الكتاب : أمالي الإمام أحمد بن عيسى
المؤلف : أحمد بن عيسى (ع)

أمالي الإمام أحمد بن عيسى

(/)


كتاب الطهارة
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
أخبرنا الأمير الشريف الطاهر الزكي أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى بن الناصر بن الحسن بن عبد الله بن محمد المختار بن الناصر بن الهادي إلى الحق -عليهم السلام- قال:
أخبرنا الشريف العالم، تاج العترة الحسن بن عبد الله بن محمد بن يحيى الحسني -رضي الله عنه وأرضاه- مناولة في شهر رجب من سنة سبع وستين وخمسمائة، قال: أخبرنا الشيخ الأوحد محمد بن محمد بن الحسن بن علوي بن غَبَرة الحارثي، قراءة عليه بداره في الكوفة، في شهر ربيع الآخر سنة خمس وخمسين وخمسمائة، قال: أخبرنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن علان المعدل، عن أبي طالب محمد بن الصباغ.
قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن عيسى بن ماتي الكاتب -رحمه الله.
قال عمران: وأخبرني الشيخ الفاضل العالم محي الدين حميد بن أحمد القرشي مناولة منه لي عن الأمير السيد محمد بن أحمد أيضا بهذا الإسناد المتقدم، وقراءة على الشيخ العالم الفاضل عفيف الدين، حنظلة بن الحسن بن أحمد بن شبعان-رحمه الله- سنة تسع وتسعين وخمسمائة قراءة عليه إلى أول كتاب الطلاق، وأنا أروي وهو ما بعده إلى وسط باب الكفارات عن سيدنا القاضي الأجل شمس الدين، جمال الإسلام والمسلمين جعفر بن أحمد بن أبي يحيى -رضوان الله عليه-

(1/1)


قراءة، وأروي مابعده إلى آخر الكتاب عن هذا الشيخ إجازة، وأظنه مناولة أيضاً، وهو يروي جميع الكتاب غير مرة سنة إحدى وستمائة.
قال: أخبرنا القاضي الأجل الإمام الفاضل، شمس الدين جمال الإسلام والمسلمين أبو الفضل جعفر بن أحمد بن عبدالسلام بن أبي يحيى -رضوان الله عليه- قراءة عليه في جمادى الأولى سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.
قال: أخبرنا الشيخ الفاضل العدل أبوعلي الحسن بن علي بن ملاعب الأسدي -أسعده الله-.
قال: أخبرنا الشريف السيد عمر بن إبراهيم بن حمزة العلوي الحسيني، وأبوالحسن محمد بن أحمد بن بحشل العطار، قراءة عليهما جميعاً:
قالا: أخبرنا أبو الفرج محمد بن محمد بن الحارث، عن محمد بن الحسين البزاز المعروف بابن الصباغ، عن علي بن ماتي.
قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن منصور بن يزيد. قال: حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي عن آبائه، عن علي -عليه أفضل الصلاة والسلام-، أنه كان إذا دخل المخرج قال:
بسم الله، اللهمّ، إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم، وبالإسناد المتقدم.
قال: حدثنا محمد، قال: حدثني علي بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-: أنه كان إذا

(1/2)


خرج من المخرج قال: الحمد لله الذي عافاني في جسدي، الحمد لله الذي أماط عني الأذى.
وبه قال: أخبرنا محمد، قال: حدثنا علي بن أحمد بن ماتي، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن وكيع وابن فضيل، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان
قال: قال لي بعض المشركين، وهم يستهزؤن: إن صاحبكم ليعلمكم حتى الخراءة.
قال: أجل، أمرنا أن لا نستقبل القبلة، ولا نستنجي بأيماننا، ولا نكتفي بدون ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي، قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا أحمد بن صبيح، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه عن علي -عليه السلام- قال:
نهانا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يتبرز الرجل منَّا بين القبور، أو تحت الشجرة المثمرة، أو على ضفة نهر جارٍ.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا محمد بن راشد، قال: حدثنا عيسى بن عبد الله، قال: أخبرني أبي عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لاصلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عز وجل)).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا جعفر بن محمد الجرادي، عن عبد الله بن نمير، عن حجاج، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي -عليه

(1/3)


السلام- قال: أول ما يبدأ به من الوضوء غسل الكفين.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن خالد بن علقمة، عن عبد خير، عن علي -عليه السلام- أنه أتى بركوة في طشت، فأكفأ الركوة على يده فغسلها ثلاثاً، ثم تمضمض واستنشق من كف واحدة ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً وذراعيه ثلاثاً، ثم أدخل يده في الإناء، فمسح رأسه، وغسل رجليه ثلاثاً، ثم قال: هذا وضوء نبيكم -صلى الله عليه وآله وسلم- فاعملوا به.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا الحكم بن سليمان، عن عمر بن حفص، عن أبي غالب، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((الوضوء يكفر ما قبله، وتكون الصلاة نافلة)).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن ابن أبي يحيى، عن أبي ثفال، عن عبد الرحمن بن رباح، عن حذيفة، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((لا وضوء لمن لم يذكر الله تعالى)).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن ابن أبي يحيى، عن زيد العمي، عن يزيد الرقاشي، عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا وضوء لمن لم يذكر الله عليه)).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا الحكم بن سليمان، عن عمر بن حفص، عن أبي غالب، عن أبي أمامة قال: قال

(1/4)


رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا قرَّب الرجل وضوءه فغسل كفيه، كفَّر الله عنه ما عملت يداه، فإذا هو تمضمض واستنشق كفَّر الله عنه ما نطق به لسانه، فإذا هو غسل وجهه كفَّر الله عنه ما نظرت عيناه، فإذا هو غسل ذراعيه كفَّر الله عنه ما بطشت يداه، فإذا هو مسح برأسه وأذنيه كفَّر الله عنه ما سمعت أذناه، فإذا هو غسل رجليه كفَّر الله عنه ما مشت به رجلاه)).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا ضرار بن صرد، عن عبدالعزيز بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- تمضمض واستنشق بغرفة واحدة.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا محمد بن الحسن الجعفري، عن محمد بن جعفر: أنه كان يستنجي من الريح.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني قاسم بن إبراهيم قال: من أدركت من بني هاشم، أو قال من أهلنا كانوا يستنجون من الريح على التنظف، وليس بواجب.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-: في الرجل يخرج من دبره الدود، قال: يتوضأ.
وبه قال: حدثنا محمد، وحدثنا ضرار بن صرد، عن عبد العزيز بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- ((أن

(1/5)


رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كان إذا توضأ مسح برأسه وأذنيه)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أبو الطاهر أحمد بن عيسى بن عبد الله، قال: حدثني حسين بن زيد، عن جعفر، عن أبيه، قال: ((كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يسكب الماء على موضع سجوده)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أبو الطاهر، قال: وحدثنا حسين بن زيد، عن جعفر، عن أبيه قال: ((كان علي -عليه السلام- يوضي النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فلم يكن يدع أن ينضح غابته ثلاثا)).
قال حسين: قلت لجعفر: وما غابته؟
فأشار إلى باطن لحيته.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((خللوا أصابعكم قبل أن تخلل بالنار)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن هشيم، عن أبي حمزة، قال: رأيت ابن عباس -رضي الله عنهما- توضأ، فغسل قدميه، وخلل أصابعه.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا الحكم بن سليمان، عن إسحاق بن نجيح، عن الوضين بن عطاء، عن مكحول، عن ثوبان مولى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، قال: ((رأيت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- مسح وجهه بثوبه ثم صلى فيه)).
قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد

(1/6)


الهمداني، عن يحيى بن آدم، عن حسن بن صالح، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الرُّبيع ابنة معوذ بن عفراء قالت: ((أتانا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فسكبت له طهوراً، فتمضمض واستنشق ثلاثاً وغسل وجهه ثلاثاً، وغسل ذراعيه ثلاثاً، ومسح برأسه مرتين مرتين، يبدأ بمؤخر رأسه، ثم يمسح مقدمه ومقدم أذنيه ومؤخرهما، وأدخل أصبعيه في حجرتي أذنيه، وغسل قدميه ثلاثاً ثلاثاً)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا جعفر بن محمد عن يحيى بن آدم، عن حسن بن صالح، عن موسى بن أبي عائشة، عن رجل، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- خلل لحيته وقال: ((بهذا أمرني ربي)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أبو كريب، عن يحيى بن أبي زائدة، عن مبارك، عن الحسن، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((استنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر من البول)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ((من حدثكم أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كان يبول قائماً فلا تصدقوه، إنما كان يبول قاعداً)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن مالك بن إسماعيل، قال: وحدثنا عبد السلام بن حرب، عن إسماعيل بن عبد

(1/7)


الله بن أبي فروة، عن نافع، عن ابن عمر أن رسو ل الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((لاتبولوا في الماء الناقع)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن ابن أبي داوود، عن سفيان، عن الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر، قال: مرَّ رجل على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وهو يبول، فسلم عليه فلم يرد عليه.
باب من كره استقبال القبلة بالغائط والبول
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر بن محمد، قال: سألت قاسم بن إبراهيم، عن استقبال القبلة بالغائط والبول، قال: إنه قد جاء من الحديث الكراهية في استقبال القبلة بالغائط والبول ما قد ذكر، وإنما ذلك في الفضاء من الأرض أشد، وقد ذكر أنه رؤي النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- استقبل القبلة وهو قاعد لحاجته في مخرجه، وكراهية هذا إنما يستحب لإجلال القبلة؛ لحرمتها عن استقبالها واستدبارها بالغائط والبول، فإن فعل ذلك فاعل فأرجو أن لا يكون بآثم ولا حَرِج.

(1/8)


باب ما أمر به من السواك وفضله
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد عن آبائه، عن علي-عليهم السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لولا أنيَّ أخاف أن أشقَّ على أمتي لفرضت عليهم السواك مع الطهور، ومن أطاق السواك مع الطهور فلا يدعه)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما من امرئ مسلم قام في جوف الليل إلى سواكه فاستن به ثم تطهر فأسبغ الوضوء، ثم قام إلى بيت من بيوت الله عزَّ وجلَّ إلا أتاه ملك فوضع فاه على فِيْه، فلا يخرج من جوفه شيء إلا دخل في جوف الملك، حتى يجيء به يوم القيامة شهيداً شفيعاً)).

(1/9)


باب التوقي من البول
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليهم السلام- قال: عذاب القبر من ثلاثة: من البول، والدَّين، والنميمة.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن محمد قال: سألت قاسم بن إبراهيم عمن يبول قائماً. قال: يكره أن يبول قائماً إلا من علة أو من عجلة.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني علي بن أحمد بن عيسى، عن أبيه، عن حسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن أبي جعفر قال: إني لآمر بالمِبْوَلة فتوضع في الداخل أو يكون بيني وبينها ستر.
باب من قال لا وضوء لمن لم يسم
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في رجل توضأ فنسي أن يذكر الله، يكتفي من التسمية النية والعقد، كما يكتفى عند الذبيحة لو نسيها.
قال أبو جعفر كان أحمد بن عيسى: إذا ابتدأ في الوضوء يسمي.

(1/10)


باب ما أمر به من الاستنجاء
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أن امرأة سألته، هل يجزي امرأة أن تستنجي بغير الماء؟ قال: ((لا، إلا أن لا تجد الماء)).
وبه قال: وحدثنا محمد، وحدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر قال: سأله رجل، قال: المرأة تأتي الخلاء، هل يجزيها أن تستنجي بشيء سوى الماء؟
قال: لا، إلا أن لا تجد الماء.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لاتستنجي المرأة بشيء سوى الماء إلا أن لا تجد الماء)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن عسيى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سألت أبا جعفر عن الاستنجاء؟
فقال: ليس هو من الواجب في الطهور، ولكنه من السنة في الطهور.

(1/11)


باب في المضمضة والاستنشاق
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا جعفر، عن يحيى بن آدم، عن حسن بن صالح، عن ابن أبي ليلى، عن رجل توضأ، وصلى، ونسي المضمضة والاستنشاق؟
قال: يعيد.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا جعفر، عن يحيى، عن حسن بن صالح، قال: يَعيدُ أحبَّ إليّ، وإن مضى فهو يُجْزيه.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا جعفر، عن يحيى، عن سفيان قال: يُعيد في الجنابة، ويُجزيه في الوضوء.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال:
سألت أبا جعفر عن المضمضة والاستنشاق؟ قال: ليس هو من الواجب في الطَّهور، ولكنه من السنُّة في الطهور.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم فيمن نسي المضمضة والاستنشاق؟
قال: لا يُجزيه إلا أن يتمضمض ويستنشق؛ لأن الفم والمنخرين من الوجه، وقد أمر الله عز وجل فقال: ?فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ...?[المائدة:6] فهما من الوجه.
قال أبو جعفر في المضمضة والاستنشاق: ليس من الواجب في الطهور، ولكنه سُنَّة، ومن نسي المضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة أعاد، ومن نَسِيَه في الوضوء، فقال بعض العلماء يُعيد الصلاة، وقال بعضهم: لا يعيد، وكلُّ ذلك حسن.

(1/12)


باب ما يُسْتَحَبّ أنْ يَكُونَ منْ آلةِ الطَّهُورِ في المخْرَجِ
وبه قال أبو جعفر محمد بن منصور: رأيت في مُتَوَضَّأ أحمد بن عيسى كوز شَبَهٍ واسع الرأس، ناءٍ عن المخرج قليلاً، وفوق الكوز كوز صغير، إذا أراد أن يستنجي غرف بالكوز الصغير من الكوز الكبير، فإذا اكتفى أعاد الكوز الصغير على رأس الكبير.
قال: ورأيت له في مقدم بيت المُتَوضَّأ كرسياً يجلس عليه، له مِرْقاةً أو مرقاتان، وإلى جنب الكرسي تور شبَّه على شيء مرتفع، وللتّور غطاء من خشب على قدر رأس التور له مَمْكنَ، فإذا جلس على الكرسي كان التور عن يمينه، والمخرج في مؤخر البيت، والمنديل معلق قريباً من الكرسي.
باب الاسْتِنْجَاء مِنَ البَوْلِ والريْح والوُضُوْء مِنَ الدُّوْدِ
وبه قال: وأخبرنا محمد، قال: وأخبرنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، قال: كانوا إذا أراقوا الماء أجزاهم التمسُّحُ بالحائط، وكان أبي علي بن الحسين يقول:
إذا ظهر البول على الحَشَفةِ فاغسله.
وحدثنا محمد، وحدثنا محمد بن حسين بن عبد الله الجعفري، عن محمد بن جعفر بن محمد، أنه كان يستنجي من الريح.
وبه قال: وحدثنا محمد، وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا يحيى بن مطيع، عن عثمان بن زفر قال:
قال علي بن أبي طالب -كرَّم الله وجهه-: من بالغَ في الاسْتِنْجاء لم تَرمُد عينَاهُ.

(1/13)


باب صِفَة الوُضُوءِ وحُدُوْدِه
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: جلست أتوضأ وأقبل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حين ابتدأت في الوضوء فقال: ((تَمَضمض واسْتَنشق واستنْثِر)). ثم غسلت وجهي ثلاثاً، فقال: ((قد يجزيك من ذلك مرتان)).
قال: وغسلت ذراعي، ومسحت برأسي مرتين، فقال: ((يجزيك من ذلك المرة)). وغسلت قدمي، فقال: ((يا علي، خلل بين الأصابع لا تُخَلَل بالنار)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا عباد، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن صالح مولى التؤمة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال لرجل من ثقيف: ((إذا توضأت فَخَلّلْ أصابِع يَديْكَ ورِجَليكَ بالماء)).
وبه قال محمد بن منصور: سمعت قاسم بن إبراهيم، يقول: على المتوضئ إذا ابتدأ في الوضوء، وأخذ في غسل ما أمر الله عزَّ وجلَّ بغسله من كل عضو أن يصب إن شاء على يده اليمنى من الماء قبل أن يُدخل يده في إنائه فيغسلها بالماء حتى تنقى، ثم يغرف بها، ويفرغ على يده اليسرى فيغسل بها كل ما يحتاج إلى غسله من قُبُلٍ أو دُبُرٍ، حتى يطهر ذلك كله وينقيه، ثم يتمضمض ويستنشق ويستنثر بغرفة واحدة، ولا يُفَرّدْ إن شاء بغرفة الماء استنثارا ولا مضمضة، ثم يغسل وجهه كله، يبدأ في

(1/14)


غسله لوجهه من أعلى جبهته، وما طلع عليها من شعر رأسه وصدغيه إلى ما ظهر من لحيته كلها على ذقنه، ويجمع لحيته عند ذلك في بطون كفيه، فإذا أتى على ذلك كله، غسل يديه إلى المرفقين، ثم مسح برأسه وأذنيه مقبلاً ومدبراً ببطون يديه. ثم يغسل رجليه الى الكعبين غسلاً منقياً سابغاً، يغسل باطنهما وظاهرهما، ويخلل بالماء بين أصابع رجيله، ويبدأ بيمناهما قبل يسراهما، فإذا فعل ذلك كله فقد تمَّ طهوره وأكمله.
والعرب تقول إذا أمرتْ بالشيء من الأرض وغيرها من ينقيه: نظِّفْ ياهذا ما تعمل ووضه، فإذا أنقاه قيل: قد وضّاه.
وبه قال: أبو جعفر-ر حمه الله-: سألت أحمد بن عيسى عن حد الوضوء الذي قال الله عزَّ وجلَّ ?إِلَى الْكَعْبَيْنِ?[المائدة:6].
قلت: الكَعْبُ: وسط القدم، أو الناتئ في مؤخر القدم؟ فقال: الناتئ في مؤخر القدم أحوط، يعني يبلغ بالوضوء إلى مؤخر القدم والعرقوب.
وبه قال: أخبرنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: إذا أتى المتطهر على كل عضو من أعضاء الوضوء فغسله، فقد صار في الطهارة إلى ما أمر الله تعالى، والله سبحانه لم يذكر العدد، وإنما ذكر الغسل فجعله للطهارة، وإنما الثلاث سنة من النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فإذا غسل أكثر أو أقل، فقد أدى ما يجب عليه، وصار إلى ما أمر الله به.

(1/15)


وبه قال: أبوجعفر فيمن تمضمض واستنشق من كفٍّ واحد، إنْ فَرَقَ المضمضة من الاستنشاق فهو أبلغ، وإن جمعهما فهو جائز، ويستحب أن يفردهما في الجنابة، وكذلك في تنقية الأنف من الجنابة.
باب مَسْحُ الرَّأسِ وتَخْلِيْلِ الأَصَابِع
وبه قال: أخبرنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر يقول: إذا نسي الرجل مسح رأسه وصلى فليُعِدْ الوضوء ولْيُعِدْ الصلاة.
وبه قال: وحدثنا محمد، وحدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-، قال: جلست أتوضأ وأقبل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فمسحت رأسي مرتين، فقال: ((قد يجزيك من ذلك المرة)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من تَوَضّأ ومسح على سالفتيهبالماء وقفاه، أمِنَ من الغل يوم القيامة)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أبو كريب، عن حفص عن ليث، عن طلحة، عن أبيه، عن جده قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- توضأ فمسح بيده مُقَدَّم رأسه، حتى أتى على سالفتيه.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني شيخ من ولد علي بن أبي طالب، عن جارية كانت

(1/16)


لجعفر بن محمد قالت: تسراني ابنه محمد وولدت، قالت: كنت أُوضّي جعفراً وكان يتوضأ ثلاثاً ثلاثاً، ويقول: احصي عليَّ، قالت: وكنت أحصي عليه، فربما قال لي توضأت ثنتين؟
فأقول: نعم، توضأت ثِنتين، قالت: فيغسل أخرى، وكان يبدأ آخرهنَّ من مرفقيه، ويقول آخرهنَّ: من ها هنا، يعني من المرفق إلى الكفَّ.
وبه قال أبو جعفر: وكذلك بلغني عن سفيان أنه قال: آخرهنَّ من المرفق.
وبه قال أبو جعفر: روي عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، ((أنه كان يصبُّ الماء في راحته، ويردُّه إلى مرفقه)).

(1/17)


باب في المَسْحِ بالمِنْدِيْلِ بعَدَ الوُضُوء
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سألت أبا جعفر عن الرجل يتوضأ ثم يمسح وجهه ويديه بمنديل؟ قال: لابأس بذلك.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا الحكم بن سليمان، عن إسحاق بن نجيح، عن الوضين بن عطاء، عن مكحول، عن ثوبان مولى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((رأيت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- مسح وجهه بثوبه ثم صلَّى فيه)).
وبه قال محمد: كان عبد الله بن موسى يتوضأ في جُبَّة من صوف، ويصلى فيها، وكان يمسح وجهه بالمنديل، وكان أحمد بن عيسى يمسح وجهه ويديه بالمنديل عند كل وضوء، وكان له منديل مُعَدُّ للوضوء.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من قال إذا فرغ من وضوئه: اللهمَّ، اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، واغفر لي إنك على كل شيء قدير، وجبت له الجنة، وغُفِرَت له ذُنوبه ولو كانت مثل البحر)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (ما من مسلم يتوضأ، ثم يقول عند وضوئه مرة: سبحانك اللهمَّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب اليك، اللهم، اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، واغفر لي إنك على كل شيء قدير. إلا كتبت في رَقّ، ثم ختم عليها، ثم وضعت تحت العرش، حتى تدفع إليه بخاتمها يوم القيامة).

(1/18)


باب الوضوء بالماء المسخن
قال أبو جعفر محمد بن منصور: كان أحمد بن عيسى يتوضأ للصلاة بالماء المسخن.
وحدثنا محمد قال: أخبرني جعفر بن محمد قال:سألت قاسم بن إبراهيم عن الوضوء بالماء المسخن؟، فقال: لا بأس بالوضوء بالماء المسخن.
باب من قال: لا تقبل صلاة إلا بطهور
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد عن زيد، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لاتقبل صلاة إلا بطهور، ولا تقبل صلاة إلا بقرآن، ولا تتمُّ صلاة إلا بزكاة، ولاتقبل صدقة من غلول)). وحدثنا محمد، حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (بينما أنا ورسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- جالسان في المسجد، إذ أقبل رجل من الأنصار حتى سلَّم، وقد تطهر وعليه أثر الطَّهور، فتقدم في مُقَدَّم المسجد ليصلي، فرأى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- جانباً من عقبه جافاً، فقال لي: يا علي، أترى ما أرى؟

(1/19)


قلت: نعم.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ياصاحب الصلاة، إني أرى جانباً من عقبك جافاً، فإن كنت أمْسسْته الماء فامضه، وإن كنت لم تُمْسَسْهُ الماء فاخرج من الصلاة)).
فقال: يارسول الله، كيف أصنع؟ استقبل الطَّهور؟
قال: ((لا، بل اغسل ما بقي)).
فقلت: يارسول الله، لو صلى هكذا، كانت صلاته مقبولة؟
قال: ((لا، حتى يعيدها)).

(1/20)


باب الطهور للصلاة و ما يقال عنده
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أعطيت ثلاثاً لم يُعطهُنَّ نبي قبلى: جُعِلَتْ لِيَ الأرض مسجداً وطهوراً، قال الله تعالى: ?... فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا?[النساء:43] وأُحِلَّ لي المغنم، ولم يحلّ لأحد قبلي، قوله تعالى: ?وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ?[الأنفال:41] ونصرت بالرعب على مسيرة شهر، وفضلت على الأنبياء يوم القيامة بثلاث: تأتي أمتي يوم القيامة منزلتها منزلة الأنبياء غرَّاً محجَّلين معروفين من بين الأمم، ويأتي المؤذنون يوم القيامة أطول الناس أعناقاً معروفين، ينادون بشهادة أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً عبده ورسوله.
والثالثة: أنه ليس من نبي إلا وهو يحاسب يوم القيامة بذنب غيري، لقوله تعالى:?لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ?[الفتح:2].
قال أبو جعفر محمد: وجدت في كتابي، عن عيسى بن عبد الله قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((بابٌ وثيق بينكم وبين الشيطان الطَّهور)).
وبه قال:

(1/21)


حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((تأتي أمتي يوم القيامة غراً محجَّلين من أثر الوضوء)).
قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا الحكم بن سليمان، عن عمر بن حفص، عن أبي غالب، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((الوضوء يكفِّر ما قبله، وتكون الصلاة نافلة)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا داوود بن سليمان الأسدي. قال: حدثنا شيخ من أهل البصرة يكنَّى أبا الحسن، عن أصرم بن حوشب الهَمْداني، عن عمرو بن مرة، عن أبي جعفر المرادي، عن أبي جعفر عن محمد بن الحنفية، قال: دخلت على والدي علي بن أبي طالب -عليه السلام-، فإذا عن يمينه إناء من ماء، فسمى ثم سكب على يمينة، ثم استنجى فقال: (اللهم، حصن فرجي، واستر عورتي، ولاتُشْمِت بي الأعداء)، ثم تمضمض واستنشق، فقال: (اللهم، لقِّني حجتي، ولا تحرمني رائحة الحنة)، ثم غسل وجهه فقال: (اللهم بيِّض وجهي يوم تسودّ الوجوه، ولاتسود وجهي يوم تبيضُّ الوجوه)، ثم سكب على يمينة فقال: (اللهم، اعطني كتابي بيميني، والخلد بشمالي)، ثم سكب على يساره فقال: (اللهم، لاتعطني كتابي بشمالي، ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي)، ثم مسح رأسه فقال: (اللهم، غشِّنا برحمتك، فإنَّا نخشى عذابك، اللهم لاتجمع بين نواصينا وأقدامنا).

(1/22)


قال أبوالقاسم: بلغني عن بعض آل رسول الله أنه من قال إذا فرغ من وضوئه: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، بنى الله له بها قبة في الجنة.
باب إسباغ الوضوء وفضله على المكاره
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سألت أبا جعفر عن الوضوء فقال: أسبغ الوضوء، ولم يحده لنا.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن علي-عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لما أسري بي إلى السماء، قيل لي: فيم يختصم الملأ الأعلى؟
قلت: لا أدري، فعلّمني؟
قال: في إسباغ الوضوء في السَّبرات، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وانتطار الصلاة بعد الصلاة)).

(1/23)


باب ما يتوضأ به ويغتسل به من الجنابة
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، قال كنا نوقت في الوضوء للصلاة مُدّاً.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-، قال: كنا نؤمر في الغسل في الجنابة للرجل بصاع، وللمرأة بصاع ونصف.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر بن محمد، قال: سألت قاسم بن إبراهيم، عن مقدار الماء الذي يغتسل به ويتوضأ به؟
فقال: ليس عندنا فيه شيء معلوم، وإنما هو على قدر ما يعلم أنه قد استنقى، وقد ذكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ((أنه كان يتوضأ بالمُدّ، ويغتسل بالصاع)).

(1/24)


باب كان يحب أن يتوضأ قبل الوقت ومن استحب الوضوء لكل صلاة
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: رأيت عبد الله بن موسى يتوضأ لصلاة المغرب قبل تغرب الشمس، ويتوضأ للظهر قبل تزول الشمس.
قال: ورأيت أحمد بن عيسى يتوضأ للصلاة قبل يدخل وقتها.
قال: وكان عبد الله بن موسى إذا توضأ للصلاة، لا يكاد يتكلم حتى يصلي.
وقال محمد: حضرت أحمد بن عيسى توضأ للظهر قبل زوال الشمس، ثم جلس يتحدث، حتى قيل له: قد مالت الشمس، فتوجه إلى القبلة قاعداً فصلّى.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: ويستحب تجديد الوضوء عند كل صلاة.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا جعفر بن محمد، قال: سألت قاسم بن إبراهيم:عن الرجل يصلي الصلوات بالوضوء الواحد؟، فقال: قد أمر الله بالوضوء عندما يقوم إلى الصلاة، وهو المحكم عندنا، وقد رويت الأحاديث بأنها تُصلّى بوضوء واحد.
وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- (أنه كان يتوضأ لكل صلاة إلا يوم فتح مكة، فإنه صلى الصلوات بوضوء واحد). وقد ذكر أيضا عن علي -صلوات الله عليه- أنه كان يتوضأ لكل صلاة.
قال محمد: جائز أن يصلي الصلوات بوضوء واحد مالم يحدث.

(1/25)


باب وضوء من لم يُحْدِث
وبه قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- أنه توضأ، ثم مسح على نعليه، فلما فرغ، قال: هذا وضوء من لم يُحْدِث.
باب كره الإسراف في الماء
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر الهمداني الأرحبي، عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر: إن المغيرة يتوضأ بجرٍّ أو قريب من ذلك
قال: ذلك عذاب عذَّبه الله به.
باب ما ينقض الوضوء من الحدث
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: الوضوء مما خرج وليس مما دخل.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني جعفر، قال: سألت قاسم بن إبراهيم عمَّا ينقض الوضوء؟ فقال: الخلاء، والبول، والمني، والمذي، والريح تخرج من الدبر، والدم السائل، والنوم.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني جعفر، قال: سألت: قاسم بن إبراهيم عن الشيخ الكبير والمريض، ومن به علة تخرج من دبره الدود بعد الوضوء، هل عليه الإعادة؟
قال: يتوضأ من ذلك إلا أن يكون شيئاً غالباً لا ينقطع.
قال محمد: يعني عندي أنه عليه يتوضأ مرة واحدة ويصلي، وإن جاء ذلك دائماً بمنزلة الجرح السائل.

(1/26)


باب القلس وما ذكر فيه
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((القَلْس يفسد الوضوء)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر، قال: سألت قاسم بن إبراهيم عن القلس فيه الوضوء؟، فقال: القلس يتمضمض منه إذا كان يسيراً، إلا أن يكون قيئاً غالباً.
قال محمد: يتوضأ من القلْس إذا ظهر على اللسان، وكذلك جاء الأثر.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني شعيب بن عبيد الرقي، قال حدثني طاهر بن عمرو، قال: حدثني عمي، عن إبراهيم بن عبد الله أنه كان يصلي المغرب، فيهيج به المجّ في الصلاة، فيمجّ ملء فِيْه، فما يقطع الصلاة، ولا يعيد الوضوء.
قال محمد: ما ظهر على اللسان من طعام أو شراب، أو غير ذلك مما يخرج من الجوف ففيه الوضوء.

(1/27)


باب الوضوء من النوم
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن أبي خالد، عن زيد، في الرجل ينام في صلاة أو غيرها، أعليه وضوء؟
قال: لا، إلا أن يجد رائحة منتنة، أو يسمع صوتاً، أو ينام حتى تذهب به الأحلام، أو يدعى فلا يجيب، فعليه الوضوء.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر قال: قال قاسم بن إبراهيم في المتوضئ ينام جالساً، أو يخفق برأسه محتبياً، أو متربعاً أو مستنداً، أو ساجداً أو قائماً، لاينقض الوضوء ولا الصلاة من النوم إلا ما غلب العقل، وعلى أي حال ماكان من النوم من قيام أو ركوع أو سجود أو قعود فزال به عقل صاحبه، لزمه بزوال عقله إعادة وضوئه وصلاته.
قال محمد: وكذلك نقول مثل قول قاسم.
وبه قال: و دثنا محمد، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عيسى، عن أبيه، قال: سألته عن النوم جالساً أو راكعاً أو نام قلبه؟ قال: لا أرى عليه شيئاً، وهو الذي عليه الإجماع.
وقليل النوم وكثرته في تلك الحال سواء.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه قال: إذا خفق الرجل خفقة أو خفقتين، وهو جالس فلا وضوء عليه، وإذا نام حتى يَغُطَّ فعليه الوضوء.

(1/28)


باب الرعاف والدم السائل
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- قال: خرجت مع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وقد تطهر للصلاة، فأمسَّ إبهامه أنفه، فإذا دم، فأعاد مرة أخرى فلم يرَ شيئاً، وجفّ ما في إبهامه، فأهوى بيده إلى الأرض فمسحه، فلم يحدث وضوءاً، ومضى إلى الصلاة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني قاسم بن إبراهيم، قال حدثني أبو بكر بن أبي أويس، عن حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: من رَعَف وهو في الصلاة، فلينصرف فليتوضأ وليأتنف.
وبه قال: وحدثنا أبو جعفر، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، عن أبي حمزة قال: كنت أصلي مع أبي جعفر في الصف فأدخلت إصبعي في أنفي، فأخرجت عليها شيئاً من دم، فأشرت إلى أبي جعفر فأشار إليّ أن صَلِّ.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم: في الرجل يحتجم، هل يغتسل منه أو يتوضأ؟.
قال: كل دم سال أو قطر يتوضأ منه.
وقد ذكر عن علي -عليه السلام- أنه كان يغتسل إذا احتجم ولم يوجبه.

(1/29)


باب في الضحك في الصلاة
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد قال: إذا كشّر الرجل أو قهقه فعليه إعادة الوضوء وإعادة الصلاة.
وقال محمد: ليس عليه إذا كشّر شيء.
وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في الضحك: لا يتوضأ من الضحك.
قال محمد: من ضحك في الصلاة أعاد الوضوء وأعاد الصلاة، ومن تبسَّم فلا شيء عليه.
باب من صلى الصلوات بوضوء واحد
وبه قال محمد: كان أحمد بن عيسى يتوضأ للظهر، فيصلي به الظهر والعصر، ويتوضأ للمغرب، فيصلي به المغرب والعشاء، وقد كان يتحدث فيما بين ذلك، ويتكلم بحاجته، ويأمر بما يريد، وكان يدعو بالمشط عند كل وضوء يسرح به لحيته.
وبه قال محمد: سألت أحمد بن عيسى، عن الرجل يتوضأ للصلاة فيصلي بذلك الوضوء صلوات كثيرة، وقد تشاغل فيما بين ذلك بأمر الدنيا؟ فلم ير به بأساً، وقال: جائز.

(1/30)


وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سمعت أباجعفر يقول: القبلة تنقض الوضوء.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر يقول في قوله: ?أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ?[النساء:43] قال: القبلة، واللمس باليد هو ينقض الوضوء، وهو ما دون الجماع.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر، عن قاسم في المتوضئ قبَّل، هل ينقض ذلك وضوءه أم لا؟
قال: لا ينقض وضوءه إلا أن يمذي، أو يخرج منه مني.
قال محمد: من قبَّل لشهوة فليتوضأ، ومن قبَّل لرحمة فلا وضوء عليه.

(1/31)


باب من كان لا يتوضأ مما مست النار
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: اعتكف رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- العشر الأواخر من شهر رمضان، فلما نادى بلال بالمغرب، أتي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، بِكَتِف جزور مشويّة، فأمر بلالاً، فكف هنيهة، فأكل -عليه السلام- وأكلنا، ثم دعا بلبن إبل قد مُذِقَ له، قال محمد: يعني خلط بماء فشرب وشربنا، ثم دعا بماء فغسل يده من غَمَر اللحم، ثم مضمض فاه، ثم تقدم فصلى بنا ولم يحدث طهوراً.
وبه قال محمد: سمعت قاسم بن إبراهيم، أو ثبت لي عنه في الوضوء من لحم الجزور، وما مسّت النار يتوضأ منه ليس لنجاسته، ولكن لتشاغل الآكل به عن طهارته.
قال محمد: لا وضوء مما مست النار، ومن أكل وهو على طهر، فلا يضره، ويصلي بذلك الطَّهور، ولا يتوضأمنه.

(1/32)


باب من أمر أن يتوضأ القوم جميعاً
وبه قال محمد: حضرت عبد الله بن موسى على مائدة، فأكلوا خبزاً ولحماً وألواناً: طبيخاً وشواءً وغير ذلك، كل ذلك كان يأكل معهم من الألوان كلها، ثم دعا بالوضوء فمدّ يده فقال: اغسلوا أيديكم.
وبه قال: حدثني أبو معمر، عن زيد بن علي، قال: معاً تختلط دماؤكم.
قال محمد: فذكرت قوله لقاسم بن إبراهيم، فذكر نحوه عن النبي-صلى الله عليه وآله وسلم-، وقال قاسم بن إبراهيم: هو أهون على الخادم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يرفع الطشت حتى يمتلئ.

(1/33)


باب في المني والمذي والودي
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليهم السلام- قال: كنت رجلاً مذّاءً، فاستحييت أن أسأل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فأمرت المقداد، فسأله؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يا مقداد بن الأسود، هي أمور ثلاثة: الوَدْي، شيء يتبع البول كهيئة المني، وذلك منه الطَّهور ولا غسل منه.
والمَذْي: أن ترى شيئاً أو تذكره فينتشر فتمذي، فذلك منه الطَّهور ولا غسل منه، والمَنْنيُّ: الماء الدافق إذا وقع مع الشهوة وجب الغسل)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: حدثني أبو جعفر قال: كان علي رجلاً مذّاءً، فقال لعمر: قد عرفت حال فاطمة، وإني أستحي أن أسأل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فسله، فذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: ((إذا كان منِيّاً ماجّاً ففيه الغسل، و إذا كان مذياً فاغسله وتوضأ وضوءك للصلاة)).

(1/34)


باب في الجنب يغتسل قبل أن يبول
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: إذا أجنب الرجل فاغتسل قبل أن يريق الماء، فخرج منه شيء فهو مني، فليُعد الغسل، و إذا اغتسل بعدما أراق الماء، ثم خرج منه شيء فهو مذي، إن البول قد غسل ما ثَمَّ.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في الجنب يخرج منه الشيء بعد الغسل: إن كان خرج منه ماء دافق مني، أعاد الغسل، وإن كان مذياً أو شيئاً رقيقاً أو بولاً، اكتفى بالوضوء.
قال محمد: معنى قول القاسم عندنا إذا كان الجنب قد بال قبل أن يغتسل.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه قال: يعجبني إذا أجنب الرجل أن يفصل بينه وبين غسله ببول، فإنه أحرى أن لا يبقى منه شيء.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا جامع الرجل فلا يغتسل حتى يبول، وإلا تردد بقية المني فكان منه داء لا دواء له)).

(1/35)


باب الغسل الواجب والسُّنن
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن العمري، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، أن رجلاً أسلم على عهد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فأمره النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يغتسل.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: و حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-، قال: الغسل من الجنابة واجب، ومن غسل الميت وإن تطهرت أجزاك، والغسل من الحمام، وإن تطهرت أجزاك، والغسل من الحجامة، وإن تطهرت أجزاك، وغسل العيدين وما أُحِبُّ أن أدعهما، وغسل الجمعة وما أُحِبُّ أن أدعه؛ لأني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((من أتى الجمعة فليغتسل)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((من أتى الجمعة فليغتسل)).
وقال علي: ما أُحِبُّ أن أدعه.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: حدثني أبو جعفر، قال: الغسل من خمسة: من الجنابة، و إذا غسلت ميتاً، ويوم الجمعة، وفي العيدين، وعند الإحرام.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص، قال: حدثنا أشعث، عن الحسن قال: إذا رأى الرجل في ثوبه احتلاماً ولم يشعر به اغتسل من الجنابة، وصلى من آخر نومة نامها.

(1/36)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن حميد، عن الحسن بن صالح مثله أو نحوه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا الحكم بن سليمان، عن يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن علي -عليه السلام-، قال: ((أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بغسل يوم الجمعة، والعيدين، ويوم عرفة، وليس بواجب)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر: الرجل يصيب من أهله في الليل، ثم يغتسل في السحر، أو في وجه الصبح، هل يجزيه من غسل الجمعة؟
قال: نعم.
وبه قال: حدثني علي بن أحمد بن عيسى، عن أبيه في غسل يوم الجمعة.
قال: ليس بواجب، ولكنَّا نستحسنه.
وبه قال: حدثني علي بن أحمد بن عيسى، عن أبيه في غسل يوم الجمعة والعيدين، أواجب هو؟
قال: لا أرى غسلاً واجباً إلا غسل الجنابة، وأما سائر الغسل فهو فضل، وبر، وخير، وإن توضأ أجزأه.

(1/37)


باب صفة الغسل من الجنابة
وبه قال حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-
قال: لما كان في ولاية عمر، قدم عليه نفر من أهل الكوفة، فقال: من القوم؟
فقالوا: نفر من أهل العراق.
فقال: بإذن أو بغير إذن؟
قالوا: لا، بل بإذن.
فقال: لوغير ذلك قلتم لأنكلتكم عقوبة.
قالوا: جئنا نسألك عن أشياء.
قال: هاتوا.
قالوا: نسألك عن الغسل من الجنابة، وعن أمور ذكروها؟.
فقال: ويحكم، أسحرة أنتم؟ ما سألني عنهنَّ أحد منذ سألت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عنهنَّ، ألست شاهداً يا أبا الحسن؟
قال: قلت: بلى.
قال: فأدِّ ما أجابني به رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فإنك أحفظ لذلك مني.
فقلت: سألته عن الغسل من الجنابة.
فقال -عليه السلام-: ((تصبُّ على يديك قبل أن تدخل يدك في إنائك، ثم تضرب بيدك إلى مراقك فَتُنَقّ ما ثم، ثم تضرب بيدك إلى الأرض، ثم تصبُّ عليها من الماء، تمضمض وتستنشق وتستنثر، ثلاثاً، وتغسل وجهك وذراعيك ثلاثاً، وتمسح برأسك، وتغسل قدميك، ثم تفيض الماء على رأسك ثلاثاً، وتفيض الماء على جانبيك، وتدلك من جسدك ما نالت يداك)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في غسل الجنابة كيف هو؟

(1/38)


باب من رخّص في تفريق الغسل
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: يارسول الله أصابتني جنابة فغسلت رأسي، ثم جلست حتى جفَّ رأسي، أفأعيد الماء على رأسي وجسدي؟ قال: ((لا يجزيك غسل رأسك من الإعادة)).
باب من قال:اذا التقى الختانان وجب الغسل
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر قال: أتاه رجل يسأله: ما يوجب الغسل؟
قال:اذا التقى الختانان وجب الغسل، قال: ما أدري ما التقاء الختانان.
قال: إذا توارت الحشفة.
قال: ما أدري ما توارت الحشفة.
قال: إذا غاب ذكرك فقد وجب الغسل.
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر يقول: اجتمعت قريش والأنصار. فقالت الأنصار: الماء من الماء.
وقالت قريش: إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل.
فترافعوا إلى علي -عليه السلام- فقال علي -عليه السلام-: يامعشر الأنصار، أيوجب الحد؟
قالوا: نعم.
قال: أيوجب المهر؟
قالوا: نعم.
قال: فما بال ما أوجب الحد والمهر لا يوجب الماء فأبوا وأبى.
وبه قال: حدثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في الرجل يجامع المرأة فلا ينزلان، هل عليهما الغسل أم لا؟
قال:

(1/39)


قد اختلف، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وعن علي -رحمة الله عليه- فيه. واختلف فيه المهاجرون والأنصار وكثرت الأحاديث في هذا، غير أن الا حتياط أن يغتسل، ومن ترك الغسل منه وتوضأ، وأخذ بما ذكر عن كثير من رجال الأنصار، وعن علي وابن عباس، وتأول ما جاءت به الآثار، لم يكن كمن لم يغتسل بعد الإنزال، فقد قالوا: إن ما أوجب الحد أوجب الغسل.
وقالوا: أيضا الماءمن الماء.
قال محمد: الذي نأخذ به، إذا التقى الختانان وجب الغسل، وكذلك سمعنا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وعن علي بن أبي طالب -رحمة الله عليه-.

(1/40)


باب في المرأة ترى في منامها فتُنزِل
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: دخلت أنا ورسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- على عائشة، وذلك قبل أن تؤمر بالستر دوننا، فإذا عندها نسوة من قريش والأنصار.
فقالت عائشة: يارسول الله، هؤلاء النسوة جئنك يسألنك عن أشياء يستحيين من ذكرها، فقال: ((إن الله لا يستحيي من الحق)).
قالت: المرأة ترى في المنام ما يرى الرجل هل عليها الغسل؟
فقال: ((عليها الغسل، إن لها ماءً كماء الرجل، ولكن الله أسرّ ماءها. وأظهر ماء الرجل، فإذا ظهر ماؤها على ماء الرجل ذهب الشبه إليها، و إذا ظهر ماء الرجل على مائها ذهب الشبه إليه، و إذا اختلطا كان الشبه منها ومنه، فإذا ظهر ماؤهاكما يظهرمن الرجل فلتغتسل، ولا يكون ذلك إلامن شرارهن))..
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو سفيان بن موسى، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مغرى، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن معمر بن أبي حبيبة.
قال: حدثني عبيد بن رفاعة، عن أبيه رفاعة بن رافع، قال: بينما أنا جالس عند عمر إذ دخل عليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، هذا زيد بن ثابت جالس في المسجد يفتي الناس في الغسل من الجنابة، برأيه أن الماء من الماء، قال: فاعْجَل عليّ به.
قال: فدعاه له، فلما طلع على عمر قال: يا عدو

(1/41)


نفسه، ولقد بلغتَ أن تفتي الناس برأيك!
فقال: والله يا أمير المؤمنين ما برأيي أفتيتُ، ولكن سمعت من أعمامي حديثاً فحدثت به، وأفتيت به.
قال: ومن أي أعمامك؟
قال: من أُبَيّ بن كعب وأبي أيوب، ورفاعة بن رافع.
فأقبل عليّ عمر فقال: مايقول هذا الفتى أو هذا الغلام؟
قال: قلت: قد كنا نصنع ذلك مع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فما نهانا عنه، وما نرى بذلك بأساً.
فقال: فهل علم بذلك رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- منكم؟
قلت: لا أدري.
فأمر عمر أن يُجْمَعَ له المهاجرون والأنصار، فاستشارهم في ذلك، فاتفق رأيهم كلهم على أنه ليس بذلك بأس، وأن الماء من الماء، إلا ماكان من علي بن أبي طالب -عليه السلام-، ومعاذ بن جبل فإنهما قالا: إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل.
قال: فقال عمر: هذا وأنتم أصحاب بدر قد اختلفتم عليّ، فمن بعدكم أشد اختلافاً.
قال: فقال علي: يا أمير المؤمنين، إنه ليس أحد أعلم بهذا من أزواج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فاسألهنَّ.
فقال: صدقت.
فأرسل إلى حفصة فقالت: لا علم لي.
ثم أرسل إلى عائشة فقالت: نعم، إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل، فتحطم عمر.
قال عبد الرحمن بن مَغْرى: فتحطم عمر أي تغضَب، ثم قال: لا أسمع بأحد صنع ذلك ثم لم يغتسل إلا أوجعته ضرباً. قال: ثم أفاضوا

(1/42)


في ذكر العزل، فسَارَّ رجلٌ رجلاً إلى جنبه.
فقال عمر: ما الذي سارّكَ به؟
قال: فكتمه.
قال عمر: عزمت عليك لتخبرني.
قال: فقال الرجل: هي الموؤدة الصغرى.
فقال عمر لعلي: أما تسمع مايقول هذا يا أبا الحسن؟
قال: بئس ما قال، إنها لا تكون موؤدة حتى تمر في التارات السبع، ثم تلى هذه الآية ?وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِْنسَانَ مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْ طِينٍ...? حتى ختم الآية ?فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ?[المؤمنون:12-14].
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جُبارة، قال: حدثنا مندل، عن محمد بن عبيد الله، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ما يوجب الغسل؟
قال: ((إذا التقى الختانان، وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل، أنزل أم لم ينزل)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن المحرزي، عن سفيان بن عيينة، عن ابن طاووس، عن أبيه، قال: سمعت ابن عباس يقول: أما أنا فإذا خالطت اغتسلت.

(1/43)


باب في وضوء صاحب الجدري والقروح
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- في الرجل يكون به القروح، والجراحات، والجدري، قال: أصبب عليه الماء صباً.
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: إذا كانت بالرجل قروح فاحشة لا يستطيع أن يغتسل، فليتوضأ وضوءه للصلاة، وليصب عليه الماء صباً.
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي-عليه السلام- أنه أتاه رجل فقال: إن ابني أو أخي به جدري، وقد أصابته جنابة فكيف أصنع به؟
قال: يمِّموه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في المجدور يجنب ولا يقدر على الغسل ولا الوضوء: من خشي التلف والعنت من مجدور أو مريض من الوضوء يتيمم وكان ذلك له محزي.

