مقالة السيد الجلالي (الزيدية والاماميه يدا بيد)

هذا المجلس للحوار حول القضايا العامة والتي لا تندرج تحت التقسيمات الأخرى.
أضف رد جديد
محمد النفس الزكية
مشرفين مجالس آل محمد (ع)
مشاركات: 1642
اشترك في: الأحد يناير 18, 2004 6:14 am
مكان: هُنــــاك

مقالة السيد الجلالي (الزيدية والاماميه يدا بيد)

مشاركة بواسطة محمد النفس الزكية »

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله الاطهار
اما بعد,فهذا رابط لمقالة السيد العلامة الجلالي حول الزيدية وحول الامام مجدالدين المؤيدي حفظه الله وكذلك عن رأيه حول الامامية في اليمن



http://www.hadith.net/arabic/produc...um-a/12/007.htm
آخر تعديل بواسطة محمد النفس الزكية في الأربعاء فبراير 11, 2004 11:24 pm، تم التعديل مرتين في المجمل.

صقر اليمن
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 339
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 03, 2003 11:21 pm
مكان: صنعاء- اليمن

مشاركة بواسطة صقر اليمن »

هي ليست فتوى بل مقالة بعنوان (الزيدية والإمامية يدا بيد)ارجو منك اومن السيد الموسوي إثباته هنا

محمد النفس الزكية
مشرفين مجالس آل محمد (ع)
مشاركات: 1642
اشترك في: الأحد يناير 18, 2004 6:14 am
مكان: هُنــــاك

مشاركة بواسطة محمد النفس الزكية »

اشكر السيد الوجيه على تعقيبه

الموسوي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 427
اشترك في: الجمعة ديسمبر 19, 2003 12:19 am

الإماميّة والزيديّة يداً بيدٍ في حماية تراث أهل البيت (ع)

مشاركة بواسطة الموسوي »

المقالة التي كتبها السيد المعظم محمدرضا الحسيني الجلالي ليس في خصوص الزيدية أو الامامية في اليمن كما توهمه الأخ العزيز و ليس بفتوى يصدرها المفتي كما نبه عليه السيد الوجيه بل مقالة كتبها حفظه الله و نشره في مجلة العلوم الحديث المنتشرة في قم المقدسة, شفقة علي الشيعة بعد ما كان يراه من محاولة بعض الجهال في تفرقة الصف تقصيرا أو قصورا و هو في هذه المقالة لا يعاتب جهة واحدة و معينة بل يعاتب كل من الطرفين اذا خرجوا من طريق الاعتدال و الاستواء و في الحقيقة كان السيد متأذي من كتاب نشر باسم الزيدية و الامامية وجها لوجه و من محاولة بعض الاخوان في طريق نشر بعض التراث الزيدية المتعلقة بالماضي و المركزة علي مسائل خلافية كما كان غير راض من بعض التصرفات لبعض الشباب الذين أعلنوا انهم من المنتمين الى الامامية في اليمن حيث يعطون لأنفسهم حق النقد و الانتقاد لأسلافهم و المذهب الزيدية من دون أن يعرفوا حقيقة المذهب و قيمتها و - كما يراه السيد و أراه أنا ايضا- أن الزيدية و الامامية ليسا بمختلفين في الحقيقة و الجوهر و اذا يوجد خلافات فهي بسيطة جدا لا يمكن و لا يجوز أخذها كوسيلة للهجوم علي الاخر. فأرجو من الاخ محمد أيضا التثبت في استخدام الكلمات و أدعوه كأخ له الى التوجه الى الموتلف قبل المختلف و استخدام عبارات تجمع الكلمة قبل ان تفرق. و اليكم نص المقالة بعنوان الإماميّة والزيديّة يداً بيدٍ في حماية تراث أهل البيت عليهم السلام و الذي تمنيت نشره في هذه المجالس و اشكر الأخ العزيز محمد, على هذه المبادرة:
قراءة في كتاب «لوامع الأنوار في جوامع العلوم والآثار اُولي العلم والأنظار»
للإمام الزيدي السيّد مجد الدين محمّد بن منصور الحسني المؤيّدي .

