زيارات الاسرائيليين السرية للسعودية

مواضيع سياسية مختلفة معاصرة وسابقة
أضف رد جديد
اشرف نجم الدين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 72
اشترك في: الأحد مايو 04, 2008 10:35 pm
مكان: اليمن

زيارات الاسرائيليين السرية للسعودية

مشاركة بواسطة اشرف نجم الدين »

لم تكن زيارة اورلي ازولاي الصحافية فى جريدة " يديعوت احرونوت " الإسرائيلية مع بداية هذا العام ( 2008) ضمن الوفد المرافق للرئيس الأمريكى جورج بوش الابن هى الأولى لزيارات الإسرائيليين للمملكة السعودية التى تضم بحوزتها أطهر الاراضى فى العالم وهى الاراضى المقدسة، ثم دعوة مفتى المملكة السعودية الشيخ عبدالعزيز ال الشيخ مجموعة من رجال الدين الإسرائيليين للمشاركة في مؤتمر مصالحة ديني سيعقد في الرياض ويجمع شخصيات دينية كبيرة من الديانات السماوية الثلاث .. واشارت التقارير الصحفية أن المفتي السعودي أتصل هاتفيا بممثل جمعية الصداقة الإسرائيلية العربية اهارون عفروني ووجه له هذه الدعوة .. ولقد كثر الحديث عن علاقات سعودية إسرائيلية قوية خاصة بعد موقف السعودية من حرب تموز 2006م المضاد لحزب الله و (مغامرته) وكيف أن السعودية أوصلت إلى إسرائيل رأيها بضرورة مواصلة الحرب حتى (إنهاء قوة الحزب).. ثم جرى الحديث عن لقاء بين الأمير بندر ـ مستشار الأمن القومي السعودي ـ ورئيس وزراء إسرائيل أيهود أولمرت وذلك في ضيافة الملك عبد الله الثاني، ملك الأردن، إضافة إلى لقاءات أخرى بين السعوديين والإسرائيليين على مستوى المخابرات. وهي لقاءات لم ينفها أولمرت
.. وهناك سجل حافل بالعلاقات المتميزه بين الكيان الصهوينى والمملكة السعودية التى تشرف على الأماكن المقدسة .. ومن خلال هذه الدراسة سنقوم برصد التطورات التى طرأت على العلاقة بين النظامين خلال الفترة الماضية مع التذكير ببداية تلك العلاقات لعلها تنفع المؤمنين
الزيارات الإسرائيلية للمملكة

إعتادت الصحافة الأجنبية فى كل فترة أن تشير إلى اخر التطورات التى طرأت على العلاقة بين الكيان الصهوينى والنظام السعودى .. وقد حمل شهر يناير هذا العام (2008 ) زيارة مراسلة صحيفة يديعوت أحرونوت إلى السعودية ، فقد اشارت الصحيفة الصهيونية في صفحتها الاولي يوم 15/1/2008 ان مراسلتها اورلي ازولاي، دخلت الي العربية السعودية ضمن حاشية الرئيس الأمريكي.. وتحت عنوان إسرائيلية فيارض الإسلام ، نشرت الصحيفة "الإسرائيلية" صورة لمراسلتها في العربيةالسعودية وقد كتب على اليافطة القريبة منها صحيفة يديعوت احرونوت .. وقالت الصحافية "الإسرائيلية" انه بعد وصول الطائرة الى مطار الرياض الدولي، قام ممثل وزارة الاعلام السعودية بمنحها بطاقة الصحافة السعودية الرسمية، لافتة الى انها افتتحت مكتبا مؤقتا للصحيفة "الإسرائيلية" في العاصمة السعودية.. ولفتت الصحافية أيضا في تقريرها الذي وصل مباشرة من الرياض، انها فوجئت عندما وصلت الى غرفة الصحافة وشاهدت لافتة وقد كتب عليها باللغة الإنكليزية صحيفة يديعوت احرونوت ، مؤكدة ان جميع هذه الإجراءات تمت بعلم وبموافقة من السلطات الرسمية في المملكة .

وأضافت اورلي ازولاي قائلة ان النبأ عن وصول صحافية "اسرائيلية" الى الرياض، اثار الفضول لدي الجميع في المكان، وبعد مرور فترة قصيرة من الزمن وصل الي المكان ثلاثة مندوبين من التلفزيون السعودي الرسمي وطلبوا منها ان توافق على المشاركة في برنامج سياسي وببث حي ومباشر في التلفزيون ووافقت علي ذلك، وقد تم تقديم الحلقة بمشاركة الصحافية "الاسرائيلية" مساء امس الثلاثاء .

واكدت الصحافية "الاسرائيلية" ان ممثل وزارة الاعلام السعودية كان في انتظارها في بهو الفندق وقال لها انه يأمل ان يتم السلام هذه المرة بين "اسرائيل" وجميع الدول العربية .
وأكدت ان المسؤول السعودي اهتم جدا بالوضع الصحي لرئيس الوزراء "الاسرائيلي" السابق ارييل شارون، وسألها لماذا توقفت الصحافة "الاسرائيلية" عن متابعة اخباره الصحية .

وقالت الصحافية ايضا، انها زارت العربية السعودية قبل حوالي عشرة اشهر برفقة الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، ولكن خلافا للمرة السابقة، اكدت ان الامور جرت هذه المرة بشكل عادي وان الحديث مع المسؤولين السعوديين تم على مرأى ومسمع جميع من تواجد في بهو الفندق وفي مكتب الصحافة، مشيرة الى انها في المرة السابقة اخفت حقيقة كونها "اسرائيلية"، لكي لا تزعج السعوديين .

وتابعت الصحافية "الاسرائيلية" قائلة انها تلقت تعليمات من المسؤولين مفادها انه يتحتم عليها وضع غطاء للرأس فيما اذا ارادت الخروج، وفعلا خرجت الي نزهة في العاصمة وكتبت عن انطباعاتها لافتة الى ان السعوديين كانوا على درجة عالية من الغضب، بسبب الحراسة الامنية المشددة من قبل قوات الامن بسبب زيارة الرئيس بوش .
كما عبرت عن استيائها من ان المطاعم السعودية لا تسمح للمرأة وللرجل الغريب ان يجلسا سوية، واشارت الي انها اضطرت الي ترك مطعم ماكدونا لدز في العاصمة لانها، على حد تعبيرها، رفضت ان تراقب مشهد قيام امرأتين سعوديتين بأكل الساندويشات بصعوبة، بسبب الحجاب !

ولم يمض سوى شهور قليلة حتى خرجت وسائل اعلام اسرائيلية تتحدث فى نهاية مارس 2008عن دعوة مفتى السعودية الشيخ عبد العزيز ال الشيخ مجموعة من رجال الدين الاسرائيليين "الحاخامات" للمشاركة في مؤتمر مصالحة ديني سيعقد في الرياض ويجمع شخصيات دينية كبيرة من الديانات السماوية الثلاث .. واتصل المفتي السعودي نهاية الاسبوع الماضي هاتفيا بممثل جمعية الصداقة الاسرائيلية العربية اهارون عفروني ووجه له هذه الدعوة.

سفراء جلالته للحوار مع إسرائيل .

وإذا استعرضنا اللقاءات السرية التي تمت بين الإسرائيليين والمملكة السعودية خلال السنوات الأخيرة ، سنجد تاريخ حافل من اللقاءات بين الكيان الصهيوني وإسرائيل .. وخلال شهر مارس 2007 رددت وسائل الإعلام نبأ اللقاء الذي جمع بين عادل الجبيرـ سفير السعودية الجديد في واشنطن ـ ونائب وزير الدفاع الإسرائيلي، افرايم سنيه، ضمن لقاءات ثلاثية منفصلة (سعودية وأمريكية وإسرائيلية) حول "مبادرة السلام" مع إسرائيل التي طرحتها المملكة، وذلك قبيل انعقاد القمة العربية .. وبينما سارعت الرياض كعادتها إلى نفي الخبر رسمياً، قائلة إن تلك التقارير : "لا أساس لها من الصحة"، أكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" : أن رواق "ديفيد وولش" ـ رئيس قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأمريكيةـ جمع الرجلين وتبادلا الحديث معاً، وحسب الصحيفة : توجه سنيه إلى الجبير ـ الذى يعد من أشد المقربين للملك السعودي ـ وصافحه قائلاً : "أنا سعيد بلقائك وجهاً لوجه.. ماذا يحدث من المشاكل في منطقتنا؟". وأجاب الجبير : "آمل أن نصعد في الأسابيع المقبلة إلى مسار إيجابي".

