مجلة تراثنا العدد 73 ـ 74 الكواكب الدرّيّة في النصوص على إمام خير البريّة تأليف السيّد صلاح بن أبراهيم بن أحمد الحسنى الزيدي المتوفّى أوائل القرن الثامن الهجري تحقيق السيد شهيد الخطيب (312) (313) مقـدّمة التحـقيق بسـم الله الرحمن الرحـيم الحمد لله الّذي هدانا بلطفه للاِيمان ، وأوضح لنا سبل البرهان ، وعرّفنا دينه القويم وكتابه ، وما أنزله على نبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم ، والحمد لله الّذي جعلنا من المتمسّكين بولاية أمير المؤمنين ، وعترته الأنوار الباهرة الطاهرين ، صلوات الله عليهم أجمعين ، ورزقنا البراءة من أعدائهم بالحجج الدامغة إلى قيام يوم الدين. أمّا بـعد .. فالشريعة الاِسلامية هي خاتمة لكلّ الشرائع السابقة ومهيمنة عليها ، وهي الرسالة الجامـعة لكلّ الرسالات السابقة؛ فقد أعادت البشرية إلى الهدى بعد الضلال ، وإلى النور بعد الظلام ، ووضّحت لهم المنهج التكاملي الصحيح وطريق السعادة الكبرى ، واجتثّت رواسب الشرك والوثنية من عقول الجاهلية التي كانت تلهث وراء عبادة الأصنام والأوثان من دون أي تدبّر وتفكّر في أنّها جمادات لا تغن ولا تسمن. (314) فوقف صاحب هذه الرسالة الخاتمة أمام هؤلاء ليواجههم بأساليب جديدة للمعالجة ووسائل ناجحة ومتميّزة ، وإعدادهم لمقارعة تلك المفاهيم والتوجّهات الجاهلية ، فنجح في ذلك كلّه وأرسى دعائم الرسالة وقيمها السامية ، فارتقى بهم إلى مدارج الكمال وحوّلهم إلى خير أُمّة أُخرجت للناس فجعلهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .. وقبل أن يلتحق الرسول صلى الله عليه وآله بالرفيق الأعلى وضّح للأُمّة المنهج الذي تنتهجه بعده ، والخليفة المؤهّل الذي سيكون بعده صلى الله عليه وآله قائداً مقتدراً لهذه الأُمّة ليوصلها إلى شاطىَ النجاة ، ولم يتركها هملاً بدون هادٍ ومرشـد؛ إذ كان متيقّناً من وجود مَن سيخالفه ، من خلال ظهور بوادر هذا الخلاف في حياته صلى الله عليه وآله .. فهذا خالد بن الوليد أرسله داعياً لبني جذيمة ولم يرسله مقاتلاً ولكنّ خالد وضع السيف فيهم ليأخذ بثأر عمّه بن المغيرة عندما قتلوه في الجاهليّة ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله عليّاً عليه السلام ليعطي الدية لهم. وهذا عمر بن الخطّاب يعترض على النبيّ صلى الله عليه وآله في صلح الحديبية ، كما خالف هو مع أبي بكر رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يطيعاه عندما أمرهما بقتل الرجل المارق الذي كان يصلّي ، كما أنّهما هربا أكثر من مرّة من الزحف ، وخير مصداق لذلك هو تخلّفهما عن جيش أُسامة ، بل طعنوا حتّى في إمرته. وأبرز خلاف ظهر بشكل علني بين المسلمين هو قبيل رحيل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله ، وهو الذي بدأه عمر بن الخطّاب حينما طلب النبيّ صلى الله عليه وآله من الحاضرين أن يأتوه بدواة وكتف ليكتب لهم كتاباً لن يضلّوا بعده أبداً ، فقال عمر : إنّ الرجل ليهجر حسبنا كتاب الله. (315) صوافترق المسلمون فرقتين ، إحداهما امتثلت قول عمر ، والأُخرى قالت بوجوب تنفيذ طلبه صلى الله عليه آله ، فكثر اللغط والاختلاف حتّى قال صلى الله عليه وآله : « قوموا عنّي ، لا ينبغي التنازع عندي ». فخـرج ابن عبّـاس يقـول : إنّ الرزيّة كلّ الرزيّة ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين كتابه (1) . وغير ذلك من المخالفات منهما ومن بعض الصحابة. لكن مع كلّ هذا نجد أنّه صلى الله عليه وآله كان واقفاً على خطورة الموقف ، وعظم مقام القيادة؛ إذ كان يعرِّف للأُمّة إمامها وقائدها والقائم بأعباء الخلافة والاِمامة من بعده حيناً بعد آخر ، وبأساليب متعدّدة مختلفة .. فتارة يشبّهه بهارون عليه السلام (2) . وأُخرى يجعله وأولاده : أحد الثقلين والعِدْل للقرآن (3) . وثالثة بأنّهم كسفينة نوح (4) . إلى غير ذلك من النصوص الجليّة والواضحة التي تؤكّد وتشير إلى حقيقة أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله لم يترك خلافة وإمامة الأُمّة سـدىً ، ولم يفوّضها إلى شورى الأُمّة ومفاوضاتها أو منافساتها ، أو إلى بيعة شخص معيّن ، بل عالجها في حياته بأنجح الطرق وأفضلها ، وبأحسن الأساليب .. ____________ (1) الطبقات ـ لابن سعد ـ 2 | 244 ، صحيح البخاري 1 | 39 كتاب العلم ـ باب 39 ، صحيح مسلم 3 | 1259 ، الملل والنحل ـ للشهرستاني ـ 1 | 22. (2) المعجـم الكبير ـ للطبراني ـ 4 | 184 ح 4087 ، حلية الأولياء 7 | 196 ، المناقب ـ للمغازلي ـ : 27 ـ 37 ، تاريخ مدينة دمشق 42 | 100 ح 8448. (3) مسند أحمد 3 | 14 ، المسترشد : 559 ، المستدرك على الصحيحين ـ للحاكم ـ 3 | 109 ، المناقب ـ للمغازلي ـ : 234. (4) العمدة ـ لابن البطريق ـ : 358 ح 693 ـ 697 ، تاريخ بغداد 12 | 91 ، المستدرك على الصحيحين ـ للحاكم ـ 3 | 150 ، الصواعق المحرقة : 234. (316) فأوصى بها صلى الله عليه وآله بأمر الله عزّ وجلّ إلى الأئمّة الأطهار : من ولده ، الّذين هم حجج الله في أرضه وحكمهم كحكمه تعالى ، فوجبت طاعتهم بنصّ الكتاب العزيز : (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأُولي الأمر منكم) (1) ، وأوجب العمل بأوامرهم. ولقد استفاضت الأدلّة لاِثبات أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله لم يترك الأُمّة بدون هادٍ ومرشد من أوّل دعوته ، ابتداءً بحديث الدار أو إنذار العشيرة (2) ، وختاماً بآية الاِبلاغ وإكمال الدين (3) ، أو بحديث الدواة والكتف وكتابة الكتاب لهم (4) . وهذه الرسالة التي بين يدي القارىَ العزيز هي للسـيّد صلاح بن إبراهيم بن تاج الدين أحمد بن يحيى الحسني الزيدي ، يورد فيها بعض هذه الأدلّة المثبتة لاِمامة وخلافة عليٍّ صلى الله عليه وآله بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بلا فصل ، ومن بعده الأئمّة الأطهار :. المؤلّف في سـطور : هو السـيّد صلاح بن إبراهيم بن تاج الدين أحمد بن محمّد بن أحمد ابن يحيى بن يحيى الحسني الزيدي ، من علماء الزيديّة .. ____________ (1) سورة النساء 4 : 59. (2) الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ : 341 ح 408 ، مسند أحمد 1 | 111 ، تفسير الطبري 19 | 74 ، شواهد التنزيل 1 | 420 ، تاريخ مدينة دمشق 42 | 48 ح 8381 ، كفاية الطالب : 204. (3) سورة المائدة 5 : 3 و67؛ وراجع تفسير هاتين الآيتين ، وكذلك الكتب التي تروي واقعة الغدير في يوم حجّة الوداع. (4) صحيح البخاري 1 | 39 باب كتابة الصلح ، الملل والنحل ـ للشهرستاني ـ 1 | 22 ، تذكرة الخواصّ : 65 ، الطبقات ـ لابن سعد ـ 2 | 244. (317) ذكر محمّـد بن زبارة الحسني اليمني في كتابه المسمّى : ملحق البدر الطالع من بعد القرن السابع قائلاً : إنّ صلاح بن إبراهيم بن تاج الدين بن يحيى الحسني روى عن : الاِمام المتوكّل على الله المطهّر بن يحيى ، والقاضي ابن يحيى صاحب شعلل ، والأمير الهادي بن تاج الدين ، والسـيّد علي بن المرتضى ... وغيرهم. وكان علاّمة كبيراً ، ونحريراً خطيراً ، وله رسائل ومسائل ، وهو متمّم شفاء الأمير الحسين بن محمّـد ، وسكن الشرف الأعلى ، وقد أثنى عليه الاِمام المهدي محمّـد بن المهدي في رسالة له سنة 702 ، ومات صاحب الترجمة في أوّل القرن الثامن رحمه الله تعالى (1) . أقـول : لا بأس بالوقوف هُنيهة للتنبيه على مسألة مهمّة جدّاً ، وهي : توضيح الفرق بين الزيدية والشهيد زيد بن علي عليه السلام. الشيعة الاثنا عشرية ترى وتعتقد في زيد غير ما تعتقد به الزيدية ، فالزيـدية تعتقد : إنّ كلّ مَن قام بالسـيف من ذرّية عليّ عليه السلام فهو إمام مفترض الطاعة ، وعلى هذا سيكون زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب : هو الاِمام من بعد أبيه ؛ لأنّه نهض بالسيف وقاتل واستُشهد عليه السلام. أمّا نحن فنعتقد أنّ زيداً نهض بالسيف ليؤدّي واجبه الشرعي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والطلب بدم جدّه الاِمام الحسين عليه السلام ، فقتل شهيداً مظلوماً ، ولم يدّعي الاِمامة لنفسه بل كان أعرف الناس بمقام ____________ (1) البدر الطالع ـ للشوكاني ـ (ملحق البدر الطالع 2) : 103 ح 178. (318) أخيه الاِمام الباقر وعمّه الاِمام الصادق عليه السلام. وقد ذكر الشيخ المفـيد ذلك في كتابه الاِرشاد قائلاً : وكان زيد بن علي بن الحسين عين إخوته بعد أبي جعفر عليه السلام وأفضلهم ، وكان عابداً ورعاً فقيهاً سخيّاً شجاعاً ، وظهر بالسيف يأمر بالمعروف وينهى عن المـنكر ، ويطالب بثارات الحسـين عليه السلام ، واعتقد فيه كثير من الشيعة الاِمامـة ، وكان سـبب اعتقادهـم ذلك فـيه خروجـه بالسـيف يدعو إلى الرضا مـن آل محمّـد فظنّـوه يريـد بذلك نفسه ، ولم يكن يُريدُها به لمعرفـته عليه السلام باستحـقاق أخيه للاِمامـة من قبله ، ووصـيّته عند وفاته إلى أبي عبـد الله عليه السلام (1) . النسـخة المخطوطة المعتمدة في التحقيق : في بداية عملي اعتمدت النسخة التي استنسخها السـيّد حسين الحسيني الشيرازي ، في الثالث عشر من شهر شوّال المكرّم لسنة ألف وأربعمائة وخمس هجرية ، المحفوظة في مكتبة مركز إحياء التراث الاِسلامي في مدينة قم المقدّسة ، برقم 476. ثمّ لاحظت فيها ـ أثناء العمل ـ بعض الأخطاء ، ووجدت بياضات بدل بعض الكلمات التي لم تستنسـخ ، فرجعت إلى النسخة المخطوطة نفسها ، المحفوظة في مكتبة السـيّد شهاب الدين المرعشي النجفي العامّة في مدينة قم ، برقم 840 .. وهي مصوّرة لنسخة محفوظة في مكتبة الجامع الكبير في صنعاء باليمن ، برقم 2 | 722 فهرست مخطوطات الجامع الكبير. ____________ (1) الاِرشاد ـ للشيخ المفيد ـ 2 | 171 وص 172. (319) تقع في 24 صفحة ، تبدأ من صفحة 176 ـ 199 ، وكلّ صفحة تحتوي على 19 سطراً. وفي هذه النسخة المصوّرة واجهت بعض الصعوبات أيضاً ؛ لوجود كثرة السواد وعدم التنقيط في الأغلب ، ولكن بعد التوكّل على الله تعالى والرجوع إلى المصادر التي في متناول أيدينا تغلّبت على كثير منها. منهجية التحقيـق : 1 ـ تقطيع النصّ وتقويمه. 2 ـ تخريج الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة. 3 ـ توضيح وشرح بعض النصوص. 4 ـ توضيح بعض المفردات اللغوية. 5 ـ ما أضفناه للضرورة جعلناه بين معقوفين. السـيّد شـهيد الخطيب 20 محرّم الحرام سنة 1424 هـ (320) صـورة الصفحة الأُولى من المخطوطة (321) صـورة الصفحة الأخيرة من المخطوطة (322) الكواكب الدُرّيـة في النصوص على إمامة خير البريّة وذكر نجاة أتباع الذُرّية ممّا ولي تأليفه : الأمير المعظّم الكبير ، علم العترة النبويّة ، وتاج الذرّية العلويّة ، صلاح الدنيا والدين ، محيي علوم آبائه الأكرمين : صلاح ابن أمير المؤمنين إبراهيم بن أحمد بن محمّـد بن غني بن يحيى ابن الهادي إلـى الحقّ ابن رسول الله صلّى الله عليه وعليهم أجمعين. (323) بسـم الله الرحمن الرحـيم ربّ أعن الحمد لله الذي اختار آل محمّـد عليهم السلام على علمٍ على العالمين ، وافترض مودّتهم على كافّة خلقه أجمعين ، وجعلهم الولاة على عباده إلى يوم الدين ، وقمع بسطوتهم عُتاة الجبابرة المتمرّدين ، وأطفأ بهم نيران شبهات المموّهين ، وفي ذلك ممّا يقول الرسول الأمين صلّى الله عليه وعلى أهل بيته الطيّبين : « في كلّ خلف من أهل بيتي عدول ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين » (1) . أمّا بـعد .. فإنّها ظهرت مقالة من بعض من ينتمي إلى العلم ، ويدّعي بزعمه أنّه من أُولي الفهم ، وهي : إنكار النصّ على أمير المؤمنين وسـيّد الوصيّين عليه صلوات ربّ العالمين. ____________ (1) ورد الحديث في المصادر بزيادة : « ألا إنّ أئمّتكم وفدكم إلى الله ، فانظروا بمن تفدون في دينكم » ، وسيأتي ذكر هذا الخبر مع هذه الزيادة في ص 378. راجع هذه المصادر : كمال الدين ـ للشيخ الصدوق ـ : 221 ح 7 ، قرب الاِسناد : 77 ح 250 ، تنبيه الغافلين ـ للبيهقي ـ : 152 ح 63 ، ذخائر العقبى : 17 ، جواهر العقدين 1 ـ ق 2 ـ | 91 ، الصواعق المحرقة : 231. (324) فلمّا بلغ ذلك إليّ اعتقدت وجوب الردّ عليه ، وتصويب أسـنّة الطعن والتشنيع إليه ؛ لكون ذلك بدعة يجب إنكارها ، ومقالة يقبح إظهارها ، ولِما روي عن النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « من انتهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمناً وإيماناً » (1) . وقصدت بذلك الخروج عن عهدة ما يجب من حقّ أمير المؤمنين عليه السلام ، والتعرّض لِما ورد في الأثر عن سـيّد البشر وهو قوله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « إنّ الله تعالى جعل لأخي عليّ فضائل لا تحصى كثرةً ، فمن ذكر فضيلة من فضائله غفر الله له ما تقدّم من ذنبه ، ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم ، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع ، ومن نظر إلى كتاب من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر » .. ثمّ قال : « النظر إلى عليّ بن أبي طالب عبادة ، وذكره عبادة ، ولا يقبل الله إيمان عبد إلاّ بولايته والبراءة من أعدائه » (2) . ولمّا كان أهل هذه البدعة ينتمون إلى العلم والزهادة ، ويتحلّون في ظاهر أمرهم بالعبادة ، فبُثَّت بدعتهم ، وقُبِلَت شبهتهم ، وكثر اغترار الجاهل بهم ، وذلك مصداق ما قاله أمير المؤمنين ، عليه سلام ربِّ العالمين : « قطع ظهري اثنان : عالم فاسـق يصـدّ الناس عن علمه بفسـقه ، وذو بدعة ناسك ____________ (1) مسند الشهاب 1 | 318 ح 537. وورد بتفاوت يسير في الألفاظ في : تاريخ بغداد 10 | 264 ، حلية الأولياء 8 | 200 ، تاريخ مدينة دمشق 54 | 199 ح 11447 ، كنز العمّال 3 | 82 ح 5598. (2) الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ : 201 ح 216 ، المناقب ـ للخوارزمي ـ : 2 ، كفاية الطالب : 252 ، فرائد السمطين 1 | 19. (325) يدعو الناس إلى بدعته بنسكه » (1) .. فإذا كان الأمر كذلك فعلى الغافل أن ينظر في معرفة الحقّ ليعرف أربابه ، ومعرفة الباطل لتجنّب نصابه (2) ؛ قال أمير المؤمنين عليه السلام : « الحقّ لايعرف بالرجال ، وإنّما الرجال يعرفون بالحقّ ، اعرف الحقّ تعرف أهله قلّوا أم كثروا ، واعرف الباطل تعرف أهله قلّوا أم كثروا » (3) . وإذا أردنا أن نتكلّم في إبطال شبهته ، ومحو بدعته ، أوردنا النصوص الدالّة على إمامة أمير المؤمنين تصريحاً وتعريضاً ، فقلنا : الدليل على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بغير فصل : الكتاب ، والسُـنّة ، وإجماع العترة. * أمّا الكتاب : [ آية الولاية ] فقوله تعالى : (إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (4) . ونحن نتكلّم في أنّ هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام ، ثمّ نتكلّم في دلالتها على إمامته .. ____________ (1) ورد الحديث بألفاظ مختلفة ؛ كما في : الخصال ـ للشيخ الصدوق ـ : 69 ح 103 ، روضة الواعظين : 6 ، منية المريد : 74 ، الصواعق المحرقة : 200. (2) النصاب : مأخوذ من النصب ، وهو : التعب والعناء ؛ راجع : لسان العرب 1 | 758. (3) ورد بتفاوت في الألفاظ ؛ وهو : قوله عليه السلام للحارث بن حوط : « يا حارث ! إنّه ملبوس عليك ، إنّ الحقّ لا يعرف بالرجال ، اعرف الحقّ تعرف أهله » ؛ التبيان ـ للشيخ الطوسي ـ 1 | 190 ، مجمع البيان 1 | 188 ـ 189 ، تفسير القرطبي 1 | 340 ، روضة الواعظين : 31 ، الطرائف ـ لابن طاووس ـ : 136 ح 215. (4) سورة المائدة 5 : 55. (326) أمّا أنّها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام ، فذلك إجماع العترة الطاهرة ، وهو إجماع أهل النقل كافّة ، وإجماعهم كافٍ في باب الأخبار ، ولو أردنا تفصيل الرواية (1) وأسماء الرواة (2) لطال الكلام ، والغرض الاختصار ، وهو موجود بحمد الله تعالى ومنّه. وأمّا وجـه الدلالة ، فهو : إنّ الله أثبت الولاية له ولرسوله ولمن آتى ____________ (1) تواترت الأخبار في سبب نزول الآية : دخل سائل فقير إلى مسجد رسول الله 6 وكان المسلمون في تلك الساعة منهمكون بالعبادة والأعمال الأُخرى ، فسأل فلم يعطه أحد شيئاً إلاّ عليّاً عليه السلام ، أعطاه خاتمه وهو في حالة الركوع .. انظر : ما ذكره الحسكاني في شواهد التنزيل 1 | 179 ح 235 ، بالاِسناد إلى أبيذرّ رحـمه الله تعالى ، قال : أما إنّي صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم ، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئاً ، وكان عليٌّ راكعاً فأومأ بخنصره إليه ، وكان يتختّم بها ، فأقبل السائل حتّى أخذ الخاتم من خنصره ، فتضرّع النبيّ صلى الله عليه وآله ـبعـد أن سأل مِن السائل وأجابه بأنّ ذلك الراكع هو الذي أعطاني الخاتم ـ إلى اللهعزّ وجلّ ، فقال : « اللّهمّ إنّ أخـي موسـى سألك ، قال : (ربّ اشرح لي صـدري * ويسّر لي أمري * واحلُل عقدةً من لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيراً من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركْه في أمري) ، فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً : (سنشـدّ عضدك بأخيك) ، اللّهمّ وأنا محمّـد نبيّك وصفيّك ، اللّهمّ فاشرح لي صدري ، ويسّر لي أمري ، واجعل لي وزيراً من أهلي ، عليّاً أخي ، اشدد به أزري ». قال ـ أبو ذرّ ـ : فوالله ما استتمّ رسول الله الكلام حتّى نزل عليه جبرئيل من عند الله وقال : يا محمّـد ! هنيئاً لك ما وهب لك في أخيك. قال : وماذا يا جبرائيل ؟ قال : أمر الله أُمّتك بموالاته إلى يوم القيامة ، وأنزل عليك : ( إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ). وهناك روايات أُخرى وبألفاظ متعدّدة ، وسيذكر المصنّف أحدها في ص 178. (2) من رواة هذه الواقعة : أبو ذرّ الغفاري ، عمّار بن ياسر ، جابر بن عبدالله الأنصاري ، سلمة بن كهيل ، أنس بن مالك ، ابن عبّـاس ، عمرو بن العاص ، المقداد بن الأسود الكندي ؛ راجع ذلك في : شواهد التنزيل 1 | 173 ح 231 ـ 240. (327) الزكاة في حال ركوعه ، وهو أمير المؤمنين دون غيره ، فيجب أن تثبت له الولاية. والولاية : ملك التصرّف ، وذلك معنى الاِمامة. أمّا إنّ الله أثبت الولاية له ولرسوله ولمن آتى الزكاة في حال الركوع ، فذلك ظاهر في سياق الآية. وأمّا أنّ ذلك هو أمير المؤمنين عليه السلام ؛ فلأنّا قد بيّنّا أنّ الآية نزلت فيه دون غيره. وقد روي أنّ عمر بن الخطّاب قال : تصدّقت بنيّف وعشرين صدقة وأنا راكع لعلّه أن ينزل فيّ ما نزل في عليّ عليه السلام فلم ينزل فيّ شيء (1) . وأمّا إنّ الولاية ها هنا هي ملك التصرّف ؛ فلوجهين : أحـدهما : إنّ ذلك هو السابق إلى الاِفهام عند إطلاق هذه اللفظة ، وذلك دلالة كونها حقيقة فيه. الوجه الثاني : إنّ هذه اللفظة ، وإن كانت مشتركة عادة ، يجب حملها على جميع المعاني ؛ قضاءً لحقّ الاشتراك ؛ إذ لا مانع يمنع من ذلك ، وهي صالحة لاِفادة جميعها ، ولا وجه يقضي تخصيص بعضها دون البعض .. لأنّا إمّا أن نحملها على جميعها ، فهو الذي نقول. وإمّا أن لا نحملها على شيء من هذه المعاني ، فيكون ذلك إلحافاً لكلام الحكيم ، ما لهذا (2) والعبث الذي لا فائدة فيه ، وذلك لا يجوز ، فلذلك يجب حملها على جميع المعاني ، وهناك يدخل ملك التصرّف ، وهو الذي أردناه. ____________ (1) شرح الأخبار 2 | 346 ح 697 ، سعد السعود : 196. (2) في الأصل : ما لهذه ؛ والصحيح ما أثبتناه. (328) وأمّا إنّ ذلك معنى الاِمامة ؛ فلأنّا لا نعني بقولنا : « فلان إمام » إلاّ أنّه يملك التصرّف على الناس في أُمور مخصوصة وتنفيذ أحكام شرعيّة ؛ فثبتت دلالة الآية على إمامته عليه السلام. [ آية الاِنذار ] ومن ذلك قوله تعالى : (إنّما أنت منذر ولكلّ قومٍ هادٍ ) (1) : قال صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم لعليّ عليه السلام : « أنا المنذر وأنت الهادي ، بك يهتدي المهتدون من بعدي » (2) . وعنه صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « ليلة أُسـري بي ما سألت ربّي شيئاً إلاّ أعطانيه ، سمعت منادياً من خلفي : يا محمّـد ! إنّما أنت منذر ولكلّ قوم هاد ، قلت : أنا المنذر فمن الهادي ؟ قال : عليّ الهادي المهتدي ، القائد أُمّتك إلى جنّتي غرّاء محجّلين برحمتي » (3) . وفي هذا لطيفة ، وهي : إنّ الرسول صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم المنذر فلا منذر معه في وقته ، فكذلك عليّاً هو الهادي فلا هادي معه في وقته .. ومصداق ذلك ما روي عن النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها ، كذب من زعم أنّه يصل إلى المدينة إلاّمن قبل الباب » (4) ؛ فلا جرم أنّ من قدّم غير أمير المؤمنين فقد خالف ____________ (1) سورة الرعد 13 : 7. (2) الطرائف ـ لابن طاووس ـ : 79 ح 107 ، تفسير الرازي 19|14 ، تفسير الطبري 13 | 72 ، الدرّ المنثور 4 | 608 ، كنز العمّال 11 | 620 ح 33012. (3) شواهد التنزيل 1 | 296 ح 403. (4) المناقب ـ للمغازلي ـ : 85 ح 126 ، العمدة ـ لابن البطريق ـ : 294 ح 486 ، الصراط المستقيم 2 | 20. (329) أمر الله ، لأنّه تعالى يقول : (وأتوا البيوت من أبوابها ) (1) . * وأمّا نصوص السُـنّة الشريفة : فمنها : حديث الغدير (2) : وهو : ما روي أنّه لمّا نزل قوله تعالى : (يا أيّها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس) (3) .. الآية ، قام رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم بغدير خمّ ، وأخذ بيد عليّ ورفعها حتّى رأى بعضهم بياض إبطه ، ثمّ قال : « ألست أوْلى بكم من أنفسكم؟! » قالوا : بلى يا رسول الله. قال : « اللّهمّ اشهد ». ثمّ قال : « فمن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله » ، فقام عمر فقال : بَخٍ بَخٍ يا ابن أبي طالب ، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة (4) . ____________ (1) سورة البقرة 2 : 189. (2) تواتر هذا الحديث عند فرق المسلمين كافّة ؛ فقد رواه أئمّة المحدّثين والمؤرّخين والمفسّرين ، مثل : ابن إدريس الشافعي ، أحمد بن حنبل ، ابن ماجة ، الترمذي ، النسائي ، أبو يعلى الموصلي ، الحاكم النيسابوري ، المغازلي ، الكنجي الشافعي ، الذهبي ، المتّقي الهندي ، البلاذري ، ابن قتيبة ، الخطيب البغدادي ، ابن عبـد البرّ ، الشهرستاني ، ابن عساكر ، ياقوت الحموي ، ابن الأثير ، ابن كثير الشامي ، ابن حجر العسقلاني ، ابن الصبّاغ المالكي الحلبي ، الطبري ، الثعلبي ، الواحدي ، القرطبي ، الفخر الرازي ، والآلوسي البغدادي ، وغيرهم. (3) سورة المائدة 5 : 67. (4) الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ : 50 ح 2 المجلس الأوّل ، روضة الواعظين : 350 ، العمدة ـ لابن البطريق ـ : 344 ح 667 ، شواهد التنزيل 1 | 158 ح 213. (330) وروى ابن عبّـاس رضى الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « لمّا أُسـري بي إلى السماء سمعت تحت العرش : إنّ عليّاً راية الهدى ، وحبيب من يؤمن بي ، بلّغ يا محمّـد ! » ، ونزل قوله تعالى : (ياأيّها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك ... ) (1) .. الآية. وفي رواية أُخرى : « وإنّي لم أبعث نبيّاً إلاّ جعلت له وزيراً ، وإنّك رسول الله وإنّ عليّاً وزيرك » ، فكره رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أن يحدّث الناس بها ؛ لأنّهم كانوا قريبي العهد بالجاهليّة ، حتّى مضى سـتّة أيّام ، فنزل : (فلعلّك تارك بعض ما يوحى إليك ) (2) .. الآية ، فاحتمل رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم حتّى كان يوم الثامن ، ثمّ نزل : (ياأيّها الرسول بلغّ ما أُنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس) (3) . والكلام من هذا الخبر يقع في مكانين : أحدهما في صحّته ، والثاني في وجه دلالته .. أمّا صحّته ، فهو معلوم بالتواتر بين خلف الأُمّة وسلفها ، ولم يخالف فيه أحد من رواة الحديث ، ورواه من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم مائة ، منهم العشـرة (4) ، ولا شكّ في بلوغه حدّ التواتر ، ____________ (1) مائة منقبة ـ لابن شاذان ـ : 115 المنقبة 56 ، فرائد السمطين 1 | 158 ح 120 ، شواهد التنزيل 1 | 187 ح 243 ؛ وفيها : عن أبي هريرة ، وليس عن ابن عبّـاس. (2) سورة هود 11 : 12. (3) الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ : 436 ح 576 ، بحار الأنوار 37 | 110 ، شواهد التنزيل 1 | 192 ح 250. (4) المقصود بالعشرة هم : الاِمام علي بن أبي طالب 7 ، أبو بكر ، عمر بن الخطّاب ، عثمان بن عفّان ، طلحة بن عُبيد الله ، الزبير بن العوّام ، سعد بن أبيوقّاص ، سعيد بن زيد ، عبـد الرحمن بن عوف ، أبو عبيدة عامر بن الجرّاح. راجع : سنن الترمذي 5 | 647 كتاب المناقب ـ باب 26 ح 3747 و3748. (331) ولايمكن لأحد (1) إنكاره إلاّ من يرتكب طريقة البهت ومكابرة العيان. وأمّا وجه دلالته على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ، فهو : إنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم لمّا قرّر ثبوت ولايته بقوله : « ألست أوٌلى بكم من أنفسكم » عطف على ذلك قوله : « فمن كنت مولاه فعليّ مولاه ». و« مولى » في اللغة بمعنى « أوْلى » (2) ، فيجب أن نحمل عليه كلامه صلّى الله عليه [وآله] وسلّم. والأوْلى هو الأحقّ والأملك ، وذلك معنى الاِمامة. أمّا إنّ لفظة « مولى » تستعمل في اللغة بمعنى « أوْلى » فيدلّ عليه قوله تعالى ، في قصّة أهل النار : (مأواكم النار هي مولاكم ) (3) ومنه قول لبيد : فَغَدت كلا الفَرجَين (4) تحسبُ أنّهمولى المخافة خلفُها وأمامُها (5) بمعنى : أوْلى بالمخافة. وأمّا إنّه يجب أن نحمل عليه كلام الرسول صلّى الله عليه [ وآلهج وسلّم ، فالذي يدلّ على ذلك : أنّا متى حملنا لفظة « مولى » التي في الخبر على معنى « أوْلى » كان الكلام مرتبطاً بعضه ببعض ، فيكون أكمل للمعنى ، وأتّم للنظم ، وأحسن للاتّصال ، وذلك هو الواجب في كلام الفصحاء .. ____________ (1) في الأصل : أحد ؛ والصحيح ما أثبتناه. (2) يقول إسماعيل بن عبّاد في كتابه المحيط في اللغة 10 | 380 : و« المولى » تكون بمعنى الأوْلى ، كقوله تعالى : (هيَ مولاكم) ، أي : هي أوْلى بكم. (3) سورة الحديد 57 : 15. (4) الفرجين : مفرده الفَرْج ، وهو : المخُوف ـ أي الواسع ـ ؛ راجع : تهذيب اللغة 11 | 45 ، ومقصوده هنا : الواسع من الأرض والثغر. (5) ديوان لبيد : 173. (332) ولأنّ مقدّمة الكلام الذي بدأه النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، وهي قوله : « ألست أوْلى بكم من أنفسكم » ، ثمّ عطف عليه بقوله : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » ، دليلٌ على أنّه لم يرد بذلك غير المعنى الذي قرّرهم عليه دون ما عداه [ من ] محتملاتها ، وأنّه قصد بالمعطوف معنى ماهو معطوف عليه ، فصار كأنّه صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال : من كنت أوْلى به من نفسه فعليّ أوْلى به من نفسه. توضيح ذلك : ما رويناه مسنداً عن جعفر بن محمّـد الصادق عليه السلام حين سُئل : ما أراد رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم بقوله لعليّ يوم الغدير : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » ... الخبر ؟ قال جعفر عليه السلام : « سُئل عنها والله رسول الله صلّى الله عليه [ وآلهج وسلّم فقال : الله مولاي أوْلى بي من نفسي لا أمر لي معه ، وأنا مولى المؤمنين وأوْلى بهم من أنفسهم لا أمر لهم معي ، ومن كنت مولاه أوْلى به من نفسه لا أمر له معي فعليّ مولاه أوْلى به من نفسه لا أمر له معه » (1) . وأمّا إنّ الأوْلى هو الأحـقّ والأملك : فذلك ظاهر ؛ فإنّه لا فرق بينهما من جهة المعنى ، ولهذا لا يصـحّ أن يقال : فلان أحـقّ وأملك وليس بأوْلى ، وهو أوْلى وليس بأحـقّ ولا أملك ، بل يُعدّ ذلك مناقضة من جهة المعنى. وأمّا أنّ ذلك معنى الاِمامة : فلما قدّمنا من أنّا لا نعني بقولنا : فلان إمام ، إلاّ أنّه يملك التصرّف على الكافّة ؛ فثبت بذلك ما رمناه من دلالة الخبر على إمامته عليه السلام. وأمّـا قول مـن قال من المعـتزلة بأنّ مقدّمة الحديث ، وهي قوله صلّىالله عليه [ وآله ] وسلّم : « ألست أوْلى بكم من أنفسكم » غير ظاهر ____________ (1) بشارة المصطفى : 92 ح 24. (333) ظهور نفس الخبر فذلك من جملة تهمهم واختراعاتهم ؛ فإنّ هذه المقدّمة نُقلت متّصلة بالحديث بلا اختلاف بين الرواة ، فيجب كونها معلومةً (بيّنة ، ومنهم) (1) ثل أرباب الأحاديث. وكذلك قول من قال منهم : الحديث ورد في شأن زيد بن حارثة وعليّ عليه السلام ، وأنّهما تخاصما ، فقال عليّ لزيد : أنت مولاي. فقال : بل أنا مولى رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم. فلمّا بلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » (2) .. الخـبر. وذلك محال ظاهر الاستحالة ؛ لأنّ زيد رحمة الله عليه استشهد في غزوة مؤتة ، وهي في جمادى في سنة ثمان من الهجرة ، وحديث الغدير كان في حجّة الوداع ـ بلا خلاف بين أهل النقل ـ في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة ، ومات رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ربيع الأوّل سنة إحدى عشرة. وإنّما هذا من المعتزلة يوصل إلى معارضة حجج الله وإطفاء نور خليفة رسول الله صلّى الله عليه [ وآلهج وسلّم. (وسيعلمُ الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون ) (3) . ومنها : حديث المنزلة : وهو : ما روي أنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم قال لعليّ : ____________ (1) العبارة لم تكن واضحة في المخطوطة ، وما في المتن أثبتناه استظهاراً لمقتضى سياق العبارة. (2) الأربعين في أُصول الدين ـ لفخر الدين الرازي ـ 2 | 299. (3) سورة الشعراء 26 : 227. (334) « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ، ولو كان لكنته » (1) ونحن نتكلّم في صحّة هذا الحديث أوّلاً ، ثمّ نبيّن وجه دلالته على إمامته عليه السلام. أمّا صحّته (2) ، فاعلم أنّه لا خلاف في صحّة هذا الحديث وكونه معلوماً بين أهل النقل ، ولم ينكره أحد من الأُمّة. وأمّا وجه دلالته (3) ، فهو : إنّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ____________ (1) الأمالي ـ للشيخ الطوسي ـ : 548 ح 1168 وص 598 ح 1242 ، تاريخ بغداد 2 | 289 ح 1376 ، تاريخ مدينة دمشق 42 | 176 ح 8605 ، لسان الميزان 5 | 377 ـ 378 رقم 1227. (2) أقول : إنّ هذا الحديث ظاهر ومشتهر ، وبلغ حدّ التواتر والشيوع حتّى أنّ إمام الفئة الباغية معاوية رواه ؛ يقول ابن عساكر في تاريخه ، والسمهودي في جواهره ، والمغازلي في مناقبه ، وأحمد بن حنبل في فضائله : إنّ رجلاً سأل معاوية عن مسألة ، فقال : سل عنها علي بن أبي طالب فهو أعلم منّي. قال ـ الرجل ـ : قولك يا أمير المؤمنين أحبّ إليّ من قول عليّ. قال ـ معاوية ـ : بئس ما قلت ولؤم ما جئت به ، لقد كرهت رجلاً كان رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم يغرُّه بالعلم غرّاً ، ولقد قال له : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ». انظر : تاريخ مدينة دمشق 42 | 170 ، جواهر العقدين 2 | 328 ، المناقب ـ للمغازلي ـ : 34 ح 52 ، الفضائل ـ لابن حنبل ـ : 197 ح 275. (3) أقول : يكون الاستدلال على إثبات جميع منازل هارون لعليّ عليه السلام بالعمومين الواردين في الحديث : الأوّل : بواسطة اسم الجنس المضاف إلى المعرفة : « بمنزلة هارون » ؛ فإنّ « المنزلة » اسم جنس وأُضيفت إلى « هارون » وهو معرفة ، وقد ذكر الأُصوليون أنّ اسم الجنس إذا أُضيف إلى معرفة فإنّه يدل على العموم ، وهذه بعض الشواهد : أ : قال السبكي في كتابه الاِبهاج في شرح المنهاج 2 | 101 ـ 102 : وهنا تنبيهان : أحدهما : إنّ العموم في ما ذكر مختلف ، فالداخل على اسم الجنس يعمّ الأفراد ، أعني كلّ فرد فرد ، والداخل على الجمع يعمّ المجموع ؛ لأنّ الألف واللام والاِضافة يعمّان ما دخلا عليه. ب : قال عضد الملّة والدين في كتابه شرح مختصر المنتهى 1 | 216 : ومنها ـ أيّ من صيغ العموم ـ اسم الجنس كذلك ، أيّ معرّفاً تعريف جنس. ج : قال القرافي في كتابه شرح تنقيح الفصول : 179 : فمنها : كلّ ، جميع ... واسم الجنس إذا أُضيف ، والنكرة في سياق النهي ، فهذه عندنا للعموم. العموم الثاني : الاستثناء : أ : قال البيضاوي في منهاج الوصول 2 | 107 : فقد ذكر علماء الأُصول أنّ المعيار للعموم هو جواز الاستثناء ، فإنّه يخرج ما يجب اندراجه لولاه. ب : قال الاِسمندي في بذل النظر : 168 : ومن حقّ الاستثناء أن يخرج من اللفظ ما لولاه لوجب دخوله فيه ، فلولا أنّه يقتضي العموم لَما صحّ الاستثناء منه. ج : قال أبو إسحاق الشيرازي في شرح اللمع 1 | 99 فقرة 382 : فأمّا الاستثناء فإنّه يوجب تخصيص اللفظ العام. فإذاً من خلال هذين العمومين نقول : إنّ جميع ما كان ثابت لهارون عليه السلام من المهام والمناصب أثبته الرسول صلى الله عليه وآله إلى عليّ عليه السلام إلا ما أخرجه الدليل ، وهو النبوّة ؛ فعليّ عليه السلام ثابته بعد الرسول بلا فصل. (335) أثبت لعليّ عليه السلام جميع منازل هارون من موسى إلاّ النبوّة ، ومن منازله الخلافة والشركة في الأمر ، وذلك معنى الاِمامة. أمّا إنّه أثبت له جميع منازل هارون من موسى إلاّ النبوّة ، فذلك ظاهر في كلامه ، حيث قال : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى » ثمّ استثنى النبوّة ، فدلّ ذلك على دخول سائر المنازل ؛ إذ من حقّ الاستثناء الحقيقي أن يخرج من الخطاب ما لولاه لوجب دخوله تحته. وأمّا إنّ ذلك من منازله ، فيدلّ على ذلك : ما حكاه الله سبحانه عن موسـى عليه السلام بقوله : (وقال موسـى لأخيه هارون اخلُفْني في (336) قوميوأصلح) (1) ، وقوله : (وأشركْه في أمري) (2) ، فأجابه تعالى : (قد أُوتيت سؤلك يا موسى) (3) ؛ فيجب أن تثبت هذه المنزلة لأميرالمؤمنين عليه السلام. يؤيّد ذلك ما روى أبو ذرّ رضى الله عنه : إنّ النبيّ صلّى الله عليه [ وآلهج وسلّم يوم تصدّق أمير المؤمنين عليه السلام بخاتمه في ركوعه رفع رأسه إلى السماء وقال : « اللّهمّ إنّ موسى سألك فقال : (ربّ اشرح لي صدري * ويسّر لي أمري * واحلُل عقدةً من لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيراً من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركْه في أمري) (4) ، فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً : (سنشدّ عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطاناً فلا يصلون إليكما ...) (5) .. اللّهمّ وأنا محمّـد نبيّك وصفيّك ، اللّهمّ فاشرح لي صدري ، ويسّر لي أمري ، واجعل لي وزيراً من أهلي ، عليّاً ، اشدد به أزري ». قال أبو ذرّ : فما استتمّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم الكلمة حتّى نزل عليه جبرئيل عليه السلام من عند الله تعالى فقال : يا محمّـد ! اقرأ. قال : وما أقرأ ؟ قال : اقرأ : (إنّما وليّكم الله ورسوله...) .. الآية (6) . ____________ (1) سورة الأعراف 7 : 142. (2) سورة طه 20 : 32. (3) سورة طه 20 : 36. (4) سورة طه 20 : 25 ـ 32. (5) سورة القصص 28 : 35. (6) مجمع البيان 3|419 ـ 420 ، خصائص الوحي المبين : 78 ـ 80 ح 13 ، العمدة ـ لابن البطريق ـ : 119 ـ 121 ح 158 ، نهج الاِيمان : 136 ـ 138 ، الطرائف ـ لابن طاووس ـ : 47 ح 40. (337) وأمّا أنّ ذلك معنى الاِمامة : فلأنّا لا نعني بالاِمامة إلاّ ملك التصرّف على الكافّة ، ولا شكّ في كون ذلك ثابتاً للرسول صلّى الله عليه [وآلهج وسلّم ، وإذا كان كذلك وجب ثبوته لأمير المؤمنين عليه السلام ؛ لأجل مشاركته للرسول في أمره. يزيد ذلك وضوحاً : ما قد ثبت بالاِجماع من الآية أنّه لا يجوز أنّ [ يكون ] هارون رعيّة لأحـد من أُمّة موسى ، فكذلك يجب في أمير المؤمنين عليه السلام أن لا يكون رعيّة لأحدٍ من أُمّة محمّـد صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم. غير أنّ أكثر هذه الأُمّة تركت رشدها ، ورفضت هارونها ، واتّبعت سامريّها ؛ تصديقاً لما قاله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « لتركبّن سُنن من كان قبلكم ، حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة » (1) . ولله القائل : مــا كان قبلهم قوم موسى لم يطيعوه بكـر الليالــي قدّمــوا من (2) هـارون فأضحـوا أُمثولةً في النكالِ وأخذت أُمّة النبيّ فعال الحا سدين الطغــاة حـذو النعالِ أتواصوا بذاك أم ذاك أمـر فيه يلقى شأنه الاِشكالِ (3) ؟! ____________ (1) تفسير العيّاشي 1 | 303 سورة المائدة آية 68 ، تفسير القمّي 2 | 413 سورة الانشقاق ، شرح نهج البلاغة 9 | 286. وورد بلفظ : « لتسلكنّ ... » ؛ انظر : تفسير الاِمام الحسن العسكري 7 : 481 ، مصنّفات الشيخ المفيد 7 | 30 مسألة أُخرى في النصّ على عليّ عليه السلام ، عوالي اللآلي 1 | 314 ، المستدرك على الصحيحين ـ للحاكم ـ 1 | 129 ، مجمع الزوائد 7 | 260. (2) في المخطوطة يوجد بياض. (3) لم نعثر على هذا القول. (338) ومنها : حديث أسد بن غويلم : وهو : ما روى الناصر للحقّ عليه السلام بإسناده إلى عبد الله أنيس ، قال : برز يوم الفتح أسـد بن غويلم قاتل العرب ، يجيل فرسـه ويدير رمحه وهو يقول : وحُرد سعال وزغــف مذالِ وسمر عوال بأيدي رجــالِ كآشاد دمش وآسال حبـــش عداه الخميس ببعض صعـالِ حمد الصواب وحو الرقــاب إذا ما العـقاب عــداه النزالِ يكيد الكروب ويجري الهبـوب ويروي الكعوب دماً غير آلِ (1) ثمّ سأل البراز فأحجم الناس معاً ، فقال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « من خرج إلى هذا المشرك فقتله فله على الله الجنّة والاِمامة بعدي ». فأحجم الناس ، وقام عليّ يهزّ العروا ، فقال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « ما لك ؟ » قال : « ظمآن إلى البراز ، سِغْت إلى القتال ». فقال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « نحن بنو هاشم حود محد ، لا نجبن ولا نغدر ، أنا وعلي من شجرة واحدة لا تختلف أوراقها ، اخرج إليه ولك الاِمامة من بعدي ». فخرج وضربه في مفرق رأسه والناس ينظرون ، فبلغ سيفه إلى السرج ، وخرّ نصفين ، وانهزم المشركون ، فآب عليّ يهزّ سيفه وهو يقول : ضربته بالسيف وسط الهامـه بضربــةٍ صارمة هدّامـه ____________ (1) لم نعثر على هذه الأبيات ، ولم تكن واضحة في المخطوطة ، ونقلناها كما هي. (339) فبتّكت من جسمــه عظامـه وبيّعت مــن رأسه عظامـه أنا عليّ صاحب الصمصامـه وصاحب الحوض لدى القيامـه أخو نبــي الله ذي العلامـه قال إذ عمّمني العمامـه : (1) أنت الذي بعدي له الاِمامـه (1) ومنها : ما روى الثعلبي : وهو من المخالفين ، في تفسير قوله تعالى : (سأل سائلٌ بعذابٍ واقعٍ) (2) بإسناده ، قال : سُئل سفيان بن عيينة عن قول الله عزّ وجلّ : (سأل سائل بعذاب واقع) في من نزلت؟ فقال : لقد سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك ، حدّثني جعفر ابن محمّـد ، عن آبائه عليهم السلام ، قال : « لمّا كان رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم بغدير خمّ نادى الناس فاجتمعوا ، وأخذ بيد عليّ صلّى الله عليهما فقال : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » .. فشاع ذلك وطار في البلاد ، فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري ، فأتى رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وهو في ملأ من أصحابه فقال : يا محمّـد ! أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّك رسوله فقبلناه منك ، وأمرتنا أن نصلّي خمساً فقبلناه منك ، وأمرتنا أن نصوم شهراً فقبلناه منك ، وأمرتنا أن نحجّ البيت فقبلناه منك ، ثمّ لم ترض هذا حتّى رفعت ____________ (1) هذه الأبيات ناظرة إلى واقعتين : الأحزاب وقتل عمرو بن ودّ العامري ، وفتح مكّة وقتل أسـد بن غويلم ؛ فالأبيات الأوّل والثالث والرابع قالها عليه السلام يوم الأحزاب ، والأبيات الأوّل الثاني والأخير عندما قتل أسـد بن غويلم. راجع : المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ 3 | 160 وص 171 ، تنبيه الغافلين : 52. (2) سورة المعارج 70 : 1. (340) بضـبع ابن عمّك ففضّلته علينا وقلت : من كنت مولاه فعليّ مولاه. وهذا شيء منك أم من الله ؟ فقال رسول الله : « والذي لا إله إلاّ هو إنّه من أمر الله ». فولّى الحرث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول : اللّهمّ إن كان مايقول محمّـد حقّاً فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذابٍ أليم. فماوصل إليها حتّى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله ، وأنزل الله تعالى : (سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين ليس له دافع) (1) (2) . ومنها : ما ورد في تفسير قوله تعالى : (عمّ يتسائلون * عن النبأ العظيم) : وهو : ما روي مسنداً إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : « أقبل صخر بن حرب حتّى جلس إلى رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، فقال : الأمر من بعدك لمن ؟ قال : (لمن هو منّي بمنزلة هارون من موسى). فأنزل الله تعالى : (عمّ يتسائلون) يعني : سألك أهل مكّة عن خلافة عليّ ، (عن النبأ العظيم * الذي هم فيه مختلفون) : فمنهم المصدّق ومنهم المكذّب بولايته ، (كلاّ سيعلمون * ثم كلاّ سيعلمون ) (3) : وهو ردّ عليهم ، سيعرفون خلافته أنّها حقّ إذ يُسألون عنها في قبورهم ، فلا يبقى ميّت لا في غرب ولا في شرق ، ولا برّ ولا بحر ، إلاّ مُنكر ونكير يسألانه ، يقولان ____________ (1) سورة المعارج 70 : 1 ـ 2. (2) تفسير الثعلبي 10 | 35 ، تفسير القرطبي 18 | 279 ، شواهد التنزيل 2 | 286 ح1030 ـ 1031 ، تذكرة الخواصّ ـ لابن الجوزي ـ : 37. (3) سورة النبأ 78 : 1 ـ 5. (341) للميّت : من ربّك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيّك ؟ ومن إمامك ؟ » (1) . فكان عليّ عليه السلام يقول لأصحابه : « أنا والله النبأ العظيم الذي اختلف فيّ جميع الأُمم ، والله ما لله نبأ أعظم منّي » (2) . ومصداق ذلك ما روي في تفسير قوله تعالى : (وقفوهم إنّهم مسؤولون) (3) ؛ قال : عن ولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلام (4) . وممّا يدلّ على صـحّة إمامته عليه السلام أنّ رسـول الله صلّى الله عليه [ وآلـه ] وسلّم اختاره لمؤاخاتـه بأمر الله تعالى ، واختاره يوم المباهلة ، ويوم سـدّ الأبواب ، ويوم براءة .. ولم يؤمِّر عليه أحداً في حياته ، وأمَّر على أبي بكر وعمر عمرو بن العاص (5) وأُسامة بن زيد وغيرهما (6) .. ____________ (1) اليقين ـ لابن طاووس ـ : 410 ، نهج الاِيمان : 507 وص 553 ، شواهد التنزيل 2 | 318 ، المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ 3 | 96. (2) تفسير أبي حمزة الثمالي : 350 ، تفسير فرات الكوفي : 533 ح 685 ـ 686 ، شواهد التنزيل 2 | 317. (3) سورة الصافّات 37 : 24. (4) المناقب ـ للكوفي ـ 1 | 136 ح 75 ، منهاج الكرامة : 127 ، كفاية الطالب : 247 ، شواهد التنزيل 2 | 108 ح 789 ، المناقب ـ للخوارزمي ـ : 195 ، فرائد السمطين 1 | 79. (5) أمَّرَ رسول الله صلى الله عليه وآله عمرو بن العاص على أبي بكر وعمر في غزوة ذات السلاسل ؛ راجع : منهاج الكرامة : 100 ، تاريخ مدينة دمشق 2 | 22 ـ 23 ح 422 ، السيرة النبوية ـ لابن كثير ـ 3 | 516 ، الاِصابة ـ لابن حجر ـ 2 | 253 ، البداية والنهاية 4 | 273. (6) منهاج الكرامة : 100 ، المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ 1 | 226 ، إعلام الورى ـ للطبرسي ـ 1 | 263. (342) ولم يؤمِّر أبا بكر إلاّ يوم خيبر فهرب (1) ، ويوم براءة فعزله أمير المؤمنين ، على ما سيأتي. وقد قال الله تعالى : (لقد كان لكم في رسول الله أُسوةٌ حسنة ) (2) . ولله القائل : ما كان ولّى أحمد والياًعلى عليّ فتولّوا عليه هل في رسول الله من أُسوةلو يقتدي القوم ممّا سُنّ فيه (3) لكنّهم اختاروا غير خيرة الله ، وخالفوا أمر رسـول الله. أمّا حديث المؤاخاة فهو : ما روي أنّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم لمّا آخى بين أصحابه قال عليّ : « يا رسول الله ! لقد ذهبت روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري ، فإن كان هذا من سخط علَيّ فلك العتبى والكرامة ». فقال صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « والذي بعثني بالحقّ ما أخّرتك إلاّ لنفسي ، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ، وأنت أخي ووارثي ، وأنت معي في قصري في الجنّة مع فاطمة ابنتي ، وأنت أخي ____________ (1) الاِرشاد (مصنّفات الشيخ المفيد 11) : 125 ـ 126 ، مصنّف ابن أبي شيبة 14 | 464 ح 18729 ، الخصائص ـ للنسائي ـ : 39 ح 14 ، المستدرك على الصحيحين ـ للحاكم ـ 3 | 37 ، كنز العمّال 10 | 463 ح 30120 ، مجمع الزوائد 9 | 124. (2) سورة الأحزاب 33 : 24. (3) نسب ابن شهرآشوب في مناقبه ـ 2 | 163 ـ البيت الأوّل إلى منصور النميري ، ونسب البيت الثاني كذلك في مناقبه ـ 3 | 26 ـ إلى ابن الوزير. (343) ورفيقي » ، ثمّ تلا : (إخواناً على سرر متقابلين) (1) (2) . وقد روي حديث المؤاخاة من طرق مختلفة ، ولم يخالف فيه أحد من أهل الحديث. فانظر أيّها المسترشد : هل يكون أخو عمر أو أخو خارجة بن زيد (3) إماماً لأخي رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ؟! كلاّ وحاشى ، بل هو الاِمام والخليفة. عميت أعين البصائر ، وأُظهرت ضغائن الضمائر ، والله المنصف المنتصف ممّن ظلم ، وكفى به حسيباً. وأمّا اختياره له يوم المباهلة فهو : ما روي في قصّة وفد نجران : أنّه لمّا نزل قوله تعالى (فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) (4) .. الآية ، خرج رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم محتضناً للحسن آخذاً بيد الحسين وفاطمة تمشي خلفه وعليّ خلفهما ، وهو يقول : « إذا دعوت فأمّنوا ». ____________ (1) سورة الحجر 15 : 47. (2) منهاج الكرامة : 144 ، فرائد السمطين 1 | 120 ـ 121 ح 83 ، الفضائل ـ لأحمد ابن حنبل ـ 2 | 638 ح 1085 ، كنز العمّال 13 | 105 ح 36345. (3) هذه إشارة إلى أنّ الرسول صلى الله عليه وآله عندما آخى بين المسلمين فإنّه آخى بين أبي بكر وعمر ، وعلى رواية بين أبي بكر وخارجة بن زيد. تاريخ مدينة دمشق 30 | 94 ، السيرة الحلبية 2 | 90. فلو جازت إمامة أبي بكر لعليّ عليه السلام لكان رسول الله صلى الله عليه وآله مأموماً لأبي بكر ! لأنّ الرسول لم يؤاخِ الاِمام عليّ عليه السلام إلاّ لوجود مقارنة ومماثلة بينهما. (4) سورة آل عمران 3 : 61. (344) فقال أُسقف النصارى : إنّي لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله ، فلا تبتهلوا ؛ فلا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة. فصالحوا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم .. وقال رسـول الله صلّى الله عليه [ وآلـه ] وسلّم : « والذي نفسي بيده لو لاعنتهم بمن تحت الكساء لاضطرم عليهم الوادي ناراً ، ولا ستأصل الله نجران وأهله حتّى الطير على الشجر ، ولَما حال الحول على النصارى كلّهم حتّى هلكوا » (1) . فقال الله (إنّ هذا لهو القصص الحقّ وما من إله إلاّ الله وإنّ الله لهو العزيز الحكيم) (2) ُ. ____________ (1) نهج الاِيمان : 346 ـ 347 ، العمدة ـ لابن البطريق ـ : 189 ح 290. وورد بتفاوت يسير جدّاً في الألفاظ في : إقبال الأعمال : 513 ، كشف الغمّة 1 | 234 ، تفسير الطبري 3 | 213 ، تفسير الكشّاف 1 | 434 ، تفسير الرازي 8 | 85. (2) سورة آل عمران 3 : 62. (3) أطبق المفسّرون والمؤرّخون والمحدّثون ، بل أصبح لديهم من المسلّمات والبديهيات أنّ آية المباهلة نزلت في حقّ أصحاب الكساء الخمسة عليهم أفضل الصلاة والسلام. ومع وجود الأنصار والمهاجرين لم يدعُ رسول الله صلى الله عليه وآله من الرجال إلاّ عليّاً ومن النساء إلاّ فاطمة ومن الأبناء إلاّ ريحانتيه وسبطيه الحسن والحسين : ، وليس هذا إلاّ اصطفاءً وتكريماً لهم من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله ، ولم يعطه الله تعالى لأحدٍ من المؤمنين والمسلمين ؛ وذلك لعدم توفّر الشروط فيهم ، حيث لم يوجد من الرجال مَن تكون نفسه كنفس الرسول صلى الله عليه وآله. راجع : مسند أحمد بن حنبل 1 | 185 ، تفسير الطبري 3 | 212 ، المستدرك على الصحيحين ـ للحاكم ـ 3 | 150 ، سنن البيهقي 7 | 63 ، أسباب النزول ـ للواحدي ـ : 107 ح 208 وح 209 ، تفسير الكشّاف ـ للزمخشري ـ 1 | 434 ، تفسير الرازي 8 | 85 ، الصواعق المحرقة : 238 ، الآية التاسعة من الآيات الواردة في فضائل أهل البيت النبوي. وكذلك راجع : تفاسير العامّة والخاصّة في تفسير آية المباهلة. وهذه الآية تكون من الأدلّة المتينة على إمامة الاِمام عليّ عليه السلام بعد الرسول صلى الله عليه وآله بلا فصل ، وبالتالي يجب على المسلمين طاعة الاِمام عليه السلام كما وجبت عليهم طاعة الرسول صلى الله عليه وآله. (345) وأخبر تعالى بأنّ المراد بالأبناء : الحسن والحسين ، والنساء : فاطمة ، والأنفس : نفسه ونفس عليّ ، صلّى الله عليهم جميعاً ، ولا خلاف في ذلك بين الأُمّة .. وأنّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم لم يُخرج معهم غيرهم من أهله وأقاربه. فإذا كان عليّ عليه السلام نفس الرسول صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ـ أي كنفسه ـ فكيف يسوغ لمسلم أن يقدّم أحداً على نفس رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ؟! لقد ضـلّ من اختار غير خيرة الله ، وحكم بضـدّ حكمه ، وكم من آية يمرّون عليها وهم عنها معرضـون ، ويتلونها وهم عنها عمـون ، وما يعقلها إلاّالعالمـون. ومّما يعضد ما ذهبنا إليه : من أنّ نفس أمير المؤمنين عليه السلام كنفس رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « إنّ الله خلق الأنبياء من أشجار شـتّى وخُلقت أنا وعليّ من شجـرة واحـدة ، وأنا أصلها وفاطمة فرعها ، وعليّ لقاحها ، والحسن والحسين ثمارها ، وشيعتنا ورقها ، فمن تعلّق نجـا ، ومـن زاغ هـوى ، ولو أنّ عـبداً عَـبَد الله بين الصفا والمروة ألف ألف عام حتّى يصير كالشن البالي ثمّ لم يدرك محبّتنا أكبّه الله على منخريه في النار ». ثمّ قرأ : (قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في (346) القربى) (1) (2) . ومن شـرط المحبّة الاتّباع ؛ قال الله تعالى : (قل إن كنتم تحبّون الله فاتّبعوني يحببكم الله) (3) ، فمن خالف منهاج آل محمّـد عليهم السلام ، وولّى عليهم غيرهم ، فلم يودّهم ، ومن لم يودّهم فقد ظلم رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أُجرته ، وقد قال صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « يقول ربّكم : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ، ومن كنت خصمه خصمته : أحدهم استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يُوَفِّه أجره ... » (4) ، فكيف بمن ظلم إجارة الرسـول ، وأخـو زوج البتول ؟! نعوذ بالله من الجهالة ، ونسأله العصمة من الضلالة. وممّا يؤيّد ذلك : قوله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « يا عليّ ! خلق الله نوراً فجزّأه ، خلق العرش من جزء ، والكرسيّ من جزء ، والجنّة من جزء ، والكواكب من جزء ، والملائكة من جزء ، وسدرة المنتهى من جزء ، والشمس والقمر من جزء ، وأمسك جزءاً تحت بطنان العرش حتّى خلق آدم ، فأفرغ الله في جبينه ، فكان ينقل ذلك من أب إلـى أب إلـى عبـدالمطّلب ، ثمّ صار نصفين : فنقل جزءاً إلى عبـد الله ، ونصفاً إلى أبيطالب ، خلقت أنا من جزء وأنت من جزء ، الأنوار كلّها من نوري ____________ (1) سورة الشورى 42 : 23. (2) مجمع البيان 9 | 28 ـ 29 ، تاريخ مدينة دمشق 42 | 65 ح 8412 ، كفاية الطالب : 317 ، شواهد التنزيل 2 | 141 ح 837. (3) سورة آل عمران 3 : 31. (4) تذكرة الفقهاء 2 | 290 المخطوطة ، مسند أحمد 2 | 358 ، صحيح البخاري 3 | 118 ، سنن ابن ماجة 2 | 816 ح 2442 ، مسند أبي يعلى الموصلي 11 | 444 ح 6571 ، مشكل الآثار 4|142 ، المعجم الصغير ـ للطبراني ـ 2 | 43 ـ 44. (347) ونورك يا عليّ » (1) . وهذا المعنى قد رواه أهل الحديث مستفيضاً بينهم. وأمّا حديث الأبواب فهو : ما روي مسنداً من طرق شتّى ، ولم يختلف فيه أحد من أهل الحديث ، وهو : إنّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال : « إنّ الله أوحى إلى موسى بن عمران أن : ابنِ لي مسجداً طاهراً لا يسكنه إلاّ أنت وهارون وابنا هارون : شبّر وشبير. وإنّ الله أوحى إليّ أن : ابن لي مسجداً طاهراً لا يسكنه إلاّ أنا وعليّ وابنا عليّ. سدّوا هذه الأبواب ». فلمّا أمر إلى أبي بكر : سُد بابك. قال : هل فعل هذا بأحد قبلي ؟ قيل : لا. قال : سمعاً وطاعة. فجاء الرسول إلى عمر فقال : إنّ النبيّ يقول : سُد بابك. فقال : هل فعل هذا بأحد قبلي ؟ قال : بأبي بكر. قال : بأبي بكر أُسـوة ، ولكنّي أرغب إلى رسول الله في مثل خوخة أنظر منها إلى المسجد. فقال رسول الله : « لاوالله ولا مثل رأس أُبرة ». فلمّا جاء حمزة رضى الله علنه قال : أخرجت عمّك وأسكنت ابن عمّك ؟ فقال : « والله ما أنا أخرجتك ولا أنا أسكنته » (2) . ____________ (1) ورد مؤدّاه في : الخصال : 481 ـ 483 ، معاني الأخبار : 306 ـ 308 ، بشارة المصـطفى : 286 ـ 287 ، المناقـب ـ للمغازلـي ـ : 87 ح 130 ، المناقـب ـ للخوارزمي ـ : 88 ، فرائد السمطين 1 | 41 ـ 44. (2) ورد بتفاوت يسير في الألفاظ في : نهج الاِيمان : 443 ، إعلام الورى 1 | 320 ، تنبيه الغافلين : 31 ، المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ 2 | 218. وورد بألفاظ مختلفة عن عـدّة من الأصحاب ؛ فانظر : المناقب ـ للمغازلي ـ : 252 ح 301 ـ 309 ، مسند أحمد 4 | 369 ، الخصائص ـ للنسائي ـ : 59 ح 38 ـ 43 ، المستدرك على الصحيحين ـ للحاكم ـ 3 | 125. (348) وروى أبو ذرّ رضى الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم يقول لسلمان حين سأله : من وصيّك ؟ فقال : « وصييّ وأعلم من أخلِف بعدي : علي بن أبي طالب » .. وسمعته يقول حين أخرج الناس من المسجد وأسكن عليّاً عليه السلام : « إنّ عليّاً منّي بمنزلة هارون من موسى ». ثمّ قال صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « إنّ رجالاً وجدوا من إسكاني عليّاً وإخراجهم ، بل الله أسكنه وأخرجهم » (1) وروي : إنّه لمّا سـدّ الأبواب نفَس ذلك رجال على عليّ ، فوجدوا في أنفسهم ، وتبيّن فضله عليهم وعلى غيرهم ، فبلغ ذلك النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، فقام خطيباً فقال : « إنّ رجالاً يجدون في أنفسهم في أن أسكن عليّاً في المسجد ، والله ما أخرجتهم ولا أسكنته ، إنّ الله عزّ وجلّ أوحى إلى موسى وأخيه : (أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتاً واجعلوا بيوتكم قبلةً وأقيموا الصلاة) (2) وأمره : لا يسكن مسجده ولا ينكح فيه ولا يدخله إلاّ هارون وذرّيّته ، وإنّ عليّاً منّي بمنزلة هارون من موسى ، وهو أخي دون أهلي ، ولا يحلّ مسجدي لأحد ينكح فيه النساء إلاّ عليّ وذرّيّته ، ____________ (1) تنبيه الغافلين : 126 وص 162. وورد هذا الحديث مجَزّءاً ؛ فانظر : شواهد التنزيل 1 | 77 ح 115 ، كفاية الطالب : 292 ، لسان الميزان 2 | 102 رقم 416 ، مجمع الزوائد 9 | 113. (2) سورة يونس 10 : 87. (348) فمن ساءه فها هنا » وأومى بيده نحو الشام (1) . وهذا رواه المخالفون. ____________ (1) علل الشرائع : 202 باب 154 ، العمدة ـ لابن البطريق ـ : 178 ح 275 ، الطرائف ـ لابن طاووس ـ : 61 ـ 63 ح 61 ، كشف الغمّة 2 | 332 ، المناقب ـ للمغازلي ـ : 255 ح 303. أقول : إنّ حديث « سـدّ الأبواب » هو دليل واضح على أفضلية وعلوّ درجة وكمال مرتبة الاِمام عليّ عليه السلام. وعلى هذا الأساس فالعقل يحكم بأنّ من كان أبهر فضلاً وأعلى درجة وأكمل مرتبة في الدين يكون الأوْلى في التقديم والأحقّ بالتعظيم والخلافة ، وهذا لا شكّ فيه. ولأجل هذه المنزلة الرفيعة التي نالها الاِمام عليه السلام من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وضع بعض الوضّاعين رواية محرّفة ، شاع تداولها في زمن بني أُميّة ، يذكر فيها : أنّ الباب التي أمر الرسول بإبقائها مفتوحة على المسجد هي باب أبي بكر ، وسنورد نصّ ما قاله ابن خلدون في تاريخه 4 | 850 .. يقول : أوصى الرسول في حال مرضه بثلاث : أن يخرجوا المشركين من جزيرة العرب ... ثمّ قال : سدّوا هذه الأبواب في المسجد إلاّ باب أبي بكر ، فإنّي لا أعلم امرءاً أفضل يداً عندي في الصحبة من أبي بكر ، ولو كنت متّخذاً خليلاً لاتّخذت أبابكر خليلاً ... انتهى كلام بن خلدون. ولنا وقفة قصيرة مع روايته هذه ، التي يشمّ منها رائحة البغض والعداء لخليفة رسول الله صلى الله عليه وآله بلا فصل : أوّلاً : من المتّفق عليه أنّ الجماعة عندما اجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وآله في حال مرضه وقال لهم : « اعطوني دواة وقرطاس لأكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعدي أبداً » ، فقال عمر : إنّ الرجل ليهجر ، وغلب عليه الوجع. فتخاصموا في ما بينهم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله : « اخرجوا ، لا ينبغي عندي النزاع » ، فخرجوا وكان من ضمنهم الأوّل ؛ فكيف يقول الرسول : سدّوا الأبواب إلاّ باب أبي بكر. والرسول صلى الله عليه وآله أخرجهم من بيته ؟! ثانياً : كيف يتحدّث الرسول صلى الله عليه وآله مع أبي بكر والحال أنّه تخلّف عن جيش أُسامة ، ومن المتّفق عليه أنّه صلى الله عليه وآله لعن المتخلّفين عن جيش أُسامة لحسدهم وحقدهم عليه ، كما فعلوا ذلك مع أبيه. ثالثاً : إنّها رواية شاذّة وضعيفة ، لذلك لم تصمد أمام الروايات المشهورة عند المسلمين ، التي تؤكّد على انفراد الاِمام عليّ عليه السلام بهذه المنقبة ، وأنّ الرسول صلى الله عليه وآله لم يترك باباً شارعةً على المسجد إلاّ باب أخيه وخليفته وصهره. وهذه بعض المصادر التي تشير إلى هذا : مسند أحمد 4 | 369 ، سُنن الترمذي 5 | 641 ح 3732 ، مسند أبي يعلى 2 | 61 ح 703 ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ 12 | 99 ح 12594 ، المستدرك على الصحيحين ـ للحاكم ـ 3 | 125 ، حلية الأولياء 4 | 153 ، تاريخ بغداد 5 | 293 ، المناقب ـ للخوارزمي ـ : 60 ، ميزان الاعتدال 1 | 469 ، اللآلي المصنوعة : 911. (350) وممّا يؤيّد ذلك أيضاً : ما رويناه عن النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « ليس في القيامة راكب غيرنا ، ونحن أربعة ». فقام رجل من الأنصار فقال : فداك أبي وأمّي ، أنت ومن ؟ قال صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « أنا على دابّة الله البراق ، وأخي صالح على ناقة الله التي عقرت ، وعمّي حمزة على ناقتي العضباء ، وأخي عليّ على ناقة من نوق الجنّة ، بيده لواء الحمد بين يدي العرش ينادي : لاإله إلاّ الله ، محمّـد رسول الله » ، قال : « فيقول الآدميّون : ما هذا إلاّ ملك مقرّب ، أو نبيّ مرسل ، أو حامل عرش ربّ العالمين. فيجيبهم ملك من تحت بطنان العرش : معاشر الآدميّين ! ما هذا ملكاً مقرّباً ، ولا نبيّاً مرسلاً ، ولا حامل العرش ، هذا الصدّيق الأكبر ، هذا عليّ بن أبي طالب صلّى الله عليه » (1) . وعنه صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « إنّ اللواء عموده من زبرجدة ، خلقه الله من قبل أن يخلق السماوات بألفي سنة ، مكتوب على رداء ذلك اللواء : لا إله إلاّ الله ، محمّـد رسول الله ، آل محمّـد خير البريّة ، ____________ (1) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 | 48 ، كفاية الأثر : 101 ، الأمالي ـ للشيخ الطوسي ـ : 345 ح 711 ، المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ 3 | 267. (351) صاحب اللواء إمام القوم ». فقال عليّ : « الحمد لله الذي هدانا بك وشرّفنا وكرّمنا ». فقال النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « أما علمت أنّ من أحبّنا وانتحل محبّتنا أسكنه الله معنا ؟! » ، وتلا قوله تعالى : (في مقعد صدق عند مليك مقتدر) (1) . ولا خلاف بين أهل النقل أنّ عليّاً عليه السلام صاحب لواء الحمد يوم القيامة .. وممّا يؤيّد ذلك : ما رويناه عن رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « إذا كان يوم القيامة صفّ الله عزّ وجلّ لي عن يمين العرش قبّة من ذهب حمراء ، وصفّ لاِبراهيم قبّة من ذهب حمراء ، وصفّ لعليّ في ما بينهما قبّة من ذهب حمراء ، فما ظنّك بحبيب بين خليلين ؟! » (2) . ومن ذلك : ما روي مشهوراً عن النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « إذا كان يوم القيامة وحشر الناس يوضع منبر من نور يمين العرش ، وآخر من يسار العرش ، الأوّل لي والثاني لاِبراهيم صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، ويوضع كرسي من نور بينهما لك يا عليّ ، فما ظنّك بحبيب بين حبيبين ؟! » (3) . ____________ (1) سورة القمر 54 : 55. (2) الفضائل ـ لابن شاذان ـ : 123. وورد بتفاوت يسير جدّاً في الألفاظ في : تفسير فرات الكوفي : 456 ح 597 ، كشف اليقين : 385 ـ 386 ، كشف الغمّة 1 | 321. (3) المناقب ـ للمغازلي ـ : 219 ح 265. وورد في العمدة ـ لابن البطريق ـ : 382 ح753 : « إذا كان يوم القيامة ضرب الله عزّ وجلّ ... ». (4) لم نعثر على هذا القول. (352) ومن ذلك : ما رويناه بإسناده إلى النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « إذا كان يوم القيامة أمر الله جبرئيل أن يجلس على باب الجنّة فلايدخلها إلاّ من معه براءة من عليّ بن أبي طالب عليه السلام » (1) . ومن ذلك : ما رويناه بإسناده إلى النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « عليّ يوم القيامة على الحوض ، لا يدخل الجنّة إلاّ من جاء بجواز من عليّ بن أبي طالب » (2) . فانظر أيّها المسترشد رحمك الله : هل يجوز أن يكون له عليه السلام الحلّ والعقد في البراءة والجواز في القيامة ، وهو صاحب اللواء ، وصاحب الحوض ، وصاحب الكرسي والقبّة بين إبراهيم وأخيه محمّـد صلوات الله عليهم أجمعين ، ويكون الخليفة غيره ؟! كلاّ وحاشى ؛ لولا اتّباع الأهواء المضلّة عن السبيل ، ومحبّة هذا العاجل العليل ، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام بعد كلامه في من تقدّمه : « كأنّهم لم يسمعوا الله تعالى يقول : (تلك الدار الآخرة نجعلها للّذين لايريدون علوّاً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتّقين) (3) » ، ثمّ قال : « بلى والله لقد سمعوها ووعوها ، ولكنّهم حَلِيت الدنيا في أعينهم ، وراقهم زبرجها » (4) . ____________ (1) كشف اليقين : 304. وورد بتفاوت يسير في الألفاظ في : بشارة المصطفى : 196 ، روضة الواعظين : 128 ، المناقب ـ للخوارزمي ـ : 229. (2) المناقب ـ للمغازلي ـ : 119 ح 156 ، العمدة ـ لابن البطريق ـ : 300 ح 502 ، كشف اليقين : 303. (3) سورة القصص 28 : 83. (4) علل الشرائع : 151 ، معاني الأخبار : 361 ـ 362 ، الاِرشاد ـ للشيخ المفيد ـ 1 | 289 ، الاحتجاج ـ للطبرسي ـ 1 | 457 ، الطرائف ـ لابن طاووس ـ : 418 ـ 419 ، المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ 2 | 234 ، شرح نهج البلاغة 1 | 200. وأمّا حديث براءة فهو : ما روي أنّ سورة براءة لمّا نزلت في سنة تسع أمرّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أبا بكر إلى مكّة يحجّ بالناس ، ودفعها إليه ليقرأها عليهم ، فلمّا مضى بها أبو بكر وبلغ ذا الحليفة نزل جبرئيل عليه السلام إلى النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وأمره بدفع براءة إلى عليّ عليه السلام ليقرأها على الناس .. فخرج عليّ عليه السلام على ناقة رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم العضباء حتّى أدرك أبا بكر بذي الحليفة فأخذها منه ، فرجع أبو بكر وقال : يا رسول الله! هل نزل فيّ شيء ؟ قال : « لا ، ولكن لا يبلّغ عنّي غيري أو رجل منّي » (1) . ____________ (1) مصنّف ابن أبي شيبة 12 | 84 ح 12184 ، سنن الترمذي 5 | 275 ح 3090 ـ 3091 ، الخصائص ـ للنسائي ـ : 93 ح 77 ، تفسير الطبري 10 | 47 ، المستدرك على الصحيحين ـ للحاكم ـ 3 | 51 ، المناقب ـ للخوارزمي ـ : 101 ، شواهد التنزيل 1 | 235 ح 315 ، تفسير الرازي 15 | 218. أقـول : اتّفق المفسّرون ورواة الحديث على أنّ الذي بلّغ سورة براءة لأهل مكّة هو علي بن أبي طالب عليه السلام ، وأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله بعثها أوّل الأمر مع أبي بكر فتطاير فرحاً حتّى قال لرسول الله صلى الله عليه وآله بعدما أخذها منه علي عليه السلام : يا رسول الله! أهّلتني لأمر طالت الأعناق إليّ فيه فلمّا توجّهت إليه رددتي عنه ، ما لي ؟ هل نزل فيّ شيء ؟ فقال له الرسول صلى الله عليه وآله : « لا ، ولكن الأمين هبط إليّ وقال : إنّ الله يقول لك : لايؤدّي عنك إلاّ أنت أو رجل منك. وعليّ منّي ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ عليّ ». هذا ما تواترت عليه التفاسير والأخبار ، ولم يقدر أحد على تحريفه ، ولكن بعضهم رأى أنّ الالتزام بهذا يعني منقصة لأبي بكر واعتراف بإمامة عليّ عليه السلام ؛ لذلك قدّموا تأويلات باهتة لهذه الحادثة لكي يرفعوا من شأنه ، ولنا وقفة قصيرة مع ماذكره الرازي في تفسيره من هذه التأويلات .. قال الرازي في تفسيره الكبير ـ 15 | 218 ـ : اختلفوا في السبب الذي لأجله أمر عليّاً بقراءة هذه السورة عليهم وتبليغ هذه الرسالة إليهم ، فقالوا : السبب فيه أنّ عادة العرب أن لا يتولّى تقرير العهد ونقضه إلاّ رجل من الأقارب ، فلو تولاّه أبو بكر لجاز أن يقولوا : هذا خلاف ما نعرف فينا من نقض العهود. فربّما لم يقبلوا ، فأُزيحت علّتهم بتولية ذلك عليّاً رضى الله عنه .. وقيل : لمّا خصّ أبا بكر بتوليته أمير القوم ، خصّ عليّاً بهذا التبليغ ؛ تطييباً للقلوب ورعايةً للجوانب .. وقيل : قرّر أبا بكر على الموسم ، وبعث عليّاً خلفه لتبليغ هذه الرسالة ؛ حتّى يصلّي خلف أبي بكر ، ويكون ذلك جارياً مجرى التنبيه على إمامة أبي بكر ، والله أعلم. انتهى كلام الرازي. والظاهر أنّ الرازي اكتفى بنقل الأقوال ولم يردّها ؛ لوجود مأربه فيها. ولكن هذه الأقاويل لن يصدّقها الجاهل فضلاً عن العالم ؛ لوجود ردود كثيرة عليها ، فمنها : 1 ـ قولهم : أنّ عادة العرب في الجاهلية أن لا يتولّى تقرير ... نقـول : عندما جاء رسول الله بالرسالة الاِسلامية ألغى العادات والتقاليد الجاهلية التي لا تتلائم مع الدين الاِسلامي ؛ فقد قال يوم فتح مكّة عند الكعبة : « ألا كلّ مأثرةٍ أو دمٍ أو مالٍ يدّعى فهو تحت قدميَّ هاتين ، إلاّ سدانة البيت وسقاية الحاج » ، راجع : مسند أحمد 5 | 412 ، مصنّف عبـد الرزّاق 9 | 282 ح 17213 ؛ إذاً فكيف يصحّ منه صلى الله عليه وآله أن يلغي سُنّة ثمّ بعد ذلك يرجعها رعايةً لعادة العرب في الجاهلية. 2 ـ قولهم : إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله أرسل عليّاً تطييباً للقلوب ورعاية للجوانب. نقـول : إنّه أرسله بأمرٍ من السماء ، وهذا يدلّ على أنّه مأمور من قبل الله تعالى ، (354) (355) وهـذا الحـديث قـد رواه كافّة أهل الكتب المشهورة في الحديث ، ولا نعلم فيه خلافاً ، فهل ترى أيّها الطالب للنجاة أوَ مَنْ عزله الله تعالى ولم يقمه مقام أمير المؤمنين عليه السلام في تبليغ آيات قلائل يكون أوْلى بالاِمامة باختيار خمسة (1) ممّن اختاره الله تعالى ورسوله ؟! معاذ الله ، ما كان لهم أن يختاروا غير من اختاره الله ، ويؤخّروا من قدّم الله ويقدّموا من أخّر الله ، وهو يقول عزّ من قائل : (ويختار ما كان لهم الخِيَرَة) (2) ، لكنّهم بدّلوا وغيّروا ، وفعلوا غير ما به أُمروا. ومن النصوص الصريحة على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام : حديث النجم ؛ وهو : ما روي أنّ النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم سُئل عن الاِمام بعده ؟ فقال : « من ينزل الكوكب في داره منذ الليلة ». فانتظر الناس ، فلمّا قرب وقت الصبح وإذا بكوكب نزل في حجرة ____________ (1) الظاهر أنّ نظر المؤلّف كان إلى خمسة من أصحاب السقيفة : عمر ، أبو عبيدة الجرّاح ، بشير بن سعد الخزرجي ، أُسيد بن حضير ، وسالم مولى أبي حذيفة ؛ فهم أقطاب اجتماع السقيفة ، وإلاّ فغيرهم كثير قد بايعوا أبا بكر في ذلك الوقت. (2) سورة القصص 28 : 68. (356) فاطمة عليها السلام ، فقال أهل النفاق : ولّى ابن عمّه رقاب الناس ، لقد شغف محمّـد بهذا الاِنسان وبهواه. فأنـزل الله تعالى قوله : (والنجم إذا هوى * ما ضلّ صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلاّ وحي يوحى) (1) (2) . وروي عنه صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « إذا هبط نجم من السماء في دار رجل من أصحابي فانظروا من هو ؛ فهو خليفتي عليكم بعدي ، والقائم فيكم بأمري ». فلمّا كان من الغد انقضّ نجم من السماء قد غلب ضوؤه على ضوء الدنيا حتّى وقـع في حجرة علي بن أبي طالب عليه السلام ، فهاج القوم وقالوا : والله لقد ضلّ هذا الرجل وغوى. فأنزل الله تعالى : (والنجم إذا هوى * ما ضلّ صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلاّ وحي يوحى) (3) .. وهذا نصّ جليّ على إمامته عليه السلام. فهل بقي لمعتلّ علّة لولا كثرة الحسـد لأهل هذا البيت الشريف ؟! وقد قال الله تعالى : (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة) (4) . ____________ (1) سورة النجم 53 : 1 ـ 4. (2) ورد مؤدّاه في : المناقب ـ للمغازلي ـ : 266 ح 313 وص 310 ح 353 ، كفاية الطالب : 260 ـ 261 ، ميزان الاعتدال 2 | 45 رقم 2756 ، لسان الميزان 2 | 449. (3) الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ : 680 ح 928 ، شواهد التنزيل 2 | 204 ح 914 ، المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ 3 | 14 ـ 15. (4) سورة النساء 4 : 54. (357) ومن ذلك حديث بيعة العشـير وهو : أنّه لمّا نزل قوله تعالى : (وأنذر عشيرتك الأقربين ) (1) جمع رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم عشيرته ، وكانوا أربعين رجلاً ، والقصّة طويلة ذكرنا منها موضع الحاجة ، وهو قوله : « فمن منكم يبايعني على أن يكون أخي في الدنيا والآخرة ، وله الخلافة من بعدي ؟ ». فما تحرّك أحد ، فقام عليّ وهو أصغرهم سنّاً ومدّ يده ، فقال له رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « اجلس ». فأعاد القول ، فلم يقم سواه ، فقال له : « اجلس ». فجلس ، وقال ثالثاً ، فقام عليّ ومدّ يده فمدّ رسـول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وبايعه (2) . ____________ (1) سورة الشعراء 26 : 214. (2) لم تُعدّ حادثة يوم الدار من الحوادث الغير معلنة والغير واضحة ، بل تعدُّ من الحوادث والمواقف العلنية ، والتي وقعت بمرأى ومسمع أكابر قريش وصناديدهم من كلا المعسكرين ـ معكسر الاِيمان ومعسكر الشرك ـ والاِمام عليّ صلى الله عليه وآله آنذاك في طور الصبى. فبعد أن دوّى صوت الأمين جبرئيل عليه السلام قائلاً للرسول صلى الله عليه وآله : إنّ الله يأمرك أن تبلِّغ رسالته إلى عشيرتك الأقربين : (وأنذر عشيرتك الأقربين). جمع صلى الله عليه وآله عشيرته وباتّفاق مع عليّ عليه السلام ، وبعد أن أكلوا وشربوا وقف خطيباً فيهم ـ للمرّة الثالثة ؛ إذ في الأُولتين كان أبو لهب يسبقه ـ قائلاً : « يا بني عبـد المطلب ! إنّي والله ما أعلم شابّاً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به ، إنّي جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله عزّ وجلّ أن أدعوكم إليه ، فأيّكم يؤمن بي ويؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصييّ وخليفتي فيكم ؟ فلم يجبه أحد إلاّ عليّ عليه السلام ، قال : « أنا يا رسول الله ... » فأمره الرسول صلى الله عليه وآله بالجلوس فجلس. وبعد أن كرّرها الرسول صلى الله عليه وآله ثلاثاً لم يجبه أحد ، إلاّ عليّ عليه السلام ، فالتفت إليهم قائلاً : « إنّ هذا أخي ووصييّ وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ». فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع ، وجعله عليك أميراً. هذا هو سردٌ إجمالي لهذه الواقعة ، فإذا تدبّرنا فيها نجدها أوّل موقف رسالي في الاِسلام طرح رسول الله صلى الله عليه وآله فيه عليّاً خليفةً ووصيّاً له من بعده بقوّة. لا يقال : إنّ هذا يدلّ على إثبات خلافته عليه السلام على عشيرة رسول الله صلى الله عليه وآله. لأنّا نقول : من المسلّم أنّ عشيرة رسول الله صلى الله عليه وآله من أشرف وأفضل القبائل حسباً ونسباً في داخل مكّة وخارجها ، فإذا ارتضى الرسول صلى الله عليه وآله لعليّ أن يكون خليفته على عشيرته ، فمن طريق أوْلى يرتضيه خليفة ووصيّاً وإماماً على المسلمين كافّة بعده. إذاً ما جرى تبعاً لهذه الآية الكريمة يعدّ من الأدلّة الواضحة والصريحة في إثبات الوصية والاِمامة لعليّ عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بلا فصل. ومَن أراد الوقوف على تفصيل هذه الواقعة فليراجع هذه المصادر : علل الشرائع : 170 ح 2 باب 133 ، إعلام الورى 1 | 322 ، المناقب ـ للكوفي ـ 1 | 370 ح 294 ، مسند أحمد 1 | 111 وص 159 ، الخصائص ـ للنسائي ـ : 83 ح 66 ، تاريخ الطبري 2 | 320 ـ 321 ، شواهد التنزيل 1 | 371 ح 514 وص 420 ح 580 ، تاريخ مدينة دمشق 42 | 46 ـ 50 ، المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ 2 | 31 ، كفاية الطالب : 204 ـ 207 ، البداية والنهاية 3 | 39 ـ 40 ، تفسير ابن كثير 3 | 363 ـ 364. (358) وله الأُخوّة والخلافة ؛ ويشهد لذلك ما روي أنّه : لمّا تحاكم عليّ والعبّـاس عليهما السلام إلى أبي بكر في ميراث النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم فقال العبّـاس : فبماذا أوجـبتم وراثة النـبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم لعليّ عليه السلام وأنا عمّ النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وهو ابن عمّه ؟ فقال أبو بكر : على الخبير هجمتم ، تذكر يا عبّـاس يوم كنّا في شعب أبي طالب أربعين رجلاً ، لم يكن فيكم من غيركم غيري ، فقال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « إنّه لم يكن نبيّ قبلي إلاّ كان له وصيّ (359) وخليفة ، فمن يكن منكم وصيّي وخليفتي ووارث أمري ، يقضي ديوني وينجز وعدي ويبرىَ ذمّتي ؟ ». قال : فسكتوا ولم يجبه أحد ، فقلت يا عبّـاس : ومن يقدر على ذلك وأنت أسخى من الريح ؟ قال : فقام في الثالثة فقال : « يا معشر بني هاشم ! كونوا في الاِسلام رؤوساً ولا تكونوا أذناباً إن كان فيكم ، وإلاّ في غيركم ». قال : فقام أحـمشكم ساقاً وأعظمـكم بطناً وهـو هـذا ـ وأشار إلى عليّ عليه السلام ـ فقال : « أنا أكون وصيّك وخليفتك ووارث أمرك ، أقضي ديونك وأنجز مواعيدك وأُبرىَ ذمّتك » ، أتعرف هذا له يا عبّـاس من رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ؟! فقال : نعم يا أبا بكر. قال : فلأيّ شيء تخاصمه وأنت تعرفه له من رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ؟! فقال العبّـاس : وأنت لماذا تونّيت (1) عليه في حقّه وتعرف هذا له من رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ؟! فقال أبو بكر : أخرجوهما عنّي ، مكيد من بني هاشم (2) . ومن النصوص الجليّة على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام : تسميته تعالى [ له عليه السلام ] بـ : « أمير المؤمنين » ، وتسمية جبريل ورسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم [ له عليه السلام بذلك ] بأمر الله سبحانه .. ____________ (1) تونّيت : مأخوذ من التواني ؛ وهو : التقصير ؛ لسان العرب 15 | 415 مادّة « وني ». (2) ورد مؤدّاه في : المسترشد ـ للطبري ـ : 577 ح 249 ، المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ 3 | 60 ـ 61. (360) وذلك ما رويناه مسنداً إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : « دخلت على رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ورأسه في حجر دحيّة بن خليفة الكلبي ، فسلّمت عليه ، فقال لي دحيّة : وعليك السلام يا أمير المؤمنين ، وفارس المسلمين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، وقاتل الناكثين والمارقين والقاسطين ، وإمام المتّقين. ثمّ قال لي : تعال خذ رأس نبيّك في حجرك ، فأنت أحقّ بذلك. فلمّا دنوت من رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ووضعت رأسه في حجري لم أر دحيّة ، وفتح الرسول صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم [ عينه ] وقال : يا علي ! من كنت تكلّم ؟ قال : قلت : دحيّة. فقصصت عـليه القصّـة ، فـقال : لـم يكن ذلك دحـيّة وإنّما كان جـبريل عليه السلام ، أتاك ليعرّفك أن الله سمّاك بهذه الأسماء » (1) . فهل ترى أيّها الطالب النجاة : إنّ من سمّى نفسه بإمرة المؤمنين ، أو سمّاه عمر وأبو عبيدة ، مثل من سمّاه الله تعالى وجبرئيل ومحمّـد صلّى الله عليهما ؟! وروينا عن عبـدالله بن بريدة ، قال : جمع رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم سبعة رهط وأنا ثامنهم فقال : « أنتم شهداء الله في الأرض أبديتم أم كتمتم » ، ثمّ قال : « يا أبا بكر ! قم فسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين » ، فقال أبو بكر : عن أمر الله وأمر رسوله ؟ قال : « نعم هو الذي أمرني » ، قال عليّ : « اللّهمّ اشهد ». ____________ (1) المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ 3 | 67 ، اليقين ـ لابن طاووس ـ : 314 ، نهج الاِيمان : 466. (361) ثمّ أمر عمر بن الخطّاب ، فقال : هذا رأي رأيته أو وحي نزل ؟ قال : « بل وحي نزل » ، فقال : سمعاً وطاعة ، فقال عليّ : « اللّهمّ اشهد ». ثمّ قال للمقداد بن الأسـود ، فقام ولم يقل مثل مقالة الأوّلين ، فأتاه رضى الله عنه فسلَّم عليه. ثمّ قال لأبي ذرّ ، فسلَّم عليه. ثمّ قال لحذيفة ، فقام فسلَّم عليه. ثمّ أمرني ، فسلّمت عليه ، وأنا أصغر القوم سنّاً ، وأنا ثامنهم. فلمّا قبض رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وأنا غائب ، فلمّا قدمت وجدت أبا بكر قد استخلف ، فدخلت عليه فقلت : يا أبا بكر ! أما تحفظ سلّمنا على عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه بأمر رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم بإمرة أمير المؤمنين ؟! فقال : بلى. فقلت : ما لك فعلت الذي فعلت ؟! قال : إنّ الله تعالى يحدث الأمر بعد الأمر ، ولم يكن الله تعالى ليجمع الخلافة والنبوّة في أهل بيت (1) . فانظر إلى هذا الكلام الفاضح ؛ إذ جعل أبو بكر كون آل محمّـد أهل بيت النبوّة سبباً لتأخّرهم عن الخلافة ! إنّ في هذا وأمثاله لبلاغاً لمن آثر الآخرة ، واطّرح الحاضرة ، فلم يكن من أرباب الصفقة الخاسـرة ! ____________ (1) ورد منسوباً إلى أبي حمزة الثمالي ، وفي بعض المصادر إلى بريدة ، وهناك تفاوت في ألفاظه كما في : الأُصول الستّة عشر : 90 ، الخصال : 461 ـ 465 ، الأمالي ـ للشيخ المفيد ـ : 18 ـ 19 ، اليقين : 206 ـ 207 ، التحصين : 537 ـ 538 ، المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ 3 | 66. (362) ومن جملة ذلك : حديث الأسماء وهو : ما روي أنّ رسـول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال : « إنّ الله تعالى كتب على ساق العرش قبل أن يخلق آدم : محمّـد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين ، فلمّا خلق آدم عليه السلام رأى تلك الأسماء تتلألأ فقال : ياربّ من هؤلاء ؟ فقال : هم من ذرّيّتك ، آخر نبيّ من أولادك ، أكرم الخلق علَيّ. فلمّا وقع منه ما وقع قال : بحقّ الخمسة إلاّ عفوت عنّي » (1) . وقد روينا عن النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « رأيت ليلة أُسري بي على ساق العرش مكتوب : لا إله إلاّ الله ، محمّـد رسول الله ، أيّدته بعليّ ونصرته » (2) . ومنها : حديث السفرجلة وهو : ما روى ابن عبّـاس ، قال : نزل جبرئيل عليه السلام في بعض الحروب فناول عليّاً سفرجلة ، ففتقها فإذا في وسطها حريرة خضراء مكتوب عليها : « تحيّة الغالب الطالب على عليّ بن أبي طالب » (3) . ____________ (1) ورد باختلاف في الألفاظ في : تفسير فرات الكوفي : 56 ـ 58 ح 16 ـ 15 ، قصص الأنبياء ـ للراوندي ـ : 44 ح 10 ـ 11 ، فرائد السمطين 1 | 36. (2) كفاية الأثر : 118 وص 245 ، شرح الأخبار 1 | 210 ح 179 ، تاريخ بغداد 11 | 173 ح 5876 ، شواهد التنزيل 1 | 224 ح 300. (3) ورد هذا الحديث في المصادر بعنوان : « حديث الأُترجة » ، وفيه اختلاف يسير في الألفاظ ، كما في : نوادر المعجزات : 86 ، نهج الايمان : 634 ، دلائل الاِمامة :84 ـ 85 ح 22 ، المناقب ـ للخوارزمي ـ : 105 ـ 106 ، المناقب ـ لابن شهرآشوبـ 2 | 262 ، الصراط المستقيم 1 | 244 ، كفاية الطالب : 78. (363) ومنها : حديث اللوزة وهو : ما رويناه عن أنس بن مالك : إنّ النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم جاع جوعاً شديداً فهبط عليه جبرئيل عليه السلام بلوزة خضراء من الجنّة ، فقال : افككها. ففكّها فإذا فيها مكتوب : « بسم الله الرحمن الرحيم ، لا إله إلاّ الله ، محمّـد رسول الله ، أيّدته بعليّ ونصرته به » (1) . ومنها : حديث التفّاح وهو : ما روى سادات آل محمّـد عليهم السلام : إنّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ناول عليّاً تفّاحاً ، فسقط من يده وصار نصفين ، وخرج من وسطه مكتوب : « تحيّة من الطالب الغالب لعليّ بن أبي طالب عليه السلام » (2) . ومنها : حديث الرمّانة وهو : ما روى ابن عبّـاس ؛ ، قال : بينا رسول الله صلّى الله عليه ____________ (1) نسب بعضهم هذا الحديث إلى ابن عبّـاس ؛ كما في العمدة ـ لابن البطريق ـ : 381 ح 749 ، المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ 2 | 262. ونسـبه الحسكاني إلى أنس ابن مالك ؛ شواهد التنزيل 1 | 225 ح 301. (2) نهج الاِيمان : 634 ، الصراط المستقيم 1 | 244 ، المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ 2 | 262 ، وأورده ابن شاذان في كتابه المائة منقبة : 122 المنقبة الثانية والستّون ، باختلاف في اللفظ. (364) [ وآله ] وسلّم يطوف بالكعبة إذ بدت رمّانة من الكعبة ، واخضرّ المسجد لحسن خضرتها ، فمدّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم يده فتناولها ومضى رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم في طوافه ، فلمّا انقضى طوافه صلّى في المقام ركعتين ، ثمّ فلق الرمّانة قسمين كأنّها قدّت ، فأكل النصف وأطعم عليّاً عليه السلام النصف ، فرنحت أشداقهما لعذوبتها ، ثمّ التفت رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم إلى أصحابه فقال : « إنّ هذا قطف من قطوف الجنّة ، ولا يأكله في الدنيا إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ ، ولولا ذلك لأطعمناكم » (1) . ومنها : حديث البساط وهو : ما رويناه بالاِسناد الموثوق به إلى أنس بن مالك ، قال : أُهدي لرسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم بساط من خندف (2) فقال لي : « ياإنس ! ابسطه ». فبسطته ، ثمّ قال لي : « ادع العشرة ». فدعوتهم .. فلمّا دخلوا أمرهم بالجلوس على البساط ، ثمّ دعا عليّاً فناجاه طويلاً ، ثمّ رجع فجلس على البساط فقال : « يا ريح احملينا ». فحملتنا الريح ، فإذا البساط يدفّ بنا دفّاً (3) ، ثمّ قال : « يا ريح ضعينا ». ثمّ قال : « تدرون في أي مكان أنتم ؟! ». قلنا : لا. ____________ (1) المناقب ـ للكوفي ـ 1 | 548. (2) ورد في بعض المصادر : « بَهَنْدَِف » ، بفتحتين ونون ساكنة وبفتح الدال المهملة وكسرها ؛ قال صاحب معجم البلدان 1 | 516 : هي بليدة من نواحي بغداد في آخر أعمال النهروان ، بين بادَرَيا وواسط ، وكانت تُعدُّ من أعمال كَسكَر. (3) الدف : تحريك الطائر جناحيه ؛لسان العرب 9 | 104 مادّة « دفف ». (365) قال : « هذا موضع أصحاب الكهف والرقيم ، قوموا فسلّموا على أصحابكم ». فقمنا رجـل رجـل فسـلّمنا عليـهم فلم يـردّوا علينا ، فقام عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال : « السلام عليكم معاشر الصدّيقين والشهداء ». فقالوا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. قال : فقلت : ما لهم ردّوا عليك ولم يردّوا علينا ؟! فقال لهم : « ما بالكم لا تردّوا على إخواني ؟! ». فقالوا : إنّا معاشر الصدّيقين لا نكلّم بعد الموت إلاّ نبيّاً أو وصيّاً. ثمّ قال : « يا ريح احملينا ». فحملتنا تدفّ بنا دفّاً ، ثمّ قال : « يا ريح ضعينا ». فوضعتنا فإذا نحن بالحرّة ، فقال عليّ : « ندرك النبيّ في آخر ركعة » ، فطوينا وأتيناه ، وإذا النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم يقرأ في آخر ركعة : (أم حسبت أنّ أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً) (1) (2) . ومنها : حديث مَلَكي عليّ عليه السلام وهو : ما روي أنّ عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه أقبل إلى النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وعنده جبريل ، فقال جبريل عليه السلام : يا محمّـد ! هذا عليّ قد جاء يمشي الهوينا ، وهو إمام الهدى ، وقائد البررة ، وقاتل ____________ (1) سورة الكهف 18 : 9. (2) المناقب ـ للكوفي ـ 1 | 552 ح 491 ، المناقب ـ للمغازلي ـ : 232 ح 280 ، العمدة ـ لابن البطريق ـ : 372 ح 732 ، نهج الاِيمان : 214 ، سعد السعود : 227 ، الطرائف ـ لابن طاووس ـ : 83 ح 116. (366) الفجـرة ، والمتكلّم بالعـدل والتوحـيد ، والنافي عن الله الجور ، يا محمّـد ! إنّ ملائكة عليّ يفتخرون على سائر الملائكة أنّهم ما كتبوا على عليّ كذباً قط (1) .. وفي رواية أُخرى : إنّ حافظي عليّ يفتخران على سائر الحفظة ، وذلك أنّهما لم يصعدا إلى الله بشيء يسخطه (2) . ومنها : حديث [ ردّ ] الشمس وهو : ما روت أسماء بنت عميس ، قالت : كان رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يوحى إليه ورأسه في حجر عليّ عليه السلام ، فلم يصلّ العصر حتّى غربت الشمس ، فقال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « إنّ عليّاً كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس ». فرأيتها غربت ثمّ رأيتها طلعت بعدما غربت (3) .. وفي رواية : فقام عليّ فصلّى العصر ، فلمّا قضى صلاته غابت الشمس ، فإذا النجوم مشتبكة (4) . ____________ (1) الأربعون حديثاً ـ لابن بابويه الرازي ـ : 61 الحديث 31. (2) العمدة ـ لابن البطريق ـ : 360 ح 699 ـ 700 ، المناقب ـ للمغازلي ـ : 127 ح168 ـ 169 ، المناقب ـ للخوارزمي ـ : 225 ـ 226 ، تاريخ بغداد 14 | 50 ح7391. (3) نهج الاِيمان : 70 ، المناقب ـ للمغازلي ـ : 96 ح 140 ، مشكل الآثار 4|388 ، التذكرة ـ لابن الجوزي ـ : 53 ، المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ 2|353 ـ 354 ، مجمع الزوائد 8 | 297 ، لسان الميزان 4 | 276 رقم 777 ، الخصائص الكبرى ـ للسيوطي ـ 2 | 82. (4) العمدة ـ لابن البطريق ـ : 375 ، الطرائف : 84 ح 118 ، نهج الاِيمان : 71 ، المناقب ـ للمغازلي ـ : 98 ح 141. (367) فانظر أيّها الطالب لنجاة نفسـه ، الخائف لما يلاقـيه في رمسـه ، إلى هذه الشواهد لأمير المؤمنين عليه السلام ما أظهرها ، والدلائل ما أبهرها وأنـورها. فلقد شهدت له عليه السلام على غيره بالكمال ، وحيازة مكارم الحلال : شهادة رسـول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم بأنّه خليفته ووصيّه والقائم بالأمر بعده .. وشهادة أهل الكهف : بالوصية .. وأمر رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم [ أصحابه ] أن يسلّموا عليه بإمرة المؤمنين .. (أفما) (1) كان للمخالف في هذا معتصم شاف ، وملاذ كاف ؟! بلى والله ، وإنّما الدنيا ـ كما ورد في الأثر عن سـيّد البشر : ـ « حلوة خضـرة » (2) . ولله القائل : لئن صبرت عن فتنة المال أنفُسلَما صبرت عن فتنة النهي والأمر (3) ولنقتصر على هذا القدر من النصوص الدالّة على إمامة أمير ____________ (1) في المخطوطة : « فما » ؛ وما أثبتناه هو الصحيح والمناسب. (2) الرسالة السعدية : 159 ، شرح الأخبار 1 | 318 ، ونسبه الكليني في الكافي 8 | 256 ح 368 إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، وكذلك البحراني في تحف العقول : 180. (3) قال أحمد المرتضى في كتابه شرح الأزهار 1 | 74 : إنّ هذا البيت قاله حسّان بن ثابت ، وذكره ضمن أبيات ثلاثة : يقولون سعداً شقّت الجنّ بطنـه ألا ربّما حقّقــت أمرك بالغدرِ ومــا ذنب سعدٌ أنّه بال قائماً ولكنّ سعداً لم يبايع أبا بكــرِ لئن سلمت عن فتنة المال أنفُس لَما صبرت عن فتنة النهي والأمرِ ولكنّا بعد البحث والتنقيب في ديوان حسّان وغيره لم نعثر على هذه الأبيات. (368) المؤمنين عليه السلام وإن كانت أكثر من أن تحصى ؛ فقد روينا عن رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « لو كانت البحار مداداً والغياض أقلاماً والاِنس كتّاباً والجنّ حسّاباً ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب » (1) . وإذا كان هذا قول الرسـول الزكيّ ، عليه صلوات الربّ العليّ ، فمن رام غير ذلك فقد رام شططاً. [ * وأمّا إجماع العترة : ] وأمّا دلالة إجماع أهل البيت : على إمامة أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، فنحن نتكلّم في ذلك في مكانين : أحدهما : إنّ آل محمّـد : مجمعون على ذلك. والثاني : إنّ إجماعهم حجّة واجبة الاتّباع. أمّا أنّهم مجمعون على ذلك ، فذلك أظهر من أن يذكر ، وكلّ أحد يعلمه ، المخالف والمؤالف ؛ فلا يحتاج إلى استشهاد. وأمّا أنّ إجماعهم حجّة يجب اتّباعها ويحرم خلافها ، فالذي يدلّ على ذلك الكتاب والسُـنّة. أمّا الكتاب : فقوله تعالى : (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً) (2) . ____________ (1) التفضيل ـ للكراجكي ـ : 40 ، كشف الغمّة 1 | 112 ، الطرائف ـ لابن طاووس ـ : 138 ح 216 ، إرشاد القلوب ـ للديلمي ـ 2 | 209 ، المناقب ـ للخوارزمي ـ : 2 ، فرائد السمطين 1 | 16 ، كفاية الطالب : 251 ح 833. (2) سورة الأحزاب 33 : 33. (369) ونحن نتكلّم في أنّ المذكورين في هذه الآية هم : عليّ وفاطمة والحسن والحسين وأبناءهما : ، ثمّ نذكر وجه دلالتها على أنّ إجماعهم حجّـة. أمّا أنّها أُنـزلت فيهم دون غيرهـم ، فالذي يدلّ على ذلك : ما روت أُمّ سلمة رضي الله عنها ، قالت : نزلت هذه الآية في بيتي : (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً) .. قالت : وفـي البيت سـبعة : جـبرئيل ومـيكائيل عليهما السلام ، ورسـول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، وفاطمة وعليّ والحسن والحسين : ، وأنا على باب البيت جالسة ، فقلت : يا رسول الله ! ألست من أهل البيت ؟! قال : « إنّك على خير ، إنّك من أزواج النبيّ » صلّى الله عليه [وآلهج وسلّم ، وما قال إنّي من أهل البيت (1) . وفي بعض الأحاديث : « لستِ منهم وإنّك لعلى خير » (2) . وبالاِسناد عن عائشة ، وقد سألها سائل عن عليّ عليه السلام ، فقالت : سألتني عن أحبّ الناس كان إلى رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، لقد رأيت عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً وقد جمع رسول الله صلّى الله عليه ____________ (1) الخصال : 403 ح 113 باب السبعة ، شرح الأخبار 3 | 13 ح 945 ، تنبيه الغافلين : 151 ، خصائص الوحي المبين : 102 ح 36 ، شواهد التنزيل 2 | 82 ح 757 ، تاريخ مدينة دمشق 14 | 145 ح 3455 ، الدرّ المنثور 6 | 604. (2) لم نعثر على هذا النصّ في المصادر ، ولكن من مفهوم بعض النصوص يستنتج ذلك ؛ فإنّه ورد في بعضها أنّ أُمّ سلمة قالت : قلت : يا رسول الله ! ألست من أهل البيت ؟! قال : « أنت من أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله » .. فإذاً من هذا الجواب نستنتج أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال لها : لست من أهل البيت ، ولكنّك من أزواج النبيّ ؛ راجع : شواهد التنزيل 2 | 59 ح 706 ، خصائص الوحي المبين : 105 ح 44. (370) [ وآله ] وسلّم ثوب عليهم ثمّ قال : « اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي ، فأذهِب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ». قالت : فقلت : يا رسول الله! أنا من أهلك ؟ قال : « تنحّي ، إنّك إلى خير » (1) . وبالاِسناد عن إسماعيل بن عبـدالله بن جعفر الطيّار ، عن أبيه ، قال : لمّا نظر رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم إلى الرحمة هابطة من السماء قال : « من يدعو ؟ » ـ مرّتين ـ. قالت زينب : أنا يا رسول الله. فقال : « ادعي لي عليّاً وفاطمة والحسن والحسين ». قالت : فجعل حسناً عن يمينه ، وحسيناً عن شماله ، وعليّاً وفاطمة تجاهه ، ثمّ غشّاهم كساءً خيبرياً ، ثمّ قال : « اللّهمّ إنّ لكلّ نبيّ أهلاً ، وهؤلاء أهل بيتي ». فأنزل الله عزّ وجلّ : (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً). فقالت زينب : يا رسول الله ! ألا أدخل معكم ؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « مكانك ، فإنّك على خير إن شاء الله » (2) . وقـد روى هذا الحـديث كافّـة أهـل الكتب المرويّة ، وإنّما ذكرنا رواية نساء النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم على الخصوص لنقطع بذلك من يريد إدخال نساء النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم في جملة أهل ____________ (1) الطرائف : 127 ح 196 ، العمدة ـ لابن البطريق ـ : 39 ح 23 ، شواهد التنزيل 2 | 38 ح 684. وورد بتفاوت يسير في اللفظ ؛ فراجع : الصراط المستقيم 1 | 186 ، خصائص الوحي المبين : 106 ح 48 ، تفسير الثعلبي 8 | 43. (2) العمدة ـ لابن البطريق ـ : 40 ح 24 ، الطرائف : 127 ح 197 ، شواهد التنزيل 2 | 32 ح 673 ـ 674. (371) البيت : واختصاصهنّ بالآية ؛ إذ لا شيء أقوى من إقرار المرء على نفسـه .. فثبت أنّ الآية نازلة في أهل البيت : دون غيرهم. وأمّا وجه دلالتها على أنّ إجماعهم حجّة ، فهو : إنّ الله تعالى أخبر بإرادته إذهاب الرجس عنهم ، والرجس ها هنا هو : رجس الذنوب ؛ وذلك معنى العصمة بشهادة الله تعالى وشهادة رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم .. وما أراده سبحانه من فعل نفسه فإنّه يقع لا محالة ؛ لأنّ إرادة العزم عليه تعالى محال .. فمن قال بأنّ : إرادتـه فعلـه. فلا شكّ أنّه ما أراد إلاّ ما فعل ، ومن قال : إرادتـه إرادة قصـد. فلا بُدّ أن يفعل ما قصـده ، وإلاّ كانت إرادته عزماً لا قصداً ، وذلك لا يجوز عليه تعالى. وفي ذلك كون : إجماعهم حجّة واجبة الاتّباع. وأمّا دلالة السُـنّة الشريفة : فمنها : قوله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (1) . ____________ (1) إنّ حديث الثقلين مروي بطرق مختلفة وأسانيد معتبرة حتّى بلغ درجة التواتر ، بل هو من أشهر المتواترات. ويعدّ من الأدلّة القوية والحجج الجلية على خلافة وإمامة عليّ عليه السلام من بعد النبيّ صلى الله عليه وآله بلا فصل. ولكن بعضهم حاول تحريف وتأويل هذا الحديث ، سائرين على نهج من تقدّمهم من المروّجين والداعين إلى بني أُميّة وبني العبّـاس ؛ ظنّاً منهم أنّه يمكن القضاء على أهل البيت : وعلى شيعتهم. فحاول بعضهم بتأويل الحديث ، وآخر بتحريفه ، وثالث بتكذيب رواته ، ولم يلتفتوا إلى صحاحهم ومصادرهم المعتبرة ، فإنّها مليئة بفضائل أهل بيت العصمة والطهارة : ، وإكمالاً للفائدة سنورد نصّ ما ذكره ابن حجر في صواعقه المحرقة بخصوص هذا الحديث وتصحيحه له. قال في صفحة 224 : ومن ثمَّ صحّ أنّه صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله ، وعترتي ». وقال في صفحة 231 ـ 232 : تنبيه : سمّى رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم القرآن وعترته ـ وهي بالمثنّاة الفوقية : الأهل والنسل والرهط الأدنون ـ : ثقلين ؛ لأنّ الثقل : كلّ نفيس خطير مصون ، وهذان كذلك ؛ إذ كلّ منهما معدن للعلوم اللدنية ، والأسرار والحِكَم العليّة ، والأحكام الشرعيّة ، ولذا حثَّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم على الاقتداء والتمسّك بهم والتعلّم منهم ، وقال : « الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت ». وقيل : سمّيا ثقلين ؛ لثقل وجوب رعاية حقوقهما. ثمّ الّذين وقع الحثّ عليهم منهم إنّما هم العارفون بكتاب الله وسُـنّة رسوله ؛ إذ هم الّذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض ، ويؤيّده : « ولا تُعَلّموهم فإنّهم أعلم منكم ». وتميّزوا بذلك عن بقيّة العلماء ؛ لأنّ الله أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وشرّفهم بالكرامات الباهرة ، والمزايا المتكاثرة ، وقد مرّ بعضها ، وسيأتي الخبر الذي في قريش : وتعلّموا منهم فإنّهم أعلم منكم. فإذا ثبت هذا العموم لقريش فأهل البيت أوْلى منهم بذلك ؛ لأنّهم امتازوا عنهم بخصوصيات لا يشاركهم فيها بقيّة قريش. وفي أحاديث الحثّ على التمسّك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهّل منهم للتمسّك به إلى يوم القيامة ، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك ؛ ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض. ثمّ يقول ابن حجر : ثمّ أحقّ منْ يُتمسّك به منهم إمامهم وعالمهم عليّ بن أبيطالب كرّم الله وجهه ؛ لِما قدّمناه من مزيد علمه ، ودقائق