صدر العام الماضي (1422ه ) في طبعته الثانية ، من مركز أهل البيت : للدراسات الإسلامية ، في اليمن ، مدينة صعدة ، في ثلاث مجلّدات (297 + 833 + 790ص) .
ومن جهاتٍ عديدةٍ ، لهذا الكتاب أهميّةٌ بالغةٌ :
1 - إنّ مؤلّفه من أعلام الزيديّة المعاصرين ، وقد أمدّه اللَّه بعمر طويل بالاشتغال بالعلم ولقاء العلماء ، والبحث والتنقيب ، ممّا جعل هذا الكتاب مليئاً بالمعلومات القيّمة .
2 - اختصاص الكتاب بالتعريف بالتراث الزيدي ، الذي غابت المعرفة به عن الفرق الاُخرى ، وبأعلامه الفطاحل ذوي المواهب والفضائل ، وهم بلاريبٍ من علماء الاُمّة الذين لهم يدٌ في رفع أعمدة الدين ، وتلميع وجهه الصافي من أكدار المشكّكين والمحرّفين ، وفي تراثهم العظيم حفظت نصوصٌ كثيرةٌ من معارفه الهامّة .
3 - إنّ هذا الكتاب هو أكبر جهدٍ ببيولوغرافي زيديّ ، يُنشر في عصرنا الحاضر ، وهو جامعٌ لما انتثر في أكثر من (20) كتاباً في هذا فنّه ، مما يُعدّ ضرورة عصريّة ملحّة ، مضافاً إلى ما تخلّله من معلوماتٍ وآراءٍ وزّعها المؤلّف دام مجده في صفحات مختلفة .
ومن أجل هذه الخصوصيّات ، كان من الضروريّ التعريف به ، ليطلّع القرّاء الكرام على محتواه ، وليكون أداةً للتعارف بين الطوائف ، وثمّ التقارب والتآلف ، حتّى رصّ الصفّ بين الاُمّة الإسلاميّة المجيدة .
وكان لهذا الكتاب طبعةٌ سابقةٌ ، أهدانيها الأخ الفاضل السيّد محمّد قاسم الهاشمي ، في زيارة له ، فطالعته ، فوجدته كنزاً ثميناً يحتوي على الغوالي من اللآلى‏ء التي طالما كنتُ أبحثُ عنها ، فقمتُ بكتابة تعريفٍ بالكتاب وتبيين محتواه وشرح آثاره ، نشر ذلك التعريف في الجزء الثالث من تلك الطبعة(1) .
وعندما طالعتُ الكتاب صحّحتُ ما وجدتُ فيه من هفوات مطبعية ، وعلّقت على مواضع منه .
وفي زيارةٍ اُخرى للسيّد الهاشميّ ، وقف على عملي في الكتاب ، فأخذ النسخة المصحّحة تلك ، لأنّه - كما قال - عازمٌ على طبعته ثانية .
وفي هذا العام أرسل إليّ - مشكوراً - هذه الطبعة الممتازة بالصحّة التامّة ، وفيها المقدّمة التي كتبتها في الجزء الأوّل(2) وبعض التعليقات التي علّقتها(3) .
ولكنّ المقدّمة التي كتبتها ، لم تطبع في الطبعتين كاملةً ، بل حذف صدر كبيرٌ منها ، لأسباب خاصّة .
وبمناسبة صدور الطبعة الثانية ، فإنّي اُقدّم تلك المقدّمة كاملة ، مع حديث آخر قصير عن «الرابطة بين الإماميّة والزيديّة في المجال الثقافيّ ، والمراودة العلميّة ، في سبيل إحياء مذهب أهل البيت :» فنقول :
الفرق الشيعيّة المعروفة ، الخالدة(4) حتّى يومنا هذا ، هي : الإماميّة الاثناعشرية ، والزيديّة الجارودية(5) والإسماعيليّة .
وهي - كغيرها من الفرق الإسلاميّة - لم تُبرُز متميّزةً عن بعضها بوضوح ، إلّا بعد القرن الثالث ، ودخول القرن الرابع الهجري ، حيث تميّز المذهب الإماميّ بالغيبة عام (329ه) .
وأمّا الزيديّة والإسماعيليّة فالتزموا بأئمّةٍ حاضرين؛ إمّا ظاهرين ، أو مختفين ، وانفردت الإماميّة بالالتزام بالإمام الغائب عن الأنظار ، تبعاً للنصوص التي تظافرتْ وأخبرتْ عن وقوع غيبته ، وأكّدتْ على ذلك(6) .
والالتزام بغيبة الإمام ، يقتضي بوضوح نفي الإمامة عمّن يدّعيها من الحاضرين ، فكان هذا بداية الابتعاد والافتراق بين الإماميّة والزيديّة ، والدخول في البحوث والردود بين المذهبين ، بعد ما كان التداخل بينهما قبل ذلك والتقارب والتآلف أمراً ملموساً .
وأسباب التآلف بين الإماميّة والزيديّة كثيرةٌ وواضحةٌ ، لاتّحادهما واشتراكهما في المشاكل والمسائل ، فهما - معاً - معارضان لنظم الحكم الجاثم على صدر الاُمّة ، ويعتقدان بالنصّ على الإمام بعد النبيّ‏صلى الله عليه وآله ويعتقدان بعصمة الخمسة النبيّ وأهل البيت‏عليهم السلام أصحاب الكساء ، ويلتزمان بالعدل والتوحيد بنفي التشبيه والتجسيم ، وهذه من الاُصول المميّزة للشيعة عن غيرهم .
وفي جميع هذه الاُصول ، يتّفق الطرفان على أدلّتها وحججها ، وطريقة الاستدلال ، بشكلٌ تامّ وكامل .
وكذلك يجتمعان على أكثر من فرعٍ في أبواب الأحكام ، والأهمّ من ذلك اتّفاقهم على أدلّة الأحكام ، بعد القرآن الكريم ، فهما يعتمدان على إجماع أهل البيت : مصدراً وثيقاً دلّت على دليليّته آيات القرآن ، وأحاديث السنّة المتواترة ، وكذلك الاعتماد على ما رواه الثقات الأبرار من شيعة آل محمّد ، ممّن التزموا بالولاء لهم ، وأخذوا علوم الدين منهم ، باعتبارهم ثاني الثقلين اللذَين خلّفهما الرسول صلى الله عليه وآله من بعده .
ولذلك نجد التداخل الواسع بين الزيدية والإمامية ، في أعداد هائلة لرواة الحديث الشريف ، حتّى قال الإمام السيّد بحر العلوم: «إنّ أكثر رواتنا في الكوفة من الزيديّة«(7) .
وقد اشتركا - الإماميّة والزيديّة - في أمرٍ مهمٍّ في مصادر الدين والمعرفة ، وهو : «حجّية أحاديث الأئمّة من أهل البيت‏عليهم السلام» ، حتّى لو لم يرفعوها إلى النبيّ‏صلى الله عليه وآله في ظاهر الإسناد ، اعتماداً على أنّهم إنّما تلقّوا علومهم من النبيّ صلى الله عليه وآله من طريق آبائهم ، أبٍ عن جدٍّ ، إلى أن تصل سلسلة الإسناد إلى الرسول صلى الله عليه وآله .
وقد كانت العامّة تعدّ حديث الأئمّةعليهم السلام من المرسَل8, لكن الأئمّة ردّوا على ذلك ، وعلى من قال: «إذا حدّثتني بحديثٍ فأسْنِدْهُ لي ؟ !» أجابوه بقولهم : «حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدّي، وحديث جدّي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث الحسن ، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين ،وحديث أمير المؤمنين عليه السلام حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وحديث رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قول اللَّه عزّ وجلّ«(9) .
وقد أصبح هذا من المتسالم عند الشيعة ، حتّى قال شاعرهم:
ووالِ اُناساً قولُهم وحديثُهم
روى جدُّنا عن جبرئيل عن الباري
وقال الناصر الأطروش:
وقولُهُمْ مسندٌ عن قول جدّهمُ
عن جبرئيلَ عن الباري إذا قالُوا(10)
وقال المنصور باللَّه :
واللَّه ما بيني وبين محمّدٍ
إلّا امرؤٌ هادٍ نماهُ هادِ
ما بينَ قولي : «عن أبي عن جدّه»
وأبو أبي فهو النبيّ الهادي
وفتىً يقول: «روى لنا أشياخنا»
ما ذلك الإسناد من إسنادي
ما أحسن النظر الصحيح لمنصفٍ
في مقتضى الإصدار والإيراد
خُذْ ما دنا ودعِ البعيد لشأنهِ
يغنيك دانيهِ عن الإبعادِ(11)
(2)
ويتبلور عدم التمييز بين الإماميّة والزيديّة الجاروديّة ، في عصر حضور الأئمّة : من المواقف الرائعة المعهودة من أئمّة أهل البيت : تجاه حركة زيد الشهيد ، ومواقفهم من الزيديّة الذين كانوا معه .
ففي «العقد الثمين» للمنصور باللَّه ، عبداللَّه بن حمزة عن «المحيط بالإمامة» ما نصّه: روى الناصر؛ الحسن بن عليّ‏عليه السلام بإسناده إلى عبدالرحمن بن سيّابة ، قال: دفع أبو عبداللَّه ، جعفر بن محمّد عليهما السلام إليّ ألف دينار ، وأمرني أنْ أقسّمها في عيال من اُصيب مع زيد بن عليّ عليهما السلام فقسّمتها ، فأصاب عبداللَّه بن زبير الرسّان أربعة دنانير(12) .
وهذه الرواية - التي نقلها الزيدية ،وردت في المصادر الإماميّة:
فقد الكشّي ، قال : إبراهيم بن محمّد بن العبّاس الختلي ، قال: حدّثني أحمد ابن إدريس القمّي ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالرحمن بن سيّابة ، نحوه(13) .
ويظهر من كون الراوي هو «عبدالرحمن بن سيّابة» ورواية «ابن أبي عمير» عنه أنّ أصل هذه الرواية حديث إماميّ ، وأنّ الناصر الأطروش أخذها من الإماميّة .
وهناك روايةٌ إماميّة اُخرى نقلها الإمام الشيخ المفيد (ت413ه) قال في خروج زيد واستشهاده عليه السلام: ولمّا قتل ، بلغ ذلك من أبي عبداللَّه عليه السلام كلّ مبلغ ، وحزن له حزناً عظيماً: حتّى بان عليه ، وفرّق من ماله على عيال من اُصيب معه من أصحابه ألف دينار ، روى ذلك أبو خالد الواسطي ، قال: سلّم إليّ أبو عبداللَّه‏عليه السلام ألف دينار ، وأمرني أن اُقسّمها في عيال مَن اُصيب مع زيد ، فأصاب عيال عبداللَّه ابن الزبير أخي فضيل الرسّان ، منها أربعة دنانير(14) .
وهذه الرواية أنسب أن تكون زيديّة لمكان أبي خالد الكابليّ ! .
ولئن كانت عمليّة رفد عوائل الشهداء مع زيد ، مادّياً ، دليلاً عاطفياً واضحاً ، على مدى التقارب والتداخُل بينَ الإمام الصادق عليه السلام والمعروفين بالزيديّة ، لكنّها تظلّ عمليّة خاصّة .
والموقف الأظهر والأقوى ، هو ما قام به الإمام الصادق‏عليه السلام من دفاع عن الحقّ في وجه مَنْ أعلن السبّ والشماتة لآل محمّد ، بعد مقتل محمّد وإبراهيم ابني عبداللَّه ابن الحسن .
قال المنصور : قد رُوِّينا بالإسناد الموثوق به إلى السيّد أبي طالب‏عليه السلام قال: أخبرنا أبي‏رحمه الله قال: أخبرنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن أحمد بن إدريس ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن معاوية بن حكيم(15) عن محمّد بن موسى ، عن الطيالسي ، قال: لمّا قَتَلَ أبو جعفر ]العبّاسي [ محمّداً وإبراهيم ]ابني عبداللَّه بن الحسن[ عليهما السلام وجّه شيبة بن عقال إلى الموسم ، لينال من آل أبي طالب ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ قال:
إنّ علي بن أبي طالب شقّ عصا المسلمين ،وخالف أمير المؤمنين ،وأراد هذا الأمر لنفسه ، فحرمه اللَّه اُمنيته ، وأماته بغيظه .
ثمّ هؤلاء ولده يُقتَّلون ، وبالدماء يُخضّبون !
فقام إليه رجلٌ ، فقال : نحمد اللَّه ربّ العالمين وصلّى اللَّه على محمّد وأنبيائه المرسلين .
أمّا ما قلتَ من خيرٍ ، فنحنُ أهله ، وأمّا ما قلتَ من شرٍّ فأنتَ به أولى ، وصاحبك به أحرى .
يامن ركبَ غير راحلته ، وأكل غير زاده ، ارجع مأزوراً غير مأجورٍ .
ثمّ أقبل على الناس فقال : ألا اُخبركم بأبخس من ذلك ميزاناً وأبين خسراناً: مَنْ باع آخرته بدنيا غيره ، وهو هذا .
ثمّ جلس . فقال الناس: مَن هذا ؟ فقيل : جعفر بن محمّد عليه السلام(16) .
إنّ وجود الإمام الصادق عليه السلام في مثل هذا الموقف ، وتصدّيه لخطيب الخليفة السفّاك المتغلّب ، بهذا الشكل ،إعلانٌ للمعارضة بلا خفاء ، وشجاعةٌ عظيمةٌ بلاريبٍ ، ودفاعٌ عن تلك الدماء الطاهرة التي اُريقت ظلماً وعدواناً ، وعن الحقّ الذي غُصيب لعليّ وأولاده زوراً وعدواناً ، ودحرٌ لمكايد الحاكمين الذين يريدون إغواء الاُمّة بهذه الدعايات المضلّلة ، ومن حناجر وعّاظ السلاطين الأذلّاء ، وبالتالي أداءٌ لحق الإمامة المفترَضة عليهم ، وهو - أوّلاً وأخيراً - هداية الناس ومنعهم من الانخداع والانضواء تحت لواء الباطل .
وقد تحمّل الأئمّة الاثنا عشر المظالمَ والحيفَ والأذى بوجودهم في ظلّ تلك الحكومات الجائرة ، لأداء هذه المهمّات الخطيرة ، ولم يفرّغوا الساحة للظالمين يصولون ويجولون ، ويسرحون ويمرحون حسب أهوائهم ، ولا لأعوانهم يفعلون ما يشاؤون لمصالح أوليائهم .
فإنّ الأئمّة : بقوا في العواصم الكبرى ، وظلّوا في مراكز العلم والإرشاد ودخلوا مجامع الناس ومواقفهم ، لينشروا الحقّ ويؤدّوا تلك المهمّات الإماميّة العظيمة ، ولم ينسحبوا عن المواقع الهامّة ، ولم يقنعوا بتأسيس دويلة في بقعة نائية من البلاد الإسلاميّة الكبرى ، تاركين للاُمّة وهواها ، والحاكمين وأهواءهم .
بل ، زهد أئمّتنا الكرام عن مثل تلك الحكومات الصغيرة ، والمؤقّتة ، وذوات المجموعات المحدودة من الناس والشعب والاُمّة ، وبقوا في مراكز العلم والدين والقوى ، يُنابذون الأعداء ، ويُعارضون أفكارهم ، ويهاجمون خططهم ، ولا يبالون بما يصيبهم من أذىً وقتلٍ وسجنٍ وتعذيبٍ ومطاردةٍ وإهانةٍ ، فإنّ ذلك في سبيل اللَّه يهون .
ولقد كان من أبرز آثار هذا الوجود :
1 - استمرار المدارس الدينيّة الأصيلة ، للفكر الإسلاميّ الإماميّ ، وانتشاره مع رواته وتلامذته في أنحاء العالم الإسلاميّ ، ونفوذه إلى المدارس الاُخرى الموجودة معها في عواصم الدولة ، والمدن الكبرى ، بحيث تجد حديث الأئمّة الحاوي لفكرهم منشوراً وموجوداً في تراث المدارس العامية ، بشكل ملحوظ ، بالرغم من الحذف والتشذيب الذي‏أجروه، بإخلائه‏من‏فكرالأئمّة ، وباسم تأليف «الصحاح»!.
2 - الحدّ من الانحراف العميق الذي كان الحكّام ، وبواسطة وعّاظ السلاطين ، يوجّهون إليه فكر الاُمّة وشريعتها ، وذلك بالمعارضة والجدال والبحث ، وبإعلان الرأي المخالف للباطل ، والمؤيّد بأدلّة الحقّ من الكتاب والسنّة .
3 - وبالتالي الإعلان عن واقع الإسلام وحقّه ، وحقّ الدماء الزكيّة التي اُريقت وتراق في أقطار الأرض التي يقوم عليها والٍ باسم الإسلام ، بينما هو أبعد ما يكون من علمه ، ومعرفته ، وعدله ، وإنصافه ، وزهده ، وتقواه ، ونوره ، وهدايته ، ورأفته ، ورحمته .
إنّ الجهاد الذي تحقّق على أيدي الأئمّة : بهذا الشكل لهو عين الهدف للجهاد الذي قام به أبطال أهل البيت‏عليهم السلام من التضحيات بالنفوس الطاهرة ، والدماء الزكيّة ، بل هو أقوى أثراً ، وأخلد ذكراً ، وأوسع نطاقاً .
(3)
إنّ ظهور الأئمّة الاثني عشر : إلى جانب جهاد الأئمّة الزيديّة؛ كان داعياً إلى وقوف أتباعهما موقفاً واحداً ضدّ العدوّ المشترك ، وهم بنو اُميّة والعبّاس ، من الحكّام الجهلة الفسقة الجائرين .
فقد كان - أتباع أهل البيت - بعضهم سنداً لبعض في مناطق اجتماعهم ، كالكوفة وبغداد ، والريّ وخراسان ، ضدّ الفرق المعادية من ناصبة ، وخوارج ، ومعتزلة ، وحشوية ، وغيرها .
وكما أشرنا سابقاً؛ فإنّ دخول عهد الغيبة ، وخاصّة الكبرى (عام 329ه) أبرز الانفصال .
وبانحسار الزيديّة إلى اليمن ، وانحصار نشاطها بتلك الديار وجبالها ، نجد ابتعاداً علميّاً واجتماعياً ، ممّا أدّى إلى الابتعاد الفكري والوحشة المذهبيّة .
وفي هذه الفترة بالذات نجد الكثير من المحاورات التي جرتْ بين الزيديّة الذين استوحشوا من الغيبة واستغربوها ، بل ، وجدها زعماؤهم معارضةً قويّةً لنظريّة الإمامة الحاضرة التي يتولّونها .
وكذلك دافع الإماميّة عن اعتقاد الغيبة ، باعتبارها من الاُمور التي قدّرها اللَّه وفرضها ، وأنبأ عنها الرسول والأئمّة الأطهار ، منذ صدر الرسالة وإلى حين وقوعها ، وفرضوا الإيمان بها على الأمّة ، وجعلوا انتظار الفرج من أفضل الأعمال ، وقد ألّف العلماء في ذلك الكتب الكثيرة الجامعة للأدلّة القويّة والمحكمة .
وربما - بل: قد - وقعَ في خلال هذه المحاورات ما يُسي‏ءُ إلى الأطراف ، ممّا ليس في مصلحة الجميع ، وقد - وربما - أفرط بعضٌ في حديثه ، أو فرّط ، بما يثقل على الناظرين والقارئين اليوم .
لكن الاُمور لابدّ أنْ تُقدّرَ بظروفها ، وهي مرهونةٌ بأوقاتها ، ولايمكن أن تكون تصرّفات أولئك ملاكاً ، ولا أساساً ، ولا حكماً فاصلاً ،يحكم به على الأطراف كلّها ، وعلى مدى الزمان كلّه ، سيّما إذا راجعنا المشتركات من مصادر ومعارف ، ومصالح مصيريّة هامّة ، ومتجدّدة .
ولاريبَ أنّ الشقاقَ بين الزيديّة والإماميّة في ذلك العصر ، كان في مصلحة الحكّام من آل عبّاس ، الواثبين على رقاب المسلمين ، وهم جهلةٌ فسقةٌ فجرةٌ .
إنّ اختلاف المذاهب وتشاحنها وتنازعها ، وافتراق العلماء بينهم على أساس ذلك لهو من مآرب الحكّام الظلمة ، وإلّا؛ فإنّ تآلفهم وتقاربهم واجتماعهم واتّحاد كلمتهم يؤدّي إلى زعزعة عروش الحكّام اُولئك على ما كانوا عليه من ظلم ، وتعدٍّ ، وفجور ، وفسق ، وجهل ، وعدوان .
ولابدّ من البحث عن الأيدي الخفيّة الآثمة التي كانت تعمل من وراء الأستار ، لإشعال نيران الفتنة بين المذاهب والفرق - حتّى العامّية في ما بينهم - في تلك العصور .
كما لابدّ من البحث عن جذور الروابط الوثيقة العلميّة والمعرفية بين المذهبين الإماميّ والزيديّ على طول الخطّ ، تلك الجذور التي لم يكن بإمكان أحدٍ مهما تعصّب أو تطرّف أن ينكرها أو يتجاهلها ، فضلاً عن أن يقطعها؛ لأنّها تحتوي على اُصول العلم من أدلّة العقائد ، وأحاديث الشرائع والأحكام ، بل ، ترسم خطوط الأهداف والأعراف ، وتكتب صفحات التاريخ الشيعي المجيد؛ ببطولاته ومآسيه وآلامه وآماله ، وهي مبثوثةٌ في بطون التراث من جوامعه وكتبه ورسائله .
(4)
وفي كلّ طبقةٍ من القرون نقف على درر ثمينة ، هي وسائط هذا العقد الثمين الغالي؛ كالصحيفة السجّادية في القرن الأوّل ، وصحيفة الرضا في القرن الثاني ، ونهج البلاغة في القرن الخامس ، وسواها في ما قبلُ ، ومن بعدُ .
ولكلّ واحدٍ من هذه‏الكتب ، وموقعه من تراث الطائفتين ، وأثره في فكرهما ، وما دار حوله من آثار ومؤلّفات وتعاليق وحواشٍ ونسخٍ ، وما يجمع الطائفتين في كلّ من هذه المحطّات ، لكلّ ذلك مجالٌ واسعٌ للدراسة والبحث والتحقيق ، وسيجتمع من ذلك ما يبهر العيون ، وينعش النفوس ، ويجمع الكلمة على التقوى .
أمّا البحث والتنقيب في بطون كتب التراث عند الطائفتين ، فمن المقطوع به أنّه سيوقفنا على الكثير ممّا نفتقده اليوم ، أو تراه ضائعاً من حلقات التأريخ ، وأدلّة الأحكام ، وتراجم الأعلام ، وتفاسير الأحداث وأسبابها ، ممّا يوقفنا على العجب العجاب .
وقد وفّقنا اللَّه للوقوف على عيّناتٍ من ذلك ، نورد بعضها - هنا - ليعتبر الباحثون :
لقد كانت لنا جولة قصيرة في بعض التراث الزيديّ‏الذي توفّر لنا بغير سهولة ، فوقفنا على أحاديث وأخبار هامّة لها الأثر في دعم المعارف الحقّة ، ومرويّة بالطرق الموثوقة عند كلا الطائفتين - الإماميّة والزيديّة - وبالخصوص ما يرتبط بأهل البيت‏عليهم السلام ممّا لانجد له أثراً في المتداول ، أو لا يزال في بطون المخطوطات التي لم تنشر حتّى الآن ، أو في المفقودات التي أتى عليها الدهر ، أو طالته الأيدي الآثمة .
ومثالٌ لذلك ما وجدناه من رواية:
«تسمية مَنْ قتل مع الحسين‏عليه السلام من ولده وإخوته وشيعته»
التي رواها المحدّث الشيعيّ الأقدم الفُضَيل بن الزُبَيْر بن دِرْهَم الرَسّان ، الكوفي ، من أصحاب الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام .
أوردها المرشد باللَّه ، يحيى بن الحسين أبو الحسين الرازي (479 - 412ه) في كتابه «الأمالي الخميسيّة» .
وقد رواه عنه الشهيد حُميد المحلّي (ت652ه) في كتابه «الحدائق الوردية في تاريخ الأئمّة الزيديّة» .
فحقّقنا نصّه ، ونشرناه(17) .
وممّا جاء فيه النصّ التالي :
«وكان عليّ بن الحُسين‏عليه السلام عليلاً ، وارْتُثّ يَومئذٍ ، وقد حَضَرَ بعضَ القِتال ، فدَفَعَ اللَّهُ عنه ، وأُخِذَ مَعَ النِساء ، هُو ، ومُحمّد بنُ عَمْرو بن الحَسَن ، والحَسَنُ بن الحَسَن بن عليّ بن أبي طالب‏عليهم السلام«18.
وقوله : «وارْتُثّ يَومئذٍ ، وقد حَضَرَ بعضَ القِتال» يعني : أنّ الإمام السجّادعليه السلام قد قاتَلَ في معركة كربلاء يوم عاشوراء ، ولكنّه جُرِحَ في المعركة ، واُخرج منها حيّاً وبه رَمَقٌ(19) . وهذا النصّ له أهميّةٌ من ناحيتين :
1 - الدلالة على أنّ الإمام السجّادعليه السلام قد حَمَلَ السلاحَ ، وجاهَدَ في كربلاء ، وهذا يقتضي أن يكون جامعاً لشرائط الإمامة لدى الزيديّة ، كما كان يلتزم بإمامته قدماء الزيديّة ، ولكنّ المتأخرين منهم خالفوهم(20) بزعم أنّه عليه السلام لم يحمل السيف ، بينما يثبتُ بهذه الرواية - الزيديّة - أنّه جاهد إلى حدّ الجرح .
هذا ، بقطع النظر عن أنّ إمامة السجّادعليه السلام ثابتةٌ بالنصّ الذي رواه المسلمون - كافّةً -(21) .
2 - أنّ ما نُسِبَ إلى الإمام السجّادعليه السلام من المَرَض والعِلّة في كربلاء وبعدَها ، يمكن أن يكون على أثر هذا الجرح .
فهذا النصّ ، معَ ما له من أهميّة ، لم يكن معروفاً من ذي قبل ، عند الإماميّة ، بل لم يطّلع عليه أحدٌ من الباحثين ، حتّى أنّ الشيخ العلّامة محمّد طاهر السماويّ ، الذي وقف على «الحدائق الورديّة» للمحلّي ، وهو من مصادر كتابه «إبصار العين» قد غفل عن هذا النصّ ، ولم ينقله ولم يذكر حوله تعليقاً أو كلاماً . فلولا التراث الزيديّ ، لم نقف على هذا النصّ المهمّ الرائع . هذا ، عَدِّ عن مئاتٍ من الأحاديث والأخبار والنصوص التي تتّحد مع ما في التراث الإماميّ ، بشكل تامّ ، وهي بلاريب دعمٌ للموقف الشيعيّ الموحّد ، وتأييد للملتزَمات العقائديّة ، والمواقف التاريخيّة ، والفقهيّة ، والتفسيريّة ، وغيرها .
(5)
التداول المتبادل لمصادر التراث بين الزيديّة والإماميّة
نجد اهتماماً كبيراً لدى الإماميّة بالتراث الزيديّ منذ القرون الاُولىْ ، وحتى العصر الحاضر ، بالرواية المسنَدة ، والرعاية المؤكّدة ، فهذه الفهارس وكتب الببيولوغرافيا مشحونةٌ بتثبيت كتب الزيديّة ، والإسناد إليها وإلى مؤلّفيها .
فتراث العلّامة الزيديّ الذائع الصيت ، الحافظ ابن عقدة الكوفي: أحمد بن محمّد بن سعيد (ت333ه) من المصادر المعتمدَة لدى الإماميّة ، ولابن عقدة وجود ملموسٌ وعظمةٌ مذكورةٌ في الفهارس المعدّة أساساً لكتب أصحابنا الإماميّة(22) .
ومثل ذلك كتب أبي الفرج الأصبهاني الزيديّ .
وفي أواخر القرن السادس أثبت العلّامة المحدّث الفقيه المفسّر الشيخ محمّد بن عليّ السروي الشهير ب «ابن شهر آشو»ب (ت588ه) كثيراً من عيون التراث الزيديّ في ما استدركه على فهرست الشيخ الطوسي‏قدس سره في كتابه القيّم «معالم العلماء» فأورد مؤلّفات كثير من الزيديّة فيه باعتباره من أهل مازندران ، وهي مأوى زيديّة إيران ، ومنطقة نفوذهم ، ومقرّ أئمّتهم في الجيل والديلم .
فذكر الحاكم الجشمي (الشهيد 494) وكتبه : رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس(23). وتنبيه الغافلين في فضائل الطالبيين ، الحاوي لذكر أسباب نزول بعض الآيات(24) .
وذكر كتاب أبي القاسم البستي المراتب(25) .
وتوجد في دور الكتب وخزائنها من التراث الزيديّ الشي‏ء الكثير ، وفيها ما لا يوجد عند الزيديّة أنفسهم ، مثل بعض كتب الحافظ العلّامة الشريف العلويّ ، أبي عبداللَّه الكوفي(ت445 ه) والذي طبع منه :
فضل زيارة الحسين عليه السلام بتحقيق وإعداد العلّامة المحقّق السيّد أحمد الحسينيّ في قم .
وفضل الكوفة وفضل أهلها ، بتحقيق محمّد سعيد الطريحي ، بيروت .
ولقد أجاد وأبدع شيخنا العلّامة الطهرانيّ - شيخ مشايخ الحديث في القرن الرابع عشر - (ت1389ه) حيث أورد ما وقف عليه من التراث الزيديّ ، وأدرج أسماءها في موسوعته العظيمة : «الذريعة إلى تصانيف الشيعة» .
كما أنّ المحقّق العلّامة السيّد أحمد الحسيني ، قد أنجز كتاباً حافلاً يجمع «مؤلّفات الزيديّة» وطبع في ثلاث مجلّدات . وأخبرني فضيلته أنّ له عليه استدراكات كثيرة .
وبادر جمع من المحقّقين لإحياء التراث الزيديّ ، فصدرت أعمال قيّمة مثل :
منسك الحاجّ المنسوب إلى الإمام زيد عليه السلام الذي طبعه السيد هبة الدين الحسيني الشهير بالشهرستانيّ ، في بغداد عام 1350ه .
و «تفسير الحِبَريّ» أو «ما نزل من القرآن في عليّ أمير المؤمنين‏عليه السلام» للمحدّث الأقدم الحسين بن الحَكَم بن مُسلم ، أبي عبداللَّه الوشّاء الكوفي (ت281ه) المطبوع بتحقيق السيّد أحمد الحسينيّ في قم .
وطبع ثانية بتحقيق السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي ، في بيروت 1408ه .
و «تفسير فرات الكوفي» الذي طبع في النجف ، المطبعة الحيدرية ، بتقديم العلّامة الأديب المحقّق الشيخ محمّد عليّ الأردوباديّ الغرويّ (ت1380ه) واُعيد بعمل محمّد الكاظم ، في قم .
وللعلّامة المحقّق الشيخ محمّد باقر المحمودي جهودٌ وافرة في إحياء التراث الزيديّ طبع منها : «محاسن الأزهار» للشهيد المحلّي (ت652ه) طبع عام 1422ه في طهران، كذلك «مناقب محمد بن سليمان الكوفي» .
مضافاً إلى ما مرّ ذكره من أعمال .
وقد قامت وزارة الإرشاد والإعلام الإسلاميّ في الجمهوريّة الإسلاميّة الايرانيّة بمهمّة عظيمة ، وهي تصوير ما أمكن من المخطوطات في مكتبات اليمن ، وحفظها على الألواح المضغوطة ، وتوزيعها على المؤسسات التحقيقية والمراكز العلمية ، فأدّت بذلك خدمة جليلة ، إلى التراث والعلم والدين .
وكانت لي مساعٍ - أرجو من اللَّه قبولها - في هذا المجال ، وأوّل ما قمتُ به عام (1396ه) هو طبع كتاب «الجامعة المهمّة إلى أسانيد الأئمّة» وهو نصّ الإجازة التي بعثها إليّ الإمام السيّد مجد الدين دام ظلّه .
وقمتُ بتحقيق «تفسير الحِبَريّ» كما سبق، وتأليف «مسند الحبري» .
وحقّقتُ «رسالة الحقوق» للإمام الشهيد زيد بن عليّ عليه السلام(26) .
و «تسمية من قُتِل مع الحسين عليه السلام» كما سبق .
وعند استقراري في قم ، واتّصال بعض الطلبة الوافدين إلى قم ، أوصيتُهم باُمورٍ لم يحقّقوا منها شيئاً :
منها : تأسيس مكتبة زيديّة جامعة لما أمكن من التراث الزيديّ ، مطبوعه ومخطوطه؛ ليكون في متناول الباحثين والمحقّقين ، ينتهلوا من معارفها الحقّة ، ويقفوا على ما يأتلف مع تراثنا متناً وإسناداً .
كما جهدت في إقناع بعضهم بمحاولة جمع ما ورد في التراث الزيديّ من أحاديث وروايات ، وتكوين «معجم» كبير لتسهل المقارنة بينها وبين ما عند الإماميّة ، وتتمّ الاستفادة وتعمّ .
وهنا اُوصي الإخوة العلماء من الزيديّة أن يجدّوا في إحياء تراثهم ويستمرّوا موفّقين في حركة إحياء التراث ، التي بدأوها في اليمن ، لأنّهم أكثر تداولاً وأخبر ، وهي لهم أقرب تناولاً وأيسر ، و هم على حلّ مشاكلها بالمشورة مع أعلام الزيديّة أقدر .
(6)
انعكاس التراث الإمامي عند الزيدية :
على محدوديّة ما تداولتُه من كتب الزيديّة وقرأته بتفصيل ، فقد قرأتُ فعلاً كتابين أعرض ما فيهما من المراجعة إلى التراث الإماميّ ، وهما :
«العقد الثمين في تبيين أحكام الأئمّة الهادين» من مؤلّفات الإمام المنصور باللَّه ، عبداللَّه بن حمزة اليمني (614 - 566ه)
و«لوامع الأنوار» من مؤلّفات الإمام أبي الحسين مجد الدين بن محمّد بن منصور حفظه اللَّه .
أمّا «العقد الثمين» :
فقد قرأتُ عن مؤلّفه ترجمةً ضافيةً في شعراء الغدير الذين ذكرهم العلّامة الأميني(27) وأورد له شعراً رائعاً فيه ذكر الغدير ، وهي قصيدةٌ ميميّةٌ ، نظمها عام (602ه) ردّ فيها على قصيدةِ ابن المعتزّ العبّاسي التي أرسلها من بغداد .
وقرأت عنه في كتب التراجم الزيديّة ما يُبهر من المجاهدات والطموحات إلى كثرة التأليفات ، على قِصَر عمره الذي بلغ (52) سنة28 .
فلمّا اُهدي إليّ كتاب (العقد الثمين) المنسوب إليه ، قرأتُه بِنَهَمٍ ، رأيتُه يرجع إلى كتب الإماميّة بشكلٍ ملحوظٍ .
فقرأت فيه قوله : واعلم أنّا نذكر الأخبار المتعلّقة بالإمامة ، وما يتعلّق بذكر المهديّ‏عليه السلام وما نذكر في أوائل ذلك وتوابعه ، من طريق الإماميّة(29) .
ثم قال : أخبرنا الفقيه الأجلّ الفاضل بهاء الدين ، عليّ بن أحمد بن الحسين ، المعروف بالأكوع ، في مكّة من سنة تسع وتسعين وخمسمائة ، مناولةً ، قال : أخبرنا عفيف الدين ، عليّ بن أحمد بن حامد اليمنيّ ، الصنعاني ، مناولةً ، في سابع عشر ذي الحجّة من سنة ثمان وتسعين وخمسمائة ، قال :
أخبرنا يحيى بن الحسن بن الحسين بن علي بن محمّد ، البطريق ، الأسدي الحلّي ، بمحروسة حلب ، في غرّة جمادى الاُولى من سنة ستٍّ وتسعين وخمسمائة ، قراءةً . . .(30) .
وابن البطريق هذا هو من أعلام الإماميّة (ت600ه) وكتابه هذا هو «عمدة الأخبار«(31) .
وقد اعتمد المنصور على العمدة في مواضع عديدة من كتابه «العقد الثمين» وصرّح في موضع أنّ مؤلّفه : «من علماء الإماميّة» كما اعتمده في كتابه «الشافي» كثيراً .
ولوجود كتاب «العمدة» لابن البطريق في اليمن ، نرى تداولهم لنسخته كثيرة ، اعتماداً عليه مباشرةً ، أو بواسطة كتب المنصور باللَّه ، هذا .
والملاحظة الهامّة أنّ كتاب «العقد الثمين» هذا وضعه للردّ على الإماميّة خاصّة ، وصرّح بذلك بقوله : «لأنّ وضع الكتاب في الأصل كان عليهم«(32) .
وقد وجدنا فيه اُموراً ينقلها بواسطة غيرهم ، مثل قوله :
«ورجال الإماميّة المؤسّسين للكلام في الإمامة : هشام بن الحكم ، وهشام بن سالم ، وكانا يقولان بالتشبيه ! ذكره‏الحاكم ]الجشمي[رحمه الله في‏كتابه «شرح العيون» وذكره الشيخ العالم الديّن، أبو الحسن، عليّ بن الحسين بن محمّد الزيديّ، شاه سربيجان(33)» في «المحيط بالإمامة«(34).
فنجده يطلق نسبة تلك التهمة الشنيعة إلى رجلين من أعلام الإماميّة ، لاعن علم ، بل بواسطة غيره ، وهما الحاكم الجشمي وشاه سربيجان ، ومن المعلوم أنّهما ليسا من الإماميّة ، وأيضاً لم يعيشا في اليمن حيث يوجد المنصور ، بل أخذه وجادة من كتابيهما كما يصرّح به(35) .
أقول : إنّ نسبة «التشبيه» إلى هذين العلمين هي اُكذوبة معتزليّة قديمة ، نشأت من عدم فهمهم لمقالة هذين العلمين من جهةٍ ، ولعدائهم لآل محمّد وشيعتهم من جهةٍ اُخرى .
وقد شرحنا جانباً من هذا في مقالٍ لنا عن المقولة الشهيرة بعنوان «مقولة جسم لا كالأجسام ، بين هشام وسائر أهل الكلام«(36) .
والحاكم الجشمي ، أبو سعد ، المحسّن بن كرامة (المستشهد على التشيّع الزيدي (عام 494ه) في مكّة ، كان معتزليّاً قبل التزيّد ، وقد كتب كتابه في حال الاعتزال(37) . ولذلك يعبّر عنه ب «المعتزلي» عند ذكر كتابه هذا38 .
فكيف يعتمد المنصور باللَّه - في نسبة مثل هذه التهمة الشنيعة - على كلام معتزليّ متّهم في ما ينسبه إلى الشيعة ؟ .
وبما أنّ تهمة التشبيه إلى هشام ، معروفة من المعتزلة فليس من المستبعد أن يكون الزيديّ الرازيّ شاه سربيجان ، يكون قد أخذها منهم أو من كتبهم .
وإلّا ، فحاشا الزيديّة الأشراف أن يتّهموا مؤمناً شيعياً ، عالماً متكلّماً ، مثل هشام بن الحكم أو ابن سالم ، بمثل هذه التهمة الشنيعة ؟
نعم ، فلا تصدر إلّا ممّن ملأ النصب عينه وقلبه وفمه وقلمه .
والمنصور باللَّه يعتمد على «المحيط بالإمامة» كثيراً جدّاً وقد أسند إليه بقوله : رُوِّيناه من كتاب «المحيط بالإمامة» رواية الفقيه أبي الحسن ، زيد بن الحسن بن علي البيهقي‏رحمه الله عن مصنّفه عليّ بن الحسين(39) بن محمّد الزيدي ، شاه سربيجان رحمة اللَّه عليه ، قال : حدّثني والدي . . .(40) .
ويروي عنه في مواضع عديدة اُخرى(41) .
وبما أنّ هذين العلمين - الجشمي وسربيجان - من رجال العراق وايران و قد نقل عنهما ما ذكرناه حول هشام ، فلا نستبعد أن يكون ما نقله المنصور باللَّه عن مصادر الإماميّة إنّما هو من خلال كتب هذين الرجلين .
ومهما يكن ، فلنستعرض كتاب «العقد الثمين» للوقوف على المزيد من مصادر الإماميّة فيه :
نقل من كتابٍ أملاه عليّ بن الحسن بن موسى ، في الردّ على الواقفة ، فذكر روايات عديدة يبدأ السند فيها بأبي محمّد الموسوي(42) .
ونقل عن كتابٍ آخر لابن البطريق ، قائلاً : الفقيه العالم أبي الحسين ، يحيى ابن الحسن بن الحسين بن علي بن محمّد البطريق الأسدي ، ونقل عنه ما جاء في كتابه من الأحاديث حول المهدي‏عليه السلام من مصادر العامّة ، وقال : وفصول هذه الأحاديث أربعة :
الفصل الأوّل: في أنّه لابدّ من المهدي‏عليه السلام وفيه (85) حديثاً .
الفصل الثاني في‏قول النبيّ‏صلى الله عليه وآله: «إنّ‏المهدي‏من‏ولدفاطمة»وهي(9) أحاديث.
الفصل الثالث في أنّ عيسى بن مريم‏عليه السلام يصلّي خلف المهدي‏عليه السلام وفيه (12) حديثاً .
الفصل الرابع في ذكر الدجّال ، وفيه (14) أحاديث(43) .
ثمّ أورد بعض الأحاديث ، وقال : «قال علّامة عصرهم«(44) .
ونقل عن كتاب أبي عبداللَّه بن النعمان ، الذي أخرج فيه الشيعة إلى النظر وردّ فيه على المقلّدة ، ونقض على أقوالهم(45) ونقل عنه روايات .
ونقل من كتاب أبي عبداللَّه ، محمّد بن إبراهيم النعماني عدّة أحاديث .
وهو كتاب «الغيبة» المطبوع .
وقال : ذكر أبو جعفر القمّي في نوادر الحكمة(46) .
وهو أحمد بن محمّد بن يحيى الأشعري القمّي ، ويظهر أنّ كتابه كان في متناول أيديهم ، حيث حدّدوا أبواب الكتاب، وهو كتاب مفقود من حواضرنا .
ويذكر أيضاً ، كتاب «الغرر والدرر» وهو أمالي المرتضى ، وكتاب «تنزيه الأنبياء» له .
ويذكر «التفسير» الذي صنّفه البرقي، وأبو جعفر الطوسي، وغيرهم من المحصّلين(47) . وقال : وقد صنّف البرقي تفسيراً سمّاه «التحريف والتنزيل«48 وهوكتاب مفقود أيضاً .
وأمّا تفسير الطوسي فهو كتاب «التبيان» العظيم ، الذي كانت نسخته الكاملة ، متوفّرة في اليمن(49) .
وذكر المنصور عن الطوسي ما نصّه : «الشيخ الجليل ، وهو من رؤوس أهل المقالة ، والجميع لايجهلون حاله ، لأنّه في طبقته كالواسطة في العقد ، والدرّة في التاج ، وهو أبو جعفر ، محمّد بن الحسن بن عليّ الطوسيّ ، قال في كتابه الذي وسمه «تهذيب الأحكام» .
ثمّ أورد مقدّمة التهذيب ، وعرض مجموعة من أخباره(50) .
وكما نرى ، فإنّ المنصور باللَّه لم يملك من هذه المصادر بالتحمّل الصحيح سوى ما ذكره من رواية العمدة لابن البطريق مناولةً ، وقد يكون حصل على بعض الكتب وجادةً ، مثل كتاب ابن البطريق في المهدي‏عليه السلام حيث يظهر من تفصيل فصوله ، وتعديد أحاديثه أنّه كان عنده .
لكن غير ذلك ، لم يدلّ شي‏ء على وجوده عنده ، فمن المحتمل أن يكون قد نقله بواسطة ، كالمحيط بالإمامة ، الذي تصدّى مؤلّفه للردّ على الإماميّة ، بنفس هذا الاُسلوب ، وبذكر فيه نفس هذه المصادر ، حسب المنقول عنه في المواضع‏العديدة . ويؤيّد هذا الاحتمال أنّ مؤلّف «المحيط» الزيديّ شاه سربيجان ، هو ممّن أخذ من أبي طالب الهاروني ، وهو أخو أبي الحسين الهاروني‏العلويّ المعروف بالمؤيّد باللَّه أحمد بن الحسين بن هارون (ت411ه) وهو أبو الحُسين الهارونيّ العلويّ الذي ذكره الشيخ الطوسيّ ، نقلاً عن الشيخ المفيد ، أنّه «كان يعتقد الحقّ ويدين بالإمامة ، فرجع عنها لمّا التبس عليه الأمر في اختلاف الأحاديث ، وترك المذهب ودان بغيره ، لمّا لم يتبيّن له وجوه المعاني فيها .
قال الشيخ الطوسي : «وهذا يدلّ على أنّه دخل فيه على غير بصيرةٍ ، واعتقد المذهب من جهة التقليد ، لأنّ الاختلاف في الفروع لايوجب ترك ما ثبت بالأدلّة من الاُصول(51) .
ومهما يكن ، فإنّ المنقولات المذكورة لها قيمةٌ تراثيّةٌ ، لعدم وجود بعضها في حواضرنا فعلاً ، كنوادر الحكمة للأشعري القمّي ، وكتاب المهدي‏عليه السلام لابن البطريق الحلّي .
(7)
والذي يعكّر صفو هذه الفائدة الهامّة ، ويخدش في قيمتها: أنّ الكتاب ، كما صرّح مؤلّفه وضع لنقد المذهب الإماميّ في فكره وفقهه ، وهو طبيعيّ أن يردّ العلماء بعضهم على بعضٍ ، لكنّ هذه النسخة التي وقفتُ عليها مشحونةٌ بالإفراط والتفريط ، وبالمغالطات ، ممّا يَرْبَؤُ العاقلُ العالمُ أن يأتي بمثلها .
مع ضعف في الاستدلال والنقض لايتناسب وما عُرف عن الزيديّة عامّة ، وعن الإمام المنصور باللَّه بالخصوص ، في فضله وأدبه .
فقلت في نفسي : إمّا:
أن يكون الكتاب منسوباً في نسخته هذه ؟
أو يكون قد دسّ فيه وزيد عليه ما لايُناسب مقام المنصور ؟ !
أو يكون قد جمعه تحت تأثيرات سياسيّة ونفسية خاصّة .
وأقرب الفروض : أنّ من كان الإمام واقفاً ضدّهم من العبّاسية أو الإسماعيليّة ، تسلّلوا إليه ، ورفعوا إليه ما أثاره على الإماميّة ، ليغيّروا وجهته إلى صرف الجهد والوقت والفكر في الردّ عليهم ، وتخفّف سطوته على اُولئك .
وإلّا ، فبأيّ وجهٍ ومبرّرٍ يقوم بتأليف هذا الكتاب ، وهو في أوج قدرته عام 610ه وقبل (4) سنوات من وفاته ! وهو أحوج ما يكون إلى مزيد من الوفاق مع من يشترك معهم في أكثر الاُصول ، وأكثر من فرع ، ومَن يشترك معه في المعارضة لنظام الخلافة الفاسد ، وللملاحدة والفرق الباطلة الاُخرى ؟
إنّ الإماميّة والزيديّة يشتركان - كما سبق - في أكثر من عقيدةٍ وفتوى وتاريخ وحديث ، ونصّ ، ورواية ، ورأي .
فلماذا يغضّ النظر عن كلّ تلك المشتركات ، ويستنبط مواضع الخلاف وينبش مزالق الفرقة ، على أنّ أكثرها تهمٌ مزوّرةٌ ، أو ناشئة من سوء الفهم أو الخطأ في التعبير، أو الغلط في النسخ ، أو الاختلاف في المصطلح ، أو التحريف والتصحيف.
ولم نكن بصدد مثل هذا الحديث ، لأنّا نهدف إلى ما يجمع الشمل ويلمّ الشعث ويوحّد الصف ، لا ما يشتّته ويفرّق الاُمّة .
لأنّ أمامَنا - اليومَ - أعداءٌ ألِدّاء ، يستهدفون ديننا وفكرنا وتراثنا ، ويريدون السوء والكيد للوطن والشعب .
وإنّما ذكرنا هذه الجملة ، لأنّا اطّلعنا على محاولة طبع هذا الكتاب بإيعاز من يرى «الزيديّة والإماميّة وجهاً لوجهٍ» .
ولكنّ الثقة باللَّه أن يرشدنا وأهل العلم والعقل والتقى من إخواننا الزيديّة إلى العمل في تجاوز الإثارات ، والعبور عن العراقيل ، وبالتالي : الوصول إلى أن نجد الإماميّة والزيديّة «يداً بيدٍ» في إحياء الحقّ وتأليف القلوب ، ورصّ الصفوف لإقامة صرح بنيان «مذهب أهل البيت» المرصوص ، كما نراه في العمل العظيم الذي نعرّف به ، وهو «لوامع الأنوار» .
فإنّ مؤلّفه الإمام الأمجد الشريف أبا الحسين مجد الدين المؤيّدي الحسني دام عمره ، قد تجاوز كلّ تلك الخلافات ، ولم يتأثّر بما أورده الإمام المنصور باللَّه ، رغم كثرة النقل عنه والاعتماد على مؤلّفاته وكتبه وشعره ونثره(52) .
ولم يذكر من ذلك ما يُثير ، ولا ما يشير إلى وجود الخلاف ، إلّا «اللمَمَ» المغفورَ له إن شاء اللَّه .
مع أنّ الإمام مجد الدين قد ألّف كتابه اللوامع في عام (1377ه) وهو في عزّ دولة الإمامة في اليمن ، وقبل أن يُطيح بها المخذولون العملاء .
فإنّ سماحته يعلم أنّ التعرّض للخلاف بين فرق الشيعة - اليوم - لا أثر له غير ضياع حقّ أهل البيت عليهم السلام وتضعيف جانبهم ، بينما الاُمّة الإسلاميّة كلّها في غفلةٍ وتياهٍ وابتعادٍ عن المعرفة ، ومعرّضة لهجمات الأعداء الألدّاء الذين يريدون الكيد لاُصول الدين وفروعه ، وإنّما يثيرون الفتن المذهبيّة والطائفيّة لتشتيت القوى وتفتيتها ، وتفريق الكلمة وتحطيم الإمكانات .
وهذا ما يميّز كتابه العظيم «لوامع الأنوار» كما سنبيّنه مفصّلاً .
8
وفي هذا العصر ، الذي أصبحت الزيديّة كالإماميّة مستهدفة بالهجوم العنيف من قبل أعداء أهل البيت عليهم السلام التاريخيين ، وبدعم من الغربيّين الحاقدين ، وبأقنعة السلفيّة والوهابيّة والإخوان المسلمين والدعوة والهجرة والجهاد ، وأمثال ذلك من العناوين البرّاقة ، الخدّاعة ، لتجميع الشباب وتحرّشها بالمؤمنين بفكر أهل البيت‏عليهم السلام والحافظين لتراثهم .
وبدأت المؤامرة ، يوم انتصرت الثورة الإسلامية العظيمة في ايران ، وأدّت إلى وعي المسلمين وانتباههم إلى ما عندهم من قوّة وقدرة وعدّة معنوية على دحر جنود الكفر العالمي ، وأدّت إلى الصحوة الإسلامية العامّة في كل الدنيا ، فكان الزيدية أولى من يقف إلى جانب هذه الحركة المباركة التي تتبنّى فكر أهل البيت وحقّهم ، خصوصاً بعد سقوط الإمامة في اليمن واستيلاء العملاء والجهلة على دفّة الحكم في كل البلاد الإسلامية ، وقمع الشعوب المسلمة تحت سياط الظلم والجور ، فكان لقيام الدولة الشيعية في ايران دعماً روحياً للزيدية ، ودليلاً عينيّاً على حقّ آل محمّد صلى الله عليه وآله وصدق ما وُعدوا به من النصر المؤزَر .
ولم يشأ دعاة التفرقة ، وهواة الشقاق بين طوائف الاُمّة الواحدة ، والذين يجدون في ذلك أقرب الوسائل للسيطرة على البلاد والعباد ، اُولئك يحاولون التركيز على الخلافات ، وتوسعة نقاط الافتراق وتوجيه الأنظار إليها ، وتكبير مساحتها بالرغم من قلّتها وعدم أهمّيتها .
وصرف الاُمّة عن محطّات الوفاق والاتّحاد ، على أهميتها وكونها اُصولاً يبتني عليها أصل الدين والمذهب ، بينما الخلاف إنّما يقع في الفروع الاجتهاديّة أكثر ما يقع ، ممّا قد يكون الخلاف فيها بين أهل المذهب الواحد أكثر ، وقد يتبدّل الرأي عند المجتهد الواحد من حكم إلى آخر .
8
ومن أبشع الطرق التي استخدمها هؤلاء - هذه الأيّام - هو التسلّل باسم الانتماء إلى المذهب الآخر ، حيث واجهنا عدّة من الشباب المراهق ممّن يدّعون التحوّل من الزيدية إلى الإمامية ، ولكنّا لمّا تحدّثنا معهم وجدنا عندهم أمرين خطيرين :
الأول : الجهل بالزيديّة اُصولاً وفروعاً ، بمعنى أنّهم وإن كانوا يعيشون في بيئات زيديّة ، وقد تعلّموا في مدارس زيديّة إلّا أنّهم لم يستوعبوا ، أو لم يعوا ما يلزم من العلم بالزيديّة ، سواء في مجال العقائد والاُصول ، أو مجال الشريعة والفقه واُصول الفقه ، وحتّى التاريخ والمصادر .
ومن الواضح أنّ التحوّل المذهبيّ ، مبتنٍ على استيعاب المذهب الأوّل و معرفته بشكلٍ تامّ ، حتّى يكون التحوّل صحيحاً وعلميّاً وعن اعتقاد ، وإلّا فإن كان الالتزام الأوّل تقليداً ومتابعةً وانتماء بيئة وقبيلة ، فلامعنى للتحوّل ، ولايكون الانتماء الجديد إلّا عاطفةً ولقلقة لسانٍ ، أو دجلاً وخداعاً وهَوَساً .
وقد واجهتُ - أنا - بعض اُولئك الوافدين علينا ، فلمّا شرحت له هذه الحقيقة صارحني بصدق : أنّه لم يعرف عن المذهب الزيديّ ما يلزم ، ولم يتمكّن من الإجابة عمّا سألته حول مذهبه الأوّل ، الذي عاش في أكنافه .
فكيف يمكن أن يعتمد على تلك الدعاوي الفارغة ؟
الثاني : وجدنا أنّ بعض من يدّعي ذلك التحوّل ، يُظهر العداء للمذهب الأوّل بشكلٍ شديدٍ ومريبٍ ، فلو فرض صحّة تحوّله وصدق نيّته ، لم يكن أيّ مبرّر للهجوم على مقدّسات المذهب الأوّل ، ونسف كلّ الجسور بينه وبينها ، بما لايرضى به حتّى أتباع المذهب الآخر .
فمدّعي التحوّل من الزيديّة إلى الإماميّة ، ليس من حقّه التهجّم على الزيديّة التي تشترك مع الإماميّة في أكثر الاُصول وأكثر من فرع ، وجامعهم الولاء لأهل البيت‏عليهم السلام والدعوة إلى فكرهم وفقههم والاحتجاج بحديثهم ، والرجوع إلى مصادرهم والانعطاف مع عواطفهم ، ويشتركان معاً مسيراً تاريخيّاً ، ومصيراً في الجهاد والمقاومة ضدّ الكفر والنفاق .
فلماذا الهجوم العنيف والسبّ والقذف ، بما لايرضى به كلّ شيعيّ ، فضلاً عن الإماميّ ؟!
وإذا كان ثمّة جدلٌ وبحثٌ ، فإنّما هو نظريّ وفكريّ ، وعلى الآراء والاجتهادات ، ولكن : «اختلافُ الرأيِ لايفسدُ في الحبِّ قضيّهْ» .
ولقد أصدر أحد هؤلاء المدّعين كتاباً شرح فيه حالته المتقلّبة من دين لآخر ، ومن مذهب لآخر ، سمّاه «ثمّ استقرّ بي النوى؟» قد حشاه بالزور والدجل بالهجوم على أبطال المذهب الزيديّ من الأئمّة الأماجد ، الذين ناضلوا في سبيل‏اللَّه ، حتّى ضحّوا بأنفسهم الزكيّة لحقّ آل محمّد ، وخلّدوا اُسساً رصينة للتشيّع في تلك البلاد .
ومؤلّفه هو المتكنّي في فترة انتمائه إلى الحزب الشيوعي «أبا لينين» فإنّه قبل استقراره المزعوم ، قد تقلّب في أحضان الماركسيّة ، ثمّ الإصلاحيّة الوهابيّة ، ثمّ انخرط في سلك المباحث وجهاز أمن الدولة ، وجاء اليوم وفي عمليّة يستفزّ بها الزيديّة ، وتحقيقاً لمآرب الأعداء في تبعيد الصفوف وتشتيت الكلمة ونسف الجسور الممتدّة بين الزيديّة والإماميّة بالجهود الخيّرة من الطرفين ، جاء وادّعى أنّه تحوّل إماميّاً ، وهو كاذب مزوّر ، يشهد بذلك عمله وقلمه .
ولقد صدق أنّه : «استقرّ به النوى» نعم ، لكن «في سَقَر» .
ولقيتُ أحد هؤلاء المدّعين أنّهم متحوّلون ، وفي حديثٍ ساخنٍ صرّح لي بأنّه يجب أن نهاجم العامّة وكبراءهم وأئمّتهم ، باللعن والعَلَن ، على المنابر والكتب وبكلّ صراحة .
ففوجئت بذلك ، وقلت له : إنّ الشيعة - زيديّة وإماميّة وإسماعيليّة - لا يرون هذا ، ولا يُقدمون عليه ، بل يرون حرمة ذلك ، رعايةً للمصلحة الإسلاميّة العامّة ، وعدم الجدوى في مثل هذا العمل ، وخاصّة والمسلمون اليوم في مأزقٍ من المآسي والظروف ، فإن كنت إماميّاً فهذا ما ينكره علماءهم وعوامهم ، ولا يجيزه لك أحدٌ منهم ، وإن كنت زيديّاً فليس تجد في عملهم ولا كتبهم مثل ذلك ، فأنت مخالفٌ للمذهبين في هذه الدعوى .
فعارضني بكلّ وقاحة : بأنّ اُولئك كلّهم مخطئون مسيئون ، والواجب عليهم هو الإعلان والكشف عن الحقّ والحقيقة !
ولما رأيته على هذا التشدّد والصلافة ، غيّرت اُسلوب الحوار معه ، فتحقّقت منه أنّه يعمل لصالح المباحث هناك ، وأنّه مندسٌّ متسلّلٌ هدفه ضرب الإماميّة بهذا الاُسلوب ، يحسب أنّه يكشفهم للناس ، ويشوّه سمعتهم أمام العامّة لئلّا يقربوا منهم ،
وبالتالي ضرب التشيّع الزيديّ والإماميّ ، وتضعيف موقعهما ،لصالح الدولة .
وأمثال هؤلاء ممّن يدّعون الزيديّة ، وليسوا منها في شي‏ءٍ ، ويدّعون التحوّل إلى الإماميّة ، وليسوا عليها من شي‏ءٍ ، إنّما هدفهم إيقاع الفتنة والشقاق بين المسلمين عامّة ، وبين الشيعة خاصّة .

