أ/عبدالملك العجري يرد على كتاب (الظاهرة الحوثية)للدغشي

مواضيع سياسية مختلفة معاصرة وسابقة
أضف رد جديد
الرسي اليماني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 724
اشترك في: الأحد يناير 08, 2006 4:40 pm
مكان: مجالس آل محمد
اتصال:

أ/عبدالملك العجري يرد على كتاب (الظاهرة الحوثية)للدغشي

مشاركة بواسطة الرسي اليماني »

خانته‮ ‬أكاديميتــُـه‮ ‬واستنزفته‮ ‬التفسيراتُ‮ ‬المذهبية‮.. ‬
الدغشي في الظاهرة الحوثية (١/٢)


Monday, 26 July 2010



> ككل شيء يصل صعدة متأخراً -بإستثناء الحرب التي تسابق الضوء- حصلت مُـؤخراً على نسخة رقمية من الدراسة التي أعدها د/ أحمد الدغشي عن الظاهرة الحوثية وكنت في وقت سابق قبيل بداية الجولة السادسة للحرب الأهلية قد اطلعت على حلقة أو حلقتين لا أذكر بالضبط على بعض المواقع الالكترونية من الدراسة، وكان اللقب الأكاديمي يغريني على اقتناء نسخة مطبوعة أو رقمية إلا أن الحربَ حالت بيني وبين ما أرغب فبالكاد الواحد منا في صعدة يبحث عن مغارة آمنة يأوي إليها خاصة بعد دخول الجارة الشقيقة على خط النار لتضاعف من محنة اليمنيين وَالصعداويين في الدرجة الأولى بدلاَ عن مساعدة اليمن على تجاوز محنته صار في عُرف الجارة الشقيقة كـُــلّ مبنى قائم هدفاً وكل كائن حي مستباحاً وكانوا معنا في غاية الكرم وبدا لهم أن يقتلعوا صعدة من جغرافية اليمن ، لكن صعدة كانت عنيدةً للغاية رغم جراحها المثخنة .
وعلى العموم صعدة لم تكن تتمنى هذا الجوار المؤذي ولكنه قهر الجغرافيا وإلا فإنها لا تحصل من هذا الجوار للبقرة الحلوب كما يسميها البعض إلا على الركض والرسف في حين يذهب ضرعها إلى ما وراء المحيطات.


عبدالملك العجري

ومما زاد في رغبتي أنها أول دراسة تجرى في اليمن، إضافة لندرة المقاربات العلمية التي حاولت بحث الظاهرة الحوثية رغم الجدل الواسع الذي أثارته ولا زالت تثيره، وبحسب علمي أقدم دراسة حاولت بحث الحوثية المقاربة القانونية التي قدمها الباحث اليمني عادل الذهب (2005) لنيل درجة الماجستير في إحدى الجامعات الأجنبية، ورسالة أخرى غير منشورة لباحثة لبنانية لم استطع العثور عليها وآخرها الدراسة التي نشرها مركز راند الأمريكي (2010) لمجموعة من الباحثين، والآن مركز الفجر للدراسات والبحوث بصعدة بصدد إعداد دراسة تحليلية للظاهرة الحوثية من أهم أهدافها التعريف بهوية الظاهرة الحوثية والبحث في الأسباب الحقيقية لاندلاع المواجهة والتجدد الموسمي للصراع مدعمة بالوثائق اللازمة التي يعمل المركز على جمعها.

