آل محمد( ص ) في القرآن

أضف رد جديد
Faris
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 56
اشترك في: الأربعاء مارس 30, 2005 8:49 am

آل محمد( ص ) في القرآن

مشاركة بواسطة Faris »


إن القرآن قد تحدث عن دور الأنبياء كشهداء على الأمم ، وكذلك عن كونهم العلماء بالكتاب والحكام به ، فتتم بذلك الحجة الإلهية على البشر .



ثم أن الاصطفاءات الإلهية لا تقتصر على الأنبياء ، وأن الله تعالى قد شمل باصطفاءاته بيوتات الأنبياء وذراريهم ، وليس رسول الله ببدع من الرسل ، ولنستعرض هنا بعضا من الآيات التي تثبت ذلك ، وهي آيات صريحة ، لا تفاسير باطنية يدعي خصوم الشيعة إن عقيدتهم قائمة عليها .

وإليك أهم الآيات التي تناولت أهل بيت رسول الله ( ص ) بالخصوص :




أولا : قوله تعالى " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا" (1) .

نزلت الآية في حق خمسة وهم أصحاب الكساء محمد ( ص ) وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام والآية تقصدهم دون غيرهم ، وهي تساوق في المعنى ما نزل في حق مريم عليها السلام ] يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين [(1) ، حيث تدل على تعلق إرادة إلهية خاصة بطهارتهم .

وإرادة الطهارة هذه تختلف عن الإرادة العامة المتعلقة بكل الناس مثل التي في قوله تعالى ] ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم [(2) ، التي تتعلق بالوضوء ، فإرادة الطهارة هنا تسمى بالإرادة التشريعية وهي عامة .

وأما إرادة الطهارة لمريم ومثلها إرادة الطهارة عليها السلام لأهل البيت فهما إرادتان خاصتان بأشخاص معينين ، فهي إرادة لا يتخلف عنها مراد الله عز وجل ، كما في قوله : ] وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب [(3) ، وذلك عندما أراد جعل الإمامة في ذرية إبراهيم .

وأهم إشكال يورد على الآية مجيئها في سياق الحديث عن نساء النبي ( ص ) فأولها ] وقرن في بيوتكن [ كما أن بداية الآية التي بعدها ] واذكرن ما يتلى في بيوتكن [ مما يعطي اعتقاداً بأنها تتحدث عن نساء النبي ( ص ) .



ولكن يتضح لكل باحث بأدنى مراجعة في الكتب المتخصصة ، أن ترتيب النزول غير ترتيب التلاوة في كثير من آيات القرآن الكريم ، فقد نقل السيوطي قول البغوي في ( شرح السنة ) :

"وكان رسول الله ( ص ) يلقن أصحابه ويعلمهم ما نزل عليه من القرآن على الترتيب الذي هو الآن في مصاحفنا بتوقيف جبريل إياه على ذلك وإعلامه عند نزوله كل آية أن هذه الآية تكتب عقيب آية كذا في سورة كذا … وترتيب النزول غير ترتيب التلاوة "(1) .

بل إن هذا أمر مسلّم عند أهل الاختصاص في بحث المكي والمدني ، لذا ذكر السيوطي فصلا بعنوان " في ذكر ما استثني من المكي والمدني ، قال : وقال ابن حجر في شرح البخاري :

" قد اعتنى بعض الأئمة ببيان ما نزل من الآيات بالمدينة في السور المكية "(2).

ويتضح الأمر أكثر في بحثهم حول آخر ما نزل من القرآن الكريم فقد نقل السيوطي عن ابن عباس أن آخر ما نزل من القرآن "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ... "(1) ، ومع ذلك هي موضوعة بين آيتي الربا والديْن في سورة البقرة ، ] وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون () واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون () يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ... [ (2) .



والروايات الواردة في بيان سبب نزول الآية كلها تجمع على عدم وجود أي ارتباط بين سبب النزول ونساء النبي كما سيأتي بيانها ، نعم قيل أن ترتيب القرآن وإن كان مخالفا لترتيب النزول يجب أن يكون له وجه مناسبة .



فنقول في ذلك : قد يكون تغيير الترتيب لحفظ الآية من تناول يد المحرفين إذ القرآن كما يحفظ بالمعجز ، يمكن أن يحفظ بطرق طبيعية ، فضلا عن أن المناسبة غير مفقودة هنا وهو تذكير نساء النبي عند الحديث معهم بخصوصية البيت المنسوبين لها نسبة ما فلا يتصرفن كغيرهن من النساء .

فالآيات جاءت في صدد نصح زوجات النبي ( ص ) منبهة في الوسط على عظمة البيت الذي نسبن إليه من خلال العلاقة الزوجية بقوله تعالى ] إنما يريد الله ليذهب … [ ، كما يعد الخادم الذي يعمل في البيت منسوب إليه نسبة ما يجب أن يراعي معها الشرف الخاص لأهل البيت فلا يصدر منه ما يتنافى مع الموقعية الخاصة لأهل البيت الذي يعمل لديه .