8
والرأي السديد ، للوقوف أمام تلك الهجمات الشرسة وهذه المحاولات البائسة ، هو التركيز على المشتركات الإيجابيّة ، وهي بحمد اللَّه أهمّ وأكثر ، ومحاولة إبراز معالم الفكر في كلا الثقافتين ، واتّخاذ الجدال بالتي هي أحسن ، وبالمنطق الحرّ ، وبآداب المناظرة والبحث المقرّرة ، والأهمّ أن يكون العمل بنيّةٍ صادقةٍ لطلب الحقّ ونشدان الحقيقة .
هذه الطريقة التي هدانا إليها الإسلام ، وكانت عليها سيرة علمائنا الأعلام ، لتكون الجهود منصبّةً على الهدف ، وهو وحدة الصفّ .
وكلّ العاملين في ميدان المذهب الشيعيّ ، وخدمة أهل البيت‏عليهم السلام من العلماء والمثقّفين ، وغيرهم ، مدعوّون إلى القيام بهذه المهمّة الدينيّة ، بالتعليم والتدريس ، والتوجيه والتنبيه ، والبحث والتدقيق ، وإحياء التراث بالتحقيق والنشر ، وتوطيد العلاقات والمواصلات‏والتفاهم والتوادد .
ولقد وهبني اللَّه عظمتْ آلاؤه ، منذ عهد الطلب التحسُّس بهذا الأمر ، فكنت اُفكّر في لزوم استعادة الرابطة الثقافيّة بين المذهبين ، للاستفادة من مصادر العلم عند الطائفتين .
حتّى منّ اللَّه عليّ بالتعرّف على سماحة السيّد المؤلّف الإمام مجد الدين حفظه اللَّه ، وذلك عام 1394ه ، بالمراسلة من النجف الأشرف ، فأجازني ، وأرسل إلى ثبته المسمّى ب«الجامعة المهمّة» فطبعتُها ونشرتُها عام 1396ه ، كما سبق .
وهو أوّل عملٍ تحقّق في هذا السبيل ، في عصرنا وفي نهاية القرن الرابع عشر الهجري .
ونلتُ التوفيق لحجّ بيت اللَّه الحرام ذلك العام (1396ه) وفي المسجد الحرام ، وقبال الركن اليماني ، تعرّفت على سماحة العلّامة المحدّث الفقيه السيّد محمّد بن الحسين‏الجلال‏الحسني‏الصنعاني‏دام عمره ، فأجازني بثبته الكبير «الأنوار السنيّة» .
ومن خلال هذين الكتابين يقف الباحث على تراث ضخم للزيديّة العظام .
وكما أشرت في صدر هذا الحديث ، وقفت على كتاب «لوامع الأنوار» وقدّمت له ، بما سيقرؤه القارئ الكريم .
وهذه العودة الحميدة إلى الحديث عمّا في القلب من شجون وشؤون ، نحمد اللَّه عليها ونرجو من فضله أن يتقبّل أعمالنا ، ويُحسن نيّاتنا ويصلح بالنا ، بمحمّد وآله الطاهرين .
وإليكم تلك المقدّمة :

