الكتاب : الأنموذج الخطير في ما يرد من الإشكال على آية التطهير |
الأنموذج الخطير (1/1)
في ما يرد من الإشكال على آية التطهير
تأليف
الإمام الشهيد الناصر لدين الله عبد الله بن الحسن عليهما السلام
إهداء
بسم الله الرحمن الرحيم
أقدم هذا التحقيق المتواضع بين يدي الله عز وجل ليغفر ذنبي ويكفر زلتي وأقدمه إلى روح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآله الكرام وإلى محبيهم كتعبير عن حبي وولائي لهم، وإلى روح والديَّ غفر الله لهما وكتب ثوابهما وأقدمه إلى الباحثين عن الحقيقة.
صعدة: 23/1/1999م
أحمد محمد حجر
كلمة شكر وعرفان
أتقدم بالشكر الجزيل أولاً إلى الله عز وجل الذي وفقني إلى هذا العمل وإن كان هناك من يستحق الشكر فهم الأستاذ الفاضل العلامة /محمد قاسم الهاشمي الذي دلني على هذا العمل، ثم الأخ الفاضل /محمد عبد اللطيف المؤيد الذي قام بالصف والإخراج.
مقدمة (/)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل}إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا{والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد وآله وبعد:-
فإن التراث الإسلامي غني بالكتب والمؤلفات والكتيبات وخاصة التراث الزيدي وفي هذه الأيام ـ وكتب وكتيبات هذا الفكر ترى النور وتخرج إلى العالم ـ رأيت أن أقدم هذا الكتيب الصغير في حجمه الكبير في فوائده والذي يدل على غزارة علم مؤلفه ـ إلى المكتبة الإسلامية سائلاً المولى عزوجل أن ينفع به وأن يتقبل من مؤلفه ومحققه.
ومن خلال هذه الكلمات أدعو كل المنصفين إلى قراءة هذا الكتيب والتدبر له، والأخذ بما فيه من الحق،وترك التعصب الذميم والاحتكام إلى الدليل وأنا إذ أقدم هذا لأعترف بعجزي وقلة خبرتي في هذا المجال وتقبلوا بعد ذلك أي ملاحظة أو نقد بناء.
وبهذا العمل إنشاء الله ستفتتح جمعية الإمام زيد(ع) الخيرية الاجتماعية هذا الباب أمام أعضائها وكل رواد التأليف والتحقيق إلى العمل في هذا المجال كجزء من نشاطاتها الخيرية المتنوعة.
صعدة: 23/1/1999م رئيس الجمعية
أحمد محمد حجر
النسخ التي اعتمدت عليها (1/2)
1.نسخة بخط سيدي العلامة/ الحسن بن محمد الفيشي حفظه الله وأبقاه وهي نسخة كاملة إلا أنها لم يذكر فيها اسم المؤلف وقد جعلتها الأصل.
2.نسخة في حاشية الاعتصام بحبل الله المتين مكتوبة بقلم محب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العلامة عبد الله بن إسماعيل مشحم الملقب الحشحوش رحمه الله وجعلتها الفرع[ب].
3.نسخة ناقصة في أخرها بعض الأوراق ولم أعرف ناسخها وجعلتها الفرع [أ].
وقمت بقراءة الأصل لدى سيدي العلامة/ الحسن بن محمد الفيشي حفظه الله،وقمت بتتبع بعض التفاسير التي تكلمت عن هذه الآية
ثم قمت بالترجمة للمؤلف من كتاب نيل الأوطار.
ترجمة المؤلف (1/3)
قال في ترجمته العلامة محمد بن محمد زبارة في نيل الوطر ص 70 ج2 رقم 278 الإمام الشهيد الناصر للدين عبد الله بن الحسن بن أحمد المهدي العباس بن الحسين بن القاسم بن الحسين بن أحمد بن الحسن بن القاسم بن محمد الحسني الصنعاني مولده بصنعاء في سنة 1226هـ.
صفته
كان رحمه الله تعالى ربعة من الرجال ليس بالطويل ولا بالقصير يميل إلى السواد واسع الجبين أنجل العينين مشرباً بحمرة دقيق الساقين عظيم الصدر والمنكبين يملأ الصدر مهابةً تظهر على وجهه سمات الفضل والبركة والجلالة وتلوح عليه أنوار النبوة والخلافة وكان صادق اللهجة شديد التحرز عن الكذب.
دراسته ومشائخه
عكف على ملازمة الجامع المقدس بصنعاء من صغره لدرس العلوم وملازمة القراءة مع عفة وطهارة وتحرج عظيم عن أكل الزكاة.
مشائخه: أخذ عن الإمام أحمد بن علي السراجي وعن القاضي عبد الرحمن بن عبد الله المجاهد في الفقه وأخذ عن القاضي عبد الله بن علي بن علي الغالبي في شرح الملحة وشرح الرضي على الحاجبية ومغني اللبيب وفي شرح الغاية وفي الصرف والمنطق والمعاني والبيان والحديث والتفسير وأسمعه على السيد يحيى بن المطهر في كتب الحديث وأسمع على السيد أحمد بن زيد الكبسي شرح التجريد للمؤيد بالله وغيره من كتب الحديث وفي الكشاف وحواشيه وأسمع على السيد أحمد بن يوسف بن الحسين زبارة في الاعتصام وتتمته لشيخه المذكور ومؤلفه في علم الكلام وغير ذلك وأخذ أيضاً عن السيد محمد بن عبد الرب بن محمد بن زيد بن المتوكل عن السيد الإمام الحسين بن علي المؤيد حتى حقق جميع المعارف العلمية ودرس في فنونها.
تلاميذه
القاضي أحمد بن إسماعيل العلفي والسيد محمد أحمد المطاع والقاضي عبد الله بن محمد بن يحيى حنش الذماري والحاج سعد بن على الحاشدي وغيرهم.
كان غزير العلم ترد عليه التساؤلات فيرد عليها، ومن الأسئلة التي وردت علية سؤال عن الشيطان هل يدخل إلى باطن الإنسان أم لا؟ وكان شاعراً شجاعاً. (1/4)
بيعته وقتاله
وكانت المبايعة العامة له في صنعاء يوم ثالث ذي القعدة سنة 1252هـ فأصلح أمور البلاد والعباد، وفي المحرم سنة 1253هـ وصل إلى صنعاء نحو ثلاثمائة نفر من قبائل برط فخرج لهم صاحب الترجمة بجنده فحاصرهم حتى أذعنوا لتسليم الرهائن للطاعة وعدم النهب والسلب للمسلمين وقام بإخراج قبائل أرحب الذين تغلبوا على حصن عطان وقام بحملة على اليمن الأسفل لإخراج طوائف من بغاة القبائل وعندما وصل إلى إب ثاروا عليه من كل جهة وحاصروه بها حتى اضطر إلى الرجوع إلى صنعاء، واهتم بإحياء معالم الدين والإرشاد.
