من هم الزيدية

علي الوايلي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 9
اشترك في: الثلاثاء إبريل 20, 2004 12:11 am
مكان: نجران
اتصال:

من هم الزيدية

مشاركة بواسطة علي الوايلي »

الزيدية اسمٌ عامٌّ للمُنْتسبين إلى الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ـ عليهم السلام ـ ، وهم أئمة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ من بعده، وأتباعهم.

ومنهم الهادوية: وهم المنتسبون إلى الإمام المجدد للدين الهادي إلى الحق المبين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن السبط بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليهم السلام ـ ، ولا فرق بينهم، ولا اختلاف عندهم في نظام الحكم، ولا في مسألة من مسائل أصول الدين.

وإنما سميت الزيدية زيدية لموافقتهم لإمام الأئمة زيد بن علي ـ عليهم السلام ـ في التوحيد، والعدل، والإمامة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والخروج على أئمة الجور والظلم كما قال الإمام محمد بن عبدالله النفس الزكية ـ عليهم السلام ـ: أمَا والله لقد أحيا زيدُ بنُ عليٍّ ما دثر من سنن المرسلين، وأقام عمود الدين إذ اعوج، ولن ننحوَ إلاَّ أثرَهُ، ولن نقتبسَ إلاَّ من نوره، وزيد إمام الأئمة، وأولُ من دعا إلى الله بعد الحسين بن علي ـ عليهما السلام ـ أخرجه الإمام أبوطالب في أماليه [ص186]، وما ورد فيه من البشارات عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعن أمير المؤمنين، وعن الحسين السبط ـ عليهم السلام ـ لا يسع المقام ذكره، وهو مبسوط في الأماليات، وكتاب الشافي، وفي المنهاج الجلي، وقواعد عقائد آل محمد، وغيرها.

وفضائله كالشمس وضحاها، لا يمتري في ذلك أحدٌ من علماء الإسلام
[/b][/color][/color][/size]
لو فتشوا قلبي للقي وسطـه **** سطران خطا بلا كاتـب
العدل والتوحيد في جـانب **** وحب آل البيت في جانب

علي الوايلي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 9
اشترك في: الثلاثاء إبريل 20, 2004 12:11 am
مكان: نجران
اتصال:

مشاركة بواسطة علي الوايلي »

هذا النص من كلام إمام الزمان أبو الحسنين الأمام مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي عليه السلام
من كتاب الجوابات المهمة ص 10 8)
لو فتشوا قلبي للقي وسطـه **** سطران خطا بلا كاتـب
العدل والتوحيد في جـانب **** وحب آل البيت في جانب

بنت الهدى2
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 108
اشترك في: الاثنين مارس 21, 2005 8:11 pm

مشاركة بواسطة بنت الهدى2 »

[size=24]أخي الكريم إن السؤال الذي توجهت به عظيم (من هم الزيدية) ولكن إجابته تحتاج إلى توضيح أكبر ليتسنى للكثير من الزوار المعرفة الحقيقية والواضحة لمن هم الزيدية[/size]

عصام البُكير
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 241
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 12:21 am
مكان: اليمن - صنعاء

مشاركة بواسطة عصام البُكير »

السلام عليكم أحببت ان اعقب على كلام إخواني واستفيض في تعريف من هم الزيدية

وذلك نقلاً من احد المواقع التابعه للزيدية





النشأة :

قال العلامة المجتهد حجة العصر السيد مجد الدين بن محمد المؤيدي في كتابه التحف:

لما ظهرت الضلالات ، وانتشرت الظلمات ، وتفرقت الأهواء ، وتشتت الآراء في أيام الأموية ـ وإن كان نجم الخلاف في هذه الأمة من بعد وفاة الرسول ـ إلا أنها عظمت الفتن ، وحلت المحن ، وصار متلبساً بالإسلام من ليس من أهله ، وادعاه من لا يحوم حوله، قام لرخص الدين وتجديد ما أتى به رسول رب العالمين ـ الإمام زيد بن عليّ يقدم طائفة من أهل بيته وأوليائهم ، وهي الطائفة التي وعد الله الأمة على لسان نبيها ـ أنها لن تزال على الحق ظاهرة تقاتل عليه إلى يوم الدين ، أعلن أهل البيت صلوات الله عليهم الإعتزاء إلى الإمام زيد بن عليّ بمعنى أنهم يدينون الله بما يدينه من التوحيد والعدل والإمامة ليظهروا للعباد ما يدعونهم إليه من دين الله القويم وصراطه المستقيم ، وكان قد أقام الحجة وأبان الحجة بعد آبائه صلوات الله عليهم ، فاختاروه علما بينهم وبين أمة جدهم

قال الإمام الكامل عبد الله بن الحسن بن الحسن :

" العلم بيننا وبين الناس عليّ بن أبي طالب والعلم بيننا وبني الشيعة زيد بن عليّ " وقال ابنه الإمام محمد بن عبد الله النفس الزكية : " أما والله لقد أحيا زيد بن على ما دثر من سنن المرسلين وأقام عمود الدين إذا اعوج ولن نقتبس إلا من نوره ، وزيد إمام الأئمة " انتهى . فلم يزل دعاء الأئمة ولا يزال على ذلك إن شاء الله تعالى إلى يوم القيامة .

التسمية :

إن إطلاق اسم الزيدية على علماء أهل البيت عليهم السلام وعلمائم وشيعتهم في اليمن الميمون منسوب إلى الإمام زيد بن علي عليه السلام فنسبتهم إليه صحيحة واقعة مشهورة غير منكورة ، وذلك لموافقتهم زيد بن علي عليه السلام في الخمس مسائل الكليات من أصول الدين، وهي: التوحيد ومسائله، والعدل ومسائله ، والوعد والوعيد ومسائلهما، وإثبات الإمامة لأمير المؤمنين وسيد الوصيين علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل. فمن وافق الإمام زيد بن علي عليه السلام في هذه المسائل فهو زيدي ، ومن خالفه فيها أو أحدها فليس بزيدي ، وهذا هو المتفق عليه عند علمائنا.

ويطلق اسم الزيدي على من وافقه في مسائل أصول الدين ، وإن خالفه في فروع الفقه ، وليست النسبة إلى الإمام زيد بن علي عليه السلام كالنسبة إلى الإمام الشافعي وأبي حنيفة النعمان ، لأن الشافعية ينسبون إليه ، لإتباعه وتقليدهم له في الفروع ، والحنفية منسوبون إلى أبي حنيفة لإتباعهم وتقليدهم له في الفروع لا في الأصول ـ أعني أصول الدين أو أصول الفقه ـ إذ عُلِم واشتهر أن الشافعية في معتقداتهم يوافقون علي بن بشر الأشعري، والحسن ابن أبي بشر الأشعري، والحنفية كذلك. وإنما يوافقون الشافعي في مسألة الرؤية والشفاعة ونحو ذلك.





الأصول الخمسة عند الزيدية :

قال ترجمان الدين الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي عليه السلام إن من لم يعلم عن دين الإسلام خمسة أصول فهو ضال جهول .

أولها : أن الله واحد ليس كمثله شيء وأنه خالق كل شيء ..

والثاني : أن الله سبحانه عدل غير جائر ..

والثالث : أن الله سبحانه صادق الوعد والوعيد يجزي بمثقال ذرة خيراً ويجزي بمثقال ذرة شراً ، ومن صيره الله إلى العذاب فهو فيه أبداً خالداً كخلود من صيره إلى الثواب الذي لا ينفد ..

والرابع : أن القرآن المجيد فصل محكم وصراط مستقيم ، ولا خلاف فيه ولا اختلاف ، وأن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي ما كان لها ذكر في القرآن ومعنى ..

والخامس : أن التقلب بالأموال والتجارات والمكاسب في وقت ما تعطل فيه الأحكام وينهب ما جعل الله للأرامل والأيتام والمكافيف وسائر الضعائف ليس من الحل والإطلاق كمثله في وقت ولاة العدل والإحسان القائمين بحدود الرحمن .





عقيدة الزيدية سوف نستعرض أحد الكتب للسيد د. المرتضى بن زيد المحطوري حفظه الله


نبذة عن كتاب مصباح العلوم


مقدمة المحقق
مصباح العلوم كاسمه مصباحٌ صغير الحجم؛ لكنه كثير الضوء، يناسب الصغير في البداية، كما يناسب الكبير في النهاية، والقبول الذي لاقاه في أوساط الطلبة والمدرسين يَنُمُّ عن نِِيَّةٍ صالحة. ويسمى بالثلاثين مسألةً، وهي مشهورة بين أبناء المذهب الزيدي لشمولها أهم عقائد الزيدية في صفحات قلائل.

وقد اعتمد المؤلف رضي الله عنه الدليل العقلي اقتداء بالكتاب العزيز الذي هتف بالعقول، وأيقظ الألباب، وعاب التقليد، واستنكر الجمود، ودعا إلى اعتقاد مذهبٍ يؤمنُ بصحته العقل، ويشهد له الذوق، والمنطق قبل الدليل النقلي.

وقد تلقى العلماء هذه المسائل بالقبول، وشرحها عدد من العلماء: منهم الإِمام إِبراهيم بن محمد بن أحمد عز الدين في كتابة ((الإِصباح على المصباح)) وشرح لابن حابس، وللسحولي حاشية عليها.

وقد طبع المصباح بتحقيق المرحوم الدكتور: محمد عبد السلام كفافي- أستاذ الآداب الإِسلامية بجامعة القاهرة وجامعة بيروت.

وقد رأينا إِعادة طبعه مضبوطاً مريحاً للطلبة، وقد اعتمدنا على نسخة بحاشية السحولي، وأنا أحفظ الثلاثين مسألة عن ظهر قلب وأرويها قراءة وإِجازة فيها وفي غيرها من المعقول والمنقول عن العالم الرباني حامل راية علماء الآل فيلسوف عقائدهم الوالد: محمد بن محمد بن إِسماعيل مطهر المنصور حفظه الله، وإِجازة غيره من العلماء العاملين الكبار مثل الوالد: مجد الدين ابن محمد بن منصور المؤيدي مفتي اليمن، والوالد أحمد بن محمد زباره مفتي الجمهورية رحمه الله، ونائب مفتي الجمهورية سابقا الوالد حمود بن عباس المؤيد، والقاضيين الجليلين عبدالحميد أحمد معياد رحمه الله، ومحمد بن أحمد الجرافي، وغيرهم من العلماء الأعلام حفظهم الله

آملاً بذلك أن أكون قد وُفِّقْتُ في خدمة طلبة وطالبات العلم الذين هم رأس مالي. راجياً أن أجاور جدي المصطفى وأهل الكساء بسبب رعاية طالب العلم الذي نهدف من إِعداده إِلى خدمة المجتمع وإِضاءة المشاعل في دروبه، وتقديم العقائد الصحيحة للمسلمين أينما كانوا، مستأنسين بما يعتقده آل بيت النبي الذين أمرنا الله باتباعهم كما جاء في صحيح مسلم ج4ص 1873 وغيره: (( إِني تارك فيكم ثَقَلَينِ، أولهما: كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به..ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، ثلاثاً )).

وفقنا الله لما يحب ويرضى....

المؤلف في سطور
رحم الله العالم الجليل أحمد بن الحسن بن محمد الرّصاص، فقد كان قطباً من أقطاب علماء الزيدية، تتلمذ على يد والده المتوفي: 584هـ - المقبور بجوار شيخه شيخ الأئمة القاضي جعفر بن عبدالسلام في قرية سَنَاع جنوب غرب صنعآء، وهو [ أي والد المترجم له] شيخ الإِمام عبدالله بن حمزة؛ فنعرف بهذا أن الإمام عبد الله بن حمزة وصاحب الترجمة زميلا درس على أغلب الظن، أضف إلى هذا أنه أحد رجالات الإِمام عبد الله بن حمزة البارزين. قال صاحب مطلع البدور: كان من أهل العلم الغزير، والمجد الخطير، وله في الأصول مؤلفات كثيرة.ت 22 محرم 621 هـ.

وله مؤلفات جامعة نافعة منها: مسائل الهادوية في التنبيه على أبيات المزية على مذهب الزيدية، وحقائق الأغراض وأحوالها وشرحها (خ)، يوجدان بمكتبة الجامع الكبير الغربية بصنعاء، والدرر المنظومات في سلك الأحكام والصفات، والخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في علم الكلام (خ) في الامبروزيانا ونسخ أخرى متعددة. والشهاب الثاقب في مناقب علي بن أبي طالب (خ) .

وله أيضاً : النجم الثاقب في إِمامة علي بن أبي طالب، وربما هو نفس الكتاب السابق، والواسطة في مسائل الاعتقاد الهادية إِلى سبيل الرشاد، ومنها مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم وهو هذا الذي بين يديك، ويعرف أيضاً بالثلاثين مسألة: عشر منها في التوحيد. وعشر في العدل. وعشر في الوعد والوعيد. وهي خلاصة عقيدة أهل العدل والتوحيد وبالأخص الزيدية.

وفقنا الله وتقبل منا

أبو هاشم د. المُرْتَضَى بنُ زَيْدٍ الْمَحَطْوَرِيْ

صنعاء-2/ذو الحجة 1418هـ-30/3/1998م
قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت و يطهركم تطهيرا)
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي ولفاطمة وحسن وحسين(اللهم هؤلاء اهل بيتي فأذهب عنهم الرجس)
اللهم صلي على محمد وآل محمد

عصام البُكير
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 241
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 12:21 am
مكان: اليمن - صنعاء

مشاركة بواسطة عصام البُكير »

الْمُقَدِّمَةُ


الْحَمْدُ للهِ ذِي الْمَنِّ والإفْضَالِ، الْحَكِيْمِ فِي الأفْعَالِ، الصَّادِقِ فِي الأَقْوَالِ، الْمُدَمِّرِ لأَعْدَآئِه الْجُهَّالِ، الَّذِيْ عَصَمَنَا مِنَ الاغتِرَارِ بأَهْلِ الضَّلاَلِ، والانْخِدَاعِ بزَخَارِفِ كُلِّ مُحْتَالٍ، وَوَفَّقَنَا لإِيثَارِ الأَدِلَّةِ والبراهِينَ عَنْ تقليدِ الرِّجالِ، وَأَنْقَذَنَا بِمَا وَفّقنَا لَهُ مِنْ تَحْصِيلِ العِلْمِ عَنْ أدْوآءِ الجهلِ والْجُهّالِ، وَصَلَواتُهُ عَلَى نَبِيِّهِ الرَّاقِي مِنَ الشَّرَفِ فَوقَ ذُرْوَةِ الكَمَالِ، مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَعَلَى آلِهِ خَيْرِ آلِ([1]).

أَمَّا بَعْدُ، فإِنَّ الْعِلْمَ بِاللهِ رَأْسُ العُلُومِ وَأَوْلاَهَا بِالإِيثَارِ والتَّقْدِيْمِ; لِمَا رُوينَاهُ بالإِسْنَادِِ الْمَوثُوقِ بِهِ عَنْ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ أَنَّ رَجُلاً أتاهُ فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، عَلِّمْنِي مِنْ غَرآئِبِ العِلْمِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ: (وَمَاذَا صَنَعْتَ فِي رَأْسِ العِلْمِ حَتَّى تَسْألَنِي عَنْ غرآئبِهِ?)، فَقَالَ الرَّجُلُ: يا رَسُولَ اللهِ ومَا رَأْسُ العِلْمِ? قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ: (مَعْرِفَةُ اللهِ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ) قَالَ: ومَا مَعْرِفَةُ اللهِ حَقَّ مَعْرفتِهِ?، قَالَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ: (أَنْ تَعْرِفَهُ بلاَ مِثْلٍ وَلاَ شَبِيهٍ، وَأَنْ تَعْرِفَهُ إِلَهًا وَاحِدًا أوَّلاً آخِرًا ظَاهِرًا بَاطِنًا لا كُفْؤَ لَهُ ولاَ مِثْلَ)([2]).

وَرُوِيْنَا عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ أنَّهُ قَالَ: (التَّوْحِيدُ ثَمَنُ الجَنَّةِ) ([3]) وَرُوِينَا عَنُْه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ أنَّهُ قَالَ: (أفْضَلُ العِلْمِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وأفْضَلُ الدُّعَآءِ الاسْتِغْفَارُ) ([4]).

فإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ أفْضَلُ الْعُلُومِ وَجَبَ عَلَى العَاقِلِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي طَلَبِهِ، لِيَفُوزَ يَومَ القِيَامَةِ بِسَبَبِِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ:- (اطْلُبُوا العِلْمَ وَلَوْ بِالصِّينِ، فإِنَّ طَلَبَ العِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) ([5])، وقَوْلُهُ :(مَنْ تَرَكَ العِلْمَ مِنْ أجْلِ أَنًَّ صَاحِبَهُ فَقِيْرٌ أَوْ أصْغَرُ مِنْهُ سِنًّا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)([6]).

فإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أنَّ أَوَّلَ مَا يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِ أنْ يَعْرِفَ اللهَ تَعَالَى، وَتَوْحِيدَهُ، وَعَدْلَهُ، وصِدْقَ وَعْدِهِ وَوَعِيْدِهِ. وهَذِهَ الْجُمْلةُ تَشْتَمِلُ عَلَى ثَلاثَةِ فُصُولٍ - أَوَّلُها التَّوْحِيدُ - والثَّانِي العَدْلُ - والثَّالِثُ الوَعْدُ وَالوَعِيدُ.



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) قال الإمام عبدالله بن حمزة عليه السلام في أرجوزته التي أوردناها كاملة:

الْحَمْدُ لِلْمُهَيْمِنِ الْمَنَّانِ
جَمِّ الْنَّوَالِ بَاسِطِ الإِحْسَانِ

ذِيْ الْطَّوْلِ وَالْعِزَّةِ وَالْسُلْطَانِ
لِكُلِّ ذِيْ شِدْقٍ وَذِيْ لَسَانِ


مِنْ غَيْرِ تَقْرِيْظٍ وَلاَ سُؤَالِ

مُرَكِّبِ الأَرْوَاحِ فِي الأَجْسَامِ
كَالبَرْكِ مِنْ سَآئِمَةِ الأَنْعَامِ


مُجْرِيْ الرِّيَاحِ مُنْشِئِ الغَمَامِ
مِنَ الْحَنِينِ الْجَمِّ وَالأَرْزَامِ


فَاعْتَبِرِيْ يَا أُمَّةَ الضَّلاَلِ

عَجِيْبَةٌ يُعْذَرُ فِيْهَا مَنْ عَجِبْ
قَبْلَ بُلُوْغِ أَرْضِهِ حِيْث نُدِبْ

فِي حَمْلِهِ الْمَآءَ فَلِمْ لاَ يَنْسَكِبْ لَوْ خَالَفَ اللهَ عَصَاهُ فَغَضِبْ


وَصَارَ فِي دَآئِرَةِ النَّكَالِ

كَمْ مَعْشَرٍ سَاقَ إِلَيْهِمْ رِزْقَهْ
وَقَدْ عَصَواْ وَجَحَدُوهُ خَلْقَهْ


قَدْ خَلَعُوا مِنْ الرِّقَابِ رِقَّهْ
جُلَّ الَّذِيْ صَوَّرَهُ وَدِقَّهْ


لِمَبْلَغِ الْحُجَّةِ لاَ الإِجْلاَلِ

دَلَّ عَلَى ذَاتِ القَدِيْمِ مَا صَنَعْ
مِنْ ظَاهِرِ الْجِسْمِ وَمَكْنُوْنِ البِضَعْ

وَمَا ابْتَدَى مِنْ خَلْقِهِ وَمَا اخْتَرَعْ
عَجَائِبًا يَعْجِزُ عَنْهَا مَنْ صُنِعْ


مِنْ غَيْرِ تَعْلِيْمٍ وَلاَ مِثَالِ

يَا ذَا الَّذِيْ أَصْغَى إِلَيْنَا مَسْمَعَهْ
إِنْ كُنْتَ لاَ تَهْوَى طَرِيْقَ الإِمَّعَهْ

يَطْلُبُ عِلْمًا بَاهِرًا وَمَنْفَعَهْ
فَانْظُرْ إِلَى أَرْبَعَةٍ فِي أَرْبَعَهْ


فَذَلِكَ الْجِسْمُ مَعَ الأَحْوَالِ




دَلَّ عَلَى حُدُوْثِ قَرْنِ الأَحْوَالْ
لَوْ كُنَّ لِلذَّاتِ عَدِمْنَ التِّرْحَالْ

خُرُوجُهُ مِنْ حَالَةٍ إِلَى حَالْ
وَلَمْ يُسَلِّمْنَ لِحُكْمِ الإِبْطَالِ


فَانْظُرْ بِعَيْنِ الْفِكْرِ غَيْرِ آلِ

مَا انْفَكَّ عَنْهَا الْجِسْمُ أَيْنَمَا كَانْ
وَغَابِرِ الدَّهْرِ وَبَاقِيْ الأَزْمَانْ


فِي دَانِيَ الأَرْضِ وَقَاصِيْ الْبُلْدَانْ كَلاَّ وَلاَ يَدْخُلُ تَحْتَ الإِمْكَانْ


خُرُوجُهُ عَنْهَا مِنَ الْمَحَالِ

دَلَّ عَلَى صِحَّةِ مَا أَقُولُ
وَالسَّمْعُ إِذْ جَاءَ بِهِ التَّنْزِيْلُ

الفِكْرُ وَالتَّدْبِيْرُ وَالْعُقُوْلُ
وَمَا أَتَى بِشَرْحِهِ الرَّسُولُ


مُنَبِّهًا عَنْ وَسْنَةِ الإِغْفَالِ




([2]) أخرجه أبو طالب في أماليه ص 143 عن ابن عباس. والسمان في أماليه كما ذكره القرشي في شمس الأخبار1/61.

([3]) أخرجه المرشد بالله في أماليه الخميسية 1/42 عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام. والقرشي في شمس الأخبار 1/61. والديلمي في مسند الفردوس 2 / 74 رقم 2415 ، عن أنس بن مالك.

([4]) أخرجه الديلمي في مسند الفردوس 1 / ص352 رقم 1412 عن ابن عمر. والقرشي في شمس الأخبار 1 /60. وأبو طالب في أماليه ص253، بلفظ: (أفضل الدعآء الاستغفار وخير العبادة قول لا إله إلا الله).

([5])أخرجه المرشد بالله الشجري 1/57 عن أنس بن مالك. والبيهقي في شعب الإيمان 2/254.

([6])أخرجه أبوطالب في أماليه ص149 من حديث نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (اُكْتُبُوا هذا العِلْمَ عن كل صغير وكبير، وعن كل غني وفقير،ومن ترك العلم من أجل أن صاحب العلم فقير، أو أصغر منه سنًّا، فليتبوأ مقعده في النار).
قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت و يطهركم تطهيرا)
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي ولفاطمة وحسن وحسين(اللهم هؤلاء اهل بيتي فأذهب عنهم الرجس)
اللهم صلي على محمد وآل محمد

عصام البُكير
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 241
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 12:21 am
مكان: اليمن - صنعاء

مشاركة بواسطة عصام البُكير »

التَّوحِيْدِ :



الْمَسْأَلَةُ اْلأُوْلَى: أَنَّ لِهَذَا العَالَمِ صَانِعًا صَنَعَهُ ومُدَبِّرًا دَبَّرَهُ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَادِرٌ
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ اللهَ تَعَالَى عَالِمٌ
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ اللهَ تَعَالَى حَيٌّ
الْمَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: أنَّ اللهَ تَعَالَى سَمِيْعٌ بَصِيْرٌ
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ الله تَعَالَى قَدِيْمٌ
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يُشْبِهُ شَيْئًا مِنَ الْمُحْدَثَاتِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى غَنِيٌّ
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يُرَى بِالأَبْصَارِ لاَ فِي الدُّنْيَا ولاَ فِي الآخِرَةِ
الْمَسْأَلَةُ العَاشِرَةُ : أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ لاَ ثَانِيَ لَهُ فِي القِدَمِ والإِلهِيَةِ



الْمَسْأَلَةُ اْلأُوْلَى: أَنَّ لِهَذَا العَالَمِ صَانِعًا صَنَعَهُ ومُدَبِّرًا دَبَّرَهُ
وَ الدَّلِيْلُ عَلَى ذَلِكَ أنَّ هَذِهِ الأجْسَام مُحْدَثَةٌ; لأَنَّهَا لَمْ تَخْلُ مِنْ هَذِهِ الأَعْرَاضِ: الَّتِيْ هِيَ الحَرَكَةُ والسُّكُونُ، والاجْتِمَاعُ والافْتِرَاقُ، وَهَذِهِ الأَعْرَاضُ مُحْدَثَةٌ; لأَنَّهَا تَعْدَمُ وَتَزُولُ، وَالْجِسْمُ بَاقٍ. فَلَوْ كانَتْ قَدِيْمَةً لَمَا جَازَ عَلَيْهَا العَدَمُ; لأَنَّ القَدِيْمَ وَاجِبُ الْوُجُودِ فلاَ يَجُوزُ علَيْهِ العَدَمُ، وَإِذَا ثَبَتَ حُدُوثُ الأَعْرَاضِ بِمَا قَدَّمْنَا - وَجَبَ أنْ تَكُونَ الأجْسَام مُحْدَثَةٌ أَيْضًا; لأَنَّهٌ لاَ يَجُوزُ أن يُوجَدَ الجِسْمُ والعَرَضُ مَعًا -وَيَكُونُ أَحَدُهُمَا قَدِيْمًا والآخَرُ مُحدَثًا- لأَنَّ الْقَدِيْمَ يَجِبُ أنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الْمُحْدَثِ تَقَدُّمًا لاَ أَوَّلَ لَهُ. وإِذَا ثَبَتَ أنَّ هَذِهِ الأجْسَامَ مُحْدَثةٌ فلاَ بُدَّ لَهَا مِنْ مُحْدِثٍ وَهُوَ اللهُ تَعَالَى; لأَنَّ العِبَادَ لاَ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا، فَيَجِبُ أنْ يَكُونَ مُحْدِثَهَا اللهُ تَعَالَى، أَلاَ تَرَى أَنَّ أَفْعَالَنَا لَمَّا كَانَتْ مُحْدَثَةً وَجَبَ أن يُحْتَاجَ إِلَيْنَا; لأَجْلِ حُدُوثِهَا، فَثَبَتَ بهَذِهِ الجُمْلَةِ أَنَّ لِهَذَا العَالَمِ صَانِعًا صَنَعَهُ وَمُدَبِّرًا دبَّرَهُ([1]).


الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَادِرٌ
وحَقِيقَةُ القَادِرِ: هُوَ مَنْ يُمْكِنُهُ الْفِعْلُ. والدَّلِيْلُ عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَادِرٌ أنَّ الفِعْلَ الَّذِيْ هُوَ العَالَم قَدْ وُجِدَ مِنْهُ تَعَالَى([2])، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى إِيْجَادِهِ لَمَا أوْجَدَهُ ; لأنَّ الضَّعيفَ العَاجِزَ لاَ يُمْكِنُهُ إَيجادُ الْفِِعْلِِ، وقَدْ وُجِدَ الفِعْلُ مِنْ جِهَةِ اللهِ تَعَالَى، فَيَجِبُ وَصْفُهُ بأَنَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ([3]).




الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ اللهَ تَعَالَى عَالِمٌ
وَحَقِيقَةُ العَالِمِ: هُوَ مَنْ يُمْكِنُهُ الفِعْلُ المُحْكَمُ.

والدَّلِيْلُ عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَالِمٌ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُحْكَمَ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ تَعَالَى، وذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي مَلَكُوتِ السَّمَواتِ و الأرْضِ ومَا بَيْنَهُمَا مِنَ الحيواناتِ، فَإِنَّ فِيْهَا مِنَ التَّرْتِيْبِ وَالنِّظَامِ مَا يَزِيْدُ عَلَى كُلِّ صِنَاعَةٍ مُحْكَمَةٍ فِي الشَّاهِدِ: مِنْ بِنَآءٍ وَكِتَابَةٍ وَغَيْرِهِمَا، فَإِذَا كَانَتْ الكِتَابَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَاعِلَهَا عَالِمٌ، فَلاَ شَكَّ أنَّ تَرْتِيبَ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ أبْلَغُ مِنْ تَرْتِيْبِ الْكِتَابَةِ الْمُحْكَمَةِ؛ فيَجِبُ أنْ يَدُلَّ تَرْتِيبُهَا عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَالِمٌ([4]).




الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ اللهَ تَعَالَى حَيٌّ
وَحَقِيْقَةُ الْحَيِّ: هُوَ مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يَقْدِرَ ويَعْلَمَ.

والدَّلِيْلُ عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى حَيٌّ أَنَّهُ قَادِرٌ عَالِمٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ؛ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَالِمٌ وَجَبَ أنْ يَكُونَ حَيًّا، أَلاَ تَرَى أنَّ الْمَيِّتَ والْجَمَادَ لاَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَا قَادِرَيْنِ ولا َالِمَيْنِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلاَ لِكَوْنِهِمَا غَيْرَ حَيَّيْنِ، وَقَدْ ثَبَتَ أنَّ اللهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَالِمٌ، فَيَجِبُ وَصْفُهُ بأَنَّهُ حَيٌّ([5]).



الْمَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: أنَّ اللهَ تَعَالَى سَمِيْعٌ بَصِيْرٌ
وحَقِيْقَةُ السَّمِيْعُ البَصِيْرِ: هُوَ مَنْ يَصِحُّ أَنْ يُدْرِكَ الْمَسْمُوعَ والْمُبْصَرَ.

والدَّلِيْلُ عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ. وَالَّذِيْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لاَ آفَةَ بِهِ أَنَّ الآفاتِ هِيَ فَسَادُ الآلاتِ، وَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ إِلاَ عَلَى مَنْ كَانَ جِسْمًا، وَاللهُ تَعَالَى لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلاَ عَرَضٍ، عَلَى مَا يَأتِي بَيَانُهُ; فَثَبَتَ أنَّ اللهَ تَعَالَى حَيٌّ لاَ آفَةَ بِهِ، وَإِذَا ثَبَتَ أنَّهُ تَعَالَى حَيٌّ لا آفَةَ بِهِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ سَمِيْعًا بَصِيْرًا، أَلاَ تَرَى أَنَّ الوَاحِدَ مِنَّا إِذَا كَانَ حَيًّا لاَ آفَةَ بِهِ تَمْنَعُهُ مِنْ إِدْرَاكِ الْمَسْمُوعَاتِ وَالْمُبْصَرَاتِ فإِنَّا نَصِفُهُ بأنَّهُ سَمِيْعٌ بَصِيْرٌ؛ فَثَبَتَ أنَّ اللهَ تَعَالَى سَمِيْعٌ بَصِيْرٌ. ([6])




الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ الله تَعَالَى قَدِيْمٌ
وَحَقِيْقَةُ القَدِيْمِ: هُوَ المَوجُودُ الَّذِيْ لاَ أَوَّلَ لِوُجُودِهِ.

والدَّلِيْلُ عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدِيْمٌ أنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أنَّهُ تَعَالَى مَوْجُودٌ; لأَنَّهُ أَوْجَدَ العَالَمَ، فَلَوْ كَانَ مَعْدُومًا لَمَا أوْجَدَهُ; لأَنَّ الْمَعْدُومَ لاَ يَصِحُّ مِنْهُ إِيْجَادُ شَيْءٍ أَصْلاً، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ عِنْدَ كُلِّ عَاقِلٍ. فَإِذَا ثَبَتَ أنَّهُ تَعَالَى مَوجُودٌ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَدِيْمًا; لأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُحْدَثًا لاَحْتَاجَ إِلَى مُحْدِثٍ يُحْدِثُهُ، كَمَا أَنَّ الأَجْسَامَ لَمَّا كَانَتْ مُحْدَثَةً احْتَاجَتْ إِلَى مُحْدِثٍ،

فَلَوْ كَانَ اللهُ تَعَالَى يَحْتَاجُ إِلَى مُحْدِثٍ لَكَانَ الكَلامُ فِي مُحْدِثِهِ كَالْكَلامِ فِيْهِ، فَإِنِ احْتَاجَ إِلَى مُحْدِثٍ آخَرَ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى مَا لاَ نِهَايَةَ لَهُ، وذَلِكَ مُحَالٌ، وَإِنِ انْتَهَى الْحَالُ إِلَى مُحْدِثٍ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى مُحْدِثٍ فَهُوَ الَّذِيْ نُرِيْدُ إِثْبَاتَهُ مِنَ الْقَدِيْمِ وَهُوَ اللهُ تَعَالَى، فَثَبَتَ بِهَذِهِ الجُمْلَةِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدِيْمٌ([7]).

وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَالِمٌ حَيٌّ مَوجُودٌ، فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ هَذِهِ الصِّفاتِ لِذَاتِهِ، فلاَ يَحْتَاجُ فِي ثُبُوتِهَا لَهُ إِلَى فَاعِلٍ ولاَ إِلَى مَعَانٍ تُوجِبُ لَهُ هَذِهِ الصِّفَات. والدَّلِيْلُ عَلَى ذَلِكَ أنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَحِقُّهَا لِذَاتِهِ; لاَفْتَقَرَ فِي ثُبُوتِهَا لَهُ إِلَى فَاعِلٍ يَجْعَلُهُ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ الصِّفَات، أَوْ يُحْدِثُ لَهُ مَعَانِي تُوْجِبُ لَهُ هَذِهِ الصِّفَاتِ، كَمَا أنَّ الوَاحِدَ مِنَّا لَمَّا لَمْ يَسْتَحِقْ هَذِهِ الصِّفَاتِ لِذَاتِهِ افْتَقَرَ إِلَى فَاعِلٍ أَوْجَدَ ذَاتَهُ وَأَوْجَدَ لَهُ مَعَانِيَ أَوْجَبَتْ لَهُ سَآئِرَ الصِّفَاتِ: وهِيَ القُدْرَةُ والعِلْمُ والحَيَاةُ.

وَقَدْ ثَبَتَ أنَّ اللهَ تَعَالَى قَدِيْمٌ فَلا يَحْتَاجُ فِي ثُـبُوتِ هَذِهِ الصِّفَاتِ لَهُ إِلَى فَاعِلٍ وَلاَ إِلَى مَعَانٍ مُحْدَثَةٍ تُوْجِبُ لَهُ هَذِهِ الصِّفَاتِ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّهَا لِمَعَانٍ قَدِيْمَةٍ; لأَنَّهُ كَانَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ أَمْثَالاً لِلَّهِ تَعَالَى; لِمُشَارَكَتِهَا لَهُ فِي التَّقَدُّمِ الَّذِيْ بِهِ فَارَقَ سَآئِرَ الْمُحْدَثَاتِ.

وَقَدْ ثَبَتَ أنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ مَثِيْلَ لَهُ، فَثَبَتَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَسْتَحِقُّ هَذِهِ الصِّفَاتِ لِذَاتِهِ، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ تَكُونََ ثَابِتَةً لَهُ تَعَالَى فِيْمَا لَمْ يَزَلْ وفِيْمَا لاَ يَزَالُ، ولا يَجُوزُ خُرُوجُهُ عَنْهَا بِحَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ; لأَنَّهُ لاَ مُخَصِّصَ يَقْتَضِي ثُـبُوتَهَا فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ([8]).



الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يُشْبِهُ شَيْئًا مِنَ الْمُحْدَثَاتِ
وَ الدَّلِيْلُ عَلَى ذَلِكَ أنَّهُ تَعَالَى لَوْ أَشْبَهَهَا لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُحْدَثًا مِثْلَهَا، وَإِلاَّ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ قَدِيْمَةً مِثْلَهُ، لأَنَّ الْمِثْلَيْنِ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا قَدِيْمًا والآخَرُ مُحْدَثًا. وقَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدِيْمٌ، وَأَنَّ الأشْيآءَ سِوَاهُ مُحْدَثةٌ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُشْبِهًا لَهَا([9]).



الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى غَنِيٌّ
وَحَقِيْقَةُ الْغَنِيِّ: هُوَ الَّذِيْ لَيْسَ يَحْتَاجُ.

وَ الدَّلِيْلُ عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى غَنِيٌّ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى حَيٌّ، فلاَ يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا أَوْ مُحْتَاجًا، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللهُ مُحْتَاجًا، إِذْ لَوْ كَانَ مُحْتَاجًا لَوَجَبَ أَنْ يُوجِدَ الأشْيآءَ الْمُحْتَاجَ إِلَيْهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً، لِعِلْمِهِ بِأَنَّ لَهُ فِي إِيْجَادِهَا نَفْعًا خَالِصًا ولَذَّةً كَاملةً، وَهُوَ قَادرٌ عَلَى إِيجَادِهَا، وغَيرُ مَمْنُوعٍ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا أَنَّ الوَاحِدَ مِنَّا إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى شَيْءٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إِيجَادِهِ، وغَيرُ مَمْنُوعٍ مِنْهُ ولاَ صَارِفَ لَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُوجِدُهُ لاَ مَحَالَةَ، وَفِي عِلْمِنَا بِوُجُودِ الأشْيآءِ المُحْتَاجِ إِلَيْهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى مَا أَوْجَدَهَا لِحَاجَةٍ مِنْهُ إِلَيْهَا، وإِنَّمَا أَوْجَدَهَا لِمَصَالِحِ العِبَادِ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى غَنِيٌّ([10]).


الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يُرَى بِالأَبْصَارِ لاَ فِي الدُّنْيَا ولاَ فِي الآخِرَةِ
وَ الدَّلِيْلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ أَنْ يُرَى فِي حَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ لَوَجَبَ أَنْ نَرَاهُ الآنَ; لأَنَّ حَوَآسَّنَا سَلِيْمَةٌ، والمَوَانِعَ مُرْتَفِعَةٌ; لأَنَّ المَوَانِعَ الْمَعْقُولَةَ المانِعَةَ مِنَ الرُّؤْيَةِ: هِيَ الْـبُعْدُ وَالقُرْبُ الْمُفْرِطَانِ، وَالرِّقَّةُ وَالَّلطَافةُ، وَالْحِجَابُ الْكَثِيفُ، وَكَونُ الْمَرْئِيِّ خِلاَفَ جِهَةِ الرَّآئِي، وَكَونُ مَحَلِّهِ فِي بَعْضِ هَذِهِ الأَوْصَافِ([11])، وَعَدَمُ الضِّيَآءِ الْمُنَاسِبِ لِلْعَيْنِ، فَإِنَّ هَذِهِ هِيَ الْمَوَانِعُ مِنَ رُؤْيَةِ الأَجْسَامِ وَالأَلْوَانِ، وَاللهُ تَعَالَى لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلاَ لَوْنٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ.

وقَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى مَوْجُودٌ؛ فَلِهَذَا قُلْنَا: لَوْ صَحَّ أَنْ يُرَى فِي حَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ لَوَجَبَ أَنْ نَرَاهُ الآنَ، وَلاَ شَكَّ أَنَّا لاَ نَرَاهُ الآنَ، فَيَجِبُ أَنْ لاَ يُرَى فِي حَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ، وقَدْ قَالَ تَعَالَى: ( لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيْفُ الْخَبِيْرُ ) [الأنعام:103]، فَنَفَى تَعَالَى بِهَذِهِ الآيَةِ أَنْ تُدْرِكَهُ الأَبْصَارُ، وَذَلِكَ يَسْتَغْرِقُ جَمِيْعَ الأَوقَاتِ; فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يُرَى بِالأَبْصَارِ لاَ فِي الدُّنْيَا ولاَ فِي الآخِرَةِ([12]).