الحمد للَّه ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على محمّد سيّد الأنبياء والمرسلين ، وعلى آل محمّد أهل البيت الطاهرين ، وعلى الصحابة الأبرار ، والتابعين الأخيار ، وعلى مواليهم ومتابعيهم ما بقي الليل والنهار .
وبعد : فإنّ التقديم لمثل هذا الكتاب الكبير يقتضي من الوقت والجهد الشي‏ء الكثير ، حتّى يكون الحديث وافياً ومؤدّياً للحقّ الذي يجب ، ولا أملك - في ظروفي الخاصّة - مثل ذلك .
إلّا أنّ النزول عند رغبة الإخوان أوجب الاقتصار على هذه العُجالة ، حتّى لا أكون مخلّاً بهذا الواجب ، وإن لم أُدرك الأقلّ ، فأقول - مستعيناً باللَّه - :
منذُ وضع الاستعمار الخبيث قدمه المشؤومة على أرض المسلمين ، لاهثاً وراء أطماعه في الثروات المعدنيّة وغيرها ، وخاصةً «الذهب الأسود» الذي منّ‏اللَّه به على المسلمين ، وهادفاً لتسويق بضائعه في بلاد الإسلام ، وساعياً في الاستيلاء على المناطق الاستراتيجيّة في هذا الجزء من العالم .
وجد - منذ تلك الوهلة - أنّ المعارض القويّ الوحيد ، ضدّ أطماعه ، وأهدافه ، ومساعيه ، هو الدين الإسلامي الحنيف ، بتعاليمه الرصينة القيّمة ، وقوانينه المتينة الصائبة ، وسماحه وخلقه العظيم ، وطهارته ، وصفائه ، وإنسانيّته ، ورأفته ، ومرونته ، و . . .
فحاول المستعمرون معارضة هذا الدين ، وتشويه تعاليمه وسمعته ، وتزييف قوانينه ، بكلّ شكل .
لكنّهم وقفوا من كلّ ذلك على سدودٍ منيعة ، وقواعد محكمة ورصينة ، غير قابلة للريب والتشكيك ، ولا للاختراق والنفوذ ، وخاصة في قلوب المؤمنين بالإسلام ، والمحبّين له ، والمتمتعين بهداه .
فحاولوا - بشتّى الأساليب - تفريغ قلوب المسلمين من ذلك المبدأ العظيم ، وملئها بمبادئ اُخر : سواء من الأديان كالمسيحيّة ، أو الأحزاب والمنظّمات ، أو حتّى المبادئ الإلحادية والعلمانيّة ، حتّى لا ترتبط الاُمّة بالإسلام ، ولا تستلهم من تعاليمه الداعية إلى الحقّ والحريّة والكرامة ، والباعثة على مواجهة المستعمرين الناهبين لثروات البلاد والعباد .
فلجأ المستعمرون الغواة إلى اُسلوب آخر ، وهو : تسليط السفلة والسفهاء على كراسي الحكم والإدارة في البلاد الإسلامية : فملّكوا كلّ فاسق قاصر ضعيف الإرادة ، وأمّروا كلّ ما جنّ خليع ، ورأّسوا كلّ هجين مأفون .
ومن أساليبهم القذرة : إيعازهم إلى وضع مناهج تعليميّة تتنافى وثقافة الإسلام ، وأعراف الاُمّة ، بغرض صُنْع جيلٍ غير ملتزم بالدين والمعتقد ، يسهل تسييره في الاتجاه الذي يريده الأجانب .
فأصبح أبناء هذا الجيل المتعلّم في مدارس عصر الاستعمار (القرن التاسع عشر الميلادي) هم جنوده المتستّرين باسم العلم ، لكنّهم هم رتله الخامس ، الذين يرقصُون على أنغام أوتاره ، من دون وعيٍ «ولا هدىً ولا كتاب منير» وكلّ واحد منهم «ثاني عطفه» على ما يرسمه له المستعمر من خطط للكيد بالإسلام واُمّته وأرضه ، ونهب تراثه وثرواته «ليضلّ عن سبيل اللَّه» .
وقد كان هذا الجيل المتعلّم هم أبواق الاستعمار في بلاد الإسلام ، وأدواته بين المسلمين ، يطبّلون ويزمّرون له ، ويستهجنون ويقبّحون كلّ ما يمتّ إلى الإسلام من فكر وعقيدة وعلم ومعرفة وآداب وأعراف وفضائل ومكارم ، بينما هم يتبجّحون ويحسّنون ما هو غربيّ ، ويزيّنون للاُمّة أعمال الغربيّين .
ولقد تمكّن الغرب من السيطرة على عيون هؤلاء وعقولهم ، بفعل التقدّم الصناعي والتكنولوجي ، وبالسرعة الفائقة في بلورة المنتجات وتجميلها وتحسين عملها ، ممّا بهر عقول البشر .
فجعل هؤلاء الأقزام ذلك دليلاً على صحّة ما يقوم به الغرب من نفي الإسلام وتعاليمه ، بل جعلوا ما بُلي به المسلمون من التأخّر على حساب الدين والفكر الدينيّ والعقل الإسلاميّ والوطنيّة والالتزام بالأخلاق والأعراف .
بينما هم في تقييمهم للاستعمار قد «خلطوا عملاً صالحاً ، وآخر سيّئاً»!
إنّ الغربيين إذا كانوا قد قدّموا للبشرية خدمة في مجال الصناعة والتقنية والتكنولوجيا ، فهم أحسنوا بذلك ، لكنّهم قد أساءوا وأجرموا حيث طغوا بذلك في البلاد ، وأفسدوا الحرث والنسل ، وامتهنوا كرامة الإنسان في الجزء الشرقيّ من العالم ، وأثاروا الفتن ونهبوا أموال الشعوب ، وزيّفوا عقائد الشعوب ، وأهدروا ثرواتهم وقدراتهم ، وبذروا في كلّ أرض بذور الشقاق والنفاق والفرقة ، وبكلّ مكرٍ ودهاءٍ ليمكّنوا سيطرتهم على العباد والبلاد .
إنّهم خلطوا ، حينما اعتبروا الإيمان منافياً للعلم ، بينما «العلم يدعو للإيمان«(53).
فأيّ مانع لأن يتوصّل الإنسان إلى التقدّم العلمي ، وأن يستفيد من التكنولوجيا الحديثة لأعماله الخيّرة ، وهو مؤمن بالقيم والأعراف الطيّبة والأخلاق الفاضلة !
وهل اللازم لكي يكون عالماً متقدّماً صناعياً أن يكون ملحداً ، أو وحشاً ضارياً ، أو فاسداً خلقيّاً ، كما هُمُ الغربيّون ، اليوم ؟!
إنّ هذا الخلط ، لم يكن إلّا نتيجة تفريغ جيل المتعلّمين عقولهم من المعاني الشريفة التي يحملها الإسلام في دعوته إلى العلم ، والخير ، والجمال ، والحقّ ، والحبّ ، والكرامة للإنسان ،
فشل الاستعمار وأياديه :
ولقد فشل هؤلاء المتربّون في مدارس عصر الاستعمار من قلع الإيمان من أعماق قلوب الاُمّة الإسلاميّة .
فلجأ الاستعمار الحاقد إلى اُسلوب آخر : وهو اصطناع مذاهب مزيّفة باسم الإسلام ، كمذهب الوهابيّة ، الذي صنعه الإنكليز في قلب جزيرة العرب ، ومكّنه من السيطرة على أرض الحَرَمَين ، أقدس أرض عندنا نحن المسلمين - ليعيثوا فساداً فيهما ، ويشوّهوا عقائد الأمّة ، ويفرّقوا بين الإخوة بإثارة الشغب والتكفير والتفسيق ، والضرب والشتم للحجّاج ضيوف الرحمن ، وحتّى قتلهم وسفك دمائهم ، في سبيل إرضاء أسيادهم المستعمرين !
وقد تنبّه المسلمون ، وخاصةً الشباب المثقّف إلى ألاعيب الاستعمار هذه ، وتيقّظ في أعتاب القرن الواحد والعشرين ، بحمد اللَّه تعالى ، وعلم بيقينٍ أنّ كلّ الدسائس إنّما دبّرها الغربيّون من أجل إبعاد الاُمّة عن الإسلام دين الكرامة والحريّة والطهارة والرفاه والسعادة ، حتّى يتمكّن الاستعمار من نهب ثروات البلدان الإسلاميّة ، ومنعها من التقدّم العلميّ والتكنولوجي ، فما عرفوا بلداً يحاول التطلّع إلى تقدّم في جانبٍ إلّا انهالوا عليه اتّهاماً ومقاطعةً اقتصادية وتجاريّة ، وحاكوا ضدّه المؤامرات والدسائس ، وبعثوا عملاءهم ليخرّبوا من الداخل أو مرتزقتهم من الخارج ، وحتّى هيّجوا ضدّه المحافل الدوليّة التي اصطنعوها لمثل هذه القضايا ، فأصدروا القرارات المانعة للتقدّم ، وتوقيف حركات البلاد الإسلاميّة .
وحتّى تذرّعوا بكلّ الذرائع الباطلة للهجوم على البلاد المتطلّعة إلى التقدّم ، فيتدخّلون فيها عسكريّاً بهدف تدمير منشئاتها وإمكانيّاتها الصناعيّة ، بدعاوى فارغة .
إنّ هذه الأعمال العدوانيّة الواضحة أرجعت إلى الاُمّة وعيها ورشدها ، فانطلقت في عودة قويّة إلى الإسلام وقيمه وتراثه ، ليقاوموا الاستعمار المفضوح .
الحرب المعلنة والاختراق الثقافيّ
فلجأ الغرب وأذنابه هذه المرّة إلى حربين :
الحرب الاُولى : بعث العملاء المتستّرين والمندّسين ، إلى العمل المكشوف ، فهم اليوم يحاربون القوى الإسلاميّة بكلّ وقاحةٍ وصراحةٍ ، ويحبسون من ينادي «اللَّه اكبر» ويقاومون الصلاة والمصلّين ، والحجاب والمحجّبات ، ويقمعون كلّ من يتظاهر بالإسلام حتّى في الجامعات !
أمّا هذه ، فهي تزيد من عزم المسلمين ، وتؤكّد ما توصّلوا إليه من عداء الغرب للإسلام كدينٍ ومبدأٍ وعقيدةٍ ، والأمّة تحمّل الاستعمارَ الغربيَّ مسؤوليّةَ الحماية للملوك والرؤساء القمعيين المستولين على البلاد الإسلاميّة .
كما يفضح الحكّام أنفسهم ، الذين تكذب أعمالهم دعاواهم بأنّهم مسلمون ، واُمراء للمؤمنين ، ويشكّك حتّى في انتماءاتهم الوطنيّة ، ويكشف عن وجوههم أقنعة الزيف والتزوير ، والعمالة والتبعيّة للاستعمار الغربيّ الكافر .
والحرب الثانية : وهي أخطر من الاُولى ، بعث شرذمة من أدعياء النهضة الفكريّة العربيّة ، والحركة الثقافيّة ، وهم من المتعلّمين في جامعات الغرب ، والحاملين لثقافات غربيّة ، والناظرين إلى الدين الإسلاميّ بمنظار غربيّ ، بعد أن وضع لهم المنظّرون الغربيّون منهجاً حديثاً في معارضة الدين الإسلامي ، وذلك لتحديد تأثيره ، وتأطير مجال عمله ، وإخراجه من ساحة الحياة ، بلا إعلان تزييفٍ له أو مهاجمة أفكاره ومقدّساته ، كما فعلوا أوّل مرّة وفشلوا .
بل ، هذه المرّة ، بتقديره ، وتقديسه ، وتعظيمه ، لكن بعنوان أنّه «تراث» قديم ، وكنز من الكنوز ثمين ، وأثر «كلاسيكي» وإن كان عزيزاً ، الّا أنّه لا يفيد في هذا العصر شيئاً ، وإن كان في إطاره القديم مفيداً ومؤثّراً وجيّداً ، لكنّه خُلق لتلك المرحلة ، وانتهت فائدته وأثره وحيويّته .
وأمّا اليوم فهو مفخرةٌ حضاريّةٌ ، يمكننا أن نفهمها فقط ، لا أن نطبّقها ونجعلها لنا دستوراً وقانوناً ، لأنّه لم ينزلْ إلينا ، ولم يخاطبْنا ، وقد اختلفت ظروف لغته وخطابه ، عن لغتنا ومداليل ألفاظنا ، فالخطاب العربيّ والبيان العربيّ - اليوم - لابدّ أن يوازي العقل العربيّ المعاصر ، وليس الخطاب التراثيّ الإسلاميّ - في قرآنه وحديثه - قابلاً لمواجهة العقل المعاصر ! ! ! .
وهكذا ، يحاولون أن يقيّدوا النصوص الإسلاميّة باُطر من القدم ، ويخرجونها من ساحة الإفادة ، فتكون الرسالة الإسلاميّة محدّدةً بظروف زمانيّة ومكانيّة خاصّة ، بل مميّزة بخصوصيّات العبارة والخطاب والإدراك والمحاورة ، والعقليّة التي كانت عند المخاطبين بها .
وهدفهم من هذه المحاولة : تفريغ الاُمّة من النصوص الإسلاميّة المقدّسة ، ومداليلها ، لتلجأ بعد الفراغ إلى ما يُمليه هؤلاء المعاندون العائدون من الغرب من مناهج حياة غربيّة بما لها من فكرٍ جديدٍ ، وعقلٍ جديدٍ ، وأدبٍ جديدٍ ، وفنٍّ جديدٍ وحضارةٍ جديدةٍ .
ويدعمون محاولتهم بإغراء الناس بما يأخذونه من الغرب من صناعة حديثة ، وتكنولوجيا حديثة ، وآلة حديثة .
إنّ هذه المحاولة ، كذلك هي للخلط بين صناعة الغرب الحديثة ، وبين الآيدولوجية الغربيّة الخبيثة ، المعارضة للدين والإيمان والخُلُق والأعراف ، ذلك الخلط المتعمّد الذي زيّفناه سابقاً .
فمع ذلك ، فإنّ هذه الحرب تعتمد أساساً على الجهل بما للإسلام من قواعد واُصول ، قد تحطّمت عليها تلك الشُبَه والتشكيكات .
فعلماء اُصول الفقه قد أشبعوا كلّ تلك البحوث درساً وبحثاً ، وفنّدوا كلّ المزاعم المذكورة ، وملأوا كلّ الفجوات المتصوّرة ، في خلال كتبهم عن مصادر المعرفة الإسلامية .
وهذه الحرب - كذلك - تعتمد على الجهل بما قرّره علماء المسلمين من قواعد واُصول في فنّ «توثيق النصوص» وتحقيق المستمسكات ، بما لم تسبق إليه الاُمم السابقة ، ولا الحضارات الراقية .
وهذه الحرب - كذلك - إنّما تأسّست على أساس الدراسات والنظريّات الغربيّة التي طبّقوها على نصوص اللاهوت المسيحيّة ، والكتب المقدّسة النصرانيّة ، مع ما فيها من هراء وهذيان وجهل وسخافة وغلط وتحريف ، في كلا جانبي المعاني والمباني ، وفي الفكرة واللفظة ، وفي المؤدّى والخطاب ، والتلاعب بأهداف السماء ، وبتاريخ الأنبياء .
فهؤلاء يُحاولون - خطأً - تطبيق تلك النظريّات على النصوص الإسلاميّة المقدّسة التي تتلألأ بالرُوح ، والوجدان ، والصفاء ، والإخلاص ، والورع ، والحقّ والحقيقة ، وتتألّق بالفصاحة ، والبيان ، والإعجاز اللفظي والمعنوي .
وأمّا في مجال توثيق النصوص :
فهذا الذي نحاول الكشف عن أبعاده ، ونوضّح مدى تغافل هؤلاء المستغربين عن الاُسس الرصينة التي اتّبعها المسلمون في توثيق النصوص ، والتأكّد من سلامة مصادر المعرفة الإسلاميّة ، بكلّ فروعها وشعبها ، بما لم تسبق إليها اُمّة من الاُمم في أيّة حضارة بشريّة سابقة :
أوّلاً : التأكيد على قدسيّة العلم ووجوب تحصيله شرعاً :
فالإسلام : بقرآنه ، وسنّة رسوله ، وحديث أئمّته ، وكلام علمائه ، يؤكّد على وجوب تحصيل العلم وتعليمه ، حتّى اشتهر الحديث الشريف : «طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة«(54) .
وأمّا سائر النصوص والأدلّة والكلمات على ذلك فهي معروفة متوفّرة في كتب الأخلاق الإسلاميّة ،
وثانياً : اهتمام العلماء بطرق العلم :
وقد أبدى العلماء اهتماماً بليغاً بالطرق التي يأخذون بها العلم والمعرفة ، وأكّدوا على أن تكون مأمونةً وموثّقةً ، وقد حدّدوها بالطرق الثمان للتحمّل والأداء ، وضبطوها بشروط معيّنة ، رعايةً لمزيد الاحتياط على العلم والمعرفة(55) .
وثالثاً : الاهتمام بأمر الضبط والتصحيح :
وممّا اهتمّوا به غاية الاهتمام أمر ضبط النصوص وتصحيحها ، والدقّة التامّة في نقلها بصحّة ، سواء شفهيّاً أو كتبيّاً ، بحيث عدّ ذلك من شرائط قبول الرواية ، ودخيلاً في وثاقة الراوي ، فقد عدّوا ذلك أمانةً شرعيّةً لابدّ أن يؤدّيها ، كما أنّ العلماء بذلوا جهوداً جبّارة في تقعيد القواعد الضابطة لذلك .
ورابعاً : التأكيد على التأليف والتصنيف :
ومن وسائل التوثيق في الإسلام ، هو التأكيد على تأليف الكتب وتخليدها ، وجمع المعلومات في المؤلّفات وتصنيفها حسب المواضيع ، وتجويد المؤلّفات وجمعها وتنظيمها ، كي تكون ضابطة للأفكار والبحوث ، حتّى تستفيد منها الأجيال المتعاقبة ، مع رعاية القواعد الصحيحة المتقنة لذلك .
وخامساً : تأسيس المكتبات العامّة والخاصّة :
ومن أدوات التوثيق : تأسيس دور الكتب وخزائنها سواء العامّة أو الخاصّة ، والعناية باقتناء اُصول المؤلّفات ، والنسخ المتقنة الخطّ ، والموثّقة بالقراءة على العلماء أو بخطوطهم ، وما إلى ذلك ممّا قرّر في قواعد المخطوطات وضوابط التحقّق من نسبتها .
وهكذا حرص علماء الدين المسلمين - ولا يزالون - على الاحتفاظ بمصادر المعرفة الإسلاميّة ، وتداولها ، كواجب دينيّ مقدّس .
وإلى جانب كلّ وسائل التوثّق وأدوات الصيانة تلك ، فإنّ أهمّ تلك المصادر هو «العقل» الذي يعتبر ميزاناً وقيّماً على أكثر المزاولات تلك ، لم يزل يتداوله علماء الإسلام ، في المجالات الخاصّة به ، فإلى جانب النصوص من أجل المقارنة بينها ، والدقّة في فهمها ، وجودة تأويلها ، وبعد النصوص عند فقدانها ، أو عند تطبيق القواعد العامّة على مفرداتها ، وعند اجتهاد المستنبطات واستلهام الأبعاد الداخلة ضمن المفاهيم .
إنّ هذه الخطوط العامّة لأساليب العلماء في المحافظة على نصوص المصادر المعتمدة للمعرفة الإسلاميّة لمما ينفي كلّ ريب عن الوثوق بها ، رغم الأراجيف المثارة ضدّها من قبل المشعوذين الجدد .
إنّ المعرفة الإسلامية تعتمد على عناصر تضمن لها الخلود ، وهي :
1 - الإيمان بالدليل ، واعتماد عنصر الإقناع والاقتناع .
2 - اللغة العربية ، الخالدة في مرونتها ، ووضوحها وبلاغتها ، وسعتها ، في حقيقتها ومجازها .
3 - دأب العلماء على التحصيل ، واتّصال أدوات المعرفة مع الضبط والتوثيق ، بشكل مستمر .
4 - التراث الضخم من النصوص المقدّسة وغيرها من نتاجات الفكر الإسلامي الحاوي لتجارب أعلام الدين وعباقرة الفكر البشري في أزهى عصوره وعلى مدى (خمسة عشر قرناً) وعلى اختلاف الظروف والمناسبات ، التي تعتبر كنزاً لاينفد من القدرات العلميّة .
وبذلك كان الفكر الإسلامي - دائماً - فكراً مرناً مقبولاً موافقاً للفطرة ، والعقل السليم ، وثابتاً يوافق اُسس المنطق والدليل .
بينما الفكر الغربي ، منقطع الجذور ، متهرّي الأوصال ملي‏ء بالتناقض والتهافت ، زائف التراث ، يبتني على الإلحاد ، والإنكار ، والجدل العقيم ، ويلتزم بالأنانيّة ، والاستئثار ، والعنصريّة ، وأصالة اللذّة ، والوجوديّة ، والغطرسة الشيطانيّة ، والجهل ، والقوّة والوحشية ، وعدم احترام الآخرين . . .وإلى آخر ما أدّى إلى زيف المعرفة الغربيّة ، وتشتّتها ، وعدم ثباتها على أساس معيّن مقبول لدى طبع البشر ، ولا المنطق السليم .
نعم ، الهدف من وراء الفكر الغربيّ - بمختلف طرقه ومناهجه من شرقيّة وغربيّة ، هو السيطرة على العالم وثرواته .
واللعب بمقدّرات‏الكون بإنسانه وحيوانه ونباته وجماده وبحاره وفضائه .
والاستهتار بكلّ القيم والأعراف والموازين والحدود ، على أساس الشهوة وعبادتها ، واللذّة والاستمتاع بها .
إنّ دعاة التجديد في الفكر العربيّ ، وتكوين العقل العربيّ ، ودعاة تحييد الفكر الإسلاميّ ، وتجميد التراث الإسلاميّ ، هم هؤلاء جنود الغربيّين في محاولتهم الجديدة ، ورتله الخامس في هذه الحرب غير المعلنة .
لكنّهم ، يواجهون من جهود العلماء على مدى (15 عشر قرناً) سدوداً منيعة ، تتبدّد على صخرتها أوهامهم ، وتتكسّر محاولاتهم .
فانّ تلك الجهود المبذولة في سبيل وصل حلقات التراث الإسلاميّ وصيانته ، والمحافظة على نصوصه ، وتبيين حيويّته ، وتسهيل سبل الإفادة منه على طول التاريخ قد تبلورت في أعمال العلماء الذين ألّف كلّ واحد منهم كتاباً خاصاً بما بذله في حياته العلميّة ، وما تحمّله من أساتذته ومشايخه من المتون والنصوص والكتب والمصادر والمعارف بشكل «فهرس» أو «مشيخة» أو «معجم» أو «ثبت» أو «إجازة» يذكر فيه كلّ المعلومات التوثيقيّة ، والطرق التي من خلالها حصل على مصادر المعرفة ، وسبل توثيقها ، حتّى تنتهي سلسلة التوثيق إلى مؤلّفيها ، بحيث تتواصل الحلقات ، وتتكامل السلسلات ، وتترابط وسائل توثيق المعرفة الإسلاميّة .
وكذلك ينقلها كلّ استاذٍ إلى التلامذة وإلى نهاية الخطّ(56) .
وهذا الكتاب :
وهذا الكتاب الذي بين أيدينا «لوامع الأنوار» هو واحد من تلك المؤلّفات التوثيقيّة المؤدّية لهذا الدور العظيم .
وقد جاء طبع هذا الكتاب في هذه الفترة بالذات «أجلاً» محتوماً على تلك الدعوات الباطلة فتحقّق «لكلّ أجل كتا»ب .
إنّ هذا الكتاب العظيم يمثّل واحداً من جهود العلماء في سبيل تحصيل العلم والمعرفة ، وتوصيل حلقاتها مدى القرون .
ويمثّل مدى الحرص والولع ، والدؤوب والمواظبة التي يبذلها العلماء المجاهدون في سبيل اللَّه لأخذ العلم ونقله وضبطه والتأكّد من سلامته .
ويمثّل مدى حريّة الفكر والرأي في المجال العلمي عند علماء الإسلام ، ومدى اتّباعهم لما يهدي إليه الدليلُ والمنطق ، ومتابعتهم للحجّة في التزام الآراء الحقّة .
ويمثّل - بالتالي - ضخامة التراث الإسلاميّ العظيم وسعة أطرافه ، وانتشار رقعة أثره وتحقيقه .
وبمثل هذا الكتاب يمكن أن تُلقَم حجراً تلك الأفواهُ التي تنعقُ للاستعمار ، وتحاولُ التشكيك في التراث الإسلاميّ ، وبه تصدّ تلك الدعوات الباطلة ضدّ المعرفة الإسلاميّة ومصادرها .
ثمّ إنّ هذا الكتاب يوصل إلى الحقّ الذي تغافل عن إعلانه وذكره كثيرٌ من أصحاب القلم والرأي في التاريخ ، بل سَعَوا في تركه وهجرانه وإخماد نوره وإطفائه ، وهو «تراث أهل البيت النبويّ الطاهر» اُولئك الذين كانوا - منذ صدر الإسلام ، وعلى طول خطّ تاريخه المجيد ، ومدى القرون الخمسة عشر الماضية ، وحتّى اليوم - في طليعة المدافعين عن الإسلام في عقيدته ، وفقهه وكلّ معارفه ، وهم حاملوا رايته ، والمناضلين عن قدسيّته .
وبالرغم من أنّ القرآن أكّد - وبشتّى الأشكال وبمختلف البيانات الواضحة - على تقديس أهل البيت «اُولي القربى» .
واعتبرهم النبيّ الأعظم‏صلى الله عليه وآله خلفاء له مع القرآن ، فهما المصدران الرئيسيّان للمعرفة عند المسلمين ، يجب الأخذ منها ،واتّباعهما ، وعدم التفرّق عنهما ، وذلك في حديث الثقلين؛ كتاب اللَّه ، وعترة محمّدصلى الله عليه وآله .
رغم كلّ ذلك ، فإنّ التغافُل عن وجود العترة الطاهرة وتُراثها الضخم ليس إلّا كاشفاً عن انحراف قديم قد دبّ في نفوس اُولئك ، وما اُصيبت به مصادر المعرفة الإسلاميّة من هزّات .
فهذا الكتاب «لوامع الأنوار» قد تحدّث في جزءٍ كبيرٍ منه عن هذا الحقّ المهدور ، المتغافَل عنه ، وقام بالاستدلال العلميّ القوي لإثباته .
كما استدلّ على لزوم العودة إليه واعتماده أصلاً في أخذ المعارف الحقّة ، عملاً بوصيّة الرسول صلى الله عليه وآله .
ولقد قدّم السيّد المؤلّف في هذا الكتاب من تُراث أهل البيت‏عليهم السلام هذه المجموعة الضخمة الكافية للتدليل على مدى الجريمة في إهمالها والابتعاد عنها ، ومدى الخسران الذي مُني به المبتعدون عنه .
هذا ، والسيّد المؤلّف إنّما يتحدّث عن تراث العترة على المذهب الزيديّ ، فإذا ضممنا إليه تراث أهل البيت‏عليهم السلام على المذهب الإماميّ الاثني عشري ، وهو يربو على عشرات الآلاف (57) فإنّ ضخامة الجريمة تكون واضحة .
تحديد أغراض الكتاب :
ذكر السيّد المؤلّف - دام مجده - أنّه ألّف هذا الكتاب على أساس التماس جمع منه : «أن يوصل سَنَدهم بِسَنَده ، ويصحّح لهم في طرق الرواية معتمدَة ، ويوضّح لهم الأسانيد النافعة الجامعة إلى أربابها» . «كما هي السنّة الماضية عند علماء الإسلام ، والطريقة المرضيّة بين ذوي الحلّ والإبرام» .
ويتواضع في حديثه مع القرّاء على عادة العلماء في خفض الجناح : «فرجّحت الإجابة على الامتناع ، على قصر الباع ، وقلّة المتاع ، لما ورد في السنّة والقرآن من تحتّم التبليغ والبيان ، والوعيد الشديد على الكتمان» .
ويؤكّد أسباب تأليفه فيقول: «ولمّا شاهدت تباعد الهِمَم ، وانحلال العزائم، وانهدام المعالم ، حتّى كاد يندرس الأثر ، وينطمس الخُبر والخَبَر ، وما سببه إلّا تثاقل الأتباع ، وتكاسل الأشياع ، من الحفظ لآثار أئمّتهم ، وأعلام ملّتهم ، لاسيّما في هذه الأعصار ، حثالة الحثالة ، التي استحكمت فيها أدواء الجهالة» .
وهذا تصويرٌ حيٌّ لما وصلت إليه حالة الاُمّة من التردّي في الجهل بتراثها ، والبعد عن مصادر معارفها ، بحيث تجرّأ أدعياء الفكر والعقل والوعي العربيّ الحديث على التهجّم على الدين وتراثه ومصادر معرفته .
وبذلك يكون الكتاب ردّاً عينيّاً على هؤلاء المستأجَرين للغرب ، بينما فيه توعيةٌ للاُمّة وتوجيهٌ لها إلى ما عندهم من ذخائر فكريّة وتراث عظيم ، بِهِ وبهَدْيِهِ تمكّن الآباءُ من السيطرة على عالم الأمسِ ، ومن أجل ذلك يُعارضه المستعمرون الحاقدون اليوم .
ثمّ ، إنّ وصيّة المؤلّف بضبط الكتاب ممّا يؤكّد هذا الغرض حيث يقول : «وإنّي اُوصي ، وآخُذُ على كلّ من نقل كتاب التحف58 وهذا المؤلّف - إنْ شاء اللَّه - أنْ يتحرّى في التصحيح والمقابلة ، فقد أبلغتُ الوسع في طلب الصحّة ، ولم أرسم شيئاً - بحمد اللَّه تعالى - إلّا على دقّةٍ وتحقيقٍ ووقوفٍ على الاُصول المأمونة المصونة» .
إنّ هذه الوصيّة - بحدّ ذاتها - تفنّد مزاعم اُولئك الأقزام المشكّكين في التراث الإسلامي ومصادر معرفته على أساس من الإشكاليّات في اللغة ، والخطّ ، والضبط ، التي قد مُنِيَتْ بها العربيّة .
فإنّما ينفذُ مثل ذلك في سوق الجهلة البُعداء عن هذه اللغة ، وعن دينها ، وتراثها ، وعن مجالس العلم ، ومصاحبة العلماء ، وعن مناهجهم في أعمالهم .
أمّا العاملون بمثل هذه الوصيّة فهم في مأمنٍ من كلّ ذلك الهُراء .

