(القوة المفرطة) مبدأ التناسب (Excessive force) متى بكون القو

مواضيع سياسية مختلفة معاصرة وسابقة
أضف رد جديد
alkhearbi
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 133
اشترك في: الثلاثاء يوليو 17, 2007 1:10 am
مكان: السايلة بدون ماء

(القوة المفرطة) مبدأ التناسب (Excessive force) متى بكون القو

مشاركة بواسطة alkhearbi »

السلام عليكم ...

أخوتي اضع بين ايديكم هذه المقالات و المناقشات ... لضرورت المام المهتمين و المعنيين بالحاصل هذه الايام على ارض صعدة بهكذا مواضيع كون القانون الدولي و الانساني يستوعب هذه المشاكل و الجرائم و لكن يحتاج اولا الى من يتحدث بلغته و اصدارته و الا فستكون هذه هي المشكلة الاولى في اعاقة مشكلة صعدة و حربها من اعداء الانسانية و التفرد بها .

القوة المفرطة ! مبدأ التناسب ... السوال هنا متى تكون القوة غير متناسبة و ما الذي يجعل اللجوء اليها غير قانوني ؟

* متى يكون استخدام القوة ضرورياً و لكن ليس مناسباً ؟

* صراع صعدة نزاع مسلح داخلي ... بل حرب أهلية .. تنخرط فيها دولة اجنبية و تثيرها لاهداف ... على سبيل المثال
- عمليات الجيش السعودي الارهابي الوهابي على ارض صعدة هل هي تعزيزاً لاهداف عسكرية أم هي تعزيزاً لاهداف
سياسية .
- أم هي عمليات مشتركة بين قادت الارهاب في اليمن و ال سعود لجبر الطرف في صعدة للاستسلام ؟
- هل هذا الاستسلام هو عسكري أم استسلام سياسي بطريقة عسكرية و ما هي نتائج هذا الاستسلام الذي
يبحثون عنه ؟

* إن ما يجري اليوم على ارض صعدة هو استخدام قوة مفرطة مميته ضد الطرف في صعدة ... مع ان الطرف في
صعدة لا يصرح او يهاجم القوة الخارجية (السعودية) الا ان روايات طرف صعدة تؤكد ان السعودية سعت بالتعاون مع
طرف قيادة مجاميع الجيش اليمني للايقاع بطرف صعدة اما بقتل افراد منهم او السماح لهم بالتقدم عليهم من
طرف السعودية و كان اخر ذلك التعاون هو المشاركة في المعارك مع طرف مجاميع الجيش اليمني.

* طرف السعودية يحدد اهداف عسكرية ... و هي تحرير الجبل المسمى لدى طرف صعدة بجبل الدخان ...من طرف
صعدة هل هذا الهدف مشروع؟ هل الاهداف التي يصرح انه نال منها اهداف مشروعة ؟

* من سيكشف مثل هذه الاعمال ... هل اعلام الشاطر ام الماوري ام خليفة ام ام ام ام

ساضع بين ايديكم هذه المقالات كما هي تقراوها و تتاثروا فيها مع العلم انها تحتاج لرجال حرب و قانونين للاستفادة
منها و تفعيلها

الأهداف العسكرية

هاملتون دوسوسور*

كثيراً ما يستعمل تعبير الهدف العسكري ليصف الخطة الشاملة لمهمة محددة: الاستيلاء على تلة معينة، الوصول إلى نهر، أو تحرير رهائن. وفي المعنى الأضيق، يمكن أن يشير الهدف العسكري إلى هدف محدد لتحييده أو تدميره. وتستعمل قوانين الحرب التعبير بالمعنى الثاني: تحديد موقع، منشأة، أو أفراد معادين يشكلون في الظروف السائدة هدفاً عسكرياً مشروعاً. وهذا يعني أن أعياناً معينة أو أفراداً سيكونون، على العكس مما سبق، أهدافاً غير شرعية. فعلى سبيل المثال، يحظر أي هجوم مباشر على سكان مدنيين، أو على أية أمكنة أو مواقع أو أعيان تستعمل فقط لأغراض إنسانية أو ثقافية أو دينية، مثل المستشفيات أو الكنائس أو المساجد أو المدارس أو المتاحف. هذا من جهة، ومن جهة ثانية تزول الحصانة عن هذه الأشياء كلها إن استعملت أو استخدمت لأغراض عسكرية معادية. ويوجد دائماً افتراض لصالح الحصانة. فالبروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جينيف لسنة 1949 يشترط "إذا شُك في أن عيناً مكرساً عادة لأغراض مدنية، كمكان عبادة، أو منزل أو أي مسكن آخر، أو مدرسة، يستخدم ليساهم مساهمة فعالة في العمل العسكري، يجب افتراض أنه لا يستخدم لذلك".

