الكتاب : الجامعة المهمة لأسانيد كتب الأئمة المؤلف : السيد العلامة المجتهد مجدالدين المؤيدي |
الجامعة المهمة لأسانيد كتب الأئمة
للإمام الحجة / مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي
كلمة المركز
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، وبعد:
يسرّ مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية بصعدة أن يقدّم لك أخي المؤمن الكريم كتاب الجامعة المهمّة لأسانيد كتب الأئمة.
وإنما نقدّم لك أخي المؤمن هذا الكتاب وفاءً منّا بالعهد الذي قطعناه على أنفسنا بالمشاركة في إخراج كنوز أهل البيت(ع) من مخابئها ، عرفاناً منّا بتضحياتهم وجهادهم ، وتمسكاً بوصية جدّهم ، صَلّى الله عَليه وآله وسَلّم، والتزاماً بفكرهم ونهجهم، الذي هو منهج السنّة والقرآن، وما أراده من عباده الرحمانُ، فهم ورثة الأنبياء، وحجج الله الأمناء.
ـــــــــــــــ
وقد صدر عن مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية بصعدة حتى الآن:
م
الكتاب
المؤلف
المحقق
1
المنير
أحمد بن موسى الطبري
علي سراج الدين عدلان
2
نهاية التنويه في إزهاق التمويه
السيد الإمام/ الهادي بن إبراهيم الوزير
أحمد درهم حورية -إبراهيم بن مجدالدين بن محمد المؤيدي
3
تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين
الحاكم الجشمي/ المحسن بن محمد بن كرامة
ابراهيم يحيى الدرسي الحمزي
4
عيون المختار من فنون الأشعار والآثار
الإمام/ مجدالدين بن محمد المؤيدي
-5
أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله(ع) وأخيه إدريس بن عبدالله(ع)
أحمد بن سهل الرازي
عبدالرقيب مطهر حجر
6
الوافد على العالم
الإمام/ القاسم بن إبراهيم الرسي(ع)
حمود بن عبدالله الأهنومي
7
الهجرة والوصية
الإمام/ محمد بن القاسم بن إبراهيم الرسي(ع)
عبدالله ناصر أحمد عامر
8المختصر المفيد فيما لا يجوز الإخلال به لكلّ مكلّف من العبيد
القاضي العلامة/ أحمد بن إسماعيل العلفي
-9
خمسون خطبة للجمع والأعياد
-عبدالله حسن الغالبي - علي محمد فارع الحمزي
10
رسالة الثبات فيما على البنين والبنات
الإمام الحجة/ عبدالله بن حمزة (ع)
-11
الرسالة الصادعة بالدليل في الرد على صاحب التبديع والتضليل
الإمام/ مجدالدين بن محمد المؤيدي
-12
إيضاح الدلالة في تحقيق أحكام العدالة
الإمام/ مجدالدين بن محمد المؤيدي
-13
الحجج المنيرة على الأصول الخطيرة
الإمام/ مجدالدين بن محمد المؤيدي
-14
النور الساطع - أدعية مأثورة لأيام الأسبوع
الإمام الهادي/ الحسن بن يحيى القاسمي
-ــــــــــ
كما شارك مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية بصعدة مشاركةً فعليةً في إخراج:
1- مجموع رسائل الإمام الهادي (ع)، تأليف الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين(ع)، تحقيق عبدالله بن محمد الشاذلي ، صدر عن مؤسسة الإمام زيد بن علي(ع) الثقافية.
2- العقد الثمين في تبيين أحكام الأئمة الهادين، تأليف الإمام الحجة عبدالله بن حمزة(ع)، تحقيق عبدالسلام عباس الوجيه ، صدر عن مؤسسة الإمام زيد بن علي(ع) الثقافية.
3- الموعظة الحسنة، تأليف الإمام المهدي محمد بن القاسم الحوثي(ع)، صدر عن مؤسسة الإمام زيد بن علي(ع) الثقافية.
4-المصابيح وتتمته، تأليف السيد الإمام أبو العباس الحسني(ع)، والتتمة لعلي بن بلال رضي الله عنه، تحقيق عبدالله بن عبدالله الحوثي، يصدر قريباً جداً إنشاء الله تعالى عن مؤسسة الإمام زيد بن علي(ع) الثقافية.
5- البدور المضيئة جوابات الأسئلة الضحيانية، تأليف الإمام المهدي محمد بن القاسم الحوثي(ع)، صدر عن مكتبة التراث الإسلامي.
ـــــــــــــــ
وفي هذه الأيام صدر عن مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية بصعدة:
م
الكتاب
المؤلف
المحقق
1
لوامع الأنوار
(ثلاثة مجلّدات)
الإمام / مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي
محمد علي عيسى
2
مجموع كتب ورسائل الإمام الأعظم زيد بن علي(ع)
الإمام الأعظم/زيد بن علي(ع)
إبراهيم يحيى الدرسي الحمزي
3-الإفادة في تاريخ الأئمة السادة
الإمام أبو طالب يحيى بن الحسين(ع)
إبراهيم بن مجدالدين المؤيدي - هادي بن حسن بن هادي الحمزي
4
الجامعة المهمة لأسانيد كتب الأئمة
الإمام/ مجدالدين بن محمد المؤيدي
-5
سبيل الرشاد إلى معرفة رب العباد
السيد العلامة/ محمد بن الحسن بن الإمام القاسم بن محمد(ع)
إسماعيل بن مجدالدين المؤيدي
6
الجواب الكاشف للإلتباس عن مسائل الإفريقي إلياس
ويليه/ الجواب الراقي على مسائل العراقي
السيد العلامة/ الحسين بن يحيى الحوثي
-7
كتاب أصول الدين
الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين(ع)
-وهناك الكثير الطيّب في طريقه للخروج إلى النور إن شاء الله تعالى.
وأغتنم الفرصة لأتوجّه بالشكر الجزيل لمؤسسة الإمام زيد بن علي(ع) الثقافية لدورها البارز في تأسيس مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية بصعدة، ونحمد الله تعالى أن كنّا جميعاً ثمره من ثمار إمام أهل البيت الكرام(ع) في هذا العصر، مولانا الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله تعالى، متشرّفين بالعمل تحت رايته، وما نحن إلا حسنة من حسناته، والتفاته من جنابه، بارك الله في أيامه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
كما أتوجّه بالشكر الجزيل لكلّ من شارك في إخراج هذه الكنوز إلى النور، وأخصّ بالذكر الإخوان الكرام الذين كان لهم الدور البارز في جميع إصدارات مركز أهل البيت(ع) للدراسات الإسلامية بصعدة، وهم/
علي بن مجدالدين بن محمد المؤيدي.
هادي بن حسن بن هادي الحمزي.
إسماعيل بن مجدالدين بن محمد المؤيدي.
صالح علي علي أبو زيد.
وأخيراً أتوجه إلى الله العلي القدير، بالدعاء الخالص لمولانا شيخ الإسلام وإمام أهل البيت الكرام، مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيّده الله تعالى، على رعايته الكريمة للمركز ، فمن حرصه الشديد على بعث كنوز أهل البيت(ع) ومفاخرهم ؛ كان هذا المركز، نسأل سبحانه وتعالى بحقّ محمد وآله، أن يكتب له ذلك في ميزان حسناته، وأن يجزيه عن أمّة جده خير الجزاء، وأن يمدّ في عمره المبارك.
والحمد لله أوّلاً وآخراً، وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
مدير المركز/
ابراهيم بن مجدالدين بن محمد المؤيدي
اليمن – صعدة، ت(511816)، ص ب (91064)
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
[مقدمة المؤلف]
الحمدُ لله الذي رفع درجات العلماء العاملين، وحَفظ بهم نيِّراتِ حُجَجِهِ على العالمين، وَوَصَلُهم بمتواتِر إفْضالِهِ وغامر نوالِهِ، وأبْلَغَهُم من كرامته أعلى عِلِّيين.
والصلاة والسلام على رسوله الأعظم، وأمينه الأكرم، خاتم النبيين، وإمام المرسلين، أبي القاسم محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم.
وعلى أخيه ووصيِّه، وابن عمِّه ونجيِّه ووليِّه، وباب مدينةِ علمه، من يَدُورُ معه الحقُ والقرآنُ، المنزَّلِ منه تارةً بمنزلةِ هارون من موسى بن عمران ـ عليهم السلام ـ، وأخرى بمنزلة نفسه كما نطق به القرآن في آل عمران، وليِّ المؤمنين بنصِّ الكتاب المبين، ومولاهم بتبليغ سيد المرسلين، أمير المؤمنين وسيّد الوصيين، وأخي سيّد النبيين ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ أبي الأئمة الأطايب، والنجوم الثواقب، علي بن أبي طالب.
وعلى عترته وورثته، خيرةِ الله من ذؤابة إسماعيل، وحَمَلةِ حُجَّته من سُلالة إبراهيم الخليل، قرناء الكتاب، وأمناء رب الأرباب، وأمان أهل الأرض من استئصال العذاب، مصابيح الظُّلَمِ، ومفاتيح البُهَم، وينابيع الحِكم، المشهود لعصمة جماعتهم وحُجّيةِ إجْماعهم، بآي المودَّة والأمر بالطاعة والاصطفاء، والتطهير وأحاديث الكساء، وأخبار التمسك والسفينة، وما لا يُحاطُ به كثرةً كتاباً وسنةً.
وَبَعْدُ؛ فإنه التمس مني جماعة من بدور الدِّراية، ونُجومِ الهداية، الراغبين في أفضل الرغائب، والمقبلين على أجل المكاسب، وأشرف المطالب، وهو بالحقيقة حياة الدارين، وحيازةُ شرف الحظين:
وكلّ فضيلةٍ ولها سناء .... وجدت العلم من هاتيك أسنى
فلا تعتد غير العِلم كنزاً .... فإن العِلمَ كنزٌ ليس يَفْنى
وكفى بما أثنى العليُّ الأعلى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28]، {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:11]، {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر:9]، {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(18)} [آل عمران]، {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(57)} [الدخان].
المشمّرين في اجتناء العلوم، المُكبّين على ارتشاف الرحيق المختوم، من عيون المنطوق والمفهوم، من أعيان القرابة، وكرام العصابة، ممن يسَّر الله لنا ولهم الاجتماع، والأخذ والسماع، كثَّر الله عددهم، ويسَّر مددهم، وحماهم الله تعالى وتولاّهم، وبارك للجميع فيما أَوْلاهم، وأفرغ علينا وعليهم أنوار هداه، وغمرنا وإياهم بشآبيب عفوه ورضاه.
أن أوصل سندهم بسندي، وأصحِّح لهم في طرق الرواية معتمدي، وأُوضِّح لهم الأسانيد النافعة الجامعة إلى أربابها، الموصلة بفضل الله تعالى إلى إتيان البيوت من أبوابها، كما هي السنة الماضية عند علماء الإسلام، والطريقةُ المرضية بين ذوي الحَلِّ والإبرام، استسماناً للوَرَم، وتوسُّماً لرسوخِ القَدَم، وأين نور السها مع إضاءة مصابيح السماء.
إلاّ أن الله - وله المنُّ - مَنَّ علينا بالاتصال إلى مشائخ أعلام كرام، هم نجومُ سماء الإسلام، وحرسةُ الكتاب وسُنّةِ سيد الأنام، اقتبستُ لمحةً من ضياء أنوارهم، واغترفتُ غرفة من معين أنهارهم، ووقع لي السَّماعُ عليهم في فنونِ العلمِ من الأُصولين والآلةِ: نحوٍ وتصريفٍ ومعانٍ وبيانٍ وبديعٍ ومنطقٍ ومتنِ اللُّغةِ.
وفي الحديث والتفسير وعلوم المعاملة، وفروع الفقه والفرائض، والتواريخ والسِّيَر.
وأجازوا لي إجازاتٍ خاصة وعامَّة ـ رضي الله عنهم، وجزاهم عن الإسلام والمسلمين أفضل الجزاء ـ.
فرجَّحتُ الإجابة وعَدَمَ الإمتناع، على قصر الباع وقِلَّةِ المتاع، امتثالاً لما وَرَدَ في السُّنة والقرآن، من تحتّم التبليغ والتبيان، والوعيد على الكتمان، وإجلالاً لأمثال قوله جلَّ وعلا: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:2].
فأقول وبالله التوفيق، وأستمدُّ منه التسديد والهداية إلى أقوم طريق : قد أجزتُه أن يرويَ عني جميع ما صحّت لي روايتهُ، وما ثَبَتَ له عني من روايةٍ ودراية وتأليف.
وقد صَحَّت لنا بحمد الله وفضله في الرواية طرق عديدةٌ، وأسانيد واسعةٌ مفيدة، وقد ضَمَّنْتُ بعض المختار منها في بحث من التحف الفاطمية شرح الزلف الإمامية(1) نفع الله بها، وذكرتُ الطرق المسلسلة بأعلام الأمة وهداة الأئمة، المتصلة بباب مدينة العلم أمير المؤمنين وسيّد الوصيين، عن خاتم النبيين وسيّد المرسلين - صلوات الله عليهم أجمعين - وتلك طريقٌ إلى من اتصلت به في جميع مؤلفاته.
نعم، وقد كان وقع الابتداء في كتاب جامع لفنون من العلوم، أحُد مقاصدِه هذا الشأن، على صفة يتصل بها سندُ كلِّ مؤلَّفٍ إلى صاحبهِ بجميع ما نختارُ من الطرق، بغير تحويل على كتب الإجازات، ليكون أقرب انتوالاً، وأسهل منالاً، وبه يُرْجى عُمُومُ النفع إن شاء الله تعالى؛ فاقتضى الحال التعجيل بهذا، وإن يسَّر الله تعالى في المهلة ومكَّن كان الإتمام إن شاء الله تعالى لذلك المرام.
وقد وسمتُ ذلك المجموع المبارك إن شاء الله بلوامع الأنوار، وقد تحصّل الآن بِمَنِّ الله سبحانه، وهو عشرة فصول، نُورد هنا زبدة شافية من الفصل الخامس باختصار، لاشتماله على السند إلى أغلب مؤلفات أئمتنا الأعلام، وسائر علماء الإسلام ـ رضي الله عنهم ـ وهو ما نصه:
الفصل الخامس[في تفصيل المختار من أسانيد رواة العلوم والآثار، الطرقات إلى مؤلَّفات آل الرسول(ص)]
في تفصيل المختار من أسانيد رواة العلوم والآثار، ولنُقدّم الطرقات إلى مؤلفات آل الرسول، قرناء التنزيل، وأمناء الملك الجليل، ـ على جدّهم وعليهم أفضل الصلاة والتسليم والتكريم والتبجيل ـ.
__________
(1) - 409/ط3.
[السند إلى مؤلَّفات الإمام الأعظم زيد بن علي(ع)]
[وكل من اتصل به هذا الإسناد الشريف، مِنْ لدى المؤلف إلى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة(ع) فهو الطريق إليه في جميع ما لَهُ]
وأولاها تقديماً وتشريفاً، وأوّلها تقدماً وتأليفاً: مؤلفات إمام آل الرسول، وصفوة أسباط الوصيِّ والبتول، فاتح باب الجهاد والاجتهاد، ومقيم حجة الله في أرضه على العباد، الوليِّ بن الوليِّ، أمير المؤمنين أبي الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي - عليهم صلوات الملك العلي، وعلى سلفهم وخلفهم من أهل البيت المطهر النبوي -.
وقد سبقت الطرقُ في لوامع الأنوار مستوفاة إلى الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد ـ عليهم السلام ـ في الإسناد الجُملي، وإلى مَنْ بيننا وبينه في الفصول السابقة.
فأروي بها جميعها عنه - عليه السلام -، ونورد هنا سنداً عالياً ليس بيني وبين الإمام - عليه السلام - فيه وفي كثير من الطرق إليه وإلى أئمة الهدى بفضل الله تعالى إلا أعلام النبوة، قرناء الكتاب، وأمناء ربّ الأرباب، من بين إمامٍ سابق، أو مقتصدٍ لاحقٍ، كما قال الإمام الأعظم حُجَّة الرحمن، المنصور بالله أبو محمد، عبدالله بن حمزة بن سليمان، عليهم تحيات الملك الديَّان:
والله ما بيني وبين محمَّدٍ .... إلا امرؤٌ هادٍ نماهُ هادِ
..إلى قوله:
كم بين قولي عن أبي عن جدِّه .... وأبو أبي فهو النَّبيُّ الهادي
وفتىً يقولُ روى لنا أشياخُنا .... ما ذلك الإسنادُ من إسنادي
ما أحسن النظرَ الصحيحَ لمُنْصِفٍ .... في مقتضى الإصدار والإيراد
...الأبيات.
ولأعلام الأئمة، وعلماء الأمة، معظم الرغبة في مثل هذا المسلسل النبوي، حرصاً على اقتباس أنوارهم، والتماس آثارهم، والمرء مع من أحبَّ، ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس، ولكن أكثر الناس لا يشكرون.
فأقول حامداً لله كما يجبُ لجلاله، ومصلياً ومسلماً على رسوله محمد وآله: يروي المُفْتقرُ إلى الله تعالى مجدُ الدين بن محمد ـ عفا الله عنهما، وغفر لهما وللمؤمنين ـ مجمُوعَي الإمام الأعظم، الوليِّ بن الولي، أمير المؤمنين زيد بن علي - عليهما السلام - الحديثيَّ والفقهيَّ، وسائر مؤلفاته ورسائله، بجميع الطرق السابقة في لوامع الأنوار، إلى الإمام الأجل المنصور بالله عز وجل أبي محمدٍ القاسم بن محمد - عليه السلام - التي أعلاها عن سيدي وشيخي ووالدي العلامة الولي، شيخ آل محمدٍ، محمد بن منصور بن أحمد بن عبدالله بن يحيى بن الحسن بن يحيى بن عبدالله بن علي بن صلاح بن علي بن الحسين بن الإمام الهادي إلى الحق عِزَّ الدين بن الحسن ـ رضي الله عنهم ـ قراءةً وإجازةً عامة، عن شيخه والدنا المجدد للدين أمير المؤمنين المهدي لدين الله رب العالمين أبي القاسم، محمد بن القاسم الحسيني الحوثي سماعاً عليه للبحر الزخار، وتخريج ابن بهران، وغاية ابن الإمام، وكشاف الزمخشري، وغيرها كثيرٌ.
فقد لازم الإمام - عليه السلام - قدر عشرين عاماً، وانتقل من وطنه هجرة ضحيان إلى مقام الإمام الشريف، بجبل برط المنيف، عقيبَ خروجه من صنعاء اليمن، مع مَنْ ورد إلى الإمام للهجرة من سائر الأعلام ـ رضوان الله عليهم ـ.
والقصد هنا الإشارةُ إلى الاتصال بذكر بعض كتب السماع، وإجازة عامة في جميع ما صحّ للإمام - عليه السلام - عن شيخه الإمام الأواه المنصور بالله أمير المؤمنين أبي عبدالله، محمد بن عبدالله الوزير سماعاً عليه في تجريد الإمام المؤيد بالله، وأصول الأحكام للإمام المتوكل على الله، وشفاء الأمير الحسين، وشرح غاية ابن الإمام، وغير ذلك ـ على جميعهم السلام ـ.
وإجازةً عامة في جميع ما صحّ للإمام، وقد لازمه من ابتداء النشأة إلى أيام الإمامة، بوطنه هجرة السّر من نواحي صنعاء.
وعن شيخه السيد الإمام، عالم بني الحسن، محمد بن محمد بن عبدالله الكِبْسِيِّ ـ رضي الله تعالى عنهم ـ سماعاً عليه في تجريد الإمام المؤيد بالله، وأمالي الإمام أبي طالب، وشفاء الأمير الحسين، وشرح الغاية، وشرح التلخيص، وغير ذلك كثير.
والقصد الإشارة كما سبق، وقد ذكرتُ مسموعاتهم وطرقاتهم وإجازاتِهم وأعيان مشائخهم مستوفاة في لوامع الأنوار، وفي ذلك كفايةٌ وافيةٌ إن شاء الله تعالى.
فأمَّا الإمام المنصور بالله محمد بن عبدالله، فعن مشائخِهِ الثلاثة: السيد الإمام، بدر الآل الكرام، يحيى بن عبدالله بن عثمان الوزير، والسيد الإمام حافظ اليمن، سيّد بني الحسن، أحمد بن زيد الكبسي، والسيد الإمام، حافظ علوم العترة الكرام، مؤلِّف أنوار التمام، أحمد بن يوسف بن الحسين زبارة الحسني.
وثلاثتهم يروون عن السيد العلامة، حافظ علوم آل محمدٍ، الحسين بن يوسف زبارة، عن أبيه العلامة يوسف بن الحسين، عن أبيه العلامة حافظ العلوم والأسانيد الحسين بن أحمد، عن شيخه السيد العلامة عامر بن عبدالله بن عامر الشهيد، عن الإمام المؤيد بالله محمد، عن أبيه الإمام الأعظم المنصور بالله القاسم.
وأما السيد الإمام محمد بن محمد بن عبدالله الكبسي، وكذا السيد الإمام أحمد بن زيد الكبسي أيضاً، فيرويان عن شيخهما السيد الإمام، نجم العترة الأعلام، محمد بن عبد الرب بن محمد، عن عمه السيد العلامة إسماعيل بن محمد، عن أبيه العلامة محمد بن زيد، عن أبيه العلامة زيد بن المتوكل، عن أبيه الإمام المتوكل على الله إسماعيل، عن أبيه الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد - عليهم السلام -.
