الكتاب : الرسالة البديعة المعلنة بفضائل الشيعة |
الرسالة البديعة المعلنة بفضائل الشيعة (1/1)
تأليف
العلامة عبدالله بن زيد العنسي رضي الله تعالى عنه
كلمة المركز
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً - وبعد:
يسرّ مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية أن يقدم لك أخي المؤمن الكريم كتاب ( الرسالة البديعة المعلنة بفضائل الشيعة ) القاضي العلامة عبدالله بن زيد العنسي رحمه الله تعالى- وذلك ضمن الدفعة الثالثة الصادرة عن المركز عام 1423هـ، 2002م.
وخلال ذلك نجدد العهد لله تعالى ولرسوله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّم- ولأئمة أهل البيت -صلوات الله عليهم - بمواصلة ما بدأناه، والسير قدماً في نشر عقائد أهل البيت(ع) ومذهبهم من خلال نشر تراثهم الفكري، وما خلّفوه من علوم جليلة أسهمت وتُسْهم في صلاح المجتمعات ، والوصول بها إلى السعادة الأبديّة ، دون أن نحاول صياغة عقائدهم حسب ما يروق لنا، ونجعلها سَلِسَة بِسَلاسَةِ عَصْرنا، بل نقدّمها كما قدّمها أئمة الآل، قفد كفوْنا المؤونة في ذلك، وما بقي إلا أن نغترف من مائهم الزلال، واهتمامنا بذلك لما سبق وذكرناه من أمثال قوله تعالى: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[الأحزاب:33] وقوله تعالى: {إنما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة:55]، وقوله تعالى: { قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى:23].
وأمثال قول رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّم- :((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض))، وقوله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّم-:((أهل بيتي فيكم كسفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وهوى))، وقوله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّم- :((أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء)) ، وقوله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّم- : (( من سرّه أن يحيا حياتي؛ ويموت مماتي؛ ويسكن جنة عدن التي وعدني ربي؛ فليتولّ علياً وذريته من بعدي؛ وليتولّ وليّه؛ وليقتدِ بأهل بيتي؛ فإنهم عترتي ؛ خُلقوا من طينتي ؛ ورُزقوا فهمي وعلمي.....)) الخبر- وقد بيّن -صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّم -أنهم علي؛ وفاطمة؛ والحسن والحسين وذريّتهما - عَلَيْهم السَّلام - عندما جلَّلهم -صَلَّى الله عَلَيْهِ وآله وَسَلَّم- بكساءٍ وقال: ((اللّهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً)). (1/2)
وغيرها من النصوص الواضحة الجليّة الدالة على أنهم عروة الله الوثقى، وحبله المتين الأقوى.
* * * * * * * * * * * *
وقد صدر عن مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية - بصعدة:
1- لوامع الأنوار في جوامع العلوم والآثار وتراجم أولي العلم والأنظار، تأليف/ الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي - أيده الله تعالى-.
2- مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم أمير المؤمنين زيد بن علي(ع)، تأليف/ الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(ع).
3- شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة، تأليف/ الإمام الحجة عبدالله بن حمزة(ع).
4- صفوة الإختيار في أصول الفقه، تأليف/ الإمام الحجة عبدالله بن حمزة (ع).
5- المختار من الأحاديث والآثار من كتب الأئمة الأطهار وشيعتهم الأخيار، تأليف/ السيد العلامة محمد بن يحيى الحوثي حفظه الله. (1/3)
6- هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطيبين، تأليف/ السيد الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير(ع).
7- الإفادة في تاريخ الأئمة السادة، تأليف/ الإمام أبي طالب يحيى بن الحسين الهاروني(ع).
8- المنير - على مذهب الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم -عَلَيْهمالسَّلام- ، تأليف/ أحمد بن موسى الطبري رضي الله عنه.
9- نهاية التنويه في إزهاق التمويه، تأليف السيد الإمام / الهادي بن إبراهيم الوزير(ع).
10- تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين، تأليف/ الحاكم الجشمي المحسن بن محمد بن كرامة رحمه الله تعالى.
11- عيون المختار من فنون الأشعار والآثار، تأليف الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي - أيده الله تعالى-.
12- أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله (ع) وأخيه إدريس بن عبدالله(ع)، تأليف/ أحمد بن سهل الرازي رحمه الله تعالى.
13- الوافد على العالم، تأليف/ الإمام نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم الرسي(ع).
14- الهجرة والوصية، تأليف/ الإمام محمد بن القاسم بن إبراهيم الرسي(ع).
15-الجامعة المهمة في أسانيد كتب الأئمة، تأليف/الإمام الحجة مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي - أيده الله تعالى-.
16- المختصر المفيد فيما لا يجوز الإخلال به لكلّ مكلف من العبيد، تأليف/ القاضي العلامة أحمد بن إسماعيل العلفي رضي الله عنه.
17- خمسون خطبة للجمع والأعياد.
18- رسالة الثبات فيما على البنين والبنات، تأليف/ الإمام الحجة عبدالله بن حمزة(ع).
19-الرسالة الصادعة بالدليل في الرد على صاحب التبديع والتضليل، تأليف/ الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي - أيده الله تعالى-.
20- إيضاح الدلالة في تحقيق أحكام العدالة، تأليف/ الإمام الحجة مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي - أيده الله تعالى-.
21- الحجج المنيرة على الأصول الخطيرة، تأليف/الإمام الحجة مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي - أيده الله تعالى-. (1/4)
22- النور الساطع، تأليف/ الإمام الهادي الحسن بن يحيى القاسمي رحمه الله تعالى.
23- سبيل الرشاد إلى معرفة ربّ العباد، تأليف/ السيد العلامة محمد بن الحسن بن الإمام القاسم بن محمد(ع).
24- الجواب الكاشف للإلتباس عن مسائل الإفريقي إلياس - ويليه/ الجواب الراقي على مسائل العراقي، تأليف/ السيد العلامة الحسين بن يحيى الحوثي حفظه الله تعالى.
25- أصول الدين ، تأليف/ الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين(ع).
26- الرسالة البديعة المعلنة بفضائل الشيعة، تأليف/ القاضي العلامة عبدالله بن زيد العنسي رحمه الله تعالى.
كما شارك مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية -بصعدة- بالتعاون مع مؤسسة الإمام زيد بن علي(ع) الثقافية في إخراج:
27- مجموع رسائل الإمام الهادي(ع)، تأليف/ الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم(ع).
28- العقد الثمين في تبيين أحكام الأئمة الهادين، تأليف/ الإمام الحجة عبدالله بن حمز(ع).
29- المصابيح وتتمته، تأليف/ السيد الإمام أبي العباس الحسني(ع)، والتتمة لعلي بن بلال رضي الله عنه.
30- الموعظة الحسنة، تأليف/ الإمام المهدي محمد بن القاسم الحوثي(ع).
ومع مكتبة التراث الإسلامي:
31- البدور المضيئة جوابات الأسئلة الضحيانية، تأليف/ الإمام المهدي محمد بن القاسم الحوثي(ع).
وهناك الكثير الطيّب في طريقه للخروج إلى النور إنشاء الله تعالى، نسأل الله تعالى الإعانة والتوفيق.
* * * * * * * * * * * *
ونتقدّم في هذه العجالة بالشكر الجزيل لكلّ من ساهم في إخراج هذا العمل الجليل إلى النور، ونسأل الله أن يكتب ذلك للجميع في ميزان الحسنات، وأن يجزل لهم الأجر والمثوبة.
وأخصّ بالذكر الإخوان الكرام:
عبدالرحيم بن يحيى المؤيدي، علي بن مجدالدين بن محمد المؤيدي، هادي بن حسن بن هادي الحمزي، إسماعيل بن مجدالدين بن محمد المؤيدي، صالح علي علي أبو زيد. (1/5)
والذين كان لهم الدور الفاعل والبارز في إخراج إصدارات المركز.
وختاماً نتشرّف بإهداء هذا العمل إلى مولانا الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي -أيده الله تعالى وأدام في الداريْن علاه- باعث كنوز أهل البيت(ع) ومفاخرهم، وصاحب الفضل في نشر تراث أهل البيت(ع) وشيعتهم الأبرار رضي الله عنهم.
وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
مدير المركز/
إبراهيم بن مجدالدين بن محمد المؤيدي
27 ربيع الأول/ 1423هـ، 6/6/2002م
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، وبعد:
فهذا كتاب (الرِّسَالَة البَدِيعَةُ المُعْلِنَةُ بِفَضَائِل الشِّيْعة) أحد مؤلفات الفقيه العلامة الأصولي المتكلم: عبدالله بن زيد بن أحمد بن أبي الخير العنسي، المذحجي، يُنْشر للمرة الأولى بعد تحقيقه، وضبط نصه، وتخريج آثاره بما هو في قدر المستطاع.
وحافزي في ذلك أنني منذ أن تنوَّرت أضواء التحقيق للكتاب المخطوط، ورأيت مرجوع الفائدة لي أولاً ، وهرعان أبناء الزيدية لاقتناء كل مطبوع ثانياً؛ قطعتُ على نفسي ببذل الجهد والمجهود في سبيل المشاركة في إخراج موروث الكنوز التي خلَّفها رجال ومؤلفي هذه الفرقة، والذي أنا منها وإليها – مذهباً وانتماء وولاء وعقيدة.
وحرصتُ وأحرص على التنقّل بين عصور المؤلفين الزيدية، وانتقاء العالم المصنّف لكل عصر، وخلال ما أنا أتصفّح مؤلفات أعلام الزيدية لفتَ نظري تسمية هذا الكتاب، وجعلت أتمحّل ما قد أُوْدِعَ فيه على ضوء التسمية، وزاد من رغبتي كونه بالرسالة أقرب منه إلى الكتاب، ومن ثمَّ أعطيت مظان وأمكنة النُّسَخ تعلّق بالي. (1/6)
فأخبرني الأخ إبراهيم بن يحيى الدرسي على وجود نسخة لديه، وتفضّل بإرسالها مشكوراً، ومنها رأيت المؤلف في قوة البيان، ونصاعة الاستدلال، ونضوج الولاء لأهل البيت (ع)، والتفتُ أنظر ترجمة المؤلف وأقوال العلماء والمؤرخين فإذا خناصر الثناء عاقدة على مدحه، والتعريف بعلمه وتبحره في المعقول والمنقول . فما كان مني إلا أن دفعت المخطوطة للصف ومنه إخراج نسخة أولى، وأخذت في التهيئة والإعداد، وتلخيص المطلوب، والعمل على تحصيل مراجع ومصادر التحقيق، ورصد المظانّ.
ومع بداية الخطوة الأولى ساومتني فكرة التخريج، وعدم الاكتفاء بما يسمى التحقيق، وبدأت هذه الفكرة مشجعة نوعاً ما، ولكن سرعان ما انتهت كعائق من العوائق أغفلتني عن الكتاب أو الرسالة لمدة سنة كاملة، ولم أستطع بعدها إلا أن أمدّ النفس، وأستجمع القوى للإطاحة بثكنات التواني، وساعدني في ذلك إقتناء جهاز الحاسوب، والاستعانة بالبرامج الحديثية، ولا أنسى ما كان من أفضال السيد محمد بن عبدالعظيم الهادي في إتاحته الكريمة للتنقل والبحث في مكتبته الخاصة –المخطوط والمطبوع- ولكي يتضح ما عملته في المخطوطة جعلت للرسالة مقدمة التحقيق.
منهج تحقيق المخطوطة
1.مقابلة المصفوف بالكمبيوتر على النسخة (أ) و(ب)، وهي الأصل التي صف عليها، وأثبت الاختلافات الموجودة بينهما في الهامش، وجعلت من اللائق والموالف لسياق الكلام ما يثبت عند اختلاف النسخ مع الإشارة لذلك.
2.وضع علامات الترقيم المتعارف عليها.
3.وضع نهاية كل صفحة من صفحات المخطوط ما لم يوافق آية قرآنية. (1/7)
4.وضع عناوين جانبية خاصة ببعض الموضوعات التي تنقل المؤلف ما بينها بين معكوفتين.
5.وضع الناقص من النسختين المحقق عليها مما هو في المصادر المرجوع إليها بين معكوفتين [...] دون تنبيه.
6.تخريج الآيات القرآنية وضبطها، وقام بذلك العاملون بمركز أهل البيت (ع) للدراسات الإسلامية.
7.تخريج الأحاديث النبوية الشريفة تخريجاً تعريفياً.
8.تخريج المروي من كلام أمير المؤمنين -عَلَيْه السَّلام-.
9.تخريج تفاسير بعض الآيات التي أوردها المؤلف للاحتجاج.
10.توثيق الآثار الواردة عن الأئمة وغيرهم وذلك بالعزو وتوضيح المصادر التي روتها.
11.التعريف والترجمة للأئمة الذين ورد ذكرهم تحت ما عُنون بالعنوان التالي [أئمة الزيدية والآثار النبوية الواردة فيهم] وأغلب التراجم مما هو موجود في هامش (المصابيح الساطعة الأنوار) تحقيق السيدان محمد قاسم الهاشمي، وعبدالسلام عباس الوجيه.
ترجمة المؤلف
هو الفقيه العالم العلامة الأصولي المتكلم شيعي آل محمد عبدالله بن زيد بن أحمد بن أبي الخير العنسي.
مولده / لم تذكر المصادر تاريخ مولده بالتحديد وإنما على جهة التقريب.
قال القاضي أحمد بن سعد الدين المسوري(1)[1]): رأيت في ديباجة مؤلفه الذي سماه (اللائق بالأفهام في معرفة حدود الكلام) بخط يده ما لفظه: أُلّف في حال الدرس وقبل نبات اللحية، وكتب هذه النسخة وقد بلغ ستة وستين سنة من العمر بكحلان المحروس سنة تسع وخمسين وستمائة ، والحمد لله وحده وصلواته على محمد وآله. انتهى.
__________
(1) ـ إجازات المسوري وعنه نقل أبو الرجال في مطلع البدور.
فمولده -رحمه الله- على هذا سنة أربع أو ثلاث وتسعين وخمسمائة، ووفاة المنصور بالله –عَلَيْه السَّلام- والفقيه في نحو إحدى وعشرين سنة لأنها في سنة أربع عشرة وستمائة، وهو أسنّ من الإمام أحمد بن الحسين سلام الله عليه بهذا القدر ؛ لأنه –عَلَيْه السَّلام- ولد سنة وفاة المنصور بالله عَلَيْهم السَّلام جميعاً ورحمة الله وبركاته، أو في السنة التي قبلها على اختلاف الروايتين. (1/8)
قلتُ: وعليه فالمؤلف ممن نبلوا في عصر الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة، وهم طبقة كثيرة العدد منهم العلماء والمصنفين مثل: الأمير الحسين بن بدرالدين، والشهيد حميد المحلي، وغيرهم.
أقوال مترجميه
ترجم له صاحب مطلع البدور فقال: هو العلامة إمام الزهاد، ورئيس العباد، ولسان المتكلمين، وشحاك الملحدين، مَفْخَر الزيدية بل مفخر الإسلام ، جمع ما لم يجمعه غيره من العلوم النافعة الواسعة، والأعمال الصالحة.
وترجمه صاحب (سيرة الإمام المهدي أحمد بن الحسين) قائلاً: وهذا القاضي من العلماء والمجتهدين، ممن شهد باجتهاد الإمام المهدي. وكمال خصال الإمامة فيه، ولم يزل على ذلك إلى أن مضى(1)[2]).
وترجمه صاحب أعلام المؤلفين الزيدية فقال: عبدالله بن زيد بن أحمد بن أبي الخير العنسي المذحجي، الزبيدي، من كبار علماء القرن السادس الهجري ، فقيه، مجتهد، أصولي، متقن، عاصر الإمام أحمد بن الحسين وناصره، واستعان به الإمام في أمور كثيرة.
مشائخه ومن أخذ عنه
كل من ترجم له اكتفى بذكر شيخ آل الرسول بدرالدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى (ع) من شيوخه، وناهيك به شيخ علوم وحلوم.
قال في حقّه صاحب مطلع البدور: هذا الأمير الذي خضعت له العلوم، ونشر على رأسه ألوية المظنون منها والمعلوم، وعكفت العلماء من الثقلين على بابه، وتشرّفت بلثم أعتابه.
__________
(1) ـ نقل هذا الكلام عن السيرة المؤرخ يحيى بن الحسين في المستطاب، والمسوري في الإجازات (428/خ).
قلت: وعلى هذا فالمؤلف رفيق الشهيد حميد المحلي، والأمير علي بن الحسين (صاحب اللمع)؛ في حلقة شيخه الذي عكفت العلماء من الثقلين على بابه، وتلاميذ شيخ آل الرسول كُثُر وأوردهم (صاحب الطبقات الكبرى) في شتيت التراجم. (1/9)
وفي الطبقات: أن المؤلف أخذ عن الشهيد حميد المحلي.
قلت: ولا مانع من ذلك وإن كانا في الظاهر كالأتراب، فالشهيد حميد يكبر المؤلف بعشر سنوات تقريباً لحيث ومولده سنة (582هـ) وهذا للتنبيه فقط، وإلا فهذا مما لا يعتبر في الأخذ.
من أخذ عنه من العلماء
* الأمير الحسين بن محمد صاحب شفاء الأوام، وشهرته تغني عن التعريف به، أمير ، مجتهد ، مصنف.
* محمد بن جابر الراعي، قال في الطبقات: من تلامذة عبدالله بن زيد العنسي، وجرت بينه وبين الأمير الحسين مراجعة في ذبائح أهل الكتاب.
* يحيى بن منصور بن المفضل، قال في الطبقات: اشتهر بعلم الكلام، وقرأ على أخيه المفضل بن منصور، وقرأ أيضاً على عبدالله بن زيد العنسي.
* وفي المسائل المذهبة: كان الفقيه عبدالله بن زيد آخر المجتهدين، ولم يجمع العلوم في وقته من جنسه أحد غيره، وهو شيخ السادة الأكابر الأمراء أهل قطابر في أصول الدين وأصول الفقه.
مؤلفاته
للمؤلف رحمه الله العديد من المؤلفات ما بين كتب ورسائل، قال في مطلع البدور: ذكر بعضهم أن كتبه مائة كتاب وخمسة كتب ما بين صغير وكبير، وكان جيد العبارة حسن السبك، وكلامه كأنما ينحط من صبب.
قلت: وكلام صاحب المطلع في عدد مؤلفاته موافق لطبيعة المؤلف وسهولة الكلام عليه، وإنما لم يُنقل إلينا تفاصيل هذا العدد لكونها في الغالب رسائل ومكاتبات مما جرت بينه وبين معاصريه، وهي من الأهمية بمكان لو وجدت. أما الكتب والرسائل –ذات القطع الكبير- والذي نقل إلينا فيمكن أن نوجزها على النحو التالي:
1.الإرشاد إلى نجاة العباد: (كتاب في الزهد). قال في أعلام المؤلفين: فرغ من تأليفه سنة (632هـ) واشتهر به، (طبع) بتحقيق السيدان: محمد قاسم الهاشمي وعبدالسلام عباس الوجيه. (1/10)
2.التحرير: في أصول الفقه (خ). قال القاضي المسوري ونقل الكلام صاحب المطلع: كتاب نفيس. نقل عنه تلميذه محمد بن جابر الراعي كما في الجواهر المضيئة.
3.رسالة في الجمع بين الصلوات (خ). ضمن مجموع بمكتبة آل الهاشمي خطت سنة (1078هـ).
4.الدرة المنطومة: في أصول الفقه (خ) ذكره ابن أبي الرجال في (المطلع)، ويحيى بن الحسين في (المستطاب).
5.الرسالة الداعية إلى الإيمان: (في الرد على المطرفية) مفقود. ذكره ابن أبي الرجال في مطلع البدور، نقلاً عن المسوري.
6.التميز بين الإسلام والمطرفية الطغام: (خ) في مجلد ضخم، وقف عليه الحبشي بمكتبة محمد ساري بصنعاء. نقل عنه المرتضى بن المفضل في كتابه (بيان الأمور المجملة) كما في هداية الراغبين (طُبع عن مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية - بتحقيقنا).
7.التوقيف على توبة أهل التطريف: (خ). قال الوجيه: مخطوط منه نسخة بمكتبة برلين برقم (10291).
8.الرسالة البديعة المعلنة بفضائل الشيعة: وهو الذي بين يديك.
9.الرسالة الحاكمة بتحريم مناكحة الفرقة المطرفية الظالمة: (خ). قال الوجيه: مكتبة برلين رقم (10288).
10.الرسالة المنقذة من العطب السالكة بالنصيحة إلى أهل شظب: (مخطوط) ضمن مجموع (64) المكتبة الغربية. فرغ منها في ربيع الآخر سنة (660هـ) في حصن كحلان، قال المسوري: رأيتها بخطه.
11.السراج الوهاج المميز بين الاستقامة والاعوجاج: (خ) منه نسخة في مكتبة برلين (10284).
12.الرسالة الناطقة بضلال المطرفية الزنادقة: (خ) منه نسخة في مكتبة برلين رقم (10289).
13.الشهاب الثاقب على مذهب العترة الأطايب: ذكره يحيى بن الحسين في المستطاب. (1/11)
14.عقائد أهل البيت والرد على المطرفية: (خ) في مكتبة برلين برقم (10292) قال في المستطاب: وله كتاب في الرد على المطرفية (مجلد)، وذكر فيه: أن سببه رجوع كثير من المطرفية في زمانه.
15.الفتاوي النبوية المفصحة عن أحكام المطرفية: (خ)، مكتبة برلين رقم (10286).
16.ماء اليقين في معرفة رب العالمين: ذكره الوجيه في أعلام المؤلفين.
17.المحجة البيضاء: في أصول الدين (أربعة مجلدات). قال في المستطاب: وله مؤلفات في أصول الدين من أحسنها كتاب المحجة البيضاء أربعة أجزاء كبار جمع فيه أفنان مسائل علم الكلام، ورد أقوال المجبرة، وأشياء من مسائل المعتزلة، وسائر الفرق المخالفة بأدلة واضحة. منه الجزء الثالث ضمن مكتبة السيد المرتضى خط سنة (718هـ) (أعلام المؤلفين).
18.اللائق بالأفهام في معرفة حدود الكلام: قال الحبشي: وقف عليه ابن أبي الرجال بخط المؤلف. قلت: بل هو ناقل عن شيخه المسوري من (إجازات المسوري) ويمكن أنه وقف عليه هو أيضاً.
19.مذاكرة السراج: ذكره الوجيه في أعلام المؤلفين.
20.الرسالة الناعية المصارحة للكفار من المطرفية الأشرار: (مصادر الحبشي (120) عن ذيل كشف الظنون (2/616)، معجم المؤلفين عن قلادة النحر).
21.الاستبصار وشرحه: (مفقود) قال في المستطاب: ورأيت نقلاً يعزى ميله إلى الإمام عزالدين بن الحسن أن لهذا الفقيه عبدالله بن زيد في الفقه (الاستبصار) خمسة مجلدة، وشرحه نحو من عشرين مجلداً، انتهى، ويروى من لسان كثير ممن سمعنا أن كتاب الانتصار للإمام يحيى بن حمزة مأخوذ منه. والله أعلم بحقيقة ذلك.
22.المصباح اللائح في الرد على المطرفية: قال الوجيه في مقدمة الإرشاد: ذكره في طبقات الزيدية.
23.مناهج البيان لرجال سنحان: (خ) مكتبة برلين رقم (10287). (1/12)
24.منسك الحج: ضمن مجموع بمكتبة السيد مجد الدين المؤيدي.
طابع كتبه ومؤلفاته
-قال المؤلف في بعض كتابه: وهذه الكتب لتكون هداية للمسترشدين إليها، حتى متى طُلِبَ مذهب العترة -عَلَيْهم السَّلام- على التفصيل قصد إليها ؛ لأن أئمتنا –عَلَيْهم السَّلام- وإن قد بينوا منهج الحق في مؤلفاتهم، وردوا على أهل البدع؛ فلم يكن لهم كتاب جامع بحيث لا يند منه شيء من النقوض، والرد على المخالفين.
وقال أيضاً: ولم يتواجد ممن خالفنا في مبلغ علمنا إلا وقد نقضنا عليه، ورددنا مقالته، وحمينا عن مذهب العترة -عَلَيْهم السَّلام- أقوال أهل الزيغ(1)[3]).
نعته ومكانته العلمية
نَعَتَهُ كل من ترجم له بعالم المعقول من العلوم، أصولي، متكلم، مناظر، قائم بحق ذوي القربى، وممن نعته:
* الفقيه أحمد بن محمد الأكوع الملقب بشعلة، وصفه: بالفقيه، السند، العالم، الصدر، الكامل، حسام الدين، عمدة الموحدين(2)[4]).
* القاضي المسوري في إجازاته وصفه: كان من أوعية العلم، وأجل علماء الزيدية كرمهم الله.
* وقال أيضاً: والرجل حافل الرواية، متين الدراية، رائق المباحث، دقيق النظر، أحد الزهاد المشهورين بالورع.
* صاحب مطلع البدور: وصفه بإمام الزهاد، ورئيس العباد، ولسان المتكلمين، وشحاك الملحدين.
* صاحب الطبقات: وصفه بالقاضي العلامة، ثم أورد ما قاله صاحب مطلع البدور.
* المؤرخ يحيى بن الحسين في المستطاب: وصفه بالفقيه العالم الزاهد العابد شيعي آل محمد -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-.
__________
(1) ـ المستطاب في طبقات رجال الزيدية الأطايب (مصدر سابق).
(2) ـ في إجازته للمؤلف وهي مؤرخة في شهر الله الأصم رجب سنة (644هـ) بقرية حوث. إجازات المسوري (مصدر سابق).
* الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي -أيده الله تعالى- في لوامع الأنوار: وصفه بالقاضي العلامة، الحبر، البحر، ولي آل محمد. (1/13)
* السيد الأديب أحمد بن محمد الشامي في تاريخ اليمن الفكري: وصفه بالفقيه العلامة العالم الأصولي.
* وعدّ السيد عبدالله بن الإمام في (الجواهر المضيئة) مصنفاته من موسوعات كتب الزيدية فقال: وقد جمع مثل مجموعاته (أي السيد حميدان) عبدالله بن زيد العنسي، والإمام يحيى بن حمزة في الشامل، وصاعد بن أحمد في الكامل، وابن شبيب التهامي، ومحمد بن الحسن الديلمي، ومحمد بن يحيى القاسمي، وقرروا قواعد آل محمد(1)[5]).
الفقيه العنسي والشهيد المحلي
أغلب من ترجم أو تعرض لهذين العلمين بالذكر عقد مفارقة أو مقارنة في مالهما من الخصال الكاملة والعلوم الوافرة، والتقائهما في المحبة والولاء لأهل البيت (ع)، مما حسن إثبات بعضها هنا:
* قال في المطلع: وهو والعلامة الشهيد حميد كالنظيرين ؛ إلا أن تصرفات ابن زيد في المعقولات أكثر من الشهيد، وتصرفات الشهيد في المنقولات أكثر من ابن زيد.
* وفي المسائل المذهبة: وهو نظير الفقيه حميد في محبة العترة النبوية والانتصار لمذاهبها، والغضب لمن ظلم من أهل البيت -عَلَيْهم السَّلام- في زمن الصحابة، ويشهد له المحجة البيضاء بالمحبة الصافية لأهل الكساء.
* وفي هداية الراغبين في وصف الحدائق الوردية: فلقد أحسن فيها ووفى، وشهدت له بحبه أولاد المصطفى، وسيجزى الجزاء الأوفى...إلخ.
أئمة أهل البيت(ع) الذين عاصرهم المؤلف
وللاستيفاء نورد نبذة أخبار المؤلف ومعاصرته للأئمة الذي أخلص الولاء والمحبة والمناصرة لهم، وبذل الغالي والرخيص في تأييد دعوتهم، وهم أئمة أربعة:
* الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة [593- 614هـ]:
__________
(1) ـ الجواهر المضيئة في تراجم بعض رجال الزيدية (خ) في ترجمة السيد حميدان القاسمي.
ولد المؤلف - على جهة التقريب- كما تقدّم في سنة أربع أو ثلاث وتسعين وخمسمائة، أي عند دعوة الإمام المنصور العامة، فنشأ وترعرع في تلك الأيام، ولما شب وحان منه أوان الطلب هاجر إلى صعدة، حيث يقطن شيخ آل الرسول بهجرة قطابر، وذلك على أقصى التحديد ما بين (605- 610هـ) فعكف على الدرس والقراءة والتحصيل على شيخه الذي قد تشغله عن حلقات الدرس والتدريس ما قد ينجم في البلاد الصعدية، لما له ولصنوه شمس الدين يحيى بن أحمد (شيبتا الحمد) من الولاية العامة من قبل الإمام المنصور بالله، والغالب أنه لم يفارق شيخه حتى وفاته. (1/14)
وهذه الفترة الزمنية من عمره توقيفية على النشأة والطلب، ولم يُذكر له أي مشاركة في جوانب أخرى.
* الإمام الداعي يحيى بن المحسّن [614- 636هـ]
لم تذكر المصادر التي بين أيدينا حتى الآن(1)[6]) أي مشاركة لمؤلفنا العنسي في معاصرته للإمام الداعي، إلا أن القول بتأخر وفاة شيخه إلى سنة (624هـ) يدفعنا إلى القول بملازمته له في هجرة قطابر، والتخلي والانخزال عن أحداث ما جرى بين الإمام الداعي وبني المنصور موافقة والتزاماً لما أبداه شيخه إزاء ذلك(2)[7]). (1/15)
* الإمام الشهيد المهدي لدين الله أحمد بن الحسين [646- 656هـ]
أما عن معاصرته للإمام المهدي فكانت معاصرة حافلة، نوجزها بما أورده القاضي المسوري في ترجمته له(3)[8]) قال:
__________
(1) ـ من المصادر والمظان: كتاب روضة الأخبار وكنوز الأسرار المعروف بـ(روضة الحجوري) ليحيى بن سليمان الحجوري المتوفى بعد(636هـ)، وكتاب التبصرة في التاريخ، وهو مفقود، للشيخ عمران بن الحسن الشتوي، وسيرة الإمام الداعي يحيى بن المحسّن (مفقودة) ذكرها الحسن بن صلاح الداعي في شرح الدامغة.
(2) ـ وفي كاشفة الغمة للهادي بن إبراهيم الوزير: أن الأمير شيخ آل الرسول محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى أحد من بايع الإمام الداعي، وأقره من أهل بيته، وانتضل للرد على علماء الظاهر لما وصلت رسالتهم التي سموها (العادلة بالأدلة الفاصلة)، فأجابها الأمير بدر الدين برسالة بسيطة لم تنسج على منوالها (القاطعة بالأدلة الساطعة). انظر: كاشفة الغمة (خ)، اللآلئ المضيئة (خ).
(3) ـ وفي نشر سيرة الإمام المهدي أحمد بن الحسين(ع) لمؤلّفها الحمزي السيد يحيى بن القاسم المتوفى (677هـ) يلقى المتطلع الكثير من أخباره، لحال المعاصرة من كاتب السيرة.
(وله في نصرة الإمام الأعظم المهدي لدين الله أحمد بن الحسين سلام الله عليه اليد الطولى، والسهم المعلى، حتى روي أنه –عَلَيْه السَّلام- كان لا يعدل به أحداً، ويسمي (داعي أمير المؤمنين)، ووصفه: بالدين الرصين، والورع المبين، وبعثه إلى صعدة حرسها الله تعالى سنة أربع وخمسين وستمائة، وكتب إلى عماله أن يقفوا على رأيه، فظهر بسعيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وراسل بذلك عمال نجران، وكتب رسالة جيدة إلى قاضيه الجليل محمد بن المؤيد الدواري. (1/16)
ولما كان من السيد الحسن بن وهاس، والشيخ أحمد بن محمد الرصاص، والفقيه أحمد بن حنش، والفقيه أحمد بن علي الضميمي، والفقيه حنظلة بن أسعد الحارثي والقاضي إبراهيم بن فليح وغيرهم في حقّ الإمام المهدي سلام الله عليه من الاعتراض عليه، والمخالفة له، خرج من صعدة إلى الإمام –عَلَيْه السَّلام- إلى مدع، ساعياً في إصلاح أمرهم، وكتب إليهم رسالة بليغة، ولما كان من قتل الإمام المهدي –عَلَيْه السَّلام- لم يزل الفقيه يراجع الحسن بن وهاس ويستظهر عليه بالحجج حتى فلجه.
قيل: إنه أورد عليه خمسمائة إشكال، فأمر شمس الدين أحمد بن الإمام المنصور بالله من يهدده مراراً، ولم يجد سبيلاً إلى قتله بعلة ظاهرة مع إرادته ذلك.
فخرج الفقيه -رحمه الله- إلى بلاد خولان سنة ستة وخمسين وستمائة، وهي السنة التي استشهد فيها الإمام المهدي –عَلَيْه السَّلام- فأقام بفلله ونشر العلم هناك) [إجازات المسوري - 28].
وفي المسائل المذهبة عند ذكر المؤلف، قال: وكان في الورع الشحيح بحيث يقصر الوصف دونه، ولا يصل له غاية. كان قدس الله روحه في زمن الإمام المهدي أحمد بن الحسين، وكان والياً من جهة الإمام على صعدة وأعمالها، فلما بلغ قتل الإمام –عَلَيْه السَّلام- أمر بنزع المخالي من رؤوس الجبل، وقال: الآن بطلت ولايتي.
اضطراره وقصد المظفر
قد نقلت ونوّهت أغلب المصادر باضطرار حالة المؤلف بعد مقتل الإمام المهدي إلى قصد الملك المظفر الرسولي، وأردفت عقيب ذلك بقصيدة القاضي مسعود بن عمرو العنسي التي أرسلها إلى الأمير علي بن يحيى العنسي يعاتبه فيها على عدم قيامه بالواجب نحو المؤلف ابن عمّه بعد رجوع الجواب من الملك المظفر بأن لا سبيل إلى اللقاء، والتي عبرت عنها أبيات القصيدة: (1/17)
ماذا تقول لحبر أسرتك الذي
خير الأعاظم وارث الحجج التي
فأتى جوابٌ لا سبيل إلى اللقا
نزلت ركائبه نزول الوافد
قامت على الدنيا مقام الشاهد
فابعث بحاجك نحونا في كاغد
والقصيدة ناصعة البيان، عذبة المقاطع، جزلة التركيب، إلا أن فيها تعريضات وتجاوزات لفظية على مقام من وصفه بوارث الحجج وخير الأعاظم لا تليق، ولو نقلت القصيدة إلينا كاملة لاتضح من الأمر خافيه ، حيث وفي بعض أبياتها ما يشير إلى أن قصده للملك المظفر ما كان عن ضائقة مالية كما نقلت بعض المصادر، وأن في القول ما يوحي بأن بلوغ جاهه في الأصقاع والنواحي جعل أحد الأشراف السليمانين أو أحد شيوخ العشائر ينزل عليه، ويرتداده لتحقيق مطلب عند الملك المظفر رآه مؤلفنا العنسي بنزوله من المصالح التي لا غبار على مساعيها. والبيت الذي أشارنا إليه قوله:
حتى ترد على ابن عمك جاهه
غضاً وترغم فيه أنف الحاسد
قال في مطلع البدور: وكانت طريقه من حرض فتلقاه عاملها الأمير فيروز بالقبول والإكرام، فلم يأكل الفقيه من ذبائحهم، وتقدم إلى زبيد فكانت بينه وبين علمائها كابن حنكاش مراجعة كان الفلج له عليهم، ثم تقدم إلى تعز وقد وصل إلى السلطان قبله كتاب من بعض أعدائه ينفره عنه فأمر بإكرامه ولم يتصل به ولا قضى له حاجة.
* الإمام المنصور بالله الحسن بن بدر الدين(1)[9]) [657- 670هـ]
__________
(1) - وفي كاشفة الغمة للهادي بن إبراهيم الوزير: ما يشعر أن الإمام الحسن بن بدر الدين أحد الآخذين عن المؤلف.
حال قيام الإمام الحسن بن بدرالدين ودعوته إلى الله من هجرة رغافة في العام سبع وخمسين وسبعمائة كان المؤلف العنسي في العقد السادس من عمره، قد صقلته التجارب، وثقفته النوائب. قابعاً ومؤلفاً ومتنقلاً ما بين هجر ومساكن سادات الجبال آل يحيى بن يحيى، في قطابر ورغافة وفلله، وعند قيام الإمام الحسن قام كما هو دأبه بواجب النصرة والمتابعة. (1/18)
قال المؤرخ زبارة: وكان من أجل من تابعه من أكابر علماء عصره القاضي الحافظ الشهير عبدالله بن زيد العنسي، والقاضي محمد بن معرّف، وغيرهما من الأعلام [أئمة اليمن -178].
قال القاضي المسوري: ولما قام الإمام الأعظم المنصور بالله الحسن بن بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى –عَلَيْه السَّلام- نهض الفقيه بدعوته الشريفة، ونصرته، ونزل معه إلى ضمد. ولعل عود الفقيه -رحمه الله- من اليمن كان إلى كحلان كما يقتضيه تاريخ ما كتبته من خطه، فإنها السنة التي نزل فيها إلى اليمن [إجازات المسوري: مصدر سابق].
قلت: وقد أورد السيد أحمد بن محمد الشرفي رسالة للمؤلف يشرح فيها أحوال وأخبار دعوة الإمام الحسن، كالرد على الطاعنين في سيرته وهي طويلة، وأغلبها جوابات للإمام الحسن بن بدر الدين [مخطوطة اللآلئ المضيئة -465].
وله أيضاً معاصرة مع الإمام يحيى بن محمد السراجي الداعي سنة (659هـ)، وكانت أخريات أيامه ومنقطع عمره، رأى فيها خذلان الناس وتثبطهم عن إجابة داعي الله، حتى بذل (سنجر) أمير صنعاء مالاً كثيراً (لبني فاهم) في حصن يناع ببلاد حضور، فغدروا بالإمام السراجي وألقوا القبض عليه، وسلموه إلى الوالي سنجر الذي ما توانى في سمل عينيه بسناة محمّاة سنة (660هـ).
وفاته
توفي -رحمه الله- سنة (667هـ) بكحلان تاج الدين، وقبره قبلي البركة التي تسمى (رحبة) فوق كحلان مما يلي الجنوب وهو مشهور مزور.
وفي المسائل المذهبة أورد لوفاته حكاية عجيبة تدل على خبرة صاحب الترجمة بفن الفلك ومعرفة الإصطرلاب مفادها ما قاله صاحب مطلع البدور: (1/19)
وذكر السيد جمال الإسلام الهادي بن إبراهيم في المسائل المذهبة، وغيرها ما حاصله: أن الفقيه كان في مقام التدريس صحيحاً فاستدعى بدواة وقرطاس، وكتب وصيته لأولاده حتى بلغ إلى حكم ما في المصحف من الحديث القدسي: ((من لم يرضَ بقضائي، ويصبر على بلائي، فليتخذ رباً سواي)) فمات، وانحطّ القلم في الكاغد.
مصادر ترجمته
إجازات المسوري لأحمد بن سعد الدين (خ/ نسخة خاصة)، مطلع البدور ومجمع البحور لابن أبي الرجال (خ)، المستطاب في طبقات علماء الزيدية الأطياب ليحيى بن الحسين بن القاسم (خ/نسخة خاصة)، طبقات الزيدية الكبرى لإبراهيم بن القاسم الشهاري (3/3/ط)، أئمة اليمن لمحمد بن محمد زبارة (1/189)، لوامع الأنوار للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي -أيده الله تعالى- (1/2/51)، تراجم رجال الأزهار (21)، نزهة الأنظار في ذكر أئمة الزيدية الأطهار للعلامة يحيى بن محمد المقرائي (خ)، ولم أطلع عليه، مصادر الحبشي (110، 127، 179، 274)، الجامع الوجيز (تحت التحقيق) ، الجواهر المضيئة لعبدالله بن الإمام الحسن القاسمي (خ)، تاريخ اليمن الفكري لأحمد محمد الشامي (3/108)، المسائل المذهبة للهادي بن إبراهيم الوزير (9/نسخة خاصة)، اللآلئ المضيئة للشرفي (خ)، أعلام المؤلفين الزيدية وفهرست مؤلفاتهم ص(589، 591) ترجمة (598)، وانظر باقي المصادر هناك.
النسخ المعتمدة في التحقيق
النسخة (أ): وهي نسخة مصوّرة من مكتبة السيد محمد بن حسن الحوثي ، وهي ضمن مجموع يضم رسائل وقصائد وبحوث وكتاب (المقصد الحسن) لمؤلفّه القاضي أحمد بن يحيى حابس . كتب في آخره: وافق الفراغ من رقمه يوم الأحد ما بين العصر والظهر لتسع ليال خلت من شهر رمضان المعظم سنة المائة بعد الألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلوات والتسليم بعناية سيدنا ومولانا ومالك رقّنا وولانا الفقيه الجليل الفاضل شيعي الآل بدر الدين محمد بن عاطف أطال الله بقاءه وأيّامه ...إلخ . (1/20)
ويتم وصف النسخة كالتالي :
-المجموع خط سنة (1100هـ).
-الناسخ: مجهول .
-عدد الصفحات: بلغ صفحات كتاب الرسالة البديعة المعلنة بفضائل الشيعة (20) صفحة.
-عدد السطور : (25) سطراً في الصفحة الواحدة بمتوسط (12) كلمة في السطر .
-الخط : نسخي مقروء .
النسخة (ب): وهي نسخة مصوّرة من مكتبة الأخ إبراهيم الدرسي، وقد وقفتُ على أصلها في مكتبة الأخ عبدالله حمود العزي ، وأعارنيها لمدة . وهي نسخة مليئة بالأخطاء الإملائية والنحوية . وهي ضمن مجموع لعدّة كتب.
-المجموع خطّ سنة (1348هـ) .
-الناسخ : علي بن صالح بن عبدالله الجمالي .
-عدد الصفحات: بلغ صفحات كتاب الرسالة البديعة (31) صفحة.
-عدد السطور : (18) سطراً في الصفحة في الصفحة الواحدة بمتوسط (10) كلمة في السطر .
-الخط: نسخي لا بأس به .
وقد أثبت ما جاء في آخر المخطوطة في الورقة الأخيرة من الكتاب المطبوع . وفي صفحة الغلاف جاء ما لفظه : هذه الرسالة البديعة المعلنة بفضائل الشيعة أنشأها الفقيه العارف حسام الدين العلامة حتف المعاندين وشحاك الملحدين أبو محمد عبدالله بن زيد العنسي المذحجي رحمه الله ونشر عليه سرابيل رداءه . جواباً لبعض فقهاء الشافعية وهو الفقيه أكرز [كذا] الشافعي، والحمد لله على كل حال من الأحوال وصلى الله على سيدنا محمد وآله خير آل .
قلت : وكم تمنيت لو استّع الوقت بعض الشيء لتسطير وريقات عديدة حول إقبال علماء الشافعية على مذهب الزيدية في عصر المؤلف ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن كما يقال . (1/21)
وأخيراً : أتقدم بالشكر والعرفان للسيد الفاضل عبدالله بن محمد المهدي الذي منحني سعة صدره لقراءة الرسالة عليه كاملة ، ونبّه ونوّه على جملة تحسينات في الرسالة نصاً وتحقيقاً وتوثيقاً .
جعل الله الأعمال خالصة لوجهه الكريم، إنه على ما يشاء قدير ، وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
عبدالرقيب بن مطهر محمد المطهر، الملقب حجر
صعدة : 27/ محرم/ سنة 1423هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه نستعين(1)[10]):
الحمد لله الذي ابتدع الأشياء بعد العدم، وانفرد بالألوهية والقِدَم، وتعظم عن شريك يساويه ، وتعالى عن ضدّ يناويه ، وتقدّس عن مشابهة الأشياء، وتنزه عن الأعضاء والأجزاء، فلا تحويه الأقطار، ولا تراه الأبصار، ولا ينبئ عنه تمثيل القلوب، ولا يُشَارك في علم الغيوب؛ الدائم بلى نفاد، مُفْني السماوات والأرض وما بينهما(2)[11]) من العباد، ومعيدهم بعد الفناء ليوم المعاد.
الذي لا يظلم العباد، ولا يقضي بالفساد، ولا يأمر إلا بالصلاح والسداد، ولا يهدي إلا إلى الرشاد ؛ إذ قال وهو أصدق القائلين : {إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ(28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ} [الأعراف]، لم يجبر أحداً على فعله، ولا جَبَله على عَمَله، فكيف وهو يقوله عز وجل: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف:29].
__________
(1) 10])ـ في (أ): وسلام على عباده الذين اصطفى .
(2) 11])ـ في (ب): فيهما .
وأشهد أن لا إله إلا الله الذي أظهر من سلطانه وكبريائه ما حيّر مقل العقول في عجائب قدرته ، ورفع خطرات هماهمها عن عرفان كنه صفته، شهادة إيمان وإتقان وإخلاص وإذعان، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، صلوات الله عليه وعلى آله. (1/22)
أما بعد:
أيها الفقيه الأجلّ، أطال الله بقاك وتولى هداك، وأيدك ووفقك،وأعانك وسددك؛ فقد بلغني كتابك الكريم فتأملته مراراً، وعاودتُ قراءته أسفارا، فوجدته منطوياً على محبة أهل البيت الطاهرين(1)[12]) متشوّقاً إلى الاستمساك بحبل الهداة [ا-ب] المهتدين، مشتملاً على شكاية وحكاية، وبحث وسؤال، واستنشار(2)[13]) واستخبار، واعتضاد واستنصار، ووصف للأحوال، وتَحْسُر على التقصير في الأعمال الواجبة لذي العزة والجلال.
ونحن نجيبك عن ذلك فصلاً فصلاً، ونمنحك نصائحنا في كل باب منها علاًّ ونهلاً، لكونك إن شاء الله لذلك أهلاً.
ونبتدئ أولاً بذكر مقدمة تشتمل على تمهيد وتوطئة يلتفت إليها الجواب عن كل فصل مما ذكره، وبحثَ عنه وسطّره، وَمِنَ الله تعالى نستمد التوفيق والإعانة والتسديد، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
بداية الجواب:
[وصف الدنيا وعاقبتها]
التمهيد:
اعلم أيدك الله أن الدنيا خدّاعة مكّارة، غرّارة ضرارة، حائلة زائلة، نافدة بائدة، سلطانها دُوَلّ، وعيشها رنق، وعَذْبُها [1-أ] أُجاج، وحلوها صَبِر، (وملكها(3)[14])) مسلوب، وعزيزها مغلوب، وموفورها منكوب، وجارها محروب.
__________
(1) 12])ـ في (ب): عَلَيْهم السَّلام .
(2) 13])ـ في (أ): واستشارة .
(3) 14])ـ سقط من (ب) .
فهي كما وصفها ربها ونعتها خالقها: {كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا(45)}[الكهف]، وكما قال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان لله منها(1)[15]))). (1/23)
وقد استلبت القلوبَ محبتُها، ودعت أهلها إلى عشقها وقربها، وهي مع ذلك لعشاقها أَكّالة قتّالة غوّالة، أزالت الثاوي الساكن، وفَجَعَت المُتْرَفَ الآمن، لم يكن إمرءٌ فيها في حَبَرة إلا أَعْقبته عَبرة، ولا أظَلّته دِيْمَة رخاء إلا هتنت عليه مُزْنة بلاء، ولا أنالته من غضارتها ضرباً(2)[16])، إلا أرهقته من نوائبها رهباً(3)[17]).
فلا تزال كذلك حتى تُدنِيّه إلى الأجل المعلوم، والقدر المحتوم، ثم أسلمته حينئذ إلى سكرة الموت وحسرة الفوت، فيبقى متحيراً في أمره، متفكراً فيما أفنى من عمره ، يتذكر أعمالاً عَمِلَها، وأموالاً جمعها، أمعن في مطالبها من صريحاتها ومشتبهاتها، قد أشرف على فراقها، وأَثْقَلتُه تبعاتُها ؛ فَعَضَّ على يده ندامة لما تيقن إجرامَه ، وتمنى أن الذي [2-ب] كان يحسده عليها يَحْمِلُها عنه بتبعاتها، ويَسْلم من موبقات آفاتها.
__________
(1) 15])ـ الحديث في شعب الإيمان (7/432)، وفي كتاب الزهد وصفة الزاهدين (1/45)، كتاب الزهد لابن عاصم (1/137)، الزهد لابن المبارك (1/192) .
(2) 16])ـ في (أ) و(ب) كذا . وفي نهج البلاغة: رغباً . والكلام مستوحى من هناك.
(3) 17])ـ في (أ) و(ب) كذا . وفي نهج البلاغة: تعباً .
فالعاقل من اتخذ منها بيد الاضطرار لا الاختيار، وأخلد إلى طاعة العزيز الجبار، ولم يجر للأمل(1)[18]) في مضمار، كما قد حذر عنها النبي المختار - صلى الله عليه وعلى آله الأطهار - حيث قال: ((أخوف ما أخاف على أمتي اتباع الهوى وطول الأمل(2)[19]))). (1/24)
وأسعد الناس فيها رجل وفقه الله واستشعر الحزن، وتَجلّبَبَ الخوف حتى أنار مصباح الهدى في قلبه ؛ حين اشتغل بمهمات لُبّه ، وحبس نفسه عن الملهيات، وخلع سرابيل الشهوات، فانجلت عنه غياهب الشبهات، فأبصر ببصيرته الحقائق، وأدرك ما غفل عنه أبناء الدنيا من الدقائق.
يصف الحق ويعمل به، وعمله أجلى من قوله لئلا يكون كما قال تعالى فيمن ذمه: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ(2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ(3) } [الصف] ، لا يدري(3)[20]) للخير غاية إلا أَمّها، ولا مَظَنَّةً إلا قصدها.
قادهُ القرآن فانقاد، ووأقفه(4)[21]) على السبيل فما حاد، ذلك سبيل أعلام الهدى، وأرباب التقى أهل بيت محمد المصطفى صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم.
قال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض)).
__________
(1) 18])ـ في (أ): للعمل.
(2) 19])ـ الحديث في شعب الإيمان (7/369) مرفوعاً بزيادة: ((أما الهوى فإنه يصد عن الحق وأما طول الأمل فينسي الآخرة))، وهو في صفوة الصفوة (1/321) .
(3) 20])ـ في (أ): لا يدع .
(4) 21])ـ في (ب): ووفقه .
وقال علي [صلوات الله عليه]: (أيها الناس خذوا عني عن خاتم النبيين: إنه يموت من يموت منَّا وليس بِمَيِّت، ويبلى من بَلِيَ منَّا وليس ببال(1)[22])) صدق عليه الصلاة والسلام فإن آثار الحياة في [2-أ] ميّتهم باقية، وأعلامها بينة. (1/25)
كما قال [عَلَيْه السَّلام]: (مات خُزَّانُ الأموال والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة(2)[23])).