في الماضي، قبل قرن، وضعت قوانين الحرب قاعدة بسيطة لما يشكل هدفاً عسكرياً. إنه حصن أو مكان محصن وبلدات مجاورة له تساعد في الدفاع عنه. هُجر هذا التعريف في بداية القرن العشرين عندما زادت قوة النيران مدى التدمير وأصبحت الطائرة آلة حرب تخترق عمق أرض العدو. وحل مفهوم "المكان المحمي" محل الحصن والأمكنة المحصنة في مؤتمري لاهاي للسلام، اللذين قننا فوانين الحرب المسلحة قبيل الحرب العالمية الأولى. وطبعاً، كان ما شكل مكاناً محمياً أكثر غموضاً أو تنوعاً بكثير مما شكل حصناً أو مكاناً حصيناً. فالإنسان المتوسط يمكنه التعرف على حصن، ولكن متى تكون بلدة أو مدينة محمية؟ وهل تكون محمية إن لم تضم منشآت عسكرية أو قوات مسلحة ولا تتمتع بقيمة عسكرية استراتيجية ولكنها تبقى في إطار المنطقة المحمية من وحدة دفاع جوي تغطي مئات الأميال من الإقليم؟ وأصبح تعبير المكان المحمي قديماً مثل تعبير المكان الحصين مع قدوم الحرب العالمية الثانية وتزايد مقدرة الأسلحة الجوية والمدفعية في الهجوم على بينة الحرب التحتية.

بعد الحرب العالمية الأولى، ظهرت محاولة دولية لتحديد ما يشكل أهدافاً عسكرية مشروعة بتعداد أصناف الأهداف المشروعة. ولكن ثبت أن القواعد التي أقرت مقيِّدة جداً ولم تستشهد بها أية دولة محاربة كسابقة في نزاع لاحق. وأصبح إعداد قائمة بأصناف الأفراد والأمكنة التي ليست مواضيع مشروعة لهجوم أسهل من تعريف ما هو موضوع له. ورغم ذلك، جعل التدمير والقتل بالجملة الذي سببه القصف الجوي في الحرب العالمية الثانية بديهياً إعادة تعريف مجال الهدف العسكري. فالتدمير المنتظم للمناطق الحضرية، حارة مدينة بعد حارة مدينة أخرى، والهجوم على معنويات السكان المدنيين الذي نفذته قوات القصف لكلا دول الحلفاء والمحور، أطلق صرخات عديدة تنادي بقواعد إنسانية أكثر للنزاع المسلح. فتدمير مدينة درسدن، وقتل ما يقرب من 000، 100 مدني في هجوم واحد منسق قامت به قاذفات القنابل البريطانية والأمريكية في يومين في شهر شباط 1945 عكس غياب أي تعريف مهم للهدف العسكري. وفي الشرق الأقصى، قتلت هجمات القصف وحدها ثمانية وأربعين ألف مدني ودمرت عديد المنازل والمنشآت الحضرية في غضون أشهر قليلة. وقعت هذه الخسائر قبل هولوكوست القنبلة النووية. وإذ وقعت هذه الأحداث في إطار نزاع عالمي عالي الكثافة، فإنها أبرزت الحاجة الملحة إلى تجديد قوانين النزاع المسلح وتقنينها وتحديد ما هو هدف مشروع لهجوم معادٍ وما ليس كذلك.

والقاعدة المعاصرة لتعريف الأعيان العسكرية موجودة في البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977. فالمادة 52 تقيد الهجمات بأمكنة ومواقع ومنشآت ومبانٍ و"أعيان... تسهم مساهمة فعالة في العمل العسكري سواء كان ذلك بطبيعتها أم بموقعها أم بغايتها أم باستخدامها، والتي يحقق تدميرها التام أو الجزئي أو الاستيلاء عليها أو تعطيلها في الظروف السائدة حينذاك ميزة عسكرية أكيدة". ورغم ذلك، توفر الأحكام حصانة محددة لأفراد معينين ومواقع معينة. فأولاً، لا يجب أبداً أن يكون السكان المدنيين موضوع هجوم، الأمر الذي يوضح أن تكتيكات القصف الترويعي أو المعنوي جريمة حرب واضحة اليوم. والأعيان المدنية التي تستخدم لأغراض سلمية، محمية أيضاً. ولكن الأحكام الجديدة تذهب أبعد باشتراطها أنه في الحالات التي يثور فيها شك في ما إذا كانت أعيان معينة تستخدم عادة لأغراض مدنية تستخدم لتسهيل مهمة عسكرية، فاقدة بذلك حمايتها من الهجوم، يجب افتراض أنها لا تستخدم لذلك. وثانياً، يحرّم البروتوكول الأول تكتيكات القصف السجّادي أو قصف المناطق، كما يحرم قصف "عدد من الأهداف العسكرية المنفصلة المميزة الواقعة في مدينة أو بلدة أو قرية أو أية منطقة أخرى تضم تركزاً مشابهاً من المدنيين والأعيان المدنية، بذريعة أنها هدف عسكري مفرد". وهذه قاعدة مفيدة وإنسانية تبطل هجمات القصف الشامل التي كثيراً ما تم اللجوء إليها في الحرب العالمية الثانية، وإلى درجة أقل في نزاع فيتنام.

وسوف يعتبر اليوم، أن عديد هجمات القوات الأمريكية كثيفة النيران في مناطق حضرية يابانية سنة 1945، وتدمير مدينة بعد مدينة في أوروبا طوال الحرب العالمية الثانية، انتهاكات صارخة للقواعد المعاصرة ومحظورة بكل وضوح في البروتوكولين الإضافيين، بغض النظر عن طبيعة النزاع وشدته. ويرى عديد كتّاب قوانين الحرب المعاصرون أن حجم ومدى النزاع يؤثران على مدى الهدف العسكري- أي، طالما تُكرس الدول مزيداً من مصادرها للجهد الحربي وتصبح مصممة أكثر على النجاح، قد تصبح نشاطات اقتصادية من مثل المواصلات والتموين والاتصالات التي تستخدم عادة لأغراض مدنية فقط، أهدافاً مشروعة. هذا صحيح، ولكنه لن يبرر اليوم أبداً توسيع الهدف المشروع ليشمل سكاناً مدنيين أو مناطق مدنية بحد ذاتها.