(1/44)


باب في المسح على الجبائر
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: أصيب إحدى زَنْدَيَّ مع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فأمربه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فجبِّر.
فقلت: يارسول الله، كيف أصنع بالوضوء؟ قال: ((امسح على الجبائر)).
قلت: فالجنابة؟ قال: ((كذلك فافعل)).
وبه قال: حدثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في المسح على الجبائر، قال: لا بأس بالمسح على الجبائر، إذا خاف العنت فيها.
باب من رخّص للرجل وامرأته في الغسل من إناء واحد من الجنابة
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: حدثني أبو جعفر، قال: ((كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يغتسل هو وبعض أزواجه من إناء واحدمن الجنابة)).

(1/45)


باب في عرق الجنب والحائض
وبه قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر، قال: سأله رجل فقال: الجنب والحائض يعرقان في الثوب حتى يلثق عليهما؟.
فقال: إن الحيض والجنابة حيث جعلهما الله، وليسا في الثوب، فلا يغسلا ثوبهما، إلا أن يريا أثراً.
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليهم السلام- أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- سئل عن الجنب والحائض يعرقان في الثوب حتى يلثق عليهما؟ فقال: ((إن الحيض والجنابة حيث جعلهما الله، ليس في العرق، فلا يغسلا ثوبهما)).

(1/46)


وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليهم السلام-، قال: عاد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وأنا معه رجلاً من الأنصار، فتطهر للصلاة، ثم خرجنا، فإذا نحن بحذيفة بن اليمان، فأومأ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى ذراع حذيفة ليدعم عليها فنخسهاحذيفة، فأنكر ذلك رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: ((مالك ياحذيفة))؟
فقال: إني جنب.
فقال: ((ياحذيفة، أبرز ذراعك فإن المسلم ليس بنجس، ثم وضع كفه على ذراعه، وإنها لرطبة، فأدعم عليها حتى انتهى إلى المسجد))، ثم قال: ((يا حذيفة، انطلق فأفِضْ عليك من الماء، ثم أجِب الصلاة، ثم دخل فصلى بنا ولم يحدث وضوء اً، ولم يغسل يداً)).
باب في الجنب يطعم قبل أن يغتسل
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- سئل عن الجنب هل يطعم قبل أن يغتسل؟
فقال: ((لا حتى يغتسل أو يتطهر طهوره للصلاة)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في الجنب يريد أن يأكل أو ينام، قال: لا بأس به، وأحب إلينا أن يغسل يده، و إذا أراد أن ينام أن يغسل فرجه.

(1/47)


باب في سُؤْر الحائض والجنب
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في الوضوء بسؤر الجنب، والحائض، واليهودي، والنصراني، والمجوسي، لابأس بسؤر الحائض والجنب، وأكره سؤر، اليهودي، والنصراني، والمجوسي.
قال محمد: يكره سؤر وضوء المشرك، ولا بأس بسؤر شربه، إلا أن تراه قد شرب خمراً، أو أكل لحم خنزير.
باب غسل المرأة من الجنابة وما يوجب الغسل
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن أبي الجحاف، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: إنما الماء من الماء في الاحتلام.
وبه حدثنا: محمد بن العلي أبو كريب، قال: أخبرني صيفي بن ربعي الأنصاري، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر، عن أخيه عبيد الله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة قالت: سئل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن الرجل يجد البلل في المنام، ولا يذكر الاحتلام؟، قال: ((يغتسل))، قيل: فإن رأى أنه قد احتلم ولم ير بللاً؟ قال: ((فلا غسل عليه)).فقالت أم سلمة: يارسول الله، النساء يرين ذلك، فقال: ((النساء شقائق الرجال)).
وبه قال: حدثنا محمد بن العلى، عن حفص بن غياث، عن عبد الله بن سبرة الهمداني، عن أبي الضحى، قال: سئل علي -عليه السلام- عن المرأة ترى في المنام ما يرى الرجل؟
قال: سلوها، فإن رأت بللاً فلتغتسل.

(1/48)


وبه قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن قاسم بن إبراهيم، في المرأة هل تنقض شعرها عند اغتسالها من الجنابة والحيض، قال: لا تنقض شعرها عند الجنابة، الماء يأتي على ذلك، تجمع شعرها على رأسها، وتصب الماء عليه، وتعصره وتحركه، حتى تعلم أن الماء قد وصل إلى أصول شعرها.
وكذلك ذكرت أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه أمرها بذلك، وكانت كثيرة الشعر شديدة الظَّفر، فلم يأمرها أن تنقض شعرها، وأما عند غسلها من الحيض، فإنها تنقض شعرها، أعجب إلينا.
وبه عن جعفر بن محمد، عن قاسم بن إبراهيم: في المرأة تجنب، ثم تحيض ولما اغتسلت؟
أعجب إلينا أن تغتسل لجنابتها، إن لم يكن دم الطمث غالباً عليها، وإن لزمها الدم فلم يفارقها ولم يكف عنها، تطهرت منهما جميعاً طهوراً واحداً.
وبه قال: حدثنا حارث بن المغلس، عن مندل، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لو أن رجلاً اغتسل من الجنابة، فبقيت شعرة من جسده لم يُصِبْها الماء، لم يزل جُنُباً حتى يصيبها الماء.
وبه قال: حدثنا جبارة، قال: حدثنا أبو معشر، عن سعيد المقبري، عن أم سلمة قالت: قلت: يارسول الله، إني امرأة شديدة عَقْصَة الرأس، أفأحُلَّه إذا اغتسلت؟ فقال: ((لا، ولكن صبّي عليه ثلاث صبات)).
قال: سعيد: لكل صبة عصرة فقط.
حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو

(1/49)


هشام، عن أبي تمام، عن أبي سعيد قال: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((إذا رأت المرأة مايرى الرجل اغتسلت)).
باب في الرجل يجامع ثم يعود
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في الرجل يجامع امرأته، ثم يريد أن يعود، هل يتوضأ بينهما؟
قال: لا بأس أن يعود من غير وضوء، ما آخر ذلك إلا كأوله.
باب في الجنب يرتمس في الماء
وبه قال محمد: سمعت قاسم بن إبراهيم يقول: أوأُثْبِت لي عنه أن سأل سائل، عن جنب اغتمس اغتماسة في ماء يغمره هل يطهره ذلك؟
قيل له: نعم، يجزئه إلا أن لا يكون أنقى ما أُمر بإنقائه من قُبلُه أو دُبُره. فإن ذلك ربما لم ينق بالاغتماسة الواحدة، فأما إذا أنقى جميع أعضائه، فقد نَظُفَ وطهر.
وبه قال محمد: إذا تمضمض الجنب واستنشق، وتتبع مواضع الشعر، وتَدَلّك حتى يصيب جميع جسده الماء أجزأه رمسة واحدة بعد الاستنجاء.

(1/50)


باب ما يتوضأبه من الماء وما كره.
وبه قال محمد: سمعت قاسم بن إبراهيم، أو أُثْبِت لي عنه: يقول: إذا تغير طعم الماء، أو لونه أو ريحه، فليس لأحد أن يتوضأ به، ولا يتطهر.
وكذلك إن كان تغييره بنبيذ يغلب عليه حتى يذهب عنه اسم الماء، فليس لأحد أن يتطهر به؛ لزوال اسم الماء عنه، وإنما جعل الله الطهارة بالماء المفرد فقال: ?وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا?[الفرقان:48]، ?وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ?[الأنفال:11]، وقال تعالى: ?فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا?[المائدة:6]، فإذا وجد نبيذاً، فلم يجد ماءً، وكذلك إن كان تغير الماء بخل أو لبن أو خبز حتى يغلب ذلك، ويزول عنه به اسم الماء المفرد الطاهر، فليس لأحد أن يتطهر به، ولا يتوضأ به، وأما الآبار والغدرات يقع فيها الشيء النجس، فإنها لا تفسد إلا أن تغلب النجاسة عليها، ولا ينجسها ما وقع فيها من ميتة أو ما أشبهها إذا لم يغلب عليها النتن في لون أو ريح أو طعم.
وبه قال محمد: أما قول قاسم في النبيذ فإنه عندنا إن كان مثل النبيذ الذي قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((تمرة طيبة، وماء طهور))، فإن ذلك لا بأس بالوضوء به، إنما كان تمرٌ قذف في ماء، وإن كان من هذا النبيذ المسكر الذي أحدث الناس، فلا خير في الوضوء به، ويتيمم إذا لم يجد الماء. قال محمد: حضرت قاسم بن إبراهيم استسقي له من بئر كان يتوضأ منها، فأصابوا في البئر حمامة ميتة، فأعلم بذلك قاسم، فقال لغلمانه: انظروا، تغير منها ريح أو طعم، فنظروا فلم يروا تغيراً، فتوضأ منها، ولم ينزح منها شيئاً.

(1/51)


باب في طين المطر
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، قال: رأيت أبا جعفر في يوم مطير وعليه خفان، فتعلق بهما الطين، فلما انتهى إلى باب المسجد مسحهما بالبلاط الذي كان على باب المسجد، ثم دخل فصلى وهما عليه.
فقلنا: أتصلي في خفيك وقد أصابهما الطين والقذر؟
فقال: إن الأرض يطهر بعضها بعضاً.
وبه قال: حدثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في الرجل يخرج إلى المسجد فيخوض الطين وماء المطر، فيمر بموضع نظيف وآخر قذر، إذا انتهى إلى المسجد وصار إليه وليس برجليه أثر من أقذار ما مر فيه من ريح ولا تغيير، فليس عليه أن يغسل رجليه ولا يتطهر.
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: قلت لأبي جعفر: إني شاسع عن المسجد، فيكون المطر، فأحمل معي الكوز.
فقال: لا، إن ذلك لا يضرك، لا تحمل معك كوزاً، ولا ماءً، وادخل فصل، أليس تمر بالمكان النظيف؟
قلت: بلى، قال: إن الأرض يطهر بعضها بعضا.
وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في السرقين يصيب النعل والخف: لا بأس أن يصلي فيهما مالم يتبين بذلك قذر يظهر عليهما.

(1/52)


باب الوضوء من ماء الحمام
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر: إني آتي الحمام، ويدخله من تعلم؟
قال: اغتسل، فإن الماء لا يفسده شيء.
باب في الوضوء بالثلج والماء المُرْوِح
وبه قال: حدثنا محمد، حدثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في الوضوء بالماء المروح، وماء البحر والنبيذ والثلج؟

(1/53)


باب ما يقع في الآبار فيموت
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر قال: إذا وقع الكلب أو الفأرة، وكل شيء له دم في البئر، فإن كان الماء قليلاً فانزحه، وإن كان الماء كثيراً فأخرج منه قدر كُرٍّ من ماء، ولم يك يرى بالعقارب والخنافس بأساً.
وبه، عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر قال: إذا وقع الكلب في البئر، فأخرج حيا، نزح منها دلاء.
وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في البئر تقع فيها الفأرة أو الدجاجة لاينجِّس الماء شيء إلا أن يتغير ريحه أو طعمه أو لونه، وكذلك الخنفساء والذبابة، وأشباههما تقع في البئر فتموت فيها لا بأس به مالم يتغير الماء، ولا يفسد الماء عندنا إلا ما غيرَّه وتبيَّن فيه أثره وقذره.
وبه قال: حدثني علي بن أبي الجعد، قال: سألت يحيى بن آدم عن بئر ماتت فيها فأرة، فأخرجت منها متفسخة؟
قال: انزح منها كراً من ماء (أربعمائة دلو).
قال محمد: بلغني عن يحيى بن آدم، قال: يكون مقدار الدلو يسع عشرة أرطال برطلنا هذا.

(1/54)


باب من رخّص في سؤر الدواب.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد قال: رأيت زيدا يشرب من سؤر بغله.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر قال: لا بأس بسؤر الحمار إلا أن يكون فيه لعاب.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ((إنما الهر من أهل البيت)).
وقال أبو جعفر: توضأمن سؤرها واشرب.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في الوضوء بسؤر الحمار، والبغل، والسباع، والسنور، والكلب، والفرس، والبعير، لا بأس بذلك ما لم يتغير للماء طعم، أو تبين فيه نتن أو قذر.
قال أبو جعفر: أما السباع والكلب فلا خير في الوضوء بسؤرها؛ لأنه نجس، وقد نهي عن سؤرها، وأما البغل والحمار فيُختلف فيه، وتَوَقِّيه أحبُّ إلينا. وأما الفرس والبعير وما يؤكل لحمه، فلا بأس بسؤره، ويكره بوله ما لم يتغير الماء، وأما الهِرّ فلا بأس بسؤرها، ويكره بوله ورجيعه.

(1/55)


باب من رخص في بول مايؤكل لحمه
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وطئ بَعَر بَعِير رطب فمسحه بالأرض، ثم صلى، ولم يحدث وضوءاً، ولم يغسل قدماً.
وحدثنا محمد قال: سمعت قاسم بن إبراهيم، أو أُثْبِت لي عنه يقول: إن سأل سائل عن بول البعير، قيل له: كل شيء من الدواب لم يحرِّم الله أكله، ليس بنجس بوله ولازبله.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد قال: إذا وطئت شيئا من رجيع الدواب وهو رطب فاغسله، وإن كان يابساً فلا بأس به. يعني: الخيل، والبراذين، والبغال، والحمير.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- في الإبل والبقر والعنم، وكل شيء يحل أكله. فلا بأس بشرب ألبانها وأبوالها، ويصيب ثوبك إلا الخيل العراب فإنه يحل أكل لحومها، ويكره رجيعها، ورجيع الحمر وأبوالها.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني جعفر، عن قاسم في بول البهائم يصيب الثوب، ما أكل لحمه ليس بنجس بوله.

(1/56)


باب من كره المسح على الخمار
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر قال: سأله رجل فقال: المرأة تتوضأ للصلاة هل يجزيها أن تمسح على خمارها؟
فقال: لا، ولو أن يمس الماء مقدم رأسها.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، مثله.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في المرأة تمسح على خمارها.
قال: أهل بيت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لا يرون ذلك.
باب في المني والبول والدم يصيب الثوب
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، قال إذا اجتنبت في الثوب فالتمسته، فلم تجد شيئاً فلا تنضحه فإنه يزيده، وصلّ فيه، فإذا استيقنت أنه أصاب ثوبك بول قعدت على أثره فاغسله، وإلا فاصبغ ثوبك في الماء، فإن كان في ثوبك دم دون الدرهم فلا بأس، وأن تغسله أحسن، وإن كان نكتاً فلا يضرك، وإن كان أكثر من الدرهم فاغسله ولا تعد.
باب في نخر الدواب يصيب الثوب
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في نخر الفرس والبغل والحمار يصيب الثوب: يغسل منه ما بان له أثر، وما لم يره فلا شيء عليه.
قال أبو جعفر: وكذلك أقول.

(1/57)


باب في تقطير البول وما ورد فيه
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن محمد، عن أبي الجارود قال: سألت أبا جعفر عن التقطير؟
فقلت: إنَّا نلقى من ذلك شيئاً، فقال: إذا فرغ أحدكم من وضوئه، فليأخذ كفاً من ماء، أو كفين فلينضح به فرجه، ثم ليرخ ثوبه، ثم ليصل، فإن جاء شيء بعد فليقل هومن ذلك.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر قال: سمعت قاسم بن إبراهيم يقول: أوأثبت لي عنه فيمن لا ينقطع عنه البول، ومن به علة لعضو من أعضائه، لا يمكنه أن يصيب العضو العليل بالماء، أنه يغسل جميع أعضاء الوضوء الباقية سوى هذا العضو الذي به علة، وليست علة هذا العضو مما يزيل الطهارة عن أعضاء الوضوء، وكذلك أيضا الذي لاينقطع عنه البول يتوضأ للصلاة ويصلي، ولا يضره دوام البول؛ لأنه لا حيلة فيه.
قال أبو جعفر: الذي يتطهر ويترك عضواً من أعضائه: يتيمم لما ترك قبل أن يصلي.

(1/58)


باب في الدماميل والقروح
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: خرجت بي دماميل فكانت قد غلبتني سيلاناً، فسألت أبا جعفر عن ذلك؟ فقال: اعصبها وصل.
فقلت: قد عصبتها وغلبتني سيلاناً.
فقال: فما تصنع، أتترك الصلاة؟ اعصبها وصل.
قال محمد: قد سمعت قاسم بن إبراهيم، يقول أو أثبت لي عنه: من سال منه دم فعليه أن يتوضأ وضوءه للصلاة ويتطهر.
وبه قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في الرجل تكون به القروح أو الجرب أو الحكة في جسده، فيصيب ثوبه منه.
قال: إذا لم ينقطع ذلك عن صاحبه بالغسل والإنقاء فلا وضوء عليه، وإن كان مما يزول بالغسل وجب عليه الغسل، وقد رخص فيه أيضا بما روي من الأحاديث.
قال محمد: من كان به جرح سائل، أو قروح فليغسلها وليتوضأ لكل صلاة.

(1/59)


باب في التيمم وصفته
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني قاسم بن إبراهيم، قال: حدثني أبو بكر بن أبي أويس، عن حسين بن عبد الله بن ضميره، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- أنه قال في التيمم: (الوجه واليدين إلى المرفقين ثلاثاً مثل الوضوء).
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: حدثني أبوجعفر قال: (خرج رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فإذا هو بعمارٍ في رملة يتمرغ فيها فقال: ((مالك تمعّكُ تمعُّكَ الحمار))؟
فقال: أصابتني جنابة. فقال: ((إنما يجزيك أن تصنع هكذا: ثم ضرب بيده ثلاثاً فتيمم)).
وبه قال محمد: سمعت قاسم بن إبراهيم، أو أثبت لي عنه يقول: أوجبنا التيمم إلى الرسغين، ولم نوجبه إلى المرفقين كما أوجبه غيرنا، لقول الله سبحانه: ?وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ?[المائدة:38]، فكان قطعهما الذي أوجبه الله عليهما بما لا اختلاف فيه عند أحد علمته الرسغين، إذ لم يحدد الله سبحانه في ذلك حدا.
وكذلك قلنا في مسح اليدين عند التيمم: إذا لم يكن محدوداً، كقولنا في قطع السارق؛ لأنه الله تعالى يقول:?فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ?[النساء:43].
قال محمد:

(1/60)


رجع قاسم عن هذا إلى التيمم الى المرفقين، وقال: حدَّ التيمم بالصعيد الى المرفقين كحدِّ الوضوء.
وقد ذُكر عن علي -عليه السلام-، أنه كان يأمر بذلك ويستحب ثلاث ضربات، كما يفعل في الوضوء بالماء، وليس ذلك بلازم لا يسع غيره.
وبه قال محمد: قال أحمد بن عيسى: التيمم الوجه واليدين إلى المرفقين.
وبه قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن زيد بن الحباب، قال: حدثني ابن لهيعة، عن عيسى بن موسى بن حميد، عن أبي شعيب، عن أبي ذر قال: قلت: يارسول الله، أصيبُ أهلي، ولا أقدر على الماء.
قال: ((أصِبْ أهلك، ولولم تجد الماء عشر سنين فإن التراب كافيك)).

(1/61)


باب في الجنب الذي لا يقدر على الماء ولا على الصعيد الطيب
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، عن سعيد بن عمرو، عن مسعدة، عن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من مرّ بماءٍ في وقت صلاة فتركه لما يرجوه أمامه، فلم يجد الماء فتيمم وصلى، فإذا وجد الماء اغتسل وأعاد الصلاة)).
وعن إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن علي -عليه السلام- قال: (يتلوَّم الجنب إلى آخر الوقت، فإن وجد الماء اغتسل وصلى، وإن لم يجد تيمم وصلى، فإذا وجد الماء اغتسل ولم يعد).
وبه قال محمد: سمعت قاسم بن إبراهيم يقول، أو أُثبت لي عنه إن سأل سائل عن رجل لا يجد الماء، وكان في موضع لا يقدر فيه على طيِّب الصعيد، كيف يصنع، وما الذي يجب عليه؟
قيل له: عليه أن يصلي ولا يتيمم بشيء غير الصعيد، إلا أن يجد الصعيد الذي أمر الله به؛ لأن الله تبارك وتعالى لم يذكر الطهارة إلا بالماء، أو بالصعيد الطيب، وقد علم الله جل ثناؤه، مكان غيرهما من جميع الأشياء، فلم يأمر الله المؤمنين به، فمتى لم يجد الجنب ماء طاهراً، ولا صعيداً طيباً، فقد زال عنه فرض الطهارة الذي أمره الله به، وعليه أن يصلي وإن كان غير طاهر.
وبه قال محمد: إذا أصاب الماء توضأ، وقضى الصلاة، لا أعلم فيه اختلافاً أنه يقضي.

(1/62)


باب في الرجل يُجْنِبُ وليس معَهُ إلا ماءٌ قليل
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن أبي أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن بكر بن سوادة، أن رجلين أصابتهما جنابة فتيمما ثم صليا، فأدركا الماء في وقت فاغتسلا، وأعاد أحدهما ولم يعد الآخر، فذكر للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
فقال صلى الله عليه وآله: ((أما الذي أعادها فله أجرها مرتين، وأما الذي لم يعد، فقد أجزته صلاته)).
وبه قال محمد: سمعت قاسم بن إبراهيم، أو أثبت لي عنه يقول: إن سأل سائل عن رجل معه بلغة من الماء وهو مسافر، فخاف إن تطهّرَ بها أن يهلك عطشا؟
قيل له: لا يحل له أن يتوضأ بالماء الذي معه إذا كان أمره في ذلك كذلك؛ لأن الله تعالى حرم عليه إتلاف نفسه وإهلاكها. فقال: ?وَلاَ تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا?[النساء:29،30]. وعليه أن يتيمم صعيداً طيباً كما أمر الله تعالى، فيمسح به وجهه ويديه، ويمسك الماء على نفسه، وكذلك من خاف على نفسه سلطاناً أو لصوصاً أو سبعاً أو برداً، إن تطهر بالماء، فعليه أن يتيمم بالصعيد الطيب، ومحرم عليه في جميع ذلك أن يعرض نفسه للتلف والعطب.
وبه قال أبو جعفر: ذُكر عن أبي جعفر محمد بن علي، وعن غيره فيمن اغتسل في برد من الجنابة فأصيب، أنه شهيد.

(1/63)


وبه قال محمد: سمعت قاسم بن إبراهيم، أو أثبت لي عنه يقول: أيُّمَا مسافر وجد مع غيره ماء، فلم يعطه إلا بثمن غال، قال: وكان المسافر لثمنه واجداً، فعليه أن يشتريه؛ لأنه واجد له بما وجد من ثمنه، لقوله سبحانه: ?فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا?[المائدة:6]، فهو واجدٌ له في اللغة، بوجوده لثمنه. إلا أن يكون في دفعه ثمن الماء إجحاف بنفسه، أو يعرضها للعطب والتلف، فيكون له حينئذ أن لا يشتري الماء وأن يتيمم صعيداً طيباً.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن عطاء، عن زاذان عن علي -عليه السلام-: (في الرجل معه الماء اليسير، قال: يبقيه لشقيه ويتيمم).
باب في التيمم أي وقت هو، وكم صلاة يصلى بالتيمم
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني جعفر، عن قاسم قال: يتيمم المتيمم في آخر الوقت عند الإياس من وجود الماء.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر، عن قاسم قال: يصلي المتيمم صلاة واحدة بالتيمم. ويتيمم لوقت كل صلاة.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال حدثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه قال: مضت السنة أن لايصلي بالتيمم إلا صلاة واحدة، ونافلتها.

(1/64)


أبواب الحيض
باب أقل الحيض
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، يعني الحضرمي، قال: حدثنا سويد بن سعيد الحديثي، قال: حدثنا حسان بن إبراهيم الكرماني، قال: حدثنا عبد الملك، رجل من أهل الكوفة، قال: سمعت العلاء يقول: سمعت مكحولا يحدث، عن أبي أمامة، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((أقل ما يكون الحيض للجارية البكر والثيب ثلاثاً، وأكثر ما يكون الحيض عشرة أيام، فإذ رأت الدم أكثر من عشرة أيام فهي مستحاضة)).
وبه قال أبوجعفر: سألت أحمد بن عيسى، عن الحيض، كم أكثر ما يكون؟ قال: عشرة أيام.
وسألته، عن الحيض كم أقل مايكون؟، قال: ثلاثة أيام.
وسألته عمَّا فوق العشر من الحيض يكون مستحاضة؟ قال: نعم.
قلت: توضأ لكل صلاة، وتصوم، وتصلي؟ قال: نعم.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه قال: لا يكون الحيض أكثر من عشرة أيام.
وحدثنا محمد قال: حدثنا جبارة بن المغلس، عن محمد بن الفضل الخراساني، عن أبيه، عن قتادة، عن أنس قال: يكون الحيض إلى ثلاث، وإلى خمس، وإلى عشر، فإن زادت فهي مستحاضة.

(1/65)


وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن عمران، قال: حدثنا خالد بن خيار، عن هارون بن زياد، عن الأعمش عن إبراهيم بن علقمة، عن عبد الله قال: يكون الحيض ثلاث وأربع وخمس وست وسبع وثمان وعشرة أيام، فإن زادت فهي مستحاضة.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن محمد بن فضيل، عن أشعث، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص أنه قال: لا تكون المرأة مستحاضة في يوم ولا في يومين ولا ثلاثة حتى تبلغ عشرة أيام، فإذا بلغت عشرة أيام كانت مستحاضة.
باب ما تؤمر به الحائض عند كل وقت صلاة من التسبيح
أخبرنا محمد قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر قال: إنا نأمر نساءنا الحُيَّض أن يتوضأنَّ عند وقت كل صلاة، فيسبغن الوضوء، ثم يستقبلن القبلة فيسبحن ويكبرن من غير أن يفرضن صلاة، ولا يدخلن مسجداً، ولا يقرأنَ قرآناً، فقال له رجل: أوَ يُكبرن إذا دخلن، ويسلمن إذا خرجن؟
قال: قد فرضن إذاً.
وبه قال: وحدثنا محمد، حدثنا أحمد بن عيسى، عن محمد، عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر: إن المغيرة يقول: إن العبد الصالح قال: ما بال الصيام يقضى ولا تقضىالصلاة؟.
قال أبو جعفر: كذب والله المغيرة على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وعلى أزواجه وبناته، وعلينا وعلى نسائنا، والله ما صلاها نساء رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، ولا بناته ولا نساؤنا، ولكن قد كنّ يُؤمَرنَ إذا كان ذلك أن يحسنّ الطهور، ويستقبلن القبلة، فيكبرن ويهللن.

(1/66)


باب ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضاً
وبه قال: وحدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-، قال: لما كان في ولاية عمر قدم عليه نفر من أهل الكوفة، فقالوا: جئنا نسألك عن أشياء، نسألك عن الرجل ما يحل له من امرأته إذا كانت حائضاً؟
فقال: ألست شاهداً يا أبالحسن؟
قلت: بلى.
قال: فأدِّ ما أجابني به رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
فقلت: سألته، مالك من امرأتك إذا كانت حائضاً؟
فقال: ((ما فوق الإزار، ولاتطلع على ما تحته)).
باب من قال لايكون حيض وحبَل
وبه قال أبو جعفر: سألت أحمد بن عيسى عن المرأة ترى الدم وبها حمل تراه حيضاً؟
قال: لا.
قال أبوجعفر: سمعت قاسم بن إبراهيم، أو أثبت لي عنه يقول: إن سأل سائل عمَّا ترى الحامل من الدم، هل يكون عندكم حيضاً؟
قال: ليس بحيض، ولكنه حدث عليها فيه، كالذي عليها في غيره من الأحداث.
باب كم تجلس النفساء في نفاسها
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن محمد، عن أبي الجارود قال: سألت أبا جعفر عن النفساء كم تجلس؟، قال: عشرين.. اثنين وعشرين كذلك.

(1/67)


وبه: قال أبوجعفر: سألت أحمد بن عيسى، عن النفساء. كم تجلس؟
قال: بالأقرأء؟
قلت: مقدار ثلاثة قروء؟
قال: نعم.
قلت: على قدر ماكانت تجلس في حيضها؟
قال: نعم.
وبه قال أبوجعفر: سألت إسماعيل بن موسى بن جعفر. قلت: كم تجلس النفساء؟
قال: ستين يوماً.
قال أبوجعفر: الذي نأخذ به، أن النفساء تقعد أربعين يوماً، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا جبارة بن المغلس، عن محمد بن الفضل الخراساني، عن زيد ا لعمي، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((تقعد النفساء أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن موسى بن عبد الله قال: تقعد النفساء ستين يوماً.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا عبّاد بن يعقوب، عن البخاري، عن مسلم بن سالم، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((تقعد النفساء أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن حميد بن عبدالرحمن بن أبي أسامة، عن زهير، عن علي بن عبد الأعلى، عن أبي سهل، عن مسلم، عن أم سلمة قالت: كانت النفساء تقعد على عهد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أربعين يوماً،

(1/68)


وكنَّا نجعل على وجوهنا ا لورس.
قال حميد: وكنَّا نطلي على وجوهنا الورس.
زاد ابن أسامة: من الكلف.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن حيان، عن عطاء بن عجلان، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: وقَّتَ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- للنفساء أربعين يوماً.
وحدثنا محمد قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: وقَّتَ للنفساء أربعين يوماً، فإذا جاوزت أربعين يوما اغتسلت وصلت، وكانت بمنزلة المستحاضة تصوم، وتصلي، ويأتيها زوجها.
باب من رخَّص للجنب والحائض يقرءان الشيء من القرآن
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (يقرأ الجنب والحائض الآية والآيتين، ويمسان الدرهم فيه اسم الله، ويتناولان الشيءمن المسجد).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: الجنب والحائض يسبحان، ويذكران الله، ولا يقرءان القرآن.

(1/69)


باب من قال غسل النفساء مثل الحيض
وبه قال محمد:سمعت قاسم بن إبراهيم، أو أثبت لي عنه يقول: إنما أوجبنا الغسل من النفاس كما أوجبناه من الحيض؛ لأن النفاس حيض، وإن خالف اسمه اسم الحيض.
وذكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أنه كانت معه امرأة من نسائه في فراش فطمثت فوثبت، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: مالك؟ أنفست؟)).
وفصحاء العرب يَدعون الطمث باسم النفاس.
وقد أوجب الله الغسل من الحيض في كتابه، فأوجبناه في النفاس إن كان حيضاً، اتباعاً لأمر الله عز وجل.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن علي -عليه السلام- قال: (إذا جاوزت النفساء أربعين يوماً اغتسلت وصلت).

(1/70)


باب ما تؤمر به المستحاضة
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، قال: أتت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- امرأة، فزعمت أنها تستفرغ الدم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لعن الله الشيطان.. هذه ركضة من الشيطان في رَحِمِكِ فلا تَدَعِي الصلاة لها)). فقالت: كيف أصنع يارسول الله؟
قال: ((اقعدي أيامك التي كنت تحيضين فيهنَّ كل شهر، فلا تصلين فيهنَّ، ولا تصومين، ولا تدخلين مسجداً، ولا تقرئين قرآناً، فإذا مضت أيامك التي كنت تجلسين فيهن، فاجعلي ذلك أقصى أيامك التي كنت تجلسين فيهنَّ، فاغتسلي للفجر، ثم استدخلي الكرسف، واستذفري استذفار الرجل، ثم صلي الظهر، وقد دخل أول وقت العصر، ثم صلي العصر، ثم أخِّري المغرب لآخر وقته ثم اغتسلي، واستدخلي الكرسف، واستذفري استذفار الرجل ثم صلي المغرب، وقد دخل وقت العشاء فصلي)).
قال: فولت وهي تبكي وتقول: يارسول الله، لا أطيق ذلك، فرق لها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وقال: ((اغتسلي لكل طهر كما كنت تفعلين، واجعليه بمنزلة الجرح في جسدك كلما حدث دم أحدثت طهوراً، ولا تتركي الكرسف والاستذفار، فإن طال ذلك بها، فلتدخل المسجد ولتقرأ القرآن، ولتصل الصلوات، ولتقض المناسك)).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثني أحمد

(1/71)


بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد قال: كنَّا جلوساً عند أبي جعفر فسأله رجل فقال: إن لي ذات قرابة تستحاض منذ سنين.
قال: ومالها؟
قال: تستفرغ الدم.
قال: ادركها، فإنها إن تَمُت تَمُت مشركة.
قال: كيف تصنع؟
قال: تجلس أيامها التي كانت تجلس فيها إن ستاً فستاً، وإن سبعاً فسبعاً، وإن ثماناً فثماناً، ثم تغتسل للفجر، ثم تستدخل الكرسف، ثم تستذ فر استذفار الرجل، ثم تصلي الفجر، ثم تؤخر الظهر لآخر الوقت، ثم تصلي الظهر، وقد دخل أول وقت العصر فتصلي العصر، وتؤخر المغرب لآخر الوقت وتقدم العشاء لأول الوقت، ثم تغتسل وتستدخل الكرسف، وتستذفر استذفار الرجل، ثم تصلي المغرب، وقد دخل أول وقت العشاء فتصلي العشاء.
قال: أتقرأ القرآن؟
قال: نعم.
قال: أتقضي المناسك؟
قال: نعم.
قال: أفتدخل المسجد؟
قال: نعم.
قال: أتصوم رمضان؟
قال: نعم.
قال: أيأتيها زوجها؟
قال: نعم، إلا أن يقذر ذلك.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر: امرأة طال بها حيضها.
قال: إذا جاءت حيضتها فلتدع الصلاة إلى أقصى ما كانت تجلس، فإنها تنقص وتزيد، ثم تغتسل وتصلي، ثم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((هذه ركضة من الشيطان)). ثم قال: والله، لقد عذبتموها إن اغتسلت

(1/72)


بين كل صلاتين غسلاً، يجزيها الغسل الأول، وتوضأ عند كل صلاة، فإن كان كما تقولون فلتستدخل الكرسف.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن قاسم بن إبراهيم، قال: المستحاضة تقدِّر أيام إقرائها، ثم تغتسل، وتوضأ لكل صلاة كما كانت توضأ، ويغشاها زوجها، وتستنقي من الدم إذا أراد أن يغشاها، فإن غلب حيضها، فهو كدم جرح أو عرق كان بها، وأكثر الحيض عندنا على ما تعرف المرأة، وعلى ما جربت من نفسها، فإن كانت ممن لم تحض قبل ذلك قط، ثم نفست أو استحاضت، فعلى قدر أكثر ما في نسائها، وليس عندنا فيه وقت معلوم، كما قال غيرنا، ولسنا نوقت وقتاً، حديث النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أنه أفتى فاطمة ابنة أبي حبيش أن تقعد أيام إقرائها، ولم يوقت لها وقتا))، والقياس في هذا لا يمكن إلا أن يقتحم فيه مقتحم فيقول برأيه.
وبه قال أبو جعفر: سمعنا عن محمد بن علي، وعن زيد بن علي، وعن عبد الله بن مسعود، وأنس بن مالك، وعثمان بن أبي العاص أن أكثر الحيض عشرة أيام، وهو قول أحمد بن عيسى.
وقال أحمد بن عيسى: أقل الحيض ثلاثة أيام، وأكثره عشرةأيام.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، قال: حدثنا سويد بن سعيد الحديثي، قال: حدثنا حسان بن إبراهيم الكرماني، قال: حدثنا عبد الملك رجل من أهل الكوفة قال: سمعت العلاء يقول:

(1/73)


سمعت مكحولاً يحدث عن أبي أمامة، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال:((أقل ما يكون الحيض للجارية البكر والثيب ثلاث، وأكثر ما يكون من الحيض عشرة أيام، فإذا رأت الدم أكثر من عشرة أيام فهي مستحاضة)).
باب في الصفرة والكدرة
قال أبوجعفر محمد بن منصور: قلت لأحمد بن عيسى: معي مسائل أحبُّ أن أعرضها عليك، فقال: هاتها، فنظر فيها، فقال: هذه المسائل إن كنت ترويها عن أبي جعفر، أوكان لها عندك أسناد سمعتها منك. قلت: لست أرويها، فقال: قد سأل وقد أجيب فأعْجَبَتْه.
قلت: المستحاضة هل تطوف بالبيت؟
قال: هي بمنزلة الطاهر في جميع أمرها كله من الصوم والصلاة، والقراءة في المصحف، والطواف بالبيت، وإتيان زوجها إياها، وغير ذلك، إلا أنها توضأ لكل صلاة.
قلت: وما المستحاضة؟
قال: هي التي ترى الدم والصفرة والكدرة مثل غسالة اللحم في غير أيام حيضها.

(1/74)


قال: حده أن تطهر أو تصير إلى حال يبلغه الماء إذا استنجت.
قال: قلت: فإن كان لايرقأ ولاينقطع عنها؟
قال: تتوضأ، وتحتشي بالكرسف.
قال: قلت: فكلما حضرت صلاة فينبغي لها أن تحل الاستذفار، وتنزع الكرسف، وتستنجي، وتوضأ وضوء الصلاة؟
قال: نعم.
قلت: فإذا توضأت تعيد ذلك الكرسف والاستذفار ثم تصلي؟
قال: إن كان لم يصب ذلك الكرسف أذى فلتعد، وإلا فلتحتشي كرسفاً غيره.
وبه قال محمد: وسمعت قاسم بن إبراهيم، أو أثبت لي عنه يقول: إن سأل سائل عن الكدرة أو الصفرة؟
قيل له: أما ماكان منه في أيام الحيض فهو حيض، حكمه حكم الدم، فأما ماكان منه في غير أيام الحيض فليس بحيض ولكنه، استحاضة.

(1/75)


باب من قال إذا انقطع الدم عن الحائض لم يغشها زوجها حتى تغتسل
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: أخبرني جعفر بن محمد، عن قاسم بن إبراهيم قال: إذا طهرت الحائض أوانقطع عنها دمها لم يغشها زوجها حتى تغتسل، وكذلك قال الله تعالى: ?وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ?.
وتأويله: حتى يغتسلن.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن محمد بن بشر، عن سعيد، عن قتادة، عن مقسم، عن ابن عباس: (أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أمر رجلاً غشي امرأته وهي حائض أن يتصدق بدينار ونصف دينار).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن عبيد الله بن أبي جعفر الرازي، عن عبد الكريم، عن مقسم، عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في الرجل يأتي امرأته وهي حائض قال: ((إن كان دماً عبيطاً فليتصدق بدينار، وإن كان صفرة فليتصدق بنصف دينار)).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((المستحاضة تدع الصلاة أيام إقرائها ثم تغتسل وتصلي، والوضوء عند كل صلاة)).

(1/76)


كتاب الصلاة
باب الأذان وفضله
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يأتي المؤذنون يوم القيامة أطول الناس أعناقاً يُنادُون بشهادة أن لا إله إلاَّ الله وأنَّ محمداً عبده ورسوله)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: حدثني حبيب بن يسار، قال: سمعت عبد الله بن محمد أبا هاشم، يحدث عن أبيه، قال: ما أذنَّ امرؤ مسلم التماس رحمة الله، وينجز موعده، ورغبةً فيما عنده، إلاَّ كان كالشاهر سيفه في سبيل الله حتى يغمده.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد الغزال قال: حدثني إسماعيل بن يزيد الرازي، عن زكريا بن سلام، عن عبيد بن حسان وحمزة بن سنان يرفعان الحديث إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يعاد الوضوء من سبع: من دم سائل، أو من قيء ذارع، أو دسعة تملأ الفم، أو نوم مضطجع، أو قهقة في الصلاة، أو تقطار بول، أو من حدث)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا ضرار بن صرد، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن صفوان بن سليم، قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن العَذِرَة اليابسة يطأها الإنسان؟
قال: التراب يُطِّهر ذلك.

(1/77)


وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، عن عَليّ بن عاصم، عن عطاء، عن أبي البحتري، عن عَليّ -عليه السلام- في الفأرة تقع في السمن فتموت، قال: إن كان جامداً أُخِذْت وما حولها، فألقيت وأكل مابقي، وإن كان ذائباً لم يؤكل، و إذا وقعت في البئر فماتت نزحت حتى يغلبهم الماء، و إذا وقعت في الخل فماتت أهريق.
باب كيف عُلّم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- الأذان
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: حدثني أبو العلاء قال: قلت لمحمد بن عَليّ: يا أبا القاسم، ألا تحدثني عن هذا الأذان، فإنَّا نقول: إنما رآه رجل من الأنصار في المنام فأخبر به رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فأمره أن يُعلِّمه بلالاً، فأذّن، قال: ففزع لذلك، وقال: ويلكم ألا تتقون الله؟ عمدتم إلى أمر من جسيم أمر دينكم فزعمتم أنما رآه رجل في المنام رؤيا.
قال: قلت: فكيف كان إذاً؟
قال: كان أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أسري به حتى انتهى إلى ماشاء الله من السماء، ففرضت عليه الصلاة، فبعث الله ملكاً مارئي في السماء قبل ذلك اليوم، فقال: ((الله أكبر الله أكبر)). فقال الله تعالى: ((صدق عبدي أنا أكبر)). ثم قال: ((أشهد أن لا إله إلاَّ الله)). فقال

(1/78)


الله تعالى: ((صدق عبدي، ما من إله غيري، أنالله لا إله إلاَّ أنا))، ثم قال: ((أشهد أن محمداً رسول الله))، فقال الله تعالى: ((صدق عبدي، أنا أرسلته، وأنا اصطفيته، وأنا اجتبيته))، ثم قال: ((حي على الصلاة))، فقال الله تعالى: ((صدق عبدي دعا إلى فريضتي، فمن مشى إليها راغباً فيها كان كفارة لما مضىمن ذنبه))، ثم قال: ((حي على الفلاح))، فقال الله تعالى: ((صدق عبدي، فمني الفلاح والنجاح)).
ثم قال: ((قد قامت الصلاة)).
فقال الله تعالى: ((صدق عبدي، قد أقمتها وحددتها)).
قال: فأم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يومئذ أهل السماء، فتمَّ له شرفه يومئذ على جميع الخلائق.

(1/79)


باب من كان يقول في الأذان حي على خير العمل
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر عن أبي الجارود، قال: حدثني شيخ من أصحابنا، عن رجل حدثه عن أبي محذورة قال: أمرني رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن أقول في الأذان ((حي على خير العمل)) و إذا ثوبت أن أقول: الصلاة خير من النوم.
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر قال: كان عَليّ بن الحسين إذا قال: ((حي على الفلاح، حي على الفلاح)) قال: ((حي على خير العمل، حي على خير العمل)).
قال: وكانت في الأذان، فأمرهم عمر، فكفوا عنها مخافة أن يتثبط الناس عن الجهاد، ويتّكِلوا على الصلاة.
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، عن حسان قال: أذنت ليحيى بن زيد بخراسان، فأمرني أن أقول: حي على خير العمل، حي على خير العمل.
وبه قال محمد: سألت أحمد بن عيسى قلت: تقول إذا أذنت: حي على خير العمل، حي على خير العمل؟ قال: نعم، قلت: في الأذان والإقامة؟ قال: نعم، ولكني أخفيها.
وبه قال: حدثني محمد بن جميل، عن نصر بن مزاحم، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر أنه كان يقول: ((حي على خير العمل في الأذان والإقامة)).

(1/80)


باب من كان أذانه وإقامته مثنى مثنى
قال محمد: سمعت أحمد بن عيسى يؤذن مثل أذاننا ويكرر: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلاَّ الله إلى آخر الأذان كما نؤذن، وقال في آخر أذانه: حي على خير العمل مرتين، ثم ابتدأ في الإقامة فأقام أيضا مثنى مثنى، ولم يركع بينهما ولم يقف، وكانت صلاة الظهر.
وبه قال محمد: كان عبد الله بن موسى يؤذن مثنى مثنى، ويقيم كذلك.
وبه قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن قاسم بن إبراهيم، قال: أصح ما سمعنا في الأذان أن يقول إذا أذن: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلاَّ الله، أشهد أن لا إله إلاَّ الله، أشهد أن محمداً رسول الله، إلى آخر الأذان مثنى مثنى.
والإقامة: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أنَّ لا إله إلاَّ الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاَّ الله.
يشفع الأذان، ويوتر الإقامة، لِتُعرف، ويجعل أصبعه السبابة من يده اليمنى في أذنه اليمنى، ويستدير في أذانه يمنة ويسرة، ويحوّل وجهه عن يمينه ويساره إذا قال: حي على الصلاة، حي علىالفلاح.
قال محمد: الأذان والإقامة عندنا مثنى مثنى، ويرتل الأذان، وتحدر الإقامة، وكذلك سمعنا.

(1/81)


باب ما يقول من سمع الأذان
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن عَليّ، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: ثلاث لايدعهن إلاَّ عاجز: رجل سمع مؤذناً لايقول كما يقول، ورجل لقي جنازة لا يسلم على أهلها ويأخذ بجوانب السرير، فإنه إذا فعل ذلك كان له أجران، ورجل أدرك الإمام ساجداً لم يكبر، ثم يسجد معه، ولا يعتد بها.

باب من كره التطريب في الأذان
وبه قال حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليهم السلام- أنه أتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، والله إني لأحبك في الله.
قال: ولكني أبغضك في الله.
قال: ولم؟
قال: لأنك تتغنى في أذانك، وتأخذ على تعليم القرآن أجراً، وقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((من أخذ على تعليم القرآن أجراً كان حظه يوم القيامة)).
وبه قال محمد: تتغنى في أذانك، يعني: تطرب.
قال محمد: قلت لأحمد بن عيسى: ما معنى تتغنى في أذانك؟.
قال: تمدد.

(1/82)


باب من لم ير بالتطريب بأساً إذا بيَّن أذانه
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن قاسم بن إبراهيم قال: لا بأس بالتطريب في الأذان إذا أتمَّ وبيَّن.
قال محمد: بلغنا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه نهى أن يؤخذ على الأذان أجر.
باب ما ذكر في من أذَّن قبل الفجر
وبه قال: حدثنا محمد قال: حدثنا حسن بن حسين، عن مسعود الجعفي، عن أبان، عن أنس، قال: أذَّن بلال الفجر بليل، فدعاه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: ((ما حملك أن تجعل صلاة الليل في صلاة النهار، وصلاة النهار في صلاة الليل؟ عد فناد أن العبد نام)).
قال: فصعد بلال وهو يقول: ليت بلالاً ثكلته أمه، وابتل من نضح دم جبينة، فنادى بلال: إن العبد نام. قال: فلما طلع الفجر أعاد.
وبه قال: حدثنا حسن بن حسين، عن حسين بن سليمان الكناني، عن أبي خالد، عن زيد بن على قال: من أذَّن قبل الفجر فقد أحلَّ ما حرَّم الله، وحرَِّم ما أحلَّ الله.
وبه قال: حدثنا حسن بن حسين، عن ابن أبي يحيى المدني، عن حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، عن عَليّ -عليه السلام- قال: من أذَّن قبل الوقت أعاد.

(1/83)


باب الأذان على غير طهر والكلام في الأذان
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن قاسم بن إبراهيم قال: لا يؤذن الجنب، ولا يدعو الناس إلى الصلاة وهو على غير طهارة لها، وإن أذنَّ وهو على غير وضوء أجزأ أذانه.
وبه قال: حدثنا جعفر، عن قاسم قال: لا يتكلم المؤذن في أذانه ولا في إقامته، إلاَّ من ضرورة، أو حاجة لا بد له منها.
باب في أذان الأعمى..وفي الرجل يؤذن ويقيم غيره وما على النساء في الأذان
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في الأعمى يؤذن: لا بأس بأذان الأعمى، قد كان ابن أم مكتوم مكفوفاً، وكان يؤذن للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وقال محمد: لا بأس أن يقيم الصلاة للقوم غير مؤذنهم الذي أذن لهم إذا اضطروا إلى ذلك.
قال محمد: ليس على النساء أذان ولا إقامة، وقد ذكر عن عَليّ -عليه السلام- أنه قال: ليس عليهنَّ أذان.
وعن عَليّ بن أحمد بن عيسى، عن أبيه قال: الإقامة شفع.

