حوار يناقش فكر الحوثيين ومستقبل حركتهم في اليمن

مواضيع سياسية مختلفة معاصرة وسابقة
أضف رد جديد
صارم الدين الزيدي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1155
اشترك في: الأربعاء يناير 07, 2009 6:42 am

حوار يناقش فكر الحوثيين ومستقبل حركتهم في اليمن

مشاركة بواسطة صارم الدين الزيدي »

حوار يناقش فكر الحوثيين ومستقبل حركتهم في اليمن :حسن زيد الوسيط بين صالح والمتمردين لـ " الخليج " :الحوثيون أقوى على الأرض وتيار حول الرئيس لا يريد إنتهاء الحروب معهم

الأربعاء , 24 مارس 2010 م
الأمة نت / الخليج:صادق ناشر

لم يك حسن زيد مجرد وسيط بين الرئيس علي عبدالله صالح والمتمردين الحوثيين ، بل أنه واحد من الرموز السياسية التي تتعامل مع الحوثيين بوضوح ، وهو لا ينكر ذلك ، كان زيد قد بدأ وساطته لإنهاء الحرب السادسة قبل عيد الأضحى المبارك ، لكنها لم تنجح إلا في الأسابيع القليلة الماضية ، عندما توصل مع الطرفين إلى اتفاق لوقف الحرب التي استمرت لستة أشهر ، قبل أن يتركها للشيخ القبلي علي ناصر قرشة بسبب مكالمة أسيئ فهمها أو وظفت بطريقة سيئة على حد تعبيره .
في حوار أجرته معه " الخليج " يؤكد الأمين العام لحزب الحق المعارض حسن زيد أن الحوثيين لا يناهضون النظام الجمهوري ، بل أنهم يؤيدونه ، ولا يريدون الخروج عن النظام أو استعادة الملكية ، ويقول إن حسين الحوثي ، مؤسس حركة تمرد الحوثي كان معجباً بالثورة الإيرانية وبالخميني وحتى بحركة طالبان الأفغانية ، وأن مشروعه السياسي لم يكتمل بعد أن قتل في الحرب الأولى العام 2004 .
ويعتبر زيد أن الحوثيين مجددون للفكر الزيدي ، وليسوا من مذهب الإثني عشرية ، لكنه اعترف أنه حتى الآن لا يعرف ما ذا يريدون ، وما هو مشروعهم ، وتناول الحوار قضايا تتصل بمواقف الحوثيين من قضايا عدة وخفايا اتفاق السلام الذي وقعوه مؤخراً مع السلطة ، ومستقبل الحركة الحوثية وغيرها ، وهنا نص الحوار :



* كيف يمكن أن تصف اللحظات الأخيرة لإنهاء الحرب ، وما هي اللمسات الأخيرة للخروج باتفاق وقف إطلاق النار ، خاصة وأنك كنت قريباً وسيطاً للحوثيين ؟


ـ لقد كانت هناك ثلاث رسائل متبادلة ما بين عبدالملك الحوثي والرئيس علي عبدالله صالح عن طريق الشيخ علي ناصر قرشة ، آخرها كانت في 24 صفر ، وتضمنت مبادرة من عبدالملك الحوثي لايمكنها ان ترفض ، وهي المبادرة التي تنفذ الآن والمتمثلة في التزامه بفتح الطرق وإزالة التمترس وانجاز ملف الأسرى السعوديين وإخلاء المقرات الحكومية المسيطر عليها بمجرد إعلان وقف إطلاق النار .

وهناك نقطة هامة تتمثل في إطلاق جميع المعتقلين ، وهذا كان عندي منذ البداية ، وكان الرئيس موافق عليها ، ولدي وثيقة بخط الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني بالموافقة على إطلاق جميع المعتقلين بمن فيهم الذين أصدرت في حقهم أحكاماً قضائية أو ممن هم الآن أمام القضاء ، بل أن الأخ الرئيس قال بالحرف الواحد : " ماذا افعل بالمعتقلين ، هل أستمر في الإنفاق عليهم إلى ما لانهاية ؟ " .

وللأمانة فإن الرئيس كان منذ وقت مبكر جاداً في وقف الحرب ، لكن هناك تيار حوله يشعر انه لا يستطيع ان يكون له قيمة عند الرئيس إلا إذا كان علي عبدالله صالح في أزمة ، لهذا يحرصوا على خلق أزمات من العدم ، فهذا التيار يحرص على وجود الأزمات وعلى استمرارها .