مستنبطاته ، ومن ثمّ قال أبو بكر : عليّ عترة رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم. أي : الّذين حثّ على التمسّك بهم. فخصّـه ؛ لِما قلنا ، وكذلك خصّـه صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم بما مرّ يوم غدير خمّ . انتهى كلام ابن حجر. فإذاً مهما أراد هؤلاء من محاولات التأويل والتحريف لهذا الحديث أو لغيره لم يفلحوا ، كما قال الله جلّ جلاله في كتابه الكريم : (يريدون أن يطفؤوا نور الله بافواههم ويأبى الله ألا أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون). إذاً فدلالة الحديث واضحة وصريحة على وجوب التمسّك بالثقلين و عدم مخالفتهم ، وكذلك على أنّ المتخلّف عنهما ضال وغير مهتدي ، وأيضاً على عصمة أهل البيت عليهم السلام ؛ لأنّهما عدلٌ للكتاب ، وكذلك لأنّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم أمر باتّباعهما مطلقاً ، فإذا لم يكونا معصومين لَما أمر رسول الله صلّى الله عليه وآلأه وسلّم بمتابعتهما ، وأوجب التمسّك بهما ؛ فإذاً الخلافة والإمامة يجب ان تكون لهم بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بلا فصل. أما المصادر التي ذكرت هذا الحديث فهي كما ذكرنا اَنفاً أنّها متواترة وكثيرة جّاً ، وورد فيها بألفاظ مختلفة ، وإليك بعضها : اصول الكافي 2 / 415 ، كمال الدين ـ للشيخ الصدوق ـ : 237 ح 54 ، كشف المغمّة 1 / 50 ، العمدة ـ لابن البطريق ـ : 68 ح 81 ـ 89 ، سنن الدارمي 2 / 431 ـ 432 ، مسند أحمد 3 / 17 ، فضائل الصحابة 2 / 585 ح 990 ، سنن الترمذي 5 / 663 ح 3788 ، المستدرك على الصحيحين ـ للحاكم ـ 3 / 109 ، حلية الأولياء 1 / 355 ح 57 حذيفة بن أسيد ، تاريخ بغداد 8 / 442 ح 4551 ، المناقب ـ للمغازلي ـ : 234 ح 281 ـ 284 . (372) (373) ونحن نتكلّم في صحّة هذا الحديث ، ثمّ نذكر وجه دلالته .. أمّا صحّـته : فاعلم أنّ هذا الحديث متّفق عليه بين جماعة الأُمّة إلى أن ينتهي إلى الصدر الأوّل ، ورواه من الصحابة من يحصل بخبره العلم ؛ فقد رواه : أمير المؤمنين عليه السلام ، وابن عبّـاس ، وزيد بن أرقم ، وزيد بن ثابت ، وأبو سعيد (374) الخدريّ ، وعائشة ، وجابر بن عبـد الله الأنصاري ، وحذيفة بن أُسيد ، وأبوذرّ الغفاري ، رضي الله عنهم (1) .. ولو لم يروه إلاّ أمير المؤمنين عليه السلام وتواتر عنه لكان معلوماً ؛ لأنّه مقطوع على عصمته ، وكذلك أبو ذرّ رضى الله عنه معصوم عندنا في باب الاِخبار ؛ لقول النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « ما أقلّت الغبراء ولا أظلّت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذرّ » (2) ؛ فدلّ ذلك على صحّة هذا الحديث. وأمّا وجه دلالته : ففي ذلك مسالك : منها : قوله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم مخاطباً أُمّته : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا ». فأبان بذلك موضع الاستخلاف في عترته ، حتّى لا يقصد منه صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم بعد التمسّك بهم والاتّباع لهم إلاّ وجهه. ____________ (1) ورواه غيرهم من الصحابة : الاِمام الحسن بن علي عليه السلام ، سلمان الفارسي ، أبوالهيثم بن التيهان ، حذيفة بن اليمان ، خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، أبوهريرة ، عبـدالله بن حنطب ، جبير بن مُطعِم ، البرّاء بن عازب ، أنس بن مالك ، طلحة بن عبـدالله التيمي ، عبـدالرحمن بن عوف ، سعد بن أبي وقّاص ، أبو قدامة الأنصاري ، أُمّ سلمة ، أُمّ هاني ، وغيرهم كثير ؛ راجع في ذلك : مجمع الزوائد ـ للهيثمي ـ 9 | 163 ، الدرّ المنثور ـ للسيوطي ـ 2 | 285. (2) المناقب ـ للكوفي ـ 1 | 350 ح 276 ، كمال الدين : 60 ، علل الشرائع : 177 ح 2 باب 141 ، معاني الأخبار : 179 ، كفاية الأثر : 71 ، روضة الواعظين : 283 ـ 284 ، مسند أحمد 5 | 197 ، سنن الترمذي 5 | 669 ح 3801 ـ 3802 ، المستدرك على الصحيحين ـ للحاكم ـ 3 | 342. (375) ومنها : أنّه صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم شبّه العترة بالكتاب ، والكتاب حجّة ، فلا بُدّ أن يكون آل محمّـد : متى أجمعوا حجّة ؛ لتطابق المثال. ومنها : إخباره صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّ عترته لا تفارق الكتاب حتّى اللقاء على الحوض ، والمراد بذلك : حكم الكتاب ، فمعناه أنّ الكتاب والعترة (يمتان متاً) (1) واحداً ؛ لأنّهم تراجمة كتاب الله وحفظة وحيه عن تمويه المموّهين وتأويل الجاهلين. ومن أدلّة السُـنّة الشريفة على أنّ إجماع أهل البيت حجّة : قوله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق وهوى » (2) ، وفي بعض الأخبار : « هلك » (3) . وهذا الخبر ممّا ظهر واشتهر ، وتلقّته الأُمّة بالقبول ، ولم ينكره أحد ____________ (1) لم تكن العبارة واضحة في النسخة. (2) حديث السفينة يعدّ من الأحاديث الصحيحة المستفيضة ، بل المتواترة ، ورواه جلّ الصحابة والتابعين بألفاظ مختلفة ذات مضمون واحد. وهذا الحديث يؤكّد لنا عدّة أُمور ، هي : إنّ وجوب متابعة أهل البيت : مطلقة ، وإنّهم أفضل الخلق بعد النبيّ صلى الله عليه وآله ، وإنّ النجاة تكون في متابعتهم ، وإنّهم معصومون ، وإنّ المتخلّف عنهم ضالّ وهالك لا محالة. وهناك دلالات أُخرى كثيرة. أمّا مصادره فلا تحصى كثرة ، هذه بعضها : المناقب ـ للكوفي ـ 2 | 146 ح 624 ، بصائـر الدرجات : 317 ، دعائـم الاِسلام 1 | 80 ، العمـدة ـ لابن البطريق ـ : 358 ح 693 ـ 697 ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ 3 | 37 ح 2636 ، المستدرك على الصحيحين 2 | 343 ، تاريخ بغداد 12 | 91 ح 6507 ، المناقب ـ للمغازلي ـ : 132 ح 173 ـ 176 ، الصواعق المحرقة : 234 ، كنز العمّال 12 | 95 ح 34151. (3) المناقـب ـ للمغازلـي ـ : 132 ح 173 ، ميزان الاعتـدال 4 | 167 رقم 8728 ، الصواعق المحرقة : 234 ، كنز العمّال 12 | 94 ح 34144 ، إحياء المَيْت بفضائل أهل البيت عليهم السلام : 47 ح 26 ، الجامع الصغير 1 | 373 ح 2442. (376) من رواة الحديث ، بل رواه المخالف والمؤالف. ووجه دلالته ـ على أنّ إجماع أهل البيت حجّة ـ ظاهر من حيث حكمه صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ـ وهو لا ينطق عن الهوى (إن هو إلاّوحي يوحـى) ـ بنجاة من تمسّك بآل محمّـد عليهم السلام ، والنجاة شائـعة في ما يَقْفوهم فيه مشايعهم ومتابعهم من قول وعمل واعتقاد. ولَما حكم صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم بغرق المتخلّف عنهم ، أو هلاكه على حسب الرواية ، مبيّناً بذلك كونه عاصياً لربّه ، وضالاًّ عن منهاج دينه .. وقد بالغ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم في بيان ذلك أشدّ المبالغة بتمثيل عترته : بسفينة نوح صلّى الله عليه وسلّم ، وقد علمنا أنّه لم ينجُ من أُمّة نوح إلاّ من ركب في السفينة ، وكذلك يهلك من أُمّة محمّـد صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم من لم يتمسّك بعترته الطاهرة الأمينة ؛ وإلاّ كان تمثيل النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم لا معنى له. ومن جملة الأدلّة على صحّة إجماع الآل : قد ظهر واشتهر عنه صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ممّا يوجب إلينا الكيس (1) والنعت البليغ لعترته أهل بيته : بكونهم ورّاث حكمته ، وخزنة علمه ، وهداة أُمّته ، وأملاك الأمر ، وولاة الحلّ والعقد ، وأنّهم ـ على الحقيقة ـ السادة وغيرهم المسود ، والمتَّبعون والناس أتباع .. وجاء في ذلك من الأخبار ما لا يحصـى باستقصاء : فمـنها : قوله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « أهل بيتي كباب حطّة في بني إسرائيل ، من دخله غفر له » (2) ، و : « هم كالكهف لأصحاب ____________ (1) الكِيسُ : المعروف ؛ راجع : المحيط في اللغة 6 | 298. (2) بصائر الدرجات : 317 ، المعجم الصغير 2 | 22 ، مجمع الزوائد 9 | 168 ، إحياء المَيْت بفضائل أهل البيت عليهم السلام : 48 ح 28 ، الصواعق المحرقة : 234 ح 352. (377) الكهف » (1) ، و : « هم باب السلم فادخلوا في السلم كافّة » (2) . ومنها : ما ذكر الثعلبي في تفسير قوله تعالى : (اهدنا الصراط المستقيم) ، قال : قال مسلم بن حيّان : إنّ بريدة قال : صراط محمّـد وآله (3) . ومنها : قوله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « أهل بيتي أمان لأهل الأرض ، كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء ، فإذا ذهبت النجوم من السماء أتى أهل السماء ما يوعدون ، وإذا ذهب أهل بيتي من الأرض أتى أهل الأرض ما يوعدون » (4) ، وروي : « فإذا انقرضوا صبّ الله عليهم البلاء صـبّاً » (5) . ومنها : قوله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « أهل بيتي كالنجوم ، كلّما أفل نجم طلع نجم » (6) . ____________ (1) المسترشـد : 406 ، تفسير العيّاشي 1 | 102 ح 300 ، الغيبة ـ للنعماني ـ : 44. (2) تفسير العيّاشي 1 | 102 ح 300 ، الغيبة ـ للنعماني ـ : 44. (3) تفسير الثعلبي 1 | 120 ، المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ 3 | 89 ، شواهد التنزيل 1 | 57 ح 86. (4) ورد باختلاف في الألفاظ ـ والمعنى واحد ـ في : المناقب ـ للكوفي ـ 2 | 142 ح623 ، شرح الأخبار 2 | 502 ح 888 ، الغارات ـ للثقفي ـ 2 | 852 ، كمال الدين : 205 ح 17 ـ 19 ، الأمالي ـ للشيخ الطوسي ـ : 379 ح 812 ، ذخائر العقبى : 17 ، الصواعق المحرقة : 351. (5) كتاب الأربعين ـ للشيرازي (ت 1098 هـ) ـ : 377 ؛ ولم أجد الحديث في غيره. (6) المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ 4 | 193. وورد بلفظ : « غاب » بدل : « أفل » ، مع زيادة : « إلى يوم القيامة » ؛ راجع : كمال الدين : 241 ، التحصين ـ لابن طاووس ـ : 621 ، فرائد السمطين 2 | 244. وورد أيضاً بزيادة : « إنّهم أئمّة هداة مهديّون » ؛ راجع : الغيبة ـ للنعماني ـ : 84 ، الفضائل ـ لابن شاذان ـ : 134. (378) ومنها : قوله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « اللّهمّ اجعل العلم في عقبي وعقب عقبي ، وفي زرعي وزرع زرعي » (1) ، وقوله عليه السلام : « قدِّموهم ولا تَقَدَّموهم ، وتعلَّموا منهم ولا تعلِّموهم ، ولا تخالفوهم فتضلّوا ، ولاتشتموهم فتكفروا » (2) . ومنها : قوله عليه السلام : « إنّ [ لله ] عند كلّ بدعة تكون من بعدي يُكاد بها الاِسلام وليّاً من أهل بيتي موكّلاً ، يعلن الحقّ وينوّره ، ويردّ كيد الكائدين ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار ، وتوكّلوا على الله » (3) .. (على الله توكّلنا ربّنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين * ونجّنا برحمتك من القوم الكافرين) (4) . وقوله عليه السلام : « في كلّ خلف من أهل بيتي عدول ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، ألا إنّ أئمّتكم وفدكم إلى الله ، فانظروا بمن تفدون في دينكم » (5) . وهـذه الأخـبار وإن لـم تتـواتر لفظاً فـقد تواترت معنىً ؛ لأنّها تواردت مطابقة على معنىً واحد من مخبرين شتّى ، فلو جاز أن تجمع ____________ (1) كفاية الأثر : 138 وص 165. (2) ورد مؤدّاه في : المعجم الكبير ـ للطبراني ـ 5 | 166 ح 4971 ، مجمع الزوائد 9 | 164 ، الصواعق المحرقة : 230. (3) ورد الحديث بهذه الصورة : « إنّ لله عند كلّ بدعة تكون بعدي يُكاد بها الاِيمان وليّاً من أهل بيتي موكّلاً به يذبّ عنه ، ينطق بإلهام من الله ، ويعلن الحقّ وينوّره ، ويردّ كيد الكائدين ، ويعبّر عن الضعفاء ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار ، وتوكّلوا على الله » ؛ راجع : المحاسن 1 | 329 ح 669 ، الكافي 1 | 54 ح 5 باب البدع والرأي والمقاييس. (4) سورة يونس 10 : 85 و86. (5) مرّت تخريجاته في ص 323. (379) آل محمّـد : على ضلالة لَما حسن منه صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أن يغوينا باتّباع مناهجهم ؛ لأنّ ذلك تغرير وتلبيس ، وهو صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم منزّه عن ذلك. ومن جملة ما يستدلّ به على أنّ إجماع أهل البيت حجّة : ما قد ثبت أنّ المعلوم ضرورة من دين النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وجوب تعظيم أهل بيته عليهم السلام ؛ لمكانتهم منه ، ولزوم توقيرهم ، وفرض مودّتهم ، وهذا ظاهر لا يحتاج إلى دليل ، ولله القائل : وكيف يصحّ في الاِفهام شيء إذا احتاج النهار إلى دليل (1) لكنّنا نذكر من الأحاديث التي وردت في هذا المعنى طرفاً على وجه الاستظهار .. فمنها : ما روي مشهوراً أنّه لمّا نزلت آية المودّة وهي قوله تعالى : (قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى ) ، قالوا : يا رسول الله ! مَن قرابتك الّذين (2) وجب علينا مودّتهم ؟ قال : « عليّ وفاطمة وأبناؤهما » (3) عليهم السلام. وهذا التفسير قد رواه كافّة أهل الكتب المشهورة في الأخبار من مؤالف ومخالف. ومنها : ما روى الثعلبي في تفسير قوله تعالى : ( ومن يقترف حسنة ____________ (1) ذكره الأربلي في كشف الغمّة 1 | 6 بلفظ : « وليس يصحّ » ؛ ولم نعرف قائله. (2) في المخطوطة : الذي ؛ وما أثبتناه من المصادر. (3) العمدة ـ لابن البطريق ـ : 47 ، الطرائف : 112 ح 167 ، فضائل الصحابة 2 | 669 ح 1141 ، تفسير الثعلبي 8 | 310 ، شواهد التنزيل 2 | 30 ح 822 ـ 827 ، تفسير الرازي 27 | 166 ، البحر المحيط ـ لأبي حيّان ـ 7 | 516 ، تفسير ابن كثير 4 | 122 ، فرائد السمطين 2 | 13 ، الدرّ المنثور 7 | 348 ، مجمع الزوائد 9 | 168. (380) نزد له فيها حسناً) (1) ، قال : المودّة لآل محمّـد صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم (2) . ومنها : قوله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : لو أنّ عبداً عبد الله سبحانه بين الركن والمقام ألف عام ثمّ ألف عام ولم يقل بحبّ أهل البيت أكبّه الله على منخريه في النار » (3) ، [ و : ] « لا يؤمن أحد حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه ، وتكون عترتي أحبّ إليه من عترته ، ويكون أهل بيتي أحبّ إليه من أهل بيته ، وتكون ذاتي أحبّ إليه من ذاته » (4) . ومنها : قوله عليه السلام : أنا وأهل بيتي شجرة في الجنّة وأغصانها في الدنيا ، (فمن شاء اتّخذ إلى ربّه سبيلاً) (5) » (6) . ومنها : قوله عليه السلام : « من أحبّ أن يحيى حياتي ويموت ميتتي ، ويدخل الجنّة التي وعدني ربّي ، فليتولّ عليّ بن أبي طالب وورثته الطاهرين ، أئمّة الهدى ومصابيح الدجى من بعده ، فإنّهم لن يخرجوكم من باب الهدى إلى باب الضلالة » (7) .. ____________ (1) سورة الشورى 42 : 23. (2) تفسير الثعلبي 8 | 314 ، وكذلك ذكر هذا القول : ابن البطريق في العمدة : 55 ح3 ، وابن الصبّاغ في الفصول المهمّة : 29 ، والسمهودي في جواهر العقدين 1 | 213 ، والزمخشري في الكشّاف 3 | 468. (3) نهج الاِيمان : 451 ، الصراط المستقيم 2 | 49 ، المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ 3 | 230. وورد بتفاوت في الألفاظ في : كشف الغمّة 1 | 92 ، اليقين ـ لابن طاووس ـ : 150 ، تاريخ بغداد 13 | 122 ح 7106 ، تاريخ مدينة دمشق 42 | 328 ح 8888. (4) المناقب ـ للكوفي ـ 2 | 134 ح 619 ، الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ : 414 ح 542 ، جواهر العقدين 1 | 228. (5) سورة المزّمل 73 : 19 ، وسورة الاِنسان 76 : 29. (6) ذخائر العقبى : 16 ، جواهر العقدين 1 | 91 ، الصواعق المحرقة : 231. (7) ورد بزيادة في ألفاظه في : بصائر الدرجات : 68 ـ 72 ، المناقب ـ للكوفي ـ 1 | 426 ح 332 ، أُصول الكافي 1 | 209 ، حلية الأولياء : 209 ، المستدرك على الصحيحين ـ للحاكم ـ 3 | 128 ، المناقب ـ للخوارزمي ـ : 34 ، كنز العمّال 11 | 611 ح 32960 ، مجمع الزوائد 9 | 108. (381) وفي رواية : « فهم الأولياء الأئمّة من بعدي ، أعطاهم الله علمي وفهمي ، وهم عترتي من لحمي ودمي ، إلى الله عزّ وجلّ أشكو من ظالمهم من أُمّتي ، لا أنالهم الله عزّ وجلّ شفاعتي » (1) . ومنها : قوله عليه السلام : « إنّ الله فرض فرائض ، ففرضها في حال وحقّقها في حال من الأحوال » (2) . ومنها : قوله عليه السلام : « حُرّمت الجنّة على من ظلم أهل بيتي وقاتلهم ، وعلى المعين عليهم ، (أُولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلّمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم) (3) » (4) . ____________ (1) الموجود في المصادر هكذا : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « من أراد أن يحيى حياتي ويموت ميتتي ، ويدخل جنّة عدنٍ غرسها ربي بيده ، فليتولَّ عليّاً عليه السلام وليعادِ عدوّه ، وليأتمّ بالأوصياء من بعده ، أعطاهم الله علمي وفهمي ، وهم عترتي من لحمي ودمي ، إلى الله أشكو من أُمّتي المنكرين لفضلهم ، القاطعين فيهم صلتي ، وأيْمُ الله لَيَقتُلُنّ ابني بعدي الحسين عليه السلام ، لا أنالهم الله شفاعتي » ؛ راجع : بصائر الدرجات : 68 ، الاِمامة والتبصرة : 172 ح 24 ، الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ : 88 ح 60 ، أُصول الكافي 1 | 209. (2) لم نجده بهذه الصيغة ، بل وجدناه بصيغةٍ أُخرى منسوباً إلى الاِمام أبو جعفر عليه السلام ، قال : فإنّ الله عزّ وجلّ أحلّ حلالاً وحرّم حراماً ، وفرض فرائض ، وضرب أمثالاً ، وسنّ سُنناً ، ولم يجعل الاِمام القائم بأمره شبهة في ما فرض له من الطاعة أن يسبقه بأمـرٍ قبل محلّه ، أو يجاهد فيه قبل حلوله ، وقد قال الله عزّ وجلّ في الصيد : ( ولا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ) ، أفقتل الصيد أعظم أم قتل النفس التي حرّم الله ؟! وجعل لكلّ شيءٍ محلاًّ ، وقال الله عزّ وجلّ : ( وإذ حللتم فاصطادوا ) ... إلى آخره ؛ راجع : أُصول الكافي 1 | 357. (3) سورة آل عمران 3 : 77. (4) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 | 34 ح 65. وورد في كشف الغمّة 1 | 389 بزيادة : « وعلى المعترض عليهم ، والسابّ لهم ... » ، وقريب منه ما أورده المحبّ الطبري في ذخائر العقبى : 20. (382) ومنها : ما روي مشهوراً عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال : « كنت آخذ البيعة لرسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم على السمع والطاعة في العسر واليسر ، وأن يقيم ألسنتنا بالعدل ، وأن لا يأخذنا في الله لومة لائم ، فلمّا ظهر الاِسلام وكثر أهله قالوا (1) : يا علي ! الحقّ فيها : على أن تمنعوا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وعترته من بعده ما منعتم منه أنفسكم وذراريكم » .. قال علي عليه السلام : « فوضعها من الله على رقاب القوم ، وفى بها من وفى وهلك بها من هلك » (2) . فإذا وجبت محبّة آل محمّـد : قطعاً ، وكان ذلك ديناً وشرعاً ، علمنا أنّ الحقّ لا يخرج من أيديهم ، وأنّهم لا يجمعون على ضلالة إلى انقطاع التكليف. وبعد .. فإنّ الله تعالى قد جعل الصلاة على آل محمّـد في الصلاة شرعاً وديناً ، وجعل ذلك ركناً من أركان الصلاة ، والصلاة أعلى درجات الرحمة ، فلو جاز أن يجمعوا على ضلالة لَما غمرهم ثوبها المسدول ، وشرفها المصون المبذول. فانظر يا طالب النجاة رحمك الله : ما أظهر الحجّة ، وأبْيَن المحجّة ، ____________ (1) في المخطوطة : « قال » ، وما أثبتناه من المصادر ؛ وهو الصحيح. (2) ورد بتفاوت يسير في الألفاظ في : أُصول الكافي 8 | 261 ح 374 ، تنبيه الغافلين : 41. (383) لمن لم يغلب