ومهما يكن ، فإنه لن يستطيع أحد أن يغض الطرف عن الغرابة في الانتقال من ضمير المؤنث إلى ضمير المذكر في الآية ، حيث يجب أن يبررها حتى من يدعي أنها تقصد نساء النبي ، باختصاصها لهن أو باشتراكهن مع الخمسة أصحاب الكساء عليهم السلام .

وإذا ادعى أحد بأن الضمير لدخول الرسول ( ص ) وعلي (ع) مثلا وهو المسوغ للانتقال إلى ضمير المذكر فإن ذلك يبطل السياق الذي يدعون . فلماذا انتقلت الآية للحديث عن النساء إلى الحديث عن رسول الله ( ص ) والخمسة أصحاب الكساء - بضميمة النساء أو بدونها – مع أن الكلام السابق عن خصوص نساء النبي ( ص ) وكذلك اللاحق . فما العلة في تلك النقلة ؟

ن

فإذا قال الخصم أن الانتقال لكي يبرز فضل رسول الله ( ص ) والخمسة أصحاب الكساء بالإضافة إلى الزوجات ، فنقول إذن لا مانع أن يكون الانتقال لبيان فضل الخمسة دون النساء ، فمن لا يرى مانعا من الأول ينبغي ألا يرى مانعا من الثاني ومن يستسيغ الأول يستسيغ الثاني .



ومع ذلك كله ، فإنه لم يقل أحد من علماء السنة ممن يعتد بقوله بأن الآية خاصة بالنساء إلا ما روي عن الخارجي عكرمة ، لذا برروا تغير الضمير إلى المذكر بدخول الرجال معهم ، وعلماء السنة - ممن يحترم علمه – قد ترددوا بين رأيين :

أحدهما : أنها تشمل نساء النبي لسياق ترتيب القرآن والخمسة أصحاب الكساء وهو رأي مثل ابن كثير في تفسيره عند تفسيره للآية حيث يقول ردا لقول عكرمة أن الآية مختصة بأزواج النبي : " إن أريد أنهن المراد فقط دون غيرهن ففي هذا نظر فإنه وردت روايات تدل على أن المراد أعم من ذلك "(1) ، وقد قرأت ما قلناه في السياق .

والثاني : هو اختصاص المراد بالآية بالخمسة أصحاب الكساء وقد تبنى هذا الرأي الطحاوي بقوة فقد ذكر بعض الأحاديث الواردة في الباب فقال :

" عن عامر بن سعد عن أبيه قال لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله ( ص ) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا عليهم السلام وقال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي " ، وعلق الطحاوي بقوله : " فكان في هذا الحديث أن المراد هم رسول الله ( ص ) وعلي وفاطمة وحسن وحسين "(1) .



إلى أن يقول :

"وحديث سعد وما ذكرناه معه من الأحاديث في أول الباب معقول بها من أهل الآية المتلوه فيها لنا قد أحطنا علما أن رسول الله ( ص ) لما دعا من أهله عند نزولها لم يبق من أهلها المرادين فيها أحد سواهم وإذا كان ذلك كذلك استحال أن يدخل معهم فيما أريد به سواهم ، وفيما ذكرنا من ذلك بيان ما وصفنا.

فإن قال قائل فإن كتاب الله تعالى يدل على أن أزواج النبي ( ص ) هم المقصودون بتلك الآية لأنه قال قبلها في السورة التي هي فيها ] يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا [ إلى قوله ] الجاهلية الأولى [ فكان ذلك كله يؤذن به لأنه على خطاب النساء لا على خطاب الرجال ثم قال ] إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس [ .

فكان جوابنا له : أن الذي تلاه إلى آخر ما قبل قوله ] إنما يريد الله [ هو خطاب لأزواجه ثم أعقب ذلك بخطابه لأهله بقوله تعالى ] إنما يريد الله [ ، فجاء به على خطاب الرجال ، وما قبله فجاء به بالنون وكذلك خطاب النساء "(1) . انتهى كلام الطحاوي .



وكذلك صرح بذلك الآجري ( ت 360 ) قال : " باب ذكر قول الله عز وجل ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) ، قال محمد بن الحسين رحمه الله – أي الآجري – هم الأربعة الذين حووا جميع الشرف ، وهم علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم "(2) .