محتوى الكتاب وجامعيّته :
إنّ سماحة السيّد المؤلّف ، باعتباره من كبار العلماء وأعيانهم ، وممّن تربّى في حجور العلم ، وأحضان المعرفة ، وباعتباره من كبار السادة الأشراف من العترة الطاهرة ، قد تيسّر له الارتباط الوثيق بمصادر المعرفة الإسلاميّة ، عن أعلام العلماء ، ومن آبائه الكرام السادة ، وبما مدّ اللَّه له من العمر الطاهر ، في العقود التسعة التي عاشها ، فهو أوثقُ عروة تربط عصرنا بالقرن السابق ، مع ما يملكه من ملكات الإيمان والفقه والهمّة والمجد والكرامة والدقّة والإخلاص ، فقد تميّز بما لم يجتمع إلّا في الأفذاذ من أمثاله ، وقد تمكّن من أجل ذلك كلّه من الوقوف على أكثر المصادر المتداولة - في الجامعة الزيديّة - والمعتمد عليها في حواضرهم العلميّة .
فحقّ له أن يقول حول كتابه هذا - : «فهذا المجموع المبارَك خلاصة ما ينيف على عشرين مجلداً في هذا الباب وغيره ، سوى مامَنَّ اللَّه تعالى بجمعه وتحصيل نفعه ممّا لم يكن مزبوراً في كتاب ، وليس مختصّاً بجمع الأسانيد ، وإنّما هو مقصد من المقاصد ، وفائدة من الفوائد» .
ولذلك احتوى هذا الكتاب على فصول عشرة(59) تضمنّت كلّ ما هو مطلوب في مجال توثيق المصادر والإرشاد إلى الحقّ فيها ، وهذا تفصيل ما جاء فيها :
الفصل الأوّل : في إثبات حقّ أهل البيت‏عليهم السلام في الخلافة الإلهيّة والمرجعيّة الدينيّة ، باعتبارهم قرناء القرآن في المصدريّة للمعرفة الإسلاميّة ، والاستدلال على ذلك مفصّلاً .
الفصل الثاني : في مواقف المعارضين لحقّ أهل البيت‏عليهم السلام وما جنوه في هذا السبيل على الاُمّة والدين .
الفصل الثالث : في أساليب العلماء السابقين في توصيل حلقات مصادر المعرفة ، وآراءهم وطرقهم في ذلك .
الفصل الرابع : في مجمل أسانيد المؤلّف إلى مذاهب أهل البيت‏عليهم السلام .
الفصل الخامس : في تفصيل أسانيد الكتب والمصادر التي ألّفها الأئمّة من آل البيت‏عليهم السلام .
الفصل السادس : في بقيّة أسانيد الكتب .
الفصل السابع : في طرق السيّد صارم الدين من أعلام الزيديّة ، وفيه بحث مفصّل عن أنواع الحديث ، وهو بحث توثيقي قيّم .
الفصل الثامن : في تحقيق السنّة والبدعة ومصطلحهما .
الفصل التاسع : في جوامع ممّا ورد من الحديث في حقّ عليّ وذريّته‏عليهم السلام أصحاب الحقّ المهدور .
الفصل العاشر : ميّزات الكتاب : ويمتاز هذا الكتاب ، على ما ذكرناه من الأثر الخالد في دعم وتوثيق مصادر المعرفة الإسلاميّة ، ودفع الشبه المثارة في هذا العصر حول أصالته واتّصال حلقاته - باُمور :
1 - اشتماله على فوائد ومطالب نافعة في مختلف المواضيع التي يمرّ ذكرها في أثناء الأسانيد .
2 - اشتماله على تراجم كثيرٍ من الأعلام ومواقفهم الكريمة للدفاع عن الحقّ ، وحماية التراث والفكر الإسلاميّ ومصادره .
3 - التزامه المنطق والبرهان في الاستدلال والبحث العلميّ بما يكشف عن مرونة المعرفة الإسلامية وسماح الإسلام وعلمائه الكرام في مقام البحث والنقاش .
4 - تميّزه باللغة الواضحة والعربية الفصيحة ، والبيان البليغ ، والتعامل المتين مع النصوص والتفاهم والإفادة منها .
5 - احتواؤه على العدد الهائل من المؤلّفات المتنوّعة ، ممّا يدلّ على عظمة التراث الإسلاميّ ، وجامعيّته وسعة علومه .

