عندما يصبح النقاش (بلا كيف) قصة غراب يمشي على أربع

هذا المجلس للحوار حول القضايا العامة والتي لا تندرج تحت التقسيمات الأخرى.
أضف رد جديد
عبدالوكيل التهامي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 105
اشترك في: الخميس مارس 30, 2006 2:21 pm

عندما يصبح النقاش (بلا كيف) قصة غراب يمشي على أربع

مشاركة بواسطة عبدالوكيل التهامي »

بسم الله الرحمن الرحيم

عندما يصبح النقاش (بلاكيف) قصة غراب يمشي على أربع

في زمن من الازمان العتيدة، والبلدان البعيدة، اجتمع صديقان وسيمان، على عهد من الوفاء والايمان، اسم الاول (تيم) واسم الثاني (عدي)، وكان محل اجتماعهما قرب أحد الشلالات الخلابة، جنوب قرية عنابة، وخلال رحلة التأمل والصفاء، والانس والرخاء، شاهدا شيئا أسود يتحرك من بعيد، ويعبث بشئ ما في الصعيد، فقال (تيم) أجزم أن ذلك الشئ غراب، وقال (عدي) بل هو قطة.

واشتد النقاش واحتد، وطال الاخذ والرد، وأدلى كل منهما بحججه وأسبابه، وزعم أن المنطق في جنابه، ليدعم رأيه الذي جزم به وذهب إليه، فقررا بعد أن طال المطال، وحمي الوطيس والجدال، أن يقوما إليه لمعاينته ولو كان في الميل، لينحسم ما بينهما من الجدال المكرر الثقيل، فراحا على الفور إليه، وانكبا بشوق عليه، وما أن اقتربا منه وعايناه، وأشبعا الأحداق من رؤياه، نظر إليهما بكسل وتثاقل وقال :"مياو ، مياو".

وهنا اكفهر وجه (تيم)، وأبى على نفسه أن ينال منه الضيم، وكبر عليه أن يظهر بمظهر المخطئ المهزوم، بعد الجدال الطويل المأزوم، فقال لـ(عدي) بنبرة العنيد في صلف شديد: أرأيت يا (عدي) هذا غراب ويجب عليك أن تعترف بأنك كنت مخطئا وأنك جاهل ونظرك ضعيف!!

فذهل (عدي)، لهذا الصلف الجلي، وبعد أن صمت برهة من أثر الدهشة قال باسما: ألم تسمع يا (تيم) إنه قطة تقول "مياو مياو" ولا جناح لها ولا منقار ولا ريش؟!
فرد عليه (تيم) بكل ثقة، ليخفي ما أضمره من الهرطقة قائلا: هذا من جهلك يا (عدي) ومن سوء فهمك لحقائق الامور ودلالات اللغة فهذا غراب وإن لم يستطع الطيران وإن أتقن المواء وإن كان له ذيل، هذا غراب ولكنه بلا منقار وبلا جناح وبلا ريش!!

فعجب (عدي) من شقاق صاحبه، وعزم على أن يزيد في متاعبه، فقال له: هل تمزح يا (تيم) وكيف يتأتى ذلك وقد نفيت عن الغراب كل صفات الغراب وأثبت له كل صفات القطة فلماذا لا تقول هذه قطة فتريح وتستريح؟!
فرد عليه (تيم) باسما وبفطنته هائما قائلا: أنت لم تفهم قصدي يا (عدي) فهذه القطة اسمها غراب ..وإن شئت فاسألها؟!!
فضحك (عدي)، ثم عاد إلى مقعده من الشلال الندي، وقد علم أن الكبرياء، ألجأت صاحبه لابتداع هذا الهراء، ثم أنشأ يقول:

غراب "يموء" على أربع *** وطير ولكن بلا أجنحهْ
وذيل يزينهُ في قفاه *** وشاربه بيرق في الشفهْ
فهذا غراب وقط معا *** لمن ينصر الجهل بالفلسفهْ
فتلكم إذن حجة الكبرياء *** تصح على منهج البلكفهْ