(1/84)


باب في أوقات الصلاة
قال محمد: كان عبد الله بن موسى يصلي الفجر إذا اعترض الفجر.
وكذلك كان أحمد بن عيسى، وكان عبد الله يصلي الظهر إذا زالت الشمس يتطوع بركعات، ثم يصلي الفريضة.
وكذلك كان أحمد بن عيسى يصلي إذا زالت الشمس ثمان ركعات، ثم يصلي الفريضة.
وكان عبد الله يصلي العصر على قامة بعد الزوال، وكذلك كان أحمد بن عيسى.
وكان عبد الله بن موسى يصلي المغرب إذا سقط القرص، وتبين دخول الليل قبل أن تشتبك النجوم، ويصلي الركعتين بعد المغرب قبل أن تشتبك النجوم، وكذلك كان أحمد بن عيسى، أو أُمهل قليلاً في صلاة المغرب، وكان عبد الله يصلي العشاء الآخرة إذا غاب الشفق، وهو الحمرة قبل أن يغيب البياض، وكذلك كان أحمد بن عيسى يصلي -رحمة الله عليهما ورضوانه-.
وبه قال: حدثنا جبارة بن مغلس، عن مندل، عن مسلم، عن أنس قال: ((كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يصلي الفجر إذا طلع الفجر، ويصلي الظهر إذا زالت الشمس، ويصلي العصر والشمس بيضاء حية، ويصلي المغرب إذا غربت الشمس، ويؤخر العشاء، ويقول:تحارسوا لا تناموا)).
وبه قال محمد: يعني حية: يجد حرها.
وبه قال محمد: قال قاسم بن إبراهيم: الشفق: الحمرة، إنما يقول الشفق: البياض من لا يعرف اللغة.
قال محمد: ذكرت لأحمد بن عيسى قول من يقول: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر

(1/85)


فأنت منهما في وقت، ما لم تغرب الشمس من غير علة ولا عذر، و إذا غربت الشمس، وأيقنت دخول الليل، فقد دخل وقت المغرب والعشاء، فأنت منهما في وقت، ما لم يطلع الفجر، من غير علة ولا عذر، فأنكر أحمد بن عيسى هذا القول إنكاراً شديداً، وكان عنده خلاف قول العلماء.
ورأى أن من صلى الظهر بعد القامة بعد الزوال من غير علة ولا عذر، فإنما يقضي صلاة قد كانت وجبت عليه، ومن صلى المغرب بعد ما يغيب الشفق من غير علة ولا عذر فإنما يقضي صلاة قد كانت وجبت عليه.
وبه قال: حدثني عَليّ بن أحمد بن عيسى، عن أبيه قال: الصلاة عندنا في أول الوقت أفضل، والأمر بعد ذلك واسع إلى آخر الوقت.

(1/86)


باب وقت الظهر والمغرب
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: ربما دخلت على أبي حعفر وما أرى أحداً صلى الظهر فأجده قد صلى، وربما دخلت عليه وما أرى أحداً بقي إلاَّ قد صلاها، فيقول: أصليتم؟
فأقول: إي والله.
فيقول: والله ما صليت، ثم يقوم فيصلي.
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: حدثني عبد الله بن الحسن.
قال: حدثني آبائي، قالوا: حدثنا بنو مدلج -حي من الأنصار- أنهم كانوا يصلون مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- المغرب، ثم ينصرفون فيرمي أحدنا بسهمه فينظر إلى موقعة.

(1/87)


باب من كان يصلي العصر على قامة بعد الزوال ويقيس الشمس
وبه قال محمد: كان أحمد بن عيسى يصلي العصربعد قامه بعد الزوال.
قال: ورأيت أحمد بن عيسى، وعبد الله بن موسى، وإدريس بن محمد، وغير واحد من مشائخ بني هاشم يصلون العصر بعد قامة بعد الزوال، لا يكادون يفرطون في ذلك.قال محمد سألت محمد بن علي بن جعفر بن محمد العريضي؟ فذكر فيها قريباً من ذلك.
وبه قال: حدثني أبو الطاهر، عن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن أنه كان يقيس الشمس لوقت العصر، وذكر نحواً من القامة.
وبه قال: حدثني أبو الطاهر وغيره عن يحيى بن عبد الله بنحو من ذلك.
وبه قال: حدثنا حكيم بن سليمان، عن إسماعيل بن عياش، عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عباس قال: إن الله فرض الصلوات في خير الساعات فعليكم بالدعاء في دبر الصلوات.
وبه قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص بن غياث، عن عمرو بن مروان، عن أبيه، قال: قلت له: صليتَ مع عَليّ -عليه السلام-، فأخبرني بمواقيته؟
فقال: كان عَليّ -عليه السلام- يصلي الظهر إذا زالت الشمس مثل الشراك، والعصر والشمس بيضاء مرتفعة، والمغرب إذا سقط القرص، والعشاء إذا سقط الشفق، والفجر يغلِّس، وربما نَوَّر، والجمعة والناس فريقان: فرقة يقولون: قد زالت، وفرقة يقولون: لم تزل.
قال: حدثنا عبدة بن عبد الرحيم، عن إسحاق بن يوسف الأزرق، قال: أخبَرَنا سفيان، عن علقمة بن مرثد،

(1/88)


عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أتاه رجل فسأله عن وقت الصلاة؟.
فقال: ((صلِّ معنا هاتين الصلاتين)).
فأمر بلالاً حين زالت الشمس فأذَّن.
ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية.
ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس.
ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق.
ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر.
فلما كان اليوم الثاني أمره فأبرد بالظهر، فأنعم أن يبرد بها، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة، أخرها فوق ذلك الذي كان أمره، وأقام المغرب قبل يغيب الشفق، ثم أقام العشاء حين ذهب ثلث اليل، ثم أمره فأقام الفجر وقد فاض الفجر.

(1/89)


باب في حق الصلاة والتغليس بالفجر
وبه قال محمد: كان عبد الله بن موسى يغلس بالفجر جداً.
وبه قال: أخبرني عبد الله بن موسى، عن أبيه موسى أنه كان يترصد الفجر في مكان مرتفع، فلما طلع الفجر وتبينه أذن، ثم دخل البيت فركع ركعتي الفجر، ثم أقام، وتقدم بنا، فقرأ البقرة وآل عمران.
قال عبد الله: ثم خرجت فرأيت النجوم.
قال محمد: وكذلك كان أحمد بن عيسى يغلِّس بصلاة الفجر.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن محمد بن عَليّ، عن عَليّ -عليه السلام- قال: نظر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى رجل يصلي وهو ينظر إلى رجل، فأمره أن يعيد، فقال: يارسول الله، قد أتممتها.

(1/90)


وبه قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الصيني، عن بشر بن عمارة الخثعمي، قال: أخبرني الأحوص بن حكيم، عن خالد بن معدان، عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن العبد إذا توضأ فأبلغ في الوضوء، ثم قام إلى الصلاة، فأحسن القراءة فيها، وأتمَّ ركوعها وسجودها حتى ينصرف منها، قالت له الصلاة: حفظك الله كما حفظتني، وصعد بها الملك إلى الرب تبارك وتعالى، ولها ضوء فتشفع لصاحبها، وإذا أساء وضوءها وركوعها وسجودها والقراءة فيها، قالت له الصلاة: ضيَّعك الله كما ضيعتني، وصعد بها الملك، وعليها ظلم تغلق دونها أبواب السماء، ثم تلف كما يلف الثوب الخلق، ويضرب بها وجهه)).
وبه قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن زيد بن حباب، عن موسى بن عبيدة قال: حدثني إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه عن عَليّ -عليه السلام- أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((يا عَليّ، مثل الذي لا يتم صلاته كحبلى حبلت، فلما دنا نفاسها أسقطت، فلا هي ذات حمل، ولا ذات ولد، ومثل المصلي كالتاجر لا يخلص له ربحه، حتى يأخذ رأس ماله، كذلك المصلي لا يقبل الله له نافلة، حتى يؤدي الفريضة)).
وبه قال: حدثنا عباد بن يعقوب، عن المحاربي، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ((مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار على باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس اغتسالات)).

(1/91)


وبه قال: حدثنا محمد، عن إسماعيل بن موسى، عن عيسى بن يونس، عن عبيد الله بن عمر، عن سعد بن سعيد، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- جالساً في المسجد ناحية، ورجل يصلي، فصلى، ثم أتى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فسلَّم عليه فقال: ((وعليك.ارجع فصل فإنك لم تصل)).
فعاد، فصلى، ثم أتى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فسلم عليه فقال: ((وعليك. ارجع فصل فإنك لم تصل)).
فقال الرجل في الثالثة: أوفي التي تليها؟ فعلَّمني يارسول الله.
قال: ((إذا افتتحت الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة، فكبِّر ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تستوي قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)).
وبه قال: حدثنا محمد بن جميل، عن محمد بن فضيل، عن عَليّ بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر قال: كنت فيمن أتى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقلت: لأنظرنَّ صلاة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، كيف يصلي، فرأيته حين كبر، رفع يديه حتى حاذى بأذنيه، ثم ضرب بيمينه على شماله فأمسكها، فلما أراد أن يركع رفع يديه، ثم ركع، فوضع يديه على ركبتيه، ثم رفع رأسه، فرفع يديه، ثم سجد

(1/92)


فجعل يديه نحواً مما كان في التكبير، فلما جلس افترش رجله اليسرى، ثم وضع يده اليسرى في فخذه الأيسر، ووضع مرفقه الأيمن على فخذه الأيمن، ثم عقد ستين، ثم حلق، ثم جعل يشير بالسبابة.
وبه قال: حدثنا محمد بن جميل، عن ابن فضيل، عن الأعمش، عن زيد بن وهب قال: كنَّا في المسجد عند أبواب كندة، فدخل رجل يصلي، فجعل لا يتم الركوع والسجود، فلما قضى الصلاة، دعا به حذيفة، فقال: منذ كم أنت تصلي هذه الصلاة؟.
قال: منذ أربعين سنة.
فقال: ما صليت منذ أربعين سنة، ولو مت وأنت تصلي هذه الصلاة، لمت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدا -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وقال: إن الرجل يخفف الصلاة، ويتم الركوع والسجود.
وبه قال: حدثنا إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن إسماعيل، عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية: ?إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ?[العنكبوت:54].
قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من صلى صلاة فلم تنهه عن الفحشاء والمنكر، لم يزدد بها من الله إلاَّ بعداً)).

(1/93)


باب ما ذكر فيمن تهاون بالوقت
وبه قال حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((صلوا الصلاة لوقتها، فإن ترك الصلاة عن وقتها كفر)).
وبه قال: أخبَرَنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن عَليّ، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ((إنه سيأتي على الناس أَئِمّة بعدي يميتون الصلاة كميتة الأبدان، فإذا أدركتم ذلك، فصلوا الصلاة لوقتها، ولتكن صلاتكم مع القوم نافلة، فإن ترك الصلاة عن وقتها كفر)).
وبه عن أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر إن كرينا ربما قال: لا تنيخوا هاهنا في المكان الوعث، فنمسي بالصلاة.
فقال: لا عليك أن تؤخرها، أتضر كرِّيك أتريد أن تعقر به، ربما كان المكان الوعث المنكر، فلا بأس أن تؤخرها حتى تجد مكاناً سهلاً.

(1/94)


باب مفتاح الصلاة وتحريمها وتحليلها
أخبرنا محمد، قال: حدثنا جبارة بن مغلس، قال: حدثنا مندل، عن أبي سفيان نصر بن طريف، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم، ولا تجزئ صلاة لا يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب وقرآن معها)).
وبه قال: أخبرنا أبو هشام، قال: حدثنا يونس بن بكير، قال: حدثني سعيد بن ميسرة، قال: سمعت أنس بن مالك قال: كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا رفع يديه في الصلاه لم يجاوز رأسه وقال: ((إن الشيطان حين أخرج من الجنه رفع يديه فوق رأسه)).
باب استفتاح الصلاة
وبه قال: أخبَرَنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام-، قال: كان إذا استفتح الصلاة قال: الله أكبر، وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة حنيفاً مسلماُ، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لاشريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين.
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أ بي الجارود، قال: سألت أبا جعفر عن مفتا ح الصلاة؟ فقال: يا أبا الجارود، إذا قمت فقل: الله أكبر، وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين. ثم قل بعد ما شئت.

(1/95)


وعن مخول بن إبراهيم، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر مثله.
وبه قال: حدثنا مخول بن إبراهيم، عن أبي ضمرة، عن جعفر مثله.
وبه قال: حدثني على بن أحمد بن عيسى، عن أبيه في استفتاح الصلاة، قال: يفتتح باستفتاح علي بن أبي طالب-عليه السلام-، وهو قوله: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.
ثم تعوذ بالله من الشيطان الر جيم، ثم تقول: بسم الله الرحمن الرحيم.
وإن شاء استفتح با ستفتاح عبد الله بن مسعود، وهو قولك:
سبحا نك اللهم وبحمدك... إلى آخر الكلمات، وهنَّ كلمات معروفة.
وإن شاء جمعها كلها، وإن شاء بعضها.
وقد جاء عن أبي جعفر محمد بن عَليّ غير ذلك، وعن زيد بن علي خلاف ما قال أبو جعفر، وكل ذلك يدل على السعة فيه.
وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: روي عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلَّم- في افتتاح الصلاة وجوه مختلفة كلها حسنة.

(1/96)


روى حذيفة أنه سمعه يقول حين افتتح الصلاة: ((الله أكبر ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة)).
وذكر عن غيره قال: كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلَّم- يقول: ((سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك)).
وروي عن عَليّ بن أبي طالب -عليه السلام- في حديث ابن أبي رافع افتتاح طويل.
قال محمد: الذي نأخذ به في استفتاح الصلاة، هو الذي سمعنا عن عَليّ بن أبي طالب-عليه السلام-.
وعن أبي جعفر، وعبد الله بن الحسن، وزيد بن عَليّ، وجعفر بن محمد، وهو: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض... إلى آخرالثلاث الآيات.
وبه حدثنا أبو كريب، عن حفص بن غياث، عن عمرو، عن الحسن قال: كان لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلَّم- ثلاث سكتات: إذا افتتح الصلاة، و إذا فرغ من فاتحة الكتاب، وإذا فرغ من القراءة قبل أن يركع.

(1/97)


باب من قال الاستفتاح والتعوذ بعد التكبير
و به قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: كان إذا استفتح الصلاة، قال: الله أكبر، وجهت وجهي.. إلخ.
فقال: إذا أنت قمت فقل: الله أكبر، ثم قل وجهت وجهي.
قال محمد: سألت أحمد بن عيسى عن استفتاح الصلاة قبل التكبير أو بعد؟
قال: بعده.
وبه قال: سألت أحمد بن عيسى عن التعوذ قبل التكبير أو بعد؟، قال: بعده.
قال محمد: صليت خلف عبد الله بن موسى، فكان يستفتح بعد التكبير.
وبه قال: حدثني إسماعيل بن إسحاق قال: سألت أحمد بن عيسى عن استفتاح الصلاة قبل التكبير؟
فقال: لا أعرف ذلك.
باب من قال التعوذ والاستفتاح قبل التكبير
وبه قال محمد: سمعت قاسم بن إبراهيم يقول: التكبير بعد الافتتاح، وذكر الآية: ?وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا?[الإسراء:111] وقال: التعوذ قبل التكبير.
وبه قال محمد: ذكرت التعوذ لحسين بن عبد الله، فرآه قبل التكبير.
وبه قال محمد: الاستفتاح والتعوذ عندنا بعد التكبير، وكذلك سمعنا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وعن علي -عليه السلام-، وعن غيره من أهل البيت وغيرهم.

(1/98)


باب في رفع اليدين في أول الصلاة
وبه قال محمد: رأيت أحمد بن عيسى رفع يديه في أول الصلاة إلى دون أذنيه. واستقبل بهما القبلة، وفرَّج أصابعه.
وبه قال: حدثني إسماعيل بن إسحاق، قال: صليت خلف أحمد بن عيسى فرفع يديه حين افتتح الصلاة، فكانت كفاه بحيال وجهه، فلما أراد أن يركع رفع يديه نحواً من رفعهما في افتتاح الصلاة، ثم كبر وركع، فلما رفع رأسه من الركوع رفع يديه مثل ذلك مع قوله: سمع الله لمن حمده، ثم كبر وسجد فصلى بنا كذلك حتى فرغ وسلم.
وبه قال: حدثني أحمد بن طاهر الرقي أنه رأى أحمد بن عيسى يرفع يديه في كل رفع وخفض نحواً من حديث إسماعيل.
قال محمد: ينبغي أن يكون تركه للضعف.
باب من كره رفعَ اليدين بعد التكبيرة الأولى
وبه قال محمد: سمعت قاسم بن إبراهيم يكره أن يرفع يديه في خفض أورفع بعد التكبيرة الأولى، وقال: هو عمل. وذكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه نهى، عن ذلك.
وبه قال قال محمد: رأيت أحمد بن عيسى يصلي فلم يرفع يديه بعد التكبيرة الأولى في خفض ولا رفع حتىانصرف. وتفقدت ذلك منه في الفرض وفي غيره

(1/99)


باب من قال كل صلاة بغير قراءة فهي خداج
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: كل صلاة بغير قراءة فهي خداج.
وبه قال: حدّثني عبد الله بن موسى، قال: حدّثني أبي، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((كل صلاة لايقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج)).
باب من رأى أن يقرأ في الركعتين الآخرتين،ومن رأى أن يسبح فيهما
وبه قال محمد: سألت أحمد بن عيسى، عن الركعتين الآخرتين، من الظهر والعصر، وما أشبههما يقرأ فيهما أويسبح؟
فلم ير بأساً أي ذلك فعلت.
وقال:كان القرآن يعني أعجب إليه.
وقال أحمد بن عيسى: قد روي التسبيح، عن عَليّ -عليه السلام-.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في الركعتين الأخيرتين يسبح فيهما أو يقرأ بفاتحة الكتاب؟
قال: الذي رأيت عليه مشايخ آل الرسول، التسبيح.
وكذلك روي، عن عَليّ -عليه السلام- أنه قال: يسبح في الأخيرتين، يسبح في كل ركعة ثلاثاً يقول (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلاَّ الله، والله أكبر).يكبر في الثالثة، وإن قالها مرة واحدة في كل ركعة أجزأه ذلك.
وبه قال: حدّثني عَليّ بن أحمدبن عيسى، عن أبيه، أن علياً -عليه السلام- كان يسبح في الركعتين الأخيرتين من صلاته. قلت: وكم التسبيح؟
قال: عشر تسبيحات،

(1/100)


وهي سبحان الله.. سبحان الله...إلخ.
وبه قال محمد: وروي عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- القراءة في الأخيرتين بالحمد في كل ركعة، هو أحب إلينا، والتسبيح عندنا جائز.
باب ما ذكر في القراءة خلف الإمام
وبه قال: محمد: سألت عبد الله بن موسى، عن القراءة خلف الإمام؟
فرأى القراءة فيما يخافت فيه. أي الإمام.
وكذلك رأى أحمد بن عيسى.
وهو أيضاً قول قاسم بن إبراهيم يرى القراءة خلف الإمام فيما يخافت فيه، وكره قاسم القراءة خلف الإمام فيما يجهر فيه بالقراءة، وقال قاسم:قد أمر بالاستماع والانصات، فإذا قرأ لم يستمع ولم ينصت.
قال محمد: وذاكرت أبا الطاهر القراءة خلف الإمام، فرأى القراءة فيما خافت فيه، وكره القراءة خلف الإمام فيما يجهر، وذكر ذلك، عن عبد الله بن الحسن.

(1/101)


باب ماذكر في الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم
وبه قال: حدّثني قاسم بن إبراهيم، عن أبي بكر بن أبي أويس، عن حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، عن عَليّ -عليه السلام- أنه قال: من لم يجهر في صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم فقد أخدج صلاته.
قال محمد: كنت أصلي خلف عبد الله بن موسى، فكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في السورتين جميعا، وكذلك كان أصحابه جميعا ولد عَليّ بن أبي طالب -عليه السلام-.
وبه قال: حدّثنا أبو الطاهر، قال: حدّثنا الحسن بن عَليّ الينبعي قال: صلّيت خلف محمد بن عبد الله، وإبراهيم بن عبد الله بن الحسن، فجهرا ببسم الله الرحمن الرحيم في السورتين جميعاً.
وبه قال: حدّثني إسماعيل بن إسحاق، قال: صلّيت خلف أحمد بن عيسى المغرب، فجهر في السورتين جميعاً ببسم الله الرحمن الرحيم.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا إبراهيم بن محمد، عن أبي مالك، عن عبد الله بن عطاء، وأبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن محمد بن الحسين، عن عَليّ بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن عَليّ -عليه السلام- أنه كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا إبراهيم بن محمد، عن موسى بن عثمان، عن أبي إسحاق، عن الحرث:

(1/102)


أنه سمع علياً -عليه السلام- يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا إبراهيم بن محمد، عن حماد بن يعلى.
قال: صلّيت خلف عَليّ بن عمر بن عَليّ بن الحسين، فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في السورتين، وقال: كان أبي وجعفر يجهران بها في السورتين جميعاً.
حدّثنا إبراهيم بن محمد، عن عبد الكريم بن هلال قال: صلّيت خلف عبد الله بن الحسن بذي طوى، فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في السورتين جميعاً.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا الحكم بن سليمان قال: أخبَرَنا هشيم، عن أبي سعيد البقال، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا الحكم بن سليمان، عن عمرو بن جميع، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((كل صلاة لا يجهر فيها ببسم الله الرحمن الرحيم فهي آية اختلسها الشيطان)).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا عَليّ بن حكيم الأودي، عن عمرو بن ثابت، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن عَليّ -عليه السلام- أنه كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عَليّ بن حكيم، عن أبي أسامة ومعتمر، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، حين يفتتح وحين يفرغ من الحمد.
وبه قال:

(1/103)


حدّثنا محمد، حدّثنا عَليّ بن حكيم، عن معتمر بن سليمان، عن النعمان، عن ابن طاووس، عن أبيه أنه كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، حين يفتتح الحمد، ويجهر ببسم الله الرحمن الرحيم حين يفرغ من الحمد مثلما فعل ابن عمر.
وبه قال: حدّثنا محمد، عن عَليّ بن حكيم، عن شريك، عن عاصم بن أبي النجود، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.
وبه أخبَرَنا عَليّ بن حكيم، عن أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق قال: مارأيت أحداً أجهر ببسم الله الرحمن الرحيم من ابن مغفل.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عَليّ بن حكيم، وأبو كريب، يزيد أحدهما على صاحبه، عن حفص بن غياث، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير قال: إن عمر قَنَت في الفجر فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، إياك نعبد، ولك نصلّي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد (أي نسرع). نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إنّ عذابك بالكفار يلحق.
وبه قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب، عن إسماعيل بن أبان، عن عمر بن شمر، عن جابر، عن أبي الطفيل، عن عَليّ وعمار -رحمة الله عليهما- قالا: صلينا خلف رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.

(1/104)


فقلنا له: لقد صلّيت بنا صلاة ماتُعرف بالبصرة.؟
قال: كذلك يا أبا الشعثاء؟
قال: نعم، ماتعرف بالبصرة.
قال ابن عمر: صلّيت خلف رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في كلتا السورتين حتىقبض، وصلّيت خلف أبي بكر فلم يزل يحهر ببسم الله الرحمن الرحيم في كلتا السورتين حتى مات وصليت خلف أبي عمر فلم يزل يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم حتى مات، وأنا أجهر بهما ولن أدعهما حتى أموت.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عبّاد، عن ابن أبي يحيي، عن حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، عن عَليّ -عليه السلام- أنه كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عبّاد، عن عيسى بن راشد، عن محمد بن عبيد الله، عن الحكم بن عتيبه: أنّ علياً -عليه السلام- كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عبّاد، عن حسين بن حماد، عن سعد بن طريق، عن الأصبغ بن نباته، عن عَليّ -عليه السلام-، أنه كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عبّاد، عن محمد بن فضيل، عن مسعر بن كدام، عن يزيد الفقير، عن ابن عمر، أنه كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عبّاد، عن عبد الله بن الزبير قال: سمعت زيد بن عَليّ -عليه السلام- يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الفجر.

(1/105)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عبّاد، عن حسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عَليّ -عليه السلام- قال: آية من كتاب الله تركها الناس (بسم الله الرحمن الرحيم).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا إبراهيم بن حبيب، عن موسى بن أبي حبيبة قال: أخبرني عمي الحكم بن عمير،وكان بدرياً قال:صلّيت مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاة المغرب، وفي العشاء الأخيرة، وفي الفجر، وفي الجمعة.
وبه قال: حدّثنا محمد بن عبيد، حدّثنا موصل بن إهاب القفلي، قال: حدّثنا نجيح بن قبا، عن عبد الله بن نافع الصايغ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((كيف تقول إذا قمت إلى الصلاة))؟
قال: أقول: ((الحمد لله رب العالمين)).
قال: (قل: بسم الله الرحمن الرحيم).
أخبرنا عَليّ بن حكيم، عن معتمر بن سليمان، عن ليث، عن عطاء، وطاوس، ومجاهد، أنّهم كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم.
وبه قال: حدّثنا محمد بن عَليّ بن خلف، عن حسين الأشقر، قال: أخبَرَنا شريك، عن عاصم بن أبي النجود، عن سعيد بن جبير، أنّ ابن عباس كان يجهر مرتين ببسم الله الرحمن الرحيم.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا يوسف بن

(1/106)


موسى قال: قلت لأبي عاصم النبيل: أيهما أحب إليك الجهر أوغير الجهر؟ فقال: الجهر.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا ابن جريج، عن أبيه، عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس، كم الحمدآية؟ قال: سبع آيات.
قلت: فأين السابعة؟
قال بسم الله الرحمن الرحيم.
وبه قال: حدّثنا يوسف، عن حفص بن غياث، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مثل ذلك في الجهر.
وبه قال: حدثنا إسماعيل بن بهرام، قال: حدّثني جابر بن خثيم أخو سعيد بن خثيم قال: صلّيت خلف عبد الله بن الحسن بالأنبار الفجر فجهر في السورتين جميعا ببسم الله الرحمن الرحيم. وقرأ في الركعتين ?يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ? و?يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ?.
وبه قال: حدّثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن عَليّ بن هاشم، عن العلاء بن صالح، عن الحكم، أن أصحاب عَليّ -عليه السلام- كانوا يجهرون.
وبه عن إبراهيم بن محمد، عن عطَّاف المدني، عن نافع قال: كان ابن عمر يصلي بنا فيقرأ في الركعة السورة والسورتين والثلاث، فيفتح في كل سورة ببسم الله الرحمن الرحيم.
وبه عن إبراهيم بن محمد، عن عبد الله بن مبارك، عن معمر، عن الزهري في قوله: ?وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى?[الفتح:26]. قال: بسم الله الرحمن الرحيم.
وبه قال: أخبَرَنا عبّاد بن يعقوب، عن محمد بن يعقوب، عن سلام بن غانم

(1/107)


الخياط، عن صالح بن هيثم، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (بسم الله الرحمن الرحيم أقرب من اسم الله الأعظم، من سواد العين إلى بياضها).
وبه، عن أحمد بن عثمان بن حكيم، عن أبي نعيم عن خالد بن إياس، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((امّني جبريل، عند البيت فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم)).
وبه قال: حدّثنا عبّاد، عن عمر بن مصعب، عن فرات بن أحنف، عن أبي جعفر قال: مفتاح كل كتاب نزل من السماء: بسم الله الرحمن الرحيم. فإذا قرأ الرجل بسم الله الرحمن الرحيم ستر ما بين يديه من السماء إلى الأرض.
وبه قال: أخبَرَنا عَليّ بن أحمد، قال أخبَرَنا طلق، قال حدّثني الحكم بن ظهير الفزاري، قال حدّثني من سمع الضحاك بن مزاحم يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، الباء من بهاء الله، والسين من سناء الله، والميم من ملك الله، والله إليه يأله خلقه، والرحمن بجميع خلقه، والرحيم بالمؤمنين خاصة.
وبه قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب، عن إبراهيم بن العلاء، عن أبيه، عن عدي بن ثابت، عن أبي عبد الله الجدلي قال: صلّيت خلف عَليّ -عليه السلام- الفجر، فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، فلمّا أن قال ?غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ?[الفاتحة:7] قال: آمين كفى بربي هاديا ونصيرا. بسم الله الرحمن الرحيم ?اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ?[الأنبياء:1].

(1/108)


وبه قال: حدّثنا عبّاد، عن أبي مالك الجنبي، عن عبد الله بن عطاء، عن جعفر، أنّ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.وبه قال: أخبَرَنا عبّاد، عن موسى بن عثمان قال: سمعت جعفراً يقول: لقد أغفلوا اسماً عظيماً، بسم الله الرحمن الرحيم.
وبه قال: حدّثنا أبو كريب، عن ابن مبارك، عن مجاهد، عن عامر قال: كان إمامهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم. فقيل له: ألا تنهاه؟فقال: لم أكن لأنهاه.
وبه قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن ابن أبي يحيى، عن أبي بكر قال: سرق الشيطان من إمام المسلمين بسم الله الرحمن الرحيم.
وبه قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن عايذ بن حبيب، عن عمر بن ذر، عن أبيه، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه أنه صلى خلف عمر فسمعه يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.
وبه قال: روى أبوكريب، عن يونس بن بكير، عن يونس بن عمرو، عن أبيه، عن أبي ميسرة: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- نودي في بدء أمره (يامحمد، قل بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين...حتى بلغ ولا الضالين).
وبه قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن ابن أبي يحيى، عن حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، عن عَليّ -عليه السلام-، انّه كان يجهر ببسم

(1/109)


الله الرحمن الرحيم.
وبه قال: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، عن غندر، عن شعبة، عن الحكم قال:صلّيت خلف أبي عبد الله الجدلي، فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، فلما قرأ ?غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ?[الفاتحة:7]، قال: كفى بربي هادياً ونصيراً، ثم قرأ:بسم الله الرحمن الرحيم.
وبه عن إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن عَليّ بن غراب، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: صلّيت خلف سعيد بن جبير فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.
وبه عن إبراهيم، عن مصعب بن سلام، عن شعبة، عن رجل قال: صلّيت خلف عبد الله بن الزبير فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.
وبه عن إبراهيم بن محمد، عن زيد بن الحسن الأنطاكي قال: صلّيت خلف محمد بن عبد الله بن الحسن فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.
وبه عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن محمد العرزمي قال: صليت خلف جعفر بن محمد المغرب، فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.

(1/110)


وعن إبراهيم بن محمد، عن محمد بن كثير، عن إسماعيل بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس قال: غلب الشيطان الناسَ على بسم الله الرحمن الرحيم وهي من المثاني.
وبه قال حدثنا أبو هشام، قال: حدثني ابن أبي حماد، عن أسباط بن النضر، عن السدي، عن عبدخير، عن عَليّ -عليه السلام-: ?وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي?[الحجر:87]
قال: فاتحة الكتاب.
وبه قال: حدّثنا أحمد بن أبي عبدالرحمن، عن الحسن بن محمد، عن الحكم بن ظهير، عن السدي: ?وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي?[الحجر:87] قال: فاتحة الكتاب. وإنما سميت: المثاني؛ لأنها تثنى في كل ركعة.
باب تحريم الكلام في الصلاة
وبه قال: أخبَرَنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام-، قال: أقبل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في أول عمرة اعتمرها، فأتاه رجل فسلم عليه، وهو في الصلاة، فلم يرد عليه، فلما سلم وانصر ف قال: ((أين المسلم؟ قيل: إني كنت أصلي، وإنه أتاني جبريل -عليه السلام-، فقال: انه أمتك أن يردوا السلام في الصلاة)).

(1/111)


باب صفة القيام في الصلاة والسجود والنهوض والقعود
وبه قال محمد: رأيت أحمد بن عيسى حين كبَّر في أول الصلاة أرسل يديه على فخذيه وهو قائم، لم يضع واحدة على الأخرى.
ورأيت أحمد بن عيسى حين سجد ضم أصابعه، ووضع يديه بحذاء رأسه نحواً مما كانتا في التكبير.
ورأيت أحمد بن عيسى، حين جلس في التشهد، وضع ذراعيه على فخذيه، وأصابع كفيه مفرجة قرب ركبتيه.
ورأيت أحمد بن عيسى إذا جلس بين السجدتين، وحين يتشهد، يفترش رجله اليسرى، وينصب اليمنى.
ورأيت أحمد بن عيسى إذا رفع رأسه من السجدة الثانيه في الركعة الأولى من الفريضة ينهض من السجود إلى القيام، ولا يرجع بإليته إلى الأرض، وكذلك كان عبد الله بن موسى، ينهض من السجود إلى القيام، ولايرجع بإليته إلى الأرض.
وبه قال: حدثني ابن إسحاق قال: رأيت أحمد بن عيسى إذا نهض في صلاته إلى القيام لم يعتمد بيديه على الأرض. قال محمد: ورأيته حين ضعف يعتمد.

(1/112)


باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع
وبه قال محمد: سألت أحمد بن عيسى قلت: إذا رفعت رأسك من الركوع فقلت: سمع الله لمن حمده، تقول ربنا لك الحمد؟
قال: نعم. قلت: إماماً كنت أو غير إمام؟
قال: نعم.
قال محمد: وكذلك نقول كما قال أحمد بن عيسى.
قال محمد: سمعت قاسم بن إبراهيم كأنه يكره ذلك للإمام.
باب من كره النفخ في الصلاة و أمر بالخشوع
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن عَليّ قال: إذا دخلت في الصلاة، فلا تنقض أناملك، ولا تنفخ في الصلاة، ولا تمسح جبهتك حتى تفرغ من صلاتك.
وبه عن أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: أبصر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- رجلاً يعبث بلحيته في الصلاة، فقال: ((أما هذا فلو خشع قلبه لخشعت جوارحه)).
باب من كره أن يقول آمين في الصلاة
وبه قال: حدثنا محمد سألت أحمد بن عيسى، عن (آمين) تقولها في الصلاة إذافرغت من قراءة الحمد؟، فأومأ أنه لا يقولها، وكذلك قال قاسم بن إبراهيم: إنه لا يقولها.

(1/113)


باب التشهد في الركعتين الأوليين
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: وحدّثنا أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، أنه كان يقول في الركعتين الأوليين، يعني في التشهد: (بسم الله والحمد لله، والأسماء الحسنى كلُّها لله، أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله). ثُمّ ينهض.
وبه عن عَليّ بن أحمد بن عيسى، عن أبيه، في التشهد في الركعتين الأوليين قال: إن شاء تشهد كما يتشهد في آخر صلاته، وإن شاء قال فيها: (بسم الله، والحمد لله، والأسماء الحسنى كلها لله، أشهد أن لا إله إلاَّ الله)، ثم ينهض في الركعة الثالثة.
قلت: فإن تشهد في الجلسة الأولى بالتشهد تاماً، فقال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين؟
قال: لا نضيِّقُ ذلك عليه.
وبه قال محمد: ذكرت لقاسم بن إبراهيم التشهد في الركعتين الأوليين، فرأى أن يتشهد بتشهد زيد بن عَليّ -عليهما السلام- وهو: (بسم الله، والحمد لله، والأسماء الحسنى كلها لله، أشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله).
قال محمد: بهذا نأخذ في التشهد في الأوليين.
وبه قال: حدّثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن محمد بن كثير، عن محمد بن عبيد الله، عن أبي إسحاق:، عن الحارث، عن عَليّ -عليه السلام- أنه كان يقول في التشهد في الركعتين الأوليين:

(1/114)


(بسم الله و الحمد لله، والأسماء الحسنى كلها لله، أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله).
وبه قال: حدّثنا إبراهيم بن محمد، عن محمد بن كثير، عن عمر و بن خالد، عن زيد بن عَليّ -عليه السلام- مثله.
وبه قال: حدّثنا أبو كريب، عن يحيى بن أبي زائدة، عن حارثة بن محمد، عن عمرة، عن عائشة قالت: (كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، يجلس في الصلاة، فينصب قدمه اليمنى، ويجلس على اليسرى منتصباً، يكره أن يجلس على شقه الأيسر).
وبه قال: حدّثنا أبو كريب، عن ابن أبي زائدة، عن الثوري، عن الزبير بن عدي، عن إبراهيم قال: (كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، يفترش رجله اليسرى، حتى يرى ظاهرها أسود).
وروى أبوكريب، عن يحيى بن أبي زائدة، عن عبدالرحمن بن إسحاق قال: حدّثني زياد بن زيد، عن أبي جحيفة، عن عَليّ -عليه السلام-، قال: (إن من سنة الصلاة المكتوبة، إذا نهضت في الركعتين الأولتين، أن لاتعتمد بيديك على الأرض، إلاَّ أن لا تستطيع).
وروى أبو كريب، عن ابن أبي زائدة، عن الأعمش، عن عطية: أنه رأى ابن عباس نهض في الصلاة على صدور قدميه.
وبه قال: حدّثنا سفيان بن وكيع، عن يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن عبدالرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن من سنة الصلاة أن يخفي الإمام التشهد)).

(1/115)


باب من كره السلام في التشهد في الأولتين
وبه قال: أخبَرَنا محمد، قال حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال:
ذكرت لأبي جعفر تشهد عبد الله، فقال: إذا سلّمت على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في الركعتين الأوليين؛ فقد ذهبت حرمة الصلاة.
وبه قال: أبو جعفر محمد بن علي: سلّم على النبي في آخر صلاتك.
وبه قال محمد: سألت أحمد بن عيسى، عن التشهد في الركعتين الأوليين يقول: فيه السلام؟
فذكر عن أبي جعفر أنه كان يكرهه.

(1/116)


باب التشهد في آخر الصلاة
وبه قال: أخبرنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه،عن علي -عليه السلام- قال: كان إذا تشهد قال: (التحيات لله، الصلوات الطيبات، الغاديات، الرائحات، المنعِمات، السابغات، الطاهرات، ماطاب وزكا فلله. أشهد أن لاإله إلاّ الله وحده لاشريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، أشهد أنّك نعم الرب، وأنّ محمداً نعم الرسول).ثم يحمد الله، و يثني عليه، و يصلي علي النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وبه عن أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال حدّثني يحي، قال: صلّيت خلف أبي جعفر، فلما فرغ من الصلاة وأراد أن يسلّم قال: السلام على النبي، مقابل القبلة، ثُمّ قال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله. ثُمّ سلّم، عن يمينه فقال: السلام عليكم مرّ ة واحدة.
قال محمد: صلّيت خلف عبد الله بن موسى فسلّم واحدة خفية تلقاء وجهه وأخرى ورائه، ثُمّ سلّم، عن يمينه.

(1/117)


باب ما يقال بعد الصلاة وغير ذلك
وبه قال: أخبَرَنا محمد، قال: حدّثنا محمد بن راشد الحبال، قال: حدّثنا عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن علي، عن عَليّ -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((من قرأ في دبر كل صلاة مكتوبة مائة مرّة (قل هو الله أحد) جاز الصراط يوم القيامة، وهو عن يمينه ثمانية أذرع، وعن شماله ثمانية أذرع، وجبريل آخذ بحجزته، وهو مطَّلع في النار يميناً وشمالاً، من رأى فيها بذنب غير شرك أخرجه)).
وبه عن أحمد بن صبيح، عن حسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ((ياعلي، اقرأ في دبر كل صلاة آية الكرسي، فإنه لا يحافظ عليها إلاّ نبيّ أوصدّيق أو شهيد)).
وبه قال: حدثنا محمد بن جميل، عن مصبح بن الهلقام، عن إبراهيم، عن محمد، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن ميمون بن مهران، عن عَليّ بن أبي طالب -عليه السلام-، في صلاة العرُيان، قال: (إذا كان يراه أحد صلّى جالساً، وإذا كان لا يراه أحد صلّى قائماً، وإن أدركته الصلاة وهو في الماء، أومأ برأسه،ولم يسجد على الماء).

(1/118)


وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثنا محمد بن عبيد، عن عمر بن عبيد الطنا فسي، عن سماك بن حرب، عن موسى بن طلحة، عن أبيه قال: كنَّا نصلي فتمُرُّ بين أيدينا الدَّواب، فذكرنا ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: ((مثل مؤخرة الرحل يكون بين يدي أحدكم، ثُمّ لا يضره ما مرّ بين يديه)).
وبه قال: حدّثنا أبو كريب، عن ابن أبي زائدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: (كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يصلي صلاته من الليل وأنا معترضة بين يديه).
وبه قال: حدّثنا أبو كريب، عن ابن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (لايقطع الصلاة شئ، ولكن ادرأوا ما استطعتم).
باب من نسي القراءة في بعض الصلاة
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن عَليّ قال: (صلّيتُ خلف أبِي المغرب، فنسيَ فاتحة الكتاب في الركعة الأولى، فقرأها في الثانية).
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (إذ ا دخل الرجل في الصلاة فنسي أن يقرأ حتى يركع، فليستوِ قائماً، ثُمّ يقرأ، ويركع، ويسجد سجدتي السهو).

(1/119)


باب مايقال في الركوع والسجود
وبه قال محمد: كان قاسم بن إبراهيم يرى التسبيح في الركوع: (سبحان الله العظيم وبحمده ثلاثاً، وكان يسبح في سجوده، سبحان الله الأعلى وبحمده، ثلاثاً)، ورواه عن زيد بن عَليّ -عليه السلام-، أو عن غيره من أهله.
وبه قال محمد: صلّيت إلى جنب أحمد بن عيسى فكان يسبح في ركوعه: (سبحان ربي العظيم وبحمده)، وفي سجوده: (سبحان ربي الأعلى وبحمده).
وبه قال محمد: الذي نأخذ به في التسبيح: نقول في الركوع: (سبحان ربي العظيم)، وفي السجود: (سبحان ربي الأعلى) وكذلك سمعنا، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
باب من كان يقنت في الفجر قبل الركوع
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام-: (أنّه كان يقنت في الفجر قبل الركوع، وفي الوتر بعد الركوع).
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد قال: صحبت أبا جعفر وقد اعتمرنا عمرة شهر رمضان، فكان يصلي بنا الفجر، فيقنت قبل الركوع، ثُمّ يقول: هكذا صنع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وبه عن أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود: قال: قلت لأبي جعفر: أخبرني عن القنوت في الفجر؟
قال: قبل الركوع، فأما الوتر، فبعد الركوع.

(1/120)


وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود. قال، حدّثني خيثمة، قال: سألت أبا جعفر عن القنوت؟
قال: ما يضرك أيّ ذلك كان قبل أو بعد.
وبه قال محمد: سألت أحمد بن عيسى، عن القنوت، قلت: يقنت قبل الركوع أو بعده؟
قال: قبل وبعد، وقال: روى أهل البصرة، عن عَليّ -عليه السلام-: أنه قنت بعد الركوع، وروى أهل الكوفة، عن عَليّ -عليه السلام-: أنه قنت قبل الركوع، والذي يأخذ به أحمد بن عيسى، يقنت قبل الركوع. وبه قال محمد: ذكرت لقاسم بن إبراهيم القنوت، فلم يوجِبه، وقال: إن كان لابدَّ، ففي الفجر، ورأى أن يقنت بشيء من القرآن.
وبه قال: وأخبرني قاسم بن إبراهيم، عن موسى بن

(1/121)


جعفر -عليه السلام-، أنه قال لرجلٍ: لا تقنت، وما أصابك فهو في رقبتي.
قال محمد: وجه هذا القول، عندي من موسى بن جعفر (ع) على جهة التقيَّة.
وبه قال: حدّثني إسماعيل بن إسحاق، قال: سألت أحمد بن عيسى، عن القنوت قبل الركعة أحب اليك أو بعدها؟
قال: أمَّا أنا، فأقنت قبلها، وقد ثبت ذلك، عن عَليّ -عليه السلام-، وعن أبي جعفر، وعن زيد بن عَليّ -عليهما السلام-.
قال محمد: القنوت عندنا جائزٌ قبل الركوع، وبعد الركوع.
باب من كان يقنت بعد الركوع
قال حدّثنا محمد، قال: حدّثني عبد الله بن موسى، عن أبيه، عن عَليّ -عليه السلام- أنه قنت بعد الركعة في الفجر.
وحدّثنا محَمَّد قال: حدّثني أبو الطاهر، قال: حدّثني أبو ضمرة، عن جعفر، عن أبيه، أن علياً-عليه السلام- كان يقنت في الصبح بعد الركعة.
قال محمد: سمعت أحمد بن عيسى يقول: روى أهل البصرة، عن عَليّ -عليه السلام- أنه قنت بعد الركوع. قال أبو جعفر: كان عَليّ بن أبي طالب -عليه السلام- يقنت وهو بالمدينة بعد الركعة، فلما بويع وصار إلى الكوفة، وصلى بالناس قنت بعد الركعة في الفجر.

(1/122)


باب من كان يقنت بشيء من القرآن
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدّثني إبراهيم بن محمد، و محمد بن راشد، عن عيسىبن عبد الله قال: أخبرني أبي، عن أبيه، عن جده، عن عَليّ -عليه السلام-: أنه كان يقنت في الفجر بهذه الآية: ?آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَْسْبَاطِ?[البقرة:136]...إلى آخر الآية.
قال محمد: فذكرت ذلك لأبي الطاهر، فأقرَّ به وقال: قد روي.
وبه قال أبو جعفر: وأخبرني حسن بن حسين بهذا، عن عَليّ -عليه السلام-، وأخبرني أنه هو يقنت بهذه الآية ويقول بعدها: ?رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآْخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ?[البقرة:201].
و قال حسن بن حسين: فيكون أوله إيماناً، وآخره دعاء، فذكرت قول حسن بن حسين لإبراهيم بن محمدبن ميمون فأحبَّ أن تجرَّد الآية، كما رويت عن عَليّ -عليه السلام-.

(1/123)


باب من كان يلعن رجالاً في القنوت يسميهم
وبه قال: حدّثنا محَمَّد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر -عليه السلام- يقول:((كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يلعن رجالاً في القنوت يسميهم)).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر -عليه السلام- يقول: كان عَليّ بن أبي طالب -عليه السلام- يقنت في الصلاة، ويلعن رجالاً يسميهم، فقلت: أي يرحمك الله، يسمي رجالا في الصلاة؟
فقال: إي والله، لقد كان يسميهم.
قال محمد: الذي نأخذ به: يقنت بشيء من القرآن، وكذلك سمعنا عن عَليّ -عليه السلام-، وعن غيره.

(1/124)


باب من كان يقنت فيما جهر فيه بالقراءة
حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر -عليه السلام- يقول: كل صلاة يجهر فيها بالقراءة ففيها قنوت.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن شريك، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر -عليه السلام- مثله.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا أبو هشام الرفاعي، قال: حدّثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن عبد الله بن خالد العبسي، عن عبد الرحمن بن مَعْقِل: أن علياً -عليه السلام-، كان يقنت في المغرب، ويلعن في قنوته رجالاً سمَّاهم.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم: أن علياً -عليه السلام-، كان يقنت في المغرب والفجر، ويدعو على أعدائه.
وبه قال محمد: رأيت عبد الله بن موسى يتطوع بين المغرب والعشاء، فيرفع يديه في الركعة الأخيرة، وهو قائم بعد القراءة، فيدعو ما شاء الله.
وبه قال حدّثنا محمد بن منصور قال: حدّثنا إسماعيل بن إسحاق، قال: سمعت أحمد بن عيسى، وسئل عن تكبيرة القنوت؟ فقال: لا أعرفها.

(1/125)


باب ما يقال في القنوت في الفجر والوتر وإثبات القنوت
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في القنوت في الفجر والوتر. قال: يدعو في الوتر بما روى الحسن بن عَليّ -عليهما السلام-، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((اللهم، اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتَولَّني فيمن توليت، وبارِك لي فيما أعطيت، وقِنِي شرَّ ما قضيت، إنك تقضي ولا يُقضَىعليك، ولا يذلُّ من واليت، [ولايعزُّ مَن عاديت]، سبحانك تباركت [ربنا] وتعاليت)). وإن شاء أن يدعو في صلاة الفجر بهذا أو بغيره، ?رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآْخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ?[البقرة:201] وما أشبهه من القرآن.