وقبل الدخول إلى مناقشة نتائج دراسة الدغشي أحب أن أنوه إلى أني لا أقصد إلى تحسين أو تلميع صورة الحركة الحوثية ولا أمتلك أية أجندة ضد صاحب الدراسة، فالدوافع التي تدعو إلى الاهتمام بهذه الظاهرة كثيرة، فإذا كان الباحث الغربي والعربي فضلاً عن اليمني لا يعدم المبررات العلمية سياسية أو إقتصادية أو إِجتمَاعية أو أياً كان نوعها التي يحرص أن يسوقها في ديباجة مقاربته العلمية فبالأولى نحن أبناء صعدة، فالظاهرة الحوثية رغم ما لها من تداعيات محلية مباشرة وإقليمية إلا أنها تبقى لصيقة بنا أكثر والخطأ في مقاربتها وتقديرها نحن من ندفع ثمنه دما ودموعا ومن رأس مالنا البشري وليس لدينا -كما قال البعض إن لديه- بنك بشري يعوض خسارتنا في أهلنا؛ لأنها غير قابلة للتعويض واليمنيين كلهم أهلنا، والحرب أولها فكرة كما يقال ولا نريد أن يكون الفشل في مقاربة الحوثية من نصيب الاكاديميين يكفي صعدة ما تحملته جراء الكتابات المؤدلجة التي كانت تغذي عوامل الصراع وتذكي من نار الفتنة، وما أكثر الكتابات التي قذفتها الحرب إلى الساحة لتكون وقوداً للحرب القذرة على صعدة، وأذكر من بين تلك الكتب -وهي كثيرة وإنما كنموذج- التي جاءت في سياق استكمال الحرب الشاملة ضد الحوثيين والتي كان يشرف على توزيعها قيادات عسكرية من الوزن الثقيل كتاب "الزهر والحجر" و"خيوط الظلام" لعادل الأحمدي وعبدالفتاح البتول وكلاهما فساء إلا أن البتول أضرط من الأحمدي وكلا الكتابين ساقط من ناحية علمية ومن نوع الكتابات الوظيفية التي تأتي منذ البداية لخدمة أجندة طائفية ومشاريع فتنوية.

وظهر لدى نفر من الكتاب في بحث الحوثية الولع بكل ما هو عجيب وغريب وخارج عن مألوف البشر وطباع العمران فحشو كتاباتهم بالحديث عن الليالي الروحية والتنويم المغناطيسي وغسيل الدماغ والليالي الحمراء وليلة 27 من شعبان الصاخبة وَليلة الإفاضة التي يختلط فيها الجنسان وَعن غرف العرض السينمائي التي يعرض فيها الحوثي على مريديه صوراً تقريبية لجنة الفردوس والحور العين والولدان المخلدين وعن التمائم وَالحروز وَالمهدوية وطيران الحوثي ولم يستثنوا النبوة، وكان طول أمد المواجهة في الحرب قد شكل حرجاً للحكومة اليمنية، ومن أَجل ذلك أسرف البعض في تصوير تعقيدات تضاريس المنطقة الجغرافيا والطبوغرافيا والمرتفعات وَالشواهق والأحراش وَالالتواءات وَالأحقاف، كما لو أن منطقة المواجهة تم غرسها سهواً في جغرافية اليمن، وفي تصوير أحداث الحرب الأولى والصمود الأسطوري للمقاتلين الحوثيين فالواحد منهم لا يتردد في التردي من شاهق ولا يفكر بالهرب والتماس تفسيرات أكثر غرابة وأصبحت منطقة مران حيث كان يقيم حسين بدر الدين الحوثي أشبه بقلعة الأموث أو المرت للزعيم الباطني الحسن بن صباح (ت518) المليئة بالأسرار والغرائب .

وقد كشف هؤلاء عن سذاجة بالغة في الفهم والتحليل والتفسير وفي محاولة منها لفهم وتحليل الأبعاد الفكرية والعقدية والسيكولوجية للحوثية عكف فريق من مفكري السلطة على دراسة كتاب يسمى "عصر الظهور" لمؤلف يدعى الكوراني، ومع أني لم أتمكن من رؤية الكتاب حتى الآن إلا أني لم أستطع العثور على مبرر للاحتفاء الذي لقيه هذا الكتاب لدى مفكري السلطة ومن لف لفهم، لذلك كان من الطبيعي أن تكون النتيجة هي الخطأ في الفهم والتفسير والتقدير والتخطيط وتتميم دائرة الفشل التي أَحد طرفيها العسكر والطرف الآخر مفكرو السلطة بجناحيها العلماني والديني السلفي.

وعليه لا يجوز أن يكرر أكاديميونا نفس الموال وعليهم أَن يتريثوا في تقدير الاستنتاجات واستصدار الأحكام حتى لا يضاعفوا من محنتنا التي هي محنة اليمن كلها؛ لأن الأخطاء هنا تكون مضاعفة، فالباحث هنا يقف على فوهة بركان لا يتلبث بعد كـُــلّ فترة هدوء نسبي حتى يعاود نشاطه من جديد ويعاود قذف حممه البركانية الحارقة والمدمرة بخلاف ما لو كان موضوع البحث أكاديمياً صرفاً فحدود الخطأ ربما تقف عند هذا المدى.