وبذلك صرح أبو المحاسن الحنفي : " في أهل البيت ، روي أن رسول الله ( ص ) قال لما نزلت هذه الآية ] إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا [ دعا عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي ، وروي أنه جمع فاطمة والحسن والحسين ثم أدخلهم تحت ثوبه ثم جأر إلى الله فقال رب هؤلاء أهلي قالت أم سلمة : يا رسول الله فتدخلني معهم قال : أنت من أهلي ، يعني من أزواجه كما في حديث الإفك من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي لا أنها أهل الآية المتلوة في هذا الباب يؤيده ما روي عن أم سلمة أن هذه الآية نزلت في بيتي … وما روي عن واثلة … ، وواثلة أبعد من أم سلمة لأنه ليس من قريش وأم سلمة موضعها من قريش فكان قوله ( ص ) لواثلة أنت من أهلي لاتباعك إياي وإيمانك بي وأهل الأنبياء متبعوهم يؤيده قوله تعالى لنوح ] إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح [ (هود 46) ، … والكلام لخطاب أزواج النبي ( ص ) تم عند قوله ( وأقمن الصلاة وآتين الزكاة ) وقوله تعالى ] إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت [ استئناف تشريفا لأهل البيت وترفيعا لمقدارهم ألا ترى أنه جاء على خطاب المذكر فقال عنكم ولم يقل عنكن ، فلا حجة لأحد في إدخال الأزواج في هذه الآية يدل عليه ما روي أن رسول الله ( ص ) كان إذا أصبح أتى باب فاطمة فقال : السلام عليكم أهل البيت ] إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا [ "(1) .



وأما القول بأن الآية تشمل النساء ورسول الله ( ص ) فقط دون علي وفاطمة والحسنين فهو رأي لم يقله إلا بعض أتباع ابن تيمية في زمننا المعاصر ممن لم يقرأ أقوال علمائهم ولم يعلم بالروايات الواردة في الباب .



ويكفي ردا على ذلك إيراد مسلم للرواية في صحيحه كتاب الفضائل باب فضائل أهل بيت النبي ( ص ) عن عائشة قالت : " خرج النبي ( ص ) غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال : ] إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا [ "(1) .

ولقد وردت عدة روايات عن أم المؤمنين أم سلمة تصرح فيها بقولها : " في بيتي نزلت هذه الآية " ؟ ثم تراها تفصل في شأن النـزول كما ينقل الحاكم النيسابوري في ( المستدرك على الصحيحين ) :

عن عطاء بن يسار عن أم سلمة قالت في بيتي نزلت : ] إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت [ ، قالت : فأرسل رسـول الله ( ص ) إلى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال هؤلاء أهل بيتي . قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه ، وقال الذهبي : على شرط البخاري(2) .



وأخرج الحاكم أيضا بإسناد آخر:

عن عطاء بن يسار عن أم سلمة ( رض ) أنها قالت في بيتي نزلت هذه الآية ] إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت [ ، قالت فأرسل رسول الله ( ص ) إلى علي وفاطمة والحسن والحسين رضوان الله عليهم أجمعين فقال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي " ، قالت أم سلمة : " يا رسول الله ما أنا من أهل البيت "، قال : " إنك أهلي خير وهؤلاء أهل بيتي اللهم أهلي أحق " .

قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه . وقال الذهبي على شرط مسلم ، سمعه الوليد بن مزيد من الأوزاعي(1) .

ورواه الترمذي بسند آخر عن أم سلمة وفيه ، فقالت أم سلمة : وأنا معهم يا رسول الله ؟ قال إنك إلى خير . ثم أتبعه بقوله : " هذا حديث حسن وهو أحسن شيء روي في هذا الباب "(2).

وعبارة " إنك أهلي خير " المذكورة في ( المستدرك ) نقلناها كما في الطبعة ولكن من الواضح وجود تصحيف إذ السياق يقتضي أن تكون " إنك على خير " ولا نستطيع الجزم بأنه متعمد ولكن الواضح إنه خلاف مزاج الكثيرين .

ن

ويظهر من ابن كثير اعتماده على هذه الروايات لقوله تعليقا على رأي عكرمة في أن الآية مختصة بأزواج النبي : " إن أريد – من قول عكرمة – أنهن المراد فقط دون غيرهن ففي هذا نظر فإنه وردت أحاديث تدل على أن المراد أعم من ذلك "(1) ، ومع كثرة ما أورد من الأحاديث التي تدل على نزول الآية في الخمسة أصحاب الكساء لم يورد رواية واحدة تدل على أنها نزلت في " الأعم " من ذلك .

ويذكر ابن تيمية تلك الروايات الواردة عن أم سلمة ، بعد ذكر رواية عائشة الواردة في صحيح مسلم بقوله : " وهو مشهور من رواية أم سلمة من رواية أحمد والترمذي "(2) .

بل الأعجب من ذلك أن مسلم في صحيحه يورد ما يدل على عدم كون الزوجة من أهل البيت ففي كتاب فضائل الصحابة باب فضائل علي بن أبي طالب ينقل الرواية عن زيد بن أرقم ثم يقول : فقلنا : من أهل بيته ؟ نساؤه ؟ قال :" لا وايم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها "(3) .

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات التاريخية والآثار الإسلامية“