استشهاده
وفي صباح يوم الاثنين تاسع ربيع الأول سنة 1256هـ خرج إلى وادي ظهر مع مجموعة من العلماء ولما خرج من دار الحجر التي كان يسكنها أطلق عليه بعض الباطنية وغيرهم من أهل همدان الرصاص، فرجع ومن معه إلى دار الحجر فأحاطوا بالدار ثم دخلوها وقتلوه وقتلوا معه القاضي العلامة إسماعيل بن حسين جغمان والسيد صلاح الدين بن محمد بن المنصور والأمير عنبر يسر والأمير طاشخان وقبر بقرية القابل وعمره ثلاثون سنة.
قال فيه المؤرخ محمد بن إسماعيل الكبسي:
وقام من بعده زاكي المناصب من .... أذاق أعداءه كأساً من الصبر
الناصر الحبر عبد الله من شرفت .... به الخلافة بعد التيه والبطر
وطهرت أرض صنعاء من مفاسد في .... أيامه وغدت في زي مفتخر
أزال عنها الخنى والفسق فانشرحت .... صدراً وقد برزت في عرفها العطر
فأعملت عصبة الكفر الملاحدة الأر .... جاس فيه سهام المكر والضرر
وأوردوه حياض المكرمات على .... نهج الحسين وزيد خيرة الخير
ففاز بالضهر بالحسنى على شرف .... المثوى كريماً بلا ذل ولا خدر
فرحمة الله تغشى روحه عدد الشهـ .... ـب المضيئة والأوراق في الشجر
[ابتداء الكلام في آية التطهير] (1/5)
بسم الله الرحمن الرحيم
[وصلى الله وسلم على محمد وآله الطاهرين]([1])
قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت..)([2]) أَُعتُرِض على الاستدلال بها من وجهين:-
أحدهما: أن المنصوص عليه في الآية إرادة الإذهاب لا الإذهاب بنفسه ولا يلزم من وقوع الإرادة وقوع المراد؛ لأن الله تعالى قد يريد شيئاً ولا يقع كما يريد الطاعات من العصاة ولا تقع.
الثاني: أن الآية واقعةٌ في سياق ذكر الزوجات فالمقام يقتضي أن المراد بها هنا الزوجات([3]).
___________________
([1]) ما بين قوسي الزيادة موجود في النسخة المعتمدة لنا، وغير موجودة في البقية. وفيها أيضا زيادة (هذا بحث نفيس خطير في تقرير الاستدلال بآية التطهير ودفع ما يرد عليها من الاعتراضات وحَلُّ ما يدخلها من الإشكالات منقول من خط (بياض في الأصل)
([2]) الآية: 33) سورة الأحزاب. استخدم المؤلف طريقة السؤال و الإجابة وهو أسلوب يقرب المعلومات ويزيل الشكوك ويحبب قراءة الملخص لأن القارئ يقرأ السؤال فيريد بعدها أن يعرف الإجابة. وكان للمؤلف فضيلة ربط المعلومات بعضها ببعض وتسلسلها. واستخدم أيضاً أسلوب التقسيم الذي له دور في حصر المعلومات. وكل هذه الأساليب وغيرها كان لها أثر في الشوق إلى قراءة هذا الأنموذج.
([3]) وظاهر هذا الكلام أنها خاصة بهنَّ ولا يشاركهن فيه غيرهن والذي انفرد بجعل الآية في نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو (عكرمة) حتى أنه كان ينادي بذلك في الأسواق. وعكرمة هذا كان أباضياً (خارجياً) ((أسباب النزول للواحدي ص (240)، وابن كثير ج 3 ص (483) وجامع البيان للطبري ج22 ص (27) قال عنه سعيد بن المسيب وهو يتحدث لغلامه برد (يا برد لا تكذب عليَّ كما يكذب عكرمة على ابن عباس) تهذيب التهذيب ج7 ص (267). لأن عكرمة كان مولاً لابن عباس. وقال عبد الله بن الحارث:دخلت على علي بن عبد الله بن عباس وعكرمة موثق على باب كنيف فقلت:- أتفعلون هكذا بمولاكم فقال إن هذا يكذب على أبي. وفيات الأعيان ج2 ص (428) وتهذيب التهذيب ج7 ص (268)وبعد هذا كله فليناد عكرمة بما شاء. ومن اغرب أخباره أنه عندما مات اتفقت جنازته وجنازة كُثَيِّر عزه فشهد الناس جنازة كثير عزه وما قاموا مع جنازته وربما اشترك مقاتل مع عكرمة في هذا الرأي ويكفي فيه قول أبي حنيفة قال "أتانا من المشرق رأيان خبيثان جهم معطل، ومقاتل مشبه "وهناك رواية أخرى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس يخصص الآية في نساء النبي وفي إسنادها أبو يحيى الحماني مرمي بالإرجاء تقريب التهذيب ج1 ص(469).
[الجواب عن أن المنصوص عليه في الآية إرادة الإذهاب لا الإذهاب نفسه ولا يلزم من وقوع الإرادة وقوع المراد] (/)
والجواب عن الأول:
أن نقول:- قولك لا يلزم من وقوع الإرادة وقوع المراد مُسَلَّمٌ إذا تعلقت إرادة الله بأفعال المخلوقين لأنه تعالى أرادها منهم باختيارهم ولم يردها منهم مطلقاً([4])، وأما ما أراده الله من أفعاله فهو واقع لا محالة عند الإرادة.
فإن قلت:من أين علمت أنَّ إذهاب الرجس هذا أو التطهير فعله تعالى؟
قلت: من قوله تعالى: (ليذهب عنكم الرجس)،(ويطهركم) فأسند الفعلين إلى نفسه تعالى فهما فعله قطعاً.
فإن قلت:يحتمل التجوز في الإسناد.
قلت: خلاف الظاهر والعدول عن الظاهر بلا قرينة تحريف وتبديل.
فإن قلت: إذا كان فعله لظاهر الإسناد وقد أرادها بصريح الآية فلم قلت قد وقعا قطعاً؟
قلت:لأنه تعالى إذا أراد شيئا من أفعاله ولم يقع كان عجزاً أو بدأ وهما محالان على الله تعالى، ولقوله تعالى:(إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون).
وأيضا هو نظير قوله تعالى(يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم)،(يريد الله أن يخفف عنكم)،(يريد الله بكم اليسر) فكل هذه قد أرادها وهي واقعة([5]) لأنها فعله. بخلاف ما أراده، وهو موقوف على اختيار العباد مثل([6]) قوله تعالى:(والله يريد أن يتوب عليكم) فقد أراد الله التوبة عليهم ولا يلزم وقوعها لتوقفها على اختيارهم (وهو فعل التوبة منهم).
___________________
(4) أي مختارين وغير مختارين
(5) فقد وقع البيان بإرسال الرسل سلام الله عليهم وكذلك البيان والهداية إلى سنن الذين من قبلنا ووقع التخفيف والتيسير في الأحكام الشرعية وشرع الله ما فيه تخفيف علينا "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها "وما كلفنا بما هو فوق طاقتنا لا يكلف نفسا إلا ما أتاها .
