بسم الله الرحمن الرحيم
تابعت قبل أيام مقابلة في قناة العربية حول مظلومية السيد حسين بدرالدين الحوثي مع القاضي حمود الهتار رئيس عدة منظمات -عنوانها رقابة على تجاوزات الدولة منها مايعنى بحقوق الانسان ومنها ما يتعلق بعمله القضائي السابق ، وقد لفت نظري تطرقه أثناء انتقاده لحسين بدرالدين الحوثي لقضية فكرية مذهبية هي قضية حصر الامامة في البطنين في فكر المذكور وكون ذلك الحصر محل انتقاد لانه يقوم على مبدأ الحق الالهي والتوريث للملك ،
وإزاء هذا التكييف للمشكلة الفكرية التي يعاني منها السيد حسين بدرالدين الحوثي طرح مضيف البرنامج سؤالا على القاضي حمود الهتار فبدا لي محرجا له بعض الشئ حيث تسائل عن وراثة أحمد علي عبدالله صالح للرئاسة خلفا لابيه (بعد عمر طويل بالطبع) وهل رفض القاضي حمود الهتار لفكرة حسين بدرالدين الحوثي هو أيضا رفض لتوريث الرئاسة من الاخ الرئيس إلى نجله العقيد أحمد ؟
فأجاب القاضي حمود الهتار على الفور وبالقطع أن تولي العقيد أحمد علي عبدالله صالح مقاليد السلطة -إذا تم - بعد أبيه ليس من قبيل الوراثة وإنما سيتم بالانتخاب تماما كما حدث مع الرئيس بشار الاسد.
لقد تابعت هذا اللقاء باهتمام شديد كونه يتطرق إلى توضيح قضية طالما كانت مبهمة في الاعلام المحلي والعربي والدولي ولكنه فتح مجالات أوسع للتساؤل عن مغزى الحملة العسكرية والاعلامية التي يقودها النظام ضد السيد حسين بدرالدين الحوثي ، فبعد اتهامه بادعاء النبوة ثم اتهامه بالمهدوية ثم اتهامه بالدعوة للامامة ثم اتهامه برفع علم حزب دولة شقيقة ثم اتهامه برفع العلم الملكي ثم اتهامه بانزال العلم الجمهوري هاأنا ذا اليوم اسمع تهمة جديدة من القاضي حمود الهتار هي أن حسين بدرالدين الحوثي يتبنى فكرا مذهبيا معينا يقتضي حصر الرئاسة في ذرية الحسنين سبطي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويقول بنظرية الحق الالهي.
وبقطع النظر عن دقة ما ادعاه القاضي حمود الهتار على حسين بدرالدين الحوثي واتباعه من قولهم بالحصر والحق الالهي فإني استشعرت من كلام القاضي حمود إدانة صريحة لفكرة حصر الرئاسة في فئة أو عصبة أو طائفة معنة وكذلك إدانة صريحة لمبدأ توريث السلطة من الاباء للذرية..
وهذه الادانة من القاضي حمود الهتار قد تغضب الكثير من المذاهب فضلا عن الكثير من أتباع حسين بدرالدين الحوثي الذين قد لايوافقون على توصيفه .
فمثلا ما رأي القاضي حمود الهتار في حصر الرئاسة في العرق القرشي حسب ما يتبناه فقهاء المذاهب السنية الاربعة عملا بالرواية الشهيرة في صحيح البخاري "الائمة من قريش"؟
أم أنه يرى رأي الخوارج في مشروعية تولي أي كان من المسلمين للرئاسة العامة بدون اشتراط كونه قرشيا ؟
ولو أقر القاضي حمود الهتار بموافقته للخوارج في مايتعلق بالرئاسة العامة على أساس أنها ليست محصورة في عرق معين سيبقى إشكال مطروح عليه يتمثل في أن رأي الخوارج أيضا يقول بالحصر ولكن من جهة أخرى ألا وهي اشتراطه للذكورة فيمن يتولى مقاليد الرئاسة العامة ؟
فهل يوافق القاضي حمود الهتار على حصر الرئاسة العامة في الذكور دون الاناث؟
لن يبقى أمام القاضي حمود إلا ان يتبنى وجهة النظر الغربية في عدم الحصر مطلقا وإباحة تولي الرئاسة العامة لكل فرد طالما يحمل جنسية الدولة ذكرا كان أو أنثى مسلما كان أو مسيحيا أو يهوديا أو ملحدا؟
فهل يبيح القاضي حمود الهتار أن يتولى الرئاسة العامة في اليمن يهودي مثلا؟
إذا كانت إجابته برفض ذلك فسيقع في مشكلة الحصر ولكن من زاوية حصر الرئاسة العامة في المسلمين فقط دون اليهود؟
ومن زاوية أخرى سيقع القاضي حمود الهتار في مشكلة الحصر أيضا عندما يشترط في الرئيس اليمني أن يكون من أبوين يمنيين أو أن يكون يمنيا لا مصريا أو عراقيا أو إيرانيا أو فلسطينيا !! فلماذا تكون الرئاسة العامة في اليمن لليمنيين فقط دون غيرهم من المسلمين ؟ ألسنا جميعا اخوة ؟
أليست الحدود الدولية المفروضة علينا من صنع الاحتلال لتفريقنا ؟
لماذا يقدسها البعض إلى هذا الحد حتى يفرق بين الاخ وأخيه في الدين ويحصر الرئاسة في أخ دون أخيه وهما كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كأسنان المشط يشد بعضه بعضا؟
ومارأي القاضي حمود الهتار في اصطفاء الله لآل عمران على العالمين ؟
هل ذلك الاصطفاء محل إدانة أيضا من القاضي لانه حصر في عرق معين من الله ؟
الاسئلة التي أثارها القاضي حمود الهتار كثيرة لا أجد الفرصة الكافية لطرحها وأظن أن فكرتي هكذا قد وصلت ولابد من التنويه إلى أني لا أؤيد أن بالضرورة رأيا دون غيره يتضمن هذه الاسئلة انما طرحتها على القاضي حمود لعلي أحظى بإجابة شافية منه عليها
وبالمناسبة فقد شاهدت فيلما أمريكيا بالامس عنوانه Head of state رئيس الولاية حيث يناقش هذا الفيلم فكرة شروط رئيس الولايات المتحدة الامريكية وصحة تولي الصعاليك عديمي المبادئ والخبرة والاخلاق للرئاسةالعامة في البلاد ، ويحكي الفيلم كيف أن الشعب الامريكي (المتحضر) اختار صعلوكا تافها ليكون رئيسا للولايات المتحدة الامريكية بسبب تفاهته ومخاطبته لشهوات الجمهور دون اعتبار إلا لكونه يحمل الجنسية الامريكية وحصل على الدعم المالي والاعلامي اللازم.
أتساءل ماذا سيكون رأي القاضي حمود الهتار لو شاهد هذا الفيلم الامريكي 100%؟