(1/126)


وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور قال: حدّثني أحمدبن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام-، قال: كلمات علّمهنّ جبريل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: يقولهنّ في قنوت الفجر وقنوت الوتر: ((اللهم اهدِني فيمن هديت، وعافني فيمَن عافيت، وتولَّني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شرّ ما قضيت، إنّك تقضي ولا يقضى عليك، ولا يذل من واليت، تباركت ربي وتعاليت)).
قال: وزاد فيها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((اللهم، إني أسألك الهدى والتقى والعفة والغنى، وأعوذبك من غلبة الدين، وغلبة العدو، وبوار الأيّم)).
قال أبو جعفر: فسألت أحمد بن عيسى، عن بوار الأيّم؟
قال: كسادها.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور قال: حدّثنا محمد بن خلف، عن حسين الأشقر، عن حسن بن صالح، عن جعفر، عن أبيه، عن عَليّ -عليه السلام-، وعن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (القنوت في الفجر والوتر بعد القراءة قبل الركوع).
وبه قال: حدّثنا محمد قال: حدّثنا محمدبن علي، عن حسين الأشقر، قال: أخبَرَنا شريك، عن عطاء، عن أبيه: (أنّ علياً-عليه السلام- كان يقنت في الوتر بعد الركوع).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور قال: حدّثنا محمد بن عبيد، عن محمد بن ميمون، عن جعفر، عن أبيه (أن عليا -عليه السلام- كان يقنت في الصبح بعد الركعة).

(1/127)


وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور قال: حدّثنا محمد بن علي، عن عمر بن عبد الغفار، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس بن مالك، قال:(لم يزل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وأبو بكر وعمر يقنتون حتى مضوا).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه -عليهما السلام- قال: القنوت في الجُمعة سنة.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور قال: حدّثنا محمد بن عبيد، عن محمد بن ميمون، عن جعفر، عن أبيه: (أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كان يقنت في الظهر بعد أن يركع آخر ركعة) فيقول: ((اللهم، العن أبا سفيان بن حرب، وسهيل بن عمرو ذا الأنياب. اللهم، العن الغواة العصاة من قريش الذين عادَوا نبيك وجَهِدوا أن لا يُقال لاإله إلاَّ الله)).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور قال: حدّثنا ابن عبيد، عن موسى بن عمير، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: (قنت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وعلي -عليه السلام-، وأبو بكر، وعمرو، عثمان).
وبه قال: حدّثنا محمدبن منصور قال: حدّثنا محمد بن عبيد، عن موسى بن عمير، عن زبيد، عن مجاهد قال: (القنوت سنة ماضية).
وبه قال: حدّثنا محمد قال: حدّثنا أبو هشام، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن

(1/128)


شعبة، وسفيان، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء: (أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كان يقنت في الفجر والمغرب).
قال أبو هشام، قال: عبد الرحمن بن مهدي: وأنا أقنت فيهما.
وبه قال: حدّثنا محمد: قال: حدّثنا أبو هشام، عن ابن فضيل، قال: حدّثنا ليث، عن زبيد، عن سعيد بن جبير: أنّه كان يقنت في الفجر والمغرب.
وبه قال: حدّثنا محمدبن منصور قال: حدّثنا عَليّ بن حكيم، عن شريك، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إنما قنتُّ بكم لتدعوا الله، وتسألوه حوائجكم)).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور قال: حدّثنا عَليّ بن حكيم، عن شريك، عن عثمان بن أبي زرعة، عن عرفجة قال: (وكان من خيار أصحاب عبد الله) قال: صلّيت خلف عَليّ -عليه السلام- فقنت، وصلّيت خلف عبد الله فلم يقنت.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور قال: حدّثنا إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن عوف، عن أبي رجاء قال: رأيت ابن عباس قنت في صلاة الصبح.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور قال: حدّثنا إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن زبيد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: القنوت سنة ماضية.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور قال: حدّثنا أبو هشام، عن يحي بن يمان، عن سفيان، عن زبيد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: القنوت سنّة ماضية.

(1/129)


وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور قال: حدّثنا أبو كريب، عن إسحاق بن منصور، عن حسن بن صالح، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (القنوت قبل الركعة في الفجر والوتر).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور قال: حدّثنا أبو كريب، عن إسحاق، عن حسن قال: سمعت جعفراً -عليه السلام- يقول (القنوت في الفجر والوتر).بعد القراءة قبل الركعة.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في الوتر على الراحلة والحمار وفي المحمل، فقال: يوتر في الأرض أعجب إلينا، وإن لم يقدر على الأرض أوتَرَ وهو في محمله وعلى راحلته.
وبه قال قاسم: من نسي قنوت الوتر سجد سجدتي السهو، قال محمد: السهو في الفريضة والسنة والتطوع كله واحد، يسجد له سجدتي السهو.

(1/130)


باب البصاق في الصلاة وفي المسجد
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدّثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن حذيفة، قال: رأى حذيفة شبث بن رِبعي يبصق بين يديه في الصلاة، فقال: ويحك ياشبث،..لاتبصق بين يديك في الصلاة، فإن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: نهانا أن نبصق بين أيدينا في الصلاة، وقال: ((إن العبد إذا قام في الصلاة لم يزل الله مقبلاً عليه بوجهه حتى ينصرف، أو يحدّث نفسه بسوء)).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور قال: حدّثنا عَليّ بن حكيم، عن شريك، عن حميد، عن أنس قال: (رأيت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في الصلاة بصق في ثوبه، ثم فركه).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا أبو كريب، عن ابن أبي زائدة، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((البصاق في المسجد خطيئة كفارتها دفنها)).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا يوسف بن موسى، عن عائذ بن حبيب قال: حدّثنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: رأى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- نخامة في قبلة المسجد، فاحمرَّ وجهه، فجاءت امرأة من الأنصار فحكتها وجعلت مكانها خلوقاً، فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما أحسن هذا)).

(1/131)


وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا حسين بن نصر، عن خالد بن عيسى العكلي، عن حُصين بن المخارق، عن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلم: ((من وقّر المسجد بنخامته لقي الله يوم القيامة ضاحكاً، وأعطاه كتابه بيمينه)).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (إن المسجد ليلتوي، عند النخامة كما يلتوي أحدكم إذا وقع به).. يعني مايكره.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا الحكم بن سليمان، عن عبدربه، عن سلاَّم، عن زيد العمّي، عن جعفر العبدي، عن عَليّ بن أبي طالب -عليه السلام- قال: (مَن ازْدَرَدَ ريقَه في المسجد، جعله الله في جوفه شفاء، وكتب له به حسنة، وحطّ عنه سيئة، ورفع له درجة).
باب في التسليم في الصلاة
وبه قال محمد بن منصور: كان عبد الله بن موسى إذا تشهد في آخر صلاته يسلم أمامه تسليمة واحدة، ولا يجهر بها كثيراً، ثمّ يسلم عن يمينه وعن شماله: (السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله). شهدته يفعل ذلك.
وقال: سمعت أحمد بن عيسى، يسلم في صلاته، عن يمينه وعن شماله: (السلام عليكم ورحمة الله).
وبه قال محمد: كنت أصلي خلف عبد الله بن موسى الفريضة، فيسبح في الركوع والسجود سبعاً، وأكثر من ذلك إلى العشر.

(1/132)


باب مايجزي الرجل والمرأة أن يصلي فيه من الثياب
وبه قال: حدّثنا محمدبن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسَين، عن أبي خالد قال: كنَّا مع أبي جعفر-عليه السلام-، فسمع إقامة جار له في المسجد بالصلاة، فقال: قوموا.. فقمنا، فصلينا معه بغير أذان ولا إقامة، في قميص ليس عليه غيره، فقال له بعضنا: صلّيت بغير أذان ولا إقامة.
فقال: يجزيكم أذان جاركم. قلت: صلّيت في ثوب واحد.
قال: إذا كان ثوب واحد لايصف منك شيئاً أجزأك، وإذا كان على المرأة ثوب لايصف منها شيئاً أجزأها، بعد أن تغطِّي رأسها.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم، قال: يصلي الرجل في ثوب واحد، والمرأة في قميص وخمار، فإن لم تجد ما تختمر به، اختمرت بثوب واحد، إذا ستر شعرها وقدميها.

(1/133)


وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا أبو طاهر، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن عَليّ-عليه السلام- قال: كنت مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فأتى بني مجمم، فقال: من يؤمكم؟، قالوا: فلان... قال: ((لا يؤمّكم ذو خربة في دينه)).
قال أبو جعفر: الْخِرَبة: الذي يكون شبه الخدش.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا إبراهيم بن حبيب، عن يحيى بن يعلا، عن يونس بن خباب قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلم-: ((لا يؤمّنّ فاجرُُمؤمناً، ولا يصلي مؤمنُُخلف فاجر)).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: قال لنا أبو جعفر -عليه السلام-: لا تُصلّوا خلف ناصبٍ، ولا كرامة، إلاَّ أن تخافوا على أنفسكم أن تُشهّروا أو يشارُ اليكم، فصلوا في بيوتكم، ثُمّ اجعلوا صلاتكم معهم تطوعاً.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر يقول: إن علياً -عليه السلام- صلى خلف عثمان، اثنتي عشرة سنة، وإن الحسن والحسين -عليهما السلام- صلّيا خلف معاوية، ونحن بعده. ثُمّ قال: قد كان الحسن -عليه السلام-، ربما يتخلّف، ويعتلَّ بالمرض خشية الشهرة، وأن يقال ماله لا يشهد الصلاة.

(1/134)


وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: حدّثنا أبوجعفر-عليه السلام-، قال: دخلنا على جابر، ونحن يومئذ شباب نبتغي العلم، فقلت: إنّ قومنا أماتو الصلاة، فأخَّرُوا الظهر، وأخّروا العصر.
فقال: صلّوا في بيوتكم، ولتكن صلاتكم معهم تقيَّة.
وبه قال: محمد بن منصور قلت لأحمد: تصلّي خلف من يخالفك، وخلف من يعمل بمعصية؟
فقال: أمّا أنا فلا أُصلِّي إلاَّ خلف رضيٍّ موافق، ولكني لا أُضلِّل من صلى خلفه، لما روي.
باب من كره الصلاة خلف المملوك والأعرابي والمكفوف
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر، أنه كره أن يصلي خلف المملوك والأعرابي والمكفوف.
قال محمد: قلت لأحمد بن عيسى، تصلي خلف الأعرابي؟
فكره الصلاة خلفه. وقال: أعرابي في البادية، ولعلَّه لا يُحسن القراءة.

(1/135)


باب من رخص في الصلاة خلف المملوك والمكفوف
قال محمد: سألت أحمد بن عيسى، عن الصلاة خلف المملوك، إذا كان عفيفاً؟، فلم يرَ به بأساً، وقال: هو جائز.
وبه قال: حدّثنا محَمَّد بن منصُور، قال: حدّثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: الأعمى والمملوك تجوز إمامتهم في الصلاة، إذالم يُعرف واحدٍ منهم بريبَة.
وبه قال: وسألت أحمد بن عيسى، عن الصلاة خلف المكفوف؟ فلم يَرَ بهِ بأساً.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر، وسئل عن ولد الزنا؟
فقال: هو شرّ الثلاثة عندنا، حتى يبلغ الحِنث.. والحنث أن يجري عليه وله، فإذا بلغ ذلك، فقرأ كتاب الله عز وجل، وفَقِهَ في دين الله كان منّا، فقلنا: أنقتدي به؟
قال: نعم، ويباع نسمة.
قال محمد: يباع نسمة، إذا كان من وليدتك، فأما الّلقيط فلا هو حر، ومعنى هو شرّ الثلاثة: إذا عمل بمثل عمل والديه، وإلا فهو حرّ. رجل من المسلمين.

(1/136)


باب كيف يبتدئ الصف خلف الإمام
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: أتينا رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلم- أنا ورجل من الأنصار فتقَدمَنا -عليه السلام-، وخَلَّفَنَا خلْفَه، يصلّي بنا، ثُمّ قال: ((إذا كان اثنان، فليقم أحدهما عن يمين الآخر)).
باب فيمن لا يؤتم به في الصلاة
وبه قال: حدّثنا محَمَّد بن منصور، قال: حدّثني عَليّ بن أحمد بن عيسى، عن أبيه: فيمن دخل مع من لا يؤتم به في صلاته، كيف ينبغي له أن يصنع؟
قال: يجعل صلاته معهم تطوعاً، إلاَّ صلاة العصر والفجر، فإنه لا يتطوع بهما معهم، لأنه لا صلاة بعد صلاة الفجر، حتى تطلع الشمس، ولا بعد صلاة العصر، حتى تغرب الشمس، فإذا ابتُلِي رجل بذلك، فليدخل معهم بلا قراءة، ولاتسبيح ولا افتتاح.
قال محمد: قال أحمد بن عيسى: إن الإمام هو وافد القوم إلى الله، فأما أنا فلا أحب أن يكون وافدي إلى الله من ليس على رأيي ومذهبي، ولا أقول إنّ من صلّى خلف من يقيم أحكام الصلاة، وإن كان مخالفاً لأهل العْدل في رأيه، ليست له صلاة وليس له تضعيف صلاة الجماعة. من قِبَل أني إنما أَنقْم على المخالف الناصب أحداثه التي أحدَثَها، فأقول: لا تقبل صلاته، لتلك الأحداث، وأما صلاته إذا أتى بها بتمام ما أمرَ

(1/137)


به من أحكامها وسننها، فلا يجوز أن يقال: إنك لم تقمها لأحداثك التي أحدثت، لأنَّا إن قلنا للإمام المخالف إنك لم تتم الصلاة، وقد أتمها كنَّا غير قائلين بحق، وإن قلنا: إن تمامها ليس منه بتمام، فنذهب إلى أن نقول لم يؤمر الإمام المحدث بالصلاة فهو قد أمر بها، فإذا أُمِرَ بها بأحكامها وتمامها، فأقامها على ما وُصِفَ له،لم يجز لنا أن نقول لم يتمها وقد أتمها. لكنَّا نقول: إنها غير مقبولة منه، لأجل أحداثه، وإن كان قد أتمها، فإذا كان من خَلْفَ هذا الإمام المخالف على حق، ومذهب صحيح، وهو تارك للحدث الذي نقمه على إمامه، فقد أجزأ عنه الصلاة إن شاء الله. غير أن الاحتياط عندنا، أن يصليها الرجل لنفسه في أوَّل الوقت بتمام أحكامها، وإن هو صلاها خلف من لا يثق به في دينه، افتتح الصلاة ونواها لنفسه، وسبّح وكّبَّر، وتشهد، ينوي بها لنفسه.
قال محمد: قال أحمد: فأما إذا كان إمام القوم موافقا لأهل الحق على مذهبهم، فإني أرى الفضل في حضور الجماعة، ولا أرى التخلف عنها إلاَّ لعذر يعذر الله عليه عبده.

(1/138)


باب التشهد
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدثني عَليّ بن أحمد بن عيسى، عن أبيه في التشهد قال: إن شاء تشهد بتشهد عبد الله، وهو مما علمه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو: ((التحيات والصلوات والطيبات لله، السلام عليك أيُّها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محَمَّداً عبده ورسوله)). ثُمّ تدعو بعد ذلك بأحسن ما يحضرك. وإن شاء قال: في أول جلسة: (بسم الله والحمد لله، والأسماء الحسنى كلها لله، أشهد أن لا إله إلاَّ الله (وحده لاشريك له)، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)، ثُمّ ينهض، ثُمّ يقول في الجلسة الثانية: (بسم الله والحمد لله، والأسماء الحسنى كلُها لله، والصلوات الطيبات الطاهرات الزاكيات الناعمات السابِغَات الغاديات الرائحات المباركات، ما طاب وطهُر وزكا وخلُص ونما فلله، أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه، أرسله بالحقِّ بشيراً ونذيراً بين يَدَيِ الساعة، ليُظهِرَه على الدين كله، ولو كره المشركون، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومَن يَعْصِهِ فقد غَوى. أشهد أنك نعم الرب، وأن محمداً نعم الرسول. اللهم، صل على محمد وعلى آل محمد، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد. اللهمَّ، بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

(1/139)


اللهم، ترحم على محمدٍ وعلى آل محمد، كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم، تحنن على محَمَّد وعلى آل محمد، كما تحننت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم، سلم على محَمَّد وعلى آل محمد، كما سلَّمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار).
فإن أعجلَتْ رجلاً حاجة، فله أن يقطع التشهد من حيث يقول: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور قال: حدّثنا عَليّ ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما في السّور التي فيها السجدة هل يقرأها الرجل في الفريضة؟
قال: قرأ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلَّم- ?الم، تَنزِيلُ? (السجدة)، في صلاة الفجر، وقرأ عَليّ -عليه السلام- (سورة والنجم) في صلاة الفجر، فلمَّا قرأ السجدة في آخر السورة سجد، ثُمّ قام فقرأ ?إِذَا زُلْزِلَتِ الأَْرْضُ?[الزلزلة:1]، ثُمّ كبر وركع، ولا نرى بقراءة السورة التي فيها السجدة في الفرض بأساً.
وبه قال محمد بن منصور: لا بأس بقراءة السجدة في الفريضة، وتَسجُد بها، وغيرها أحبّ إليّ؛ للإجماع.

(1/140)


باب في إقامة الصف في الصلاة
وبه قال: حدّثنا محَمَّد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (أفضل الصفوف أولها، وهو صف الملائكة، وأفضل المقدّم ميامِنَ الإمام). قال: وقال رسول اله -صلى الله عليه وآلله وسلم-: ((إذا قمتم في الصلاة فأقيموا صفوفكم، والزَمُوا عواتِقَكُم، ولا تدعوا خللاً فيتخلّلَكم الشيطان، كما يتخلل أولادَ الحذف)).
وقال محمد: قال أحمد بن عيسى: يعني أولاد المعزى. (غنم صغار تكون بمكة).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال سمعت أبا جعفر يقول: أُقيمت الصلاة العشاء الآخرة، فابتدر الناس الصف الأول، فازدحموا إليه، قال: فالتفت إليهم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: ((أقيموا صفوفكم، ولا تَخَالَفوا، فيُخَالِف الله بين قلوبكم)).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا عبد الله بن داهر، عن عمرو بن جميع، عن جعفر، عن أبيه، عن جده -عليهم السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((فضل ميامن الصفوف على مياسرها كفضل صلاة الجماعة على صلاة الرجل وحده)).

(1/141)


باب من صلى وحده خلف الصف
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال:صلى رجل خلف الصفوف، فلمّا انصرف رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((هكذا صلّيت وحدك ليس معك أحد))؟
قال: نعم. قال: ((فأعِدَ الصلاة)).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني يوسف بن موسى، عن عبدالرحمن بن مغري، قال: حدّثنا السري بن إسماعيل، عن الشعبي، عن وابصة بن معبد، قال:صلى رجل خلف رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلم- فقام وحده في خلف الصف، فلما قضى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الصلاة، نظر إليه فقال: ((يا مصلي وحده هلاّ كنت دخلت في الصف، فإن لم تجد فيه سَعةً أخذت بيد رجل وأخرجته إليك. قم فأعد الصلاة)).

(1/142)


باب فيما يقال، عند الركوع والسجود
وبه قال: حدّثنا محَمَّد بن منصور، قال: حدّثنا علي بن حكيم، عن شريك، عن أبي عمر، عن أبي جحيفة، أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- رفع رأسه من الركوع فقال: ((سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد ملئ السماوات، وملئ الأرض، وملئ ماشئت من شيء بعد)).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني عَليّ ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما قال: يرفع يديه في تكبير الركوع، ثُمّ يركع فيقول في ركوعه: (سبحان ربي العظيم وبحمده) ثلاثاً فما فوقها، وإن شاء ترك قوله (وبحمده)، وكلّه واسع ثُمّ يستوي من الركوع قائما ويرفع يديه، ويقول: (سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد ملئ السماء، و ملئ الأرض، وملئ ما بينهما من شيء بعد)، ثُمّ يكبر ويسجد ويقول في سجوده (سبحان ربي الأعلى وبحمده) ثلاثاً فصاعدا، ويقول بين السجدتين: (ربّ اغفر لي وارحمني، واجبرني، وارفعني). فإذا فرغ من قراءة فاتحة الكتاب، وقال: ?وَلاَ الضَّالِّينَ?. إن شاء قال: (آمين)، وإن شاء ترك. كلّ ذلك واسع لاحرج فيه.
وبه قال: أبو جعفر، وقال أحمد بن عيسى أمّا أنا فأتركه.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدّثنا حفص بن غياث، عن ابن أبي ليلى، عن الشعبي، عن صله بن زفر، عن حذيفة قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وآله

(1/143)


وسلم- يقول في ركوعه: (سبحان ربي العظيم وبحمده) ثلاثاً، وفي سجوده (سبحان ربي الأعلى وبحمده) ثلاثاً.
قال محمد بن منصور: الذي نأخذ به في الفرائض، التجريد كما سمعنا. يقول في الركوع (سبحان ربي العظيم)وفي السجود: (سبحان ربي الأعلى)، وإذا رفع رأسه من الركوع قال: (ربنا لك الحمد)،لم يزد على ذلك شيئاً. وبين السجدتين لا يقول شيئاً. بذلك نأخذ، وإن أخذ إنسان ببعض ماروي فهو جائز.
باب السهو في الصلاة
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ عليه السلام قال: صلى بنا رسو ل الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الظهر خمس ركعات، فقال له بعض القوم: يارسول الله، هل زيد في الصلاة شيء؟ قال: ((وما ذاك))؟.
قال: صلّيت بنا خمس ركعات قال: فاستقبل القبلة، فكبَّر وهو جالس، وسجد سجدتين، ليس فيهما قراءة ولا ركوع، ثُمّ سلم. وكان يقول:((هما المرغمتان)).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمدبن بكر، عن أبي الجارود، قال:سمعت أبا جعفر -عليه السلام- يقول: (صلى رسول الله -صلّى الله عليه و آله وسلَّم- الفجر بالناس، فصلّى ركعة ثُمّ انصرف). قال: فقام رجل يقال له (ذو الشمالين) فقال: يارسول الله، أنسيت أم رفعت الصلاة؟ قال: ((وما ذاك، يا ذا الشمالين))؟

(1/144)


قال إنك صلّيت ركعة.
قال: فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يد ذي الشمالين يطوف به في الصفوف. فقال: ((أصدق هذا زعم أني صلّيت واحدة))؟
قالوا: نعم، يارسول الله إنما صلّيت واحدة. قال: فجاء رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فصلى بالناس ركعة أخرى، ثُمّ سجد سجدتي السهو، ثُمّ سلّم.
قال محمد بن منصور: هذا قبل أن ينزل تحريم الكلام في الصلاة.

(1/145)


باب من قال سجدتا السهو بعد التسليم
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصُور، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: سجدتا السهو بعد التسليم، وقد صحّ، عن النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- أنه سجد سجدتي السهو بعد التسليم.
وبه قال: حدّثنا محمدبن منصور، قال: حدّثنا يحيى بن محمدبن بشير، عن يحيى بن سَليم الطائفي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: قال عَليّ -عليه السلام-: سجدتا السهو بعد التسليم وقبل الكلام.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدّثنا إسماعيل بن عياش الحمصي، عن زهير بن سالم العنسي، عن عبد الله بن عبيد، عن عبدالرحمن بن جبير، عن ثوبان قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((لكل سهو سجدتان بعدما تسلم)).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا أبو كريب، عن حفص بن غياث، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: (سجد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- سجدتي السهو بعد التسليم).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا أبو كريب، عن حفص بن بشير الأسدي، عن حكيم بن نافع الرّقي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: إنّ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال:((سجدتا السهو يجزيان من كل زيادة ونقصان)).

(1/146)


باب من قال سجدتا السهو قبل التسليم
وبه قال: محمد بن منصور، سألت أحمد بن عيسى، عن سجدتي السهو قبل التسليم أو بعده؟
قال: قد قيل: وما سجدتاك، وقد ذهب حرمة الصلاة.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: حدّثني أبو جعفر، وذكر سجدتي السهو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((هما المرغمتان ترغمان الشيطان)).
فقلت لأبي جعفر -عليه السلام-: متى يسجد سجدتي السهو؟
فقال: قبل التسليم.
قال قلت: يرحمك الله، إنا نذكر أن سجدتي السهو بعد التسليم.
فقال: وما سجدتاك، وقد ذهبت حرمة الصلاة؟
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا إسماعيل بن إسحاق، قال: سألت أحمد بن عيسى، عن سجدتي السهو؟
فقال: أمّا أنا فأسجدهما بعد السلام في الزيادة والنقصان.
قال محمد بن منصور: الذي نأخذ به بعد السلام.

(1/147)


باب من دخل المسجد وقد صلوا
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام-: أنه أتاه رجلان فسلّما عليه وهو في المسجد، فقال: أصلّيتُما؟ قالا: لا.
قال: ولكناّ قد صلينا، فتَنحَيا فصلِيا، وليؤم أحدكما صاحبه، ولا أذان عليكما ولا إقامة ولا تطوع، حتى تبتدئا بالمكتوبة.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في قوم دخلوا مسجداً، وقد فاتتهم فيه الجماعة.قال: لا بأس بالتجميع فيه، والله أعلم.

(1/148)


باب فضل صلاة الفريضة والصلاة في جماعة
فسألناه، ما الكبائر؟ فقال: (قتل النفس المؤمنة، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وشهادة الزور، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف، واليمين الغموس).
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: قال رسوال الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((لن تزال أمتي يُكفّ عنها، مالم يظهروا خصالاً: عملاً بالربا، وإظهار الرُشا، وقطع الأرحام، وترك الصلاة في جماعة، وترك البيت أن يُؤم، فإذا ترك هذا البيت أن يؤم لم يُناظَروا)).
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (لاصلاة لجار المسجد، لا يجيب إلى الصلاة إذا سمع النداء).
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((تحت ظل العرش يوم لاظل إلاَّ ظله: رجل خرج من بيته فأسبغ الطهور، ثُمّ مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله، فهلك فيما بينه وبين ذلك، ورجل قام في جوف الليل بعدما هدأت كل عين، فأسبغ الطهور، ثُمّ قام إلى بيت من بيوت الله فهلك فيما بينه وبين ذلك)).
وبه قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه،

(1/149)


عن عَليّ -عليه السلام-: أنه غدا على أبي الدرداء، فوجده متَصبِّحاً فقال له علي: مالك؟.
فقال:كان منّي من الليل شيء فنمت.
فقال عَليّ -عليه السلام-: (أفتركت صلاة الصبح في جماعة)؟
فقال: نعم. فقال عَليّ -عليه السلام-: أوما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو يقول: ((لأن أصلي الفجر والعشاء الآخرة في جماعة أحبُّ إليَّ من أن أحيي ما بينهما. يا أبا الدرداء، لو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً، وإنّهما ليكفران مابينهما)).
قال: حدّثني أبو الطاهر، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لما أسري بي إلى السماء قال لي: فيم اختصم الملأ الأعلى))؟ قلت: لا أدري... فعلِّمني.
قال: ((في إسباغ الوضوء في السبرات، ونقل الأقدام إلى الجماعات،وانتظار الصلاة بعد الصلاة)).

(1/150)


باب فيما يقال عند دخول المسجد ومن كَرِهَ أكل الثوم عند دخوله إيَّاه
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام-: أنه كان إذا دخل المسجد قال: (بسم الله وبالله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته).
وبه قال: حدّثني أحمد ين عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: دخل رجل من أهل اليمن، وقد أكل الثوم فتأذّى به رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، والمسلمون، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من أكل من هذه البَقْلَةَ فلا يقرَبَنَّ مسجدنا)).
باب متى يكبر الإمام في الصلاة
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ-عليه السلام- قال: (كان رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- اذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة.كبر ولم ينتظر).
وبه عن أحمد، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، كبّر).
قال محمد: وقد قيل يُكبِّر الإمام إذا فرغ المؤذن من الإقامة.

(1/151)


باب من قال لايقطع صلاة المسلم شيء
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: كانت لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، عنزة يتوكأ عليها، ويغرزها بين يديه إذا صلى. قال: فصلى ذات يوم وغرسها بين يديه، فمرّ بين يديه كلب، ثُمّ مرّ حمار، ثُمّ مرّت امرأة، فلما انصرف قال: ((قد رأيت الذي رأيتم. ليس يقطع صلاة المسلم شيء، وادرؤا ما استطعتم)).
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر: أتقطع المرأة الصلاة؟
قال: لا. لا يقطع الصلاة شيء
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر،عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: لا يقطع الصلاة شيء. فكيف تصنع بمكة إذاً!

(1/152)


باب الصلاة في أعطان الإبل ومرابض الغنم والفضاء
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام-: أنّ راعياً سأل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: أُصلّي في أعطان الإبل؟
قال: لا.
قال: أفأصلي في مرابض الغنم؟
قال: نعم.
وبه قال: حدّثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في الرجل يصلي في الفضاء من الأرض. قال: يَخُطُّ بين يديه خطاً.
وبه قال محمد: لابأس بالصلاة إلى البعير والراحلة، فقد فعل ذلك بعض أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
باب من نام عن صلاة وقضاها
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: (بينا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يسير في سفرٍ، إذ نزل فقال: ((من يَكْلؤنَا الَّليلةَ))؟
فقال رجل أنا يارسول الله. نَمْ وأنا أكفيك الليلة.
قال: فبات الرجل قائماً مرّة، وجالساً مرّة، حتى إذا كان في وجه الصبح غلبته عيناه، فنام، فلم يستيقظ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إلاّ بالشمس. فأمر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الناس فتوضؤا، وصلَّوا الركعتين اللتين قبل الفجر، ثُمّ صلى بهم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الغداة).

(1/153)


باب ماذكر فيمن نسي صلاة أو تركها متعمداً
وبه قال محمد: سألنا أحمد بن عيسى، عمَّن نسي صلاة؟
قال: يصليها إذا ذكرها.
قلت: فإن تركها متعمداً؟
قال: فيصليها. قلت: فإن أبى أن يصلّيها؟
قال: يُستتاب، فإن تاب، وإلا قُتل. قلت: فإن تاب منها؟
قال: فيصليها. قلت: إن بعض من يقول إنْ تركها ناسياً فيصليها متى ذكرها، وإن خرج وقتها، وإن تركها متعمدا حتى يخرج وقتها فليس عليه إعادتها، إنما عليه التوبة. ويتأوّل بعضهم حديث النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما بين العبد وبين الكفر إلاَّ ترك الصلاة)).
يقولون: إذا تاب من الكفر، فليس عليه إعادة الصلاة بمنزلة المرتدّ.
فأستفظع أحمد بن عيسى هذا القول واستقبحه، وقال: المرتد إنما رجع إلى دين (يعني تديّن به) فليس عليه إعادة الصلاة، وهذا تركها وهو مُقربها فعليه إعادتها.
وبه قال: حدّثناجعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في ركعتي الفجر إذا فاتتا قبل صلاة الفجر: ليست إعادتهما بواجبة، وكذلك الوتر إذا فات، وإن أعاد ذلك فحسن جميل، وإنّ بعض أصحابنا ليؤكد في ذلك ويشدّد. قال محمد: يعيد ركعتي الفجر إن شاء بعد صلاة الفجر، وإن شاء بعد طلوع الشمس، وأما الوتر فيقضيه نهاراً، وكذلك سمعنا، عن عَليّ -عليه السلام-، أنه قال: (إذا فاتك الوتر ليلاً فاقضه نهاراً).

(1/154)


باب ما يقضي المغمى عليه من الصلاة
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: أتي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقيل له: إن عبد الله بن رواحة ثقيل، فأتاه وهو مُغْمَى عليه.
قال: فقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله أُغمِي عليَّ ثلاثة أيام، فكيف أصنع بالصلاة؟
فقال:صلّ صلاة يومِك الذي أفقت فيه، فإنه يجزيك.
وبه قال محمد: سألت أبا الطا هر عمّا يأخذ به بنو هاشم في المُغمَى عليه؟ وما الذي يجب عليه في ذلك؟ فقال: الصلاة التي أغمي عليه فيها، والصلاة التي أفاق فيها.
وبه قال: حدّثني عَليّ ومحمد بنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما، فيما يَقضِي المغمَى عليه من الصلاة.
قال: قد اختُلِفَ فيه، وأحسن ما أرى فيه: الاحتياط في ذلك، وبه آخذ، فيقضي مافاته من الصلوات الخمس إلى مادون ذلك، ولا أرى عليه قضاء أكثر من ذلك، فإن أفاق في يومه قضى صلاة يومه، وإن أفاق في ليلته، قضى صلاة ليلته، وإن امتدّ به الإغماء أكثر من الصلوات الخمس، فلا قضاء عليه.
هذا رأيي وبه آخذ لو ابتُليتُ به في نفسي وأهلي، وأسأل الله التوفيق.

(1/155)


وبه قال محمد: ذكر سفيان بن وكيع أن عمَّاراً أُغمي عليه ثلاثة أيام حين أمر عثمان بِوَطْيِه، وحين أفاق قضى صلاة ثلاثة أيام.
وقال إنّي قد فُتِقت، إن الله لايستحي من الحق.
وبه قال محمد: أحبُّ إليَّ أن يقضي المغمى عليه الجميع، ولستُ أوجبه.
وللناس فيها أربعة أقاويل: هذا أحدها.
قال قوم: يقضي جميع مافاته.
وقال قوم: يقضي صلاة ثلاثة أيام.
وقال قوم: يقضي خمس صلوات يوم وليلة.
وقال قوم: إن أغمي عليه في وقت صلاة، ولم يكن صلاّها، قضاها وحدها، لاشيء عليه غير ذلك، وإن أفاق في وقت صلاة، صلاّها. يقول قد يفيق في وقت صلاة، ولا يطيق يصلّيها، فيقضي تلك وحدها، وإن خرج وقتها لاشيء عليه غيرذلك.
قال محمد: فأجمع الأقاويل أن يقضي ما فاته كله.

(1/156)


باب في صلاة المريض
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن محمدبن بكر، عن أبي الجارود قال: كنت، عند أبي جعفر وعنده عبد الله بنه فجعل عبد الله يلوي يدي، ويعالجني. قال: فحضرت الصلاة فقام عبد الله فتوضأ، ثُمّ جاء فجلس على وسادة فصلّى عليها جالساً يومئ إيماءً، فذكرت ذلك لأبي جعفر فقال:
إنه يصدّع. ثُمّ قال أبو جعفر: إن الرجل إذا صدّع أو وعِكَ، كان في عذر. إنَّ أبا لبابة أتى علياً-عليه السلام-.فقال: يا أبا الحسن، مايبلغ من وجع الرجل أن يصلي وهو جالس؟
فقال: مالك يا أبا لبابة؟ أجهلتَ أم تجاهلت! أما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يخرج إلينا حتى يأ تي مُصلاّه هذا، ثُمّ يصلي وهو جالس؟
قال: بلى. قال: فلِمَ تسأ لني؟
وبه قال محمد: قال بعض العلماء، في المريض: إذا كان قيامه في الصلاة يزيد في علته: وسعه أن يصلي جالساً.

(1/157)


وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- على رجل من الأنصار وقد شبكته الريح، فقال: يارسول الله كيف أصلي؟
قال: ((إن استطعتم أن تُجلسوه فأجلسوه، وإلاّ فوّجهوه إلى القبلة، ومروه فليومئ إيماءً، وإن كان لايستطيع أن يقرأ القرآن فاقرؤا، عنده وأسمعوه)).
وبه قال:حدّثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: إن أطاق المريض السجود على الأرض، سجد عليها، وإن لم يُطِق ذلك سجد على مايمكنه: وسادة أوغيرها، وإن لم يمكنه ذلك لضعفه أومأَ برأسه، وكان إيماؤه لسجوده أخفض من إيمائه لركوعه.
وبه قال حدّثنا محمد: قال: حدّثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن إبراهيم بن طهمان، عن حسين المعلم، عن ابن يزيد، عن عمران بن حصين قال: كان بي الباسور، فسألت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-؟
فقال: ((صلّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)).
وبه قال محمد في المريض: يدع الصلاة لايعقلها، ثُمّ يفيق فيطيق الصلاة إيماء أو يسجد ويركع وهو قاعد، يؤخّر ما عليه من الصلاة حتى يطيق القيام والقراءة والركوع والسجود، ثُمّ يقضي ماترك. لا أعلم أحداً يختلف في هذا.

(1/158)


وبه قال محمد: فيمن به صداع أوغيرذلك من العلة فيمكنه الجلوس ولا يمكنه القيام في الصلاة أيضاً، يصلي قائماً إن استطاع، فإن لم يستطع، فيتوكأ على عصى أوحائط فجائز، قد توكأ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في الصلاة على عود، فإن لم يمكنه ذلك فتوكأ على رجل وصلى، فهو جائز، ويصلي قائما، فإن لم يمكنه القيام، فيصلي جالساً، يركع ويسجدعلى الأرض، فإن لم يمكنه السجود على الأرض، أومأ برأسه ايماء، يجعل سجوده أخفض من ركوعه، ولايسجد على وسادة ولاعود، ولا يرفع إلى وجهه مروحة، ولا غير ذلك ليسجد عليها، فإن لم يمكنه الصلاة جالساً على ما وصفنا، صلى مضطجعاً على جنبه الأيمن، بحذاء القبلة، يومئ برأسه إيماءً، يجعل السجود أخفض من الركوع، فإن لم يستطع أن يصلي على جنبه صلى على قفاه، يومئ بطرفه إيماءً، وإن لم يمكنه القراءة، قرئ عنده وأسمعوه، و أومأ كما يمكنه.
سمعنا نحو ذلك، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
باب بما ذكر في الصلاة في السفينة
وبه قال: أخبَرَنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: إذا ركبت السفينة فكانت تسير، فصلّ وأنت جالس، وإن كانت واقفة فصل وأنت قائم. وبه: عن أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سألت أبا جعفر، عن الصلاة في السفينة؟ فقال: جالساً متوجهاً إلى القبلة يومئ إيماءً، ويجعل السجود أخفض من الركوع.

(1/159)


وبه قال: حدّثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: المصلي في السفينة يصلي قائماً، فان لم يمكنه صلى على الحالة التي تمكنه، ويدور نحو القبلة إذا دارت السفينة.
وبه قال محمد: إذا كان في بحر، أوما كان نحوه، فكان من الموج ما لا يمكنه القيام، صلى جالساً يركع ويسجد، وإذا أمكنه القيام صلى قائما، ويدور مع القبلة حيث دارت السفينة، فإن لم يمكنه ذلك فقد قيل: يكبّر أول الافتتاح على القبلة، ثُمّ يصلي، ولا يضره حيث دارت.
حدّثنا محمد قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب، قال: أخبَرَنا سعيد بن عمر العنزي، عن مسعدة العبدي، عن جعفربن محمد، قال: سئل أبي وأنا عنده، عن قعود المرأة في الصلاة؟
فقال: تقعد على قدميها، وتضُم فخذيها.
باب في فضل يوم الجمعة
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من صلىعليَّ صلاةً، صلى الله عليه عشر صلوات، ومحى عنه عشر سيئات، وأثبت له عشر حسنات، واستبق ملكاه الموكلان به أيهما يبلغ روحي منه السلام)).
وقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أكثروا من الصلاة عليَّ يوم الجمعة، فإنه يوم تضاعف فيه الأعمال، وسلوا الله لي الدرجة الوسيلة من الجنة)).
قيل يارسول الله: وما الدرجة الوسيلة من الجنة؟
قال: ((هي أعلى درجة في الجنة. لاينالها إلاَّ نبيّ، أرجو أن أكون أنا هو)).

(1/160)


وبه قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، قال: سمعت أبا جعفر يقول: (إن الأشياء تُضاعف يوم الجمعة، وإني لأُحب أن أكثر فيه من الصلاة والصدقة).
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن عَليّ، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقرأ في الفجر يوم الجمعة (تنزيل. السجدة)، ثُمّ يسجدبها ويكبِّر إذا سجد، وإذا رفع رأسه، وفي الثانية ?هَلْ أَتَى عَلَى الإْنسَانِ?[الإنسان:1].
باب من كان يأتي الجمعة حافياً
وبه قال: أخبَرَنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام-: أنه كان يأتي الجمعة حافياً.
وبه: عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام-: أنه كان إذا راح إلى الجمعة يمشي حافياً، ويعلّق نعليه بيده اليسرى، ويقول: إنه موطن الله.

(1/161)


باب من يجب السعْي في الجمعة إليه
وبه قال: حدّثني شعيب بن عبيد، عن طاهربن عمرو قال: حدّثني عمي عبيد بن شعيب، عن إبراهيم بن عبد الله، أنه سئل، عن الجمعة هل تجوز مع الإمام الجائر؟
فقال: أمَّا عَليّ بن الحسين، -(وكان سيدنا أهل البيت)- فكان لا يعتَدُّ بها معهم.
وبه قال محمد: كتبت إلى أحمد بن عيسى أسأله عن السعي إلى الجمعة، فكتب إليّ وعرفت خطّه، أن الذي يجب من ذلك، مع الإمام العدل التقي الزكي المقتدى به، وإن كنت لا أقدم على من دخل في غير ذلك وعمل به؛ لاختلاف الرواية فيه عمَّن يوثق به ويؤخذ عنه فكأنه موضع رأي، وإني لا أدين الله فيه إلاَّ مع إمام الهدى. هذا رأيي ومبلَغ علمي، والله أسأل التوفيق لما يحب ويرضى، ولولا ثقتي بك لكان ترك الجواب في ذلك رأيي لما عليه أهل زمانك من التقدم في ذلك، والعجلة على من قال به بلاحجة ولا دلالة، والله المستعان.
قال محمد: ذكرت لأحمد بن عيسى تولية الإمام للرجل الذي ليس له علم، وليس بمستوٍ في كلّ أموره. هل يصلَّى خلفه؟
قال: يقولون: تولية الإمام رضى به، وكأني رأيته متوقفاً في ذلك، وذكرت ذلك لقاسم بن إبراهيم، فقال: إذا كان ذلك. نظر الإمام فيمن يصلي بهم.

(1/162)


باب من كان يعجّل بالجمعة
وبه قال: أخبَرَنا محمد، قال حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال حدّثني أبو جعفر قال: كان عَليّ يصلي ركعتين قبل الجمعة من أجل أنه كان يهجّر بها جداً، ثُمّ يخطب، ثُمّ ينزل فيصلي الجمعة ركعتين، ثُمّ يَقِيل بعد الجمعة.
وبه عن أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سألت أبا جعفر، عن الصلاة يوم الجمعة؟ فقال: تبكّر بها، تُصلّي ركعتين، عند زوال الشمس، ثُمّ تصلي الجمعة.
وبه عن عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه قال: (كان رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلم- يصلي يوم الجمعة حين تنزع الشمس من وسط السماء).
وبه عن أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال، حدّثني أبو جعفر قال:كان الحسن بن عَليّ يصلي الجمعة، يهجّر بها جدا، ثُمّ يقيل.
وعن جبارة بن المغلس قال: حدّثنا قيس، عن جابر، عن أبي جعفر، والشعبي وعطاء،
قالوا: لابأس أن يفرّق بين المولدات وآبا ئهن.

(1/163)


باب ما يقرأ في صلاة الجمعة والجهر بالقراءة فيها
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر،عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر: اقرأ في الجمعة بسورة الجمعة، وسورة المنافقين.
وعن عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر بن محمد قال: اجهروا بالقراءة في الجمعة فإنها سنة.
وبه قال: حدّثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: يُقرأ في صلاة الجمعة بما تيسر وحضر، وإن قرأ بالجمعة، وإذا جاءك المنافقون فحسن، لما جاء فيه عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
باب ما ذكر في الغسل يوم الجمعة والقنوت في الصلاة فيها
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: ما أحبُّ لأحدٍ أمكنه غسل يوم الجمعة أن يتركه، وإن اغتسل يوم الجمعة لصلاة الفجر اكتفى به من غسل الجمعة، وإن أحدث بعد ذلك، والنساء يجب عليهنّ من غسل يوم الجمعة ما يجب على الرجال.
قال محمد: ليس على النساء غسل. وإن كان إمامٌ عدلٌ، ويروى أنه على من راح منهنّ إلى الجمعة.
وبه قال: حدّثني عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه قال: القنوت يوم الجمعة سنة.

(1/164)


باب ماذكر في الصلاة الوسطى ومن قال هي الجمعة
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني قاسم بن إبراهيم، قال: حدّثنا أبو بكر بن أبي أويس، عن حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (صلاة الوسطى هي صلاة الجمعة وهي في سائر الأيام الظهر).
وبه قال محمد: سمعت قاسم بن إبراهيم يقول: إنما أريد با لوسطى، العظمى، كما قال الله تعالى:? قَالَ أَوْسَطُهُمْ.. ?[القلم: 28].. يعني أوسطهم طريقة.
وبه قال محمد: الصلاة الوسطى عندي العصر، وكذلك سمعنا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وذكر عن بعض أهل العلم أنه قال: هي الظهر، وقيل أيضاً: هي صلاة الجمعة، وقيل: هي الفجر.
قال محمد: قال ابن عباس: هي الفجر.

(1/165)


باب ما كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يخطب عليه يوم الجمعة
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن عَليّ قال: كان في المسجد جذع نخلة يستند إليها الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا خطب الناس يوم الجمعة. فقال يوماً:((من يصنع لي منبراً))؟
فقال رجل: أنا أصنعه. فقال: ((اجلس)). ثُمّ قام آخر: فقال: أنا أصنعه. فقال: ((اجلس))، ثُمّ قام ثالث فقال: أنا أصنعهُ إن شاء الله. فقال: ((اصنعه، فإن المستثني مُعانٌ موّفق إن شاء الله، انطلق فاصنع لي منبراً مرقاتين، والثالثة التي أجلس عليها، لكي أتبين من خلفي ومن عن يميني ومن عن شمالي، ويسمع الناس صوتي)). فلما جاء به، أمر به فوضعه في مقدم المسجد، فلما كان يوم الجمعة، صعد المنبر فسلّم على الناس، ثُمّ قال: ((آمين ثلاث مرّات))، ثُمّ نزل من المنبر إلى جذع النخلة فضمّها إليه، ثُمّ صعد المنبر فقال: ((أيها الناس، إن جبريل أتاني فاستقبلني، ثم قال: يا محمد، من أدرك أبويه أو أحدهما فمات، فدخل النار، فأبعده الله. قل: آمين، فقلت: آمين، ومن أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فمات فدخل النار، فأبعده الله، قل آمين. فقلت: آمين. ومن ذُكرت عنده فلم يصلّ عليك فمات فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين. فقلت: آمين. وأما النخلة حين احتضنتُها فإنها حنّت حنين الناقة إلى ولدها لفراقي إيّاها، فلما احتضنتُها، دعوت الله فسكن ذلك منها، ولولا ذلك حنّت حتى تقوم الساعة)).

(1/166)


باب تقصير الصلاة في السفر، والسفر الذي يقصر في مثله
وبه قال: أخبَرَنا محمد، قال محمد: سألت أحمد بن عيسى، عن صلاة السفر؟
فقال لي: ركعتين. قلت تقصر الصلاة، وإن خرج في تجارة؟
قال: صلاة السفر في الحجِّ والجهاد والتجارة، ركعتين.
قلت: وإن كانت من هذه التجارة التي يعملون فيها بما لا ينبغي، يعملون فيها بالمعاصي؟
قال: سنّ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- صلاة السفر ركعتين، وعليه أن لايعصي الله، ثُمّ قال لي: ما تقول! فرض الله عليه أن يصلي وإن كان يعصي الله. قلت: لله عليه فرضٌ أن يصلي، إلاَّ أنه صلاها على غير ما أُمر بها، وهي غير مقبولة.
قال أحمد: هي ليس تقبل منه وإن صلى في بيته.
وبه قال: حدّثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: على كلّ من سافر في بَرٍ أو بحرٍ أن يصلي ركعتين. قال محمد: التقصير عندنا في السفر في الحج والجهاد وغير ذلك من التجارات وغيرها، وكل سفر لا يُقصد فيه لمعصية الله، وقد قال قوم: لا يقصر إلاَّ في حج أوجهاد، واحتجوا في ذلك بفعل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في أسفاره.
وقال قوم: التقصير في الحج والجهاد والتجارات، وغير ذلك، وقد خرج عَليّ -عليه السلام- من ضيعته من ينبع فقصر وأمر من معه،..

