اليمن.. حربٌ تستعصي على الحسم

مواضيع سياسية مختلفة معاصرة وسابقة
أضف رد جديد
صارم الدين الزيدي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1155
اشترك في: الأربعاء يناير 07, 2009 6:42 am

اليمن.. حربٌ تستعصي على الحسم

مشاركة بواسطة صارم الدين الزيدي »

اليمن.. حربٌ تستعصي على الحسم

السبت, 12 ديسمبر 2009

الكاتب السعودي/ د.حمزة الحسن


السعودية في اليمن لا يمكن حسمها عسكرياً. قيل هذا لصنعاء وللرياض، وقد أثبتت الحروب الست الماضية ذلك. كما ان وقوف السعودية عند حدودها البرية، وعدم قدرتها على استعادة جبال دخان والرميح والمدود خلال الاسابيع الستة الماضية، يثبت بما لا يدع مجالا للشك ان الحرب لا يمكن حسمها برياً، كما ان سلاح الجو السعودي مهما كان متطوراً غير قادر على حسمها ايضا.

ثلاثون ألف مقاتل حوثي يواجهون جيشين: سبعمائة ألف في الطرف اليمني، ونحو ثلاثمئة ألف في الطرف السعودي.
هناك ما يشبه توازن قوى. الطبيعة والمقاتلون المؤدلجون زيدياً ووضع الدفاع عن قراهم وأهلهم، عناصر اضافية تحسن وضع الحوثيين في الميدان، ما يجعل القضاء عليهم أمراً صعباً، ان لم يكن مستحيلاً. توازن القوى على الأرض هو ما يجعل الحرب تطول.
وإطالة الحرب فيه فضيحة سياسية وعسكرية للجيشين اليمني والسعودي، لأن قيادتيه السياسيتين وضعتا أهدافاً كبيرة يأتي في مقدمتها القضاء على الحوثيين، مثلما أعلن مراراً الرئيس علي عبدالله صالح، بأن الحرب لن تتوقف مع من سماهم بـ (الزمرة الخائنة العميلة الجبانة).
أما السعودية فحاولت ان تتواضع في اهدافها دون أن تلغيها. لم يعد هدف السعودية القضاء على الحوثيين، ولا إبعادهم عشرات الكيلومترات داخل العمق اليمني من اجل إقامة منطقة عازلة. وإنما اصبح الهدف: (منع المتسللين) وإقامة منطقة عازلة داخل الشريط الحدودي السعودي، عبر نقل عشرات الالوف من السكان السعوديين الى الداخل وتهيئة مساكن لهم، كما أعلن ذلك الملك عبدالله في زيارته لجازان مؤخراً.
الحرب على المتسللين واحدة من أهداف الحرب، وبديهي أن المتسللين الذين قبض عليهم بالآلاف هم من اليمنيين العاديين الباحثين عن العمل ومن المهربين للقات والسلاح. ولقد كان التهريب معضلة للسعودية في السنوات الأخيرة، رغم ان القائمين عليه منتفعون كبار وشخصيات رسمية في الطرفين اليمني والسعودي. وقد زادت حماسة السعوديين لايقاف التهريب خاصة بعد سيطرة الحوثيين على الملاحيظ قبل نحو ثلاثة اشهر، وهي المنطقة التي يجري خلالها معظم التهريب.
وكما ان التوازن العسكري بين الاطراف المتصارعة يمنع من حسم الحرب في المستقبل المنظور، مع ما في اطالة الحرب من مردودات سلبية سياسية على الدولتين اليمنية والسعودية.. فإن عدم نضج البدائل السياسية المتعلقة بالوضع اليمني تجعل من تغطية الحرب دولياً وعدم الاعتراض عليها أمرا متواصلاً، بالشكل الذي يجعل من استمرارها أمراً حتمياً، في غياب أية دعوة لايقاف الحرب او مبادرة سلام تخفف من المعارك وتجنب المدنيين اليمنيين الأذى والقتل والدمار.
منذ أن دخلت السعودية الحرب، تدهور الوضع اليمني الداخلي أكثر، بعكس ما كان متوقعاً.. وفي ظل الصمود الحوثي وبسببه، حصل الحراك الجنوبي المطالب بالإنفصال على فسحة كبيرة من التحرك فنشط في مظاهراته واضراباته وحرك جماهيره باتجاه أهدافه، الى الحد الذي بات معه يخشى على الدولة اليمنية نفسها من التفكك، والجيش اليمني نفسه من التمــزق أفقياً وعمودياً بسبب الانتماءات المناطقية والمذهبية.
ومع ان الحوثيين ضد الانفصال، وقد أبلغوا قادة الحراك الجنوبي بذلك، فإنهم يعتقدون ـ حسب مصدر حوثي ـ بأن النظام في صنعاء نجح حتى الآن في منع لقاء القوى اليمنية الفاعلة لتدارس وضع الدولة ومنع انهيارها، وقد حاولت فاعليات سياسية الاجتماع خارج اليمن ولكنها منعت من السفر. تخويف القوى السياسية الفاعلة من بعضها البعض، وتأجيل التقائها على قاعدة سياسية واضحة، يستهدف منع نضج البدائل، وبالتالي منع ظهور التغيير المطلوب الذي يمكن أن يقنع القوى الاقليمية والدولية به.