المؤلّف وحياته :
وأظنّ أنّ من المستدرك القيام بتعريف المؤلّف ، بعد وجود مثل هذا الكتاب العظيم بين يدي القارئ ، فإنّه سوف يقف من خلاله على عملاقٍ في العلم وبطلٍ في المعرفة ، وإمامٍ في التحقيق ، وجامعٍ للمنقول ومتضلّعٍ في المعقول ، وحافظٍ للقرآن ، وحاكمٍ في السنّة ، ومتّتبعٍ واسع الأطراف ، طويل الباع ، عالم بمصادر الإسلام ، وفقيه جامع للأحكام ، ولغويٍّ ماهرٍ بتصريف الكلام والإعراب ، وأديب بليغ فصيح مالك لأزمّة المعاني والبيان .
إلى جانب تواضعه الفذّ ، ووعظه النافذ ، وتحرّقه على الحقّ وأهله ، ومن أجل ما يجد من التحريف عند المعاندين ، ومن الانحراف عن سنن الدين .
وإلى سمة الإصلاح التي يتمتّع بها عندما يتسامح مع المخالفين ، ويحاول إرشاد قارئيه وسامعيه ، فهو يمثّل بحقٍّ «الأئمّة الهُداة من أهل البيت الطاهر» الذين أرشد الرسول الأكرم‏صلى الله عليه وآله إلى التمسّك بهم ، وجعل الهداية عندهم ، والضلالة والردى في مخالفتهم ومفارقتهم والتخلّف عنهم .
ومن أراد التوسّع في ترجمة المؤلّف فعليه بما كتبه تلميذه العلّامة الفيشيّ حفظه اللَّه في «التُحَف شرح الزُلَف» المطبوع .
ولابدّ أن نشكر في النهاية صاحب الهمّة القعساء الفاضل الجليل السيّد محمّد قاسم الهاشمي على ما بذله من جهدٍ مشكورٍ عند اللَّه ، ومذخور له ان شاء اللَّه ، في سبيل طبع هذا الكتاب الجليل ، وتيسير نسخه للعلماء ، بأفضل شكل مع عناية بالغة في التصحيح والتدقيق ، وهو ما يعهد عن فضله ومعرفته وطموحه العلميّ .
ونسأل اللَّه التوفيق لجميع العلماء أن يتزوّدوا من نمير هذا المورد الثَرّ ، ويعدّوا بذلك العدّة للدفاع عن الإسلام في معارفه ومصادره ، وعن حقّ أهل البيت صلوات اللَّه عليهم أجمعين .
والسلام عليكم ورحمة اللَّه .
حرّر في الثامن والعشرين من محرّم الحرام سنة 1414
وكتب
السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي
لن تنالوا خيراً لا يناله أهلُ بيتِ نبيكم ولا أصبتم فضلاً إلا أصابوه (الامام زيد بن علي)