(1/167)


فأ فطروا في رمضان. وإنّ رجلاً سأل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، عن التقصير؟.. وهو يريد تجارة إلى البحرين. فأمره أن يصلّي ركعتين.
وقال قوم: التقصير في كل سفر يجب في مثله التقصير، كان السفر في طاعة أو في معصية.
قالوا: سنّ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يقصر في السفر، وعليه هو أن لا يعصي الله في سفر ولا حضر.
وبه قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب، عن محمدبن فرات، قال: سمعت جعفراً، وسأله رجل عن الصلاة في السفر؟
فقال: صلّ الظهر ركعتين لا قبلهما ولا بعدهما، وصلِّ العصر ركعتين لاقبلهما ولا بعدهما، وصلّ بعد المغرب ركعتين. لابد منهما في سفر أو حضر، وصلّ العشاء ركعتين، وثمان بآخر الليل، وثلاث الوتر، وركعتين قبل الفجر.لابد منهما في سفر أو حضر، ثُمّ قال: هذه صلاة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وبه عن: إبراهيم بن محمد بن ميمون، قال: حدّثنا مروان، عن معمر، عن أبي جعفر في الرجل يدخل وقت الصلاة، وهو في المصر ثُمّ يسافر؟
قال: يصلّيها صلاة حضر؛ لأنها قد كانت وجبت عليه.
وبه قال: حدّثنا ضرار بن صرد، عن عبد العزيز بن محمد، عن جعفر، عن أبيه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: يُتمَّ الذي يقيم عشراً، والذي يقول اليوم أخرج.. غداً أخرج يقصر شهراً.
وبه قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب، عن حسين بن

(1/168)


زيد، عن جعفر، أنه كان إذاخرج إلى منى وعرفات قصر الصلاة.
وحدّثنا عَليّ بن حكيم، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، قال: (صلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- سبعاً جميعاً وثماناً جميعاً).
قال: قلت: أتراه أخّر هذه وعجّل هذه، وعجّل هذه وأخّر هذه؟
قال: أراه. وقال: ((أراد أن لايُحرِّج على أمته)).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا عَليّ بن حكيم، عن وكيع، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- (أنه جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير مرض ولاخوف).
وبه قال: أخبَرَنا محمد، قال: حدّثنا سفيان بن وكيع، عن أبي معاوية، عن حجاج، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (صلّيت مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- صلاة الخوف ركعتين إلاَّ المغرب ثلاثا، وصلّيت معه صلاة السفر ركعتين إلاَّ المغرب ثلاثاً).

(1/169)


باب في كم تقصر الصلاة
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر يقول: إذا أردت سفرا فخرجت من البيوت فقصِّر.
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمدبن بكر، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر محمدبن عَليّ يقول: إذا سافر المسافر بريداً، فليقصر.
وبه قال: حدّثنا محمد بن عَليّ بن حسين بن زيد قال: حدّثني عَليّ بن جعفر بن محمد، عن حسين بن زيد، عن جعفر، عن أبيه: أنه سئل في كم يقصر المسافر؟
قال: إذا كان سفرك أربعة وعشرين ميلاً ثلاثين ميلاً، فقصّر صلاتك.
..

(1/170)


قال: في بريد. قلت: ففي كم يتم إذا نوى الإقامة؟
قال: في عشر. إذا نوى أن يقيم عشراً، فليتم.
وبه قال: أخبرني بعض أصحابنا، أظنه عَليّ بن أحمد الباهلي، عن أحمد بن عيسى أنه قال: يقصر في يوم.
وبه قال: حدّثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: يقصر المسافر الصلاة في بريد، وإذا نوى مقام عشرة أيام أتمَّ، وإن أقام شهراً لاينوي الإقامة أتمّ، إذا مضى شهر وهو مقيم.
وبه قال محمد: سمعت عن عبد الله بن الحسن، أنه كان يرى التقصير في مسيرة ثلاثة أيام، ولا يرى التقصير فيما دون ذلك.
وبه قال محمد: التقصير في السفر الذي نأخذ به: إذا أراد مسيرة ثلاثة أيام قواصد من سير الإبل، فإذا برز من بلده وتوارت عنه الأبيات، ثُمّ حضرته الصلاة قصر كذلك حتى يرجع إلى بلده.
وقال بعضهم: التقصير مسيرة يوم.
وقال بعضهم: التقصير مسيرة اثني عشر ميلاً، واحتجوا في ذلك: أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- خرج من مكة إلى عرفات فقصر.
وقال قوم: التقصير في أربعة بُرد.ثمانية وأربعين ميلاً، وذكر عن أبي جعفر -عليه السلام- أنه قال: إذا كان سفرك ثلاثين ميلاًـ أربعة وعشرين ميلاً فاقصر.

(1/171)


وبه قال: حدّثنا محمدبن منصور، قال: حدّثنا أبو كريب، عن حفص، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد وأبي هريرة، قالا: قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لاتسافر امرأة سفراً ثلاثاً فصاعدا إلاَّ مع زوج أو ذي محرم)).
باب في الجَمعِ بين الصلاتين في السفر والحضر
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن ابن أبي يحيى، عن الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر قال: (غابت لنا الشمس ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بماء يقال له: (سرف) وبيننا وبين مكة ثمانية أميال أو عشرة أميال، فأخرَّ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- المغرب حتى صلاها بمكة).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا محمدبن جميل، عن ابن أبي يحيى، عن صالح مولى التؤمة، عن ابن عباس قال: (جمع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بين الظهر والعصر بالمدينة من غير خوف ولا مرض... قال ابن عباس: أراد التوسع لأمته).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا محمدبن جميل، عن أبي ضمرة، عن جعفر، عن أبيه: (أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: صلى الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين بعرفة، لم يسبّح بينهما، وصلى المغرب والعشاء بجمع. بأذان واحد وإقامتين لم يسبح بينهما).
قال محمدبن منصور: لم يسبح بينهما...يعني لم يصلّ الركعتين.

(1/172)


وبه قال: حدّثنا محمدبن منصور، قال: حدّثنا محمد بن حكيم قال: حدّثنا قتيبة أبو رجاء البلخي، عن ليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن معاذ بن جبل: (أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل تزيغ الشمس أخَّر الظهر حتى يجمعها إلى العصر، فيصليهما جميعاً، وإذا ارتحل بعد أن تزيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً، ثُمّ سار، وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخَّر المغرب حتى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب عجَّل العشاء فصلاها مع المغرب).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا جبارة بن المغلس، عن محمدبن عبدالرحمن الجمحي قال: سمعت يعني أبا حازم يقول: سمعت سهل بن سعد، يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من نابه في صلاته شيء فليقل: سبحان الله، فإن التسبيح للرجال والتصفيق للنساء)).
وبه قال: حدّثنا محمدبن منصور، قال: حدّثنا أحمد بن عثمان، قال: حدّثنا أبو عبد الرحمن المقري، قال: حدّثنا أبو العباس يحيى بن أيوب المصري، عن زيد بن جبير، عن داود بن الحصين، عن نافع، عن ابن عمر قال: (سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ينهى، عن الصلاة في سبعة مواطن: في المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وعلى قارعة الطريق، وفي الحمام، وفي معاطن الإبل، وفوق بيت الله تبارك وتعالى).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور: سألت عبد الله بن موسى، وأحمد بن عيسى، وعبيد الله بن علي، وقاسم بن إبراهيم، ومحمد بن

(1/173)


عَليّ بن جعفر بن محمد، وأبا الطاهر عن جمع الصلاتين في السفر، الظهر والعصر إذا زالت الشمس؟، فلم يروا به بأساً.
وقال عبد الله بن موسى: هو عمل.. يعني اتباع، وقال عبيدالله: ما زلنا نفعله.
وبه قال: حدّثنا محمدبن منصور، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين الحضرمي، قال حدّثنا الهذيل بن إسحاق، قال: حدّثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة، قال جمع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بالمدينة من غير خوف ولامطر، بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا يحيى بن عبد الله بن موسى، قال: صلّيت مع أبي في سفر مصرٍ الظهر والعصر حين زالت الشمس.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني إبراهيم بن عيسى بن قيس، قال: كنت لا أجمع بين الصلاتين، حتى صحبت عبد الله بن موسى منذ أربعين سنة في السفر.
قال: فكنت أتبصر الزوال. قال: فأرسل عبد الله بن موس إلى النساء صلين العصر، فأنا أجمع حتى الآن وبه قال محمد: سألت أحمد بن عيسى، وعبد الله بن موسى، وعبيد الله بن علي، وأبا الطاهر، عن جمع المغرب والعشاء لمن احتاج إلى جمعهما؟ قبل يغيب الشفق أو بعد؟
قالوا: بعد.
حدّثنا محَمَّد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر -عليه السلام-:

(1/174)


إنَّ كرِيَّنَا ربما قال: لا تنيخوا هاهنا في المكان الوعث فنمسِّي بالصلاة؟
قال: لا عليك أن تؤخرها. أتضر كَرِيَّك؟ أتريد أن تعقر به؟ إذا كان المكان الوعث، فلا بأس أن تؤخرها حتى تجد مكاناً سهلاً.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا علي بن حكيم، عن عبد الله بن رجاء المكِّي، عن عثمان بن الأسود، عن محمد بن يزيد قال: كنَّا مع مجاهد في سفر، فصلَّى بنا الظهر حين زالت الشمس، ثُمّ التفت الينا، فقال: هل لكم في الأخرى؟ فقلنا: نعم. فصلى بنا العصر.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال حدّثنا عبّاد، عن حسين بن يزيد، قال: رأيت عمر بن علي بن الحسين في السفر إذا جدَّ به السير جمع بين الصلاتين، الظهر والعصر، والمغرب والعشاء.
قال حسين: وأنا أفعله.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا محمد بن العلاء أبو كريب، عن حفص، عن الأعمش، عن شقيق، قال: شهدت ابن عباس خطب على المنبر، فبدأ بالخطبة ثُمّ نزل فجمع بين الظهر والعصر.

(1/175)


باب تقصير الصلاة بمكة
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (صلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بمكة ركعتين حتى رجع.
حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بمكة ركعتين حتى رجع.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور في التقصير بمكة إذا عزم على المقام عشراً أتمَّ الصلاة، وهي وغيرها عندنا سواء. وقد قال قوم: لاتقصر الصلاة بمكة.
وقال قوم: إذا عزم على إقامة ثلاثة أيام أتمَّ الصلاة.
وقال قوم من أهل المدينة: إذا عزم على أن يقيم أربعاً أتمَّ الصلاة.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال حدّثنا حسين بن محمد بن معدان، عن محمد بن القاسم صاحب الطالقان، قال: يقصر الصلاة إلى خمسة أيام، فإن أقام أكثر من خمس أتمَّ، واحتج أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أقام بمنى وعرفات خمساً يقصر الصلاة.

(1/176)


باب من كان يُقصّرُ الصلاة إذا خرج إلى عرفات
وبه قال: محمد بن منصور سألت أحمد بن عيسى، قلت: إذا كنت بمكة تتم الصلاة، ثُمّ خرجت إلى منى وعرفات تتم أو تقصر؟
فأشار إلى التقصير.
وقال: وسألت عبيدالله بن علي، عن ذلك؟
فقال: يقصر. فسألته عن الحجة في ذلك؟ فقال: هكذا السنة.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا عبّاد قال: سألت حسين بن زيد -عليه السلام- قلنا: كيف كان جعفر بن محمد يصنع إذا كان بمكة، ثُمّ خرج إلى منى وعرفات يتمُّ أو يقصر؟
قال: يقصر.
قال محمد: كان حسن بن صالح إذا دخل مكة عدَّ أيام مقامه بها مع مقامه بمنى وعرفات، فإذا كانت عشرة أيام أتمَّ الصلاة، وإلا قصَّر.
باب من كان يصلي المغرب في السفر والخوف ثلاثاً
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا سفيان بن وكيع، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن حجاج، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (صلّيت مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- صلاة الخوف ركعتين إلاَّ المغرب ثلاثاً. وصلّيت معه صلاة السفر ركعتين. ركعتين، إلاَّ المغرب ثلاثاً).

(1/177)


وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن عَليّ -عليه السلام-: أنه كان إذا كبّر يوم الفطر، كبر تكبيرة، ثُمّ يقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، فإذ ختمها كبَّر بعدها خمس تكبيرات، يركع بالخامسة، ثُمّ يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، فإذا ختمها كبَّر بعدها خمس تكبيرات، يركع بالخامسة، فذلك إحدى عشرة تكبيرة في الفطر.
وفي الأضحى: يقوم فيكبر تكبيرة، ثُمّ يقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، فإذا ختمها كبّر بعدها تكبيرتين، يركع بالثالثة، ثُمّ يقوم في الثانية، فيقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، فإذا ختمها كبّر بعدها تكبيرتين، يركع بالثانية، فذلك خمس تكبيرات في الأضحى.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن المحاربي، عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، عن معبد بن خالد، عن زيد بن عقبة، عن سمرة بن جندب قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقرأ في العيدين بـ ?سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَْعْلَى? و?هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ?.
وبه قال:حدثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (من السنة أن تخرج إلى العيد ماشياً وأن تأكل قبل أن تخرج).

(1/178)


وبه قال:حدثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن المحاربي، عن الحجاج بن أرطاه، عن أبي إسحاق،عن الحرث، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (لا تشريق ولا جمعة إلاَّ في مدينة عظيمة، أو في مِصرٍ جامع).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (الموعظة والتذكرة والخطبة في العيدين بعد الصلاة).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن ابن فضيل، عن غالب، عن عطاء، عن ابن عباس قال: (خرج رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يوم العيد، فصلى بغير أذان ولا إقامة، ثُمّ خطب الناس، وجلس بين الخطبتين، وكانت صلاته قبل الخطبة.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن غالب بن فائد، قال: حدّثنا قيس، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن عَليّ -عليه السلام-: (أنه كان يدعو في العيدين بين كل تكبيرتين).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا محمد بن عبيد، عن حاتم بن إسماعيل، قال: أخبَرَنا جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يخطب قائماً، ثُمّ يجلس، ثُمّ يقوم فيخطب خطبتين).
وبه قال: حدّثنا محَمَّد بن منصور، قال: حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن يحي بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن مجاهد، عن ابن عباس: أنه كره الكلام في أربعة مواطن في الجمعة، والفطر، والأضحى، والاستسقاء، والإمام يخطب.

(1/179)


باب من أبواب الصلاة
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن المحرزي، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس بن مالك قال: (سقط النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من فرس فأ نجحش شقُّه الأيمن فدخلوا عليه يعودونه، فحضرت الصلاة، فصلى بهم قاعداً، فلما قضى الصلاة قال: ((إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبّر فكبِّروا، وإذا ركع فاركعوا، فإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد، فإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون)).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا عبّاد، عن عمرو بن ثابت، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ألا أدلكم على مايكفِّر الله به الخطايا ويزيد به في الحسنات))؟
قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: ((إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى هذه المساجد، و انتظار الصلاة بعد الصلاة، فما منكم من رجل يخرج من بيته متطهراً، فيصلي في الجماعة مع المسلمين، ثُمّ يجلس في مجلسه ينتظر الصلاة الأخرى، إلا أن الملائكة تقول: اللهم، اغفر له،

(1/180)


اللهم، ارحمه، فإذا قمتم إلى الصلاة فسوّوا صفوفكم، وأقيموها، وسدّوا الفُرج، فإني أراكم من وراء ظهري، فإذا قال إمامكم: الله أكبر، فقولوا: الله أكبر، فإذا ركع فاركعوا، فإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد، وخير صفوف الرجال المقدم، وشرّها المؤخر، وخير صفوف النساء المؤخر، وشرها المقدّم. يامعشر النساء، إذا سجد الرجال فاخفضن أبصاركنَّ، لاترين عورات الرجال من ضيق الأزر)).
وبه قال: حدثنا محمدبن منصور، قال: حدثنا ضرار بن صرد، عن عبد العزيز بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن بشير بن محجن الديلي، عن أبيه محجن: أنه كان جالساً مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فأُذن بالصلاة، فقام رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فصلى، ثُمّ رجع ومحجن في مجلسه كما هو، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((مامنعك أن تصلي مع الناس؟ ألست برجل مسلم؟)).
قال: بلى يا رسول الله، ولكني كنت صلّيت في أهلي.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قدصلّيت)).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا أبو كريب، عن يحي بن أبي زائدة، عن حجاج، عن قتادة، عن الحسن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ثلاثة لا تقبل لهم صلاة: عبدٌ أَبَق حتى يرجع إلى مواليه.وامرأة عَصَت زوجها، فباتت وهو عليها غضبان. ورجل يَؤم قوماً وهم له كارهون)).

(1/181)


وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا أبو كريب، عن يحي بن عبد الرحمن، عن عبيدة بن الأسود، عن القاسم بن الوليد الهمداني، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أربعة لايُقبل لهم عمل: رجل أمَّ قوما وهم له كارهون، وعبد أبق من سيده حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان)).
وبه قال محمد بن منصور: إذا أبَقَ العبد، ثُمّ عاد إلى مواليه،لم يقضِ ما صلى في إباقِهِ.
وقال محمد: يؤتم في الصلاة بكلِّ تقيٍّ، ومن لم تظهر رِيبَته جازت شهادته والصلاة خلفه.

(1/182)


باب من يؤتم به في الصلاة
وبه قال محمد بن منصور: من كانت به عِلَّة تحجبه، عن بعض حدود الصلاة، فلا يَؤُم أحداً.
وقد روي عن عَليّ -عليه السلام- أنه قال: (لا يؤم المقيَّد المطلقين، ولا يؤم المتيمم المتوضئين).
قال: وبلغنا، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)).
وروي: ((يَؤ مَكُم فُقهاؤُكم)).
قال: وبلغنا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: ((اللهم، ارشد الأئمة)).
قال: فإذا استوى الأب والابن في القراءة، فالأب أولى بالتقديم، وإذا كان الابن أقرأ من الأب، فالابن أولى بالتقديم، لقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله))، ولم يَذكُر فيه أباً ولا ابناً.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا أبو كريب، عن يحي بن أبي زائدة، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة،عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: دعوت أُناساً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى منزلي منهم: حذيفة، وأبو ذر، وابن مسعود، فحَضَرَتِ الصلاة، فتقدم أبو ذر، فقال بعضهم: ورائك.
قال: كذلك؟
قالوا: نعم. فتأخر وتقدمتُ فصلّيتُ بهم وأنا عبد قدموني.

(1/183)


وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، عن أبي كريب، عن ابن أبي زائدة، عن قريش، عن مالك بن دينار، قال: زارني أبو الشعثاء في بيتي فكرهتُ أن أخرج إلى الصلاة، لمكانه فقلت: ألا نصلي؟
فقال: بلى، فقمتُ عن يمينه، فقال: أنت أحقُّ فقام، عن يميني وصلّيتُ به، فلما فرغنا قال: ثلاث ربهنَّ أحق بهنَّ: ربّ البيت أحق بالإمامة، وصاحب الفراش أحق بصدره، وصاحب الدابة أحق بصدرها.
وبه قال محمد: لايَؤمَّ المقيَّد المطلقين، ولابأس أن يؤم المتيمم المتيممين.
وقال بعضهم: لابأس أن يؤم المقيد المطلقين، والأُمِّي الأميين، وأحب إلينا أن يؤمهم مطلق.
وروي عن بعض أهل العلم أنه قال: لابأس أن يؤم الأمي الأميين.
وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: لايؤم الأمِّي الأميين، ومن كانت به عِلَّة من بول فلا يجوز له أن يصلي بالناس.
باب كيف يقوم الخنثى في الصف وما ذُكر في الستر
وبه قال محمد بن منصور: إذا أراد الخُنثى الصلاة في جماعة، فليقم خلف صفوف الرجال، وأمام صفوف النساء، وإذا تقدم الرجل ليصلي بخنثى وامرأة، فإنه يقوم في نقرة الإمام، وتقوم المرأة خلف الخنثى. وإن كان خلف الإمام رجلٌ وخنثى، قام الرجل، عن يمين الإمام وقام الخنثى في نقرة الإمام.

(1/184)


وبه قال محمد: يُكرَه للرجل أن يصلي وسُرَّتُه مكشوفة، ويُستَحبُّ له أن يستر من سرَّته إلى أسفل ركبتيه إلى الساق.وكذلك بلغنا عن عَليّ -عليه السلام-، فإن صلى وسرته مكشوفة فلا إعادة عليه، ولا أُحبُّ أن يُغطي الرجل لحيته ولا فَاهُ في الصلاة، فإن فعل ذلك فاعل فلا شيء عليه، ويُكره للرجل أن يصلي ومنْكِبَاهُ مكشوفان، ذكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: (أنه أمر بتخمير المناكب).
وبلغنا ذلك، عن أبي جعفر محمد بن عَليّ -عليه السلام-، وليس هو مما يُفسِدُ الصلاة إن فعله فاعل.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا إسماعيل بن بهرام، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من نام عن وترٍ أو نسيَه، فليوتر إذا أصبح أو ذكر)).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا سفيان بن وكيع، عن ابن مهدي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضَمرة، عن عليٍّ -عليه السلام- قال: (الوتر ليس بِحَتمٍ كهيئة الصلاة، و لكن سُنة، سَنَّها رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-).

(1/185)


وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن حجاج، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (لا تجب الجمعة على من يصلي ركعتين، يقول: ليس على المسافر جمعة).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا محمد بن عبدالرحمن المحرزي، قال: حدّثنا عبد السلام بن حرب، عن إسحاق، بن عبد الله بن أبي فروة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه أن معاذ بن جبل، وعبد الله بن مسعود، وعقبة بن عامر الجهني قالوا: لاتغرنَّكم ما شيتكم من صلاتكم، يظل أحدكم بماشيته برؤوس الجبال وبطون الأودية، ثم يقولون إنا قومٌ سفر. لا، ولا كرامة. إنما السفر المادَّ من الأفق إلى الأفق.

(1/186)


باب صلاة الخوف
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في صلاة الخوف، عند المسايفة، والمطاردة كيف هي؟
قال: قال الله عزوجل: ?وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاَة?[النساء:102]...الآية، يقول: وإذا كنت فيهم في سفرٍ وخوف، فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك، يقول سبحانه: من جميعهم معك، وليأخذوا أسلحتهم كلهم، من قام معك في الصلاة، ومن لم يقم معك، فإذا سجدوا..يعني الذين معه في صلاتهم آخر سجدة منها، فأتمَّوا وفرغوا من صلاتهم وسلَّموا، فلتأت طائفة أخرىلم يصلَّوا، فليصلَّوا معك، وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم كلهم، من صلى معك ومن لم يصل منهم، ولا يقال: للطائفة الأخرى لم يصلَّوا إلا والطائفة الأولى قد صلّوا، ولاتُصلى صلاة الخوف إلاَّ في سفر، ولاتصلى في الحضر.
وصلاة الخوف: أن يصلي الإمام بإحدى الطائفتين ركعة واحدة، ثم يقومون، فيتمون الركعة الثانية، ثم يسلمون، والطائفة الأخرى المواقفة لعدوهم في سلاحهم ليس لهم شغل سوى المواقفة، والحراسة لأنفسهم وإخوانهم من عدوهم بالمصَافَّةِ، فإذارجع إليهم مَن صلى منهم، وقفوا للعدوِّ موقفهم، ولم يزولوا حتى يتم إخوانهم من الصلاة ما أتموا ويسلموا من صلاتهم، كما سلموا فتكون كل طائفة قد أخذت من الصلاة مع الإمام، ومن الحراسة لأنفسهم وإخوانهم كالذي أخذت من ذلك الطائفة الأخرى.

(1/187)


فهذا أحسن الوصف في صلاة الخوف. وكذلك صلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فيما صحَّ عندنا.
بلغنا ذلك عنه في غزوة غزاها يُقال لها: ذات الرقاع.
وأما إذا كان خوفا لايقدر معه على الصلاة قياماً وركوعاً وسجوداً، فإنَّ الله تعالى يقول: ?فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا?[البقرة:239] فليومئوا برؤوسهم فيها إيماءً، ويكون السجود أخفض من الركوع قليلاً.
وأما قوله: (فرجالا) فَهُم، الرجَّالة (أي المشاة)، وأما قوله (أو رُكباناً): فهم ركبان الخيل والرواحل. فيصلي كل مُصَلٍ على قدر ما يُمكنه في خوفه وأمنه، وإن لم يمكنه من الصلاة إلاَّ التكبير والذكر والتسبيح كبَّر، وذكر الله، وفعل من ذلك على قدر ما يمكنه إن شاء الله.
وبه قال محمد بن منصور: قد روي في صلاة الخوف غير ما قال قاسم، وكل ذلك سمعنا، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
بلغنا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: في صلاة الخوف أن العدو كان بينهم وبين القبلة، وأن أصحاب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لما أقيمت الصلاة اصطَفُوا صفَّين، فكبر وكبروا معه، ثم ركع وركعوا جميعاً، فلما رفع رأسه من الركوع انحدر للسجود بالصَّف الذي يليه، وقام الصف المؤخر في نحور العدو، فلما سجد النبي -صلى الله عليه وآله

(1/188)


وسلم- سجدتين ثم نهض، واستوى قائماً بالصف الذي يليه، انحدر الصف المؤَخر فسجدوا، ثم قاموا فتقدموا وتأخر الصف المقدم، ثم ركع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وركعوا معه جميعا، ثم رفع رأسه، وانحدر الصف الذي يليه بالسجود، وقام الصف المؤخر الذي كان أولاً مقدَّما في نحور العدو، فلما سجد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- والصف الذي يليه، وجلس انحدر الصف المؤخَّر فسجدوا، ثم سلَّم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وسلموا معه.
قال جابر بن عبد الله: كما يفعل حرسكم هؤلاء بأمرائهم.
وبلغنا عن زيد بن عَليّ-عليه السلام- أنه كان في جبانة السبيع، وأهل الشام محدقون به، فأمر أصحابه فقاموا في أفواه السكك، وأمر مناديه، فأذن وأقام الصلاة، فلما فرغ صلى بهم ركعتين، وهو وسطهم، ووجه بعضهم إلى الفرات ووجه بعضهم إلى الحيرة.
وذكر بعضهم في صلاة الخوف: أن الإمام يصف أصحابه صفين، صفٌ بإزاء العدو ولايدخلون معه في الصلاة، فيفتتح الإمام الصلاة بأحد الصفين، فيصلي بهم ركعة كما قال الله وحده لاشريك له: ?فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ?[النساء:102]وعليهم أسحلتهم، فإذا فرغ منها انفتل الذين معه من غير أن يسلموا، فقاموا بإزاء العدو، وتأتي الطائفة الأخرى الذين كانوا بإزاء العدو، فيدخلون مع الإمام في الصلاة، فيصلي بهم ركعة،

(1/189)


ثم يسلم الإمام. فإذا فرغ من الصلاة، أنفتلت الطائفة الذين مع الإمام من غير أن يُسلِّموا حتى يقوموا بإزاء العدو، وتأتي الطائفة الذين كانوا بإزاء العدو، وهم الذين صلوا مع الإمام الركعة الأولى، فيقضون ركعة وِحداناً، فإذا فرغوا منها وقفوا بإزاء العدو، وجاءت الطائفة الذين صلوا مع الإمام الركعة الآخرة، فيقضون ركعة وِحداناً، فإذا فرغوا رجعوا إلى أصحابهم.
باب من رخص في الصلاة على المِسْحِ وغيره
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر -عليه السلام- قال: سأله رجل، فقال: ما تقول في الصلاة علىالمسح؟
فقال: لقد صلّيتُ خَلفَ أبي -عليه السلام- على هذا المِسْح وكنَّا جلوساً عليه.
وذكر أبو خالد: أن أبا جعفر -عليه السلام- صلى بهم على ذلك المِسْح.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: وأخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في الصلاة على المسوح، واللبود، والبُسُط وأشباهها يستحب لكل مصل أن يضع جبينه على التراب، وحضيض الأرض، فإن كان لا بُدَّ مما يتوقى به الأرض، كان مما تنبت الأرض، إلاَّ أن يخشى ضررَ الحَر والبرد، فيتوقى بما يُوْقيه، ويسجد من ذلك على ما أحب.

(1/190)


وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: أخبرني بعض أصحابنا، عن محمد بن القاسم بن عَليّ بن عمر بن عَليّ بن الحسين صاحب الطالقان أنه قال: ما جاز لك أن تصلي فيه جاز لك أن تصلي عليه.
وبه قال محمد: لابأس بالسجود على الصوف والشعر والثوب، وغير ذلك مما تجوز الصلاة فيه.
باب ما ذكر في السجود على كور العمامة
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: ما أُحبُّ أن يسجد على كور العمامة، إلاَّ أن يخشى على نفسه ضررا من حرٍّ أوبرد، ويستحب له أن يلصق جبهته بالأرض إذا سجد وأنفه، وإن لم يفعل ذلك بأنفه، لم يدخل عليه نقص في صلاته. ولا بأس أن يتقي بثوبه حرَّ الأرض وبردها، قد روي ذلك، عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وبه قال محمد: ينبغي أن يلصق جبهته وأنفه بالأرض؛ لأنه روي أنه لاتقبل صلاة لايَمَسَّ الأنف منها ما يَمَسَّ الجبين.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن قيس، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي -عليه السلام-: أنه كان يرفع العمامة عن جبهته إذا أراد أن يسجد.

(1/191)


وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في تسليم الصلاة، يسلّم تسليمتين: تسليمة عن يمينه، وتسليمة عن يساره. إماماً كان أو غير إمام، ينوي بذلك الملكين إذا كان وحده، وإن كان في جماعة، كان السلام على الملكين وعلى من معه من المصلين، عن يمينه وعن يساره، وإذاكان إماماً كان السلام على الملكين وعلى مَن خلفه مِن المصلين، يقول: (السلام عليكم ورحمة الله. السلام عليكم ورحمة الله).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن مندل، عن الأعمش، عن أبي رزين قال:صلّيت خلف عَليّ -عليه السلام-، فسلّم عن يمينه،وعن شماله: (السلام عليكم، السلام عليكم)، ثم نهض فلم يقعد.

(1/192)


باب ما نهي، عن الصلاة فيه من المواطن
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: كُرهَت الصلاة في بيوت الحمَّام الداخلة لقَذَرِها، ولم ينه عن الصلاة في بيوت الحمَّام الخارجة.وكرهت الصلاةفي المقابر. ونهي عن الصلاة على قارعة الطريق لمعنى المضرَّة بالمارَّة، وليست المضرة من أخلاق المسلمين.
وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لاضرر ولاضِرار في الإسلام)).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن مندل، عن ليث، عن الحكم، قال: قال عَليّ -عليه السلام-: (لا يُصلَّى في حمام، ولا تجاه قبور، ولا تجاه حُشٍّ).
قال محمد بن منصور، في الصلاة في الحمام: وذكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه نهى، عن الصلاة في مواطن، ذكر منها: (الحمام، والمقبرة، والمجزرة، وقارعة الطريق) فجاء الحديث مرسلاً.
فتُكره الصلاة في بيوت الحمَّام جميعاً.
وقد رخص بعض أهل العلم في الصلاة في بيت الحمَّام الخارج الذي يجلس فيه صاحب الحمام، ونهى عن الصلاة تجاه حُشٍّ، أو في بيعة، أو حيال قوم يتحدثون، إذا كان وجوههم إليك، وقيل أيضاً: حذاءَ النِّيام.

(1/193)


باب الصلاة في الخف والنعل ومن صلى وفي ثوبه دم يسير
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر -عليه السلام- يقول: صلِّ في خُفَّيك ونعليك إن شئت.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر يقول: إذا رأيت في ثوبِ صاحبك شيئاً من دم وهو في الصلاة، فلا تخبره حتى ينصرف من صلاته.
قال محمد: إذا كان في الثوب أقلَّ من قدر الدرهم الكبير، فَغَسْلُه أحبُّ إليَّ، وإن صلّيت فيه فجائز، وكذلك القيح والصديد.
باب ما ذكر في الصلاة في ثوبٍ واحد
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر -عليه السلام- يقول: حدّثني مولاي هذا أنه رأى الحسن بن عَليّ -عليه السلام- صلى في ثوب واحد، وأن الحسن حدَّثه أنه رأى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يُصلي في ثوبٍ واحد.
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: حدّثني أبوجعفر، عن جابر بن عبد الله قال: (رأيت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يصلي في ثوب واحد).
وبه قال:حدثنا محمد بن منصور، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر-عليه السلام-: إن المغيرة يقول: لا تصلي إلاَّ بإزارٍ ولو عقال تربط به وسطك.

(1/194)


فقال: يا أبا الجارود، هذا قول اليهود.. صلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في ثوب واحد.
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: قال أبوجعفر رأيت جابر بن عبد الله الأنصاري -وأمَّنا في بيته-، صلّى في ثوب واحد، وإلى جنبه مِشجَب لو شاء أن يتناول منه ثوباً لتناوله.
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سألت محمد بن علي عن الرجل يصلي في القميص الواحد؟ فقال: لا بأس.
وبه قال: حدّثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في الرجل يصلي في ثوب واحد.
قال: لا بأس بذلك، وقد جاءت به الرواية، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وصحت علىأيِّ حال كان ذلك من جِدَةٍ أو إعسار.

(1/195)


باب من قال اجعل ما ادركت مع الإمام أول صلاتك
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول إذا انتهيت إلى الإمام وقد صلى الركعتين الأولتين، فابدأ بالركعتين الأُخْرَيَين.
يقول: تستقبل صلاتك بهما، وتقرأ فيهما.
وبه قال: وحدّثنا محمد، حدّثني عَليّ بن أحمد بن عيسى، عن أبيه: في رجل أدرك ركعتين من الظهر. كيف يصنع في القراءة؟
قال: يجعل ما أدرك من الصلاة أول صلاته فيقرأ في الركعتين اللتين أدركهما بفاتحة الكتاب وسورة في نفسه، فإذا سلم الإمام قضى الذي فاته، وهما ركعتان يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب أو يسبح فيهما.
وبه قال: حدّثني علي بن أحمد، عن أبيه: في الرجل يدرك من صلاة المغرب ركعة؟.
قال: يجعلها كما قلت لك أول صلاته. يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، وسورة في نفسه، فإذا سلَّم الإمام، قام فأضاف إليها أخرى، يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وسورة، ثم يجلس، فيتشهد ثم ينهض، فيصلي ركعة يقرأ فيها بفاتحة الكتاب أو يسبح، أيّ ذلك فعل فحسن.

(1/196)


باب الضعيف يعتمد على الشيء في الصلاة
وبه قال: حدّثنا محَمَّد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: كان لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عودٌ في الحائط حين كَبِرَ وضعُفَ يعتمد عليه إذا قام يصلي، وهاهو ذاك في المسجد اليوم.
وبه: عن أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: ((كانت لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عنزةٌ يَتَوكأُ عليها)).

(1/197)


باب ما ذكر في تمام الركوع والسجود
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أبوكريب، قال: حدّثني ابن أبي زائدة، عن سعد بن طارق، قال: حدّثني نافع بن خالد الخزاعي، قال: حدّثني أبي قال:(وكان من أصحاب الشجرة) أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كان إذاصلى والناس ينظرون، صلى صلاةً خفيفةً تامة الركوع والسجود.
وبه قال: حدّثني محمد بن جميل، عن محمد بن فضيل، عن يحيى بن سعيد، عن النعمان بن مُرَّة، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال لنفر من أصحابه: ((كيف قولكم في السارق والزاني والشارب قبل أن ينزل فيه ما نزل))؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم.
فقال: ((هنَّ فواحش وفيهنَّ عقوبة، وإن أشَرَّ السّرقة، الذي يسرق صلاته)).
قالوا: يارسول الله، وكيف يسرق صلاته؟
قال: ((لايُتِمَّ ركوعها ولاسجودها)).
وبه عن جعفر بن محَمَّد بن عبد السلام، عن ابن إدريس، عن يحيى بن سعيد، عن محَمَّد بن يحيى بن حبَّان، عن ابن محيريز، عن المخدجي قال: قال عبّادة بن الصامت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((إن الله افترض على العِبَادخمس صلوات، فمن لقيه غيرمستَخِفٍّ بحقِّهنِّ ولامُضيِّع لهنَّ، فله عنده عهدُ أن لايعذّبه)).

(1/198)


باب في استقبال القبلة والقصد إليها
وبه قال محمد: قال الله لاشريك له:?فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ?[البقرة:150] فإذا تحرّى الرجل في يومِ غيمٍ، أوليلة ظلماء، فصلى ثم تبيَّن له أنه كان على غير القبلة، فإن كان انحرافه عن القبلة يميناً، أوشمالاً إلى المشرق، أو إلى المغرب، فصلاته جائزة، كما ذكر في الحديث: ((ما بين المشرق إلى المغرب قبلة)). إذالم تعلم، فإن كان تحرّى واستدبر القبلة فأَحَبُّ إلينا أن يُعيدَ، لموضع الاختلاف فيه.
وقد ذكر عن غير واحدٍ من أهل العلم في مثل هذا: إن استدبر القبلة استقبل، وكذلك إن أمَّ قوماً فتحرى فصلى على هذه الحال واستدبر القبلة، أعاد وأعادوا.
قال: وإنما تجوز الجماعة للمتحرِّين، إذا اتفق تحّرِّيهم على وجهة واحدة، وإلا فصلاتهم جميعاً باطلة إذالم يتحَرَّوا جميعاً. وذلك إذاكان التحرى في غير مِصر في بر فأشكلت عليه القبلة، فأما إذا كان في المصر، فتحرَّى وأخطأ القبلة، فليعد على كلِّ حال.
وقد قال بعضهم: في المتحري بغير المصر إذا أخطأ القبلة يميناً أو شمالاً، أواستدبرها إنه لا يعيد، وصلاته تامة. قال وإذا علم الرجل وهو راكع أوساجد أنه على غير القبلة، فإن كان منحرفاً قليلاً يميناً أو شمالاً انحرف في حال ركوعه إلى القبلة، وإن كان مستدبراً للقبلة استقبل الصلاة. وقال في الصلاة فوق البيت الحرام: لاصلاة لمن صلّى فوقه.

(1/199)


وبه قال محمد: سمعنا عن بعض أهل العلم أن فرض الصلاة الذي لايزول عن ابن آدم في حال من الأحوال، بعد أن يكون معه عقله، التكبيرة الأولى والركوع والسجود، ومن فَرْضِ الصلاة، عندنا النية، والتوجه إلى القبلة، وينوي الكعبة والتكبيرة الأولى التى بها تحرم الصلاة لقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((تحريمها التكبير)). والقيام في الصلاة، ولا يُجزيه أن يصلي قاعداً وهويستطيع القيام.
وقد اختَلف أهل العلم في القراءة. فقال جماعة من العلماء: القراءة من فرض الصلاة، لقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((كل صلاة بغير قراءة فهي خداج)).
قال محمد: والركوع بعد القراءة، ورفع الرأس من الركوع حتى يستوي قائماً، والسجود، ورفع الرأس من السجود حتى يستوي قاعداً، و يستمر في صلاته.
كذلك، وقد رُوينا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وعن جماعة من أصحابه والتابعين بعدهم أنهم قالوا: إذا رفع رأسه من آخر سجدة فقد تمت صلاته.
قال محَمَّد: وما سوى ما سمينا من فرض الصلاة بعد التكبيرة الأولى والاستعاذة وسائر التكبير في الرفع والخفض، وسمع الله لمن حمده، والتسبيح في الركوع والسجود، والتشهد في الركعتين الأولتين وفي آخر الصلاة، والتسليم،

(1/200)


فكل ذلك من سنة الصلاة، لاينبغي لواحد أن يتعمد ترك شيء من ذلك،
وقد بلغنا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال:((مفتاح الصلاة الطهور)).
قال محمد: وكذلك اللباس أيضاً لا يجزيه أن يصلي حتى يلبس، إذا كان يقدر على ما يتوارى به، لقول الله سبحانه وتعالى:?خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ?[الأعراف:31]. يريد بذلك اللباس والتستر في الصلاة.
باب ما ذكر في التكبيرة الأولى ورفع اليد فيها
أخبرنا محَمَّد قال: حدّثنا سفيان بن وكيع، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن أبي فروة، قال: حدّثني أبو عبيد الحاجب، قال: سمعت شيخاً في المسجد الحرام يقول: قال أبو الدرداء: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((إن لكلِّ شيء آنَفَة، وإن آنفة الصلاة التكبيرة الأولى فحافظوا عليها)). قال أبو عبيد: فحدثت به أبا رجاء بن حيوة، فقال: حدثتنيه أم الدرداء، عن أبي الدرداء.
وبه قال:حدّثني عبد الله بن منصور القومسي، عن أحمدبن محمد بن أمية الساوي، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا عيسى بن موسى الليثي، عن مقاتل بن حيَّان، عن الأصبغ بن نباته، عن عَليّ بن أبي طالب -عليه السلام- قال: لما نزل?فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ?، قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ياجبريل، ماهذه النحرة التي أمرني بها ربِّي؟

(1/201)


قال: إنها ليست بنحرة، ولكنَّها رفع الأيدي في ثلاث مواطن: (إذا تحرّمت بالصلاة، وإذا ركعت، وإذا رفعت رأسك) وابْدِ نَحْرَك فإنها صلاتنا وصلاة الملائكة الذين في السماوات. إن لكل شيء زينة، وزينة الصلاة رفع الأيدي في ثلاث مواطن)).
وبه قال: حدّثنا أبو هشام، عن يحيى بن يمان، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن سمعان، عن أبي هريرة قال: كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا افتتح الصلاة فرّج أصابعه.
وبه قال: حدّثنا محَمَّد بن جميل، عن إسماعيل بن صبيح، عن عمرو، عن جابر، عن أبي جعفر قال: إذا قال المنادي: قد قامت الصلاة، حلَّ افتتاحها بالتكبير، وحَرُم على أهل المسجد الكلام.

(1/202)


باب في الالتفات في الصلاة
أخبرنا محَمَّد قال: حدّثني محمد بن جميل، عن محَمَّد بن فضيل، عن أبان، عن سعيد بن جبير، عن مسروق، عن حذيفة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا التفت العبد في صلاته قال الله: أي عبدي،..أنا خيرمما التفَتَّ إليه، فإن التفت الثانية، قال الله:[أي عبدي، أنا خير مما التفتّ إليه]، فإن التفت الثالثة، قال الله:[أي عبدي،.. أنا خير مما التفتّ إليه]، فإن التفت الرابعة، أعرض الله عنه)).
قال أبو جعفر -عليه السلام- برحمته ومغفرته.
قال محمد: ذكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه كان لايلتفت في صلاته يميناً ولا شمالاً، ولكنه كان ربَّمَا لَمَحَ بعينه أمَامه.
وبه قال محمد: وإذا التفت الرجل في صلاته يمنةً أو يسرةً، فليستغفر الله ولا يَعُد. وإذا التفت في صلاته حتى يرى ما وراء ظهره، فبلغنا عن عَليّ بن الحسين أنه قال: إذا التفت الرجل في صلاته حتى يستدبر القبلة أعاد الصلاة، ويستغفر الله من ذنبه.
قال محمد: وقال الشعبي: الالتفات في الصلاة أشدُّ من الكلام.

(1/203)


باب ماذُكر في قراءة المعوذتين في الصلاة
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن أبي جعفر قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لا يقرأ المعوذتين في مكتوبة ولا تطوع إلاَّ ومعهما غيرهما من القرآن).
وبه قال: حدّثني محَمَّد بن راشد، عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن عَليّ قال:ربما قرأ عليٌّ بالمعوذتين في الفجر.
قال محمد: جائز قراءة المعوذتين وحدهما مع الحمد في الفرض. هما من القرآن.
باب في الفتح على الإمام
وبه قال: حدّثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في الإمام يتَحيَّر في قراءته فَيَقِف إذا طال تحيره، فلا بأس أن يفتح عليه من خلفه. وقد روي عن عَليّ -عليه السلام- أنه كان يأمر بذلك.
قال محمد: يُكره الفتح على الإمام، لأنه روي من وجه آخر، عن عَليّ -عليه السلام- أنه كرهه.
وبه قال: حدثنا محمد بن جميل، عن حسن بن حسين، عن عَليّ بن القاسم، عن ابن أبي رافع، عن أبيه، عن جده، عن عَليّ -عليه السلام-، قال: (إذا نسيَ الإمام آيةً وهو في الصلاة، فلا يُذَكِّرُه مَن في الصف في الصلاة).

(1/204)


باب عدّ الآيْ في الصلاة ومَن ترك القراءة فيها
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: يكره عدُّ الآي والتسبيح في الفرائض، ولابأس به في نوافل الصلوات.
وبه قال: حدّثنا جعفر، عن قاسم، في الرجل ينسى القراءة في الأولتين، إذا قرأ في صلاته بعض القراءة، كانت صلاته تامّة، وإن لم يقرأ في شيء منها أحبَبْنَا له أن يستَقبِل الصلاة استقبالاً؛ لأن الله أمر بالقراءة فيها كما أمر بها.
وبه قال محمد: إنْ قرأ في الركعتين من الظُّهر ومثلها أجزأه، وإن قرأ في ركعةٍ ونسيَ القراءة في ثلاثٍ، استقبل الصلاة، وإن قرأ في الفجر في ركعة، ونسي القراءة في الأخرى استقبل الصلاة.
وبه قال:حدَّ ثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: سألته عن الرجل يحوّل خا تمه في أصابعه، يستذكر به في الصلاة؟
فقال: هو خلقٌ حسن، هو عون للصلاة.
وبه قال: حدثنا أبو كريب، عن ابن أبي زائدة، عن عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة يرفعه، قال: ((اعربو القرآن، والتَمِسُوا غرائبه)).
(قال محمد: غرائبه.. يعني فرائضه وما أَمر به).

(1/205)


باب صلاة المسافر مع المقيم والمقيم مع المسافر
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: لايعجبني أن يدخل المسافر في صلاة المقيمين؛ لأن فرضَهُ غير فرضِهم، وحكمه غيرحكمهم في صلاته، وإذا دخل المقيم في صلاة المسافرين أتمَّ ما يبقى من صلاته إذا سلّم المسافرون.
وبه قال: حدّثنا عَليّ بن أحمد بن عيسى، عن أبيه قال، ذُكِرَ عن أمير المؤمنين أنه قال: (إذا قام المصلي في موضع جلوس، ثم ذكر أنه كان ينبغي له أن يجلس، قال: يجلس مالم يركع).
قال محمد في المسافر يصلي مع المقيم: يصلي بصلاته أربعاً. وإذا صلى مقيم خلف مسافر، فإذا انصرف المسافر، أتمّ المقيم مابقي عليه ثمّ يسلّم.
وبه قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص قال: حدّثنا ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: إذا دخل المسافر في صلاة المقيمين صلّى صلاة المقيمين.
باب من كان لايرى إعادة الصلاة إلاّ من يقين
وبه قال محمد: صلّى أحمد بن عيسى معي الظهر، قلت بعدَمَا انصرفنا: قد عرض في نفسي شيء من وضوئي، أُريد أن أعيد الصلاة، فقال أحمد:من يقين؟
قلت: لا. قال: فليس عليك. قلت: يأبى قلبي. فقال أحمد بن عيسى: إنَّه إنْ كان من يقين لزِمَني الإعادة. قلت: ليس هومن يقين. فأعَدتُ، ولم يُعد.