(6) وغيرها من الأمثلة مثل التخلق بالأخلاق الفاضلة والدعوة إلى الله
فإن قلت: إذا كان إذهاب الرجس والتطهير فعله لزم ارتفاع التكليف. (1/6)
قلت: ليس فعله عين فعل الواجبات، وعين ترك المحرمات حتى يلزم ما ذكرت بل معنى الآية([13]) العصمة في حق الأنبياء كذلك هنا [أي تطهير أهل البيت].
فإن قلت: لم ذكر الإرادة دون الإذهاب؟
قلت: ليدل [على] أن إذهاب الرجس واقع على أكمل ([14]) الوجوه وأتمّها من حيث أنه حصر إرادته لهم في إذهاب الرجس والتطهير ونزّل سائر المرادات من جميع النعم والمصالح منزلة غير المراد مع عظمها وجلالتها وظهورها، لأن إذهاب الرجس هو أكبر النعم من حيث تعلقها بالدين بخلاف غيرها من النعم.
__________________
([13]) في (أ) بل معنى الآية هو معنى العصمة،وفي (ب) بل معنى الآية معنى العصمة.
([14]) فيكون المعنى أشمل.
فإن قلت: فعلام دلت الآية؟ (1/7)
قلت: على العصمة من وجوه:
الوجه الأول: أنه قصر الإرادة على الإذهاب للرجس([15]).
الوجه الثاني: أنه أثبت إذهاب الرجس أولاً ومن لازمه ثبوت التطهير ولم يكتف به حتى صرح بإثبات التطهير.
الوجه الثالث: أنه لم يكتف بإثبات التطهير حتى أكده بقوله (تطهيرا).
الوجه الرابع: أنه أتى باللام في قوله: (ليذهب) المؤكدة لإرادة الإذهاب، وأصله: إنما يريد الله ليذهب فزيدت اللام لتأكيد تعلق الإرادة بالإذهاب كما زيدت لتأكيد الإضافة في قولهم: (لا أبا لك).
الوجه الخامس: أنه قرنهم في الحكم بالنبي([16])صلى الله عليه وآله وسلم المعصوم قطعاً ولم يثبت لهم وحدهم إشارة إلى أن حكمهم حكمه صلى الله عليه وآله وسلم ([17]).
الوجه السادس: أنه قرن الحكم عليهم بالتطهير بالنداء([18]) الذي يشعر بكون المنادى في أعلا مراتب التعظيم.
فإن قلت: إن ظاهر الآية إذهاب الرجس الذي هو النجاسات الحقيقية والتطهير منها.
قلت: لو حمل عليه لما كان للآية معنى إذ هم كغيرهم فيها، وأيضاً هو إخبار فيلزم أن يكون متعلقه على ما هو عليه وهو هنا مختلف قطعاً فيلزم أن يكون كذباً وهو محال على الله تعالى، فوجب أن يحمل على الأرجاس المجازية التي هي رجس المعاصي([19]).
فإن قلت: من أين تعلم إذهاب كل رجس حتى يثبت([20]) العصمة؟
___________________________
([15]) وأداة القصر والحصر (إنما)
([16]) فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أحد الأفراد (الخمسة)(وذريتهم)المحكوم عليهم.
([17]) لأنه أحد الخمسة أهل الكساء وللرواية التي رواها المرشد بالله بسنده،قال حدثنا قيس بن الربيع عن الأعمش عن عبادة عن ابن عباس (رض) عن الرسول (ص) في قول الله عز وجل {إنما يريد} الآية،فأنا وأهل بيتي مطهرون.
([18]) في قوله ((أهل البيت)) فحذف حرف النداء (يا).
([19]) وقد ورد عن ابن عباس في تفسير الآية أن الرجس الشك وفي رواية واثلة في الاعتصام صـ (87)عندما سئل قال الشك في دين الله ورواية ذخائر العقبى الشك في الله تعالى ص 24.
([20]) في (أ) تثبت و(ب) يُثبت.
قلت: من الصيغة لأنها من صيغ العموم أعني لفظ (الرجس) لأنه اسم جنس معرف باللام وهو من صيغ العموم كما حقق في الأصول وهي متعلق الإذهاب لفظا ومتعلق التطهير تقديراً على أنه قد ذكر إمام أهل اللغة (أحمد بن يحي بن فارس) في كتابه مجمل اللغة ما لفظه: (وقال في القاموس: التطهير التنزيه عن الإثم وعن كل قبيح، وقال في القاموس: التطهر الكف عن الإثم فيعم إذهاب كل المعاصي عنهم وصغائرها وكبائرها الخطأ منها والنسيان، سواء تعلقت بالأفعال أو بالأقوال أو بالاعتقاد، فيكون كل ما قالوه حقاً وكذا ما اعتقدوه أو فعلوه وكل حق يجب إتباعه، وهو معنى حجية القول ومعنى العصمة([21]) أيضا. (1/8)
[الجواب عن أن المراد بالآية الزوجات]
وأما الجواب عن الثاني فنقول:
اعلم أن لفظ البيت له معنيان:
أحدهما البيت السكنى، والثاني بيت النسب، وإذا أضيف إليه [لفظ] أهل صار مجملاً يحتاج إلى البيان إن كان مشتركا، وإن كان حقيقة في بيت السكنى مجازاً في بيت النسب، حمل على المعنى الحقيقي إلا بصارفة([22]) تصرفه عنه إلى المجاز، وهذا([23]) الأحاديث المتواترة([24]) القطعية تصلح معينا للمراد على الأول وصارفا إلى المعنى المجازي على الثاني.
فإن قيل: تعارض الأخبار دلالة السياق على المراد.
قلت: دلالة السياق ظنية ودلالة الإخبار قطعية والظن يضمحل عند القطع، على أن الآية كلام مستقل مفيد لا يحتاج إلى ما قبله ولا إلى ما بعده.
فإن قيل: يؤدي إلى أن لا يتلائم طرفا الكلام ([25]) وهي خلاف
البلاغة التي هي وجه إعجاز القرآن.
______________________
([21]) وقال في مقدمة تفسير المصابيح الساطعة الأنوار بعد ذكر آية التطهير، فهي دليل العصمة لأن رجس الأقدار حكمهم فيه وحكم غيرهم بالاتفاق واحد، فلم يبق فائدة الآية وخبر الكساء الذي بينها إلا تطهيرهم من درن الأوزار وذلك معنى العصمة شهادة الله لهم وشهادة رسوله بإذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم ص 38.
([22]) (في أ،ب) لصارف يصرف.
([23]) هكذا في الأصل ولعله وهذه.
([24]) سوف تأتي.
([25]) (في أ، ب)وهو الفصاحة.
قلت: غير مسلم بل الملائمة حاصلة ووجهها أن التعلق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثابت لأهل بيته وزوجاته، وأيضا قد أمرهن بأوامر قبل الآية وبعدها، فحثهن على القيام بتلك الأوامر، بأن ذكر أهل البيت المطهرين ليحرصن على القيام بما أُمرن به لأن أهل البيت المذكورين لم يستحقوا التطهير وإذهاب الرجس إلا لقيامهم بما أمروا به. (1/9)
وهذان وجهان ظاهران لمن له أدنى معرفة بدقائق علم المعاني، على أنه لو كان فيه شيء من التنافر ما وردت به الأخبار متواترة.