الْمَسْأَلَةُ العَاشِرَةُ : أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ لاَ ثَانِيَ لَهُ فِي القِدَمِ والإِلهِيَةِ
وَحَقِيْقَةُ الوَاحِدِ: هُوَ الْمُتَفَرِّدُ بِصِفَاتِ الإِلهِيَةِ وَالكَمَالِ عَلَى حَدٍّ لاَ يُشَارِكُهُ فِيْهَا مُشَارِكٌ، وَهِيَ: كَوْنُهُ قَادِرًا عَلَى جَمِيْعِ أَجْنَاسِ الْمَقْدُورَاتِ([13])، عَالِمًا بِجَمِيْعِ أَعْيَانِ المَعْلُومَاتِ، حَيًّا قَدِيْمًا.

وَ الدَّلِيْلُ عَلَى ذَلِكَ أنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ قَدِيْمٌ ثَانٍ يُشَارِكُهُ فِي هَذِه ِالصِّفَاتِ الَّتِيْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا لَوَجَبَ أن يَكُونَ مِثْلاً لَهُ تَعَالَى، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ للهِ تَعَالَى مِثْلٌ; لأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِثْلٌ لَهُ تَعَالَى، ثُمَّ قَدَّرْنَا أنَّ أَحَدَهُمَا أَرَادَ إِيجَادَ جِسْمٍ سَاكِنٍ، وأَرَادَ الآخَرُ إِيجَادَهُ مُتَحَرِّكًا، لَمْ يَخْلُ الْحَالُ إِمَّا أَنْ يُوجَدَ مَا أَرَادَاهُ مَعًا، فَيَكُونَ الْجِسْمُ مُتَحَرِّكًا سَاكِنًا فَي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَذَلِكَ مُحَالٌ. وَإِمَّا أَنْ لاَ يُوجَدَ مَا أَرَادَاهُ، فَيَخْلُو الْجِسْمُ مِنَ الحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ مَعًا، وَذَلِكَ مُحَالٌ، وَفِيْهِ دَلِيْلٌ عَلَى عَجْزِهِمَا مِنْ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَا أَرَادَاهُ، وَذَلِكَ مُحَالٌ أَيْضًا. وَإِمَّا أَنْ يُوجَدَ مُرَادُ أَحَدِهِمَا وَلاَ يُوجَدَ مُرَادُ الآخَرِ فَفِيْهِ دَلِيْلٌ عَلَى عَجْزِهِ مِنْ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ وَذَلِكَ مُحَالٌ أَيْضًا. وَقَدْ أَدَّى إِلَى هَذِهِ الْمُحَالاَتِ الْقَولُ بِالْقَدِيْمِ الثَّانِي؛ فَيَجِبُ الْقَضَآءُ بِفَسَادِهِ([14])، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدْ ) [الإخلاص]، وقولُهُ: ( وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) [المائدة :73]، فَأَخْبَرَنَا تَعَالَى أَنَّهُ لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ، وَخَبَرُهُ تَعَالَى يَجِبُ أنْ يَكُونَ مُصَدَّقًا([15])، فَهَذِهِ جُمْلَةُ مَا يَلْزَمُ الْمُكَلَّفُ مَعْرِفَتَهُ مِنْ مَسَآئِلِ التَّوحِيْدِ.

---------------------------------------------------------------------- ----------

([1])استُدل في هذه المسألة عَلَى وجود الصانع سبحانه بوجود هذا العالَم الذي هو أجسام محدَثَة، واستُدل عَلَى أن الأجسام محدثةٌ بما فيها من أعراض تؤكد حدوثها، وهي الحركة والسكون، يعني أن الحجر مثلاً إِما ساكن أو متحرك، والحركة أو السكون محدثة؛ بدليل أنك إِذا حرَّكتَ الحجرَ أخرجتَه عن السكون، وبعد الحركة يمكن أن يسكن؛ فلو كان السكون في حد ذاته قديمًا لما استطاع أحد أن يخرجه عن طبيعته ؛ لأن القاعدة أن القديم لا يتغير، فلمَّا طرأ التَّغَيُّرُ عَلَى الساكن فتحرَّك أو المتحرك فسكن دلَّ عَلَى أنه مُحْدَث، وما دام كذلك فالحجر مُحْدَث؛ لأنه مشتمل عَلَى طبيعةٍ وصفةٍ محدثَة ؛ لأنه منذ وُجِدَ لازَمَتْهُ الحركة أو السكون أي لا يُعقَل ولا يُتَصَوَّرُ جِسْمٌ بِدُون عَرَض. نعود فنقول: العالَمُ أجسام محدَثة، والمحدَثُ لا بد له من مُحْدِث. أما الدَّلِيْلُ من القرآن فكثير: مثل قوله تعالى: ( اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) [الزمر:26]( الْحَمْدُ للهِ الَّذِيْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّوْرَ ) [الأنعام:1].

وَهِيَ إِلَى صَانِعَهَا مُحْتَاجَهْ
إِذْ صَارَ مِنْ حَاجَتِهَا إِخْرَاجَهْ

فِي مُقْتَضَى العَقلِ أَشَدَّ الحَاجَهْ
قَلْبٌ سَلِيْمُ القَلبِ كَالزجَاجَهْ

مُضَيْئَةٌ مِنْ قَبَسِ الذُّبَالِ


([2])

وَهو تَعَالَى ذُوْ الْجَلاَلِ قَادِرُ
أَعْرَاضُ مَا رَكَّبَ والْجَوَاهِرُ

إِذْ فِعْلُهُ عَنِ الْجَوَازِ صَادِرُ
وَذَاكَ فِي أَهْلِ اللِّسَانِ ظَاهِرُ

عِنْدَ ذَوِي الفِطْنَةِ وَالْجُهَّالِ


(2)والدليل النقلي قوله تعالى: ( وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ ) [المائدة:120].

([4])وفي القرآن آيات كثيرة تدل عَلَى أنه عالم مثل قوله سبحانه: ( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةَ ) [الحشر : 22]، ( عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) [ المائدة : 109]، وهناك عجائب لا تُحْصَى عَنْ عِلْمِ اللهِ، من ذلك جَعْلُ اليابسةِ خُمُسَ مساحة الأرض تقريبا، والباقي مآء ؛ لأنًَّ الله يعلم زحام البشرِ وَكَمْ هُمْ بحاجة إلى متنفس إجباري، وجَعَلَ مآء البحر مالحًا؛ لعلمه بأن الملح يقاوم التعفن. كذلك ما نشاهد من أضرار الحضارة، وتلويث البيئة لكن خلق الله من الأنعام مثلا كله مفيد: لَبَنُهُ ولحمه غذآء، وجِلْدُهُ وشعره كسآء، وروثُه سماد للأرض؛ فليس فيه إلا كلُّ مفيد. ومن ذلك اكتشاف الأطباء وجود شرايين في العَجَزِ تصلح صمّامات للقلب وقد أعدهَا منذ خلق آدم لعلم الله سبحانه أنه سيأتي زمان يتقدم الطب ويحتاج إلى مثل هذه الاحتياطات ولعل الله عوض بني آدم الأول صحة وقوة ونشاطا جلبها نقاء الأرض ونظافة البيئة والهدوء التام. والخلاصةُ فنحن نعلم شيئًا ونكتشف خللاً وقصورًا وما زلنا في بداية العلم ؛ لأن علمَ المخلوق قاصر مهما تطورت وسائله. أما عِلْمُ اللهِ فهو كامل شامل عرفناه أو لم نعرفه :

وكُلَّمَا بانَ مِن التَّرْتِيبِ
من كُلِّ فنٍّ مُتْقَنٍ عَجِيبِ

فِي ظاهِرِ البُنْيَةِ والتَّرْكِيْبِ دَلَّ عَلَى العِلْمِ بلا تكذيبِ

فِي مَعْرِضِ الجَوَابِ والسُّؤَالِ


([5])



وَكُلُّ مَنْ كَانَ عَلِيْمًا قَادِرًا
وَبَاطِنًا لِخَلْقِهِ وَظَاهِرًا

لِذَاتِهِ وَنَاهَيًا وَآمِرًا
وَقَابِلاً لِتَوبِهِم وَغَافِرًا

فذَاَكَ حَيٌّ غيرُ ذِيْ اعْتِلاَلِ


([6])والدَّليل من القرآن الكريم: ( إِنَّنِيْ مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ) [طه : 46]، ( إِنَّهُ هُوَ السَّمِيْعُ الْبَصِيْرُ )، [الإسراء:1] وكيف يُدَبِّرُ الكونَ ، ويُديره أَصَمُّ أعمى?، وهل يمكن لمن هو كذلك خياطةُ ثوبٍ، أو قيادةُ عَرَبَةٍ،أو إِدارة مدرسة؛ إِلاَّ أنَّ اللهَ يسمعُ ويَرَى بِدون أذن وعين؛ لأنه منزَّه عن الآلة ومشابهة خلقه، كما لا يجوز التفكر في ذات الله وإِنما في خلقه وصفاته الحسنى .

يَسْمَعُ مَا دَقَّ مِنَ الأَصْوَاتِ
لَيْسَ بِذِيْ دَآءٍ وَلاَ آفاتِ

وَيَعْلَمُ الْمَقْصُودَ باللُّغَاتِ
وَيَنْظُرُ الذَّرَةَ فِي الصَّفَاةِ

سَوْدَآءَ فِي سَوْدَا مِنَ اللَّيَالِي


([7])



وربُّنا سُبْحَانَه قَدِيْمُ
وَهْوَ بِأوْصَافِ الْعُلَى مَعْلُومُ

لَمْ تَخْتَلِجْنَا دُونَهُ الوُهُومُ حَيٌّ عَلَى عِبَادِهِ قَيُّومُ

مُمْتَنِعٌ عن حَالَةِ الزَّوَالِ


([8])أيُّ مَسْأَلَةٍ تُنَاقَشُ تَفتح باب خلافٍ لا يُغلق، وقد كان المسلمون مجمعين عَلَى وصف الله بما وَصَفَ به نفسه من العلم والقدرة، والحياة وغيرها، حتى بحثوا طبيعة صفة الله هل هي ذاتُه أو زائدةٌ عَلَى الذات: فمنهم من قال: بزيادة الصفة، وإنها شيء غيرُ الذات، زائدةٌ عليها، ومنهم من أنكر هذا، وعلى رأسهم الزيدية، وقالوا : بأن لله صفات كما جاء بها القرآن والسنة؛ ولكنَّ القول بأنها زائدة عن الذات مُشْكِلٌ ؛ لأن الصفة الزائدة إما أن تكون قبل الله فيكون الله مخلوقا، أو مع الله فيكون مع الله قديم، أو بَعْدَ الله فيلزم أن يكون الله جاهلا ثم عَلِمَ، وعاجزا ثم قوي وقدر وهكذا، وهي لوازم عقلية لا محيص عنها، ثم إِن الصفة الزائدة هل تحل في ذات الله فيكون من باب الظرف والمظروف، أو مباينة لله، وهذا غير مفهوم فلا مجال من القول بما قال أئمة الزيدية لأنه تفسير يليق بالله وليس فيه إنكارٌ لصفات الله ، وإِنما تفسير موفق والله أعلم.

([9])الدَّلِيْلُ من القرآن قوله تعالى: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ ) [الشورى : 11].

وَهوَ تَعَالَى غَيْرُ ذِيْ تَنَقُّلِ
والأَشْعَرِيِّ وَضِرَارِ الأَحْوَلَِ

قُدِّسَ مِنْ مَقَالَةٍ ابْنِ حَنْبَلِ فَخَالِفِ الشَّكَّ إِلَى النَصِّ الْجَلِيِّ

ليسََْ بِذِي نِدٍّ وَلاَ مِثَالِ


([10])والدليل من القرآن الكريم قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِّيُّ الْحَمِيْدُ* إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيْدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيْزٍ ) [فاطر : 15 - 17]، والقرآن زاخر بمثل هذا؛ ولزيادة الأمر إِيضاحًا فإن ابن آدام يجوع ويعطش ؛ فيحتاج إلى آلات وعمال، ويحارب فيحتاج إِلى جيش وسلاح ، وما من مخلوق إِلا وهو محتاج لغيره إِلا الله ؛ فهو قائم بذاته غني عما سواه ، خلق الخلق لحكمة، وليس لحاجة ، وهو الغني سبحانه.

وَهْوَ غَنِيٌّ لَيْسَ بِالْمُحْتَاجِ
إِذْ هُوَ عن نَيْلِ المَلاذِّ نَاجِي
إِلى سَدَادِ البَطْنِ وَالأَزْوَاجِ وَمُقْتَضَى الْمِحْنَةِ وَالإِحْرَاجِ

قَدْ عَمَّ كُلَّ الْخَلْقِ بِالإِفْضَالِ


([11])يعني يكون محل المرئي وهو الجسم أو اللون في بعض الموانع الثمانية المذكورة.

([12]) الزيدية تمنع رؤية الله مطلقًا دنيا وآخرة، فلا يخدعنَّك تهويلُ المرجِفين، واعتَمِدْ مذهبَ آلِ محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإنَّ نفي الرؤية تنزيهٌ لله عن التجسيم والتشبيه؛ لأنَّ القول بالرؤية يستلزِمُ أن يكونَ اللهُ جسمًا أوْ لَوْنًا؛ لكي يُرى تعالى الله عن ذلك، أما قَولُ مَنْ يقول: بلا كيف فهو محاولة لستر العورة بغير ساتر، فَمَا معنى بلا كيف? فهو إِمَّا أن يُرى= =حسب قواعد الرؤية، وإما أن لا يرى وهو الأصح. ويكفي من الأدلة قولُه تعالى: ( لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ )، أما الأحاديث التي يُستدل بها عَلَى الرؤية فهي ظنية لاَ تصلح للاستدلال في باب العقائد، مع أنها تصادم القرآن الكريم ؛ لأن معنى (لا تدركه الأبصار) واضح في نفي الرؤيةِ، وكذلك ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )، [ الشورى :11] والرؤية لا تتحقق إلا إذا وقعت على شيء مرئيّ كالجسد واللون، أما ما لا يمكن رؤيته كالروح في جسم الإنسان، وكثير من المعاني فليس مَحَلاًّ للرؤية فإذا كانت هذه الأشياء لا تُرى - وهي من مخلوقات الله: ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوْحِ قُلِ الرُّوْحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ) [الإسراء:85] فكيف يُرى الخالق جل وعلا ؟!. وما ورد من شُبَهٍ تفيد ثبوت الرؤية فالرد عليها أسهل وهي:

1- قوله سبحانه( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) [القيامة:23] فهي بمعنى منتظرة، ولها قرائن من القرآن مثل قوله تعالى( مَا يَنْظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً ) [يس:49] فهي بمعنى ما ينتظرون ، كذلك قول بلقيس : ( فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعِ الْمُرْسَلُونَ ) [النمل:35] أي منتظره ، وهذا شائع في لسان العرب ، قال شاعرهم :

وإِذا نظرتُ إليكَ من مَلِكٍ

وَالْبَحْرُ دُونَكَ زِدْتَنِي نِعَمَا


وقول حسان:

وُجُوهٌ يَوْمَ بَدْرٍ نَاظِرَاتٌ

إِلَى الرَّحْمَنِ يأتي بِالْخَلاصِ


2- قوله تعالى: ( كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ) [المطففين:15] فلا يفيد أن غير المحجوبين يرون الله إلا من باب المفهوم مفهوم اللقب، وهو أضعف الأدلة ولا يعمل به في باب الفروع إلا القليلُ، ناهيك عن الأصول.

3- قوله تعالى: ( لِلَّذِيْنَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ) [ يونس : 26] لا تفيد الرؤية إلا من باب التعسف؛ لأن الرؤية عند القائلين بها لا يصلح أن يُعَبِّرَ عنها بالزيادة التي تعني شيئا أقل من المزيد عليه ، مع أنهم يعتبرون الرؤية أكبر من نعيم الجنة، ثم إن الزيادة يجب أن تكون من جنس المزيد عليه ، ويجب أن تكون أقل منه تقول: لمن أقرضك قَدَحًا برًّا رددت إليك القدح وزيادة فيفهم السامع أنك رددت إليه القدح البر مع زيادة حفنة أو نحوها أو حتى ثمن القدح ولا يفهم أنك رددت إليه قدحين فوق القدح هذا من جهة ومن جهة أخرى لا يفهم الزيادة إلا أنها بر وليست علبة حلوى أو بندقية. وقد فسرها أهل البيت بغرفة في الجنة. أو هي من مشهور قول الناس: سأعطيك أجرك وزيادة - يعني غير منقوص والزيادة تفسرها الآيات التي بعدها فالحسنة بعشر والسيئة بمثلها . والخلاصة: فالقول بعدم الرؤية هو الصحيح عقلا ونقلا.

أما ما ورد من أحاديث عن رسول صلى الله عليه وآله وسلم فلا نبادر بردها لأن منها ما يحتمل التأويل، وما احتمل التأويل وجب تأويله؛ لئلا يصادم المحكم من نص القرآن مثل:حديث (ترون ربكم كالقمر )، فالله ليس كالقمر؛ لكن المعنى ترون من آياته مِثْلَ الجنة والنارِ ما يجعلُكم عَلَى يقين من وجود الله كيقينِ مَنْ يشاهد القمر. واعلم أن القرآن ليس فيه ما يدل عَلَى الرؤية.

وَعَنْهُ نَنْفِي رُؤْيَةَ الأَبْصَارِ
إِذْ هُوَ لاَ يُعْلَمُ بِالْمِقْدَارِ

فِي هَذِهِ الدَّارِ وَتِلْكَ الدَّارِ وَلا بِإِقْبَالٍ وَلاَ إِدْبَارِ

فِي أَيِّ مَا حَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ

لَوْ كَانَ رَبِّي مُدْرَكًا فِي حَالَهْ
يَا إِخْوَتَا فَاطَّرِحُوا الْجَهَالهْ

أَدْرَكْتَهُ الآنَ بِلاَ مَحَالَهْ وَالشَّكَ والْحَيْرَةَ وَالضَّلالَهْ

وَاغْتَرِفُُوْا مِنْ زَاخِرٍ سَلْسَالٍ


([13]) المَقْدُوْرَاتِ ثَلاثَة وعشرون جنسًا وَهِيَ : الجواهر، والألوان، والروائح، والطعوم، والحرارة، والبرودة، واليبوسة، والرطوبة، والشهوة، والنفرة، والحياة، والقدرة، والغنآء. هذه مقدورات الباري تعالى فهذه يقدر الله تعالى عَلَى أعيانها وأجناسها. ومقدورات العباد خمسة من أفعال الجوارح وهي : الأكوان، والاعتمادات، والأصوات، والآلام، والتأليفات. وأفعال القلوب هي: الإرادة، والاعتقادات، والكراهات، والظنون، والأفكار. وإنما قال في المقدورات: أجناس، والمعلومات: أعيان؛ لأنه يلزم لَوْ قُلنا:إنه تعالى قادر عَلَى أعيان المقدورات لَصَحَّ مقدور بين قادرين وهو محال ولا إحالة في معلوم بين عالمين لأن أعيانها قد تكون مقدورة لقادر آخَرَ، فلو تعلقت قادريته بأعيانها لفرضنا في مقدور تعيينه أنه يوفر داعي أحد القادرين إلى إعادة إيجاده، ويوفر صارف الآخر القادر عن إيجاده فيكون موجودا معدوما فمعدوم من جهة من يوفر داعيه، ومعدوما من جهة من يوفر صارفه، وذلك محال ، وقد أدى إليه القول بمقدور بين قادرين فيجب أن يكون محالاً.

([14]) أي القول بالقديم الثاني.

([15])

وَهوَ يَجِلُّ عَنْ ْقَرِينٍ ثَانِي
لَوْ كَانَ ثَانٍ وَهُمَا ضِدَّان

يَمْنَعُ مِنْهُ الْعَقْلُ وَالْمَثَانِي لَظَهَرَ الْمُنْكَرُ في الْبُلْدَانِ

وَلَمْ يُسَلِّمْ أَوّلٌ لِتَالِي
قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت و يطهركم تطهيرا)
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي ولفاطمة وحسن وحسين(اللهم هؤلاء اهل بيتي فأذهب عنهم الرجس)
اللهم صلي على محمد وآل محمد

عصام البُكير
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 241
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 12:21 am
مكان: اليمن - صنعاء

مشاركة بواسطة عصام البُكير »

العَـدْلُ :


الْمَسْأَلَةُ الأُوْلَى: أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَدْلٌ حَكِيْمٌ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ أَفْعَالَ العِبَادِ حَسَنَهَا وَقَبِيْحَهَا مِنْهُمْ لاَ مِنَ اللهِ تَعَالَى
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يُثِيْبُ أَحَدًا إِلاَّ بِعَمَلِهِ، وَلاَ يُعَذِّبُهُ إِلاَّ بِذَنْبِِهِ
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يَقْضِيْ بِالْمَعَاصِيْ
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: أَنًَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يُكَلِّفُ أَحَدًا مِنْ عِبَادِهِ مَا لاَ يُطِيْقُهُ
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: أَنَّ جَمِيْعَ الأَمْرَاضِ وَالأَسْقَامِ وَ النَّقَآئِصِ مِنْ فِعْلِ اللهِ تَعَالَى، وأَنَّهَا حِكْمَةٌ وَصَوَابٌ
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: أَنَّ الله لاَ يُرِيْدُ شَيْئًا مِنْ مَعَاصِي العِبَادِ، ولاَ يُحِبُّهَا ولاَ يَرْضَاهَا ([11])
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: أَنَّ القُرْآنَ الَّذِيْ بَيْنَنَا كَلاَمُ اللهِ تَعَالَى وَوَحْيُهُ وتَنْزِيْلُهُ
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: أَنَّ هَذَا القُرْآنَ مُحْدَثٌ غَيْرُ قَدِيْمٍ
الْمَسْأَلَةُ العَاشِرَةُ: أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ نَبِيٌّ صَادِقٌ


الْمَسْأَلَةُ الأُوْلَى: أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَدْلٌ حَكِيْمٌ
وَحَقِيْقَةُ الْعَدْلُ: الَّذِيْ لاَ يَفْعَلُ الْقَبِيْحَ كَالظُّلْمِ وَالْعَبَثِ وَالْكَذِبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلا يُخِلُّ بِالْوَاجِبِ([1])، وَأَفْعَالُهُ كُلُّهَا حَسَنَةٌ. وَ الدَّلِيْلُ عَلَى أَنَّ اللهَ عَدْلٌ حَكِيْمٌ أنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِقُبْحِ الْقَبَآئِحِ، وَغَنِيٌّ عَنْ فِعْلِهَا، وَعَالِمٌ بِاسْتِغْنَآئِهِ عَنْهَا وَعَنِ الإِخْلاَلِ بِالْوَاجِبِ؛ وَكُلُّ مَنْ عَلِمَ ُقْبَح الْقَبِيْحِ، وَاسْتَغْنَى عَنْ فِعْلِهِ وَعَلِمَ بِاسْتِغْنَآئِهِ عَنْهُ، فَإِنَّهُ لاَ يَفْعَلُهُ لاَ مَحَالَةَ، وَهَذَا مَعْلُومٌ فِي الشَّاهِدِ عِنْدَ كُلِّ عَاقِلٍ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَعْلَمُ الْعُلَمَآءِ بِقُبْحِ الْقَبَآئِحِ، وَأَغْنَى الأَغْنِيَآءِ عَنْ فِعْلِهَا - وَجَبَ أَنْ لاَ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْهَا، فَثَبَتَ أَنَّ اللهََ تَعَالَى عَدْلٌ حَكِيْمٌ([2]).


الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ أَفْعَالَ العِبَادِ حَسَنَهَا وَقَبِيْحَهَا مِنْهُمْ لاَ مِنَ اللهِ تَعَالَى
وَ الدَّلِيْلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يَحْسُنْ أَمْرُهُمْ بِالطَّاعَاتِ مِنْهَا، وَلاَ نَهْيُهُمْ عَنِ الْمَعَاصِيْ، كَمَا أَنَّ أَلْوَانَهُمْ وَصُوَرَهُْم لَمَّا كَانَتْ خَلْقًا لِلَّهِ فِيْهِمْ لَمْ يَحْسُنْ أَمْرُهُمْ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَلاَ نَهْيُهُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا، فَلَمَّا عَلِمْنَا أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ قَدْ أَمَرَهُمْ بِالطَّاعَاتِ، وَنَهَاهُمْ عَنِ الْمَعَاصِيْ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَهُمْ مِنْهُمْ لاَ مِنَ اللهِ تَعَالَى. وَقَدْ أَضَافَ اللهُ تَعَالَى أَفْعَالَ العِبَادِ إِلَيْهِمْ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيْمِ، فَقَالَ تَعَالَى: ( جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )، [الواقعة:24]، وَقَالَ: ( هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ )، [يونس:52]، وقَالَ تَعَالَى: ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) [العنكبوت:17]، وقَالَ تَعَالَى: ( لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ )، [الصف:2]، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآيَاتِ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مِنْهُمْ لاَ مِنَ اللهِ تَعَالَى([3]).


الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يُثِيْبُ أَحَدًا إِلاَّ بِعَمَلِهِ، وَلاَ يُعَذِّبُهُ إِلاَّ بِذَنْبِِهِ
وَ الدَّلِيْلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُجَازَاةَ بِالثَّوَابِ لِمَنْ لاَ يَسْتَحِقُّهُ يَكُونُ قَبِيْحًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَكُونُ تَعْظِيْمًا لِمَنْ لاَ يَسْتَحِقُّ التَّعْظِيْمَ، وَلاَ شَكَّ أَنَّ تَعْظِيْمَ مَنْ لاَ يَسْتَحِقُّ التَّعْظِيْمَ قَبِيْحٌ عِنْدَ كُلِّ عَاقِلٍ، وَكَذَلِكَ الْمُجَازَاةِ بِالْعِقَابِ لِمَنْ لاَ يَسْتَحِقُّهُ يَكُونُ قَبِيْحًا مِنْ حيثُ إِنَّهُ يَكُونُ ظُلْمًا؛ وَلاَ شَكَّ أَنَّ الْظُلْمَ قَبِيْحٌ عِنْدَ كُلِّ عَاقِلٍ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يَفْعَلُ القَبِيْحَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ؛ فَثَبَتَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يُثِيْبُ أَحَدًا إِلاَّ بِعَمَلِهِ، وَلاَ يُعَاقِبُهُ إِلاَّ بِذَنْبِِهِ([4])، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ( وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )،[الأنعام:164]، ( وَأَن لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى )، [النجم:40].


الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يَقْضِيْ بِالْمَعَاصِيْ
والدَّلِيْلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ لَفْظَةَ القَضَآءِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ مَعَانٍ ثلاَثةٍ: أَحَدُهُمَا بِمَعْنى الْخَلْقِ والتَّمامِ، قَالَ تَعَالَى:

( فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ )،[فصلت:12]، مَعْناهَا: أَتَمَّ خَلْقَهُنَّ([5]). وَثَانِيَهَا الإخْبَارُ والإِعْلاَمُ، قَالَ تَعَالَى: ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيْلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرْتَيْنِ )، [الإسراء:4]، مَعْنَاهُ: أَخَبَرَنَا بِحَالِهِمْ([6]). وثَالِثُهَا بِمَعْنَى الأَمْرِ والإِلْزَامِ، قَالَ تَعَالَى: ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ )، [الإسراء:23]، مَعْنَاهُ: أَمَرَ وأَلْزَمَ([7]).

وَلاَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ المَعَاصِي بِقَضَآءِ اللهِ تَعَالَى بِمَعْنَى الخَلْقِ; لأَنَّهُ لَوْ خَلَقَهَا فِيْهِمْ لَمَا حَسُنَ مِنْهُ تَعَالَى أَنْ يُعَاقِبَهُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا، كَمَا أَنَّ أَلْوَانَهُمْ لَمَّا كَانَتْ خَلْقًا للهِ تَعَالَى فِيْهِمْ لَمْ يَحْسُنْ مِنْهُ تَعَالَى أَنْ يُعَاقِبَهُمْ عَلَيْهَا، وَلاَ يَجُوزُ أًنْ تَكُونَ المَعَاصِي بِقَضَآئِهِ بِمَعْنَى الأَمْرِ بِهَا; لأَنَّهَا قَبِيْحَةٌ، وَاللهُ تَعَالَى لاَ يَأْمُرُ بِِالْقَبِيْحِ ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ( قُلْ إِنَّ اللهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) [الأعراف:28]، وهَذَا لاَ يُقَالُ إِلاَّ لِلْمُبْطِلِ([8]). وقَد قَالَ تَعَالَى: ( وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ )، [غافر:20]، وَلاَ شَكَّ أنَّ الأَمْرَ بِالْمَعَاصِيْ بَاطِلٌ، فَلا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَضَآئِهِ تَعَالَى.


الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: أَنًَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يُكَلِّفُ أَحَدًا مِنْ عِبَادِهِ مَا لاَ يُطِيْقُهُ
والدَّلِيْلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ تَكْلِيْفَ مَا لاَ يُطَاقُ قَبِيْحٌ عِنْدَ كُلِّ عَاقِلٍ. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يَفْعَلُ القَبِيحَ، وقَدْ قَالَ الله تَعَالَى: ( لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ) [البقرة:286]. والوُسْعُ دُونَ الطَّاقَةِ؛ فَثَبَتَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يُكَلِّفُ أَحَدًا مِنْ عِبَادِهِ مَا لاَ يُطِيْقُهُ([9]).


الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: أَنَّ جَمِيْعَ الأَمْرَاضِ وَالأَسْقَامِ وَ النَّقَآئِصِ مِنْ فِعْلِ اللهِ تَعَالَى، وأَنَّهَا حِكْمَةٌ وَصَوَابٌ
والدَّلِيْلُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ فِعْلِ اللهِ تَعَالَى أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ; لأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الأَعْرَاضِ الضَّرُورِيَّةِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الأَعْرَاضَ مُحْدَثَةٌ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنًَّ الأَعْرَاضَ مُحْدَثَةٌ فَلاَ بُدَّ لَهَا مِنْ مُحْدِثٍ وَهُوَ الله تَعَالَى; لأَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى فِعْلِ الأَعْرَاضِ الضَّرُورِيَّةِ إِلاَّ الله تَعَالَى، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا فِعْلُ الله تَعَالَى وَجَبَ أَنْ تَكُونَ حِكْمَةً وَصَوابًا؛ لأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى عَدْلٌ حَكِيْمٌ، والْحَكِيْمُ لاَ يَفْعَلُ إِلاَّ الْحِكْمَةَ والصَّوَابَ، ولاَ بُدَّ فِيْهَا مِنَ العِوَضِ وَالاعْتِبَارِ وَ إِلاَّ كَانَتْ قَبِيْحَةً. وَيَدُّلُ عَلَى ثُـبُوتِ العِوَضِ مِنْ جِهَةِ السَّمْعِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ: (يَتَمَنَّى أَهْلُ البَلآءِ فِي الآخِرَةِ لَوْ كَانَ الله زَادَهُمْ بَلآءً لِعِظَمِ مَا أَعَدَّ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ)، ويَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الاعْتِبَارِ فِي هَذِهِ الأَمْرَاضِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كِلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ ) [التوبة:126]، والْمُرَادُ بِالفِتْنَةِ المذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الآيَةِ: الامْتحَانُ بِالمَرَضِ وغَيرِهِ، فَأخْبَرَ الله تَعَالَى أَنَّهُ يَمْتَحِنُهُمْ بِهَا، وَأَنَّ غَرَضَهُ أَنْ يَتُوبُوا وَأَنْ يَذَّكَّرُوا([10]).


الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: أَنَّ الله لاَ يُرِيْدُ شَيْئًا مِنْ مَعَاصِي العِبَادِ، ولاَ يُحِبُّهَا ولاَ يَرْضَاهَا ([11])
والدَّلِيْلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الله لَوْ أَرَادَ شَيْئًا مِنْهَا لَمَا حَسُنَ

مِنْهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ عَلَيْهَا، كَمَا أَنَّهُ تَعَالَى لَوْ أَرَادَ مِنْهُمْ الطَّاعَةَ لَمْ يَحْسُنْ مِنْهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ عَلَى فِعْلِهَا، بَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُثِيبَهُمْ عَلَى فِعْلِهِمْ لِلطَّاعَاتِ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ أَنَّهُ تَعَالَى لاَ يُخِلُّ بِشَيْءٍ مِنَ الْوَاجِبَاتِ، وَقَدْ قَالَ الله تَعَالَى: ( وَمَا اللهُ يُرِيْدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ )، [غافر:31]، وقَالَ تَعَالَى( وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ )، [الزمر:7]، وقَالَ تَعَالَى:( وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ )،[البقرة:205] ([12]).


الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: أَنَّ القُرْآنَ الَّذِيْ بَيْنَنَا كَلاَمُ اللهِ تَعَالَى وَوَحْيُهُ وتَنْزِيْلُهُ
وَ الدَّلِيْلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمَعْلُومَ ضَرُورَةً مِنْ دِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُ أَنَّ القُرْآنَ الَّذِيْ جَآءَ بِهِ كَلاَمُ الله تَعَالَى، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِكَلاَمٍ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ، وَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ لاَ يُخْبِرُ إِلاَّ بِالصِّدْقِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِيْنَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ )،[التوبة:6]، وَلاَ شَكَّ أَنَّ الَّذِيْ سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ هُوَ الَّذِيْ بَيْنَنَا والَّذِيْ نَتْلُوه([13]).


الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: أَنَّ هَذَا القُرْآنَ مُحْدَثٌ غَيْرُ قَدِيْمٍ
والدَّلِيْلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ مُرَتَّبٌ مَنْظُومٌ، يُوجَدُ بَعْضُهُ فِي إِثْرِ بَعْضٍ، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ ضَرُورَةً؛ أَلاَ تَرَى أَنٍَّ قَوْلَهُ: ( الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ )، [الفاتحة:2]، حُرُوفٌ قَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ؛ ومَا تَقَدَّمَهُ غَيْرُهُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُحْدَثًا; لأَنَّ القَدِيْمَ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَمَا يَأْتِيْهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ )، [الأنبيآء:2]، فَوَصَفَ اللهُ تَعَالَى الذِّكْرَ وَهُوَ القُرْآنُ بِأَنَّهُ مُحْدَثٌ، وَلاَ شَكَّ أَنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِيْ أَحْدَثَهُ; لأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ كَلامُهُ، وَالكَلاَمُ فِعْلُ الْمُتَكَلِّمِ؛ فَثَبَتَ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ أَنَّ القُرْآنَ الْكَرِيْمَ مُحْدَثٌ غَيْرُ قَدِيْمٍ([14]).



الْمَسْأَلَةُ العَاشِرَةُ: أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ نَبِيٌّ صَادِقٌ
والدَّلِيْلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُعْجِزَ الَّذِيْ هُوَ القُرْآنُ شرَّفَهُ اللهُ تَعَالَى قّدْ ظَهَرَ عَلَى يَدَيْهِ عَقِيبَ دَعوَى النُّبُوَّةِ، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ ضَرُورَةً عِنْدَ كُلِّ مَن بَحَثَ عَن أَخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ جَآءَ بِالقُرْآنِ وَتَحَدَّى العَرَبَ الَّذِينَ هُمُ النِّهَايةُ فِي الفَصَاحَةِ أَنْ يَأتُوا بِمِثْلِهِ، أَوْ يَعْتَرِفُوا بِصِدْقِهِ فِيْمَا ادَّعَاهُ، وَلاَ شَكَّ أَنَّ العَرَبَ لَمْ يَأتُوا بِشَيْءٍ مِمَّا تَحَدَّاهُم بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ، بَلْ عَدَلُوا إِلَى مُحَارَبَتِهِ لَمَّا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى مُعَارَضَتِهِ؛ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ القُرْآنَ مُعْجِزٌ قَدْ ظَهَرَ عَلَى يَدَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ، وإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ ثَبَتَ صِدْقُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ فِيْمَا ادَّعَاهُ مِنَ النُّبُوَّةِ; لأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَاذِبًا لَمَا صَدَّقَهُ اللهُ تَعَالَى بالْمُعْجِزِ الَّذِيْ هُوَ القُرْآنُ; لأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ تَصْدِيقًا لِلْكَاذِبِ، وَذَلِكَ قَبِيْحٌ، وَاللهُ تَعَالَى لاَ يَفْعَلُ الْقَبِيْحَ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ مَسَآئِلِ العَدْلِ؛ فَثَبَتَ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ نُبُوَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ، وَوَجَبَ عَلَيْنَا تَصْدِيْقَهُ فِيْمَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ نُبُوَّةِ غَيْرِهِ مِنَ الأَنْبِيَآءِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ، وَمُوَافَقَتُهُ وَمُتَابَعَتُهُ فِيْمَا جَآءَ بِهِ مِنَ الأَحْكَامِ([15]).

فَهَذِهِ جُمْلَةُ مَا يَلْزَمُ الْمُكَلَّفَ مَعْرِفَتُهُ مِنْ مَسَآئِلِ العَدْلِ.





--------------------------------------------------------------------------------

([1]) كأن يمنع عن الأرض المآء، أو الهوآء الذي تستنشقه الكائنات، أو يمنع التربة من الإنبات، أو يمنع يديك من طاعتك، إلا في حالات المرض لحكمة، ونحو ذلك.



([2])

وَهْوَ حَكِيْمٌ ذُو الْجَلاَلِ عَدْلُ وَمِنْهُ لِلْكُلِّ الْعَطَآءُ الْجَزْلُ

إِذْ كُلُّ جَوْرٍ حَاجَةٌ وَجَهْلُ وَلَيْسَ يَثْنِيْ نِعْمَتَيْهِ الْعَذْلُ

يَجْزِيْ عَلَى الْحَبَّةِ بِالْمِثْقَالِ


([3]) قد أدخل الشيطان شبهة عَلَى الذين ينسبون أفعالهم القبيحة إلى الله فزعموا أَنَّ كُلَّ ما في الوجود مخلوقٌ للهِ، ولا يصح أن يُنْسَبَ الفِعلُ إِلى الإنسان لئلا يصيرَ خالقًا مع الله عز وجل، وَنَسُوا أنَّ إِلصاق فِعْل القبائح بالله يفوق كل قبيح، مع العلم أن الْخَلْقَ الذي يجب أن يُنْسَبَ إلى الله هو ما فيه تَمَدُّحٌ وتعظيم، وهو لا يتعارض مع قوله تعالى:( اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ )؛[الزمر:62] لأن الآيات التي ساقها المؤلف قد نسبت الخلق الذي هو بمعنى العمل إلى العبيد مثل : ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا )، [العنكبوت:17] أي تعملونه ، فدل عَلَى أن المراد بخلق كل شيء مما فيه مدحٌ وتعظيمٌ. وليس في نِسْبَةِ الزنى، وشرب الخمر إِلى اللهِ مدحٌ ولا تعظيمٌ. والإنسانُ عندما يفعل شيئًا لا يُسمَّى خالقًا مع الله بل قادرا عَلَى فعل الخير والشر بما وهبه الله من جوارح، وَزَوَّدَهُ بالعقل ليميز بين القبيح وغيره، وإذا أراد الله أن يمنعه من أي فعل فهو قادرٌ، لكنه تَرَكَهُ حُرًّا ليصح ترتيب الثواب والعقاب عَلَى هذه الحرية والاختيار والقدرةِ التي مكنه الله منها.

([4])

قَضَآؤُهُ بِالْحَقِّ دُونَ الْبَاطِلِ وَإِذْ بِهِ يَفْرَحُ كُلُّ عَاقِلِ

كَمَا أَتَى فِي السُّوَرِ النَّوَازِلِ
وَالظُّلْمُ يُشْجِي قَلْبَ كُلِّ فَاضِلِ

فَانْظُرْ إِلَى مَخَارِجِ الأَقْوَالِ


([5]) فتح الباري 8 / 389.