فهذا هو أسعد عباد الله، وأشرف أهل الأرض عند الله، لِما أخلص دينه لله باتباع العترة الطاهرين، وأصلح عمله بالميل عن شهوات [3_ب] المترفين، وألجم نفسه بلجام التقوى، وذادها عن مراعي الوبا، لا كمن قمش جهلا، وشرب من أجاج عَلاًّ ونهلا، وأرخى زمامه على غاربه، وقضى منها جميع مآربه.
حتى اكتظته بِطْنَتُهَا، وغمرته فِتْنَتُها، فغرق عقله، وغطاه جهلُه، حتى حمل الكتاب على آرائه، والحق على أهوائه، فَعَمي وعمّى على غيره، <وضَلّ وأضل غيره(3)[24])> بسببه، لا يعرف باب الهدى فيتبعه، ولا باب العمى فيتجنبه، فذلك ميّت الأحياء ، ورأس الأشقياء، أعمته العاجلةُ عن متابعة العترة الطاهرة، حتى باء بصفقة خاسرة، وتجارة بائرة، فهذا اختصار في هذا التمهيد.
فصل: وأما التوطئة:
[وجوب الكون مع الصادقين]
فاعلم (أيدك الله(4)[25])) أنها لا تتم النجاة إلا باتباع الحق والكون مع أهل الصدق؛ لأنه لا يجوز أن تكون هذه الأمة كلها على اختلافها وتباينها في اعتقاداتها ومذاهبها مصيبةٌ للحق.
__________
(1) 22])ـ نهج البلاغة (ص120) رقم الخطبة: (87) تحقيق د/ صبحي الصالح .
(2) 23])ـ نهج البلاغة (ص496) رقم الخطبة (147) من كلامه –عَلَيْه السَّلام- لكميل بن زياد النخعي، وفيه: ((هلك خزان ..إلخ)) .
(3) 24])ـ ما بين المفتوحتين سقط من (ب) .
(4) 25])ـ سقط من (أ) .
لأنه لا يُعقَل أن يكون قول الموحد والملحد كله صوابا، وقول المشبِّه والمنزِّه كله صوابا، والقول بأنه تعالى يرى ولا يرى كله صواباً ، والقول بأنه تعالى يقضي بالفساد ويُلبّس على العباد وأنه لا يكون كذلك كله صوابا؛ لأن هذا هو اجتماع النقيضين، وقولٌ بأمرين متنافيين. (1/26)
فلا بد أن يكون الصواب في واحد من هذه الأقوال المختلفة، والمذاهب غير المؤتلفة، ولهذا قال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((تفترق أمتي هذه (أو هذه الأمة(1)[26])) إلى نيف وسبعين فرقة لا ينجوا منها إلا فرقة واحدة(2)
__________
(1) 26])ـ سقط من (ب) .
(2) 27])ـ حديث افتراق الأمة: قال الإمام أحمد بن سليمان (ع) (ت 566هـ): والأمة مجمعة على صحة هذا الخبر، وكل فرقة من فرق الإسلام تتلقاه بالقبول .
وقال الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) (ت 614هـ) في معرض كلامه عن افتراق الأمة وبيان الفرقة الناجية ما لفظه (الشافي 1/100): فقد صار الخبر الوارد بإجماع كافة أهل الاسلام من قول النبي –صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-: ((تفترق أمتي ...)) يباناً عن الفرقة الناجية من أمته وهي التي تمسكت بالثقلين ...إلخ.
وقال الإمام يحيى بن حمزة (ع) (ت749هـ): وقد تلقته الأمة بالقبول نقله عنه الإمام أحمد بن يحيى المرتضى في (مقدمة البحر، ص38) .
وقد أخرجه ورواه ونبه عليه أهل الحديث والأصول، وورد بألفاظ متعددة . وممن أخرجه: الترمذي في سننه (5/26) في باب ما جاء في افتراق هذه الأمة عن أبي هريرة، وقال: وفي الباب عن سعد وعبدالله بن عمرو، وعوف بن مالك، وقال: حديث حسن صحيح .
والحاكم في المستدرك (1/147)، وابن ماجه في السنن (2/1321)، وأبو يعلى في مسنده (10/381)، والذهبي في ميزان الاعتدال عن أنس بن مالك (2/454)، والحاكم الجشمي في (جلاء الأبصار –تحت الطبع-) وعَلَق عليه .
انظر لمزيد تخريج: تخريج الكشاف (2/83)، والمقاصد الحسنة للسخاوي (ص158)، وتخريج الشافي (تحت التحقيق والطبع) .
وفي شرح الأساس (2/367) للسيد أحمد محمد الشرفي ما لفظه: وهذا الخبر مقطوع بصحته لأنه متلقى بالقبول من جميع الأمة لا يختلفون فيه، ذكره الإمام أحمد بن سليمان –عَلَيْه السَّلام- في حقائق المعرفة (خ) قال: فلما سُمِعَ ذلك منه ضاق به المسلمون ذرعاً وضجوا بالبكاء وأقبلوا عليه، قالوا: يا رسول الله كيف لنا بعدك بطريق النجاة ومعرفة الفرقة الناجية حتى نعتمد عليها ؟
فقال رسول الله –صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)) .
[27]))) وقد قال تعالى: {أَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ...إلى قوله {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا} [السجدة:19ـ20]. (1/27)
وتارة قال: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات...إلى قوله: والذين كفروا}، وقال: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ(7)} [الشورى]، فبين (على(1)[28])) أنه لا بد من ناج وهالك، وقد ثبت (على(2)[29])) أن رفع الضرر عن النفس واجب ، ولا ضرر أضر من [4- ب] العقاب وعذاب النار.
[معرفة الفرقة الناجية]
فالمكلَّف في حاجة إلى أن يعرف الفرقة الناجية، ويميز بينها وبين الهالكة العاصية(3)[30])، والعاقل إذا تدبر وفكر علم أن الناجية إنما هي فرقة أهل البيت الطاهر صلوات الله عليهم أجمعين.
لأنه قد عرف أن الأمة أجمعت على أن النجاة إنما تكون بمتابعة القرآن (العظيم(4)[31])) ، والقرآن شهد أن النجاة بمتابعة العترة الأطهار ، قال تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ(119)} [التوبة]، ثم عرّفنا تعالى بالصادقين في آية المباهلة فقال عز وجلّ : {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)}(5)
__________
(1) 28])ـ سقط من (ب) .
(2) 29])ـ سقط من (ب) .
(3) 30])ـ في (ب): العاطبة .
(4) 31])ـ سقط من (ب) .
(5) 32])ـ قال الأمير الحسين بن بدر الدين(ع) في الينابيع: أطبق أهل النقل كافة مع اختلاف أغراضهم واعتقاداتهم على خبر المباهلة، وقال الإمام عز الدين بن الحسن في المعراج: أطبق أئمة النقل وجمهور العلماء على ذلك، ولا نزاع في هذا بين العترة والأمة، وممن روى ذلك الحسن والشعبي والسدي والحاكمان الجشمي والحسكاني ، وأبو نعيم والثعلبي ، والخوارزمي، والزمخشري، والبيضاوي، والرازي، وأبو السعود .
قلت: وأخرجه الفرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره (ص14)، وابن المغازلي الشافعي في المناقب (ص171)، ورواه الطبراني في دلائل النبوة (1/297)، ورواه الحاكم أيضاً في كتاب معرفة علوم الحديث (ص62) قال: وقد تواترت الأخبار في التفاسير، عن عبدالله بن عباس وغيره أن رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- أخذ يوم المباهلة بيد علي وحسن وحسين وفاطمة وراءهم ثم قال: ((هؤلاء أبناؤنا وأنفسنا ونساؤنا، فهلموا أنفسكم وأبناءكم ونساءكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين). انظر: لوامع الأنوار للإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى (1/1/84) ففيه جمل من الفوائد.
[32]) [آل عمران] ، فخرج صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم بأبنائه الحسن والحسين، ونسائه فاطمة الزهراء، ونفسه هو وعلي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين بلا خلاف في ذلك. (1/28)
فهؤلاء هم وأتباعهم الصادقون، <فعرفنا أن النجاة تكون مع الصادقين(1)[33])> والكاذبون هم مخالفوهم، فعرفنا أنه أمرنا بالكون مع الصادقين وهم أهل البيت الطاهرين.
وإن إلتَفتَ ثانياً إلى قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59]، وقوله: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}(2)[34]) [النساء:83]، تحققتَ أن الخلق مأمورون بطاعة أولى الأمر منهم ورد الأمر إليهم.
__________
(1) 33])ـ ما بين المفتوحتين سقط من (أ) .
(2) 34])ـ روى الناصر للحق –عَلَيْه السَّلام- بإسناده عن سعيد بن خثيم، قال: سألت زيد بن علي -عَلَيْهما السَّلام- عن هذه الآية: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ} فقال –عَلَيْه السَّلام-: (الرد إلينا، نحن والكتاب الثقلان، فالرد منا وإلينا) . قال الناصر –عَلَيْه السَّلام-: ويؤيد ذلك أنه قرن طاعته بطاعة رسوله فوجب أن يكون في الصفوة مثله، فالرد إلى الرسول رد إلى سنته، والرد إلى أولي الأمر رد إلى ذريته لأنه قال: ((إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي كتاب الله وعترتي أهل بيتي)) ، انظر : تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين للحاكم الجشمي (ص 85)، المحيط بالإمامة (خ) .
فإذا تدبرتَ مَنْ أولي الأمر ؟ عرفته في قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)} (1)[35]) [النحل]، فبان أن (أولي(2)[36])) الأمر الذين يستنبطونه هم أهل الذكر. (1/29)
__________
(1) 35])ـ روى الحافظ الحسكاني في شواهد التنزيل (1/432) بإسناده عن الحارث قال: سألت علياً عن هذه الآية: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} فقال: والله لنحن أهل الذكر، نحن أهل العلم، ونحن معدن التأويل والتنزيل، ولقد سمعت رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- يقول: ((أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأته من بابه)).
وقال الإمام زيد بن علي –عَلَيْه السَّلام- في تثبيت الوصية والإمامة ما لفظه: (فأهل هذا البيت البقية بعد الرسول -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- والدعاة إلى الله ؛ لأنه قد جعلهم مع نبيه –صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- في السَّبق والتطهير والعلم، وإنهم الدعاة إلى الله بعد رسوله، قال الله تبارك وتعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ(43)} [النحل]، إنما أمر الله عز وجل بمسألتهم لأن عندهم ما يُسألون عنه فجعل الله عز وجل عند محمد –صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- علم القرآن، وجعله ذكراً له . وجعل الله عِلْمَهُ عند أهل بيته، وجعله ذكراً لهم، فمحمد وآلُ محمد هم أهلُ الذكر وهم المسؤلون المبيِّنُونَ للناس) ، وروى فرات الكوفي عن أبي جعفر عَلَيْه السَّلام في الآية قال: نحن أهل الذكر، وفي رواية: هم آل محمد .
انظر: تثبيت الوصية والإمامة (181) تحقيق حسن محمد تقي الحكيم، تنبيه الغافلين للحاكم الجشمي (216)، تفسير فرات (2/235)، المناقب لمحمد بن سليمان الكوفي (1/130) (71)، الحاكم الحكساني في شواهد التنزيل (1/335) (460).
(2) 36])ـ سقط من (أ) .
وإذا طلبتَ أهل الذكر في كتاب الله وجدتَه في قوله: {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا(10) رَسُولًا} [الطلاق]، فجعل الرسول ذكراً. (1/30)
وبان أن أهل الذكر آل الرسول صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم، وهم متبعوا القرآن لقوله تعالى:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف:44]، فسمى القرآن ذكراً كالرسول صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم، فبان أنه أمر باتباع أهل القرآن مِنْ آل الرسول عَلَيْهم السَّلام.
وإن التفتَ في أن تعرف الفرقة الناجية إلى حجة ثالثة، وجدتَها في قوله تعالى : {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)} [آل عمران]، فإنه وصف أولي الألباب بصفة أهل النجاة عند رب الأرباب، وذكر (من(1)[37])) صفتهم أنهم يقولون: {وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ(193)} [آل عمران].
فعرفت أن الأبرار الذين تطلب أولوا الألباب الوفاة معهم هم أهل الحق ، فإنهم لا يطلبون الموت إلا مع أهل الحق لا مع أهل الباطل؛ فطلبتَ الأبرارَ فوجدتَهم حيث عَرَّفك الحكيم الجبار في قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا(5)}..الآيات(2)
__________
(1) 37])ـ سقط من (أ) .
(2) 38])ـ نزلت ((هل أتى)) في الإمام علي وفاطمة والحسن والحسين وجارية لهم يقال لها فضة ؛ وذلك من قصة طويلة مفادها أن الحسن والحسين مرضا، فنذر علي وفاطمة وفضة صوم ثلاثة أيام إن شفاهما الله فلما برئا صاموا ...، وكانت قصة المسكين واليتيم والأسير معهما في توالي الليالي الثلاث للصوم، والقصة معروفة .
أخرج الحافظ الحسكاني الخبر مطولاً في شواهد التنزيل (2/394) وبأسانيد مختلفة.
قال: فلما دنوا ليأكلوا وقف مسكين بالباب، فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد، مسكين من أولاد المسلمين أطعمونا أطعمكم الله من موائد الجنة ؛ فقال علي:
فاطم ذات الرشد واليقين
أما ترين البائس المسكين
قد قام بالباب له حنين
يا بنت خير الناس أجمعين
جاء إلينا جائعاً حزين
يشكو إلى الله ويستكين
كل امرء بكسبه رهين
فأجابته فاطمة وهي تقول:
أمرك عندي يا بن عم طاعة
فأعطه ولا تدعه ساعة
ونلحق الأخيار والجماعة
ما بي لؤم لا ولا ضراعة
نرجو له الغياث في المجاعة
وندخل الجنة بالشفاعة
ثم ذكر القصة بأكملها .
وروى الخبر أيضاً الإمام الحسن بن بدر الدين في أنوار اليقين (مخطوطة)، ورواه ابن حجر في الإصابة (4/387)، ورواه الخوارزمي في مناقبه (188)، ورواه الفراتي في تفسيره (196)، ورواه الحافظ محمد بن سليمان الكوفي (1/178) رقم (103)، ورواه ابن المغازلي في مناقبه (176) رقم (320)، وهو في أسباب النزول للواحدي (ص331) .
وأخرجه الثعلبي من رواية القاسم بن بهرام عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد، عن ابن عباس، ومن رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: {يُوْفُوْنَ بِالنَّذْرِ ...الآية} [الإنسان]، فذكر تمامه، وذكر الأشعار بين الإمام علي وفاطمة -عَلَيْهم السَّلام- .
وقد تقارض شعراء الشيعة القصة فقال السيد الحميري، من قصيدة طويلة:
مَنْ أنزل الرحمن فيهم (هل أتى)
لما تحدوا للنذور وفاءا
وذكر سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص (ص284) وسمعت جدي ينشد في مجالس وعظه ببغداد سنة ست وتسعين وخمسمائة بيتين ذكرهما في كتاب تبصرة المبتدئ، وهما:
أهوى علياً وإيماني محبته
إن كنت ويحك لم تسمع فضائله
كم مُشْرِكٍ دَمُهُ من سيفه وكفا
فاسمع مناقبه من (هل أتى) وكفى
وقال أمير شعراء الزيدية: الحسن بن علي الهبل (ت1079هـ):
يا منكراً فضل بني أحمد
هل خاتم الرسل سوى جدّهم؟
كن للذي تسمعه مُنْصِتا
وهل أتى في غيرهم (هل أتى)؟
[38]) [الإنسان] ، ولا خلاف أنها نزلت في أهل بيت النبي المختار صلوات الله عليه وعلى آله الأخيار(1)[39]) فعرفتَ أنهم أهلُ الحق الذين يجب على أولي الألباب أن يحيوا حياتهم، ويموتوا معهم وعلى دينهم ومذهبهم. (1/31)
وإن التفت رابعاً إلى أن تعرّف الفرقة الناجية إلى آيات القرآن، وجدت ذلك في قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31]، فعرفت أن محبة الله التي بها النجاة إنما تتم باتباع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم.
__________
(1) 39])ـ في (ب): الأطهار .
فإذا تأملتَ قوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى }(1)[40]) [الشورى:23] ، عرفتَ أن إتباع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم لا يتم إلا بالمحبة لقرابته، وإخلاص المودة للقربى(2)[41])، وهم أهل البيت الطاهرين عَلَيْهم السَّلام. (1/32)
ومن المعلوم أنه ليس من محبتهم الرفض لهم والاقتداء بغيرهم، والاتباع [4-أ] لغير مذهبهم، فإن ادعاء المحبة بغير عمل سخرية وجهل.
__________
(1) 40])ـ نزلت في أهل البيت: وأخرج خبر النزول الإمام الناصر الأطروش كما في لوامع الأنوار للإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى (1/87) قال: لما نزلت آية المودة، قيل للنبي -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-: من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم ؟ فقال النبي –صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-: ((هم علي وفاطمة وأبناؤهما))، والإمام أبو طالب في الأمالي (ص120)، والإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية (1/148)، وابن جرير في تفسيره (25/23) عن سعيد بن جبير، وابن حبان (14/175)، وأخرجه الطبراني في الكبير (11/444)، والهيثمي في مجمع الزوائد (7/103)، والكنجي في كفاية الطالب الباب (11/91)، وأخرجه أبو نعيم في الحلية عن جابر (3/201)، وابن المغازلي في المناقب (352)، والزمخشري عند تفسير الآية، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل بأسانيد عدة (1/189) وفرات الكوفي في تفسيره بأسانيد كثيرة ص (144)، وأخرجه الحافظ محمد بن سليمان الكوفي في المناقب (1/117، 131)، وهو أيضاً من خبر المناشدة وخطبة الإمام الحسن السبط، انظر ذلك .
(2) 41])ـ في (ب): وإخلاص المودة للحمته.
وإن التفتَ خامساً إلى استنباط الفرقة الناجية من الكتاب وجدتَ [7-ب] ذلك في قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}(1)[42]) [آل عمران:103]، فعرفت أن(2)[43]) النجاة لا تكون إلا بالاعتصام بحبل الله، وأن المتفرقين عنه ضالون في حكم الله. (1/33)
__________
(1) 42])ـ أخرج الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل (1/131) بسنده عن علي –عَلَيْه السَّلام- عن النبي -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-: ((من أحب أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين فليتول علياً، وليأتم بالهداة من ولده، فمن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم)) .
وروى الحاكم الجشمي في تنبيه الغافلين (ص74) في تفسير الآية: (قيل : حبل الله أهل بيت رسول الله، عن جعفر بن محمد)، وروي عنه: (نحن حبل الله الذي قال الله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا}، ورواه أيضاً الحسكاني في شواهد التنزيل (ص169) رقم الحديث (180)، ورواه أيضاً أبو نعيم الأصفهاني في تفسير الآية الكريمة في كتاب (ما نزل من القرآن في علي) أهـ.
(2) 43])ـ في (ب): بأن .
ونظرتَ في حبل الله فإذا هم أهل بيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم لقوله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم : ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي(1) (1/34)
__________
(1) 44])ـ حديث الثقلين : حديث ثابت صحيح مشهور متواتر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخرجه الحفاظ وأئمة الحديث في الصحاح والمسانيد والسنن بطرق كثيرة صحيحة عن بضعة وعشرين صحابياً منهم: الإمام علي بن أبي طالب –عَلَيْه السَّلام-، وزيد بن أرقم، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبدالله، وجبير بن مطعم، وحذيفة بن أسيد، وخزيمة بن ثابت، وزيد بن ثابت، وسهل بن سعد، وضمرة الأسلمي، وعامر بن ليلى الغفاري، وعبدالرحمن بن عوف، وعبدالله بن عباس، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن حنطب، وعدي بن حاتم، ومقير بن عامر، وأبو ذر، وأبو رافع، وأبو شريح الخزاعي، وأبو قدامة الأنصاري، وأبو هريرة، وأبو الهيثم بن التيهان، وأم سلمة، وابن امرأة زيد بن أرقم، وأم هانئ، ورجال من قريش.
وقد قاله رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- في مواقف مشهورة وفي ملأ من الناس أربع مرات في أربع مواقف، هي: موقف يوم عرفة، موقف يوم غدير خم، موقف في المسجد بالمدينة عندما استند إلى الفضل وأمير المؤمنين وخرج إلى المسجد في مرضه، موقف في مرضه في الحجرة عندما رآها امتلأت بالناس .
والحديث يوم عرفة أخرجه: الترمذي في سننه (5/622) رقم (3786) عن جابر بن عبدالله، وقال: وفي الباب عن أبي ذر وأبي سعيد، وزيد بن أرقم، وحذيفة بن أسيد، وأخرجه ابن أبي شيبة، وعنه في كنز العمال (1/48) (ط1)، وأخرجه العقيلي في الضعفاء (2/250)، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (68) الأصل الخمسون)، والطبراني في الكبير (3/63) رقم (2679)، والخطيب في المتفق والمفترق ، وعنه في كنز العمال (1/48) (ط1)، وفي مجمع الزوائد (5/195، 9/163، 10/363، 268)، وأخرجه البغوي في المصابيح (206)، وابن الأثير في جامع الأصول (1/277) رقم (65) ، واليافعي في التدوين (2/264) في ترجمة أحمد بن مهران، وأخرجه الحافظ المزي في تهذيب الكمال (10/5)، وفي فقه الأشراف (2/278)، والخوارزمي في كتاب مقتل الحسين (1/115)، والزرندي في نظم درر السطمين (232)، والمقريزي في معرفة ما يجب لآل البيت النبوي.
وأما موقف يوم غدير خم ؛ فأخرجه: النسائي في خصائص علي (ص96) رقم (79)، والبخاري باختلاف في اللفظ في التاريخ الكبير (3/96)، ومسلم رقم (2408)، وأحمد (15/17، 4/366)، وعبد بن حميد في مسنده رقم (256)، وابن حجر في المطالب العالية (4/65) رقم (1873)، وقال: هذا إسناد صحيح، والدارمي في سننه (2/310، 2319)، والطبراني في المعجم الكبير (3/2679، 2681، 2683)، وفي (5/4969)، وانظر فهرس المعجم .
والحاكم في المستدرك (3/109) بثلاث طرق، وصححه وأقره الذهبي، وأبو نعيم في حلية الأولياء (1/355، 9/64)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/148، 7/30، 10/114)، وعشرات غيرهم بألفاظ متقاربة .
وأما موقف مسجد المدينة فأخرجه: ابن عطية في مقدمة تفسيره (المحرر الوجيز 1/34)، وأبو حيان في تفسير البحر المحيط (1/12)، وابن حجر في الصواعق المحرقة (ص75، 136)، ويحيى بن الحسن في كتابه أخبار المدينة بإسناده عن جابر، وعنه في ينابيع المودة (ص40) وغيرهم .
وأخيراً في موقفه -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- في مرضه في الحجرة ؛ أخرجه: الحافظ ابن أبي شيبة، وأورده عنه الوصابي في سمط النجوم العوالي (2/502) رقم (136)، والبزار في مسنده بلفظ أوجز كما في كشف الأستار (3/221) رقم (2612)، والخطيب الخوارزمي في فضل الحسين عن ابن عباس (1/164)، ورواه ابن حجر في الصواعق المحرقة (89) عن أم سلمة في مرضه قالت: وقد امتلأت الحجرة بأصحابه .
انتهى نقلاً من هامش تحكيم العقول تحقيق السيد عبدالسلام الوجيه ملخصاً من مجلة تراثنا العدد (14) السنة (1409هـ) ص(84-93) تحت موضع: ((أهل البيت في المكتبة العربية)) للسيد عبدالعزيز الطباطبائي .
قلت: وفي طريق حديث الثقلين عدّة كتب ومباحث منها لإمام الآل حجة العصر مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى، ذكرَ المخرجين لحديث الثقلين من كتب الأئمة ثم من كتب الأشياع ثم من كتب العامة، انظر: لوامع الأنوار له أيده الله تعالى(1/51-54)، التحف الفاطمية شرح الزلف الإمامية له أيضاً أيده الله تعالى(ط3/ 429) .
وإنما ذكرنا تخريج العامة لإثبات الدلالة من كتبهم تأكيداً للحجة على المخالفين والمتأولين، وكون أحاديث التمسك عثرة المخالف التي لا لعالها، وإلا ففي كتب الشيعة من وجوب التمسك والفضائل ما ملأ الخافقين . المحقق. أهـ.
[44]))). (1/35)
وبإسناد آخر: أنه صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم خرج ومعه علي والعباس(1)[45])، فصلى ووضعاه على المنبر فخطب ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ((أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين لن تعمى قلوبكم، ولن تزل أقدامكم، ولن تقصر أيديكم أبداً ما أخذتم بهما: كتاب الله سبب بينكم وبين الله ؛ فأحلوا حلاله وحرموا حرامه - فعظَّم من أمر الكتاب ما شاء أن يُعَظِّم، ثم سكت ـ)) فقال عمر: هذا أحدهما قد أعلمتنا به، فأعلمنا بالآخر.
فقال صلوات الله عليه: ((أما أني لم أذكره إلا وأنا أريد أن أخبركم به، غير أنه أخذني الريق فلم أستطع أن أتكلم؛ ألا وعترتي ألا وعترتي ألا وعترتي - ثلاثاً - فوالله لا يبعث رجل بحبهم إلا أعطاه الله نوراً (يرد(2)[46])) علي يوم القيامة ، ولا يبعث الله رجلاً ببغضهم إلا احتجب الله عنه يوم القيامة)) يعني حَجَبَ عنه رحمتَه وغَضِبَ عليه.
وهو صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم لم ينتصب في حال التعب والمشقَّة؛ لأن يُعَرِّفَهم ما قد عرفوا من تعظيم القرآن، وإنما أراد بذلك بيان حال العترة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين.