وَبالعودة للدراسة موضوع هذه التناولة فإن أهم ما خرجت به من نتائج هي أن الظاهرة الحوثية ظاهرة معقدة اختلط فيها عناصر الفكر والسياسية والتـَــأريخ والجغرافيا والعصر والأيدولوجيا والمنافع المتناقضة وهي ظاهرة مذهبية قديمة تنتمي إلي المدرسة الزيدية الجارودية، وقد مرت بمرحلتين مرحلة التأسيس والتكوين 1990م، وسمة هذه المرحلة تربوية تعليمية والمرحلة الثانية مرحلة المواجهة المسلحة في منتصف 2004، ويعزو الدغشي عوامل ظهور الحوثية إلى عاملين رئيسين الأول داخلي ويتمثل في جذور التشيع السياسي التي تحصر الحكم في سُلالة مُعينة وفي التكوين العلمي والفكري والأيديولوجي للمؤسس حسين الحوثي وَإلى الخلاف الداخلي بين مؤسسي ما يُسميه تنظيم الشباب المؤمن والثاني خارجي ويتمثل في فكرة تصدير الثورة الإيرانية وأَن ظل التأثر بها سياسياً كما يؤكد الدغشي نفسه وعلى خلاف ما هو شايع في الوسط السني بحسب دراسة الدغشي الحوثي ليس تابعاً بالمطلق للإثناعشرية، وأكثر من ذلك تؤكد الدراسة أن الحوثي على خلاف كلي مع الاثني عشرية الإمامية، وعن البُعد الخارجي للأزمة يرى الدغشي أن اندلاع المواجهة المسلحة أتاح المجال للتدخل الخارجي بغض النظر عن إرادة المؤسس والقيادة الحالية للحوثيين، ومن أبرز دلائل التأثر بالخارج الاحتفاء بيوم الغدير وشعار الموت لأمريكا كما يرى الباحث.

هذه كانت أهم نتائج الفصول أَوْ المباحث الأربعة التي يتكون منها جسم الدراسة، إضافة إلى المقدمة وخلاصة تتضمن النتائج والتوصيات وبملاحظة نتائج الدراسة ومباحثها الأربعة فإن هناك العديد من المآخذ الجوهرية فالدغشي وأَن بدا مدركاً لمحنة البحث في (قضية معقدة) -كما يصفها- كالحوثية إلا أن الدراسة إجمالاً استنزفتها التفسيرات المذهبية والطائفية والباحث لم يكن حصيفاً بما فيه الكفاية لإخفاء ميوله المذهبية وتفضيلاته الحزبية والسياسية والقارئ العادي الذي لا يملك أية خلفية مسبقة عن الدغشي يستطيع التكهن بانتماءاته السياسية والدينية وهو أي الدغشي وإن لم يكن ملزماً من ناحية علمية بالتخلي عن قناعاته وتفضيلاته السياسية والأيديولوجية إلا أَنه يجب أن يكون واعياً لأثرها على سلامة وصحة نتائج البحث وَمنطق المنهج العلمي يفرض عليه تحييد الأيديولوجي عن العلمي وإلا سقط العلمي فريسة للإيديولوجي.