([6]) فتح الباري 8 / 389. و غريب القرآن للإمام زيد بن علي عليهما السلام 184. وتفسير الأعقم 351.

([7]) فتح الباري 8 / 389. وتفسير الماوردي 3 / 228.

([8]) لأَنَّهُمْ قَالُوا قَبْلَهَا : ( وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا ). فَأَنْكَرَ الله عليهم قولهم الباطل بالاستنكار ( أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )، [الأعراف:28].

([9])

وَكَلَّفَ العَبْدَ دُوَيْنَ الطَّاقَهْ
إِذْ صَارَ لاَ يَجْرِي عَلَيْهِ الفَاقَهْ

وَحَلَّ إِذْ كَلَّفَهُ وِثَاقَهْ
وَلَمْ يُرِدْ سُبْحَانَهُ إِرْهَاقَهْ


جَلَّ فَمَا أَرْحَمَهُ مِنْ وَالِيْ


([10])

وَالْمَوْتِ وَالشِدَّةِ وَالأَعْرَاضِ
وَهْوَ عَنِ الْمُمْتـَحَنِيْنَ رَاضِي


يَمْتَحِنُ العَالَمَ بِالأَمْرَاضِ
لِلاعْتِبَارِ الْمَحْضِ والأَعْوَاضِ


يُحِلُّهُم فَوقَ الْمَحَلِّ العَالِي


([11]) قد يقال: وهل هناك مِنْ يعتقد بأنَّ الله يحبُّ المعاصي ويريدها? والجواب: نعم. قد ذهب إلى هذا الاعتقاد طوآئف لشبهةٍ احتَجُّوا بها، وهي أن المعاصي لو لم تكن بإرادة الله لكانت موجودةً رغمًا عنه وهو لها كاره؛ ولا يليق بالله أن يَحْدُثَ شيءٌ في الكون لا يريده ولا يرضاه. والجواب: أنَّ قولهم هذا صحيح؛ لو كان الله عاجزًا ومغلوبًا؛ لكنَّ الله لم يُعْصَ مغلوبًا، فهو قادر عَلَى منع المعاصي؛ لكنه تَرَكَ العباد أحرارًا مختارين قادرين عَلَى فعل الخير والشر؛ ليثيبَ الطائعين ويعاقبَ العاصين، وهذا أَلْيَقُ بالله من القول بأنه يُريدُ القبائحَ والمنكراتِ، وكيف يُريدها ثم يعاقب عليها? إنه قول غريبٌ مناقض لنصوص القرآن، فالله يكره الكفر والمعاصي ولا يرضاها كما صَرَّحَ القرآن بذلك، ولكنه لم يمنعْها؛ لأنَّ حكمتَه اقتضتْ أن يمنح عبادَه حريةَ الاختيارِ. ومعنى عدمِ محبَّته للمعاصي وكراهيته لها أنَّهُ يعاقب عليها، ومحبَّته للطاعات الإِثابة والجزآء لفاعلها.

([12])

لَوْ شَآءَه مَا عَذَّبَ العِبَادَا
ثَمّتَ وَالَيْنَا الذي قَدْ عَادَا


وَلَمْ يُرِدْ ظُلْمًا وَلاَ فَسَادًا
ولأَرَدْنَا كُلّ مَا أَرَادَا


وَكَانَ لاَ يَنْهَى عَنِ الإِضْلاَلِ


([13])

شَاهِدُهُ البَرُّ النَّبِيُّ الْمُرْسَلُ
فِيْهِ الْهُدَى مُبَيَّنٌ وَمُجْمَلُ

وَمِنْهُ قَدْ جَآءَ الكِتَابُ الْمُنْزَلُ
مُوَصَّلٌ مَتْلُوُّهُ مُفَصَّلُ

كَالدُّرِّ وَاليَاقُوتِ والَّلآلِي


([14])حَدَثَ فِي هذه المسألة خلافٌ مريرٌ بل صراعٌ دامٍ، بدأ أيام المأمون العباسي، فقد ذهب المأمون والمعتزلة وغيرهم إِلى القول بخلق القرآن؛ بدليل أن ما سوى الله مخلوق، وذهب كثير من المحدِّثين بزعامة الإِمام أحمد بن حنبل إلى القول بأن القرآن كلام الله قديم، وجرت مناظرات، وتشدَّد المأمون في هذه المسألة، واعتبر القول بِقِدَمِ القرآن خطأً يستحق العقاب؛ ولذلك فقد حُبِسَ أحمد وغيره من القائلين بأن القرآن قديم، وتعرضوا للتعذيب، وَعُزِلُوا مِن أعمالهم. ولَمَّا جآء المتوكل العباسي وقف إلى جانب القائلين بأن القرآن قديم، واتخذ موقفًا أشد عنفًا ووحشية ضد المعتزلة، أدى إلى محوهم من الوجود، ولولا مبادرة الزيدية إلى حفظ تراث المعتزلة لَمُحِيْ هو الآخر، وهذا موقف يُشكر لرجال الزيدية. روي أن الإمام المتوكل عَلَى الله أحمد ابن سليمان عليه السلام أرسل شمس الدين القاضي جعفر بن أحمد عبدالسلام رضي الله عنه، وأمره أن يجلب كتب المعتزلة من العراق إِلى اليمن، ونالت استحسانَ وعنايةَ المدرسة الزيدية. أما رأي الزيدية في مسألة خلق القرآن فهو نفس رأي المعتزلة، والذي يظهر أن الخلاف لا محلَّ له ؛ لأنَّهم إِن أسرادوا بالقرآن الكلامَ النفسي والمعاني فهو عِلْمٌ من علم الله، وعلمُ الله قديم؛ لأنه ذاتُه، وإن أرادوا بالقرآن المكتوب في المصاحف فهو مُحْدَثٌ باتفاق؛ فينبغي الوقوف هنا والاتفاق عَلَى العمل بالقرآن. وقد آلمني ما تَرَكَه ُمثلُ هذا الاختلاف من آثار، وبالأخص في علم الجرح والتعديل، حيث حَكَمَ بعضُ المحدثين - بالكفر- عَلَى القائلين بخلق القرآن، وقيل في المتوقفين: الواقفة الملعونة. [راجع عدالة الرواة، للمحقق ، طبعة مركز بدر]، وقد كان السلف رحمهم الله في غِنًى عن هذا، ونحن كذلك؛ لأن الله يريد منا العمل بالقرآن والاهتدآء بهديه والتأدُّبَ بآدابه. وَمَثَلُ هذا الاختلاف في مِثْلِ هَذَا مَثَلُ قوم اجتمعوا عَلَى مائدة عليها أشهى الطعام ولذيذ الشراب، فقال بعضهم : هذا الطعام صَنَعَتْهُ عجوز، وقال بعضهم: بل صغيرة، وتعصَّب لهذا قوم ولهذا قوم، واشتد النزاع حتى اشتبكوا بالسلاح، فسالت دماؤهم وفضلاتهم عَلَى المائدة، فلا طعامًا أكلوا، ولا دمًا حقنوا- والأغرب من هذا أنهم فَرِحون بما صنعوا، مُصِرُّون عَلَى تكرار ما عملوا، فإِنَّا لله وإِنَّا إليه راجعون. وقد كان الناس متفقين عَلَى أنه كلام الله فلما زاد المعتزلة ( مخلوق) زاد خصومهم ( قديم ) فتعالوا من أجل الله وقولوا : القرآن كلام الله واسكتوا .

([15])



مُطَهَّرٌ مُهَذَّبٌ زَكِيُّ
وَجَآءَ مِنْهُ مُعْجِزٌ جَلِيُّ


وَعِنْدَنَا مُحَمَّدٌ نَبِيُّ
إِخْتَصًّهُ بِذَلِكَ العَلِيُّ


يَعْجِزُ َعَنْهُ كُلُّ ذِيْ مَقَالِ

فَصَارَ فِي هَامَةِ بُحْبُوحِ الْكَرَمْ
وَخَيْرُ ذِيْ لَحْمٍ مِنَ الْخَلْقِ وَدَمْ


أَيَّدَهُ رَبِّيْ بِإِظْهَارِ العَلَمْ
أَفْضَلَ مَنْ يَمْشِيْ عَلَى بَطْنِ قَدَمْ

مَنًّا مِنَ الْوَاحِدِ ذِيْ الْجَلاَلِ

[/size
]
قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت و يطهركم تطهيرا)
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي ولفاطمة وحسن وحسين(اللهم هؤلاء اهل بيتي فأذهب عنهم الرجس)
اللهم صلي على محمد وآل محمد

عصام البُكير
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 241
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 12:21 am
مكان: اليمن - صنعاء

مشاركة بواسطة عصام البُكير »

الوَعْدُ وَالوَعِيْدُ :




الْمَسْأَلَةُ الأُوْلَى: أَنَّ مَنْ وَعَدَهُ اللهُ بِالثَّوَابِ مِنَ الْمُؤْمِنِيْنَ فإِنَّهُ مَتَى مَاتَ مُسْتَقِيْمًا عَلَى إِيْمَانِهِ صَآئِرٌ إِلَى الْجَنَّةِ لاَ مَحَالَةَ، وَمُخَلَّدٌ فِيْهَا خُلُودًا دَآئِمًا فِي ثَوَابٍ لاَ يَنْقَطِعُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ مَنْ تَوَعَّدَهُ اللهُ تَعَالَى بِالْعِقَابِ مِنَ الْكُفَّارِ، فَإِنَّهُ مَتَى مَاتَ مُصِرًّا عَلَى كُفْرِهِ، صَآئِرٌ إِلَى النَّارِ لاَ مَحَالَة، مُخَلَّدٌ فِيْهَا خُلُودًا دَآئِمًا([1]).
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أََنَّ مَنْ تَوَعَّدَهُ اللهُ بِالْعِقَابِ مِنَ الفُسَّاقِ، فَإِنَّهُ مَتَى مَاتَ مُصِرًّا عَلَى فِسْقِهِ فَإِنَّهُ يُدْخِلُهُ النَّارَ وَيُخَلِّدُهُ فِيْهَا خُلُودًا دَآئِمًا.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ أَصْحَابَ الكَبَآئِرَِ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ
الْمَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: أَنَّ شَفَاعَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَابِتَةٌ قَاطِعَةٌ([6])
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يَأْمُرَ بالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: أَنَّ الإِمَامَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ هُوَ عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: أَنَّ الإِمَامَ بَعْدَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ ابْنَهُ الحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلامُ
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: أَنَّ الإِمَامَ بَعْدَ الْحَسَنِ أَخَوْهُ الْحُسَيْنِ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهُمُ السَّلاَمُ([15]).
الْمَسْأَلـَةُ العَاشِرَةُ: أَنَّ الإِمَامَة بَعْدَ الحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلام


الْمَسْأَلَةُ الأُوْلَى:
أَنَّ مَنْ وَعَدَهُ اللهُ بِالثَّوَابِ مِنَ الْمُؤْمِنِيْنَ فإِنَّهُ مَتَى مَاتَ مُسْتَقِيْمًا عَلَى إِيْمَانِهِ صَآئِرٌ إِلَى الْجَنَّةِ لاَ مَحَالَةَ، وَمُخَلَّدٌ فِيْهَا خُلُودًا دَآئِمًا فِي ثَوَابٍ لاَ يَنْقَطِعُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:
أَنَّ مَنْ تَوَعَّدَهُ اللهُ تَعَالَى بِالْعِقَابِ مِنَ الْكُفَّارِ، فَإِنَّهُ مَتَى مَاتَ مُصِرًّا عَلَى كُفْرِهِ، صَآئِرٌ إِلَى النَّارِ لاَ مَحَالَة، مُخَلَّدٌ فِيْهَا خُلُودًا دَآئِمًا([1]).
والدَّلِيْلُ عَلَى صِحَةِ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ الْمَعْلُومَ ضَرُورَةً مِنْ دِيْنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو الْخَلْقَ إِلَى طَاعَةِ اللهِ، وَيَعِدُهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْجَنَّةَ الَّتِي عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِيْنَ. وَيَتَوَعَّدُ مَنْ خَالَفَهُ وَكَفَرَ بِمَا جَآءَ بِهِ بِالنَّارِ الَّتِي وَقُوْدُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِيْنَ([2]).

وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ لاَ يَدِيْنُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يُخْبِرُ إِلاَّ بِالصِّدْقِ، فَصَحَّ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ.


الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ
أََنَّ مَنْ تَوَعَّدَهُ اللهُ بِالْعِقَابِ مِنَ الفُسَّاقِ، فَإِنَّهُ مَتَى مَاتَ مُصِرًّا عَلَى فِسْقِهِ فَإِنَّهُ يُدْخِلُهُ النَّارَ وَيُخَلِّدُهُ فِيْهَا خُلُودًا دَآئِمًا.
والدَّلِيْلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُوْلَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِيْنَ فِيْهَا أَبَدًا )، [الجن:23]، وَلاَ شَكَّ أَنَّ الفَاسِقَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ عَصَى اللهَ تَعَالَى، فَيَجِبُ أَنْ يُدْخِلَهُ النَّارَ وَيُخَلِّدُه فِيْهَا; لأَنَّ اللهَ تَعَالَى لا يُخْبِرُ إِلاَّ بِالصِّدْقِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ( مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيْدِ )، [ق:29].



الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ
أَنَّ أَصْحَابَ الكَبَآئِرَِ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ : كَشَارِبِ الْخَمْرِ وَالزَّانِي وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمَا يُسَمَّوْنَ فُسَّاقًا ولاَ يُسَمَّوْنَ كُفَّارًا([3]) كَمَا هُوَ قَوْلُ الْخَوَارِجِ([4]); لأَنَّهُم لَوْ كَانُوا كُفَّارًا لَمَا جَازَ دَفْنُهُمْ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ ولاَ مُنَاكَحَتُهُمْ ولاَ مُوَارَثَتُهُمْ، فَلَمَّا عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ جَآئِزٌ دََّل ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمْ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّوا كُفَّارًا. ولاَ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّوْا مُؤْمِنِيْنَ كَمَا تَقُوْلُهُ الْمُرْجِئَةُ; لأَنَّ الْمُؤْمِنَ فِي الشَّرِيْعَةِ يَجِبُ مَدْحُهُ وَتَعْظِيْمُهُ، وَالْفَاسِقُ لاَ يَجُوزُ مَدْحُهُ ولاَ تَعْظِيْمُهُ؛ فلاَ يَجُوزُ أَنْ يُسّمَّى مُؤْمِنًا؛ فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَنَّهُمْ يُسَمَّوْنَ فُسَّاقًا، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِمَ اسْمُ الْكُفْرِ وَالإِيْمَانِ([5]).



الْمَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: أَنَّ شَفَاعَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَابِتَةٌ قَاطِعَةٌ([6])
وَلاَ تَكُونُ إِلاَّ لِمَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَيَزِيْدُهُمُ اللهُ نَعِيْمًا إِلَى نَعِيْمِهِمْ وسُرُورًا إِلَى سُرُورِهِمْ([7]).

وَ الدَّلِيْلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( مَا لِلظَّالِمِيْنَ مِنْ حَمِيْمٍ وَلاَ شَفِيْعٍ يُطَاعُ )، [غافر:18]، وَلاَ شَكَّ أَنَّ الْفَاسِقَ ظَالِمٌ بِلاَ خِلاَفٍ بَيْنَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَشْفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ لأَحَدٍ مِنَ الْفُسَّاقِ([8])، وَإِذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْفَعَ لَهُمْ لَمْ تَبْقَ شَفَاعَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِيْنَ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَمَا لِلظَّالِمِيْنَ مِنْ أَنْصَارٍ )، [البقرة:270]، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَشْفَعَ لأَحَدٍ مِنْهُمْ؛ لأَنَّهُ لَوْ شَفَعَ لأَحَدٍ مِنْهُمْ لَكَانَ نُصْرةً لَهُمْ، وَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ; لأَنَّهُ يَكُونُ تَكْذِيْبًا لِكَلامِ اللهِ تَعَالَى([9]).



الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يَأْمُرَ بالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ
مَتَى قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَمْ يَكُنْ أَمْرُهُ ونَهْيُهُ يُؤَدِّيَانِ إِلَى فِعْلِ مُنْكَرٍ غَيْرِ الَّذِيْ نَهَى عَنْهُ، أَوْ تَرْكِ مَعْرُوفٍ غَيْرِ الَّذِيْ أَمَرَ بِهِ([10]).

والدَّلِيْلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ( وَلْتَكُن مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )،[آل عمران104]. وَوَجْهُ الاسْتِدْلاَلِ بِهَذِهِ الآيَةِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَ أَنْ يَكُونَ فِيْنَا مَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَمَا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِهِ كَانَ وَاجِبًا لا يَجُوزُ تَرْكُهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِيْنَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيْبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيْبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيْمٌ )، [النور:63]، وَلا شَكَّ أَنَّ العَذَابَ لا يُصِيْبُ إِلاَّ مَنْ تَرَكَ مَا أَوْجِبَ الله تَعَالَى عَلَيْهِ أَوْ فَعَلَ مَا نَهَاهُ عَنْهُ([11]).



الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: أَنَّ الإِمَامَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ هُوَ عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامِ
وَ الدَّلِيْلُ عَلَى إِمَامَتِهِ([12]) عَلَيْهِ السَّلامُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ يَوْمَ غَدِيْرِ خُمّ وَقَدْ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ: (أَلَسْتُ أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ?)، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: (فَمَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَن نَّصَرَهُ، واخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ) ([13]).

وَوَجْهُ الاسْتِدْلاَلِ بِهَذَا الْخَبَرِ عَلَى إِمَامَتِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ جَعَلَهُ مَوْلَى لِلْكَآفَّةِ كَنَفْسِهِ. وَالْمَولَى هُوَ: الْمَالكُ لِلتَّصَرُّفِ، كَمَا يُقَالُ: هَذَا مَوْلَى الدَّارِ، يُرَادُ بِهِ الَّذِيْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيْهَا، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلامُ مَالِكُ التَّصَرُّفِ عَلَى الأُمَّةِ كَانَ إِمامًا; لأَنَّ الإِمامَ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عَلَى النَّاسِ بِحُكْمِ اللهِ تَعَالَى؛ فَثَبَتَ بِذَلِكَ إِمَامَتُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَأَنَّهُ أَحَقُّ بِالأَمْرِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّحَابَةِ([14]).



الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: أَنَّ الإِمَامَ بَعْدَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ ابْنَهُ الحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلامُ


الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: أَنَّ الإِمَامَ بَعْدَ الْحَسَنِ أَخَوْهُ الْحُسَيْنِ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهُمُ السَّلاَمُ([15]).
والدَّلِيْلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَولُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ: (الْحَسَنُ والْحُسَيْنُ إِمَامَانِ قَامَا أَوْ قَعَدَا، وَأَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا)([16])، وَهَذَا الْخَبَرُ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الإِمَامَةِ لَهُمَا عَلَيْهُمَا السَّلامُ فِي كُلِّ وَقْتٍ، إِلاَّ أَنَّا أَخْرَجْنَا زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ بِإِجْمَاعِ الأُمَّةِ، فَإِنَّ الأُمَّةَ أَجْمَعَتْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلاَ لِغَيْرِهِمَا أَمْرٌ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلاَ لِغَيْرِهِمَا أَمرٌ فِي زَمَنِ أَبِيْهِمَا عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَمْرٌ فِي زَمَنِ أَخِيْهِ الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِالإِجْمَاعِ، فَبَقِيَ مَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ الأَزْمِنَةِ دَاخِلاً تَحْتَ النَّصِ الْمَذْكُورِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ؛ فَثَبَتَ بِذَلِكَ إِمَامَتَهُمَا عَلَيْهِمَا السَّلامُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيْبِ الْمَذْكُورِ، وَأَنَّهُمَا أَحَقُّ بِالأَمْرِ مِمَّنْ أَخَذَهُ مِنْهُمَا كَمُعَاوِيَةَ وَيَزِيْدَ لَعَنَهُمَا اللهُ تَعَالَى لَعْنًا وَبِيْلاً([17]).

الْمَسْأَلـَةُ العَاشِرَةُ: أَنَّ الإِمَامَة بَعْدَ الحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلام
فِيْمَنْ قَامَ ودَعَا الْخَلْقَ إِلَى طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى، وَكَانَ مِنْ

وَلَدِ الحَسَنِ والحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلامُ([18])، وَهُوَ جَامِعٌ لِخِصَالِ الإِمَامَةِ الَّتِي هِيَ: الْعِلْمُ بِمَا تحتاجُ إِلَيْهِ الأُمَّةِ فِي أُمُورِ دِيْنِهَا وَدُنْيَاهَا. وَالْوَرَعُ مِمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ. وَالْفَضْلُ فِي الدِّيْنِ بِحَيْثُ يَكُونُ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ أَوْ مِنْ جُمْلَةِ أَفَاضِلِهِمْ. وَالسَّخَآءُ بِوَضْعِ الْحُقُوقِ فِي مَوَاضِعِهَا الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِهَا، وَالشَّجَاعَةُ بِحَيْثُ يَكُونُ مَعَهُ مِنْ قُوَّةِِ الْقَلْبِ مَا يَصْلُحُ مَعَهُ لِجِهَادِ أَعْدَآءِ اللهِ تَعَالَى. والقُوَّةُ عَلَى تَدْبِيْرِ أَمْرِ الأُمَّةِ بِحَيِْثُ يَكُونُ سَلِيْمًا فِي بَدَنِهِ مِنَ الآفَاتِ الْمَانِعَةِ لَهُ مِنَ الْقِيَامِ بِأَمْرِ اللهِ كَالْعَمَى وَغَيْرِهِ. وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مِنْ جَوْدَةِ الرَّأْيِ وحُسْنِ التَّدْبِيْرِ مَا يَصْلُحُ أَنْ يُفْزَعَ إِلَيْهِ فِي الْمَشُورَةِ وَالرَّأْيِ السَّدِيْدِ. وَلا خِلافَ بَيْنَ الأُمًّةِ أَنَّ الإِمَامَ يَجِبُ أَنْ يَجْمَعَ هَذِهِ الْخِصَالَ الْمَذْكُورَةِ، وَمَتَى كَمُلَتْ فِيْهِ وَدَعَا الْخَلْقَ إِلَى طَاعَةِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَجَبَ عَلَيْهِمْ إِجَابَتُهُ وَالْجِهَادُ مَعَهُ.

وَ الدَّلِيْلُ عَلَى ذَلِكَ قَولُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ: (مَنْ سَمِعَ وَاعِيَتَنَا([19]) أَهْلَ البَيْتِ فَلَمْ يُجِبْهَا كَبَّهُ اللهُ عَلَى مِنْخَرَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ) ([20]).

وَإِنَّمَا حَصَرْنَا الإِمَامَةَ فِي أَوْلادِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَلَيْهُمَا السَّلامُ لأَنَّ الأُمَّةَ قَدْ أَجْمَعَتْ عَلَى جَوَازِهَا فِيْهِمْ وَاخْتَلَفَتْ فِيْمَنْ سِوَاهُمْ بَعْدَ بُطْلانِ قَولِ الإمَامِيَّةِ بِالنَّصِ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ وَلَدِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلام([21]); لأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا ادَّعَوْهُ مِنَ النَّصِ صَحِيْحًا لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا مَشْهُورًا عِنْدَ جَمِيْعِ الْمُكَلَّفِينَ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا وَجَبَ نَفْيُهُ([22]).

فَثَبَتَ أَنَّ الأُمَّةَ قَدْ أَجْمَعَتْ عَلَى جَوَازِهَا فِيْهِمْ، وَاخْتَلَفَتْ فِيْمَنْ سِوَاهُم، فَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: إِنَّ الإِمَامَةَ جَآئِزَةٌ فِي جَمِيْعِ قُرَيْشٍ. وَقَالَتْ الْخَوَارِجُ: إِنَّهَا جَآئِزَةٌ فِي جَمِيْعِ النَّاسِ؛ وَلا شَكَّ أَنَّ أَوْلادَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ مِنْ خِيَارِ قُرَيْشٍ وَمِنْ خِيَارِ النَّاسِ، فَقَدْ أَخَذْنَا بِمَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الأُمَّةَ وَتَرَكْنَا مَا اخْتَلَفَتْ فِيْهِ; لأَنَّهُ لا دَلِيْلَ عَلَيْهِ، وَإِجْمَاعُ الأُمَّةِ حُجَّةٌ وَاجِبَةٌ الاتِّبَاعُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ: (لَنْ تَجْتَمِعَ أُمَّتِي عَلَى ضَلالَةٍ) ([23])، وَإِذَا لَمْ تَجْتَمِعْ عَلَى ضَلالَةٍ كَانَ مَا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ هُوَ الْحَقُّ، وَقَدْ أَجْمَعَتْ عَلَى جَوَازِ الإِمَامَةِ فِِي أَوْلادِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَلَيْهُمَا السَّلامُ. ([24])






--------------------------------------------------------------------------------

([1])

للمؤمنِ الطَّائِعِ وَالْعَنِيْدِ
بالْمُكْثِ في الدَّارَين والتخليد

وَقَوْلُنَا في الْوَعْدِ وَالوَعِيْدِ
وللشَّقِيِّ الْعَرْضُ وَالسَّعِيْد


وَذَاكَ قَوْلُ الله ذِيْ الْمَحَالِ


([2]) مثل قوله تعالى: ( وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُوْلَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُوْدَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيْهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِيْنٌ ) [ النساء : 14]. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : (كُلُّ أمَّتِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ أَبَى، قالوا: ومَنْ يَأْبَى يَا رَسُولَ اللهِ?قال: مَنْ عَصَاني فَقَد أَبَى). أخرجه الحاكم في المستدرك و وافقه الذهبي على صحته. ج1ص55.



([3])

مُعَالِنًا بِكُفْرِهِ مُجَاهِرَا
بَلْ فَاسِقًا رِجْسًا لَعِيْنًا فَاجِرَا

وَلاَ نُسَمِّيْ ذَا الْفُسُوقِ كَافِرَا
وَلاَ تَقِيًّا ذَا وَقَارٍ ظَاهِرَا

يَجُولُ فِي جَوَامِعِ الأَغْلاَلِ


وهذه المسألة تسمى بالمنزِلَةِ بَيْنَ المنزِلَتَيْنِ - أي الكفر والإيمان، ويتفق فيها الزيدية والمعتزلة.

([4]) الخوارج قوم من المسلمين غَلَوْا في الدين فخرجوا منه، وأول مثالٍ لهم هو ابن صيَّاد ، قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقسم غنائم حنينٍ: اعدل يا محمد؛ فتغير وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس أَنَفَةً من النصيحة ، وإنما لهذا المغرور الذي يشبه الفحمة التي تنافس الشمس وتزعم أنها أكثر إِضاءة منها. وقد أخبر صلى الله عليه وآله وسلم بأنه سيخرج من ضِئْضِئِ هذا -أي من نوعه وشاكلته قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّمِيَّةِ. يا ترى هل من قلة دينهم? لا: إنهم مبالغون في الدين إلى الحد الذي قال صلى الله عليه وآله وسلم : (تحقرون صلاتكم عند صلاتهم وقراءتكم عند قراءتهم لكنه لا يجاوز حناجرهم). أعوذ بالله إنه دين المظهر والخداع، دين الفم والظاهر، ولا صلة له بالقلب، ولا علاقة له بالوجدان، ثم أخبر أنه يَقْتُلُ هذه الطائفة عند ظهورها أَولَى الطائفتين بالحق، فكان ذلك أمير المؤمنين علي عليه السلام.

([5])قال الصاحب بن عباد رحمه الله :

لاَ مُؤْمِنًا حَقًّا ولاَ مُنَافِقُ
قَوْلِيَ إِجْمَاعٌ وَخَصْمِيْ خَارِقُ

وَصَاحِبُ الذَّنْبِ لَدَيْنَا فَاسِقُ واَلكُلُّ فِي تَفْسِيْقِهِ مُوَافِقُ


وقد سمى القرآن الكريم الوليدَ بن عقبة فاسقًا ، وابنَ أُبَيٍّ مُنَافِقًا ، وأهلَ مكة مشركين ، وأهلَ الكتاب يهودًا ونصارى . أما المؤمنون فليس إلا الأَتقياء الأَنقياء .

([6]) الشفاعة : لغة هي مأخوذة من الشفع وهو نقيض الوَتْرِ، والوَتْرُ : الواحد. والشفع : الزوج. وفي الاصطلاح : هو السؤال لجلب نفع الغير عندنا، بخلاف المرجئة فإنها عندهم لا تكون إلا لإسقاط الضرر، أو دَفْعِهِ الضرر، أو تخليص الغير من المضرة ونصرته وإِنقاذه منها.

([7]) قالت المرجئة: إن المؤمنين ليسوا بحاجة للشفاعة، فالمحتاج لها هم الفساق. والجواب: إن الكفار محتاجون للشفاعة أكثر من الفساق. كما أن الملائكة يشفعون للمؤمنين دون سواهم باتفاق؛مما يدل على أن الغرض من الشفاعة تشريف الشافع والمشفوع له والشفاعة في اللغة لدفع الضرر ولجلب النفع أيضا؛ فالشفاعة للمؤمنين ليس فيها مشكلة؛ إذ هي تشريف للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولهم ، لكن المشكلة في مكافأة أهل الكبائر بالشفاعة بمعنى أن الزناة واللصوص والشواذ والظلمة والقتلة والسكارى يتمتعون بشفاعة الطاهر المطهر صلى الله عليه وآله وسلم سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم.



([8])

لَمَّا تَنَحَّوْا عَنْ طَرِيْقِ الطَّاعَهْ
وَارْتَكَبُوْا الْمُنْكَرَ والشَّنَاعَهْ


وَمَا لأَهْلِ الْفِسْقِ مِنْ شَفَاعَهْ
وَخَالَفُوا السُّنَّةَ واَلْجَمَاعَهْ

فَخُلِّدُوْا فِي حِلَقِ النَّكَالِ




([9]) والحديث الذي رُوي ( شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) مكذوبٌ؛ لمصادمته الكتاب والسنة. وقد جزم بذلك الذهبي في لسان الميزان [1/466] حيث قال في ترجمة صديق بن سعيد الصوناخي التركي عن محمد بن بصير المروزي عن يحيى عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) هذا لم يَرْوِهِ هؤلاء قط لكن رواه عن صديق من يُجْهَلُ حَالُه: أحمد بن عبدالله بن محمد السرسي فما أدري من وَضَعَه. والحديث الصحيح هو: (شفاعتي ليست لأهل الكبائر من أمتي) وقد رُوي عن الحسن البصري مرسلاً، ومراسيله كلها عن علي عليه السلام كما ذكره المزي في تهذيب الكمال 6/ 124 حيث قال عن يونس بن عبيد، قال : سألت الحسن قلت: يا أبا سعيد إنك تقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإِنك لم تُدرِكه ? قال : يا ابن أخي لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحَدٌ قبلَكَ ولولا منزلتُك منِّي لما أخبرتُك، إني في زمان كما ترى - وكان في عمل الحجاج -كل شيء سمعتني أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآله فهو عن علي عليه السلام، غير أني في زمان لا أستطيع أن أذكر عَلِيًّا)ولهذا فمرسل الحسن أصح من مسند غيره لهذا السبب. والقول بالشفاعة للمجرمين من أهل الكبائر هدمٌ للإسلام جملة وتفصيلا، فافعل ما شئت، فأنت على موعِدٍ مع الشفاعة! أيُّ كَذِبٍ هذا?.

وها أنا أسوق جملة من الأحاديث الشريفة تُحَرِّمُ الشفاعة على كثير من مرتكبي الكبائر: فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآله : (لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُدْمِنُ خَمْرٍ ، وَلاَ عَاقٌّ ، وَلاَ مَنَّانٌ). رواه الطبراني في الأوسط 1 / 18 برقم 2335 . وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ثَلاَثَةٌ حرَّم اللهُ تبارك وتعالى عليهم الْجَنَّةَ: مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَالعَاقُّ، وَالدَّيُّوثُ الذي يُقِرُّ فِي أهْلِهِ الْخَبِيْثَ). رواه أحمد 2 / 351 رقم 5372 . والنسائي 5 / 80 برقم 2562. وعن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ثَلاَثَةٌ لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: مُدْمِنُ خَمْرٍ ، وَقَاطِعُ رَحِمٍ، وَمُصَدِّقٌ بِالسِّحْرِ) ، رواه أحمد ج7 رقم 19586. وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ثَلاثَةٌ لا يَدخُلونَ الجنَّة أبَدًا: الدَّيُّوثُ ، والرَّاجِلةُ مِنَ النِّسَآءِ، ومدمنُ الْخَمْرِ) ، رواه الطبراني . وعن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رائِحةَ الجنةِ)، أخرجه البخاري 3/1154 برقم 2995. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يَدخُل الجنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ). رواه الطبراني في الأوسط 4/32 برقم 3537 ، والطبراني في الكبير ص302 رقم 13180 . وعن عبدالله ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ثَلاثَةٌ لا يَدْخُلُون الجنَّةَ: العَاقُّ لِوَالِدَيْهِ ، وَالدَّيُّوثُ، والمرأةُ المتَرَجِّلَةُ تَشَبَّهُ بالرجال...إلخ). وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَل فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ جهنَّمَ يَتَرَدَّى خالدًا مُخَلَّدًا فيها أبدا)...إلخ.

رواه البخاري 5/ 2179 برقم 5442. ومسلم 1/ 103. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لاَ تَنَالُهُم شَفَاعَتِي: إِمامٌ ظلومٌ غشومٌ، ومارِقٌ غَالٍ). رواه الطبراني في الأوسط ج1 ص200 رقم640. وقال في مجمع الزوائد 5 / 235 : رجاله ثقات. وعن أبي بكر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (لا يَدْخُلُ الجنَّةَ جَسَدٌ غُذِيَ مِنَ الْحَرَامِِ) ، رواه الطبراني في الأوسط 6/ 113 برقم 5961. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (لاَ يَدْخُلُُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ) ، والقَتَّاتُ: النَمَّامُ. رواه الطبراني في الأوسط 4 / 278 رقم 4192. وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يَدْخُلًُ الجَنَّةَ سيَئِّ ُالمَلَكَةِ ، مَلْعُوْنٌ مَن ضَارَّ مُسْلِمًا ، أَوْ غَرَّهُ). رواه الطبراني في الأوسط 9 / 124 برقم 9312.إلى غير ذلك من الأحاديث التي لو سقناها لكانت بحجم كتاب الترغيب والترهيب للمنذري وهو ستة مجلدات فهل يجوز اختاء السنة وضياعها لمصلحة عقيدة فاسدة موروثة بدون وعي ولا تمحيص . والقرآن الكريم حاسم في هذا الشأن . قال تعالى: ( وَالَّذِيْنَ لاَ يَدْعُوْنَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّم اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا )، [الفرقان:68]. وقال سبحانه: ( وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُوْلَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُوْدَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيْهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِيْنٌ )، [النسآء:14]. وقال تعالى: ( وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خيَرْاً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًا يَرَهُ )، [الزلزلة:7،8]. إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث التي يتعسَّر حصرها، فهل من المعقول أن تُنْسَفَ بحديثٍ واحد لعلَّه من أهم ما وضعه الزنادقة? حاشا وكلا. ولماذا نجعل من القول بالشفاعة لأهل الكبائر عقيدة راسخة ، هل لأن معتقد ذلك يحب أهل الكبائر أو هو منهم ، ألا يكفي أن الله سبحانه قد جعل الحسنة بعشرة أمثالها ثم ضاعفها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله ، وجهل لهم بالحسنة حسنة وإن لم يفعلها مَن هَمَّ بها ، وجعل السيئة بواحدة وإن تاب فاعلها محاها الله وأبدلها حسنات . قال تعالى: ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ )،[الأنعام:160] وقال تعالى: ( مَثَلُ الَّذِيْنَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيْلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيْمٌ )، [البقرة:261] ثم إن الله يقبل التوبة الصادقة فورا متى استكملت شروطها ، فهل بعد هذا رحمة، وهل بعد هذا حجة قال تعالى( مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ )، [النساء:147] عن القول بالشفاعة لأهل الكبائر إلغاء لكل آيات الوعيد والترهيب في القرآن الكريم ونسف لكل أحاديث الوعيد والترهيب في السنة ، وتكذيب لها . أعاذنا الله من الزلل وكفى تزويقٌ للكلام بأن هذا القولَ إنما تمجيد لله، وأنه واسع العفو والمغفرة؛ ولسعة عفوه ومغفرته وهي في شيء من ظاهرها وطلائها وقشورها كلمة حق يراد بها باطل والأحرى أنها كلمة باطل خالص. فتوبوا إلى الله قبل أن تموتوا ، واستشعروا الحذر ولا يغرنكم بالله الغرور.

([10]) للأمْرِ والنهي شروط يجب أن يفقهها المنشغلون بالدعوة الإسلامية، منها:

1- الرفق والموعظة الحسنة، أسوة بمن قال الله تعالى فيه: ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيْمٍ ).[القلم:4] ( وَلَوْ كُنْتَ فَظًا غَلِيْظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )

، [آل عمران: 159] وقَدْ ظل صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث عشرة سنة هي نصف عمره بعد البعثة يدعو بالتي هي أحسن، ( وَادْعُ إِلَى سَبِيْلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ )،[النحل:125] حتى اضطره المشركون إلى السيف. وقد عبر صاحب الأزهار عن هذا المعنى فقال: ولا يُخَشِّنُ إن كَفَى الِّليْنُ.

2- لا نهيَ في مختَلَفٍ فيه. وهنا تظهر فداحة المصيبة؛ فالنهي والصراع مُنْصَبٌّ على المسائل الخلافيَّة. مثل : النهي عن (حي على خير العمل) والتهليل بعد الجنازة، وقراءة (يس) على الميت، والدعاء عند الوضوء ، والسربلة ، ونحو ذلك - الأمر الذي أوصل اليمن وغيرها إلى القتل والقتال في المساجد.

3- أن لا يؤدِّيَان إلى منكر أكبر؛ كأن يؤدي النهي عن شرب الخمر إِلى القتل.

([11])

وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ فَرْضٌ لاَزِبُ
وَعْظٌ وَزَجْرٌ وَحُسَامٌ قَاضِبُ

وَالنّهيُ عِنْ فِعْلِ القَبِيْحِ وَاجِبُ
وَهْوُ عَلَى فَاعِلِهِ مَرَاتِبُ


مِنْ غَيْرِ تَفْرِيْطٍ وَلاَ اسْتِعْجَالِ


([12]) مفهوم الأدلة : أن الإِمامة حقٌّ إِلهي محصور منصوص في أسرة أو أشخاص، وهو قول جمهور المسلمين من مُحَدِّثِيْنَ وفقهآء ، والاختلاف إنما هو في التفريع: فالمحدِّثون يحصرون الخلافة في قريش ، والإمامية يحصرونها في اثني عشر إمامًا أَوَّلُهُمْ علي وآخرهم المهدي . والزيديةُ يحصرونها في علي وأولاده من نسل فاطمة ، ويطلقون عليهم البطنين، لكنهم قَيَّدُوا ذلك بشروط صارمة: هي أن يكون مُكَلَّفًا ، ذكراً ، فاطميًّا ، سليم الحواس والأطراف، مجتهدا في العلوم الدينيَّة ، عدلاً، سخيًّا، يضع الحقوق في مواضعها، مُدّبِّرًا بحيث يكون أكثر رأيه الإصابة، مِقْدَامًا في القتال، لم يَتَقَدَّمْهُ إِمامٌ قَدْ أُجيبت دعوتُه ؛ فالزيدية كما ترى أوجبوا على من استوفى هذه الشروط أن يدعو لنفسه، وأوجبوا على الأُمَّة إجابة دعوته ومبايعته، فإن زاغ وظلم وجب الخروج عليه ومقارعته بالسلاح؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وبهذا نص القرآن الكريم: ( وَلْتَكُن مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) ،[آل عمران:104] ولا خير في الأمة إن لم تقم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ). [آل عمران:110] وهو مبدأ كان يعترف به الخلفاء الراشدون حتى جاء الملك العضوض فصادر هذا الحق، وقَتَلَ إِحساس الأمة بأخطر واجب ، وقَمَعَ الثائرون قمعًا رهيبًا ، وتَحَمَّلَ عليٌّ وأبناؤه العبء الأكبر إن لم يكن العبءَ كُلَّه.