(1/206)


باب ما تقضي الحائض إذا طهرت
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد قال: إذا رأت المرأة الطُّهر من حيضتها نهاراً، فعليها صلاة يومها، وإن رأت الطهر في الليل، فعليها صلاة ليلتها.
وبه قال: حدّثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في الحائض تطهر آخر النهار: تصلي الظهر والعصر، إذا طهرت من آخر النهار، فيما يمكنها أن تصلي خمس ركعات، وكذلك إذا طهرت من آخر ليلتها في ما يمكنها أن تصلي فيه؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ذُكِر عنه أنه قال: ((من أدرك من العصر ركعة قبل غروب الشمس فقد أدركها، ومن أدرك من الصبح ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدركها)).

(1/207)


باب وقت ركعتي الفجر
وبه قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد قال: سألت زيدا فقلت: صلّيت ركعة قبل طلوع الفجر وركعة بعد طلوع الفجر؟
فقال: أعدهما فإنهما بعد طلوع الفجر.
قال محمد: يعني ركعتي السنة.
وبه قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن عبيدة بن حميد، عن عبد الملك، عن عطاء قال: (لما صلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الفجر، رأى رجلاً قائماً يصلي، فقال له النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ماهذه الصلاة))؟
فقال: بأبي أنت وأمي يار سول الله، جئت وأنت في الصلاة، فدخلتُ معك، ولم أكن صلّيت الركعتين، فقلت أصليهما، فسكت، عنه -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: كان لايصليهما حتى يطلع الفجر. يعني ركعتي الفجر.
وبه قال محمد: سمعت أحمد بن عيسى يقول: ركعتا الفجر بعد طلوع الفجر.
وعن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال:ركعتا الفجر بعد طلوع الفجر، ولو جاز أن يُصَلَّيَا قبل طلوع الفجر، جاز أن يصَلَّيَا بعد العتمة.

(1/208)


باب مَن أمَر بِركعَتَي الفجر وما يُقرأ فيهما وفي الركعتين بعد المغرب
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر: لاتدع ركعتي الفجر، في سفر ولا حضر.
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد، عن أبي الجارود قال: قال لي أبو جعفر: اقرأ في ركعتي الفجر: ?قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ? و?قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ?، وهما إدبار النجوم.
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر قال: اقرأ في الركعتين بعد المغرب: ?قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ? و?قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ?.
باب ماذُكر في فضل الدعاء بعد صلاة الفجر
وبه قال:حدّثنا محمد، حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن محمد ابن عمر بن عَليّ بن أبي طالب، عن أبيه، عن عَليّ بن أبي طالب -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من قعد في مُصلاّه الذي صلّى فيه الفجر يذكر الله حتى تطلع الشمس، كان له كحاج بيت الله)).
وبه قال: حدّثنا عبد الله بن داهر، عن عمرو بن جميع، عن جعفر، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((والذي نفس محمد بيده، لدعاء الرجل بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس أنجح في الحاجة من الضارب بماله في الأرض)).

(1/209)


باب الدعاء بعد ركعتي الفجر وغير ذلك
أخبرنا محمد، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- أنه كان إذاصلى الركعتين قبل الفجر، وكان لايصليهما حتى يطلع الفجر، يتكئ على جانبه الأيمن، ثم يضع يده اليمنى تحت خدِّه الأيمن مستقبل القبلة، ثم يقول: (استمسكت بعروة الله الوثقى التي لاانفصام لها، واعتصمت بحبل الله المتين، أعوذ بالله من شرّ شياطين الإنس والجن، أعوذ بالله من شرّ فسقة العرب والعجم، حسبي الله، توكلت على الله، ألجأت ظهري إلى الله، طلبت حاجتي من الله، لاحول ولا قوّة إلاَّ بالله، اللهم اجعل لي نوراً في قلبي، ونوراً في قبري، ونوراً في سمعي، ونوراً في بصري، ونوراً في لساني، ونوراً في شَعَري، ونوراً في بَشَري، ونوراً في لحمِي، ونوراً في دمي، ونوراً في عظامي، ونوراً في عصبي، ونوراً من بين يديَّ، ونوراً من خلفي، ونوراً عن يميني، ونوراً عن شمالي، ونوراً من فوقي، ونوراً من تحتي، اللهم عظِّم لي نوراً. ثلاثاً).
وبه قال: حدّثنا أبو كريب، عن ابن أبي زائدة، عن أشعث، عن الزهري قال: كان شاب من الأنصار خلف النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فكلما قرأ آية قر أها. فنزلت: ?وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ?[الأعراف:204].

(1/210)


باب الركوع وما ذكر فيه
وبه قال: أخبَرَنا محمد، قال: حدّثنا يوسف بن موسى، عن عبد الله بن موسى، عن إبراهيم بن الفضل، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا ركع أحدكم فليضع يديه على ركبتيه، ثم يمكث حتى يطمئن كلّ عظم في مفاصله، ثم يسبح ثلاث مرّات، فإنه يسبح الله من جسده ثلاثة وثلاثون وثلاثمائة عظم، وثلاثة وثلاثون وثلاثمائة عرق، وإذا سجد فليُسبح ثلاثاً، فإنه يسبح الله عزّ وجلّ من جسده مثل ذلك)).
وبه قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب، عن شريك، عن خارجة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: ((أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كان إذا ركع سوّى ظهره حتى لو صُبّ عليه ماء لاستنقع)).
وبه قال: حدّثنا أبو كريب، عن ابن أبي زائدة، عن حارثة بن محمد، عن عمرة، عن عائشة قالت: (كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يركع، فيضع يديه على ركبتيه، يتجافى بعضديه من غير أن يزيل كفيه عن ركبتيه).
وبه قال: حدّثنا أبو كريب، عن وكيع، عن إسماعيل بن رافع، عن رجل، عن أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال لرجل: ((إذا ركعت فضع يديك على ركبتيك، وافْرِج بين أصابعك)).
وبه قال محمد: وقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ((لاتجزي رجلاً صلاةٌ لايُقيم فيها ظهره في الركوع والسجود)).

(1/211)


وبه قال: وقال محمد بن علي: إذا لم يقف حتى يرجع كلّ عضوٍ منه إلى موضعه لعنه كلّ عضوٍ منه.
وبه: عن أبي كريب، عن ابن أبي زائدة، عن ليث،عن مجا هد قال: لاتقنع رأسك مع ظهرك.
قال (محمد بن منصور): يريد لا ترفع رأسك في الركوع منه، ?مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ?. الإقناع: رفع الرأس.
وبه قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن محمد بن فضيل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد قال: أتى رجلٌ عَليّاً -عليه السلام- فقال: يا أمير المؤمنين، أقرأ القرآن في الركوع والسجود؟
فقال عَليٌّ -عليه السلام-: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((نُهيت أن أقرأ القرآن في الركوع والسجود، فإذا ركعتم فعَظِّموا الله)).
وبه قال محمد: إذا ركع الرجل فمكَّن راحتيه من ركبتيه، ولم يسبح شيئاً، أجزأه ذلك.بلغنا عن عَليّ بن أبي طالب -عليه السلام- وغيره أنها تجزيه.
وبه قال محمد: وإذا كان ذلك غير عمد منه، لجهل منه بالتسبيح، استغفر الله، ولم يَعُد لمثل ذلك.
وقال في الرجل يسهو فينْحَطَّ من ركوعه إلى سجوده، ثم يذكر بعد ما سجد أنه لم يرفع رأسه من ركوعه، أَحبُّ إلينا أن يُعِيدَ. لقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لاتجزي صلاةٌ من لا يُقيم فيها صُلبَه في الركوع والسجود)).
وبه قال: وقد ذكر، عن يحيى بن آدم، أنّه قال: تجزيه صلاته، ويسجد سجدتي السهو.

(1/212)


باب السجود وما ذكر فيه
به قال: حدّثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن يحيى بن أبي زائدة، عن حارثة بن محمد،عن عمرة، عن عائشة قالت: كان النبي -صلّى الله عليه وآله وسلَّم- يسجد فيضع يديه غير مفترشهما تجاه القبلة، ويتجافى بِعَضُدَيه حتى إني أنظُر إلى بياض إبطَيْه من خلف ظهره.
وبه قال: حدّثنا أبو كر يب، عن حفص، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا سجد أحدكم فليعتَدل، ولا يفترش ذراعيه كما يفترش الكلب)).
وبه قال: حدّثنا أبو كريب، عن ابن أبي زائدة، عن عكرمة بن عمار قال: حدّثني عاصم أراه ابن شميخ، قال: رأيت أبا سعيد الخدري إذا سجد جافى بمرفقيه حتى أرى بياض إبطيه.فقال رجل معي: هكذا يصنع أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وبه قال: حدّثنا محَمَّد، قال: حدّثنا محَمَّد بن جميل، عن محَمَّد بن فضيل، عن عاصم الأحول، عن عكرمة، قال: مرَّ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- على إنسانٍ ساجد لايضع أنفه على الأرض فقال:((من صلى صلاةً لايُصيب الأنف منها ما يصيب الجبين لم تقبل صلاته)).

(1/213)


وبه قال:حدّثنا محَمَّد بن جميل، عن سفيان بن عُيينه، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: (أُمِرَ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يسجد على سبعة أعظم، ونهى عن كف الشعر والثياب: اليدين، والرجلين، والركبتين، والجبهة). ووضع سفيان يده على جبينه وأنفه وقال: هذا واحد.
وبه قال:حدّثنا عبّاد، عن مخلَد بن يزيد، عن معقل بن عبيد الله، عن زيد بن أبي أنيسة: أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كان يسجد على الشعر والصوف.
وبه قال: حدّثنا أبوكريب، عن يحيى بن أبي زائدة، عن مُقاتل بن بشير، عن شريح بن هاني، قال: سألتُ عائشة، عن صلاة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فقالت: ما رأيته متَّقِياً للأرض بشيء قطّ إلاَّ يوماً كان فيه مطر فأ لقينا تَحتَه بتاً. تعني نطعاً، كأني أنظر إلى خرق منه ينبعث منه الماء.
وبه قال: حدّثني أبوكريب، عن ابن أبي زائدة، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير قال: صلى بنا ابن عباس المغرب على طِنْفسة قد طبقت البيت.

(1/214)


باب مَن كَرِه أن يَؤمَّ الرَّجُلُ النساءَ ليس مَعَهُنَّ رجل
وبه قال: أخبرنا محَمَّد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد قال: لايؤم الرجلُ النساءَ وليس معه رجل. وقال: أرأيت إن أحدث كيف يصنع؟.
باب في المرأة تؤم النساء أين تقوم
وبه قال: أخبَرَنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: ((دخلت أنا ورسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- على أمِّ سلمة، فإذا نسوةٌ في جانب البيت يُصلّين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: يا أم سلمة، أيّ صلاة يصلين؟ قالت: يارسول الله، المكتوبة. قال: أفلا أممتهنَّ؟ قالت: يارسول الله أَوَ يصلح ذلك؟ قال: نعم. لاهنَّ أمامَكِ، ولا خلفك، وليكُنّ عن يمينك وعن شمالك)).

(1/215)


باب صلاة الكُسوف
وبه قال: أخبرنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: ((كان جبريل عند رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ذات ليلة، إذ انكسف القمر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ياجبريل، ما هذا؟ قال: أما إنه أطوع لله منكم، أما إنه لم يعص ربه مذ خلقه، وهذه آية وعبرة.
فقال: رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ياجبريل، فما ينبغي عنده، وما أفضل ما يكون من العمل؟ قال: الصلاة وقراءة القرآن)).
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محَمَّد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سألت أبا جعفر، عن صلاة الكسوف؟
فقال: إذا انكسفت الشمس، فصلَّوا وأمروا الناس بالصلاة، ولم يحدد لنا شيئاً.
وبه قال: أخبَرَني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في صلاة الكسوف قال: قد اختُلف فيها وكلٌ جائز، (ذُكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه صلى ستَّ ركعات في أربع سجدات، وذُكر أنه صلى في الكسوف عشر ركعات في أربع سجدات).
وقد قالوا: يصلي ركعتين ركعتين حتى تنجلي، وكل ذلك حسن.

(1/216)


وبه قال: حدّثنا أبو كريب، عن معاوية بن هشام، عن سفيان، عن جابر، عن المغيرة بن شبيل، عن قيس بن أبي حازم، عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((إذا قام أحدكم قائماً فلم يستتم، فليجلس، فإن استتم قائماً فلا يجلس، وليسجد سجدتين)).
باب في المرأة يدخل وقت الصلاة فلا تصلي حتَّى تحيض
وبه قال: أخبَرَنا محمد، قال حدّثناجعفر، عن قاسم: في امرأةٍ دخل عليها وقت الصلاة، فلم تصلها حتى حاضت. إذا كانت في وقت من صلاتها فرأت دمَ الحيض، لم يلزمها إعادة الصلاة؛ لأنها لم تضيعها إذا كانت في وقتٍ منها، وإن ضيعتها حتى يخرج وقت الصلاة، ثم طَمِثت بعد خروج الوقت لزمها أن تصلي إذا طَهُرت من حيضها ما تركت من الصلاة.
وبه قال: أخبَرَنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في الحائض والنفساء، هل يقضيان الصلاة؟
قال: لا تعيد المرأة صلاتها التي تركت في أيام حيضها ونفاسها، وإنما تقضي الصوم، لأن الطمث مرض من أمراضها، فتقضي الصوم، كما يقضي المريض والمسافر. تصوم عدة ما أفطرت من الأيام، كما قال الله تعالى لا شريك له: ?فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ?[البقرة:184]، والرجل والمرأة في السفر سواء.
قال محمد: قوله مرض، ليس له وجه، إنما هذا حكم الله وسنّة رسوله، أن الحائض والنفساء تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، وهذا إجماع علماء أمة محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-.

(1/217)


باب من كان يُرى أثر السجود بين عينيه
وبه قا ل محمد: رأيت في وجه أحمد بن عيسى -رحمه الله- أثراً خفياً من السجود، وكذلك رأيت في وجه عبد الله بن موسى، وقاسم بن إبراهيم، وعبد الله بن موسى بن جعفر، وإدريس بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن الحسن، وعبيد الله بن عَليّ بن عبيد الله، وعبد الله بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن حسن، بعضهم أكثر من بعض.
وبه قال: أخبرني أحمد بن عيسى: أنه ليس يصلي قائماً إلاَّ الفريضة.
قال محمد: لِضَعفٍ كان به، وكان أحمد ربما تربَّع في صلاته قاعداً، وربما لم يتربع.

(1/218)


باب من قال: لا يؤم المتيمم المتوضئين
وبه قال: أخبَرَنا الحكم بن سليمان، قال أخبرنا أسد بن سعيد، عن صالح بن رستم، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: كنَّا في غزاة فأصابت عمرو بن العاص جنابة، فتيمم فقدّمنا أبا عبيدة بن الجراح، لقول رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((لا يؤم المتيمم المتوضئين)).
وبه قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن مندل، عن حجاج بن أرطأة، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (لايؤم متيمم متوضئين).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا علي بن حكيم، عن حميد بن عبد الرحمن، قال حدّثنا محمد بن جابر، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (لا يؤم المتيمم المتوضئين).
قال أبو جعفر: وكذلك إن كانوا في جنازة.
باب في الصلاة على الخُمرة
وبه قال: حدّثنا محَمَّد بن منصور بن يزيد المرادي، قال: رأيت أحمد بن عيسى بن زيد، يصلي على حصير عبّاداني مُلبَّد بلُبَد أبيض، يسجد على خمرة من خرق من قطن مضرّبة، قد أ ثّر موضع سجوده في الخمرة.

(1/219)


باب فضل صلاة الليل
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: لَمَّا كان في ولاية عمر، سئل عن تهجِّد الرجل في بيته، وتلاوة القرآن ما هُوَ لَهْ؟ فقال: يا أبا الحسن، ألست شاهدي حين سألت رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-؟
فقلت: بلى. قال: فأدِّ ما أجابني به رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فإنك أحفظ لذلك مني.
فقلت: قال ((هو نورٌ تنوِّرُ به بيتك)).
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: حدّثنا أبو جعفر، قال: كان أبيْ، علي بن الحسين -عليه السلام-، إذا فاته شيءٌ من صلاة الليل صلاَّه بالنهار، ويقول: يا بُنيّ، إنه ليس عليكم بواجب، ولكن أحب لمن عود نفسه منكم شيئاً من الخير أن يدوم عليه، فإن الله لايعذب على الحسن، ولكن يعذب على السيء.
وبه قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: صلاة الليل والنهار التطوع مثنى مثنى، صح هذا عندنا، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-. وقد قال أهل العراق: إن صلاة الليل مثنى، وصلاة النهار أربع، وكل ذلك حسن.

(1/220)


باب من كان يصلي صلاة الليل بالسفر
وبه قال: حدّثنا محمد، قال حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر: أنه كان يصلي بالليل حيثما توجَهَتْ به راحلته، ويوتر عليها، فإذا كانت المكتوبة، نزل إلى القرار.
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن جعفر بن محمد، قال: كان أبي يصلي صلاة الليل على ظهر بعيره، ويوتر عليه، ويقرأ في الوتر في كلِّ ركعة ?قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ?.
باب من رُخّص له في التطوع على الراحلة في السَفر
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام-: أنَّ رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: يارسول الله، هل تصلي على ظهر بعيرك؟
قال: ((نعم، حيث توجَّه بك بعيرك إيماءً، يكون سجودك أخفض من ركوعك في صلاة التطوع، فإذاكانت المكتوبة فالقرار)).

(1/221)


وبه عن أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: قال أبو جعفر: ربما رأيت أبي يدعُو بوضوئه فيتوِضأ في محمله، ثم يصلي صلاة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وبه قال: وحدّثنا أحمد، عن محَمَّد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر يقول: (صلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- على ظهر ناقته أينما توجهت به، في التطوع في السفر.
وبه قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن محَمَّد، عن أبي الجارود، قال: حدّثني أبو جعفر، قال: أخبرني أبي، عن أبيه أنه قال: (خرج رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في غزاة له، فدعا بماء فتوضأ على راحلته ثم صلى يومي إيماءً، يجعل سجوده أخفض من ركوعه).
وبه قال: حدّثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في الوتر على الراحلة وفي المحمل، فقال: يوتر على الأرض أعجَبُ إلينا، وإن لم يقدر على الأرض أوترَ وهو في محمله وعلى راحلته.
قال محمد: كذا جاء (المحمل والقتب سواء) يومئ إيماءً في المحمل،كما يومئ على القتب أينما توجهت به راحلته، وكذلك إذالم يستطع النزول لصلاة الفرض صلاها على راحلته يومئ إيماء أينما توجهت به راحلته.

(1/222)


باب ما يقرأ في الوتر
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: يوتر بسبح اسم ربك الأعلى، وقل ياأيها الكافرون، وقل هو الله أحد، والمعوذتين)، ويقول: (إنما نوتر بسورة الإخلاص إذا خِفنا الصبح، فنبادر بها).
وبه عن أحمد، عن حسين، عن أبي خالد، عن جعفر قال: كان أبي يوتر بثلاث ركعات يقرأ فيهن بسورة الإخلاص.
وبه: عن أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر: كان عَليّ -عليه السلام- يوتر بتسع سور: بثلاثٍ في كل ركعة، وأما أنا فأوتر (بقل هو الله أحد)، ثم قال: أوتر بأي القرآن شئت، كله طيب.
وبه قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبح، عن القاسم، عن عبد الرحمن بن زياد بن زيد، عن أبي جحيفة قال: كان عَليّ -عليه السلام-، يوتر بتسع سور في ثلاث ركعات: (الهاكم التكاثر، وإنا أنزلناه في ليلة القدر، وإذا زلزلت)، وفي الثانية: (والعصر، وويل لكل همزة لمزة، وإنا أعطيناك الكوثر)، وفي الثالثة: (قل ياأيها الكافرون، وإذا جاء نصر الله، وقل هو الله أحد).

(1/223)


وبه عن أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال:سألت أبا جعفر، أي شيء يقرأ في الوتر؟ فقال: اقرأ بما شئت من القرآن، فإن القرآن كله طيب. فقلت له: بأي شيء توتر أنت؟
فقال:بـ?الله أحد الله الصمد?. في الثلاث جميعاً.
وبه عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن جعفر قال: كان أبي يقرأ في الوتر في كل ركعة ?قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ?.
وبه: عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: يقرأ في الوتر بما تيسر، ولايفصل بتسليم في الركعتين، وإن قرأ بـ?سبح اسم ربك الأعلى?، و?قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ?، و?قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ? فحسن.

(1/224)


باب مَن كان يُسلّم في الرَّكعتين من الوِتر ومَن كان لايُسلّم
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: يسلّم في الركعتين من الوتر.
وبه قال: حدّثني أحمد، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: كان أبي يفصل ركعتين من الوتر، ثم يأمر بحاجته، ثم يوتر بركعة.
قال محمد: سألت أحمد بن عيسى، عن الوتر؟ قلت: يفصل الركعتين بتسليم؟ قال: لا.
قال محمد: وكذلك قال قاسم بن إبراهيم.
وبه قال محمد: سألت عبد الله بن موسى عما يفعل في الوتر، يفصل الركعة أم لا؟ فحدّثني، عن أبيه، عن النبي -صلّى الله عليه وآله وسلم- قال:((صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر واحدة)).
قال محمد: وكان عبد الله يفصل الركعتين بالتسليم.
قال أبوجعفر: جائز أن يسلم في الركعتين من الوتر، وجائز بأن يصِلَها.

(1/225)


باب وقتَ الوِتر ومَن قال قَنُوت الوِتر قبلَ الرُّكوع وبَعدَه
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: أتاه رجل فقال له: إن أبا موسى الأشعري يزعُم أنه لاوتر بعد طلوع الفجر.
فقال علي -عليه السلام-: (لقد أغرق في النَّزع، وأفرط في الفُتيا، الوتر مابين الصلاتين، والوتر ما بين الأذانين. فسألته عن ذلك؟ فقال: مابين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر، ومابين أذان الفجر إلى الإقامة. وقال: إن الوتر ليس بحتم، ولا ينبغي للعبد أن يتعمد تركه، ومن رأى أنه يفرغ من وتره ومن الركعتين ومن الفجر قبل طلوع الشمس فليبدأ بالوتر).
وبه عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- أنه كان يقنت في الوتر بعد الركوع.
وبه عن أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفَر: أخبِرنِي عن القنوت؟ قال: أما الوتر فبعْدَ الركوع.
وبه عن أحمد، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- أنه كان يقنت في الوتر قبل الركوع، حين كان محارباً لمعاوية.

(1/226)


وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: القنوت في الوتر بعد الركوع، ولا يرفع يديه في دعاء الوتر. وبه قال محمد: رأيت عبد الله بن موسى يقنت في الوتر بعد الركوع، ويرفع يديه إلى نحو صدره، فإذا فرغ من دعائه أرسلها وكبَّر.
وبه قال محمد: في القنوت في الفجر قبل الركوع، وفي الوتر بعد الركوع.
باب ما يقال في الوتر من ا لقنوت
وبه قال: حدّثنا محمد، قال:حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، عن عثمان بن نشيط، قال: حدّثنا أبو مريم، قال: قلت للحسن بن علي -عليه السلام-: ألا تُحَدِّثني بحديثٍ سمعتَه من أبيك؟ قال: بلى، أخذ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بيدي حتى مرَرْنَا بحريمِ نخلٍ، وأنا يومئذٍ غلام، فوجدت تمرةً عند نخلة فجمزت حتى أخذتها، فألقيته في فِيَّ، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حتى أدخل إصبعه في فِيَّ فأخرجها بلُعَابِها، ثم قال: ((إنَّا آلَ محمَّد لاتحِلُ لنا الصدقة)).
قال: ثم علَّمني كلماتٍ أقولهنَّ في القنوت، وعقد هنّ في يدي: ((رب اهدِني فيمَن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولَّني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شرَّ ماقضيت، فإنك تقضي ولا يُقضَى عليك، وإنه لا يذلّ من واليت، تباركت ربنا وتعاليت)) فما تركتُهنَّ بعد.

(1/227)


وعن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام-:أنه كان يقنت في الوتر قبل الركوع فيقول: (اللهم، إليك رُفِعَت الأبصار، وبُسِطَت الأيدي، وأفضَتِ القلوب، ودُعِيتَ بالألسُن، وتُحُوكِم إليك في الأعمال. اللهم، افتَح بيننا وِبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين. نشكوإليك غَيبَة نبيِّنا، وكثرة عدوِّنا، وقلَّة عددنا، وتظاهر الفتن، وشدَّة الزَّمان. اللهم، فأعِنَّا بفتح تعجله، ونصر تُقَرِّبه، وسلطان حق تُظهره، إله الحق آمين).
باب من نام عن الوتر
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سألت أبا جعفر -عليه السلام- عن الوتر ينامُ عنه الرجل أوينساه؟ قال: يوتر من النهار. وكان أبي عَليّ بن الحسين يوتر عند زوال الشمس.
وقال زيد بن علي: ربَّما أوترت ضحى.
وبه قال: حدّثني أبو الطاهر، عن حسين بن زيد قال: سئل جعفر-عليه السلام- عن الوتر إذا فاته؟ فقال: إذا زالت الشمس.
قال محمد: إذا أصبح قضاه.

(1/228)


باب مايصنع من يخرج إلى الجبانة يوم الفطر
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، (عن حسين بن علوان)، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليهم -عليه السلام-: أنه كان يمشي في خمسة مواطن حافياً، ويعلّق نعليه بيده اليسرى، وكان يقول إنها مواطن لله، فأحب أن أكون فيها حافياً: (يوم الفطر، ويوم الأضحى، وإذا عاد مريضاً، وإذا شيّع جنازة، وإلى الجمعة).
وبه عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد قال: خرجنا مع زيد يوم الفطر فدعا بماءٍ فاغتسل، ثم دعا بطعام فَطَعِم، ثم خرج يمشي ونحن معه. يكبر ويقول في تكبيره: (الله أكبر، الله أكبر، لاإله إلاالله والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، والحمد لله على ما هدانا)، حتى جلس وخرج الإمام، فأذّن المؤذن وأقام، ثم صلينا، فلما انصرفنا صلى بعده أربع ركعات، لم يفصل بينهن، فقلت: بأبي أنت وأمي ماهذا؟
وبه قال: حدّثنا محمد، قال حدّثنا عبّاد، عن أبي عَليّ القطان، عن أبي الجارود قال: قال زيد بن علي-عليه السلام-: إني لم أقتد بالفاسق.
قال محمد: من فاته العيدان مع الإمام، فليُصَلِّ أربع ركعات، يُسلِّم في آخرهن، وليس عليه تكبيركما يكبر الإمام في جماعة.
قال محمد: إن شاء كبّر. وقال: أنا أفعله، فأصلي أربع ركعات متصلة، وأكبر في الأولتين.

(1/229)


باب ما يصنَعُ من يَخرُج يومَ النَّحرِ إلى الْمُصَلَّى
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- أنه كان يمشي حافياً يوم النحر.
وعن أحمدبن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد قال: خرجنا مع زيد يوم أضحى، فدعى بماء فأفاض عليه ثم لم يطعم شيئاً، حتى خرج فكبر، ويقول في تكبيره: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاَّ الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، والحمدلله على ما هدانا)، وزادفيه حين بدأ (الله أكبر على مارزقنا من بهيمة الأنعام)، ثم قطعَها حين أقبل حتىجلس، فخرج الإمام، فأذَّن المؤذن وأقام، ثم صلينا، فلما انصرف صلى بعدها أربع ركعات لم يفصل بينهن، فسألته عن ذلك؟ فقال: إني لم أقْتَدِ به، لأنه أذَّن وأقام، وليس فيها أذانٌ ولاإقامة.
باب من قال لاجُمعَة ولاتَشرِيق إلاَّ في مِصرٍ جامع
وبه قال: حدّثنا محَمَّد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سألت أبا جعفر، عن التشريق والجمعة في السواد؟ فقال: لاتشريق ولاجمعة إلاَّ في مِصرٍ وجماعة الناس.

(1/230)


باب التكبير أيام التشريق وخروج النساء في العيدين
وبه قال: حدّثنا محَمَّد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: لما بعثني رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى اليمن قال لي: ((يا عَليّ، كبّر في دُبرِ صلاة الفجر في يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق. صلاة العصر)).
وبه قال: حدّثني أحمد، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: كبر أيام التشريق في دُبِرِ كلِّ صلاة.
وبه قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: قول عليٍّ: يكبر من أيام التشريق من غداة يوم عرفة، إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق)، وقد قال عبد الله بن مسعود وابن عباس خلاف ذلك، وكل ذلك حسن واسع، وأعجَبُهُ إلينا: ما جاء عن عَليّ -عليه السلام- والتكبير أن يقول: (الله أكبر الله أكبر لا إله إلاَّ الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد).
قال محمد: الذي نأخذ به في التكبير قول عَليّ -عليه السلام-:من غداة يوم عرفة الى آخر أيام التشريق. يكبر دبر صلاة العصر، ثم يقطع، فذلك ثلاث وعشرون صلاة، وصفة التكبير،كما قال قاسم بن إبراهيم. كذلك سمعنا، عن عَليّ -عليه السلام-.
وتكبير أيام التشريق على الرجال والنساء من صلى في جماعة وغيرها.

(1/231)


وبه قال: حدّثنا محَمَّد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه قال: التكبير أيام التشريق على الرجال والنساء، من صلى في جماعة، ومن صلى وحده.
وبه قال: حدّثني حمزة بن أحمد، عن عمِّه، عيسى بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن محمد قال: خلط عَليَّ قوم من أصحابنا في شيء من أمر الحج. قال: فاستأذنت على جعفر بن محَمَّد فأُدخِلتُ عليه. قال: قلت: إن قوماً من أصحابنا خلطوا عليَّ في شيء من أمر الحج. قال: فقال لي: أليس قد أدركت أباك وسمعتَ منه؟ قال: قلت: بلى.
قال: ورأيت خالك محَمَّد بن عَليّ وسمعت منه، ورأيت خالك زيد بن علي، وسمعت منه؟
قال: وعدّد عَليّ رجالاً من أهلنا. قال: كل ذلك أقول، بلى. قال: فقال لي: فانظر إلى ما سمعت منهم فخذ به، وما سمعت من غيرهم فارم به تَهْتَدِ.
وبه قال محَمَّد: سمعت أبا الطاهر العلوي يذكر قال: إذا سمعت حديثين وثبتا عندي حديث، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وحديث، عن عَليّ-عليه السلام- أخذت بالحديث الذي عن عَليّ؛ لأنه كان أعلم الناس بآخرِ ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وبه عن أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: ذكرت لأبي جعفر خروج النساء قال: ليس عليهن خروج إلاَّ في العيدين، فإنهنَّ قد كُنَّ يؤمرن بالخروج في العيدين.
قال محمد:كنَّ يؤمرن إذ ذاك والناس علىغير ماهم عليه اليوم من الفساد، فأما اليوم فلاينبغي لهنَّ أن يخرجن

(1/232)


باب تكبير صلاة العيدين
وبه قال: حدّثنا محَمَّد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في تكبير صلاة العيدين الفطر والأضحى: قد اختلفوا في ذلك، وفيه اختلاف عن أهل البيت، وكلٌ واسع إن شاء الله، إلاَّ أن الأكثر على سبع وخمس، وتواصل بين القراءتين.
قال محَمَّد: تكبير صلاة العيدين، عندنا سبع وخمس، اثنا عشر تكبيرة، في الفطر والأضحى سواء، يبتدئ الإمام، فيُكبِّر تكبيرة الافتتاح، ثم يقرأ: الحمد لله، وسبِّح اسم ربك الأعلى، أو غيرها إن أحب ذلك، ثم يكبر تكبيرةً ثانية، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لاشريك له، أهل الكبرياء والعظمة، وأهل الجود والجبروت، وأهل العفو والرحمة، وأهل التقوى والمغفرة، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم، إني أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيداً، وجعلته لمحمد ذِكراً وذُخراً ومزيداً أن تصلي على محَمَّد عبدك ورسولك أفضل ما صلّيت على أحد من خلقك، وأن تصلي على جميع ملائكتك ورسلك، وأن تغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. اللهم، إني أسألك من خير ما سألك المرسلون، وأعوذ بك من شر ما استعاذ منه المرسلون، ثم يكبر الثالثة حتى يكبر سبع تكبيرات، يركع بالسابعة، مع تكبيرة الافتتاح، ثم يقوم فيقرأ الحمد، وهل أتاك حديث الغاشية أو غيرها، ثم يكبر خمساً يركع بالخامسة، ويدعو بين كل تكبيرتين كما وصفت لك. سمعنا نحو هذا الدعاء، عن أبي جعفر، محَمَّد بن على أنه قال: قال عَليّ: هكذا علمني رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.

(1/233)


وبه عن عثمان بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون قال: أخبرنا فرج بن فضالة، عن عبد الله بن عامر الأسلمي، عن نافع، عن ابن عمر قال: كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يكبر في العيدين اثنتي عشرة تكبيرة، سبعاً في الأولى وخمساً في الأخيرة.
وبه قال: حدّثنا محَمَّد بن إسماعيل، عن وكيع وأبي يحيى الحماني، عن عبد الله بن عبد الرحمن ين يعلى الطائفي، عن عمروبن شعيب، عن أبيه، عن جده: (أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كبر في عيد اثنتي عشرة تكبيرة، سبعاً في الأولى وخمساً في الأخيرة، ولم يصل قبلها ولا بعدها).
باب من كان إذاخرج في عيد ثم أخذ في طريق لم يرجع فيه
وبه قال: أخبَرَنا محَمَّد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محَمَّد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: قال لي أبوجعفر: (كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا خرج في عيدٍ فأخذ في طريق لم يرجع فيه).
قال محمد: أحسِبُه -عليه السلام- أحَبَّ أن يذكر الله في هذا الطريق وفي هذا.
وبلغني عن عَليّ بن الحسين: أنه كان يذكر الله إذا مشى في طريق، فإن سها عن بعض خُطاه، رجع حتى يذكر الله فيما كان سها عنه.

(1/234)


باب من كان لا يقصرُ عن الخمسين صلاة وكيف هي
وبه قال: وحدّثنا محَمَّد، قال أحمد بن عيسى: ما أحب أن أقصر عن الخمسين صلاة. فقلت له: وكيف الخمسون صلاة؟
قال: ثمان قبل الظهر، وأربع الظهر، وثمان بعدها، وأربع العصر، وثلاث المغرب، وأربع بعدها، وأربع العشاء، وثمان صلاة الليل، وثلاث الوتر، وركعتي الفجر، وركعتي الفريضة، ثم قال أحمد بن عيسى: هذا عن عَليّ -عليه السلام- وعن زيد.

(1/235)


باب من كان يصلي إذا زالت الشمس ثمان ركعات
وبه قال: أخبَرَنا محَمَّد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: حدّثني أبوجعفر، قال: كان أبيْ علي بن الحسين-عليه السلام- يُصَلِّي إذا زالت الشمس ثمان ركعات.
قال محَمَّد: حضرتُ أحمد بن عيسى توضأ للظهر قبل زوال الشمس، ثم جلس يتحدث، حتى قيل له: قد زالت الشمس، فتوجه إلى القبلة، فصلى ثمان ركعات أربعاً، أربعاً لا يفصل بينهن، كل ركعتين بتسليم، ثم قال لي: أذِّن وأقم، فأذنت وأقمت، فأردت أن أقوم عن يمينه فجذبني، ثم قال: صلِّ بي أنت فإني أنا أسهو، فلم يدعْنِي حتى صلّيت به وصلينا جميعاً، ثم صلى ركعتي السنة بعدالظهر وهو قاعد، وصلى ركعتين أُخريين، ثم صلى أربعاً قاعداً ولم يفصل بينهنَّ بتسليم.
وبه قال محمد: رأيت أحمد بن عيسى صلى بعد صلاة الظهر ركعتي السنة وركعتين بعدهما، وأربع ركعات بعد ذلك لم يفصل بينهن بتسليم، ثم جلس ما شاء الله، يسبح ويذكر الله تعالى ويدعو، ثم انحرف عن القبلة فلم يزل يتحدث ويذكر شيئاً من العلم وغير ذلك، حتى قيل له: قد دخل وقت العصر، وكان ذلك بعدَ قامةٍ من الزوال فقال لي: أذِّن وأقم، فأذنت وأقمت. ثم قال لي: تقدم فصل بنا جميعاً.

(1/236)


باب من كان يتطوع بالنهار أربعاً أربعاً
وبه قال محمد: رأيت أحمد بن عيسى يصلي بالنهار أربعاً أربعاً، فقلت له: تصلي صلاة النهار أربعاً أربعاً، أوْ ركعتين ركعتين؟ فقال: أربعاً أربعاً.
فقلت: لاتفصل بين كل ركعتين بتسليم؟ قال: لا. وهكذا كان عَليّ -عليه السلام- يفعل.
باب من كان يتطوع بالنهار والليل مثنى مثنى
وبه قال محَمَّد: كان عبد الله بن موسى يصلي صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، وكذلك قال قاسم بن إبراهيم.
قال محمد: سألت أبا الطاهر عمَّا يأخذ به في التطوع بالنهار؟ فقال: مثنى مثنى.
قال محمد: أيهما فعلتَ فحسن
باب صلاة الليل كم هي
وبه قال: حدّثنا محَمَّد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يصلي من الليل في شبابه وقوته سبع عشرة ركعة، حتى إذا كبر وثقل صلى ثلاث عشرة ركعة.
وبه عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر قال: كان أبي يصلي أربع ركعات بعد العشاء، يفصلهنَّ يحسبهنَّ من صلاة الليل، ثم يقوم من آخر الليل فيصلي أربعاً، ثم يوتر.

(1/237)


باب صلاة الضحى وفضل التطوع
وبه قال: وحدّثنا محَمَّد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سألت أبا جعفر، عن صلاة الضحى؟ فقال: إنما كان بِدْؤُها أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لما قدِمَ المدينة، قال: ((صلاةٌ في مسجدي هذا أحبُّ إليَّ من ألف صلاةٍ فيما سواه إلاَّ الكعبة)).
قال: فكانت الأنصار إذا زارت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أو جاءَ الرجلُ منهم من ضَيعَته إلى المدينة صلى فيه، فأبصر الناس الأنصار يُصَلُّونَها، فصلوها. فأما رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فَلَم يُصَلِّها إلاَّ يوم افتتح مكة، فإنَّه صلاَّها يومئذ ركعتين، ثم قال: ((استأذنت ربي في فتح مكة، فأذِنَ لي فيها ساعةً من نهار، ثم أقفلها ولم يُحِلَّها لأحدٍ قبلي ولا يُحِلُّها لأحدٍ بعدي، فهي حرامٌ ما دامت السماوات والأرض)).
وبه عن أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، عن القاسم بن عوف قال: قلت لعلي بن الحسين: ما تقول في صلاة الضحى؟ قال: حين ترمِضُ الفصال.
قال محمد: ترمض الفصال. هي هذه الفصلان الصغار، تكون مع الإبل حين تُرمِضُها الشمس.
وبه قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: قال لي أبوجعفر: قال عَليّ بن أبي طالب -عليه السلام-: (يا بُنَيَّ، إني لا أنهاكم عن الصلاة.إن الله لايعذب على الحسن، ولكن يعذب على السيء).
قال محمد: كان إدريس بن محَمَّد وغيره يصلي صلاة الضحى على أنها تطوع.

(1/238)


باب من كان يُصَلي بأهله بالليل في شهر رمضان(وغيره)
وبه قال: حدّثنا محَمَّد، قال: حدّثني عبد الله بن موسى، عن أبيه، عن جده عبد الله بن الحسن: أنه كان يصلي بأهله في منزله بالليل في شهر رمضان نحواً مما يُصَلي في المساجد التراويح.
وبه قال محَمَّد: وقال عبد الله بن موسى: من أدركت من أهلي كانوا يفعلونه.
وقال قاسم بن إبراهيم: أنا أفعله. يعني يصلي بأهله، وليس هو شيء مؤقت.
باب عزائم سجود القرآن
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: العزائم أربع: (الم تنزيل السجده، والنجم، وحَم السجدة، واقرأ باسم ربك الذي خلق).
قال: وسائرهنَّ، إن شئت فاسجد، وإن شئت فلا.
وبه قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر يقول: إنما السجدة على من أنصت لها واستمعها.
وبه قال: حدّثني أحمد، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر يقول: إذا قرأت السجدة وأنت راكب، فاسجد حيث كان وجهك، وإن كنت ماشياً فقرأتها فاسجد.

(1/239)


باب فضل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-
وبه قال: حدّثنا محَمَّد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((من صلى عَليَّ صلاة، صلى الله عليه بها عشر صلوات، ومحى عنه بها عشر سيئات، وأثبت له بها عشر حسنات، واستبق ملكاه الموكلان به أيهما يبلغ روحي منه السلام)).
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: قال أبوجعفر: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من ذُكِرت عنده ثم خُطِّيَ الصلاة عَليّ، خُطِّيَ يوم القيامة باب الجنة)).
باب تَقْدِمَةِ الرجل في الصَّلاةِ
وبه قال محمد: رأيت أحمد بن عيسى، وعبد الله بن موسى، وغيرهما من مشائخ بني هاشم يصلون التطوع بالليل والنهار، فما أعلم أني رأيت أحداً منهم يقدم قدماً ويؤخر أخرى إلاَّ أن يكون يراوح بين قدميه.

(1/240)


باب زيادةٌ في أبواب الصلاة
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدثني عَليّ ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما: في سجدتي السهو بعد التسليم أو قبله؟ قال: بعد التسليم. وذلك للإجماع، عن أمير المؤمنين: أنه كان يفعل ذلك وهو مما يتسع الاختلاف فيه، وقد كان رأيي في ذلك قبل التسليم، فلما رأيت الإجماع على ذلك عن أمير المؤمنين، صرت أعمل به.
وقد ذكر عن محمد بن عَليّ أنه كان يقول: ما السجود بعد التسليم، وقد ذهبت حرمة الصلاة.
قال أبوجعفر: هما بعد التسليم.
وبه قال: حدّثني عَليّ ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما: في الرُّعَاف، هل فيه وضوء وفي أشباهه؟
قال: لا. إلاَّ ما خرج من قُبِلٍ أو دُبُر.
قال محَمَّد: الذي نأخذ به والذي سمعنا: أن الوضوء مما خرج من الطرفين، من قُبُلٍ أو دُبُر، والوضوء من الدم السائل، والقيء، والرعاف، والقلس. كل ذلك عندنا منه الوضوء.
وقد سمعنا عن عَليّ بن أبي طالب -عليه السلام- أنه قال: (من رعف وهوَ في الصلاة، فليتوضأ وليأتنف). قال محمد: يعني يُعيد الصلاة.
وبه قال: حدّثني عَليّ ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما: فيمن لا يشهد المصر، في العيدين من أهل القرى، فليس عليه ركعتا العيد. بل يصلي أربع ركعات. ويُذكر عن أمير المومنين -عليه السلام- أنه قال: (إذالم يشهد المصر مع الإمام، فعليه أن يصلي أربع ركعات: ركعتين للعيد، وركعتين للخطبة)، وهو رأي أحمد بن عيسى.

(1/241)


وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا جبارة بن المغلس، عن يحيى بن العلاء، عن سعد بن سليم، عن أبيه قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-: ((حثوا الصبيان على الصلاة إذا بلغوا سبع سنين واضربوهم عليها لتسع سنين، وفرقوا بين الغلمان والجواري في المضاجع إذا بلغوا تسع سنين)).
وبه قال: حدّثنا محَمَّد، قال: حدّثنا الحكم بن سليمان، عن مسعدة بن اليسع، عن جعفر بن محَمَّد قال: كنت ألعب مع الصبيان فسمعت جدِّي يقول لأبي: ما صلى جعفر؟ فقال: لا. قال: أمَا آنَ لهُ أن يصلي وهو قد أكمل سبع سنين.
قال: حدّثنا أبو كريب، عن جعفر، عن أشعث بن عبد الملك، عن الحسن: في الصبي يؤمر بالصلاة. قال: إذا حفظ الصلاة.
وبه قال: حدّثني محمد، قال: حدّثني أبو كريب، عن حفص، قال: حدّثنا عبد الله بن نافع، عن ابن عمر قال: إذا عرف يمينه من شماله.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا أبوكريب، عن حفص، قال: حدّثنا أشعث بن نزار، عن ابن سيرين، قال: إذا عرف يمينه من شماله.
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثنا أبوكريب، عن حفص، قال: حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم في الصَّبِيّ متى يُؤمَر بالصلاة؟ قال: إذا أَثْغَر.
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثنا أبو كريب، عن حفص، عن حجاج، عن حبيب، قال: كانوا يقولون: إذا عدَّ عشرين.

(1/242)


قال أبو جعفر: إذا عدَّ عشرين بيده عدداً.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا أبوكريب، عن حفص، قال: وحدّثنا محمد بن أبي يحيى، عن امرأة منهم قد سمَّاها، عن جدةٍ له قالت: سمع عمر امرأةً توقِظُ صبيَّها لصلاةِ الغداةَ وهو يتلكأ عليها، فقال: دعيه حتى يعقِلَها.
وبه قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: إذاكبَّرت المرأةُ فلا ترفع يديها للصلاة وتسكن، وإذا ركعت انتصبت قليلاً ولا تنكب انكباباً شديداً، وإذا سجدت لم تفاجج ولم تَجَاف، ولصقت بالأرض، وضمَّت بعضها إلى بعض.
قال محمد: المرأة ترفع يديها في تكبيرة الصلاة إلى ثَدْيِها في أول صلاتها، لا أعلم بين أهل العلم في هذا اختلافاً.
وبه قال: حدثني عَليّ ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما أنه سئل، عن صلاة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.كيف كانت قبل نزول المائدة. أبوضوءٍ أم يَمْسَح؟
فقال:((إنَّ جبريل -عليه السلام- نزل، فَعَلم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- الوضوء بتمامه، فكان يتوضأ بالوضوء التَّام، ويصلي، ثم أنزل الله آية الوضوء في سورة المائدة بتوكيد الوضوء الأول، والقرآن نزل بالغسل)).

(1/243)


وبه قال: حدّثني عَليّ ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما: في الصلاة في جلود الثعالب وغيرها من السباع إذا دُبِغَ؟ قال: نعم. لاأرى بالصلاة فيها إذا دُبِغَت بأساً، وأرى دباغها طهورها، للحديث عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
قال محمد: أما جلود السباع فتَكْرَه الصلاة فيها، لما روي في ذلك من الكراهة، ويُكره أيضا الركوب على جلود السباع. لما جاء فيه، وأما جلد الميتة إذا دُبِغَ فتُكرَه الصلاة فيه؛ لأنه روي عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في كتابه إلى مُزَيْنَةَ: ((أنه لا ينتفع من الميتة بإهاب، ولاعصب))، ويزعُمُون أنه كان آخر الأمرين.

(1/244)


متفرقات في أحكام الصلاة
وبه قال: حدّثني عَليّ ومحمد، عن أبيهما أحمد بن عيسى: أنه كان يجمع الصلاتين في السفر (الظهر والعصر، والمغرب والعشاء ).
وبه قال محَمَّد: سألت علياً، متى كان يجمع الظهر والعصر؟ قال: يؤخر الظهر.
قال محمد: وقال أحمد: ما أبالي إذا جمعتهما في أول الوقت أو في آخره.
قلت: متى كان يجمع المغرب والعشاء؟ قال: كان يؤخر المغرب.
قلت: فكان يصلي العشاء الأخير قبل يغيب الشفق؟ فلم يذكر أنه كان يصليها قبل يغيب الشفق.
وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: ما أحب النوم في المسجد إلاَّ لمضطَرٍ أولمعتكف، وقال: لا يصلي الرجل مع امرأته الفريضة، وليس ذلك بسنة، وإنما يلزم ذلك في مساجد الجماعات.
وقال قاسم: في الرجل يصلي في ماءٍ وطين: يسجد في الطين والماء. مالم يكن في ذلك ما يضره، وقد ذُكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: أنه صلى في ماء وطين.
وبه قال محمد: إذا كان في ماء، صلى فيه، يومئ إيماءً، ولا يسجد على الماء، وإذا كان في طين وكانت الصلاة فيه لاتضُرُ به ولابثَوبِه، فيصلي فيه، وإن كان يضرُ به أومأ إيماءً، وإن كان على دابَّةٍ في يوم مطير في سفر، فلم يمكنه الصلاة على الأرض من الطين والماء، صلى على ظهر دابته الفريضة، يومئ إيماء، ويجعل السجود أخفض من الركوع.