فإذا تأمل العاقل ما ذكرنا [8-ب] عرف أن القرآن قد شهد بأن الفرقة الناجية هم فرقة أهل البيت عَلَيْهم السَّلام.
__________
(1) 45])ـ كذا في (أ، ب)، وفي الأساس (2/372) ما لفظه: وفي السفينة للحاكم قال: من كتاب الناصر للحق –عَلَيْه السَّلام- عن أبي سعيد الخدري: لما مرض رسول الله –صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- مرضه الذي توفي فيه أخرجه علي والفضل بن العباس ...الخبر بتمامه .
(2) 46])ـ سقط من (أ) .
وإن التفتَّ إلى السنة الشريفة، وجدتَها قاضية بمثل هذه (الشهادة(1)[47])) في أخبار كثيرة، نحو قوله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى(2)[48]))). (1/36)
وقد علم السامعون أن الرافضَ لمذهبهم، والتابعَ لسواهم، والمستفتي لغيرهم(3)[49])، متخلف عنهم غيرُ راكب معهم في سفينتهم وهي سفينة النجاة ، فعُلم أن الفرقة الناجية إنما هي فرقتهم، وفي ذلك دلالة أن الفرقة الناجية إنما هي الزيدية؛ فإن الزيدية إنما هم أهل البيت عَلَيْهم السَّلام وشيعتهم التابعون لهم على مذهبهم.
[نجاة الزيدية على لسان المصطفى(ص) وأئمة أهل البيت(ع)]
وقد شهد لهم بذلك أهل البيت [عَلَيْهم السَّلام] قال الإمام محمد بن عبدالله النفس الزكية عَلَيْهما السَّلام: (الملائكة رابطة الله في السماء، وأنتم أيها الزيدية رابطة الله في الأرض ما ترجو الأمةُ العدلَ إلا بكم، ولا يخاف أهلُ الجور إلا منكم).
__________
(1) 47])ـ سقط من (أ) .
(2) 48])ـ حديث السفينة: أخرجه الإمام الهادي يحيى بن الحسين في الأحكام (2/555) بلاغاً، والإمام أبو طالب من الأمالي (136)، والإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية (1/151، 156)، والإمام المنصور بالله في الشافي (2/82)، وابن المغازلي الشافعي في المناقب (133)، والحموئي في فرائد السمطين (2/246) رقم (516) ، والطبراني في الكبير (3/45) برقم (2636)، والحاكم في المستدرك (3/151) (2/347) عن أبي ذر الغفاري وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأخرجه أبو نعيم في الحلية (4/306) ، والطبراني في الصغير (2/85) رقم (852) عن أبي سعيد الخدري، والطبري في ذخائر العقبى (20) عن علي، والإمام علي بن موسى الرضا في الصحيفة (464)، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (12/91) عن أنس بن مالك .
(3) 49])ـ في (ب): والتابع لغيرهم والمستفتي لسواهم .
وعن عبدالله بن الحسن [عَلَيْهما السَّلام] في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الفتح:4]، قال: جنود السماوات هم الملائكة، وجنود الأرض هم الزيدية، لو مُيِّزِوا من الناس لنزل عليهم العذاب(1)[50]). (1/37)
ومن كلامه [عَلَيْه السَّلام]: (لو نفض رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم رأسه من التراب ما وضع قدمه إلا فيكم أيها الزيدية(2)[51]).
وفي ذلك دلالة أن عنده عَلَيْه السَّلام أن غيرهم على الضلال؛ لأن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم إنما يكون في الفرقة الناجية.
__________
(1) 50])ـ الخبر : في كتاب الاعتبار وسلوة العارفين للإمام الموفق بالله رقم (478) .
(2) 51]) - ومثله روى صاحب الجامع الكافي (خ) عن الحسن بن يحيى ، قال فيه : أبشروا معشر الزيدية ، فلو نفض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأسه من التراب ما حط رجله إلا فيكم وبينكم . انظر : الجامع الكافي (كتاب السيرة -باب الجهاد) .
وأيضاً من المعلوم البين أن النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم قد شهد لزيد بن علي عَلَيْه السَّلام بأنه يدعو إلى الحق ويتبعه (عليه(1)[52])) كلُّ مؤمن؛ روى أنس بن مالك عن النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم أنه قال: ((يقتل من ولدي رجل يدعى زيد بموضع يعرف بالكناسة يدعو إلى الحق(2)[53])، يتبعه عليه كل مؤمن(3)[54]))). (1/38)
ولا شك أن أَتْبَاع زيدٍ عَلَيْه السَّلام إنما هم الزيدية؛ [9-ب] فإن من الظاهر الجلي أنهم ينتسبون (إليه(4)[55])) ويتّبعون قوله، ويعتمدون مذهبه، وينسبهم عدوهم إليه، وشهد لهم وليُّهم بذلك.
__________
(1) 52])ـ سقط من (ب) .
(2) 53])ـ في (أ): يدعو إلى الجنة .
(3) 54])ـ أخرجه الإمام المرشد بالله في الأمالي الاثنينية (ص298): قال أخبرنا شيخنا أبو سعد إسماعيل بن علي بن الحسين بقراءتي عليه، قال: حدثنا أبو الحسين الحسن بن علي بن محمد بن جعفر الوبري بقراءتي عليه في خان الفرايين قال: حدثنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر بن سالم بن البراء بن سبرة الجعاني الحافظ قراءة عليه، قال: حدثني أبو الحسن علي بن موسى الغطفاني، قال: حدثنا الحسن بن علي بن بزيغ، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن حريث، عن برذعة وهو ابن عبدالرحمن البناني، عن أنس قال: قال النبي -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-: ((يقتل من ولدي)) ..الخبر بتمامه . ورواه أيضاً الحاكم الجشمي في جلاء الأبصار (تحت الطبع) .
(4) 55])ـ سقط من (أ) .
قال الإمام عبدالله بن الحسن [عَلَيْهم السَّلام]: (والعَلَم بيننا وبين هذه الأمة علي بن أبي طالب عَلَيْه السَّلام، والعلم بيننا وبين الشيعة زيد بن علي(1)[56])) فشهد الصادق عَلَيْه السَّلام أن من لم يوال أمير المؤمنين عَلَيْه السَّلام فليس من النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم، ومن لم يكن من أتباع زيد بن علي فليس من شيعة علي (عَلَيْه السَّلام(2)[57])) (1/39)
وعلى هذا قال جعفر بن محمد الصادق [عَلَيْه السَّلام]: (ما أعلم من شيعتنا إلا في أصحاب عمي زيد مضى من مضى منهم على منهاجه، وبقي من بقي ينتظر فرجنا أهل البيت(3)[58])).
فبين [عَلَيْه السَّلام] أن شيعة أهل البيت إنما هم الزيدية دون من عداهم ممن يتسمى باسم الشيعة (وهو خارج عن الشيعة(4)[59])).
__________
(1) 56])ـ روى الخبر: الإمام القاسم بن محمد في الاعتصام بلفظ: (العلم بيننا وبين الناس علي بن أبي طالب، والعلامة بيننا وبين الشيعة زيد بن علي، فمن تبع زيداً فهو شيعي، ومن لم يتبعه فليس بشيعي) ثم قال، قلت: وكلام القاسم والهادي والناصر للحق -عَلَيْهم السَّلام- وغيرهم مثل كلام عبدالله الكامل . الاعتصام (1/47) .
(2) 57])ـ سقط من (ب) .
(3) 58])ـ روى هذا الكلام عن الإمام جعفر بن محمد الحافظ علي بن الحسين في كتابه المحيط بالإمامة (خ) . عن الإمام الناصر الأطروش بسنده عن جعفر بن محمد.
(4) 59])ـ سقط من (أ) .
وقد قال صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم لعلي [عَلَيْه السَّلام]: ((يكون من ولدك رجل اسمه زيد يطأ هو وأصحابه ( يوم القيامة(1)[60])) رقابَ الناس غراً محجلين(2)[61]))) والزيدية قد بينا أنهم أصحاب زيد بن علي عَلَيْه السَّلام الذين مضى منهم من مضى على منهاجه، وبقي من بقي ينتظر فرج أهل البيت عَلَيْهم السَّلام. (1/40)
__________
(1) 60])ـ سقط من (ب) .
(2) 61])ـ الخبر : أخرجه الإمام الموفق بالله في كتاب الاعتبار وسلوة العارفين ص(590) بزيادة : ((يدخلون الجنة)) ، رواه بلفظ مقارب أبو الفرج الأصبهاني في المقاتل (ص127)، ورواه الحاكم الجشمي في جلاء الأبصار (تحت الطبع)، والعلامة أحمد بن موسى الطبري المتوفى حوالي (350هـ) في المنير (ص ...) .
وعن أبي ذر الغفاري(1)[62]) - رضي الله عنه - قال: رأيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم وهو يبكي فبكيت لبكائه ، فقلت: فداك أبي وأمي قد قطعت أنياط قلبي ببكائك ، قال: ((لا قطع الله أنياط قلبك يا أبا ذر ، إن ابني الحسين يولد له ولد يسمى علياً، أخبرني جبريل أنه يُعرف في السماء بأنه سيّد العابدين ، وأنه يُولد له ابن يقال له زيد ، وإن شيعةَ زيدٍ هم فرسان الله في الأرض ، وأن فرسان الله في السماء هم الملائكة، وأن الخلق يوم القيامة يحاسبون ، وأن شيعة زيدٍ في أرض بيضاء كالفضة - أو كلون الفضة - يأكلون ويشربون(2)[63]) ويتمتعون، ويقول بعضهم لبعض : امضوا إلى مولاكم أمير المؤمنين(3)[64]) حتى تنظروا إليه كيف يسقي شيعته، قال: فيركبون على نجائب من الياقوت والزُّبَرْجَدْ مكللة بالجواهر أزمتها اللؤلؤ الرطب، ورحالها السندس والاستبرق، قال: فبينما هم يركبون إذ يقول بعضهم لبعض : والله إنا لنرى أقواماً ما كانوا معنا في المعركة. (1/41)
قال: فيسمع زيد عَلَيْه السَّلام قولهم فيقول: والله لقد شاركوكم هؤلاء فيما كنتم فيه من الدينا كما شارك أقوام أتوا من بعد وقعة صفّين، وإنهم إخوانكم اليوم [وشركاؤكم اليوم(4)[65])])).
__________
(1) 62])ـ وروى الخبر : الشهيد حميد في الحدائق الوردية في ترجمة الإمام زيد بن علي (1/138)، والشرفي في الأساس (2/373) وقال: رواه محمد بن علي الحسني [صاحب الجامع الكافي] في فضل زيد بن علي، ورواه الهادي في المجموع .
(2) 63])ـ نهاية الصفحة [6-أ] .
(3) 64])ـ نهاية الصفحة [10-ب] .
(4) 65])ـ ما بين المعكوفتين سقط من (أ) .
وهذا نص صريح أن الزيدية إلى آخر الدهر بمنزلة الحاضرين مع زيد بن علي عَلَيْهما السَّلام يوم خرج، وبمنزلة المجاهد معه يوم جاهد(1)[66])، وبمنزلة المقتولين معه يوم قتل(2)[67]). (1/42)
والقرآن قد شهد بأن من تبع قوماً فهو منهم، وحكمه حكمهم ولهذا لما سمع إبراهيم بن عبدالله [عَلَيْهما السَّلام] رجلاً يقاتل بباخمرى يقول(3)[68]): خذها وأنا الغلام الحداد ، قال عَلَيْه السَّلام : لا تقول أنا الغلام الحداد، قل: أنا الغلام العلوي، فإن إبراهيم عَلَيْه السَّلام قال: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي } [إبراهيم:36] ، فأنتم منا ونحن منكم، لكم ما لنا وعليكم ما علينا(4)[69]).
وذلك يوضح أن الزيدية من زيد بن علي ومن أهل البيت الطاهرين، ولا شكّ أن القرابة مأخوذة من القرب، والقرابة(5)[70]) على وجهين: قرب بالولادة من النسب، وقرب بالدِّين والمذهب، وهذا الثاني آكد وأقرب.
__________
(1) 66])ـ في (ب): وبمنزلة المجاهدين معه يوم جاهدوا .
(2) 67])ـأخذ هذا المعنى شاعر أهل البيت (الحسن بن علي الهبل) فقال - رحمه الله - وحشره مع من أحب بعد أن أطنب مدحاً واسترسل تشيعاً بقصيدته التي مطلعها ((قد آن أن تلوى العنان وتقصرا)):
يا ليت شعري هل أكون مجاوراً
أأذاد عنكم في غدٍ؟ وأنا الذي
قل: ذا الفتى حضر اللقا معنا وإن
لك أم تردنيَّ الذنوب إلى الورا؟
لي في ودادك ذمة لن تخفرا
أبطا به عنا الزمان وأخرا
..انتهى.
(3) 68])ـ في (ب): فيقول .
(4) 69])ـ الخبر : أخرجه الإمام أبو طالب في تيسير المطالب (ص122) .
(5) 70])ـ في (ب): والقرب .
فإن القرب بالنسب إنما يثبت بحكم الله تعالى فله الأمر وله الحكم، وقد حكم تعالى في القرآن بأن الوَلاءَ والقربَ يكون بالدين، كما ذكره في قصة إبراهيم صلوات الله عليه {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي}، ولا شك أنه الحق؛ لأنه في الدنيا إذا زال أعني قرب الدين(1)[71]) زال ما بين القرابة من المواصلة بالنسب بحكم رب العالمين ، ومتى ثبتت حصل في الآخرة أعظم وأكبر، قال تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ(67)} [الزخرف]، وقال: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ(101)} [المؤمنون]. (1/43)
وإذا كانوا منه ومن أصحابه دخلوا في قول أمير المؤمنين [عَلَيْه السَّلام ] : (الشهيد من ذريتي والقائم بالحق من ولدي المصلوب بكناسة كوفان إمام المجاهدين، وقائد الغر المحجلين، يأتي يوم القيامة هو وأصحابه تتلقاهم الملائكة المقربون ينادونهم: ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون(2)[72])).
__________
(1) 71])ـ في (أ): ولا شك أنه آكد لأنه إذا زال أعني قرب الدين .
(2) 72])ـ الخبر: أخرجه الإمام أبو طالب في الأمالي (ص105)، قال: أخبرنا أبو عبدالله أحمد بن محمد البغدادي المعروف بالآبنوسي، قال: أخبرنا أبو القاسم عبدالعزيز بن إسحاق بن جعفر، قال: حدثني أحمد بن حمدان بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن الأزهر الطائي الكوفي، قال: حدثنا الحسين بن علوان، عن أبي صامت الضبي، عن ابن عمر بن زاذان، عن علي بن أبي طالب –عَلَيْه السَّلام- قال: ((الشهيد من ذريتي)) ..الخبر بتمامه؛ ورواه الإمام المرشد بالله في الأمالي الاثنينية (ص301)، ورواه الحاكم الجشمي في جلاء الأبصار [تحت الطبع] وقال: وفي كتاب القاضي إلى أبي بكر محمد بن عمر الذي رواه أبو سعيد السمّان بإسناده عن زاذان عن أمير المؤمنين ...الخبر .
فالزيدية هم أصحاب زيد بن علي عَلَيْه السَّلام كما أن الشافعية هم أصحاب الشافعي، والحنفية هم أصحاب أبي حنيفة؛ لأن صاحب الإنسان من يلازمه ويحبه في دينه وقوله، ويتبع مراده ويكره مفارقته. (1/44)
وعنه [عَلَيْه السَّلام] قال: (يخرج مني بظهر الكوفة رجل يقال له زيد في أبّهة سلطان - والأبهة الملك - لم يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون إلا من عمل بمثل ما عمله، يخرج يوم القيامة هو وأصحابه معهم الطوامير(1)[73])، يتخطأون(2)[74]) أعناق الخلائق، فتتلقاهم الملائكة، فيقولون : هؤلاء خَلَفُ الخلفِ ودعاة الحق، ويستقبلهم رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم فيقول: ((قد عملتم بما أُمرتم ادخلوا الجنة بغير حساب(3)[75]))).
وهذا من أعظم شاهد على فضل الزيدية، وأن مذهبهم هو الحق، وأن دعوتهم هي الإيمان، وأن رايتهم هي راية الرحمن.
__________
(1) 73])ـ نهاية الصفحة [7-أ] .
(2) 74])ـ في (ب): بزيادة: (وهي الأوراق، يتخطون ....)، وفي مقاتل الطالبيين: (حتى يتخطوا)، وفي كتاب فضل الأئمة (ص36): (حتى يتخطون) .
(3) 75])ـ الخبر: أخرجه الإمام المرشد بالله في الأمالي الأثنينية (ص300)، قال: أخبرنا الشريف أبو عبدالله محمد بن علي بن الحسن الحسني بقرآتي عليه بالكوفة، قال: أخبرنا علي بن حسين بن يحيى العلوي قراءة عليه، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي، قال: حدثنا محمد بن علي الصيرفي، قال: حدثنا أبو حفص الأعشى، عن أبي داود المدني، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب –عَلَيْه السَّلام- قال: ((يخرج مني بظهر الكوفة ...الخبر بتمامه))، ورواه أبو الفرج الأصبهاني بسنده عن أمير المؤمنين في المقاتل (ط2/128) .
وعلى هذا قال إبراهيم بن عبدالله بن الحسن [عَلَيْهم السَّلام]: (لو نزلت راية من السماء(1)[76]) لم تُنصب إلا في الزيدية(2)[77]). (1/45)
وروى الباقر محمد بن علي، عن آبائه: أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم قال: ((يخرج من ولدي رجل يقال له زيد يقتل بالكوفة ويُصْلَب بالكناسة، يخرج من قبره نبشاً تفتح لروحه أبواب السماء(3)[78]) تبهج أهل السماوات يقولون: هؤلاء دعاة الحق(4)[79])))، وفي هذا بيان ظاهر أن دعاة الحق هم الزيدية دون غيرهم.
__________
(1) 76])ـ سقط من (أ): من السماء .
(2) 77])ـ أخرجه الإمام المرشد بالله في الأمالي الاثنينية (ص302/خ) بسنده عن الحكم بن زهير صاحب الإمام إبراهيم بن عبدالله ، والإمام الموفق بالله في سلوة العارفين ص(590)
(3) 78])ـ نهاية الصفحة [12-ب] .
(4) 79])ـ الخبر : أخرجه بلفظ مقارب الأمير الحسين في نابيع النصيحة (ط) ، وأخرجه الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا مرفوعاً كما في الغدير (3/69) بزيادة في آخره : ((ثم تجعل روحه في حوصلة طير أخضر يروح في الجنة حيث يشاء ، من نظر إلى صورته ولم ينصره أكبه الله على وجهه في النار)) ، وهو في أعيان الشيعة (7/109) .
ولما قُتِل زيد بن علي [عَلَيْه السَّلام] استعبر جعفر بن محمد باكياً ثم قال: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا(23)} [الأحزاب]، وقال: (والله ذهب عمي زيد وأصحابه على ما ذهب عليه جده علي والحسن والحسين شهداء من أهل الجنة، التابع لهم مؤمن، والشاك فيهم ضال، والراد عليهم كافر، وإنهم ليحشرون يوم القيامة أحسن الخلق زينة وهيئة ولباساً وفي أيديهم كتب كأمثال الطوامير، فتقول الملائكة: هؤلاء خلف الخلف ودعاة الحق، ولا يزالون كذلك حتى ينتهى بهم إلى الفراديس العُلى؛ فويل لقاتلهم من جبار الأرض والسماء(1)[80])). (1/46)
فبَيَّنَ [عَلَيْه السَّلام] فضلَ زيد وأصحابه بأظهر بيان، وأوضح أن الزيدية تدخل معهم إلى آخر الزمان بقوله: ومنهم من ينتظر، حين تلا الآية، وما من زمان إلا وهم ينتظرون مجيء أمر الله والقائم بدين الله.
وعن ابن عباس - رحمه الله - قال: بينما علي عَلَيْه السَّلام بين أصحابه إذْ بكى بكاءً شديداً حتى لثقت لحيتُه فقال له الحسين(2)[81]) عَلَيْه السَّلام: يا أبه مالك تبكي ؟
قال: يا بني لأمور خفيت عليك أنبأني بها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم، قال: وما أنبأك به ؟
__________
(1) 80])ـ روى خبر استعبار الإمام جعفر الصادق عند مقتل عمه الإمام زيد بن علي –عَلَيْه السَّلام-: الحاكم الجشمي في تنبيه الغافلين (ص135) ، ورواه الإمام الهادي في المجموعة الفاخرة (كتاب العدل والتوحيد) وفيه : وعنه أيضاً لما جاءه خبر قتل أبي قرة القيلي بين يدي زيد بن علي ....الخبر بتمامه .
(2) 81])ـ في (أ، ب): الحسن، وما أثبت تصويب .
قال: يا بني لولا أنك سألتني ما أخبرتك لئلا تحزن ويطول همك، أنبأني رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم فذكر حديثاً طويلاً قال فيه: ((يا علي كيف إذا وليها الأحول الذميم، الكافر اللئيم، فيخرج عليه خير أهل الأرض من طولها والعرض))، فقلت: يا رسول الله، من هو ؟ (1/47)
قال: ((يا علي رجل أيّده الله بالإيمان، وألبسه قميص البر والإحسان، فيخرج في عصابة يدعون إلى الرحمن، أعوانه من خير أعوان، فيقتله الأحول ذو الشنآن، ثم يصلبه على جذع رمان، ثم يحرقه بالنيران، ثم يضربه بالعُسْبان(1)[82]) حتى يكون رماداً كرماد النيران، ثم يصير إلى الله عز وجل(2)[83]) روحه وأرواح شيعته إلى الجنان(3)[84]))).
وهذه أخبار شاهدة للزيدية بأنهم أهل الإيمان وورثة الجنان، ومن المعلوم البين أن [8-أ] الزيدية هم الفرقة العادلة في المحبة لأهل البيت عَلَيْهم السَّلام ، ولهذا قاموا معهم وقُتلوا بين أيديهم وحاموا عليهم.
__________
(1) 82])ـ العسبان: جريدة من النخل كشط خوصها . أهـ قاموس .
(2) 83])ـ نهاية الصفحة [13-ب] .
(3) 84])ـ الخبر: أخرجه الإمام المرشد بالله في الأمالي الاثنينية (ص300) [نسخة خاصة]، قال: أخبرنا الشريف أبو عبدالله محمد بن علي بن الحسن الحسني البطحاني الكوفي بقرآتي عليه بها، قال: حدثنا زيد بن جعفر بن حاجب، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن وليد، قال: حدثنا الحسين بن علي بن هاشم النحاس، قال: أخبرنا أحمد بن رشد، قال: حدثنا سعيد بن خثيم، قال: حدثنا محمد بن شريك العامري عن أبيه عن ابن عباس ...الخبر بتمامه .
ولهذا قال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((ما أحبنا أهل البيت أحد فزلت به قدم إلا ثبتته قدم [أخرى] حتى ينجيه الله يوم القيامة(1)[85]))). (1/48)
وعنه صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((لا يؤمنون حتى يحبوني، والله لا يحبوني حتى أكون عند المؤمن أبر من نفسه، وأهل بيتي آثر عنده من أهل بيته، وولدي أحب إليه من ولده، وأزواجي أحب إليه من أزواجه(2)[86]))).
وعن زيد بن علي [عَلَيْه السَّلام] قال: (من خدش فينا خدشاً كان له نوراً يوم القيامة يصدع مدّ بصره وموضع قدمه، ومن كان لنا في عنقه عهداً، فقُبض على فراشه قبضه الله شهيداً، ومن استشهد معنا جاء يوم القيامة معنا لفيفاً كما يلتف أهل الجنازة بجنازتهم، ولشهيدنا فضل على من سوانا سبع ربوات - يعني سبع درجات - كل درجة مسير شهر، كذلك نحن وشهداء شيعتنا(3)[87]).
__________
(1) 85])ـ رواه الإمام القاسم بن إبراهيم في كتاب إمامة علي بن أبي طالب (ص221)، والإمام الهادي كما في درر الأحاديث النبوية بالأسانيد اليحيوية (ص51)، والحاكم الجشمي في تنبيه الغافلين (ص119) عن أمير المؤمنين بلفظ: ((ما اختار أهل البيت )) الخبر .
(2) 86])ـ أخرجه بلفظ مقارب: الإمام الناصر الأطروش بسنده إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى في (البساط 73)، والإمام المرشد بالله في أماليه عن أبي ليلى (1/150)، وأخرجه البيهقي، وأبو الشيخ، والديلمي، والطبراني، وابن حبان عن أبي ليلى، وأخرجه محمد بن سليمان الكوفي في المناقب (2/134) برقم (619) عن أبي ذر بلفظ: ((لا يؤمن أحدكم ..الخبر)) أهـ.
(3) 87]) - الخبر : رواه الإمام الموفق بالله في الاعتبار وسلوة العارفين ص(950) .
<وفيه دلالة أن مَنْ وفى بعهده لهم، وعهد وصية الله فيهم ثم مات على فراشه مات شهيداً(1)[88])>، ومعلوم أنه ما وفى بالعهد لهم من خالف مذهبهم، وتبع عدوّهم، وإنما وفى بذلك من تمسك بعصمتهم، وسلك مسلكهم في عقيدتهم وقولهم وفعلهم، وإنما يُعْرف ذلك من الزيدية دون غيرهم. (1/49)
وعن جعفر بن محمد [عَلَيْه السَّلام]: (كل راية في غير الزيدية فهي راية ضلالة(2)[89]))، وهذا نص صريح أن الزيدية هم الفرقة الناجية.