وَالعجيبُ أن الأنصار بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة ولم يعترفوا بأهمية قريش الأمر الذي يشكك في صحة حديث (الأئمة من قريش) ونحوه، ولم يحتج عليهم قرشي بدليل يحصر الخلافة فيهم، فما كانت لتتم بيعة أبي بكر لولا مبادرة عمر بالتصفيق على يده حتى وَصَفَ عمر بيعة أبي بكر بأنها فلتة، وقى الله شرها فمن عاد لمثلها فاقتلوه. وإنما نُقِلَ عن أبي بكر قوله: نحن شجرة محمد صلى الله عليه وآله وسلم والعرب لا تذعن إلا لقريش؛ ولهذا قال علي فيما يشبه التظلم: احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة. وتولى عمر بعده بوصية من أبي بكر ، وبويع بعد ذلك من باب تحصيل الحاصل ، وبيعة عثمان أشبهت الوصية من عمر؛ لأنه حصر أحقية الخلافة في ستة، ثم حصرها في نصف الستة الذين فيهم عبدالرحمن بن عوف؛ لِعِلْمِ عمر أن سعد بن أبي وقاص ابن عم عبدالرحمن؛ لأنهما من بني زهرة ، وعبدالرحمن صهر عثمان ؛ لأن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط أخت عثمان من أمه وهي زوجة عبدالرحمن، أما طلحة فهو قريب أبي بكر مائل عن علي لما بين بني هاشم وأبي بكر ورهطه من حزازات بسبب استئثار أبي بكر بالخلافة دون علي؛ فلم يبق مع علي سوى الزبير؛ فَعُمَرُ كما ترى قد فصَّلها على قياس عثمان ، وقد أجاد عبدالرحمن تمثيل الدور ، وقال لعلي: أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين ؛ فرفض علي هذه الزيادة المبتدعة ؛ لأن سيرتهما مهما كانت عادلة فلا يصح أن توضع بجانب القرآن والسنة؛ فما على المسلم إلا تطبيق القرآن والسنة وأن يجتهد حسب الوقائع؛ لكن عثمان أنعم بذلك فبويع ولكنه لم يلتزم بسيرة الشيخين، وكان عدم التزامه سببَ قَتْلِهِ. ولم نسمع ببيعة حرة ونزيهة مثل بيعة علي إذ أقبل الناس برغبة كاملة، ورفض البيعة إلا في المسجد. لكن المدهش والمذل أن تصير لبني أمية، ثم يتوارثونها كالقياصرة والأكاسرة، وكذا فعل العباسيون وصارت السلطة حكرًا على أسرٍ معينة ، ولم يعد مستغربًا تأييد من ظفر بالسلطة؛ لسبب انعدام القاعدة التي تنظم السلطة فالملك لمن غلب ومَلَك السيف والذهب.

([13]) هذا حديثٌ متواترٌ، قال المقبلي في الأبحاث المسدَّدة ص244 : بعد ذكر رواتِه: (وهو متواتر فإن لم يكن مثلُ هذا معلومًا وإِلاَّ مَا في الدنيا معلوم) وَقَد ورد بألفاظ كثيرة من مراجع عدة نذكر منها : أمالي أحمد بن عيسى 1/38. والمرشد بالله الشجري 1/45،42 . والمؤيد بالله في الأمالي الصغرى، ص90، 102. وأبو طالب في أماليه ص48. والقاسم بن محمد في الاعتصام 5/376 - 379. وعلي بن موسى الرضى في صحيفته ص457. والهادي في الأحكام 1/37. ومسند أحمد ج1 ص182 رقم 641 ورقم 950 ورقم 964 ورقم 1310 مسند علي وقد رواه من أربعين طريقة. ومجمع الزوائد ج9 ص103 وما بعدها، بروايات عديدة. وتاريخ الإسلام عهد الخلفآء للذهبي ص631-633. وتذكرة الحفاظ ج1 ص10 والمستدرك ج3 ص134. ومختصر زوائد مسند البزار ج2 ص301 وما بعدها رقم 1900 وساق روايات من طرق متعددة. والبداية والنهاية لابن كثير مج4 ج7 ص383 وما بعدها. 5/ص232. وقد جمع محمد بن جرير الطبري فيه مجلدين كما ذكره الذهبي في طبقاته 2/254. وقد صنف الشيخ عبدالحسين الأميني موسوعةً بحالها في شأن حديث الغدير هذا سمَّاها (الغدير في الكتاب والسنة والأدب) خَصَّصَ الجزء الأَول لطرق حديث الغدير، ثم ظل يلاحق الغدير في الشعر والنثر حسب الطبقات - طبع منه 11مجلدا - الطبعة الرابعة - دار الكتاب العربي - بيروت 1397ه - 1977م. ورواه الترمذي 5/591 برقم 3713. وابن ماجة ج1 برقم 116 ص43، وبرقم 121 ص45. وابن حجر العسقلاني في الإصابة 2/502.

([14]) أحقية الإمام علي عليه السلام بالخلافة عقلية ونقلية: أما العقل فلا يتردد في تقديم الأكفاء والمتميز بالصفات المطلوبة والزعامة فهو أشجع الصحابة والناس جميعا سابقين ولاحقين، وإن كان المطلوب بالسبق إلى الإسلام فهو الثاني بعد خديجة وأسبقهم إلى الإسلام، وإن كان بالعلم فهو أعلم الصحابة حتى اشتهر عن عمر قوله: لولا علي لهلك عمر ،لا أبقاني الله في معضلة ليس له أبو الحسن . معضلة ولا أبا حسن لها .وإن اسْتُحِقَّتْ الخلافة بالجهاد فهو سيد سادات المجاهدين ، وإن شئت عقلا أن تنافس بالزوجة والأبناء والأعمام والجدات والأخوة فهو متزوج بسيدة بنات حواء وحبيبة سيد بني آدم وولداه منها سيدا شباب أهل الجنة وعترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأما عمه فهو أسد الله وأسد رسوله وسيد الشهداء وأما أخوه فهو الطيار في الجنة ، وأما حماته فهي خديجة الكبرى ، وأما طينته وعجينته فهي طينة وعجينة رسول صلى الله عليه وآله وسلم، وأكملهم، وإن كان بالقرب من الرسول فهو أقربهم من رسول الله، وأزهدهم، وأهداهم. قال العلامة محمد بن إسماعيل الأمير:

فَلَهُ السَّبْقُ تَرَاهُ الأَوَّلِيَّا
فَلِهَذَا فَوْقَهُمْ صَارَ عَلِيَّا

كُلُّ مَا لِلصَّحْبِ مِنْ مَكْرُمَةٍ
جُمِعَتْ فِيْهِ وَفِيْهِمْ فُرِّقَتْ


وأما النقل : فيكفيه حديث الغدير المذكور وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (أنت مني بمنزلة هارون من موسى)، ولستُ أدري لماذا مُسِخَتْ مثل هذه الأحاديث ومُسِحَتْ وهي كوجه الشمس?.

صَلَّى عَلَيْهِ الوَاحِدُ العَلِيُّ
وَالنَّصُ فِيْهِ ظَاهِرٌ جَلِيُّ

ثُمَّ الإِمَامُ مُذْ مَضَى النَّبِيُّ
بِغَيْرِ فَصْلٍ فَاعْلَمَنْ عَلِيُّ

يَومَ الغَدِيْرِ سَاعَةَ الإِحْفَالِ



فَلْيَتَوَلَّ مُعْلِنًا عَلِيَّا
وَشَافِعًا وَصَاحِبًا حَفِيَّا

قَالَ فَمَنْ كُنْتُ لَهُ وَلِيَّا
إِنْ كَانَ يَرْضَانِي لَهُ نَبِيَّا

فَصَارَ أَهْلُ الزَّيْغِ فِي بَلْبَالِ



وَهَدْيُهُ إِلَى الْعِبَادِ وَاصِلُ
مَنْ أَخَذَ الْخَاتَمَ عَنْهُ السَّائِلُ

وَ قَالَ رَبِّي وَهْوَ نِعْمَ الْقَآئِلُ مَوْلاَكُمُ فِيْهِ لَكُمْ دَلآئِلُ

وَهْوَ لِمَفْرُوضِ الصَّلاةِ صَالِيْ




([15])

الْحَسَنِ الطَّاهِرِ وَالْحُسَيْنِ
شَهْمِ الْجَنَانِ طَاهِرِ الثَّوْبَيْنِ


وَبَعْدَهُ الأَمْرُ إِلَى السِّبْطَيْنِ
قَتِيْلِ أَرْبَابِ الشَّقَا وَالْمَيْنِ

مُرْدِيْ كُمَاةِ الظُّلْمِ وَالنِّزَالِ




([16])أخرجه الإمام الحسين بن بدر الدين في شفآء الأوام 3/496، و الإمام عبدالله بن حمزة عليه السلام في كتابه الشافي4/151. وقال في شرح الثلاثين مسألة لابن حابس رحمه الله : صحةُ هذا الخبر يعني: (الحسن والحسين إمامان قاما...)، إِمَّا؛ لأنه متواتر على رأيٍ، ومتلقىً بالقبول على آخر ؛ أو لأنَّ العترة أجمعتْ على صحته؛ وإجماعُهم حجة كما ذكر ذلك ابن تيمية في فتاوية ج28 ص49. وهو نص صريح في إمامتهما، وأيضًا تصريحٌ بأن عليًّا عليه السلام إمامٌ لورود النص فيه. قال السيد العلامة: مجدالدين المؤيدي حفظه الله في التحف شرح الزلف ص54:

إِمَامَانِ نَصٌّ لِيْسَ فِيْهِ مُنَازِعُ

فَسِبْطَا رَسُولِ اللهِ بَعْدَهُمَا الرِّضَى


وَذَكَرَهُ فِي لوامع الأنوار 3 / 37 :قال: إنه إجماع أهل البيت.

([17])هكذا في الأصل. ولَعْنُ معاويةَ وابنِه عليه دليل شرعي ، أولا: آيات القرآن التي لعنت الظالم الآتي ذكرها . وثانيا: السنة، منها حديث عمار الآتي، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إِذَا رَأَيْتُم معاوية على منبري فاقتلوه)، ورواية أخرى: (فارجموه)، رواه الذهبي في تاريخ الإسلام عهد معاوية ص312 . ولعَنَهُ عليٌّ عليه السلام في الصلاة؛ وحُكْمُ علي حُكْمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأَنَّه صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالحسنين: (أَنَا سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمْتُمْ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حَارَبْتُمْ).

وَقَد ورد جواز لعن معاوية وابنه يزيد في مؤلفاتِ كثيرٍ من علماء المسلمين الذين لا يُتَّهمون بالتشيع، أمثال : محمد بن عقيل بن يحيى العلوي، الشافعي.ت 1350هـ. في النصائح الكافية لمن يتولى معاوية، وكتاب تقوية الإيمانبرد تزكية ابن أبي سفيان له. وفي نيل الأوطار ج7ص159، لشيخ الإسلام الشوكاني في باب ذكر أخبار الخوارج. للأسباب التالية:

الأول: أباح القرآن لعن الظالم، والمرتكب لكبائر الذنوب. والمتواتر أن معاوية وابنه قد انغمسا إلى آذانهما في المعاصي الكبيرة منها قتل معاوية لِحُجر ابن عدي رضي الله عنه وهو من الصحابة ، وقد قتله في المكان الذي فتحه حجر بن عدي نفسه وقتل معه مجموعة من أصحابه ؛ لرفضهم سَبّ أَمِير المؤمنين وهذا قتل عمد عدوان وبغي وقد لعن القرآن من قتل إنسانا بسيطا فكيف برجل مثل حجر ومن أجل امتناعه من سب آل رسول الله، قال تعالى: ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيْهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيْمًا ) [النسآء: 9]. فهو بنص الآية ملعون ؛ وإِذا لم نقل بذلك فنحن ننسب إلى الله الظلمَ والمحاباة، وهو لَعْنُ قاتِلٍ دون آخر، وحاشا الله أن يفعل ذلك. وذَكَرَ حادثة قتله المؤرخون، نذكر منهم ابن عبدالبر في الاستيعاب 1/389، والطبري 5/253-279، وابن الأثير 3/233-242.

وروى الطبري 5/279، عن الحسن البصري قال : أربع خصالٍ كُنَّ في معاوية لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت مُوبِقة: انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهآء حتى ابتزَّها أَمْرَهَا بغير مشورة، وفيهم بقايا الصحابة وذو الفضيلة. واستخلافه ابنَه بَعْدَه سِكِّيْرًا خِمِّيْرًا، يلبس الحرير، ويَضرِب بالطنابير. وادِّعاؤه زيادًا، وقد قال رسول صلى الله عليه وآله وسلم : (الولد للفراش وللعاهر الْحَجَر). وقَتْلُهُ حُجْرًا، ويلاً له من حُجر مرتين. انتهى بِلَفْظِهِ. وابن الأثير 3/243 باختلاف يسير مثل : انتزاؤه على الأمة بالسيف. وقَتْلُهُ حُجْرًا وأصحاب حجر، فيا ويلا له من حجر، ويا ويلا له من حجر وأصحاب حجر. وقيل: كان الناس يقولون: أَوَّل ذُلٍّ دخل الكوفة موتُ الحسنِ بن علي ، وقتل حجر ، ودعوة زياد. وزياد هذا هو ابن عبيد كان عبدا وأم زياد سمية كانت أمة تمتهن الزنى في الحاهلية وكان لها خيمة حمراء بالطائف، وقد وطئها أبو سفيان والد معاوية فعلقت منه بزياد من الزنى وهي متزوجة كما ذكرنا. وحُكمُ الشرع أن زيادًا وإن كان فرضا من أبي سفيان إلا أنه ابن فجور وعُهْر وليس للعاهر سوى الحجر أي الرجم ويحكم بالولد للفراش وهو الزوج وقد كان يدعى زياد بن أبيه . لكن زيادا أصبح من أذكى الرجال وألقى ذات يوم خطبة فصيحة في زمن عمر وكان علي وأبو سفيان وعمرو بن العاص في المسجد فقال عمرو: لله أبوه! لو كان قرشيا لساق العرب بعصاه فقال أبو سفيان: أنا الذي وضعته في رحم أمه، وتعلق زياد ومعاوية بهذه المقولة وكان من أنصار علي وولاه خراسان ولما استشهد علي عليه السلام خاف معاوية من زياد أن يؤازر الحسن أو يستقل بتلك البلاد فكاتبه ورغَّبه وعرض عليه استلحاقه فوافق هوى في نفسه يلبي طموحه فأقيم حفل شهد فيه أبو مريم أنه أتى بسمية فباتت مع أبي سفيان فسأل أبا سفيان عن سمية فقال: نعم الصاحبة لو ذَفْره في إبطيها، فتدخل زياد قائلا: لا تسب أمهات الرجال فتسب أمك.

وأكبر من ذلك كله قتال أمير المؤمنين عليّ عليه السلام الذي هو نَفْسُ النبي كما هو ثابت في آية المباهلة ( فَقُلْ تَعَالَوا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفًُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِيْنَ )وفي الحديث الشريف الذي أعطاه منزلة رفيعة في قوله : (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) [البخاري رقم3503. ومسلم رقم2404]. وحديث: (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) [مسلم رقم131. والترمذي رقم3717. ومسند أحمد رقم 631. والحاكم 3 / 137]. وذلك كله قاطع في هذا المقام ولم يستثن صلى الله عليه وآله وسلم صحابيا ولا غيره بل أطلق الإيمان لمن أحبه والنفاق لمن أبغضه.

فلماذا مجاملة معاوية على حساب أصول الدين وأحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وَعَلَى حِسَابِ مقام الصحبة الشريفة؛ فالصحابيُّ: من طالت مجالسته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومات متبعا لشرعه، وبدون شك فلو كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيًّا لما رضي بفعل معاوية، وَلَقَاتَلَ مُعَاوِيَةَ كَمَا قَاتَلَهُ وَصِيُّهُ.

أما ابنه يزيد فقد قعد فوق كرسي الملك ثلاث سنين[60 – 63 هـ]. قتل في الأولى سبط النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحسين وسبعين من خيار المسلمين فيهم 21 من آل البيت، وسبى بناتِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم . وفي الثانية فتك جيشُه وعدده (12000) بأهل مدينة الرسول في وقعة الْحَرَّةِ بقيادة مُسْلِم بن عُقْبَةَ المرِّي، فقتل من أهل البيت وأولاد المهاجرين والأنصار (4200) فيهم (700) من حَمَلةِ القرآن وثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وافْتُضَّتْ ألفُ عذراء ، واستباحها ثلاثة أيام، وبويع له على أن أهل المدينة خَوَل أي عبيد- وقد ورد عنه صلى الله وآله وسلم قوله: (يُقْتَلُ بهذه الحرة خيارُ أمتي بعد أصحابي) [دلائل النبوة للبيهقي 6/ 473 . الطبري 5/ 482 . وابن الأثير 3/ 310 . ومروج الذهب 3/ 70]. وفي الثالثة: أحرق الكعبة ورماها بالمنجنيق بقيادة الْحُصَين بن نُمير ثم خلفه الحجاج. فقبَّح الله من يتعصَّبُ لأهل النار بحجة أنه من أهل السنة والجماعة.

الثاني: روى البخاري برقم 436 ورقم 265 حديث عمار ونَصُّهُ: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا نحمل لَبِنَةً لَبِنَةً، وعمارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فرآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فَيَنْفُضُ الترابَ عنه، ويقول : (وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ البَاغِيَةُ، يَدْعُوهُم إِلَى الْجَنَّةِ وَيَدْعُونَهُ إلَى النَّارِ)؛ قال: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن. إنتهى بلفظه. فمعاويةُ بنص الحديث من دعاة النار. ولا ندري لماذا يغضب الْمُدَّعُون للالتزام بالسُّنَّةِ مِنْ لَعْنِ دعاة النار. وهل لَعْنُ الظَّالمين اعتداءٌ على الصحابة رضي الله عنهم -إن كان معاوية منهم- إنَّ الصحابة رضي الله عنهم قاتَلُوا معاويةَ مع أمير المؤمنين علي لم يشذ منهم أحدٌ من الأنصار سوى النعمان بن بشير، ولم يكن قويا في دينه، ولو كان متدينًا لما انحاز إلى ابن آكلة الأكباد، وَتَرَكَ خزيمةَ بن ثابت الأنصاري ذا الشهادتين، وأبا الهيثم مالك بن التَّيِّهان، وأبا أيوب الأنصاري، وعثمان بن حُنَيْف، وسهل بن حُنَيْف، وقيس بن سعد بن عبادة، وعمار بن ياسر، وسادات بدر، والخندق، وحنين. فكيف يُجِيْزُونَ قتالَهُ ولا يُجيزون لَعْنَهُ? والقتالُ أعظم من الَّلعن قطعًا. الثالث: أن معاوية مَلِكٌ غَاشِمٌ حارب النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى كَلَّ وغُلِبَ، وها هو يحاربُ سيفَ الله المسلول، وابن عم الرسول ولا غرابة أن يجد معاويةُ أنصارًا تَحْمَرُّ وجوهُهم عند ذكر فضائحه؛ لأنه قد مَلَك الأمة منفردًا عشرين عامًا تمامًا وقَبْلَها ملك الشام الكبرى عشرين عامًا، وبيده السيف والذهب، ويستطيع بسهولة أنْ يَقْلِبَ الحقائق، ولولا أنَّ الإسلام أقوى منه لطمسه جملة وتفصيلاً.

فقاتله اللهُ ومن يقفُ بجوار الباطل. وقد أجمع أئمة أهل البيت على لعنهما، و الزيدية، والإمامية والإباضية قاطبة. والمنصفون من الشافعية وغيرهم من علماء المسلمين ما عدا أنصار البغي السُّذَّج.



([18])

شَاهِدُهَا إِجْمَاعُ هَذِيْ الأُمَّهْ
سَفِيْنَةِ الْحَقِّ بُدُورِ الظُّلْمَهْ


وَالْحُجَّةُ الظَّاهِرَةُ الْمُعِمَّهْ
بِالأَمْرِ فِي آلِهِمَا الأَئِمَّهْ

إِذَا أَلَمَّتْ ظُلَمُ الأَهْوَالِ

لَيْسَتْ إِلَى غَيْرِهِمُ الزَّعَامَهْ
انْتَظِرُوا مِنْ رَبِّكُمْ أَحْكَامَهْ


فِيْهِمْ نِصَابُ الأَمْرِ وَالإِمَامَهْ
فَلا تَخَطَّوْا طُرُقَ السَّلامَهْ

لا يَخْطِرُ الْحِسْدُ لَكُمْ بِبَالِ

فِي الرِّزْقِ وَالْخِلْقَةِ وَالْمِقْدَارِ
وَمَنُّهُ عَلَى الْجَمِيْعِ جَارِيْ


أَيَحْسُدُونَ النَّاسَ فَضْلَ البَارِيْ
وَوَاقِعِ الإِقْتَارِ وَالإِيْسَارِ

بِاْلعَدْلِ فِي الإِكْثَارِ وَالإِقْلالِ

وَمِنْ ذَوِيْ الْمَالِ الْجَزِيْلِ الشُّكْرَا
وَادَّخَرَ الأَجْرَ لِدَارِ الأُخْرَى


أَرَادَ مِنْ أَهْلِ الْقَلِيْلِ الصَّبْرَا وَفَضْلُهُ عَلَى الْجَمِيْعِ يَتْرَى

لِلْفَائِزِيْنَ بِالْمَحَلِّ العَالِيْ




([19])الواعية : هي النفس الداعية إلى الله تعالى، وإلى الجهاد، وفي قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (أهلَ البيت)؛ دليل على أن الإِمامة لا تصح إِلاَّ منهم.

([20])أخرجه الإمام عبدالله بن حمزة عليه السلام في الشافي 3/ 63، 68، وغيرها. والأمير الحسين بن بدر الدين في شفآء الأوام 3/520، والقرشي في شمس الأخبار 1/134 وعزاه إلى الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان في أصول الأحكام. ولم ينفه الشوكاني في حاشيته على الشفاء المسماة بوبل الغمام المطبوعة مع الشفاء، بل أضاف إليه قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ( أَحبُّ الناسِ إلى الله يوم القيامة وأدناهم منه مجلسًا إمام عادل). وقد نقل الطبري في تأريخه ج5/407 قول الحسين بن علي عليهم السلام للحر بن يزيد: (فإن لا تنصرنا فاتق الله أن تكون ممن يقاتلنا، فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ثم لا ينصرنا إلا هلك. والحسين لا يجزم ويحلف إلا بشيء سمعه عن جده صلى الله عليه وآله قَطْعًا.

([21]) الأئمة اثنا عشر عند الجعفرية الإمامية، وهم: علي، والحسن، والحسين، وعلي زين العابدين، ومحمد الباقر، وجعفر الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضى، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي والحسن بن محمد العسكري، ومحمد بن الحسن المهدي المنتظر . سلام الله عليهم .

([22]) أعلق على هذه المسألة بحياد تام فأقول:

أ- الذي ورد في كتب الحديث من طريق جابر بن سمرة فقط قال : سمعت النبي (ص) يقول: (يكون اْثنا عشر أميرًا) فقال: كلمة لم أسمعها، فقال: أبي: (كلهم من قريش) البخاري رقم 6796 كتاب الأحكام، وساق مسلم في كتاب الإمارة عدة أحاديث رقم 1821 وما بعده كلها عن جابر بلفظ : (لا يزال أمر الناس ماضيًا مَا وَليَِهُمْ اثنا عشر رجلا)، فَلَم يسمع كلمة: فقال له أبوه: (كلهم من قريش)، وفي بقية الروايات (خليفة) بدلاً عن (رجلاً) ورواه غيرهما مثل أحمد وأبي داود والحاكم ونحوهم. وقد وقع المحدثون في حيص بيص ، فلم يعرفوا للحديث تفسيرا، فبرز ثلاثة مذاهب تقريبًا: 1- المحدثون وموقفهم مشتت وليس له قرار؛ إذ لم يجدوا للحديث موضعًا،ولم يدروا أين محل الحديث، ومَنْ هما الاثنا عشر، إذ لم ينسجم مع ملوك بني أمية لكونهم ظلمة من جهة، ولكونهم أكثر من 12. ولم يناسب ملوك بني العباس لطغيانهم، وكثرة ملوكهم الذين بلغوا 45 ملكًا تقريبًا.

فهل المراد مجرد إخبار بعزة الإسلام في ولاية اثني عشر أميرًا أو خليفة أو اثني عشر قرنًا .. إِلى آخر الاحتمالات.

2- المذهب الإِمامي: ومذهبهم قائم من أَلِفِهِ إِلى يائه على حديث الإمامة؛ ولذلك سُمي بالمذهب الإثني عشري نسبة للأئمة الذين أشار إليهم الحديث، لكن الأئمة عندهم من آل البيت بأسمائهم وصفاتهم، بل أدق تفاصيل حياتهم، ولو قلت : عدد شعر رؤوسهم لما بالغت، ولا يقلُّون شهرة عن النبي (ص) فهم نظام العالم، ونور الكون، وقد تكفلت بحياتهم والتعريف بهم ألوف المصنفات، ومئات المجلدات.......

3- المذهب الزيدي : وهو متفق مع الإمامية في تعظيم أئمة آل البيت وتقديمهم ، ولكن الدائرة عند الزيدية أوسع فهم يحصرون الإمامة في جميع أولاد فاطمة الزهراء عليها السلام بالشروط المعروفة؛ ولذلك فالحديث الذي حصر الخلافة في اثني عشر شخصًا مردودٌ؛ لأنَّ ذِكْرَهُمْ بأسمائهم كان يستوجب الشهرة عند جميع المذاهب والطوائف.

([23]) أخرجه الإمام الطبراني في الكبير 12 / 447 برقم : 13623، 13624، والإمام القاسم في الاعتصام 1/17، وقال: هذا متلقى عند الأمة بالقبول.

([24])رأي الزيدية منطقي لا غرابةَ فيه؛ لأن الحكم قائم على الغَلَبَةِ منذ موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الآن إِلاَّ في حالات نادرة خضع الحاكم للبيعة، والرضى والشورى وإجماع أهل الحَلِّ والعَقد. فإذا كانت القاعدة هي اغتصاب الحكم،ممن ليسوا له بأهل؛ فَحَصْرُ الخلافة في آل البيت أَوْلَى استنادًا إلى الدليل الشرعي، أو تقرُّبًا إلى الله ورسوله بموالاة آل محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فإذا وصلنا للاحتكام الجماهيري ونظام الانتخابات، كما هو الحال في سويسرا ونحوها سَاغ توجيه النقد لمن يجعل الحكم حقًا لأسرة معينة سواء حصرها بدون شرط أم حصرها بشروط تكاد أن تكون تعجيزية، كما هو الحال عند الزيدية أما العالَم الهمجي فالأولى له أن يسكت أو ينتقد المستبدِّين أَوَّلا؛ إذ الحاكم الذي ترشِّحه الأحاديث والآيات لا وجود له بجوار الحاكم الذي تحمله الدبَّابات، ثم إن اليابان دولة الحضارة تعبد أسرة أمبراطورها لأنه ابن الشمس. والدول الملكية تعقد التاج على بطون الحوامل من السلالة المالكة. ومع إيماني بالكفاءة قبل النسب، وقناعتي بأن من مصلحة أبناء فاطمة أن يطووا صفحة الخلافة ليريحوا ويستريحوا - إلا أني أَشمئز من عنصرية الثقلاء، وثقالة العنصريين مثل اشمئزازي ممن لا يزال ينتظر جبريل عليه السلام لينشر بين الناس فضله، وهو في غرفة نومه.
قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت و يطهركم تطهيرا)
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي ولفاطمة وحسن وحسين(اللهم هؤلاء اهل بيتي فأذهب عنهم الرجس)
اللهم صلي على محمد وآل محمد

عصام البُكير
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 241
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 12:21 am
مكان: اليمن - صنعاء

مشاركة بواسطة عصام البُكير »

خَـاتِمَةٌ:
وَبَعْدُ فَهَذِهِ جُمْلَةٌ مُخْتَصَرَةٌ يَلْزَمُ كُلَّ مُكَلَّفٍ مَعْرِفَتُهَا وَتَدَبُّرِ أَدِلَّتِهَا، وَلا يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَ فِيْهَا؛ لأَنَّ التَّقْلِيْدَ فِي أُصُولِ الدِّيْنِ قَبِيْحٌ عِنْدَ كُلِّ عَاقِلٍ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ: (مَنْ أَخَذَ دِيْنَهُ عَنِ التَّفَكُرِ فِي آلآءِ اللهِ وَعَنِ التَّدَبُّرِ لِكِتَابِ اللهِ، وَالتَّفَهُّمِ لِسُنَّتِي - زَالَتْ الرَّوَاسِي وَلَمْ يَزُلْ. وَمَنْ أَخَذَ دِيْنَهُ عَنْ أَفْوَاهِ الرِّجَالِ وَقَلَّدَهُمْ فِيْهِ ذَهَبَ بِهِ الرِّجَالُ مِنْ يَمِيْنٍ إِلَى شِمَالٍ وَكَانَ مِنْ دِيْنِ اللهِ عَلَى أَعْظَمِ زَوَالٍ)([1])، وَصَدَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ؛ لأَنَّ الْمُكَلَّفَ إِذَا قَلَّدَ فِي أُصُولِ دِيْنِهِ، لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يُذْهَبَ بِهِ مِنْ طَرِيْقِ النَّجَاةِ الَّتِي هِيَ مَنْزِلَةُ أَصْحَابِ اليَمِينِ إِلَى طَرِيْقِ الْهَلاكِ الَّتِي هِيَ مَنْزِلَةُ أَصْحَابِ الشِّمَالِ؛ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَنْظُرَ فِي صِحَّةِ دِيْنِهِ، لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ دَقَّ فِي الدِّيْنِ نَظَرُهُ جَلَّ يَومَ القِيَامَةِ خَطَرُهُ) ([2])، فَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الَّذِيْنَ يَسْتَمِعُونَ الْقَولَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ، وآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ.

[وصلى الله على محمد وآله وسلم].





--------------------------------------------------------------------------------

([1]) رواه أبو طالب في أماليه عن علي عليه السلام ص148.

([2]) أخرجه الإمام عبدالله بن حمزة عليه السلام في الشافي 3 / 116.
قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت و يطهركم تطهيرا)
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي ولفاطمة وحسن وحسين(اللهم هؤلاء اهل بيتي فأذهب عنهم الرجس)
اللهم صلي على محمد وآل محمد

عصام البُكير
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 241
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 12:21 am
مكان: اليمن - صنعاء

مشاركة بواسطة عصام البُكير »

قواعد المذهب الزيدي :

كُلَّمَا أَجَازَ الاجْتَهادُ فِيهِ جَازَ التَّقْلِيْدُ فِيهِ مِنْ غَيرِ عَكْسٍ .

* كُلُّ مُجْتَهِدٍ فِيْ المَسَائِلِ الفَرْعِيَّةِ الظَّنِّيَّةِ مُصِيْبٌ .

* التَّقْلِيْدُ لِلْمَيِّتِ يَجُوزُ مُطْلَقًا مِنْ أَهُلِ البَيْتِ عليهم السلام أَوْ غَيْرِهِمْ .

* الاجْتِهَادُ الأَوَّلُ بِمَنْزِلَةِ الحُكْمِ، فَلاَ يَنْقُضُهُ الاجْتِهَادُ الثَّانِيْ .

* الجَاهِلُ الصِّرفُ كَالمُجْتَهِدِ، فَمَا فَعَلَهُ مُعْتَقِدًا لِجَوَازَهُ وَصِحَّتَهُ وَلمَ ْيَخْرِقْ الإجَْماعَ جَرَى مَجْرَى تَقْلِيدِ مَنْ وَافَقَهُ .

* العَامِّيُّ- الذي لَه بَعْضُ تَمْيِيْزٍ- مَذْهَبَهُ مَذْهَبُ شِيْعَتِهِ .

* الخِلاَفُ فِيْ قَضَاءِ المَسْأَلَةِ لاَ يُفِيْدُ الجَاهِلَ .

* إِذَا اجْتَمَعَ جَنَبَةُ حَضْرٍ وَإِبَاحَةٍ فَالْحَضْرُ أَوْلَى حَيْثُ هُوَ الأَصْلُ وَ إِلاَّ فَهُوَ .

* مَا أُبِيْحَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ جَازَ فِيْهِ التَّحَرِّيْ .

* إِذَا تَقَارَنَ أَصْلٌ وَظَاهِرٌ قُدِّمَ الظَّاهِرُ .

* إِذَا اجْتَمَعَ فِيْ العَقْدِ وَجْهَيْ صِحَّةٍ وَفَسَادٍ حُمِلَ عَلَى الصِّحَّةِ .

* تَحْصِيلُ شَرْطِ الوَاجِبِ لِيَجِبَ لاَ يَجِبُ .

* مَا لاَ يَتِمُّ الوَاجِبُ إِلاَّ بِهِ فَهُوَ يَجِبُ كَوُجُوْبِهِ .

* الأَصْلُ فِيْ المَاءِ القِلَّةُ وَالطَّهَارَةُ .

* مَا كَانَ مِنَ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مُمْكِنُ الوُصُوْلُ إِلَى العَمَلِ بِهِ فَلاَ يَكْفِيْ الظَّنُ، وَمَا كَانَ لاَ يُمْكِنُ الْوُصُولُ إِلَى الغَايَةِ فَالظَّنُّ مَعْمُولٌ بِهِ .

* الظَّنُّ لاَ يَنْقُضُ الظَّنَّ، كَمَا أَنَّ الاجْتِهَادَ لاَ يَنْقُضُ الاجْتِهَادُ .

* عِلْمُ الإنْسَانِ أَقْدَمُ مِنْ عِلِمِ غَيْرِهِ وَظَنِّهِ .

* عِلْمُ الغَيْرِ أَقْدَمُ مِنْ ظَنِّ نَفْسِهِ .

* وَظَنُّ نَفْسِهِ أَقْدَمٍُ مِنْ ظَنِّ غَيْرِهِ .

* بِالنَّظَرِ إِلَى العَمَلِ مَطْلُوبُ اللهِ مِنْ عِبَادِهِ الاجْتِهَادُ .

* إِذَا تَعَذَّرَ الاجْتِهَادُ جَازَ التَّقْلِيْدُ .

* الإِفْتَاءُ جَائِزٌ لِغَيْرِ المُجْتَهِدِ حِكَايَةً عَنِ الغَيْرِ وَتَخْرِيْجًا، وَإِنْ كَانَ مُطَّلِعًا .

* الخِلاَفُ فِيْ المَسْأَلَةِ يُصَيِّرُهَا ظَنِّيَّةٌ .

* وَكَذَلِكَ الخِلاَفُ هَلْ هِيَ قَطْعِيَّةٌ أَوْ ظَنِّيَّةٌ .

* المُسْتَفْتِيْ هُوَ السَّائِلُ عَنْ حُكْمِ الحَادِثَةِ، فَإِذَا أَذْعَنَ وَقَبِلَ قَوْلَ مَنْ أَفْتَاهُ صَارَ مُقَلِّدًا، فَإِنْ نَوَى مَعَ ذَلِكَ الالتِزَامَ صَارَ مُلْتَزِمًا .

* الإِقْدَامُ عَلَى مَا لاَ يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ قَبِيْحًا قَبِيْحٌ .

* إِذَا تَعَارَضَت مَفْسَدَةٌ وَمَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ أَوْ مُسَاوِيَةٌ وَجَبَ تَوَقِّي المَفْسَدَةِ .

* تَرْكُ المَصْلَحَةِ العَامَةِ أَقْدَمُ مِنَ الخَاصّةِ .

* الحَسَنُ إِذَا كَانَ فِعْلُهُ يُسَبِّبُ فِعْلَ القَبِيْحِ وَجَبَ تَرْكُهُ، وَإِنْ كَانَ القَبِيْحُ يُفْعَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ بَلْ يَجِبُ تَرْكُهُ- وعلى هذا يحمل ما وقع الاضطراب في هذه القاعدة.

* إِذَِا تَعَارَضَ وَاجِبٌ وَمَحْظُورٌ فَتَرْكُ الوَاجِبِ أَهْوَنُ مِنْ فِعْلِ المَحْظُورِ .

* خَبَرُ العَدْلِ مَعْمُولٌ بِهِ فِيْ العِبَادَاتِ عَلَى كُلِّ حَالٍ .

* السَّكْرَانُ بِالنَّظَرِ إِلَى الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ صِحَّةً وَفَسَادًا وَلُزُومًا وَسُقُوطًا كَالْمُكَلَّفِ إِلاَّ فِيْ البَيْعِ للآيَةِ .

* إِذَا تَعَارَضَ أَصْلاَنِ قَرِيْبٌ وَبَعِيْدٌ فَالْقَرِيْبُ هُوَ المُعَمُولُ عَلَيْهِ .

* العِبْرَةُ فِيْ العِبَادَاتِ بِالابْتِدَاءِ لا بِالانْتِهَاءِ لاَ فِيْ المُعَامَلاَتِ كَمَا فِيْ الضَّالَّةِ خِلاَفًا لِبَعْضِهِمْ غَالِبًا احْتِرَازًا مِمَّنِ اسْتَأْجَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ لِعُذْرٍ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ ثُمَّ أَيِسَ مِنْ زَوَالِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الحَجِّ .

* الإِكْرَاهُ يُصَيِّرُ الفِعْلَ كَلاَ فِعْلٍ (غَالِبًا) احْتِرَازٍا مِنَ الإِكْرَاهِ عَلَى الزِّنَى عَلَى وَجْهِ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِعْلٌ، فَإِنَّهُ يَجِبُ الغُسْلُ .

*([1])المُكْرَهُ رَضِيَهُ الإِكْرَاهُ يَصِيْرُ الإِكْرَاهِ كَلاَ إِكْرَاهٍ .

* التَّحْوِيْلُ بِمَنْزِلَةِ الحَقِّ لاَ لِمَنْ عَلَيْهِ الحَقُّ، إِلاَّ إِذَا صَارَ إِلَيْهِ عِوَضَهُ .

* البِضْعُ لاَ يَخْلُو مِنْ حَدٍّ أَوْ مَهْرٍ (غَالِبًا) .

* لاَ يَجْتَمِعُ غُرْمَانِ عَلَى الشَّخْصِ فِيْ مَالِهِ وَبَدَنِهِ مَعَ اتِّحَادِ السَّبَبِ (غَالِبًا) احْتِرَازٌ مِنَ وَرَثَةِ المَرْأَةِ المَقْتُولَةِ، وَمِمَّنْ زَنَى بِالبِكْرِ مُكْرَهَةً؛ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الحَدُّ مَعَ نِصْفِ المَهُرِ([2]) .

* إِذَا أَنْفَقَ مُبَاشِرٌ وَمُسَبِّبٌ فَالضَّمَانُ عَلَى المُبَاشِرِ، فَإِذَا لَمْ يُوْجَدْ مُبَاشِرٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ ضَمِنَ المُسَبِّبُ .