ويروي المفتقر إلى الله تعالى مجد الدين بن محمد ـ عفا الله تعالى عنهما ـ ذلك وغيره، عن والده - رضي الله تعالى عنه - عن شيخه شيخ الأعلام، السيد الإمام، نجم آل الرسول، وحافظ المعقول والمنقول، زين العابدين، كعبة المسترشدين، حُجَّة عصره، وربَّانيِّ دهره، صاحب الكرامات البيِّنات، إمام آل محمدٍ، عبدالله بن أحمد المؤيدي العنثري البصير ـ رضوان الله عليه ـ سماعاً فيما أسمعَ عليه فيه، كأمالي الإمام المرشد بالله، وأنوار الإمام الحسن بن بدر الدين، واعتصام الإمام القاسم بن محمد، وغاية ولده الحسين بن القاسم، وثمرات الفقيه يوسف، وغيرها.
وإجازةً عامة في جميع ما صحَّ له، وهو يروي ذلك وغيرهُ، عن شيخه شيخ الإسلام، وحافظ الشيعة الأعلام، الولي محبّ آل النبي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - عبدالله بن علي بن علي الغالبي، سماعاً عليه في مجموع الإمام الأعظم زيد بن علي، وأمالي حفيده الإمام أحمد بن عيسى بن الإمام زيد بن علي، وشرح التجريد للإمام المؤيد بالله، وأمالي الإمام أبي طالب، وأمالي الإمام المرشد بالله، والبحر الزخار وتخاريجه، واعتصام الإمام القاسم، وتتمّتة أنوار التمام، وغيرها كثيرٌ عنه، وعن غيره من المشائخ.
وهو يروي ذلك وغيره عن شيخيه السيدين الإمامين الحافظين: أحمد بن زيد الكبسي، وأحمد بن يوسف زبارة، بطرقهما السابقة إلى الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد - عليه السلام -.
والإمام الأعظم المجدد للدين، أمير المؤمنين، المنصور بالله رب العالمين، القاسم بن محمد - عليه السلام - يروي ما ذكر وغيره، عن شيخيه السيدين الإمامين، أمير الدين بن عبدالله الهدوي، وإبراهيم بن المهدي القاسمي الجحافي، عن شيخيهما: السيد الحافظ الإمام، أحمد بن عبدالله بن أحمد بن السيد صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير، عن الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين ـ عليهم السلام ـ.
(ح)، ويروي الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد جميع ذلك، عن السيد العلامة صلاح بن أحمد بن عبدالله الوزير، عن أبيه، عن الإمام المتوكل على الله ـ عليهم السلام ـ.
وللإمام المنصور بالله القاسم بن محمد، إلى الإمام المتوكل على الله، طرقٌ، هذه المختارةُ منها، وعند الاحتياج إلى غيرها نورده في موضعه إن شاء الله تعالى.
والإمام الأعظم، البحر الخِضَمُّ، أمير المؤمنين، المتوكل على الله رب العالمين، يحيى شرف الدين بن شمس الدين بن الإمام المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المرتضى، يروي ما ذُكر وغيره، عن الإمام المنصور، أمير المؤمنين، محمد بن علي السراجي الوَشَلِيّ، عن الإمام المؤتمن، الهادي إلى الحق أبي الحسن، أمير المؤمنين، عز الدين بن الحسن بن الإمام الهادي إلى الحق علي بن المؤيد، عن الإمام المتوكل على الله، أمير المؤمنين، المُطهّر بن محمد بن سليمان الحمزي، عن الإمام الأعظم، أمير المؤمنين، المهدي لدين الله، أحمد بن يحيى المرتضى، عن أخيه السيد الإمام، الهادي بن يحيى، والفقيه العلامة محمد بن يحيى المذحجي، عن الفقيه العلامة القاسم بن أحمد بن حميد، عن أبيه، عن جده حسام الدين الشهيد حميد بن أحمد المَحَلِّيِّ الهمْدانيِّ الوادِعيِّ ـ رضي الله تعالى عنهم ـ عن الإمام الحجة المجدد للدين، أمير المؤمنين، المنصور بالله رب العالمين، عبدالله بن حمزة.
(ح)، ويروي الإمام شرف الدين - عليه السلام - أيضاً، بقراءته للمجموع على شيخه السيد الإمام، محدّث اليمن، مؤلّف الهداية والفصول، صارم الدين، إبراهيم بن محمد بن عبد الله الوزير، بقراءته على شيخ العترة ومحدّثها ومفسّرها وفقيهها وحافظ علومها، السيد الإمام صلاح الدين أبي العطايا عبدالله، بقراءته على أبيه السيد الإمام العابد الزاهد، مُؤلّف صلة الإخوان، يحيى بن السيد الإمام، علم الأعلام، المهدي بن القاسم الحسيني الزيدي نسباً ومذهباً، بقراءته على السيد الإمام الواثق بالله المطهر، بقراءته على أبيه الإمام المهدي لدين الله أمير المؤمنين محمد، بقراءته على أبيه الإمام المتوكل على الله المظلل بالغمام، أمير المؤمنين، المطهر بن يحيى، بقراءته على الشيخ العلامة المذاكر، محمد بن أحمد بن أبي الرجال ـ رضي الله تعالى عنهم ـ بقراءته على الإمام الشهيد، المهدي لدين الله أمير المؤمنين، أحمد بن الحسين، بقراءته على شيخ الشيعة العلامة أحمد بن محمد بن القاسم الأكوع، المعروف بشعلة ـ رضي الله تعالى عنهم ـ، عن الإمام الحجة عبدالله بن حمزة - عليهم السلام ـ.
نعم، وهاتان الطريقتان إلى الإمام المنصور بالله [عبدالله بن حمزة]- عليه السلام - نروي بهما جميع مروياته ورسائله وأشعاره ومؤلفاته، الجامعة النافعة، التي منها: كتاب الشافي، وقد تضمّن إسنادَ مجموع الإمام الأعظم زيد بن علي، والأماليات الأربع: أمالي الإمام المؤيد بالله، وأمالي الإمام أبي طالب، وأمالي المرشد بالله الخميسية والاثنينية، وكتاب المحيط بالإمامة لعالم الشيعة وحافظهم، أبي الحسن علي بن الحسين الزيدي ـ رضي الله تعالى عنه ـ.
ومناقب ابن المغازلي، وتهذيب الحاكم، وأمالي السَّمان، ومناقب أحمد بن حنبل، والأمهات الست: البخاري، ومسلم، وأبي داود، والنسائي، والترمذي، والموطأ، وغير ذلك.
وكذلك جميع ما يروى عن الإمام المهدي لدين الله أحمد بن الحسين، والإمام المطهر بن يحيى، وجميع مرويات الإمام المهدي لدين الله محمد بن المطهر، ومؤلفاته، منها: المنهاج الجلي شرح مجموع الإمام زيد بن علي، والمجموع المهدوي، وجميع مرويات الإمام المهدي أحمد بن يحيى بن المرتضى، ومؤلفاته، منها: البحر الزخار، والأزهار، وشرحه الغيث المدرار.
وكل ما يروى عن الإمام المطهر بن محمد الحمزي، وجميع مرويات الإمام الهادي إلى الحق عز الدين بن الحسن، ومؤلفاته، منها: المعراج شرح المنهاج، وشرح البحر.
وجميع مرويات الإمام محمد بن علي السراجي.
وجميع مرويات المتوكل على الله يحيى شرف الدين ومؤلفاته.
وجميع مرويات الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد ـ عليهم السلام ـ، ومؤلفاته، منها: الاعتصام، والأساس.
كلُّ إمام منهم ـ عليهم السلام ـ بالطريق المتصلة به، وكذا من بينهم من نجوم العترة وعلماء الشيعة ـ رضي الله عنهم ـ كمرويات الفقيه الشهيد، حُسام الدين حميد بن أحمد المَحَلِّي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ ومؤلفاته: الحدائق الوردية، ومحاسن الأزهار، وغيرها.
وكل من اتصل به هذا الإسناد الشريف، مِنْ لدينا إلى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة - عليه السلام - فهو الطريق إليه في جميع ما لَهُ؛ فإن ذكرنا شيئاً من ذلك فيما بعد، وإلا ففي هذا كفاية وافية.
ونعودُ إلى تمام السند: قال الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة - عليه السلام - في الشافي، في إسناد مجموع الفقه لزيد بن علي: (أخبرنا الشيخ الأجل الأوحد، حسام الدين، الحسن بن محمد الرصاص ـ رحمه الله ـ قراءةً عليه، وأخبرنا الشيخ الأجل العالم الفاضل، محيي الدين، عمدةُ المتكلّمين، محمد بن أحمد بن الوليد العَبْشَميُّ القرشيُّ.
قلت: وللشيخ هذا اسم آخر (حميدٌ)، وقد نبهت على ذلك في التحف الفاطمية(1) ـ نفع الله بها ـ.
__________
(1) - ... 236/ط3.
قالا: أخبرنا القاضي الأجلّ، الإمام شمْسُ الدين، جمال الإسلام والمسلمين، جعفر بن أحمد بن عبد السلام بن أبي يحيى ـ رضوان الله تعالى عليه ـ إلى آخر سند القاضي جعفر الآتي.
(ح)، ويَرْوي الإمام المتوكلُ على الله شرفُ الدين، عن السيد صارم الدين إبراهيم بن محمد بن عبدالله الوزير ـ رضي الله تعالى عنهم ـ عن أبيه ، عن جده، عن السيد العلامة مُتمِّم الشفاء صلاح بن الجلال، عن السيد العلامة الهادي بن يحيى بن الحسين صاحب الياقوتة، عن الإمام الأعظم الولي أمير المؤمنين المهدي لدين الله علي بن محمد، عن القاضيين العالمين: أحمد بن حميد بن سعيد الحارثي، وأحمد بن علي مُرْغِمٍ ـ رضي الله تعالى عنهما ـ، عن الإمام المهدي لدين الله محمد بن المطهر، عن الأمير المؤيد، عالم آل محمد، المتوفى سنة ثلاث وسبعمائة، المقبور بصارة من بلاد جماعة، ابن ترجمان الدين، الملقب المهدي، بن الأمير الداعي إلى الله شمس الدين يحيى بن أحمد بن يحيى بن يحيى، عن الأمير الكبير، حافظ العترة، الناصر للحق، مؤلّف الشفاء، أبي طالب، الحسين بن بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى، عن الأمير الخطير، مؤلف القمر المنير، علي بن الحسين بن يحيى بن يحيى، عن الشيخ العالم المفسر، محيي الدين، عطية بن محمد النجراني، عن شيخي آل الرسول، الداعيين إلى الله تعالى: شمس الدين وبدره، ورأس الإسلام وصدره، يحيى ومحمد ابني أحمد بن يحيى بن يحيى، عن القاضي شمس الدين جعفر بن أحمد ـ رضي الله عنهم ـ.
(ح)، ويروي الإمام شرف الدين - عليه السلام - أيضاً، عن الفقيه جمال الدين علي بن أحمد الشظبي، عن الفقيه جمال الدين علي بن زيد بن الحسن، عن السيد الإمام أبي العطايا عبدالله بن يحيى بن المهدي، عن الفقيه نجم الدين يوسف بن أحمد بن عثمان، عن القاضي العلامة شرف الدين الحسن بن محمد النحوي، عن الفقيه عماد الدين يحيى بن الحسن البحيبح، عن الأمير المؤيد بن أحمد ـ رضي الله تعالى عنهم ـ بسنده المتقدم إلى القاضي شمس الدين جعفر بن أحمد ـ رضوان الله عليهم ـ.
(ح)، ويروي الإمام المهدي لدين الله محمد بن المطهر، عن السيد العلامة الأمير صلاح بن الإمام المهدي لدين الله إبراهيم بن تاج الدين أحمد بن بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى، عن الأمير الحسين بن بدر الدين، عن أبيه الداعي إلى الله بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى ـ عليهم السلام ـ، عن القاضي جعفر بن أحمد ـ رضوان الله عليه ـ، قال:
أخبرنا الشيخ الإمام، شرف الفقهاء، قطب الدين، أبو الحسن، أحمد بن أبي الحسن الكنيُّ ـ طوّل الله عمره ـ قال: أخبرنا الشيخ الإمام فخر الدين أبو الحسين زيد بن الحسن البيهقي البروقني - نسبة إلى قرية بخراسان ببلد الري، قدمها حاجاً في شعبان سنة أربعين وخمسمائة -.
(ح)، نعم، ويروي الأميران شيخا آل رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - شمس الدين يحيى بن أحمد، وبدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى، عن الإمام الأعظم المتوكل على الرحمن أحمد بن سليمان - عليه السلام -، عن شيخ الإسلام زيد بن الحسن البيهقي، قال:
أخبرنا الحاكم أبو الفضل، وهب الله بن الحاكم أبي القاسم عبيدالله بن عبدالله بن أحمد الحُسكَاني، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا أبوسعد عبد الرحمن بن الحسن بن علي النيسابوري، بقراءتي عليه من أصله وهو يسمع: أن أبا الفضل محمد بن عبدالله بن محمد بن المطلب الشيباني أخبرهم بالكوفة، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن الحسن بن كاس النخعي القاضي بالرملة، قراءةً عليه من كتابه سنة ثماني عشرة وثلاثمائة.
(ح)، نعم، ويروي الشيخ قطب الدين أحمد بن أبي الحسن الكَنيّ المتقدم أيضاً، عن الشيخ حافظ علوم الأئمة أبي الفوارس تُوْران شاه ـ بضم المثناة من أعلى، فواوٍ ساكنةٍ، فراءٍ، فألفٍ، فنونٍ ـ وشاه ـ بمعجمة، فألف فهاء، بن خسرو شاه، بخاء معجمة، فسين فراء مهملتين، فواو، فشين معجمة، فألف فهاء ـ ابن بابوبيه ـ بموحدتين من تحت، بينهما ألف، فواو، فمثناة من تحت، فهاء ـ الجيلي، عن الشيخ العالم المكنى بعدل أهل الأرض، أبي علي بن آموج، ويقال: علي بن آموج ـ وآموج كصابون ـ، عن الشيخ الحافظ مصنّف الشرح المرجوع إليه، زيد بن محمد الجيلي الكَلاَّرِي ـ بكاف مفتوح، فلام مشددة، فألف، فراء، فياء النسبة، عن الشيخ الجليل علي بن محمد بن الخليل، عن القاضي الأجل يوسف بن الحسن الجيلي خطيب الإمام المؤيد بالله - عليه السلام -، عن الإمام المؤيد بالله أبي الحسين أحمد بن الحسين ـ عليهما السلام ـ عن السيد الإمام أبي العباس أحمد بن إبراهيم الحسني، عن أبي القاسم عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر، شيخ الزيدية ببغداد والعراق، وهو والد القاسم صاحب الكتاب في إسناد مذهب الزيدية وتعدادهم وتعداد تلامذة الإمام الأعظم زيد بن علي ـ عليهم السلام ـ.
(ح)، ويروي القاضي يوسف الخطيب أيضاً، عن الإمام الناطق بالحق أبي طالب يحيى بن الحسين، عن أبي عبدالله أحمد بن محمد البغدادي، عن عبد العزيز بن إسحاق، عن علي بن محمد بن كاس النخعي، قال: حدثني سليمان بن إبراهيم المحاربي، جدي أبو أمي، سنة خمس وستين ومائتين، قال: حدثني نصر بن مزاحم المنْقري العطار، وهو منسوب إلى منقرٍ كدرهم، جدٍّ له، وهو ـ أي نصر ـ صاحب الإمام محمد بن إبراهيم أخي القاسم بن إبراهيم، والإمام محمد بن محمد بن زيد ـ عليهم السلام ـ.
وروى له الإمام الهادي إلى الحق في الأحكام، والإمامان المؤيد بالله وأبوطالب ـ عليهم السلام ـ ومحمد بن منصور المرادي ـ رضي الله عنه ـ قال: حدثني إبراهيم بن الزِّبْرقانِ التيمي، قال: حدثني أبو خالدٍ عمرو بن خالد الواسطيُّ، قال: حدثني زيد بن علي ـ وهو المصنف ـ عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ قال: لما ثَقُل رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - في مرضه والبيت غاصٌ بمن فيه قال: ((أدعوا لي الحسن والحسين)) ، فدعوتهما؛ فجعل يلثمهما حتى أُغمي عليه، قال: وجعل علي - عليه السلام - يرفعهما عن وجه رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - ففتح عينيه وقال: ((دعهما يتمتعان مني وأتمتع منهما، فإنه سيصيبهما بعدي أثرةٌ، ثم قال: يا أيها الناس إني قد خلّفت فيكم كتاب الله وسنتي وعترتي أهل بيتي؛ فالمضيع لكتاب الله كالمضيع لسنتي، والمضيع لسنتي كالمضيع لعترتي، أما إن ذلك لن يفترق حتى ألقاه على الحوض(1)))؛ وجميع الكتاب بهذا السند إلى الإمام زيد بن علي بما فيه.
__________
(1) - هذا من أخبار التمسك بالكتاب والعترة، وهي بلفظ: ((وعترتي أهل بيتي))، وما في معناهما، متواترة مروية في كتب الإسلام، عن نيف وعشرين صحابياً، منهم: أمير المؤمنين، وأبو ذر، وجابر، وأبو حذيفة، وزيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، وأبو سعيد، وغيرهم.
وقد أخرجها أحمد، ومسلم في صحيحه، وأبو داود، وعبد بن حميد، وغيرهم، بلفظ: ((وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي ـ ثلاثاً ـ))، قال ابن حجر في الفصل الأول من الباب الحادي عشر صفحة (89) من صواعقه، ما لفظه: اعلم أن لحديث التمسك بهما طرقاً كثيرة، وردت عن نيف وعشرين صحابياً، ثم ذكر أنه تكرر بحجة الوداع، وفي مرضه - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - بالمدينة، وفي غدير خم، وبعد انصرافه من الطائف، ولا تنافي، إذْ لا مانع منه أنه كرر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها، اهتماماً بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة.
وقال أيضاً في رواية الطبراني لهذا الخبر الشريف: وفي قوله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم)) دليل على أن من تأهل منهم للمراتب العلية، والوظائف الدينية، كان مقدماً على غيره...إلى آخر كلامه.
والكلام على خبر الثقلين وما في معناه مستوفى في لوامع الأنوار 51/ج1/ط1، وشرح الزلف صفحة 428/ط3.
[سند جامع لمؤلفات الإمام الهادي إلى الحق(ع)، ومؤلفات: الناصر للحق الحسن الأطروش(ع)، والإمام المؤيد بالله أبي الحسين أحمد بن الحسين(ع)،
والإمام الناطق بالحق أمير المؤمنين أبي طالب يحيى بن الحسين(ع)، وأبي العباس الحسني(ع)، وأصول الأحكام للإمام أحمد بن سليمان(ع)، وشرح الأحكام لعلي بن بلال، وشرح القاضي زيد رضي الله عنهما]
وهذا سند جامع لمؤلفات إمام اليمن الهادي إلى الحق المبين، يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم ـ عليهم السلام ـ: الأحكام، والمنتخب، والمجموع، وغيرها.
وجميع مؤلفات إمام الجيل والديلم، الناصر للحق الأقوم، أمير المؤمنين، أبي الحسن، الحسن بن علي بن الحسن: البساط، والتفسير وغيرهما.
ومؤلفات الإمام المؤيد بالله أمير المؤمنين أبي الحسين أحمد بن الحسين: التجريد وشرحه، والإفادة، والأمالي، وجميع مؤلفاته.
وأخيه الإمام الناطق بالحق أمير المؤمنين أبي طالب يحيى بن الحسين: التحرير وشرحه، والإفادة، والأمالي، وجميع مؤلفاته.
وشيخ الأئمة وارث الحكمة أبي العباس أحمد بن إبراهيم الحسني: شرح الأحكام، وشرح المنتخب، والنصوص، والمصابيح، وجميع مؤلفاته.
وأصول الأحكام للإمام الأعظم المتوكل على الله أبي الحسن أمير المؤمنين أحمد بن سليمان ـ عليهم وعلى سلفهم وخلفهم أفضل الصلاة والسلام.
وشرح الأحكام لعلي بن بلال، وشرح القاضي زيد ـ رضي الله عنهما ـ المنتزع من شرح التحرير؛ فأقول مستعيناً بمن ملكه لا يزول:
يروي المفتقر إلى الله مجد الدين بن محمد ـ عفا الله عنهما ـ جميع ما تقدم بالطرق السابقة إلى الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين - عليه السلام - التي منها: عن والدي العلامة محمد بن منصور المؤيدي ـ رضي الله عنهما ـ سماعاً فيما سمعتُ منه فيه منها، كالأحكام إلى كتاب الحدود بقراءتي عليه، وفي شرح التجريد، والأماليات، والتحرير وغيرها، وأصول الأحكام من فاتحته إلى خاتمته بقراءتي عليه ـ رضي الله عنه ـ وإجازة عامة.
وهو عن والدنا الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحسيني الحوثي ، عن شيخه السيد الإمام محمد بن محمد الكبسي، عن شيخه السيد الإمام محمد بن عبد الرب.
ويروي الإمام المهدي محمد بن القاسم ذلك وغيره، عن شيخه الإمام المنصور بالله محمد بن عبدالله الوزير، عن شيخه السيد الإمام أحمد بن زيد الكبسي، عن شيخه السيد الإمام محمد بن عبد الرب.
والسيد الإمام محمد بن عبد الرب يروي ذلك وغيره، عن عمه العلامة إسماعيل، عن أبيه العلامة محمد، عن أبيه العلامة زيد، عن أبيه الإمام المتوكل على الله إسماعيل، عن أبيه الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد، عن السادة الأعلام: إبراهيم بن المهدي القاسمي، وأمير الدين بن عبدالله المطهري، وصلاح بن أحمد بن عبدالله الوزير، ثلاثتهم، عن السيد الإمام أحمد بن عبدالله الوزير، عن الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين، عن القاضي العلامة علي بن أحمد، عن القاضي العلامة علي بن زيد ـ رضي الله عنهم ـ عن الإمام المتوكل على الله المطهر بن محمد بن سليمان الحمزي، عن الفقيه نجم الدين يوسف بن أحمد، عن الفقيه شرف الدين الحسن بن محمد النحوي، عن الفقيه عماد الدين يحيى بن حسن البحيبح ـ رضي الله عنهم ـ عن الأمير الخطير المؤيد بن أحمد، عن الأمير الكبير الناصر للحق الحسين بن بدر الدين محمد، عن الشيخ محيي الدين عطية بن محمد، عن الأميرين الداعيين إلى الله شيبتي الحمد، شمس الدين وبدره، يحيى ومحمد ابني أحمد بن يحيى بن يحيى، عن القاضي شمس الدين جعفر بن أحمد، عن الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان ـ عليهم السلام ـ في أصول الأحكام.