ولم يكن هذا اللقاء هو باكورة التلاقي السعودي بالإسرائيليين، بل سبقه لقاءات عدة ، ففي يناير 2007، حضر الأمير تركي الفيصل ـ السفير السعودي المستقيل في الولايات المتحدة ـ حفل استقبال في واشنطن برعاية المنظمات اليهودية الأمريكية. وكان ظهور الدبلوماسي السعودي حدث غير مسبوق، بحسب وصف "ويليام داروف" مدير مكتب واشنطن للتجمعات اليهودية المتحدة، الذي نظّم الحفل

وفي سبتمبر 2006، أفاضت الصحف العربية والأجنبية في الحديث عن اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء الإسرائيلي، أيهود أولمرت ، ومستشار الأمن القومي السعودي، بندر بن سلطان، في العاصمة الأردنية، كجزء من جهود جورج بوش لدعم أولمرت بعد كارثة إسرائيل في حربها أمام حزب الله، وبحسب دانيال آيالون، السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن : فإنه اللقاءالسعودي ـ الإسرائيلي الأعلى مستوى، حسب علمه.
وكانت صحيفة (يديعوت أحرونوت) قد نشرت تفاصيل اللقاء الذى تنفيه السعودية ، بين أولمرت وبندر بن سلطان.. وقد كتب المحلل السياسى الإسرائيلي الشهير شمعون شيفر فى عدد الخميس 28/9/2006 من صحيفة يديعوت أحرونوت أن لقاء أولمرت بالمسئولين السعوديين تم فى العاصمة الأردنية عمان بحضور العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني. وأضافت الصحيفة قائلة ان رئيس الموساد الجنرال المتقاعد مئير داغان، هو الذي قام بترتيب اللقاء بالتنسيق مع العاهل الأردني.

وبعد موافقة الشخصية السعودية (والذى هو هنا الأمير بندر بن سلطان) على اللقاء، قام مساعدو اولمرت بوضع اللمسات الاخيرة علي اجندة اللقاء، وبعد مرور عدة أيام ، اكد الصحافي الاسرائيلي الذي اعتمد علي مصادر رفيعة المستوي في تل أبيب، انه تم ايقاظ اولمرت من نومه في ساعة متأخرة من الليل، وعلى الفور تم نقله الي احد المطارات العسكرية الاسرائيلية، ومن هناك قامت مروحية عسكرية تابعة لسلاح الطيران الاسرائيلي بنقله الى العاصمة الاردنية عمان برفقة مدير مكتبه يورام تورب وفيتش والملحق العسكري الجنرال غادي شامني ورئيس الموساد. وعندما حطت الطائرة في عمان، كان العاهل الاردني الملك عبد الله في انتظار الوفد الاسرائيلي رفيع المستوي، ومن هناك تم الانتقال بسرية كاملة الى احد القصور التابعة للملك الاردني. واضافت يديعوت احرونوت انه بعد مرور ساعة من الزمن، بدأ اللقاء، الذي حضره قياديون سعوديون من العائلة المالكة، وتناول الجميع وجبة عشاء فاخرة.

وخلال اللقاء الذي استغرق ساعات عدة، تناول خصوصا الاخطار الناجمة عن محاولة ايران امتلاك سلاح نووي وانتشار الارهاب الشيعي في المنطقة.

وتابعت يديعوت احرونوت ان اولمرت ومحادثيه السعوديين الذين لم تكشف اسماءهم اتفقوا علي ما يبدو على مواصلة التعاون بين اجهزة الاستخبارات بشأن البرنامج النووي الايراني. وذكرت ان اولمرت قال خلال اللقاء انه لن يقوم بأي تحرك طالما ان حركة حماس هي على رأس الحكومة الفلسطينية، وطالما لم يتم الافراج عن الجندي جلعاد شليط الذي اسرته مجموعات فلسطينية في حزيران (يونيو) الماضي على حدود قطاع غزة ، وتم الاتفاق اثناء اللقاء على ان مواصلة حركة حماس التمسك بزمام الامور في السلطة الوطنية الفلسطينية، لا يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، ووافق الملك الاردني على طرح اولمرت، الذي اضاف انه على استعداد لمكافأة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن)، واطلاق سراح اكثر من الف اسير فلسطيني من السجون الاسرائيلية، مقابل اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي المأسور جلعاد شليط.

وأضاف الصحفي الإسرائيلي انه خلال اللقاء تم طرح قضية الملف النووي الإيراني، مشيرا الي ان اولمرت وافق علي طلب وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس، بضرورة تشكيل جبهة من الدول العربية المعتدلة لمواجهة ايران وسورية وحزب الله، لافتا الي ان الامريكيين كانوا علي علم بالمفاوضات السرية الجارية بين اسرائيل وبين المملكة العربية السعودية، وانها قامت بتشجيع الطرفين علي مواصلة الحوار بينهما.

ولفت كاتب المقال شمعون شيفر إلى أنه خلال فترة رئاسة داغان للموساد توثقت العلاقات بين إسرائيل ودول عربية في المنطقة وعلى رأسها السعودية بصورة كبيرة جدا .
وقالت الصحيفة الاسرائيلية ان رئيس الموساد داغان يفتخر أمام الزائرين الأجانب الذين يصلون الى مكتبه في مركز الدولة العبرية بالهدايا التي تلقاها من الزعماء العرب، مضيفة انه منذ تسلمه منصبه تمكن الموساد من اختراق العديد من الدول العربية، وقالت الصحيفة ايضا ان الملوك والرؤساء العرب قاموا باهدائه الكثير من الهدايا، وأكثرها كانت عبارة عن سيوف مرصعة بالذهب والاحجار الكريمة.

وخلص شيفر إلى أنه ليس معلوما شكل الهدايا التي تبادلها أولمرت والمسؤولون السعوديون في اللقاء الليلي السري لكن وفقا لمصادر سياسية رفيعة جدا، فإن رئيس الوزراء (أولمرت) عاد إلى البلاد فجرا متشجعا للغاية من نتائج اللقاء .

وكان أولمرت لمح في حديث الي الاذاعة العامة الخميس 28/9/2006، الى انه التقي اخيرا فردا في العائلة الحاكمة السعودية .. وردا علي سؤال لصحافيين عن اللقاء الذي اشارت اليه الصحف الاسرائيلية ، قال اولمرت لنقل في هذا الشأن اننا قررنا ان اصدر نفيا، لكنكم لستم مضطرين لتصديقه . واضاف في شأن المواضيع الاخري، عليكم تصديق كل نفي أصدره .
وفي أعقاب هجمات الـ 11 من سبتمبر ، سعى عادل الجبير ـ الذي كان يعمل بالخارجية آنذاك ـ إلى تنظيم رحلة لوفد من اليهود الأمريكيين الأعضاء في الكونجرس ، إلى الأراضي السعودية ، حتى تتوقف هجمات اللوبي اليهودي ضد المملكة على خلفية الهجمات .. ونجح الجبير ـ بحسب "جيروزاليم بوست" ـ في إقناع الملك عبد الله ، بتوجيه الدعوة لتوماس فريدمان ـ الرئيس السابق لقسم الشرق الأوسط بالواشنطن بوست, ورئيس مكتبها في إسرائيل لعشر سنوات ـ بزيارة السعودية لإجراء مقابلة صحفية مع ولي العهد السعودي آنذاك .
وفي هذه المقابلة طرح الأمير عبدالله, على فريدمان ـ كانفراد صحفي ـ المبادرة السعودية التي تحدثت لأول مرة عن الاعتراف بإسرائيل وتبادل العلاقات الدبلوماسية وتطبيع العلاقات معها, بشرط انسحابها إلى حدود 5 يونيو عام 1967, وهي المبادرة التي تم إقرارها بقمة بيروت عام 2002، لتصبح المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل. وبسبب ما تمتع به الجبير من قدرة في العلاقات العامة، أوكلت إليه (الجبير) مهمة الاتصال بالجماعات اليهودية والإسرائيلية والتنسيق معها، وحول هذا الدور قالت صحيفة "جيروزاليم بوست": إن الجبير ظل ـ منذ بداية التسعينات ـ على اتصال وتنسيق مع الجماعات اليهودية بما فيها منظمة اللوبي اليهودي الأمريكي "إيباك" وسبق أن التقى بـ ( يوسى بيلين ) حينما كان وزيراً في حكومة العمل الإسرائيلية .