المشكلة الآن أن هناك سوء فهم من قبل السلطة لطريقة تفكير الحوثيين ، وهذا ما نبهت إليه أكثر من مرة لفخامة الأخ الرئيس ، صحيح اظهروا في الآونة الأخيرة نوعاً من الذكاء السياسي ، كمبادرة وقف إطلاق النار أو تعليق العمليات قبيل مؤتمر اجتماع وزراء الخارجية العرب لدول مجلس التعاون الخليجي ومبادرتهم من الانسحاب من الأراضي السعودية قبيل مؤتمر لندن ، إلا أنهم لا زالوا يتعلمون .

لهذا تعتقد السلطة أنه بمجرد ما ان يوافق عبدالملك الحوثي على وقف إطلاق النار بشروطها فإنه ضعيف وأنه قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة ، وبالتالي كان يغريها هذا الاستمرار في الحرب والإجهاز على الحوثي ، مع ان الواقع ميدانيا على الأقل يمكن أن نقول إنه تجمد ان لم نقل إنه كان يميل لصالح الحوثي .

على الأرض فإننا إذا اعتبرنا ان الحوثيين هم جميع أبناء محافظة صعدة على اعتبار أنهم ومن حولهم تضرروا من القصف الجوي ، فهم تضرروا كغيرهم ، لكن كمقاتلين فإن الضرر الذي لحق بهم قليل جدا ، مثلاً كل من فقدوا في الصراع مع السعودية في جبل دخان والدويد والجابري ويطالبوا بهم الآن كأسرى أو على الأقل كجثث ليسوا أكثر من واحد وثلاثين شخصاً ، والذين دخلوا الأراضي السعودية وسيطروا على كل هذه المواقع كلها لا يتجاوز عددهم المائتي شخص .

عندما أعلنت السلطة أنها قتلت مائتين من الحوثيين جوار القصر الجمهوري بصعدة اقسم لي محمد عبدالسلام أنه لايمكن ان يتجمع أكثر من سبعة حوثيين في موقع واحد ولا يمكن ان يصلي إثنان معاً ، إذ أنه لو هوجما بصاروخ فإنه لا يصيب إلا واحداً منهما ، بمعنى آخر يبقى المقاتلون على مسافات متباعدة ، بحيث تكون خسائرهم اقل .

من هنا يمكنني القول إن سوء الفهم في التعامل مع الحوثيين أدى إلى طول أمد الحرب والعودة إلى مربع الصفر ، بمعنى آخر أن القضايا التي تطرح الآن هي معالجة لآثار الحرب السادسة ، كل الضحايا الذين سقطوا من اليمنيين والسعوديين وتهديد الأمن الإقليمي كان عبثاً وليس له نفع .



* لماذا اختير حسن زيد كوسيط وليس شخصاً آخر ؟

ـ لأنني كنت من البداية متماسكاً ، وحرصت على ألا اسقط وألا اخضع للحوثيين ، فقد طالبت منذ أول لحظة لاندلاع الصراع بين الجيش والحوثيين في عام 2004 الأخ حسين بدرالدين الحوثي رحمه الله بأنه إذا كان من حقك دستوريا التمسك بحق ترديد الشعار ( الموت لأمريكا .. الموت لإسرائيل ) فليس من حقك ان تمنع الدولة من الوصول إلى أية نقطة تريد الوصول إليها ؛ فهذه مسألة متعلقة بالسيادة ، لهذا كنت واضحاً في تعاملي مع الحوثيين حتى أنني شعرت في بعض الأحيان بأنني سأخسر العلاقة معهم .

بالمقابل كان تعاملي مع السلطة واضحاً ، إذ لم اقبل على الإطلاق أن أتحول إلى فرد من القطيع الذي جندتهم السلطة لكي يدينوا الحوثيين بالحق وبالباطل ، تماسكي وصدقي كان هو البارز في تعاملي سواء مع الرئيس باعتباره رئيس الجمهورية اليمنية سواء اتفقت أو اختلفت معه ، أو في تعاملي مع الإخوان الحوثيين الذي بيننا قضايا كثيرة ومشتركة وهناك اختلاف في المنهج وفي الاسلوب ، لكن الاختلاف هذا لا يعني أنني أدينهم بحسب بيئتهم وثقافتهم والمنطقة الذي عاشوا فيها ؛ إذ أن الطريقة التي تم فيها التعامل معهم جعلهم مضطرين إلى حمل السلاح ، وأنا لا أدينهم على حملهم للسلاح ، لكني لا أتفق معهم عليه ، هذا الوضوح في التعامل مع الطرفين يمكن هو الذي جعلني مقبولاً أو صادقاً إلى حدٍ ما عند عبدالملك الحوثي وإخوانه وعند السلطة .