ويروي القاضي شمس الدين جعفر بن أحمد، عن القاضي أحمد بن أبي الحسن الكني، عن أبي الفوارس توران شاه، عن أبي علي بن آموج، عن القاضي زيد بن محمد، عن علي خليل، عن القاضي يوسف الخطيب ـ رضي الله عنهم ـ عن الإمام المؤيد بالله، والإمام أبي طالب، عن السيد أبي العباس، عن السيد الإمام علي بن العباس الحسني، عن الإمام الهادي إلى الحق جميع مؤلفاته.
ويروي الإمامان: المؤيد بالله، وأبو طالب، عن الشيخ العالم أبي الحسين علي بن إسماعيل الفقيه، عن الإمام الناصر للحق الحسن بن علي الأطروش جميع مؤلفاته.
ويروي الإمام المؤيد بالله وأبو طالب وأبو العباس، عن السيد الإمام يحيى الهادي بن الإمام المرتضى محمد بن يحيى، عن عمه الإمام الناصر لدين الله أحمد بن يحيى، عن والده إمام اليمن، محيي الفرائض والسنن، أمير المؤمنين، الهادي إلى الحق القويم، يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم ـ عليهم الصلاة والتسليم ـ.
فنروي مؤلفات كل إمامٍ منهم ـ عليهم السلام ـ بالسند المتصل به، وكذا شرح القاضي زيد بن محمد ـ رضي الله عنه ـ بالسند المتصل به، وشرح علي بن بلال بالسند المتصل بالإمامين المؤيد بالله وأبي طالب - عليهم السلام - عنه - رضي الله عنه -.
[كتاب المحيط بالإمامة]
وأروي كتاب المحيط بالإمامة بالأسانيد السابقة إلى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة، عن الشيخ محيي الدين محمد بن أحمد القرشي، عن القاضي شمس الدين جعفر بن أحمد، عن الشيخ عماد الدين أحمد بن أبي الحسن الكني، عن شيخ الإسلام زيد بن الحسن البيهقي، بقراءته على المؤلف الشيخ الإمام العالم أبي الحسن علي بن الحسين الزيدي ـ رضي الله عنهم ـ.
[كتاب الأحكام والمنتخب والفنون، وأصول الأحكام]
وأروي كتاب الأحكام والمنتخب والفنون وأصول الأحكام: بالطرق السابقة في المجموع، والسند الجملي، جميعها إلى الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة - عليه السلام - التي منها:
عن والدي ـ رضي الله عنه ـ، عن الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم، عن الإمام المنصور بالله محمد بن عبدالله الوزير، عن مشائخه السادة الأعلام: أحمد بن زيد الكبسي، وأحمد بن يوسف زبارة ، ويحيى بن عبدالله الوزير، ثلاثتهم، عن السيد الإمام الحسين، عن أبيه يوسف ، عن أبيه الحسين بن أحمد زبارة الحسني، عن السيد العلامة عامر بن عبدالله بن عامر، عن الإمام المؤيد بالله محمد، عن أبيه الإمام القاسم بن محمد، عن السادة الأعلام: أمير الدين بن عبدالله، وإبراهيم بن المهدي، وصلاح بن أحمد بن عبدالله الوزير، عن السيد الإمام أحمد بن عبدالله الوزير، عن الإمام شرف الدين، عن الإمام محمد بن علي السراجي، عن الإمام عز الدين بن الحسن، عن الإمام المطهر بن محمد، عن الإمام المهدي أحمد بن يحيى، عن أخيه الهادي بن يحيى، وشيخه محمد بن يحيى، عن القاسم بن أحمد بن حميد الشهيد ـ رضوان الله عليهم ـ، عن أبيه، عن جده ، عن الإمام الأجل، المنصور بالله عزّ وجل، عبدالله بن حمزة - عليه السلام -، عن محيي الدين محمد بن أحمد القرشي ـ رضي الله تعالى عنه ـ عن الإمام المتوكل على الرحمن، أحمد بن سليمان عليه السلام في أصول الأحكام قراءة عليه إلى كتاب الوصايا، ومناولة لبقيته.
وبهذا السند إلى الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان ـ عليه السلام ـ، عن الشيخ الأجل إسحاق بن أحمد، عن عبد الرزاق بن أحمد، عن الشريف علي بن الحارث، وأبي الهيثم يوسف بن أبي العشيرة ، عن الحسن بن أحمد الضَّهري (نسبة إلى وادي ضهر، وهو بالضاد المعجمة خاصة، هكذا مسموع) إمام مسجد الهادي، عن محمد بن الفتح ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ عن الإمام المرتضى لدين الله محمد، عن أبيه إمام الأئمة، وهادي الأمة، أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، الهادي إلى الحق المبين، يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ.
فسائل الشهب عنه في مطالعها .... والصبح حين بدا والبدر حين أضا
سَلْ سنة المصطفى عن نجل صاحِبها .... من عَلَّم الناسَ مسنوناً ومُفْترضا
فالله تعالى نسأل أن يمنّ لنا وللمؤمنين بمرافقتهم، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً، آمين آمين.
نعم، وكل من تقدّم في هذه الأسانيد المباركة، من مشاهير علماء الزيدية، وأعلام الثقات الأثبات من العصابة المرضية، ولو نقلتُ فضائلهم وأقوالهم لضاق المقام هذا.
[من كتاب الأحكام]
فنروي بجميع الطرق السابقة إلى الإمام الهادي إلى الحق مؤلفاته، التي أشهرها كتاب جامع الأحكام؛ قال فيه ـ سلام الله عليه ـ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي لا تراه العيون، ولا تحيط به الظنون...إلى آخره.
وقال فيه بعد ذكر التوحيد والعدل والنبوة: فإذا فهم ذلك، وكان في ضمير قلبه كذلك، وجب عليه أن يعرف ويفهم ويعتقد ويعلم أن ولاية أمير المؤمنين، وإمام المتقين، علي بن أبي طالب - عليه السلام - واجبةٌ على جميع المسلمين، فرض من الله رب العالمين، لا ينجو أحد من عذاب الرحمن، ولا يتم له اسم الإيمان، حتى يعتقد ذلك بأيقن الإيقان؛ لأن الله سبحانه يقول: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ(55) }(1) [المائدة]، وكان ذلك أمير المؤمنين - عليه السلام - دون جميع المؤمنين.
__________
(1) - ممن أخرج الرواية في نزول الآية في علي - عليه السلام -: النسائي، ورزين العبدري صاحب الجمع بين الستة، والواحدي، والثعلبي، والخطيب كما حكاه السيوطي أنه أخرج ذلك عن ابن عباس، وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن مردويه، وابن جرير، وأبو الشيخ، والطبراني، وأبو نعيم، وابن عساكر، وغيرهم. انظر صفحة 41/ج1/ط1، و 432/ط3 من شرح الزلف.
..إلى قوله: وما جاء له من الذكر الجميل، في واضح التنزيل، فكثير غير قليل، وفيه أنزل الله على رسوله بغدير خمّ: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}(1) [المائدة:67]، فوقف - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - ولم يستجز أن يتقدم خطوةً واحدة حتى يُنفّذ ما عزم الله عليه في علي - عليه السلام - فنزل تحت الدَّوحة مكانه، وجمع الناس، ثم قال: ((يا أيها الناس، ألستُ أولى بكم من أنفسكم)) قالوا: بلى يا رسول الله، فقال: ((اللهم اشهد، ثم قال: اللهم اشهد، ثم قال: فمن كُنتُ مولاه فعليٌ مولاهُ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداهُ واخذل من خذله وانصر من نصره(2))).
__________
(1) - ... أخرج الإمام الواحدي في أسباب النزول بسنده إلى أبي سعيد الخدري قال: نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} يوم غدير خم في علي بن أبي طالب.
وأخرجه الثعلبي في تفسيره، وأبو نعيم في كتابه نزول القرآن، عن أبي رافع وعن غيره. وثمة طرق لا يسعها المحل. انظر لوامع الأنوار.
(2) - خبر الغدير متواتر، أخرجه محمد بن جرير الطبري من خمس وسبعين طريقاً، وأفرد له كتاباً سماه كتاب الولاية، وذكره ابن عقدة من مائة وخمس طرق، ذكر ذلك ابن حجر في فتح الباري.
وقال الذهبي: بهرتني طرقه فقطعت به، ورواه ابن حجر العسقلاني عن سبعة وعشرين صحابياً، ثم قال: غير الروايات المجملة، مثل: اثني عشر، ثلاثة عشر، جمع من الصحابة، ثلاثين رجلاً.
وقال ابن حجر في الصواعق: رواه ثلاثون من الصحابة، وفيه: ((اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، واخذل من خذله))..إلى آخره. وعده السيوطي في الأحاديث المتواترة.
وقال محمد بن إبراهيم الوزير: إن حديث الغدير يُروى بمائة وثلاث وخمسين طريقاً، وقال المقبلي في الأبحاث: إن كان هذا معلوماً وإلا فما في الدنيا معلوم. وقال أيضاً في الإتحاف: ومن أشهر ما في الباب خبر غدير خمّ، وقد عزاه السيوطي في الجامع الكبير إلى أحمد بن حنبل، والحاكم، وابن أبي شيبة، والطبراني، وابن ماجة، وابن قانع، والترمذي، والنسائي، والمقدسي، وابن أبي عاصم، والشيرازي، وابن عقدة، وأبي نعيم، وابن حبان، والخطيب؛ ذلك من حديث ابن عباس، وبريدة، والبراء بن عازب، وعمر، وحبشي بن جنادة، وأبي الطفيل، وزيد بن أرقم، وجرير، وجندب الأنصاري، وسعد بن أبي وقاص، وزيد بن ثابت، وحذيفة بن أسيد، وأبي أيوب، ومالك بن الحويرث، وحبيب بن بديل، وقيس بن ثابت، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وأبي هريرة، وطلحة، وأنس، وعمرو بن مرّة،... إلى آخره.
والكلام مستوفى في لوامع الأنوار37/ج1/ط1، وشرح الزلف صفحة 432/ط3.
وفيه يقول - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((علي مني بمنزلة هارونَ مِنْ موسى، إلا أنه لا نبي بعدي(1))).
حدثني أبي عن أبيه أن سُئل عن إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام - أفرضٌ هي من الله؟
قال: كذلك نقول، وكذلك يقول العلماء من آل الرسول - عليه وعليهم السلام - قولاً واحداً لا يختلفون فيه.
وحدثني أبي عن أبيه عَمَّن حارب أمير المؤمنين، وعمن تخلف عنه في حربه، ولم يكن معه ولا عليه؟
فقال: من حاربه فهو حرب لله ولرسوله، ومن قعد عنه بغير إذنه فضالٌ هالك في دينه.
إلى قوله: فإذا فهم ولاية أمير المؤمنين - عليه السلام -.
..إلى قوله: وجب عليه التفضيل والاعتقاد والقول بإمامة الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ الإمامين الطاهرين، سبطي الرسول المفضَّلين، اللذين أشار إليهما الرسول - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - ودلّ عليهما، وافترض الله سبحانه حبَّهما، وحبَّ من كان مثلهما في فعلهما من ذريتهما، حين يقول لرسوله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}(2) [الشورى:23].
__________
(1) - خبر المنزلة متواتر معلوم، أخرجه: أحمد، والبخاري، ومسلم، وجميع أهل السنن، وقد أوضحتُ الكلام فيه في شرح الزلف صفحة 435/ط3، وفي لوامع الأنوار96/ج1/ط1.
(2) - قد استوفيت الكلام على الآية الشريفة، وتخريج أخبارها، وكلام المفسرين فيها، في لوامع الأنوار 87/ج1/ط1، بما لا يسع المقام؛ فراجعه موفقاً إن شاء الله تعالى.
..إلى قوله: وفيهما ما يقول الرسول - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((كل بني أنثى ينتمون إلى أبيهم، إلا ابنَيْ فاطمة فأنا أبوهما وعصبتهما(1))).
..إلى قوله: ويقول الرسول - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة (2))).
__________
(1) - أخرجه الطبراني في الكبير بلفظ: ((كل بني آدم ينتمون إلى عصبة، إلا بني فاطمة، فأنا وليهم وعصبتهم))، بسنده إلى فاطمة بنت الحسين، عن جدتها فاطمة الكبرى ـ عليهم السلام ـ قالت: قال رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -..الحديث.
وأخرجه أبو يعلى من طريق الديلمي، عن سلمان، وابن أبي شيبة، بلفظ: ((لكل بني آدم عصبة ينتمون إليه، إلا وَلَدَيْ فاطمة، فأنا وليهما وعصبتهما)).
وأخرجه الخطيب في تاريخه بلفظ: ((كل بني آدم ينتمون إلى عصبتهم، إلا ولد فاطمة فأنا أبوهم وعصبتهم)).
وأخرج الطبراني في الكبير، عن يحيى بن العلا الرازي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر قال: قال رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((إن الله جعل ذرية كل نبي في صلبه، وإن الله جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب)).
وعنه - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((إن ابني هذا سيد ))، يعني الحسن. أخرجه البخاري، وغير ذلك كثير.
وكفى بآية المباهلة برهاناً قاطعاً: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا..الآية} [آل عمران:61]، وأجمعت الأمة أنه دعا الحسنين وفاطمة وعلياً ـ عليهم الصلاة والسلام ـ دون غيرهم، وقد أخرج ذلك مسلم وغيره.
(2) - من الأخبار المتواترة، رواه من الصحابة: علي، وابن عباس، وابن مسعود، وعمر، وابن عمر، وأبو سعيد، وحذيفة، وجابر، ومالك بن الحويرث.
وأخرجه: الحاكم وصححه بزيادة: ((وأبوهما خير منهما))، وأورده الذهبي في النبلاء، وقال: صححه الترمذي.
وعن سلمان قال: سمعتُ رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - يقول: ((الحسن والحسين ابناي، من أحبّهما أحبني، ومن أحبني أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله الجنة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار))، أخرجه الحاكم، وقال: على شرط الشيخين.
وأورده الذهبي وقال: وفي الباب عن أسامة، وسلمان، وابن عباس، وزيد بن أرقم. انتهى باختصار، ولا يسع المحل أكثر من هذا.
ويقول: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً : كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض)).
ويقول - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((مثَلُ أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق وهوى(1))).
ويقول - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - : ((ما أحبّنا أحد أهل البيت فزلّت به قدم إلا ثبتته قدمٌ، حتى ينجيه الله يوم القيامة )).
وفيهم يقول: ((النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم مِنْ السماء أتى أهل السماء ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبَ أهلُ بيتي من الأرض أتى أهل الأرض ما يوعدون(2))).
__________
(1) - هذا من أخبار السفينة، ومن ألفاظها: ((إن مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق))، أخرجه الطبراني في الأوسط بإسناده إلى أبي سعيد.
وأخرج خبر السفينة: أحمد عن عمار، وهو والترمذي عن أنس، والطبراني عن ابن عمر، والحاكم عن أبي ذر، وأبو نعيم عن أبي ذر وابن عباس، وابن الأثير والخطيب وأبو يعلى والأسيوطي والمُلا وابن أبي شيبة والمحب الطبري وغيرهم، وأكثرهم من طرق، وأخبار السفينة مشهورة.
انظر: الاعتصام، وتخريج الشافي، وشرح الغاية، ولوامع الأنوار95/ج1/ط1.
قال ابن حجر في صفحة (143) من الصواعق: ووجه تشبيههم بالسفينة أن من أحبهم وعظّمهم شكراً لنعمة مشرّفهم، وأخذ بهدي علمائهم، نجا من ظلمة المخالفات، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم، وهلك في مفاوز الطغيان.
قال: وبباب حطة: أن الله جعل دخول ذلك الباب الذي هو باب أريحا، أو بيت المقدّس، مع التواضع والاستغفار، سبباً للمغفرة، وجعل لهذه الأمة مودة أهل البيت سبباً لها.
(2) - ... أخرج أخبار النجوم والأمان: أحمد بن حنبل في المناقب عن علي - عليه السلام - ومسدد، وابن أبي شيبة، وأبو يعلى، والطبري، والحاكم في المستدرك.
وفي ذخائر العقبى عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتهم قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب الشيطان))، أخرجه الحاكم في المستدرك، وقال: هذا صحيح الإسناد.
وقد أخرجه وغيره أئمة العترة، ولكن ذكرنا رواية المحدثين لإقامة الحجة على المخالفين، وعدم اتساع المجال، ومن أراد الاستكمال فليرجع إلى البسائط التي سبقت الإشارة إليها، وقد جمعتُ في لوامع الأنوار 64/ج1/ط1، ما فيه الكفاية، وفي هذا بلاغ لقوم عابدين. انتهى.
..إلى قوله: مثل مَنْ قام من ذريتهما من الأئمة الطاهرين، الصابرين لله المحتسبين، مثل زيد بن علي، إمام المتقين، القائم بحجة رب العالمين، ومثل يحيى ابنه، المحتذي بفعله، وفيه(1) قال يحيى بن الحسين ـ صلوات الله عليه ـ: حدثني أبي، عن أبيه أنه قال: حدثني رجل من بني هاشم، وكان صوّاماً قواماً، عن أبيه، بسنده إلى النبي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم ـ: ((من زارني في حياتي، أو زار قبري بعد وفاتي، صَلّتْ عليه ملائكةُ الله اثنتي عشرة ألف سنة )).
قال: وبلغنا عن الحسين - عليه السلام - أنه قال للنبي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: يا رسول الله ما لِمن زارنا؟
فقال رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((من زارني حياً أو ميتاً ، أو زار أباك حياً أو ميتاً ، أو زار أخاك حياً أو ميتاً، أو زارك حياً أو ميتاً، كان حقيقاً على الله أن يستنقذه يوم القيامة )).
وفيه: قال يحيى بن الحسين ـ صلوات الله عليه ـ: بلغنا عن عبدالله بن الحسن، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((إن من أوجب المغفرة إدخالك السرور على أخيك المسلم )).
__________
(1) - ... قوله: (قال يحيى بن الحسين ـ صلوات الله عليه ـ): ليس من كلام الإمام الهادي إلى الحق، وإنما هو من كلام المرتِّب للكتاب، والناسخ له، وكثيراً ما يوجد مثل هذا في المؤلفات، والله ولي التوفيق، تمت من المؤلِّف أيده الله تعالى.
وبلغنا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه ـ عليهم السلام ـ قال: ((من قضى لمؤمن حاجة، قضى الله له حوائج كثيرة، إحداهنّ الجنة، ومن نفّس عن مؤمن كُربة نفس الله عنه كرباً يوم القيامة، ومن أطعمه من جوعٍ، أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقاه من عطش، سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم، ومن كساه ثوباً، كان في ضمان الله ما بقي عليه من ذلك الثوب سِلكٌ، والله لقضاء حاجة المؤمن أفضل من صوم شهر واعتكافه)).
وفيه: قال يحيى بن الحسين ـ رضي الله عنه ـ: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن آبائه ـ عليهم السلام ـ عن رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - أنه قال: ((الرِّفق يُمن، والخُرق شؤمٌ )).
وفيه: قال يحيى بن الحسين ـ صلوات الله عليه ـ: وبلغنا عن رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - أنه قال: ((تكردس الفتن من جراثيم العرب حتى لا يُقال الله، ثم يبعث الله قوماً يجتمعون كما يجتمع قزع الخريف، فهناك يحيي الله الحق ويميت الباطل )).
وفيه: قال يحيى بن الحسين ـ صلوات الله عليه ـ: قال رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((يا علي، من أحبّ ولدك فقد أحبك، ومن أحبك فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحبّ الله، ومن أحب الله أدخله الجنة، ومن أبغضهم فقد أبغضك، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله، ومن أبغض الله كان حقيقاً على الله أن يدخله النار)).
وساق في ذكر آل محمد ـ صلوات الله عليهم ـ حتى قال في آخره: قال يحيى بن الحسين ـ صلوات الله عليه ـ: وإنما أخّرْنا ذكر ما ذكرنا من بعض فضل آل محمد ـ صلوات الله عليه وعليهم ـ لنختم بذكرهم كما بدأنا بهم؛ لأن الله سبحانه بهم ابتدأ إظهار الحق والهدى، وبهم يختم سبحانه الدنيا، انتهى.
قلت: أخرج الطبراني في الأوسط عن علي - عليه السلام - أنه قال للنبي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: أمِنّا المهديُّ أم من غيرنا يا رسول الله؟
فقال: ((بل منّا، بنا يختم الله كما بنا فتح، وبنا يستنقذون من الشرك، وبنا يؤلّف الله بين قلوبهم بعد عداوة بيِّنَةٍ، كما ألّف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك ))، وأخرجه غيره، وله شواهد كثيرة، وأخبار المهدي متواترة، انظر لوامع الأنوار، انتهى والحمد لله رب العالمين.
[أمالي الإمام أحمد بن عيسى(ع)]
أمالي الإمام، حفيد الإمام الأعظم، عالم آل محمد، أبي عبدالله أحمد بن عيسى بن الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ـ صلوات الله عليهم ـ وهي المسماة: علوم آل محمد، وجامع محمد بن منصور، وسمّاها الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة - عليه السلام -: بدائع الأنوار في محاسن الآثار.