وعلى صعيد متصل ، نشرت مجلة "نيويوركر" في 5/3/2007م ، تقريراً لسيمور هيرش، تحت عنوان "إعادة التوجيه" أماط فيه الصحافي الشهير اللثام عن خفايا الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة الأشد التهابا ًفي العالم ، وطبيعة المهمات التي تضطلع به حكومات عربية حليفة لواشنطن، وعلاقتها بالدولة العبرية ، سنقتطف منه فقرات متعلّقة بالسعودية، حيث يقول : إن التحول في السياسة دفع السعودية و(إسرائيل) إلى ما يشبه "العناق الاستراتيجي الجديد"، لا سيما أن كلا البلدين ينظران إلى إيران على أنها تهديد وجودي. وقد دخلوا (السعوديون والإسرائيليون) في محادثات مباشرة .

حيث يعتقد السعوديون أن استقرارا ًأوسع في ( إسرائيل ) وفلسطين سيعطي لإيران نفوذاً أقل في المنطقة، ومن ثم أصبحوا أكثر تدخلاً في المفاوضات العربية الإسرائيلية. وخلال العام الماضي، توصل السعوديون والإسرائيليون وإدارة بوش إلى سلسلة من الاتفاقات ـ غير الرسمية ـ حول توجههم الإستراتيجي الجديد، وقد شمل هذا الأمر عناصر (أهمها) : طمأنة إسرائيل إلى أن أمنها هو الأمر الأسمى، وأن واشنطن والسعودية والدول الخليجية الأخرى تشاركها قلقها حول إيران .

فلقد بدأت الرياض اتصالاتها مع الإسرائيليين والجمعيات اليهودية المؤيّدة للدولة الصهيونية في الولايات المتحدة، منذ أكثر من عقد، وهو تقارب حظي بمباركة الإدارة الأمريكية على طول الخط، ولكنه لم يكن علنياً بل ظل مقتصراً على القنوات الدبلوماسية المفتوحة بين الجهتين، وكان مهندس هذه القنوات الأمير بندر بن سلطان ـ السفير السعودي الأسبق لدى واشنطن ـ الذي اعتبرته الصحف الإسرائيلية "صلة الوصل بين الدولة الصهيونية وجيرانها.
وكان لبندر اتصالاته القديمة مع الإسرائيليين، وفي ذلك يقدّم الكاتب الأمريكي nospmiS mailliW ـ كاتب سيرة حياة الأمير السعودي ـ تلميحات إلى الطريقة التي أسس بها بندر روابطه مع الإسرائيليين .

ويرى الصحفى الإسرائيلى (ستيف رودان) فى الجيروزاليم بوست فى 17/9/1994 " أن حرب الخليج عام 1991 قد شكلت منعطفا هاما بالنسبة لصناعات إسرائيل العسكرية لأنها مكّنتها من بيع الأسلحة الإسرائيلية على نطاق واسع للولايات المتحدة وحلفائها العرب، فمثلا اشترت السعودية منها منصات إطلاق صواريخ توماهوك، وقذائف مضادة للدروع، وطائرات استطلاع بدون طيار، وأجهزة ملاحة، فضلا عن 14 جسر عسكرى صنّعتها شركة تاس الإسرائيلية سعر الجسر الواحد مليون دولار" .. ويضيف الخبيران الأمنيّان (ميلمان، رافيف) "أن إسرائيل شحنت للسعودية مناظير للرؤية الليلية ومعدات لزرع الألغام وقد أمر الجنرال شوارتز كوف قائد قوات التحالف الغربى ضد العراق بإزالة جميع الكتابات العبرية المنقوشة على الأسلحة حتى لا يكتشف أحد منشأها"

بدايات التحالف

والعلاقات السعودية الإسرائيلية قديمة، و التنسيق بينهما موجود منذ الستينيات الميلادية، أي منذ حرب اليمن (حسب الوثيقة) على الأقل .. ففي تلك الفترة رأت السعودية وإسرائيل مصلحة مشتركة بينهما في إشغال عبد الناصر وإضعافه ، وهو ماحدث في نكسة 1967م.
حرب اليمن (1962-1970)

يمكن اعتبار حرب اليمن بداية الانطلاقة في العلاقة بين إسرائيل والسعودية، فلأول مرة يلتقي مسؤولو البلدين اتصالاً رسمياً عبر جوليان إيمرى ، عضو مجلس العموم البريطاني من المحافظين الحاقدين على مصر، وعبر الوزير دنكان سانديز.. إيمري ذكر في كتابه: (الصراع على اليمن) بأنه أخبر الملك فيصل بأن نجاح عبد الناصر في اليمن يمثل خطراً على الاحتياطات النفطية وينذر بالشر، ولذا على جميع الأطراف مقاومته، وقال بأنه هو الذي اقترح على فيصل جعل اليمن مصيدة لعبد الناصر كي تستنزفه في حرب أهلية، وهذا يتطلب تشكيل إطار سياسي لمواجهة الناصرية، من خلال إعطاء دور لإسرائيل وتخفيف العداء السعودي الهاشمي، وهو ما تمّ فعلاً.