وثالثاً، ينص البروتوكول الأول أيضاً على وجوب تقليص وفيات المدنيين العرضية أثناء الهجوم على هدف مشروع إلى ما هو ضروري بشكل مطلق لإنجاز المهمة. وسوف يكون أمراً عشوائياً غير شرعي إيقاع خسائر مدنية مفرطة مقارنة بالظروف السائدة. ويجب دائماً أن يكون الهدف العسكري نفسه معرّفاً ومميزاً كي يمكن الهجوم عليه بالحد الأقصى من التكنولوجيا والأسلحة المتوفرة. استعملت الذخائر دقيقة التوجيه في حملات جوية ناجحة في فيتنام، من مثل لاينباكر 1 و2، وكان لها أثراً مهماً في تنفيذ القوات الأمريكية لعملية عاصفة الصحراء تنفيذاً ناجحاً. وحيثما وجدت كثافة مدنيين فمن البدهي استعمال ذخائر دقيقة التوجيه، وليس "القنابل الغبية"، طالما كانت متوفرة وتقتضيها الضرورة العسكرية.

وأظهرت العمليات العسكرية في حرب الخليج سنة 1991 الدقة التي يمكن بها ضرب أهداف عسكرية دون إيقاع ضرر بالسكان المدنيين أو حدوث اضطراب. فقد عطلت صواريخ توماهوك محطات الطاقة ومواقع الصواريخ ودمرت مراكز عسكرية قيادية في بغداد بحد أدنى من الخسائر البشرية المدنية والبنى المدنية. وكانت مقاتلات ستيلث إف- 117وقاذفات القنابل المقاتلة إف- 111قادرة على "تسليك" قنابل أرض موجهة بالليزر عبر مناطق صغيرة بصغر باب أو نافذة بدقة جراحية. وجعل إدخال ذخائر دقيقة التوجيه وأنظمة تحديد أهداف تكنولوجية متطورة، من الضروري أكثر عزل الهدف عن السكان المدنيين والمساكن. أشار كاتب سلاح جو إلى أنه بينما احتاج تدمير هدف بين سنة 1940 وسنة 1948 أربعة آلاف وخمسمائة طلعة جوية تسقط تسعة آلاف قنبلة جاذبية (يفترض أن تزن كل قنبلة منها ألفي باوند)، كان بإمكان طلعة واحدة، تقوم بها طائرة إف- 117، باستخدام ذخائر دقيقة التوجيه، تدمير الهدف نفسه في حرب الخليج. ويقاس مدى الخطأ المحتمل في الإصابة الآن بالأقدام بدلاً عن الأميال.

والذخائر دقيقة التوجيه مكلفة طبعاً، ولا تتوفر دائماً لمهمات معينة حتى لدى دولة متفوقة تكنولوجياً، وكثيراً ما يجب الاحتفاظ بها إلى مرحلة متأخرة من المعركة. ورغم ذلك، لا يمكن لقرارات استخدامها في العمليات حجب حقيقة أن القتال العسكري قد غير إلى الأبد مدى الخسائر المدنية المسموح به وكيف. ويمكن لقرار عمليات باستخدام أسلحة تحكمها الجاذبية، عندما تتوفر ذخائر أكثر دقة، أن يجعل الهجوم مفرطاً وغير قانوني إذا قُتل مدنيون كان يمكن تجنب قتلهم باستخدام أسلحة أكثر دقة.

ولذلك، يجب إثبات أن الخسائر بين المدنيين، حتى وإن وضعوا عمداً حول هدف عسكري، كانت ضرورية بشكل مطلق. فالبروتوكول الإضافي الأول يشترط بخاصة وجوب أن تشمل الاحتياطات المتخذة لتقليل الخسائر المدنية إلى الحد الأدنى التدقيق في اختيار الأسلحة وبالمثل وسائل الهجوم وطرقه. فعلى سبيل المثال، لا يمكن أبداً لقصف منشأة قيادية عسكرية في مدينة مكتظة بالسكان أن يبرر استخدام قنابل غير موجهة إذا كانت الذخائر دقيقة التوجيه متوفرة للقوة المهاجِمة وإذا بدا أن مدنيين أبرياء موجودين في الجوار سوف يجرحون أو يقتلون. ورغم ذلك، لا تستطيع القوة المدافعة استعمال المدنيين عمداً كدرع لعملياتها العسكرية، كنقلهم إلى مراكز قيادة أو رقابة مهمة. ومثال على هذا المبدأ استخدام العراق لملجأ العامرية أثناء حرب الخليج. هاجمت الولايات المتحدة الملجأ، فقتلت ما بين مائتي مدني إلى أربعمائة، مما دفع بعضٌ إلى الزعم بوجود انتهاك لقوانين الحرب. ولكن استخدام المدنيين كدروع لا يفقدهم الحماية. ويعني هذا أن على القوات المهاجمة، رغم ذلك، بذل جهود محددة لتجنب جرحهم أو موتهم أو، في الأقل، تقليص ذلك إلى الحد الأدنى.