والدغشي حاصر فصول دراسته في إطار التنقل بين مفردات ومصطلحات ذات طابع طائفي (الزيدية الهادوية، الجارودية، الإثنا عشرية، الايرانفوبيا، الرافضة) وبالتالي انحصرت نتائج وتفسيرات الدراسة في هذا الإطار الضيق وحصرت معها الحوثية ضاربة عرض الحائط العوامل والتفسيرات والأبعاد الأخرى السياسية والاقتصادية والسوسيولوجي والسيكولوجية المحتملة مثلاً دور أحداث سبتمبر أيلول 2001 على الحوثية والعلاقة بينها وبين النظام كما عملت الدراسة الأمريكية لراند، والقضية المحورية التي ترتكز عليها نتائج وتفسيرات الدراسة ما يتعلق بالموقف المتشدد للحوثي من الصحابة، وعلى هذا الأساس يرى الدغشي الحوثية امتداداً للزيدية الجارودية التي تلتقي بحسب الدغشي مع الاثنى عشرية في الموقف من الصحابة وبصرف النظر عن التوظيف السياسي الذي رافق هذه التسميات الطائفية نفترض براءة الدغشي منها إلا أَنه تفسير يصادر حقيقة الخلاف حول هوية الجارودية ويجعل منها مسلمة تـَــأريخية وهي ليست كذلك، وسوف نتطرق إلى البت في حقيقة هذه الفرقة وغيرها من الفرق التي تعود مؤرخو الفرق والتيارات الإسلامية ذكرها على أنها تتقاسم الزيدية في الحلقة الثانية، وبإعتقادي أن فكرة الجارودية والانتماء للزيدية فكرة متشوشة لدى الدغشي وَالجارودية نفسها بحاجة إلى تفسير فكيف تفسر غيرها.

وهناك تفسير آخر محتمل لجرأة الحوثي واللهجة الحادة في بحثه لتـَــأريخ الخلافة الإسلامية أو لتـَــأريخ الخلفاء الراشدين فمع موجة التحديث العربية وانتشار أساليب البحث العلمي في العلوم التطبيقية والإنسانية كان الواقع العربي والإسلامي البائس يدفع بالكثيرين من الباحثين في العصر الحديث إلى إعادة قراءة التـَــأريخ الإسلامي والموروث المعرفي والسياسي للمسلمين قراءة ناقدة بدون رتوش وإسقاط هالة القداسة والكهنوت على الماضي وإعادة تقييم تجربة الخلافة الإسلامية باعتبار أن كثيراً من عناصر بؤس هذا الواقع ترجع إلى موروثنا المعرفي والسياسي وهو منزع نجده عند طه حسين والعقاد واحمد أمين والعشماوي وآخرين يقول العشماوي: إن "التعرض الصحيح لموضوع الخلافة الإسلامية رغم المحاذير والمخاطر ضرورة لا بد منها لتنقية الإسلام وتصحيح تـَــأريخه.. وعرض حقيقته دون زيف أَوْ زور.. فأي زيف عنها أو زور فيها لا بد أَن يزيف التـَــأريخ "، ويضيف: "وإذا قيل إن هذا العمل يقدم نفايات التـَــأريخ وأوساخه فالعيب في التـَــأريخ الذي يحمل النفايات ويحتوي الأوساخ"، ويضيف: المسلمون جميعاً يسمعون أَوْ يقرؤون عن الفتنة الكبرى لكن أهل السنة والجماعة لا يعرفونها واضحة دون لبس... وقصارى ما يقال: إنها إجتهادات من صحابة رسول الله المبشرين بالجنة كـُــلّ كان له رأي فمن أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر لكن أحداً لا يجرؤ أن يقول: إن كـُــلّ واحد من المشتركين في الفتنة أخطأ وأَنه لم تكن ثم اجتهادات بل مطامع إلى آخر كلامه (الخلافة الإسلامية للمستشار لسعيد العشماوي)، وفي المنطق العلمي الصحابة بشر يصيبون ويخطئون وليس المنطق ملزماً باحترام مشاعر الناس كما يقول الفيلسوف رسل (1872-1970)، وقد أظهر بعض الباحثين العرب في العصر الحديث جرأة (البذاءة شيء آخر) تفوق ما لدى الحوثي في تناول أحداث القرن الأول الهجري وَالحوثي وإن كان تحليله للأحداث يخالف هؤلاء لكن من الواضح في محاضراته أن الواقع الحاضر وليس الماضي الغابر هو وراء تلك الشدة.