وقد نقلت صحيفة سلاح الجو الإسرائيلي فى عددها الصادر فى مايو 2008عن طيارين إسرائيليين مشاركتهم في مساعدة القوات الموالية لنظام الإمام بدر أثناء تصديها للجيش المصري الذي أُرسل إلى اليمن لدعم الثورة في ستينيات القرن الماضي.. ووفقا للصحيفة , فإن الطيران الإسرائيلي نفذ عددا من الطلعات الجوية فوق اليمن أسقط أثناءها السلاح والعتاد للقوات الموالية للإمام بدر في عملية أعطيت اسم "صلصة".
الصحيفة كشفت قيام سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ 14 طلعة جوية أسقطت أثناءها الأسلحة والعتاد العسكري والأغذية والمواد الطبية لمساعدة القوات الموالية للإمام بدر - آخر أئمة اليمن- في حربه ضد الجيش المصري وقوات الثوار اليمنيين.
وكشفت الصحيفة وثائق سرية عن ذلك وصورا لبعض الطيارين الإسرائيليين، إضافة إلى نشرها صورا لبعض من أسمتهم موالين للأمام بدر وبحوزتهم السلاح الإسرائيلي.
ويقر ايمري في كتابه بأن عدنان خاشقجي ـ الذي أصبح مقرّباً من فهد ـ بأنه كان قبل ذلك التاريخ على علاقة مع الإسرائيليين قبل أن تتضح تماماً في السبعينيات والثمانينيات الميلادية، وأنه هو الذي وفر ميزانية لشراء أسلحة واستقدام مرتزقة إسرائيليين وبريطانيين وفرنسيين وبلجيكيين وجنوب إفريقيين تم إرسالهم لليمن لدعم وتسليح القبائل اليمنية الموالية للسعودية والملكيين والمناهضة لعبد الناصر. ولكي يتم التواصل بشكل مستمر، افتتح مكتب ارتباط سعودي ـ إسرائيلي في بيروت تحت غطاء تجارى .
و تشير العديد من الوثائق الإسرائيلية إلى عمق العلاقات الإسرائيلية السعودية والتي وصفت هذه العلاقات بأنها علاقات سياسية واستراتيجية حقيقية مدعمة هذه الحقيقية بالعديد من الشهادات الإسرائيلية والتي يمكن أن نشير إلى نماذج منها:
- كتب "هيرش جودمان" مقالا ًفي صحيفة "الجيروزاليم بوست" في 12/10/1980يقول هنا كتفاهم واضح في العلاقات السعودية الإسرائيلية وخصوصاً في الفترة 1967-1973 يتعلق بإدراك آل سعود في الفترة (1967 – 1973) أنه إذا تحرشت مصر بالمملكة السعودية القليلة السكان والمتخمة بالمال والمؤيدة للغرب بشدة فإن حكام السعودية يعرفون أن إسرائيل ستتدخل للدفاع عنهم لحماية المصالح الغربية.
وفي مايو 1994 نشر خبير شؤون المخابرات يوسي ميلمان ودان رافيف بحثاً بعنوان "الأصدقاء بالأفعال" أسرار التحالف الإسرائيلي – السعودي جاء فيه "كان السعوديون رسمياً وعلنياً في حالة حرب ظاهرية مع إسرائيل إلا أن صانعي القرار في إسرائيل كانوا يدركون أن المملكة السعودية دولة تخدم مصالح إسرائيل وأن التنسيق بين آل سعود وإسرائيل يكون دوماً على أعلى المستويات وأن السعودية رغم استخدامها الخطاب المعادي لإسرائيل كانت على اتصال مستمر مع إسرائيل ففي حقل المخابرات التقى ضباط العمليات في المخابرات الإسرائيلية"الموساد " مع ضباط أمن ومخابرات الأسرة المالكة السعودية مرات كثيرة وتبادلوا وجهات النظر حول الطرق الواجب تطبيقها لإضعاف القوى القومية والتقدمية في المنطقة العربية أما المخابرات المركزية الأمريكية فكانت دوماً على علم بالاتصالات السرية السعودية الإسرائيلية وشجعتها باستمرار.
- ذكر الباحث الكساندر بلاي من معهد ترومان في مقال كتبه في مجلة العلوم السياسية الفصليـة "جيروزاليم كوارترلي" تحــت عنــوان " نحو تعايش إسرائيلي – سعودي سلمي"..إن المملكة السعودية وإسرائيل قامتا ببناء علاقة حميمة وكانتا على اتصال مستمر في أعقاب حدوث ثورة اليمن عام1962بهدف ما اسماه "منع عدوهما المشترك" أي عبد الناصر من تسجيل انتصار عسكري في الجزيرة العربية وقال في موضع آخر أنه أجرى مقابلة مع السفير الإسرائيلي السابق في لندن آهارون ريميز (1970-1965) الذي أعلمه أن الملك سعود والملك فيصل كانا على علاقة حميمة مع إسرائيل وعلى اتصال وثيق معها.
- أثناء مؤتمر عقد في واشنطن في عام 1978 يتعلق ببحث التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط أشار أحد الخبراء العسكريين الإسرائيليين إلى أنه حدثت خلال الخمسة عشر عاماً المنصرمة ثلاث محاولات على الأقل للإطاحة بالعرش السعودي عن طريق اغتيال الملك ونحن على دراية بأن المخابرات الإسرائيلية تدخلت وأحبطت محاولتين منها لإدراك الإسرائيليين لأهمية الحفاظ على نظام آل سعود في المنطقة خدمة للأهداف الاستراتيجية الإسرائيلية.
وأوضح هذا الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي أن صحيفة دافار في العام 1978 نشرت ما يعزز قوله مشيراً إلى أن عدداً من مقربي شمعون بيريز اجتمعوا مع اثنين منا لمبعوثين السعوديين وقدم الإسرائيليون فيه معلومات حول مخطط لاغتيال عدد من أفراد الأسرة السعودية المالكة مقابل تقديم النظام السعودي خدمات جليلة لإسرائيل لم يفصح عنها.
- ذكر الباحث صموئيل سيفاف في كتابه الوثائق السرية الإسرائيلية أن النظام السعودي أعلم المسؤولين الإسرائيليين تقارير استخباراتية دورية عن الأوضاع في الشرق الأوسط وتحليلها وتقييمها.
وذكر نفس الباحث أن الخاشقجي التقى مع مبعوث لبيريز في لندن في العام 1983م بحضور روبرت ماكفرلين مستشار الأمن القومي في إدارة ريجان وقدم الخاشقجي تقريراً سرياً مؤلفاً من (47) صفحة للحكومة الإسرائيلية يحتوي على تفاصيل دقيقة عن أوضاع المنطقة واقترح في تقريره إنشاء برنامج تطوير اقتصادي للشرق الأوسط يشبه خطة "مارشال" واقترح أن تدفع الولايات المتحدة والمملكة السعودية والكويت مبلغا ًوقدره (300) مليار دولار للاستثمار في إسرائيل والدول العربية التي تقبل عقد سلام معها.
وذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية بتاريخ 19/11/1991أن السفير السعودي في واشنطن الأمير بندر بن سلطان التقى مجموعة من زعماء الجالية اليهودية في نيويورك في منزل المليونير اليهودي تسفي شلوم وفيه أكد السفير السعودي أن الرياض ليست لديها تحفظات على سياسة إسرائيل في المنطقة .
مشيراً إلى أن هذه السياسة تخدم تماماً توجهات النظام السعودي وأن بندر نفسه أشرف على ترتيب زيارة سرية لوفد من أنشط عناصر الحركة الصهيونية إلى المملكة السعودية في نفس العام .. وقد ترأس الوفد الإسرائيلي ديفيد كمحي وقد تقدم الوفد بعدة مطالب وهي : الضغط على الدول العربية للتعجيل بإلغاء المقاطعة العربية وقطع المساعدات المالية عن الانتفاضة الفلسطينية ، العمل من خلال أصدقاء المملكة على وقف العمليات العسكرية في لبنان.
مبعوث فهد لإسرائيل
الخبير العسكري الإسرائيلي هيرش جودفان ، كتب للجيروزاليم بوست (12/10/1980) إن تفاهماً غير مكتوب أبرم بين إسرائيل والسعودية في الفترة الواقعة بين النكسة وحرب أكتوبر 1967-1973، يتيح لإسرائيل التدخل مباشرة وبالنيابة عن أميركا والسعودية لصالح الأخيرة في حال قررت مصر التحرّش بالسعودية المتخمة بالمال والمؤيدة من قبل الغرب. ويرى باحثون إسرائيليون بأن إسرائيل أنقذت السعودية مرتين: الأولى في بداية الستينيات من خلال مساهمة إسرائيل في حرب اليمن ضد عبد الناصر، والثانية عام 1967 حين قامت إسرائيل باحتلال سيناء وتكسير الجيش المصري. ويرى الباحث الكساندر بلاي بأن السعودية وإسرائيل أقامتا علاقة حميمة واتصالات قوية أخذت طابع الاستمرارية بعد حرب اليمن وكان الهدف المشترك هو منع عبد الناصر من اختراق الجزيرة العربية عسكرياً. وأكد بلاي بأن السفير الإسرائيلي السابق في لندن بين عامي 1965-1970 أهارون يميز قد أبلغه بعمق العلاقة التي أقامها الملكان سعود وفيصل مع الإسرائيليين في مواجهة العدو المصري، وهو أمرٌ أعاد تأكيده فرد هاليداي في كتابه " الجزيرة العربية بلا سلاطين " حيث أشار إلى أن فيصل طلب من إسرائيل التدخل لحمايته من عبد الناصر، وأن الأخيرة شحنت كميات كبيرة من الأسلحة، مستخدمة طائرات بريطانية وألقتها من الجو فوق مناطق نفوذ القبائل الداعمة للملكية اليمنية.