(1/245)


وبه قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبح، عن إبراهيم بن محمد، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن ميمون بن مهران، عن عَليّ -عليه السلام-: في صلاة العريان، قال: (إذا كان يراه أحد صلى جالساً، وإن كان لا يراه أحد صلى قائماً، وإن أدركته الصلاة وهو في الماء أومأ برأسه إيماءً ولم يسجد على الماء).
وبه قال محمد: وقد روي في صلاة العريان: يصلي جالساً يومئ إيماءً، كان وحده أو في جماعة.
قال محمد: وإن كانوا جماعة، فأرادوا أن يجمعوا الصلاة، صلوا جلوساً يومئون إيماءً، ويكون إمامهم في وسطهم، وهم صف عن يمينه وعن شماله.
وبه قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبح، عن مندل، عن جعفر بن محمد: (أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- صلى الفريضة في يوم مطيرعلى الدّابة.
وبه قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عَليّ -عليه السلام-، قال: (ليس فجران، إنما الفجر المعترض، والشفق الحُمرة ليس البياض).
وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في مدافعة الغائط والبول: إن دافع منهما ما يؤذيه، وما يخشى ضرره، فلاينبغي له أن يصلي حتى يتنقض منهما، ويتطهر، ثم يستقبل صلاته.
وبه قال محمد: إن كان به ما يشغله، عن حدود الصلاة. توضأ وأعاد، وإن كان لايشغله، عن إقامة الصلاة. فلا يضره.

(1/246)


وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في المصلي المسافر يجمع بين الصلاتين: بين الظهر والعصر في أول وقت الظهر بعد الزوال، والمغرب والعشاء إذا غربت الشمس؛ لأن الله يقول:?أَقِمْ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ?[الإسراء:78]، وإن أخَّرَهما حتى يصليهما فواسع. قد جاء الحديث، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: (أنه خرج من (سرف) حين غربت الشمس فلم يُصلِّ المغرب حتى بلغ مكة، وبينهما عشرة أميال). أخّر المغرب وهولم يبلغ مكة حتى أظلم وبَعُد.
وبه قال محمد: الذي نأخذ به في جمع الصلاتين: الظهر والعصر، إن شاء بعد زوال الشمس، وإن شاء في آخر وقت الظهر كل ذلك جائز، وأما المغرب والعشاء فأحب إلينا أن يؤخر المغرب إلى آخر وقتها، ويصلي العشاء في أول وقتها، فإن لم يمكنه ذلك، فجائزٌ عندنا أن يجمعهما بعد مغيب الشفق. وبه قال: حدّثنا محَمَّد بن جميل، عن إسماعيل بن صُبيح، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن عَليّ -عليه السلام-: في الرجل يتشهد مع الإمام، فيخاف أن يحدث قبل أن يسلم الإمام؟
قال: يُسَلِّم، وقد تمت صلاته. قال محمد: آخذ به إن احتجت إليه.
وبه عن عَليّ بن حكيم، عن حميد، عن حسن بن صالح مثل حديث عَليّ -عليه السلام-.

(1/247)


وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: صلاة الليل ثلاث عشرة ركعة. منها الوتر وركعتا الفجر. هكذا ذُكر عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-. ولابأس بصلاة التطوع في الحِجْرِ والكعبة؛ لأنه قد ذُكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: (أنه صلى في الكعبة).
وبه قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن مصعب، قال: رأيت عبد الله بن الحسن، وجعفر بن محمد صلَّيَا في الحِجْرِ.
وبه قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: لايدخل المساجد أحد من أهل الذمة والمشركين؛ لأن كلهم مشرك، وقد قال الله تعالى: ?إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا?[التوبة:28]، وكذلك المساجد كلها بيوت الله، وقد قال تعالى: ?إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ?[التوبة:18] إلى آخر الآيه.
وبه قال محمد: إلاَّ أن يدخل الذمي إلى الحاكم فإنه قد رُخِّصَ في ذلك.
وبه قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عائذ بن حبيب، عن أبيه، عن رجل من بني بكربن وائل قال: رأيت عليا -عليه السلام- يصلي على مصلى مسوح يركع ويسجد عليه.
وبه: قال حدثنا محمد بن جميل، عن عابذ بن حبيب، عن محمد بن سليمان عمَّن صلى خلف أبي جعفر محمد بن عَليّ -عليه السلام-، على مسح موصلي، قد طبق البيت، فقلت له: أتصلي على هذا؟ فقال: قد صلّيت خلف أبي عَليّ بن الحسين -عليه السلام-.

(1/248)


وبه قال: أخبرني إبراهيم بن عيسى، عن تليد بن سليمان، قال أمرني عبد الله بن الحسن فاشتريت له طنفسة حيرية، قال: فكان يصلي عليها، ويسجد على الأرض.
وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في الرجل يسترخي رداؤه في الصلاة. قال:لابأس بتسوية الرجل ثيابه في الصلاة، ولا بأس بالمنديل.
وبه: عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: ذُكر عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في ليلة القدر أنه قال: ((اطلبوها في العشر الأواخر، وهي في ثلاث وعشرين، أوسبع وعشرين، إن شاء الله))، وليلة القدرمن أول الليل إلى آخره في الفضل، وعِظَم المنزلة واحد، لأنه سبحانه قال:?لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ?[القدر:1]، فذكرها كلها.
وبه قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن شريك، عن ميسرة، عن المنهال، عن عبّاد بن عبد الله، عن عَليّ -عليه السلام- قال: (اذا سلم الإمام لم يتطوع حتى يتحول من مكانه أو يتكلم).
وبه قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن ابن أبي يحيى، عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار: (أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ذهب في حاجة له، ثم أقبل فلقيه رجل، فسلم عليه فلم يرد عليه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حتى تمسح بجدار).

(1/249)


وبه قال: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدّثنا وكيع، عن هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبدالله بن أبي قتادة، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا دخل أحدكم إلى الخلاء، فلا يمس ذكره بيمينه)).
وبه قال: حدّثنا الحكم بن سليمان، عن أبي خالد الأحمر، عن عثمان بن حكيم قال: رأيت أبا جعفر وعلي بن الحسين -عليهما السلام- يصليان في نعالهما.
وبه عن الحكم، عن سعيد بن محمد، عن عنبسة بن عمار، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لايخلع أحدكم نعليه وهو في الصلاة فإنهما من اللباس.

(1/250)


باب فضل صلاة الليل
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني عَليّ ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما، عن حسين، عن أبي خالد عمر بن خالد، عن أبي هاشم، عن زاذان، عن سلمان قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((من صلى ثمان ركعات من الليل والوتر، يداوم عليهنّ حتى يلقى الله بهنّ، فتح الله له اثني عشر باباً من الجنّة، يدخل من أيها شاء)).
وبه قال: حدّثنا عَليّ ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي هاشم، عن زاذان، عن سلمان قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((من صلّى ست عشرة ركعة من النهار سوى صلاة الليل، فتح الله له اثني عشر باباً من الجنة، يدخل من أيها شاء)).
وبه قال: حدّثنا ثابت بن موسى، قال: حدّثنا شريك، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من كثرت صلاته بالليل حسُن وجهه بالنهار)).
وبه قال: حدّثنا حسين النهدي، قال: حدّثنا حسن بن حسين، عن أبي مريم، عن أبي جعفر قال: إنّ لله ملكاً في خلق الديك، براثنه (أي رجليه) في تخوم الأرض، وجناحاه بالهواء، وعنقه منثنية تحت العرش، فإذا مضى من الليل نحو من نصفه أوثلثه رفع ذلك الديك رقبته فقال: سبوح قدوس ربّ الملائكة والروح، ربنا الرحمن لاإله غيره. ألا ليقم المتهجدون. قال:

(1/251)


فعندها تفزع ديوك الدنيا وتضرب بأجنحتها وتصيح. قال: ثم تخمد فيبقى كم ماشاء الله من الليل. ثم يرفع رأسه فيقول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، ربنا الرحمن لا إله غيره. ألا ليقم القانتون. قال: ثم يسكت، ثم يرفع رأسه في الثالثة، فيقول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، ربنا الرحمن لا إله غيره.. ألا ليقم الذاكرون. قال: ثم يصيح بعد طلوع الفجر..ألا ليقم الغافلون.
وبه قال: حدّثنا حكم بن سليمان، عن عمر بن حفص العبدي، عن أبي غالب، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يقول الله تبارك وتعالى: إن عبدي الذي هوعبدي حقاً لاينتظر بقيامه صياح الديك)).
وبه قال: حدّثنا عبّاد بن مخلد بن يزيد الحراني، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية قال: قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((صلاة ركعتين في جوف الليل الآخر أفضل من الدنيا وما فيها، ولولا أن أشق على أمتي لفرضتهما عليهم)).
وبه حدّثنا عبّاد، عن ابن أبي يحيى المدني، عن محمد بن المنكدر، وصفوان بن سليم، عن سعيد بن جبير، عن عائشه، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((من كانت له صلاة بليل، فغلبه الله عليها بنوم، كتب الله له مثل أجر صلاته، وكان نومه صدقة، تصدق الله بها عليه)).

(1/252)


وبه قال: حدّثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حسين، عن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((تبَتَّلوا في ساعة الغفلة ولو بركعتين خفيفتين، فإنهما يورثان دار الكرامة. قيل: يارسول الله، وما ساعة الغفلة؟ قال: بين المغرب والعشاء)).
وبه قال: حدّثنا أحمد بن صبيح، عن حسين بن علوان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عَليّ -عليه السلام- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ياعلي اقرأ في دبر كل صلاة مكتوبة آية الكرسي، فإنه لا يحافظ عليها إلاَّ نبي أو صدّيق أو شهيد)).
وبه عن حكم بن سليمان، عن إسماعيل بن عياش الحمصي، عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عباس قال: إن الله فرض الصلوات في خير الساعات، فعليكم بالدعاء دبر الصلوات.
وبه قال: حدّثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لكل من أدّى فريضةً دعوةٌ مستجابة)).
وبه قال: حدّثنا أحمد بن صبيح، عن حسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((من كانت له إلى الله حاجة فليدع بها في صلاة العشاء الأخيرة، فإنها صلاة لم يصلّها أحد من الأمم قبلكم)).

(1/253)


باب تسبيح ودعاء
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا جعفر بن محمد من آل سريع، قال: حدّثنا المحاربي، عن ليث، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي الدرداء قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ألا أعلمك كلمات تدرك بهنَّ من كان قبلك، وتسبق بهنَّ من يكون بعدك، إلامن قال مثل ما قلت أو زاد: تسبح الله بعد كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتحمده ثلاثاً وثلاثين، وتكبره أربعاً وثلاثين)).
وبه عن أبي كريب، أو حدّثني بعض أصحابنا، عن أبي كريب قال: حدّثنا المحاربي، عن سلام بن سليم، عن أبي منصور، عن سالم بن عبد الله، عن ابن عمر، عن حذيفة بن اليمان قال:جاء جبريل -عليه السلام- إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: ((يامحمد، ما بُعثتُ إلى نبيٍّ قط أحب إليّ منك، ألا أعلمك اسما من أسماء الله، هي من أحب أسمائه إليه أن يُدعى بها. قل: (يانور السماوات والأرض، ويازين السماوات والأرض، وياجمال السماوات والأرض، ويا عماد السماوات والأرض، ويا بديع السماوات والأرض، وياقيّام السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا صريخ المستصرخين، ويا غياث المستغيثين، ويامنتهى رغبة العائذين، المفرج عن المكروبين، والمروّح عن المغمومين، ويا مجيب دعاء المضطرين، ويا إله العالمين، ويا أرحم الراحمين مُنْزَلٌ بك كل حاجة)).

(1/254)


كتاب الزكاة
باب من حث على الزكاة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبدة بن عبد الرحمن المروزي، عن إسحاق بن راهويه، عن بقية ابن الوليد، عن الضحاك بن حمزة، عن حطان بن عبد الله، عن أبي الدرداء قال: قال النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- ((الزكاة هي قنطرة الإسلام)).
وبه قال: أخبرني أبو الطاهر، قال: حدّثني أبي، عن أبيه قال: أوصى أمير المؤمنين إلى الحسن ابنه فقال: (أوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهل بيتي، ومن بلغه كتابي هذا، من المؤمنين، بتقوى الله ربكم، والله الله في الزكاة فإنه تطفئ غضب ربكم).
وبه قال: حدثنا أبو الطاهر، قال: حدّثني أبي، عن أبيه قال: بلغني أن علي بن أبي طالب -عليه السلام- دعا الحسن بن علي، حين حضرته الوفاة فقال: (أوصيك بإيتاء الزكاة عند محلّها، فإنها لاتُقبل الصلاة ممن منع الزكاة).

(1/255)


باب ماجاء في مانع الزكاة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لاتتم صلاة إلا بزكاة، ولاتقبل صدقة من غُلول)) قال محمد: الغلول: هو أخذ الشيء من غير حقه.
وبه قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: سأله رجل عن مانع الزكاة؟
قال: كآكل الربا، وقال: مانع الزكاة، وآكل الربا حرباي في الدنيا والآخرة.
وبه قال: حدثنا أبو الطاهر، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((إنَّ لله بقاعاً يُدعَين المنتَقِمات، يُصبّ عليهنَّ من منع ماله من حقه، فيُنفِقُهُ فيهنّ)).
وبه قال أبوالطاهر: كان جعفر بن محمد، أوغيره إذا رأى القصر -يعني الذاهب- قال: أي فلان هذا من المنتقمات.

(1/256)


وبه قال: حدّثني عقبة بن مكرم الضبّي، قال: حدّثني نعيم بن خُشْني التيمي، عن خالد، عن نفيع بن الحارث، عن عبد الله بن أبي أوفى، أن رجلاً قال: يارسول الله، قول الله: ?وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ، الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآْخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ?[فصلت:6،7] ماهم؟
قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لايعاتب الله المشركين، أما سمعت ماقال الله تعالى:?فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ، الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ، وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ?[الماعون:4-7] ألا إن الماعون الزكاة.
ثم قال: ((والذي نفس محمد بيده، ماخان الله أحد شيئاً من زكاة ماله إلا مشرك)).
وبه قال: حدثنا عبد الله بن داهر، عن عمرو بن جميع، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((لاصلاة لمن لازكاة له، ولازكاة لمن لاورع له)).

(1/257)


باب من لا يصلح له المسألة ومن تصلح له
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت، أو يكون عَيالاً على المؤمنين)).
وقال: ((لا تحل الصدقة لغني، ولا لقوي، ولا لذي مرة سوي)).
قال محمد: لا تحل الصدقة لقوي إذا وجد ما يحل له اكتسابه، وإذا لم يجد ما يحل له اكتسابه صلح له أن يأخذ الصدقة.
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- أنه أتاه رجل يسأله صدقة.
فقال علي -عليه السلام-: لا تحلّ الصّدقةُ إلاّ لثلاثة: لذي دم مفظع، أو لذي غرم موجع، أولذي دَين مدقع. فذكر أنه أحد الثلاثة فأعطاه ديناراً.
وبه قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا تحلّ الصدقة لغني، ولا لذي مرة سويّ))...عنى به -عليه السلام-: المسألة لا تحل لهما.
وروى عبد الله بن مسعود، عن النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((من سأل وله ما يغنيه، كان خُدُوشاً في وجهه يوم لقيامه)).
قالوا: يا رسول الله، وما غناه؟
قال: ((خمسون دِرهماً، أو قيمتها من الذهب)).

(1/258)


وروي عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: أن رجلاً من بني هلال سأله فقال: يارسول الله، إني كنت تحمّلت حمالة.
فقال له رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-:((إن المسألة لاتحلّ إلاّ لثلاثة: رجل تحمل حمالة، فحلت له المسألة حتى يصيبها، ورجل أصابته جائحة فذهب ماله فحلّت له المسألة، ورجل أصابته فاقة شديدة حتى يقول ذو الحجى من قومه قد حلت له المسألة)).
وذُكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: ((لاتحل المسألة إلاّ لذي فقر مدقع، أودم موجع، أو غرم مفظع)).
فهذا عندي معنى ما قال رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- في قوله: ((لا تحلّ الصدقة لغني، ولا لذي مرة سويّ)).
قال محمد: الحُمالة التي تكون عليهم الدم من قِبَل الخطأ أو قِبَل صلح، فلا يكون عنده مال فيسأل.

(1/259)


باب ماروي من الآثار في الزكاة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن مصبح، عن أبي مريم، وقيس بن الربيع، وأبي عوانه، وأبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق الهمداني، عن عاصم، عن علي -عليه السلام-: قال ليس في تسعة عشر مثقالاً زكاة، وإذا كانت عشرين مثقالاً، ففيها ربع العشر.
وبه قال: حدثنا علي بن منذر، عن وكيع بن الجراح، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي-عليه السلام- قال: ليس في أقلّ من عشرين ديناراً شيء، وفي عشرين ديناراً نصف دينار، وفي أربعين ديناراً دينار فما زاد فبالحساب.
وبه قال: حدثنا محمد بن جميل، عن نصر بن مزاحم، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي-عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((قد عفوت لكم عن الخيل والرقيق، فأدّوا زكاة الأموال من كل أربعين دِرهماً درهم)).
وبه قال: حدثنا علي بن حكيم، عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا بلغ المال مائتي درهم، ففيه صدقة، خمسة دراهم)).
وبه حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم بن عامر، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي-عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إنا قد عفونا لكم عن صدقة الخيل والرقيق، فهاتوا ربع العشر من كل أربعين دِرهماً درهم)).

(1/260)


وبه قال: حدثنا علي بن منذر، عن وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي -عليه السلام- قال: في كلّ مائتين، خمسة دراهم، فما زاد فبالحساب.
وبه قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، قال: إذا أراد الرجل أن يُزكّي ماله، وله سيف أو مصحف، أوخاتم قال: يجمعه كله ثم يزكيه.
وعن عثمان ابن أبي شيبة، عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: جاءت امرأة عبد الله إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقالت: إن لي حليّاً، وإن عبد الله خفيف ذات اليد، وإن في حجري ابني أخٍ لي كلاًّ، فيجزيني أن أجعل زكاة حليّي فيهم؟
قال: نعم.
وعن عثمان بن أبي شيبة، عن محمد بن يزيد الواسطي، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: (كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قد كتب كتاب الصدقة، ثم أخذها أبو بكر بعده، فعمل بها، ثم أخذه عمر، فعمل بها، فلقد هلك عمر يوم هلك، وإنها لمقرونة بوصيته، وكان فيها: ((في الإبل في خمس شاة، حتى تنتهي إلى أربع وعشرين، فإذا كانت خمساً وعشرين، ففيها ابنة مخاض، فإن لم يكن ابنة مخاض فابن لبون إلى خمس وثلاثين، فإذا زادت ففيها ابنة لبون إلى خمس وأربعين، فإذا زادت ففيها حقّة إلى ستين، فإذا زادت ففيها جذعة إلى خمس وسبعين، فإذا زادت ففيها ابنتا لبون إلى تسعين، فإذا زادت الإبل ففيها حقتان، إلى عشرين ومائة، فإذا كثرت الإبل ففي كل خمسين حقّة، وفي كلّ أربعين ابنة لبون.

(1/261)


وفي الغنم: في كل أربعين شاة شاة إلى عشرين ومائة، فإذا زادت ففيها شاتان إلى مائتين، فإذازادت ففيها ثلاث إلى ثلاثمائة، ثم ليس فيها شيء إلى أربعمائه فإذا كثرت الغنم ففي كلّ مائة شاة شاة، لايفرق بين مجتمع ولا يجمع بين مفترق مخافة الصدقة، وما كان من خليطين فهما يتراجعان بالسوية، ولايؤخذ في الصدقة هرمة، ولا ذات عيب)).
وبه قال: حدثنا عباد بن يعقوب، عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: ((فرض رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فيما سقت السماء أوسُقي بالسيل والغيل والبعل العشر، وما سُقي بالنواضح نصف العشر، ولا يكون في الدراهم زكاة حتى تكون خمس أواق، فإن بلغت خمس أواق ففيها خمسة دراهم، وفي كل أربعين دِرهماً درهم.
قال محمد: البعل: ما ذهبت عروقه في الأرض مثل النخل، والشجر الذي لا يحتاج إلى الماء خمس سنين، والسيل: سيل الوادي، والغيل: الماء الصافي الذي يسيل بعد الوادي القليل.
وبه قال: حدثنا عباد، عن حاتم، عن جعفر، عن أبيه أن علياً -عليه السلام- قال: ليس في مال زكاةٌ حتى يحول عليه الحول.
وبه قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مغرا، عن الأعمش، عن شقيق، و إبراهيم، عن مسروق، عن معاذ بن جبل، قال: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى اليمن، وأمرني أن آخذ من كل أربعين من البقر ثنيّة، ومن كل ثلاثين تبيعاً أو تبيعة.

(1/262)


وبه قال: حدثنا عباد، عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: ((فرض رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- على كل صغير وكبير حر أوعبد، ممن تمونون، صاعاً من تمر أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من شعير، على كل إنسان.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا جعفربن محمد، عن وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم أنّ معاذا سأل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عن أوقاص البقر؟ فقال:((ليس فيها شيء)).
قال محمد: ليس في الأوقاص شيء، والأوقاص ما بين الثلاثين إلى الأربعين، وما بين الأربعين إلى الستين، وكذلك ما بين الستين إلى السبعين، وليس يسقط من البقر عشر بعد الستين، إنما يسقط تسع وتسمى وقص، وجمعه أوقاص، وهي ما يسمى في الإبل أشناق، وواحده شِنق.
وبه قال: حدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا صالح بن موسى، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود،عن عائشة قالت: (جرت السنة من رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه ليس فيما دون خمسة أوساق زكاة، و الوسق ستون صاعاً، فذلك ثلثمائة صاع. في الحنطة، والشعير، والزبيب، والتمر، وليس فيما أنبتت الأرض من الخضر زكاة).

(1/263)


وبه قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن قيس، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- قال: (ليس في الخضر زكاة:الخيار، والقثاءوالبقل.
وبه قال: حدثنا محمد بن حفص الهلالي، قال: أخبرني أبي عن يونس بن أرقم البصرى، عن يحيى بن أبي الأشعث الكندي، عن مصعب بن يزيد الأنصاري قال: بعثني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على أربع رساتيق من رساتيق المدائن، على البهقيا ذات، ونهر شير، ونهر الملك، ونهر جوبر، فأمرني أن أضع على جُريب زرع غليظ دِرهماً ونصفاً، وعلى جُريب زرع وسط دِرهماً، وعلى جُريب زرع رقيق ثلثي درهم، وأمرني أن أضع علي جُريب النخل عشرة دراهم، وعلي جُريب القصب وهي الرطبة عشرة دراهم، وعلى جُريب الكرم عشرة دراهم، وعلي جُريب البساتين التي تجمع النخل والشجر على كل جُريب عشرة دراهم، وأمرني أن ألغي كل نخل شاذ عن القرى لمارّة الطريق ولاآخذ منها شيئاً، وأمرني أن لا آخذ من البطيخ والقثاء والحبوب شيئاً، وأن ألغيه لأهله، وأمرني أن أضع على الدهاقين الذين يركبون البراذين ويتختمون الذهب، على كل رجل منهم ثمانية وأربعين دِرهماً، وأمرني أن أضع على أوساطهم، والتجارمنهم أربعة وعشرين دِرهماً، وأمرني أن أضع على سفلتهم وفقرائهم اثني عشر.

(1/264)


قال محمد: قوله الدّهاقين: هم المجوس، واليهود، وغيرهم.
وقال محمد: في هذا الحديث في رواية ضرار، (أن أضع على جريب الكرم إذا مضت له ثلاث سنين ودخل في الرابعة).
قال محمد: وهو قولي.
وبه قال محمد بن جميل، عن مصبح، عن سلام بن سليم عن عاصم بن سليمان، عن محمد بن سيرين قال: سئل علي -عليه السلام- عن الرجل تحلّ عليه الزكاة، وله المال الغائب، يعني الدين أيزكيه؟
قال: إن كان صادقاً فليزكه إذا قبضه.
وعن جعفربن محمد، يعني النيروسي، عن يحيى بن آدم، عن مفضل، عن منصور، عن الحكم، عن علي -عليه السلام-: في الرجل يكون له الدين علىالرجل سنين، قال: إذا خرج زكّاه لما مضى.

(1/265)


باب من له أن يأخذ الزكاة
وبه قال حدّثني علي بن أحمد بن عيسى، عن أبيه قال: لا أرى سبيل الصدقات في جميع الوجوه إلاّ واحداً، ولا أرى الرواية الصحيحة الموافقة للإجماع والكتاب إلاّ على أن الصدقة لا تحلّ لغني، ورأيتهم مجمعين على أن من كان له مسكن يسكنه، وخادم يخدمه، ومتاع بيت لا غنى به عنه، فالصدقة له حلال، ولا يجوز له من أخذ الصدقة في هذه الحال ما يجب في مثله الصدقة وقد اختلفوا في ذلك، فقال بعض أهل العلم في الخمسين إذا أخذها لم يجزله أن يأخذ أكثر من ذلك.
وقال بعضهم: فيما لا يجب في مثله الزكاة، إلاّ الغارم فإنه يقضى عنه دينه كله بالغاً ما بلغ.
قال محمد: يقضى دينه مالم يعلم أنه أنفقه في معصية أوسرف ما كان ثم يعطى خمسين دِرهماً، ولكل عيِّل مثل ذلك.
قال محمد: وأحب إليّ أن يأخذ المسكين من الزكاة خمسين دِرهماً، ويأخذ لكلّ، عيِّل مثل ذلك.
وقد قال بعض الفقهاء: يأخذ ما لا يجب في مثله الزكاة وهو مائتا درهم إلاّ شيئاً، ويأخذ لكل عيِّل مثل ذلك.
وقال بعضهم: يأخذ لنفسه ما ئتين إلاّ شيئاً، وهاب أن يأخذ لكل عيِّل مثل ذلك.
وقالوا: يكثر المال، وقال بعضهم: إن أعطي وليس له شيء جملة واحدة ألف أوألفين أوأكثر فله أن يأخذها وهو مسكين، وهاب ذلك عامة العلماء وكرهوه.
قال محمد: وأحسب من قال هذا تأوّل قول عمر: إذا أعطيت فأغنه.

(1/266)


وبه قال: حدّثني على بن أحمد بن عيسى، عن أبيه، قال: إن كان رجل له عقدة، تقوت عياله لا فضل فيها عنهم، فله أن يعطى من الصدقة، وإن كان له خرثى، ومتاع بيت ودار وخادم ودابة يعمل عليها، وبقرة يحتلبها. أعطي من الصدقة، ولا يعطى من الصدقة من كان في يديه من الطعام ما تجب في مثله الصدقة، ويبلغ خمسة أوساق، فإذا لم يكن في يديه ما يبلغ خمسة أوساق من صنف واحد أعطي من الصدقة.
قال محمد: لعله يعني يكون من كل صنف الشيء اليسير الذي لو جمع كله، لم تجب في مثله الزكاة ثم يقدر صنف واحد.
وبه قال: حدّثني علي بن أحمد، عن أبيه، قال: قلت فإن الصدقة تخرج في وقت الحصاد، وقد خرج لهذا الرجل صاحب العقدة اليسيرة في وقت الحصاد من عقدته بقدر ما يجب فيه الصدقة، قال: لا يعطى، قلت: فإنه لا يكتفي بما أخرجت له عقدته تمام السنة.
قال: لعل الله يأتيه برزق يغنيه عن الصدقة في ذلك الوقت، ولكن إن لم تكن عقدته أخرجت له في وقت الحصاد ما تجب في مثله الصدقة، فليأخذ الصدقة، فإن أخرجت عقدته من الغلة ما تجب في مثله الصدقة، ثم احتاج، وذهبت غلة عقدته، وخرجت من حدّ تجب فيها الصدقة، فليُعطَ من الزكاة، ويقضي منها غرمه إذا لم يكن عن عقدته فضل عن قوت عياله، ويُعطى من الصدقة الرجل الواجد بقدر ما لا تجب في مثله الصدقة.
قال محمد: من كان له عقدة تساوي مائتي درهم، دار، أوقراح، أو نخل، فلا يأخذ الزكاة.

(1/267)


وإن كان في مسكن فيه فضل كثير حتى يكون بفضله غنياً وهو لا يضرّ به، ولا بعياله، بيع ذلك الفضل، فهذا أخاف عليه من أخذ الزكاة، إلاّ أن يكون عليه دين يحيط بذلك الفضل، الذي في المنزل فلا بأس أن يأخذ الزكاة.
قال محمد: وإن كان في موضعٍ، المساكن فيه لها أثمان في زقاق عمرو ونحوه، لمسكنه في ذلك الموضع ثمن كثير، وهو يجد في غير ذلك الموضع منزلاً يكفيه بدون ذلك الثمن، فليس يجب عليه الانتقال من ذلك الموضع، وله أن يأخذ الصدقة، إذا لم يملك سوى منزله، ما تحرم به عليه الصدقة.
قال محمد: و إن كان له فرس يركبه للجهاد، وسلاح يحتاج إليه، ودار يسكنها، ودابة يستقي عليها، وخادم يخدمه، ومتاع بيتٍ لا غنى به عنه، فهذا يأخذ الصدقة حتى يكون له فضل عن ذلك ما تحرم به عليه الصدقة.
وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: تُفرّق الزكوات في أحق ما يحتاج إلى تفريقها فيه من الوجوه المسميات التي جعلها الله فيها، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: ?إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ?[التوبة:60].

(1/268)


قيل له فإنهم يقولون: من له خمسون دِرهماً أوقيمتها من الذهب لا تحل له الزكاة؟
قال: هذا يعني به المسألة، وقد رُوِي ذلك عن علي-رحمه الله-.
وبه قال حدثنا عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر: أنه سُئل عن المرأة لها الدار وليست لها غيرها وهي محتاحة فيُتصدق عليها؟
قال: لا. إن شاءت باعت بعض الدار، وسكنت بعضها.
قلت: أرأيت إن لم يكن لها إلاّ قدر ظل رأسها تقبل الصدقة؟
قال: نعم.
وبه قال: حدثنا عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر، أنه سُئل عن المرأة يكون لها خادم. يتصدق عليها؟
قال: إن كانت تقدر على أن تبيعها وتشتري دونها، وتنتفع بالبقية فلا.
وإن كانت الخادم ليست بالرائعة فلا بأس.
قال محمد: قلت لأحمد بن عيسى: هل يجوز للرجل أن يعطي من زكاة ماله ذا رحم؟
فقال: نعم، إذا لم يكن ذلك فراراً من واجب.
وبه قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن يحيى بن آدم، عن سفيان، عن حكيم بن جبير، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: ((من سأل وله ما يغنيه، جاءت كدوحاً أوخدوشاً أوشيناً في وجهه يوم القيامة)).
قيل: يا رسول الله، وماذا يغنيه؟
قال: ((خمسون دِرهماً، أوحسابها من الذهب)).

(1/269)


وبه قال: حدّثني عبد الله بن منصور القومسي، قال: حدّثني الحسين بن محمد الدارع، قال: حدثنا الخليل بن موسى، قال: حدثنا عمر بن موسى، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده: (أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كان لا يعطي من الزكاة من له خمسون دِرهماً).
قال محمد: لا يعطى من الزكاة من يجبر على نفقته، واختلف الناس في ذلك.
باب كم يعطى الرجل من الزكاة
وبه قال محمد: سألت أحمد بن عيسى،كم يجوز للإنسان أن يأخذ من الزكاة، إذا كان ممن تحلّ له الزكاة؟
قال: ما لا يجب في مثله الزكاة.
قلت: مائتا درهم إلاّ شيئاً؟
قال: نعم
قلت: فيأخذ لكلّ عيّل مثل ذلك؟
فكرهه أحمد.
قال محمد: سمعت قاسم بن إبراهيم، وذكرت له قول أحمد بن عيسى، في المائتين إلاّ شيئاً، فقال مثل قوله.
قال أبو جعفر: إن أخذ لنفسه مائتين إلاّ شيئاً، فلا يأخذ لكل عيّل مثل ذلك وإن أخذ خمسين فيأخذ لكل عيّل ممن يجب عليه نفقته مثل ذلك، وهذا لا اختلاف فيه. قال محمد: وهو قولي.

(1/270)


باب عدد الأصناف التي تجب فيها الزكاة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني محمد وعلي ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما قال: تجب الزكاة في عشرة أشياء: (الذهب، والفضة، والبر، والشعير، والذرة، والتمر، والزبيب، والإبل، والبقر، والغنم).
قال محمد: وهو قولي، ماخلا الذرة فإن فيها اختلافاً.
باب زكاة الذهب والفضة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن المعلاّبن هلال، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي-عليه السلام- قال: (قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ذات يوم فقال: ((هاتو ربع العشر، هاتو من أربعين دِرهماً دِرهماً، وليس فيما دون المائتين شيء، و في عشرين مثقالاً نصف مثقال، وليس فيما دون ذلك شيء)).
وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: ليس فيما دون مائتين من الدراهم زكاة، فإذا تمت ففيها خمسة دراهم، وليس فيما دون عشرين مثقالاً من الذهب زكاة، فإذا تمت عشرين مثقالاً، ففيها ربع عشرها، وهو نصف دينار، وما زاد فعلى حساب ذلك، وكذلك ذكرعن علي -رحمة الله عليه-.
باب زكاة الإبل
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن المعلا بن هلال، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في الإبل:

(1/271)


- وفي عشر شاتان.
- وفي خمس عشرة ثلاث شياه.
- وفي عشرين أربع.
- وفي خمس وعشرين خمس شياه.
فإن زادت واحدة ففيها ابنة مخاض إلى خمس وثلاثين، فإن لم تكن ابنة مخاض، فابن لبون ذكر، فإن زادت واحدة ففيها ابنة لبون إلى خمس وأربعين، فإذا زادت واحدة ففيها حقة إلى ستين، فإن زادت واحدة ففيها جذعة إلى خمس وسبعين، فإن زادت واحدة ففيها ابنتا لبون إلى تسعين فإذا زادت واحدة ففيها حقتان إلى عشرين ومائة، فإن كثرت الإبل ففي كل خمسين حقة)).
وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في صدقة الإبل، ليس فيما دون خمس ذودٍ صدقة، فإذا تمت خمساً ففيها شاة، وفي عشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين خمس شياه، فإذا زادت علي خمس وعشرين، ففيها ابنة مخاض، وإن لم يجد ابنة مخاض، فابن لبون ذكر إلى خمس وثلاثين، فإن زادت ففيها ابنة لبون إلى خمس وأربعين، فإذا زادت ففيها حقة إلى ستين، وهي طَروقة الفحل، فإذا زادت ففيها جذعة إلى خمس وسبعين، فإذا زادت. ففيها ابنتا لبون إلى تسعين، فإذا زادت ففيها حقتان إلى عشرين ومائة، فإذا كثرت الإبل، ففي كل خمسين. حقة.
قال محمد: الذي نأخذ به في خمس وعشرين من الإبل. ابنة مخاض، وكذلك سمعنا من وجهٍ غير هذا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.

(1/272)


باب زكاة البقر
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن المعلا، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي -عليه السلام- قال: قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: ((في البقر في كل ثلاثين تبيع أوتبيعة حولي وفي كل أربعين مسنة)).
وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في ثلاثين من البقر. تبيع، أوتبيعة، وفي أربعين مسنة.
باب زكاة الغنم
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن المعلا، عن أبي إسحاق، عن عاصم ابن ضمرة، عن علي -عليه السلام- قال: قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ذات يوم فقال: ((في الغنم في كل أربعين شاة شاة، إلى عشرين ومائة فإن زادت واحدة فشاتان إلى مائتين فإن زادت واحدة فثلاث إلى ثلاثمائة فإن كثرت الشّاء، ففي كل مائةٍ شاة لا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين مفترق خشية الصدقة، ولا يأخذ المصدّق فحلاً، ولا هرمة، ولا ذات عوار)).
قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن هشام، عن أبيه قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- مصدقاً فقال: ((لاتأخذ من حزرات أنفس الناس شيئاً، وخذ الشارف (أي المسنة) وذات العيب)).
قال محمد: الحزرات ما في نفس صاحبها.

(1/273)


وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في صدقة الغنم. ليس فيما دون أربعين من الغنم صدقة، فإذا بلغت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة فإذا زادت واحدة ففيها شاتان.
قال محمد: إلى مائتين، فإن زادت واحدة ففيها ثلاث. إلى ثلاثمائة.
وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: إذا كثرت الغنم ففي كل مائة شاة، لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين مفترق خشية الصدقة، ولا يؤخذ في الصدقة تيس، ولا هرمة، ولاذات عوارٍ بيّن، ولافحل الغنم، ولا خيارها. يؤخذ الوسط منها.
وقال: كل خليطين مشتركين يتراجعان الفضل بينهما على قدر مالهما.
وقال: يَعُدّ المصدق في صدقة الغنم صغارها وكبارها، ويؤخذ من الصغار على قدر ذلك، ولا يأخذ شرارها ولا خيارها، ويأخذ أوساط الغنم.
قال محمد: إذا كانت تسعة وثلاثين حَمَلاً وفيها مسنة، ثم حال عليها الحول، أُخِذت المسنة.. أخذها المصدق.

(1/274)


باب زكاة ما أخرجت الأرض
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لاتجري صدقة على تمر ولا زبيب، ولاذرة، حتى يبلغ الشيء منها خمسة أوساق والوسق ستون صاعاً فإذا بلغ ذلك، جرت فيه الزكاة، وما سقت السماء،أو سقت الأنهار كان فيه العشر، وما سُقيَ بالغرب، كان فيه نصف العشر)).
وبه قال محمد: بلغنا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: ((ليس فيما دون خمسة أوساق من الحنطة والشعير والتمر والزبيب صدقة تؤخذ)).
قال أبو جعفر: والوسق ستون صاعاً بصاع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، والصاع كيلجةٍ مرسلة.
قال جماعة فقهاء الكوفيين: ابن أبي ليلى، وحسن بن صالح، وسفيان الثوري، وشريك بن عبد الله، وأبو حنيفة وأصحابه جميعاً: أبو يوسف، وزفر، وحسن بن زياد، و محمد بن حسن: الوسق ستون صاعاً، والصاع ثمانية أرطال بالرطل العراقي، خلا شريك بن عبد الله فإنه قال: الصاع أقل من ثمانية أرطال وأكثر من سبعة أرطال.
وقال بعض هؤلاء الفقهاء: هذا الصاع على صاع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، والمعروف عند فقهاء أهل الكوفة، أن هذا الصاع إنما هو صاع عمر بن الخطاب.
وذُكرَ عن الحجاج، أنه قال: قد عملت لكم صاعاً على صاع عمر،

(1/275)


فأما ما يذكر عن بني هاشم، وأهل المدينة، فإن صاع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- هو هذا الصاع الذي بالمدينة يكتالون به، وبه يتبايعون، وهو ثلث مكوك بالمكوك العراقي الملجم لا نعلمهم يعرفون غير ذلك.
قال أبو جعفر: وبصاع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- نأخذ الذي قاله أهل المدينة في زكاة الفطر وغيره.
وبه قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن المعلا، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي -عليه السلام- قال: قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: ((فيما سقت السماء أوسقي فيحاً العشر، وما سُقي بالغرب نصف العشر)).
وبه قال: حدثنا علي بن أحمد بن عيسى، عن أبيه قال: تجب الصدقة في البر، والشعير، والتمر، والزبيب، والذرة، إذا بلغ كل صنف خمسة أو ساق.
وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: ليس فيما دون خمسة أوساق من الطعام صدقة، والوسق ستون صاعاً، قال ذلك رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وما زاد على خمسة أوساقٍ أُخذ منه بالكيل بحساب الأوساق.
وقال في العشر في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، وكل شيء من الأطعمة، والحبوب مثل الأرز، والعدس، والحمص، والباقلا، وأشباهها. هل فيها العشر أم لا؟
قال: أما الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، فلا اختلاف بين الناس فيها، وأما ما سقت السماء والسيح والعيون. ففيه العشر، وما سُقي بالدوالي ففيه نصف العشر، وما سوى ذلك فقد اختُلِفَ فيه.

(1/276)


قال أبو حنيفة وغيره: كل ماخرج من الأرض من نابتةٍ زُكّي، وهذا أحب القول إليّ فيه، لقول الله تبارك وتعالى:? خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا?[التوبة:103].
قال محمد: وقال غير قاسم: لا يزكى غير هذه الأربعة: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب.
قال محمد: البقول، والسماسم، والمقاثي، والبطيخ، والأقطان، وما أشبه ذلك، وإن عظم قدره، فلا زكاة فيه إذا كان في أرض العشر، وإن كان في أرض خراج أوأرض صلحٍ فعلى الأرض من الصلح، بقدر ما صولحوا عليه، ومن الخراج بقدر ما يرى الإمام.
بلغنا عن علي -عليه السلام-، وعن غيره قال: (ليس في الخضر زكاة).
وقال علي -عليه السلام-: (إنما الزكاة في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب. إذا بلغ النوع من ذلك خمسة أوساق، والوَسْق ستون صاعاً).
وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في بلادٍ بها أعناب كثيرة تُزَبّبْ.
هل عليهم فيها العشر؟ أو في العصير أو في أثمانها؟
قال: يزكى ذلك إذا كثر فيأخذون منه على قدر خرصة، وما أكله أهله من ذلك ولم يكن كثيراً فلا يحتسب به عليهم، وما تركوه حتى يصرم زكّوه يوم صرامه، كما قال الله تبارك وتعالى:?وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ?[الأنعام:141].

(1/277)


قال محمد: إذا عقد البُسْرُ وصار فيه النوى، فقد وجب فيه العشر، وكذلك العنب والزرع من الحنطة والشعير وغير ذلك مما يجب فيه العشر، إذا عقد الحب فقد وجب فيه العشر، فما أكل منه صاحبه أواستهلكه قبل أن يجب فيه العشر، فليس فيه عليه شيء من قِبَل أنه إنما استهلكه وأكله من قبل أن يجب فيه العشر.
وما أكل بعد ما وجبت فيه الزكاة، فأحبّ إلينا أن يزكيه، وإن تركه الخارص فلم يخرصه فعلى صاحبه أن يزكيه، لا يسعه إلاّ ذلك.
وقد ذكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: (أنه أمر الخارص بتليين الخرص لمكان العرية والوصية)... فكأنه موضع رخصة أن يأكل أهلها منها ويطعموا ويزكوا ما بقي.
وقال بعض أهل العلم: ليحتسب الذي يجب عليه الزكاة، ما يأكلون من قليل أوكثير، لأن الزكاة قد وجبت على جميعه.

(1/278)


وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في الزيتون والتين، والفاكهة هل فيها زكاة؟
القول في هذا كله وما يجب عليه قد فسرته.
قال محمد: يعني بقوله: إن الزكاة على كل نابتة أخرجتها الأرض؛ لقول الله تعالى: ? خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً?[التوبة:103].
قال محمد: إذا كان الكرم في أرض العشر، فباعه صاحبه عنباً أو استهلكه وهو عصير، فيلزمه في ذلك ما أوجبه رسو ل الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: في الزبيب إذا بلغ خمسة أوساق ففيه العشر، فإن كان الكرم الذي باعه صاحبه عنباً أو باعه عصيراً، يبلغ لو تركه حتى يصير زبيباً خمسة أوساق فصاعداً، ففي ثمنه العشر أو نصف العشر، إلاّ أن يكون وكس في ثمنه وكساً يعرف ذلك فإن المصدق يأخذه بالقيمة في صدقته، وأما إذا استهلكه عنباً أو عصيراً ولم يبعه، فإنه يؤخذ في الصدقة بالقيمة.
قال أبو جعفر محمد: وأما الزيتون فمن أوجب فيه الصدقة في أرض العشر فهو على حسب ما ذكرنا في الكرم: إن باعه صاحبه زيتوناً أوعصره فباعه زيتاً أو استهلكه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم: في الرجل تكون له الحنطة والشعير وأنواع الطعام كل واحد منها لا يبلغ خمسة أوساق، فإذا جمعها كانت خمسة أوساق. هذا فيه اختلاف في أقاويل الناس، ولست أرى أن يجمع الرجل حنطته إلى شعيره.

(1/279)


وفي الرجل يعطي ثمن العشر دراهم، لا يعطى عن شيء مما تجب فيه الزكاة من غيره، يعطي عن الحنطة من الحنطة، وعن الشعير من الشعير، وعن كل صنف من الأصناف من صنفه، لأن الله سبحانه قال: ?خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً?[التوبة:103] فأمر بالأخذ منها، عنها ولم يأمر بالأخذ من غيرها عنها.
قال أبو جعفر: إذا أخذ المصدق من رجلٍ صدقة ماله، من إبل أو بقر أو غنم أو غير ذلك مما تجب في مثله الصدقة، ثم باعه المصدق فيمن يريد أو غير ذلك فاشتراه صاحبه الذي أخذ منه فجائز شراؤه.
وإن تصدّق رجل بصدقة تطوعاً، ثم رجعت إليه الصدقة بميراث أو غير ذلك، فجائز أن يملكه.
وقد أحبّ بعض أهل العلم أن يتوقى شراء ذلك من غير حظرٍ ولا تحريم.
فأما إذا رجع إليه بميراث، فلا بأس بذلك، ولانعلم فيه اختلافاً.
قال أبو جعفر: إذا أعطى رجل مسكيناً من زكاة ماله، عرضاً من العروض بالقيمة، فجائز ذلك، فإن باعه المتصدّق عليه فجائز أن يشتريه المتصدِّق.
قال أبوجعفر: وإن كان به عنه غنى فغيره أحب إليَّ منه.
قال أبو جعفر: لو تصدق على رجل بخمسين دِرهماً من الزكاة، اشترى بها المسكين من الذي دفعها إليه من زكاة ماله شيئاً من العروض فجائز ذلك. لا نعلم في الأمة فيه اختلافاً.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم. في الرجل يكون عليه من الدَّين أكثر مما تُخرج أرضه. قال: عليه عشر ما أخرجت أرضه، كان عليه دين أولم يكن.

(1/280)


قال أبوجعفر: إذا كانت لرجل أرض من أرض العشر، يملك رقبتها، وعليه دَين يحيط بقيمة رقبة الأرض، وقيمة ما أخرجت، فإن العشر عليه مما أخرجت، لأن العشر وجب عليه بحق الأرض لا نعلم أحداً قال بخلاف هذا، إلاّ حديثاً رُوِي عن ابن عباس في رجلٍ زرع زرعاً في أرض العشر، فأخرجت الأرض، مما تجب فيه العشر، وعليه دين محيط بذلك، ذكر عنه أنه قال: (لا عشر عليه). ولا نعلم أحداً من العلماء قال بذلك غيره.
قال أبوجعفر: وليس هذا بمنزلة رجل له من الإبل والبقر والغنم ما تجب فيه الزكاة.
قال أبوجعفر: وليس هذا مثل ذلك، إذا كان عليه دين محيط بقيمة ماله من الإبل والبقر والغنم، فإنه لا زكاة عليه. لا نعلم يُختَلف في ذلك، وكذلك عندنا، الذهب والفضة وقد اختُلف فيهما.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في أرض فتحت عنوةووضع عليها الخراج يؤدى عنها العشر مع الخراج.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني علي ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما قال: إذا كان لرجل أرض خراجية، فأخذ منها خراجها، فليس عليه في غلاّتها عشر (يعني الصدقة)، وإن كان العشر أكثر من الخراج، فليس عليه شيء، لا يجتمع خراج وصدقة في أرض واحدة.