ومثله ما يخص تعريفه للحوثية باعتبارها ظاهرة مذهبية مع وجود تفسيرات ربما تكون أكثر واقعية فقد ينظر إليها باعتبارها ظاهرة إِجتمَاعية أفرزها الفراغ الفكري وتدني المستوى الاقتصادي والتعليمي والحرمان والتهميش الإِجتمَاعي والسياسي وقد ينظر لها آخرون على أنها أصولية إسلامية تنتمي للإسلام السياسي الشيعي أو أنها ظاهرة دينية جاءت نتيجة لقراءة معينة للنص الديني أو أنها ظاهرة سياسية تمثل الوجه السياسي للزيدية المعاصرة إلى آخر ما هنالك من تفسيرات -ليس هنا محل مناقشتها- تتعدد بتعدد الخلفيات النظرية والأيديولوجية إلا أن المحللين السياسيين والإِجتمَاعيين في تحليلهم للظاهرة الحوثية يتفقون على إلتماس الأسباب في الواقع الإِجتمَاعي والسياسي والاقتصادي المعاصر المحلي والإقليمي والعالمي وحده الدغشي لا يستطيع أَن يرى الحوثية إلا في دائرة الماضي وفي إطار الماضي يختزلها في قضية واحدة هي قضية الصحابة وعلى ما يبدو الدغشي في دراسته كان يحمل هَمين هُما كـُــلّ ما يشغل وسطه المذهبي الهم الأول: الصحابة، والثاني: الاثناعشرية وإيران.

لا أنكر أهمية الماضي في تفسير الظاهرة الحوثية وغيرها من الظواهر سياسية وثقافية في عالمنا العربي المشدود بقوة إلى الماضي لكن ليس إلى درجة إهمال الحاضر وبات من غير المقبول في الأوساط العلمية والدراسات الإِجتمَاعية التفسيرات التي ترجع الظواهر إلى عامل واحد، ومع أن الدغشي قد أشار في بداية دراسته إلى أن الظاهرة الحوثية ظاهرة مركبة ولكنه تحت تأثير الهمين السابقين بدا غير مدرك لذلك في كثير من الأحيان، والمشكلة أن الدغشي في توصيات دراسته يوصي السلطة التعامل مع الحوثية بوصفها ظاهرة مذهبية معقدة قدرية قديمة، وأحب أن أقول للدكتور: إن السلطة أو الجناح السلفي فيها والذي أوكلت إليها مهمة التعامل مع الأزمة في صعدة تعاملت معها على هذا الأساس وكانت النتيجة ما تعرفه ونعرفه جميعا فلم تكن السلطة بحاجة لتوصيته؛ لأنها تحصيل حاصل، أَيضاً يدعو الدغشي كلاً من السلطة والحوثي إلى الاحتكام الفعلي للدستور والقانون وما من شك في ضرورة الالتزام بنصوص الدستور والقانون لتحقيق الاستقرار، لكن أحب أن أذكر الدكتور بأَن النتيجة التي توصلت لها دراسة عادل الذهب وَالتي عنيت ببحث مدى شرعية وقانونية الحملة العسكري تنص -بناء على بعض المعطيات-على أن الحكومة اليمنية هي من بدأت الحرب وأنها أي الحرب حرب غير قانونية ولا شرعية وأَن الحوثي لم يكن مجرماً ولا إرهابياً وأَن هناك شكوكاً كبيرة بأَن الرئيس اليمني اصطنع الحيل لاقتراف جرائم حرب ضد الشباب المؤمن، وعليه أوصت الدراسة بضرورة تجميد العمليات العسكرية التي سبق أنها غير شرعية في منطقة الصراع إضافة لتشكيل لجان مستقلة للتحقيق في ادعاءات جرائم الحرب، والأغرب من كـُــلّ ذلك ما يعتقده الدغشي أن مما يتعارض مع جوهر النظام والقانون الاحتفال السنوي بعيد الغدير وأَن الشعار يمثل إستفزازاً للنظام السياسي وتحدياً للسيادة الوطنية وبصرف النظر عن تقييمنا الشخصي لهذه الممارسات لا أدري عن أي نظام وعن أي قانون وعن أية سيادة وطنية تتحدث إلا إذا كنت تقصد بالنظام والقانون الأعراف المذهبية والقبلية الحاكمة للبلاد!!، ربما ولا أدري إن كانت قد مرت بك -كما يفترض باعتبارك انك قد اجريت دراسة عن الحوثية- المعلومة التي تؤكد أن الحوثية/ حسين ومن بعده عبدالملك طالبت أكثر من مرة باستصدار قانون يجرم الشعار وهُم على استعداد للالتزام، وأعتقد أن من السذاجة حديثك عن السيادة الوطنية فأيهما يعد تحدياً للسيادة الوطنية، مجموعة عبارات تندد بأمريكا وإسرائيل أم الطائرات الأمريكية التي تضرب في عمق الأراضي اليمنية وتستهدف المدنيين وتستخدم قنابل انشطارية، كما تقول منظمة العفو الدولية، والانتهاكات السافرة للسيادة الوطنية من قبل العربية السعودية في البر والبحر الجو ومرة أخرى، أعود بك إلى دراسة الذهب وهو رجل قانون، فقد أشار إلى وجود تمييز عنصري في القانون اليمني، فقانون الأحزاب والتنظيمات السياسية يحظر إنشاء أي حزب يعارض النظام الجمهوري، وهذا القانون يلوم أولئك الناس الذين يعتقدون أن النظام غير الجمهوري (الإمامي) أفضل لليمن (ترجمة للدراسة خاصة بمركز الفجر) هذا رأيه وليس رأيي.