أوجه التطبيع
يتناول د. بشير صقر فى دراسته " قراءة فى أوراق التطبيع السعودى الإسرائيلى " عمليات التطبيع السعودي الإسرائيلي التي بدأت منذ أكثر من ربع قرن، من خلال قراءة في أوراق ووثائق مختلفة تتعرض لدور بعض أعضاء (خلية فيكتوريا) وبالتحديد الملياردير السعودى عدنان خاشوقجى الذى يستحق اسم "سفير" السعودية الطائر.. ويتقاسم بجدارة لقب " مهندس التطبيع السعودى الإسرائيلى " مع سفير المملكة السعودية الأسبق فى واشنطن الأمير بندر بن سلطان .. وعدنان خاشوقجى تاجر السلاح المعروف وصاحب الحُظْوة والوزن والصلات الوثيقة بملوك السعودية جميعا.. وبمرور الأيام نقلا ولاءهما إلى المخابرات المركزية الأمريكية وساهما بفعالية فى تموين حرب اليمن بالمرتزقة والسلاح وبإمداد الإسرائيليين بالأموال اللازمة للقيام بنقل المرتزقة وجنود المظلات من جدة وجيبوتى إلى اليمن للمشاركة فى إسقاط النظام الجمهورى الوليد.. وحيث كان خاشوقجى صديقا وشريكا فى تجارة السلاح مع ديفيد كيمحى رئيس الموساد فى أوربا وآل شويمر المدير السابق لمصانع الطائرات الإسرائيلية وتاجر السلاح ومن خلالهما تعرّف على العديد من المسئولين الإسرائيليين (بيجين، بيريز، شارون.. وآخرين) (صحيفة هازيه 15/4/1987) ، فإنه قام وبموافقة الملك فهد وتحت إشراف بندر بن سلطان سفير السعودية فى واشنطون بعديد من اللقاءات مع العديد من الحكام والسياسيين العرب والإسرائيليين وتقديم التقارير للمخابرات الأمريكية وعلى سبيل المثال تقرير كَتبه وسلمه لروبرت ماكفرلين مستشار الرئيس لشئون الأمن القومى فى 17/5/1983 من 47 صفحة يزعم فيه " أن جميع الدول العربية تعترف ضمنا بأن القدس ستبقى فى أيدى إسرائيل عند إبرام تسوية " (صموئيل سينان- الصحفى الإسرائيلى فى كتابه عن العلاقات الإسرائيلية).
جاءت علاقات كل من : كمال أدهم وعدنان خاشوقجى مع رئيس الموساد ديفيد كمحي وآل شويمر المدير السابق لمصانع الطائرات الإسرائيلية بالتعاون مع الأمير بندر بن سلطان والملك الراحل فهد بن عبد العزيز، والذين اشتهروا فى الثمانينيات باسم (خلية فيكتوريا)، تلك الخلية التى كانت تتاجر فى السلاح وتبيعه ومنها صفقة الأسلحة الشهيرة لإيران وهى ذاتها الخلية التى هربت يهود الفلاشا من أثيوبيا إلى إسرائيل .
وقد اعترف خاشوقجى فى عيد ميلاده الـ55 والذى احتفل به فى مدينة السينما "كان" لمراسلة صحيفة يديعوت أحرونوت بالقاهرة (سامدار بيرى) أن (عملية موسى) لتهجير يهود الفلاشا الأثيوبيين إلى إسرائيل والتى نفّذتها الولايات المتحدة وإسرائيل والسودان عبر الأراضى السودانية قد تمت فى منزله خلال اجتماع سرى عُقد فى مزرعته الخاصة بكينيا عام 1982 وحضره كل من جعفر نميرى و شارون وزوجته و نيمرودى وزوجته وآل شويمر، ورئيس المخابرات الإسرائيلية ناحوم إمدونى) (مجلة الدستور20/8/1990) وتواصل سامدار بيرى حديثها عن التعاون الأمنى بين خاشوقجى والإسرائيليين قائلة [إن خاشوقجى نصح الإسرائيليين بقوله: أَقْترِح أن تُسلّموا السلطة إلى صديقىإريل (يقصد أرئيل شارون) وعندئذ سيكون كل شئ على مايرام]..
التبادل التجارى
وعن عمليات التبادل التجارى يقول ألكسندر بلاى فى جريدة "جيروزاليم كوارتلى": إن النفط يغادر الموانى السعودية وما أن يصل إلى عرض البحر حتى يتم تغيير مسار القافلة وتفريغ حمولتها فى عرض البحر وتزييف أوراقها وتحويل الحمولة إلى الموانى الإسرائيلية ..
وأشارت مجلة الإيكونوميست البريطانية إلى أن إسرائيل تقوم بحماية النفط السعودى الذى يضخ من ميناء ينبع على البحر الأحمر، وعملا باتفاق سرى إسرائيلى سعودى مصرى فإن إسرائيل تقوم بموجبه بحماية القطاع الشمالى من البحرالأحمر بينما تقوم مصر بحماية القطاع الجنوبى والغربى مقابل حصولهم على مساعدات مالية سعودية .
ولا يقتصر الأمر على علاقات سرية بهذا الاتساع والعمق فى تجارة السلاح والنفط بل تجاوزها إلى مجالات أخرى متعددة منها قيام الشركات والحكومة السعودية باستيراد أجهزة كمبيوتر إسرائيلية ماركة (ياردين) لرىّ حدائق الأمراء والحدائق العامة (يديعوت أحرونوت 16/12/93)، ومنها عقد اتفاقيات رسمية لتصدير الحمضيات الإسرائيلية (برتقال-ليمون) عبر الأردن (معاريف 4/1/95)، بينما تذكر صحيفة معاريف فى 29/10/93 أن شركة سعودية اتصلت بمكتب المجلس المحلى لمستوطنة (كرنى شمرون) وأبدت استعدادها لشراء شقق سكنية بالمستوطنة، ليس هذا فقط بل إن المفاوضات التى جرت مع دولة قطر لتزويد إسرائيل بالغاز الطبيعى قد خلقت تنافسا بين رجال الأعمال العرب بحيث أبدى رجال الأعمال السعوديين الموجودين حاليا فى زيارة لإسرائيل اهتماما على مايبدو ليس فقط بعقد صفقات نفط بل أيضا ببيع الغاز الطبيعى (دافار 1/2/1994).
ويبرز الخبير العسكرى (سليج هاريسون) فى كتابه (الحرب ذات الكثافة المحدودة) أبعاد عمليات التمويل وطرقها قائلا (إن مصدرا رفيعا فى المخابرات الأمريكية أبلغه على سبيل المثال أن المخابرات الأمريكية دفعت 35 مليون دولارعام 1986 لإسرائيل من الأموال السعودية لشراء بعض الأسلحة التى غنِمتْها إسرائيل من الفلسطينيين أثناء غزوها لبنان عام 1982 ثم قامت بشحنها جوا إلى باكستان لتوزيعها على المجاهدين فى أفغانستان) ( مداولات مجلس الشيوخ الأمريكى عام1987 ص203). وتضيف النيويورك تايمز فى 6/3/1987 " أن آل سعود يستخدمون البنك الأهلى التجارى بجدة الذى لا يخضع لرقابة مؤسسة النقد السعودية لتمويل ديبلوماسيتهم الصامتة فى العالم العربى والإسلامى ولخدمة المصالح الأمريكية، ويقوم البنك بالتالى بإرسال الأموال إلى ميامى فى أمريكا من خلال بنك آخر هو A.B.C فى جزر الكيمان ".
التطبيع الرياضى
أما عن المجال الرياضى فقد نشرت صحيفة البوست فى 24/7/1989 " أن فريق نشْءْ وادى شارون الإسرائيلى لكرة البيسبول قد التقى مع الفريق السعودى فى دورة رياضية فى قاعدة رامشتاين الجوية الأمريكية المقامة فى ألمانيا الغربية.
تطبيع الشيوخ
فى حين ذكرت مجلة الفجر التى تصدر فى القدس فى 14/5/1992 أن رئيس بلدية القدس (تيدى كوليك) قد اجتمع مع الشيخ إسحق إدريس مستشار الرابطة الإسلامية العليا بالرياض الذى وصل على طائرة شركة العال الإسرائيلية قادما من القاهرة وهى أول زيارة تقوم بها شخصية دينية إسلامية على هذا المستوى، وقد سلم كوليك للشيخ إدريس تمثالا من النحاس لقبة الصخرة وعبّر له الشيخ إدريس عن رغبته فى الحصول على صورة تشتمل أيضا على حائط المبكى.
مبررات الهرولة العلنية نحو إسرائيل
ويرصد الكاتب الفلسطينى عبد البارى عطوان رئيس تحرير جريدة القدس العربى العديد من المؤشرات المتسارعة حول خريطة التقارب السعودي ـ الإسرائيلي في الأشهر القليلة الماضية ، وعمليات التمهيد لمرحلة مقبلة من التطبيع والاتصالات المباشرة نوجزها في النقاط التالية:
