في رحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وذكرى

هذا المجلس للحوار حول القضايا العامة والتي لا تندرج تحت التقسيمات الأخرى.
أضف رد جديد
صارم الدين الزيدي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1155
اشترك في: الأربعاء يناير 07, 2009 6:42 am

في رحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وذكرى

مشاركة بواسطة صارم الدين الزيدي »

بسم الله الرحمن الرحيم




في رحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وذكرى استشهاده

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه:-

هو سيد الوصيين، وأخو سيد النبيين، دعوة إبراهيم، ومقام هارون، مستودع الأسرار، ومطلع الأنوار، وقسيم الجنة والنار، وارث علم أنبياء الله ورسله الكرام، عليهم أفضل الصلاة والسلام، أبو الأئمة الأطايب، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - واسمه عبد مناف - بن عبد المطلب، وعنده التقى النسبان الطاهران الزكيان، نسب النبي والوصي.
وأن الله حصر الولاية للمؤمنين في قوله تعالى:
﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُوْلُهُ وَالَّذِيْنَ آمَنُوْا الَّذِيْنَ يُقِيْمُوْنَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوْنَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُوْنَ﴾[المائدة: 55]
والولاية - وهي الإمامة - لمن جعلها الله له ووصفه بإيتاء الزكاة وهو راكع، ولم يفعل ذلك غير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
وهو ابن عمه لأبيه وأمه، ﴿وَأُوْلُوْا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِيْ كِتَابِ اللَّهِ﴾[الأنفال: 75]، وأخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آخى بينه وبينه وأكثرهم علماً، وأن الله اختاره من أهل الأرض بعد رسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، وأنه أول المسلمين إسلاماً، وأعلمهم علماً؛ وأنه أول من آمن به، والصديق الأكبر، والفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل، ويعسوب المؤمنين؛ وأنه أولهم إيماناً بالله، وأوفاهم بعهد الله، وأقومهم بأمر الله، وأقسمهم بالسوية، وأعدلهم في الرعية، وأبصرهم بالقضية، وأعظمهم عند الله مزية، وخير البرية؛ وأنه أفضلهم، وأشدهم لله غضباً ونكاية في العدو؛ وأنه خير الأوصياء؛ وأنه عبد الله، وأخو رسوله؛ قد علَّمه عِلْمه، واستودعه سره، وهو أمينه على أمته؛ وأنه سيد العرب، وسيد ولد آدم ما خلا النبيين والمرسلين، وسيد المسلمين، وسيد الوصيين، وأمير المؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين.
وهو منه بمنزلة هارون من موسى، ودعاه عند نزول آية المباهلة ، وفداه بنفسه ، وهو أول من صلى معه ، ومن كان مولاه فعلي مولاه ، وهو خامس أهل الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهَّرهم تطهيرا. وهو وصيه، وخليفته، وأبو ذريته ، وزوج ابنته فاطمة المخصوصة بنكاحه ، ولم يُؤَمِّر عليه أحداً من أصحابه، فلم يكن في سرية - ولم يكن فيها
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - إلا وهو أميرها، ولم يتخلف عنه في موطن من مواطن الجهاد إلا حين خلفه في غزوة تبوك، وقال له ما قال ، وعزل أبو بكر به في حديث براءة، وقال لا يُبَلِّغ عنيِّ إلا رجل مني ، وأشركه في هديه ولم يشرك أحداً غيره ، وأسرَّ عليه عام حجه أنه يقبض في عامه ذلك، ولم يعمل بآية التقديم بين يدي النَّجوى أحدٌ غيره حتى نُسخت ، وهو الذي تصدق بخاتمه راكعاً فنزلت فيه الآية وهو المراد بقوله تعالى: ﴿أجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدَ الحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ﴾[االتوبة:19].
وهو المراد بقوله تعالى: ﴿وَيُطْعِمُوْنَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيْناً وَيَتِيْماً وَأَسِيْراً﴾[الإنسان:8] وهو الذي أعطاه الراية يوم خيبر بعد أن قال: (( لأعطين الراية.. )) الخبر، وصاحب الطير. وأنه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق ، وهو أقضى الصَّحابة ، وهو باب مدينة العلم، ولم يجمع أحد بين قرب النسب وقرب الصَّهارة والصحبة غيره، وسَدَّ صلى الله عليه وآله وسلم الأبواب التي إلى المسجد إلا باب علي عليه السلام ، وهو حامل لواء الحَمْد وصاحب ذي الفقار، ومعصوم لا يفارق الحق، ولم يقتل أحد مثل ما قَتَل، وكان يُرْجَعُ إليه ولا يَرْجِعُ إلى أحد: ﴿أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَنْ لاْ يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى﴾[يونس:35].
ولما هاجر صلى الله عليه وآله وسلم لم يستخلف لرد الودائع وغيرها إلا إياه عليه السلام، ولما كان غزوه إلى الروم أطول أسفاره وأبعدها شُقَّة، والحاجة إلى الخليفة واختيار الأكمل والأفضل، ليست كالحاجة إلى الخليفة في السفر القصير والمدة القصيرة، فلم يستخلف غيره عليه السلام، ولم يختلف أحد من العلماء بعده في إمامته عليه السلام، حين انْتُهِيَ بها إليه بخلاف غيره، وردَّت له الشمس بعد الأفول ولم تُرَدّ لغيره ، وأسهم له في غزوة تبوك سهمين أحدهما سهم جبريل عليه السلام ، (وهو الذي صبر يوم المهرا س وانهزم الناس كلهم غيره، وهو الذي غَسَّلَه وأدخله قبره صلوات الله عليه وسلامه) ، وهو أفضل أهل البيت، وأهل البيت أفضل من غيرهم، فهم أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والأفضل هو الأحق بالإمامة بإجماع الصحابة، واحتجوا على الأنصار به وصَدَقُوا؛ ولكنه أخص منهم بذلك، وأولاهم به.