* يتهم حسن زيد بأنه حوثي ، وهو اتهام قالته وسائل الإعلام رسمية ، فهل أنت حوثي في صنعاء ؟

ـ بعض الإخوة في السلطة يسقطون على الآخرين نفسياتهم القبلية والمناطقية ، ويرى هؤلاء أن كل من هو هاشمي فإنه حوثي ، وهناك أجهزة تعمل على خلق إرباك لعدم إنهاء الحرب في صعدة لأنها عاجزة عن تقييم الناس بشكل صحيح ، فتقييمها يتم من خلال علاقة شخصية أو من خلال اتصال ، وهذا للأسف الشديد هو الحاصل اليوم ، لهذا أنا متهم بأنني حوثي .

في الحقيقة أنا لا ارفض هذا الاتهام ، فأنا هاشمي وافتخر بهذا النسب وهذا حق كما هو من حق أي فرد يمني يعتز بنسبه ، وإذا كانت المسألة فكرية فأنا أعتبر أن حسين الحوثي قتل واعدم مظلوما وأقولها بكل وضوح ، وقلتها في كل مكان حتى عند أقرب الناس إلى السلطة لأنه لم يرتكب جريمة ، فقبل ان يلاحق التزم هو وإخوانه الذين قاتلوا معه حدود الدفاع الشرعي وفي أضيق الحدود ، بمعنى أنهم لم يعتدوا على احد ، وكانوا لا يقاتلون إلا دفاعا ، حتى الإخوان الآخرين الموجودين الآن هم يقاتلوا دفاعا وعندما وسعوا عملياتهم هم اعتبروا ان أية قوة عسكرية موجودة في أي مكان قريب منهم هي دعم للقوة الذي تهاجمهم ، وبالتالي فهم لم يستبيحوا دماء اليمنيين ولم يقوموا بعلميات اغتيالات ولا تفجيرات تستهدف دماء الأبرياء ؛ فلا اعتقد انه يوجد ما يخجل في الانتساب إليهم .

لكن مع هذا أقول للتاريخ بأنني رجل مسالم ولا اقر العنف على الإطلاق ولو كنت في مكان حسين أو الأخ عبدالملك لفضلت ألا يذهب كل هؤلاء الضحايا في هذه الحروب .

* برأيك لماذا وصل الرئيس علي عبدالله صالح إلى القناعة بوقف الحر ب السادسة في صعدة ؟

ـ للأسف يقوم الرئيس أحيانا بدور الإعلامي ، فقد قال في أحد خطاباته أنه سيتبع سياسة الأرض المحروقة ، وأنا أرى أنه لا يجوز لرئيس الجمهورية ان يقول مثل هذا الكلام في تعامله مع أبناء شعبه مهما كانوا مخطئين ، من وجهة نظره ، وأنا لا اعتقد أنه كان جاداً في حديثه بأنه سيجتثهم ، لأن اجتثاثهم يعني إبادة أبناء محافظة صعدة والمحافظات المجاورة التي كانت تقام منها العلميات .

كما أنني أعتقد ان الحروب الخمس السابقة علمت الجميع استحالة الحسم العسكري ، والسؤال هو لماذا لجأ الرئيس للحسم العسكري ؟ ، قائد أي بلد لابد ما يشعر بمخاطر استمرار الحرب ، وبالتالي كان من الضروري وقف الحرب ، والاهم من هذا كما سمعنا بأنه كانت هناك ضغوط دولية عبرت عن نفسها من خلال الترحيب السريع بقرار وقف الحرب ، سواء من الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة الأمريكية أو حتى السفير الياباني ، وبلاده أقل الدول اهتماما بالقضايا السياسية اليمنية .