* المَغْرُورُ يُغَرِّمُ الغَارِّ، مَا لَمْ يَعْتَضْ فِيْهِ .

* لِمَنْ لَحِقَهُ غُرْمٌ بِسَبَبِ مُسَبِّبٍّ لَزِمَ ذَلِكَ المُسَبِّبِ مَا غَرِمَ .

* الأَصْلُ فِيْ المُتَعَامِلِيْنَ الصِّغَرُ وَالعَقْلُ، فَمَنْ ادَّعَى خِلاَفَهُمَا فَعَلَيْهِ البَيِّنَةُ- والمراد بالصغر مع التأريخ ولا حكم لأقرب وقت. والمراد بالعقل حيث هو .

* الأَصْلُ الظَّاهِرُ فَيَكُونُ القَوْلُ لِمَنْ وَافَقَهُ مِنَ المُتَدَاعِينَ إِذَا كَانَ دَافِعًا لاَ مُوْجِبًا . * العُرْفُ مَعْمُولٌ بِهِ فِيْ الصِّحَّةِ وَالفَسَادِ وَاللُّزُومِ وَالسُّقُوْطِ مَالَمْ يُصَادِمُهُ نَصٌّ .

* الفَوَائِدُ الأَصْلِيَّةُ عَشْرٌ: الوَلَدُ، وَالصُّوفُ، وَاللَّبَنُ، وَالثَّمَرُ، وَمَهْرُ البِكْرِ، وَالأُجْرَةُ، وَالكَسْبُ، ومَا وُهِبَ لِلْعَبْدِ، وَالزَّكَاةُ، وَالزَّرْعُ .

* مَنْ صَحَّ مِنْهُ البَيْعُ صَحَّ جَمِيْعُ إِنْشَاءَاتِهِ لاَ العَكْسُ .

* الأَصْلُ فِي الأَشْيَاءِ الإِبَاحَةُ .

* الأَصْلُ فِيْ الحَيَوَاناتِ الحَضْرُ .

* إِذَا التَبَسَ مَوْتُ الشَّخْصِ وَحَيَاتُهُ فَالأَصْلُ الحَيَاةِ .

* مَنْ كَانَ القَوْلُ قَوْلُهُ فَالْيَمِيْنُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُن الأَمْرُ مَعْلُومٌ ضَرُورَةً .

* الشَّهَادَةُ إِذَا كَانَتْ مُحَقَّقَةً وَأَقَامَهَا مَنْ كَانَ القَوْلُ قَوْلُهُ فَفَائِدَتُهَا سُقُوطُ اليَمِيْنِ .

* إِذَا تَعَارَضَتْ البَيِّنَتَانِ وَأَمْكَنَ اسْتِعْمَالَهُمَا لَزِمَ وَتَرَجَّحَ الخَارِجَةُ مِنَ البَيِّنَتَيْنِ مَا لَمْ تَكُن الدَّاخِلَةُ مُضَيَّقَةً إِلَى سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ .

* البَيِّنَةُ المُرَكَّبَةِ غَيْرُ مَقْبُوْلَةٍ (غَالِبًا) .

* يَحْرُمُ الجَمْعُ بَيْنَ مَنْ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا حَرُمَ َعلَى الآخَرِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ (غَالِبًا) .

* كُلَّمَا ثَبَتَتْ عَلَيْهِ يَدُ الْكَبِيْرِ فَيَدُ الصَّغِيْرِ مِثْلُ يَدِ الكَبِيْرِ ثَابِتَةٌ عَلَى نَفْسِهِ مَا لَمْ يُسْلَبُ الاخْتِيَارِ .

* كُلُّ مَنْ صَحَّ مِنْهُ التَّصَرُفُ بِنَفْسِهِ صَحَّ أَنْ يَكُونَ وَكِيْلاً لِغَيْرِهِ- فِيْمَا يَصُحُّ التَّوْكِيْلُ فِيْهِ .

* كُلُّ مَنْ صَحَّ مِنْهُ أَنْ يَفْعَلَ الشَّيءَ بِنَفْسِهِ صَحَّ مِنْهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَفْعَلَهُ (غَالِبًا) .

* وَكُلُّ مَا لاَ يَصِحُّ مِنْ الإِنْسَانِ أَنْ يَفْعَلَهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحّْ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ .

* اسْتِهْلاَكُ مَالِ الغَيْرِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ لاَ يَجُوْزُ خِلاَفًا لِلْمُؤَيَّدِ بِاللهِ .

* العُرْفُ يَجْرِيْ عَلَى الصَّغِيْرِ وَالْمَجْنُونِ وَالمَسْجِدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ .

* الْقَوْلُ لِمُنْكِرِ خَلاَفَ الأَصْلِ فِيْ جَمِيْعِ التَّدَاعِيْ .

* لاَ يَرْتَفِعُ يَقِيْنُ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ إِلاَّ بِيَقِيْنٍ أَوْ خَبَرِ عَدْلٍ .

* إِبَاحَةُِ المَالِِ مَحْظُورَةٌ .

* رَفْضُ العِبَادَةِ لأَفْضَلِ مِنْهَا لاَ يَصِّحُّ؛ إِذْ رَفْضُ مَا قَدْ فُعِلَ مُحَالٌ إِلاَّ مَا خَصَّهُ الدَّلِيْلُ وَهُوَ رَفْضُ المُؤْتَمِّ مَا قَدْ أَدَّاهُ مُنْفَرِدًا .

* لاَ فَرْقَ فَيْ إِسْقَاطِ الحُقُوقِ بَيْنَ العِلِمِ وَالْجَهْلِ .

* الإِنْشَاءَاتِ تَصِحُّ وَإِنْ جُهِلَ المُنْشِئُ حُكْمَهَا وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلْيْهَا مِنَ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لاَ مَوْضُوعُ الأَلْفَاظِ فَلاَ بُدَّ أَنْ يَعْلَمَهَا .

* الشُّرُوْطُ لاَ يَصِحُّ فِيْهَا الرُّجُوعُ إِلاَّ فِعْلاً لاَ قَوْلاً: كَلوَ أَعْتَقَ عَبْدًا، أَوْ نَذَرَ بِهِ عِتْقَا أَوْ نَذْرًا مَشْرُوطًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ الرُّجُوْعُ عَنْ ذَلِكَ بِالْفِعْلِ وَهُوَ إِخْرَاجُهُ عَنِْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أِوْ غَيْرِهِ قَبْلِ حُصُولِ الشَّرْطِ فَإِنَّ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ يَصِحُّ لاَ بِلَفْظِ الرِّجُوعِ فَلاَ .

* كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ إِلَى مَنْفِعَةٍ فَهَوَ رِبًى .

* كُلُّ حِيْلَةٍ يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى الرِّبَى فَهِيَ بَاطِلَةٌ .

* لاَ رِبَى فِيْمَا بَيْنَ العَبْدِ وَرَبِّهِ- أَيْ لاَ يَجُوْزُ أَيْ لاَ يَحِلُّ .

* الأَصْلُ فِيْمَا فَعَلَهُ الأَوْلِيَاءِ عَدَمُ الصَّلاَحِ إِلاَّ الأَبُ فِيْ النِّكَاحِ .

* العُرْفُ كَالمَنْطُوقِ بِهِ حَالَ الْعَقْدِ مَهْمَا دَخَلاَ فِيْ العَقْدِ غَيْرَ مُضْرِبِيْنَ عَمَّا تَوَاطَئَا عَلَيْهِ .

* التَّوَاطُؤُ كَالْمَنْطُوقِ بِهِ .

* المُضْمَرُ كَالمُظْهَرِ فِيْ بَابِ الرِّبَى .

* الْعِلَّةُ فِيْ الرِّبَى اتِّفَاقُ الجِنْسِ وَالتَّقْدِيْرِ .

* إِنْشَاءَاتِ السَّكْرَانِ كَالصَّحِيْحِ لِعُمِومِ الأَدِلَّةِ كَالحَدِيْثِ المَرْوِيِّ فِيْ مَجْمُوعِ الإِمَامِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عليه السلام وَلَمْ يُخَرِّجُوا إِلاَّ البَيْعِ وَشُبْهَهُ الإٍجَارَةُ لِتَخْصِيْصِ عُمُومِ الأَدِلَّةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (تجارة عن تراض منكم ) .

* الأَصْلُ فِيْ ِفْعِلِ كُلِّ عَاقِلٍ العَمْدُ إِلاَّ فِيْ بَابِ الجِنَايَاتِ .

* الأَصْلُ فِيْ الحِيِوِانَاتِ الحَضْرُ فِيْ الأِكْلِ إِذْ لَمْ يُبَحْ دَمُ الحَيَوَانِ إِلاَّ بِدَلِيْلٍ، لاَ فِيْ طَهَارَةِ الخَارِجِ فَالأَصْلُ الطَّهَارَةُ فِيْ كُلِّ شَيْئٍ مَا لَمْ يَدُلْ دَلِيْلٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ .

* الفَسْخُ وَالإِقَالَةُ لاَ يَلْحَقَانِِ التَّالِفَ إِلاَّ عَلَى جِهَةِ التَّرَاضِيٍْ فِيْ القِيْمَةِ .

* الفَسْخُ وَالعَزْلُ مِنَ الوَكَالَةِ لاَ يَتِمَّانِ إِلاَّ فِيْ وَجْهِ المَفْسُوْخِ أَوْ المَعْزُولِ أَوْ عِلْمَهُمَا بِكِتَابٍ أَوْ رَسُوْلٍ قِيَاسًا([3])عَلَى فَسْخِ الوَدِيْعِ لِلإِيْدَاعِ فَلاَ يَصِحُّ إِلاَّ فِيْ وَجْهِ المُوَدِّعِ أَوْ عِلْمِهِ بِكِتَابٍ أَوْ رَسُوْلٍ وَ الفَسْخُ لاَ يَتِمُّ أَيْضًا إِلاَّ بِالْقَبْضِ وَ إِلاَ فَلَوْ تَلِفَ المَبِيْعُ قَبلَ القَبْضِ تَلِفَ مِنْ مَالِ المُشْتَرِيْ وَلَوْ كَانَ الفَسْخُ بِالْحُكْمِ؛ لأَنْ ضَمَانَ المُعَامَلَةِ بَاقٍ بِحَالِهِ حَتَّى يَرُدَّهُ .

* لاَ غَبْنَ فِيْ البَيْعِ عَلَى مُنَافِسٍ مُبَاشِرٍ لِلْعَقْدِ وَكَذَا الْقِسْمَةُ .

* الاسْتِثْنَاءِ مِنَ النَّفْيِّ إِثْبَاتٌ، وَمَنَ الإِثْبَاتِ نَفْيٌّ فَعَلَى هَذَا الضَّابِطِ إِذَا وَقَعَ اسْتِثْنَاءَانِ فَهُوَ مِنَ الاسْتِثْنَاءِ الأَوْلِ لاَ مِنَ الأَصْلِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لاَ يَكُونَ الثَّانِيْ مُسْتَغْرِقًا لِلأَوْلِ وَفِيْ ذَلِكَ خِلاَفٌ مُشْهُورٌ .

* يَكْفِيْ الظَّنُّ فِيْ حُصُوْلِ الشُّرُوْطِ .

* يَكْفِيْ الظَّنُّ فِيْ النِّكَاحِ تَحْرِيْمًا .

* الإِبَاحَةِ لاَ تَبْطُلُ بِبُطْلاَنِ عِوَضِهَا .

* الأَصْلُ فِيْ الأَعْيَانِ العِوَضُ .

* الأَصْلُ فِيْ المَنَافِعِ عَدَمُ الأَعْوَاضِ .

* الضَّمَانُ إِذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ ثَبَتَ وَلاَ سَيَثْبُتُ قَدْ يَكُونُ ضَمَانَ دَرَكٍ، وَقَدْ يَكُوُن الْتِزَامًا، فَضَمَانُ الدَّرَكِ: أَنْ يَضْمَنَ لِمَن عَلَيهِ الْحَقُّ بِمِثْلِ مَا عَلَيْهِ، والالْتِزَامُ: مَا كَانَ فِيْ مُقَابِلَ عِوَضٍ أَوْ غَرَضٍ لِلضَّمَانِ دُنْيَوِيْ أَوْ أُخْرَوِيْ .

* لاَ يَثْبُتُ حَقٌّ فِيْ مِلْكٍ الغَيْرِ بِيَدٍ إِلاَّ الحَقَّ المُسْتَقِلَّ فَيَثْبُتُ بِاليَدِ .

* لاَ يَصِحُّ أَخْذُ العِوَضِ عَلَى الحُقُوقِ .

* هِبَةُ الحَقِّ إِسْقَاطٌ .

* إِذَا كَانَتِ الهِبَةُ لِمَنْ هِيَ عَلَيْهِ وِإِلاَّ فَإِبَاحَةٌ .

* هِبَةُ الدَّيْنِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ إِسْقَاطٌ .

* الْمَشْرُوطِ يَتَوَقَّفُ عَلَى حُصُوْلِ شَرْطِهِ .

* تَقَدُّمُ المَشْرُوْطِ عَلَى مَحَالِ مُمْتَنِعٌ .

* يَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِمَشِيْئَةِ اللهِ لأَنَّ مَشِيْئَةَ اللهِ تُعْرَفُ مِنْ قَرِيْنَةِ اسْتِحْسَانِ الشَّرْعِ لِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْسِنْ الشَّرْعُ لِذَلِكَ فَلاَ مَشِيْئَةَ للهِ فِيْ ذَلِكَ .

* يَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِعِلْمِ اللهِ؛ لأَنَّ عِلْمَ اللهِ حَاصِلٌ مِنْ حِيْنِ التَّعْلِيقِ فَهْوَ شِرْطٌ حَالِيٌّ، وَيَكُوْنَ حُصُوْلُ مَا عُلِّقَ بِهِ كَاشِفٌ لِعِلْمِ اللهِ .

* الإِجَازَةُ لاَ تَلْحَقُ إِلاَّ العُقُوْدِ صَحِيْحَةٍ (غَالِبًا) .

* الإِجَازَةُ كَاشِفَةٌ لِلانْبِرَامِ لاَ مُبْرِمَةً مِنْ حِيْنِهَا فَيُحْكَمُ عَلَى هَذَا التَّكَامُلِ .

* شُرُوْطُ الصِّحَّةِ عِنْدَ العَقْدِ لاَ عَقْدَهَا .

* الإِجِازَةُ لاَ تَصِحُّ إِلاَّ مَعَ بَقَاءِ المُتَعَاقِدِيْنَ وَالعَقْدِ وَالمَعْقُودِ لَهُ وَالمَعْقُودِ عَنْهُ وَالمَعْقُودِ عَلَيْهِ .

* لاَ قِيَاسَ مَعَ نَصٍّ .

* وَلاَ قِيَاسَ عَلَى مَا وَرَدَ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاِس .

* الأَسْبَابُ لاَ تُضْمَنُ إِلاَّ لِتَعَدُّدٍ فِيْ السَّبَبِ مَعَ المُبَاشَرِ وَإِلاَّ فَعَلَى المُبَاشِرِ فِيْ بَابِ الجِنَايَاتِ، وِإِلاَّ فَالمَغْرُورِ يُغَّرِّمُ الغَارَّ فِيْ بَابِ الغَصْبِ .

* كُلُّ مَسْأَلَةٍ خِلاَفِيَّةٍ خَرَجَ وَقْتَهَا فَلاَ قَضَاءَ .

* الْفَرَاغُ مِمَّا لاَ وَقْتَ لَهُ خُرُوْجُ وَقْتِ المُؤَقَّتِ .

* لاَ تَصِحُّ الاسْتِنَابَةِ فِيْ كُلِّ عِبَادَةٍ بَدَنِيَّةٍ لَيْسَ لَهَا مَكَانٌ مَخْصُوْصٍ .

* يَجُوْزُ تَركُ الوَاجِبَ لِخَشْيَةِ الضَّرَرِ وَالإِجْحَافِ .

* الطَّلاَقُ لاَ يَتْبَعُ الطَّلاَقِ مِنْ دُوْنِ رِجْعَةٍ .

* الطَّلاَقُ البِدْعِيِّ وَاقِعٌ .

* لاَ يَصِحُّ البَرَاءُ فِيْمَا سَيَثْبُتُ فِيْ الذِمَّةِ فِيْ المُسْتَقْبَلِ وَلَوْ وُجِدَ سَبَبُ الثُّبُوْتِ كَالزَّوْجَةِ المُنْفِقَةِ وَنَحْوَهَا (غَالِبًا)- احْتِرَازٌ مِنَ البَصِيْرِ إِذَا أُبْرِئَ مِنَ الخَطَأِ .

* يَصِحُّ البَرَاءُ مِنَ المَجْهُولِ .

* الإِبَاحَةُ إِذَا كَانَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَانَ لِلْمُبِيحِ الرُّجُوْعِ مَا لَمْ تُسْتَهْلَكْ حِسًّا، وَإِنْ كَانَتْ الإِبَاحَةُ بِعِوَضٍ كَانَ لِلْمُبِيْحِ الرُّجُوعَ مَا لَمْ تُسْتَهْلَكْ حِسًّا أَوْ حُكْمًا .

* التَّخْلِيَةُ لِلتَّسْلِيْمِ قَبْضٌ إِذَا كَانَ مِنْ مَالِ المُخَلَّى لَهُ لاَ إِذَا كَانَ مِنْ مَالَ المُخَلَّيْ (غَالِبًا) – احْتِرَازٌ مِنَ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَخْلِيَتِهَا لِلْمُصَدِّقِ وَلَيْسَتْ مِنْ مَالِ أَيِّهِمَا.

* التَّأْجِيْلُ _ مَالَمْ يَكُنْ مِنْ جِهَةِ اللهِ نَحْوِ تَأْجِيلِ الدِّيَةِ عَلَى الجَانِيْ وَالعَاقِلَةِ_ لاَ يَصِحُّ فِيْ كُلِّ دَيْنٍ لَمْ يَلْزَمْ بِعَقْدٍ .

* التَّأْجِِيْلُ تَأْخِيْرِ مُطَالَبَةٍ لاَ صِفَةٌ لِلْعَقْدِ .

* الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيْرُ لاَ تَتَعَيَّنُ وَإِنْ عُيِّنَتْ إِلاَّ فِيْ الغَصْبِ وَالأَمَانَةِ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ الأَمَانَةُ أَوْ النَقْدَ المُمَلَّكَ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَتُعَيَّنُ مَا دَامَتْ فِيْ اليَدِ .

* المُعَاطَاةُ لاَ تُوْجِبُ المِلْكَ فِيْ البَيْعِ وَلاَ فِيْ غَيْرِهِ إِلاَّ فِيْ القَرْضِ .

* كُلُّ مَنْ لَهُ الوِلاَيَةُ لاَ يَصِحُّ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَ أَوْ بِمَا غَرِمَ عَلَى مَنْ لَهُ الوُلاَيَةِ عَلَيْهِ إِلاَّ إِذَا نَوَى الرُّجَوْعَ مِنْهُ .

* كُلَّمَا لاَ يُعْرَفُ إِلاَّ مِنْ جِهَةِ الشَّخْصِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيْ حُصُوْلِهِ فِيْمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ لاَ فِيْمَا يَرْجِعُ إِلَى غَيْرِهِِ فَلاَ بُدَّ مِنْ مُصَادَقَةِ ذَلِكَ الغَيْرِ .

* كُلُّ عَيْنٍ يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقٌّ لِلْقَابِضِ فَلَهُ حَبْسُهَا كَالْبَائِعِ وَالفَاسِخِ فَلَهُمَا حَبْسُ العَيْنِ؛ لأَجْلِ تَوْفِيْرِ الثَّمَنِ، وَكَذَا الأَجِيْرِ لَهُ حَبْسُ العَيْنِ فِيْ الأُجْرَةِ .

* كُلُّ دَيْنَيْنِ اسْتَوَيَا فِيْ الجِنْسِ وَالصِّفَةِ وَالنَّوْعِ تَسَاقَطَا .

* الأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فِيْمَا لَمْ يُتَيَقَّنْ ثُبُوْتِهِ .

* مَنْ أَقَرَّ بِظَنِّهِ فِيْ شَيْءٍ أُخِذَ بِهِ .

* لاَ يَصِحُّ التَّبَرُّعُ بِحُقُوْقِ اللهِ بَلْ لاَ بُدَّ مِنْ إِذْنِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ .

* يَجِبُ الطَّلَبُ لِحَقِّ اللهِ فِيْ المِيْلِ، وَلِحَقِّ الآدَمِيِّ فِيْ البَرِيْدِ (غَالِبًا) .

* لاَ يَصِحُّ البَيْعُ وَالصُّلْحُ لِكَالِيْ بِكَالِيْ .

* مَا فِيْ الذِّمَّةِ كَالْحَاضِرِ، وَمَا فِيْ الذِّمَّتَيْنِ كَالحَاضِرَيْنِ فَيَصِحُّ البَيْعُ .

* الشَّاكُ يَحْكُمُ بِالأَصْلِ .

* العَقُوْرُ يَثْبُتُ عَقُوْرًا بَعْدَ عَقْرِهِ أَوْ جُمْلَةَ يَعْقُرُ .

* الأَفْعَالُ وَالأَقْوَالُ كُلُّهَا إِعْرَاضٌ مَا لَمْ تُعْدْ اهْتِمَامًا .

* السُّكُوْتُ وَإِنْ طَالَ لَيْسَ بِإِعْرَاضٍ .

* اليَسَارُ وَالإِعْسَارُ يَثْبُتَانِ بِقَرَائِنَ الأَحْوَالِ وَالتَّصَرُّفِ فِيْ الأَمْوَالِ .

* لاَ حُكْمَ لِلشَّكِ بَعْدَ الْفَرَاغِ .

* مَا صَارَ لِلإِنْسَانِ مِنَ الأَمَانَةِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَمُلْقَى طَائِرٍ، وَوَارِثَ الوَدِيْعِ وَنَحْوَهَا- وَجَبَ الرَّدُّ وَإِنْ بَعُدَ بِمَا لاَ يُجْحِفُ، بِخِلاَفِ سَائِرِ الأَمَانَاتِ .

* كُلُّ نَاقِصِ صَلاَةٍ أَوْ طَهَارَةٍ يَتَلَوَّمُ آخِرَ الوَقْتِ .

* الحَجُّ تَصْحَبُهُ المَعَاصِيْ .

* الْوَاجِبَاتُ عَلَى الفَوْرِ .

* مَا أَوْجَبَهُ العَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ فَرْعٌ عَلَى مَا أَوْجَبَهُ اللهُ عَلَيْهِ .

* مَا كَانَ مِنْ بَابِ السِّقُوطِ افْتَرَقَ الحَالُ بَيْنَ العِلْمِ وَالجَهْلِ كَطَلَبِ مَنْ لَيْسَ لَهُ طَلْبَةٌ فِيْ الشُّفْعَةِ، بِخِلاَفِ مَا كَانَ مِنْ بَابِ الإِسْقَاطِ فَلاَ يَفْتَرِقُ الحَالُ .

* تَثْبُتُ العَادَةُ فِيْ الحَيْضِ لِلْمُبْتَدِئَةِ بِقُرْءَيْنِ، وَلِغَيْرِهَا الثَّالِثُ المُخَالِفَ، وَتَثْبُتُ بِالرَّابِعِ وَهَلُّمَ جَرًّا .

* يُقَدَّمُ مِنَ الوَاجِبَاتِ مَا خَشِيَ فَوْتُهُ ثُمَّ الأَهَمُّ .

* كُلُّ وَقْتٍ يَصْلُحُ لِلْفَرْضِ قَضَاءً .

* كُلُّ مَالاَ وَقْتَ لَهُ مُعَيَّنُ لاَ يَتَّصِفُ بِأَدَاءٍ وَلاَ قَضَاءٍ .

* مَنْ َكانَتْ ولاَيَتُهُ أَصْلِيَّةً إِذَا اخْتَلَّتْ عَدَالَتُهُ عَادَتْ وَلاَيَتُهُ بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ . *



--------------------------------------------------------------------------------

([1])بياض في الأصل.

([2]) صوابه مع الأرش.

([3]) يُنْظَرُ فِيْ القِيَاسِ عَلِى الوَدِيْعَةِ إذ هي ليس بعقد ولا بمعنى العقد إذ هي أمانة في وجوب الرد.

قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت و يطهركم تطهيرا)
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي ولفاطمة وحسن وحسين(اللهم هؤلاء اهل بيتي فأذهب عنهم الرجس)
اللهم صلي على محمد وآل محمد

عصام البُكير
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 241
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 12:21 am
مكان: اليمن - صنعاء

مشاركة بواسطة عصام البُكير »

أئمة الزيدية:


من كتاب التحف شرح الزلف

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

أمير المؤمنين علي عليه السلام

أخبار في فضائل العترة عليهم السلام ووجوب التمسك بهم

الإمام الحسن بن علي عليهما السلام

الإمام الحسين بن علي عليهما السلام

الإمام الحسن بن الحسن الرضا

الإمام زيد بن علي عليه السلام

الإمام أبو طالب يحيى بن الإمام زيد بن علي

الإمام المهدي محمد بن عبدالله

الإمام إبراهيم بن عبدالله

الإمام الحسين بن علي الفخي

الإمام يحيى بن عبدالله

الإمام موسى بن عبدالله

الإمام عبدالله بن محمد بن عبدالله

الإمام علي بن العباس

الإمام الحسن بن الإمام إبراهيم بن عبدالله بن الحسن بن الحسن السبط عليهم السلام

الإمام عيسى بن زيد

الإمام الحسين بن زيد

الإمام أحمد بن عيسى بن زيد

الإمام إدريس بن عبدالله

الإمام إدريس بن إدريس

الإمام محمد بن إبراهيم

الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي

الإمام محمد بن محمد بن زيد

الإمام علي بن موسى الرضا

الإمام محمد بن جعفر الصادق

الإمام محمد بن سليمان بن داود

الإمام القاسم بن عبدالله بن الحسين

الإمام محمد بن القاسم

الإمام محمد بن جعفر بن يحيى بن عبدالله

الإمام يحيى بن عمر العلوي

الإمام إسماعيل بن يوسف

الإمام محمد بن جعفر

الإمام علي بن زيد

الإمام الحسين بن محمد

الإمام أحمد بن محمد

الإمام الحسن بن زيد

الإمام محمد بن زيد عليه السلام

الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام

الإمام الناصر للحق الحسن بن علي الأطروش

الإمام الداعي الحسن بن القاسم

الإمام المرتضى محمد بن يحيى

الإمام الناصر أحمد بن يحيى

الإمام يحيى بن أحمد الناصر

الإمام المختار بن الناصر

الإمام الداعي يوسف الأكبر

الإمام المنتصر محمد بن المختار

الإمام القاسم بن علي العياني

الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني

الإمام محمد بن القاسم الزيدي

الإمام محمد بن الحسن الداعي

الإمام جعفر بن محمد بن الحسين وابناه

الإمام المؤيد بالله

الإمام أبو طالب

الإمام مانكديم

الإمام الهادي الحقيني

الإمام أبو هاشم الحسن بن عبدالرحمن

الإمام أبو الفتح الديلمي

الإمام الناصر الهوسمي

الإمام الموفق بالله الجرجاني

الإمام المرشد بالله الشجري

الإمام أبو الرضا الكيسمي

الإمام أبو طالب الأخير

الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان

الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة

الإمام الداعي يحيى بن المحسن

الإمام المهدي أحمد بن الحسين

الإمام الناصر يحيى بن محمد السراجي

الإمام المنصور بالله الحسن بن بدر الدين

الإمام إبراهيم بن تاج الدين

الإمام المطهر بن يحيى

الإمام المهدي محمد بن المطهر

الإمام الواثق المطهر بن محمد

الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة

الإمام المهدي علي بن محمد

الإمام الناصر محمد بن علي

الإمام المهدي أحمد بن يحيى بن المرتضى

الإمام علي بن المؤيد بن جبريل

الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير

الإمام علي بن صلاح

الإمام المطهر بن محمد بن سليمان الحمزي

الإمام صلاح بن علي بن محمد بن أبي القاسم

الإمام عز الدين بن الحسن

الإمام الحسن بن عزالدين

الإمام محمد بن علي السراجي

الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين

الإمام مجد الدين بن الناصر

الإمام أحمد بن عزالدين

الإمام الحسن بن علي بن داود

الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد

الإمام عبدالله بن علي

الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم

الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم

الإمام أحمد بن الحسن

الإمام إبراهيم بن محمد

الإمام محمد بن علي الغرباني

الإمام القاسم بن محمد بن القاسم

الإمام علي بن الحسين الشامي

الإمام محمد بن إسماعيل بن القاسم

الإمام إسماعيل بن أحمد الكبسي

الإمام أحمد بن علي السراجي

الإمام المؤيد بالله الحسين بن علي

الإمام عبدالله بن الحسن

الإمام أحمد بن هاشم

الإمام محمد بن عبدالله الوزير

الإمام المحسن بن أحمد

الإمام محمد بن القاسم الحوثي

الإمام شرف الدين بن محمد

الإمام المنصور بالله محمد بن يحيى

فإياك والتفريق إياك إنهم هم العروة الوثقى فذوا الغي نازع

الإمام المتوكل على الله يحيى حميد الدين

الإمام أحمد حميد الدين

67 الإمام الهادي الحسن بن يحيى القاسمي

قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت و يطهركم تطهيرا)
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي ولفاطمة وحسن وحسين(اللهم هؤلاء اهل بيتي فأذهب عنهم الرجس)
اللهم صلي على محمد وآل محمد

عصام البُكير
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 241
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 12:21 am
مكان: اليمن - صنعاء

مشاركة بواسطة عصام البُكير »

فقه الزيدية

اولاً ( كتاب الطهارة)


باب فروض الوضوء ـ فصل : وسننه
باب ما ينقض الوضوء

باب الغسل

باب المياه

باب ذكر النجاسات
باب التيمم
باب الحيض والنفاس









باب فروض الوضوء


مسألة: (فروض الوضوء ثمانية([1]): أولها: النية) .

والدليل على وجوبها قول الله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إلاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [البينة: 5] فأخبر سبحانه أنه ما أَمَرَ بالعبادة إلا على وجه الإخلاص ، وإخلاص العبادة هو النية ، بدليل أنه لا يجوز إثباتُها بأحد اللفظين ونفيُها بالآخَر ، فلا يجوز أن يقال: أخلصتُ هذا الفعلَ لله وحده وما نويتُ به عبادتَه ، ولا أن يقـولَ: نويتُ به عبادةَ الله وحـده وما أخلصتُ له ، فثبت أن معناهما واحد .

ويدل على وجـوبها أيضًا مـا روي عـن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((الأعمَالُ بِالنِيَّاتِِ وَإِنّمَا لِكُلِّ امْرِىءٍ مَا نَوَى)) ([2]) ، فنصَّ عليه السلام على أن الأعمال بالنيات ، ومعلوم أنه لم يُرِدْ وجود الأعمال إلا بالنيات ، لأنا نعلم أن الأعمال قد توجد بدون النية ، وإنما أراد أحكام العمل ، ومن جملة أحكام العمل الإِجزاء والصحة ، فاقتضى بذلك أن صحة العمل موقوفةٌ على النية. وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لاَ قَوْلَ إلاَّ بِعَمَلٍ ، وَلاَ قَوْلَ وَلاَ عَمَلَ إلاَّ بِنِيَّةٍ ، وَلاَ قَوْلَ وَلاَ عَمَلَ وَلاَ نِيَّةَ إِلاَّ بِإِصَابَةِِ السُّنَّةِ)) ([3]).

والنية: هي الإرادةُ بالقلب ، بدليلِ أنه لا يجوز إثباتها بأحد اللفظين ونفيها بالآخر ، فلا يجوز أن تقول: أردتُ هذا الفعلَ بقلبي وما نويتُه ، ولا أن تقول: نويتُه وما أردتُه بقلبي ، فهما لفظان معناهما واحد كالجلوس والقعود. وموضع وجوبها في ابتداء الوضوء ، لئلا يخلوَ منه شيء عنها.

مسألة: (والثاني: الاستنجاء): وهو غَسْلُ الفرجين من النجاسة .

والدليل على وجوبه ما روي أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل يُجْزِي امرأةٌ أن تَسْتَنْجِيَ بغير الماء؟ قال: ((لا ، إلاَّ أَنْ لاَ تَجِدَ الماءَ)) ([4]) فإذا ثبت وجوبه على النساء وجب على الرجال أيضًا ، لأن أحدًا لم يفصل بين الرجال والنساء في ذلك ، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ)) ([5]) ، وذلك يقتضي اشتراك الجميع في كل حكم إلا ما خصه الدليل ، فثبت بذلك وجوبه. وروي عن عائشةَ أنها قالت لنسوة: ((مُرْنَ أَزْوَاجَكُنَّ أَنْ يَغْسِلُوا أَثَرَ الغَائطِ والْبَوْلِِ ، فإِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم كَانَ يَفْعَلُهُ وأنا أَسْتَحْيِيْهِمْ))([6]). وأما كونه من أعضاء الوضوء ففيه خلاف ، والأحوط فعله عند كل وضوء يجب ، للخروج من موضع الخلاف.

مسألة: (والثالث: غسل الوجه ، ومن جملته المضمضة والاِستنشاق)([7]). والدليل على وجوبه قول الله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوْهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) [المائدة: 6] فأَمَرَ سبحانه بغسل الوجه ، والأمرُ يقتضي وجوب المأمور به.

وقلنا: من جملته المضمضة والاستنشاق ، لأن الوجـه اسم لهذا العضـو المخصوص من مَقاصِّ الشعر إلى أسفل الذَّقَنِ ، ولا شك أنهما داخلان فيه ، ولما روي عن علي عليه السلام أنه أُتِيَ بِرَكْوةٍ في طشت فأَلقى الركوةَ على يده فغسلها ثلاثًا ، ثم تمضمض واستنشق من كفٍ واحد ثلاثًا ، وغسل وجهه ثلاثـًا ، وذراعيه ثلاثًا ثلاثًا ، ثم أدخل يده في الإِناء فمسح رأسه وغسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا ، ثم قـال: ((هَذَا وُضُوءُ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وآله وسلم فَاعْمَلُوا بِهِ))([8]) ، ولقـوله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام حين رآه يتوضأ: ((تَمَضْمَضْ وَاسْتَنْشِقْ وَاسْتَنْثِرْ)) ([9]). فأمَرَهُ بذلك ، والأمر يقتضي الوجوب.

مسألة: (والرابع: غسل اليدين مع الْمِرْفَقَينِ).

والدليل على وجوبه ما في الآية من قوله تعالى: (وَأَيْدِيَكُمْ إِلى الْمَرَافقِ) ، والدليـل على دخول الْمَرْفِقَينِ في وجـوب الغسل ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان إذا توضأ يصب الماء في راحته ويرده إلى مرفقيه([10]). وقد ثبت أنَّ إلى تستعمل على وجهٍ يقتضي دخول الحد في المحدود ، كقولـه تعـالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) [النساء: 2] معناه: مع أموالكم ، وقد تستعمل على وجه لا يقتضي دخولَ الحد في المحدود ، كقوله تعالى: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلى اللَيْلِ) [البقرة: 187] فيصير قولُه تعالى: (إِلى الْمَرَافِق) في حكم المجمل ، لاحتماله الأمرين ، فيكون فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيانًا له ومقتضِيًا لدخول المرافق في الوجوب.

مسألة: (والخامس: مسحُ الرأس كلِّه مع الأذنين)([11]).

والدليل على وجوبه ما في الآية من قوله تعالى: (وامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُم) والباء تقتضي إِلصاقَ الفعل بالمفعول به ، فيقتضي ذلك وجوبَ إِلصاق المسح بجميع ما يُسَمَّى رأسًا ، ويصير بمثابة قوله تعالى في آية التيمم: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ) [النساء: 43] فكما أن المسح يجب أن يكون عامًّا للوجه ، فكذلك هاهنا ، ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه مَسَحَ رأْسَهُ فِي وُضُوءِهِ مَرَّتَيْنِ: بَدَأَ بِمُؤَخَِّرِ رَأْسِهِ ، ثُمَّ مَسَحَ مُقَدَّمَهُ ، ومُقَدَّمَ أُذُنَيْهِ وَمُؤَخَّرَهُمَا وَأَدْخَلَ إِصبَعَيْهِ فِي حُجْرَتَي أُذُنَيْهِ ، وَغَسَلَ قَدَمَيْهِ ثَلاَثًا([12]) وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((تَمَضْمَضُوا وَاسْتَنْشِقُوا ، وَالأُذُنَانِ مِنَ الْرَّأْسِ)) ([13]) ، والمراد بذلك دخولهما في وجوب المسح وإلا لم يكن لهذا القول معنى.

مسألة: (والسادس: غسل الرجلين مع الكعبين).

والدليل على وجوبه ما في الآية من قوله تعالى: (وَأَرْجُلَكُمْ إِلى الْكَعْبَيْنِ) وقِرَاءَتُها بنصب الأرجل توجب عطفهماعلى اليدين ، وتقتضي وجوب غسلهما ، ولما روي عـن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّهُ كَانَ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ عِنْدَ وُضُوءِهِ([14]) ، وأنه قال لعلي عليه السلامعند غسل قدميه في الوضوء: ((خَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ ، لاَ تُخَلَّلْ بِالنَّارِِ)) ([15]). وذلك يقتضي وجوب غسلهما. ولَمَّا رأى صلى الله عليه وآله وسلم جانِبًا من عَقِبِ رِجْلِ رَجُلٍ من الأنصار جافًّا ، أَمره بغسله ، فقال الرجل: يا رسول الله ، كيف أصنع؟ أستقبل الطهور؟ قال: ((لاَ ، بَلِ اغْسِلْ مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ)) ([16]). وذلك يقتضي وجوب غسلهما ، ويمنع من حمل الآية على المسح.

والوجه في إدخال الكعبين في الغسل مثل ما مضى في المرافق .

مسألة: (والسابع: التسمية فَرْضٌ على الذاكر).

والدليل على وجوبها ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لاَ صَلاَةَ إِلاَّ بِطَهُورٍ وَلاَ وُضَوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ الله))([17]).

مسألة: (والثامن: الترتيب بين هذه الأعضاء) ، فرضٌ واجب.

والدليل على وجوبه ما في الآية من قوله تعالى: (إِذَا قُمْتُمْ إِلى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) ، فاقتضى هذا الظاهرُ أن يَبدأ بغسل الوجه عقيبَ القيام ، لأن الفاء حرف تعقيب ، وكل من أوجب الابتداء بالوجه أوجب الترتيب بين هذه الأعضاء فثبت وجوبه ، ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ)) ([18]) وهذا عام يقتضي وجوب تقديم ما قدمه الله سبحانه إلا ما خصه الدليل.



فصـل: وسُنَنُه أَربع :

مسألة: الأولى منها: غسل اليدين في أوله) .

وذلك لما في خبر أمير المؤمنين حيث حكى وضوءَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فبدأ بغسل يديه ثلاثًا ، ولقول علي عليه السلام: أول ما يُبدأُ به من الوضوء غسلُ الكفين([19]) ، فثبت أنه من المشروع في الوضوء وليس بواجب ، لقوله تعالى: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) ، فلو كان غَسلُ اليدين واجبًا قبله لأَمَرَ به ، ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعلي عليه السلام حين ابتدأ الوضوء: ((تَمَضْمَضْ وَاسْتَنْشِقْ وَاسْتَنْثِرْ)) ولم يأمره بأن يغسل يديه في الابتداء فدل على أنه ليس بواجب ، فكان سنة.

مسألة: (والثانية: الجمع بين المضمضة والاستنشاق من غَرفة واحدة).