وأيضاً فمن الظاهر الجلي أن الزيدية إنما يتبعون من شَهِدَتْ له بالتزكية، والكون على الحق النصوصُ جملة وتفصيلاً:
[14-ب] أما الجملة: فلأنهم يتبعون أهل البيت عَلَيْهم السَّلام والآثار فيهم واردة كثيرة أنهم أهل الحق لقوله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى(3)[90]))).
[أئمة الزيدية والآثار النبوية الواردة فيهم]
وأما التفصيل: فإنهم يتبعون من الرجال:
__________
(1) 88])ـ ما بين المفتوحتين سقط من (أ) .
(2) 89])ـ الخبر : أخرجه عن الإمام جعفر الصادق الموفق بالله في الاعتبار وسلوة العارفين ص(590) ، وفي المحيط بالإمامة بسنده إلى فضيل بن الزبير، قال: سمعت زيد بن علي قال: (كل راية رفعت ليست لنا ولا بدعاء إلينا فهي راية ضلالة) . وفي الكواكب الدرية ص(27) [نسخة خاصة] قال: وما رويناه عن أمير المؤمنين –عَلَيْه السَّلام- قال: (ألا كل راية ليست لنا فهي ضلالة) .
(3) 90])ـ سبق تخريجه .
أمير المؤمنين علي [عَلَيْه السَّلام] وهو من قال فيه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((علي مع الحق والحق مع علي(1)[91]))). (1/50)
والحسن والحسين وهما سيدا شباب أهل الجنة بالنص من رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم(2)[92]).
__________
(1) 91])ـ أخرجه الإمام أبي طالب في الأمالي (ص55) عن أم سلمة، والهيثمي في مجمع الزوائد (9/134)، وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/134) عن علي –عَلَيْه السَّلام-، وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (2/153) في ترجمة الإمام علي، وهو من حديث أم سلمة الآتي تخريجه .
(2) 92])ـ الحديث المشار إليه ((الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما)) أخرجه الترمذي (2/306، 307) عن أبي سعيد الخدري وعن حذيفة، وأخرجه أحمد بن حنبل (5/391)، وأبو نعيم في الحلية (4/190)، والنسائي في الخصائص (255) (140، 141)، وابن ماجه عن ابن عمر (1/44) (118)، والحاكم في المستدرك (3/182) عن عبدالله بن مسعود، قال: حديث صحيح، والبغدادي في تاريخه (1/140) عن علي –عَلَيْه السَّلام-، وابن حجر في الإصابة (6/186) من ترجمة مالك بن الحويرث الليثي، ورواه ابن حجر أيضاً في الإصابة (1/226) عن جهم، ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد (9/182) عن عمر بن الخطاب، والطبراني في الذخائر (135) عن علي بن الهلالي عن أبيه، وهي في كنوز الحقائق للمناوي (81) .
وعلي بن الحسين(1)[93]) وهو الذي قال فيه النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((يولد للحسين ولد يقال له علي إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: ليقم سيد العابدين(2)[94]))). (1/51)
__________
(1) 93])ـ علي بن الحسين: هو زين العابدين الإمام السجاد علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -عَلَيْهم السَّلام- [38-94هـ]، من أئمة أهل البيت الهداة، مولده ووفاته بالمدينة، حضر مع أبيه فاجعة كربلاء، وسلم منها بأعجوبة، وهو في الزهد والحلم والورع والعبادة مضرب المثل، له أخبار كثيرة جداً، وفي سيرته ومأثور كلامه كتب مصنفة، قليلُ قليلها لا يندرج تحت هذه العجالة، انظر مصادر ترجمته: التحف شرح الزلف للإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى ص(63)، معجم رجال الاعتبار ترجمة (593) ومصادره .
(2) 94])ـ أخرجه الإمام الموفق بالله في الإعتبار وسلوة العارفين (ص635) برقم (512) بسنده عن جابر، وقد ورد في صدر حديث أبي ذر الغفاري السابق .
وزيد بن علي(1)[95]) وهو من نص عليه النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم باسمه وصفته، وعرّف أصحابه موضع شهادته، وشهد له ولأصحابه بالجنة كما تقدم. (1/52)
__________
(1) 95])ـ هو الإمام الأعظم الشهيد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -عَلَيْهم السَّلام- [75-122هـ] من أعلم الناس وأخطبهم وأفصحهم (حليف القرآن)، الثائر في سبيل الله، ومن أجل إقامة حكم الله، ومؤسس المذهب الزيدي، ومجدد طريق الثورة والجهاد . مولده بالمدينة، وأقام بالكوفة ورضع العلم من بيت النبوة على يد والده وأخيه الباقر، وقد ثار على الظلم، ورفع الراية التي سقطت في كربلاء، وبايعه أهل الكوفة، وسجل ديوانه أربعين ألفاً ممن بايعوه ولبوا دعوته إلى كتاب الله وسنة رسوله وجهاد الظالمين ونصرة المستضعفين، وخاض معركته الشهيرة مع الدولة الأموية حتى استشهد في الكوفة، وصلب بعدها، وحرق جثمانه، وذري به في الفرات بغياً وعدواناً . انظر للمزيد: التحف شرح الزلف للإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى ص (63، 76)، أعلام المؤلفين الزيدية ، ترجمة (430) ومصادره .
والنفس الزكية محمد بن عبدالله(1)[96]) عَلَيْه السَّلام وهو من ورد فيه الحديث: ((إن النفس الزكية تقتل فيسيل دمه إلى أحجار الزيت، لقاتله ثلث عذاب جهنم(2)[97]))). (1/53)
__________
(1) 96])ـ الإمام الشهيد المهدي لدين الله محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب -عَلَيْهم السَّلام- المعروف (بالنفس الزكية) [93-145هـ] أحد أئمة الزيدية، ورائد من رواد الثورة على الظلم، غزير العلم، واسع الرواية، شجاع، سخي، ورع، زاهد . مولده ونشأته بالمدينة، بايعه سراً جماعة من أهل بيته، ومن سائر علماء الأمة، وكان من دعاته أبو العباس السفاح، وأبو جعفر المنصور، ولما انقرضت دولة بني أمية نكث بنو العباس البيعة، وحولوا الأمر إلى أنفسهم فتخلف عنهم النفس الزكية وأهل بيته، وبقي متخفياً متوارياً في المدينة، وقبض أبو جعفر الدوانيقي على أبيه واثني عشر من أهل بيته وشيعتهم، ثم قام الإمام بثورته الشهيرة في المدينة، وقاتل قتال الأبطال في معركة يطول شرحها حتى استشهد سنة (145هـ)، وبعثوا برأسه إلى أبي جعفر الدوانيقي الذي كان قد قتل مَنْ سجنهم من أهله . انظر: التحف شرح الزلف للإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى (ص77، 97)، أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة (987) ومصادره .
(2) 97])ـ الحديث: رواه الإمام الهادي في المجموع (رسائل العدل والتوحيد) (2/72، 73) ، ورواه الإمام المنصور بالله في الشافي (1/198)، وروى الأصبهاني في مقاتل الطالبيين (ط2/ 240) إخبار النفس الزكية عن بلوغ دمه إلى أحجار الزيت، وفي سيلان الدم إلى أحجار الزيت ما أخرجه ابن شبّه في تاريخ المدينة (1/1/306) عن حديث أبي ذر، قال: قال رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-: ((كيف أنت إذا رأيت أحجار الزيت قد غرقت من الدم؟)) قال: قلت: ما خار الله لي ورسوله، قال: ((عليك بمن أنت معه)) .
وعلي بن موسى الرضى(1)[98]) عَلَيْهما السَّلام وهو الذي قال فيه النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((ستلقى بضعة منّي بأرض خراسان لا يزورها مؤمن إلا أوجبت له الجنة، وحرم جسده على النار(2)[99]))). (1/54)
__________
(1) 98])ـ هو الإمام علي بن موسى الرضا من أئمة أهل البيت الدعاة، ولد بالمدينة سنة (153هـ)، ونشأ نشأة أهل بيته النبوي، قربه المأمون، وعهد إليه بولاية العهد حتى ظروف وسياسية للمأمون لم تدرس بعد دراسة كاملة . وزوجه ابنته وضرب اسمه على الدينار والدرهم، وغير من أجله السواد (زي العباسيين) ولما ثارت الثائرة على المأمون لأجل ذلك سمه، ودفنه إلى جانب أبيه بطوس، وفاته سنة (203هـ) . انطر: التحف شرح الزلف للإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى (ص150، 152)، أعيان الشيعة (ط) .
(2) 99])ـ الخبر : في شرح الأساس للشرفي (2/374) وقال : رواه الحاكم .
والحسين بن علي الفخِّي(1)[100]) عَلَيْه السَّلام وهو الذي انتهى النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم بأصحابه إلى موضع شهادته بفخ وصلى صلاة الجنازة ثم قال: ((يقتل هاهنا رجل من أهل بيتي في عصابة من المؤمنين ينزل عليهم بأكفان وحنوط من الجنة، تسبق أرواحُهم أجسادَهم(2)[101]))). (1/55)
__________
(1) 100])ـ هو الإمام الشهيد الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب -عَلَيْهم السَّلام-، المعروف بصاحب فخ [128- 169هـ]، من أئمة الزيدية، قام بالإمامة ودعا إلى الله سنة (169هـ) وبايعه الشيعة ، وظهر بالمدينة بعد أن عاد من الكوفة، واستوثق من بيعة أهلها وأهل خراسان والجيل وغيرهم، واشتدت عليه المضايقة هو وأهل بيته من قبل والي المدينة أحد جلاوزة العباسيين، فانتصب للدعوة، وبويع له، وسيطر على المدينة واستخلف عليها رياش الخزاعي، وخرج إلى مكة ومعه ثلاثمائة من أصحابه فلما وصلوا إلى فخ لقيتهم الجيوش العباسيين في ذي القعدة (169هـ) فقاتل –عَلَيْه السَّلام- حتى استشهد عن إحدى وأربعين سنة، ودفن (بفخ) (ويطلق عليه حالياً الزاهر، وهو في طريق الذاهب إلى التنعيم)، وحُمل رأسه إلى الهادي العباسي وأخباره طويلة . انظر: التحف شرح الزلف للإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى (ص108- 112)، المصابيح لأبي العباس (ص463- 486) ومصادره، أخبار فخ لمؤلفه أحمد بن سهل الرازي، بتحقيقنا .
(2) 101])ـ الحديث: أخرجه أبو العباس الحسني في المصابيح (ص463، 464)، وأخرجه الأصبهاني في المقاتل (ط2/336) بسنده عن زيد بن علي –عَلَيْه السَّلام-، ورواه الإمام المنصور بالله في الشافي (1/217، 218)، وهو في ينابيع النصيحة (ص460)، وفي مروج الذهب للمسعودي (3/336) .
والقاسم بن إبراهيم(1)[102]) عَلَيْه السَّلام وهو الذي قال فيه النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((يا فاطمة منك هاديها ومهديها ومستلب الرباعيتين لو كان بعدي نبي لكان هو(2)[103]))) فهو مستلب الرباعيتين. (1/56)
__________
(1) 102])ـ هو الإمام القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب -عَلَيْهم السَّلام-، المعروف بالقاسم الرسي [169- 246هـ] ، من أئمة الزيدية، مولده بالمدينة، ونشأ في أحضان الفضيلة يطلب العلم عند أكابر أهل اليبت، حتى فاق أقرانه فكان: فقيهاً، محدثاً، مناظراً، شاعراً، زاهداً، ورعاً، شجاعاً، سخياً، ثائراً لله .
وهو أحد الدعاة إلى بيعة أخيه الإمام محمد بن إبراهيم في مصر، بقي متخفياً بها مدة عشر سنوات، والمأمون يجدُّ في طلبه، ولما توفي أخوه محمد بالكوفة سنة (199هـ) نهض الإمام القاسم بأمر الإمامة، وسميت بيعته (البيعة الجامعة) لإجماع وجوه أهل البيت –عَلَيْهم السَّلام- عليها سنة (220هـ) في عهد المعتصم العباسي، ولما عاد إلى الحجاز اشتهر أمره وطار صيته، فطاردته جيوش العباسية في اليمن والحجاز، واضطر إلى الاختفاء ثانية، واعتزل واشترى جبلاً قرب المدينة يسمى (الرس)، وهو جبل أسود بالقرب من ذي الحليفة على بعد ستة أميال من المدينة، وإليه ينسب هو وأولاده، وعاش هناك بقية عمره حتى توفاه الله، ودفن هناك، وله أخبار طوال في كتب التاريخ . انظر: التحف شرح الزلف للإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى (ص145، 149)، أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة (882) ومصادره .
(2) 103])ـ أنظر التحف شرح الزلف ص145،ط3.
وولد ولده هو الهادي يحيى بن الحسين(1) (1/57)
__________
(1) 104])ـ هو الإمام الأعظم الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم الرسي، [245- 298هـ]، من أئمة الزيدية، إمام، مجتهد، مجاهد، عالم، فقيه، زاهد، شجاع ، متكلم لسن، خطيب شاعر، نشأ في أحضان العلم والعمل والتقوى والجهاد، وترعرع في جبل الرس القريب من المدينة المنورة، وأخذ عن علماء ومحدثي الآل وشيعتهم ، واشتغل بالعلم من طفولته، فظهر نبوغه، واشتهر في الآفاق، وراسله أبو العتاهية الهمداني إلى جبل الرس، ودعاه إلى بلاده، ووفد إليه أكابر رجال اليمن يدعونه إلى الخروج إليهم لإحياء سنة جده المصطفى –صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- فلبّى دعوتهم وخرج إلى اليمن سنة (284هـ) فأحيى الله به الدين، وخلّص به اليمن من القرامطة والفساد والفتن .
واعتبر الرجل الثاني بعد الإمام زيد –عَلَيْه السَّلام- في تجديد مذهب الآل، ولم يزل مجاهداً في سبيل الله مدافعاً عن الحق ناشراً للفضيلة حتى توفاه الله بصعدة سنة (298هـ) وقبره بها مشهور مزور . انظر: التحف شرح الزلف للإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى (ص167- 183)، أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة (1186) ومصادره، وفي سيرته كتاب (سيرة الإمام الهادي (ع) كتب برواية الحافظ محمد بن سليمان الكوفي لمؤلفها العلوي (طبع) .
[104]) عَلَيْه السَّلام وفيه وفي ولده المرتضى(1)[105]) قال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم لفاطمة: ((أبشري فإن مِنْ وَلَدَكِ الهادي والمهدي والمرتضى والمنصور(2)[106]))). (1/58)
وفي الناصر الحسن بن علي(3)
__________
(1) 105])ـ هو الإمام المرتضى لدين الله أبو القاسم محمد بن الإمام الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم الرسي الحسني العلوي [278- 310هـ]، أحد أئمة الزيدية، مجاهد، مجتهد، مطلق، ورع، زاهد . مولده في جبل الرس، ونشأ في أحضان الفضيلة والتقوى، وأخذ عن أبيه وأخيه وعلماء عصره، وجاهد مع أبيه وأُسِر وأقام بناحية بيت بوس (بصنعاء) حتى تخلص من الأسر . بايعه الناس بعد وفاة والده الإمام الهادي سنة (299هـ) فأقام بمدينة صعدة، وحكم أجزاء من اليمن، وقاتل القرامطة، ثم تنازل واعتزل عن الإمامة بعد وصول أخيه الناصر احمد سنة (304هـ)، وعاش عابداً زاهداً ذاكراً حتى أدركته الوفاة بصعدة في محرم سنة (311هـ)، وأخباره كثيرة . انظر: التحف شرح الزلف للإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى (ص190)، أعلام المؤلفين الزيدية (ص1013) ترجمة (1086) ومصادره .
(2) 106])ـ
(3) 107])ـ هو الإمام الناصر لدين الله الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر الأشرف بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -عَلَيْهم السَّلام-، المعروف بالأطروش [225- 304هـ]، من أئمة الزيدية، وهو ثالث الأئمة العلويين بطبرستان، والمؤسس الفعلي للدولة الزيدية هناك .
مولده بالمدينة، وخرج إلى أرض الديلم داعياً إلى الله سنة (284هـ)، ووفد إلى طبرستان، ومكث عند الإمام محمد بن زيد، فلما قتل خرج الإمام الناصر إلى الديلم، وكان أهلها مجوساً فنشر الإسلام بينهم، واستمر يدعوهم إلى الله قرابة عشرين سنة ؛ فأسلم على يديه ألف ألف ما بين رجل وامرأة ؛ ثم زحف بهم إلى طبرستان، فاستولى عليها سنة (301هـ)، ودخل آمل سنة (302هـ) وتوفي بها في (25) شعبان سنة (304هـ) . أخباره كثيرة ومناقبه وفضائله غزيرة . قال محمد بن جرير الطبري في تأريخه: لم ير الناس مثل عدل الأطروش وحسن سيرته وإقامته للحق . انظر: التحف شرح الزلف للإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى (84) أعلام المؤلفين الزيدية ترجمة (306) ومصادره .
[107]) عَلَيْه السَّلام قال صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((يا علي، يكون من ولدك رجل يدعى بزيد المظلوم يأتي يوم القيامة مع أصحابه(1)[108]) على نجب من نور تعبر على رؤوس الخلائق كالبرق اللامع يقدمهم زيد وفي أعقابهم رجل يدعى بناصر الحق حتى يقفوا على باب الجنة تستقبلهم الحور العين، وتجذب بأعنة نجبهم إلى أبواب قصورهم(2)[109]))). (1/59)
ومن الظاهر البين أن الزيدية لا ينتسبون إلا إلى هؤلاء الأئمة، ولا يسندون إلا إليهم، ولا يعولون إلا على مذهبهم، ويوالون فيهم ويعادون فيهم.
وقد بينا ما فيهم من النص عن المصطفى صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم، وثبت(3)[110]) أيضاً أنهم أئمة الهدى ومصابيح الدجى، قال العلي الأعلى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ(24)} [السجدة].
فإذا ثبت أن الزيدية متمسكون بهم دون غيرهم، وأنهم المعتمدون عليهم دون من سواهم ثبت أنهم منهم وأن دينهم دينُهم، وأنهم يوم القيامة معهم كما قال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم لعلي [عليه الصلاة والسلام]: ((إذا كان يوم القيامة أجيء أنا وفاطمة(4)[111]) آخذة بحجزتي وأنت آخذ بحجزتها والحسن والحسين آخذان بحجزتك وشيعتنا آخذين بحجزتهما فيرى(5)[112]) إلى أين يذهب بنا(6)[113]))).
فأين نظر المخالف أنه يذهب بهم ؟ وهل يظن أحد من الفرق سوى الزيدية أسعد منهم، وكيف وقد قال تعالى: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء:71].
[الآثار الواردة في بني أمية]
__________
(1) 108])ـ في (أ): هو وأصحابه .
(2) 109])ـ
(3) 110])ـ في (ب): وبينت .
(4) 111])ـ نهاية الصفحة [16-ب] .
(5) 112])ـ في (ب): فترى .
(6) 113])ـ أخرجه الإمام علي بن موسى الرضا في الصحيفة (ص455)، ورواه السمهودي في جواهر العقدين، والديلمي في مأثور الخطاب (2/220) والمناوي في فيض القدير (1/205) .
وهل يجدهم المخالف يساوون أتباع المروانية والسفيانية، وقد قال صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم في إمامهم الأكبر معاوية - لعنه الله: ((إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه(1)[114]))). (1/60)
وقال: ((معاوية في تابوت من نار(2)[115]))).
__________
(1) 114])ـ أخرجه الحافظ محمد بن سليمان الكوفي (2/300) رقم (775) عن أبي سعيد الخدري ولفظه: ((إذا رأيتم معاوية على منبري فاضربوا رأسه))، وأخرجه الذهبي في الميزان ( 2/7 ) وصححه ، وأخرجه في تهذيب التهذيب (5/110)، وفي تهذيب التهذيب أيضاً (7/324) وفي الميزان (2/192) في ترجمة عبدالرزاق الصنعاني، وأخرجه ابن عدي في كتاب الكامل (6/2416) عن أبي سعيد الخدري، وهو فيه (5/1951) (ط) دار الفكر، والبلاذري في الحديث (370) من ترجمة معاوية من كتاب الأنساب، ورواه ابن سعد في الطبقات (4/1/136)، وفي كنوز الحقائق للمناوي .
وبالجملة فللحديث أسانيد ومصادر لا تغبى، وقد رواه جماعة من الصحابة ذكرهم الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة في الشافي، باختلاف في اللفظ، واتحاد في المعنى . انظر: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1/760)، وسير أعلام النبلاء (3/149)، والغدير للعلامة الأميني (10/142- 144)، والنصائح الكافية لمن تولى معاوية للسيد محمد بن عقيل (ط) أهـ.
(2) 115])ـ الخبر: أخرجه الحافظ محمد بن سليمان الكوفي في المناقب (2/304) قال: حدثنا خضر بن أبان الهاشمي، قال: حدثنا يحيى بن عبدالحميد الحماني، عن أبي عوانة، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان، قال: قال رسول الله –صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-: ((معاوية يوم القيامة في صندوق من نار)) .
وعنه صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((إذا بلغ بنو(1)[116]) سفيان ثمانون رجلاً اتخذوا مال الله دولاً وعباد الله خولاً(2)[117]))). (1/61)
وعنه صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((من قاتل علياً على الخلافة فاقتلوه كائناً من كان(3)[118]))).
وعنه صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((ويل لبني أمية ويل لبني أمية ويل لبني أمية(4)[119]))).
__________
(1) 116])ـ في (أ): بلغ بني أبي سفيان .
(2) 117])ـ لم أقف على رواية (بنو سفيان)، وأخرج الحاكم في المستدرك على الصحيحين (4/526) عن أبي ذر بلفظ: ((إذا بلغت بنو أمية أربعين ...الخبر))، وأخرج الطبراني في الأوسط (2/271) بلفظ: ((إذا بلغ بنو العاص ثلاثين...الخبر))، وأخرجه أبو يعلى في مسنده (11/402)، والحاكم في المستدرك (4/526) برقم (8487، 8479)، ورواه الحاكم الجشمي في تنبيه الغافلين (ص104/ط1)، وأخرج أحمد في مسنده (3/80) بلفظ: ((إذا بلغ بنو أبي فلان ثلاثين ...الخبر)) .
(3) 118])ـ أخرجه: الإمام المنصور بالله في الشافي (4/127) عن الحاكم الجشمي من كتابه (سفينة العلوم الجامعة) (مخطوط)، القندوزي في ينابيع المودة (181) بالإسناد إلى أبي ذر (1/62)، وأخرج قريباً منه ابن المغازلي عن أبي ذر، قال: قال رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-: ((من ناصب علياً بعدي فهو كافر، وقد حارب الله ورسوله، ومن شك في علي فهو كافر))، وأخرجه أيضاً أبو العباس الحسني في المصابيح (ص301) .
(4) 119])ـ أخرجه ابن البطريق في العمدة (2453) برقم (994) عن الثعلبي من تفسيره بالإسناد إلى ابن عمر، ورواه المتقي في كنز العمال (6/91)، وهو في فضائل الخمسة (3/378) .
وعنه صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((قاتل الحسين في تابوت من نار(1)[120])، عليه نصف عذاب أهل الدنيا، قد شدت يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، منكب في النار حتى يقع في قعر جهنم وله ريح يتعوذ أهل النار من شدة نتن ريحه(2)[121]))). (1/62)
وفي الحديث أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم لعن الحكم وما يخرج من صلبه(3)
__________
(1) 120])ـ نهاية الصفحة [10-أ] .
(2) 121])ـ أخرجه الإمام علي بن موسى الرضا في الصحيفة (470)، وابن المغازلي في المناقب (ص61) رقم الحديث (95) بزيادة في الخبر: ((وهو فيها خالد ذائق العذاب الأليم كلما نجت جلودهم بدل الله الجلود ليذوقوا العذاب الأليم، لا يفتر عنهم ساعة ويسقون من حميم جهنم فالويل لهم من عذاب الله عز وجل)).
(3) 122])ـ الحكم بن أبي العاص الأموي: ابن عم أبي سفيان، يكنى أبا مروان من مسلمة الفتح، وهو رأس الدولة المروانية، قال الذهبي: وله أدنى نصيب من الصحبة!! فتعجب لهذا القول فالواقع أن ليس له أدنى نصيب من الصحبة، نفاه الرسول -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- لأمور صدرت منه ، منها محاكاته في بعض حركاته ومشيه صلوات الله عليه، فنفاه وطرده، فنزل بالطائف منفياً حتى خلافة عثمان، وهو أحد ما نقم على عثمان في أمره .انظر: سير أعلام النبلاء (2/107)، الاستيعاب (1/358)، طبقات ابن سعد (5/447، 509) .
والأثر النبوي في لعن الحكم: أخرجه البزار في مسنده (6/344) عن عبدالله بن عمرو، وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (6/160) برقم (7155) عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: أتيت النبي -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- وتركت أبي يلحقني فقال: ((ليطلعن الآن رجل لعين)) فخفت أن يكون أبي فلم أزل خارجاً وداخلاً حتى طلع الحكم بن أبي العاص .
وعن عبدالرحمن بن عوف، قال: كان لا يولد لأحد مولود إلا أتى النبي -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- فدعا له، فأدخل عليه مروان بن الحكم فقال: ((هو الوزغ بن الوزغ، الملعون بن الملعون)) أخرجه الحاكم في المستدرك (4/526/ ط1) قال: حديث صحيح الإسناد .