فإن قلت: تحُمل الآية على أن المراد بها أهل بيت النسب بدلالة الأخبار وأهل البيت السكنى لقرينة المقام، وأيضا هو مشترك يحمل على معنييه مطلقا فكيف مع قرينة إرادة الجميع.
قلت وبالله التوفيق: لا يورد هذا السؤال إلا ذو غفلة أو من أعمى التعصب والتقليد قلبه وعقله، كيف وقد دل الحديث على تخصيص علي وفاطمة والحسن والحسين، وأخرج غيرهم من الموجودين في ذلك الوقت من وجوه:
الأول: أنه دعاهم دون غيرهم، ولو شاركهم غيرهم في كونه من أهل البيت عليهم السلام لدعاه.
الثاني: اشتماله عليهم بالكساء دون غيرهم ليكون بياناً بالفعل مع القول.
الثالث: أنه قال اللهم إن هؤلاء أهل بيتي مؤكداً للحكم بأن.
الرابع: تعريف المسند إليه([26]) باسم الإشارة الذي يفيد تمييزه أكمل تمييز كما يعرفه علماء المعاني.
الخامس: أنه أتى بالجملة مكررة([27]) للتأكيد ليرفع توهم دخول الغير كما هو شأن التأكيد اللفظي عند أهل اللغة.
____________________
([26]) وهو ((أهل بيتي))من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " اللهم هؤلاء أهل بيتي "وهؤلاء اسم إشارة.
([27]) كما في رواية المرشد بالله عن واثلة بن الأسقع "اللهم هؤلاء أهلي، اللهم هؤلاء أهلي اللهم هؤلاء أحق ص 148/ ج1 وفي ذخائر العقبى ص24 "وفي رواية (اللهم هؤلاء أهلي) فأسترهم من النار والرواية التي عند أبي ليلى الكندي عن أم سلمة أنه قالها ثلاثاً وهي في الاعتصام 99 والرواية التي عند أبي ليلى الكندي أنه قالها ثلاثاً.
السادس: دفعه لأم سلمة رضي الله عنها، بأن قال لها مكانك أنت إلى خير([28]) وفي بعض الأخبار: (لست من أهل البيت أنت من أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم)([29])، وفي بعضها أنت ممن أنت منه([30]) دل بإخراجها على خروج جميع الزوجات، وأيضا علل إخراجها بأنها من الزوجات([31]). (1/10)
فإن قلت:إن في بعض الأخبار عن أم سلمة([32]) قالت: يا رسول الله ألست من أهل البيت، قال بلى فادخلي في الكساء فدخلت.
قلت الجواب عنه من وجوه ثلاثة:
الأول: أن روايات دفعها أكثر وأصح فكانت أولى وأرجح.
الثاني: أنه لم يشر إليها معهم بقوله هؤلاء أهل بيتي ولم يدعها وأيضاً قالت فدخلت بعدما قضا دعائه لابن عمه وابنيه وفاطمة فعرفت أن دخولها كان على جهة التبرك فقط.
_____________________
([28]) أمالي أبي طالب وأمالي المرشد بالله ص 151/ ج1.
([29]) رواية المحيط قال:ـ أنت على خير إنك من أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي رواية الترمذي فقال أنك على خير وأنت من أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم. إضافة أن هناك روايات تعدد أسماء من نزلت فيهم الآية وليس منهم أزواج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.أنظر الاعتصام صـ (77). وعائشة تذكر الرواية هي وأم سلمة وتقول إنها نازلة في الخمسة، رواية عائشة في الاعتصام ص 84.
([30]) ورواية مسلم صريحة أنها في الخمسة فقط ولم يدخل النساء، وهي عن عائشة قالت خرج رسول صلى الله عليه وآله وسلم وعليه مرط مرحل أسود فجاء الحسن فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال...الآية }إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً{ وقد ندمت أم سلمة على عدم إدخالها وقالت فلو كان قال نعم كان أحب ألي مما تطلع عليه الشمس وتغرب وفي ذخائر العقبى ص 21رواية التعليل بالزوجات.
([31]) الاعتصام 80 ـ 81
([32]) ذخائر العقبى ص 23.
الثالث:أنه ما أدخلها إلا على وجه الإيناس وتجنباً للإيحاش بدليل أنه ما أدخلها إلا بعد أن سألته ,ثم أن في الروايات الآخرة مثل رواية أبي الحمراء([33]) وغيره أنه كان يأتي إلى باب علي وفاطمة ثمانية أشهر أو تسعة أشهر ويتلو الآية ولم يكن في البيت أم سلمة ولا غيرها وهكذا([34]) ما قاله في حق واثلة بن الأسقع([35]) فظهر أنه لم يرد إلا الإيناس. (/)
________________
([33]) رواية أبي الحمراء خادم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجيء عند صلاة كل فجر فيأخذ بعضادة هذا الباب ثم يقول: السلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله وبركاته ثم يقول الصلاة يرحمكم الله { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}. قلت يا أبا الحمراء من كان في البيت، قال علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام. الاعتصام المجلد (1)ص 112.
([34]) في ب وهذا
([35]) روى ذلك ابن جير الطبري قا ل في آخر الرواية، قال واثلة فقلت من ناحية البيت وأنا ولو شاركهم الله من أهلك قال وأنت من أهلي قال واثلة إنها لمن أرجى ما أرتجي.جامع البيان ج22 ص6 ذخائر العقبى ص 24.
وفي رواية أخرى قلت:أي واثلة يا رسول الله وأنا قال وأنت، قال فوالله إنهالأوثق عمل عندي. نفس المصدر السابق
وروى ابن كثير و الحاكم في المستدرك عن و اثله ولم يذكر الزيادة. ويكفينا لرد هذه إضافة إلى ما ذكر الإمام أن نعرف أن واثلة هو راوي حديث " الأمناء عند الله ثلاثة أنا وجبريل ومعاوية " اللآلئ المصنوعة ج1 ص 417 وحديث إن الله ائتمن على وحيه جبرئيل وأنا ومعاوية وكاد أن يبعث معاوية نبياً من كثرة علمه وائتمانه على كلام ربي....إلى آخر الرواية. الغدير ج5 ص308 واللآلئ المصنوعة ج1 ص419 وذكره الشوكاني في الموضوعات وأسند الوضع إلى علي بن عبد الله بن الفرج البرداني. وقد شتم جماعة علي بن أبي طالب في حضرة واثلة ولم ينكر عليهم كما ذكر ذلك ابن جرير الطبري في ج22 ص6.والذين طلبوا الدخول أم سلمه وابنتها زينب وواثلة بن الأسقع وعائشة.وقد تعددت الروايات في المدة على النحو التالي ستة أشهر ذخائر العقبى ص24، ثمانية، تسعة.. ذخائر العقبى ص25، عشرة، تسعة عشر، ثمانية عشر، تسعة عشر أربعون صباحاً وكلها متفقة أنها وقت صلاه الفجر ويتلو الآية ويقول " الصلاة أهل البيت يرحمكم الله على اختلاف ألفاظها وفي الرواية الأخيرة بعد أن دخل بفاطمة ويقول السلام عليكم أهل البيت ورحمته وبركاته، الصلاة يرحمكم الله ويتلو الآية. ولعله بعد أن دخل بها وأنجبت الحسنين.