والدليل على ذلك ما روي عن علي عليه السلام أنه فعله عند حكايته لوضوء النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

مسألة: (والثالثة: مسح الرقبة مع الرأس).

وذلك لما روي عـن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ مَسَحَ عَلَى سَالِفَتَيْهِ وَقَفَاهُ بِالْمَاءِ أَمِنَ مِنَ الغُلِّ يَوْمَ القِيَامَةِ))([20]). ولا خلاف أنه مسنون.

مسألة: (والرابعة: تكرار الوضوء ثانية وثالثة) .

وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه توضأ مرةً مرة ثم قال: ((هَذَا وُضُوءٌ لاَ يَقْبَلُ اللهُ الصَّلاَةَ إِلاَّ بِهِ ، ثُمَّ تَوَضَأَ مَرَّتَيْنِِ مَرَّتَيْنِ وقَالَ: مَنْ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ أَعْطَاهُ اللهُ أَجْرَهُ مَرَّتَيْنِ ، ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلاَثًا ثَلاَثًا فَقَالَ: هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الأَنْبِيَاءِ مِِنْ قَبْلِي)) ([21]).






باب ما ينقض الوضوءَ


مسألة: و(ينقض الـوضوء خمسة أمور: أحـدها: كـلُّ خارج من السبيلين)([22]).

والأصل في ذلك قوله تعالى: (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ) [النساء: 43] ، واسم الغائط يتناول ذلك قل أو كثر ، وما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: قلت يا رسول الله: الوضوءُ كتبه الله علينا من الحدث فقط؟ فقال: ((لاَ ، بَلْ مِنْ سَبْعٍ: مِنْ حَدَثٍ ، وَبَوْلٍ ، وَدَمٍ سَائِلٍ ، وَقَيْءٍ ذَارِعٍ ، وَدَسْعَةٍ تَمْلأُ الفَمَ ، وَنَوْمِ مُضْطَجِعٍ ، وَقَهْقَهَةٍ فِي الصَّلاَةِ)) ([23]).

مسألة: (والثاني: الدم السائل) ، وأقلُّه أن يكون مقدار القطرة.

والدليل عليه ما في الخبر من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((وَدَمٍ سَائِلٍ)) ، (و)لا شك أن (المصل والقيح داخلان في حكم الدم) ، ولا نعرف من أحد الفصل بينهما وبينه في ذلك.

مسألة: (والثالث: القيء الذارع ، وأقلُّه أن يكون مِلْءَ الفم) .

والدليل على ذلك ما في الخبر المتقدم من ذكر القيء الذارع والدسعة التي تملأ الفم.

مسألة: (والرابع: النوم المزيل للعقل على أيَّةِ حالٍ كان) ([24]) ، وقد دلَّ ما في الخبر من ذكر نوم المضطجع على نقضه للطهارة.

ويدل على أن النوم - على أيَّةِ حال كان - ناقضٌ للطهارة- ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إِنَّمَا العَيْنُ وِكَاءُ الإِسْتِ ، فَإِذَا نَامَتِ العَيْنُ اسْتَطْلقَ الوِِكَاءُ ، فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوضَّأْ)) ([25]) ، وهذا عام في كل نوم. (و)لا شك أن (الإغماء والجنون داخلان في حكم النوم) ، ولا نعرف من أحد الفصلَ بينهما وبينه في ذلك ، ولأن حالهما في استطلاق الوكاء إن كان لم يزد على حال النوم لم ينقص عنه.

مسألة: (والخامس: كبـائر العصيان) ([26]) ، فإنها تنقضه أيضًا ، بدليـل ما روي عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا بالوضوء من الحدث ، ومن أذى المسلم([27]) . وما في الخبر المتقدم من كون القهقهة ناقضة للطهارة فهو محمول عند أئمتنا عليهم السلام على من تعمدها ، فتكون معصيةً لقطعه الصلاةَ بها([28]) .








باب الغسل


مسألة: (والواجب من الغسل أربعه: أحدها: غسل الجنابة).

والدليل على وجوبه قول الله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فاطَّهَّرُوا) [المائدة: 6] ، وقوله تعالى: (وَلا جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيْلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) [النساء: 43] ، ولا خلاف بين المسلمين في وجوبه.

مسألة: (والثاني: غسل الحيض) .

والدليـل على وجوبه قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ في الْمَحِيْضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة: 222] ، ولا خلاف أن هذا التطهرَ واجبٌ عليها. وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال للمرأة: ((إذا أَقبل الحيضُ فَذَرِي الصلاةَ وإذا أدْبَرَ فاغتسلي لِطُهْرِكِ)) ([29]).

مسألة: (والثالث: غسل النفاس) .

والدليل على وجوبه ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ((إذا جاوزتِ النُّفَسآءُ أَرْبَعِيْنَ يَوْمًا اغْتَسَلَتْ وصَلَّـتْ)) ([30]) . ولا خلاف أن هذا الغسلَ واجبٌ عليها.

مسألة: (والرابع: غسل الميت).

والدليل عليه([31]) إجماع الأمة على وجوبه ، والإجماع حجة يجب اتِّباعُها كسائر الحجج من الكتاب والسنة.

مسألة: (وللغسل فرضان: أحدهما: النية) ([32]).

والدليل على وجوبها ما تقدم ذكره في نية الوضوء فلا وجه لإعادته.

(والثاني: إجراء الماء على جميع البدن مع الدلك).

والدليـل عليه ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((تَحْتَ كُلِّ شَعَرةٍ جَنَابَةٌ ، فبُلُّوا الشَّعَر و أَنقُوا البَشَـرَ)) ([33]).وهذا الخبر يدل على وجوب إيصال الماء إلى جميع البدن ، ويدخل في ذلك المضمضةُ والاستنشاق ، لأن الأنف والفم من جملة البشر ، وفي الأنف أيضًا الشعر مع البشر ، ويدل على وجوب الدلك ، لأن الإنقاء لا يحصل إلا به ، ويدل على ذلك أيضًا ، ما في خبر أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في الاغتسال: ((وتَدْلُكُ مِنْ جَسَدِكَ مَا نَالتْ يَدَاكَ)) ([34]) .

مسألة: (والوضوء بعد الاغتسال واجبٌ على من أراد الصلاة) .

بدليل ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ((مَنِ اغتسلَ من جنابةٍ ثم حضرته صلاةٌ فليتوضأْ)) ([35]). وهذا أَمْرٌ منه عليه السلام ولم يُرْوَ عن أحد من الصحابة أنه خالفه ، فيصح الأخذ به في ذلك ، ولأن الله سبحانه وتعالى أَمَرَ مَن قام إلى الصلاة بطهارة مُرَتَّبَةٍ لما تقدم من الدلالة بقوله تعالى: (إِذا قُمْتُمْ إِلى الصَّلاةِ) ، ولا شك أن الترتيب في الاغتسال غير واجب ، فلا يقوم أحدهما مقام الآخَر.

مسألة: (وغسل الجمعة) سُنَّةٌ بدليل ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((مَنْ تَوَضَّأَ يومَ الْجُمُعَةِ فبها ونِعْمَتْ وقد أدّى الفريضةَ ، ومَن اغْتَسَلَ فالغُسْلُ أفْضَلُ))([36]).

مسألة: (و)غسل (العيدين) سُنَّةٌ أيضًا ، بدليل ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ((أَمَرَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم بغُسْلِ يوم الجمعـة ، والعيدين ، ويوم عرفة ، وليس بواجب)) ([37]).

مسألة: (و)غُسْلُ (الإحرام سنة) ([38]) أيضًا بدليل ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أَمَرَ الحائضَ بالاغتسالِ عنْد الإحْرَامِ ، وكذلك أَمَرَ به النُّفَسَآءَ ([39]) ، فلو لم يكنْ مسنونًا لم يأمرْهُمَا به. ويلحق بذلك اغتسالاتٌ هي مستحبة ، كالاغتسال لدخول الحرم ، ويوم عرفة ، وغيرهما تركنا ذكرها اقتصارًا على ذكر المهم دون غيره.

أمـا الاغتسال لدخول الحرم فلما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه اغتسل بذي طُوى لدخول الحرم ([40]) . أما غسل يوم عرفة فقد روي عن أمير المؤمنين) عليه السلام( .





باب الـمياه


مسألة: (الماء ضربان: قليلٌ وكثير: فالكثير ما لا يغلب على الظن أن النجاسة مستعملة باستعماله ، كالبئار النابعة ، والأنهار الجارية ، والبُرُكِ الواسعة ، ولا يُنَجِّسُهُ إلا ما غير لونه ، أو ريحه ، أو طعمه).

والدليل على ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((خُلِقَ الماءُ طَهُورًا لا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إلا ما غَيَّر لَونَه ، أَوْ رِيحَهُ ، أَوْ طَعْمَهُ)) ([41]).وعنه أيضًا صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إِنَّ الماءَ لا يُنَجِّسُه شَيْءٌ)) ([42]) ، وذلك يعمُّ كلَّ ماء ، إلا أنَّا خصصنا ما يغير لونه ، أو ريحه ، أو طعمه ، لأنه قد زال عنه اسمُ الماء المطلق ،وخصصنا الماء القليل بما يأتي بيانه.

مسألة: (والقليل هو ما دون ذلك وهو ما يغلب على الظن أن النجاسة تُسْتَعْمَلُ باستعماله. وينجسه كلُّ ما لاقاه من النجاسة سواءٌ غيَّره أو لم يغيره).

والدليـل عليه ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إذا استَيْقَظَ أَحَدُكم مِنْ نَوْمِهِ فَلاَ يَغْمِسْ يَدَهُ في الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَها ثَلاثًا)) ([43]) ، فلو لم يكن الماءُ القليلُ يَنْجُسُ بوقوع النجاسة القليلة فيه لم يكن لهذا القولِ وجه ، لأن المعلوم أن الذي يكون على اليد من النجاسة لا يغير ماء الإناء.

مسألة: (ولا يجوز الوضـوءُ بالماء النجس) ، لقوله تعالى: (والرُّجْزَ فاهْجُـرْ) [المدثر: 5] ، والرُّجزُ: النَّجِسُ ، ولقوله في الخمر: (فاجْتَنِبوهُ) [المائدة:90] ، والمتوضئ بما خالطه الخمرُ لم يَجْتَنِبْهُ.

مسألة: (ولا يجوز الوضوءُ بالماء المغصوب) ، لقوله تعالى: (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) [الأعراف: 85] ، ولما روي عـن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لا يَحِلُّ مالُ امرئٍ مُسْلِمٍ إلا بِطِيْبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ)) ([44]) .

مسألة: (و)لا بـ(الماء المستعمل) في طهارة العبادة ، و(هو الذي يتساقط من الأعضاء عند الطهارة) .

لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لا يَتَوَضَّأُ الرَّجُلُ بِفَضْلِ وَضُوءِ المرأةِ ، ولا المرأةُ بِفَضْلِ وضوءِ الرَّجُلِ)) ([45]) ، وليس المراد به إلا ما يتساقط من الأعضاء ، لأن الذي يَفْضُل في الإناء يجوز التوضؤُ به بالإجماع.

مسألة: (ولا يجوز الوضوء بالماء الذي خالطه من الأشياء الطاهرة ما غير لونه أو ريحه أو طعمه تغييرًا ظاهرًا سوى التراب ، فإن مخالطته للماء لا يمنع من استعماله) ، يدل عليه أن اسم الماء المطلق قد زال عنه ، فلا يكون المتوضئ به متطهرًا بالماء الذي أُمِرَ به. وقلنا: سوى التراب فإن مخالطته للماء لا تمنع من استعماله ، لأن الإجماع واقع على ذلك.





باب ذكر النجاسات


مسألة: و(النجاسات ثمانية أمور: أحدها: كل خارج من سبيلَيْ ما لا يؤكل لحمه من الحيوانات).

والأصل في ذلك ما روي عن عمار أنه قال:مَرَّ بي رسولُ الله وأنا أَغسل ثوبي من نُخَامَةٍ فقال: ((مَا نُخَامتُكَ وَدُمُوعُ عَيْنَيْكَ إِلاَّ بِمَنْـزِلَةِ الْمَاءِ الَّذِيْ فِي رَكْوَتِكَ ، إِنَّمَا تَغْسِلُ ثَوبَكَ مِنَ البَولِ وَالغَائِطِ وَالْمَذْيِ وَالْمَنِي - الْمَاءُ الأَعْظَمُ- وَالدَّمِ وَالْقَيْءِ)) ([46]).

والدليـل على نجاسة الروث ما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه التمس من عبدالله بن مسعـود أحجارًا للاستجمار فأتاه بحجرين و روثةٍ ، فألقى صلى الله عليه وآله وسلم الروثة وقال: ((إنَّها رِجْسٌ))([47]) ، والرجس هو النجس.

مسألة: (والثاني: الدم السائل وفي حكمه المَصْلُ والقيح) ، بدليل قوله تعالى: (أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيْرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) [الأنعام: 145] ، ولما في خبر عمار. وحُكْمُ المصل والقيح حكم الدم ، والأظهر أنه إجماع. وقولُه عليه السلام في البول عامٌّ ، غير أنَّا خصصنا بَول ما يؤكل لحمه بما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لاَ بَأَسَ بِأَبْوَالِ الإِبِلِ وَالبَقَرِ وَالغَنَمِ وَكُلِّ شَيْءٍ يَحِلُّ أَكْلُ لَحْمِهِ إِذَا أصَابَ ثَوبَكَ))([48]).

مسألة: (والثالث: القيءُ الذارع) ، وإنما كان نجسًا لخروجه من المعدة واختلاطِه بما فيها من النجاسة ، ولما في خبرِ عمارٍ من ذكرِ القيءِ في جملةِ النجاسات.

مسألة: (والرابعُ: الميتة) ([49]) ،لقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)[المائدة: 3] وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لاَ يُنْتَفَعُ مِنَ الْمَيْتَةِ بِشَيءٍ)) ([50]). وما حَرُمَ الانتفاع به على كل وجهٍ وجب كونُه نجسًا.

مسألة: (والخامسُ: الخمر).

والدليل على نجاسته قولُه تعالى: (إِنَّمَا الْخَمْرُ والْمَيْسِرُ والأَنْصَابُ والأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فاجْتَنِبُوهُ) [المائدة: 90] ومعنى الرجسِ والنجسِ واحدٌ ، ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ)) ([51]) ، وقد صح أن كل ما حرم على الإطلاق فهو نجس.

مسألة: (والسادس: الكلب) ([52]).

والدليل على نجاسته ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إذا وَلَغَ الكَلْبُ في الإناءِ فاغْسِلُوهُ)) ([53]) ، وذلك يقتضي نجاستَه .

مسألة: (والسابع: الخنـزير).

والدليل على نجاسته قوله سبحانه:( أَوْ لَحْمَ خِنْزيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) [الأنعام: 145] .

مسألة: (والثامن: المشرك بالله تعالى) ([54]) ، بدليل قوله سبحانه وتعـالى:(إِنَّما الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) [التوبة: 28] ، فنص على نجاستهم.







باب التيمم


مسألة: (فروض التيمم خمسة: أولها: النية).

والدليل على وجوبها ما تقدم في باب الوضوء فلا معنى لإعادته.

مسألة: (وثانيها: مسح الوجه كلِه) ، بدليل قـوله تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَآءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) [المائدة: 6] ، وهـذا يوجب مسح ما يُسَمى وجهًا.

مسألة: (والثالث: مسح اليدين مع الـمرفقين) ، بدليل قوله تعـالى: (وَأَيْدِيكُمْ) ، وهذا يقتضي وجوبَ مسح الجميع من اليدين مع المرفقين إلا أنا أخرجنا ما فوق المرفقين بدلالة الإجماع ، فبقي ما عدا ذلك داخلاً تحت الآية ، ولما روي عـن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((ضَرْبَةٌ لِلوَجْـهِ ، وَضَرْبَةٌ لِلذِّرَاعَيْنِ إِلِى الْمَرْفِقَيْنِ)) ([55]) .

مسألة: (والرابع: التسمية فرض على الذاكر) ، وإنما وجبت فيه قياسًا على الوضوء من حيث إنها طهارةٌ يستباح بها الصلاة فأشبهت الوضوء.

مسألة: (والخامس: الترتيب بين هذه الأعضاء فرضٌ واجب) ، بدليل قوله تعالى: (فامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ) فعقَّب تَيَمُّمَ الصعيد بمسح الوجه ، فاقتضى ذلك وجوبَ تقديمه. فكل مَنْ أوجب تقديمَ الوجه أوجب الترتيب .

مسألة: (ولا يجوز التيمم إلا عند عدم الماء) ، لقوله تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَآءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) ، فشرط في التيمم عدم الماء ، (و)كذلك إذا (تَعَذَّرَ عليه استعماله) لشدة مَرَضٍ أو حَرٍّ أو بَرْدٍ جاز له التيمم ، لقوله تعالى: (وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلى التَّهْلُكَةِ) [البقرة: 195] ، وقوله تعالى: (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ في الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج: 78] .

مسألة: (ولا يجوز إلا بالتراب الطاهر) ، لقوله تعالى: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) ، والطَّيِّبُ هو الطاهر.

مسألة: ولا يجوز أيضًا إلا بالتراب (الحلال) ، لمثل ما مضى في الماء المغصوب ، ولأن هذه الطهارةَ عبادةٌ ، واستعمالُ الحرام من التراب والماء معصيةٌ ولا يجوز أن تُؤدَّى به العبادة.

مسألة: (ويجب أن يكون التراب مما يَعْلَقُ باليد عند الضرب) ، لقوله تعـالى: (فامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) ، فاقتضى قولُه منه أن يَصِلَ بعضُه إلى الوجه واليدين.

مسألة: (ومن أراد التيممَ ضَرَبَ بيديه ضربةً على التراب فمسح بهما وجهه ، ثم ضرب بهما ضربة أخرى وفرَّج بين أصابعهما ومسح اليدَ اليمنى باليسرى واليدَ اليسرى باليمنى) .

وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّهُ ضَرَبَ بِيَدَيهِ ضَرْبَةً فَمَسَحَ بِهِمَا وَجهَهُ ، ثُمَّ ضَرَبَ بِهِمَا ضَرْبَةً أُخْرَى فَمَسَحَهُمَا ([56]) .

مسألة: (ولا يُصَلَّى بتيممٍ واحدٍ إلا فريضةٌ واحدة ونافلتها).

وذلك لما روي عن ابن عباس أنه قال: ((من السُّنَّةِ أن لا يُصَلَّى بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ إِلاَّ صلاَةٌ واحدةٌ))([57]) ، والسُّنة إذا أطلقت أفاد ذلك سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم تيمم للصلاة الأخرى .

وإنما قلنا: ونافلتُها ، لأن النافلَة تابعةٌ للفريضة فدخلت في حكمها .

مسألة: (ولا يتيمم للصلاة إلا في آخر وقتها)([58]).

فصـل: والعادم للماء يطلبه إلى آخر وقتِ الصلاة ، فإن لم يجده تيمم وصلى ، وكذلك العليل الذي يرجو زوال علته في وقت الصلاة ، لأنه في انتظار زوال عُذره بمنـزلة العادم ، وأصل ذلك ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ((يَتَلَوَّمُ([59]) الجُنُبُ إلى آخر الوقت: فإن وَجَدَ الماءَ اغتسل وصلى ، وإن لم يجدْهُ تيمم وصلى ، فإذا وجد الماء اغتسل ولم يُعِدْ)) ([60]).





باب الحيض والنفاس


مسألة: (أقلُّ الحيضِ ثلاثة أيام ، وأكثره عَشْرةُ أيام) ([61]) .

وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((أَقَلُّ مَا يَكُونُ الحَيْضُ فِي الجَارِيَةِ البِكْرِ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ ، وَأَكْثَرُ مَا يَكُـونُ مِنَ الْحَيضِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ ، فَإِذَا زَادَ الدَّمُ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَهْوَ استِحَاضَةٌ)) ([62]).

مسألة: (أقل الطهر عشرة أيام ، وأكثره لا حد له) ([63]).

والدليل على أنّ أَقَلَّهُ عشر هو أن قوله سبحانه: (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ) [البقرة: 222] يقتـضي أن الطُّهْرَ يَحْصُلُ بوقوع النَّقاء قليلاً كان أو كثيرًا ، غير أنا خصصنـا ما دون العشر بالإجماع على أنه ليس بطهر صحيح ، فبقيت العشر داخلة تحت النص ، ولأن ذلك مروي عن أمير المؤمنين عليه السلام وهو مأخـوذ بقوله في مثل ذلك ، لما روي عـن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((عليٌّ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ)) ([64]). قلنا: وأكثرُه لا حَدَّ له ، وهذا مما لا خلاف فيه.

مسألة: (وأكثر النفاس أربعون يومًا ، وأقله لا حَدَّ له) ([65]).

وذلك لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((تَقْعُدُ النُّفَسَاءُ أَرْبَعِيْنَ يَوْمًا ، إِلاَّ أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ)) ([66]).

مسألة: (والحائض والنُّفَسَاءُ والجُنُبُ لا يقرؤون القرآن ، ولا يَمَسُّونَ المصحف) ، لقوله تعالى: (لا يَمَسُّهُ إلاَّ الْمُطَهَّرُونَ) [الواقعة: 79] ، ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لاَ يَقْرَأُ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ القُرْآنَ )) ([67]). (و)كذلك فـ(لا يجوز لهم دخول المسجد) ، لما رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه مَنَعَ النفساءَ من دخول المسجد([68]).وحُكْمُ الحائضِ([69]) حُكْمُها في ذلك ، والجنب لاحِقٌ بهما ، لأن الحدث في الكل عَامٌّ ، فجرى الجميع مَجْرَى واحدٍ ، ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((أَلاَ إنَّ مَسْجِدِي حَرَامٌ عَلَى كُلِّ حَائِضٍ مِنَ النِّسَاءِ ، وَعَلَى كُلِّ جُنُبٍ مِنَ الرِّجَـالِ إِلاَّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْـلِ بَيْتِهِ: عَلَيٌّ ، وَفَاطِمَـةُ ، وَالْحَسَنُ ، وَالْحُسَيْنُ عليهم السلام)) ([70]). فيجب أن يكون حكم غيره من المساجد في ذلك كحكمه .

مسألة: (ولا يجوز لزوج الحائض والنفساء أن يأتياهما حتى يَطْهُرَا ويغتسلا) ، لقوله تعـالى: (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ) [البقرة: 222] ، وهـذا نَهْيٌ يوجب التحريمَ.







--------------------------------------------------------------------------------

[1] وعند الشافعية ستة: أخرجتْ الاستنجاء، والتسمية، وعند الأحناف أربعة: أخرجتْ النية، والاستنجاء، والتسمية، والترتيب، وجعلت ما استثنته من السنن إلا الاستنجاء فليس بشيء .

[2] شرح التجريد1/38، والشفاء 1/46، وأصول الأحكام خ، والبخاري رقم1، ومسلم رقم 1907، وأبو داود رقم 2201، والترمذي رقم 1647، وابن ماجه رقم 4227، والبيهقي 2/14.

[3] أمالي أبي طالب ص168، وشرح التجريد 1/38، والشفاء 1/46، والاعتصام 1/170، وأصول الأحكام، ومسند الفردوس رقم 7908.

[4] المسند ص72، والأمالي1/46، وشرح التجريد 1/33، وأصول الأحكام، والاعتصام1/ 199.

[5] الشفاء 1/35، والاعتصام 1/251، و الترمذي رقم113، وأبو داوود رقم236، والبيهقي 1/168، ومسند أحمد رقم26238.

[6] شرح التجريد1/34، وأصول الأحكام، والاعتصام 1/200، والترمذي رقم19 بلفظ: ((مرن ازواجكن أن يستطيبوا بالماء فإني أستحييهم، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يفعله)) ، والنسائي بنفس اللفظ رقم46 ، ومسند ابي يعلى رقم 4514، وابن حبان رقم 1443، والمصنف لابن أبي شيبة 1/142، والبيهقي 1/106، ومسند إسحـاق بن راهويه 3/ 1379، ومسند أحمد رقم 26053.

[7] وعند الشافعية والحنفية أن المضمضة والاستنشاق من السنن .

[8] الأمالي 1/29، وأصول الأحكام، والاعتصام 1/204، وأبو داود رقم111، ومسند أحمد رقم998، 1027، 1197، بألفاظ مقاربة.

[9] شرح التجريد1/40، وأصول الأحكام، والاعتصام 1/205، والبخاري رقم162، وأبو داوود رقم245، وابن ماجه رقم 404 عن علي عليه السلام بلفظ: ((إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضأ فمضمض ثلاثًا واستنشق ثلاثًا من كف واحد)). وسنن النسائي رقم11، والبيهقي 1/48.

[10] الشفاء 1/50، والاعتصام 1/210، وفي أصول الأحكام، والدار قطني 1/83، وشرح التجريد1/42 بلفظ: ((إذا توضأ يدير الماء على مرفقيه)).

[11] وعند الشافعية ولو شعرة ، والحنفية ربع الرأس، وجعلت تعميمه ومسح الأذنين من السنن.

[12] الأمالي 1/36 بلفظ مقارب، والشفاء1/54، والبخاري رقم 434، بلفظ: ((أنه إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه))، وابن ماجه رقم 183، وأبو داود رقم 122، بلفظ مقارب.

[13] شرح التجريد 1/140، والاعتصام 1/205، وأصول الأحكام، والترمذي رقم37، وابن ماجه رقم443 بلفظ: ((والأذنان من الرأس)). وكذلك أبو داود رقم134، وسنن النسائي 1/86 .

[14] شرح التجريد 1/46، والأحكام 1/55 بمعناه، والشفاء 1/59، وأصول الأحكام، وشرح معاني الآثار 1/41، وفتح الباري 1/240 بلفظ: ((كان يغسل رجليه في الوضوء سبع مرات))، والطبراني في الكبير 24/270 رقم684.

[15] الأمالي 1/35، وشرح التجريد 1/46، والاعتصام 1/211، وكذلك أصول الأحكام، والشفاء 1/59، والنسائي رقم111 .

[16] الأمالي 1/61، وشرح التجريد 1/45، وأصول الأحكام، والشفاء 1/59، وأبو داود رقم173، وابن ماجه رقم665، والبيهقي 1/70، والدار قطني 1/108، ومجمع الزوائد 1/241، بألفاظ مقاربة.

[17] الأمـالي1/30 بلفـظ: ((لا وضـوء لمن لم يذكر اسم الله))، وشرح التجريد 1/51، وأصول الأحكام، والشفاء 1/61، وأبو داود رقم101بلفظ: ((لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه))، ومثله ابن ماجه رقم398، والبيهقي1/41، والدار قطني 1/72.

[18] شرح التجريد 1/47، والشفاء 2/40، ومسلم رقم1218، وفتح الباري رقم1566، وابن حبان رقم3944، والبيهقي 5/93، وسنن الدارمي رقم1850، والترمذي رقم862، وابن ماجه رقم3074، وأبو داود رقم1905.

[19] الترمذي رقم 48 عن أبي حيَّة قال: ((رأيت عليا توضأ فغسل كفيه حتى أنقاهما))…الخ ، ومثله في سنن أبي داود رقم 116.

[20] الأمالي 1/56، وشرح التجريد 1/52، وأصول الأحكام، والاعتصام 1/225، والشفاء 1/68، وفي الاتحافات السنية 2/365 بلفظ: ((من توضأومسح على عنقه وُقي الغل)).

[21] شرح التجريد 1/43، والاعتصام 1/221، وأصول الأحكام، والشفاء 1/60، ورواه ابن ماجه عن أبي بن كعب رقم420 بلفظ مقارب، وورد المعنى في المستدرك 1/251 رقم533، والترمذي رقم45 .

[22] جعلتها الشافعية خمسة أيضا ولكنها جعلت من جملة النواقض لمس الرجل زوجته بغير حائل وكذلك مس الفرج ولم تذكر الدم ولا القيء ولا كبائر العصيان.

[23] شرح التجريد 1/54، وأصول الأحكام كما في الاعتصام 1/234، والشفاء 1/73 ، ونصب الراية1/44 .

[24] شرطت الشافعية والحنفية بالنوم أن يكون النائم غير مُمَكِّنٍ مقعدته من الأرض .

[25] الأمالي 1/238، وشرح التجريد 1/56، والشفاء 1/75، والاعتصام 1/235، وأصول الأحكام، ورواه ابن ماجه رقم477، وأبو داود رقم203 كلاهما عن علي عليه السلام بلفظ: ((وكاء السه العينان فمن نام فليتوضأ))، والطبراني في الكبير 19/372 رقم875، والبيهقي 1/118.

[26] لم تجعله الحنفية من النواقض .

[27] شرح التجريد 1/57، والشفاء 1/78، وأصول الأحكام، والاعتصام 1/238، والمهذب 1/102 بمعناه .

[28] في (ب) بزيادة: ((وعند أبي حنيفة والشافعي أن المعاصي لا تنقض الوضوء)). وهو قول زيد بن علي عليه السلام والظاهر من مذهب المؤيد بالله عليه السلامý. شرح الأزهار 1/99.

[29] شرح التجريد 1/95، والاعتصام 1/267 ، وأصول الأحكام ، والشفاء 1/173، والبخاري رقم314، وابن ماجه رقم626، وأبو داود رقم285، والنسائي رقم201، ومسند أحمد 6/83، والبيهقي 1/170، وشـرح معـاني الآثار 1/102، وسنن الدارمي 1/219، وسنن النسائي 1/110، وفي رواية: فذري الصلاة أيام أقرائك. والمرأة هي فاطمة بنت أبي حبيش.

[30] الأمالي 1/179، والدار قطني عن عمر رقم74، والأحكام للإمام الهادي عليه السلام 1/75، والاعتصام 1/272، وقد روي هذا الحديث عن أم سلمة، والترمذي رقم139، وأبو داود رقم311.

[31] في(أ) والدليل على وجوبه.

[32] عند الحنفية من مسنونات الغسل .

[33] شـرح التجريد 1/70، والشفاء 1/98، وأصول الأحكام، والترمذي 1/178، وأبو داوود رقم248، وابن ماجه رقم597، والبيهقـي 1/179، وكنـز العمال رقم27379.

[34] المسند ص90، والشفاء 1/98.

[35] شرح التجريد 1/71، وأصول الأحكام، والشفاء 1/99، ومصنف ابن أبي شيبة 2/69 بلفظ: ((إن عليا كان يتوضأ بعد الغسل)) .

[36] شرح التجريد 1/73، والاعتصام 1/255، وأصول الأحكام، والترمذي رقم479، وابن ماجه رقم 1091، والبيهقي 1/295، والطبراني في الكبير 7/199 رقم 6818، و أحمد في مسنده رقم20197، وأبو داوود رقم354، وسنن النسائي 3/92، وابن ماجه رقم1091، والنسائي رقم1684، والبيهقي 3/190، وشرح معاني الآثار 1/119.

[37] الشفاء،1/434، ونصب الراية 1/85.

[38] وزادت الشافعية غسل الكسوفين وغسل الاستسقاء .

[39] شرح التجريد 1/74، وأصول الأحكام، وابن خزيمة رقم2594 بلفظ: ((اغتسلي واستنثري ثم أهِلِّي وأحرمي))، والنسائي 5/164، والدارمي 2/48، وكنـز العمال ج5 رقم12318، وابن ماجه رقم3074.

[40] البخاري رقم1498،1499، ومسلم رقم1229، وأبو داود رقم1865، وسنن النسائي رقم4240.

[41] الشفاء 1/144، والاعتصام 1/190 بلفظ: ((إن الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلبه على ريحه أو طعمه أو لونه)) وسنن الترمذي رقم66، وابن ماجه رقم520، وأبو داود رقم66، والبيهقي 1/4، والدار قطني 1/29.

[42] المسند ص85، وشرح التجريد 1/10، وأصول الأحكام، والاعتصام 1/192، والنسائي1/173، وابن ماجه رقم520، والبيهقي1/258، والترمذي رقم66.

[43] شرح التجريد 1/19، وأصول الأحكام، ومجمع الزوائد 1/220، وأبو داوود رقم103، ومسلم رقم278، والنسائي رقم1.

[44] البيهقي 8/182، وفتح الباري 3/283، ومسند أحمد رقم20714، والدار قطني 1/26، 6/100، ومجمع الزوائد 4/174.

[45] شرح التجريد 1/59 بلفظ: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل))، وأصول الأحكام، والشفاء 1/142. وقد جاء من عدة طرق منها عن الحكم بن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة. أخرجه أبو داود رقم82، والترمذي رقم64،63، وابن ماجه رقم373، والبيهقي 1/191.

[46] شرح التجريد 1/24، وأصول الأحكام، والاعتصام 1/173 بلفظه، والشفاء 1/104، وابن عدي 2/98، والبيهقي 1/14، وسنن الدار قطني 1/127 رقم 1، ومسند أبي يعلى رقم1611.

[47] شرح التجريد 1/34، والشفاء 1/105، وفي ص36 بلفظ: ((إنها ركس))، والاعتصام 1/174، وأصول الأحكام، والترمذي رقم17، وابن ماجه 1/114، والنسائي رقم38 .

[48] المسند ص59، وشرح التجريد 1/22، وأصول الأحكام، والشفاء 1/139، وأخرج الدار قطني 1/128 قال: ((ما أكل لحمه فلا بأس ببوله))، والترمذي رقم72 بلفظ: ((لا بأس ببول ما يؤكل لحمه)). والمستدرك 1/263 رقم566 بلفظ: ((أن الماء إذا خالطه فرث ما يؤكل لحمه لم ينجسه)). والبيهقي 1/252 بلفظ: ((لا بأس بأبوال ما أكل لحمه))، وروى شرح معاني الآثار 1/110 بلفظ: ((قال كل ما أكل لحمه فلا بأس ببوله)).

[49] استثنت الشافعية الموتى من البشر.

[50] شرح التجريد 1/27، والشفاء 1/120، وأصول الأحكام ، والاعتصام 1/184، وفتح الباري رقم5211.

[51] شرح التجريد 1/9، والشفاء 1/116، وأصول الأحكام، والأحكام للهادي 2/409، والاعتصام 1/180، والبخاري رقم4087، والترمذي 4/291 ، وابن ماجه رقم3401، ومسلم رقم1733.

[52] واستثنت الحنفية شعره .

[53] شرح التجريد 1/18، وأصول الأحكام، والشفاء 1/110، والاعتصام 1/183، ومسلم رقم 280، وأبو داود رقم 73، وابن ماجـه رقم365، والبيهقي 1/241، والدار قطني 1/65، وابن حبان رقم 1298، وشـرح معاني الآثار 1/21.

[54] وعند الشافعية والحنفية أنه طاهر.

[55] المسند ص86، وشرح التجريد 1/83، وأصول الأحكام، والشفاء 1/159، والاعتصام 1/261،والترمذي رقم144، والمستدرك 1/287 رقم634، والطبراني في الكبير 1/298 رقم875، والبيهقي1/207.

[56] في شرح التجريد 1/84 ضرب بيده على الجدار ثم مسح وجهه ثم ضرب ضربة لأخرى فمسح يديه. وروي مثله عن عمار بن ياسر حين تيمموا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وانظر ابن ماجه رقم571.

[57] الأمـالي 1/164 عـن جعفر عن أبيه قال: مضت السنة أن لا يصلي المتيمم إلا صلاة واحدة ونافلتها. وشـرح التجريد 1/80، والشفاء 1/160، وأصول الأحكام، والاعتصام 1/261، والطبراني في الكبير 11/72 رقم11050، والبيهقي1/221، والدار قطني 1/185.

[58] عند الشافعية جائز أول الوقت .

[59] تلوم في الامر تمكث وانتظر .

[60] المسند ص86 في معناه، والأمالي 1/153، وشرح التجريد 1/79، وأصول الأحكام، والاعتصام 1/262، والبيهقي 1/233 بلفظ: ((إذا أجنب الرجل في السفر تَلَوَّمَ ما بينه وبين آخر الوقت فإن لم يجد الماء تيمم وصلى))، وكذلك في سنن الدار قطني 1/186.

[61] وأقله عند الشافعية يوم وليلة واكثره خمسة عشر يومًا بلياليها .

[62] قال أبو خالد في المسند: ((سمعت زيدًا عليه السلام يقول: أقل الحيض ثلاثة أيام، وأكثره عشرة أيام)) ص89، والأمـالي 1/165، وشـرح التجريد 1/90، والشفاء 1/165، وأصول الأحكام، والاعتصام 1/264، والطبراني في الأوسـط 1/189 رقم599 عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((أقل الحيض ثلاث وأكثره عشر)). وانظر مجمع الزوائد 1/280، وفتح الباري رقم8430، والترمذي رقم128، وسنن الدار قطني 1/218، ونصب الراية 1/191.

[63] أقل الطهر عند الشافعية خمسة عشر يومًا.

[64] أمالي أبو طالب ص55، والترمذي رقم3714 بلفظ: ((رحم الله عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار))، والمستدرك على الصحيحين 3/134 رقم4629، ومسند أبي يعلى رقم 550، وابن عساكر في ترجمته 3/153 رقم1172، والخطيب 14/321 عن أم سلمة، ومجمـع الـزوائد 7/235، والبزار 2/173 رقم1638 عن سعد بن أبي وقاص .

[65] وعند الشافعية بأن النفاس يمتد إلى ستين يوما.

[66] الأمالي 1/174، وشرح التجريد 1/99، والشفاء 1/181، والاعتصام 1/272، والأحكام 1/75، وأصول الأحكام، وابن ماجه رقم649 بلفظ: ((كان صلى الله عليه وآله وسلم وقت للنفساء أربعين يوما إلا أن ترى الطهر))، ومثله في سنن الدار قطني 1/220.

)[67] شرح التجريد 1/97، وأصول الأحكام، والاعتصام 1/256، والترمذي رقم131، وابن ماجه رقم596، والبيهقي 1/89 .

[68] في شرح التجريد 1/97 ((أنه أمر أسماء بنت عميس حين نفست بمحمد بن أبي بكر أن تفعل جميع ما يفعله من غير دخول المسجد الحرام))، ومثله في أصول الأحكام، وكذلك في الشفاء 1/168.

[69] في (أ،ب): مسألة: وحكم الحائض…الخ .

[70] البيهقي 7/65 ، وتلخيص الحبير3/136رقم1462 بلفظ: ((إن هذا المسجد لايحل لجنب ولا حائض)).
قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت و يطهركم تطهيرا)
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي ولفاطمة وحسن وحسين(اللهم هؤلاء اهل بيتي فأذهب عنهم الرجس)
اللهم صلي على محمد وآل محمد

عصام البُكير
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 241
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 12:21 am
مكان: اليمن - صنعاء

مشاركة بواسطة عصام البُكير »

كتاب الصلاة :


باب أوقات الصلاة


مسألة: (أوقات الصلاة ضربان: وقت اختيار، ووقت اضطرار)، وتفصيل ذلك يأتي في أثناء المسائل.

مسألة: (فوقت الاختيار للظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظِلُّ كل شيء مثله سوى فَيْء الزوال وهو ما يبقى عند الزوال من ظِلِّ أول النهار. ويعرف زوال الشمس بزيادة الظل بعد تناهيه في النقصان).