لكن السؤال الأهم هو لماذا لم تتوقف الحرب على الأقل في الشهر الثاني من اندلاعها ، بعد ان أدرك النظام استحالة الحسم العسكري ؟

في تصوري هناك عناصر حول الرئيس ترتزق من الحرب وتحرص على استمرار أزمة الرئيس في هذه الحرب وفي الأزمات الأخرى ، وهي المسؤولة عن استمرار الحرب لأنه كان من الطبيعي ان تتوقف الحرب الأخيرة خلال شهر ، وقد عمل الرئيس لذلك فعلا عن طريقي ، وكان ذلك قبيل عيد الأضحى المبارك ، حيث كان هناك مشروعاً متكاملاً أفضل من المشروع الحالي ـ إذا جاز التعبير ـ لوقف الحرب ، وكانت هناك لجنة سداسية حولها الرئيس إلى تسعة أشخاص ، ثلاثة يعينهم الرئيس وثلاثة يعينهم عبدالملك الحوثي ، وكانت الأسماء التي ستمثل السلطة هي : اللواء علي محسن الأحمر ، العميد فيصل رجب واللواء علي الجائفي ، ومن طرف الحوثيين كان هناك صالح هبرة ، صالح الصمات وعبدالكريم بدر الدين الحوثي ، وكان وجود عبدالكريم الحوثي وصالح الصمات وصالح هبرة في مواجهة اللواء علي محسن كفيلاً بانجاز الكثير .

وقد طلب الأخ الرئيس منا كأحزاب اللقاء المشترك أنا والأستاذ عبدالوهاب الآنسي ( التجمع اليمني للإصلاح ) والدكتور ياسين سعيد نعمان ( الحزب الإشتراكي اليمني ) بان نشرف على الاتفاق واعتقد بأن ذلك كانت ضمانة من أفضل الضمانات ، فعبدالوهاب الآنسي اتفقنا أو اختلفنا معه هو رجل سلام ، وقد اشترط موافقة عبدالملك الحوثي خطيا ووافق عبدالملك على ذلك ، والدكتور ياسين كان ليلة عيد الأضحى في عدن ، وعندما طرحت عليه الأمر قال إذا كنا نستطيع ان نوقف الحرب فلا مانع عندي في ان اطلع الآن من عدن ، والحوثيون لا زالوا متمسكين حتى الآن بمشاركة المشترك والإشراف على اتفاقية وقف إطلاق النار لإدانة أي طرف يخرق الاتفاق أو يعرقله .

في رأيي أن عمل اللجنة بتلك الصورة كان سينبثق عنها لجان ميدانية لأنه كان يمكن لها ان تنجز الاتفاق في أسرع ما يمكن ، وأن توفر الثقة لدى الطرفين وتخرس الكثير من الأصوات التي كانت ولا تزال حتى الآن تسعى لعرقلة الاتفاق ، بالإضافة انه كان سيعطي الاتفاق بعداً وطنياً .

مرونة الحوثيين

* كيف اقتنع الرئيس بمرونة الحوثيين التي يمكنه التوصل معهم إلى اتفاق ينهي الحرب وذيولها ؟

ـ الأخ الرئيس كان يعرف ان عبدالملك الحوثي سهل التعامل ، ويمكن التوصل معه إلى اتفاق ، واعتقد ان معركة الرئيس كانت مع من حوله أكثر مما كانت مع الحوثي ، في الأيام الأخيرة كان هو من يدير معركة السلام ، وكان يقاوم بعض الأصوات النشاز التي كانت ترى أن مؤتمر لندن يمثل خطراً عليها ، وتعتقد أن تنفيذ مشروع مؤتمر لندن متوقف على إنهاء الحرب في صعدة ، وترى أن توقيف الحرب سيسهل تنفيذ مشروع لندن وهذا سوف يكون على حسابها .

للأسف الشديد هذه الفكرة وصلت إلى اقرب المقربين ، وبالتالي انضموا إلى معسكر الحرب ، بعضهم له تصريحات تقول إن النقاط الست الموافق عليها جريمة وخيانة وطنية ، وبالتالي سيخلقون أزمات وسيحاولون عرقلة الاتفاق في صعدة وهذا الذي يعمله مسؤولون متنفذون وبعضهم مستفيد من الحرب ، إذ أنه يأخذ ميزانية ضخمة من جراء استمرار الحرب .