وفي إطار نزاعات مسلحة بين دولتين تملك فيه قوة مسلحة واحدة فقط أنظمة أسلحة متطورة تكنولوجياً، لا تتغير القواعد الإنسانية. إذ يحكم على كل قوة بالقدرات التي تملكها للدفاع عن نفسها أو لشن هجوم. فالدولة المتطورة تكنولوجياً لا تستطيع الاعتماد على عدم وجود ذخائر دقيقة التوجيه لدى عدوها لتبرر لجوئها إلى استخدام أسلحة أقل تطوراً تكنولوجياً. وفي الوقت نفسه، يجب على القوة المدافعة استعمال كل الوسائل المتوفرة لتجنب الهجمات على المدنيين أو إيقاع ضرر عرضي مفرط، سواء كانت تقوم بالدفاع أو الهجوم.

ولا يستطيع القائد العسكري الذي يخطط لهجوم أو ينفذه أن يكون الحكم الأخير في تقرير أن الخسائر في حياة المدنيين أو الممتلكات المدنية متناسبة مع ميزة الهجوم العسكرية. وفقط تقويم مستقل تقوم به هيئات أو منظمات غير مشتركة في النزاع يمكنه تأييد وجود التزام بالقواعد الصارمة القاضية بتقليص المعاناة غير الضرورية.

وفي التحليل الأخير، يجب إثبات أن وفاة أي مدني أو خسارة أية ممتلكات نتيجة هجوم عسكري، بغض النظر عن مستوى الحرب، أو كثافة المهمة المخططة المحددة، لم يكن ممكناً تجنبها باستعمال القوة المهاجمة لأكثر الأسلحة المتوفرة دقة.
ــــــــــــــــ
(انظر مبدأ التناسب؛ الضرورة العسكرية).

* هاملتون دوسوسور أستاذ قانون فخري في جامعة آكرون، أوهايو. حصل على منصب كرسي ستكتون للقانون الدولي في كلية الحرب البحرية من سنة 1979 إلى سنة 1980.



المعقول واللامعقول بشأن استخدام القوة غير المتناسبة
جورج ب. فليتشر

مع استمرار الحرب في لبنان، أصبح مصطلح "القوة غير المتناسبة" متداولاً وكأنه يستند إلى قاعدة واضحة من قواعد القانون الدولي، تنبئنا متى تكون القوة غير متناسبة وما الذي يجعل اللجوء إليها غير قانوني. لكن وقوع خسائر في الأرواح بين المدنيين نتيجة للعمليات العسكرية لا يكفي لكي نقول إن "القوة غير المتناسبة" قد استخدمت. كما أن ذلك المعيار، أياً كان، لم ينطبق قط فيما إذا قتل أحد الطرفين المتصارعين أطفالاً أكثر من الذين قتلهم الطرف الآخر. ماذا يعني إذاً مصطلح "القوة غير المتناسبة"، وما هو مكانه من قانون الحرب؟

فلنرجع أولاً إلى الأساسيات. في القوانين الوطنية للدفاع عن الذات، لابد وأن يكون استخدام القوة ضرورياً ومتناسباً مع المصلحة المطلوب حمايتها في كل الأحوال. ومن بين الأمثلة الجيدة هنا ما إذا كان من حق صاحب أحد المتاجر أن يطلق النار على لصوص يفرون ببضاعته. إن لم تتوفر أي وسيلة أخرى لمنع اللصوص من الفرار، فإن استخدام القوة هنا يصبح ضرورياً.

ولكن هل يكون استخدام القوة على هذا النحو متناسباً؟ هذا يتوقف على ما إذا كان الثمن الذي سيدفعه اللصوص بإطلاق النار عليهم يفوق قيمة البضاعة المسروقة على نحو واضح إلى الحد الذي يتعين معه على صاحب المتجر ألا يفعل شيئاً، على الأقل في تلك اللحظة. فهو يستطيع دوماً اللجوء إلى الشرطة وهناك احتمال قائم بأن تنجح الشرطة في رد بضاعته المسروقة إليه. أو بعبارة أخرى، يصبح استخدام القوة غير متناسب حين تكون تكلفة اللجوء إليها أعلى مما ينبغي.

لكن هذا لا يعني أن القوة تصبح غير "متناسبة" لمجرد أن التكلفة تفوق المنفعة المتحققة من استخدامها. فالمرأة على سبيل المثال يحق لها أن تستخدم القوة القاتلة لكي تتجنب اغتصابها، حتى ولو تصورنا أن حياة المعتدي تفوق في الأهمية السلامة الجنسية للضحية المحتملة.

وكلما كان التهديد بوقوع الضرر البدني قائماً يصبح استخدام كل قوة ضرورية أمراً مباحاً. ولنتصور معاً أحد الإرهابيين يقتلع أسنان أحد ضحاياه واحدة بعد الأخرى، وأن الوسيلة الوحيدة لمنعه من ذلك هي بقتله. قد يرى أغلب الناس أن قتل المعتدي في هذه الحالة أمر مباح، حتى ولو كان الضرر الذي سيلحق بالمعتدي أعظم كثيراً من قيمة أسنان ضحيته.

كيف لنا أن نجزم إذاً ما إذا كانت القوة المستخدمة غير متناسبة؟ إنها في الحقيقة مسألة خاضعة لمناقشات مستديمة. فالعديد من الأنظمة القانونية اليوم تنص، فيما يتصل بجرائم السرقة على الأقل، على أن الضحية لابد وأن يتخلى عن أملاكه المسروقة إذا كان الخيار الوحيد المتاح أمامه هو قتل اللص.