السابع: أنه لو أريد غيرهم في الآية معهم لما دعاهم وحدهم ولما أشار إليهم وحدهم بل يكون ذلك الفعل والحكم بأنهم أهل البيت وحدهم خيانة في التبليغ ([36]) وحاشا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك فيقطع حينئذٍ مع هذه الوجوه بخروج غيرهم عن أن يكون من أهل البيت سواءً كن الزوجات أو سائر الأقارب،كبني العم([37]) ونحوهم كما يقتضيه بيانه وإيضاحه صلى الله عليه وآله وسلم للمقصود من الآية. (1/11)
[الدليل على أن ذرية الحسنين (ع) من أهل البيت]
فإن قلت:- يُعْلَمُ مما ذكرت أن أهل البيت هم الأربعة فقط فلا يكون ذريتهم من أهل البيت كما ذكرت أنه يقتضيه البيان.
قلت وبالله التوفيق:- إنما أراد بقصر([38]) الحكم على الأربعة وإخراج من عداهم([39]) من الموجودين في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم من الزوجات والأقارب ولو وُجِدَ في ذلك الوقت أحدٌ من ذريتهم لأدخلهم لكن لم يوجد إلاَّ الأربعة، وأيضاً أهل البيت يتناول الآتين بعده صلى الله عليه وآله وسلم كما يتناول الموجودين في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم مثل ما أن لفظ الأمة([40]) يتناول الآتين من بعده صلى الله عليه وآله وسلم كما يتناول الموجودين في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم..
__________________
([36]) لقوله تعالى آمراً له { يا أيها بلغ ما أنزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته } الأحزاب67
([37]) وقد روى ابن حجر الهيثمي رواية وذكر فيها العباس ولكنه ذكر دون سند. راجع الصواعق المحرقة ص 144
([38]) في ب بنقض.
([39]) في ب عندهم.
([40]) كما في اللآلي المضيئة.
الدليل على إدخال ذريتهم في جملة أهل البيت: (1/12)
ولنا على إدخال ذريتهم في جملة أهل البيت إيضاحاً لما تقدم أدلةٌ:
الدليل الأول: قوله صلى الله عليه وآله وسلم ((المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة)) أخرجه ابن أبي شيبه وأحمد([41]) وابن ماجه([42]) عن علي، وأخرجه أبو داود أيضاً عن علي وقد نظر إلى الحسن ابنه وقال: ((إن هذا سيد)) كما سماه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشهر في الخلق يملأ الأرض عدلاً. وأخرج الترمذي([43]) وصححه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من أهل البيت يواطي([44]) اسمه اسمي))([45])، وأخرج أبو داود([46]) والحاكم([47]) وابن ماجة([48]) والطبراني عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:- ((المهدي من عترتي من ولد فاطمة)) فدلت هذه الأخبار على أن اللاحقين يكونون من أهل البيت كالسابقين.
____________________
([41]) ج1 ص 84 ط.الميمنية بمصر
([42]) ج9 ص 74 ط.الصاوي بمصر.
([43]) ج2 ص 519 والتاريخ الكبير ج1 ص 317 وحلية الأولياء ج3 ص 177 وفرائد السمطين والحاوي للفتاوى ج2 ص58 والبيان في أخبار آخر الزمان ص311 و تذكرة القرطبي ومنتخب كنز العمال ج6 ص30 والجامع الصغير ج 2 ص579 والصواعق المحرقة ص235 ومختصر تذكرة القرطبي ص13و206،والمقاصد الحسنه ص435 وتمييز الطيب من الخبيث ص220 وكنوز الحقائق ص164 وذخائر المواريث ج 3 ص 24 وراموز الحديث ص237 وتعليقة النعساني على تاريخ الرقة ص 71 وينابيع المودة ص 181،188 والفتح الكبيرة ج3 ص 259 ووسيلة النجاح ص 421.
([44]) أي: يشابه.
([45]) أخرج نحوه البيهقي في الاعتقاد ص 105 طبعة كامل مصباح.
([46]) ـ ج4 ص 151 طبعة السعادة
([47]) ـ ج 4 ص 557 وأخرجه في التاريخ الكبير ج1قسم 1 ص 346 وتاريخ الرقة ص 70، 71 والمستدرك ج 4 ص 557 والجمع بين الصحاح والفقه الأكبر ج2 ص 65 والفصول المهمة ص276 ومشكاة المصابيح ج3 ص24 وميزان الاعتدال ج1 ص355 و ج2 ص240 والصواعق المحرقة ص 97 ومصابيح السنة ج2 ص 143 ومطالب السؤل ص 89 والبيان في أخبار آخر الزمان ص 311 ومنتخب كنز العمال ج6 ص30 وتذكرة الحافظ ج2 ص463 والمقاصد الحسنة ص435 وجالية الكدر ص208 والفتاوى الحديثية ص 29 وأشعة اللمعان ج4 ص238 ونهاية البداية والنهاية ج1 ص 40 والجامع الصغير ج2 ص 579 والحاوي للفتاوى ج2 ص 58 و 74 ومنهاج السنة ج4 ص211 وأرجوزة الشيخ سعدي الإبي ص 307 وكنوز الحقائق ص 164 وجواهر العقدين على ما في الينابيع ص 432 والصواعق 235 والعرائس الواضحة ص 208 وتمييز الطيب ص 220 وتيسير الوصول ج2 ص337 وذخائر المواريث ج4 ص292 ومفتاح النجاة ص200 وإسعاف الراغبين ص147 وكنوز الحقائق حرف الميم والسيرة الجلية ج1 ص193 وينابيع المودة ج3 ص86 و89 وراموز الأحاديث ص236 والفتح الكبير ج3 ص 259 وتعليقة النعساني على تاريخ الرقة ص 70 والسراج المنير ص 409.
([48]) ج2 ص 519
والأحاديث في المهدي وكونه من أهل البيت متواترة([49]). (/)
الدليل الثاني: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي من الأرض ذهب أهل الأرض([50]))) أخرجه أحمد بن حنبل عن علي عليه السلام وعمار، وأخرج معناه الطبراني والحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
فلو كان أهل البيت هم الأربعة فقط لكان قد ذهب أهل الأرض([51]).