وفي مقال سابق نشرته صحيفة الوسط العدد (285) تحت عنوان "رهاب الإمامة والثقافة الواصمة" أشرت فيه إلى أن قضية أهل البيت عند الحوثي قضية معرفية.

فالحوثي كان بصدد نظام معرفي بديل للنظام المعرفي التقليدي العقدي والفقهي يقوم على مبدأ الشهود الإلهي أو الحضور الإلهي الذي تباينت المدارس التراثية للفكر الديني تبايناً شديداً في تصورها له بشكل خاص في المجال الوجودي "الانطولوجي" الذي استأثر باهتمامها إلى حد ابتلاع أَحد الوجودين (الإلهي-الطبيعي) للآخر، وغاب هذا المبدأ عن المجال العرفي "الايبستمولوجي" وغيابه كما يعتقد الحوثي أدى إلى إشكاليات معرفية وأخطاء منهجية قاتلة.

فبحسب الحوثي الآلية التي اعتمدها أصول الفقه لتحليل الخطاب القرآني غيَّـبت الله عن العملية الاجتهادية كعملية تفاعلية بين النص الديني والمجتهد تحكمها ضوابط مادية تحول معها القـُـرَآن أشبه بمدونة قانونية أفقدته سلطته أو حيويته الرمزية ومن ناحية ثانية الاجتهاد الفردي فتح الباب على مصراعيه لثقافة الفرقة والتباين الحاد في وجهات النظر تعذر معه الحد الأدنى من الإِجتمَاع على القضايا الكبرى وخلق فوضى تشريعية تهدد الاستقرار السياسي والإِجتمَاعي، والتمزق النفسي والفكري للإنسان العربي.

ويقترح ضرورة تنظيم عمل المرجعية الدينية والقيادة الروحية لأهل البيت للحد من سلبيات الفردية في العملية الاجتهادية بالمفهوم التقليدي.


بالإضافة لما سبق هناك مأخذ منهجي يهدد نتائج دراسة الدغشي يتعلق بكفاية المعلومات بمعنى أن المنهج العلمي يشترط لإمكانية إجراء أي بحث أن تتوفر له المعلومات والبيانات الكافية التي تمكن الباحث من اتخاذ القرار واستخلاص النتائج وعدم كفاية المعلومات عيب منهجي يؤثر على سلامة البحث وصحة نتائجه، ونظرة واحدة إلى قائمة المراجع التي اعتمدت عليها الدراسة تبين أن الدراسة أهملت المصادر الأساسية التي تمثل الحوثية وتعبر عنها في مختلف الجوانب الثقافية والسياسية والإِجتمَاعية وأية دراسة علمية لا يسعها الاستغناء عنها في بحث القضية الحوثية فباستثناء (11) محاضرة من مجموع محاضرات حسين الحوثي أغفلت الدراسة:

1- الحوارات والمقابلات التي أجراها عبدالملك الحوثي الزعيم الحالي للحوثية مع وسائل الإعلام المسموعة والمرئية المطبوعة والالكترونية كثيرة تغطي مختلف جوانب وأبعاد الأزمة سياسياً وإِجتمَاعياً واقتصادياً وفكرياً اللهم باستثناء أربع مقابلات.