ولكن فلنحاول تطبيق هذه المبادئ على النزاعات الدولية. يشتمل قانون الحرب على نطاقين مختلفين للدفاع عن الذات. الأول يدور حول مبررات الدخول في الحرب في المقام الأول؛ والثاني يتعلق باستخدام القوة في القتال أثناء الحرب، مثل قتل المدنيين الذين يهاجمون الجنود.

فيما يتصل بتبرير النزاع المسلح، يتفق الجميع على أن الدولة التي تدافع عن نفسها تستطيع أن تستخدم كل القوة الضرورية لصد الدولة المعتدية. فحين غزت الأرجنتين واحتلت جزر فوكلاند، كان من حق المملكة المتحدة اتخاذ ما تراه ضرورياً من إجراءات لطرد المحتل.

ولكن فلنفترض أن البريطانيين قاموا بقصف مدينة بيونس أيريس بالقنابل. لكي يُـعْـتَبر استخدام القوة ضرورياً فلابد وأن يتحقق نتيجة لاستخدامها مصلحة عسكرية مباشرة تساهم في إحباط الاعتداء. أي أنه ليس من المقبول أن نزعم أن قصف مدينة واقعة على البر الرئيسي للدولة المعتدية كان ضرورياً لحمل سكان الأرجنتين على ممارسة الضغوط على الهيئة السياسية العسكرية لإجبارها على الانسحاب من الجزر. من هنا فإن قصف مدينة بيونس أيريس في هذا السياق كان سيعتبر غير ضروري، وبالتالي فما كان من الممكن أن يعد في نطاق القوة المتناسبة.

يخلط محامو القانون الدولي عادة بين مفهومي الضرورة والتناسب، بزعم أن المفهومين ينطبقان على حروب الدفاع عن الذات. لكن الأمر ليس على نفس القدر من الوضوح الذي يتسم به القانون الجنائي الوطني. فلا علم لي بأية قضية في النسخة الدولية من إطلاق النار على لصوص فارين حيث أكدت أي محكمة أن استخدام القوة كان ضرورياً لكنه لم يكن متناسباً.

هناك سببان يجعلان القانون الدولي يتسامح مع استخدام كل (أو تقريباً كل) القوة الضرورية. الأول أنه في الصراعات الدولية يتعين على الجيش المدافع دوماً أن يحمي أرواح مواطنيه، وليس فقط ملكياتهم. والسبب الثاني أنه باستثناء حالات نادرة لا توجد قوة شرطة دولية يمكنها مساعدة دولة تدافع عن نفسها.

إن مشكلة القوة غير المتناسبة تحمل أبعاداً مختلفة في ساحة المعركة، وحين يكون الجنود بالفعل في حالة حرب. فمن بين جرائم الحرب، والتي تعد بالعشرات في القانون الدولي، لم يأت أحد قط على ذكر عنصر القوة غير المتناسبة. وكان الوصف الأقرب لهذا التعبير في قانون روما هو "القوة المفرطة".

يحرم القانون الدولي استهداف المدنيين عمداً، كما هي الحال في الهجوم على أهداف عسكرية على الرغم من العلم بوقوع "أضرار بالغة" بين المدنيين مقارنة بقيمة الهدف العسكري. ولكن لا يوجد معيار، أو حتى نظرية، لتحديد متى يترتب على استخدام القوة أضرار بالغة بين المدنيين المارين.

إن المشكلة المحددة في لبنان، وبصورة خاصة فيما يتصل بمسألة قصف إسرائيل لجنوب بيروت، تكمن في تقرير متى تشكل الأهداف مدنيين يحميهم القانون أو جزءاً من منظمة إرهابية عسكرية وبالتالي هدفاً مشروعاً للهجوم. والحقيقة أن ما لدينا من معلومات حول العديد من هذه الهجمات ضئيل للغاية، حتى أننا لا نستطيع أن نجزم ما إذا كانت على أهداف مدنية أو أهداف مشروعة. ومثل هذه الحالات تبين لنا متى تكون المفاهيم واضحة لكن الحقائق في نفس الوقت غامضة. لذا يتعين على الصحافيين والمراسلين المتواجدين على أرض المعركة أن يتحققوا من الأهداف العسكرية المتصلة بهذه الهجمات بدلاً من إصدار الأحكام على أساس عدد القتلى بين المدنيين، وهو الأمر الذي قد يكون ذا قيمة صغرى فيما يتصل بالتحليل القانوني.

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت/معهد العلوم الإنسانية، 2006.


مبدأ التناسب

د. هورست فشر*

مبدأ التناسب متجذر في كل نظام قانوني قومي تقريباً، ويشكل أساس النظام القانوني الدولي. ووظيفته في القانون المحلي ربط الوسائل بالغايات. وفي النزاع المسلح، يستعمل المبدأ للحكم أولاً، في حق الحرب، على شرعية الأهداف الاستراتيجية في استخدام القوة للدفاع عن النفس، وثانياً، في قانون الحرب، على شرعية أي نزاع مسلح يسبب خسائر مدنية. ففي حرب الخليج، تصرفت قوات الحلفاء، فردياً وجماعياً، على أساس الدفاع عن النفس ضد العراق، وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، لكنها اختلفت حول ما إذا كان مبدأ التناسب يسمح لها باحتلال أراض عراقية أو خلع صدام حسين. شعرت عديد الدول أن الهدف الوحيد المسموح به هو تحرير الكويت فقط.