[استشهاد أمير المؤمنين صلوات الله عليه]:-
أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن الأسدي بإسناده عن إسماعيل بن راشد، قال: من حديث ابن ملجم (لعنه الله) وأصحابه أن عبد الرحمن بن ملجم (لعنه الله) والبرك بن عبد الله وعمرو بن أبي بكر التميمي اجتمعوا بمكة، فذكروا أمر الناس وعابوا عمل ولاتهم، ثم ذكروا أمر أهل النهروان فترحموا عليهم، و قالوا: والله ما نصنع بالبقاء بعدهم شيئاً، فلوا اشترينا لله أنفسنا وأتينا أئمة الضلالة فالتمسنا قتلهم وأرحنا منهم البلاد.
قال ابن ملجم: أنا أكفيكم علي بن أبي طلب.
وقال البرك: أنا أكفيكم معاوية.
قال عمرو بن بكر: أنا أكفيكم عمرو بن العاص، فتعاهدوا على ذلك واتّعدوا ليلة تسعة عشر من رمضان، الليلة التي ضرب فيها ابن ملجم (لعنه الله) علياً عليه السلام، فأقبل كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه، فأما ابن ملجم (لعنه الله) فلقي أصحابه بالكوفة فكاتمهم أمره حتى إذا أتى ذات يوم أصحاباً له من تيم الرباب، وقد كان علي عليه السلام قتل منهم عدة يوم النهروان، فلقي من يومه ذلك امرأة يقال لها: قطام بنت شجنة، وكان علي عليه السلام قتل أباها وأخاها يوم النهروان، وكانت جميلة، فلما رآها التبست بقلبه فخطبها، فقالت: لا أتزوجك حتى تشتفي لي.
قال: ومَا تشائين؟
قالت: ثلاثة آلاف، وعبداً وقينة، وقتل علي بن أبي طالب.
فقال: والله ما جاء بي إلاّ قتل علي بن أبي طالب.
قالت: فإني أطلب لك من يساعدك، وبعثت إلى رجل يقال له: وردان فكلمته فأجابها، وأتى ابن ملجم (لعنه الله) شبيب بن بَجرة، ويقال: شبث، وقال: هل لك في قتل علي؟
فقال: ثكلتك أمك كيف تقدر عليه؟
قال: أكْمن له في المسجد، فإذا خرج لصلاة الغداة شددنا عليه.
قال: ويحك لو كان غير علي كان أهون.
قال: أما تعلم أنه قتل أهل النهروان العباد المصلين.
قال: بلى.
قال: نقتله بمن قتل من إخواننا، فأجابه، فجاءوا حتى دخلوا على قطام، وقال: هذه الليلة التي واعدت فيها صاحبي أن يقتل كل واحد منا صاحبه، ثم أخذوا أسيافهم وجلسوا مقابل السدة التي خرج منها علي عليه السلام، فخرج صلوات الله عليه لصلاة الغداة فشد عليه شبث فوقع سيفه بعضادة الباب وبالطاق، ولم يصبه وضربه ابن ملجم (لعنه الله) على رأسه، وهرب وردان حتى دخل منزله، فدخل عليه رجل من بني أبيه وهو ينزع السيف والحرير وأخبره بما كان، فذهب إلى منزله وأخذ سيفه وعلاه به حتى قتله، وخرج شبث ونجا، وشدوا على ابن ملجم (لعنه الله) وأخذوه.
يقال: إنه أتى تلك الليلة الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن جبلة بن معاوية وكان يناجيه بناحية من المسجد، وحجر بن عدي (رحمة الله عليه) يصلي، فسمع الأشعث يقول له: النجاء، فضحك - الصبح، فقال حجر: قتلته يا أعور قتلك الله، وكان الأشعث أعور، وكان ابن ملجم (لعنه الله) حليفاً لبني جبلة وابن أخت لهم، وجبلة هو الذي ينتمي إليه الأشعث لأنه الذي يدعى أشعث بن قيس كما قدمنا نسبه.
فلما قتل علي عليه السلام قال قيس بن يزيد بن أبي ربيعة الكندي يرثيه ويهجو الأشعث:

قتلت أمير المؤمنين تخوّناً .... على غير شيء يابن واهضة الخصى
وأنت لعج من هوابد فارس .... تؤول لعلج ما تؤول لذي العلى
لسنجيب تيم شر أبناء فارس .... إلى شر منحول وألأم منتمى
غدرت بميمون النقيبة حازم .... وأكرم من ضمت حصان ومن مشى
أخى الدين والإسلام والبر والتقى .... وصهر الذي أصفى له الدين بالهدى
أبر بذي قربى وأبعد من خناً .... وأتقى لرب حين ميز ذو النهى
وأشجع من ضرغامة ذي مهابة .... وأجود من نور السماك إذا سقى
أخا أحمد والوارث العلم بعده .... وصي له في الغابرين ومن مضى
فأبشر أخا الإتراف والحوب والخنا .... بما إن تلاقي أن تحش لكم لظى
مقارن إبليس بها عرف نارها .... وقود لحاميها ليهن لك الشقا
فلا زلت موزوعاً لعيناً مبغضاً .... وأبعدك الرحمن واجتاحك الردى

وكان الأشعث دَعِيَّاً في بني كندة، لأنه أشعث بن قيس بن حرزاذ بن سنجيب رجل من الفرس وشخص مع بني عمرو بن معاوية بابنة حرزاذ، فلما انتهوا إلى حضرموت هلك سنجيبب، فضمه معاوية بن جبلة إلى ولده فنسب إليهم، وسمي حرزاذ معدي كرب، فغلب عليه الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن جبلة، وإنما هو ابن سنجيب الفارسي، ولذلك قال علي عليه السلام فيما حكى الأسود بن سعيد بن قيس الهمداني أن علياً عليه السلام كان جالساً في الرحبة إذ طلع الأشعث بن قيس «بن معدي كرب بن جبلة»، فسلم ثم جلس فقال: يا أمير المؤمنين جئت خاطباً، قال: إلى من؟
قال: إليك.
قال: أحمقة كحمقة أبي بكر، يا أشعث يأبى ذلك عليك سنجيبب.
فقال الأشعث: ومَا سنجيب؟
قال: رجل من الفرس، لما تمزق ملك بني عمرو بن معاوية شخص مع كندة إلى اليمن وابنه حرزاذ معه غلام، فلما انتهوا إلى حضرموت هلك سنجيب فانتسب حرزاذ جدك الذي يقال له: معدي كرب إلى جبلة بن معاوية.
وكان الأشعث بن قيس لما ارتد عن الإسلام، وتحصن بحصنه النجي، بعث إليه أبو بكر زياد بن لبيد البياضي فأخذه، ومَنّ عليه أبو بكر وزوجه أخته أم فروة.
قال إسماعيل بن راشد: قال محمد بن حنيف: والله إني لأصلي تلك الليلة التي ضرب فيها ابن ملجم (لعنه الله) علياً عليه السلام قريباً من السدة في رجال كثير من أهل البصرة، إذ خرج علي عليه السلام لصلاة الغداة، فنظرت إلى بريق السيوف، وسمعت: الحكم لله لا لك يا علي ولا لأصحابك، ثم سمعت علياً عليه السلام يقول: لا يفوتنكم الرجل، فلم أبرح حتى أُخذ ابن ملجم وأدخل على علي عليه السلام فسمعته يقول: النفس بالنفس إن هلكت فاقتلوه كما قتلني، وإن بقيت رأيت فيه رأيي، فبينما هم عنده وابن ملجم مكتوف بين يدي الحسن بن علي عليه السلام إذ نادت أم كلثوم بنت علي: إنه لا بأس على أبي والله مخزيك يا عدوا الله.