__________________
([49]) أنظر لوامع الأنوار ص 58 ¬ 64
([50]) أخرج أخبار النجوم والأمان أحمد بن حنبل في المناقب عن علي (ع) و (مسدد) وابن أبي شيبه وأبو يعلي والطبري والحاكم في المستدرك ج3 ص149 وفي ذخائر العقبى عن أياس بن سلمة عن أبيه ص17، الحديث بهذا اللفظ أو قريباً منه أخرجه الحافظ محمد بن سليمان الكوفي بأرقام 618 ـ 623 ـ 651 ـ 653 من طرق عن سلمة بن الأكوع وأخرجه كذلك الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية 155 ويعقوب في المعرفة والتاريخ ج1 ص533 ط1 قال الحمودي: ورواه مسدد وابن أبي شيبة وأبو يعلى كما في المطالب العالية لابن حجر وجمع الجوامع للسيوطي ج1 ص451 وهو في كنز العمال برقم 34188 وفي موضح أوهام الجمع ج2 ص40 وانظر الحموي في فرائد السمطين ج2 ص240 ـ 252 ط بيروت وهو بلفظ مقارب في الأحكام للإمام الهادي.
([51]) أنظر لوامع الأنوار صـ 64ـ 66...
الدليل الثالث: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((إني تارك فيكم.....)) الحديث([52]) إلى قوله ((لن يفترفا حتى يردا علىّ الحوض ))وهذا الحديث متواتر كما سيأتي، فلو كانوا هم الأربعة فقط لكانوا بموتهم قد فارقوا الكتاب قطعاً يعني في الدنيا وقد أخبرنا بأن مدة اجتماع الكتاب و أهل بيته في دار التكليف إلى آخر الدهر. (1/13)
الدليل الرابع: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((كل ولد آم فإن عصبتهم لأبيهم ماخلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم وعصبتهم))([53]) أخرجه الطبراني والدار قطني وأبو نعيم في معرفة الصحابة وابن السمان وأبو صالح المؤذن في أربعينيته كلهم عن عمر بن الخطاب من طرق إليه وأخرجه أيضاً الطبراني وأبو يعلى والخطيب عن فاطمة الزهراء رضي الله عنها.
قال السمهودي: في بعض طرقه ورجاله موثوقون إلا شريك، وشريك استشهد به البخاري وروى له مسلم في المتابعات وأخرجه ابن عساكر عن جابر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((أن لكل بني أبٍ عصبة ينتمون إليها إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وعصبتهم وهم عترتي)).
قلت: فبين فيه عترته بقوله ((وهم عترتي)) وإذا كانوا أولاده
وهو أبوهم وعصبتهم فهم([54]) عترته وأهل بيته.
الدليل الخامس: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين علي عليه السلام ((أنت أخي وأبو ولدي تقاتل على سنتي)) أخرجه أحمد وأبو يعلي عن حديث علي عليه السلام([55]).
وأخرجه أحمد أيضاً من حديث زيد بن حارثة وأخرجه الدار قطني بمعناه من حديث عامر بن واثلة وعامربن ضمرة.
________________
([52]) رواه المرشد بالله ج1 ص 143 ورواه مسلم وأحمد والنسائي والترمذي، ج5 ص 662 برقم 3786 وفي رواية إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما /رواه مسلم حديث رقم (2408) من كتاب فضائل باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه من حديث زيد بن أرقم (4/1873) والترمذي رقم 3786،3788وأحمدفي المسند من حديثه ومن طرق أخرى 3/14،17،26،59،4/226،367،(37)وفي الفضائل (1167)،وهو من أصح الأحاديث وله طرق كثيرة ذكر ت كما تقدم اختصارا، وهناك كتاب حديث الثقلين لصاحب الفضيلة الشيخ قوام الدين الوشنوي جمع فيه ألفاظ الحديث وتخريجاته وقد أرسلها إلى دار التقريب بين المذاهب الإسلامية ونال استحسان السكرتير العام المساعد للدار وأشاد به وشكره على جهده العظيم، فأرجع إليه لتعرف طرف هذا الحديث العظيم.
([53]) رواية الإمام الهادي (ع) في الأحكام ((كل بني أنثى ينتمون إلى أبيهم إلا ابني فاطمة فأنا أبوهما وعصبتهما)) الأحكام ج1ص40 والحديث أخرجه الطبراني في الكبير بلفظ ((كل بني آدم ينتمون إلى عصبة إلا بني فاطمة فأنا وليهم وعصبتهم)) بسنده إلى فاطمة بنت الحسين عن جدتها فاطمة الكبرى (ع) قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.... الحديث وأخرجه أبو يعلى من طريق الديلمي عن سلمان،وابن أبي شيبة بلفظ ((لكل بني أدم عصبة ينتمون إليه إلا ولدي فاطمة فأنا وليهما وعصبتهما)) وأخرج الخطيب في تاريخه بلفظ ((كل بني آدم ينتمون إلى عصبتهم إلا ولد فاطمة فأنا أبوهم وعصبتهم)) وأخرج الطبراني في الكبير عن يحيى بن العلا الرازي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال قال رسو ل الله صلى الله عليه وآله وسلم ((أن الله جعل ذرية كل نبي في صلبه وإن الله جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب)). وأخرجه في ذخائر العقبى ص121 بتغير لفظ أب إلى أم.
([54]) في (أ) وهم
([55]) ذخائر العقبى ص 66.
الدليل السادس: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد سئل أي أهل بيتك أحب إليك؟ قال: ((الحسن والحسين))([56]) وكان يقول لفاطمة ((ادعي لي ابنيَّ)) فيشمهما ويضمهما، أخرجه الترمذي عن أنس([57])، وعن أسامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحسن والحسين ((هذان ابناي وأبناء ابنتي اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما))([58]) أخرجه الترمذي، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم مشيراً إلى الحسن ((إن ابني هذا سيد)) أخرجه أحمد بن حنبل والبخاري وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي والطبراني عن أبي بكرة وابن عساكر عن أبي سعيد والطبراني في الكبير والبيهقي والخطيب وابن عساكر والضياء في المختارة عن جابر([59])، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم مشيراً إلى الحسين ((إن ابني هذا يقتل بأرض العراق)) أخرجه البغوي وابن السكن وابن مندة وابن عساكر عن أنس بن الحرث([60]). (1/14)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم ((إني سميت بني هؤلاء تسمية هارون بنيه شَبرَّ وشَبِير)) أخرجه أحمد والدار قطني في الأفراد والطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك على الصحيحين، والبيهقي وابن عساكر عن علي عليه السلام والطبراني في الكبير أيضاً والبغوي عن سلمان.
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم وقد ارتحله([61]) حسن أو حسين وهو في إحدى صلوات العشاء بعد أن أنكر الناس عليه طول السجدة وقالوا: ظننا أنه قد حدث أمرٌ وأنه يوحَى إليك.
__________________
([56]) أخرج نحوه الترمذي رقم 3772في المناقب5/615، وأخرجه المحب في الذخائر ص122.
([57]) وقال حسن غريب، والحافظ الدمشقي في الموافقات وذكره في ذخائر العقبى ص122 ـ 123.