2- المواقع الالكترونية الرسمية للحوثية (المنبر نت- صعدة أون لاين -أنصار الله)، وعلى افتراض أن الموقعين الأخيرين تم إنشاؤهما حديثاً بعد تـَــأريخ صدور الدراسة فالمنبر نت أقدم موقع للحوثيين ورد ذكره مرة واحدة فقط وفي نفس الوقت تكررت الإشارة إلى أسماء مواقع وصحف ذات توجه أيديولوجي يخاصم الأيديولوجية الحوثية، ومع أن الحوثية لا تملك صحيفة رسمية تعبر عنها إلا أن هناك صحفاً تظهر بعض التعاطف مع الحوثية كان يمكن أن تعطي بعض التوازن للدراسة إلا أن الدراسة تعمدت إغفالها بالمطلق.

3- بيانات المكتب الإعلامي لعبدالملك الحوثي على أهميتها ويزيد من أهميتها إذا عرفنا أنها تواكب كـُــلّ الأحداث ذات العلاقة المباشرة بالأزمة وغير المباشرة الداخلية والخارجية من الأحداث التي ترى الحوثية أنها معنية بها كحركة دينية أولاً بأول، وتحاول التغلب على الحضر المفروض والتحديات التي تعيق الحوثية عن إيصال رسالتها إلى الرأي العام وإسماع صوتها للآخرين، وفي الحروب قبل الأخيرة كان بريد المكتب الإعلامي الوسيلة الأساسية والوحيدة تقريباً التي ينقل الحوثيون عبرها تفاصيل ومجريات الأحداث.

ومن ناحية ثانية اعتمدت الدراسة بدرجة أساسية على رواية عزان لأحداث تسعينيات القرن الماضي (تأسيس حزب الحق، منتدى الشباب المؤمن، الصراع الزيدي- الزيدي) وفي تفسير وتحليل الظاهرة الحوثية وإن بدرجة أَقل -ورواية عزان يمكن الاستفادة منها لكن لا يمكن الاعتماد ليس بسبب أن الحكومة اليمنية استطاعت تأمين موقفه لحسابها وإنما لأنه في رواية عزان تضخمت "أنا الراوي"، إضافة إلى مُبالغة في تصوير الدور والحجم، فقد أُتيحت لعزان فرصة في الحديث لم تتح لغيره وفي حين فضل عزان الكلامَ آثر الآخرون الصمت (هبرة- جدبان- الرازحي- محمد الحوثي)، إما لأنهم في شغل بأحداث الحاضر عن الماضي وإما تجنباً للإحراج أو حتى لا يستغل كلامهم كما حدث مع بيان علماء الزيدية بتـَــأريخ الذي استغلته السلطات في تبرير الحرب، ما سمح لعزان تفصيل الأحداث على مقاسه وتكييفها لرؤيته وتحويرها بطريقة تبرز شخصه وتظهر تميزه ويتراجع فيها الآخرون إلى الظل، وقد تسببت رواية عزان في جملة من المعلومات والحقائق الخاطئة التي ضللت الباحثين منها على سبيل المثال أَنه صار من الشائع أن عزان مؤسس الشباب المؤمن ومثلها الفكرة الشائعة والخاطئة أَيضاً (هذه عزان ليس مسؤولاً عنها) أن حسين الحوثي مؤسس الشباب المؤمن ونحن إذا شئنا أن نوزع الأدوارَ بحسب ما كان معروفاً في فترة التسعينيات فاسم حسين الحوثي ارتبط بحزب الحق ومحمد الحوثي-المؤسس الفعلي للمنتدى - منتدى الشباب المؤمن ومحمد عزان بالتراث الإسلامي والزيدي دراسة وتحقيقاً ولا أقصد هنا الحط من مكانة عزان ولكن عزان شخصية أكاديمية أكثر منها حركية.

ولا يخفى على الباحث العامل النفسي في رواية عزان وعامل الغيرة التي تنشأ عادة بين الأنداد فعزان ينظر لنفسه نداً للحوثي وبالتالي أي تقدم يحرزه الحوثي يرى أَنه يأتي على حسابه فيحاول بكل السبل التعويض بالغمز في قناة من يرى فيه منافسه أو بتضخيم الدور والحجم.