* هل كانت هناك وساطات عربية للوصول إلى هذا الاتفاق ؟

ـ لا اعتقد أن هناك وساطات عربية ، لكن في اعتقادي أنه بعد مرحلة تثبيت وقف إطلاق النار لابد من دخول طرف عربي وخليجي ضامن لإعادة الأمن للبلد ، الرئيس يستطيع ان يلعب هذه الورقة ويستطيع ان يستخدمها خصوصا بعد مؤتمر لندن .

* لماذا انسحب حسن زيد وترك الفرصة للشيخ علي ناصر قرشة ليكمل الوساطة مع الحوثيين ؟

ـ علي ناصر قرشة هو من اقرب الناس للأخ عبدالملك الحوثي وهو من اكبر مشايخ صعدة ، وهو شخص صادق وظاهره البساطة ، لكنه ذكي جدا ومخلص للرئيس ومخلص لصعدة ويكره العنف ويكره الدماء ، وقد سجن بعد تصريحات عبر فيها عن غضبه الشديد من مجزرة سوق الطلح ، وعبدالملك الحوثي يقدر موقعه في محافظة صعدة ويقدر صدقه .

ثانياً التقطت لي مكالمة مع محمد عبدالسلام ( الناطق الرسمي باسم المتمردين الحوثيين ) وأسيئ تفسيرها أو قل إنه أسيء توظيفها ، فقد أراد تيار في السلطة ان يوظف هذه المكالمة بطريقة محرفة ، وعندا وجدت نفسي أنني سأكون ضحية لعملية اكبر مني وأن دوري سيتحول إلى عبئ على الطرفين توقفت ، لكنه لم يكن توقفاً كلياً ؛ فلازلت مشغولاً بمحاولة تثبيت السلام في محافظة صعدة ، ولدي الاستعداد والفخر بان أموت واستشهد في سبيل ذلك ، يعني ما زالت بشكل أو بآخر شبه وسيط ، بالإضافة إلى أنني على اتصال دائم بالأخ علي ناصر قرشة ، وأتواصل مع الأخ الرئيس ومع عبدالملك الحوثي .

* هل وافقت على الوساطة في قضية من تبقى من الأسرى السعوديين ؟

ـ لا يمكن ان ارفض شرعا ووطنيا طلباً من الرئيس في تهدئة الأمور ، لأن واجبي الشرعي أمام الله هو ان أسعى إلى حقن الدماء ، عندما أكلف من الأخ الرئيس في مهمة مثل هذه لا استطيع ان أقول لا ، حتى ولو كنت مختلفاً معه لأن هذا واجب شرعي ووطني ، وعندما تتاح لي الفرصة للقيام بذلك فلن أتردد على الإطلاق مهما كانت المخاطر .

لاهزيمة ولا نصرا

* البعض يقول ان توقف الحرب ليس هزيمة للحوثيين وليست نصراً للدولة ؟

ـ وقف الحرب نصر لليمن ، الذي قتل في الحرب هم يمنيون ، وإن كانت هناك هزيمة فإنها كانت هزيمة اقتصادية ، لكن وقف الحرب كانت انتصاراً لليمنيين ، لا أعتقد أن هناك يمنياً مهزوماً من وراء اتفاق وقف الحرب ، الكل منتصر من الاتفاق والكل كان خاسراً في استمرارها ، كلنا كنا ضحايا لهذه الحروب ، فبعض أقاربي اعتقل لمجرد انه هاشمي أو لمجرد أنه داعية ، وهناك من أقاربي من قتل وهو يحارب مع السلطة ، هذه نفقات الحرب وهي على حساب معيشتنا .


* كيف أدار الحوثيون المعركة الإعلامية ، وهل نجحوا في إيصال رؤيتهم للعالم الخارجي ؟

