جدل السياسة البحث جار عن أدلة (علي محمد الصراري)

مواضيع سياسية مختلفة معاصرة وسابقة
أضف رد جديد
صقر اليمن
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 339
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 03, 2003 11:21 pm
مكان: صنعاء- اليمن

جدل السياسة البحث جار عن أدلة (علي محمد الصراري)

مشاركة بواسطة صقر اليمن »

الموضوع من صفحة (اَراء ومواقف)



جدل السياسة البحث جار عن الأدلة!!


4/8/2004 علي محمد الصراري
لم يدر في خلد صناع المأساة في صعدة، أن الأزمة ستأخذ هذا الوقت كله، وأنها ستستقطب المزيد من الإهتمام، سواءً على صعيد الداخل أو على صعيد الخارج.. في بداية الأمر كانت التهيؤات تسمح بتصوير ما يجري على أنه تمرد صغير تم سحقه، وقيل أيضاً إنحراف ضلالي، وفتنة، وكان الإعتقاد أن القبضة الحديدية ستسحق رأس الفتنة ومعه ستسحق الأسئلة الحائرة، ولن يبقى من ذيول الأحداث ما يسبب الحرج، فغالباً ما يصرف الناس النظر عما جرى ليهتموا بما يجري وما سيجري.. لكن الأمور لم تأخذ هذا الترتيب، وهنا كان لابد من إعادة النظر في التهمة وكذا مراجعة أسلوب التعامل مع الوضع.. إذ أن التهمة صارت أضخم مما كانت عليه في بداية الأحداث، صار الحديث الرسمي يدور الآن حول مؤامرة كبيرة، وحول أطراف خارجية تقف وراءها تستهدف الإضرار بسيادة الوطن وبمصالحه، أما من حيث الأسلوب فإن إعتماد القوة المسلحة وسيلة للتعامل مع القضية لا يزال قائماً ومعمولاً به حتى الآن، ولكن أضيفت إليها الوسائل السياسية ليس بهدف الوصول الى حل سياسي أو قانوني للمشكلة، وإنما كعوامل مساعدة لإنجاز المهمة الرئيسية التي لم تتخل القوة المسلحة عن إنجازها حتى هذه اللحظة، وللأسف أن لجنة المساعي وضعت في إطار تحقيق رغبات القوة، أي إقناع حسين بدر الدين الحوثي بتسليم نفسه وأنصاره لكي يواجهوا مصيرهم المحتوم حسب تعبير صحيفة «أخبار اليوم» التي غدت تمثل الناطق الرسمي باسم قيادة الحملة العسكرية في صعدة.. وفي حين تخلت وسائل الإعلام الرسمية عن توجيه التهم لأحزاب المعارضة وإصدار الإدانات الجاهزة ضدها، لم تتخل قيادة الحملة العسكرية عن تهديداتها لأحزاب المعارضة وصارت تتصرف كسلطة ثانية موازية، تتحدث باسم الوطن وتمتلك نفس الوسائل من المال إلى الجيش والقبائل، ولا تنقصها وسائل الإعلام أيضاً، فلديها صحيفة «أخبار اليوم» اليومية بمقابل صحيفة «الثورة» اليومية، ولديها صحيفة «الشموع» الأسبوعية بمقابل صحيفة «26 سبتمبر» الاسبوعية، وتبرر أفعالها بشرعية حب الوطن والدفاع عن الإسلام، بمقابل شرعية الدستور والقوانين. ومع كل يوم يمر تتقدم هذه السلطة الثانية الموازية خطوات جديدة في إطار مراكمة عناصر القوة لتحتل موقع السلطة الأولى، متجاوزة حدود الظلال المحددة لها من ست وعشرين سنة، أي أن هناك تدابير من نوع ما تحاول استغلال أحداث صعدة للقيام بانقلاب على النظام السياسي، وتغيير رموزه، وربما توجهاته، ويعتقد هؤلاء أن الوقت قد حان للقيام بتحرك أساسي، قبل أن تصل إليهم ترتيبات التغيير التي وضعتهم على لائحة الرحيل، أو قرار إنهاء الخدمة لإعتبارات فنية أو سياسية. وفي هذا السياق توفر تهمة المؤامرة الخارجية التي تحسب أحداث صعدة عليها، فرصة حقيقية لتوسيع قاعدة التوتر الداخلي ضمن تهيئة شروط التغيير، وجعل المجتمع ومختلف مؤسساته تنشغل