والدليل على ذلك قول الله سبحانه: ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الْلَيْلِ ) [الإسراء: 78] ودلوكُها هو زوَالُها؛ ولما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ((نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين زالت الشمس فأمره أن يصليَ الظهر، ثم نزل جبريل عليه حين كان الفيءُ على قامة فأمره أن يصلي العصر، ثم نزل عليه حينَ وَقَعَ قرصُ الشمسِ، فأمره أن يصلي المغرب، ثم نزل عليه حين وَقَعَ الشَّفَقُ فأمره أن يصلي العشاء، ثم نزل حين طلع الفجر فأمره أن يصلي الفجر، ثم نزل عليه من الغد حين كان الفيء على قامة من الزوال فأمره أن يصلي الظهر، ثم نزل عليه حين كان الفيء على قامتين من الزوال فأمره أن يصلي العصر، ثم نزل عليه حين وقع الشَّفَقُ فأمره أن يصلي المغرب، ثم نزل عليه بعد ذهاب ثلث الليل فأمـره أن يصلي العشاء، ثم نزل عليه حين أسفر الفجر فأمره أن يصلي الفجر، ثم قال: يا رسول الله ((مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَقْتٌ)) ([1])؛ فاقتضى هذا الخبرُ أن وقت الاختيار للظهر ممتدٌّ من الزوال إلى أن يصير ظِلُّ كل شيء مثله؛ لقوله: ((مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَقْتٌ)) .

مسألة: (ومن ذلك الحد وقت الاختيار للعصر إلى أن يصير ظلُّ كل شيء مثليه سـوى فَيءِ الزوال).

والدليـل على ذلك ما في الخبر المتقدم: أن جبريل عليه السلام أمـر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بصلاة العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله، وأمره بها في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثليه وقال: ((مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَقْتٌ))؛ فاقتضى ذلك أن وقت الاختيار للعصر ممتد في ما بين هذين الوقتين.

مسألة: (ومن زوال الشمس إلى غروبها وقت لأهل الاضطرار للظهر والعصر للمسافر والمريض والمشغول ببعض الطاعات).

والدليـل على ذلك قوله تعالى: ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ الْلَيْلِ ) [الإسراء: 78]؛ فاقتضى هذا الظاهر أن من زوال الشمس إلى غسق الليل وقتًا لكل صلاة؛ لأن الصلاة اسمُ جنسٍ مُعَرَّفٌ بالألف واللام؛ فدخل تحته كلُّ ما تناوله هذا الاسم إلا ما خصه الدليل؛ فيكون من زوال الشمس إلى غروبها وقت لصلاة الظهر والعصر؛ لأن ما عداهما من الصلوات قد خرج بالإجماع .

وقلنا: إنه وقت اضطرار؛ لأن الإجماع واقع على أنه ليس بوقت اختيار.

مسألة: (ووقت الاختيار للمغرب إذا رأى كوكبًا صغيرًا من كواكب الليل إلى أن يذهب الشفق وهو الحمرة التي تكون في المغرب، ولا يتحقق غروب الشمس عندنا إلاّ برؤية كوكب صغير هذا حاله عند زوال الموانع) . والدليل على ذلك ما روي عن أبي بصرةَ الغفاري ([2]) أنه قال: صلى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم المغرب فقال: ((إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ عُرِضَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوهَا؛ فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا أُوتِيَ أجْرَهُ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ صَلاَةَ حَتَّى يَطْلُعَ الشِّهَابُ))([3]). وعلى هذا الوجه يُحْمَلُ ما في الخبر من التوقيت بوقوع القرص؛ لأن الـمراد به مغيبُ الشمس، وقد ذكرنا أنه لا يتحقق إلا بظهور كوكب من كواكب الليل . وإنما اعتبرنا أن يكون من كواكب الليل؛ لأن من الكواكب ما يُرَى بالنهار قبل غروب الشمس؛ فلا يعتبر به في دخول وقت هذه الصلاة.

وإنما قلنا: إن وقتها ممتد إلى ذهـاب الشفق ؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يجمع بين المغرب والعشاء بعد ما يَغِيبُ الشفق إذا كان يسير في سفر([4]) .

مسألة: (ومن ذلك الحد وقت الاختيار للعشاء الآخرة إلى ذهاب ثلث الليل).

والدليل على ذلك ما في الخبر أنه صلى الله عليه وآله وسلم أُمِرَ بصلاة العشاء في الليلة الأولى حين وقع الشفق، وفي الليلة الثانية بعد ذهاب ثلث الليل، ثم قال: ((مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَقْتٌ))؛ وهذا يقتضي أن وقتها ممتد فيما بين هذين الوقتين.

مسألة: (والليل كلُّه وقتُ الاضطرارِ للمغرب والعشاء الآخرة) .

والدليل عليه ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ جَمِيْعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ جَمِيْعًا مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ سَفَرٍ )) ([5]) وعن ابن عباس أنه قال: ربما جمع صلى الله عليه وآله وسلم بين المغرب والعشاء بالمدينة([6]). وهذا يقتضي جواز الجمع على الإطلاق في حال الإقامة للمختار والمضطر جميعًا، إلا أنا أخرجنا المختار بالإجماع؛ فبقي المضطرُّ داخلاً تحت هذا الدليل.

مسألة: (ووقت صلاة الفجر من طلوع الصبح إلى قبل طلوع الشمس).

والدليل على ذلك ما في الخبر المتقدم: ((أَنَّ جِبْرِيْلَ عليه السلام أَمَـرَ النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم بِصَلاَةِ الفَجْرِ فِي اليَومِ الأَوَّلِ حِيْنَ طَلَعَ الفَجْرُ، وَفِي اليَومِ الثَّانِي حِيْنَ أَسْفَر، وقال: مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَقْتٌ)) ؛ فاقتضى ذلك أن وقتها ممتد فيما بين هذين الوقتين. وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا))([7]).

فصـل: وتقديم الصلاة في أول أوقاتها أفضل للمقيم المتمكن من ذلك؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((أَفْضَلُ الأَعْمَالِ الصَّلاَةُ لأَوَّلِ وَقْتِهَا)) ([8]). وفي بعـض الأخبار ((أَوَّلُ الوَقْتِ رِضْوَانُ اللهِ، وَأوْسَطُهُ رَحْمَةُ اللهِ، وَآخِرُهُ عَفْـوُ اللهِِ )) ([9]). وهذا يقتضي فضيلةَ التقديم وكراهة التأخير. وكذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ أَئِمَّةٌ بَعْدِي يُمِيتُونَ الصَّلاَةَ كَمِِيْتَةِ الأَبْدَانِ، فِإِذَا أَدْرَكْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا الصَّـلاَةَ لِوَقْتِهَا، وَلْتَكُنْ صَلاَتُكُمْ مَعَ القَومِ نَافِلَةً؛ فَإِنَّ تَرْكَ الصَّلاَةِِ عَنْ وَقْتِهَا كُفْرٌ )) ([10]).





باب فرائض الصلاة




مسألة: (فروض الصلاة عشرة: أولها:النيةُ([11]) متقدمةً على التكبيرة، أو مخالطةً لها). ومعناها أن يَقصِدَ الصلاة بقلبه ظُهْرًا أو عصرًا أو غير ذلك.

والدليل على وجوبها ما تقدم في نية الطهارة من قوله سبحانه: ( وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) ومن قـوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى)) على ما تقدم من وجوه الاستدلال بذلك، ولا خلاف في وجوب النية فيها، والإجماع آكَدُ للدلالة.

وإنما قلنا: يجب أن تكون متقدمةً على التكبيرة أو مخالطة لها؛ لأن التكبيرةَ أولَُ الصلاة فيجب أن تقارنها النية أو تتقدم عليها حتى لا يقع شيء من الصلاة بغير نِيَّة.



مسألة: (والثـاني: تكبيرة الإحرام) .

والدليـل على وجوبها قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((تَحْرِيْمُهَـا التَّكْبِيْرُ، وَتَحْلِيْلُهَا التَّسْلِيْمُ ))([12])، وقـوله صلى الله عليه وآله وسلم لمن عَلَّمه الصلاة([13]): ((ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَقُـلْ: اللهُ أَكْبَرُ))([14])؛ والأمر يقتضي الوجوب؛ ولأن الإجماعَ منعقدٌ على وجوبها.

مسألة: (والثالث: قراءةُ فاتحة الكتاب وسورة معها، أو ثلاث آيات) .

والدليل على ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((مِفْتَاحُ الصَّلاَةِ الطَّهُورُ، وَتَحْرِيْمُهَا التَّكْبِيْرُ، وَتَحْلِيْلُهَا التَّسْلِيْمُ، وَلاَ تُجْزِيءُ صَلاَةٌ لاَ يُقْرأُ فِيْهَا فَاتِحَةُ الكِتَابِ وَقُرْآنٌ مَعَهَا)) ([15]) ومَنْ فَعَلَ ذلك مرةً واحدةً في صلاته فقد أجزأه وخرج عن عُهدة ما وجب عليه في ذلك .

مسألة: (والرابع: الجهرُ بالقراءة في صلاة المغرب والعشاء الآخِرةِ والفجر، والمخافتةُ بالقراءة في صلاة الظهر والعصر) ([16]).

والدليل على ذلك ما روي عـن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يجهر في موضع الجهر من ذلك ويخافت في موضع المخافتة على ما ذكرنا؛ وفِعْلُه عليه السلام بيان لمُجْمَلٍ واجبٍ فوجب اتباعه([17])؛ وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)) ([18])؛ فأمر بمتابعته؛ والأمرُ يقتضي الوجوبَ.

مسألة: (والخامس: القيام في حال القراءة وبعد كل ركوع).

والدليل على وجوبه في حال القراءة ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ )) ([19])، ولأن الإجماعَ منعقدٌ على وجوبه .

والدليل على وجوبه بعد كل ركـوع قوله صلى الله عليه وآله وسلم لمن علَّمه الصلاة: ((ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قائمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا )) ([20])؛ فأَمَرَهُ بالقيام؛ والأَمْرُ يقتضي الوجوب.

مسألة: (والسـادس: الركوع).

والدليـل على وجوبه قوله تعـالى: ( ارْكَعُوا واسْجُدوا ) [الحج: 77]، ولا خلاف أنه لا يجب الركوعُ في غير الصلاة؛ فكان مقتضيًا لوجوبه فيها؛ ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم لمن علمه الصلاة: ((ثم ارْكَعْ حَتَّى تطمئنَّ راكعًا)) ، ولأنه مما قـد انعقد الإجماع على وجوبه.

مسألة: (والسابع: السجود).

والدليل على وجوبه ما في الآية من قوله تعالى: ( ارْكَعُوا واسْجُدُوا ). وما في الخبر من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا)) . وهذا الخبر كما يدل على وجوب الركوع والسجود فإنه يدل أيضًا على وجوب الطمأنينة فيهما؛ ولأنه مما قد انعقد الإجماع على وجوبه.

مسألة: (والثامن: القعود بين كل سجدتين وفي التشهد الأخير).

والدليل على وجوبه بين كل سجدتين ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال للذي عَلّمَـه الصلاة: ((ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ، ثُمَّ اجْلِِسْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا)) ([21]) ، ولمـا روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: ((أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ وَهْوَ يُكَبِّرُ مَعَ رَفْعِهِ، ثُمَّ يَسْتَوي قَاعِدًا وَيَفْرِشُ رِجْلَهُ اليُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا، فَإِذَا اطْمَأَنَّ عَلَى قَدَمِهِ اليُسْرَى قَاعِدًا كَبَّرَ وَسَجَدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ؛ يَبْتَدِئُ بِالتَّكْبِيْرَةِ قَاعِدًا ثُمَّ يُتِمُّها سَاجِدًا )) ([22])؛ وهـذا منه صلى الله عليه وآله وسلم بيانٌ لمجملٍ واجب فكان اتباعُه واجبًا؛ ولأنه قال: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي))؛ فثبت وجوبُ ذلك.

والدليل على وجوب القعود في التشهد الأخير ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنْ آخِرِ السَّجْدَةِ وَقَعَدتَّ فَقَدْ تَمَّتْ صَلاَتُكَ )) ([23]). فعلَّق تمامَ الصلاة بالقعود فثبت وجوبُه من حيث كان تمامًا للواجب.

مسألة: (والتاسع: التشهد الأخير مشتملاً على الصلاة على النبي وآله).

والدليل على وجوب التشهد ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لاَ صَلاَةَ إِلاَّ بِالتَّشَهُّدِ)) ([24]) . والمختار منه عندنا أن يقول([25]): بِاسْمِ اللهِ وباللهِ والحمدُ للهِ والأسماءُ الْحُسْنَى كُلُّها للهِ أَشْهَدُ أن لا إلهَ إلا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صَلِّ على مُحَمَّدٍ وعلى آلِ مُحَمَّدٍ، وباركْ على مُحَمَّدٍ وعلى آلِ مُحمَّدٍ كما صليتَ وباركتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ.

والوجه في اختيار ذلك ما رُوي عن جابر بن عبدالله أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن ((باسم الله وبالله))([26]). وكل من اختار الابتداء بذلك اختار تمامه كما ذكرنا.

والدليل على وجوب الصلاة على النبي وآله ما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم من قوله: ((لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ )) ([27]). ورُوي أنه قيل له: يا رسول الله لو علمتنا كيف نصلي عليك؟ فقال: ((قل: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيْـمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيْمَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْـتَ عَلَى إِبْرَاهِيْـمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيْمَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ))([28]). فثبت بذلك وجوبُ الصلاة عليه وعلى آله في الصلاة.

مسألة: (والعاشر: التسليم على الملَكين) ([29]) وهو تسليمتان على اليمين والشمال.

والدليل على وجوبه ما روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم سلَّم عن يمينه وعن يساره: ((أَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله،ِ أَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ))([30])؛ وفِعْلُه لذلك بيان لمجمـل واجب فكان اتباعُه واجبًا، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم : ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)) ، وإنما قلنا: يقصِدُ به الملكين وذلك واجب إن كان وحدَه، فإن كان في صلاة جماعة قَصَدَ به الملكين ومَنْ مَعَهُ من المسلمين .

ويدل على ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( إِنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَخِيْهِ عَنْ يَمِيْنِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ: أَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، أَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ)) ([31]) . وهذا يشتمل على الحفظة من الملائكة، ومن كان معه من المسلمين، ولا يكون مُسَلِّمًا عليهم إلا بأن يقصدهم بالتسليم.

مسألة: (والأذان والإقامة من فروض الكفايات) ([32])، فمتى قام بهما البعض في البلد أو القرية سقط عن البعض الآخر.

والدليل على وجوبه على الكفاية ما ثبت من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمر بلالا وغيره من المؤذنين بالأذان والإقامة؛ فثبت وجوبهما، ولَمَّا كان الكافة يكتفون بأذان المؤذن وإقامته ثبت أنهما واجبان على الكفاية. وهو خمس عشرة كلمة، يقول المؤذن: اللهُ أَكْبَرُ، الله أَكبر، أشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ الله، أشْهَدُ أن لا إلهَ إلاَّ الله، أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ، أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ الله، حَيَّ على الصلاةِ، حيَّ على الصلاةِ، حَيَّ على الفلاحِ، حيَّ على الفلاح، حَيَّ على خيرِ العملِ، حيَّ على خيرِ العمل، الله أَكْبَرُ، الله أكبَرُ، لا إلهَ إلا الله.ُ والإقامة كذلك إلا أنه يزيد في الإقامة بعد قوله: حيَّ على خير العمل، قد قامت الصلاة مرتين، فتكون الإقامة سبع عشرة كلمة.

وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه عَلَّم المؤذن الأذان كذلك مثنى مثنى . وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ((الأَذَانُ مَثْنَى مَثْنَى ، وَالإِقَامَةُ مَثْنَى)) ([33]) .

فصـل: والتأذين بحي على خير العمل مذهب الجماعة من علماء أهل البيت عليهم السلام، ومن جملة ما رووه في ذلك عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((اعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمْ الصَّلاَةُ)) ([34]) . فَأَمَرَ بلالاً أن يؤذن بحي على خير العمل([35]).

وفي الدعاء بين الأذان والإقامة فضل عظيم؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((الدُّعَاءُ بَيْنَ الأَذَانِِ وَالإِقَامَةِ لاَ يُرَدُّ)) ([36])
.




باب سنن الصلاة


مسألة: (وَسُنَنُها خمسة أمور: أحدها: التوجه قبل التكبيرة) ([37])، وهو أن يَتَعَوَّذَ بعد الإقامة([38])،ثم يقول: وجَّهْتُ وجهيَ، للذي فَطَرَ السمواتِ والأرضَ حنيفًا مُسْلِمًا وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي ونُسُكِيْ ومَحْيَايَ ومماتيْ للهِ ربِّ العالمين، لا شَرِيكَ له وبذلك أُمِرْتُ وأنا من المسلمين، الحمدُ لله الذي لم يتَّخِذْ ولـدًا ولم يكن له شريكٌ في المُلْكِ، ولم يَكُنْ له وليٌّ من الذُّلِّ. ثم يُكَبِّر تكبيرةَ الإحرام .

وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يقول ذلك عند الافتتاح إلى قوله: ((وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ)) ([39]). ومثله عن أمير المؤمنين عليه السلام .

فأمـا قوله بعد ذلك: ((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا)) إِلى قَولِه:ِ ((وَليٌّ مِنْ الذُّلِ))؛ فَوَجْهُ ذلك الآيةُ إلى قوله: ((وَكَبِّرْهُ تَكْبِيِرًا))، فَأَمَرَ بذلك قبل التكبير فاقتضى تقديمه عليه، وكان الظاهر من الأمر به يقتضي وجوبه غير أنا عدلنا عنه بدلالة الإجماع، فإنهم لم يختلفوا في أنه ليس بواجب؛ فثبت كونه مندوبًا.

والوجه في تقديم التوجه على التكبيرة ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يَفْتَتِحُ الصلاةَ بالتكبير والقراءةِ بالحمد لله رب العالمين ([40]). وهذا يقتضي أنه كان يجمع بينهما ولا يقطع بينهما ذِكْرٌ سواهما.

مسـألة: (والـثاني: التسبيح في الركوع والسجود). فيقول في ركوعـه:سبحانَ اللهِ العظيمِ وبحمدِه ثلاثًا، وفي سجوده: سبحانَ اللهِ الأعلى وبحمده ثلاثًا.

وذلك لما روي عـن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِيْ إِحْدَاهُمَا: ( تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا ) [الفرقان: 60] حَتَّى يَخْتِمَ السُّورَةَ، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَولَ سُورَةِ الْمُؤْمِنِيْنَ حَتَّى يَبْلُغَ ( فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) [المؤمنون: 14]، ثُمَّ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ اللهِ العَظِيْمِ وَبِحَمْدِهِ ثَلاَثًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ سُبْحَانَ اللهِ الأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ فِي سُجُودِهِ، أَعْطَاهُ اللهُ كَذَا وَكَذَا)) ([41]) . فلما خص صلى الله عليه وآله وسلم هذا التسبيحَ بمزية الفضيلة قلنا باستحبابه ولم نقل بوجوبه وإن كان الأمرُ به قد ورد في بعض الآيات والأخبار؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال للذي علمه الصلاة: ((ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا))؛ ولم يأمره بالتسبيح ثم قال له: فَإِذَا فَعَلْتَ هَذَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلاَتُكَ؛ فلما لم يأمره بالتسبيح وأخبره أن صلاته تتم بدونه دل على أنه ليس بواجب.

مسألة: (والثالث: التشهد الأوسط).

والدليل على استحبابه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يَفْعَلُهُ في صلاته، وقد قال: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)) .

ويدل على أنه ليس بواجب ما رَوَوْا أنه صلى الله عليه وآله وسلم تركه في بعض الحالات ساهيًا فلم يرجع إليه وَسَجَدَ لسهوه([42])، فلو كان واجبًا لعاد إليه ولم يقتصر على سجود السهو. والتشهد الأوسط هو أن يقولَ: بِاسْمِ اللهِ وبِاللهِ إلى قوله: عبدُه ورسـولُه، كما تقدم ذكره، ثم يقوم إلى الثالثة وهو مروي عن أمير المؤمنين عليه السلام ([43]).

مسألة: (والرابع: القُنُوت) في صلاة الفجر وصلاة الوتر، وموضعه بعد الركوع([44]) في الثانية من الفجر والثالثة من الوتر، ولا يكون إلا بشيء من القرآن([45]) ويجهر به.

والدليل على أنه مشروع في الفجر ما روي عن أنس أنه قال: صليتُ مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاةَ الغداة فلم يزل يقنت حتى فارقته([46]).

ويدل على أنه مشروع في الوتر ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يقنت في الوتر والصبح، يقنت فيهما في الركعة الأخيرة حين يرفعُ رأسَه من الركوع([47])، وذلك أيضًا يدل على أنَّ موضعه بعد الركوع.

قلنا: ولا يكون إلا بشيء من القرآن؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إِنَّ صَلاَتَنا هَذِهِ لاَ يَصْلُحُ فِيْهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ، إِنَّمَا الصَّلاَةُ التَّسبِيْحُ وَالتَّحمِيْدُ وَالتَّكبِيْرُ وَقِرَاءَةُ القُرْآنِ )) ([48]). وموضع القنوت ليس بموضع لتسبيح ولا لتكبير؛ فيجب أن يكون موضعًا لقراءة القرآن.

قُلنا: ويجهر بالقنوت؛ لأن القنوت يكون بشيء من القرآن، والقراءةُ في هاتين الصلاتين مجهورٌ بها؛ فثبت الجهر بالقنوت، فإذا ثبت كون القُنُوت مشروعًا على هذا الوجه ثبت أنه سنة؛ لأنه لو كان واجبًا لَذَكَرَهُ النبيُ صلى الله عليه وآله وسلم للذي علَّمه الصلاةَ، فلما لم يذكره له وأخبره أن صلاتَه تتمُ بدونه دلَّ ذلك على أنه ليس بواجبٍ.

مسألة: (والخامس: ما يقوله المصلي عند النقل من التكبير وقولُه: سَمِعَ اللهُ لمن حَمِدَهُ، وقوله: ربنا لك الحمد).

أمـا التكبير فلما روي عـن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يكبر عند كـل رفع وخفض([49]). وأما قوله: سمع الله لمن حمده عند رفع رأسه من الركوع إذا كان إمامًا أو منفردًا، وقوله: ربنا لك الحمد إذا كان مأمومًا؛ فذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إِذَا قَالَ الإِمَامُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ))([50]) فبين صلى الله عليه وآله وسلم أن هذا الذِّكْرَ مقسومٌ بين الإمام والمأموم، فيجب أن يختص كلُّ واحد منهما بما يختصه من ذلك، وإذا ثبت ذلك في الإمام ثبت في المنفرد؛ لأنه لا إمام له أي حتى يقول: ربنا لك الحمد أي بل يقول: سمع الله لمن حمده؛ لأنه منفرد لا إمام له فيقول: ربنا لك الحمد .

مسألة: (والمصلي إذا قام من التشهد الأوسط فهو مخير بين قراءة الفاتحة وحدها، وبين التسبيح في باقي صلاته). والتسبيحُ هو أن يقولَ: سبحانَ اللهِ والحمدلله ولا إلهَ إلا اللهُ واللهُ أكبرُ: ثلاث مرات، واختار الهادي عليه السلام ([51]) التسبيحَ في هذا الموضع على القراءة مع أنه يرى أن القراءةَ جائزةٌ ومُجْزِيَةٌ([52]).

وذلك لما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يختار التسبيحَ في ذلك؛ ولم يكن ليختار إلا ما عَلِمَ أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يختاره وما هو الأولى عنده ([53]).

فصـل: واختار السيدُ المُؤيَّد بالله([54]) والناصر للحق([55]) عليهما السلام القراءةَ في ذلك على التسبيح؛ لأن القراءةَ أفضلُ وإن كان التسبيحُ جائزًا، وهو مذهب أبي حنيفة([56]).

ووجه ذلك أنه قد ثبت أن القراءة أفضلُ في غير هذا الموضع فتكون أفضلَ فيه أيضًا، وعند الشافعي أن القراءةَ واجبةٌ في كل ركعة، والتسبيحَ لا يجوز([57])؛ فقد حصل من هذا الاختلاف إجماعٌ على جواز القراءة وإِجْزَائِها فيكون المعتمد عليها أخْذًا بموضع الإجماع وهو أحوط.

فصـل: والمرأة في هذا كله كالرجل غيرَ أنها تَضَمَّمُ ما أمكنها، وتنتصب إذا رَكَعَت انتصابًا قليلاً، ولا تَنْكَبُّ حتى يستويَ ظهرُها كالرجل، وتَلْصَقُ بالأرض عند سجودها وقعودها ما أمكنها، ولا ترفع عَجِيْزَتَها من الأرض.

وذلك لما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ((إذا سجدت المرأةُ فَلْتَحْتَفِزْ وتَضُمَّ فخذيها))([58]).
قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت و يطهركم تطهيرا)
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي ولفاطمة وحسن وحسين(اللهم هؤلاء اهل بيتي فأذهب عنهم الرجس)
اللهم صلي على محمد وآل محمد

عصام البُكير
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 241
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 12:21 am
مكان: اليمن - صنعاء

مشاركة بواسطة عصام البُكير »

باب شروط الصلاة




مسألة: (وشروط الصلاة خمسة: أحدها: طهارة البدن من الحَدَثِ والنَّجَسِ).

أما الطهارة من الحدث فالمراد بها الوضوء والاغتسال أو التيمم على ما تقدم ذِكْرُ ذلك؛ فكل واحد منهما يسمى طهارة وقد تقدم الكلام في ذلك فلا وجه لإعادته، ولا خلاف في وجوب ذلك على الجملة.

وأما الطهارة من النجس فمما لا خلاف فيه أيضًا على الجملة.

وقـد دل على اشـتراط الأمـرين جميعًا قول الـنبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((لاَ صَلاَةَ إِلاَّ بِطَهُورٍ)) ([59]). واسمُ الطهور يتناول الطهارةَ من النجس، كما يتناول الطهارة من الحدث، وفي ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيْهِ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعًا)) ([60]). فَسَمَّى غسل النجاسة طهورًا، وكذلك سمى الترابَ طَهُورا بقوله: ((وجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا )) ([61]).

فصـل: والنجاسة ضربان: نجاسةٌ عينُها مرئية، وطهارتُها بأن تزولَ عينُها ثم تُغْسَلُ بعد ذلك غسلتين([62])؛ لأن جميعَ ما زالت به العينُ من الغَسْل يُعَدُّ في حكم الغَسلة الواحدة؛ لأن آخر ما زالت به النجاسة من الماء قد لاقى النجاسة، ثم يكون الماء عند الغسلة الثانية ملاقيًا لما لاقته النجاسة، ثم الماء الثالث يكون طـاهرًا؛ لأنـه المجاور الثالث فيجري مجرى الماء الثالث في غسل النجاسة التي لا تُرى عينُها.

والأصل في ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في دم الحيض : ((حُتِّيهِ ثُمَّ اقْرُصِيهِ ثُمَّ اغْسِلِيهِ)) ([63])، وإذا كانت عينها غير مرئية فطهارة موضعها بأن يغسل ثلاثًا .

وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إِذَا اسْتَيْقَظ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلاَ يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا ثَلاَثًا؛ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِيْ أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ)).

وقيل: إنما أَمَرَهم عليه السلام بذلك؛ لأنهم كانوا لا يأمنون مباشرة أيديهم لموضع الغائط أو البول منهم.

فصـل: ولا يجوز إزالةُ النجاسة عن الأبدان والثياب بشيء من المائعات سوى الماء؛ وذلك لقوله تعالى: ( وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّمآءِ ماءً طَهُورًا ) [الفرقان: 48]، فخص الماءَ بالذكر فدل على أنه المختصُّ بالتطهير. ويروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لاَ بَأْسَ بِصُوفِ الْمَيْتَةِ وَشَعَرِهَا إِذَا غُسِلَ بِالْمَاءِ)) ([64]) . فخص الماءَ بالذكر، فلو قام غيرُه مَقَامه لبطلت فائدة التخصيص؛ ولأنه لـمَّا شرط غسله بالماء ، فاقتضى الشرطُ وقوفَ الحكم على استعمال الماء، فلا يجوز العدولُ عنه إلى غيره.

مسألة: (والثاني طهارة الثياب، وأن تكونَ مباحةً للمصلي). أما طهارة الثياب للمصلي من النجاسات؛ فلقوله تعالى: ( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) [المدثر: 4]، فأَمَرَ بذلك والأمرُ يقتضي الوجوبَ، وذلك لا يجب لغير الصلاة فثبت وجوبُه لهَا، ولما روي من أمره صلى الله عليه وآله وسلم بغسل الثوب من دم الحيض، وذلك لا يجب لغير الصلاة، فثبت وجوبه لها. وكذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعمار: ((إِنَّمَا تَغْسِلُ ثَوبَكَ مِنَ البَولِ وَالغَائِطِ)) إلى آخر الخبر.

قلنا: وتكونُ مباحةً للمصلى؛ لأن ما يحرم على المصلي لبسُه من الثياب كالحرير المحض والمغصوب من الثياب فإنه لا يجوز الصلاةُ فيه. أما الحريرُ فلأنه قد ثبت تحريم لبسه على الرجال؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحرير والذهب: ((هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِِلٌّ لإِنَاثِها)) ([65])؛ وإذا حَرُمَ لبسُه في غير الصلاة فتحريم لبسه في الصلاة أولى. وأما المغصوب فإنه لا خلاف في تحريم لبسه.

وستر العورة في الصلاة فرضٌ ؛ لقوله تعالى:( خُذوا زينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) [الأعراف: 31] ولمـا روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قـال: ((إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ بِثَوبٍ)) ([66]). وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: ((لاَ يُصَلِّ أَحَدُكُمْ فِي ثَوبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيءٌ)) ([67]) . فإذا لَبِسَ المغصوبَ فقد أدّى الفرضَ بما هو معصيةٌ وذلك لا يجوز، كما لا يجوز إسقاطُ هذا الفرض بلبس الثوب النجس.

مسألة: (والثالث: طهارة المكان، وأن يكون مباحًا للمصلي دخولُه).

أما طهارة المكان؛ فلقوله تعالى: ( وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهيمَ وَإِسْماعيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطّآئِفينَ والْعَاكِفينَ والرُّكَّعِ السُّجُودِ ) [البقرة: 125]، ولما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ((أَمَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم ببناء المساجد وأن تُطَيَّبَ وتُطَهَّر وتُنَظَّفَ)) ([68]). وليس ذلك إلا لأنها مواضع الصلاة، بل هي أفضل ما يعمل فيها؛ فثبت بذلك تطهير أماكن المصلِّي.

وإنما قلنا: يكون مباحًا للمصلي دخولُه؛ لأن الصلاة في الدار المغصوبة لا تجوز؛ لأنَّ الكَوْنَ في الدار المغصوبة معصيةٌ قبيحة، والقيام والقعود والركوع والسجود من جملة الأكوان التي يجب أن تكون طاعة حسنة؛ ومحالٌ اجتماعُ ذلك في الصلاة الواحدة؛ لأن ذلك يوجب أن يكونَ الفعلُ الواحد طاعةً ومعصيةً وذلك محال.

مسألة: (والرابع: ستر العورة)، وهي في الرجل من السرة إلى ما دون الركبة؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((كُلُّ شَيْءٍٍ أَسْفَلَ مِنْ سُرَّتِهِ إِلَى رُكْبَتِهِ عَوْرَةٌ)) ([69]). وسَتْرُ العورة واجب على الأحوال كلها؛ لما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((الفَخْذُ مِنَ العَوْرَةِ)) ([70])؛ فاقتضى ذلك وجوبَ سترها، ولا يتم ستر جميع الفخذ إلا بستر الركبة؛ لأنها اسمٌ لمجمع الْمٍَفْصِلَيْنِ من الفخذ والساق؛ فيجب سترها في كافة الأحوال. وسَتْرُ العورة في الصلاة آكَدُ وجوبًا؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إذا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيأَتَزِرْ وَلْيَرْتَدِ)) ([71]). وأما المرأة فجميعُ بدنها عورة سوى الوجه والكفين من اليدين.

وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل: أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ قال: ((نَعَمْ إِذَا خَمَّرَتِِ الذِّرَاعَ والقَدَمَين)) ([72]).

مسألة: (والخامس: استقبال القبلة). والمصلي لا يخلو حالُه من وجهين: إما أن يمكنه التوجه إلى عين الكعبة أو لا يمكنه ذلك للبُعدِ والعُذرِ المانع. فإن أمكنـه ذلك لزمه ولم يَجُزْ له العدولُ عنه إلى التحرى .

وذلك لقوله تعـالى: ( فَـوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) [البقرة: 144]؛ ولأنه لا خلافَ أن من كان معاينًا لها لزمه التوجه إلى عينها. وكذلك يجب أن يكون حُكْمُ مَنْ هو في حكم المعاين بأن يكون في بعض بيوت مكة؛ لأنه متمكن من التوجه إلى عينها، وإن لم يمكنه التوجه إلى عينها للعذر فَفَرْضُه التحري وهو النظر في الأمارات التي يحصل له بها غالبُ الظنِّ أنَّ تلك الجهةَ جهةُ الكعبة؛ فيلزمه التوجه إليها؛ لأنه إذا لم يمكنه العمل في ذلك على العِلْمِ، وَجَبَ عليه العملُ على غالبِ الظنِّ، وإن كان ممن لا معرفةَ له بالأمارات جاز له تقليد أهل المعرفة بذلك، وهذا مما لا خلاف فيه.







باب ذكر ما يفسد الصلاة




مسألة: (يُفْسِدُ الصلاة أربعة أمور:

أحدها: أن يختلَّ شيء من هذه الشروطِ لغير عذر).

وذلك لِمَا ثبت أن هذه الشروطَ واجبةٌ، وشروطٌ لصحة الصلاة؛ لمِا تقدم بيانه، فإذا اختل شيء منها أوجب ذلك فسادَ الصلاة؛ إذ لو صحت الصلاةُ مع تَرْكِ هذه الشروط أوِ اختلالها بطل كونُها شروطًا في صحتها.

مسألة: (والثاني: أن يُقَهْقِهَ في الصلاة، أو يتكلمَ فيها عامدًا أو ساهيًا بشيء من الكلام الذي ليس بمفروض في الصلاة ولا مسنون فيها، ويدخل في ذلك التأمين).

أما القهقهة فلا خلاف في أنها مُفْسِدةٌ للصلاة، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أَمَرَ مَنْ قَهْقَهَ في الصلاة بإعادتها وإعادة الوضوء أيضًا([73]).

وأما إفساد الكلام للصلاة فلما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إِنَّ صَلاَتَنَا هَذِهِ لاَ يَصْلُحُ فِيْهَا شَيءٌ مِنْ كَلاَم النَّاسِ)). الخبرَ، ولم يفصل بين كلام المتعمد والساهي.

وأما المفروض والمسنون فيها فلا خلاف في جوازه؛ فإنه غيرُ مفسدٍ للصلاة.

قلنا: ويدخل في ذلك التأمين وهو أن يقولَ المصلي: آمين بعد قراءة الفاتحة، وإنما كان ذلك مفسدًا للصلاة؛ لأنه من جملة الكلام، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((إِنَّ صَلاَتَنَا هَذِهِ لاَ يَصْلُحُ فِيْهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَم النَّاسِ؛ إِنَّمَا الصَّلاَةُ التَّسْبِيْحُ وَالتَّحْمِيْدُ وَقِرَاءَةُ القُرْآنِ)). وفي بعض الروايات التكبير، ولا شك أن التأمين ليس من هذه الأشياء فلم يكن من الصلاة ولا مُصْلِحًا لها؛ فثبت أنّهُ يُفسِدُها.

مسألة: (والثالث: أن يفعل فيها أفعالاً كثيرة ليست منها، ويدخل في ذلك وَضْعُ اليد على اليد).

أما الأفعال الكثيرة فلا خلاف في أنها مُفْسِدةٌ للصلاة نحو الأكل والشرب والمشي الطويل وما جرى هذا المجرى؛ ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((اسْكُنُوا فِي الصَّلاَةِ))([74])؛ وذلك يقتضي النهيَ عن الأفعال فيها إلا ما خصه الدليل.

قلنا: ويدخل في ذلك وضع اليد على اليد؛ لأنه من جملة الأفعال الكثيرة ولقوله تعـالى: ( الَّذينَ هُمْ في صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) [المؤمنون: 2]، والخشـوعُ هو السكون.

ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((اسْكُنُوا فِي الصَّلاَةِ)) . وذلك يمنع من رفع اليد ووضعها على الأخرى؛ لأنه يخالف السكون([75]).

فصلٌ: والإجماع منعقدٌ على أن الأفعالَ الكثيرةَ مُفْسِدَةٌ للصلاة، وعلى أن الأفعالَ القليلةَ غيرُ مفسدة لها، واختلفوا في الفصل بين القليلِ والكثير: فَوَرَدَ عن المؤيد بالله-قدس الله روحه في الجنة - أنَّ كل ما لم يقع الإجماع على جوازه في الصـلاة مـن الأفعال فهو مفسد لها، وعن السيد أبي طالب رضى الله عنه([76]) أن الاعتبار في الفصل بينهما بغالب الظن، فما غلب على الظن أنه قليلٌ لم يفسده وما غلب على الظن أنه كثير أفسدها، والأول أوجه؛ لأن الأصل حَظْرُ الأفعال في الصلاة إلا ما خصه الإجماع بالجواز، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((اسْكُنُوا فِي الصَّلاَةِ)) .

مسألة: (والرابع: أن يزيد فيها ركعةً أو سجدةً عامدًا) .

أما من زاد ركعةً عامدًا فلا خلاف في كونه مفسدًا للصلاة، وكذلك من من زاد سجدةً عامدًا لغير التلاوة، وإنما الخلاف في سجود التلاوة؛ فعندنا أنه لا يجوز في صلاة الفرض؛ لأنها زيادةٌ في الصلاة ليست من مفروضها ولا من مسنونها، فلم يَجُزْ فعلها فيها، كركعة زائدة إذا وقعت عمدًا.




باب قضاء الصلاة




مسألة: (والقضاء يجب على كل من ترك شيئًا من الصلوات المفروضة، سـواء تركها عامدًا أو ناسيًا، إذا كان مُسْلِمًا مُقِرًّا بوجوبها)، وهذا مما لا خلاف فيه.

وذلك لقـول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((مَن نَّامَ عَـنِ الصَّلاَة أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا)) ([77]) . وهذا يقتضي وجوب القضاء على كل تارك للصلاة على هذا الوجه، وإذا وجب القضاء على الناسي والنائم فوجوبُه على الذاكر والمستيقظ أولى.

فصـل: وأما من تركها في حال كفره فلا قضاء عليه متى أسلم؛ لقوله تعالى: ( قُل لِّلَّذينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ ) [الأنفال: 38]، وهذا يقتضي أنه متى انتهى عن الكفر غُفِرَ له ما سبق منه، ولو لزمه القضاءُ لم يصح ذلك.

وكذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((الإِسْلاَمُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ)) ([78]). وهذا يقتضي أن الإسلام يقطع حكم ما قبله.

مسألة: (ومن ترك شيئًا من فروض الصلاة أو شروطها المتقدمة فهو على ضربين: أحدهما: أن يكون ما تركه من ذلك أمرًا قد وَقَعَ الإجماعُ على وجوبه، فمتى تركه وجبت عليه الإعادة في الوقت وبعد خروجِه، سواء ترك ذلك عمدًا أو سهوًا، نحو أن يصلي وهو جُنُبٌ أو مُحْدِثٌ مع التمكن من الطهارة، وما جرى هذا المجرى)، وهذا مما لا خلاف فيه، والإجماعُ آكَدُ الدلالة .

(والثاني: أن يكون ما تركه من ذلك أمرًا قد وقع فيه الخلاف وهو من مسائل الاجتهاد: فإن كان ما تَرَكَه سهوًا أو جهلاً لم تجب عليه الإعادة إلا ما دام وقت تلك الصلاة باقيًا، وإن كان تَرَكَه عامدًا مع اعتقاده الوجوبَ لزمته الإعادة في الوقت وبعده نحو أن يتوضأ بماء نجس أو يصلي في موضعٍ نجس، أو في ثوب نجس، أو إلى غير القبلة وما جرى هذا المجرى).