ـ نجحوا إلى حد ما في القضايا العسكرية ، لكن في القضية السياسية والفكرية فإنني أرى أنهم مقصرون جدا ، فحتى الآن وأنا الذي محسوب عليهم ومن المقربين إليهم لا اعرف بالضبط ما هو مشروعهم ، هذه حقيقة ، لا أعرف ما الذي يريدونه ، من الضروري ان يجيبوا على سؤال ما الذي يريدونه ؟ ، هل أعدوا أنفسهم إلى ما بعد الحرب سياسيا وفكريا وتنظيميا ؟ ، هل سيتحولون إلى تنظيم سياسي ؟ ، هل سيصبحون جزءاً من الحركة السياسية ، هل سيرفضون الحزبية ؟ ما هي مطالبهم بالضبط ؟ . أنا معهم في ان يعبروا عن حقهم في التنديد بأمريكا وإسرائيل ، ونحن أحيانا نندد بأمريكا وإسرائيل ، لكن ليس بصورة دائمة ، إنما اعتبار ان التمسك بان الموت لأمريكا وإسرائيل هذا شعار عدمي وسلبي ، والسؤال : ما هو الجانب الايجابي فيه ؟ ، لنفترض ان أمريكا وإسرائيل انتهتا ، فما الذي سيحدث بالعالم ؟ ، ما الذي سيتغير ؟ ، كيف ستكون حياتنا ؟ .

في تصوري أن الحوثيين بحاجة إلى إجابة على أسئلة كثيرة ، وقد اعذرهم إذا لم يكونوا قد تصدوا لمثل هذه الأسئلة بالإجابات الواضحة بسبب ظروفهم ؛ إذ أنهم منذ بروزهم كقوة وهم في حروب ، لكن هذا الجانب ينبغي ان يتصدوا له وان يكونوا واضحين في علاقتهم بالناس .

وقد تحاورت مع حسين الحوثي قبل مقتله عام 2004 ، وكانت فكرته واضحة وهو ان هذا الشعار جامع للمسلمين ، فقد أراد ان يقفز على المذهبية التي حاصرت المسلمين ، أراد ان يعبر عن مشاعر المسلمين كلهم الذين كانوا يتعرضوا آنذاك في العراق وافغانستان للقصف ، ولو عاش حسين لتغيرت الكثير من الأمور ، لأنه يملك شرعية ، أنا بالطبع احترم عبدالملك من احترامي لحسين بل أنني أجد عبدالملك أكثر علما وأكثر فقها من حسين على الرغم من أنه اصغر منه بكثير ، لكن الشرعية لا ادري إذا كان عبدالملك يتمتع بها ، ربما يستحقها من وجهة نظري ؛ فالنجاحات التي حققها عبدالملك في المحافظة على الجماعة وتوسيعها وإدارته للعملية سياسيا وعسكريا أثبتت ان إمكانياته وقدراته ومرونته أفضل بكثير من أي شخص آخر قد عرفته .

مع هذا فلو كان حسين لا يزال حيا فإنه سوف يستطيع بسهولة شديدة ان ينقل الجماعة نقلة كبيرة جدا تتناسب مع الحجم الذي وصلوا إليه ، فحجم الحوثيين الآن كبير قد لا ندركه الآن ، لكننا نلاحظه من خلال النمو المتصاعد لهم رغم عمليات القتل المستمرة ضدهم ، لكن للأسف الشديد هذا النمو قائم على أسطورة صنعناها نحن بتجهيلنا للناس والرأي العام بفكرة مضمون حسين ، وغياب حسين عن المشهد قد يحاصرهم في اللحظة الفكرية التي مات عليها وهو لم ينجز كل ما أراده .

عندما أعدم حسين الحوثي لم يكن قد أنجز ما يريده ، وبالتالي يفترض ان يمنح عبدالملك فرصة ، واعتقد أنه قادر ومؤهل من خلال ما سمعته من بعض الكلمات والحوارات التي تمت بيننا ومن الفقه الذي يملكه ، إذ أنه افقه إخوته ، وهذه شهادة والده ، والذي يعتبر من اكبر علماء اليمن على الإطلاق ، فعبدالملك يكاد يكون مجتهداً وعمره 19 سنة ، وهو الآن أكثر الناس التصاقا بوالده وأكثرهم استفادة منه . ما أريد قوله إن على الحوثيين الإجابة على كثير من الأسئلة وهذا ما ينقص إدارتهم الإعلامية لحربهم فحربهم ليست عسكرية فقط ، بل هي حرب فكرية بالدرجة الأولى .

مع النظام الجمهوري

* هناك اتهامات للحوثيين بأنهم اثنا عشرية وأن لديهم مخطط لإقامة حزام شيعي بين اليمن والمملكة العربية السعودية ، ما صحة ذلك ؟
ـ هذا من أسخف ما قيل ، لكنه مع ذلك خدمهم ، فقد جعل كل اثني عشري في العالم يتعاطف معهم ، واعتقد ان من أطلق عليهم هذه التهمة كان يتمتع بغباء عجيب لأنك عندما تستهدف جماعة اثنا عشرية فكل اثني عشري في العالم سوف يشعر بأنه استهدف في اليمن ، وهذا أعطاهم بعداً دولياً .