ومؤلفها عالم العراق، وإمام الشيعة بالاتفاق، أبو جعفر محمد بن منصور المقري المرادي ـ رضوان الله عليه ـ وهو يروي عن أعلام أهل البيت ـ عليهم السلام ـ وهذا الكتاب من أقدم كتب علماء الإسلام؛ فإنه سمع على مؤلفه عام (256هـ)، وهو العام الذي مات فيه البخاري محمد بن إسماعيل الجعفي، وتوفي مسلم بن الحجاج بعده بست سنين، وبقي شيخ الإسلام محمد بن منصور إلى نيف وتسعين، فقد بارك الله في عمره، وانتفع به المسلمون، ببركة ملازمته لآل محمد ـ صلوات الله عليهم ـ وما يُحْكى عنه من قبول المجهول لم يثبت، هكذا قرره بعض علمائنا.
والذي يظهر لي أن مستند الرواية عنه ما في بعض أسانيده عن رجل أو نحوه، وهو مأخذ غير صحيح، فإن ذلك لا يستلزم أن لا يكون معلوماً لديه، ولعلّه لم يسمّه لمقصد صالح، ثم إنه لو فرض أنه مجهول لديه فلم يصرّح بقبوله، ولم يلتزم الصحيح فيما رواه في الكتاب ، وإنما القصد الجمع لما روي بأي طريق، وإن كان المقصود والأغلب فيها هو روايات آل محمد ـ عليهم السلام ـ وما كان عن غيرهم فعلى سبيل المتابعة والاستشهاد، فالعمدة على الناظر في أخذ ما صحّ، وطرح ما لم يترجح، والله ولي التوفيق.
نعم، أروي أمالي الإمام أحمد بن عيسى - عليه السلام - بالأسانيد السابقة في المجموع إلى الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين ، عن السيد الإمام صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير، عن السيد الإمام أبي العطايا عبدالله بن يحيى ـ عليهم السلام ـ، عن الفقيه نجم الدين يوسف بن أحمد، عن إمام الشيعة حسن بن محمد النحوي، عن الفقيه عماد الدين يحيى بن حسن البحيبح ـ رضي الله تعالى عنهم ـ عن الأمير المؤيد بن أحمد، عن الأمير الحسين بن محمد، عن الأمير علي بن الحسين، عن الشيخ عطية بن محمد النجراني، عن الأميرين الداعيين إلى الله شمس الدين وبدره، يحيى ومحمد ابني أحمد بن يحيى بن يحيى ـ عليهم السلام ـ عن القاضي جعفر بن أحمد، عن الكني، عن أبي علي بن آموج، عن القاضي زيد بن محمد، عن علي خليل، عن القاضي يوسف الخطيب، عن الثلاثة الأئمة: المؤيد بالله، وأبي طالب، وأبي العباس، عن السيد الإمام القدوة عالم أهل البيت بالري أبي زيد عيسى بن محمد بن أحمد بن عيسى بن يحيى بن الحسين بن الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي ـ عليهم السلام ـ المتوفى سنة (326هـ) بالري، عن شيخ الإسلام محمد بن منصور المرادي.
وأرويها بالسند المتقدم في المجموع إلى الإمام الأعظم المنصور بالله عبدالله بن حمزة - عليه السلام - عن الشيخ محيي الدين محمد بن أحمد بن الوليد القرشي ـ رضي الله عنه ـ عن الأمير الداعي إلى الله شيبة الحمد بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى ـ عليهم السلام ـ عن الشريف العالم، تاج العترة الطاهرة، عماد الدين، أبي عبدالله، الحسن بن عبدالله بن محمد بن يحيى، من ولد المرتضى ابن الإمام الهادي إلى الحق ـ عليهم السلام ـ المعروف بالمهول.
قال: أخبرنا الشيخ الأجل محمد بن علوي غبره الحارثي، قراءةً عليه بدار الكوفة في شهر ربيع الآخر سنة (555هـ).
قلت: قال في الطبقات: محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن علوي بن محمد بن زيد بن غيره الهاشمي الكوفي الحارثي المعدل أبو الحسن..إلى آخره، قال: أخبرنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن علان المعدل.
قلت: ترجم له في طبقات الزيدية، ومطلع البدور، وهو من علماء الزيدية الأبرار ـ رضي الله عنهم ـ كان في أفراد ستمائة، عن أبي طالب محمد بن الصباغ.
قلت: ترجم له في الطبقات فقال: محمد بن الحسين البزار، أبوطالب المعروف بابن الصباغ، يروي أمالي أحمد بن يعسى..إلى آخره.
قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن عبد الرحمن بن ماتي الكاتب، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن منصور بن يزيد.
(ح)، وأرويها أيضاً بالأسانيد السابقة في المجموع إلى القاضي جعفر بن أحمد، عن الشيخ الفاضل العدل أبي علي الحسن بن علي بن ملاعب الأسدي، ترجم له في الطبقات وأثنى عليه، وهو من رجال الزيدية الأخيار بالكوفة، قال: ولعل موته في الخمسين بعد الخمسمائة، قال: أخبرنا الشريف السيد عمر بن إبراهيم العلوي.
قلت: هو السيد الإمام عمر بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن حمزة بن يحيى بن الحسين بن الإمام زيد بن علي ـ عليهم السلام ـ المتوفى عام تسعة وثلاثين وخمسمائة، عن سبع وتسعين عاماً، وهو من أعلام آل محمد، ترجم له في طبقات الزيدية، ومطلع البدور، وترجم له الذهبي ونال منه كما هي سجيّته، إلا أنه أقرّ بفضله وعلمه، وترجم له ابن الأثير في اللباب، والجلال السيوطي في البُغية.
قال في الطبقات: وروى عنه ابن السمعان، وابن عساكر، وأبوموسى المدني، والحسن بن علي بن ملاعب الأسدي.
قال السيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير: وهؤلاء الذين رووا عنه حفاظ الإسلام في عصرهم..إلى آخره.
وأبو الحسن محمد بن أحمد بن بحْسل العطار قراءةً عليهما جميعاً.
قلت: ترجم له في الطبقات، قال: أخبرنا أبو الفرج محمد بن الحارث، عن محمد بن الحسين البزار المعروف بابن الصباغ، عن علي بن ماتي.
قلت: هو المتقدم، أبو الحسين علي بن عبد الرحمن.
قال في هامش كتاب حواري الآل أحمد بن سعد الدين: هو الشيخ العلامة المعمر.
..إلى قوله: ماتي ـ بالكسر، أي للمثناة الفوقية، وقيل بالفتح ـ الكوفي، الكاتب، مولى آل زيد بن علي ـ عليهم السلام - حدث ببغداد عن جماعة، مات سنة (347هـ)، وماتي ـ بمثناة من فوق ـ انتهى.
وهو في عداد ثقات الشيعة.
قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن منصور بن يزيد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى
ثم ساق الأخبار والآثار في جميع الأبواب إلى آخر الكتاب، وفيه قال ـ أي محمد بن منصور ـ: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي ـ عليهم السلام ـ قال: كان إذا استفتح الصلاة، قال: الله أكبر، وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أُمرت وأنا من المسلمين.
قال محمد بن منصور فيه: حدثنا أبو الطاهر.
قلت: يعني السيد الإمام أحمد بن عيسى بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ـ عليهم السلام ـ.
قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي - عليه السلام - قال: كنت مع النبي ـ صلى الله عليه وعلى أهل بيته ـ فأتى بني مجمّم، فقال: ((من يؤمّكم؟)) قالوا: فلان، قال: ((لا يؤمّنكم ذو خزبة في دينه ))، قال أبو جعفر: الخزبة: الذي يكون شبه الخدش.
وفيه قال محمد: كتبتُ إلى أحمد بن عيسى أسأله عن السعي إلى الجمعة، فكتب إلي وعرفت خطه: أن الذي يجب من ذلك مع إمام العدل التقي الزكي المقتدى به..إلى قوله: وإني لا أدين فيه إلا مع إمام الهدى، هذا رأيي ومبلغ علمي، والله أسأل التوفيق لما يحب ويرضى، ولولا ثقتي بك لكان ترك الجواب في ذلك رأيي، لما عليه أهل زمانك من التقدم في ذلك ، والعجلة على من قال به، بلا حجة ولا دلالة، والله المستعان، انتهى.
والذي ذكرتُ فيه من أصحّ الأسانيد.
[كتاب الجامع الكافي]
كتاب الجامع الكافي، كتاب جامع آل محمد، أرويه بطرق كثيرة، أرفعها عن والدي وشيخي العلامة الولي محمد بن منصور المؤيدي، عن شيخه الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحوثي، عن شيخه الإمام المنصور بالله محمد بن عبدالله الوزير، عن شيخه الإمام أحمد بن زيد الكبسي، عن شيخه السيد الإمام محمد بن عبد الرب، عن عمه العلامة إسماعيل بن محمد، عن أبيه محمد، عن أبيه زيد، عن أبيه الإمام المتوكل على الله إسماعيل، عن أبيه الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد، عن السيد الإمام صلاح، عن أبيه الحافظ أحمد بن عبدالله الوزير، عن الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين، عن السيد الإمام أبي العطايا عبدالله، عن أبيه السيد الرباني يحيى بن المهدي، الزيدي نسباً ومذهباً، عن الإمام الواثق بالله المطهر، عن أبيه الإمام المهدي محمد بن المطهر، عن العلامة الزاهد محمد بن عبدالله الغزال، عن العلامة محيي الدين أحمد بن أبي الفتوح الحسني، عن العلامة سديد الدين علي بن بدر الهمداني، عن الشيخ العلامة نصر الله منصور بن محمد المدلل، عن الشيخ العلامة أحد مشائخ الزيدية بالكوفة أبي علي الحسن بن علي بن ملاعب الأسدي، عن الشيخ العلامة العدل أبي منصور يحيى بن محمد الثقفي، عن المؤلف السيد الإمام الحافظ أبي عبدالله محمد بن علي العلوي الحسني ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ.
قال - عليه السلام -: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين..إلى آخر فاتحة الكتاب.
وقد أتينا بترجمته وتمام نسبه وتاريخه واعتراف المخالفين له كالذهبي وغيره، في كتاب لوامع الأنوار ـ نفع الله به آمين ـ.
[كتاب نهج البلاغة]
كتاب نهج البلاغة من كلام أمير المؤمنين، وأخي سيد المرسلين ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ الذي جمعه السيد الإمام الشريف الرضي ، علم أعلام أهل البيت النبوي، أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليهم السلام ـ المتوفى (406هـ)، عن ست وأربعين.
من خلاصة العترة النبوية، وأعلام العصابة الزيدية الهادية المهدية، كما صرّح به الإمام الحجة المنصور بالله عبدالله بن حمزة وغيره، ولا صحة لدعوى بعض من يدعي أنه كان يذهب مذهب الإمامية؛ فالواقع المعلوم من أقواله وأفعاله يخالفُه، كيف وهو قد رَشّح نفسه للقيام بالإمامة، من ذلك قوله:
هذا أميرُ المؤمنينَ مُحَمَّد .... طابتْ أرومتُه وطاب المحتدُ
أو ما كفاك بأن أمَّك فاطمٌ .... وأبوك حيدرةٌ وجَدُّك أحمدُ
وهو أشهر من نار على علم عند طوائف الأمة، وقد نال منه بعض المنحرفين، وهذا شأن النواصب في هريرهم على نجوم الهداة الثواقب.
والحاسد القمر النوار في تعب
ما يضر البحر أمسى زاخراً .... أن رمى فيه سفيهٌ بحجرْ
ونهج البلاغة مخرّجٌ في كتب الأمة من الأولياء والأعداء، فقد اشتملت على تخريجه أماليات أئمتنا، ومؤلفات غيرهم من علماء الإسلام ، وقد أقرّ الذهبي بأكثر ما فيه، وأخرج السيوطي وصاحب النهاية كثيراً منه.
وقد صحّحه أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة، وصاحب البيت أدرى بالذي فيه؛ فلم يزل يحتج به سابقُهم ولاحقُهم، وتلقّوه بالقبول كما صرح بذلك أعلامُهم، كالسيد الهادي بن إبراهيم الوزير وغيره.
وشاهد كلام الوصي - عليه السلام - في ذاته، فهو دون كلام الخالق، وفوق كلام المخلوق، سوى كلام الرسول - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -.
وقد صحح الأسانيد المتصلة بمؤلفه أعلامُ الأئمة، كالإمام الحجة المنصور بالله عبدالله بن حمزة - عليه السلام - واشتملت على ذلك كتب الأسانيد الصحيحة، وقد بسطنا ذلك في لوامع الأنوار.
ولا التفات لما قدح به بعض ذوي الزيغ في بعض الكلام العلوي ـ سلام الله على صاحبه ـ فالبهتان سلاحهم الذي عليه التعويل عند أن يقهرهم البرهان، ويلجمهم الدليل، وقد فضحهم الله بكلامهم في النهج كما فضحهم بكلامهم في رواية مجموع الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي ـ عليهم السلام - حيث أُخْرِجَ ما تَضَمَّناه في دواوين الإسلام، واتفق على روايته الخاص والعام: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ(8)} [الصف].
ولقد أنصف في هذا الشأن علماء الجامع الأزهر بمصر في تقريظهم للروض النضير شرح المجموع الكبير، وسلكوا منهج الصواب، وتكلّموا بالحق المطابق للسنة والكتاب، فطالعه إن شئت والله ولي التوفيق.
هذا، أروي كتاب نهج البلاغة بالأسانيد السابقة الصحيحة في طريق المجموع وغيره إلى الإمام الحجة المنصور بالله عبدالله بن حمزة، عن الشيخ العلامة الفاضل عمر بن جميل النهدي، عن السيد الإمام علم الأعلام يحيى بن إسماعيل بن علي الحسيني، عن عمه السيد الإمام الحسين بن علي الجويني، عن المؤلف الشريف الرضي ـ رضي الله عنهم ـ وقد استوفيتُ الكلام في هذا وغيره في لوامع الأنوار.
[كتاب الشافي]
كتاب الشافي، قد تقدم السند في طريق المجموع إلى مؤلفات الإمام الأعظم الحجة أمير المؤمنين المنصور بالله أبي محمد عبدالله بن حمزة - عليه السلام -، وروايتنا لها عنه من طريقين، ونورد هنا طريقاً ثالثة زيادة في الفائدة، بإعانة الله وتسديده.
فأقول وبالله التوفيق: يروي المفتقر إلى الله مجد الدين بن محمد ـ عفا الله عنهما ـ جميع مؤلفات الإمام الأعظم، حجة الرحمن، المنصور بالله، عبدالله بن حمزة بن سليمان ـ عليهم تحيات الملك الديان ـ التي هي: كتاب الشافي، وصفوة الاختيار، والمهذب، وحديقة الحكمة، والرسالة الناصحة، وشرحها، والفتاوي المرتبة وغير المرتبة ، ورسائله، وأشعاره، وجميع مؤلفاته، وهي كثيرة غزيرة - وقد ذكرتُ مؤلفاتهم في التحف الفاطمية كما سبق - سماعاً فيما سمعت منها: كالشافي، والرسالة الناصحة، والحديقة، وما تضمنته المؤلفات من كتبه - عليه السلام - وإجازة عامة لها ولغيرها، من والدي شيخ آل الرسول، العلامة الولي محمد بن منصور بن أحمد المؤيدي ـ رضي الله عنهم ـ عن والدنا الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم، عن السيد الإمام محمد بن محمد الكبسي، عن السيد الإمام محمد بن عبدالرب.
(ح)، ويروي ذلك الإمام المهدي محمد بن القاسم، عن الإمام المنصور بالله محمد بن عبدالله الوزير، عن السيد الإمام أحمد بن زيد الكبسي، عن السيد الإمام محمد بن عبد الرب، عن عمه إسماعيل بن محمد، عن أبيه محمد بن زيد، عن أبيه زيد بن الإمام، عن أبيه المتوكل على الله إسماعيل، عن أبيه الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد.
وأرويه بجميع الطرق السابقة إليه، وهو عن مشائخه الأعلام: أمير الدين بن عبدالله، وإبراهيم بن المهدي، وصلاح بن أحمد، عن السيد الإمام أحمد بن عبدالله الوزير، عن الإمام المتوكل على الله شرف الدين ، عن الفقيه جمال الدين علي بن أحمد، عن الفقيه العلامة علي بن زيد ـ رضي الله عنهم ـ، عن السيد الإمام أبي العطايا عبدالله بن يحيى بن المهدي، عن الفقيه نجم الدين يوسف بن أحمد، عن السيد الإمام جمال الدين الهادي بن يحيى، عن والده السيد الإمام صاحب الجوهرة والياقوتة يحيى بن الحسين اليحيوي، عن الفقيه العلامة إمام المذاكرين محمد بن سليمان بن أبي الرجال، المتوفى سنة (730هـ) بمناولة الفقيه العلامة عبدالله بن علي، بالمناولة والقراءة عن والده الشيخ العلامة بهاء الدين علي بن أحمد بن الحسين الأكوع ـ رضي الله عنهم ـ جامع كتاب الاختيارات المنصورية، وصاحب المقامات المشكورة الإمامية.
وقد روى عنه الإمام - عليه السلام - في الشافي، وهو من تلامذة الإمام، وأعيان الأعلام، في تلك الأعوام ـ رضي الله تعالى عنهم، وأعاد من بركاتهم ـ، عن الإمام المنصور بالله.
[من كتاب الشافي]
قال - عليه السلام - في الشافي:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي قصُر عن تأدية ما يجب له من الحق جهد الجاهدين..إلى قوله: أوضح نهج السبيل، وكشف عن وجه الدليل.
..إلى قوله: لم يأمر المكلفين بفعل ما فعل، ولا نهاهم عن تركه، بل انتحل ذلك القدري بمينه وإفكه، وكيف يُذَمُّ على فعل ربُّه فاعلُه، أو يُمدح بعمل ذو الجلال عاملُه، انهزم من الكسب إلى غير فئة منيعة، ورام التحصن من البرهان بأخلاقه الرقيعة، فكان كالباني على جرفٍ هار، والهارب من الرمضاء إلى النار.
وصلى الله على المبعوث من أطيب جرثومة، وأشرف أرومة، وأكرم خؤلة وعمومة، نبي الرحمة، وسراج الظلمة، وأب الطاهرين الأئمة، أيده الله بالأدلة الظاهرة، والمعجزات الباهرة، فبلّغ الرسالة، وأوضح الدلالة، وطمس الجهالة، وأيقظ من الغفلة والسِّنَة، ودعا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، فكان أول من أجابه من الرجال ابن عمه، وكاشف كربه، وفارج همّه، ليث دولته الواثب، ونجم دعوته الثاقب، وسيف صولته القاضب، وسهم نحلته الصائب، علي بن أبي طالب، فاستوزره وآخاه، وقرّبه واجتباه، فهو الوصي والوارث، والدافع للكارث.
كان إذا أَرْتَجَ العدُوُّ على الإسـ .... ـلام باباً دعاه يَفْتَحُ به
خليفةُ الله في بريته .... وهو شريكُ النبي في نسبه
..إلى قوله: نام على الفراش فادياً له بمهجته ليلة الغار..إلى قوله: وتعرّض للشهادة في موطن بعد موطن، البطين الأنزع، والليث الأروع، والشجاع الأقرع، والسمّ المنقع.
..إلى قوله: والقمر الزاهر، والسيف الباتر، والنوء الماطر، والبحر الزاخر، والقِدْح القامر، صاحب الأفاعيل ببدرٍ وحنين، شريف المنصبين.
..إلى قوله:
إن علي بن أبي طالب .... جدّا رسول الله جداهُ
أبو علي وأبو المصطفى .... من طينة طهّرها اللهُ
..إلى قوله: وصلوات الله على أهل بيته، أنجم الملّة، وأدلّة الأدلة، مُزيحي العلّة، شفاء الغُلة، حتْف المعاندين، وسمّ الجاحدين، الرادين لكيد الكائدين، كما روينا عن أبينا خاتم المرسلين صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين أنه قال: ((إن عند كل بدعة تكون من بعدي يُكاد بها لإسلام ولياً من أهل بيتي موكلاً، يعلن الحق وينوّره، ويردّ كيد الكائدين، فاعتبروا يا أولي الأبصار، وتوكّلوا على الله(1))).
__________
(1) - هذا الخبر الشريف أخرجه الإمام أبو طالب في أماليه بسنده، ومن شواهده أخبار النجوم والتجديد، وكفى بأخبار الثقلين، وقد سبقت الإشارة إليها.
على الله توكلنا، وبه اعتصمنا، ورضي الله عن الصحابة، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، الراعين حرمة الذرية، المميزين لهم على جميع البريّة، وسلّم وكرم.
أما بعد: فإن الرسالة الخارقة، وصلتنا منقلبنا من المغرب، في شهر شوال سنة ثمان وستمائة، وابتدأنا بصدر جوابها في شهر ربيع الأول سنة تسع وستمائة، وسبب تراخي المدة كثرة الأشغال وتراكمها كما يعلم ذلك من شاهد الحال، أو صدق المقال.
..إلى قوله: وقد طابق اسمها معناها؛ لأنها خرقت عادة المسلمين..إلى قوله: فقد أصاب صاحبها في اسمها وإن أخطأ في معناها، ومن نظرها بعين النصفة عرف حقيقة ما قلناه منها المدح لنفسه وأهل مقالته، وأنهم أهل السنة والجماعة، وجرّد ذلك عن الأدلة القاضية بصحة دعواه.
..إلى قوله: ومنها ذمه لما ورد من جهتنا من الرسالة المتضمنة للآثار النبوية، المأثورة عن جميع علماء البرية، بعد تعييننا لها بكتبها ومواضعها وشيوخها وطرقها.