في مجرى الحرب، عندما يقوم طرف بهجوم شرعي على هدف عسكري، يبدأ مبدأ التناسب بلعب دور كلما وقع ضرر جانبي، أي خسائر مدنية أو ضرر في عين غير عسكري. وفي هذا المجال، يُذكر الهجوم الأمريكي على ملجأ العامرية في بغداد سنة 1991، الذي استهدف تدمير هدف عسكري لكنه أوقع وفيات مدنية عديدة. فإذا كان الملجأ هدفاً عسكرياً لاذ به مدنيون، فإن الهجوم عليه سيكون شرعياً شريطة خضوعه لمبدأ التناسب.

فكما صيغ في البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977، تحظر الهجمات إذا كانت ستوقع خسارة عرضية في حياة المدنيين أو جرحاً أو ضرراً بالأعيان المدنية مفرطاً مقارنة بميزة الهجوم العسكري المباشرة المحددة المتوقعة. يلقي هذا الحكم التزاماً دائماً على كاهل القادة العسكريين بأن يأخذوا بالاعتبار نتائج الهجوم مقارنة بالميزة المتوقعة. فقائمة الأهداف لا بد أن تجدد دائماً والنزاع يتطور، مع ضرورة الانتباه الخاص لحركة المدنيين الآمنة. ربما كان الهجوم على ملجأ العامرية غير قانوني، لو- وهذا لم يثبت أبداً- لم تتتبع الولايات المتحدة بعناية حركة المدنيين الباحثين عن ملاذ في بغداد.

قالت بعض الدول المصدقة على البروتوكول الأول : لا يمكن اعتبار الميزة العسكرية المباشرة المحددة المتوقعة لهجوم إلا ككل فقط، وليس فقط كأجزاء من هجوم منعزلة أو محددة. تعرف المادة 85 الهجوم العشوائي الذي ينفذ مع سابق معرفة بأنه سيوقع ضرراً جانبياً مفرطاً بالسكان المدنيين، بأنه خرق قانوني جسيم، ولذا جريمة حرب. إن تطبيق المبدأ صعب في الحرب، لكنه أصعب بعد أن يكون هجوم قد وقع. إلا إن النتائج غير المتناسبة الفادحة ستعتبر جناية من قبل جميع الأطراف المتحاربة والمجتمع الدولي.

إن "الهجمات الترويعية" على السكان المدنيين، أو قصف المناطق قصفاً شاملاً، التي بطبيعتها لا تميز بين الأهداف العسكرية والمدنية، محظورة، ولا يلعب المبدأ دوراً هنا. فإذا كان قصف المدنيين متعمداً، فإنه جريمة حرب. يؤكد نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، في مادته الثامنة، اعتبار توجيه الهجمات عمداً ضد السكان المدنيين بحد ذاتهم أو ضد الأشخاص المدنيين الذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية، جريمة حرب. واستخدام الأسلحة العشوائية، من مثل القنابل الانشطارية، في مناطق مأهولة جريمة حرب أيضاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(انظر الحصانة المدنية؛ الأهداف العسكرية المشروعة؛ الضرورة العسكرية).

* د. هورست فشر المدير الأكاديمي لمعهد قانون السلم والنزاع المسلح الدولي في جامعة روهر في ألمانيا، وأستاذ القانون الإنساني الدولي في جامعة ليدن في هولندا. وهو أيضاً المستشار القانوني للشؤون الدولية في الصليب الأحمر الألماني ورئيس تحرير "كتاب القانون الإنساني الدولي السنوي".


الضرورة العسكرية

فرانسواز جي. هامبسون*

الضرورة العسكرية مفهوم قانوني يستعمل في القانون الإنساني الدولي كجزء من التبرير القانوني لهجمات على أهداف عسكرية مشروعة قد يكون لها نتائج معاكسة، وحتى رهيبة، على مدنيين وأعيان مدنية. ويعني ذلك أن القوات المسلحة، وهي تخطط لأعمال عسكرية، مسموح لها أن تأخذ بالحسبان المتطلبات العملية لوضع عسكري في أية لحظة معروفة وضرورات كسب المعركة. ويعترف مفهوم الضرورة العسكرية، حتى وفقاً لقوانين الحرب، بأن كسب حرب أو معركة تفكير مشروع، رغم وجوب وضعه إلى جانب اعتبارات أخرى يحددها القانون الإنساني الدولي.

وسيكون من السذاجة المفرطة القول إن الضرورة العسكرية تطلق يد القوات المسلحة لتقوم بعمل غير مسموح به من دونها، فالضرورة العسكرية يجب أن تكون دائماً متوازنة مع متطلبات إنسانية أخرى يحددها القانون الإنساني الدولي. فأولاً، يجب أن يقصد أي هجوم هزيمة العدو عسكرياً ويخدمها؛ إذ لا يمكن تبرير الهجمات المقصودة بالضرورة العسكرية لأنها لن يكون لها غاية عسكرية. وثانياً، حتى هجوم موجه لإضعاف العدو عسكرياً لا يجب أن يوقع أذى مفرطا بمدنيين أو أعيان مدنية مقارنة بالميزة العسكرية المحددة المباشرة المتوقعة. وثالثاً، لا يمكن للضرورة العسكرية تبرير انتهاك قواعد القانون الإنساني الدولي الأخرى.