قال: فعلى من تبكين، فو الله لقد اشتريته بألف وسممته بألف، ولو كانت هذه الضربة تجمع الناس ما بقي منهم أحد.
وأقبل علي عليه السلام على ابن ملجم وقال: أرأيت أن لو سألتك عن ثلاث خصال تصدقني إن سألتك ؟.
قال: سلني.
قال: سألتك بالله هل كنت تدعى وأنت صغير ابن راعية الكلاب ؟.
قال: اللهم نعم.
قال: فأسألك عن الثانية، أنشدك بالله أَمرّبك رجل وقد تحركت، فقال: أنت شقيق عاقر ناقة ثمود؟
قال: اللهم نعم.
قال: إني أسألك عن الثالثة، وهي أشدهن عليك هل حدثتك أمك أنها حملت بك في حيضها؟
قال: اللهم نعم، ولو كنت كاتما شيئاً لكتمته.
قال: ومضت على علي عليه السلام ليلة الجمعة وليلة السبت، وتوفي ليلة الأحد لسبع بقين من شهر رمضان سنة أربعين وهو «ابن ثلاث وستين»، وغسله الحسن والحسين، وعبد الله بن جعفر صلوات الله عليهم فكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص، وكبر عليه الحسن سبع تكبيرات، ودفنوه، فقبره اليوم بالغري من الكوفة.
وكذلك روي عن زيد بن علي عليه السلام حين قال لأصحابه وهم يسلكون ليلاً معه طريق الغري: أتدرون أين نحن ؟ نحن بأرض من رياض الجنة، نحن في طريق قبر أمير المؤمنين عليه السلام.

انتهى باختصار من كتاب المصابيح في السيره


أللَّهُمَّ صَـلِّ عَلَى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَآلِ مُحَمَّد صَلاَةً عَالِيَةً عَلَى الصَّلَوَاتِ مُشْرِفَةً فَوْقَ التَّحِيَّاتِ، صَلاَةً لاَ يَنْتَهِي أَمَدُهَا وَلا يَنْقَطِعُ عَدَدُهَـا كَأَتَمِّ مَـا مَضَى مِنْ صَلَوَاتِكَ عَلَى أَحَد مِنْ أَوْلِيـآئِكَ، إنَّـكَ الْمَنَّانُ الْحَمِيدُ الْمُبْدِئُ الْمُعِيدُ الفَعَّالُ لِمَا تُرِيْدُ.


اللهم صل على هادي الأمم سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين المطهرين أنوار الهدى ومصابيح الدجى حفظة التنزيل أمناء التأويل صلوات الله وسلامه عليهم صلاةً وسلاماً سرمديا...
صورة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يا رَبُّ بهم وبآلِهِمُ *** عَجِّلْ بالنَصْرِ وبالفَرجِ

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس العام“