أولا: كان الأمير تركي الفيصل سفير المملكة العربية السعودية الحالي في واشنطن ورئيس جهاز مخابراتها السابق، اول من دشن هذا التوجه الانفتاحي العلني، عندما استقبل صحافيا إسرائيليا اثناء مشاركته في منتدي دافوس الاقتصادي الذي عقد دورته الشرق الاوسطية في منتجع شرم الشيخ فى ربيع 2006، واعطي هذا الصحافي حديثا صحافيا مطولا نشره في صحيفته وتضمن مجموعة من النصائح لرئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت حول كيفية دفع عملية السلام في المنطقة. وبعدها بشهر تقريباً اكد الأمير تركي الفيصل ان بلاده تحاول اقناع الفلسطينيين بكل الوسائل باتباع اسلوب المقاومة السلمية على طريقة المهاتما غاندي، والتخلي عن الكفاح المسلح لعدم جدواه بسبب الفارق الهائل في موازين القوي لصالح الاسرائيليين.
ثانيا: فاجأت الحكومة السعودية المراقبين عندما تبنت موقفا متسرعا وواضحا ورد علي لسان متحدث رسمي باسمها ادانت فيه اسر حزب الله لجنديين اسرائيليين والتسبب بالعدوان الاسرائيلي على لبنان، وحملت الحزب مسؤولية هذا العدوان ونتائجه، ولم تدن بكلمة واحدة الطرف الاسرائيلي الذي كان يدمر لبنان وعاصمته بيروت ويقتل المئات من اطفاله. وهو الموقف الذي امتدحه اولمرت علنا، واكد انه ابرز تطور في هذه الحرب، لانها المرة الاولي التي تحظى فيها حرب اسرائيلية بتأييد عربي وسعودي بالذات، وادانه السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله الذي طالب العرب بالوقوف علي الحياد على الاقل اذا كانوا لا يؤيدون المقاومة، وقال بالحرف الواحد حلوا عنا .
ثالثا: كنت شخصيا ضيفا في برنامج نيوز نايت الذي يعتبر واحدا من اهم البرامج السياسية التلفزيونية التي تبثها محطات هيئة الاذاعة البريطانية (بي. بي. سي). واذيع البرنامج على الهواء مباشرة في الأسبوع الأخير من أغسطس 2006 في ذروة العدوان الاسرائيلي على لبنان .. وكان مصدر مفاجأتي بث البرنامج، قبل الحوار المباشر، تقريرا مسجلا ظهر فيه البروفسور مأمون فندي الذي يعتبر من اهم الكتاب المقربين من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، وقال فيه، بالصوت والصورة، ان احد اعضاء الوفد السعودي الذي التقي الرئيس بوش والسيدة كوندليزا رايس يوم الاحد 21 أغسطس قبل انطلاق الاخيرة في جولة شرق اوسطية، ابلغـــه ان السعودية واسرائيل باتـــتا تقفـــان في خندق واحد واستخدم تعبير in the same page وقال نقلا عن هذا المسؤول الذي سمح له بترديد ذلك ان اسرائيل هي اكثر دولة قدمت خدمات للمملكة العربية السعودية، خدمتها عندما اطاحت بجمال عبد الناصر الد اعدائها بهزيمته بشكل مهين عام 1967، وخدمتها عندما اطاحت من خلال حلفائها في واشنطن، بعدوها اللدود الثاني صدام حسين، عندما حرضت على غزو العراق واحتلاله، وهي الآن تحارب لهزيمة حزب الله عدو السعودية اللدود ايضا. اعضاء الوفد السعودي الذي نقل البروفسور فندي عن احدهم هم الامراء سعود الفيصل وزير الخارجية، تركي الفيصل السفير في واشنطن، وبندر بن عبد العزيز مستشار الامن القومي.
ويتضح مما سبق أن العلاقة السرية بين الكيانين أخذت طورا جديدا .. وهو ما يوضحه الكاتب الأمريكى " سيمورهيرش " الذى نشرته مجلة "نيويوركر " في5/3/2007م ، تحت عنوان "إعادة التوجيه" أشار فيه لخفايا الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ، وطبيعة المهمات التي تضطلع به حكومات عربية حليفة لواشنطن، وعلاقتها بالدولة العبرية .
يقول هيرش عن العلاقة بين المملكة وإسرائيل: إن التحول في السياسة دفع السعودية و"إسرائيل " إلى مايشبه " العناق الاستراتيجي الجديد " ، لا سيما أن كلا البلدين ينظران إلى إيران على أنها تهديد وجودي. وقد دخلوا (السعوديون والإسرائيليون) في محادثات مباشرة، حيث يعتقد السعوديون أن استقراراً أوسع في (إسرائيل) وفلسطين سيعطي لإيران نفوذاً أقل في المنطقة، ومن ثم أصبحوا أكثر تدخلاً في المفاوضات العربية الإسرائيلية. وخلال العام الماضي، توصل السعوديون والإسرائيليون وإدارة بوش إلى سلسلة من الاتفاقات ـ غير الرسمية ـ حول توجههم الإستراتيجي الجديد، وقد شمل هذا الأمر عناصر (أهمها) : طمأنة إسرائيل إلى أن أمنها هو الأمر الأسمى، وأن واشنطن والسعودية والدول الخليجية الأخرى تشاركها قلقها حول إيران.
التطبيع بالمبادرات
ظلت السياسة السعودية الرسمية ومنذ اغتيال الملك فيصل، دائما تدفع باتجاه سلام يؤدي الي الاعتراف بالدولة العبرية .. وأشار (مليمان، رافيف) فى كتاب لهما بعنوان (كل جاسوس أمير) يقولان فيه: إن جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد) قد فوجئ بتحركات مستقلة للثلاثى (خاشوقجى، نيمرودى، آل شويمر) مع العديد من المسئولين الإسرائيليين.. وكانت تلك التحركات عن طريق شارون الذى صار وزيرا للدفاع وعَلا نجمُه وأعلن فى خطاب فى ديسمبر 1981 عن امتداد مصالح إسرائيل الأمنية والإستراتيجية من أواسط إفريقيا وشمالها.. وحتى باكستان، وقد حصل الثلاثى على وثيقة سرية كتبها ولى عهد السعودية آنذاك الأمير فهد اسمها (خطة فهد للسلام) لتسليمها للسلطات الإسرائيلية ..
وينقل سايروس فانس في مذكراته عن زيارة فهد للولايات المتحدة الأمريكية وبعد تأكيد رئيسها له على التزامه الذي لا يتزعزع بأمن (إسرائيل) وحينما يسأل (الملك) فهد عن رأيه يجيب "إن هذه السنة ميمونة للتوصل إلى حل شامل للمشاكل العربية الإسرائيلية" ولم يحدث أن توترت علاقة (السعودية) مع الولايات المتحدة الحامية الأقوى لدويلة (إسرائيل) وحتى بعض المواقف (السعودية) وحتى بعض المواقف (السعودية) والتي تبدو وكأنها مخالفة لسياسة أمريكا فإن ذلك "نوعاً من الخلاف بين الأحباب" كما يعبر عن ذلك فاسيليف مؤلف كتاب العربية السعودية هكذا كانت علاقة (السعودية) مع الدول التي تحمى (إسرائيل) وهكذا كان دورها الذي لا ينسى السعودية والمشاريع الاستسلامية ..
ينقل كارتر في مذكراته أن السادات "كان يرغب أن يعلن على الملأ بأنه غير راغب في إيجاد دولة فلسطينية مستقلة وهو يرى أن وجهة النظر هذه مشتركة بينه وبين السعوديين والعرب المعتدلين" هذه مع الحقيقة التي يكتمها (آل سعود) من موفقهم من كامب ديفيد ومن عدم قيام دولة فلسطينية مستقلة فالنظام (السعودي) لا يمتلك أي مشروع جدي يقضي بحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً بل الاستسلام والتعايش مع (إسرائيل) بسلام هو مشروعهم الوحيد هكذا طرح فهد مشروعه الفاشل في (فاس) كان يحوي هذا المشروع على ثمان نقاط أهمها انسحاب (إسرائيل) من جميع الأراضي العربية التي احتلت عام 1967م بما فيها القدس وإزالة المستعمرات التي أقامتها (إسرائيل) في الأراضي العربية بعد عام 1967م وخضوع الضفة الغريبة وقطاع عزة لفترة انتقالية تحت إشراف الأمم المتحدة ولمدة لا تزيد عن بضعة أشهر وتأكيد حق دول المنطقة في العيش بسلام ومن ضمنها إسرائيل طبعاً، فقوبل المشروع بالرفض القاطع من قبل دول الرفض (سوريا وليبيا واليمن والجزائر) أما الدول البقية بما فيها الدول الخليجية فقد أيدت المشروع تبعاً (للسعودية) وما حقيقة هذا المشروع إلا دفع أمريكي لإشاعة روح الانهزام والتخاذل عن المطالبة بالحقوق المشروعة للمسلمين وخصوصاً الشعب الفلسطينية، وفي هذا اليوم لا نحتاج لإثبات الدور (السعودي) في إقرار أمن (إسرائيل) والاعتراف بها .
ثم جاءت مبادرة الأمير (الملك) عبد الله بن عبد العزيز التي كشف عن مضمونها للصحافي الامريكي توماس فريدمان لتؤسس لاول توجه عربي رسمي نحو التطبيع الكامل مقابل الانسحاب الكامل وقد اغفلت اهم ركن من اركان الصراع العربي ـ الاسرائيلي وهو حق العودة، الامر الذي جرى تلافيه لاحقا في قمة بيروت عام 2002، وبضغط سوري، عندما تبنت القمة المبادرة السعودية وتحولت الي مبادرة عربية.