أكثر من ذلك، يجب أن يكون العمل قيد المسألة تعزيزاً لهدف عسكري وليس لهدف سياسي. يطرح هذا الأمر مشاكل تصنيفية واضحة. فهل إقناع العدو بالاستسلام هدف عسكري أم سياسي؟ وهل "إقناع" العدو بالاستسلام بالقصف الجوي هدف عسكري أم سياسي؟

وما يشكل هدفاً عسكرياً سوف يتغير في مسار النزاع. فبعد تدمير بعض الأهداف العسكرية، سوف يستعمل العدو منشآت أخرى للغرض نفسه، جاعلاً إياها، لذلك، أهدافاً عسكرية تبرر الهجوم عليها حسب الضرورة العسكرية. وتوجد نتيجة متغيرة مشابهة عند تقرير التناسب. فكلما كانت الميزة العسكرية المتوقعة أكبر، كلما كان الضرر الجانبي أكبر- في الأغلب خسائر مدنية- الأمر الذي سيكون "مُبرراً" أو "ضرورياً". وتظهر هذه المرونة أيضاً في ما يتعلق بحظر استعمال أسلحة تسبب "ضرراً زائداً أو معاناة غير ضرورية". فكلما كانت الضرورة أكبر، كلما بدا أن المعاناة الزائدة مبررة. وحتى في الرأي الاستشاري حول قانونية استعمال الأسلحة النووية تركت أغلبية القضاة في محكمة العدل الدولية في لاهاي الإمكانية مفتوحة لاحتمال تبرير دولة ما استعمالها لأسلحة نووية عندما يتعرض وجودها لتهديد خطير.

وتقر ممارسة الدولة بأن الحكم على الضرورة العسكرية كثيراً ما يتطلب تقويمات ذاتية حين تكون المعلومات عما يجري في أرض المعركة غير كاملة، وعندما تكون معرفة إلى أين سيقود الإخفاق في القيام بعمل معرفة ناقصة. لهذا السبب، كانت السرية دائماً لصيقة بأحكام القائد، خصوصاً تلك الأحكام التي تقرر في ظروف أرض المعركة. ونادراً، إن لم يكن أبداً، ما يكون حكم قائد ميداني في معركة- أي موازنة الضرورة العسكرية بالميزة العسكرية- خاضعاً لتحدٍ، ناهيك عن جزاء جنائي. ويظهر الاستثناء عندما تكون الطريقة التي استعملها القائد غير قانونية بحد ذاتها، ولم تغطى، لذلك، بالضرورة العسكرية.

وفي بعض الحالات، يطرح افتراض بأن أعمالاً معينة غير قانونية؛ لم يكن ممكناً حظرها بشكل مطلق ولكنها غير قانونية إلى أن تبررها "ضرورة عسكرية ملحة". هذا التقييد بالـ "الضرورة المطلقة" أو بـ "اسباب عسكرية ضرورية ملحة"، يضع عبئاً ثقيلاً على كاهل من يتذرعون بالاستثناء، إذ يجب عليهم تقديم الدليل. وتشمل أمثلة على ذلك اتفاقية جينيف الرابعة التي تقيد اعتقال الأشخاص المحميين ونقلهم أو إبعادهم من منطقة في إقليم محتل؛ والبروتوكول الإضافي الأول الذي يحظر عادة سياسة الأرض المحروقة ولكنه يسمح بها في ظروف استثنائية على أرض الوطن؛ والبروتوكول الإضافي الثاني الذي يحظر عادة الترحيل الداخلي للسكان المدنيين.

وفي مجرى القتال، تفرض هذه القواعد قيوداً مهمة على سلوك القوات الملتزمة بالقانون، ولكن تلك القوات قد تكون قادرة قانونياً على استحضار الضرورة العسكرية عندما يكون وجودها أو شروط كسبها للصراع مهددة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(انظر الحصانة المدنية؛ استهداف المدنيين غير القانوني؛ الحصانة؛ الهجوم العشوائي؛ الأهداف العسكرية؛ الملكية؛ التعمد).

* فرانسواز جي. هامبسون أستاذة في جامعة إسكس (المملكة المتحدة) ومساعدة مدير وحدتها للطفولة والنزاع المسلح. وهي عضو مفوضية الأمم المتحدة الفرعية لمنع التمييز ضد الأقليات وحمايتهم، وخبيرة لجنة القانون العرفي في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومديرة المعهد البريطاني لحقوق الإنسان.

النزاع المسلح الدولي مقابل النزاع المسلح الداخلي

ستيفن آر. راتنر*

حسب كلمات العالم السياسي جون بيرتون، فإن "تقسيم المجتمع العالمي إلى مجتمعين، قومي وعالمي، تقسيم تعسفي"، ورغم ذلك، يتشبث معظم القانون الإنساني الدولي بهذا التقسيم.

فلأن قوانين الحرب التقليدية- وقوانين جرائم الحرب- تهتم فقط بالنزاعات بين الدول، احتاجت الدول التي يتهم بعضها بعضه الآخر بانتهاكات أو بارتكاب جرائم حرب إلى توصيف نزاع بأنه حقاً دولي وليس داخلياً. وهكذا، تتعامل اتفاقيات جينيف، والبروتوكول الإضافي الأول الملحق بها، في كل أبعادهما تقريباً، مع النزاعات الدولية فقط. وهما ينطبقان على حالة "حرب معلنة أو في أي نزاع مسلح آخر [بين الدول] حتى وإن لم يعترف طرف من أطراف النزاع بحالة الحرب"، وبالمثل في "جميع حالات احتلال أراضي [دولة]، حزئياً أو كلياً، حتى وإن لم يواجه الاحتلال المذكور مقاومة مسلحة". وتشمل الحالات السهلة قيام دولة باحتلال دولة أخرى أو الهجوم عليها أو قصفها مدفعياً أو الإغارة عليها جوياً؛ إلا إن الحالات الصعبة تعتمد على منظور الدول المحاربة والدول التي تراقب الوضع.