بهموم وضع استثنائي غير مستقر، وبالتالي تقييد حركتها وإصابتها بالشلل لمنع أي دور لها في إيقاف أية توجهات تحاول فرض أهدافها خارج الدستور والقوانين، وبالاستناد على منطق القوة وحدها، ويغدو من يمتلك القوة غير محتاج للإنصياع للدستور والقوانين، لأنه يعتقد نفسه في موقع يمكنه من إملاء إرادته دون الحاجة إلى أي نوع من الشرعية الدستورية كغطاء لفرض تلك الإرادة. لقد أطلقت تهمة المؤامرة الخارجية في بداية الأمر كجزء من الحملة الدعائية بهدف الإسراع بحسم الموقف في صعدة، لكن الوضع لم يتوقف عند حدود ممارسة الدعاية، بل بدأ ينمو نحو إتخاذ إجراءات إستثنائية من خلال حركة إستدعاءات وتحقيقات ورصد لأشخاص كثر تقوم بها بعض الأجهزة الأمنية أو بعض أقسامها، فيما يبدو من حيث الشكل بأنه بحث عن الأدلة التي تثبت تهمة وجود مؤامرة خارجية، وهنا جرى قلب قواعد العمل الأمني رأساً على عقب، فإطلاق التهمة ينبغي أن يستند إلى وجود أدلة، غير أن هذه المرة أطلقت التهمة أولاً، وبعد ذلك يجري البحث عن الأدلة المؤكدة لها.. غير أن ما يجري على أرض الواقع لا يحتمل النظر إلى حركة الإستدعاء والتحقيقات والرصد هذه على أنها من قبيل الإستجابة الساذجة لدعاوى وجود مؤامرة خارجية، فما يجري يشير إلى وجود توجهات فكرية وسياسية معينة يعكسها الخطاب الذي تمارسه صحيفة «أخبار اليوم» وأمها صحيفة «الشموع» وهو خطاب مليء بمفردات النزعات المذهبية والتحريض ضد الحزبية والديمقراطية، والنزعات السلالية القائمة على العداء لذوي النسب الهاشمي وضد أبناء مناطق معينة، كما يجري التطرق أثناء هذه العملية إلى البحث عن نوع المعتقدات المذهبية التي يؤمن بها الخاضعون للإستجواب، وخاصة إذا ما كانت للمذهب الجعفري الإثني عشري، وكأن سلطات التحقيق هذه تمارس دورها في إطار توجهات مذهبية معينة ترفض وتحارب المختلفين معها، الأمر الذي يتناقض كلية مع روح ونصوص دستور الجمهورية اليمنية الذي يكفل حرية الإعتقاد، وينفي عن الدولة صفة الإلتزام المذهبي.. ولا يبقى أي مجال للغموض في ظل التوافق الواضح بين التحقيقات الأمنية المشار إليها، وبين العقلية التي تعبر عنها صحف «الشموع» المقابلة للصحف الرسمية، كما أن صحف «الشموع» لا تتحدث باعتبارها صحفاً أهلية مستقلة كما يفترض، بل كنفير حربي تتطاير منه تهديدات القوة العسكرية وتوعداتها، ورائحة الدماء والبارود، وتتطاير الإتهامات المنبعثة من ذلك النفير في كل الإتجاهات تتوعد أتباع المذاهب وذوي السلالات المخالفة لمذهب وسلالة من تعبر عنهم «الشموع»، وضد ذوي الميول السياسية المختلفة بمن فيهم المنتمين للحزب الحاكم، بما يجعلنا نشتم رائحة ديكتاتورية عسكرية متخلفة تحاول فرض معتقداتها المذهبية والسياسية، وتسعى لممارسة نوع من الإستئصال السلالي والجهوي، وبالتالي الدفع بهذا البلد نحو الدمار الشامل. إن البحث الجاري عن أدلة لوجود مؤامرة خارجية، ليس سوى عملية فرز مذهبية وجهوية وسلالية، ووضع أطر لخصوم الديكتاتورية العسكرية التي تتهيئأ للإنقضاض على النظام السياسي وإحتكاره بالكامل بدلاً من إحتلال وضع الشريك القوي فيه، وفي نهاية المطاف ليس لدى أصحاب هذا التوجه ما يخفونه كأدوات سلفية معجونة بالدم والبارود.. إنهم أصحاب مشروع طالباني خارج أفغانستان..

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس السياسي“