الموسوي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 427
اشترك في: الجمعة ديسمبر 19, 2003 12:19 am

ارجاعات المقالة

مشاركة بواسطة الموسوي »

1) لوامع الأنوار (14 - 2 / 3)من الطبعة الأولى .
2) لوامع الأنوار ، طبع عام 1422ه (36 - 28 / 1) .
3) لوامع الأنوار ، الطبعة الثانية (16 / 2) هامش (1) .
4) أمّا الفرق البائدة - وهي غير هذه - فلا وجود لها إلّا في بطون كتب المقالات والفرق ، وعدم وجودها دليل على زيفها ، وإن كُنّا نشكّ في أصل وجود كثير منها بالمعنى العلمي للفرقة ، بل كثير منها انتماءات قَبَلية ومحلّية ، أو أنبازٌ وأسماء ابتدعها الأعداء ليشوّهوا سمعة أعلام المذهب المخالف .
5) خصّصناها بالذكر ، لأنّ غيرها من فرق الزيدية بائدة منبوذة من القرون الاُولى كالبترية - الذين كانوا يصحّحون خلافة غير أهل البيت ، ولذلك ذكر لي أحد أعلام الزيدية المعاصرين بالحرف الواحد : »مَن لم يكن جارودياً فليس بزيدي« .
6) راجع كتب الغيبة : الإمامة والتبصرة من الحيرة ، لوالد الصدوق (ت329ه) وإكمال الدين للصدوق (ت381ه) والغيبة ، للنعماني ، وللمفيد ، وللمرتضى ، وللطوسي رحمهم الله .
7) رجال السيّد بحر العلوم .
8ولذا عدّوا أحاديثهم الموقوفة عليهم في كتب المراسيل لاحظ: المراسيل للعلائي والمراسيل للرازي.
9) الكافي - الاُصول - (43 / 1) ح (14) وانظر بحثنا : أسند عنه ، ص139 .
10) لوامع الأنوار (144 / 2) وفي (373 / 1) وأوّله : وعلمهم مسندٌ . . .
11) الغدير ، للأميني 628 / 5 ط الحديثة ، وأورد الأبيات الأربع الاُولى في لوامع الأنوار (393 / 1) وراجع ص346 وص632 .
12) العقد الثمين (ص147) .
13) اختيار معرفة الرجال (رجال الكشّي) ص338 رقم 622 ترجمة الفضيل الرسّان .
14) الإرشاد في معرفة حجج اللَّه على العباد ، للمفيد (173 / 2) .
15) في المخطوطة : حكم .
16) العقدالثمين (ص215) وأرسله المحلّي في الحدائق الوردية (ص156) آخر مقتل إبراهيم .
17) نشر عام (1405ه) في العدد (2) من نشرة «تراثنا» التي كانت تصدر في قم .
18تسمية من قتل (ص150) .
19) المغرب للمطرّزي (184 / 1) .
20) لاحظ كتابنا : جهاد الإمام السجّاد عليه السلام (ص32) .
21) جهاد الإمام السجّاد عليه السلام (ص37 - 35) .
22) لاحظ :الفهرست للطوسي ص70- 68 رقم 86 طبعة الطباطبائي ، والرجال للنجاشي (ص94) رقم (233) تحقيق السيّد الزنجاني .
23) طبع هذا الكتاب بتحقيق الدكتور السيد حسين المدرّسي في قم ، واُعيد في بيروت .
24) طبع في قم ، طبعة رديئة جاء نقدها في مجلّة علوم الحديث العدد(7 ص241) وطبع في طهران بتحقيق الأنصاري ، وطبع في اليمن بتحقيق إبراهيم الدرسي مركز أهل البيت، صعدة 1421ه .
25) معالم العلماء (ص141) رقم (989) وقد طبع «المرات» في قم، بتحقيق الشيخ الأنصاري .
26) نشر في مجلّة «علوم الحديث» العدد (6) .
27) الغدير (623 / 5) .
28التحف شرح الزلف (ص244) طبعة مكتبة بدر ، صنعاء 1417ه .
29) العقد الثمين (ص20 ، والنسخة المعتمدة مصوّرة عن مخطوطة مؤرخة عام 1068 مقابلة على نسخة مقابلة بنسخة المؤلّف ، أهدانيها الأخ علي الثلايا من طلّاب العلم اليمانيين في قم
30) العقد الثمين (ص21) .
31) لاحظ الثقات العيون (ص338) من طبقات أعلام الشيعة للطهراني .
32) العقد الثمين (ص138) .
33) هذه الكلمة فارسيّة تعني: «الرأس بلا روح» وقد تصحفت في الكتب.
34) العقد الثمين (ص7) .
35) وصرّح السيد مجد الدين في (لوامع الأنوار( : 17 / 1) بأخذ المنصور باللَّه من كتاب (شرح العيون) للحاكم ، وكذا في (18201 / 1) بأخذه من المحيط بالإمامة .
36) نشر المقال في العدد (19) من نشرة «تراثنا» .
37) صرّح بذلك الإمام مجد الدين في لوامع الأنوار (17 / 2) .
38 لاحظ لوامع الأنوار : (469 / 2) .
39) في العقد هنا : (الحسن) وهو غلط .
40) العقد الثمين ص88.
41) العقد الثمين (ص149 - 146) وغيرها .
42) العقد الثمين (ص87 - 85) .
43) العقد الثمين (ص92 - 91) .
44) العقد الثمين ص98 .
45) العقد الثمين (ص143) .
46) العقد الثمين (ص142 و143 و153 و155 باب الإمامة والولاية .
47) العقد الثمين (ص152) .
48العقد الثمين (ص152) وقال في (ص153) : التنزيل والتحريف .
49) وجدت في بعض الفهارس أنّ نسخة المصنّف الشيخ الطوسي موجودة في مكتبات اليمن.
50) العقد الثمين (ص158 - 157) .
51) تهذيب الأحكام2 - 1 / 1) .
52) راجع فهارس كتاب «لوامع الأنوار» .
53) لقد ألّف عدّة من الغربيين كتاباً بهذا العنوان ، أثبتوا فيه أنّ القوانين العلمية التي توصّل إليها الغرب وتمكّن بها من التقدّم الصناعي إنّما هي جزء من نظام الكون الذي خلقه اللَّه وهو دليل على وجوده وحكمته .
54) رواه ابن فهد الحلّي في (عدّة الداعي ونجاح الساعي) (ص63) عن كتاب (منتقى اليواقيت) مرفوعاً إلى محمّد بن عليّ بن الحسين بن زيد الشهيد عن عليّ بن موسى الرضاعليه السلام مرفوعاً - عن آبائه - عن رسول اللَّه‏صلى الله عليه وآله .
55) راجع كتب الدراية والمصطلح .
56) لقد جمع أسماء أمثال هذه الكتب عدّة من علماء المسلمين نذكر منهم :
1 - شيخنا العلّامة الطهرانيّ محمّد محسن آقا بزرك؛ في كتابه العظيم «الذريعة إلى تصانيف الشيعة» (ج1) بعنوان «الإجازة» أو «الإجازات» .
2 - شيخنا الجليل السيّد محمّد بن الحسين الجلال الحسنيّ الصنعانيّ دام ظلّه في كتاب «الأنوار السنيّة» فإنّه ذكر (177) منها .
3 - الشيخ السيّد محمّد عبدالحيّ الكتاني المغربيّ في كتاب «فهرس الفهارس والأثبات» فقد ذكر (1200) منها . إلّا أنّه أهمل ذكر أثبات الشيعة فاستدركت عليه بمائة وعشرة منها في مقال (فوات فهرس الفهارس) وطبع في مجلة تراثنا الفصليّة/العدد (29) .
وهذا الكتاب الذي نقدّم له .
57) لقد جمع المذكور من أسماء تراث الشيعة في كتاب «الذريعة إلى مصنّفات الشيعة» المطبوع ، من تأليف سماحة الشيخ آقا بزرك الطهراني في تسعة وعشرين جزءاً كما جمع السيّد أحمد الحسيني في كتاب «مؤلّفات الزيديّة» أسماء كثير من التراث الزيدي ، وهو في ثلاثة أجزاء .
58 من مؤلّفات السيد المؤلف .
59) وألْحق بها المؤلّف فصلاً حادي عشر فيه تراجم الرجال والأعلام ، وهو يعدّ كتاباً مستقلا.ً
لن تنالوا خيراً لا يناله أهلُ بيتِ نبيكم ولا أصبتم فضلاً إلا أصابوه (الامام زيد بن علي)

صقر اليمن
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 339
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 03, 2003 11:21 pm
مكان: صنعاء- اليمن

مشاركة بواسطة صقر اليمن »

اشكرك سيدموسوي على نقل المقالة هنا وعندي بعض الملاحظات عليها واجهت بها المؤلف في منزله وساحاول عرضها قريبا

أبو مجد الدين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 294
اشترك في: الأحد ديسمبر 21, 2003 6:17 pm
مكان: الـمَـدْحِـيـَّـة
اتصال:

Re: ارجاعات المقالة

مشاركة بواسطة أبو مجد الدين »

5) خصّصناها بالذكر ، لأنّ غيرها من فرق الزيدية بائدة منبوذة من القرون الاُولى كالبترية - الذين كانوا يصحّحون خلافة غير أهل البيت ، ولذلك ذكر لي أحد أعلام الزيدية المعاصرين بالحرف الواحد : »مَن لم يكن جارودياً فليس بزيدي« .
و أنا أقول من كان جارودياً أو بترياً أو أياً كان فليس بزيدي ... الزيدية هم الزيدية و من انتهج غير نهجهم فليس بزيدي و لو كان زيدياً بالسابق ... تحياتي أخي الموسوي
صورة


لن أنســـــــــــــــــــــــاك

الموسوي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 427
اشترك في: الجمعة ديسمبر 19, 2003 12:19 am

مشاركة بواسطة الموسوي »

اللهم صل على محمد و ال محمد..
في انتظار سائر الملاحظات... :?: :shock:
لن تنالوا خيراً لا يناله أهلُ بيتِ نبيكم ولا أصبتم فضلاً إلا أصابوه (الامام زيد بن علي)

صقر اليمن
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 339
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 03, 2003 11:21 pm
مكان: صنعاء- اليمن

مشاركة بواسطة صقر اليمن »