وخلاصة القول فإن التمهيدات التي تجرى الآن على الأرض من أجل قبول العالم العربي والإسلامي سوف تبدأ من (السعودية) ولكن بنحو لا يريدونه أن يثير الرأي العام الإسلامي وبعد ذلك تسلك خطوة أكبر من التعامل مع (إسرائيل) من هنا جاءت الإشارات للتنبيه على الدور المشبوه الذي تمارسه السلطات (السعودية) في شأن القضية الفلسطينية.
وكانت المملكة السعودية قد اتبعت إزاءها سياستان كعادتها إحداها فى العلن للإستهلاك العربى والأخرى فى الخفاء.. بناء على نصيحة الرئيس الأمريكى ترومان للملك عبد العزيز آل سعود عام 1939 فلَمْ تخرج عن الآتى:
- الضغط على الفلسطينيين حيث ذكرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية عام 1987[أن السفير السعودى فى واشنطن بندر بن سلطان قد ذكر أن السعودية تضغط على منظمة التحرير الفلسطينية وخاصة على زعيمها ياسر عرفات لإصدار بيان تعترف فيه بإسرائيل وهو ما أكده خاشوقجى عن محاولته عقد لقاء بين عرفات وشيمون بيريز فى مؤتمر فاس بالمغرب.
- ليس هذا وفقط فقد أذاع راديو إسرائيل فى 19/11/1991 [أن بندر بن سلطان قد أعلن أن السعودية لاتعتبر نفسها طرفا فى النزاع الشرق أوسطى وهى تقوم حاليا بدور كبير لدى الأطراف العربية لحل النزاع سلميا. بينما كان بندر بن سلطان صاحب هذا التصريح يعدّ العدّة لاستقبال وفد أمريكى إسرائيلى فى الرياض بسرية تامة حيث طلب من الإسرائيليين استخدام جوازات سفر غربية، ويعتبر الوفد من أنشط عناصر الحركة الصهيونية على الساحة الأمريكية، وقد طالب الوفد المسئولين السعوديين بالضغط على الدول العربية لإلغاء المقاطعة العربية لإسرائيل، ووقْف دعم حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة، وقطع المساعدات عن الإنتفاضة، ووقف العمليات العسكرية فى لبنان والإفراج عن الطيار الإسرائيلى الأسير (رون أراد) فى لبنان (صحيفة الشعب المقدسية 2/11/1992)
- أما القنبلة التى فجّرها بندر بن سلطان فى إجتماعه مع الجالية اليهودية فى نيويورك بمنزل الملياردير اليهودى تسفى شلوم فكانت حسبما ذكرت صحيفة معاريف [كان الإجتماع سرِّيا وودودا للغاية وأكد بندر بأن الرياض ليست لديها تحفظات على سياسة إسرائيل فى مواجهة العنف فى المناطق المحتلة أى أن السعودية توافق على مذابح إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى.
- لكن الأكثر دويّا من التصريح السابق فكان تصريحا لاحقا لبندر أيضا خلال لقائه بعدد من الزعماء اليهود نقلته صحيفه هاآرتس الإسرائيلية يقول فيه: "إن السعودية غير مستعدة للقبول بالحل المبنى على إقامة دولة فلسطينية مستقلة وأنها ستؤيد فقط إقامة إتحاد بين الفلسطينيين وبين الأردن اتحاد كونفيدرالى " .
سر اهتمام السعودية بالقضية الفلسطينية
بقى أن نعرف ما هي أهداف حكام السعودية من وراء الاهتمام بهذه القضية فنذكر عاملين جعلا النظام (السعودي) يتحرك باتجاه هذه القضية..
1ـ بما أن (السعودية) قد تلبست باسم الإسلام فلا يناسبها أن تتخلى عن أهم قضية في حياة المسلمين وهي قضية الأراضي الإسلامية المغتصبة فإذا لم تتظاهر بالاهتمام بالقضية فأنها ستفقد سمعتها مما قد يسبب لها مشاكل داخلية وخارجية وفي هذا المجال .
يذكر مؤلف كتاب العربية السعودية أن "التناقض كان يمزق سياسة الرياض حيال النزاع العربي الإسرائيلي فإن الولاء للولايات المتحدة حامية إسرائيل يتنافى مع طموح الرياض إلى لعب دور زعيم العالم العربي (وحامي الحرمين)".
2ـ طبيعة الدور الموكل (للسعودية) من قبل الدول الكبرى المساندة (لإسرائيل) حيث أوكل (للسعودية) بث روح الاستسلام والخنوع والقبول بشروط الذلة وطبيعة هذا الدور يقتضى أن تمارس (السعودية) شيء، من الجاذبية في قضية فلسطين وهذا ما يؤكده وزير خارجية أمريكا السابق (كوردهل) ولا بد أن يدرك اليهود بمعنى الوجود الأمريكي في السعودية لدفعهم إلى الأمام ومدهم بالبترول وبالعون المادي باستراتيجية الحماية الممتازة وبالاستفادة من الشيخ (السعودي) بإقناع العرب والمسلمين بطرق مباشرة وغير مباشرة بإمكانية اتساع رقعة فلسطين لليهود".
دور آل سعود
وكان عبد العزيز آل سعود وأبناؤه من بعده قد تقبلوا الدور الذي رسمته له الولايات المتحدة للقيام به على مستوى المنطقة ، وذلك لقاء تأمين الحماية لنظام الحكم السعودي ، الذي يفتقر إلى التأييد الشعبي الداخلي ، وإلى الإنسجام السياسي مع محيطه الإقليمي .. فمنذ اندلاع الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي ، سعى كل منهما لتكوين شبكة من الأحلاف العسكرية والسياسية والاقتصادية لمحاصرة خصمه . وضمن ذلك السياق ، فقد تم بناء قاعدة الظهران في جزيرة العرب ، لتكون اكبر قاعدة جوية تضم عددا من القاذفات الإستراتيجية بعيدة المدى ، لتهديد جنوب الإتحاد السوفياتي.
كان ذلك هو الدور الوظيفي الأول الذي أسند للسعودية لتكون إحدى نقاط التهديد الاستراتيجي للإتحاد السوفياتي ، واستكمالا لهذا الدور ، فقد أعلن الملك سعود بن عبد العزيز عقب تسلمه عرش المملكة ، أن الاتحاد السوفياتي الذي يمثل أكبر دولة ملحدة في العالم هو العدو الأول لمملكة آل سعود ، وأن المملكة ستبذل كل جهودها لضرب أي محاولة لمد النفوذ السوفياتي إلى منطقة الشرق الأوسط .
والمفارقة الغربية ، أن بن جوريون ، أعلن من تل أبيب إعلاناً مشابها ضد الاتحاد السوفياتي ، رغم وجود سفارة الاتحاد السوفياتي في تل أبيب .. وهكذا كان الدور الوظيفي لمملكة آل سعود ينسجم تمام الإنسجام مع الدور الوظيفي للكيان الصهيوني ، وقد تطلب ذلك الدور من كل من إسرائيل وآل سعود معا ، بصورة مباشرة أو غير مباشرة خلق الإضطرابات والتعقيدات للدول العربية التقدمية ، اتفق آل سعود والإسرائيليون على تصنيفها باعتبارها دولا موالية للمعسكر الإشتراكي ، أو مراكز نفوذ للشيوعية العالمية .
ولم تكن محض مصادفة أن يتطابق الموقف السعودي مع الموقف الإسرائيلي من ثورة 23 يوليو في مصر ، حيث ناصبها الصهانية وآل سعود العداء المكشوف ، وحاولوا زعزعة النظام الجديد وخلق المشكلات له ، وحتى محاولة إسقاطه.. وقد بلغ تأزم العلاقات بين مصر وآل سعود إلى حد القطيعة السياسية في عام 1957 ، في أعقاب العدوان الثلاثي على مصر ، عندما تبنى النظام السعودي مبدأ ايزنهاور المعادي للأمة العربية وكذلك الحال في عام 1958 ، عندما تآمر الملك سعود على الوحدة بين مصر وسوريا وحاول تدبير انقلاب عسكري يؤدي إلى انسحاب سوريا من الجمهورية العربية المتحدة وكان من نتائج انكشاف الدور السعودي المخزي في تلك المؤامرة ، قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجمهورية العربية المتحدة ومملكة آل سعود .. وعقب اندلاع الثورة الاشتراكية ضد النظام الإمامي المتخلف في اليمن ، هبت مصر لنجدة قوى الثورة ، بينما انحاز آل سعود إلى جانب النظام الملكي المتخلف ، وساندوه بكل الإمكانات المالية والعسكرية ، وكمكافأة من الولايات المتحدة لآل سعود على مشاركتهم في الحرب ضد الجيش المصري ، قدمت لمملكة آل سعود مساعدات عسكرية بقيمة 500 مليون دولار .
وبعد أن أعلنت بريطانيا عام 1978 ، عن عزمها على الإنسحاب من منطقة الخليج ، عمدت الولايات المتحدة إلى محاولة ملء الفراغ الاستراتيجي الناجم عن انسحاب البريطانيين من المنطقة . واعتمدت لهذه الغاية على مملكة آل سعود وجعلتها ركيزة أساسية لوجودها الإقليمي وحماية مصالحها ، بتكامل وانسجام مع الركيزة الأمنية التي يمثلها شاه إيران .