إذن الحوثيون ليسوا اثني عشرية ، كما أنهم ليسوا زيديين بالمعنى التراثي الفكري ، فهم مجددون للفكر الزيدي ، وقد حاول حسين رحمه الله أن يعيد الفكر الزيدي إلى أصوله ومنابعه الأولى ، وكان يمتلك مشروعاً قد نتفق معه وقد نختلف معه حوله ، وهو ديمقراطي لا يؤمن بالعنف لكنه كان واقعياً ، وكان يدرك بان أية حركة كبيرة ستواجه بعنف ، وقد أجهض مشروعه ، والحوثيون اليوم بحاجة إلى ان يستعيدوا مسيرتهم الفكرية من النقطة التي وصل إليها حسين وتوقف عندها ولا يعتبرونه مقدسا .حسين الحوثي كان مجتهداً وهو زيدي متعصب ، لكنه لم يكن اثني عشري ، بل كان من الناقدين لها ، وكان معجباً بالثورة الإيرانية والإمام الخميني وبحزب الله ، وكان معجباً حتى بحركة " طالبان " ، قائلاً إنهم مسلمون عجم ، وكان يردد هذا دائما بأنه يريد جماعة مؤمنين مثل " طالبان " ، أي ليست مجموعة مثقفين يقعدوا ويناقشوا ويحولوا المسألة إلى مسألة خلافية ويتجادلوا حولها .

لقد أراد حسين الحوثي أن يستعيد زيدية الهادي والقاسم ، أي الزيدية العقلانية المتحررة من التراث ، واعتقد ان عبدالملك يستطيع ان يكون الاثنين ، أي ان يكون زيدياً هادوياً وان يكون زيدياً تراثياً يستفيد من التراث ومن التراكم المعرفي القانوني الذي لم يحدث في العالم كما حدث في اليمن من 1200 سنة من التراكم التشريعي .

حسين الحوثي ربما لأنه لم يدرس هذا التراث أو لم يتوقف عنده كثيراً وتوقف عند بعض التفاصيل التي كانت عائقاً ، تجسد في سلوك بعض المشائخ الذين احتك بهم في صعدة فرفض التراث الزيدي واستعاد الأصولية الزيدية ، لهذا أعتقد أن عبدالملك لاستيعابه للتراث وللاصولية الزيدية قادر على ان يجمع بين الأمرين .

* هناك اتهامات للحوثيين بأنهم لا يعترفوا بالنظام الجمهوري ولا بشرعيته في الحكم ، هل تعتقد أن هذا أضر بهم ؟

ـ ربما حاصرهم ، لكنها في النهاية تهمة كاذبة ، حسين كتب بخط يده وأتمنى ان احصل على هذه الورقة أن أول أهداف حزب الحق ، وهو من مؤسسيه ، يكمن في المحافظة على النظام الجمهوري نوعا للحكم ، نحن الحزب الوحيد الذي تبنينا هذا الهدف ، ربما أننا أدركنا بأننا سنتهم بأننا إماميون أو ملكيون ، لكننا تبنينا هذا الخيار عن قناعة للخروج من أزمة صراع الأئمة ، من أزمة الخروج المسلح لمواجهة الانحراف إيمانا منا بان الديمقراطية هي الوسيلة المثلى للتعبير عن نظريتنا في الخروج على الظالم لكن باقل التكاليف ، وهي الخروج على الظالم من خلال صناديق الاقتراع .

هذه قضية تجادلنا فيها كثيرا وفصلناها كثيرا ، وكنا ـ ولا زلنا ـ مؤمنين بان النظام الجمهوري هو أفضل الأنظمة الإسلامية ، وهو تعبير عن إسلامية ومدنية الدولة الإسلامية المدنية التي يجب ان تكون عادلة ، ويجب ألا تقبل الظلم والانحراف من الحاكم .

لم يكن حسين يريد ان يكون ملكا ولا يريد ان يعيد الملكية ، بل كان من أعداء الملكية ، والزيدية لا يمكن ان تكون ملكية ، وعندما تتحول إلى ملكية يخرج من الزيدية من يثور عليها .