اللهم صل على محمد وعلى ال محمد
سيدي الموسوي كنت قد وعدت ببعض الملاحظات على مقالة السيد الفاضل محمد رضا الجلالي
.. وهو رجل داعية إلى الوحدة منصف يعمل همه على الا يكون هنالك شروخا بين الزيدية والإمامية وصراحته وصدقه جعلتنا نجله ونقدره وملاحظتي كنت قد ابديتها عليه في يوم من الأيام وتتعلق بالفقرة التالية المقتبسة من كلامه

[[(7)
والذي يعكّر صفو هذه الفائدة الهامّة ، ويخدش في قيمتها: أنّ الكتاب ، كما صرّح مؤلّفه وضع لنقد المذهب الإماميّ في فكره وفقهه ، وهو طبيعيّ أن يردّ العلماء بعضهم على بعضٍ ، لكنّ هذه النسخة التي وقفتُ عليها مشحونةٌ بالإفراط والتفريط ، وبالمغالطات ، ممّا يَرْبَؤُ العاقلُ العالمُ أن يأتي بمثلها .
مع ضعف في الاستدلال والنقض لايتناسب وما عُرف عن الزيديّة عامّة ، وعن الإمام المنصور باللَّه بالخصوص ، في فضله وأدبه .
فقلت في نفسي : إمّا:
أن يكون الكتاب منسوباً في نسخته هذه ؟
أو يكون قد دسّ فيه وزيد عليه ما لايُناسب مقام المنصور ؟ !
أو يكون قد جمعه تحت تأثيرات سياسيّة ونفسية خاصّة .
وأقرب الفروض : أنّ من كان الإمام واقفاً ضدّهم من العبّاسية أو الإسماعيليّة ، تسلّلوا إليه ، ورفعوا إليه ما أثاره على الإماميّة ، ليغيّروا وجهته إلى صرف الجهد والوقت والفكر في الردّ عليهم ، وتخفّف سطوته على اُولئك .
وإلّا ، فبأيّ وجهٍ ومبرّرٍ يقوم بتأليف هذا الكتاب ، وهو في أوج قدرته عام 610ه وقبل (4) سنوات من وفاته ! وهو أحوج ما يكون إلى مزيد من الوفاق مع من يشترك معهم في أكثر الاُصول ، وأكثر من فرع ، ومَن يشترك معه في المعارضة لنظام الخلافة الفاسد ، وللملاحدة والفرق الباطلة الاُخرى ؟
إنّ الإماميّة والزيديّة يشتركان - كما سبق - في أكثر من عقيدةٍ وفتوى وتاريخ وحديث ، ونصّ ، ورواية ، ورأي .
فلماذا يغضّ النظر عن كلّ تلك المشتركات ، ويستنبط مواضع الخلاف وينبش مزالق الفرقة ، على أنّ أكثرها تهمٌ مزوّرةٌ ، أو ناشئة من سوء الفهم أو الخطأ في التعبير، أو الغلط في النسخ ، أو الاختلاف في المصطلح ، أو التحريف والتصحيف.
ولم نكن بصدد مثل هذا الحديث ، لأنّا نهدف إلى ما يجمع الشمل ويلمّ الشعث ويوحّد الصف ، لا ما يشتّته ويفرّق الاُمّة .
لأنّ أمامَنا - اليومَ - أعداءٌ ألِدّاء ، يستهدفون ديننا وفكرنا وتراثنا ، ويريدون السوء والكيد للوطن والشعب .
وإنّما ذكرنا هذه الجملة ، لأنّا اطّلعنا على محاولة طبع هذا الكتاب بإيعاز من يرى «الزيديّة والإماميّة وجهاً لوجهٍ» .
ولكنّ الثقة باللَّه أن يرشدنا وأهل العلم والعقل والتقى من إخواننا الزيديّة إلى العمل في تجاوز الإثارات ، والعبور عن العراقيل ، وبالتالي : الوصول إلى أن نجد الإماميّة والزيديّة «يداً بيدٍ» في إحياء الحقّ وتأليف القلوب ، ورصّ الصفوف لإقامة صرح بنيان «مذهب أهل البيت» المرصوص ، كما نراه في العمل العظيم الذي نعرّف به ، وهو «لوامع الأنوار» .
فإنّ مؤلّفه الإمام الأمجد الشريف أبا الحسين مجد الدين المؤيّدي الحسني دام عمره ، قد تجاوز كلّ تلك الخلافات ، ولم يتأثّر بما أورده الإمام المنصور باللَّه ، رغم كثرة النقل عنه والاعتماد على مؤلّفاته وكتبه وشعره ونثره(52) .
ولم يذكر من ذلك ما يُثير ، ولا ما يشير إلى وجود الخلاف ، إلّا «اللمَمَ» المغفورَ له إن شاء اللَّه .
مع أنّ الإمام مجد الدين قد ألّف كتابه اللوامع في عام (1377ه) وهو في عزّ دولة الإمامة في اليمن ، وقبل أن يُطيح بها المخذولون العملاء .
فإنّ سماحته يعلم أنّ التعرّض للخلاف بين فرق الشيعة - اليوم - لا أثر له غير ضياع حقّ أهل البيت عليهم السلام وتضعيف جانبهم ، بينما الاُمّة الإسلاميّة كلّها في غفلةٍ وتياهٍ وابتعادٍ عن المعرفة ، ومعرّضة لهجمات الأعداء الألدّاء الذين يريدون الكيد لاُصول الدين وفروعه ، وإنّما يثيرون الفتن المذهبيّة والطائفيّة لتشتيت القوى وتفتيتها ، وتفريق الكلمة وتحطيم الإمكانات .
وهذا ما يميّز كتابه العظيم «لوامع الأنوار» كما سنبيّنه مفصّلاً . ]].....................

=======================================================================

أقول وبالله التوفيق .... ماذكره من تشكيك في نسبة الكتاب إلى الإمام عبدالله بن حمزة أو انه أضيف اليه ماليس فيه
هو وهم لايستند إلى دليل وشهرة الكتاب ونسبته إلى الإمام عبدالله بن حمزة ذكرها كل من ترجم له إضافة الى وجودة مخطوطا في زمن الإمام وبعده وفي مكتبات عدة ضمن مجموع مؤلفات الإمام عبدالله بن حمزة عليه السلام فلا مراء ولاشك في نسبة الكتاب إلى مؤلفه
ثانيا / ماقاله عن الإمام عبدالله بن حمزة وعن الكتاب وأن الكتاب مشحون بالمغالطات مع ضعف الأدلة وتهافتها إلى آخره الحكم في ذلك لقارئ الكتاب والإمام عبدالله بن حمزة كان بحرا ليس له ساحل وماعقد في الكتاب من مباحث يدل على علم جم وإطلاع كبير وقد أفصحت للسيد محمد رضا بمضمون إجابتي هذه فقابلها بترحاب وسعة صدر وتلك أخلاق العلماء الكبار
ثالثا/ ماذكره حول طباعة الكتاب وتأثره من طباعته وإتهام من طبعوه أنهم يريدون أن تكون الزيدية والإمامية وجها لوجه نقول له ......... ياسيدي نريدهما يدا بيد وجنبا إلى جنب والكتاب عندما طبع كان ضمن مجموع مؤلفات ورسائل الإمام عبدالله بن حمزة عليه السلام الكثيرة ولم يكن الهدف طباعته فقط إستفزازا للإمامية مع أن التيار السستياني قد طبع الكثير الكثير من الكتب التي تهاجم الزيدية وتتجنى على أئمتها وعلامائها وأعلامها ولقد توغل دعاتهم في اليمن وبحثوا عن بعض الشباب الغر الذين ليس لهم إطلاع بمذهبهم أصولا أو فروعا وحاولوا إستمالتهم وكما ذكر السيد في مقالته الرائعة عن بعضهم جعلوا منهم سهما موجها إلى أعلام الزيدية يكيلون لهم السباب والشتائم ويخطئونهم دون إثارة من علم أو فقه أو إحاطة بالمذهب الزيدي الذي إنتموا إليه أو الذي إدعوا بوقاحة سافرة أنهم كانوا من علمائه أو درسوا على أيدي علمائه وأنهم خرجوا بعد أن أحاطوا به وهم في الحقيقة لم يخرجوا منه ولم يدخلوه وهم مجموعة أغرار لاأثر لهم ولاتأثير .
وعندما نشرنا كتاب الإمام العقد الثمين إستفاد منه شبابنا وحموا أنفسهم من هجوم ظالم غير منصف ومن تشكيك وتسفيه للأئمة الزيدية وأظن أن السيد محمد رضا الجلالي إستفاد من الكتاب غاية الفائدة وأستخرج منه كتابا مفقودا للعلامة الإمامي إبن البطريق .
ومن المهم جدا أن لانهمل نشر كتب التراث في حين أن الغير ينشر عشرات الكتب التراثية وفيها مافيها على الزيدية وعشرات الكتب المعاصرة التي قدمت الزيدية بعيدة عن حقيقتها وفكرها وأصولها وفروعها وتاريخها ومشروعها السياسي والحضاري الكبير وصورتها عالة على المعتزلة والأحناف متكسبة من أهل السنة بعيدة عن ال البيت ظلما وعدوانا وسوء فهم وسواء تعمد هؤلاء أو لم يتعمدوا فمن حق الزيدية أن تعرف من خلال كتبها وأصولها لامن خلال مايكتبه الأخرون من كتاب الفرق والملل والنحل عنها
نشكر للسيد الجلالي صراحته وجرئته وحرصه على روح الإخاء ونقدر كل التقدير الهدف الذي يسعى إليه ونحن معه فيه وإن لم نوافقه على بعض الأفكار أو الأراء أو العبارات فنحن معه يدا بيد في سبيل وحدة الصف والسعي الى نهضة الأمة الإسلامية .

الموسوي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 427
اشترك في: الجمعة ديسمبر 19, 2003 12:19 am

مشاركة بواسطة الموسوي »

تحياتي الى الجميع و الى الاستاذ الكريم السيد الوجيه
أشكركم على طرح الملاحظات, فأنا معكم و مع السيد الجلالي و كل من يريد أن نكون يدا بيد! و خصم لكل من يريد أن نكون وجها لوجه! و تأدبا و مع فائق الاحترام اعلق على بعض الملاحظات لتنشيط الموضوع!
في خصوص تشكيك السيد في انتساب الكتاب الى الامام عبد الله بن حمزة, فأنتم استاذ الادب و تعرفون ما أراده السيد الجلالي, فالسيد يرى في الكتاب نقاط ضعف مهمة أشار اليها, و هو يعترف بشخصية الامام و كبر مقامه و خطورة شأنه فاعظاما للامام المجاهد و تعريضا الى ما كان برأيه ضعيفا لايليق بمقام الامام قال: (فقلت في نفسي: إمّا أن يكون الكتاب منسوباً في نسخته هذه؟ أو يكون قد دسّ فيه وزيد عليه ما لايُناسب مقام المنصور؟! أو يكون قد جمعه تحت تأثيرات سياسيّة ونفسية خاصّة . وأقرب الفروض : أنّ من كان الإمام واقفاً ضدّهم من العبّاسية أو الإسماعيليّة ، تسلّلوا إليه ، ورفعوا إليه ما أثاره على الإماميّة ، ليغيّروا وجهته إلى صرف الجهد والوقت والفكر في الردّ عليهم ، وتخفّف سطوته على على اُولئك...)
فأولا, لقد كتب السيد الجلالي ما كتبه قبل طباعة الكتاب و ما راه لم يكن الا نسخة مخطوطة. و ثانيا, يجب التنبه الى جملة: فقلت في نفسي! و ثالثا, السيد أتى في قبال احتمال عدم صحة الانتساب و التضييف, احتمال اخرو رجحه... و معلوم أن الامام عبدالله بن حمزة مع الاعتراف بمقامه و شخصيته المميزة غير معصوم و كان بعيدا عن المناطق التي يعيش بها الاثناعشرية و علمائهم فلابد من أن يأخذ فيهم من غيرهم و من خلال بعض كتابات و المراجع المتوفرة عنده في اليمن ربما لم يعطيه الصورة الكاملة و الحقيقية و هذا ما أشار اليه السيد الجلالي ايضا.
بالنسبة الى نشر التراث, فبرأيي هذا من حقكم و من حق الامة بأسرها أن يستفيد من تراث القيمة للزيدية التي بقيت حبيس المكتبات خلال القرون.
و أما ما ذكرتموه من بعض النشاطات لا ودية و غير علمية فأنا معكم غير أن على حسب معرفتي ان سماحة السيد السيستاني ايضا هو من الواعين و الذين يرون ضرورة وحدة الصف و ما فعله أو يفعله من ينسب اليه مع كون سماحته في العراق محصورا في بيته لا يمكنه أن يتدخل في الجزئيات يجب أن لا يحسب عليه.
أشكركم مرة اخرى على روح الاخاء و المحبة و اتمنى دوامها و نحن لا ندعوا الى الاتحاد و لا نقول ليس هناك فوارق أو خلافات بل ندعوا الى الوحدة و التركيز علي المشترك و الحوار البناء في المختلف.
لن تنالوا خيراً لا يناله أهلُ بيتِ نبيكم ولا أصبتم فضلاً إلا أصابوه (الامام زيد بن علي)

داعي إلى الله
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 5
اشترك في: الخميس ديسمبر 18, 2003 5:39 am
مكان: أرض الله

دعوة لنقاش ما أورده مؤلف العقد في تبيين أحكام الأئمة الهادين

مشاركة بواسطة داعي إلى الله »

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآله.

السلام عليكم جميعاً

لقد قرأت الكتاب http://hamidaddin.net/ebooks/Mansuri1.chm ملياً ولم أرى فيه سوى تحليلاً ونقداً لما رآه المؤلف مخالفاً للعقل والنقل حسب علمه واستدل على ذلك عقلاً ونقلاً.
فلماذا أعتبر البعض ان ذلك مما يفرق بين الزيدية والإمامية، فإن كان الإمامية اليوم يعتقدون فعلاً بما رد عليه الإمام أو بعضه مما نقده وبين فساده ففعلاً هناك فرقاً بينهما ولو اتفقتا في كثير غيره. وإن لم يكن الأمر كذلك فلماذا التحسس من كتاب ألف للرد على معتقدات فرقة كانت تقول بها ( أو تتهم بها، كما نوه السيد الجلالي ووضحه الأخ الموسوي) في زمن المؤلف كائناً من كان.

وعلى كلٍ الجميع يقولون بأنهما فرقة غير الأخرى فلماذا يحاول البعض أن يستنكر عند بيان آراء ونقد ومعتقدات كل فريق من الآخر ويقول أن في هذا ما يوجب الفرقة وهما أصلاً عليها وإلا لما سُمو فرق. فالصحيح أن نقول إذا كان هناك تقول وإفتراء من أي فريق على الآخر فهو لا يجوز ويجب ردعه وصده.

وكذلك لقد نوه الأخ الموسوي إلى شيئ خطير جداً وهو احتمال أن بعض هذه المعتقدات التي أوردها المؤلف ورد عليها وأبطلها قد تكون من تصانيف أعداء الدين لبث الفتنة وإشاعة الفرقة والشك في أوساط شيعة أهل البيت عليهم السلام، فإن كان كذلك فيجب شكر المؤلف والدعاء له في تببين زيف هذه المقالات ونشر هذا الكتاب لإبطال ما رامه المفترون. وإن لم تكن كذلك وأتضح أنها فعلاً معتقدات طائفة حقيقية وليس إفتراءً فعلينا إذاً نقاش ما أورده المؤلف ومن ثم تأييده أو نقضه.

فأرى أنه عوضاً عن الحوار حول نسبة هذا الكتاب من عدمها للإمام عبدالله بن حمزه، أن نذكر ما قاله هو فيه إن كان له أوما قاله غيره إن لم يكن ( وأنا هنا لا أشكك في نسبته له). وأدعو كل من له رأي مخالف لما أورده المؤلف في أي مسألة في هذا الكتاب أن يعرضها علينا ويبين بطلانها أو موافقتها وهل هي لا زالت فعلاً من معتقدات أي من الفريقين اليوم وبذلك سيتضح الأمر.

فمن وافق على بحث ذلك فمن الأنسب تصدير موضوع جديد يكون في مجلس الدراسات والأبحاث ووفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
يا سائلي عني وعن مذهبي - - - اسمع كلامـاً كله فصل
جدي نبيـئي و إمامي أبي - - - وديني التوحيـد والعدل

طوبى لمن كان منطقه ذِكراً، ونظره إعتباراً، وسكوته تفكراً، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته، وسلم المسلمون منه.

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس العام“