حيرته ، ويعمي الجهل بصيرته. اللّهمّ إنّا نسألك أن تجعلنا من أتباعهم ؛ لنظفر بالسلامة ، ونفوز في القيامة ، يوم يدعى كلّ أُناس بإمامهم (1) . * * * ____________ (1) إشارة إلى الآية 71 من سورة الاِسراء : (يوم ندعو كلّ أُناس بإمامهم). (384) فصل يختم به وهو الكلام في أنّ الفرقة الناجية هم أتباع آل محمد عليهم السلام دون غيرهم. فاعلم ـ أرشدك الله ـ أنّه لا خلاف بين أهل الملّة أنّ النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال : « ستفترق أُمّتي على ثلاث وسبعين فرقة ، الناجية منها فرقة واحدة وباقيها في النار » (1) .. وأجمعت أيضاً على أنّ النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال : « مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح ، من ركب فيها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق وهـوى » (2) ، فكان ذلك بياناً للفرقة الناجية ، بحيث لم يبق للشكّ مدخل ؛ إذ قد علمنا أنّ أُمّة نوح صلّى الله عليه وسلّم هلكت إلاّ من ركب معه في السفينة ، كذلك يهلك من أُمّة نبيّنا صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم من لم يتّبع آل محمّـد عليهم السلام. ولأنّ النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال فيهم : « وهم كالكهف لأصحاب الكهف » ، و : « هم باب السلم فادخلوا في السلم كافّة » ، و : « هم باب حطّة من دخله غفر له » (3) . ____________ (1) الاقتصاد ـ للشيخ الطوسي ـ : 213 ، الصراط المستقيم 2 | 96. وورد بتفاوت يسير في الألفاظ في : الخصال : 585 ح 11 أبواب السبعين وما فوقه ، أُصول الكافي 8 | 224 ح 283 ، المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ 3 | 89. (2) مرّت تخريجاته في ص 375. (3) مرّت تخريجات هذه الأحاديث في ص 376 ـ 377. (385) وقد علمنا أنّ أُمّة موسى عليه السلام لم ينج منهم إلاّ من دخل باب حطّة ، ولا نجا من أُمّة أهل الكهف غيرهم. ولله القائل في آل محمّـد حيث يقول : لم ينج بالكهف سوى عصبة فرّت عن الـدار وأربابهـا ولا نجا في يوم نـوح سوى سفينــة الله وأصحابهــا ألم يكـن في المغرقين ابنه إذا غاب عن حوزة ركّابهـا وهل نجا بالسلـم إلاّ الأُولى رقـوا إلـى السلم بأسبابها أو أدرك الغفران من لم يلج بالأمس في الحطّة من بابها أُعيذكم بالله أن تجمحــوا عن عترة الحقّ وأحزابها (1) وممّا يؤيّـد ما ذهبنا إليه في هذه الجملة : ما رويناه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال : « قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : افترقت أُمّة أخي موسى على إحدى وسبعين فرقة ، كلّها في الهاوية إلاّ فرقة واحدة ، وافترقت أُمّة أخي عيسى على اثنين وسبعين فرقة ، كلّها في النار إلاّ فرقة واحدة ، وستفترق أُمّتي على ثلاث وسبعين فرقة ، كلّها في الهاوية إلاّ فرقة واحدة. ثمّ التفت إلى عليّ عليه السلام فقال : هم شيعتك وأنت إمامهم » (2) . ____________ (1) راجع : الغدير 5 | 660 ؛ وقد نسب العلاّمة الأميني قدس سره هذه الأبيات إلى أحد أئمّة الزيدية في الديار اليمنية ، ولم نعثر على قائلها. (2) الظاهر أنّها ليست رواية واحدة ، بل روايتان متداخلتان ، فالصدر يشير إلى رواية والذيل إلى أُخرى. انظر الصدر في : الخصال : 585 ح 11 أبواب السبعين فما فوقها ، أُصول الكافي 8 | 224 ح 283 .. وانظر الذيل في : المحاسن 1 | 286 ح 565 ، الاِرشاد ـ للمفيد ـ 1 | 42 ، المناقب ـ للمغازلي ـ : 293 ح 335 ، روضة الواعظين : 297 ، تنبيه الغافلين : 127 ـ 128 ح 51 ، نهج الاِيمان : 509. (386) وما رويناه عن القاضي العالم إسحاق بن أحمد بن عبـد الوارث رحمة الله عليه من كتاب الحبوة يرفعه عن النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « من قال : لا إله إلاّ الله مخلصاً ، فله الجنّة ». فقال عمر بن الخطّاب : خاصّة أم عامّة ؟! فقال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : « بل هي خاصّة لعليّ وأتباعه ». فقال : يا رسول الله ! ادع الله لنا أن يجعلنا من أتباعه. قال لهما : « إن سـرّكما أن تكونا من أتباعه فلا تعصيا أمره » (1) . فإذا كان كذلك فما ظنّك بمن أخّره عن مرتبته وسنّ التقدّم عليه وعلى ذرّيّته إلى يوم القيامة ؟! وما رويناه عن أبي ذرّ رحمة الله عليه : قال : دخلت على رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم في مرضه الذي توفّي فيه فوجدته مغمىً عليه ملقىً في حجر عليّ بن أبي طالب ، فجلست حتّى أفاق من غيبته ، ففتح عينيه إليّ وقال : « يا أبا ذرّ ! أيّما عبد مؤمن يصلّي ركعتين في ظلام الليل لم يرد بها أحداً إلاّ الله دخل الجنّة ... » ، إلى أن قال ـ بعد كلام حذفناه ـ : « ياأبا ذرّ ! فأزيدك ؟ ». قلت : نعم. ____________ (1) ورد بتفاوت في الألفاظ في : ثواب الأعمال ـ للشيخ الصدوق ـ : 22 ، بشارة المصطفى : 245 ، أعلام الدين ـ للديلمي ـ : 357 ح 19 عظمة ثواب كلمة التوحيد. (387) قال : « من حشره الله محبّاً لهذا ـ وجعل يده على صدر عليّ عليه السلام ـ دخل الجنّة » (1) . وما رويناه عن النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « يا عليّ ! إنّ الله قد غفر لك ولأهلك ولشيعتك (2) ، ولمحبّي شيعتك ، ولمحبّي محبّي شيعتك ، فأبشر فإنّك الأنزع (3) البطين ، منزوع من الشرك بطين من العلم » (4) . وما رويناه عن الباقر محمّد بن عليّ عليه السلام عن آبائه : أنّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال لأصحابه : « خذوا بحجزة (5) هذا الأنزع ـ يعني عليّاً عليه السلام ـ فإنّه الصدّيق الأكبر والهادي لمن اتّبعه ، ومن اعتصم به أخذ بحبل الله ، ومن تركه مرق من دين الله ، ومن تخلّف عنه محقه الله ، ومن ترك ولايته أضلّه الله ، ومن أخذ بولايته هداه الله » (6) . وما رويناه عن النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « ما أحبّنا أهل البيت رجل فزلّت قدم فثبتته قدم حتّى ينجيه الله يوم القيامة » (7) . ____________ (1) عثرنا على ذيل الحديث فقط في تنبيه الغافلين : 197 ح 96. (2) في المخطوطة : وشيعتك. وما أثبتناه من المصادر. (3) النزع : انحسار مقدّم شعر الرأس عن جانبي الجبهة ؛ راجع : لسان العرب 8 | 352. (4) عيون أخبار الرضا 7 2 | 47 ح 182 ، الأمالي ـ للشيخ الطوسي ـ : 293 ح 570 ، بشارة المصطفى : 285 ، المناقب ـ للخوارزمي ـ : 209. (5) الحُجْزة : موضع شـدّ الاِزار ، واحتَجَزَ بالاِزار إذا شدّه على وسطه ، فاستعاره للالتجاء والاعتصام والتمسّك بالشيء والتعلّق به ؛ راجع لسان العرب 5 | 332. (6) ورد بتقدّم وتأخّر في الألفاظ ، كما في كامل الزيارات : 50 ح 10 ب 14 ، وفي تنبيه الغافلين : 100 ح 34 ورد بلفظ : « خذوا بجرة هذا الأنزع » ؛ قال : والجرة معناها : الذيل. (7) درر الأحاديث النبوية : 51 ، الأحكام في الحلال والحرام ـ للاِمام الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين ـ 2 | 555 ، تنبيه الغافلين : 128 ح 51 ، وفي كنز العمّال 11 | 621 ح 33022 ورد بهذا اللفظ : « ما ثبَّت الله حبّ عليّ في قلب مؤمنٍ فزلّت به قدمٌ إلاّ ثبّت الله قدماً يوم القيامة على الصراط ». (388) وما رويناه عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى : ( فما لنا من شافعين* ولا صديق حميم) (1) : قال : « نزلت فينا وفي شيعتنا ؛ وذلك إنّا نشفع ويشفع شيعتنا ، فإذا رأى ذلك من ليس منهم قال : (فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم) » (2) . وما رويناه عن الصادق عليه السلام أيضاً ، عن آبائه ، عن النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « إنّ في السماء حرساً وهم الملائكة ، وفي الأرض حرساً وهم شيعتك يا عليّ » (3) ، وفي بعض الأخبار : « لن يبدّلوا ولن يغيّروا » (4) . وما رويناه عن الناصر للحقّ عليه السلام بإسناده عن النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : قال : « يدخل من أُمّتي سبعون ألفاً بغير حساب ». قال عليّ : « من هم يا رسول الله ؟ ». قال : « هم شيعتك وأنت إمامهم » (5) . ____________ (1) سورة الشعراء 26 : 100 ـ 101. (2) تفسير فرات الكوفي : 298 ح 402 ، شرح الأخبار 3 | 452 ح 1325 ، تنبيه الغافلين : 127 ح 51 ، شواهد التنزيل 1 | 418 ح 578 ـ 579. (3) شرح الأخبار 3 | 456 ح 1339 ، المناقب ـ للخوارزمي ـ : 235 ، تنبيه الغافلين : 127 ح 51. (4) لم نجده في المصادر المتوفّرة لدينا. (5) المناقب ـ للكوفي ـ 2 | 285 ح 751 ، تنبيه الغافلين : 127 ـ 128 ح 151 ، المناقب ـ للخوارزمي ـ : 235 ، مشكاة الأنوار : 174 ح 448. وورد بتفاوت يسير في الألفاظ في : الاِرشاد ـ للمفيد ـ 1 | 42 ، العمدة ـ لابن البطريق ـ : 371 ح 729 ، الفضائل ـ لابن شاذان ـ : 151 ، الصراط المستقيم 1 | 280. (389) وما رويناه عن الباقر عليه السلام : قال : « إنّ نبي الله قال : إنّ عن يمين العرش رجالاً وجوههم من نور ، عليهم ثياب من نور ، ما هم بنبيّـين ولاشهداء ، يغبطهم النبيّون والشهداء. قيل : من هم ؟ قال : أُولئك أشياعنا وأنت إمامهم يا عليّ » (1) . ومـا رويناه عن جـعفر بن محمّـد الصادق عليه السلام : قال : « حدّثـني محمّـد بن عليّ ، قال : حدّثني عليّ بن الحسين ، قال : حدّثني الحسين بن عليّ ، قال : حدّثني عليّ بن أبي طالب ، عن رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، قال : يا عليّ ! إنّ شيعتنا يخرجون من قبورهم على ما بهم من العيوب والذنوب وجوههم كالقمر ليلة البدر ، وقد فرجت عنهم الشدائد ، وسهلت لهم الموارد ، وأعطوا الأمن والأمان (2) ، وارتفعت عنهم الأحزان ، يخاف الناس ولا يخافون ، ويحزن الناس ولا يحزنون ، شِرْكُ نعالهم يتلألأ نوراً ، على فوق بيض لها أجنحة ، قد ذلّلت من غير مهانة ، ونجبت من غير رياضة ، أعناقها من ذهب أحمر ألين من الحرير ؛ لكرامتهم على الله تعالى » (3) . وقـد ورد فـي تفسـير قولـه تعـالـى : (ولله جنـود السماوات والأرض) (4) أنّهم : الذرّيّة (5) . ____________ (1) ورد باختلاف يسير في ألفاظه في : قرب الاِسناد : 61 ح 193 عن أبي عبـد الله الصادق عليه السلام ، الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ : 315 ح 368 عن أنس بن مالك ، روضة الواعظين : 296 ، مشكاة الأنوار : 152 ح 368. (2) في المخطوطة : والاِيمان ، وما أثبتناه من المصادر. (3) المناقب ـ للمغازلي ـ : 296 ح 339 ، العمدة ـ لابن البطريق ـ : 371 ح 730. (4) سورة الفتح 48 : 4 و7. (5) لم نعثر على هكذا تفسير ؛ ولكن ابن حـمزة في كتابه الثاقب في المناقب : 34 عند ذكره آية المباهلة قال : فنبّه على أنّهم هم الذرّيّة والصفوة و ... إلى آخره. (390) وما رويـناه عـن جابـر بن عبـد الله الأنصـاري رضى الله عنه : قال : كنّا جـلوساً عـند رسـول الله صلّى الله عـليه [ وآله ] وسـلّم إذ أقبل عليّ بن أبـي طالب عليه السلام ، فلمّا نظر إليه رسـول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال : « هذا أخي قد أتاكم » ، ثمّ التفت إلى الكعبة ثمّ قال : « وربّ هذا البيت إنّ هذا وشيعته الفائزون يوم القيامة » (1) . وما رويناه عن إبراهيم بن عبـد الله بن الحسن بن الحسن عليه السلام أنّه قال : لو نزلت راية من السماء لم تنصب إلاّ في الزيدية (2) . وقد روى ذلك غيره من أئمّتنا : عن النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم. وما رويناه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال : « ألا كلّ راية ليست لنا فهي ضلالة » (3) . وما رويناه عن الحاكم ؛ يرفعه إلى ابن عبّـاس رضى الله عنه : إنّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم رجع من سفر وهو متغيّر اللون ، فخطب خطبة ____________ (1) تفسير فرات الكوفي : 585 ح 754 ، شواهد التنزيل 2 | 361 ح 1139. وورد بتفاوت يسير في اللفظ في : الأمالي ـ للشيخ الطوسي ـ : 251 ح 448 ، المناقب ـ للخوارزمي ـ : 62 ، بشارة المصطفى : 149 ح 104 ؛ فقد ورد في هذه المصادر : (فقال النبيّ صلى الله عليه وآله : « قد أتاكم أخي » ، ثمّ التفت إلى الكعبة فضربها بيده وقال : « والذي نفس محمّـد بيده إنّ هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة » ... إلى آخره). (2) لم نجد هذا الحديث حتّى في مصادر الزيدية المتوفّرة لدينا. (3) لم نجد هذا الحديث في ما استقصيناه من مصادرنا ، بل الموجود : « كلّ رايةٌ ترفع أو تخـرج قبل قيام القائم عليه السلام صاحـبها طاغوت » ، وهذا لا علاقة له بقول الاِمام أمير المؤمنين عليه السلام المذكور ؛ كتاب الغيبة ـ للنعماني ـ : 115 ح 12 ب 5. (391) بليغة وهـو متّكىَ ، ثمّ قال : « أيّها الناس ! إنّي قد خلّفت فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي وأُرومتي ، ولن يفترقا حتّى يردا علَيّ الحوض ، ألا وأنّي انتظرهما ، ألا وإنّي سائلكم يوم القيامة في ذلك ، ألا إنّه سترد علَيّ يوم القيامة ثلاث رايات من هذه الأُمّة : راية سوداء ، فتقف ، فأقول : مَن أنتم ؟ فينسون ذكري ويقولون : نحن أهل التوحيد من العرب. فأقول : أنا محمّـد نبيّ العرب والعجم. فيقولون : نحن من أُمّتك. فأقول : كيف خلّفتموني في عترتي وكتاب ربّي ؟ فيقولون : أمّا الكتاب فضيّعنا ، وأمّا عترتك فحرصنا على أن نبيدهم. فأُولّي وجهي عنهم ، فيصدرون (1) عطاشاً قد اسودّت وجوههم. ثمّ ترد راية أُخرى أشـدّ سواداً من الأُولى ، فأقول لهم : من أنتم ؟ فيقولون كالقول الأوّل : نحن من أهل التوحيد. فإذا ذكرت اسمي قالوا : نحن من أُمّتك. فأقول : كيف خلّفتموني في الثقلين : كتاب الله ، وعترتي ؟ فيقولون : أمّا الكتاب فخالفنا ، وأمّا العترة فخذلناهم (2) ومزّقناهم كلّ ممزّق. فأقول لهم : إليكم عنّي. فيصدرون (3) عطاشاً مسودّة وجوههم. ثمّ ترد علَيّ راية أُخرى تلمع نوراً ، فأقول لهم : من أنتم ؟ ____________ (1) في المخطوطة : فيصدّون ، وما أثبتناه من المصادر ؛ وهو الصحيح. (2) في المخطوطة : فخذلنا ، وما أثبتناه من المصادر ؛ وهو الصحيح. (3) في المخطوطة : فيصدّون ، وما أثبتناه من المصادر ؛ وهو الصحيح. (392) فيقولون : نحن أهل كلمة التوحيد والتقوى ، نحن أُمّة محمّـد ، ونحن بقيّة أهل الحقّ ، حملنا كتاب ربّنا فأحللناه ، أحللنا حلاله وحرّمنا حرامه ، وأجـبنا ذرّيّة محمّـد صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم فنصرناهم في كلّ مانصرنا به أنفسنا ، وقاتلنا معهم ، وقتلنا من ناوأهم. فأقول لهم : أبشروا ، فأنا نبيّكم محمّـد ، ولقد كنتم كما وصفتم. ثمّ أسقهم فيصدرون رواة » (1) . اللّهمّ إنّي أسألك أن تحشرنا في زمرتهم ، وتمنّ علينا بالكون في جملتهم. وروينا عن النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « من سرّه أن يجـوز على الصراط كالريح العاصف ، ويلج الجنّة بغير حساب ، فليتولّ وليّي ووصيّي وصاحبي وخليفتي على أهلي : عليّ بن أبي طالب ، ومن سرّه (ألاّ يدخل الجنّة) (2) فليترك ولايته ؛ فوعزّة ربّي وجلاله إنّه لباب الله الذي لا يؤتى إلاّ منه ، وإنّه الصـراط المستقيم ، وإنّه الذي يسأل الله عن ولايته يوم القيامة » (3) . فيا أيّها الطالب النجاة! تأمّل ـ أرشدك الله ـ هذه الآثار العجيبة ، والفضائل الغريبة ؛ لعلّك ممّن وفى آل محمّـد حقّهم ، وسلّم لهم سبقهم ، ____________ (1) نسبه ابن نما الحلّي في مثير الأحزان : 19 ـ 20 إلى عبـد الله بن يحيى ، ونسبه السـيّد ابن طاووس في الملهوف على قتلى الطفوف : 94 ـ 96 إلى رواة الحديث ، ولم يذكر الاسـم. (2) في المصادر : أن يلج النار. (3) الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ : 363 ح 447 ، شواهد التنزيل 1 | 58 ح 90 ، بشارة المصطفى : 64 ح 51. (393) واعترف لهم بالزعامة ، وشهد لهم بما أوجبه الله ورسوله من الاِمامة ، ليفوز في القيامة ، وينجو من أهوال الطامّة ، فإنّك لا تجد لخصومهم مثل هذا أثراً والحـمد لله. وما قصدت بما أوردته إلاّ المصلحة لمن بلغه من الحُِلاّل (1) ، والنُفاعة (2) مع به لكافّة الاِخوان ، ففي الآثار لهادوا (3) النصائح. وعن النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنّه قال : « ما أهدى المسلم لأخيه المسلم أفضل من كلمة حكمة سمعها فانطوى عليها حتّى يؤدّيها كما سمعها ليردّه بها عن ردىً ، أو يدلّه على هدىً ، وأنّها لتعدل إحياء نفس ، (ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعاً) (4) » (5) . ولا شيء أعظم من نصيحة الدين ، ولا هديّة أكبر ممّا يكون به الفوز عند ربّ العالمين ، (من اهتدى فإنّما يهتدي لنفسه ومن ضلّ فإنّما يضلُّ عليها) (6) ، ( وما ربُّك بظلاّمٍ للعبيد ) (7) . ____________ (1) الحُلاّل أو الحِلأل ، بضمّ الحاء وتشديد اللام في الأُولى ، وكسر الحاء وفتح اللام في الثانية : جماعة الحالِّ ، وهو في حِلَّة صدْقٍ ومحلَّة صدْقٍ ؛ راجع : المحيط في اللغة 2 | 314. وفي لسان العرب 11 | 165 قال : الحِلأل بالكسر : القوم المقيمون المتجاورون ، يريد بهم : سكّان الحَرَم. (2) النفاعة : اسم ما انتفع به ؛ راجع : لسان العرب 8 | 359. (3) لم تكن العبارة واضحة وفي المخطوطة يوجد فراغ. (4) سورة المائدة 5 : 32. (5) ورد بتفاوت في الألفاظ كما في : جامع بيان العلم وفضله 1 | 261 ح 323 ، الجامع الصغير 2 | 487 ح 7847. (6) سورة الاِسراء 17 : 15. (7) سورة فصّلت 41 : 46. (394) وصلّى الله على رسـوله سـيّدنا محمّـد النبيّ الأُمّي وعلى آله وصحبه وسلّم وشرّف وكرّم وعظّم. وكان الفراغ من ساحته عشية الجمعة بعد صلاة العصر لتسع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأوّل ، الواقع في سنة إحدى وعشرين وسبعمائة من هجرة رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم. تَمّ الفراغ من استنساخ هذا الكتاب ، أصيل يوم الثالث عشر من شهر شوّال المكرّم لسنة ألف وأربعمائة وخمس من الهجرة النبوية الشريفة في مكتبة السـيّد شهاب الدين المرعشي بقم عن النسخة المصوّرة من المكتبة المتوكّلية في اليمن ، وأنا العبد الراجي رحمة ربّه أقلّ الطلاب السـيّد حسين الحسيني الشيرازي. * * * (395) مصادر التحقيق 1 ـ الاِبهاج في شرح المنهاج ، للشيخ علي بن عبـد الكافي السبكي (ت 756 هـ) ، مكتبة الكلّيّات الأزهرية | القاهرة ، 1401 هـ. 2 ـ الاحتجاج ، للطبرسي ، أحمد بن علي بن أبي طالب (ت 520 هـ) ، تحقيق إبراهيم البهادري وآخرين ، نشر دار الأُسوة | قم ، 1416 هـ. 3 ـ الأحكام في الحلال والحرام ، للاِمام الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين ، مكتبة زمار الوطنية | اليمن ، 1413 هـ. 4 ـ إحياء المَيْت بفضائل أهل البيت عليهم السلام ، لعبـد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين السيوطي (ت 911 هـ) ، دار العلوم ، مركز الدراسات والبحوث العلمية | بيروت ، 1408 هـ. 5 ـ الأربعون حديثاً ، للشيخ منتجب الدين علي بن عبيد الله بن بابويه الرازي ، من أعلام القرن السادس ، تحقيق ونشر مدرسة الاِمام المهدي عليه السلام | قم ، 1408 هـ. 6 ـ الأربعين ، للشيرازي (ت 1098 هـ) ، مطبعة الأمير | قم ، 1418 هـ. 7 ـ الأربعين في أُصول الدين ، لفخر الدين الرازي محمّـد بن عمر (ت 606 هـ) ، مكتبة الكلّيّات الأزهرية ومطبعة دار التضامن | القاهرة. 