والأصـل في ذلك ما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((بَعَثَ سَرِيَّةً فَصَلَّواْ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ إِلَى جِهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُمْ الْخَطَأُ بَعْدَ مَا طَلَعْتِ الشَّمْسُ فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ صلى الله عليه وآله وسلم بِالإِعَادَةِ لَمَّا سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ)) ([79]). فصـار هذا أصلاً في كل من ترك شيئًا مما يجب وطَرِيقُه الاجتهاد لم تلزمه الإعادة بعد خروج الوقت.

وإنما قلنا: تلزمه الإعادة في الوقت؛ لأنه قد وَجَبَ عليه أداءُ الصلاة بكمال فروضها وشروطها، فإذا ظهر له خطأُه في الوقت فقد علم أنه لم يؤدها كما أُمِرَ بها وهو متمكن من أدائها في وقتها على الوجه الصحيح؛ فَلَزِمَه ذلك بحكم الأمر الأول، كما لو وقف بعرفَةَ قبل يوم عرفة على طريق التحري ثم عرف خطأه في يوم عرفة فإن إعادة الوقوف تلزمه، فأما من ترك ذلك عمدًا وهو معتقدٌ لوجوبه فإن الإعادة تلزمه بحكم الأمر الأول؛ لأنه في حكم من لم يفعل ذلك، والأظهر أنه إجماع.

مسألة: (ومن عليه صلاة فائتهٌ فإنه يقضيها كما كان يؤديها جهرًا أو مخافتة، أو قصرًا أو تمامًا)؛ لأن القضاءَ يجب أن يكون مثل المقضي على قدر الإمكان، وإلاَّ خرج عن كونه قضاءً، ألا ترى أن الصلاة لا يجوز أن تكون قضاءً عن الصوم، وكذلك من فاتَتْهُ صلاةٌ رباعيةٌ لم يَجُزْ أن يقضيَها ثلاثية، فكذلك الجهر والمخافتة؛ لأنا قد بينا ما يدل على كونهما واجبين في الصلاة على ما تقدم ذكره.

مسألة: (ويقضي الصلاةَ على حسب ما يمكنه في كل وقت من الأوقات)، وهذه المسألة تشتمل على فصلين: أحدهما: أن القضاءَ يجبُ على قدر الإمكان ولا يجوز تأخيرُهُ مع التمكن منه، وهو رأي من كان عنده أنّ الأمر على الفَوْرِ، وهو ظاهر مذهب الهادي عليه السلام ([80]) .

والدليل عليه أن الأَمْرَ يقتضي الوجوبَ، والقولُ مع ذلك بجواز تأخير المأمور به يُبْطِلُ فائدة الوجوب؛ على ما ذلك مقرر في موضعه من أصول الفقه، ولقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((مَنْ نَامَ عَنْ صَلاَتِهِ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا)). فيلزم مَنْ عليه فائتةٌ بَذْلُ الجُهد واستفراغ الوسع في قضاء ما عليه.

والفصل الثاني: أنّ كلَّ وقتٍ يصلح لقضاء الفرض: سواء كان من الأوقات الثلاثة المنهي عن الصلاة فيها نحو وقت طلوع الشمس حتى ترتفع، ووقت استوائِها في الظهيرة حتى تميل، ووقت اصفرارها للغروب حتى يذهبَ شعاعها، أو سوى هذه الأوقات على مذهب الهادي عليه السلام.

وذلك لما في هذا الخبر المتقدم من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا)).

فصـل: والأوقات الثلاثة المنهي عن الصلاة فيها: عند طلوع الشمس حتى ترتفعَ([81])، وعند انتصاف النهار حتى تميل، وعند اصفرارها حتى تغرب.

وذلك لما روي عن عقبة بن عامرِ الجهني([82]) أنه قال: ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نُصَلِّيَ فيهنَّ وأن نقبر فيهنَّ موتانا: حين تطلع الشمس بازغةً حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين طَفَلَتِ([83]) الشمس للغروب حتى تغربَ ([84])، وهذا النهي محمول في مذهب الهادي عليه السلام([85]) على النوافلِ.




باب السهو وسجدتيه


مسألة: (مَنْ سهى في صلاته فقام في موضع قعود، أو قَعَدَ في موضع قيام، أو سَجَدَ في موضع ركوع، أو ركع في موضع سجود، أو قرأ في موضع تسبيح، أو سبّح في موضع قراءة؛ فعليه سجدتان لسهوه بعد ما يُسَلّم) ([86]).

والأصل في ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لِكُلِّ سَهْوٍٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَ مَا يُسَـلِّمُ)) ([87])، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: ((مَنْ شَكَّ فِي صَـلاَتِهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا يُسَلِّـمُ)) ([88]). وهذا أمر والأمر يقتضي الوجوب([89]).

فصـل: وعلى من سهى فَتَرَكَ فَرْضًا نحو الركوع والسجود وما جرى مَجراهما أن يعود فيأتيَ بما تركه ولا يعتد بما دخل فيما بين ذلك؛ لأن الواجبَ عليه أن يأتي بالأركان تامة، وإن سهى فترك نفلاً كالتشهد الأوسط والقنوت وما جرى مَجْرَاهما: فإنْ ذَكَرَ ذلك قبل تمام الفرض الذي يليه عاد إلى ما تركه؛ لأنه من سنن الصلاة ولا مانع له من العود إليه فجاز العودُ إليه، وإن لم يذكره حتى أتم ما يليه من الفرض لم يَعُدْ إلى ما تركه؛ لأن قَطْعَ المفروض من الأفعال بما ليس بمفروض لا يجوز؛ ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قام في الركعتين ونسي التشهدَ الأوسطَ فمضى في صلاته وسجد سجدتي السهو([90]).

فصـل: معنى قولنا: إن قرأَ في موضع تسبيح هو أن يقرأَ في الركوع والسجود ومعنى قولنا: إن سبَّح في موضع قراءة هو أن يُسَبِّحَ في الركعتين الأولتين، فأما القراءة في الآخرتين فجائز؛ لما تقدم بيانهُ.
قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت و يطهركم تطهيرا)
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي ولفاطمة وحسن وحسين(اللهم هؤلاء اهل بيتي فأذهب عنهم الرجس)
اللهم صلي على محمد وآل محمد

عصام البُكير
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 241
اشترك في: الأحد مايو 08, 2005 12:21 am
مكان: اليمن - صنعاء

مشاركة بواسطة عصام البُكير »

باب ذكر الـمفروض من الصلوات


مسألة: (المفروضُ من الصلوات خمس: وهي صلاة الفجر ركعتان بعد السنة، وصلاة الظهر أربع للمقيم، وكذلك صلاة العصر، والمغرب ثلاث ركعات، والعشاء الآخرة أربع للمقيم)، ولا خلاف بين المسلمين في وجوب هذه الصلوات، بل ذلك معلومٌ ضرورةً من دين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا يخالف فيها مسلم معترف بنبوته صلى الله عليه وآله وسلم وفي ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((صَلُّوا خَمْسَكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَحُجُّوا بَيْتَكُمْ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوالِكُمْ طَيِّبَةً بِهَا أَنْفُسُكُمْ، تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ))([91]).











باب صلاة العليل والـمعذور


مسألة: (ومَنْ عَجَزَ عن الصلاة قائمًا صَلَّى قاعدًا متربعًا، فإن عجَزَ عن الركوع والسجود أومأ لهما برأسه، ويكون إيماؤُه لسجوده أخفضَ من إيمائه لركوعه).

وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه دخل على رجل من الأنصار وقد شبكته الريحُ فقال: يا رسول الله كيف أصلي؟ فقال: ((إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تُجْلِِسُوهُ فَأَجْلِِسُوهُ وَإِلاَّ فَوَجِّهُوهُ إِلَى القِبْلَةِ وَمُرُوهُ فَلْيُومِئْ إِيْمَاءً وَيَجْعَل السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ، وَإِنْ كَانَ لاَ يَسْتَطِيْعُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآَنَ فَاْقْرَؤُوا عنده )) ([92]).

وإنما قلنا: إذا قعد كان متربعًا؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يصلى متربعًا([93])، وقد قال: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)).

مسألة: (فإن عَجَزَ عن القعود توجَّه إلى القبلة مستلقيًا على قفاه وأجزأَه الإيماءُ).

وذلك لما في الخبر الذي عرّفهم به من صلاة العليل من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تُجْلِسُوهُ فَأَجْلسُوهُ وَإِلاَّ فَوَجِّهُوهُ إِلَى القِبْلَةِ)). وإذا كان مستلقيًا على قفاه كان وجهُه كلّه إلى القبلة.

مسألة: (ومن أُغمي عليه لم يجب عليه من الصلواتِ إلا الصلاةُ التي يُفِيقُ في وقتها).

وذلك لما روي أن عبدالله بن رواحة قال: يا رسول الله أُغمي عليَّ ثلاثة أيام، فكيف أصنع بالصلاة؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((صَلِّ صَلاَةَ يَومِكَ الَّذِي أَفقْتَ فِيْهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُـكَ )) ([94]).











باب صلاة الجمعة




مسألة: (وصلاةُ الجمعة تجب بشروط خمسة: أحدها العَدَدُ: وهو أن يكون المصلون ثلاثةً سوى إمامهم) ([95]): أما وجوب الجمعة فلا خلاف فيه على الجملة.

وقد دل عليه قولُ الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ) [الجمعة: 9].

وأما اشتراط العدد وأنَّ أقَلَّه ثلاثةٌ سِوى الإمام؛ فلقوله تعالى: ( فاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ الله )، وهذا خطابُ جَمْعٍ، وأقلُّ الجمع ثلاثةٌ، ولَمَّا خوطبوا بإجابة النداء كان المنادي لهم رابعًا؛ فلذلك قلنا: إنه يجب أن يكونوا ثلاثة سوى الإمام.

مسألة: (والثاني: المكان الذي يُصَلَّى فيه وهو أن يكونَ مسجدًا في مدينة أو قرية أو على منهلٍ يُجَمَّعُ فيه).

والدليل على ذلك أن الظواهرَ التي دلت على وجوب الجمعة من الآية والأخبـار، كقـوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةَ يَومَ الْجُمُعَةِ إِلاَّ عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَو مَمْلُوكٍ أَو مَرِيْضٍ وَمَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى)) ([96]). تقتضي وجوبَ الجمعة في كل موضع، فلما انعقد الإجماع على أنها لا تجب في المواضع التي ليست بمستوطَنَةٍ للناس خصصناها من جملة ما تناولته الظواهر فبقي سائرُ الأماكن التي ذكرناها داخلةً تحت ما اقتضاه الظاهر.

مسألة: (والثالث: الوقت، وهو من زوال الشمس إلى أن يصيرَ ظِلُّ كُلِّ شيءٍ مِثْلَـهُ).

وذلك لما رويناه في خبر جبريلَ عليه السلام، من قوله: ((مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَقْتٌ))؛ ولم يستثن الجمعة فثبت أنه وقت لها؛ ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه كان يصلي الجمعة في ما بين ذلك([97])، وقد قال: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)) .

مسألة: (والرابع: الخطبتان ويفصل بينهما بجلسة).

وذلك لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يخطب يـوم الجمعة قائمًا ثم يقعد، ثم يقوم فيخطب الثانية([98])؛ وفِعْلُهُ صلى الله عليه وآله وسلم بيانٌ لمجملٍ واجبٍ فكان اتباعه فيه واجبًا، ويجب أن يقدم الخطبتين على الصلاة، فإذا صَعِدَ المنبر فينبغي له في الخطبة الأولى أن يَحْمَـدَ الله تعالى ويُثْنِيَ عليه، ويصليَ على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يَعِظَ الناسَ ويذكّرَهم ويُعَرِّفَهم فَضْلَ الجمعة ويحثَّهم عليها، ثم يقرأ شيئًا من القرآن الكريم في آخر خطبته، ثم يجلس جلسة خفيفة، ثم يقوم فيخطب الثانية أَوْ جُزْءًا من الأولى، فيذكـر الله تعالى، ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويدعو للإمام والمسلمين، وأقلُّ ما يُجزي من الخطبتين حَمْدُ الله تعالى، والصلاةُ على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والدعاءُ للإمام المخطوبِ له في الخطبة الثانية.

والأصـل في ذلك ما ورد من فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما كان يذكر في الخطبتين. فأما ذِكْرُ الإمامِ المخطوبِ له فقد جرى به عمل المسلمين وتوارثوه خلفًا عن سلف؛ فإذا نزل عن المنبر أقام المؤذن الصلاة فيصلي بهم الجمعة ركعتين. ويُسْتَحَبُّ أن يقرأ في الأولى منهما بفاتحة الكتاب وسورةِ الجُمُعةِ، وفي الثانية بالفاتحة وسـورة المنافقين؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي كذلك، ويجهرُ بالقراءة فيهما([99])، ولا خلافَ فيه. وقـد روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولأن عَمَلَ المسلمين قد جرى به.

مسألة: (والخامس: أن يكون في الزمان إمامُ حَقٍّ يُقِيمُ الجمعةَ([100])، أو يُقِيمُها من يدعو إليه من أوليائه وأهل طاعته).

والدليل على اشتراط الإمام فيها ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ تَبَـارَكَ وَتَعَالَى فَـرَضَ عَلَيْكُمُ الْجُمُعَةَ فِي مَقَامِي هَذَا، فِي يَومِي هَذَا، فِي شَهْرِي هَذَا، فِي عَامِي هَذَا إِلى يَومِِ القِيَامَةِ، فَمَنْ تَرَكَهَا فِي حَيَاتِي أَوْ بَعْدَ مَمَاتِي استِخْفَافًا بِهَا وَبِحَقِّهَا أَوْ جُحُـودًا لَهَا، وَلَهُ إِمَامٌ عَادِلٌ أَوْ جَائِرٌ، فَلاَ جَمَعَ اللهُ شَمْلَه، وَلاَ بَارَكَ لَهُ فِي أَمْرِه )) ([101]). فلما ذَمَّ صلى الله عليه وآله وسلم مَنْ تركها بشرط أن يكون له إمام - قلنا: إن الإمامَ شرطٌ في وجوبها، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: أو جائرٌ محمولٌ على مَنْ كان جائرًا في باطن أمره وهو عدل في ظاهر الحال - لم يسقط بذلك وجوبُ الجمعة.

ويدل على صحة هذا التأويل أنه صلى الله عليه وآله وسلم وصَفَ الجائرَ بأنه إمامُ المسلمين بقـوله: ((وَلَـهُ إِمَامٌ عَادِلٌ أَوْ جَائِرٌ))، وذلك لا يستقيم إلا إذا كان جائـرًا في الباطن؛ لأن من يكونُ جَوْرُه ظاهرًا لا يكونُ إمامًا للمسلمين، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الصـلاة خَلْفَهُ بقوله: ((لاَ يَؤُمَّنَّ فَاجِرٌ مُؤْمِنًا، وَلاَ يُصَلِّيَنَّ مُؤْمِنٌ خَلْفَ فَاجِرٍ)) ([102]) ؛ فلم يصح وجوب إقامة الجمعة مع الإمام الجائر في ظاهر أمره، فثبت ما قلنا من التأويل. (فإذا تكاملت هذه الشروط صُلِّيَتِ الجُمُعَةُ ركعتين، ومتى فَاتَ شيء منها صُلِّيَتِ الظهرُ أربعًا).

فصـل: ومن أدرك من الخطبة مقدار آية من القرآن واستمع ذلك كان مدركًا للجمعة([103])، ولا يظهر في ذلك خلاف، وإنما الخلافُ في من لم يدرك منها شيئًا وأدرك الصلاة، هل يكون مدركًا للجمعة أم لا؟ فعند الهادي عليه السلام لا يكون مدركًا لها ويجب أن يُتِمَّ الظهرَ أربعًا([104])، ووجه ذلك ما روي عن عُمَرَ أنه قال: ((إنما جُعِلَتِ الخطبةُ مكانَ الركعتين فمن لم يدرك الخطبَة فليصل أربعًا)) ([105]) ، ولم يظهر خلافٌ عن أحد من الصحابة، وعن زيد بن علي([106]) والسيد المؤيد بالله رضي الله عنهما وأرضاهما([107]) أنه يكون مدركًا للجمعة بإدراك الصلاة؛ ووجه ذلك ما يُروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: ((مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْجُمُعَةِ أَضَافَ إِلَيْهَا أُخْرَى، وَمَنْ أَدْرَكَ دُوْنَهَا صَلَّى أَرْبَعًا)) ([108]).

فصـل: ويستحب للمسلمين إظهارُ الزينةِ في يوم الجمعة والتجملُ بأحسن الثياب، والطيب، وأكل الطيبات، والترفيه على نفوسهم وما ملكت أيمانهم؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في يوم الجمعة: ((يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِيْنَ إِنَّ هَذَا يَومٌ جَعَلَهُ اللهُ عِيْدًا لِلْمُسْلِمِيْنَ فَاغْتَسِلُوا فِيْهِ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طِيْبٌ فَلاَ يَضُرُّهُ أَنْ يَمَسَّ مِنْهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ)) ([109]). وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَحْسَنَ غُسْلَهُ، ثُمَّ تَطَهَّرَ فَأَحْسَنَ طَهُورَهُ، وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابهِ، وَمَسَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ مِنْ طِيْبِ أَهْلِهِ أَوْ دُهْنِ أَهْلِهِ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلَمْ يَلْغُ، وَلَمْ يَفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ - غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالْجُمُعَةِ الأُخْرَى)) ([110]) .





باب صلاة السفر


مسألة: (ومن أراد أن يسافرَ بريدًا أو اكثرَ منه قَصَرَ الصلاةَ إذا خرج من وطنه وتوارت عنه بيوتُ أهله. والبريد ستة وثلاثون ألف ذراع)؛ لأنه أربعةُ فراسخ. والفرسخ ثلاثة أميال، والميل ثلاثة آلاف ذراع([111]).

وذلك لما روي عـن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لاَ تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ بَرِيْدًا إِلاَّ وَمَعَهَا زَوْج أَوْ ذُو رَحِم مُحَرَّمٌ)) ([112]). فسمَّى البريد سفـرًا، وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يَقصرُ في خروجه من مكةَ إلى عرفةَ([113])، وذلك بريد.

قلنا: ويقصر إذا توارت عنه بيوتُ أهله؛ وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان إذا خرج من المدينة سار فرسخًا ثم قصر([114]).

مسألة: (وكل أربع من الصلوات فإنه يصليها اثنتين) ، والقصرُ واجبٌ([115]) لا يجوز عندنا خلافه؛ وذلك لما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أسفـاره ركعتين ركعتين خائفًا كان أم آمنًا([116]). قلنا: وذلك واجب لما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)). فأَمَرَ بذلك والأَمْرُ يقتضي الوجوب.

مسألة: (والمسافرُ إذا نَوَى الإقامةَ في موضع واحد عشرة أيام أتم الصلاة([117])، فإن لم يَنْوِها فيه قَصـرَ الصلاةَ إلى تمام شهر، ثم أَتَّم بعد ذلك)؛ وذلك لما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ((يُتِمُّ الذي يُقيمُ عشرًا)) ([118]). والذي يقول: اليوم أخرج، غدًا أخرج، يَقْصرُ شهرًا([119])؛ ومثلُ هذه المقادير لا تثبت من طريق الاجتهاد وإنـما تثبت بالنصِّ من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيجري ذلك مجرى ما أُسنِدَ إليه صلى الله عليه وآله وسلم .











باب صلاة الخوف


مسألة: (وصلاةُ الخوفِ هي أن ينقسمَ المسلمون قسمين فَيَقِفَ قسم منهم في مقابلة العدو، ويصلي الإمام بالقسم الآخر ركعة، فإذا قام إلى الثانية طَوَّل القراءةَ حتى يُصَلِّيَ الجماعةُ باقيَ صلاتهم ويسلموا وينصرفوا فيقفوا في مقابلة العدو، ويأتي القسم الآخر فيصلون مع الإمام ما بقي من صلاته، فإذا سَلَّم قاموا وأتموا صلاتَهم).

والأصل في ذلك ما روي من صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الخوف، وهو أن طائفةً صلت معه، وطائفة وِجَاهَ العدو، فصلى بالذين معه الركعة الأولى ثم ثبت قائمًا وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا إلى وجاه العدو، وجآءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته الثانية([120]). وفي بعض الأخبار فيركع الركعةَ الأخيرة ويسجد ثم يسلم فيقومون ويركعون الركعة البَاقيَة ثم يسلمون([121]).

مسألة: (فإذا صلى بهم المغربَ صلَّى بالطائفة الأولى ركعتين، وبالثانية ركعة واحدة، وأتَمَّ كلٌّ من القسمين صلاته على مثل ما ذكرنا).

وذلك لما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في صلاة الخوف في المغرب قال: ((يُصَلِّى بِالطَّائِفَةِ الأُوْلَى رَكْعَتَيْنِ، وَبِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ رَكْعَةً، وَتَقْضِي الطَّائِفَةُ الأُوْلَى رَكْعَةً، وَتَقْضِيْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ رَكْعَتَيْنِ )) ([122]).

مسألة: (ولا تُصَلَّى صلاةُ الخوف إلا في السفر) ([123]).

والدليـل على ذلك قـوله سبحانه وتعالى: ( وَإِذا ضَرَبْتُمْ في الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُـرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذينَ كَفَـرُوا ) [النساء: 101]، فالله سبحانه شرع صلاة الخوف بشرطين: أحدهما: السفر، والثاني: الخوف؛ لأن قوله تعالى: ( وَإِذا ضَرَبْتُمْ في الأَرْضِ ) هو اشتراط السفر؛ لأنه الضرب في الأرض. وقولَه تعالى: ( إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) هو اشتراط الخوف، ولا شك أن كلَّ حكم تعلق بشرطين فإنه لا يثبت إلا بهما جميعًا، كقول القائل: إذا دخل زيد الدار فأعطه درهمًا إن سلم عليك، فإنه لا يلزمه إعطاؤه الدرهمَ إلا باجتماع هذين الشرطين: من دخول الدار والتسليم عليه، كذلك ما نحن فيه.











باب صلاة الجماعة


مسألة: (وفي صلاة الجماعة فضل كبير).

وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((صَلاَةٌ فِيْ جَمَاعَةٍ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَةِ الرَّجُلِِ وَحْدَهُ أَرْبَعَةً وعِشْرِينَ جُزْءًا ))، أو قال: درجة وهي الخامسة([124]).

مسألة: (وإذا كان المصلي مع الإمام واحدًا وَقَفَ عن يمين الإمام وإن كانوا أكثر من واحد تقدمهم الإمام).

وذلك لما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: أمَّنَا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا ورجل من الأنصار فتقدَّمَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وتَخلَّفْنَا خلفـه فصلى بنا ثم قال: ((إِذَا كَانَ اثْنَانِ فَلْيَقُمْ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِيْنِ الآخَـرِ)) ([125]). وفي الخبر دلالة على المسألتين جميعًا.

مسألة: (وتابَعُوه في أفعاله ولم يخالفوه في شيء).

وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوْا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ)) ([126]). وهذا يقتضي أنهم يركعون بركوعه، ويسجدون بسجوده، ويقومون بقيامه، ويقعدون بقعوده؛ لتصحَّ المتابَعةُ له والائتمام به.

مسألة: (وإذا جهر بالقراءة سكتوا واستمعوا، وإذا خافت قرأوا): أما سكوتهم عند الجهر بالقراءة واستماعهم؛ فلقوله تعالى: ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فاسْتَمِعُوْا لَهُ وَأَنْصِتُوْا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُوْنَ ) [الأعراف: 204]، فاقتضى ذلك وجوبَ الإِنصاتِ والاستماع عند قراءة القرآن في الصلاة، ولا خلافَ أن ذلك لا يَجِبُ في غيرِ الصلاة . ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه انصرف عن صلاةٍ جَهَرَ فيها بالقراءة فقال: هَلْ قَرَأَ مِنْكُمْ مَعِيْ أَحَدٌ آنِفًا؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((إِنِّي أَقُولُ مَالِي أُنَازَعُ القُرْآنَ؟))([127]). فانتهى الناس من القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما جَهَرَ فيه حين سمعوا ذلك عنه.

وأما قراءتهم عند مخافتة الإمام فلأن الأصلَ وجوبُ القراءة بما تقدم من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لاَ تُجزِي صَلاَةٌ لاَ يُقْرَأُ فِيْهَا فَاتِحَةُ الكِتَابِ وَقُرْآنٌ مَعَهَا)) ([128]). وإنما أسقطنا وجوبها عن المأموم عند سماعه لقراءة الإمام في قراءة الجهرِ لِمَا تقدم من الدلالة، فبقي موضع المخافتة على حكم الأصل.

فصـل: وإذا لم يَسْمَع المأمومُ قراءةَ الإمام في صلاة الجهر لمانعٍ من بُعْدٍ [أو صمم أو تأخر] أو غير ذلك - وجب عليه أن يقرأ؛ لأن القراءة واجبةٌ عليه إلاَّ عند سماع المأموم لقراءة إمامه؛ لما تقدم من الدلالة.

مسألة: (ولا يُصَلِّ اللابسُ خلف العُريَان)؛ وذلك لأنه نقصٌ وقع في صلاة الإمام، ولا عُذْرَ للمأموم في مثله، فوجب أن تفسد صلاته كما تفسد صلاة القائم خلف القاعد، والمتوضئ خلف المتيمم.

مسألة: (ولا القائم خلف القاعد) ([129]).

وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لا يَؤُمَّنَّ أحَدُكُمْ بَعْدِيْ قَاعِدًا)) ([130]). والمراد به لا يَؤُمَّنَّ القاعدُ قومًا قيامًا يركعـون ويسجدون؛ لأنه روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلَّى بالقوم وهم قيامٌ وهو قاعدٌ.

مسألة: (ولا المتوضئ خلف المتيمم ([131])، ولا خلف المُحدِثِ، وناقصِ الطهارة).

وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((لاَ يَؤُمُّ الْمُتَيَمِّمُ الْمُتَوَضِّئِيْنَ)) ([132]). وإذا لم يَجُزْ ذلك فأولى أن لا تجوز صلاة المتوضئ خلف المحدث وناقص الطهارة كالذي به سلس البول أوسيلان الجرح وما جرى مجرى ذلك من الاستحاضة؛ لأن الحدث ملازم لهؤلاء.

مسألة: (ولا الرجل خلف المرأة والصبي) ([133]).

أمـا صلاة الرجل خلف المرأة فإنما لم تجز لما رُوي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ))لاَ تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلاً، وَلاَ فَاجِرٌ مُؤْمِنًا، إِلاَّ أَنْ يَخَافَ سَيْفَهُ وَسَوطَه)) ([134])؛ وهذا نص في المنع من صلاة الرجل خلف المرأة، وفيه نهي ظاهر عن الصلاة خلف الفاسق أيضًا، وهذا هو مذهب أئمتنا عليهم السلام، وأما الصبي فإنه غير مخاطبٍ بوجوب الصلاة فلا تصح خلفه كالمجنون .

مسألة: (ولا يصل الرجل بامرأةٍ([135])، ولا بخنثى لُبْسةٍ، إلا أن يكون معهما رجلٌ).

وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ))لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ)) ([136]). فاقتضى ذلك أنَّ خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية منهي عنه؛ فتكون صلاته بها معصية، وذلك يوجب فسادها؛ لأنَّ من حق الصلاة أن تكون طاعةً وقربةً، وإذا فسدت صلاته بالأجنبية فسدت صلاته بذات المحرم؛ لأن أحدًا لم يفصل بينهما، وذلك يوجب فساد صلاة الرجل والمرأة جميعًا لأجل المعصية، وأما الخنثى اللبسة، فلأنه يمكن أن تكون امرأةً فلا تصح صلاتهما مع إمكان ذلك؛ لأن الواجب عليهما أن يأتيا بصلاةٍ صحيحةٍ غير محتملة للفساد والصحة على سواء. وأما إذا كان معه رجل فصلاةُ الجميع جائزة بالإجماع، ويجب أن يكون الرجل عن يمين الإمام، والمرأة خلفهما، فإن كان معهم خنثى لبسة قام خلف الرَّجُلَيْنِ، والمرأة خلف الخنثى.

وذلك لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلَّى بأنسٍ وامرأة فقامت المرأة خلفهما([137]). وإنما وجب تأخر الخنثى عن الرجل؛ لإمكان أن تكون امرأةً فلا يـجوز أن تكـون في صف الرجال؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ))شَرُّ صفوفِ النِّسَاءِ الْمُقَدَّمُ)) ([138]). فوصفه بكونه شرًا، وذلك يقتضي النهيَ عنه، ويوجب أن لا تشـارك الرجل في الصف، وكذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: )) أَخِّرُوْهُنَّ حَيْثُ أَخَّرَهُـنَّ اللهُ)) ([139]). قلت: يقتضي وجوب تأخيرهنَّ عن صف الرجال، وأيضًا وجب تقدم الخنثى على المرأة؛ لإمكان أن يكون رجلاً، فيجب الاحتياطُ في مثل ذلك لئلا تفسد صلاته بالمخالفة.

مسألة: (ومن أدرك الإمامَ وقد فاته شيء من الصلاة صلَّى ما أدركه مع الإمام، وأتمَّ صلاتَه وحده بعد فراغ الإمام).

وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ))مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا)) ([140]). وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ))فَاقْضُوا)). محمول عندنا على أنه أراد افعلوا ما بقي على وجه التمام، كقوله تعالى: ( فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ) [فصلت: 12]؛ لأنه لا يصح أن يُبتدأَ بآخر الصلاة قبل أولها.

فصـل: ويجعل ما أدركه مع الإمام أوَّل صلاته، ثم يبني على ذلك تمام صلاته، فإذا أدركه في الثانية من صلاة الفجر وسَمِعَ القُنوت فيها لم يعتد بسماعه للقنوت، ويقنت لنفسه في الثانية إذا قام إليها بعد فراغ الإمام.

وذلك لما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قـال: ((إِِذَا سَبَقَ أَحَدَكُمُ الإِمَامُ بِشَيءٍ فَلْيَجْعَلْ مَا أَدْرَكَهُ مَعَ الإِمَامِ أوَّلَ صَلاَتِهِ )) ([141]).

مسألة: (ولا يَعتدُّ من الركعات إلا بما أدرك الركوع مع الإمام فيها)، وذلك مما لا خلاف فيه، وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ((إِذَا أَدْرَكْتَ الإِمَامَ وَهو رَاكِعٌ فَركعت مَعَهُ، فَاعتد بتلك الركعة، وإذا أدركته وهو ساجد فسجدت معه فلا تعتد بتلك السجدة )) ([142]).

فصـل: ويستحب لمن أدرك الإمام ساجدًا أن يسجد معه فإذا رفع رأسه افتتح الصلاة بتكبيرة الإحرام([143]).

وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سمع خَفْقَ نَعْلِ رجلٍ وهو ساجد، فلمَّا فَرَغَ من صلاته قال: ((مَنْ هَذَا الَّذِي سَمِعْتُ خَفْقَ نَعْلَيْهِ؟)) قال: أنا يا رسول الله، قال: ((فَمَا صَنَعْتَ؟)) قال: وجدتك ساجدًا فسجدتُ، قال: ((هَكَذَا فَاصْنَعُوا وَلاَ تَعْتَدَّوا بِهَا، وَمَنْ وَجَدَنِي قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَلْيَكُنْ مَعِيْ عَلَى حَالَتِي الَّتِي أَنَا عَلَيْهَا)) ([144]).

فصـل: ويجوز للمرأة أن تؤمَّ النساء وتقف وسطهنَّ .

وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه دخل على أم سلمة، فرأى عندها نساءً يُصلِّين، فقال لها: أَفَلاَ أَمَمْتِهنَّ؟ قَالَتْ: أو يصح ذلك ! قال: ((نَعَمْ، لاَ يَكُنَّ أَمَامَكِ ولا خَلْفَكِ، وَلَكِنْ عَنْ يَمِيْنِكِ وَعَنْ يَسَارِك)) ([145]).












باب صلاة التطوع

مسألة: (والنوافل المؤكَّدة من الصلاة أربع صلوات: ركعتان قبل فريضة الفجر) ولا خلاف في ذلك، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن على شيءٍ من النوافل أشدّ معاهدةً منه على ركعتين قبل الفجر([146]).

مسألة: (وركعتان بعد صلاة الظهر).

وذلك لما روي عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى في بيتها ركعتين بعد العصر، فقالت: ما هاتان الركعتان؟ فقال: ((كُنْتُ أُصَلِّيْهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ، فَجَاءَنِي مَالٌ فَشَغَلَنِي فَصَلَّيْتُهُمَا الآن)) ([147]). فلما قضاهما بعد الفوت، دلَّ ذلك على تأكيدهما.

مسألة: (وركعتان بعد المغرب).

وذلك لما روي عن ابن مسعود أنه قال: ما أحصي ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأُ في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب بقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد([148])، فلما داوم عليهما دلَّ ذلك على تأكيدهما.

مسـألة: (والوَتْر ثلاث ركعات بتسليمةٍ واحدة، ويقنت في الثالثة منهنَّ) ([149]).

أما كونها سنةً([150]) فلما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ((الوتر ليس بفريضة كالصلاة المكتوبة، إنما هي سنة سنَّها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)) ([151]) .

قلنا: وهي ثلاث ركعات بتسليمةٍ واحدة؛ لما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قـال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُوتِرُ بثلاث ركعات لا يسلِّم إلا في آخرهنَّ، يقرأ في الأولى بسبح اسم ربك الأعلى، وفي الثانية بقل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة بقل هو الله أحد والمعوذتين)) ([152])، وقال: ((إنما نوتر بسورة الإخلاص إذا خفنا الصبح فنبادره [يعني أنه يقرأ الإخلاص فقط بعد الفاتحة في الركعات الثلاث])) ([153])، وقد ذكرنا القنوت فيما تقدَّم من سنن الصلاة، فلا وجه لإعادته.

مسألة: (ومن النوافل التي ليست بمؤكَّدة ركعتان بعد العشاء الآخرة، وقبل الوتر).

وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يصليهما في بعض الأوقات.

وإنما قلنا: إنها ليست بمؤكَّدة؛ لأنه يروى عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان لا يداوم عليها، والمؤكدة هي ما كان يداوم عليها صلى الله عليه وآله وسلم.










باب صلاة العيدين

مسألة: (وصلاةُ العيدين ركعتان يبتدئُ بالقراءة([154]) في كل ركعة بفاتحةِ الكتاب وسورةٍ معها، ويكبِّرُ بعد الفراغ من القراءة في الركعة الأولى سبعَ تكبيرات يفصل بين كل تكبيرتين بأن يقولَ: اللهُ أكبرُ كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، ويركع بالثامنة، ويُكبِّر بعد الفراغ من القراءة من الثانية خمس تكبيرات، يفصل بينهما بما ذكرناه ويركع بالسادسة).

وإنما قلنا: إنهما ركعتان لما ورد في الأخبـار أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي في العيدين ركعتين([155]).

وقلنا: يقدم القراءة في الركعتين على التكبيرات؛ لما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يقدم القراءةَ فيهما على التكبير([156])، ومثل هذا الترتيب يجب أن يكون مأخوذًا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ إذ لا طريق إليه من جهة الاجتهاد.

وقلنا: إنه يُكبِّرُ في الأولى سبعًا وفي الثانية خمسًا؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كَبَّر في الأولى سبعًا وفي الثانية خمسًا سوى تكبيرة الصلاة([157]).

وأما الفصل بين كل تكبيرتين بما ذكرنا فوجهه ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يَفْصِلُ بين كل تكبيرتين بالدعـاء([158]).

مسألة: (وإذا كان إِمَامٌ خطب بعدهما خطبتين يقعد بينهما).

وذلك لما روي عن النبي أنه صلى بهم يومَ عيدٍ قبل الخطبة ([159]). وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه خرج يوم العيد فصلى بغير أذان ولا إقامة ثم خطب بالناس خطبتين وجلس بين الخطبتين وكانت صلاتُه قبل الخطبتين أصلا ([160]). وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يخطب في العيدين خطبتين بعد الصلاة([161]) ويحث الناس في خطبة عيد الفطر على إخراج زكاة الفطر، وفي عيد الأضحى على الأضحية؛ ولأن عمل المسلمين قد جرى بذلك.

فصـل: ويجهر بالقراءة في صلاة العيدين؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يجهر بالقراءة فيهما([162]).










باب صلاة الاستسقاء

مسألة: (وصلاة الاستسقاء هي أن يصلي المسلمون في ظاهر البلد الذي أصابه الجَدْبُ جماعةً بإمام أربعَ ركعاتٍ يفصلون بينهما بتسليمتين، ثم يستغفرون الله ويتوبون إليه ويجأرون بالدعاء ومسألةِ الرحمة) ([163]).

والوجه في ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه استسقى يوم الجمعة وهو يخطب للجمعة([164])؛ وصلاة الجمعة في حكم أربع ركعات؛ لأن الخطبتين بمنـزلة ركعتين ؛ فكان ذلك أصلاً لكون صلاةِ الاستسقاء أربعَ ركعات. وأما الدعاء والاستغفار والخروج إلى ساحة البلد فلما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يفعلُ ذلك([165])، وقد قال الله سبحانه وتعالى: ( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمآءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ) [نوح: 10-11] .

فصـل: وعند السيد المؤيد بالله قدس الله روحه في الجنة، صلاةُ الاستسقاء ركعتان، ووجهه ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه خرج يستسقي فصلى ركعتين([166]).

مسألة: ثم يَقْلِبُ الإمامُ رداءَه، وينصرف هو والمسلمون.

وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان إذا استسقى قلب رداءه([167]). ووجهه أنه تفاؤُلٌ كأنه يقول: حَوِّلْ عنا الجَدْبَ كتحويل هذا الرداء .









باب صلاة الكسوف

مسألة: (وصلاةُ الكسوف عشر ركعات([168]) في أربع سجدات، والتسليم مرة واحدة في آخرهن)، وهو إجماع أهل البيت عليهم السلام([169]).

وذلك لما روي عـن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لما انكسفت الشمس صلى بهم، فقرأ سورةً من الطوال، وركع خمس ركعات، وسجد سجدتين، ثم قام إلى الثانية فقرأ سورةً من الطوال، وركع خمس ركعـات، وسجد سجدتين، ثم جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى انجلى كسوفُها ([170]). وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه صلى فقرأ، ثم ركع، ثم رفع رأسه فقرأ حتى فعل ذلك خمسَ مرات، ويكبر عند رفع رأسه من الركوع في الأربع، ثم يقول بعد الخامسة: سمع الله لمن حَمِدَه، ثم يقوم ويسجد، ثم فعل في المرة الثانية مثل ذلك([171])، وهذا يجرى مَجْرَى المسند؛ إذ لا طريق للاجتهاد فيه.

مسألة: (والمصلي بالخيار فيها بين الجهر والمخافتة).

والوجه في ذلك ما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جهر بالقراءة فيها مرة وخافت مرة([172])، فصار ذلك أصلاً في التخيير.

فصـل: وعند السيد أبي العباس الحسني([173]) رحمه الله أن هذا التخيير إنما يكون في كسوف القمر، فأما كسوف الشمس فلا بد فيه من المخافتة؛ لأنه من صلاة النهار وقد قيل: إن صلاة النهار عجماء، غير أن ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أنه جهر في كسوف الشمس يوضح أن التخييرَ ثابتٌ في ذلك أيضًا.
قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت و يطهركم تطهيرا)
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي ولفاطمة وحسن وحسين(اللهم هؤلاء اهل بيتي فأذهب عنهم الرجس)
اللهم صلي على محمد وآل محمد

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات التاريخية والآثار الإسلامية“