور / ناصر محمد ناصر بمقال تناول فيه قضية صعدة وكان تحت عنوان " الحوثية وحسابات النظام " ؟!!
أورد فيه معلومات مغلوطة وأعاد فيه ذكر إتهامات وافتراءات حول أنصار السيد الحوثي وهي أكاذيب قد بدأ يكف عن ترديدها حتى الإعلام الرسمي ؛ لكن صاحبنا الدكتور وأبواق أخرى لازالت تكررها وترددها لعدة أغراض وأهداف لا تخفى !!
في هذه الوقفات سأعرض في نقاط ما أراه يستلزم التعليق من كلام الدكتور ناصر محمد !
- يؤكد الدكتور المذكور في بداية مقاله أن النظام قد أوقف الحرب من طرف واحد ثم يقول إلا أن النظام لم يرد على استفزازات الحوثيين المستمرة وتحديهم السافر له !!
فأقول ليتك ذكرت لنا يا دكتور ماهية تلك الإستفزازات المزعومة والمستمرة حد وصفك !! ثم هل يُعقل أن يكون الطرف الأضعف هو صاحب الإستفزازات وهل يعجز النظام الذي أوقف الحرب من طرف واحد – كما أكد الدكتور – أن يرد على تلك الإستفزازات إن كانت حقيقية !!
إلا إذا كان المقصود بالإستفزازات هو كما اعتبره البعض ما قام به أبناء صعدة وانصار السيد الحوثي من " صيام آخر يوم من رمضان .. ونشر صورة حديثة للسيد عبدالملك .. والإحتفال بيوم القدس العالمي " فلا ندري ما هو الجرم وما هي الخطورة في مثل هذه الأعمال ، لكن يبدو أن الدكتور يتحدث عن إستفزازات أخرى لاتوجد إلا في مخيلته وفوق ذلك يراها إستفزازات مستمرة فحسبه الله على ما يفتري !!!
والحقيقة أن الإستفزازات والإعتداءات والخروقات قائمة الآن على قدم وساق من قبل السلطة وأعوانها ضد أبناء صعدة !!



- يتحدث الدكتور المذكور في ذات المقال عن أن النظام هو من صنع الحوثية – حسب وصفه - عقب حرب عام 1994م بهدف الحد من تمدد السلفية ؟ فعجب أن هناك من يستسيغ مثل هذا الكلام !! فمن يسميهم الدكتور حوثية هم موجودين وعلمائهم ظاهرين من قبل الإشتراكية وقبل فتنة 94م ومن قبل السلفية والإخوانية !! ودعم الدولة في الحقيقة كان ولايزال منصباً نحو هاؤلاء السلفية والإخوان والصوفية وغيرهم أما أبناء الزيدية فهم محاربون ومصادرة حرياتهم ومضيق عليهم منذ ما بعد الثورة و إلى اليوم وإن كانت السنوات الأربع الأخيرة ( سنوات حروب صعدة ) هي الأكثر حرباً وإبادةً ضدهم وإقصاءً لمناهجهم وإستهدافاً لعلمائهم وناشطيهم وإجراماً بحقهم !!


- يقول الدكتور المذكور إن الحوثية " حركة مذهبية ضيقة لا تستطيع أيدلوجيتها تجاوز حدود محافظة صعدة " ويستنتج من ذلك " أن اتساع شعبيتها وقدرتها على التمدد عبر الساحة الوطنية أمر غير وارد ؟!!
فنقول أنعم بهذه العقلية التحليلية العميقة أو ( العقيمة ) لا فرق ! وما ضر السلطات غير عقليات بهذا المستوى تسمع ما يُقال وتردده كالببغاء لا تتأكد منه ولا تنظر فيه !!
إن حركة السيد الحوثي هي أكبر وأرقى وأعلى مما تتصوره يا دكتور ، ولو كانت ضيقة ومتقوقعة في صعدة حسب قولك لما وجدت لها أنصاراً في محافظات الجوف و عمران و حجة و المحويت و صنعاء وحتى أنه قد انضم لها أفراد من المحافظات الوسطى ومن المحافظات الجنوبية واسأل المسؤلين وضباط الجيش إن كنت لا تصدق !!

