ذكرى المولد النبوي والشكر لوالدي العلامة عصام العماد

مواضيع سياسية مختلفة معاصرة وسابقة
أضف رد جديد
ناصر ناصر
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 76
اشترك في: الأربعاء نوفمبر 26, 2014 12:43 pm

ذكرى المولد النبوي والشكر لوالدي العلامة عصام العماد

مشاركة بواسطة ناصر ناصر »

ذكرى المولد النبوي والشكر لوالدي :

في ذكرى المولد النبوي أردت أعمل بقول النبي (ص):" ((لا يشكر الله من لا يشكر الناس)) "( صحيح سنن الإمام أبي داود، تأليف الشيخ الحافظ الإمام ناصر الدين الالباني رحمه الله 3 / 913 الطبعة الأولى) , ووالدي أعزّ الناس عندي بعد والدتي , فإن لم أشكره لن أشكر الله ولا رسوله , لأنه لا يشكر الله من لا يشكر الناس , ومن شكري له أن أضع صورة مختصرة عنه وإن كانت لا تفي من حقّه عليّ ولا تستكمل ما يستحقّه منّي , ولكن ما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه .
اقول ولست ناسياً أو متناسياً فضل والدي عليّ منذ أن عرفت نفسي ففي كتابي ( المنهج الصحيح )الذي كتبته في سنة 1412 أي أنني قبل أكثر من عشرين عاماً مارست فريضة الشكر له فأهديت كتابي له وقلت :
(إلى والدي العلامة (علي يحيى العماد) الذي نهلت من علمه ومن أخلاقه..
إلى ذلك الاب العظيم الذي عاش الإسلام حقيقةً وواقعاً لا خيالاً وآمالاً..
إلى ذلك الأب العظيم الذي انبثقت سيرته وأخلاقه من كتاب الله الكريم..
إلى ذلك الأب العظيم الذي جاهد باسم الله من أجل حل مشكلات المسلمين ومن أجل أن ينشئ أبناءً يبتعدون عن الظلمات ويعيشون في ظل آيات الكتاب المبين...
اليك أُقدم هذا العمل.
ابنك: عصام)