إحدى هذه الحالات الصعبة، النموذجية هذه الأيام، هي الحرب الأهلية التي قد تنخرط دول أجنبية فيها أو تثيرها، دون لجوء الدولة الأجنبية إلى أعمال حربية كلاسيكية. والسؤال المطروح: ما مستوى الانخراط الكافي، في حالة تشبه حالة البوسنا أو زائير، لتفعيل اتفاقيات جينيف؟ لا يقدم القانون الدولي أجوبة دقيقة عن هذا السؤال. محكمة العدل الدولية تعتبر أي دولة أجنبية مسؤولة عن تصرف فريق في حرب أهلية إذا ( أ ) كان الفريق عميلاً في الواقع للدولة ألأجهبية أو إذا ( ب ) كانت الدولة الأجنبية تأمره بالقيام بأعمال معينة. فمحكمة الأمم المتحدة ليوغسلافيا اعتبرت، في قضية تادك لسنة 1997، أن معيار العميل الواقعي انطبق وفعّل اتفاقيات جينيف؛ وذهبت أبعد من ذلك لتجد أن جيش صرب البوسنا لم يكن، في تلك الحالة المحددة، عميلاً واقعياً لصربيا، وأن صربيا، لذلك، لم تكن طرفاً في النزاع، وأن الاتفاقيات لا تنطبق هنا. ويقترح تفسير اللجنة الدولية للصليب الأحمر لاتفاقيات جينيف معياراً أدنى، مركزاً على من اتخذ القرار الذي قاد إلى الأفعال غير القانونية. وتظل المسألة غير محلولة.

إن النتائج القانونية لتصنيف نزاع بأنه داخلي فحسب أمر مهم إلى حد بعيد. فأولاً، لا توفر اتفاقيات جينيف إلا حماية أساسية جداً فقط في حالة الحروب الأهلية من خلال المادة الثالثة المشتركة في الاتفاقيات. فتلك المادة تحظر انتهاكات فاضحة معينة للكرامة الإنسانية من مثل القتل والتعذيب وسوء المعاملة وأخذ الرهائن. وثانياً، يوفر البروتوكول الإضافي الثاني لسنة 1977 الذي يتعامل بشكل محدد مع النزاعات الداخلية، حماية أقل، خلال مثل تلك النزاعات، مما توفره اتفاقيات جينيف للنزاعات الدولية. وثالثاً، لا تعين الاتفاقيات مسؤولية جنائية لمقاضاة جرائم الحرب إلا إذا ارتكبت انتهاكات في النزاعات المسلحة الدولية فقط.

ورغم ذلك، أظهرت تطورات أخيرة إمكانية المقاضاة على جرائم الحرب في النزاعات الداخلية دون الحاجة للعثور على نوع من الصلة بينها وبين حرب دولية، من خلال الاعتماد على أنظمة أساسية خاصة والقانون العرفي الدولي. فأولاً، يمنح نظام محكمة راوندا الأساسي تلك المحكمة سلطة قضائية على انتهاكات خطيرة للمادة الثالثة المشتركة والبروتوكول الإضافي الثاني؛ وثانياً، فسرت محكمة يوغسلافيا نظامها الأساسي ليسمح بسلطة قضائية على انتهاكات خطيرة للمادة الثالثة وانتهاكات خطيرة لقوانين وأعراف الحرب في النزاعات الداخلية؛ وثالثاً، يساند نظام محكمة الجنايات الدولية الأساسي بشكل محدد جنائية عديد الأفعال التي ترتكب في النزاعات الداخلية.
ـــــــــــــــــــــــــ
(انظر المناطق الرمادية في القانون الإنساني الدولي؛ رجال العصابات؛ القوات شبه العسكرية).

* ستيفن آر. راتنر أستاذ قانون في جامعة تكساس وكبير من كبار باحثي مؤسسة فولبرايت وباحث زميل بلقب أسر في معهد توبياس مايكل كاريل أسر في لاهاي. كتب بالاشتراك كتاب "المسؤولية تجاه جرائم حقوق الإنسان في القانون الدولي: ما بعد إرث نورمبرغ" (منشورات جامعة أكسفورد، 1977)، وهو عضو في مجموعة خبراء الأمم المتحدة التي تحقق في إمكانية مقاضاة الخمير الحمر على الفظائع التي ارتكبوها في كمبوديا.



و دمتم في امان الله

alkhearbi
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 133
اشترك في: الثلاثاء يوليو 17, 2007 1:10 am
مكان: السايلة بدون ماء

Re: (القوة المفرطة) مبدأ التناسب (Excessive force) متى بكون

مشاركة بواسطة alkhearbi »

السلام عليكم اخوتي في المجلس

للاسف لم اشاهد اي تعليق على الموضوع من قبل الاخوة ... و الحقيقة عندما بدأت اقراء في بعض المواقع الاخبارية عن استخدام السعودية للقوة المفرطة تذكرت هذا الموضوع الذي اهديته لكم ...
و اصبح في طي النسيان .... لماذا ؟ هذه مشكلة اليمنيين لا يتمكنون من السيطره على تشخيص مشاكلهم حتى يتمكنوا من معالجتها...

ارجوا تفعيل الموضوع و مناقشته على اطار المجلس او لنتوسع اكبر من هذا الاطار ان اردنا بحول الله و قوته ...

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس السياسي“