وأخرج هذا الحديث: أبو عبدالله المروزي في الفتن (1/131) عن عبدالرزاق عن أبيه عن ميناء مولى عبدالرحمن بن عوف، وهو في فيض القدير للمناوي (2/59) .
وقد أخرج حديث لعن الحكم وولده: الحاكم في المستدرك (4/528) عن عبدالله بن الزبير ، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ؛ ثم قال: ليعلم الطالب أن هذا باب لم أذكر فيه ثلث ما روي، وأن أول الفتن في هذه الأمة فتنتهم، ولم يسعني فيما بيني وبين الله تعالى أن أخلي الكتاب من ذكرهم .
[122])، وسئل الحسن البصري: معاوية أفصح أم الحسن ؟ فقال: معاوية حمار نَهَّاق(1)[123]). (1/63)
وعن سعيد بن المسيب: ولد غلام لابن أم سلمة فسموه وليد، فقال صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((لا تسموا أولادكم بأسماء فراعنتكم إنه كائن في هذه الأمة رجل يقال له الوليد أضر عليها من فرعون على قومه(2)[124]))).
وخطب مروان وهو والي معاوية لعنه الله على المدينة: (إن أمير المؤمنين معاوية قد اختار لكم مفزعاً، وأراد أن يكون عن تراض منكم..إلى قوله: إنه قد اختار لكم الرضا يزيد(3)
__________
(1) 123])ـ أخرج خبر الحسن البصري في معاوية: الإمام المرشد بالله في الأمالي الاثنينية (خ/286) بسنده عن السكن بن هارون عن سعيد عن قتادة .
(2) 124])ـ أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (4/539) وفيه: ولد لأخي أم سلمة غلام ؛ ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . قال الحاكم أيضاً: هو الوليد بن يزيد بلا شرك ولا مرية، ورواه الهيثمي عن عمر بن الخطاب في مجمع الزوائد (5/240) قال: رواه أحمد وإسناده حسن .
وأخرجه أحمد بن حنبل في مسنده (1/18) برقم (109) عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب ، قال: ولد لأخي أم سلمة . ورواه الحاكم الجشمي في جلاء الأبصار (تحت الطبع)، وهو في فتح الباري في باب (تسمية الوليد وكراهة ذلك) وقد استوفى ابن حجر طرقه . انظر: فتح الباري (10/580) (ط/ دار المعرفة).
(3) 125])ـ أورد خطبة مروان بن الحكم ودوره في أخذ البيعة ليزيد: كثير من المؤرخين، والوالي على المدينة هو الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وإنما قام مروان بن الحكم بأخذ البيعة عندما رأى تردد الوليد وخوفه على نفسه، وقد عارض مروان نفسه هذه البيعة لولا وعود معاوية له بولاية العهد بعد ابنه يزيد، والقصة عريضة مشهورة، ورسالة يزيد الخمور إلى الوليد بن عتبة في أخذ البيعة بالقوة معروفة .
انظر: تاريخ الإسلام للذهبي (1/269)، أنساب الأشراف (ج/ق/124) ، تاريخ اليعقوبي (2/215)، الخوارزمي في مقتل الحسين (1/178)، تاريخ ابن عساكر (13/68)، المصابيح لأبي العباس (ص358)، تاريخ الطبري (4/250) وما بعدها.
[125])) ويزيد من قد علم الناس مكثه على شرب الخمر وارتكاب الفجور. (1/64)
حتى تكلم في ذلك جماعة وردوا على الخاطب، وبلغ الخبر عائشةَ وهي أم المؤمنين فخرجت حتى دخلت المسجد، ولما رآها مروان قال: سألتك بالله يا أم المؤمنين إن قلت إلا حقاً، [17-ب] قالت: لا أقول إلا حقاً، قد لعن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم أباكَ ولعنكَ وأنت الطريدُ ابن الطريد في كلام لها.
فهؤلاء أئمة المخالفين للزيدية، وأولئك الذين مدحهم النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم هم أئمة الزيدية، فشتان ما بين الإمامين كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [السجدة:24](1)[126])، وقال: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [القصص:41]، ويا بعد ما بين الفريقين كما قال تعالى: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ(7)} [الشورى].
فإذا ثبت أن الزيدية هم أتباعُ الذرية الهادية المهدية فلا بد أن يكونوا منهم داخلين في حزبهم، وقد حكم الشرع النبوي بأن شيعة آل محمد منهم، ومخلوقون من طينتهم، قال الله في مناجاته لمحمد صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم بقوله: ((من خلّفت في أمتك يا محمد..إلى قوله: وخلقت شيعتكم منكم إنهم لو ضربوا على أعناقهم بالسيوف لم يزدادوا لكم إلا حباً(2)[127]))).
__________
(1) 126])ـ الآية غير موجودة في (أ) .
(2) 127])ـ قال الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى في لوامع الأنوار (1/142): روى هذا الخبر الشريف، الإمام زيد بن علي عن آبائه –صلوات الله عليهم- في مجموعه (ص406) (طبعة دار مكتبة الحياة بيروت)، ورواه من طريقه أعلام الأئمة، وعلماء الأمة، ورواه محمد بن سليمان الكوفي في المناقب بسنده عن الحارث (1/479)، وعلى فصوله شواهد لا تحصى ونظائر لا تستقصى، انتهى بتصرف .
وعن جعفر بن محمد الصادق(1)[128]) [عَلَيْه السَّلام]: نزلت هذه الآية فينا وفي شيعتنا: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ(100)وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ(101)} [الشعراء]، <وذلك أن الله تعالى يفضلنا ويفضل شيعتنا حتى نشفع ويُشَفَّعُون، وإذا رأى ذلك من ليس منهم قالوا: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ(100)وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ(101)}(2)[129])> ولو ذهبنا إلى حصر فضائل الزيدية لطال الشرح وفيما ذكرنا لمعة كافية. (1/65)
[الآثار الداعية إلى اتباع أهل البيت(ع)]
ومما يدل على أن الحق في اتباع أهل البيت عَلَيْهم السَّلام والباطل في مخالفتهم: ما ثبت أن الحق مع علي [عَلَيْه السَّلام] والباطل مع مخالفيه(3)[130]) في أخبار كثيرة، ولا شك أن الذي نتبعه إنما هو أهل البيت وشيعتهم - رضي الله عنهم - مثل ما رواه حذيفة قال: كان النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم يذكر الفتن وما يكون في أمّته ، فمرَّ علي بن أبي طالب صلوات الله عليه فقال : ((يا حذيفة(4)[131]) هذا وحزبه الهداة إلى يوم القيامة، يا حذيفة لو أخذت الأمة جانباً، وأخذ علي جانباً غيره كان الحق مع علي، وعلي مع الحق(5)[132]))).
__________
(1) 128])ـ روى الخبر: الحاكم الجشمي في تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين (ص118) وقال: روى الناصر للحق بإسناده عن جعفر بن محمد الصادق ..الخبر .
(2) 129])ـ ما بين المفتوحتين ساقط نم (ب)، وهي ما تسمى غلطة نبيه .
(3) 130])ـ في (ب): في مخالفته .
(4) 131])ـ نهاية الصفحة [11-أ] .
(5) 132])ـ رواه صاحب المحيط بالإمامة بسنده عن عبدالله بن الحسن، قال: كان رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- يذكر الفتن، وما يكون من أمته فمر علي بن أبي طالب فقال: ((يا حذيفة ...الخبر)) . لوامع الأنوار للإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى (1/1/147) .
وهذا يدلك(1)[133]) أن الجانب الذي فيه الزيدية هو جانب أهل البيت عَلَيْهم السَّلام، وهو جانب الحق وأن ما عداه من الجوانب هو الباطل؛ لأن من عداهم من الفرق لم يتبعوا جانب علي عَلَيْه السَّلام ، ولم يقتدوا به في المذهب والقول والعمل. (1/66)
ومثل ما رواه سلمان رضي الله عنه أنه قال لعلي [عَلَيْه السَّلام]: قلّ ما اطلعت(2)[134]) على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم يا أبا الحسن وأنا معه إلا ضرب بين كتفي وقال: ((يا سلمان هذا وحزبه المفلحون(3)[135]))) وحزبه إنما هم أهل البيت عَلَيْهم السَّلام وغيرهم من الزيدية.
ومن الظاهر البين أن النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم قال - ودعا لعلي عَلَيْه السَّلام: ((اللهم أدر الحق معه أينما دار(4)[136]))) لأنهم أتباع علي عَلَيْه السَّلام.
وقال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة(5)[137]))) وذلك يدلك أنهم الفرقة الناجية.
__________
(1) 133])ـ في (أ): يدل .
(2) 134])ـ في (أ) : ما اطلعت .
(3) 135])ـ الخبر: أخرجه الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية بسنده عن علي –عَلَيْه السَّلام-، انظر: الأمالي الخميسية (1/1/143- 144) .
(4) 136])ـ الخبر في المستدرك على الصحيحين مرفوعاً (3/134) بلفظ : ((اللهم أدر الحق معه حيث دار)) قال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ، وهو في فيض القدير (2/236) وله شواهد من أحاديث كثيرة ، انظر ذلك .
(5) 137])ـ الخبر : أخرجه الحافظ محمد بن سليمان الكوفي في النماقب (2/284) عن أبي الجعد عن أم سلمة ، وأخرجه الإمام الناصر الأطروش بسنده عن أم سلمة ، وعنه رواه الحاكم الجشمي في تنبيه الغافلين ص(119) .
وعنه صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((إن في السماء لحرساً وهم الملائكة، وإن في الأرض لحرساً وهم شيعتك يا علي(1)[138]))). (1/67)
وعنه صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم قال لفاطمة [عليها السلام]: ((تدرين لم سُمْيّتِ فاطمة)) ؟
قال علي : لِمَ سُميتْ فاطمة يا رسول الله؟
قال: ((لأنها فُطِمَتْ هي وشيعتُها من النار(2)[139])))، وشيعتها باليقين ليس إلا الزيدية؛ لأن الشيعة الأتباع، وأتباعها ليس إلا الزيدية.
وقال صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((استوصوا في أهل بيتي فإني مخاصمكم عنهم، ومن أكن خصمه خصمتُه(3)[140]))) ولم يستوص بهم خيراً إلا فرقة الزيدية فإن من عداهم يكون على طول الدهر من حزب أعدائهم، ومع محاربيهم أو الخاذلين لهم، ولا يتبعون مذهبهم ولا يلهجون بذكرهم، ولا يؤكدون في قلوبهم محبتهم ، والله تعالى عن ذلك سائلهم.
__________
(1) 138])ـ الخبر: أخرجه الإمام الناصر الأطروش، قال: أخبرني أخي الحسين بن علي، قال: أخبرني عبدالرحمن بن القاسم، قال: حدثني جندب بن والق، قال: حدثنا محمد بن عمر المازني، عن عباد بن حبيب الكلبي، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-: ((إن في السماء حرساً وهم الملائكة، وإن في الأرض حرساً وهم شيعتك يا علي، لم يبدّلوا ولم يغيّروا)) .
وفيه: قال أبو عبدالله جعفر بن محمد: (ما أعلمها في أحد من شيعتنا إلا في أصحاب عمي زيد بن علي، مضى من مشى منهم على منهاجه، وبقي من بقي منهم ينتظر فرجنا أهل البيت) . المحيط بالإمامة (خ) . ورواه الحاكم الجشمي في تنبيه الغافلين (ص119)، والخوارزمي في المناقب (ص328) .
(2) 139])ـ
(3) 140])ـ وأخرج أبو سعد الملا في سيرته قال:((استوصوا بأهل بيتي فإني أخاصمكم عنهم غداً، ومن كنتُ خصمه أخصمه، ومن أخصمه دخل النار))، إجازات المسوري 321.
قال علي [عَلَيْه السَّلام] لعمار: (يا عمار، نحن النجباء، وأفراطنا أفراط الأنبياء، وحزبنا حزب الله والفئة الباغية حزب الشيطان، ومن ساوى بيننا وبين عدونا فليس منا(1)[141]))، والمحسن إليهم من سائر الفرق ممن عدى الزيدية أكثر إحسانه أن يبلغ به إلى أن يسوي بينهم وبين عدوّهم فهذا أعظم بِرْهِ وأوسع إحسانه إليهم فليس منهم ولا إليهم، ومحمد صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم يوم القيامة خصمهم. (1/68)
وأيضاً لو لم يكن مذهبهم أولى إلا لأنهم أفضل كما قال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((ليس أحد يفضل أهل بيتي غيري(2)[142]))) .
وأن الأمان يقع بهم كما قال صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي(3)
__________
(1) 141])ـ أخرج كلام أمير المؤمنين: الحافظ محمد بن سليمان الكوفي في المناقب في كلام طويل: (فنحن النجباء، أفراطنا أفراط الأنبياء، وأنا سيد الأوصياء، ونحن حزب الله ورسوله، والفئة الباغية حزب الشيطان، فمن أراد أن يعلم ذلك فليمتحن قلبه فإن أشرك في حبنا عدونا فليس نحن فيه، ولا هو منا والله له عدو وجبريل وميكائيل والله عدو الكافرين) . انظر: المناقب (1/2/106) .
(2) 142])ـ الخبر: أخرجه الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية بسنده عن أمير المؤمنين عن النبي -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- قال: ((نحن أهل بيت شجرة النبوة، ومعدن الرسالة، ليس أحد من الخلائق يفضل أهل بيتي غيري)) انظر: الأمالي الخميسية (1/154) .
(3) 143])ـ الحديث بهذا اللفظ وقريباً منه: أخرجه الحافظ محمد بن سليمان الكوفي بأرقام (618، 623، 651، 653) من طرق عدة، وأخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (2/486) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والطبراني في المعجم الكبير (7/22) برقم (6260) ، والهيثمي في مجمع الزوائد (9/174) .
قال الإمام الشهيد الناصر عبدالله بن الحسن (ت 1256هـ) في الأنموذج الخطير: فلو كان أهل البيت الأربعة لكان قد ذهب أهل الأرض .
وقد أخرج وروى هذا الخبر من الأئمة: الإمام الهادي في الأحكام (1/41) بلفظ مقارب، والإمام علي بن موسى الرضا في الصحيفة (463) والإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية (1/155)، والإمام المنصور بالله في الشافي (4/158) .
[143]))). (1/69)
وأيضاً فالبركة بهم تنزل ودعاؤهم مستجاب كما قال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((دعاء أطفال ذريتي مستجاب ما لم يقارفوا الذنوب(1)[144]))).
وأيضاً فهم أعلم وأحكم، وقال صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((أهل بيتي أحكم الناس صغاراً وأعلمهم كباراً، تعلموا منهم ولا تعلموهم، وقدموهم ولا تقدموا عليهم(2)[145]))).
__________
(1) 144])ـ
(2) 145])ـ الخبر: أخرجه بلفظ مقارب الحافظ محمد بن سليمان الكوفي في المناقب (2/107) بسنده عن محمد الباقر، قال: قال النبي -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- ((أنا وأبرار عترتي وأطائب أرومتي أحلم الناس صغاراً وأعلمهم كباراً فإن لبدوا فالبدوا ، وإن استنصروكم فانصروهم تحمدوا وتؤجروا، ولا تستنفروهم فتصرعكم المنية ويشمت بكم عدوكم)) .
وأخرج ذيل الحديث ((قدموهم ولا تقدموهم ...)): الحافظ محمد بن سليمان الكوفي في كتاب المناقب بلفظ: ((أوصيكم بأهل بيتي خيراً فقدموهم ولا تقدموهم ...الخبر)) .، ورواه الإمام المنصور بالله في الرسالة الناصحة وفي مقدمة كتاب الشافي (1/16)، وقد نقله العلامة عبدالله أحمد بن الشرفي في مقدمة تفسير المصابيح (ص35) طبعة أولى .
وله شاهد آخر من حديث الثقلين أورده الطبراني في الكبير (5/166)، قال بعد حديث طويل: ((لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، وسألت عن ذلك لهما ربي، فلا تقدموهم فتهلكوا، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم)) ثم أخذ بيد علي فقال: ((من كنت مولاه ...إلخ))، وهو في مجمع الزوائد (9/194)، ومقارب له في الأمالي الخميسية (1/156)، وله شواهد فيما جاء من كلام أمير المؤمنين الآتي، وابن مسعود، وأبي بن كعب . انظر: الأمالي الخميسية (1/1/153)، مناقب الكوفي (1/225، 419)، (2/108، 121).
وعن علي [عَلَيْه السَّلام]: (انظروا أهل بيت نبيكم والزموا سمتهم، واتبعوا أثرهم، فلن يخرجوكم من هدى، ولن يعيدوكم في ردى، فإن لَبَدُوا فالبدوا ، وإن نهضوا فانهضوا، ولا تسبقوهم فتضلوا، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا(1)[146])). (1/70)
وأيضاً فقد أوصى بهم النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم فقال: ((أيها الناس أوصيكم بعترتي [أهل بيتي] خيراً فإنهم لحمتي ووصلتي فاحفظوا منهم ما تحفظون مني(2)[147]))) وقد عرفت أنه يجب حفظ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم باتباعه بالقول والفعل، فكذلك عترته، "وأيضاً فالصلاة أحد أركان الدين وهي لا تصح إلا بالصلاة عليهم فيها(3)[148])".
__________
(1) 146])ـ نهج البلاغة (ص143) رقم الخطبة (97) تحقيق د/ صبحي الصالح.
(2) 147])ـ الخبر: أخرجه الإمام أبو طالب في الإمالي (الباب الثامن) بسنده عن ابن عباس . انظر: تيسير المطالب (ص130) .
(3) 148])ـ ما بين المفتوحتين سقط من (أ) .
وأيضاً فهم أولاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب [عليه الصلاة والسلام ] الذي قال فيه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم : ((يا علي خلق الله نوراً فجزأه فخلق العرشَ من جزء، والكرسي من جزء، والجنة من جزء، والكواكب من جزء، والملائكة من جزء، والسدرة المنتهى من جزء، وأمسك جزءاً منه تحت بطنان العرش حتى خلق آدم عَلَيْه السَّلام فأودعه الله جبينه، وكان ينتقل ذلك من أب إلى أب إلى عبد المطلب ، ثم صار نصفين فنقل جزءاً إلى عبدالله والد النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم ونصفه إلى أبي طالب، فخلقتُ أنا من جزءٍ وأنتَ من جزءٍ؛ فالأنوار كلها من نوري ونورك يا علي(1)[149]))). (1/71)
__________
(1) 149])ـ الحديث بألفاظ متقاربة أخرجه الإمام المنصور بالله في الشافي (1/110- 111)، وأخرج أيضاً نحوه من مسند أحمد بن حنبل، ومن طريق ابن المغازلي (87) برقم (130) عن سلمان، و(131) عن أبي ذر، و(132) عن جابر، ومن الفردوس للديلمي (2/191) برقم (2952) عن سلمان، والحاكم في السفينة، وساق الأخبار بأسانيدها، وابن عساكر (1/151) رقم (185) عن ابن عباس، و(186) عن سلمان، ترجمة الإمام علي بتحقيق المحمودي، والحموي في فرائد السمطين (9/42) رقم (6) عن سلمان، ورقم (7) عن علي، قال المحمودي: أخرجه الخوارزمي في فصل (14) من المناقب (ص88) وفي آخر الفصل (4) من مقتله، وابن أبي الحديد في شرح النهج (146) (2/450، ط: مصر)، وعزاه إلى أحمد في المسند والفضائل، والكنجي في كفاية الطالب (87) (ص315).
وأيضاً ففيه قال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه ، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده ، وإلى موسى بن عمران في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب(1)[150]))). (1/72)
وهو الذي آخاه النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم ووازره، وقال: ((أنت أخي ووزيري وخير من أخلفه بعدي(2)[151]))).
وأيضاً فهو الذي أوصى إليه أن يغسله ويكفنه ويقوم بأمره بعد موته.
__________
(1) 150])ـ وقد ضمن كلمات هذا الحديث محمد بن أحمد بن عبيد الله الكاتب المعروف ((بالمفُجَّع)) المتوفى (327هـ) في قصيدة أسماها (بذات الأشباه) وإليك منها:
أيها اللائمي لحب عليا
أبخير الأنام عرضت لا زلـ
أشبه الأنبياء كهلاً وزولاً
قم ذميماً إلى الجحيم خزيا
ـت مذوداً عن الهدى مزويا
وفطيماً وراضعاً وغذيا
والحديث رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مع اختلاف اللفظ لا المعنى، وأخرجه الإمام المرشد بالله بنحوه في الأمالي الخميسية (1/133)، وابن المغازلي في مناقبه (ص147) رقم (256)، وللحديث مصادر أخرى اكتفينا بهذا منها .
(2) 151])ـ الخبر: أخرجه صاحب المحيط بالإمامة (خ) قال: أخبرنا محمد بن علي بن خلف، قال: حدثنا محمدبن عمرو، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن عمرو بن حريث، عن برذعة بن عبدالرحمن، عن أنس بن مالك، قال: دخل علي بن أبي طالب –عَلَيْه السَّلام- على رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- فقال: ((أنت أخي ووزيري وخليفتي في أهلي وخير من أخلفه بعدي))، وأخرجه بلفظ مقارب الحافظ محمد بن سليمان الكوفي في المناقب (1/445)، وله شواهد كثيرة، انظر: أحاديث المناقب .
وأيضاً فهو الذي زوّجه النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم ابنته، وقد كان خطبها أبو بكر ثم عمر، فقال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((إنما أنا بشر مثلكم أزوجكم وأتزوج منكم إلا فاطمة فإنه نزل تزويجها من السماء(1)[152]))). (1/73)
وأيضاً فترك له طريق إلى المسجد وسد الأبواب كلها إلا باب علي [عَلَيْه السَّلام]، ولما خرج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم وهم قائِلُون بالمسجد ومعهم علي بن أبي طالب عَلَيْه السَّلام ضربهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم بعسب(2)[153]) رطب فجفلوا وجفل معهم علي بن أبي طالب فأدركه النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم وقال: ((إنك لست كهيئتهم إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، كأني بك على حوضي بيدك عصا من عوسج تذود عنه رجالاً كما يذاد البعير الصادي على الماء، يقتلك أشقى هذه(3)[154]) الأمة كما قتل ناقةَ الله (أشقى(4)[155])) بني فلان من ثمود(5)[156]))).
__________
(1) 152])ـ الخبر: أخرجه أبو العباس الحسني في المصابيح (ص232) بسنده عن علي –عَلَيْه السَّلام-، وعنه الإمام أبو طالب في الأمالي في (الباب الخامس)، والإمام المنصور بالله في الشافي (4/196) .
(2) 153])ـ في (أ): بعسيب .
(3) 154])ـ نهاية الصفحة [13-أ].
(4) 155])ـ سقط من (أ) .
(5) 156])ـ أخرجه بألفاظ متقاربة: الحافظ محمد بن سليمان الكوفي في المناقب (2/62، 462، 465) وقال المحمودي في الهامش: وقريباً منه رواه ابن عساكر بسنديه عن جابر بن عبدالله الأنصاري تحت الرقم (329_ 330) من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق (1/290)، ورواه الخوارزمي في الباب (9) من كتابه: مناقب علي –عَلَيْه السَّلام- (ص60) .
وهو المراد بقوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ(7)}(1) (1/74)
__________
(1) 157])ـ روى الطبري في تفسيره (13/108) قال: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال: حدثنا الحسن بن الحسين الأنصاري، قال: حدثنا معاذ بن مسلم، حدثنا الهروي، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما نزلت: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ(7)} [الرعد]، وضع رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- يده على صدره فقال: ((أنا المنذر ولكل قوم هاد –وأومأ بيده إلى منكب علي فقال: أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون بعدي)) .
ورواه الطبراني في كتاب المعجم الصغير (2/38) قال: حدثنا الفضل بن هارون البغدادي صاحب أبي ثور، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا المطلب بن زياد، عن السدي، عن عبد خير، عن علي –كرم الله وجهه في الجنة- في قوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ(7)}، قال: رسول الله المنذر، والهاد رجل من بني هاشم.
ورواه أبو نعيم الأصبهاني في كتابه (ما نزل من القرآن في علي –عَلَيْه السَّلام-) (ص117) وبحديث رقم (31)، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، قال: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي، قال: حدثنا حسن بن حسين العُرني، قال: حدثنا معاذ بن مسلم الهروي [الفراء]، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما نزلت {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ(7)}: أومى النبي -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- بيده إلى منكب علي فقال: ((أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون من بعدي)) .
وقد احتجت الزرقاء الكوفية بهذا الحديث عندما دخلت على معاوية وسألها: ما تقولين في مولى المؤمنين علي ؟ فأنشأت تقول:
صلى الإله على قبر تضمنه
من حالف العدل والإيمان مقترناً
نور تأجج فيه العدل مدفونا
فصار بالعدل والإيمان مقرونا
فقال لها معاوية: كيف غُررت فيه هذه الغريرة ؟
فقالت: سمعت الله في كتابه يقول لنبيه: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ(7)}( [157]) [الرعد]، المنذر رسول الله والهادي علي ولي الله، وللحديث مصادر كثيرة اكتفينا بهذا منها . انظر شواهد التنزيل (1/394)، مناقب الكوفي (طبع) .
[157]) [الرعد]، هو الهادي في الآية بنص النبي المختار. (1/75)
وهو المراد بقوله تعالى: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ(43)}(1)[158]) [الرعد] ، وهو المراد بقوله تعالى: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ(12)} [الحاقة]، لما نزلت قال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((اللهم اجعلها أذن علي)) قال علي [عَلَيْه السَّلام] فما نسيت شيئاً بعد ذلك(2)
__________
(1) 158])ـ روى الحاكم الحسكاني في (شواهد التنزيل) (1/400) في تفسيره للآية بأسانيد مختلفة، ففي الحديث (422) قال: حدثني أبو الحسن الفارسي، وأبو بكر المصري، قالا: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي الفقيه إملاء، قال: حدثنا محمد بن موسى المتوكل، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن عمرو بن مفلس ، عن خلف، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: سألت رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- عن قوله تعالى: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ(43)} [الرعد]، قال: ذاك أخي علي بن أبي طالب .