أريد في ذكرى المولد النبوي أن أكتب عن والدي ببساطة بلا تقعّر, ولا تصنّع , ولا تفصّح , وأن أسرد ما في قلبي من شكر له .
وأهم ما أريد أن اشكره عليه أنه انشأني نشأة دينية و غرس في نفسي محبّة العمل الصالح ومودّة الصالحين و إحترام العلم والعلماء, واشكره لأنني تعلمت منه لأوّل مرة كيف تكون المقاومة من إغراءات الدنيا فقد شاهدت بعيني كيف تعرض عليه المناصب الوزارية الكبرى ولا يغتّر بها .. لقد أغراه رئيس اليمن بالملايين مقابل أن يطلب من الناس ترشيح رجل لا دين له فزهد عن الملايين ولم يلتفت إليها .
وبعد , فلا أدري , وأنا احاول أن التزم بفريضة الشكر القرآنية و النبويّة قدر ما استطيع , وأرى من إدا الشكرله أن اذكر بعض ما رأيت منه منذ طفولتي إلى يومي هذا وما بيني وبين الخمسين عاماً إلّا سنتان , وأنا أدري أن شكر النعم والمنعم علينا من أعظم مكارم القرآن الكريم والسنة النبوية و أن عدم الشكر للمنعمين علينا عبّر عنه القرآن والسنة بكفر النعمة والكفر بالمنعم علينا .
لقد نشأت ووجدت أمامي والدي هو حكيم الأسرة العمادية بلا منافس , وكان يشكو من الواقع المرّ في اليمن !! , وبسبب ذلك قرّر أن ينعزل عن المناصب السياسية الكبرى التي تولّاها في بدايات شبابه , وتركها تعبّداً لله وإيماناً منه بأنه سيخسر علمه دينه إذا تمسّك بها , لكنه كان يسعى أن يعالج ذلك الواقع المرّ في اليمن , فعلى سبيل المثال , حينما كان يسجن رجلاً ظلماً يتصّل بأصحاب القرار ويبذل كلّ ما في وسعه لتحريره و عندما سجن العلامة عبد الله هاشم الكبسي لم يهدأ له بال حتّى خرج من سجنه , وهكذا لمّا يسجن شهيد المحراب العلامة مرتضى المحطوري كان يشتغل ليلاً نهاراً حتّى يستنقذه من السجن , وفي ثمانينيات القرن الماضي سجن العلامة الصديق العزيز الشهيد الدكتور عبدالكريم جدبان الرازحي , وكان يرسلني لزيارته في سجنه , وفي يوم من الأيام جاء إليه الأستاذ (...) وقال له : إهتمامك بعبد الكريم جدبان وبمساجين أهل صعدة يعرّض حياتك لخطر عظيم فقال له والدي : وهل يجوز شرعاً يا أستاذ أن نتخلّى عن المظلومين خوفاً على حياتنا ومصالحنا , و لا انسى حينما استقبل العلامة بدر الدين الحوثي واستقبل عائلة شهيد القرآن العلامة حسين الحوثي في بيته , فهجره لأجل ذلك الأباعد والأقارب وقالوا له : كيف تأوي في منزلك عائلة محكومة بحكم الإعدام , لكنّه صار على منهجه وطريقته في نصرة المظلومين .
كان لا يسمع بمشكلة تقع في بلادنا إلّا وسافر إليها في منتصف الليل ويقول : لو أنني تأخرت في حلّها أخشى أن تراق الدماء وأكون مسؤولاً أمام الله حتّى أنّه لمّا أشتهر أمره في حلّ الفتن بين الناس , طلب منه رائيس اليمن أن يتولّى القضاء – وهذا ما كان يرفضه والدي منذ قرابة نصف قرن -في البلاد أو أن لا يتدخل في حلّ مشاكل الناس , لا سيّما بعد أن سمع رئيس اليمن أن الناس يتركون المحاكم الرسمية ويذهبون إلى منزله , بل أنه أرسل إليه من يقنعه أن يتولّى وزارة العدل فرفض رفضاً قاطعاً وقال : يريدون أن يعدم المظلومين بعد تأييد منّي بقلمي .
وكانت ترسل إليه قضايا الناس في أوراق طويلة مطوية , فيعتكف ليلاً ونهاراً لفكّ الغازها ويجيب عنها , ولكم طلبت منه مراراً وتكراراّ أن يجمع أجوبته في كتاب كبير ويكون بعنوان فقه المعاملات لكنه لم يجد وقتاً لذلك .. وكان يقول يكفيني أنني استنقذ بعملي هذا الناس من الرجوع إلى القضاء الرسمي فلو رجعوا إليه لذهبت أمولهم دون طائل أو حل .
وأرى أن من أساسيات تنفيذ الشكر القرآني والنبوي لوالدي أن اقول بأنني تعلمت إحترام العلماء العاملين بالقرآن والسنة النبوية منه , لا سيّما وهو في المراحل الأولى من حياته قد صار من علماء المدرسة العلمية في صنعاء ووضع العمامة على رأسه في مقتبل عمره ودرس عند كبار علماء الذاري وذمار وصنعاء , وقد كتبت مقالاً مفصلاً عن دراسته وعلمه وعن مشايخه ونشرتها في منتدى الشخصيات العلمية في موقع مجالس آل محمد ,فلن أعيد ذلك , وبالتالي لأنه من أهل العلم فكان يقدّر العلماء الربّانيين ,ولا يعرف العالم إلّا العالم .
وإلى جانب هذا كان يفرّغ جزء من وقته لمتابعة المرضى الفقراء وكم له من قصص مع المرضى حتّى أنني رأيته يحمل على ظهره بعض المرضى الذين لا معين لهم ولا نصير .
ومرة أخرى أقولها بثقة : إن من أعظم فريضة شكر النعم والشكر للمنعم علينا وهي فريضة قرآنية ونبوية أن نشكر الولدين من خلال ذكر مناقبهما ونعمهما علينا , وأن نتعلّم أن شكر الأبوين هو إحياء لتراث مهم جاء في السنة النبوية تبعاً لما جاء عن ذلك في القرآن الكريم , وأن نسعى أن نتقرّب إلى الله وإلى رسول الله من خلال الشكر لهما , لا سيّما ونحن نمرّ في ذكرى من علّمنا فريضة الشكر للوالدين ..
عصام العماد
23- ديسمبر- 2015

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس السياسي“