([58]) الترمذي رقم 3769في المناقب (5/614) وأحمد في المسند 2/446 وفي الفضائل 1371وأبن أبي شيبه في مصنفه 12/197/ والبخاري في التاريخ الكبير 2/286وابن حبان 2/55،موارد والطبراني في المعجم الصغير 1/199و المزي في تهذيب الكمال1/251 والبزار 3/226 ـ كشف الأستار والهيثمي في مجمع الأوائد 9/180وقال رواه البزار وإسناده حسن ورواه أحمد عن عطاء بن يسار وقال في المجمع 9/179 رجاله رجال الصحيح وعن ابن مسعود وقال في المجمع 9/180 وإسناده جيد، وفي ذخائر العقبى ص 121.
([59]) وفي ذخائر العقبى ص 125 ذكر صدر الحديث ثم قال وإن الله يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين.
([60]) وفي ذخائر العقبى ص 146 وزاد فيه فمن أدركه منكم فلينصره ورواية أنس وقتل رضي الله عنه مع الحسين (ع) أخرجه الملا في سيرته.
([61]) النسائي 2/229/230في افتتاح الصلاة،وأحمد في المسند 3/494 والحاكم في المستدرك 3/166 وصححه ووافقه الذهبي.
قال ((كل ذلك لم يكن ولكن ارتحلني ابني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته)) أخرجه النسائي عن عبد الله بن شداد، وعن بريدة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجاء الحسن والحسين يمشيان ويعثران فنزل عن المنبر فحملهما ووضعهما في يده ثم قال: ((صدق الله }إنما أموالكم وأولادكم فتنة{ نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي))([62]) أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي. (1/15)
قلت: فحكم عليهما في هذه الأحاديث أنهما ابناه وولداه وأنه هو أبوهما وعصبتهما فيكون أولاد أولادهما أولاده وعصبته وذريته.
فإن قلت: إنما أراد أنهما ابناه مجاز للعلم بأنهما أولاد ابنته.
قلت: الأصل في الإطلاق الحقيقة فيكونان ابنيه حقيقة شرعية وذريته حقيقة شرعية لغوية كما نص عليه فكلما ثبت للأولاد من الصلب من آبائهم ثبث لهما منه صلى الله عليه وآله وسلم.
الدليل السابع: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((إن الله جعل ذرية كل نبي في صلبه وجعل ذريتي في صلب علي)) أخرجه الإمام المرشد بالله عليه السلام عن جابر، وأخرجه الطبراني في الكبير وابن عدي عنه وأخرجه الخطيب والحاكم أبو الخير عن ابن عباس وأخرجه صاحب كنوز المطالب عن العباس مرفوعاً بلفظ ((أنه لم يكن نبي إلا ذريته الباقية من بعده في صلبه وإن ذريتي من بعدي في صلبِ هذا)) ([63]).
فإن قلت:- هذا يقتضي بدخول أولاد علي من غير فاطمة.
__________________
([62]) أخرجه أبو داود رقم (1109) في الصلاة باب قطع الخطبة للأمر يحدث (1/664)والترمذي رقم 3776في المناقب باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما والنسائي (3/108) في الجمعة باب نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة وقطعة كلامه ورجوعه إليه يوم الجمعة وابن حبان في صحيحه 22331- موارد _ وأحمد في المسند 5/354 وفي الفضائل برقم 1358، وقال الترمذي حسن غريب وفي ذخائر العقبى ص131 بزيادة ورفعتهما ثم قال أخرجه الترمذي وقال حسن غريب وأبو داود وأبو حاتم.
([63]) وأخرجه في ذخائر العقبى ص 67 بعد سؤال العباس عن الرسول بلفظ: ((يا عم والله لله أشد حباً له مني إن الله جعل ذرية كل نبي في صلبه وجعل ذريتي في صلب هذا))، ثم قال: أخرجه أبو الخير الحاكمي في الأربعين
قلت:- لا، لأن قوله صلى الله عليه وآله وسلم ((في صلب علي)) يشعر بظرفية صلب علي لذريته ولا يلزم أن لا يوجد [في] الظرف سوى المظروف كما يقول أولادي في الدار فيجوز أن يكون في الدار غيرهم فهو مطلق لا عام وقد بين أن المظروف هم أولاد فاطمة كما تقدم وإن سُلم عمومه فمخصوص بما تقدم من (أن كل بنى أنثى فعصبتهم لأبيهم...) الحديث فعم ولم يخص غير ولد فاطمة. (1/16)
فإن قلت: فهل يدخل العلويون في أهل البيت لظاهر حديث الكساء لشموله أمير المؤمنين علي عليه السلام كما شمل السبطين عليهما السلام.
قلت: لا، لأن المراد بأهل البيت هم ذريته وعترته وليسوا إلا أولاد فاطمة دون غيرهم، وأيضاً ذرية السبطين مقطوع بدخولهم بما تقدم، وغيرهم لا قطع بدخولهم، فيكفي في إخراجهم أدنى دليل.
الدليل على خروج العلويين من دون أولاد فاطمة من أهل البيت:
ولنا على خروجهم أدلة:
الدليل([64]) منها: ما تقدم من حديث ((كل بني أنثى فعصبتهم لأبيهم)) فحكم بأنهم أي العلويين لا ينسبون إليه بل إلى أمير المؤمنين فقط.
فإن قلت: إذا انتسبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بواسطته كما نسب أولاد السبطين إليه صلى الله عليه وآله وسلم بواسطتهما.
قلت: انتساب أمير المؤمنين إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انتساب الأخوَّة والأهلية فأولاده أولاد أخ، وانتساب السبطين إليه صلى الله عليه وآله وسلم انتساب البنوة والأهلية والذرية والولدية كما بيناه فأولادهما أولاد أولاد، وفرق بين أولاد الأخ والذرية.
_________________
([64]) (الأول) في الأصل ليست موجودة وكأن الكلام يقتضي وجودها.
الدليل الثاني: ما جاء في }قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى{([65]) أنها لما نزلت قالوا: يا رسول الله من قرابتك الذين أمرنا الله بمودتهم؟ قال: (علي وفاطمة وولدهما) أخرجه أحمد بن حنبل والثعلبي في تفسيره عن ابن عباس وسيأتي بطرقه مستوفي فلو كان غير أولاد فاطمة منهم في وجوب محبتهم وإتباعهم لما ذكرهم وحدهم في مقام البيان. (1/17)
الدليل الثالث: ماجاء في وصية أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه أوصى لأولاده من فاطمة وخصهم بشيءٍ من الوصية وقال: ((تكريماً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم))، فلو كان كل أولاده ذرية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما كان لاختصاصهم بالذكر فائدة وسيأتي في كتاب الوقف من رواية أمالي الإمام أحمد بن عيسى مسنداً.
الدليل الرابع: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:((أن فاطمة أحصنت فرجها فحرمها الله وذريتها على النار)) أخرجه النسائي والطبراني في الكبير وأبو يعلي وابن عدي في الكامل والحاكم في المستدرك على الصحيحين([66])، وابن عساكر عن ابن مسعود وأخرجه تمام وابن عساكر عن زر بن حبيش مرسلاً وصححه الدار قطني عن زر مرسلاً وأخرجه الطبراني في الكبير عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ ((إن الله غير معذبكِ ولا ولدكِ)) مخاطباً لفاطمة.