* إذا قيمت الظاهرة الحوثية ، فهل نستطيع القول إنها ظاهرة يمكن أن تفيد اليمن في المستقبل ؟

ـ لا شك أن الظاهرة الحوثية أفادت اليمن ، فقادتها وأعضاؤها وحدويون ، فالحوثيون لم يطرحوا فكرة الانفصال ولا الحكم الذاتي ، للأسف الشديد بعض المحاضرات التي نسبت إلى حسين الحوثي ، والتي فيها مساس بمشاعر من يقدسون الصحابة أساءت إليه ، وحسين في حقيقة الأمر لم ينل منهم ، لكنه انتقد طريقتهم في إدارة الحكم ، يعني خص ممارستهم في الحكم من منظور خاص بالنسبة إلى عصر معين وإلى ثقافة معينة.

هذه المحاضرات التي ظهرت وفيها انتقاص لبعض الممارسات التي نسبت إلى احد الصحابة الكبار ولم تكن تعني المساس بقدسية الصحابة لكن لا تعني على الإطلاق ان حسين كان مذهبياً طائفياً منغلقاً ، بالعكس فقد كان حسين يريد ان يؤسس جماعة إسلامية جامعة للمسلمين كلهم ، كان مؤمناً بنفسه ، وقد كشفت الأحداث أنه مميز بالفعل فيما عمله ، سواء اتفقنا معه أو اختلفنا معه .

مستقبل الحوثية

* كيف تنظر إلى مستقبل الحركة الحوثية ، هل يمكن ان تتحول إلى قوة سياسية ودينية كبيرة في الساحة اليمنية ؟

ـ هذا متوقف عليهم ، لكن الشواهد تؤكد أنهم سيكونون قوة مؤثرة ، وقد أعلنوا رغبتهم في التحالف مع المعارضة المنضوية في " اللقاء المشترك " ، واعتقد أنهم صادقون فعلا ، وكان عندهم خيار آخر وهو التحالف مع المؤتمر الشعبي العام الحاكم ، لكن المؤتمر كما يبدوا لا يقبل بوجود قوة تنافسه ، المؤتمر يريد ان يذوب كل الناس كأفراد عاطلين عن القدرة وعن الفعل الذاتي ، ويستخدمهم وقت ما يريد وعندما يحتاج إليهم ، وبالتالي يستحيل تحالفه مع المؤتمر ، لهذا فإنني أعتقد أن تحالفهم مع المشترك ممكن ، وهم أحسنوا طرق الباب عن طريق حزب التجمع اليمني للإصلاح وليس عن طريق الأحزاب التي هي قريبة إليهم ، واعني بذلك حزب الحق والحزب الاشتراكي .

وأنا أعتقد ان الحزب الاشتراكي ، وهذا سر قد لا يعرفه حتى الاشتراكيين أنفسهم ، اقرب لهم منا ، لان هناك جامعاً بينهما وهو مبدأ العدالة الاجتماعية ، فالعلامة بدرالدين الحوثي وأولاده هم ـ إذا جاز التعبير ـ من الكادحين لا يملكوا شيئاً ، باستثناء يحيى الحوثي ( مقيم في ألمانيا ) ممن لديه التطلع البرجوازي ، أما بقية إخوته فإنهم يعيشون على الكفاف ، حتى البيوت التي يعيشون فيها فإن الذين بناها لهم هم المواطنون ، لهذا فهم يلتقون فكريا ـ إذا أبعدنا الصبغة الدينية ـ مع الحزب الاشتراكي التقاء شبه كامل ، كما أن موقف الاشتراكي كان من أفضل المواقف وأكثرها اتزانا في كل الحروب ، ولم يضعف الاشتراكيون قط ؛ فقد صمدوا أمام كل الظروف وحافظوا على موقفهم الأخلاقي والمبدئي من رفض الحرب وما يترتب عليها .

في تصوري لو تحالف الحوثيون بشكل جدي مع " المشترك " فسيقفز الطرفان بالديمقراطية في اليمن قفزة هائلة جدا لأنهما سيعيدان زخم التوازن أو جزء منه الذي فقدناه بعد حرب 94 .


http://www.newomma.net/index.php?action=showNews&id=880
صورة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يا رَبُّ بهم وبآلِهِمُ *** عَجِّلْ بالنَصْرِ وبالفَرجِ

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس السياسي“