..إلى قوله: رام للصحابة النصرة بسب جماعة العترة، واستثنى من اعتقد إمامة المشائخ، وأحدٌ منهم لا يعتقد ذلك بشهادة المسلمين والمعاهدين، والاستثناء إخراج بعض من كل، فكان كالمستثني عشرة من عشرة.
..إلى قوله: فرأينا التفرغ لجوابه في بعض الأحوال، أولى من كثير من الأشغال ؛ فإن اهتدى لم نكره هدايته، وإن استحب العمى على الهدى كنا قد خرجنا من عهدة ما يلزم من النصيحة للمكلفين، ولعل غيره يستبصر بما لم يبصر به {فَأَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ(124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ(125)} [التوبة].
فأما السب والأذية فممَّا لا جواب فيه من قبلنا تشريفاً لنصابنا، وحراسة لأنسابنا،
ويشتموا فترى الألوان مسفرة .... لا عفو ذلّ ولكن عفو أحلام
واعتذاره(1) بأن سبَّه لنا نصرةً للأصحاب، وتعرّضاً للثواب، عذر غير مخلص عند ذوي الألباب، اليوم ولا غداً عند رب الأرباب؛ لأنهم ـ سلام الله عليهم ـ أولى الخلق بالهدى والصواب، وأعرف الخلائق بعلم الكتاب.
...إلى قوله - عليه السلام -:
لا تسبنني فلستَ بسِبِّي .... إن سِبّي من الرجال الكريمُ
ما أبالي أنبّ بالحَزْن تيس .... أم لحاني بظهر غيب لئيمُ
..إلى قوله - عليه السلام -:
علينا نزل العلم ومنا انتشر .... أُرِيْه السُّها ويريني القمر
ما ظنك ببيت عَمَرَهُ التنزيل، وخدمه جبريل، هجرته الشياطين المردة ، وعمَّرته من الأولياء الحفدة، فكم من قاطع ما أمر به الحكيمُ أن يُوصل، ناسٍ هولَ اليوم الأطول.
..إلى قوله - عليه السلام -: قال بزعمه أصِلُ الأولَ وأقطَعُ الآخرَ، كأنه لم يعلم استحكام عقد الأواصر، كما روينا عن أبينا النبي الصادق العربي: ((كل نسب وسبب منقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي(2))).
__________
(1) - اعتذاره: مبتدأ، خبره عذر غير مخلص، وخبر إنَّ محذوف تقديره واقع أو نحوه، ونصرة وتعرضاً مفعولان لأجلهما، فتأمل.
(2) - ... أخرجه الحاكم والطبراني والبزار من حديث عمر، ورواه ابن إسحاق، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عمر.
وأخرجه الطبراني عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، عن عمر.
ورواه ابن السكن في صحاحه من طريق الحسن بن الحسن بن علي، عن أبيه، عن عمر.
ورواه البيقهي أيضاً، ورواه أبو نعيم في الحلية عن ابن عمر، عن أبيه، ورواه أحمد والحاكم من حديث المسور بن مخرمة يرفعه ((أن الأسباب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري)).
ورواه الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس.
..إلى قوله - عليه السلام -: زعم أنه انتصر لأبي بكر وعمر وعثمان، وعَدّ تقديمنا لعلي - عليه السلام - مجانباً للإيمان، وأكّد ذلك بالسبّ والبهتان، فحفظ الصحابة بتضييع القرابة، ولم يعلم أن حق الأمة على منازلها مرتب على حق أهل البيت المجللين بالكساء، المصطفين على الرجال والنساء؛ فإن تقَطّع قلبه أسفاً وحسداً فما ذنبنا في ذلك {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ ءَاتَيْنَا ءَالَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا(54)} [النساء].
وكذلك ما قال رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - من الذمِّ لذامهم، والخبر عن حال باغضهم في ابتداء خلقه، وأنه لغير رِشْدة، أو حملته أمه في غُبَّرِ حيضة، أو كان من لا خير فيه من الرجال؛ فذلك قول رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - وهو عن الله(1)
__________
(1) - ... أخرج محمد بن سليمان الكوفي بسنده إلى الباقر رفعه إلى النبي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((لا يبغضن أهل البيت إلا ثلاثة: رجل وُضع على فراش أبيه لغير أبيه، ورجل أتت به أمه وهي حائض، ورجل منافق))، وله شواهد.
أخرج الإمام المرشد بالله بسنده إلى علي - عليه السلام - قال: سمعت رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - يقول: ((من لم يعرف حق عترتي والأنصار والعرب فهو لإحدى ثلاث: إما منافق، وإما لزنية، وإما حملت به أمه في غير طهر)).
وأخرجه أبو الشيخ، ذكره ابن حجر في تتمة الصواعق ص(233) الطبعة الثانية سنة (1385هـ) وفي هامشها: الحديث أخرجه الباوردي وابن عدي والبيهقي. انتهى.
وأخرجه الدارقطني.
قال العقاد في عبقرية الإمام علي - عليه السلام - صفحة (175): أحاديث النبي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - في فضل علي ومحبته متواترة في كتب الحديث المشهورة، منها ما انفرد به، وهو حديث الخيمة الذي رواه الصديق ـ رضي الله عنه ـ حيث قال: رأيتُ رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - خيم خيمة وهو متكئ على قوس عربية، وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين، فقال: ((معشر المسلمين، أنا سِلْم لمن سالم أهل الخيمة، حرب لمن حاربهم، وليّ لمن والاهم، لا يحبهم إلا سعيد الجد، طيب المولد، ولا يبغضهم إلا شقي الجدّ، رديء الولادة))، انتهى.
وقد نظم ذلك كثير من أوليائهم، قال الصاحب بن عباد:
أُحبّ النبي وآل النبي .... لأني ولدتُ على الفطرةِ
إذا شكّ في ولد والد .... فآيته البغض للعترةِ
وللإمام الشافعي أبيات في هذا المعنى، أوردتها في المنهج الأقوم، صفحة (39)ط/1.
وعنه - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((استوصوا بأهل بيتي فإني مخاصمكم عنهم غداً، ومن أكن خصمه أخصمه، ومن أخصمه دخل النار)) أخرجه الملا وابن سعد.
وقال - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((لا يبغض أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار)) أخرجه الحاكم في المستدرك، والذهبي في التلخيص، وقال: على شرط مسلم، وابن حبان، وصححه.
وأخرج الحاكم والذهبي عن ابن عباس عنه - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((فلو أن الرجل صفن بين الركن والمقام، فصلى وصام، ثم لقي الله وهو مبغض لأهل بيت محمد دخل النار)) وغير ذلك كثير، يضيق عنه البحث.
إلى قوله - عليه السلام -: جهلت السورة، فعكست الصورة، كم بين من يشهد بما ورد فيه المؤالف والمخالف، ويُجمع على صحة النقل فيه جميع الطوائف.
..إلى قوله: روينا عن النبي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - أنه قال: ((أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحبّ الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي ))، وهذا أمرٌ، والأمر يقتضي الوجوب.
قلت: ممن أخرجه الحاكم في المستدرك، واعترف الذهبي بصحته، وأخرجه غيره.
وفي الحديث فيهم - سلام الله عليهم -: ((قدّموهم ولا تتقدموهم، وتعلّموا منهم ولا تعلّموهم، ولا تخالفوهم فتضلوا، ولا تشتموهم فتكفروا)).
قلت: هي في أحد أخبار الثقلين، وقد استوفيناها في لوامع الأنوار.
..إلى قوله - عليه السلام -: فقد أخطر بنفسه، وصار كما قيل في المثل: قيل للشقي هلّم إلى السعادة، فقال: حسبي ما أنا فيه، يظن أن سبه لذرية الرسول ينقصهم أو يضع منهم، ونقصُ ذلك عائد عليه، ووباله صائر إليه، فهو فيه كمن طعن نفسه ليقتل رِدْفه،
ما ضرّ تغلبَ وائل أهجوتها .... أم بُلْت حيث تناطح البحران
وأما جعله لصاحب بغداد وليجةً دون أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومحل الوراثة، فقد أَبَتْ ذلك عليه أخبارُ الصحاح إن اعتقد أنها صحيحة، في خبر الكساء، والبرد، والمباهلة، وغير ذلك من الأخبار، في تخصيصهم بأنهم عترته أهل بيته.
..إلى قوله - عليه السلام -: فأما ذريته فلا ينازعنا أحد في ذلك من أهل الدين، وقد كان شغب الحجاج في ذلك، ثم سلّم وانقطع ، إلا أن تكون بلية صاحب الخارقة أعظم من بليته، وقضيته أقبح من قضيته؛ ففي قوله تعالى: {أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ(16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ(17)} [المرسلات]، ما يُذْهب همّ كل مؤمن حزين.
..إلى قوله - عليه السلام -: فأمَّا ائتمامك به فينبغي لمن كان على مثل حالك أن يكون إمامه كذلك، يوم ندعو كل أناس بإمامهم، فأنت في الائتمام وهو في الإمامة كما قيل في المثل السائر: وافق شنٌّ طبقه، وكما قال الشاعر:
هذا السوار لمثل هذا المِعْصَم
ولكن ما يكون حال الأعمى إذا قاده الأعمى، والضال إذا كان دليله الضال.
..إلى قوله - عليه السلام -: كيف يصحب الخائف الخائف، ويؤم الظنين الظنين، ويقيم الحدودَ المحدودُ، وينفذ الأحكامَ المحكومُ عليه؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون من ضلال هذه الأمة، وجفوتها لأهل بيت نبيها، ولكن كيف يُستعظم ذلك من أمة قتل ابنُ دعيّها ابنَ نبيها ، فما ذرفت عيونها، ولا وجفت قلوبها، ولا أوحشها حوبها، هذا وبرد الإسلام قَشِيب، وأصاغر الصحابة يستعظمون وخطَ المشيب.
ولما قُبض رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - مرضيّ الفعل، مشكور العمل، قد أنقذ الخلائق من شفا الحفرة، ونجاهم من بحار الهلكة، وأضفى عليهم ستر الإسلام الحسن الجميل، لم يبق منهم عنق مكلّفٍ إلا وفيه له - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - منّة الهداية، والمِنَّةُ لله، كان من أمْر فاطمة ـ عليها السلام ـ السلالة المرضيّة، والنسمة الزكيّة، والجمانة البحرية، والياقوتة المضيئة، ما كان من النزاع في الإرث(1)، وبعد ذلك في أمر النحلة لفدك وغيره ما شاع في الناس ذكره، وعَظُم على بعضهم أمْره، حتى قال قائلهم:
وما ضرّهم لو صدقوها بما ادّعت .... وماذا عليهم لو أطابوا جنانها
وقد علموها بضعةً من نبيهم .... فلم طلبوا فيما ادعته بيانها
__________
(1) - أخرج نزاعها في الإرث؛ والنحلة؛ ودفنها ليلاً؛ وأنها ماتت ـ عليها السلام ـ هاجرة لأبي بكر: البخاري ومسلم وغيرهما، وهو معلوم بين الأمة.
فمرضت سِراً، ودُفنت ليلاً، فلسنا والحال هذه نستعظم من صاحب الخارقة ما أظهر من الأذى، ونشر من البذى، وأظهر الجهل بأهل بيت النبوة، وذلك لا ينقّصهم.
ويظهر الجهل بي وأعرفه .... والدرّ درٌّ برغم من جهله
..إلى قوله - عليه السلام -:
وهبني قلت هذا الصبح ليل .... أيعمى العالمون عن الضياءِ
إلى قوله - عليه السلام -: كيف يذم قوماً فُرضت عليهم الصلاة في الصلاة(1)، ومُثّلوا بباب حطة وسفينة النجاة.
إلى قوله - عليه السلام - في تفسير ابن عباس: ما أنزل الله تعالى في القرآن {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا} ، إلا وعلي أميرها وشريفها، ولقد عاتب الله أصحاب محمد - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - في غير آية، وما ذكر علياً إلا بخير(2)، ولا تعرض شبهة عند أحد من أهل البصائر أن كل آية في القرآن تتضمن مدحاً وتعظيماً وتشريفاً للمؤمنين أو للمسلمين مجملاً إلا وأمير المؤمنين علي - عليه السلام - درّة تاجها، ونور سراجها، ولا وقع وعْدٌ للسلمين في العقبى، ولا نصرة في الدنيا، إلا وهو مقصود عند جميع الأمة؛ فإن شرك معه غيره مدّع فببرهان يتوجّده أيستقيم أم لا ؟
__________
(1) - الأخبار في تعليم الصلاة بلفظ: ((قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد)) معلومة مروية في الست وغيرها؛ فمن صلى في الصلاة أو في غيرها وترك ذكر آله فقد خالف السنة المأمور بها، المجمع على صحتها، والحقيقة أنه لا يصدق عليه أنه صلى عليه - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - لمخالفته الكيفية التي علّمهم.
(2) - أخرجه الطبراني وابن أبي حاتم وغيرهما، ونقله ابن حجر، وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ: ما نزل في أحد في كتاب الله ما نزل في علي، وعنه أيضاً: نزل في علي ثلاثمائة آية، أخرج ذلك ابن عساكر وغيره.
..إلى قوله - عليه السلام -: وكذلك أمر الله سبحانه وتعالى نبيه - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - أن ينوّه باسمه، ويدل على فضله بقوله وفعله ، ويبين لأمته أنه القائم بخلافته، والمنصوص على إمامته، وأكد الأمر فقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} ، ولما علم ما في قلوب أقوام من الضغائن آمنه من شرهم بما أوضح من عصمته، بقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة:67]، فامتثل أمر ربه، وبيّن بقوله وفعله ، وميزه من أمته؛ أما القول فلا ينحصر لو أردنا حصره في هذا الكتاب.
فقد بيّنا ما روته العامة على انحرافها عنه - عليه السلام - خاصة، فروينا ما لا يمكنه إنكاره في باب الإمامة.
..إلى قوله - عليه السلام -: ولسنا نخاف في الله أحداً، ولا نخاف معه، وقد نشرنا الدعوة في الآفاق، وأبدينا صفحتنا لأهل الشقاق والنفاق، والمجاهرة بالعداوة في جميع الآفاق، كصاحب بغداد ومن دونه، ممن يعتزي إليه، فذلك أكبر دليل على رفع التقية، فكيف بنا في صاحب الخارقة وأجناسه من البرية.
ولم نقدم علياً من تلقاء أنفسنا، وإنما قدمه الله ورسوله فقدمناه، وألزمنا الله سبحانه ونبيه - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - ولاءَهُ فالتزمناه.
هذا حديث الغدير ظهر ظهور الشمس، واشتهر اشتهار الصلوات الخمس، وخبر المنزلة، وحديث حذيفة: ((علي خير البشر ))، وحديث عمار وأبي ذر عن النبي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -.
وقوله لعلي - عليه السلام -: ((من أطاعك فقد أطاعني، ومن عصاك فقد عصاني ))، وكقوله: ((علي مني وأنا منه ))، وكقوله: ((أوحي إليّ في علي أنه سيّد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين(1)))..إلى غير ذلك مما رويناه مسنداً ومرسلاً، ومبَيَّناً ومجملاً، فهذا تقديمه بالقول.
__________
(1) - ... أخرجه الحاكم في أول صفحة (138) من الجزء الثالث، وقال: صحيح الإسناد، وأخرجه الباوردي وابن قانع وأبو نعيم والبزار وصاحب الكنز، وأخرجه ابن النجار بلفظ: ((وولي المتقين))، وأخرجه أبو نعيم بلفظ: ((مرحباً بسيد المسلمين وإمام المتقين))، وشواهد كثيرة.
انظر البسائط: كمناقب أحمد بن حنبل ومسنده، وخصائص النسائي، وتخريج الشافي، وشرح الغاية، ولوامع الأنوار.
وفي هذا المعنى قوله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((أول من يدخل من هذا الباب إمامُ المتقين، وسيّد المسلمين، ويعسوب الدين، وخاتم الوصيين، وقائد الغر المحجلين))، فدخل عليٌ، فقام إليه مستبشراً فاعتنقه، وجعل يمسح عرق جبينه، وهو يقول: ((أنت تؤدي عني، وتسمعهم صوتي، وتبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي))، أخرجه أبو نعيم في حليته عن أنس، وقوله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - وقد أشار بيده إلى علي - عليه السلام -: ((إن هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهذا يعسوب المؤمنين))، أخرجه الطبراني في الكبير من حديث سلمان وأبي ذر، وأخرجه البيهقي في سننه، وابن عدي في الكامل من حديث حذيفة.
وغير هذا كثير لا يسعه المقام، والمخرجون لهذه الأخبار الشريفة من أئمة الحديث وثقاتهم، دَعْ عنك رواية أئمة العترة وأوليائهم.
وأما الفعل فإنه لم يولّ عليه أحداً قط في جيش ولا سريّة إلا وهو أميرها ، يأمر بطاعته، ويحذر عن مخالفته، وهو صاحب رايته في كل زحف، حتى سأله جابر بن سمرة: يا رسول الله، من يحمل رايتك يوم القيامة ؟
فقال: ((ومن عسى أن يحملها إلا من يحملها في الدنيا، علي بن أبي طالب )).
وأخذ براءة من أبي بكر ودفعها إليه، وقال: ((لا يبلّغها أحد عني إلا أنا أو رجل مني ))، وأخرجه عند المباهلة، وأجراه مجرى نفسه دون غيره بنصّ ربه؛ لأنه لا يفعل من تلقاء نفسه، {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى(4)} [النجم]، وآخى بينه وبين نفسه لما آخى بين الصحابة، وقال: ((هو أخي في الدنيا والآخرة(1))).
__________
(1) - أخبار المؤاخاة كثيرة شهيرة، وكانت المؤاخاة مرتين، في كلتيهما جعله الرسول - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - أخاه، وقد أخرجه باللفظ الذي ذكره الإمام: ((أنت أخي في الدنيا والآخرة)): الحاكم في صفحة (14) من الجزء الثالث من المستدرك عن ابن عمر من طريقين صحيحين على شرط الشيخين.
وأخرجه الذهبي في تلخيصه معترفاً بصحته، وأخرجه الترمذي فيما نقله ابن حجر في صفحة (73) من صواعقه.
وقال: - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((هذا أخي، وابن عمي وصهري وأبو ولدي)): أخرجه الشيرازي في الألقاب، وابن النجار عن ابن عمر.
وقال له - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((أنت أخي وصاحبي)): أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب بسنده إلى ابن عباس.
وقال له - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((أنت أخي ورفيقي في الجنة)) أخرجه الخطيب.
وقال له - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((وأما أنت يا علي فأخي وأبو ولدي ومني وإليّ))، أخرجه الحاكم في الجزء الثالث، واعترف الذهبي بصحته.
وقال له - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((أنت أخي ووزيري، تقضي ديني، وتنجز موعدي، وتبرئ ذمتي)) أخرجه الطبراني في الكبير عن ابن عمر.
وكان علي - عليه السلام - يقول: (أنا عبدالله وأخو رسوله، وأنا الصديق الأكبر، لا يقولها بعدي إلا كاذب) أخرجه النسائي في الخصائص، والحاكم، وابن أبي شيبة، وابن أبي عاصم، وأبو نعيم.
وقال علي - عليه السلام -: (والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارث علمه، فمن أحق به مني) أخرجه في المستدرك، والذهبي مسلماً بصحته.
قال ابن عبد البر في الاستيعاب: آخى رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - بين المهاجرين، ثم آخى بين المهاجرين والأنصار، وقال في كل واحدة منهما لعلي: ((أنت أخي في الدنيا والآخرة)).
وممن أخرج أخبار المؤاخاة بين الرسول وبين علي ـ صلوات الله عليهما وآلهما وسلامه ـ: أحمد بن حنبل في المناقب، وابن عساكر في تاريخه، والطبراني، والبيهقي، في مجمعيهما، والباوردي في المعرفة، وابن عدي، وغيرهم.
وأخرج الإمام أحمد في مسنده، والإمام النسائي في خصائصه، والحاكم في مستدركه، والذهبي في تلخيصه معترفاً بصحته، وغيرهم من أصحاب السنن، بطرق مجمع على صحتها، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - قال في حديث طويل: ((لا يذهب بها ـ أي براءة ـ إلا رجل هو مني وأنا منه))، وأنه قال - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((أنت وليي في الدنيا والآخرة))، وأنه قال - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي، إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي))، وأنه قال له - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((أنت ولي كل مؤمن بعدي ومؤمنة))، وفيه قال ابن عباس: وسد رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - أبواب المسجد غير باب علي، وكان يدخل المسجد جُنُباً وهو طريقه، ليس له طريق غيره.
وأنه قال رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((من كنت مولاه فإن مولاه علي))، والحديث طويل اختصرته، وقد ذكر فيه خبر الراية، وأنه أول الناس إسلاماً، وخبر الكساء، وشراء علي نفسه ليلة نام على الفراش، وشواهده لا تحصى.
وقال - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا ـ مخاطباً لبني عبد المطلب في خبر الإنذار ـ))، أخرجه بهذه الألفاظ:
ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم، والبيهقي في سننه ودلائله، والثعلبي، والطبري، في سورة الشعراء في تفسيريهما، والطبري أيضاً في الجزء الأول من تاريخه صفحة (217)، وأبو جعفر الإسكافي في نقض العثمانية مصححاً له، والحلبي، وغيرهم.
وأخرج الطبراني في الكبير بسنده إلى سلمان، قال: قال رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((إن وصيي، وموضع سرّي، وخير من أترك بعدي، ينجز عدتي، ويقضي ديني علي بن أبي طالب)).
وأخرج محمد بن حميد الرازي، عن بريدة، عن رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((لكلّ نبي وصي ووارث، وإن وصيي ووارثي علي بن أبي طالب))، وأخبار المؤاخاة والوصية كثيرة.
انظر: البسائط، كتخريج الشافي لشيخنا علامة العترة الحسن بن الحسين الحوثي ـ رضي الله عنهما ـ ولوامع الأنوار.