وقد ظل آل سعود ينهضون بهذا الدور الوظيفي رغم تقلبات الظروف العاصفة التي شهدتها المنطقة في السنوات التالية ، وخاصة حرب أكتوبر 1973 ، واتفاقات كامب ديفيد بين السادات وإسرائيل ، ثم اندلاع الثورة الإسلامية في إيران وسقوط الشاه الحليف لآل سعود ، واندلاع الحرب العراقية الإيرانية .
وليس سرا أن نظام آل سعود قد لعب دورا مركزيا في تشكيل التحالف الأمريكي ضد العراق في عام 1990 ، فلقد فتح آل سعود أراضي جزيرة العرب لتكون مسرحا لتشكيلات عاصفة الصحراء وعملياتها .
كان لدى الأمريكيين والبريطانيين بعض التخوفات من أن يتمنع آل سعود عن السماح للقوات الأجنبية بالمرابطة على أراضي جزيرة العرب الإسلامية لضرب دولة عربية ومسلمة . وكانت المظاهرات تملأ شوارع الوطن العربي ضد العدوان الأجنبي الوشيك على العراق ، وناشدت الأمة حكام السعودية أن لا يسمحوا للجيوش الغازية الأجنبية أن تدنس ديار الإسلام ، وأن تنطلق منها لتدمير بلد عربي مسلم ، غير أن أمراء آل سعود أصموا آذانهم عن كل نداءات العرب والمسلمين ورحبوا بالجيوش الأجنبية في أراضيهم ومياههم الإقليمية ، وشاركوا بجيشهم في الحرب لتدمير العراق ، دون مراعاة لحرمة ديار الإسلام أو حرمة الدماء العربية المسلمة .
السيناريو نفسه ، كرره آل سعود في حرب الخليج الثانية التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها لاحتلال العراق ونهب خيراته والتسلط على الشعب العراقي ، لقد كانت أراضي الجزيرة العربية وموانئها نقطة انطلاق العدوان الأجنبي الثاني على العراق الذي ما زالت فصوله العسكرية في مملكة آل سعود لتدمير المدن والقرى العراقية ، ولإيقاع المئات من الضحايا العراقيين الأبرياء.
لقد كان آل سعود أوفياء لحلفهم غير المقدس مع الولايات المتحدة ، ونهضوا على الدوام بالدور الذي رسمه لهم الأمريكيون في كل مرحلة من المراحل ، وعند كل ظرف من الظروف الإقليمية المستجدة ومن جانبهم ، فقد نظر الأمريكيون على امتداد العقود الماضية إلى البنية السياسية السعودية من واقع كونها تجلب المنفعة للأمريكيين وتخدم أهدافهم القريبة والبعيدة في المنطقة بقدر ما تخدم مصالح حليفهم الصهيوني .
العميل النفطي
أما الدور الوظيفي الثاني لآل سعود ، وهو دور لا يقل أهمية وخطورة عن الدور السياسي ، فهو يتعلق بالنفط ، السلعة الاستراتيجية الأكثر أهمية على المستوي العالمي ، وخاصة بالنسبة للغرب ، فقد رسم ذلك الدور بدقة لآل سعود ، التزموا بتطبيق بنوده بما يرضي أسيادهم الغربيين والدول الصناعية الكبرى ، دون اعتبار كبير لمصالح شعب الجزيرة العربية أو الدول الأخرى المنتجة للنفط والتي تنتمي في غالبيتها إلى الدول النامية التي يشكل النفط العماد الرئيس لاقتصادها .
طلب الأمريكيون من آل سعود أن يحافظوا على استمرار تدفق النفط في شرايين الدول الصناعية الغربية ، طارئ لأي سبب من الأسباب ، حتى لا يؤثر ذلك سلبا على نمو الاقتصاد الغربي .
تعتبر مملكة آل سعود أكبر مصدر للنفط في العالم ، حيث تزيد صادراتها عن 13.5 مليون برميل يوميا أي ما يعادل 45 بالمائة من إجمالي صادرات منطقة ( أوبك ) التي تضم ست عشرة دولة منتجة للنفط . كما تضم أراضي جزيرة العرب اكبر احتياطي نفطي مكتشف في العالم وهو ما يعادل 26 بالمائة من إجمالي الإحتياطي النفطي العالمي .
هذه الوضعية من التفوق في مجالي الإنتاج والاحتياط ، منحت آل سعود فرصة للتحكم في مستوى الإنتاج النفطي العام لمنظمة أوبك .. وكذلك التحكم في معدل الأسعار العالمية للنفط . وقد وضع آل سعود هاتين الميزتين الخطيرتين في خدمة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين ، على حساب مصالح الدول المنتجة للنفط .
فبالرغم من الإرتفاع الهائل في قيمة السلع الصناعية المنتجة في الغرب عموما ، فقد حافظ آل سعود على تجميد أسعار النفط العالمي عند الحدود التي كانت سائدة منذ ثلاثة عقود ، الأمر الذي يستهلك غالبية الإنتاج العالمي من النفط .
وإذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون قد جنوا مئات المليارات من الربح الإضافي نتيجة لانخفاض أسعار النفط ، فإن الدول المنتجة للنفط ، بما فيها مملكة آل سعود ، قد خسرت مبالغ مساوية لتلك الأرباح الإضافية .
وفي العادة فإنه مع كل ازدياد للطلب العالمي على النفط تشهد أسواق الخام ارتفاعا في الأسعار موازيا لزيادة الطلب ، وهنا بالضبط يتدخل آل سعود ليعلنوا زيادة إنتاجهم من النفط لتجميد أسعاره عند حدودها السابقة ، مع ما يترتب على تلك القرارات من أضرار فادحة تلحق بالدول المنتجة للنفط.. ووفق تقرير أمريكي صدر أواخر عام 1981 ، فإن ( السعودية ترى أن سياسة الاعتدال والتعاون النفطية تجاه الغرب ، تمثل الوفاء بتعهداتها إزاء صفقة الحماية الأمريكية لنظام حكم آل سعود ) .
والى جانب تجميد أسعار النفط العالمي ، فإن آل سعود يتبعون عادة سياسة تقوم على إغراق السوق العالمي بكميات من النفط تفوق احتياجاته العملية ، بحيث تفقد الدول المنتجة للنفط القدرة على السيطرة على الأسعار ، وتصبح الدول الصناعية هي التي تتحكم بسوق النفط العالمي . وتعاقب الدول النامية المنتجة للنفط في حال تمردها على الأسعار المقررة من قبل السعودية . أو حتى في حال نشوب خلاف سياسي بينها وبين الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة .
لقد استمرت الحرب بين العراق وإيران لمدة ثمانى سنوات وتضررت مرافقهما النفطية ، وانخفضت قدرتها التصديرية ، وكانت التوقعات في بداية الحرب تشير إلى احتمال حدوث ارتفاع كبير في أسعار النفط نتيجة لانخفاض الكميات المعروضة منه في السوق العالمي ، غير أن وزير النفط السعودي الأسبق احمد زكي اليماني ، أعلن عقب بدء الحرب مباشرة عن استعداد مملكة آل سعود لتغطية أي نقص يحدث في الأسواق العالمية وكانت نتيجة العملية لذلك التصريح السعودي هو استمرار الحرب لثمانى سنوات كاملة حصدت خلالها مئات الآلاف من الأرواح ، دون أن تتدخل القوى الغربية الكبرى لوقف تلك الحرب والمعادلة كانت بسيطة للغاية : فما دامت مصالح الدول الصناعية الكبرى لم تتأثر من استمرار الحرب فلتستمر إلى ما لانهاية .
وقد ذكر أكثر من خبير سياسي أن تصريح اليماني المذكور كان مسؤولا عن إزهاق مئات الآلاف من الأرواح في الجانبين الإيراني والعراقي فلو لم يقدم آل سعود ذلك العرض السخي بتعويض النقص النفطي الناجم عن الحرب ، لسعت الدول الغربية الكبرى لوقف تلك الحرب بكل السبل لضمان استمرار تدفق النفط الضروري لتشغيل آلتها الاقتصادية .. والموقف الأكثر خطورة لآل سعود حدث قبيل حرب احتلال العراق عام 2003 ، عندما أعلنت السعودية عن استعدادها لتعويض أي نقص على سوق النفط نتيجة للحرب ضد العراق ، فقد اعتبرت دول عديدة ذلك التصريح السعودي بمثابة تشجيع للدول الغربية على الإنضمام إلى التحالف الأمريكي والمشاركة في الحرب على العراق ، بعد أن طمأن السعوديون تلك الدول إلى أن وارداتها النفطية لن تتأثر في حال مشاركتها في حرب احتلال وتدمير العراق .
هذا بعض من المسكوت عنه فى العلاقات السعودية – الإسرائيلية ، يوضح مدى تغلغل وتأصل الدور (السعودي) في خيانة القضية الفلسطينية ويذكرنا بقول والدهم عبد العزيز" لو أطاعوني أهل فلسطين لاتخذوا المطالبة بالطرق السلمية الوسيلة الوحيدة لمطالبهم".

http://www.soitalsa lam.net/news. php?readmore= 2355
__._,_.___
لبيك يا حسين

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس السياسي“