وقد أشار الدغشي وهو بصدد تحليل الخلاف الزيدي-الزيدي وأحداث العشرية التاسعة من ق20 إلى أَنه ليس بين يديه إلا رواية عزان ص23 وهذا يؤثر على تحليلاته إن لم يصبها في مقتل؛ لأن عزان مصدر غير محايد والمعلومات غير المؤكد والمستقاة من مصادر غير محايدة لا تقود إلا إلى الخطأ في التحليل والاستنتاج.

والمؤاخذات على الدراسة كثيرة أكثر من أن نأتي عليها هنا لكن يبقى أهم ما توصلت إليه الدراسة ما يخص تحول حسين الحوثي إلى الإثني عشرية والعلاقة بإيران التي تقف عند حدود الإعجاب، وهو أمر لا يشكل من ناحية منهجية بحسب الدغشي دليلاً على التبعية المطلقة لإيران فكم من معجب سُني وغير سني بالثورة الإيرانية وَبالخميني وإن كان يرى أن اشتعال فتيل الحرب أتاح المجال للتدخل الخارجي ومحاولات الاحتواء وأهمية هذا الكشف العلمي أكثر بالنسبة للمتذهبين أما من ناحية قانونية فلا قيمة لهذا الكشف فالقانون اليمني فضلا عن القانون الإنساني الدولي لا يجيز القتل على الهوية الدينية والطائفية ويجرم استهداف المواطنين بأي شكل من الإشكال على أساس طائفي.

http://www.al-balagh.net/index.php?opti ... 0&Itemid=0
آخر تعديل بواسطة الرسي اليماني في السبت يوليو 31, 2010 1:45 pm، تم التعديل مرة واحدة.

صورة

الرسي اليماني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 724
اشترك في: الأحد يناير 08, 2006 4:40 pm
مكان: مجالس آل محمد
اتصال:

Re: أ/عبدالملك العجري يرد على كتاب (الظاهرة الحوثية)للدغشي

مشاركة بواسطة الرسي اليماني »

نقد الأستاذ عبدالملك العجري
لكتاب الدغشي المسمى ( الظاهرة الحوثية ).. نقد مميز حقيقةً .. وأكثر من رائع

ونحن في إنتظار الحلقة الثانية من الموضوع

صورة

صاحب فخ
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 56
اشترك في: الخميس إبريل 27, 2006 12:07 pm
مكان: اليمن
اتصال:

Re: أ/عبدالملك العجري يرد على كتاب (الظاهرة الحوثية)للدغشي

مشاركة بواسطة صاحب فخ »

نقد موضوعي وقد لفت نظري في هذا الرد او الدراسه هو الاشاره الى عزان المطعون في انتسابه الىا لزيديه
حيث يقول الدغشي وغيره انه هو مؤسس منتدى الشباب المؤمن وهذا كلاما باطل
فالحقيقه ان منتدى الشباب المؤمن تاسس ونمى وترعرع على يد محمد بدر الدين فقد كان الشخص رقم واحد في ادارة المنتدى والمراكز الصيفيه عزان اسند له دور في تاليف المنهج انذاك وقد كان مؤلفا لاصول الفقه
اما قيادة منتدى الشباب المؤمن فقد كانت محصوره في يد محمد بدر الدين وباقي اعضاء هيئة التدريس فيه ايام مدرسة الفلاح كعلي موسى القيسي وعبدالكريم ثابت وعلي العياني وزيد علي مصلح وعبد الرحمن القاسمي والسيد العلامه احمد بن صلاح الهادي وغيرهم من من قد فارقو الحياه ولم يبق منهم تقريبا الا اثنين
لي خمسة اطفئ بهم نار الجحيم الحاطمه
المصطفى والمرتضى وابنيهما والفاطمه

ابو سكينة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 24
اشترك في: الخميس مايو 14, 2009 12:54 pm

Re: أ/عبدالملك العجري يرد على كتاب (الظاهرة الحوثية)للدغشي

مشاركة بواسطة ابو سكينة »

بسم الله
جهد باهر وانتظر ردا موثقا على خطايا الدكتور الدغشي
ومع حسن الظن بالدغشي الا انه متعصب ضد كلما هو شيعي حتى في صورته المعتدله

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس السياسي“