عبدالوكيل التهامي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 105
اشترك في: الخميس مارس 30, 2006 2:21 pm

Re: عندما يصبح النقاش (بلا كيف) قصة غراب يمشي على أربع

مشاركة بواسطة عبدالوكيل التهامي »

ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين، توكلت على الله رب العالمين:

هذه القصة (التي كانت جاهزة للنشر منذ عام 2006 ولم يتيسر لي نشرها سوى اليوم) تدل بوضوح كيف أن الكبرياء قد يدفع بعض الاشخاص إلى أن يؤلف شطحات محبوكة ليخرج نفسه من المأزق حتى لو كان الثمن أن يجعل من نفسه أغبى الأغبياء وحتى لو اضطر لانكار الاشياء الواضحة البينة فيثير حولها جدلا طويلا مكررا ثقيلا بالتأويل والتشكيك والطعن ويبتدع ألفاظا وتراكيب لا أصل لها في اللغة تتنافى مع منطق الفطرة السليم ليحفظ ماء الوجه وكبرياء المراء ثم لا يلبث أن يرجم مخالفيه بالجهل والمغالطة ظلما وافتراء حتى لا يقال إنه على خطأ وللايحاء بأنه واثق من نفسه ، ولا أدل على ذلك من أن تسمع شخصا يردد مصطلحات من قبيل :يد (بلا كيف) أو رؤية (بلا عين) أو منظور (بلا جسمية ولا تحيز) وكأنما يهزأ بعقول مستمعيه ويبتدع في اللسان العربي المبين ما ليس فيه ، وقد تصل به الوقاحة والجرأة على الله والناس أن ينكر على غيره القول بالمجاز الذي هو مكون أساسي في اللغة ويعتبره تكذيبا لله وتعطيلا لما أثبته ، وهو بنفسه يستخدم المجاز ويتعقله في ألفاظ القران الكريم حين يفهم آيات الجناح في حق النبي الكريم وهو لا يدرك أنه حين ينبزهم بالمعطلة والمكذبين لله إنما ينبز نفسه ؟!!

وفي ميزان الانصاف نجد أن الذي يقول بالمجاز إنما يقول بشئ له أصل في اللغة العربية والمنطق السليم ولا يبتدع ألفاظا وتراكيب لا أصل لها في اللغة أو المنطق السليم إنما ابتدعت لافحام الخصوم وتخطئتهم وعدم التسليم لحججهم كما فعل صاحبنا (تيم) في القصة أعلاه.
فإن (تيما) الذي نفى جميع صفات الغراب عن القطة مصر على أن لا يسمي القطة بمسماها المعروف وأن يسمي القطة غرابا حتى لا يسلم بصحة رأي (عدي) ثم يحاول أن يجد لنفسه مخرجا يبرر به عنته ويصحح به خطأه قائلا : "هذه القطة اسمها غراب" !!

ورغم أن هذه القصة مضحكة نوعا ما فإنها عندما تتعلق بقضية معرفة الله قد تكون مدعاة للحزن والألم، وتفرض على المتعاطين معها بالمراء أن يدركوا جيدا أنهم لا يلعبون أو يتسلون إنما يتطارحون حججهم بين يدي الله عزوجل والمؤمنين وهي بضاعتهم التي سيلقونه بها عن قريب ولهم سعة في التسليم بالحق والتواضع بين يديه وإن كان ذلك مما يمس الكبرياء أو يخطئ (السلف)، فيوم القيامة لن يغني عنهم (السلف) من الله شيئا ما لم يكونوا من أهل التقوى والصدق والانصاف.

وبالنسبة لي ليست لدي خطة لاستفزاز أحد أو جرحه بقدر ما لدي رغبة في استفزاز عقله وضميره وفتح زوايا جديدة عليه ربما لم يكن ليلتفت إليها من عتمة التعصب فأحاول تبسيطها بالتمثيل والتحليل قدر مستطاعي والله تعالى الاعلم بنيتي وما توفيقي إلا به عليه توكلت وإليه أنيب.

وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس العام“