وقد ألّف في إثبات الوصية لأمير المؤمنين - عليه السلام - القاضي العلامة محمد بن علي الشوكاني صاحب نيل الأوطار مؤلفاً سماه العقد الثمين، وقد طبع في ضمن الرسائل اليمنية، ورَدّ على ما روي في البخاري ومسلم عن عائشة، ولفظ ما روياه: ذُكر عن عائشة أن النبي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - أوصى إلى علي ـ رضي الله عنه ـ فقالت: من قاله ؟..إلى قولها: فكيف أوصى إلى علي ؟
قال بعض العترة: قد تعلم أن الشيخين ـ يعني البخاري ومسلماً ـ قد رويا في هذا الحديث وصية النبي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - إلى علي من حيث لا يقصدان، فإن الذين ذكروا يومئذ أن النبي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - أوصى إلى علي لم يكونوا خارجين من الأمة، بل كانوا الصحابة أو التابعين..إلى آخر كلامه.
قلت: وهذا واضح، ويأبى الله إلا أن يخرج الحق على ألسنة منكريه، ومثل هذا ما روياه عن طلحة بن مصرف، قال: سألت عبدالله بن أبي أوفى: هل كان النبي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - أوصى؟
قال: لا.
قلت: كيف كتب على الناس الوصية ثم تركها ؟
قال: أوصى بكتاب الله.
انظر كيف تناقض كلامه لما صدمته الحجة، أثبت الوصية بعد أن نفاها، وقد نبَّه على هذه المناقضة المنصور بالله عبدالله بن حمزة في الشافي، والقاضي الشوكاني في العقد الثمين.
والحق أبلج ما تخيل سبيله .... والحق يعرف أولوا الألباب
ولولا ضيق المقام، لسقتُ من الأخبار النبوية وأقوال الصحابة والتابعين المروية ما كثر وطاب، وهذا ما يقطع ريب كل مرتاب وإلى الله المرجع والمآب.
وزوجه ابنته فاطمة - ابنة الوحي - بأمر الله، سيدة نساء العالمين، مع كثرة خطابها..إلى قوله: فانتظر أمر الله فيها، فأمره بزواجها من علي - عليه السلام - بعد أن عقد بها في السماء بأمر الملك الأعلى، فلها عقدان: عقد سماوي، وعقد أرضي، وقال لفاطمة في حديث طويل: ((زوّجتك أعلمهم علماً، وأقدمهم سلماً(1))).
ولم ينقم منه طول صحبته، ولا أنكر عليه شيئاً من قوله ولا فعله مدة حياته، بل أنكر على مَنْ شكاه في فعله، كخالد بن الوليد، ورسوله بريدة، وقال: ((ما لكم ولعلي، علي مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن ومؤمنة(2))).
__________
(1) - أخرج الحاكم بإسناده إلى ابن عباس، وأبي هريرة، والطبراني، والخطيب، عن ابن عباس، وأخرج محمد في المسند، قوله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - لفاطمة ـ عليها السلام ـ: ((أما ترضين أني زوجتك أول المسلمين إسلاماً، وأعلمهم علماً، وأنك سيدة نساء أمتي، كما سادت مريم نساء قومها، أما ترضين يا فاطمة أن الله اطّلع على أهل الأرض فاختار منهم رجلين، فجعل أحدهما أباك، والآخر بعلك))، وله شواهد كثيرة.
منها: ما أخرجه أحمد في الجزء الخامس من المسند، من حديث معقل بن يسار، قوله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((أو ما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً))، وغير ذلك كثير.
(2) - أخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، والنسائي، عن بريدة قوله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((يا بريدة، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟)) قلت: بلى يا رسول الله، قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)).
وأخرج أبو داود بالإسناد الصحيح عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - لعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ: ((أنت ولي كل مؤمن بعدي)).
وقال - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((إن علياً مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي)) أخرجه أحمد بن حنبل عن عمران، والحاكم والذهبي في التلخيص مسلّماً بصحته، وابن أبي شيبة، وابن جرير وصححه.
وأخرجه الترمذي كما ذكره ابن حجر في الإصابة، وله طرق كثيرة، فمن كان قابلاً للحق ففيه كفاية، ومن كان معانداً فلا ينفع فيه شيء:
وليس يصحّ في الأذهان شيء .... إذا احتاج النهار إلى دليلِ
ولما تمّ ما أمره ربه من النص على إمامته، والإشارة بخلافته، نزل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة:3].
قلت: روى البخاري وغيره أنها نزلت يوم عرفة، ويُحمل على تكرر النزول مع صحة النقل كما هو الواجب في الجمع، وقد قيل ذلك في آي كثيرة ، وفائدته بيان السببية للجميع، والله سبحانه ولي التوفيق.
قال: هذا غير ما كان في حالة صغره، فإنه في حال ولادته غسله وسماه، وفي حجره المبارك ربّاه، وهو كشّاف الكرب عن وجه رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -، ثم خصّه الله بالذرية الطيبة المباركة الزكية، التي ملأت البلاد مشاهد ومعاهد، وعلوماً وفوائد، فظهرت علومها، ورجحت حلومها، وصدقت كرَّاتها، وظهرت آياتها، ومدحها من الأكابر والأفاضل، دون الأسافل والأراذل، وليّها وعدوّها.
إلى أن ذكر - عليه السلام - ولاية الحرمين المطهرين، زادهما الله على مرور الأيام شرفاً ونفاذاً، وأنهما تحت ولايتهم ذلك العصر، قال - عليه السلام -: فأحكامهم ماضية فيهما بما يسرّ صاحب بغداد تارةً ويسوءه أخرى، وإظهارهم لأذان الرسول - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - الذي ورثوه عن سلفهم، وأجمع عليه آباؤهم، بحي على خير العمل، مع كراهة من تحنبل.
ثم ذكر - عليه السلام - المباحث المهمة، والعلوم الجمّة، في طرق كتب الإسلام، وروايات الأنام، من جميع الأمة، والبيان لحجج الله من الكتاب والسنة، وتعداد فرق الأمة من جميع الطوائف، وما عليه كل فريق من مؤالف ومخالف.
وقال - عليه السلام - بعد أن ساق البراهين على وجوب اتباع أهل البيت ـ صلوات الله عليهم ـ من الكتاب والسنة، حتى انتهى إلى طرق أخبار التمسك، ما نصه: فهذه كما ترى أخبار متظاهرة مما روته العامة، ولا تناكر فيه، ولا اختلفت معانيه، وقد تكرر لفظ العترة وأهل البيت، وبيّنّا مَنْ هم بدلالة الكتاب في آية التطهير وأحاديث الكساء والبُرد المتكررة المتظاهرة.
إذ هم موضع الحجة على الأمة، لمكان العصمة، وإيجاب الرجوع إليهم في المهمة، كما يُرجع إلى الكتاب في الدلالة، وهذا نصّ صريح يأمر به النبي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - كل من شملته لفظة الإسلام، فمن كان من المسلمين لزمه الاقتداء بالثقلين: الكتاب والعترة، ولا يلزم أهل بيته الاقتداء بأحد؛ لأن الوصية بالتمسك بأهل بيته، والأمر بذلك لأمته، فهو أمر بالاقتداء بهما إلى آخر أيام التكليف؛ لأنه قيّد التمسك بالأبد، وجعل مدة اجتماعهما إلى ورود الحوض عليه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وهذا الأمر منه - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - بالتمسك بأهل بيته ـ عليهم السلام ـ عام لكل أهل الإسلام.
وهو أيضاً واجب، يدل على وجوبه قُبح تركه؛ لأنه - عليه السلام - قال: ((ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً ))، فجعل ترك التمسك بهما هو الضلال.
قلت: لأن منطوقه صريح بنفي الضلال عن التمسك، وترك الضلال واجب، فيجب التمسك الموصل إلى القطع بنفيه قطعاً، إذْ لا طريق إلى ذلك سواه ، ومفهومه أن ترك التمسك بهما ضلال، وهو قبيح بلا إشكال، وأيضاً التمسك بالكتاب واجب قطعاً، وقد قُرنوا به فيكون حكمهم حكمه، وأيضاً قد جعلهم الله خليفته، وللخليفة ما للمستَخْلِف بلا خلاف، وإلا فلا معنى للاستخلاف، وأيضاً المقام صريح ضروري في هذا المقصود، فالمناكرة فيه باب من التكذيب والرد والجحود.
نعم، وإطلاقه - عليه السلام - لفظ الأمر على هذا مجاز بجامع إفادة الكل الوجوب، فهو استعارة، قال - عليه السلام -: فصار ترك هذا الأمر قبيحاً، فعلم وجوبه بقبح تركه، وهو شهادة الصادق بنفي الضلال مع الإتباع، والإحتراز من الضلال واجب، لأنه دفع ضرر عن النفس، موجب لوجهي الوجوب من العقل والسمع، فما بقي لمعتلّ علّة.
فقد صار وجوب اتباع أهل البيت - عليهم السلام - المعصومين المفضلين على الأمة، واجباً على جميع الوجوه ، وعلى كلٍ: قول مَنْ قال إن الأمر على الوجوب فقد ورد، ومن قال: لا بد من دليل فقد حصل.
..إلى قوله - عليه السلام -: فقد صار الخبر الوارد بإجماع كافة أهل الإسلام من قول النبي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: ((افترقت أمة أخي موسى إلى إحدى وسبعين، فرقة منها فرقة ناجية والباقون في النار، وافترقت أمة أخي عيسى اثنتين وسبعين فرقة، منها فرقة ناجية والباقون في النار، وستفترق أمتي ثلاثاً وسبعين فرقة، منها فرقة ناجية والباقون في النار))؛ بياناً عن الفرقة الناجية من أمته، وهي التي تمسكت بالثقلين، وهما: كتاب الله وعترة رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -.
وقد صدّر - عليه السلام - هذه المباحث بفصل في قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا(33)} [الأحزاب].
ثم فصل في معنى قوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى:23].
ثم فصل في قوله - عليه السلام -: ((خلّفت فيكم الثقلين )).
ثم فصل في أن علياً - عليه السلام - أول من أسلم، وأول من صلى مع رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -.
ثم فصل في أن علياً وصي رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -.
ثم فصل في الكناية عن علي - عليه السلام - بلفظ الخلافة من قول النبي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -.
ولما ساق الأخبار الواردة في ذلك قال - عليه السلام -: فهذه الأخبار الواردة..إلى قوله: تصرّح بلفظ الخلافة له - عليه السلام - بلا ارتياب، فلينظر في ذلك، ففيه كفاية ومقنع لمن تأمله بعين الإنصاف ، فما بعد لفظ الخلافة بيان يُلتمس، ولا منار يُقْتبس، ولا دليل يُستفاد، ولا علم يُسْتزاد.
..إلى قوله - عليه السلام -: فإن في ذلك تنبيهاً للغافل، وعبرةً للعاقل، ونفياً لكل شك مريب، عن كل كيّس أريب، وتبصرة وذكرى لكل عبدٍ منيب..إلى آخره.
ثم فصل في ذكر يوم غدير خُمّ.
ثم فصل في تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ(55)} [المائدة]، حتى قال - عليه السلام -: وقد ذكرنا الأخبار الواردة في هذه الآية، وأن المراد بها علي بن أبي طالب - عليه السلام -.
..إلى قوله - عليه السلام -: فقد اتفقت الخاصة والعامة على أن المراد بالآية علي بن أبي طالب - عليه السلام -، وهذا نصّ صريح في صحة إمامته - عليه السلام - ووجوب خلافته عقيب الرسول - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - بلا فصل؛ لأنه رتّب الولاية ثلاث مراتب: لله سبحانه، وللرسول - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - وللمتصدِّق بخاتمه وهو راكع، وذلك علي بن أبي طالب - عليه السلام - فهو الولي النافذ التصرف في الأمة.
إلى قوله - عليه السلام -: وعيَّنه تعييناً جلياً، وأشار إليه بإيتاء الزكاة في الركعة إشارة متفقاً عليها من الخاص والعام، فثبت له من فرض الولاية ما ثبت لله ولرسوله على كافة خلق الله، كما ثبت لله تعالى ولرسوله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -..إلى آخره.
ثم فصل في قول النبي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - لعلي - عليه السلام -: ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ))، ثم عقَّب بعد ذلك بحكاية المذاهب، وبيان كل فريق من موالٍ ومناصب.
..إلى قوله - عليه السلام - بعد ذكر القائلين بدين آل محمد - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - في التوحيد والعدل من التابعين فمن بعدهم من علماء الأمصار في جميع الأقطار، من الحرمين الشريفين مكة والمدينة، والمصرين الكبيرين الكوفة والبصرة، واليمن والشام.
واعلم أرشد الله تعالى، أنا لم نذكر من ذكرنا، وتعنّينا بتعدادهم، لأنا ندعي أنهم أكثر ممن خَالَفَنا، بل المخالفون لنا أكثر أضعافاً، وإنما جعلنا ذلك في مقابلة قول الخصم: إنه صاحب السنة والجماعة.
فأما السنة فهي لا تفارق الكتاب، والكتاب لا يفارق العترة بنصّ الرسول - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - الذي لا يحتمل التأويل.
وأما الجماعة فأي جماعة مع من خالف ذرية الرسول - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - ومن علماء الأمة من ذكرنا.
..إلى قوله - عليه السلام -: فكيف يصح للمخالف دعوى الجماعة فيما هذا حاله، والسنة في خلاف العترة، وإنما هذا كما بينا أن معاوية لما ظهر الأمر، واضطر الحسن بن علي - عليه السلام - إلى الموادعة، سُمي ذلك العام عام الجماعة، وهذا معلوم للعلماء منّا ومن خصومنا.
..إلى قوله: فانظر إلى هذا الأصل ما أضعفه، والأسّ ما أوهاه، وأما إضافة مقالته إلى سنة رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - وجماعة المسلمين، فهيهات هيهات، لن يصل إلى ذلك، وقد شاركته فرق الإسلام في الدعوى، فانتفى الاستحقاق إلا بالبينات، وهي البراهين، ولن تجد سبيلاً إلى ذلك، وأنَّى له ذلك، ومن دونه خرط القتاد، وسفّ الرماد، وحرّ الجلاد.
..إلى قوله - عليه السلام -: وإن أعجب العجائب وما عشتَ رأيتَ العجب، أن ضُلاَّلَ الأمة وشذَّاذها، صارت تنازع أهل البيت دين أبيهم وجدهم، وأهل البيت أعرف بالذي نزل فيه، والعوّام تقول: ولد الصانع أعرف من المتعلم سنة، ومن أمثال العرب: تعرفني بضب احترشته.
..إلى قوله - عليه السلام - في شأن القرآن: نزل على جدنا من فوق سبع سماوات، وحكى الحكيم سبحانه أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأخبر بحفظه.
..إلى قوله: وقد نشره الله تعالى وقوّى الدواعي إليه، ألزم به الحجة حتى وصل في الغرب إلى نهاية السكن، وفي الشرق كذلك إلى السد، ولم يبق حيز الكفر إلاّ في الجهة الجنوبية والشمالية بالهند والروم، ومن صاقبهم، فما بلدة من بلادهم إلا وللإسلام فيها أثر، والكتاب الكريم فيها مستقر، فالحمد لله رب العالمين.
..إلى قوله: وكيف يجهل الأمر أهله وَيْحَكُم، ففي بيت مَنْ نزل؟ ومن أين انتشر؟ وفي حجور مَنْ تربّى؟ إلا في أهل التنزيل والتأويل، والتحريم والتحليل، ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل، وعترة محمد - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -، من أُلهموا غرائبه، وفهموا عجائبه، وعرفوا أوامره ونواهيه، ومجمله ومبينه، وخصوصه وعمومه، وناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ووعده ووعيده، وترغيبه وتهديده، ورسومه وحدوده وقصصه، وعزائمه ورخصه، ولفظه وإعرابه، وأمثاله وأبوابه، وما يجوز وما لا يجوز، وما وجه الحكمة في إنزاله على ما أنزل، وما المراد به، وما الواجب فيه وبه؛ فإن أحببت صحة دعوى هذه الجملة، وصَلْتَ وسألتَ، وإن كنتَ قد عرفتَ استحالة هذه الدعوى وبطلانها بما ألقي إليك من بغضة الآل وألهمت من المحال، فما هي من أبي بكر ببكر، وإذا لم تستح فاصنع ما شئتَ.
ويحك، من لك بنقض بيت عمره التنزيل، وخدمه جبريل، حازوا شرف الأبوّة ، وفازوا بفضل النبوة، فَخَفَض لهم مُحِبٌّ جناح المودة، ففاز وغنم، وشمخ بأنفه وناء بعطفه باغضٌ، فخسر وندم، وعلى هذا المعنى وقعت دعوة إبراهيم - عليه السلام - في قوله تعالى حاكياً عنه: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم:37].
..إلى قوله - عليه السلام -: وسنبين لك أهل البيت حقاً، بالأدلة التي يعقلها غيرك إنْ لم تعقلها، ويقبلها غيرك إنْ لم تقبلها.
..إلى قوله - عليه السلام -:
أتهجوه ولست له بكفؤ .... فشرّكما لخيركما الفداءُ
ولكن، وما قولك بضائر لنا، ولا قادح فينا، وقد بقينا على شناة من هو أطول منك باعاً، وأشد ذراعاً، وأحرّ مصاعاً، وأثقف قراعاً، وكيف يطمع في إزالتنا طامع، ونحن الكلمة الباقية في عقب إبراهيم الخليل ، والثقل من تراث محمد - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - الثقيل ، {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف:29]، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ(37)} [ق].
وقال - عليه السلام -: وإنما دعونا المسلمين كافة..إلى قوله - عليه السلام -: وقفونا في ذلك آباءنا من لدن علي بن أبي طالب - عليه السلام - إلى يومنا هذا.
..إلى قوله - عليه السلام -: فذلك ديننا ودين آبائنا ـ عليهم السلام ـ أدناهم إليّ أبي، وأعلاهم النبي العربي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - والوصي ذو البيان المعرب ـ سلام الله عليهم ـ.
..إلى قوله - عليه السلام -: وكان زيد بن علي - عليه السلام - أول من سنّ الخروج على أئمة الجور، وجرّد السيف بعد الدعاء إلى الله، فمن حذا حذوه من أهل البيت ـ عليهم السلام ـ فهو زيدي ، ومن تابعهم وصوَّبهم من الأمة فكذلك، ولم يتأخّر عن زيد إلا الروافض، فهم أهل هذا الاسم، والنواصب، وهم سلف الفقيه الذي يمشي في آثارهم، ويعشو إلى نارهم، فما ضروا غير أنفسهم.
فأما سند مذهبنا فقد ذكرناه عن أب فأب؛ فنعم الآباء..إلى قوله - عليه السلام -:
حتى تنحلتهُ نصاً فأفضل ما .... أخذت دينك نصاً عن أبٍ فأبِ
إذا رأيتَ نجيباً صحَّ مذهبه .... فاقطع بخير على آبائه النجب(1)
فهذا سند مذهبنا، فقد أسندناه إلى المشاهير، أئمة هدى، اختصوا بولادة المصطفى - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - فكل آبائنا ـ عليهم السلام ـ زيدٌ إمامهُ؛ لأنه عندنا أهل البيت إمام الأئمة بفتحه باب الجهاد على أئمة الجور، وقد مدحه الرسول - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - ومدح أتباعه بما فيه كفاية، وزيد بن علي، ومحمد بن علي ، وعبدالله بن الحسن، وإبراهيم بن الحسن، لم يختلفوا في حرف واحد من أصول دينهم.
فلما قام زيد بن علي - عليه السلام - دونهم على أئمة الجور تبعه فضلاء أهل البيت ـ عليهم السلام ـ في القيام، فقال محمد بن عبدالله النفس الزكية - عليه السلام -: ألا إن زيد بن علي - عليه السلام - فتحَ باب الجهاد، وأقامَ الحجة، وأوضح المحجة، ولن نسلك إلا منهاجه، ولن نقفوا إلا أثره.
__________
(1) - البيتان لمهيار الديلمي من قصيدته البائية.
وقال - عليه السلام -: فأما إسناد مذهبنا إلى رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - فأقول: أخبرني أبي تلقيناً وحكاية على العدل، والتوحيد، وصدق الوعد والوعيد، والنبوة، والإمامة لعلي بن أبي طالب - عليه السلام - بعد رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - بلا فصل، ولولديه الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ بالنص، وأن الإمامة بعدهما فيمن قام ودعا من أولادهما، وسار بسيرتهما، واحتذا حذوهما، كزيد بن علي، ومن حذا حذوه من العترة الطاهرة ـ سلام الله عليهم ـ واختصت الفرقة هذه من العترة وشيعتهم بالزيدية، وإلا فالأصل علي - عليه السلام - والتشيع له، لخروج زيد بن علي على أئمة الظلمة، وقتالهم في الدين، فمن صوّبهم من الشيعة وصوبه وحذا حذوه من العترة، فهو زيدي بغير خلاف من أهل الإسلام.
..إلى قوله مخاطباً لصاحب الخارقة: فأين تغدو بفرقة قد استولت على كثير من أقطار الإسلام، وعمرته علماً ورجالاً وجدالاً وقتالاً.
نعم، المفقود في أيام محمد بن إبراهيم - عليه السلام - من إخوانك جنود العباسية مائتا ألف مقاتل، ما أفناهم إلا رجال الزيدية، وكم يُعد لهم من الوقعات مع أئمة الهدى ـ عليهم السلام ـ.
..إلى قوله - عليه السلام -: ونحن ننص مذهبنا عن أب فأب، إلى أن يتصل برسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - وزيد بن علي - عليه السلام - أضاف أهل البيت مذهبهم إليه، قالوا: نحن زيدية ، وإنما مرادهم مذهب زيد بن علي - عليه السلام - في الخروج على أئمة الظلم.