الحوثيون من جانبهم يعتقدون بأن المشكلة في رأس الحكم، فهو من وجهة نظرهم من سبب المشاكل واستدعى التدخل الخارجي، وهو من أرسل قادة الوحدة الجنوبيين الى المنفى في السعودية ودول الخليج الأخرى، وبالتالي فإن الاعتراض يجب أن يكون على من قام بذلك، لا أن يتحول الى تمزيق اليمن بعد توحده.
وهم قد رجوا الرئيس السابق علي سالم البيض بأن يتنازل في مطالبه من الانفصال الى القبول بمبدأ الفيدرالية كحل وسط يحفظ الدولة اليمنية من التفكك، ويطمئن المواطنين والوضع الاقليمي الى أن التغيير المنشود موضعي، ولن تكون له تداعيات خطيرة على المنطقة وعلى اليمن نفسه. هناك محاولات ـ حسب المصدر الحوثي ـ لجمع القوى السياسية الفاعلة على الحد الأدنى من الأهداف، وتشمل الاطراف: حميد الأحمر وحزب الاصلاح والحراك الجنوبي إضافة الى الحوثيين.
فإذا ما اتفقت هذه الأطراف على ترتيبات سياسية، يمكن تفادي مخاطر تشطير اليمن أو تحولها الى حرب أهلية، حتى مع اصرار الحكم المركزي على مواصلة الحرب. ويرى الحوثيون بأن الولايات المتحدة التي كانت معارضة لانفصال الجنوب كما كان موقفها في حرب 1994م، أصبحت أقرب الى وجهة النظر السعودية، أي أنها لا تمانع من عودة اليمن الجنوبي دولة مستقلة كما كانت قبل عام 1990م.
ويلفت هؤلاء النظر الى حقيقة أن أكثر قيادات الحراك الجنوبي لاتزال تقيم في السعودية نفسها، وأن مسألة الانفصال لم تتخل السعودية عن دعمها حتى في ظل الاوضاع الحربية الحالية ووقوفها مع الرئيس علي عبدالله صالح. وكأن السعودية تريد المساومة بهذه الورقة في مرحلة اعداد البدائل للوضع القائم. وهنا يؤكد الحوثيون بأن الولايات المتحدة تختلف مع السعودية في شأن البديل، فالأخيرة تريد شخصية من حزب الاصلاح المقرب منها، أما واشنطن فتريد أن ترى 'ترويكا' من القوى لا تعطي حزب الاصلاح أفضلية في هذا الأمر.
بغض النظر عما يجري من ترتيبات سياسية، فإن الحكومتين اليمنية والسعودية ترفضان ـ حتى الآن ـ أي وساطات، في ظل غياب القدرة لدى أي طرف على حسمها عسكرياً. واذا كان دخول الجيش السعودي الحرب قد غير في وجهة المعركة السياسية والاعلامية، بمعنى أنه أخرجها من اطارها المتمرد مقابل السلطة المركزية ـ كما تريد حكومة صنعاء، ووضعها في اطار اقليمي كصراع ايراني سعودي ـ كما تريد الحكومة السعودية، أو في إطار حرب سعودية على اليمن ـ كما يؤكد الحوثيون.. فإن التدخل السعودي لا شك ساهم في اضعاف الحكم المركزي في اليمن، وأضعف هيبة الجيش اليمني ومكانته، وأوقد شعلة وطنية كادت ان تنطفىء ضد التدخل السعودي الواسع في اليمن.
بهذا المعنى يمكن القول بأن استمرار الحرب لا يضعف الحوثيين، فهم رغم الحصار لسنوات يمثلون (مجتمع كفاف) يعيشون على ما يزرعون، ويقاتلون بأسلحة الحكومة نفسها وبما يشترونه من سلاح من السوق المحلية (تقول مصادر بحثية غربية انه يتم في اليمن تداول ما بين 60 الى 80 مليون قطعة سلاح).. انه مجتمع لا يعرف كماليات الكهرباء ولا التلفزيون ولا خطوط الهاتف الارضي، ولا الهاتف المحمول فقد قطعت الاتصالات منذ مدة طويلة وخلال الحروب السابقة.
هو مجتمع يدير نفسه، يعلم فتياته الطبابة بشكل يذكرنا بجيش ماو تسي تونغ الحافي! ويهرب أدويته، ويمرر بصعوبة مواده الاعلامية الى الخارج. الحروب الست لم يشهد لها مثيل بين الحروب من جهة التغطية الاعلامية، فالمنطقة بكاملها محاصرة ولم يدخلها اعلاميون وصحافيون ليشهدوها. ومن هنا تتكاثر انتصارات الجيشين السعودي واليمني في الفضاء..
أما على أرض الواقع فالأمور جدّ مختلفة. يمكن للرئيس علي صالح أن يحدث انقلاباً على سياساته الماضية قبل أن تفلت الأمور.. لكن عليه أن يستعيد مفـــاتيح الأزمة التي تسلمتها السعودية حين دخل جيشها الحرب. ويمكن له ان يبحث عن حل سياسي مع جميع القوى قبل أن يتسع الخرق على الراقع فيكون هو الضحية، فيوقف الحرب ويستدعي الوسطاء القطريين أو السوريين أو الأتراك. هؤلاء ينتــــظرون اشارته، وهناك من ينتظر بين المصفقين له نهايته


http://ar.sadahonline.org/index.php/fea ... 39-38.html
صورة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يا رَبُّ بهم وبآلِهِمُ *** عَجِّلْ بالنَصْرِ وبالفَرجِ

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس السياسي“