(2) 159])ـ روى الطبري في تفسير الآية المباركة من تفسيره (29/55) قال: حدثنا علي بن سهيل، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن علي بن حوشب، قال: سمعت مكحولاً يقول: قرأ رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ(12)} [الحاقة]، ثم التفت إلى علي ؛ فقال: ((سألت الله أن يجعلها أذنك)) قال علي –رضي الله عنه-: فما سمعت شيئاً من رسول الله –صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم- فنسيته.
ورواه بسنده أيضاً الحاكم الحسكاني في كتابه (شواهد التنزيل) (2/361) في الحديث (1007)، ورواه أبو نعيم الحافظ في كتابه (ما نزل من القرآن في علي) (ص266) في الحديث (74)، ورواه البلاذري في الحديث (83) من ترجمة الإمام علي في أنساب الأشراف (2/121)، ورواه السيوطي في جمع الجوامع (2/308)، ورواه ابن المغازلي في مناقبه بسندين في الحديث رقم (363- 364) (ص197)، ورواه الكنجي الشافعي في كفاية الطالب (ص180)، ورواه أبو الحسن الواحدي في كتاب أسباب النزول (ص329)، ورواه الفيروزأبادي في كتاب فضائل الخمسة (1/329).
[159]). (1/76)
ومن فضائله(ع):
وكون الحق معه كما قال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم ((علي مع الحق والقرآن، والقرآن والحق مع علي ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض(1)[160]))).
ومن فضائله [عَلَيْه السَّلام](2)[161]): خبر الموالاة، وخبر الطائر، وخبر الراية، وحديث عمرو بن عبد ودّ، وحديث أسد بن غوّيلم فاتك العرب، وحديث رد الشمس بعد غروبها، وحديث الرمان، وحديث السطل النازل من السماء، وحديث البساط، وكلام أهل الكهف له، وحديث التفاحة، وحديث جبريل معه، وحديث الكوكب، وحديث الوزارة، وأحاديث الإمامة، واستحقاقه الخلافة.
وقوله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((إذا اختلفتم في شيء فكونوا مع علي بن أبي طالب(3)[162]))). وسائر فضائله التي رواها الموالف والمخالف.
__________
(1) 160])ـ الخبر بلفظه: أخرجه الإمام أبو طالب في الأمالي (ص55) عن شهر بن حوشب عن أم سلمة من حديث أبي ثابت، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (14/320)، والحاكم في المستدرك (3/134)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ورواه الحاكم الجشمي في تنبيه الغافلين (ص86)، والسيوطي في تاريخ الخلفاء (ص181)، والشلبنجي في نور الأبصار (ص80)، والهيثمي في مجمع الزوائد (9/134) عن أم سلمة أيضاً، وقال: ورواه الطبراني في الصغير والأوسط، ورواه ابن حجر في الصواعق (ص75) .
(2) 161])ـ انظر تفاصيل ومرويات هذه الفضائل في كتب المناقب المطبوعة: مناقب ابن المغازلي الشافعي (ط)، ومناقب محمد بن سليمان الكوفي (ط)، ومناقب الكنجي (ط)، كتاب العمدة لابن البطريق (ط)، والمظان كثيرة لا تحصى .
(3) 162])ـ
وقوله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((لو أن الغياض أقلام والبحر مداد، والجن حساب والأنس كُتَّاب ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب(1)[163]))). (1/77)
ومن فضائل أهل البيت عَلَيْهم السَّلام: أنهم أولاد فاطمة الزهراء التي زُوِّجَتْ في السماء، وأنهم أولاد الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة عند العلي الأعلى، قال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((إذا كان يوم القيامة أقف على الحوض وأنت يا عليُّ والحسن والحسين تسقيان شيعتنا(2)[164])، وتطردان أعدائنا(3)[165]))).
وفيهم نزلت آية التطهير(4)
__________
(1) 163])ـ الخبر: أخرجه الحافظ محمد بن سليمان الكوفي في المناقب (1/557) عن ابن عباس، وقال الشيخ المحمودي: رواه الخوارزمي مسنداً عن ابن عباس في مقدمة كتاب مناقب علي –عَلَيْه السَّلام- ص(2) .
(2) 164])ـ نهاية الصفحة [26-ب] .
(3) 165])ـ
(4) 166]) - حديث الكساء المشهور أحد الأحاديث التي تفوق درجة التواتر ، وهو الذي خصص آية التطهير في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين عَلَيْهم السَّلام .
رواه من الصحابة : أمير المؤمنين ، والحسن السبط ، وفاطمة الزهراء ، وعبدالله بن العباس ، وعبدالله بن جعفر ، وجابر بن عبدالله ، وأم المؤمنين أم سلمة ، وابنها عمر بن ابي سلمة ، وعائشة ، والبراء بن عازب ، وواثلة بن الأسقع ، وأبو الحمراء مولى النبي ، وأبو سعيد الخدري ، وأنس بن مالك ، وسعد بن ابي وقاص .
والحديث عن أم سلمة أخرجه : أبو يعلى في مسنده (12/451) رقم (7021) عن شهر بن حوشب عن أم سلمة ، وأحمد في مسنده (6/292) رقم (26551 )، والطبراني في المعجم الكبير بطرق عدة ففي ( 3/52) رقم (2662) عن ابي سعيد الخدري عن أم سلمة ، وفي (3/53) رقم (2663، 2664) بطريقين عن وهب بن عبدالله بن زمعة عن أم سلمة ، وعن شهر بن حوشب بثلاث طرق ، وفي (23/286) رقم (627) عن عطاء بن يسار عن أم سلمة ، وفي (23/327) رقم (750) عن حكيم بن سعد عن أم سلمة ، وفي (23/333) رقم (768) عن شهر بن حوشب بطريق آخر غير الثلاث الطرق الأولى . والحاكم في المستدرك على الصحيحين (2/451) رقم (3558) عن عطاء بن يسار عن أم سلمة ، وفي (3/158) رقم (4705) عن عطاء بن يسار بطريق أخرى ، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (9/126) رقم (4743) عن أبي سعيد الخدري عن أم سلمة ، والطبري في تفسيره (22/7) بطرق عدة منها عن أبي هريرة عن أم سلمة ، وابن كثير في تفسيره (3/485) بطرق عدة أيضاً .
وأخرجه الإمام أبو طالب عن شهر بن حوشب في الأمالي (130) ، والحافظ محمد بن سليمان الكوفي في المناقب (1/132) عن عمرة عن أم سلمة ، ولحديث عمرة طرق عدة ، وممن أخرجه عنها الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل (2/82) (ط/1) .
[166])، دخل النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم بيت فاطمة وهم نيام فانزعجوا فقال: ((كما أنتم وأدخل رجله بين صدر علي وفاطمة، وأخذ رأس علي والحسن عن يمينه، ورأس فاطمة والحسين عن شماله، (ورفعهم إلى السماء(1)[167])) وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً)). (1/78)
فقالت أم سلمة: وأنا منكم يا رسول الله، قال: ((أنت إلى خير، وقال جبريل - وقد أدخل رجله تحت العباة: وأنا منكم يا رسول الله، قال: وأنتَّ)) فصعد جبريل إلى السماء يفتخر ويقول: من مثلي أنا من بيت محمد ليس لي في الملائكة نظير.
وحديث المهد، وأنه كان يتحرك وفاطمة مشتغلة بصلاتها يبعث الله ملكاً حتى يحرك المهد بولدها.
وحديث الكسوة، وأن أيام العيد لما قربت ولم يكن للحسن والحسين ما يلبسان فكانا يقولان لفاطمة: أين ثيابنا ؟
وكانت تقول: (هي(2)[168])) تُخاط إن شاء الله، تدفعهما بذلك.
فلما كان يوم العيد نادى بها منادٍ: خذي هذا الثياب فوجدت ثياباً مخيطة رداء وعمامة وخفين على قدر كل واحد منهما ، [14-أ] ولم تر أحداً فتعجبتْ وأخبرتْ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم فقال: ((إن الملك جاء بالثياب من عند الله إنجازاً لوعدِكِ لهما))(3)[169]).
وأيضاً فهما ابنا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم بقوله ونصه: ((كل بني أنثى ينتمون إلى أبيهم إلا ابني هذين فأنا أبوهم أعقل عنهما)) وهذا نص صريح أن أهل البيت عَلَيْهم السَّلام أولاد رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم شرعاً كما هم أولاده لغة وعرفاً.
__________
(1) 167])ـ ما بين المفتوحتين سقط من (أ) .
(2) 168])ـ سقط من (أ) .
(3) 169])ـ انظر ذلك في كتب المناقب المشار إليها سابقاً .
وأيضاً فروي عن ابن عباس قال: أخذ النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم بيدي ويد علي بن أبي طالب وخلا بنا على ثبير، ثم صلى ركعات ثم رفع يديه إلى السماء وقال: ((اللهم إن موسى بن عمران سألك، وأنا محمد نبيك أسألك أن تشرح لي صدري وتيسر لي أمري، وتحلل عقدة من لساني ليُفْقَهَ قولي، واجعل لي وزيراً من أهلي، علي بن أبي طالب أخي، أشدد به أزري، وأشركه في أمري)). (1/79)
قال ابن عباس: فسمعت مناديا: يا أحمد: قد أوتيتَ ما سألتَ، فرفع علي يده إلى السماء وهو يقول: (اللهم اجعل لي عندك عهداً، واجعل لي عندك ودّاً)، فأنزل الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا(96)} [مريم]، فتلاها النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم على أصحابه فعجبوا من ذلك تعجباً شديداً، فقال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم : (([منها] تعجبون، القرآن أربعة أرباع ! فربع فينا أهل البيت خاصة ، وربع في أعدائنا، وربع حلال وحرام، وربع فرائض وأحكام، وإن الله أنزل في علي كرائم القرآن(1)
__________
(1) 170])ـ أخرجه: الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة في الشافي (2/25) بسنده عن البراء بن عازب، وأخرجه أيضاً ابن المغازلي الشافعي في المناقب (ص202) رقم (375)، والكوفي في المناقب (1/302) بدون الذيل، وفي هامش كتاب المصابيح الساطعة (1/133) للشرفي، وقد نقله عن المؤلف: ((أخرجه بهذا اللفظ فرات الكوفي في تفسيره رقم (636)، وابن المغازلي حديث (375) في المناقب، والحافظ أبو نعيم فيما نزل، كما في البحار (35/359)، وأورده المجلسي في البحار عن فرات والروضة (35/356)، كما أورده الحسكاني في شواهد التنزيل عن فرات أيضاً حديث (57)، وللحديث شواهد كثيرة، أما ذيله وهو قوله: ((القرآن أربعة أرباع)) فله شواهد جمة من طرق متعددة عن الباقر والصادق وأمير المؤمنين -عَلَيْهم السَّلام- وغيرهم . انتهى من هامش (المصابيح الساطعة) .
[170]))). (1/80)
وعن علي [عَلَيْه السَّلام]: (نزل القرآن أرباعاً فربع فينا أهل البيت، وربع في عدوّنا، وربع سنن وأمثال، وربع فرائض وأحكام، فلنا كرائم القرآن(1)[171])).
وقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((إن الله جعل علياً وزوجتَه وبنيه حجج الله على خلقه، وهم أبواب العلم في أمتي، من اهتدى بهم هدي إلى صراطٍ مستقيم(2)[172]))).
__________
(1) 171])ـ وفي ينابيع المودة (1/126) قال: وفي المناقب عن الأصبغ بن نباتة عن علي –عَلَيْه السَّلام- قال: (نزل القرآن على أربعة أرباع ربع فينا، وربع في عدونا، وربع سنن وأمثال، وربع فرائض وأحكام، ولنا كرائم القرآن) أيضاً عن أبي الجارود وأبي بصير وخيثمة وهم جميعاً عن الباقر –عَلَيْه السَّلام-، قال: هذا الحديث بلفظه . قلت: وأخرجه فرات الكوفي في تفسيره من عدة طرق (ص46- 47)، وعنه: الحسكاني في شواهد التنزيل، وهو هناك من طرق عديدة . من هامش الأنوار الساطعة (ص133) .
(2) 172])ـ الخبر: أخرجه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل (1/58) برقم (89) عن أبي الزبير عن جابر بن عبدالله الأنصاري .
وحديث أنس بن مالك، قال: دعا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم ذات يوم بوضوء فتوضأ فصلى ثم قال: ((يدخل عليَّ أمير المؤمنين وخير الوصيين وأولى الناس بالنبيين)) قال: قلت: اللهم اجعله رجلاً من الأنصار، قال: إذ ضرب الباب، فدخل علي بن أبي طالب، فقام النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم فجعل يمسح من وجهه فيمسح به وجه علي بن أبي طالب عَلَيْه السَّلام ويمسح وجه علي فيمسح به وجهه، فدمعت عين علي عَلَيْه السَّلام فقال: يا رسول الله، ما في هذا ترى بي شيئاً ؟ قال: فقال ((ولم لا أفعل هذا لك وأنت تسمع صوتي وتؤدي عني وتبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي(1)[173]))). (1/81)
وفيه دلالة أن ما ذهبت إليه الزيدية من أن قوله عَلَيْه السَّلام حجة واجبة الاتباع فهو حق وصواب، وفي شرفه وفضله فضل لولده عَلَيْهم السَّلام، وذلك فيما يؤكد القول بأنهم الفرقة الناجية عند الله عز وجل.
__________
(1) 173])ـ أخرجه الإمام المنصور بالله في الشافي (1/4/123) بسنده عن صاحب المحيط يبلغ به أنس بن مالك، وأخرجه أيضاً الحافظ محمد بن سليمان الكوفي في المناقب، من طرق عدة عن أنس بن مالك (1/312، 313، 361، 391، 431)، وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (42/386 ت) ، وقال الشيخ محمد باقر المحمود في هامش مناقب الكوفي: رواه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في كتاب حلية الأولياء (1/63)، ورواه الخوارزمي في الفصل السابع من كتابه مناقب علي –عَلَيْه السَّلام- (ص41)، وأيضاً رواه بسنده عن أبي نعيم السيوطي من فضائل علي –عَلَيْه السَّلام- من كتاب اللآلئ المصنوعة (1/186) (ط/بولاق)، ورواه أيضاً الحموئي بسنده عن أبي نعيم في الباب (27) من كتاب فرائد السمطين (1/145) (ط/ بيروت) .
ولأن إسنادهم أشرف، ورجاله أورع وأعلم وأزهد؛ لأنهم أئمة الهدى وسادات بني الدنيا، ولو ملنا إلى شرح أخبارهم وقصصهم [23_ب] وآثارهم لطال الشرح وخرج عن حد الغرض، وفيما ذكرناه كفاية [15-أ] وتنبيه وهداية لمن نظر بعين البصيرة ، وعفّ(1)[174]) نفسه عن الدنيا الحقيرة، واتبع الهدى، وجانب الهوى. (1/82)
فنسأل الله أن يحشرنا في زمرتهم، وأن لا يسألنا إخلاصنا لمودتهم بحقه العظيم إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وقد تمت بذلك المقدمة.
[الجواب عن ما سأله الفقيه الشافعي]
فأما الجواب عما ذكره في الكتاب؛ فنحن نذكر ذلك على ترتيبه إن شاء الله تعالى:
أما ما مدح به أهل البيت من الرفض للدنيا الفانية، والتشمير لذخائر الآخرة الباقية، ومن قوله: (نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها، واهتموا بآجل الدنيا حين اهتم الناس بعاجلها..إلى آخر كلامه في ذلك).
فهم كما وصف وفوق ما نعت، وسببه أنهم أصفياء الله في أرضه، وأحبائه من خلقه، وإذا أحب الله قوماً تنسكوا له بنسك من هجم على علم، شاهدوا القيامة قبل أن يبلغوا إليها فحملوا أنفسهم على مجهودها، فإذا ذكروا صباح يوم العرض على الله تصوروا خروج عنق من النار يحشر الخلائق إلى ربهم، وظهور كتاب تبدوا فيه فضائح(2)[175]) ذنوبهم ، فكادت أنفسهم تسيل سيلاناً، وتطير بأجنحة الخوف طيراناً، وتكاد تفارقهم عقولهم إذا غلت بهم مراجل الرد إلى الله غلياناً.
فلهذا بذلوا أنفسهم وهي أغلىالذخائر لله عز وجل، وجاهدوا في سبيله ومضوا على سنة من سبقهم من أسلافهم الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
__________
(1) 174]) - في (أ) ، (ب) : وعرف ، وما أثبت تصويب .
(2) 175])ـ في (ب): فضائع.
ولما سمعوا قول الله: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة:41]، قاموا مشمرين وبادروا مسرعين، وذكروا قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة:111]، وطارت أفئدتهم رغبة في ذلك وقالوا لنربح البيع فلا نستقيل، فرضوا بالجنة ثمناً لأنفسهم، ورغبوا في طاعة سيدهم. (1/83)
ولما ذكروا قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ(4)} [الصف]، مع قوله تعالى: {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15)}...الآية [الأنفال]، صبروا على مرارة الحرب، وصفوا للطعن والضرب، واستشعروا حينئذ الخشية، وتجلببوا السكينة، وعَضُّوا على النَّواجذ، وقلقلوا السيوف في أغمادها(1)[176])، ثم سلوها وأغمدوها في الهام، وطعنوا الشزر، ونافحوا بالظُّبا، ووصلوا السيوف بالخطا، واستحيوا حينئذٍ من الفرار، ومشوا إلى الموت مشياً سمحا.
فسفكوا دماء نفوسهم بأيدي أعدائهم؛ طلباً لرضا ربهم ومبالغة في طاعة سيدهم، تصغيراً منهم للفانية، وتعظيما ًللأخرى الباقية، وزهداً في العاجل وادخاراً للثواب الآجل ، وتعظيماً منهم صلوات الله عليهم لأمر ربهم، وتأدية لحق الله، وإحتمالاً للصبر في ذات الله في السراء والضراء.
فهذا زهدهم الذي بذلوا فيه جهدهم على استنارة منهم بنور الحكمة، وبصيرة نافذة ويقين خالص، وعمل بكل فرائض الله، وقيام بكل أوامر الله، لا كما يظن الظانون ويتوهم المتوهمون أن الزهد [16_أ] والورع إنما هو الخمول والعزلة والانفراد والوحدة.
__________
(1) 176])ـ في (ب): أغمادهم، والكلام مستوحى من نهج البلاغة، رقم الخطبة (66).
وكيف يكون ذلك ديناً والمنكرات ظاهره، والمعاصي منتشره، والحق مقهور والباطل معلن به مشهور، وقد قال الله تعالى: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ(79)} [المائدة]، وقال: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(104)} [آل عمران]. (1/84)
ولو قدر أن المنفرد وحده والمنعزل بنفسه، لا يرى المنكر ولا ينتشر عنده ولا يظهر، فلا بد أن يكون جهاد المجاهدين أفضل [25-ب] وقيامهم بأمر الله أعظم وأكبر، قال الله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا(95) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا(96)} [النساء].
وقال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: (([كل يوم يرفع و(1)[177])]للإمام العادل أجر سبعين صديقاً(2)[178]))).
وعنه صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((ما أعمال البر مع الجهاد إلا كَنَفْثَةٍ من ريقك في اليم(3)[179]))).
[تصنيف الناس إلى أربعة]
__________
(1) 177])ـ ما بين المعكوفتين سقط من (أ) .
(2) 178])ـ الخبر: أخرجه بلفظ مقارب: أبو القاسم الجرجاني في تاريخ جرجان (1/69) من حديث أبي بكر .
(3) 179])ـ لم أقف عليه، وهو مروي في كلام أمير المؤمنين في نهج البلاغة رقم الخطبة (147) .
واعلم أيدك الله: أن الناس أربعة: منهم من لا تمنعه من الفساد في الأرض إلا مهانة نفسه ، وكلالة حده، ومنهم المصلت بسيفه المعلن بشره، المجلب بخيله ورجله، ومنهم من يطلب الدنيا بعمل الآخرة، ولا يطلب الآخرة بعمل الدنيا، قد طامن من شخصه، وقارب من خطوه، وشمر من ثوبه، وزخرف من قوله، واتخذ سنن الله ذريعة إلى معصيته لربه. (1/85)
ومنهم من أقعده عن الملك ضئولة نفسه، وانقطاع سببه فتحلا باسم القناعة، وتزين بلباس أهل الزهادة، وليس من ذلك في شيء.
وبقي رجال غضوا أبصارهم من الدنيا خوف المرجع، وأراقوا دموعهم ودماءهم في ذات الله على بصيرة من خوف المحشر؛ فهؤلاء الفائزون وهم أهل البيت الطاهرين ، <وأتباعهم من المتقين(1)[180])> صلوات الله عليهم أجمعين.
فلا تغتر بالقول المزخرف، وخذ ما تعرف ودع ما لا تعرف، فالطريق واضحة ، وأعلام الدين نيرة لائحة.
[النجاة والمخلص]
وأما قوله أيده الله: كيف الحيلة وما المخلص وفيهم النجاة مع ضعف النفوس ، ومحاربة السلطان(2)[181]) وكيد الهوى.
واعلم أن المخلص والنجاة لا تتم إلا باتباع الأئمة الهداة؛ لأنا قد بينا أن الحق في أيديهم وأنه لا ينجوا من الفِرَقِ التي افترقت عليها هذه الأمة إلا هم، ومن تابعهم دون غيرهم.
__________
(1) 180])ـ ما بين المفتوحتين سقط من (أ) .
(2) 181])ـ في (ب): ومحاربة الشيطان.
واعلم هُديت أنه ما هَدَم الدين ولا غيّره أعظم من أئمة الجور، [26-ب] ومما ساروا به في أمة محمد صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم أخذوا أموالهم واقتسموها فيما بينهم، واستعانوا بها على باطلهم، ووجدوا من المضلين(1)[182]) أعواناً على أخذها؛ لترغيبهم لهم في ارتكاب المحرمات، وشرب القهوات، وإباحة المحظورات؛ فصاروا جميعاً متعاونين على الباطل، ولم يبق هناك مانع ولا حائل، [17-أ] وسلط الله تعالى بعضهم على بعض ورفع عنهم يد التوفيق، فتراكموا في مضائق الطريق، فلم يبق مَحْرَمٌ إلا انتهكوه ، <ولا باب للإسلام إلا أرصدوه(2)[183])>، ولا منار للدين إلا هدموه. (1/86)
فبطلت أحكام الله وهدمت سنة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم، وأفسدوا على العباد معائشهم ، وموّهوا على أكثرهم أمر دينهم، حتى في صلاتهم وأعيادهم وجمعهم ، يتقدمهم بذلك شَرُّهم، يختطب للظالمين ويمتدح الأئمة الفاسقين، ويدعو لهم على المنابر، ويعاون(3)[184]) على هدم الإسلام ويظاهر، وهو يعرف ويتحقق أنه يختطب(4)[185]) لِشَرَبةِ الخمور ومرتكبي الفجور ، وأهل الإفك والزور.
ثم يأتمون به في صلاتهم ولا يردعهم ما عرفوه من أمره على إتباعه، ولا ينهوه عن فسوقه وابتداعه، وقد قال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((لا يؤمنكم ذو جرأة في دينه(5)[186]))).
__________
(1) 182])ـ في (ب): المظلومين .
(2) 183])ـ ما بين المفتوحتين سقط من (أ) .
(3) 184])ـ في (ب): ويعاونون .
(4) 185])ـ في (ب): يخطب .
(5) 186])ـ أخرج الخبر: الإمام أبو طالب في تيسير المطالب (ص224)، وابن أبي النجم في درر الأحاديث النبوية بالأسانيد اليحيوية (ص66) .
وقال [عَلَيْه السَّلام]: ((لا يؤمَّنَ فاجرٌ مؤمناً، ولا يصلينَّ مؤمنٌ خلفَ فاجر(1)[187]) )) فقد ظهر الكفر وعظم الأمر ، واصطلحت هذه الأمة الفاسدة على التعاون على دين محمد صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم إلا ما حفظ الله به من قيام أهل البيت عَلَيْهم السَّلام في وجوه المعتدين، على خذلان من الأمة لهم وابتزاز لحقّهم ، وإعلان لعداوتهم، وتظاهرهم على محاربتهم، حتى قل مُعِيْنُهم وناصرُهم فَقَلَّوا في عين عدوهم، فازداد الشاك نفاراً عنهم والمنافق بعداً منهم، وخلص إليهم من(2)[188]) سبقت لهم من الله الحسنى. (1/87)
[كلام علوي]
كما قال أمير المؤمنين(3)[189]) [صلوات الله عليه]: (سيأتي بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحق، ولا أظهر من الباطل، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله، وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب(4)[190]) إذا تُلي حق تلاوته، ولا أنفق منه إذا حُرِّف عن مواضعه؛ ولا في البلاد أنكر من المعروف ولا أعرف من المنكر)..في كلام طويل بلغ فيه إلى قوله عَلَيْه السَّلام:
__________
(1) 187])ـ الخبر: رواه صاحب الجامع الكافي (خ) في باب إمامة الصلاة .
(2) 188])ـ في (أ): الذين .
(3) 189])ـ الخبر في نهج البلاغة (ص204) رقم الخطبة (147) تحقيق د/ صبحي الصالح .
(4) 190])ـ نهاية الصفحة [27-ب] .