فأما الاعتقاد في أصول الدين فرأي أهل البيت ـ عليهم السلام ـ فيه واحد لا يختلفون في شيء من أصولهم.
ثم ساق - عليه السلام - إسناده في ذلك عن أب فأب، إلى أن اتصل بالنبي والوصي، عليهم صلوات الملك العلي، قال في آخره:
كم بين قولي عن أبي عن جده .... وأبو أبي فهو النبي الهادي
وفتىً يقول روى لنا أشياخنا .... ما ذلك الإسناد من إسنادي
..إلى قوله:
والله ما بيني وبين محمدٍ .... إلا امرؤٌ هادٍ نماهُ هادِ
وأنا الذي عاينتموا أفعاله .... وكفى عيانكمُ عن استشهادِ
وقال - عليه السلام -: فأما قولك لم يمنعك من محبة أولاده إلا أنهم لم يتبعوه، والمحبة لا تكون إلا بالاتباع؛ فإحدى المقتدمتين مسلّمة، إنه لا يجب الحبّ إلا بالاتباع.
فأما أن أهل بيته لم يتبعوه فغير مسلّم؛ لأنه قد أخبر - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - أنهم يتبعونه، ولا يفارقون كتاب الله إلى ورود الحوض، وأنهم سفينة نوح العاصمة.
وهو عندنا أصدق من الفقيه ومن غيره من الخلق، وإن كانت لفظة أفعل لا تستعمل بينهما ـ قلت: أي على الحقيقة في التفضيل كما لا يخفى ـ قال - عليه السلام -: وقد صرتَ تزاوج بين الجهلين، فانظر نتيجة الجهل ما هيه، لأنك قلت: ما منعك من حبّ أهل البيت إلا أن المتأخرين منهم لم يتبعوا النبي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - واتباع النبي - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - عندك الثبوت على مقالتك الفاسدة، وهذا بناء جهل على جهل.
المتأخر من صالحي أهل البيت ـ عليهم السلام ـ لم يخالف الأول، ولا مخالفه إلى انقطاع التكليف، لشهادة الصادق المصدوق، بخلاف قولك قد بيّنا.
وقد رأيتَ الإسناد الذي حققنا لك من الطاهرين الناشئين في حجور الطاهرات؛ لأنا نعرفهم جملة وتفصيلاً، وتفصيل أقوالهم، ومبلغ أعمارهم ، وعلل موتاهم، وأسباب قتلاهم، وموضع قبورهم، وأوليائهم في كل وقت، وأعدادهم في كل وقت، إلى يومنا هذا.
قلت: وهذه فائدة كبرى، ومهمة عظمى، في انحصار العترة الطاهرة إلى زمن الإمام، فضلاً عمن سبقه ـ صلوات الله عليهم ـ فما نقل من إجماعهم تواتراً كما في مسائل التوحيد والعدل، والنبوة والإمامة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيكون له حكمه، وهو دليل قاطع فيما يصح أن يستدل به فيه، وذلك فيما لم تكن حجية الإجماع مترتبة عليه، وما نقل آحاداً ككثير من المسائل العملية، فله حكمه في الاستدلال به على ما يقبل فيه الآحاد، ومن خالف ما علم من إجماعهم فلا يعتد به، لسبق الإجماع له، وذلك واضح بحمد الله.
وهذا ردّ على من زعم أنهم لا ينحصرون، محاولة لإبطال حجية الله على عباده ، وإطفاء لنوره المبين في خلقه وبلاده، وحاشا الله أن ينصب لنا أدلته المعلومة، وحججه المرسومة، ويؤكّد الرسول - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - التوصية بالثقلين، والاستمساك بالخليفتين، ويجعلهم كسفينة نوح المنجية من الغرق، ويخبر أنهم الأمان لأهل الأرض، وأنهم لا يفارقون الكتاب إلى يوم العرض، ولا يكون لنا سبيل إلى ذلك، ولا اهتداء إلى سلوك تلك المسالك، فتبطل ثمرة هذه الحجج القويمه، وتضمحلّ فائدة تلك المناهج المستقيمة.
وقد صرّح بأن إجماع العترة حجة، كثيرٌ من علماء الأمة، واعترف بذلك الشيخ ابن تيمية في فتاواه، وقد أجبنا على من قال: إنهم قد صاروا في كل فرقة، في آخر فصل من شرح الزلف(1)، بما لا يسعه المقام ، ولو لم يكن إلا أهل الصدر الأول لكفى، فمعظم الافتراق كان في ذلك العصر، والله ولي التوفيق.
وهل هذا إلا محض العبث أو الجهل، تعالى وتقدّس عن ذلك كله أحكم الحاكمين ، ورسوله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم - الصادق الأمين، بل هم حجج الله على خلقه إلى يوم الدين، وحملة دينه في كل وقت وحين.
__________
(1) - 449/ط3.
نعم، قال الإمام - عليه السلام -: فمن أولى بهم في دينهم، وما سبب الخلاف بين الفريقين، والمفرق بين الأئمة الهادين كالمفرق بين النبيين.
انتهى المختار إيراده من كلام الإمام، وهو كافٍ شافٍ للسقام في كل مقام، وكلام الإمام إمام الكلام ـ عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام ـ ولله قول القائل في جده أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ:
وتركتُ مدحي للوصي تعمّداً .... إذْ كان نوراً مستطيلاً كاملاً
وإذا استطال الشيء قام بنفسه .... وصفات ضوء الشمس تذهب باطلاً
والحمد لله رب العالمين، وصلواته وسلامه على رسوله الأمين، وعلى آله الطاهرين.
[شفاء الأوام وتتمتيه]
شفاء الأوام، للسيد الإمام الناصر للحق، حافظ العترة، أبي طالب ، الأمير الحسين بن الأمير الداعي إلى الله شيبة الحمد، بدر الدين، محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى ـ عليهم السلام ـ.
اعلم أن الأمير الحسين - عليه السلام - بدأ بالجزء الثاني من أول كتاب البيع إلى آخر السير، ثم الجزء الأول إلى باب ما يصح من النكاح وما يفسد.
واختار الله له جواره، فتمّمه ابن ابن أخيه السيد الإمام العلامة صلاح بن أمير المؤمنين إبراهيم بن تاج الدين أحمد بن الأمير بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى ـ عليهم السلام ـ إلى آخر أبواب النفقات.
قال في خطبة تتمّته: فاستخرت الله ذا العز والطول في تمامه، وتوخيّت مشاكلة طريقه - عليه السلام - في ترتيبه ونظامه، فلم أروِ فيه من الأخبار إلا ما رُويته بطريق القراءة على العلماء الأخيار.
..إلى قوله: إلا حديثاً واحداً رويته بالإجازة، وأنا أذكره في موضعه..إلى قوله: وتركتُ الإسناد جرياً على طريقه - عليه السلام -. انتهى.
وفرغ - عليه السلام - من التتمة يوم الأحد (28) من شهر رمضان المعظم سنة إحدى وسبعمائة، وسمعها عليه في شوال منها السيدُ الإمام أحمدُ بن محمد بن الهادي بن تاج الدين عليه السلام.
ثم تمّمه بكتاب الرضاع السيدُ العلامة صلاح الدين، صلاح بن الجلال بن صلاح، أعاد الله من بركاته أجمعين، وجزاهم عن الإسلام والمسلمين أفضل الجزاء.
هذا، وقد ذكر الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم - عليه السلام - والقاضيان الحافظان شيخا الإسلام: أحمد بن سعد الدين، وعبدالله بن علي الغالبي، أنهم يروونه بطرق عالية من آل محمد ـ عليهم السلام ـ ليس بين كل واحد منهم وبين المصنف إلا إمام سابق، أو مقتصد لاحق، وحمدوا الله على ذلك، وعدّوه من أقرب المسالك.
وأقول حمداً لله وتحديثاً بنعمته جل وعلا: قد اتصلت بفضل الله ومنِّه طرقي إلى مؤلفه الإمام الناصر للحق، وإلى كثير من أئمة الهدى، بآبائنا نجوم آل محمد ـ صلوات الله عليهم وسلامه ـ كما مرّ ويأتي في سياق الأسانيد إليه وإلى غيره؛ فالحمد لله على ما أولانا من جزيل نعمه، ووهب لنا من جليل قسمه، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وستتضح لك روايتنا للتتمتين.
[السند إلى مؤلفات الأمير الحسين(ع)]
وأقدّم السند الذي في جميع مؤلفات الأمير الحسين - عليه السلام - على انفراده، والله ولي التوفيق والإعانة.
فيقول عبدالله، المفتقر إلى الله، مجد الدين بن محمد ـ عفا الله عنهما ، وغفر لهما وللمؤمنين ـ: أروي كتاب شفاء الأوام، وجميع مؤلفات الأمير الناصر للحق الحسين بن محمد - عليهما السلام - كالتقرير شرح التحرير ، وينابيع النصيحة، وثمرة الأفكار، والإرشاد إلى سويّ الاعتقاد، وغير ذلك، سماعاً فيما سمعتُ منها فيه كالشفاء وينابيع النصيحة، وما تضمنته المؤلفات المسموعة من التقرير وغيره، وإجازة عامة في الجميع،
عن والدي وشيخي عالم آل محمد وزاهدهم، الولي؛ محمد بن منصور ـ رضي الله عنهما ـ عن شيخه والدنا الإمام المهدي لدين الله رب العالمين محمد بن القاسم الحوثي - عليه السلام - عن الإمام المنصور بالله محمد بن عبدالله الوزير - عليه السلام - قراءة فيه وفي غيره، وإجازة عامة، وهو عن مشائخه الأعلام: أحمد بن زيد الكبسي، وأحمد بن يوسف زبارة، ويحيى عبدالله الوزير ـ عليهم السلام ـ، وثلاثتهم عن السيد الإمام الحسين بن يوسف زبارة ، عن أبيه السيد الإمام يوسف بن الحسين، عن أبيه السيد الإمام الحافظ الحسين بن أحمد، عن السيد الإمام عامر بن عبدالله بن عامر، عن الإمام المؤيد بالله محمد، عن أبيه الإمام القاسم بن محمد ـ عليهم السلام ـ.
(ح)، ويرويها وغيرها: الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحسيني ، عن شيخه السيد الإمام محمد بن محمد بن عبدالله الكبسي، وهو والسيد الإمام أحمد بن زيد الكبسي يرويانه وغيره، عن شيخهما السيد الإمام نجم الأعلام محمد بن عبد الرب، عن عمّه السيد الإمام إسماعيل بن محمد ، عن أبيه محمد بن زيد ، عن أبيه زيد بن الإمام المتوكل، عن أبيه الإمام المتوكل على الله إسماعيل ، عن أبيه الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد ـ عليهم السلام ـ.
نعم، وأروي جميع ما تقدم ذكره بجميع الطرق السابقة في الإسناد الجملي، وإسناد المجموع ، إلى الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد.
وهو يروي شفاء الأوام، وجميع مؤلفات الأمير الناصر للحق الحسين بن بدرالدين ـ عليهم السلام ـ عن السيد الإمام أمير الدين بن عبدالله الهدوي قراءة في الشفاء، وإجازة في الجميع، وعن السيد الإمام إبراهيم بن المهدي القاسمي الجحافي، وعن السيد الإمام صلاح بن أحمد بن عبدالله الوزير ـ عليهم السلام ـ ثلاثتهم يروون عن الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين، عن الإمام المنصور بالله محمد بن علي السراجي، عن الإمام الهادي لدين الله عزالدين بن الحسن، عن الإمام المتوكل على الله المطهر بن محمد بن سليمان، عن الإمام المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المرتضى ـ عليهم السلام ـ عن السيد الإمام الحجة، مفزع الأئمة، ومرجع علماء الأمة، المتوفى سنة أربع وثمانمائة، محمد بن سليمان، والد الإمام المتوكل على الله المطهر بن محمد ـ عليهم السلام ـ عن الإمام الواثق بالله المطهر، عن والده الإمام المهدي لدين الله محمد، عن والده الإمام المتوكل على الله المطهر بن يحيى، عن المؤلف الأمير الناصر للحق أبي طالب الحسين بن بدر الدين الداعي إلى الله محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى ـ عليهم السلام ـ.
فاتصلت بحمد الله بالسلسلة النبوية، والعصابة الهادية المهدية، من لدينا إلى مؤلِّفه - عليه السلام - فنسأل الله أن يتمّ علينا نعمه الباطنة والظاهرة، ويرزقنا الشكر الموجب للمزيد في الدنيا والآخرة، بفضله وكرمه.
[(رجع) إلى شفاء الأوام وتتمتيه]
ولنعد إلى تمام طرق الشفاء وتتمّتيه بإعانة الله وتوفيقه: وأرويه أيضاً بالطرق السابقة إلى الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين - عليه السلام -، وهو يرويه قراءة على السيد الإمام بدر آل محمد الهادي بن إبراهيم بن محمد الوزير، وهو والإمام أيضاً يرويانه عن والده السيد الإمام، حافظ الآل الكرام، صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير - عليه السلام -، وهو يرويه بطرقٍ:
الأُولى: قراءة على والده شيخ العترة، محمد بن عبدالله الوزير، عن والده السيد الإمام عبدالله بن الهادي بن إبراهيم بن علي الوزير، قراءة على السيد الإمام شيخ الآل صلاح بن الجلال اليحيوي، صاحب التتمة الصغرى، وبعناية السيد فخر الإسلام عبدالله بن الهادي، ألّفها؛ فقرأ عليه الأصل والتتمة الكبرى والصغرى، وهو يرويه قراءةً على السيد الإمام شيخ آل محمد الهادي بن يحيى -صاحب الياقوتة - ابن الحسين، قراءة على الإمام الولي، المهدي لدين الله، علي بن محمد بن علي ـ عليهم السلام ـ قراءة على إمام الشيعة، وشيخ أعلام الشريعة، أحمد بن حميد الحارثي ـ رضي الله تعالى عنه ـ قراءة على الإمام الأعظم المهدي لدين الله محمد بن المطهر بن يحيى، قراءة على السيد الإمام شيخ آل محمد المؤيد بن أحمد، قراءة على المؤلف الناصر للحق الحسين بن محمد ـ عليهم السلام ـ.
(ح)، ويرويه الإمام محمد بن المطهر أيضاً، عن السيد الإمام عالم العترة الكرام صلاح بن الإمام إبراهيم بن تاج الدين أحمد بن الأمير بدر الدين، عن المؤلف الأمير الناصر الحسين بن بدر الدين ـ عليهم السلام ـ وبهذا الإسناد اتضحت الطريق إلى جميع الكتاب الأصل وتتِمَّتَيه.
(ح)، ويرويه الإمام محمد بن المطهر، مناولةً، عن الأمير العالم الكبير تاج الدين جبريل بن الحسين، عن والده المؤلف ـ عليهم السلام ـ.
(ح)، ويرويه الإمام الولي، المهدي لدين الله علي بن محمد - عليه السلام - عن عالم الشيعة المحدث شمس الدين أحمد بن علي بن مرغم الصنعاني، وهو يرويه بطريقين:
الأولى: بقراءته على الإمام المهدي لدين الله محمد بن المطهر ـ عليهم السلام ـ بسنده.
والثانية: عن القاضي العلامة جمال الدين علي بن إبراهيم بن عطيّة النجراني ـ رضي الله عنه ـ عن الإمام عماد الإسلام، المؤيد برب العزة ، يحيى بن حمزة، عن الإمام المتوكل على الله المظلل بالغمام المطهر بن يحيى، عن المؤلف ـ عليهم السلام ـ.
(ح)، وأرويه أيضاً بالطرق السابقة إلى الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم، وإلى والده الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد، وهما يرويانه عن السيد الإمام صلاح بن أحمد الوزير، عن والده شمس آل محمد أحمد بن عبدالله، عن الإمام المتوكل على الله شرف الدين ـ عليهم السلام ـ بطرقه كما سبق.
(ح)، ويرويه السيد الإمام، شمس الإسلام، أحمد بن عبدالله الوزير، عن والده عبدالله بن إبراهيم، عن والده السيد الإمام صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير بطرقه السابقة.
(ح)، ويرويه السيد الإمام صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير أيضاً ، عن السيد الإمام أبي العطايا عبدالله بن يحيى بن المهدي، عن أبيه السيد الإمام الولي يحيى بن المهدي، عن الإمام الواثق بالله المطهر بن الإمام المهدي محمد بن الإمام المتوكل على الله المطهر بن يحيى، عن أبيه، عن جده، عن المؤلف الأمير الناصر للحق الحسين بن محمد ـ عليهم السلام ـ.
قال - عليه السلام -: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وحده، وصلاته على محمد وآله، الحمد لله الذي ألهمنا رشده بألطافه الخفية، وهدانا سُبُل النجاة بعوارفه السنية..إلى آخر الكتاب.
[كتاب أنوار اليقين]
كتاب أنوار اليقين للإمام الأوحد أمير المؤمنين المنصور بالله الحسن بن الداعي إلى الله شيبة الحمد بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى ـ عليهم السلام ـ.
أرويه بالطرق السابقة إلى الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين، التي أعلاها السماع لي فيه بقراءتي على والدي ـ رضوان الله عليه ـ بطرقه إلى الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين - عليه السلام - عن السيد الإمام الحافظ صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير، عن شيخه السيد الإمام، محيي علوم العترة الكرام، عبدالله بن يحيى بن المهدي الزيدي، عن أبيه، عن الإمام الواثق بالله المطهر، عن أبيه الإمام المهدي لدين الله محمد، عن السيد العلامة صلاح الدين صلاح بن الإمام المهدي لدين الله إبراهيم بن تاج الدين أحمد بن الأمير الداعي إلى الله بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى ـ عليهم السلام ـ، عن المؤلف الإمام المنصور بالله الحسن بن محمد ـ على جميعهم السلام ـ.
فقد انتهى الإسناد مسلسلاً بأعلام البيت النبوي، وهداة المنصب العلوي، ليس بيننا وبين الإمام إلا إمام سابق، أو مقتصد لاحق، أنالنا الله من بركاتهم، وأفرغ علينا من أنوار هدايتهم، آمين آمين.
[مؤلفات الإمام يحيى بن حمزة(ع)]
مؤلفات الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة بن رسول الله - صَلّى الله علَيْه وآله وسلّم -: الانتصار وسائر كتبه: أرويها بالأسانيد المتقدمة إلى الإمام يحيى شرف الدين - عليه السلام - عن الفقيه العلامة علي بن أحمد الشظبي، عن الفقيه العلامة علي بن زيد، عن السيد الإمام أبي العطايا عبدالله بن يحيى، عن الفقيه نجم الدين يوسف بن أحمد، عن السيد الإمام فخر الإسلام عبدالله بن الإمام يحيى بن حمزة المتوفى عام ثمانية وثمانين وسبعمائة، وعن شيخ الإسلام حسن بن محمد النحوي، والفقيه شمس الدين أحمد بن سليمان الأوزري، وعن الشيخ جمال الدين علي بن إبراهيم بن عطية المتوفى عام واحد وثمانمائة، وأخيه الشيخ العلامة إسماعيل بن إبراهيم، خمستهم ـ رضوان الله عليهم ـ يروون عن الإمام المؤيد برب العزة يحيى بن حمزة ـ عليهم السلام ـ جميع مؤلفاته.
[المنهاج الجلي، الروض النضير]
شرحا مجموع الإمام الأعظم الولي بن الولي زيد بن علي بن الحسين بن علي ـ صلوات الله عليهم وسلامه ـ.
أما المنهاج الجلي فقد سبق في سند المجموع بالسند إلى مؤلِّفه الإمام محمد بن المطهر بن يحيى ـ عليهم السلام ـ.
وأما الروض النضير فأرويه بطرق أعلاها: عن والدي ـ رضي الله عنه ـ عن شيخه العلامة شيخ الإسلام محمد بن عبدالله الغالبي، عن حفيد المؤلف ابن بنته العلامة الحافظ أحمد بن محمد السياغي المتوفى سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وألف، عن السيد العلامة بدر الدين محمد بن إسماعيل بن محمد الكبسي المتوفى سنة تسع وثمانين ومائتين وألف، عن أبيه ـ رضي الله عنهم ـ عن المؤلف القاضي العلامة الحافظ شرف الدين الحسين بن أحمد السياغي الحيمي الصنعاني المتوفى سنة إحدى وعشرين ومائتين وألف ـ رحمه الله تعالى ـ قال فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله شارح الصدور بأنوار معارفه..إلى آخره.
[مؤلفات السيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير]
مؤلفات السيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير، أرويها بالسند السابق إلى السيد صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير، عن أبيه محمد بن عبدالله، عن عمّه الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير المؤلف.
[مؤلفات السيد الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير]
وبهذا السند إلى السيد صارم الدين إبراهيم بن محمد بن عبدالله بن الهادي بن إبراهيم، عن أبيه، عن جده عبدالله، عن أبيه الهادي: أروي جميع مؤلفات السيد الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير.
[مؤلفات السيد محمد بن إسماعيل الأمير]
مؤلفات السيد البدر محمد بن إسماعيل الأمير، أرويها بالسند السابق إلى السيد أحمد بن يوسف زبارة، والسيد أحمد بن زيد الكبسي، عن السيد عبدالله بن محمد، عن أبيه البدر محمد بن إسماعيل الأمير.
[مؤلفات السيد الحسن بن أحمد الجلال]
مؤلفات السيد العلامة الحسن بن أحمد الجلال المتوفى (1084هـ) بالسند السابق إلى الحسين بن أحمد زبارة، عن القاضي عبد الواسع بن عبد الرحمن القرشي المتوفى سنة ثمان ومائة وألف، عن المؤلف.
[مؤلفات الشيخ العلامة صالح المقبلي]
مؤلفات الشيخ العلامة صالح المقبلي المتوفى سنة ثمان ومائة وألف، بالسند السابق إلى العلامة محمد بن إسماعيل الأمير، عن العلامة عبد القادر بن علي البدري، عن المؤلِّف.