وأخرج الإمام علي بن موسى الرضى في صحيفته عن آبائه عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله فطم فاطمة وولدها ومن أحبهم من النار فلذلك سميت فاطمة)).
________________
([65]) الشورى آيه (23) ربما هي رواية مسلم وهي هكذا وأخرج مسلم عن زيد بن أرقم أن رسول صلى الله عليه وآله قال أذكركم الله في أهل بيتي فقيل لزيد ومن أهل بيته أليس نساؤه من أهل بيته قال نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس. فتح القدير 280 المجلد الرابع.
وفي رواية أخرى أنها لما نزلت }قل لا أسألكم { الآية , قالوا: ولو شاركهم الله من قرابتك هؤلاء الذين أوجبت علينا مودتهم، قال علي وفاطمة وولداهما، وأخرجه ابن المنذر وابن أبن حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس وقال السيوطي سند ضعيف. قال في مقدمة تفسير المصابيح الساطعة الأنوار وأن آية المودة دالة على وجوب محبتهم على الجزم ووجه الاستدلال بها أنه عز وجل جعل حبهم الذي هو لهم نفعة في الدين أجرى لسيد المرسلين وأوجبه على كافة الخلق أجمعين ومن ظلم الأجير أجرته فهو من الظالمين فما حال من ظلم النبي الأمين في وداد عترته الأكرمين فهو من الهالكين بأيقن يقين ص 39.
([66]) وقال: صحيح.
وأخرجه الحافظ الدمشقي عن علي عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أتدرين لِمَ سمُيت فاطمة) قال علي عليه السلام([67]) يا رسول الله لما سميت فاطمة قال: (لأن الله فطمها وذريتها عن النار يوم القيامة) وفي مناقب العلامة محمد بن سليمان الكوفي رحمه الله ثنا أحمد بن عبدان قال ثنا سهل([68]) بن سفير قال ثنا موسى بن عبد ربه قال: سمعت سهل بن سعد الساعدي يقول: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: يا رسول الله لما سميت فاطمة فاطمة؟ قال: ((لأن الله فطمها وذريتها عن النار)). (1/18)
وأخرج أبو سعد والمُلاَّ في سيرته عن عمران بن الحصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((سألت ربي أن لا يدخل أحداً من أهل بيتي النار فأعطاني ذلك)).
قلت: وهذا معنى العصمة لأنهم لا يحرمون على النار قطعاً إلاّ وهم معصومون.
فإن قلت: كيف جعلت معنى هذا الحديث العصمة؟
قلت: لأن إخباره صلى الله عليه وآله وسلم بأنهم لا يدخلون النار إخبار بالعصمة وأنهم لايخرجون عن الحق مجاز من إطلاق السبب الذي هو عدم دخولهم النار على السبب الذي هو عدم ارتكاب المعاصي.
فإن قلت: ما القرينة على هذا المجاز؟
قلت: القرينة قطعية وهي آيات الوعيد([69]).
فإن قلت: هل قرينة أُخرى؟
قلت: نعم وهي أنه جعل الحكم ذيلا لقوله: (إن فاطمة أحصنت فرجها) قرينة تنبه أيضاً على أنها لم تحرم على النار إلا لعصمتها فكذا ذريتها.
وتنبه أيضاً على أن طهارة الماء موجبة لطهارة ما تفرع منه وإن كانت الطهارة الأولى من السفاح والثانية من المعاصي القباح فالمناسبة ظاهرة.
________________
([67]) ذخائر العقبى ص 26.
([68]) في (أ) شهل
([69]) كون الآيات توجب العقاب لمرتكبي المعاصي
فإن قلت: من أين دل على ما ذكرت من خروج العلويين عن العترة؟ (1/19)
قلت: من حيث أن حديث الكساء يدل على العصمة وهذا يدل عليها كذلك فهو كالمبين لمن أُريد بحديث الكساء من الذرية فلو دخل العلويون لم يكن لاختصاص ولد فاطمة فائدة فتأمل.
فإن قلت: بعد هذا يدل هذا الحديث وآية التطهير على العصمة لكل فرد منهم؟
قلت: دلاّ على ثبوت العصمة ولا([70]) يمكن إثباتها لكل فرد لأن المعلوم خلافه([71]) فيحكم بها للجماعة([72]) لئلا تبطل فائدة الإخبار من الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بالآية والأحاديث.
الدليل على حديث زيد بن أرقم
فإن قلت: إن دل حديث الكساء على أن الأربعة وذريتهم هم أهل البيت عليهم السلام فقط فقد جاء ما عارضه وهو حديث زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إني تارك فيكم) وساق حديث الثقلين حتى قال: قلت: يا رسول الله ومن أهل بيتك؟ قال: آل علي وآل جعفر وآل العباس وآل عقيل، وروي هذا التفسير موقوفاً على زيد بن أرقم.
________________
([70]) في (أ) ولم
([71]) في (أ)خلافها
([72]) ولعله للجماعة دون الخمسة أهل الكساء فهم معصومون كل واحد منهم على حدة وما أتى بعدهم من ذريتهم فالجماعة معصومة لا الأفراد...
قلت: لنا في الجواب عن هذا الحديث وجوه: (1/20)
الوجه الأول: أن حديث الكساء وحديث الثقلين جاءا متواترين ولم تثبت هذه الزيادة إلا بهذه الطريق الواحدة فهي شاذة منكرة.
الوجه الثاني: أن في رجال إسناده من لا يرتضى عنهم فمنهم أحمد بن بشار مجهول، ومنهم أبو عوانة وضاح بن عبد الله الوسطي البزار
قال أحمد وأبوحاتم: إذا حدث من حفظه وَهِمَ ويغلط كثيراً وضعفه ابن المديني عن قتادة، ومنهم الأعمش سليمان بن مهران قالوا فيه: مدلس تدليس التسوية، قال العراقي وابن حجر: ذلك قادح في العدالة.
الوجه الثالث: أنا لو سلمنا صحته وسلامته عن كل قادح فهو آحادي ظني، وأحاديث الكساء متواترة قطعية، والظني يبطل إذا قابله قاطع.
وفي هذا البحث كفاية لأهل البصيرة، وإزالة لكل شك وحيرة فتأمل بعين الإنصاف، وانظر بفكر صحيح وذهن صافٍ تبلغ الحق والتحقيق([73]).
__________________
([73]) مكتوب في آخر (ب) حرر يوم الجمعة لعله 14 شهر القعدة 1351هـ بقلم أفقر خلق الله إليه عبد الله بن الحسن بن أحمد بن المهدي وفقه الله. تم ذلك بقلم أسير الذنوب عبد الله بن إسماعيل بن علي بن أحمد بن علي بن قاسم مشحم الملقب الحشحوش وفقه الله حرر بتاريخه يوم الأحد 24شهر صفر 1373 هـ..