- حديث الدكتور عن قناعاته وبألفاظ مثل " التمدد الشيعي وسحق ومحق نظام الآيات في إيران وجعلها كرماد وإستئصال جيوب إيران في لبنان وفلسطين واليمن ...... الخ " كل ذلك أشعرني وكأنني أقرأ أو أستمع للناطق الرسمي بإسم الخارجية الأمريكية أو الخارجية الإسرائيلية وليس لكاتب مسلم عربي يمني وفوق ذلك يحمل لقب ( دكتور ) !!
فما هذا الغلو والتعصب وما هذا الإنحطاط الفكري والسياسي حين يتم تصوير إيران المسلمة بهذه الصورة وعدم الخجل من إظهار السرور بسحقها ومحقها وإستئصالها على يد الإمريكان والصهاينة !!
ثم إذا كانت الحركات الجهادية التي تدعمها إيران في فلسطين – مثل حماس والجهاد وغيرها – هي مجرد جيوب إيرانية في نظركم يا دكتور فعلى الدنيا السلام وأين ذهبتم بثوابت ومبادئ و معاني الجهاد و المقاومة والنضال وتحرير الأوطان ، والعزة والكرامة والإستقلال ...... الخ !!
وهل على حزب الله بنظركم أن يترك المقاومة وأن يعيد جنوب لبنان لإسرائيل كي لا يكون جيباً إيرانياً !!
عجيب بأي عقول تفكرون وبأي منطق تقيسون !

- أما دعوى الدعم الإيراني لأنصار الحوثي فهي التهمة السمجة التي ظلت أبواق النظام ترددها لأهداف كثيرة متعلقة بإستدرار ضروع وجيوب الجيران وتخويفه من شبح التمدد الشيعي الموهوم !!
وحتى الآن وعلى مدى أكثر من أربع سنوات لم يستطع قادة وأركان السلطة أن يأتوا بأي دليل أو قرينة على مزعوم الدعم الإيراني للمظلومين في صعدة ! بل لقد إعترف بملئ فيه وزير الخارجية اليمني الدكتور أبوبكر القربي قبل الحرب الأخيرة بأنه لا يوجد أي دعم إيراني أو ليبي لجماعة الحوثي !!!!
ثم فلنأتي للمسألة من ناحية منطقية بالله عليك يا دكتور فيما لو أن هناك دعم من قبل إيران فكيف سيصلهم وعن أي طريق سيسلكها إليهم !!
هل عبر الجسر الجوي الرابط بين طهران وصعدة أم عبر ميناء صعدة الدولي !!!!!!!
فكفى إستخفافاً بعقولنا رجاءً يا دكتور !
وإذا كان رهانكم أنتم والسلطة هو على أمريكا وإسرائيل - ومن يدور في فلكهم كالمملكة السعودية - في تخليصكم من إيران واستئصال جيوبها في لبنان وفلسطين واليمن كما قلتم ؛ فإن رهان انصار السيد الحوثي يا دكتور ليس على إيران ولا على غيرها بل هو على إيمانهم بالله وبنصره للمظلومين وعلى ثقتهم بأنفسهم ووبعدالة قضيتهم !!!



- وأخيراً يسرد الدكتور في نهاية مقاله مجموعة من الوسائل التي سيُمَكن تطبيقها كلها أو بعضها في القضاء على جماعة وأنصار السيد الحوثي وهي : ( القضاء على مصدر الدعم والإمداد وهو النظام الإيراني – حسب قوله _ و مواجهة الحركة بمثلها، وهو ما يعني تجييش أبناء المنطقة وأبناء المذهب لمواجهتها وضربها – هكذا يقول - ) ثم يحذر الدكتور الدولة من إدارة التجييش المذهبي بمركزية لكي لا تُرتكب مجازر ؟!!!!
والمجحازر التي يدعو لها اللدكتور ومن المتوقع حدوثها ليس يهم الدكتور فيها دماء الأبرياء الذين ستجرفهم هذه المجازر وكل ما يهمه فقط هو ألا تنعكس تلك المجازر على النظام في شكل إدانة وملاحقة من قبل المحافل الدولية.
فهنياً للنظام اليمني كاتباً معارضاً كالدكتور ناصر محمد ناصر

[الهاشمية]

حذف من قبل المشاركة