8 ـ الاِرشاد ، للشـيخ المفيد ، أبي عبـد الله محمّـد بن محمّـد بن النعمان (ت 413 هـ) ، تحقيق ونشر مؤسّـسة آل البيت عليهم السلام لاِحياء التراث | قم ، 1413 هـ. 9 ـ إرشاد القلوب ، لأبي محمّـد الحسن بن محمّـد الديلمي ، من أعلام القرن السابع ، منشورات الرضـي | قم. 10 ـ الاِصابة في تمييز الصحابة ، لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ) ، دار صادر | بيروت. (396) 11 ـ الأُصـول السـتّة عشر ، لزيد الزراد ، منشورات دار الشبستري ـ قم | 1405 هـ. 12 ـ أُصول الكافي ، لثقة الاِسلام محمّـد بن يعقوب الكليني الرازي (ت 9 | 328) ، دار الكتب الاِسلامية | طهران ، 1388 هـ. 13 ـ أعلام الدين في صفات المؤمنين ، للشيخ الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، مؤسّـسة آل البيت : لاِحياء التراث | قم ، 1408 هـ. 14 ـ إعلام الورى بأعلام الهدى ، للشيخ الطبرسي ، الفضل بن الحسن (ت 548 هـ) ، تحقيق ونشر مؤسّـسة آل البيت : لاِحياء التراث | قم ، 1417 هـ. 15 ـ إقبال الأعمال ، للسـيّد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر ابنطاووس الحلّي (ت 664 هـ) ، دار الكتب الاِسلامية | طهران. 16 ـ الاقتصاد ، لشيخ الطائفة ، أبي جعفر محمّـد بن الحسن الطوسي (ت 460 هـ) ، منشورات چهلستون | طهران ، 1400 هـ. 17 ـ الأمالي ، للشيخ الصدوق ، أبي جعفر محمّـد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت 381 هـ) ، تحقيق ونشر مؤسّـسة البعثة | قم ، 1417 هـ. 18 ـ الأمالي ، للشيخ الطوسي (ت 460 هـ) ، دار الثقافة | قم ، 1414 هـ. 19 ـ الأمالي ، للشيخ المفيد (ت 413 هـ) ، مؤسّـسة النشر الاِسلامي التابعة لجماعة المدرّسـين في الحوزة العلمية | قـم ، 1403 هـ. 20 ـ الاِمامة والتبصرة ، لعلي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت 329 هـ) ، مؤسّـسة آل البيت : لاِحياء التراث | فرع بيروت ، 1407 هـ. 21 ـ بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار ، للشيخ محمّـد باقر ابن محمّـد تقي المجلسي (ت 1110 هـ) ، مؤسّـسة الوفاء | بيروت ، 1403 هـ. 22 ـ البداية والنهاية ، لأبي الفداء ابن كثير إسماعيل بن عمر القرشي البصري الدمشقي (ت 774 هـ) ، دار الفكر | بيروت 1402 هـ. 23 ـ البدر الطالع ، لمحمّد بن عليّ بن محمّـد الشوكاني (ت 1250 هـ) ، (397) دار المعرفة | بيروت. 24 ـ بذل النظر ، لمحمّـد بن عبـد الحميد الأسمندي الحنفي (ت 552 هـ) ، مكتبة دار التراث | القاهرة ، 1412 هـ. 25 ـ بشارة المصطفى ، لعماد الدين أبي جعفر محمّـد بن أبي القاسم الطبري الاِمامي ، من أعلام القرن السادس ، مؤسّـسة النشر الاِسلامي التابعة لجماعة المدرّسـين في الحوزة العلمية | قم ، 1420 هـ. 26 ـ بصائر الدرجات ، لمحمّـد بن الحسن الصفّار ، مؤسّـسة الأعلمي | طهران ، 1404 هـ. 27 ـ تاريخ بغداد ، للخطيب البغدادي ، أحمد بن علي (ت 463 هـ) ، دار الكتاب العربي | بيروت. 28 ـ تاريخ الطبري (تاريخ الأُمم والملوك) ، لأبي جعفر محمّـد بن جرير الطبري (ت 310 هـ) ، دار سويدان | بيروت ، 1387 هـ. 29 ـ تاريخ مدينة دمشق ، لأبي القاسم ابن عساكر الدمشقي علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي (ت 571 هـ) ، دار الفكر | بيروت ، 1418 هـ. 30 ـ التحصين ، للسـيّد رضي الدين علي ابن طاووس الحلّي (ت 664هـ) ، دار العلوم | بيروت ، 1410 هـ. 31 ـ تذكرة الخواصّ ، لسبط ابن الجوزي ، يوسف بن فرغلي البغدادي (ت 654 هـ) ، مؤسّـسة أهل البيت عليهم السلام | بيروت ، 1401 هـ. 32 ـ تذكرة الفقهاء ، للعلامّة الحلّي ، الحسن بن يوسف بن المطهّر الأسدي (ت 726 هـ) ، طبعة حجرية ، منشورات المكتبة المرتضوية لاِحياء الآثار الجعفرية. 33 ـ تفسير ابن كثير ، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر (ت 774 هـ) ، دار المعرفة | بيروت ، 1406 هـ. 34 ـ تفسير أبي حمزة الثمالي ، مطبعة الهادي | قم ، 1420 هـ. 35 ـ تفسير البحر المحيط ، لأبي حيّان ، دار الفكر | بيروت ، 1403 هـ. (398) 36 ـ تفسير التبيان ، للشيخ الطوسي (ت 460 هـ) ، دار إحياء التراث العربي | بيروت. 37 ـ تفسير الاِمام الحسن العسكري عليه السلام ، تحقيق ونشر مدرسة الاِمام المهدي ـ عجّل الله تعالى فرجه الشريف ـ | قم ، 1409 هـ. 38 ـ تفسير الثعلبي ، لأبي إسحاق أحمد ، المعروف بـ : الاِمام الثعلبي (ت 427 هـ) ، دار إحياء التراث العربي | بيروت ، 1422 هـ. 39 ـ تفسير الطبري (جامع البيان) ، لأبي جعفر محمّـد بن جرير الطبري (ت 310 هـ) ، دار المعرفة | بيروت. 40 ـ تفسير العيّاشي ، لمحمّـد بن مسعود بن عيّاش السلمي ، من أعلام القرن الثالث الهجري ، المكتبة العلمية الاِسلامية | طهران. 41 ـ تفسير الفخر الرازي (التفسير الكبير) ، لفخر الدين الرازي (ت 606هـ) ، الطبعة الثالثة. 42 ـ تفسير فرات ، لفرات بن إبراهيم الكوفي ، تحقيق محمّـد الكاظم ، طهران ، 1410 هـ. 43 ـ تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) ، لمحمّـد بن أحمد القرطبي (ت 671 هـ) ، دار إحياء التراث العربي | بيروت ، أُوفسيت 1965 م. 44 ـ تفسير القمّي ، لعلي بن إبراهيم القمّي ، من أعلام القرن الرابع ، مطبعة النجف ، 1387 هـ. 45 ـ تفسير الكشّاف ، لجار الله الزمخشري (ت 538 هـ) ، دار المعرفة | بيروت. 46 ـ التفضيل ، للشيخ محمّـد بن علي الكراجكي (ت 449 هـ) ، مؤسّـسة أهل البيت : ، مؤسّـسة البعثة | طهران ، 1403 هـ. 47 ـ تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيّـين ، لأبي سعيد محسن بن كرامة الجشمي البيهقي (ت 494 هـ) ، تصحيح محمّـد رضا الأنصاري ، مكتبة متحف (399) ومركز وثائق مجلس الشورى الاِسلامي | طهران ، 1378 هـ ش. 48 ـ تهذيب اللغة ، لأبي منصور محمّـد بن أحمد الأزهري (ت 370 هـ) ، المؤسّسة المصرية العامّة للتأليف والأنباء والنشر ، 1384 هـ. 49 ـ الثاقب في المناقب ، لابن حمزة ، عماد الدين أبي جعفر محمّـد بن علي الطوسي ، من أعلام القرن السادس ، مطبعة الصدر | قم ، 1412 هـ. 50 ـ ثواب الأعمال وعقاب الأعمال ، للشيخ الصدوق (ت 381 هـ) ، تحقيق علي أكبر الغفّاري ، مكتبة الصدوق | طهران ، 1391 هـ. 51 ـ جامع بيان العلم وفضله ، لابن عبـد البرّ يوسف بن عبـد الله القرطبي المالكي (ت 463 هـ) ، دار ابن الجوزي | السعودية ، 1416 هـ. 52 ـ الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير ، لجلال الدين السيوطي (ت 911 هـ) ، دار الفكر | بيروت ، 1401 هـ. 53 ـ جـواهر العقـدين ، لنـور الدين علي بن عبـد الله السـمهودي (ت 911هـ) ، مطبعة العاني | بغداد ، 1407 هـ. 54 ـ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ، للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبـدالله الأصفهاني (ت 430 هـ) ، دار الكتاب العربي | بيروت ، 1405 هـ. 55 ـ خصائص أمير المؤمنين عليه السلام ، للحافظ النسائي ، أحمد بن شعيب (ت 303 هـ) ، مكتبة المعلاّ | الكويت ، 1406 هـ. 56 ـ الخصائص الكبرى ، للسيوطي (ت 911 هـ) ، دار الكتب العلمية | بيروت. 57 ـ خـصائص الوحـي المـبين ، لابن البطريق ، يحيى بن الحسن الحلّي (ت 600 هـ) ، دار القرآن الكريم | قم ، 1417 هـ. 58 ـ الخصال ، للشيخ الصدوق (ت 381 هـ) ، مؤسّـسة النشر الاِسلامي التابعة لجماعة المدرّسـين في الحوزة العلمية | قـم ، 1403 هـ. 59 ـ دُرر الأحاديث النبوية ، للهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين بن القاسم (400) ابن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن السبط عليه السلام (ت 298 هـ) ، مؤسّـسة الأعلمي | بيروت ، 1402 هـ. 60 ـ الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور ، للسيوطي (ت 911 هـ) ، دار الفكر | بيروت ، 1403 هـ. 61 ـ دعائم الاِسلام ، للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمّـد التميمي المغربي (ت 363 هـ) ، تحقيق آصف علي أصغر فيضي ، دار المعارف| القاهرة ، 1383 هـ. 62 ـ ديوان لبيد ، للبيد بن ربيعة العامري ، المتوفّى في عهد عثمان بن عفّان ، دار صادر | بيروت. 63 ـ ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، لمحبّ الدين الطبري المكّي ، أبي العبّاس أحمد بن محمّـد (ت 694 هـ) ، مؤسّـسة الوفاء | بيروت ، 1401 هـ. 64 ـ روضة الواعظين ، للشيخ محمّـد بن الحسن بن علي الفتّال النيسابوري (ت 508 هـ) ، منشورات الرضي | قم. 65 ـ سعد السعود ، للسـيّد رضي الدين علي ابن طاووس الحلّي (ت 664هـ) ، تحقيق فارس الحسّون ، منشورات دليل | قم ، 1421 هـ. 66 ـ سـنن ابن ماجة ، للحافظ أبي عبـد الله محمّـد بن يزيد القزويني (ت 273 أو 275 هـ) ، تحقيق محمّـد فؤاد عبـد الباقي ، دار الفكر | بيروت. 67 ـ سـنن الترمذي (الجامع الصحيح) ، لمحمّـد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 279 هـ) ، تحقيق أحمد محمّـد شاكر ، دار إحياء التراث العربي | بيروت. 68 ـ سنن الدارمي ، لعبـد الله بن بهرام الدارمي (ت 255 هـ) ، دار الفكر | بيروت ـ القاهرة ، 1398 هـ. 69 ـ السيرة النبوية ، لابن كثير أبي الفداء إسماعيل بن عمر (ت 774 هـ) ، تحقيق مصطفى عبـد الواحد ، دار إحياء التراث العربي | بيروت. (401) 70 ـ شرح الأخبار ، للقاضي النعمان المغربي (ت 363 هـ) ، مؤسّـسة النشر الاِسلامي التابعة لجماعة المدرّسـين في الحوزة العلمية | قـم ، 1409 هـ. 71 ـ شرح تنقيح الفصول ، لشهاب الدين أبي العبّـاس أحمد بن إدريس القرافي (ت 684 هـ) ، المكتبة الأزهرية للتراث ، 1414 هـ. 72 ـ شرح اللمع ، لأبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزآبادي الشيرازي (ت 476 هـ) ، دار الغرب الاِسلامي | بيروت ، 1408 هـ. 73 ـ شرح مختصر المنتهى ، لعضد الملّة والدين (ت 756 هـ) ، طبع حسن حلمي الريزوي ، 1307 هـ. 74 ـ شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد المعتزلي ، عزّ الدين عبـد الحميد ابن هبة الله بن محمّـد المدائني (ت 656 هـ) ، منشورات مكتبة آية الله المرعشي النجفي 1 ، دار إحياء الكتب العربية ، 1404 هـ. 75 ـ شواهد التنزيل ، للحاكم الحسكاني ، عبيد الله بن عبـد الله بن أحمد من أعلام القرن الخامس ، مؤسّـسة الأعلمي للمطبوعات | بيروت ، 1393 هـ. 76 ـ صحيح البخاري ، لمحمّـد بن إسماعيل البخاري (ت 256 هـ) ، دار إحياء التراث العربي | بيروت. 77 ـ صحيح مسلم ، لمسلم بن الحجّاج القشيري النيسابوري (ت 261 هـ) ، دار الفكر | بيروت ، 1398. 78 ـ الصراط المستقيم ، للشيخ زين الدين أبي محمّـد علي بن يونس العاملي النباطي البياضي (ت 877 هـ) ، تحقيق محمّـد باقر البهبودي ، المطبعة الحيدرية | النجف ، 1384 هـ. 79 ـ الصواعق المحرقة في الردّ على أهل البدع والزندقة ، لأحمد بن حجر الهيتمي المكّي (ت 974 هـ) ، دار الكتب العلمية | بيروت ، 1414 هـ. 80 ـ الطبقات الكبرى ، لمحمّـد بن سعد بن منيع الزهري (ت 230 هـ) ، دار صادر | بيروت ، 1405 هـ. (402) 81 ـ الطرائف ، للسـيّد رضي الدين علي ابن طاووس الحلّي (ت 664 هـ) ، مطبعة الخيّام | قم ، 1400 هـ. 82 ـ علل الشرائع ، للشيخ الصدوق (ت 381 هـ) ، دار إحياء التراث العربي ، منشورات المكتبة الحيدرية ، 1385 هـ. 83 ـ العمدة ، لابن البطريق (ت 600 هـ) ، مؤسّـسة النشر الاِسلامي التابعة لجماعة المدرّسـين في الحوزة العلمية | قم ، 1407 هـ. 84 ـ عوالي اللآلي العزيزية في الأحاديث الدينية ، لابن أبي جمهور ، محمّـد بن علي بن إبراهيم الأحسائي (ت 940 هـ) ، مطبعة سـيّد الشهداء | قم ، 1403 هـ. 85 ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام ، للشيخ الصدوق (ت 381 هـ) ، منشورات جهان | طهران. 86 ـ الغارات ، لأبي إسحاق إبراهـيم بن محمّـد الثقفي الكوفي (ت 283هـ) ، تحقيق السيّد جلال المحدِّث ، منشورات « انجمن آثار ملي » | إيران. 87 ـ الغدير في الكتاب والسُـنّة والأدب ، لعبـد الحسين أحمد الأميني النجفي (ت 1389 هـ) ، مركز الغدير للدراسات الاِسلامية | قم ، 1416 هـ. 88 ـ الغيبة ، للشيخ محمّـد بن إبراهيم النعماني ، من أعلام القرن الرابع ، تحقيق علي أكبر الغفّاري ، مكتبة الصدوق ، طهران. 89 ـ فرائد السمطين ، لاِبراهيم بن محمّـد الجويني الخراساني (ت 730 أو 722 هـ) ، مؤسّـسة المحمودي | بيروت 1398 هـ. 90 ـ الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة عليهم السلام ، لابن الصبّاغ المالكي ، علي بن محمّـد بن أحمد (ت 855 هـ) ، مطبعة العدل | النجف الأشرف. 91 ـ الفضائل ، لأبي الفضل سديد الدين شاذان بن جبرائيل بن إسماعيل (ت 660 هـ) ، مطبعة أمير | قم ، 1363 هـ ش. 92 ـ فضائل الاِمام أمير المؤمنين عليه السلام ، لأحمد بن حنبل (ت 241 هـ). (403) 93 ـ فضائل الصحابة ، لأحمد بن حنبل (ت 241 هـ) ، مؤسّـسة الرسالة | بيروت ، 1403 هـ. 94 ـ قرب الاِسناد ، لأبي العبّـاس عبـد الله بن جعفر الحميري ، من أعلام القرن الثالث ، تحقيق ونشر مؤسّـسة آل البيت عليه السلام | قم ، 1413 هـ. 95 ـ قصص الأنبياء ، لقطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي (ت 573 هـ) ، مجمع البحوث الاِسلامية | مشهد ، 1409 هـ. 96 ـ كامل الزيارات ، لأبي القاسم جعفر بن محمّـد بن جعفر بن موسى بن قولويه القمّي (ت 368 هـ) ، مكتبة الصدوق | طهران ، 1417 هـ. 97 ـ كشف الغمّة في معرفة الأئمّة ، لأبي الحسن علي بن عيسى بن أبيالفتح الاِربلي (ت 693 هـ) ، المطبعة العلمية | قم ، 1381 هـ. 98 ـ كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، للعلاّمة الحلّي (ت 726 هـ) ، مؤسّـسة الطباعة والنشر | طهران ، 1416 هـ. 99 ـ كفاية الأثر في النصّ على الأئمّة الاثني عشر ، لأبي القاسم علي بن محمّـد الخزاز القمّي ، من أعلام القرن الرابع ، مطبعة الخيام | قم ، 1401 هـ. 100 ـ كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، للكنجي الشافعي ، أبي عبـد الله محمّـد بن يوسف بن محمّـد القرشي (المقتول 658 هـ) ، تحقيق محمّـد هادي الأميني ، دار إحياء تراث أهل البيت : ، طهران 1970 م. 101 ـ كمال الدين وتمام النعمة ، للشيخ الصدوق (ت 381 هـ) ، مؤسّـسة النشر الاِسلامي التابعة لجماعة المدرّسـين | قم ، 1405 هـ. 102 ـ كنز العمّال في سُـنن الأقوال والأفعال ، للمتّقي الهندي ، علي بن حسام الدين (ت 975 هـ) ، مؤسّسـة الرسالة | بيروت ، الطبعة الخامسة ، 1405 هـ. 103 ـ اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ، لجلال الدين السيوطي (ت 911 هـ) ، دار المعرفة | بيروت ، 1403 هـ. 104 ـ لسان الميزان ، لشهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر (404) العسقلاني (ت 852 هـ) ، مؤسّـسة الأعلمي | بيروت ، 1406 هـ. 105 ـ المائة منقبة ، لسديد الدين شاذان بن جبرائيل (ت 660 هـ) ، تحقيق نبيل رضا علوان ، الدار الاِسلامية | بيروت ، 1409 هـ. 106 ـ مثير الأحزان ، لابن نما الحلّي ، الشيخ جعفر بن محمّـد بن جعفر بن أبي البقاء الربعي الأسدي (ت 645 هـ) ، مؤسّـسة الاِمام المهدي عليه السلام | قم 1406 هـ. 107 ـ مجمع البيان في تفسير القرآن ، للشيخ الطبرسي (ت 548 هـ) ، المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاِسلامية ـ رابطة الثقافة والعلاقات الاِسلامية ، 1417 هـ. 108 ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، للحافظ نور الدين علي ابن أبي بكر الهيثمي (ت 807 هـ) ، دار الكتاب العربي | بيروت 1402 هـ. 109 ـ المحاسن ، للمحدِّث الجليل أبي جعفر أحمد بن محمّـد بن خالد البرقي (ت 280 هـ) ، المعاونية الثقافية للمجمع العالمي لأهل البيت : ، 1413 هـ. 110 ـ المحيط في اللّغة ، للصاحب إسماعيل بن عبّاد (ت 385 هـ) عالم الكتب ـ لبنان ـ بيروت ـ الطبعة الاُولى سنة 1414. 111 ـ المستدرك على الصحيحين ، لأبي عبـدالله محمّـد بن عبـدالله الحاكم النيسابوري (ت 406 هـ) ، دار الفكر | بيروت ، 1398 هـ. 112 ـ المسترشد في إمامة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، للحافظ محمّـد بن جرير بن رستم الطبري الاِمامي ، المتوفّى أوائل القرن الرابع ، تحقيق أحمد المحمودي ، مؤسّـسة الثقافة الاِسلامية | إيران ، 1415 هـ. 113 ـ مسند أبي يعلى الموصلي ، للحافظ أحمد بن علي بن المثنّى التميمي (ت 307 هـ) ، دار المأمون للتراث | دمشق ، 1404 هـ. 114 ـ مسند أحـمد ، لأحمد بن حنبل (ت 241 هـ) ، دار الفكر | بيروت ، 1398 هـ. 115 ـ مسند الشهاب ، للقاضي أبي عبـد الله محمّـد بن سلامة القضاعي (405) الشافعي (ت 454 هـ) ، مؤسّـسة الرسالة | بيروت ، 1405 هـ. 116 ـ مشكاة الأنـوار ، لأبي الفضـل علي الطبرسي ، من أعلام القرن السادس ، مؤسّـسة دار الحديث الثقافية | قم ، 1418 هـ. 117 ـ مشكل الآثار ، لأبي جعفر الطحّاوي ، أحمد بن محمّـد بن سلامة الأزدي الحنفي (ت 321 هـ) ، دار صادر | بيروت. 118 ـ المصنّف في الأحاديث والآثار ، لمحمّـد بن أبي شيبة الكوفي العبسي (ت 235 هـ) ، الدار السلفية | بومباي الهند. 119 ـ مصنّفات الشيخ المفيد ، للشيخ المفيد (ت 413 هـ) ، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد | قم ، 1413 هـ. 120 ـ معاني الأخبار ، للشيخ الصدوق (ت 381 هـ) ، دار المعرفة | بيروت ، 1399 هـ. 121 ـ معجم البلدان ، لشهاب الدين أبي عبـد الله ياقوت بن عبـد الله الحموي الرومي البغدادي (ت 626 هـ) ، دار إحياء التراث العربي | بيروت ، 1399 هـ. 122 ـ المعجم الصغير ، للحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360 هـ) ، دار الكتب العلمية | بيروت ، 1403 هـ. 123 ـ المعجم الكبير ، للحافظ الطبراني (ت 360 هـ) ، دار إحياء التراث العربي | بيروت ، ومكتبة ابن تيمية | القاهرة. 124 ـ الملل والنحل ، لأبي الفتح محمّـد بن عبـد الكريم بن أحمد الشهرستاني (ت 548 هـ) ، تحقيق محمّـد سيّد گيلاني ، دار المعرفة | بيروت. 125 ـ الملهوف على قتلى الطفوف ، للسـيّد رضي الدين علي ابن طاووس الحلّي (ت 664 هـ) ، دار الأُسـوة | قم ، 1417 هـ. 126 ـ المناقب ، لأبي جعفر محمّـد بن علي بن شهرآشوب السّروي المازندراني (ت 588 هـ) ، دار الأضواء | بيروت ، 1412 هـ. 127 ـ المناقب ، لأخطب خوارزم ، أبي المؤيد الموفّق بن أحمد بن محمّـد (406) البكري المكّي الحنفي (ت 568 هـ) ، مكتبة نينوى الحديثة | طهران. ـ المناقب ، للحافظ محمّـد بن سليمان الكوفي القاضي ، من أعلام القرن الثالث ، مجمع إحياء الثقافة الاِسلامية | 1412 هـ. ـ المناقب ، لابن المغازلي ، أبي الحسن علي بن محمّـد الشافعي ، (ت 483 هـ) ، تحقيق محمّـد باقر البهبودي ، منشورات دار الأضواء | بيروت ، 1403 هـ. ـ منهاج الكرامة ، للعلاّمة الحلّي (ت 726 هـ) ، تحقيق عبـد الرحيم المبارك ، مؤسّـسة عاشوراء للتحقيقات والبحوث الاِسلامية | مشهد ـ إيران. ـ منهاج الوصول ، للقاضي البيضاوي (ت 685 هـ) ، مكتبة الكلّيّات الأزهرية | القاهرة ، 1401 هـ. ـ منية المريد في آداب المفيد والمستفيد ، للشهيد الثاني ، زين الدين ابن علي بن أحمد العاملي الشامي (المستشهد سنة 965 هـ) ، مجمع الذخائر الاِسلامية | قم ، 1402 هـ. ـ ميزان الاعتدال ، للذهبي ، أبي عبـد الله محمّـد بن أحمد بن عثمان (ت 748 هـ) ، تحقيق علي محمّـد البجاوي ، دار المعرفة | بيروت. ـ نهج الاِيمان ، لزين الدين علي بن يوسف بن جبر ، من أعلام القرن السابع ، تحقيق السـيّد أحمد الحسيني ، مجتمع امام هادي عليه السلام | مشهد ، 1418 هـ. ـ نوادر المعجزات في مناقب الأئمّة الهداة : ، للحافظ الطبري الاِمامي ، المتوفّى أوائل القرن الرابع ، تحقيق ونشر مؤسّـسة الاِمام المهدي عليه السلام | قم ، 1410 هـ. ـ اليقين ، للسـيّد رضي الدين علي ابن طاووس الحلّي (ت 664 هـ) ، دار العلوم | بيروت ، 1410 هـ. * * *