(واعلموا أنه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يَتَعَظَّم، فإن رِفْعَةَ الذين يعلمون ما عَظمتُه أن يتواضعوا له، وسلامة الذين يعلمون ما قُدْرَتُه أن يستسلموا له. فلا تنفروا من الحق نِفَارَ الصحيح من الأجرب، والباري من ذي السَّقم، واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه، ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه ؛ فالتمسوا ذلك من عند أهله، فإنهم عَيْشُ العلم، ومَوْتُ الجهل. هم الذين يخبركم حكمهم(1)[191]) عن علمهم، وصمتُهم عن منطقهم، وظاهرُهم عن باطنهم، لا يخالفون الدين ولا يختلفون فيه، فهو بينهم شاهد صادق، وصامت(2)[192]) ناطق) هؤلاء الذين أحال عليهم أهل بيت المصطفى وورثة الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين. (1/88)
وأما ما ذكرتَه (أيدك الله(3)[193])) من الأبيات التي فيها: [الوافر]
لقد أَصْبَحتُ من ضعفِ اليقين
أُكَابِدُ منهما خطباً جسيماً
إذا أصلحت ديني ضاع مالي
على حالي تلافٍ مُسْتَبينِ(4)[194])
ودون مرامه قطْعُ الوتينِ(5)[195])
وإن أصلحت مالي ضاع دينيِ
واعلم أيدك الله أن الدنيا ليست أهلاً أن نُقْبِل عليها، فلا نؤثرها وهي فانية على صلاح أنفسنا في الدار الباقية، فجميع ما فيها من ملكها وعناها وسرورها (وبهجتها(6)[196])) إلى زوال، وأهلها كلهم إلى انتقال، وليس بين أحدنا وبين الجنة أو النار إلا الموت.
__________
(1) 191])ـ في (أ): حلمهم .
(2) 192])ـ في (أ، ب): وصاحب ناطق، وما أُثبت من نهج البلاغة .
(3) 193])ـ سقط من (أ) .
(4) 194])ـ عجز البيت كما هو في (أ، ب) وهو غير واضح ومنزحف .
(5) 195])ـ الوتين: عرق في القلب يجري منه الدم إلى العروق بانقطاعه ينقطع عمر الإنسان .
(6) 196])ـ سقط من (ب) .
والله إن غاية تنقصها اللحظة، وتهدمها الساعة، لجديرة بقصر المدة، وإنَّ غائباً يحدوه الجديدان : الليل والنهار لحريٌ سرعة الأوبة، وإنَّ قادماً يَقْدُمُ بالفوز أو الشقوة لمستحقٌ لأفضل العُدَّة. فَاتَّقَى عَبْدٌ ربَّهُ(1)[197]) ، نَصَحَ نفسه ، وقَدَّم توبته وغلب شهوته؛ فالأجل مستور ، والأمل خادع غرور(2)[198]). (1/89)
[تصنيف طبائع العباد]
واعلم أيدك الله أن الله ركب العبد على طبائع أربع، وعدلها تبارك وتعالى، فإذا استقام على أوامر الله عز وجل صفت طبيعته واعتدلت موارده، وذلك أن الرغبة ضد الزهد، والجهل ضد العلم، والجبن ضد الشجاعة، والترك ضد العمل، فإذا استقام الورع لم يرغب عن البدل، ولا يميل إلى الجور في الأمر، وإذا استقام الزهد لم يجب داعي الهوى في طلب اللذات ، والاشتغال بالشهوات ؛ لأنه إذا مال إلى الجور لم تصفى طبيعته، ودنس بالطمع دينَه وعرضَهُ، وإذا مال إلى طلب اللذات مال إلى الهوى في متابعة الشهوات.
وإذا علم صَفَتْ طبيعَتُه عن الجهل والعمى، وأنار قلبُه بالعلم والهدى؛ فنطق بالحكمة وجانبَ في جميع أموره الشينَ والجهلَ والنقصان، لأن العلم يدله على الحلم، والجهلَ يحمله على الظلم والغشم، وأولُ أبواب الزهد القناعة لأن القانعَ لا يريد أكثر مما أعطي لرضاه عن الله تعالى بما أعطاه ، فإنه يعرف أنه اختار له ذلك على ما سواه، فهو عازفٌ عن الدنيا وما فيها لا يريد إلا الكفاف منها، والبلغة إلى الآخرة فيها، قال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((ما قَلَّ وكفى خيرٌ مما كَثُرَ وأَلْهى(3)[199]))).
__________
(1) 197])ـ نهاية الصفحة [28-ب] .
(2) 198]) - الكلام مستوحى من (نهج البلاغة) وفيه : قوله فاتقى عبده ربه وما بعده أوامر بصيغة الماضي ، ويجوز أن يكون بياناً للتزود المأمور به (هامش الشيخ محمد عبده) .
(3) 199])ـ الخبر: في مسند الشهاب (2/235) برقم (1261)، البيان والتعريف (2/192) .
ومن هاهنا قَدَّمَ أئمة الهدى مجاهدة النفسِ حتى تستقيم على طبائع الصحة الدينية على مجاهدة الأعداء؛ فإذا صفت الطبيعة أقدموا على بصيرة، ولهذا لم يبخلوا بإراقة دماءهم في سبيل الله حين تمسكوا بما ذكرناه أولاً ، ومن هاهنا لقوا شياطين الإنس وآساد بني آدم من الكفرة والطغاة، وعتاة الأنام، وأقدموا عليهم إقدام البطل الهمام، [و]الأسد الضرغام. (1/90)
وكان زيد بن علي [عَلَيْه السَّلام] يقول: (البصيرةَ البصيرةَ ثم الجهاد) أو ما هذا معناه(1)[200]).
وقال علي [عليه الصلاة والسلام]: (من غضب لله قوي على قتل آساد الباطل، ومن باع نفسه لله استحق منازل الأفاضل) فهذا طريق النجاة لمن طلبها، وسبيل السلامة لمن أرادها [16-أ].
[شكوى قلَّة الإخوان]
وأما ما شكاه من قلة الإخوان وعدم الأعوان مع ضعف الزمان. [29-ب].
فاعلم أيدك الله أن هذه أمة ظلمتْ أهلَ بيت نبيها حَقَّهَا، وعَدَلَتْ عن سادتها وجَمَحَتْ عن طاعتها، وسَعَتْ في خذلانها وتكثير سواد عدوّها عليها، ومعاونته بالجبايات لها، فضرب الله تعالى بعضهم ببعض حتى غضب عليهم، قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} [الروم:41].
__________
(1) 200])ـ (عباد الله لا تقاتلوا عدوكم على الشك فتضلوا عن سبيل الله، ولكن البصيرة البصيرة ثم القتال ...) هذا الكلام من خطبة له خطبها أصحابه حين أظهر دعوته . انظر الحدائق الوردية (مصورة 1/141) .
فلذلك اضمحلّت الأنباء، وغمضت الأشياء، وغشت الظلماء(1)[201])، وانقمع الضياء، وهلك الأخيار، وظهر الأشرار، وتآمرت الجَوَرَةُ، وظهر سلطان الفجرة الكفرة ، وفي ظهور ما قد ظهر وانتشار ما انتشر ما يُفْهِمُنا إن شاء الله تعالى أن سُلْطَانَ الجور قد آن دمارُهُ، وقَرُبَ هلاكه وغَيَارُه، قال الله تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ(4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ(5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ(6)} [القصص]. (1/91)
وعن النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم: ((يَطْلُعُ قرنُ الجور من بعدي قريباً ولا يَطْلُع من قرن الجور شيءٌ إلا مات من العدل مثله، ثلاث مرات حتى يولد قومٌ لا يعرفون إلا <الجور ولا يعملون إلا به، ثم يَمُنُّ اللهُ على خلقه فيأذن لقرن العدل أن يطلع فلا يطلع من قرن العدل شيء إلا مات مثله من الجور ثلاث مرات حتى يولد قوم لا يعرفون(2)[202])> إلا العدل ولا يعملون إلا به(3)[203]))).
__________
(1) 201])ـ في (أ): وغصت الظلماء .
(2) 202])ـ ما بين المفتوحتين سقط من (أ) .
(3) 203])ـ أخرجه محمد بن سليمان الكوفي عن حمدان بن عبيد عن علي بن عبدالحميد، عن حفص، عن عبدالحميد بن سهل، عن أبي داود الهمداني، عن معقل بن يسار، قال رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وسَلَّم-: ((يطلع قرن الجور من بعدي ...الحديث بطوله))، ورواه عنه علي بن محمد العلوي صاحب سيرة الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ص25) .
وعن علي [عليه الصلاة والسلام]: (انتظروا أمرنا إذا كَثُرت المعازف وكَثُر الرشا، وتبرجت النساء، واُستحسن الرِّبا، وكثر أولاد الزنا، وغاضت المياة، وقلت الثمار، وظهر القمار، وشاركت المرأة زوجها، وملكت الأمة سيدها، وشَرُفَ البنيان، وكثر بالمصر السودان، واتخذ الخصيان، واختصم في القرآن ، ووصف الرحمن، وظهر الجور والعدوان، وكان فاسق القوم زعيمهم ، وركبت(1)[204]) الفروج السروج، وغني بالمعازف عن القرآن(2)[205])، وتقارب الزمان، وتقاربت الأسواق، وظهر النفاق، وساءت الأخلاق، [30-ب] واستهين بالطلاق، وكثرت الأيمان، وبخس الميزان، وكذب في السلع، ونفقت السلع بالخدع، واستخف بالدم، وقطعت الأرحام، وقدم الصبي قبل أن يبلغ الحلم فيصلي بهم(3)[206])). (1/92)
وهذه أمور إما مجتمعه في كثير من البلدان، وإما مفترقة في بعضها، فرجاؤنا الثقة بالله تعالى أنه قد أزف ودنا ظهور كلمة أهل البيت الطاهرين عَلَيْهم السَّلام في أقطار الأرض ، الطول منها والعرض، فتمتلي الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، وينصر الله دينه، ويكشف غُمّته، ويزيح الظلم وظلمته، ويزيل دولته.
فينبغي للمحب للطيبين من أهل البيت الطاهرين عليهم صلوات رب العالمين أن يهاجر إلى أوطانهم ، ويكون من جملة إخوانهم، وأن لا يزال راجياً لظهور كلمتهم وانطماس العدوان بهم ؛ فإن الحق منهم بدأ وإليهم يعود، والله المرجو المحمود(4)
__________
(1) 204])ـ في (أ، ب): وركب، وما أثبت من السيرة .
(2) 205])ـ في السيرة: وغني بالقرآن على المعازف .
(3) 206])ـ أخرج الخبر: الحافظ محمد بن سليمان الكوفي بسنده عن أمير المؤمنين، ورواه عنه علي بن محمد العلوي صاحب (سيرة الإمام الهادي) انظر: سيرة الهادي إلى الحق (ص25، 26) طبعة دار الفكر .
(4) 207])ـ انتهى كتاب الرسالة البديعة المعلنة بفضائل الشيعة للفقيه عبدالله بن زيد العنسي، ووجد في أواخر النسخ المعتمدة ما لفظه على التوالي:
أولاً النسخة (أ)، ما لفظه: تمت الرسالة المباركة والحمد لله رب العالمين [20-أ] .
ثانياً: النسخة (ب)، ما لفظه: والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطاهرين تمت الرسالة بعون الله ومغفرته كان الفراغ من نقلها ليلة السبت سلخ شهر جمادى الأولى سنة (1348هـ) ثمانية وأربعين وثلاثمائة وألف بعناية الوالد المولى العلامة والدي وقرة عيني القاضي صالح بن عبدالله الجمالي جملهم الله وحفظهم بحق محمد وآله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطاهرين ، بقلم أحقر العباد إلى الله الراجي عفو ربه علي بن صالح بن عبدالله الجمالي غفر الله له ولوالديه آمين اللهم آمين [31-ب].
[207]). (1/93)
قائمة المصادر والمراجع
أولاً : المصادر المخطوطة :
1.الأمالي الإثنينية : وسميت بهذا الاسم لإملاء مؤلفها لها يوم الاثنين. الإمام المرشد بالله يحيى بن الحسين الجرجاني الشجري (412- 479هـ) .
2.أنوار اليقين : (منظومة وشرحها) . الإمام الحسن بن بدر الدين الهادوي الحسني ت(663هـ) . نسخة خاصة .
3.الجامع الكافي في فقه آل محمد . الحافظ أبو عبدالله العلوي (377- 445هـ) .
4.الكواكب الدرية في النصوص على إمامة خير البرية ، وذكر نجاة أتباع الذرية . تأليف الأمير صلاح بن الإمام إبراهيم تاج الدين توفي بعد (702هـ) . والنسخة خطت سنة (1112هـ) .
5.المحيط بالإمامة . للسيد علي بن الحسين الديلمي المعروف بشاة شريحان والكتاب (تحت الطبع) مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية.
6.تخريج الشافي ، السيد الحسن بن الحسين الحوثي ، ويسمى (التعليق الوافي في تخريج أحاديث الشافي) . (تحت الطبع) .
7.جلاء الأبصار في تأويل الأخبار . الحاكم الجشمي (413- 494هـ) تحت الطبع -بتحقيقنا- مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية.
ثانياً : المصادر المطبوعة :
1.الأمالي الخميسية . للإمام المرشد بالله يحيى بن الحسين الشجري ، وسميت بهذا الاسم لإملائها يوم الخميس . طبع على نفقة / محمد صالح الباز مكة المكرمة .
2.الاعتصام بحبل الله المتين . الإمام القاسم بن محمد المتوفى (1026هـ) مكتبة اليمن الكبرى .
3.الإصابة لابن حجر العسقلاني ت(852هـ) الطبعة الأولى (1412هـ - 1992م) دار الجيل .
4.الأحكام في الحلال والحرام . الإمام الهادي إلى الحق . الطبعة الأولى (1990م) .
5.الاعتبار وسلوة العارفين . الإمام الموفق بالله الجرجاني ، تحقيق/ عبدالسلام الوجيه مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية ، الطبعة الأولى .
6.الأنموذج الخطير في حل الإشكال على آية التطهير . للإمام الناصر عبدالله بن الحسن ت(1256هـ) . تحقيق أحمد محمد حجر . الطبعة الأولى ، مكتبة التراث الإسلامي صعدة . (1/94)
7.أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله وأخيه إدريس بن عبدالله . أحمد بن سهل الرازي المتوفى في القرن الرابع الهجري ، تحقيق / عبدالرقيب مطهر محمد حجر . منشورات مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية . الطبعة الأولى .
8.أعلام المؤلفين الزيدية وفهرست مؤلفاتهم . عبدالسلام بن عباس الوجيه . (ط/1) (1420/ 1199م) مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية.
9.أعيان الشيعة . محسن بن عبدالكريم العاملي ت(1371هـ) تحقيق وإخراج حسن الأمين . طبعة عام (1406هـ/ 1986م) دار التعارف للمطبوعات . بيروت لبنان .
10.تاريخ المدينة المنورة . لابن شبّة أبو زيد عمر بن شبة النميري البصري ت(262هـ) حققه / فهيم محمد شلتوت . الطبعة الأولى . دار التراث . بيروت لبنان .
11.تاريخ جرجان . لأبي القاسم الجرجاني . الطبعة الثالثة (1401هـ/ 1981م) . عالم الكتب - بيروت .
12.تاريخ الخلفاء . عبدالرحمن بن ابي بكر السيوطي ت(911هـ). تحقيق / رحاب خضر عكادي . طبعة بيروت (1412هـ/ 1992م) . الطبعة الأولى .
13.تاريخ دمشق . علي بن الحر بن عساكر ت(571هـ) ، طبعة دمشق (1951- 1954م) ، والأجزاء التي حققها المحمودي ، ترجمة الإمام علي والإمام الحسن والإمام الحسين .
14.تاريخ بغداد . أحمد بن علي الخطيب البغدادي ت(463هـ) . طبعة دار الكتب العلمية . بيروت .
15.تحكيم العقول في تصحيح الأصول . الحاكم الجشمي . تحقيق / الوجيه ، الطبعة الأولى (1421هـ/ 2001م) مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية .
16.التحف شرح الزلف . الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي . الطبعة الثالثة / مكتبة بدر للطباعة والنشر والتوزيع . (1/95)
17.تفسير القرآن الكريم . لابن جرير الطبري ت(310هـ) طبعة دار الفكر . بيروت . سنة النشر (1405هـ) .
18.تفسير القرآن الكريم . لابن كثير الدمشقي ت(774هـ) . طبعة دار الفكر . بيروت ، سنة النشر (1401هـ) .
19.تفسير فرات الكوفي ، تحقيق محمد الكاظم (ط/1) سنة (1410هـ) طهران .
20.تهذيب التهذيب . لابن حجر العسقلاني ت(852هـ) . طبعة دار الفكر (8404هـ/ 1984م) بيروت .
21.تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين . الحاكم الجشمي ت(494هـ) . تحقيق إبراهيم يحيى الدرسي . منشورات مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية.
22.تيسير المطالب في أمالي السيد أبي طالب . للإمام أبي طالب يحيى بن الحسين الهاروني ت(424هـ) مؤسسة الأعلمي . بيروت (1975م/ 1395هـ) .
23.درر الأحاديث النبوية بالأسانيد اليحيوية . للإمام الهادي إلى الحق / جمع العلامة عبدالله محمد بن أبي النجم الصعدي . منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات -بيروت . الطبعة الأولى .
24.ديوان الهبل . لأمير شعراء اليمن الحسن بن علي بن جابر الهبل ت(1079هـ) . تحقيق الأديب أحمد محمد الشامي . الدار اليمنية للتوزيع والنشر (ط/1) .
25.الزهد وصفة الزاهدين . أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد ت(240هـ) تحقيق / مجدي فتحي السيد . الطبعة الأولى (1408هـ).
26.كتاب الزهد لابن أبي عاصم . لأبي بكر الشيباني المتوفى (287هـ) الطبعة الثانية ، تحقيق : عبدالعلي عبدالحميد حامد . دار الريان للتراث (1408هـ) .
27.الزهد لابن المبارك . عبدالله بن المبارك المرزوي ت(181هـ) تحقيق / حبيب الرحمن الأعظمي . دار الكتب العلمية . بيروت .
28.سنن الترمذي . لمحمد بن عيسى الترمذي السلمي ت(279هـ) تحقيق : أحمد محمد شاكر وآخرون . دار إحياء التراث العربي- بيروت. (1/96)
29.سيرة الإمام الهادي إلى الحق (ع) . رواية : علي بن محمد العلوي . تحقيق : د.سهيل زكار . ط.
30.الشافي . للإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة ت(614هـ) الطبعة الأولى (1406هـ/ 1986م) بتحقيق الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله تعالى، منشورات مكتبة اليمن الكبرى . اليمن- صنعاء .
31.شرح الأساس . السيد أحمد بن محمد الشرفي ت(1055هـ) . طبعة دار الحكمة اليمانية (1415هـ/ 1995م) .
32.شعب الإيمان . لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي . المتوفى (458هـ) . طبعة دار الكتب العلمية (1410هـ) تحقيق : محمد السيد بسيوني زغلول .
33.شواهد التنزيل لقواعد التفضيل . عبيدالله بن عبدالله بن أحمد ، المعروف بالحاكم الحسكاني . تحقيق : محمد باقر المحمودي . (ط/1) (1393هـ/ 1974م) .
34.صفوة الصفوة . لأبي الفرج عبدالرحمن بن علي ت(597هـ) تحقيق : محمود فاخوري ومحمد رواس قلعة . طبعة دار المعرفة (1399هـ/ 1979م) . الطبعة الثانية .
35.صحيفة علي بن موسى الرضا . طبع مع مجموع الإمام زيد في مجلد واحد . دار مكتبة الحياة- بيروت .
36.طبقات الكبرى -المشهورة بطبقات ابن سعد . محمد بن سعد بن منيع البصري الزهري ت(230هـ) دار صادر . بيروت . ولم يذكر سنة النشر .
37.عيون أخبار الرضا . لأبي جعفر محمد بن علي بن باوبيه ت(381هـ) -طهران (1318هـ) .
38.فيض القدير شرح الجامع الصغير ، عبدالرؤوف المناوي ت(1021هـ) . الطبعة الأولى -المكتبة التجارية الكبرى- مصر (1356هـ) .
39.الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية . حميد بن أحمد المحلي ت(654هـ) مصورة عن مخطوطة نسخت سنة (1357هـ) دار أسامة . دمشق (1985م / 1405هـ) . (1/97)
40.البحر الزخار . للإمام أحمد بن يحيى المرتضى (840هـ) . الطبعة الصادرة عن دار الحكمة اليمانية (1409هـ) .
41.البيان والتعريف . إبراهيم بن محمد الحسيني ت(1120هـ) تحقيق : سيف الدين الكاتب . طبعة دار الكتاب العربي . بيروت (1401هـ) .
42.الغدير في التكاب والسنة والأدب . عبد الحسين أحمد الأميني النجفي . (ط/4) (1397هـ/ 1977م) . دار الكتاب العربي . بيروت -لبنان.
43. مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي(ع) (المجموعة الفاخرة) . للإمام الهادي إلى الحق(ع) . تحقيق : عبدالله الشاذلي . مؤسسة الإمام زيد بن علي(ع) الثقافية.
44.المستدرك على الصحيحين . لأبي عبدالله الحاكم محمد بن عبدالله النيسابوري ت(405هـ) . تحقيق : مصطفى عبدالقادر عطا . طبعة دار الكتب العلمية . بيروت (1411هـ/ 1990م) .
45.المصابيح . لأبي العباس الحسني ت(353هـ) . تحقيق : عبدالله عبدالله الحوثي . الطبعة الأولى (1422هـ/ 2002م) . مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية .
46.المصابيح الساطعة الأنوار تفسير أهل البيت . جمع وتأليف : عبدالله بن أحمد الشرفي (1062هـ) تحقيق : عبدالسلام الوجيه ومحمد قاسم الهاشمي . منشورات مكتبة التراث الإسلامي . صعدة .
47.المعجم الكبير . أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبري (360هـ) تحقيق : حمدي عبدالحميد السلفي . الطبعة الثانية (1404ه/ 1983م) الموصل .
48.المعجم الصغير . أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبري (360هـ) . تحقيق : محمد شكور ومحمود الحاج أمرير . الطبعة الأولى (1405ه/ 1985م) بيروت -عمان .
49.المعجم الأوسط . أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبري (360هـ) . تحقيق : طارق عوض الله وعبد المحسن الحسيني . دار الحرمين . القاهرة سنة (1415هـ) . (1/98)
50.مجمع الزاوئد ومنبع الفوائد . لعلي بن أبي بكر الهيثمي ت(807هـ) طبعة دار الريان للتراث ودار الكتاب العربي سنة (1407هـ) .
51.مسند الإمام زيد . (المجموع الفقهي) للإمام زيد بن علي (ع) . دار مكتبة الحاية . بيروت . وله طبعة منقحة صادرة عن مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية .
52.مسند البزار . أبو بكر أحمد بن عمرو البزار ت(292هـ) . تحقيق : محفوظ الرحمن زين الله . الطبعة الأولى (1409هـ) .
53.مسند الشهاب . لمحمد بن سلامة بن جعفر القضاعي ت(454هـ) تحقيق : حمدي عبدالمجيد السلفي . الطبعة الثانية (1407هـ/ 1986م) . مؤسسة الرسالة . بيروت .
54.مسند أحمد . لأحمد بن حنبل الشيباني (241هـ) . طبعة مؤسسة مترطعة . مصر . ولم يذكر سنة النشر .
55.مسند أبو يعلى . أحمد بن علي بن المثنى الموصلي التميمي ت(307هـ) . تحقيق : حسين سليم أسد . الطبعة الأولى (1404هـ/ 1984م) . دار المأمون للتراث . دمشق .
56.معجم رجال الاعتبار . عبدالسلام عباس الوجيه . طبعة صادرة عن مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية .
57.مقاتل الطالبيين . لأبي الفرج علي بن الحسين الأصبهاني ت(356هـ) . تحقيق : السيد أحمد صقر . (ط/2) (1987م / 1408هـ) . مؤسسة الأعلمي . بيروت .
58.مناقب أمير المؤمنين علي بن ابي طالب . للحافظ محمد بن سليمان الكوفي (من أعلام القرن الثالث الهجري) تحقيق : الشيخ محمد باقر المحمودي (ط/1) (1412هـ) . مجمع إحياء الثقافة الإسلامية .
59.مناقب أمير المؤمنين علي بن ابي طالب . لأبي الحسن علي بن محمد الواسطي الشافعي الشهير بابن المغازلي ت(483هـ) أعده للطبع: المكتب العالمي للبحوث . منشورات مكتبة الحياة -بيروت . (1/99)
60.ميزان الاعتدال . محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ت(748هـ) تحقيق : الشيخ علي محمد معوض والشيخ عادل أحمد عبدالموجود . الطبعة الأولى (1995م) . دار الكتب العلمية / بيروات .
61.لوامع الأنوار في جوامع العلوم والآثار وتراجم أولي العلم والأنظار للإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي . (ط/1) (1414هـ/ 1993م) . مكتبة التراث الإسلامي . صعدة ، (ط/2) منشورات مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية.
62.نهج البلاغة . تحقيق : د/ صبحي الصالح . الطبعة الثانية (1982م) . دار الكتاب اللبناني . وكذا طبعة دار الهدى الوطنية . شرح الإمام محمد عبده .
63.النصائح الكافية لمن تولى معاوية . للسيد محمد بن عقيل العلوي . دار الزهراء . بيروت . الطبعة الثانية .
* * * * * * * * * * * * * *
---