[بيان ابن مظفر]
بيان ابن مظفر العلامة يحيى بن أحمد، المتوفى سنة خمس وسبعين وثمانمائة ، بالسند السابق إلى الإمام شرف الدين، عن علي بن أحمد، عن علي بن زيد، عن المؤلِّف.
[مؤلفات القاضي العلامة أحمد ين يحيى حابس]
مؤلفات القاضي العلامة أحمد بن يحيى حابس: شرح الكافل، وشرح التكملة، والمقصد الحسن، والتكميل، وشرح الخلاصة، بالسند الآتي إلى إبراهيم بن القاسم صاحب الطبقات، عن القاضي العلامة أحمد بن ناصر المخلافي، عن أبيه، عن جده، عن المؤلِّف.
[شرح الأزهار للعلامة عبدالله بن مفتاح]
شرح الأزهار للعلامة عبدالله بن مفتاح المتوفى سنة سبع وسبعين وثمانمائة، وما يتعلّق به من الحواشي، أروي ذلك بالسند السابق إلى الإمام شرف الدين، عن علي بن أحمد، عن علي بن زيد، عن المؤلف ابن مفتاح.
[مؤلفات العلامة محمد بن يحيى بهران]
مؤلفات العلامة محمد بن يحيى بهران المتوفى سنة سبع وخمسين وتسعمائة: المعتمد، والكافل، وتخريج البحر، وشرح الأثمار، والتكميل ، وغيرها، بالسند السابق إلى الإمام القاسم بن محمد، عن العلامة عبد العزيز بن محمد، عن أبيه المؤلف.
[طبقات الزيدية]
طبقات الزيدية للسيد الإمام إبراهيم بن القاسم بن الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم بن محمد ـ عليهم السلام ـ.
الطريق إليها: السند الآتي في طرق الإجازات إلى الفقيه العلامة علي بن حسن بن جميل المعروف بالداعي، عن القاضي العلامة الرباني، صاحب بلوغ الأماني، محمد بن أحمد بن يحيى بن جار الله مشحم، عن المؤلف السيد الإمام الصارم إبراهيم بن القاسم ـ رضي الله عنهم ـ قال فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله الحق المبين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، أما بعد: فهذا كتاب جمعتُ فيه أسماء الرواة التي في كتب أئمتنا، أئمة الزيدية الهداة، ولم أذكر إلا من له سند متصل غالباً، وجعلته ثلاث طبقات:
الأولى: في أسماء الصحابة، والثانية: في أسماء التابعين وتابعيهم إلى رأس الخمسمائة، والثالثة: مَنْ روى كتبهم - عليهم السلام - وكتب شيعتهم متصل السند إلى يومنا هذا..إلى آخر ما في الكتاب.
[عدة الأكياس شرح الأساس، الغاية وشرحها الهداية]
عدة الأكياس شرح الأساس للسيد الإمام عمدة الأعلام أحمد بن محمد الشرفي، والغاية وشرحها الهداية لإمام العلوم وسلطان المنطوق والمفهوم الحسين بن القاسم بن محمد - عليهم السلام- بالأسانيد السابقة إلى الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم، عن أخويه الحسن بن القاسم ، عن السيد الإمام أحمد بن محمد الشرفي في شرح الأساس، والحسين في كتابه الغاية وشرحها عليهم السلام.
قال فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، يقول الفقير إلى الله عز وجلّ، الغني بإعانته على ما عقد وحلّ،... إلى آخر الكتاب، والحمد لله المنعم الوهّاب.
وقد تحصّل بفضل الله وله الحمد فيما تحرر من الذخر المكنون، ما فيه قرة العيون، على قرب الإنتوال، وتيسير المنال، وقد أحاط بنفائس مؤلفات آل محمد - صلوات الله عليهم - وشيعتهم - رضي الله عنهم ـ ومؤلفات غيرهم، بالطرق التي في الشافي، إحاطة الهالة بالقمر، والأكمام بالثمر، ولم يبقَ إلاّ ما هو كالفضلة بعد تمام الجملة، مع كون أصول الطرق إليه في هذا متحصلّة، وهذه الطرقات الآتية إن شاء الله إلى كتب الإجازات، وفيها بغية الرائد وضالة الناشد، والله تعالى ولي التوفيق والتسديد في جميع المقاصد، وحسبي الله ونعم الوكيل.
[كتب الإجازات المشار إليها]
كُتب الإجازات المشار إليها، اعلموا حرسكم الله تعالى أن أجمع ما اطلعنا عليه ، وصحت لنا الرواية إليه، من كتب الإجازات، هي الثلاث المشهورة: إجازة القاضي العلامة حواري آل محمد أحمد بن سعد الدين المسوري، وإجازة القاضي العلامة الرباني محمد بن أحمد مشحم ؛ المسمّاة بلوغ الأماني في طرق كتب آل من أُنزلت عليه المثاني، وإجازة القاضي العلامة، بدر الشيعة، وفخر أعلام الشريعة، عبدالله بن علي الغالبي ـ رضي الله عنهم ـ فقد جمعت هذه الثلاث الطرق إلى مؤلفات الأئمة الكرام، وسائر علماء الإسلام، وأسانيد المصنفات، مذكور فيها سند كل كتاب إلى مؤلِّفه، وقد وقعت الإحاطة فيما سبق بمعظم المقصود، من تفصيل أسانيد المؤلفات الجامعة النافعة بحمد الله،، على صفة ليست محررة في شيء من المؤلفات السابقة، وما لم نذكر سنده تفصيلاً، فيطلب من كتب الإجازات، وهذه طرقها.
فأقول والله ولي التوفيق إلى أقوم طريق: قد ثبتت لنا بحمد الله بطرق عديدة، أرفعها ما أوضّحه إن شاء الله هنا:
[إجازة القاضي العلامة أحمد بن سعد الدين المسوري]
فيروي المفتقر إلى الله تعالى، مجد الدين بن محمد ـ عفا الله عنهما ـ إجازة القاضي العلامة أحمد بن سعد الدين المسوري ـ رضي الله عنه ـ عن والدي وشيخي العلامة الولي شيخ آل محمد، محمد بن منصور ـ رضي الله عنهما ـ عن شيخه والدنا الإمام المجدد للدين أمير المؤمنين المهدي لدين الله رب العالمين محمد بن القاسم الحسيني الحوثي ـ قدس الله روحه ـ بطرقه، التي إحداها عن شيخه الإمام الشهير المنصور بالله محمد بن عبدالله الوزير ـ رضي الله عنه ـ عن شيخه السيد العلامة أحمد بن يوسف زبارة، وعن شيخه السيد العلامة يحيى بن عبدالله بن عثمان الوزير ـ رضي الله عنهم ـ عن شيخهما السيد الإمام الحافظ الحسين بن يوسف زبارة، عن والده السيد العلامة يوسف بن الحسين زبارة، عن أبيه الحسين بن أحمد زبارة، عن القاضي العلامة شيخ الشيوخ أحمد بن صالح بن أبي الرجال، عن المؤلّف القاضي أحمد بن سعد الدين المسوري بطرقه المذكورة فيه.
[كتاب بلوغ الأماني]
وأروي كتاب بلوغ الأماني عن والدي العلامة العامل الولي محمد بن منصور المؤيدي ـ رضي الله عنه ـ عن شيخه الإمام الأعظم المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحسيني - عليه السلام - عن شيخه الإمام الأواه المنصور بالله محمد بن عبدالله - عليه السلام - عن شيخه السيد الإمام يحيى بن عبدالله بن عثمان الوزير، عن السيد العلامة شيخ العترة محمد بن يحيى الكبسي، عن القاضي العلامة يحيى بن صالح السحولي، عن القاضي العلامة محمد بن أحمد مشحم ـ رحمه الله ـ بطرقه في كتابه المذكور.
وأروي أيضاً أسانيد القاضيين: العلامة أحمد بن سعد الدين المسوري، والعلامة محمد بن أحمد مشحم، عن والدي ـ رضي الله عنه ـ عن والدنا الإمام الأعظم، المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحوثي - عليه السلام - عن شيخه السيد الإمام الحافظ المحقق سيد بني الحسن، مدرس علوم آل الرسول المؤتمن، محمد بن محمد الكبسي، عن شيخه السيد العلامة بدر الآل الأكرمين إسماعيل بن أحمد الكبسي ـ رضي الله عنه ـ عن شيخه الفقيه العلامة علي بن حسن جميل المعروف بالداعي ـ رحمه الله ـ عن القاضي العلامة محمد بن أحمد مشحم.
وهو بطرقه في كتابه إسنادَ كل كتاب إلى مؤلفه، وبهذا السند إلى العلامة محمد بن أحمد مشحم، عن شيخه العلامة أحمد بن محمد الأكوع، عن شيخه العلامة أحمد بن سعد الدين، بأسانيده المثبتة في مؤلفه طريقَ كل مُؤَلَّف إلى صاحبه.
[الإحازة في طرق الإجازة]
وأروي الإحازة في طرق الإجازة، عن والدي العلامة محمد بن منصور ـ رضي الله عنه ـ عن والدنا الإمام المهدي لدين الله ربّ العالمين محمد بن القاسم - عليه السلام - عن الإمام المنصور بالله محمد بن عبدالله الوزير، وعن القاضي العلامة المحقق صفي الإسلام أحمد بن عبد الرحمن المجاهد، وعن القاضي العلامة صفي الإسلام أحمد بن إسماعيل القرشي العلفي، ثلاثتهم، عن المؤلف القاضي العلامة عبدالله بن علي الغالبي ـ رضي الله عنه ـ.
وأرويها عن والدي ـ رضي الله عنه ـ عن شيخه السيد الإمام حافظ آل محمد عبدالله بن أحمد المؤيدي العنثري البصير ـ رضي الله عنه ـ وعن شيخه العلامة ولي آل محمد، محمد بن عبدالله الغالبي ـ رضي الله عنهم ـ عن شيخهما العلامة شيخ الشيوخ، وأستاذ أهل الرسوخ، عبدالله بن علي بن علي الغالبي المؤلِّف ـ رضي الله عنه ـ بطرقه المذكورة في كتابه.
نعم، وأروي هذه الطرقات وغيرها أيضاً، بالطريق المتصلة بحي الوالد العلامة فخر آل الرسول الكرام، وعلم العترة الأعلام، الأفضل الولي، عبدالله بن يحيى المؤيدي العجري.
وهو يروي عن مشائخه الكرام الأعلام، وهم: السيد الإمام العالم الرباني ، عالم آل محمد وزاهدهم، الحسين بن محمد الحوثي، والإمام الهادي لدين الله الحسن بن يحيى المؤيدي.
وعن أخيه العلامة الأفضل صفي الإسلام، وشيخ العترة الكرام، أحمد بن يحيى العجري ، وأخيه العلامة جمال الدين، وختام المحققين، علي بن يحيى المؤيدي العجري، والسيد العلامة الولي، يحيى بن حسن طيب الحسني، والقاضي العلامة محبّ آل النبي، محمد بن عبدالله الغالبي، وأخيه القاضي العلامة صارم الدين إبراهيم بن عبدالله الغالبي ـ رضي الله عنهم ـ وسبعتهم، وهو أيضاً، يروون جميعاً عن الإمام الأعظم المجدد للدين أمير المؤمنين محمد بن القاسم الحسيني الحوثي - عليه السلام - بطرقه المذكورة آنفاً، وغيرها.
قال السيد الإمام الرباني الحسين بن محمد الحوثي ـ رضوان الله عليه ـ في بعض إجازاته: حسبما أجازني مشائخي شكر الله سعيهم، منهم: إمام الزمان، وترجمان البيان، ومعدن التبيان، الحجة مولانا محمد بن القاسم الحوثي ـ مدّ الله مدته، وحرس مهجته ـ.
وقال في أُخرى عند تعداد مشائخه المجيزين له: والإمام سيد بني الحسين والحسن ، إمام العلوم، معقولها ومنقولها ومنطوقها والمفهوم، ذو الأقوال الواضحة، والأنظار الراجحة، محمد بن القاسم الحوثي ـ رضي الله عنه ـ، ومنهم: شيخ الآل، ومعين فضلهم الزلال، العلامة ضياء الإسلام ، عبد الكريم أبو طالب ، صاحب الروضة ـ رحمهم الله ـ. انتهى كلامه ـ رضي الله عنه، وأعاد من بركاته ـ.
[مصنف السيد العلامة عبدالكريم أبوطالب في الإجازات]
نعم، وبهذه الطريق إلى السيد العلامة عبد الكريم صاحب الروضة نروي مصنفه في الإجازات، وهو مؤلف جامع، فتكون المرويات هنا أربعاً بحمد الله.
[إتحاف الأكابر، مؤلفات الشوكاني]
وكذلك إجازة القاضي العلامة الشوكاني المسماة إتحاف الأكابر وسائر مؤلفاته ، أرويها عن والدي ـ رضي الله عنه ـ عن الإمام المهدي لدين الله - عليه السلام - عن شيخه العلامة محمد بن محمد الكبسي ـ رضي الله عنه ـ عن المؤلف الشوكاني بطرقه.
[إجازة الوالد العلامة عز الإسلام محمد بن إبراهيم حورية للمؤلف]
وممن صدرت لنا منه الإجازة العامة: الوالد العلامة عزّ الإسلام، وشيخ العترة الكرام، الأوحدي، محمد بن إبراهيم حورية المؤيدي ـ رضي الله عنه ـ وهو يروي عن مشائخه الكرام، منهم: الإمام الهادي لدين الله الحسن بن يحيى، والقاضي العلامة محمد بن عبدالله الغالبي ـ رضي الله عنهم ـ وهما يرويان عن الإمام كما سبق، وله مقروءات كثيرة يرويها سماعاً عن السيد الإمام القطب الولي رباني آل محمد الحسين بن محمد الحوثي ـ رضي الله عنهم ـ.
قال بعد أن زبرها في إجازتنا: وهو يروي جميع هذه المسوعات وغيرها، عن مشائخه الذين هم حي الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحوثي ـ صلوات الله عليه ـ فإنه قرأ عليه في جبل برط أيام الطلب.
وقال الوالد العلامة محمد بن إبراهيم ـ حماه الله ـ في إجازته هذه:
وبعد إن الولد العلامة .... الفذّ والنبراس ذا الشهامة
وواحد العصر فريد عقده .... لما حوى من نبله ومجده
وهو بلا ريب طباق اسمه .... فلم يكن مخالفاً لرسمه
مجد الهدى والدين والإسلام .... ونجل رأس العلماء الأعلام
محمد بن السيد المنصور .... ذي الفضل والزهادة المشهور
دامت لهم من ربنا السعادة .... والفوز بالحسنى مع الزيادة
عوّل في التاريخ أن أُجيزَه .... في كل مسموعٍ وما استجيزه
عمن روى لي مسنداً مسلسلاً .... في كل فنٍّ أو رواه مرسلاً
..إلى آخر كلامه هذا.
وأروي هذه الإجازات وغيرها أيضاً، بالإجازة العامة عن شيخنا العلامة، نجم أعلام العصر، وبدر سادات الدهر، شرف الدين، الحسن بن الحسين الحوثي ـ رحمه الله تعالى، وأكرم كريم محيّاه، ورضي عنه وأرضاه ـ عن السيد العلامة محمد بن يحيى المؤيدي الصعدي، إجازة عن والده العلامة الولي الحسين بن محمد الحوثي ـ رضي الله عنهم - عن الإمام المهدي لدين الله - رضي الله عنه ـ.
وأروي هذه الإجازات وغيرها أيضاً، عن الوالد العلامة فخر الإسلام، ونبراس العصابة الأعلام، عبدالله بن الإمام الهادي الحسن بن يحيى المؤيدي القاسمي ـ رضي الله عنه ـ بالإجازة العامة منه في جميع طرقه منها: عن والده الإمام ـ رضي الله عنه ـ عن والدنا الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم ـ رضي الله عنه ـ ثم بطرقه المتقدمة.
[سبيل الرشاد للإمام الحسن بن يحيى القاسمي]
وأروي جميع ما تضمنه سبيل الرشاد، وهو مختصر مفرد للإمام الهادي لدين الله الحسن بن يحيى القاسمي ـ رضي الله عنه ـ بالطرق السابقة المتصلة بالسيد الإمام أحمد بن يوسف زبارة؛ فجميع ما فيه رواه الإمام الهادي بسنده إليه، وبالطرق المتصلة بالسيد الإمام عبدالله بن أحمد العنثري.
وقد روى الإمام جميع ما فيه عنه، وبالطرق المتصلة بالإمام الهادي التي منها: عن ولده عبدالله، عنه، كما سبق، وثَمَّةَ طرقات غيرها، وفي هذا كفاية وافية إن شاء الله تعالى.
وقد تقدّمت الطرقات إلى مؤلفات أئمتنا ـ عليهم السلام ـ التي منها: الشافي، وكذا ما وشّح به من التخريج لأحاديثه ـ لشيخنا المولى العلامة نجم العترة، الحسن بن الحسين الحوثي رضي الله تعالى عنه ـ أرويه عنه بطريق المناولة مع المراجعة له والسماع في كثير من أبحاثه.
هذا، فقد أجزته أن يروي عني ما تقدم من الطرقات آنفاً، وجميع ما صح له من مسموعاتي ومجازاتي، وجميع ما ثبت له عني من رواية ودراية.
وأجزتُ له رواية ما جمعته، كالتحف الفاطمية على الزلف الإمامية ـ وقد طُبع ـ، ولوامع الأنوار بجوامع العلوم والآثار، وفصل الخطاب في خبر العرض على الكتاب، والثواقب الصائبة لكواذب الناصبة، والفلق المنير بالبرهان، وإيضاح الدلالة في تحقيق العدالة، والحجج المنيرة على الأصول الخطيرة، والجواب التام في تحقيق مسألة الإمام، والجواب الكافي عن ما أورده الإمام المنصور بالله - عليه السلام - من الأسئلة في صدر الشافي ـ ويسمى عيون الفنون ، وقد طُبع ـ، والرسالة الصادعة بالدليل في الرد على صاحب التبديع التضليل، والمنهج الأقوم في مسألتي الرفع والضم والجهر بسم الله الرحمن الرحيم وإثبات حي على خير العمل ومعنى الزيدية عند المحققين ـ وقد طُبع ـ، ومجمع الفوائد، وكتاب الحج والعمرة على مذاهب أئمة العترة وسائر علماء الأمة ـ وقد طُبع ـ، ومنهج السلامة في جمع أخبار المحيط بالإمامة، والبلاغ الناهي عن استماع الغناء وآلات المناهي ـ الموجه إلى الإمام أحمد ـ، والدليل القاطع المانع للتنازع، والماحي للريب عن الإيمان بالغيب، وإيضاح الأمر في علم الجفر، والجوابات المهمة عن مسائل الأئمة، وجميع ما صح له عني من طرق الرواية، والله ولي التوفيق في البداية والنهاية.
[شرط المؤلف - أيده الله تعالى - على من أجاز له]
ولا أشترط عليه إلا ما اشترطه الأئمة الأعلام والعلماء الكرام ـ رضي الله عنهم ـ من تحري طرق الصحة، وتحقيق النظر، والعمل بالعلم، وبذله لطالبيه، وصيانته عن غير مستحقّيه، وإلى الله أبرأُ من كل ما ينقضُ قواعد الإسلام المقررة، وما يخالف براهين المعقول والمنقول، وإجماع العترة المطهرة ـ وهو أيّده الله وشرح صدره من العلم والعمل بأرفع محل ـ وما أحقه بما تمثل به بعض الأئمة الكرام...
ولم أشترط شرطاً عليه؛ لأنه أجلّ وأعلى أن يصحّف ما يملي، فتح الله علينا وعليه فتوح العارفين، ورزقنا وإياه والمؤمنين تقواه، والكون كما أمرنا مع الصادقين، آمين آمين.
[وصيَّة المؤلف]
وأوصيه ونفسي بتقوى الله تعالى، والتمسك بمن أمر الله بالتمسك بهم، سفن النجا، والعصمة من الردى، الذين من تمسك بهم اهتدى، ومن خالفهم ضلّ واعتدى، ولن يفلح أبداً.
جعلنا الله ممن استمسك بعروتهم الوثقى، واستعصم بحبله المتين الأقوى ، واقتفى سوي منهاجهم، ومشى على سنن أدراجهم، وهو دين الله القويم، وصراطه المستقيم، إنه هو السميع العليم.
وأوصيه - حرسه الله - أن لا يتركني من المشاركة فيما أمكن من صالح الأعمال والدعاء بظهر الغيب، ولا سيما بالتسديد والتوفيق والرحمة والمغفرة، كما أني كذلك لا أتركه إن شاء الله تعالى؛ لَطَفَ الله بنا وبه فيما قضى، ووفقنا لما يحب ويرضى، وصلوات الله وسلامه على رسوله الأمين، وآله المطهرين.
[خاتمة]
وكان التحرير على توفر شواغل، واعتوار عوامل، كفانا الله تعالى وإياكم ما أهمنا في العاجل والآجل، غرة شهر ربيع الأول، سنة أربع وتسعين وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية، على صاحبها وآله أفضل الصلاة والسلام، وسبحان الله العظيم وبحمده، سبحان الله العظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم على محمد الأمين، وآله الطاهرين، آمين.
وكان تخريج بعض الأخبار الشريفة عجالة على ظهر السفر، عقيب تمام الحج والزيارة، بمنّ الله سبحانه وفضله، مع عدم المراجع الحافلة بالأخبار والآثار، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جلّه، والله سبحانه ولي التوفيق.
انتهى والله ولي التوفيق، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته
المفتقر إلى عفو الله - سبحانه - وغفرانه
مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيديعفا الله عنهم وغفر لهم وللمؤمنين آمين
17/12/1394هـ