(1/281)


قال أبوجعفر: قول أحمد بن عيسى قول العلماء، وهو قول علي بن أبي طالب -عليه السلام-، وقول قاسم بن إبراهيم، قال به عمر بن عبد العزيز، وابن أبي ليلى، وحسن بن صالح، وشريك، ويحيى بن آدم: في أنه يؤخذ العشر من أرض الخراج بعد أخذ السلطان لخراجها، وذلك إذا حصل بعد الخراج خمسة أوساق، ولا يخرج عُشُره إلاّ سنة واحدة، فإذا كان أقلّ من خمسة أوساق، فليس عليه بعد الخراج شيء. هذا قول عمر بن عبدالعزيز، وابن أبي ليلى، وحسن، وشريك، ويحيى بن آدم، ومن قال بقولهم.
والقول الآخر قول علي بن أبي طالب -عليه السلام-: لا يجتمع عشر وخراج على أرض واحدة، وإن كانت الأرض خراجية، فأخذ خراجها، فلا شيء عليه فيما بقي من الطعام، وإن كان مائة وسق أو أكثر من ذلك.
فأما إذا كانت الأرض عشرية فليس بينهم فيها اختلاف أن ليس عليه فيها أكثرمن عشر ما أخرجت إذا كانت الذي أخرجت خمسة أوساق فصاعداً، وإن كان الذي أخرجت أقل من خمسة أوساق فلا زكاة فيه.
وكذلك إن كان أنواعاً شتى، مثل شعير وحنطة وتمر وزبيب، فأخرجت أرضه من كل صنف أقل من خمسة أوساق لم يكن في شيء منها زكاة، ولم يُضَمّ كل صنف منها إلى صنف، وإن كان بعضها خمسة أوساق، زكى ما كان خمسة أوساق من الأصناف، وما نقص من خمسة أوساق من الأصناف، فلا زكاة فيه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو هشام وجعفر الحداد جميعاً، عن يحيى بن آدم، عن الحسن بن ثابت، عن أبي طلق، عن أبيه، عن علي-عليه السلام-: أنه كان لا يأخذ من أرض الخراج إلاّ الخراج.

(1/282)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو هشام، عن أبي تميلة، عن أبي المنيب، عن عكرمة قال: لا يجتمع عشر وخراج في مال.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عبيد الله، قال: حدثنا وكيع عن إبراهيم بن المغيرة، عن رجل، عن الشعبي قال: لا يجتمع عشر وخراج في مال.
قال أبوجعفر: وهو عن أبي جعفر، وعن الضحاك، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني علي ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما قال: العشر إذا أخذه السلطان، فليس على صاحب الضيعة إخراجه الثانية على وجه الصدقة من ماله إلاّ أن يشاء ذلك، فيكون له فضل وبر، ويكون فيه احتياط وإحسان.
وقال أبوجعفر: ذكر نحو ذلك عن أبي حنيفة -رحمه الله تعالى-.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، ومخول بن إبراهيم، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سالت أبا جعفر عمَّا يأخذ السلطان الجائر من الزكوات؟
فقال: حِدْ بها ما استطعت، فإن لم تقدر فأخذوا فقد أجزاك.
حدثنا محمد، قال: سألت أحمد بن عيسى فقال مثل ذلك.
فقال: إن زكّى ما بقي فهو فضل وبِرّ، يعني ولا يجب ذلك عليه.

(1/283)


وكذلك قال أبوحنيفة -رحمه الله-. أمره فيما بينه وبين الله تعالى، أن يُزكّي فيما بقي، ولا أحكم به عليه.
قال أبوجعفر: إذا كان لرجل أرض من أرض الخراج فأخذ الإمام الجائر منه الخراج، فإن فيما أخذ الإمام الجائر اختلافاً بين أهل العلم، إن كان الذي يجب عليه الخراج حَادَ بما يجب عليه من الإمام الجائر، وجهد جهده في أن لا يعطيه، فلم يقدرعلى ذلك، وأكرهه على الأخذ، فإن ذلك عندنا يجزيه.
وإن هو احتاط فأخرج عمَّا بقي بعد أخذ الإمام الجائر منه ما أخذ، فقد استحب ذلك جماعة من أهل العلم، ولم يوجبوه عليه أن يخرج عما بقي...، ما لو كان إمام عدل أخذ منه مثله. وهذا أحبّ الأقاويل إلينا.
وقال قوم: لا يحتسب به، ويخرج عن الجميع ما يجب في ذلك عليه، وقال قوم: يخرج عمَّا بقي، ويجب ذلك عليه.
وقال قوم: لا يجب عليه أن يخرج قليلاً ولا كثيراً وليس في هذا احتياط، وإنما كان عليه الذي أخذ منه جائراً كان أوعادلاً.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في الرجل تلزمه المؤونة والنفقة، قال يخرج العشر، من جميع ما أخرجته أرضه، لا يعزل من ذلك بذراً ولا نفقة.

(1/284)


قال أبوجعفر: إذا كان لرجل أرضُ عشرٍ فزرعها وأنفق فيها نفقة كثيرة، ثم خرج الزرع في أرض العشر بأقلّ مما أنفق عليها، فإن الإمام يأخذ عشر ما أخرجت، إذا كان يجب في مثله العشر ولا يلتفت إلى نفقته. هذا هو المعمول عليه، إلاّ أن يكون رجلاً مغرماً أو فقيراً أو مسكيناً فللإمام أن يدع له العشر يجعله بمنزلة الغارمين يكون في دينه، أو من الفقراء فيستعين به.
قال أبوجعفر: وإذا كان لرجل أرض من أرض الخراج أومن أرض الصلح فلزمه أيضاً مؤونة شديدة أخذ منه الخراج أو الصلح، ولا يلتفت إلى عظم مؤونته، وإن عطّلها وهو يقدر على عمارتها وهي أرض من أرض الخراج فقد اختلف في ذلك.
قال أبوجعفر: وإن هو عجز عن عمارتها، فقد قال قوم من العلماء: إن الإمام يخرجها من يده إلى يد غيره، ممن هو أقوى منه عليها وذلك إلى الإمام، وإن شاء الإمام أنفق عليها من بيت مال المسلمين، ولم يلزمه خراج إذا عجز عنه.
قال أبوجعفر: ولم يبلغنا عن علي-عليه السلام- أنه مسح عليهم غامراً.

(1/285)


باب ما عفي عنه من الجواهر والإبل العوامل وغير ذلك
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (عفا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن صدقة الإبل العوامل تكون في المصر، وعن أربعين شاة تكون في المصر، فإذا رَعَتْ وجبت فيها الزكاة، وعن الدُّور، والخدم، والكسوة، والدُّرّ، والياقوت، والزُّمُرد. مالم يُرد به تجارة.
وعن محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن معلى بن هلال، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي-عليه السلام- قال: قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ذات يوم فقال: ((إنَّا قد وضعنا عنكم صدقة الخيل والرقيق)).
قال أبوجعفر: ذُكِرَعن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: ((قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق، فهاتو ربع العشر من أموالكم)).
قال أبوجعفر: فإن اشترى رجل خيلاً أو رقيقاً، فإنما ينظر وقت الشراء حين يشتريه، فإن اشتراه للتجارة والربح فيه، فعليه الصدقة في أثمانه، إذا كان الثمن مائتي درهم فصاعداً، إذا حال عليه الحول، إن كان هو جميع ماله، أويضم إلى ماله إن كان له مال غيره، وإن كان حين اشتراه إنما اشترى الرقيق للخدمة، فلا صدقة عليه في أثمان الرقيق، كثر أو قلّ، إلاّ صدقة الفطر إذا جاء وقتها، فإن كان رقيق بين رجلين فليس على واحد منهما صدقة

(1/286)


الفطر، لأن كل واحد منهمالم يملك رأساً كاملاً، إلاّ أن يكون اشتراه للتجارة فتكون الزكاة في أثمانهم، إذا بلغ حصة كل واحد منهما مائتي درهم فصاعداً، أو يكون له مال فيضم الثمن إلى ماله، وكذلك الخيل والحمير والبغال، إذا اشتراها للمنافع لا يريد بها التجارة، فلا زكاة فيها، وذلك على قول رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ((قد عفوت لكم عن الخيل والرقيق)) ولا نعلم في هذا اختلافا إلاّ حرفاً رُوِي عن عمر فيه حرف ضعيف لم نر أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قالوا به.
وذكر عن أبي حنيفة أنه قال: يؤخذ من كل فرس دينار، ولانعلم العلماء تابعوه على ذلك.
قال أبوجعفر: الناس وما يعمل عليه العلماء على ماروي عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق)).
قال محمد: وإن ورث رجل خيلاً أورقيقاً من أبيه وكان أبوه يتّجر فيها، فلا صدقة عليه فيها حتى يبيعها بأثمان، ويحول على الثمن الحول، إلاّ أن يكون له مال فيضم الثمن إلى ماله، ويزكيه لتمام الحول على المال الأول.
قال أبوجعفر: وينبغي أن يزكيه في رأس الحول، وإذا كان لرجل ألف درهم أوأقل أو أكثر من ذلك ما يجب في مثله الزكاة فحاد بها عن الزكاة، واشترى بها مالا تجب في مثله الزكاة من إبل عوامل أوغنم في المصر أوخدم للخدمة، فإني أخاف عليه من فِرَارِه من فريضة الله، والحكم لا يوجب عليه الزكاة فيما اشترى. [وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد عن يحيى بن آدم، قال: سألت شريكاً في مثل هذا؟ فقال: تجب عليه الزكاة، وقال: من فرّ من الله أدركه الله].

(1/287)


باب زكاة العسل
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبوهشام الرفاعي، قال: أخبرنا وكيع، عن سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى، عن أبي سيارة المتعي قال: قلت: يارسول الله، إن لي نحلاً.
قال: ((لا أدِّ العشر)).
قال: قلت: احمها لي.(يعني احفظها لي)، فحماها لي.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا أبو هشام، عن عبيد الله بن موسى، عن عمر بن أبي زائدة، عن يحيى بن سعيد قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: إن لي نحلاً فما أخرج منها؟ قال: ((من كل عشر قِرَبٍ قربة)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: ليس في العسل زكاة.
قال أبوجعفر: ذكر عن علي من وجه آخر أنه قال: ليس في العسل زكاة إذا كان يأكله أو كان في منزله، وهو الوجه عندنا.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم قال: ذكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه كان يأخذ من العسل العشر وذكر عن أبي سيارة أنه ذكر للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أن له نحلاً فأمره أن يؤدي منه العشر.

(1/288)


قال أبوجعفر: إذا كان النحل في أرض عشر أخذت زكاته فيما يجب في مثله الزكاة، كما قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((في كل عشر قِرَب قربة))، وأما إذا كان في أرض خراج فليس عليه زكاة كثر أو قلَّ.
قال أبوجعفر: إذا كان لرجلٍ أكوار من نحل، فإنه ينبغي للإمام أن يحميها لصاحبها، وعلى صاحبها أن يؤدي عشرها إلى الإمام، وإن لم يحمها الإمام كان عليه أيضاً يؤدي عشرها إلى الإمام إذا سلمت، فلو ضاعت أو سرقت حماها أولم يحمها لم يكن عليه شيء.
قال أبو جعفر: إذا كان العسل في أرض عشر، ففيه عندنا العشر، قال بذلك جماعة من العلماء، وذلك ماروي عن النبي -صلى الله عليه وآلهوسلم-، وعن علي-عليه السلام-.
وقال قوم: ليس في العسل صدقة، كان في أرض عشر أوأرض خراج.
وقال جماعة من العلماء: ليس في العسل شيء إذا كان في أرض خراج قلّ أوكثر، وإن كان في أرض العشر ففيه العشر.
قال أبوجعفر: وأرض الصلح مثل أرض الخراج، فإذا كانت العسالة في أرض من أرض العشر، فقد ذكر النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- أنه يؤخذ من كل عشر قِرَب قربة.
وقال بعض الفقهاء: ليس في أقل من خمسة أفراق من عسل النحل صدقة تؤخذ، فإذا بلغ ذلك خمسة أفراق (الفرق ستة وثلاثون رطلاً برطل الكوفة)

(1/289)


أخذ من ذلك العشر، وشبهه بما رُوِي عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في الأوساق: ((ليس في أقل من خمسة أوساق صدقة)).
قال أبوجعفر: ولم يُحَدّ لنا في حد القِرَب التى ذُكرت عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- حَد، فقد يمكن أن يكون والله أعلم أن الخمسة أفراق التي قال بها بعض الفقهاء على مقدار العشر قرب التي ذكر فيها عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وذُكِر عن أبي يوسف، ومحمد بن الحسن -رحمهما الله- أنهما قالا: ليس في العسل صدقة حتى يبلغ خمسة أفراق.
قال أبوجعفر: وقال قوم: ليس في العسل صدقة كان في أرض عشر، أو في أرض خراج، على أن الحديث لم يثبت عندهم عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فيلزم به الحجة.
قال أبو جعفر: وإذا زرع الزعفران في أرض العشر فقد اختلف أهل العلم في مقدار ماتؤخذ منه الصدقة.
فعلى قول ابن عباس، ومجاهد، و إبراهيم النخعي، وأبي حنيفة، ومن قال بقولهم: ففيما أخرجت الأرض من قليل أوكثير، العشر أونصف العشر، وكذلك على قولهم هؤلاء في جميع ما أخرجت الأرض العشر من الأقطان والسماسم وجميع الخضر، من المقاثي والبطيخ والبقول وغير ذلك، العشر ونصف العشر، من قليله أو كثيره.
وقال آخرون: ليس في الزعفران يكون في أرض العشر صدقة تؤخذ، حتى يكون خمسة أمنا فصاعداً، فيكون فيه العشر ونصف العشر على حسب ما ذكرنا من الأفراق في العسل، وشبّهه بالأوساق، فيما ذكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم.

(1/290)


وكذلك قالوا في القطن والكتان يكونان في أرض العشر ليس فيهما صدقة، حتى يكون كل صنف منها خمسة أحمال، فيكون فيه حينئذ العشر ونصف العشر.
وقال من قال بهذا القول في الأفراق والأمنا والأحمال بخلاف قول ابن عباس، ومن قال بقوله في الخضر، قال: ليس في الخضر في أرض العشر صدقة تؤخذ.
وأما ما رُوِي عن علي -عليه السلام-، فإنه كان لا يوجب الصدقة في أرض العشر إلاّ في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، ولم يُذكر عنه في شيء من الخضر كلها صدقة.
وكذا بلغنا عن معاذ حين بعثه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى اليمن، أنه كان لا يأخذ من الخضر صدقة، وهو في ذلك الوقت حاكمٌ من حكّام النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ووالٍ من ولاته -صلى الله عليه وآله وسلم-.
باب زكاة الحلي
وبه قال: حدثنا محمد، قال: سألت أحمد بن عيسى عن الحلي هل فيه زكاة؟
قال: لا.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن قاسم بن إبراهيم في زكاة الحلي والمِنطَقَةِ، والسيف المحلّى وأشباهه. قال: قد اختلف في هذا أهل العراق أبو حنيفة وغيره قالوا: يزكيه، ورووا أحاديث. قال أبو جعفر في زكاة الحُليّ: الاحتياط في أن يزكى ما كان من ذهب أو فضة تجب في مثله الزكاة من مائتي درهم أو عشرين مثقالاً، وقد قال جماعة من أهل العلم: لا زكاة في الحلي.

(1/291)


باب زكاة مال اليتيم
وبه قال: حدثنا محمد، قال: سألت أحمد بن عيسى، عن مال اليتيم فيه زكاة؟
فقال: قد رُوِي عن علي -عليه السلام- أنه كان يزكّي مال بني أبي رافع. قلت: وبه نأخذ.
قال: قد رُوِي أنه كان لايزكيه.
قلت: فمن قال لا يزكيه، جعله بمنزلة مالم يجب من الفرائض من الصوم والصلاة وما أشبه ذلك؟
فقال: لا. هذا عليه في نفسه، وذاك عليه في ماله.
قلت: فمن قال يزكيه جعله بمنزلة ما أخرجت الأرض من الثمار، وغير ذلك، أن الإمام يأخذ صدقته، وإن لم يكن مالكه مدركاً؟ قال: قد قال قوم.
وسألته عمَّا يأخذ به في مال اليتيم؟ قال يزكيه.
قال محمد: سمعت قاسم بن إبراهيم لا توجب في مال اليتيم زكاة. يجعله بمنزلة مالا يجب من الفرائض.
قال أبوجعفر: وأخبرني بعد ذلك عنه جعفر بن محمد أنه قال: تجب الزكاة في مال اليتيم كما تجب الزكاة فيما يخرج من أرضه من الحنطة والشعير، فهم لايختلفون أن على أرضه عشر ما أخرجت، فكذلك على جميع ماله من الذهب والفضة وغير ذلك الزكاة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا عباد بن يعقوب، عن شريك، عن أبي اليقظان، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي -عليه السلام-، أنه كان يزكي مال بني أبي رافع، وكانوا أيتاماً في حجره.

(1/292)


وبه قال: وحدثنا محمد، عن علي بن منذر، عن وكيع، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن أبي رافع قال: باع علي -عليه السلام- أرضاً لنا بثمانين ألفاً، فلما دفع إلينا المال وجدناه ناقصاً، فقلنا له، فقال: إني كنت أُزكّيه.
قال أبو جعفر في زكاة مال اليتيم أقاويل عدة: منها أن قال قوم: فيه الزكاة، وقال قوم: لازكاة فيه.
وروي عن ابن مسعود، وعن غيره قال: يحصي الوصي ما يجب على اليتيم في ماله من السنين، ثم يخبره به عند بلوغه، والذي أُحِبّ من ذلك لنفسي هذا.
[حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل قال: حدثنا أشعث، عن حبيب، عن الصلت المكي، عن ابن أبي رافع، قال: كنَّا أيتاماً في حجر علي بن أبي طالب-عليه السلام- وكان يزكي أموالنا، فلما دفعها إلينا وجدناها ناقصة، فقلنا له: يا أبا الحسن، ما بال مالنا ناقصاً؟ فقال: احسبوا زكاته، فحسبناه، فوجدناه كاملاً.
فقال: أترون أنه كان عندي مال يتيم لا أزكيه.
حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو الطاهر، عن أبي بكر بن أبي أويس، عن حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده عن علي -عليه السلام-، قال: يزكّي مال اليتيم].

(1/293)


باب من لم ير في مال اليتيم زكاة
وبه قال: حدثنا محمد، عن عمار بن أبي مالك، عن أبيه، عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر، قال: ليس في مال اليتيم زكاة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال حدثنا عباد، عن ابن الأصبهاني، عن جعفر بن محمد قال: ليس في مال اليتيم زكاة.
قال: قلت: إنه يروى عن علي-عليه السلام- أنه زكى مال بني أبي رافع.
قال: كان أبي ينكر هذا.
باب من قال في الركاز الخمس
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((العجمى جبار، واْلهَدَم جبار، والمعدن جبار، والبئر جبار، وفي الركاز الخمس)).
قال أبو جعفر: معنى الجبار: هدر، والعجمى الدابة المنفلتة، تصيب أوتقتل أو تجرح أو تفسد، فما أصابت من ذلك فهو هدر لا يؤخذ به أحد، والبير جبار، يحفر الرجل البير في ملكه، فيعنت فيها عانت، فهو هدر لا يؤخذ به أحد. والمعدن جبار، وهو الجبل أو الموضع من الأرض يخلق الله فيه الذهب والفضة، فيعمل فيه القوم، فيقع عليهم فهو هدر لا يؤخذ به أحد، وفي الركاز: الخمس، الركاز هو الكنز العادي من ضرب الأعاجم من الذهب والفضة، يصيبه الرجل في ملكه أو في ملك غيره، فأربعة أخماسه للذي أصابه وخمسه للإمام.

(1/294)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن قيس، عن عبد الله بن بشير، عن حبيب بن خالد، عن أشياخ منهم، قالوا: خرج منَّا رجل إلى دير جابر في يوم مطير، فأصاب جرة فيها أربعة آلاف مثقال، فأتى بها علياً-عليه السلام- فقال: اعتد أربعة أخماسها لنفسك، وخمساً فاقسمه في فقراء أهلك.
قال أبو جعفر: يعني فقراء أهل الإسلام.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن منصور، عن إسماعيل بن رجاء، قال: أصاب رجل كنزا في خربة أربعة آلاف وخمسمائة، فأتى به علياً -عليه السلام- فقال: (خمسها لبيت المال، وقد وهبناه لك).
قال أبو جعفر: في الكنز الخمس إذا كان قديماً.
قال أبوجعفر: القديم ما كان من ضرب الأعاجم، وهو الكنز وفيه الخمس، وما كان من ضرب أهل الإسلام، فهو بمنزلة الضالّة عند الذي وجده.

(1/295)


باب ما ذكر في ما أخذه السلطان من الزكاة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: سألت أحمد بن عيسى، عمَّا يأخذه هؤلاء السلاطين من الصدقات، تجزي المأخوذ عنه؟ فرأى أنها مجزية عنه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: سألت أحمد بن عيسى عمَّا أخذوا من زكاة الذهب والفضة، هل تجزي المأخوذ منه بهذه المنزلة؟
فقال: سبيلها عندي واحد.
قال محمد: فذكرت قوله لقاسم بن إبراهيم.
فقال قاسم: لاتجزي المأخوذ منه، وعليه أن يعيد عندي في الوجهين جميعاً. في صدقات الثمار والتبر وغير ذلك.
قال محمد: سمعت محمد بن علي بن جعفر بن محمد، وسئل عمَّا يأخذه السلطان الجائر من العشور والصدقات.
فقال: لا تجزي.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني علي ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما فيما أخذ الخوارج من صدقات الناس. هل يحتسبون به من صدقات أموالهم؟
قال: لا يجزي ذلك؛ لأنهم بمنزلة اللصوص، فلا يجوز الاحتساب بما أخذوا من الصدقة، وأما ما يأخذ السلطان من الخراج والأعشار والصدقات، فإنهم يدافعون بها، فإذالم يجدوا بداً من أدائها إليهم جاز لهم أن يحتسبوا بها من زكاة أموالهم وصدقاتهم.

(1/296)


قال أحمد بن عيسى: وذلك أن الإمام إمامان: فإمام عدل، وإمام جور. وكل ماعمله إمام العدل من إقامة حكم وقسم بحق، فذلك لازم لإمام الجور أن يعمل بمثله، فإن أقام إمام الجور حداً وحكم بحكم عدل، وذلك أن يقيم على زانٍ حداً، أويقطع سارقاً، أويفرق بين امرأة ورجلٍ اجتمعا على سفاح، أويزوج امرأة لا وليّ لها، أويقسم قسماً كما أمر الله تعالى وسنّه نبيه -صلى الله عليه وآله وسلم-، ثم قام بعده إمام عدلٍ فلا يرد شيئاً من ذلك ولا يغيره ولا يبطله.
وكذلك إذا أخذ خراجاً أو عشراً، أو صدقةً، فعليه أن يضعه حيث أمر الله عز وجل وسنّ نبيه -صلى الله عليه وآله وسلم-، فإن لم يفعل ذلك، ولم يمتنع من الأداء إليه، فشاء الرجل أن يحتسب بما أخذ منه، من صدقته وزكاته فإن ذلك له، وإن هو أعاد إخراجه ولم يحتسب بما أدّى إليه من ذلك، فهو فضلٌ وبرٌ وأجر.
قال أبو جعفر: وهو قول أبي حنيفة، وحسن، وعلمائنا.
قال أبو جعفر: يخرج زكاة مابقي إن شاء، وإن كان الذي أخذه من الخوارج، أخرج زكاة الجميع ولم يحتسب بما أخذوا.

(1/297)


باب من قال يجبر الناس على أخذ الزكاة ومن قال لا يجبرون على ذلك
وبه قال: حدثنا محمد، قال: سألت أحمد بن عيسى، عن زكاة الذهب والفضة؟ يجوز للإمام أن يجبر الناس على أخذها كما يجبرهم على أخذ الصدقات من الإبل والبقر والغنم وغير ذلك؟
فقال: لا.
قال محمد: سمعت قاسم بن إبراهيم يقول: إن للإمام أن يجبرهم على أخذ زكاة أموالهم؛ لأن الله تعالى يقول: ?خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً?[التوبة:103].
قلت: فإن هذا لا يعلم به، وليس هي أموال ظاهرة.
قال: يأخذهم بما ظهر.
قال أبوجعفر: يجبرهم على أخذ صدقات أموالهم سوى الزكاة، فإنه لا يجبرهم على أخذ زكاة الذهب والفضة، وينبغي لهم أن يرفعوها إليه، وإن أدّوها من قِبَل أنفسهم إلى المساكين أجزأهم ولم يكن للإمام عليهم سبيل في ذلك.
باب من لم يعط السلطان الصدقة ما يصنع بها؟
وبه قال: حدثنا محمد، قال: سألت أحمد بن عيسى، عن رجل له مال مما تجب فيه الصدقة؟
قلت: رجل له إبل أو بقر أو غنم أمكنه أن لا يعطي هذا السلطان شيئاً؟
قال: فلا يعطه.
قلت: فإن أخذوا منه؟
فرأى أنه يجزيه.
قلت: فإن أمكنه أن لا يعطيهم شيئاً فيمن يصرفه؟

(1/298)


وذكر الآية أو بعضها.
قال: في أي صنف من هؤلاء وضعه أجزأه إذا لم يكن يجد، يعني إلاّ صنفاً واحداً.
قال محمد: وسألته من يعطاها؟
قال: من أهل العفاف من أهل الموافقة، قال: وإن أعطاها غيرهم أجزأه.
قال أبو جعفر: أراه ذهب إلى أن الإمام إذا أعطى عمَّ.
قال محمد: سألت أحمد بن عيسى، عن الحروث والزروع في مثل ذلك أيضاً إذا أمكنه أن لا يدفع إليهم، فرأى أن يخرجه أيضا في الفقراء والمساكين.
قلت: فإن كان الذي في يده الزرع محتاجاً غارماً عليه دين لم ينفقه في سرف، يجوز له أن يصرفه في دَينه؟
قال: نعم. وأحبّ مع ذلك أن ينيل غيره.
قلت: يخرج من ذلك ما لو كان إمام عدل أخذه منه.
قال: نعم.
قلت: ولا يلتفت إلى ما يأخذ هؤلاء؟
قال: لا.
وكذلك الجواب في جزية اليهود والنصارى تكون للرجل في ضيعته، يمكنه أن لا يعطيهم، فرأى أحمد أنه يصرفها في مثل ذلك.
قال محمد: قلت لأحمد: وإن كان له قرابة محاويج يعطيهم أيضا منه؟
قال: نعم.

(1/299)


باب من قال آل محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- لا تحل لهم الصدقة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، عن عثمان بن نشيط، قال حدّثني أبو مريم، قا ل: قلت للحسن بن علي -عليه السلام-: ألا تحدّثني بحديث سمعته من أبيك؟
قال: بلى، أخذ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بيدي حتى مررنا بحريم نخل وأنا يومئذ غلام، فوجدت تمرة عند نخلة فجمزت حتى أخذتها فألقيتها في فيّ، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حتى أدخل أصبعه في فيّ، فأخرجها بلعابها، ثم قال: ((إنّا آل محمد لا تحل لنا الصدقة)).
قال محمد: سألت أحمد بن عيسى عما رُوِي في بني هاشم أنهم لا تحل لهم الصدقة.
قلت: تكون هذه الزكاة التي يخرجها الناس من أموالهم من الصدقة التي لا تحل لهم؟
قال: نعم.
قلت له:لاتحل لهم الصدقة وإن منعوا الخمس؟
قال: نعم، وإن منعوا الخمس، ليس منعهم مَا أحل الله لهم يُجَوِّز لهم أخذ مَا حرَّم الله عليهم إلاّ من ضرورة بمنزلة الميتة.
قال محمد: سألت أحمد بن عيسى، عن بني هاشم الذين لا تحل لهم الصدقة؟
فقال: آل جعفر، وآل علي، وآل عقيل، وآل عباس.
قال محمد: سمعت عبد العظيم الحسني يجيز لبني هاشم الصدقة إذا مُنِعوا الخمس، فقال: لا تحل لهم الصدقة إذا أعطوا خمسهم.
قال أبو جعفر: القول ما قال أحمد بن عيسى في الصدقة لبني هاشم.

(1/300)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: لا تحل الصدقة لبني هاشم لما أكرم الله به نبيه من الخمس الذي جعله الله فيهم، وما جاء فيه في ذلك من التشديد عنه على نفسه وعليهم.
باب ما ذكر في الدنانير والدراهم يضم إحداهما إلى صاحبه في الزكاة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في الرجل يكون له الدراهم لا تبلغ مائتي درهم والدنانير لا تبلغ عشرين ديناراً إذا جمعهما كانا مائتي درهم.
قال: قد اختلف فيه، فقال الشافعي وغيره: لايجمع بعض ذلك إلى بعض.
وقول أبي حنيفة فيه أحب القول إلينا وأشبهه بالحق.
قال أبو جعفر: كان أبو جنيفة يقول: يضمُّ القليل إلى الأكثر ثم يزكيهما.
قال أبو جعفر: إذا كان لرجل أقل من مائتي درهم، وأقل من عشرين ديناراً ضمَّ أحدهما إلى صاحبه وزكاه، ينظر أيهما إذا ضمَّه إلى صاحبه وجبت فيه الزكاة، فيزكيه على ذاك مائتي درهم خمسة الدراهم ومازاد فبحساب، ومن عشرين ديناراً نصف دينار، وما زاد فبحساب.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في الرجل يكون له أنواع الطعام كل واحد منها لا يبلغ خمسة أوساق، فإذا جمعها كانت خمسة أوساق، هل فيها زكاة؟
قال: فيه اختلاف، ولسنا نرى فيه أن يجمع الرجل حنطته إلى شعيره، وليس هذا عندنا كالمال من الذهب والفضة، وبين ذلك فرق.

(1/301)


باب زكاة الدين
وبه قال: حدثنا محمد، عن جعفر، عن قاسم، قال: لايزكى الدين حتى يقبض، فإن قبض حسب صاحبه ما مضى من سنيِّه ثم أخرج ما يجب من الزكاة فيه، وهذا يذكر عن علي بن أبي طالب-عليه السلام-.
قال أبو جعفر: ليس قوله لا يزكيه على جهة النهي، ولكن لايجب عليه، وإن شاء أن يزكي عن دينه فذلك إليه.
وبه قال: حدثنا محمد، عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في المرأة لها على زوجها صداق هل عليها زكاة؟ حالها في ذلك كحال غيرها ممن له دين غائب عنه، تزكي ذلك إذا أخذته كما يزكيه، ويجب عليها فيه ما يجب عليه.

(1/302)


باب صدقة الفطر
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه عن علي-عليه السلام- قال قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((صدقة الفطر على من كان من عيالك صغيراً أو كبيراً أو مملوكاً، لكل اثنين صاع وقد يجزي نصف صاع)).
قال أبو جعفر: يعني عن واحد نصف صاع.
وبه قال: حدثنا محمد، عن أبي الطاهر، قال: حدّثني أبو ضمرة، عن جعفر، عن أبيه، عن النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((صدقة الفطر على كل صغير أو كبير، حر أو عبد، وعلى من تمونون)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال زكاة الفطر صاع من حنطة أو صاع من شعير أو زبيب، أو صاع مما أشبه هذا من الحبوب، وقال: صدقة الفطر على كل حر وعبد صغير أو كبير ممن له ملة الإسلام، وقد قيل عن علي -عليه السلام- إن ذلك إنما يجب على من تجب عليه فريضة الصيام.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، قال: حدثنا أبان، عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((إذا أعطيتم صدقة الفطر فاعطوا نصف صاع من بر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من ذرة)).

(1/303)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني علي بن منذر، عن وكيع، عن سفيان، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن عن علي-عليه السلام- قال: صاع من شعير، أو صاع من تمر، أو نصف صاع من بر.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن وكيع، عن داود بن قيس الفرا، عن عياض بن عبد الله بن أبي سرح، عن أبي سعيد الخدري قال: كنَّا نخرج صدقة الفطر إذ كان فينا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من أَقِط.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عمران بن عبيد، قال: حدثنا أبو بلال،
قال: حدثنا أبو عبد الله الأحمري، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-قال ((إذا ولد المولود ليلة الفطر قبل الفجر من يوم الفطر فعليه صدقة الفطر، وإذا ولد المولود يوم الفطر بعد الفجر فليس عليه صدقة)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني علي بن منذر، عن وكيع، عن سفيان، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي عبد الرحمن، عن علي -عليه السلام- قال زكاة الفطر علىمن جرت عليه نفقته.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص، قال: حدثنا عاصم، عن أبي العالية، والشعبي، وابن سيرين، قالوا: صدقة الفطر على الصغير والكبير، والغني والفقير، والشاهد والغائب، والذكر والأنثى، والحر والعبد.

(1/304)


وبه قال: وحدثنا محمد، عن علي بن منذر، عن وكيع، عن ابن أبي ذيب، عن الزهري، قال أمر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بإخرج صدقة الفطر قبل الصلاة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، عن علي بن عابس، عن عبيد الله بن الوليد، عن أبي جعفر محمد بن علي قال: إذا أخرجت صدقةالفطر قبل الخروج فهي فطرتك، و إذا أخرجتها بعد فهي صدقة.
باب من كان يعطي صدقة الفطر عن أبيه بعد وفاته
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه أن الحسن بن علي والحسين -عليهما السلام- كانا يؤديان زكاة الفطر عن علي -عليه السلام- حتى ماتا، وكان علي بن الحسين وأبو جعفر يؤديانها عن أبيهما حتى ماتا.
قال أبو جعفر: وأنا أؤديها عن أبي.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو الطاهر، عن جعفر بن محمد أنه كان يعطي صدقة الفطر عن أبيه، يعني بعد وفاته.
وقال أبوجعفر: وأنا أعطي صدقة الفطر عن أبي.
وقال أبو الطاهر: هي صاع من الحنطة، والتمر، والزبيب، والشعير، وإنما وضع نصف صاع من بر مكان صاع من شعير معاوية-لعنه الله تعالى-.

(1/305)


باب فضل الصدقة على القرابة والصدقة يوم الجمعة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما من صدقة أعظم عند الله أجراً من صدقة على رحم أو أخ مسلم)).
قال: ((صلاتكم إِيّاهم بمنزلة الصدقة عند الله)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، قال: سمعت أبا جعفر يقول: إن الأشياء تضاعف يوم الجمعة، وإني لأحب أن أكثر فيه من الصدقة.
باب في الزكاة تُخرج من بلد إلى بلد
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في الزكاة يُخرج بها من بلد إلى بلد، إنما الزكاة إلى الأئمة، ويفرقها الإمام على قدر ما يرىمن القسمة، وما يَلِمُّ بالإسلام من نائِبَة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني علي بن أحمد بن عيسى، عن أبيه قال: أَحَبُّ إليَّ أن تقسم الزكاة في الأصناف التي ذكرها الله تعالى، وإن شاء بعث بها من بلد إلى بلد، مالم يكن بأهل البلد الذي هو به حاجة، فما كان فيهم محتاج فهو أحق.
قال أبوجعفر:بذلك نأخذ.

(1/306)


باب من قال لا يعطي في صدقة الفطر دراهم إلاّ أن لايجد
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في الرجل يتصدق بالدراهم في الفطر: لا يتصدق بدراهم وهو يجد السبيل إلى مطعم، فإن لم يجد ذلك أعطى مكانه قيمته دراهم، أو غيرهامن العروض.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم، قال: يعطي عن كل إنسانٍ صاع من بر، أو صاع من شعير، أو زبيب بالسوية صاعاً صاعاً.
قال أبو جعفر: تعطى صدقة الفطر كما رُوِي من الحنطة والشعير والتمر، فإن لم يمكنه من ذلك شيء أعطى قيمته فضة، وأجزأه ذلك.
باب فضل صدقة السر وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن صدقة السر لَتُطْفِئ غضب الرب، وإن الصدقة لَتطفئ الخطيئة، كما يطفئ الماء النار، فإذا تصدق أحدكم بيمينه فليخفها عن شماله، فإنما تقع في يمين الرَّبّ جل وعلا، وكلتا يَدَيْ ربي يمين، فيُرَبِّها كما يربي أحد كم فَلُّوه، أو فصيله حتى يجعل اللقمة مثل جبل أحد)).

(1/307)


قال أبو جعفر: قلت لأحمد بن عيسى: ما معنى قوله: (إن الصدقة تقع في يمين الله)؟
قال: بقبول الله.
[وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي-عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن صدقة السر لتطفئ غضب الرب، وإن الصدقة لتطفئ الخطيئة، كما يُطفئ الماء النار، فإذا تصدق أحدكم بيمينه فليخفها عن شماله، فإنها تقع بيمين الرب، -وكلتا يدي ربي يمين- فيربيها كما يربي أحد كم فلُوَّه أو فصيله، حتى يجعل اللقمة مثل جبل أحد))].
باب من قال القرض صدقة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال قال: رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من أقرض قرضاً كان له مثله صدقة))، فلما كان من الغد قال: ((من أقرض قرضاً كان له مثلاه كل يوم صدقة)).
قال: قلت: يارسول الله، قلتَ أمس:((من أقرض قرضاً كان له مثله صدقة))، وقلتَ اليوم: ((من أقرض قرضاً كان له مثلاه كل يوم صدقة))؟

(1/308)


قال: ((نعم، من أقرض قرضاً فأخّره بعد محله، كان له مثلاه كل يوم صدقة)).
باب ثواب من أجرى صدقة بعد موته
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبد الله بن موسى، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا مات العبد انقطع عمله فلم يتبعه إلاّ ثلاثة: صدقة جارية، أو ولد صالح يستغفر له بعده، أو علم علَّمه عُمِل به بعده فهو يُكتب له)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو الطاهر، قال: حدثنا عمرو بن طلحة، عن أسباط بن نصر، عن رجل قد سماه، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: مرّ رجل بحجرٍ فنحّاه عن الطريق، وقال: اللهم، هذا عن أبوي، فغفر الله لهما، وأدخله الجنة.

(1/309)


باب وصية علي بن أبي طالب -رحمه الله- في صدقته
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إسحاق بن موسى، عن مصعب بن سلام، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- خرج في جيش ذات العشيرة، وهي مما يلي ينبع: قال فاشتد عليهم حرّ النهار، فانتهوا إلى سمرة ليس عليها شوك، فعلقوا أسلحتهم عليها، قال: وفتح الله عليهم، قال: فقسم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لعلي -عليه السلام- موضع السمرة في نصيبه، قال: واشترى إليها بعد ذلك، وأمر مملوكيه أن يفجروابها عيناً، قال:فتخرج لهم مثل عنق الجزور.
قال: فجاء البشير إلى علي -عليه السلام- يُخبره بالذي كان.
فقال علي: بشر الوارث، بشر الوارث مرتين، ثم جعلها علي صدقة، وهو عين بولان.
قال: فجعلها علي صدقة، يوم تبيضُّ وجوه، وتسودُّ وجوه، ليصرف الله النار عن وجهي، ويصرف بها وجهي عن النار، صدقة بتاً بتلاً في سبيل الله، وسبّله للقريب، والبعيد والسلم، والحرب، والجنود، وللفقراء، والمساكين، وفي الرقاب.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثني إبراهيم بن إسحاق، قال: حدثنا بشر بن الوليد الكندي، عن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، قال: حدّثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- أنه أوصى ابنه الحسن بهذه الوصية أملى عليَّ عيسى بن زيد

(1/310)


هذه الوصية، وقال: هذه وصية علي بن أبي طالب: هذا ما أوصى به، وقضى في ماله عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ابتغاء وجه الله؛ ليولجني الله به الجنة، ويصرفني عن النار، ويصرف النار عن وجهي يوم تبيضَّ وجوه وتسودَّ وجوه، ما كان لي بيَنْبُع من مال يعرف لي منها وما حوتها صدقة، ورقيق، غير أن رباحاً وأبا نيزر وجبيراً عُتَقَاء، ليس لأحد عليهم سبيل، وهم موالي يعملون في المال خمس حجج، وفي رواية أبي يوسف سبع حجج، و فيه نفقتهم ورزقهم ورزق أهاليهم، ومع ذلك ما كان لي بوادي القرى ثلثه مال بني فاطمة ورقيقها، وما كان لي بِرَعَّة وأهلها صدقة.
قال أبوجعفر: ورعَّة (وهي مشدودة العين) هي على ليلة من (فدك) ضيعة كانت لأمير المؤمنين، غير أن زريقاً له مثلما كتبت لأصحابه.

(1/311)


وما كان لي بْأُذَيْنَة وأهلها صدقة، والفقيرين كما قد علمتم في سبيل الله، وأن الذي كتبت من أموالي هذه صدقة واجبة بتله حياً أنا أو ميتاً، تنفق في كل نفقة يبتغى بها وجه الله في سبيل الله ووجهه، ولذي رحم من بني هاشم وبني المطلب والقريب والبعيد، وأنه يقوم على ذلك الحسن بن علي، يأكل منه بالمعروف، وينفقه حيث يريه الله في حل محلل، لا حرج عليه فيه، وإن أراد أن يبدل مالاً من الصدقة مكان مال فإنه يفعل إذا شاء، لا حرج عليه فيه، وإن أراد أن يبيع نصيباً من المال فيقضي به الدين فليفعل إذا شاء، لا حرج عليه فيه، وإن شاء جعله بدير الملك، وإن وُلْدَ علي ومالهم إلى الحسن بن علي، وإن كانت دار الحسن بن علي غير دار الصدقة فبدا له أن يبيعها يبيع إن شاء، لا حرج عليه فيه.
فإن باعها فثمنها ثلاثة أثلاث: فيجعل ثلثاً في سبيل الله، وثلثاً في بني هاشم وبني المطلب، ويجعل ثلثاً في آل أبي طالب، وأنه يضعه فيهم حيث يريه الله، وإن حدث بحسن حدث وحسين حي، فإنه إلى حسين بن علي، وأن حسين بن علي يفعل فيه مثل الذي أمرت به حسناً، له منها مثل الذي كتبته لحسن، وعليه مثل الذي على حسن.

(1/312)


وأن الذي لبني فاطمة من صدقة علي مثل الذي لبني علي، وإني إنما جعلت الذي جعلت إلى بني فاطمة ابتغاء وجه الله، ثم تكريم حرمة محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-، وتعظيمهما، وتشريفهما، ورضائهما.
وان حدث بحسن وحسين حدث، فإن الآخر منهما ينظر في بني علي، فإن وجد منهم من يرضى دينه وإسلامه وأمانته، فإنه يجعل إليهم إن شاء، وإن لم ير فيه بعض الذي يريد، فإنه يجعله في رجل من آل أبي طالب يرتضيه. فإن وجد آل أبي طالب يومئذٍ قد ذهبت كبراؤهم ذوو رأيهم وذوو أسنانهم، فإنه يجعله إلى رجل يرضاه من بني هاشم، وأنه يشترط على الذي يجعله إليه أنه يترك المال على أصوله، ينفق ثمره حيث أمرته في سبيل الله ووجوهه وذوي الرحم من بني هاشم وبني المطلب، والقريب والبعيد، لا يباع منه شيء وفي حديث أبي يوسف: لا يباع من فسيله شيء، ولا يوهب، ولا يورث، وأن مال محمد-صلى الله عليه وآله وسلم- على ناحيته وهو إلى بني فاطمة، ومال فاطمة إلى بني فاطمة، وأن رقيقي الذي في صحيفة صغيرة التي كتبت لي عُتَقَاء، فهذا ما قضى علي بن أبي طالب في أمواله هذه الغد منذ يوم قدم مسكن، ابتغاء وجه الله والدار الآخرة، والله المستعان على كل حال.

(1/313)


أما بعد: فإن ولائدي اللاتي أطوف عليهم التسع عشرة فهنَّ أمهات أولاد أحياء معهنَّ أولادهنَّ، ومنهنَّ حبالى، ومنهنَّ من لا ولد لها، فقضائي فيهنَّ إن حدث بي حدث أن من كان منهنَّ لها ولد، أو كانت حبلى فتمسك على ولدها وهي من حظه، وإن مات ولدها وهي حية فهي عتيقة ليس لأحد عليها سبيل، فهذا ما قضى عليٌ في ماله الغد، من يوم قَدِمَ مسكن.
شهد أبوشمر بن أبرهة، وصعصعة بن صوحان، ويزيد بن قيس،و هياج بن أبي هياج.
وكتب علي بن أبي طالب -عليه السلام- بيده، لعشر خلون من جمادى الأولى، سنة تسع وثلاثين.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن ابن فضيل، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((من سأل الناس أموالهم تَكَثّراً، فإنما يسأل جمراً، فَلْيَسْتَقِلْ عبدٌ أو يَسْتَكْثِرْ)).

(1/314)


كتاب الصيام
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن محمد بن فضيل، قال حدثنا أبان بن أبي عياش، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عمر، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((تفتح أبواب الجنة كلها في أول ليلة من رمضان، لا يُغلق منها باب إلى آخر ليلة من رمضان، وتغلق أبواب جهنم كلها، من أول ليلة من رمضان إلى آخر ليلة من رمضان، ولا يفتح منها باب، وتغلّ فيه مَرَدَة الشياطين لحق رمضان وحرمته، ويبعث الله منادياً ينادي من غروب الشمس إلى طلوع الفجر كل ليلة في السماء الدنيا:
يا باغي الخير هلم، ويا باغي الشر أقصر.
هل من داعٍ فيُستجاب له؟
وهل من سائلٍ فيُعطى سُؤْلَه؟
وهل من مستغفر فيغفر له؟
وهل من تائب فيتاب عليه؟
ولله عُتَقاء عند وقت الفطر كل ليلة من رمضان)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن أبي سلمة أو أم سلمة، التبس في الأصل، عن أبي هريرة قال: قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)).

(1/315)


باب ما ذكر في فضل شهر رمضان
وبه قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن منصور، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: صَعِدَ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- المنبر فقال: ((يا أيها الناس، إن جبريل أتاني فاستقبلني، ثم قال: يا محمد، من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي-عليه السلام- قال: كان إذا رأى الهلال قال: (اللهم، إني أسألك خير هذا الشهر:فَتْحَه، ونصره، ونوره، ورزقه، وأعوذ بك من شره وشر ما بعده).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي-عليه السلام- قال: لما كان أول ليلة من شهر رمضان قام رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((يا أيها الناس، قد كفاكم الله عدُوّكم من الجن، ووعدكم الإجابة، وقال:?ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ?[غافر:60].
ألا وقد وكل الله بكل شيطان مريد سبعة أملاك، فليس بمحلول حتى ينقضي شهر رمضان هذا، ألا وأبواب السماء مفتّحة من أول ليلة منه إلى آخر ليلة منه، ألا وإن الدعاء فيه مقبول)).
تى إذا كان أول ليلةٍ من العشر قام فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: ((أيها الناس، قد كفاكم الله عدُوّكم من الجن، ووعدكم الإجابة و قال: ?ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ?[غافر:60].

(1/316)


ألا وقد وكل الله بكل شيطان مَرِيْد سبعة أملاك، فليس بمحلول حتى ينقضي شهركم هذا، ألا وإن أبواب السماء مفتحة من أَوّل ليلةٍ منه إلى آخر ليلة منه، ألا وإن الدعاء فيه مقبول)).
قال: ثم إن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- شمر، وشد المِئْزَر، وبَرَز من بيته، واعتكفهنَّ، وأحيا الليل، وكان يغتسل كل ليلة بين العشاءين.
فقلنا له: ما معنى شد المئزر؟
فقال: كان يعتزل النساء فيهنَّ.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد التميمي، قال: حدثنا حسين بن علوان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من اعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان كان بعدل حجتين وعمرتين)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، قال: أوصى أمير المؤمنين إلى الحسن ابنه فقال: (أوصيك ياحسن وجميع ولدي، وأهل بيتي ومن بلغه كتابي من المؤمنين بتقوى الله ربكم، والله الله في صيام شهر رمضان، فإن صيامه جنة من النار).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم بن عامر، عن قيس، عن الركين، عن أبيه، عن علي-عليه السلام- قال: الشهران تسعة وخمسون.

(1/317)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن إسماعيل بن صبيح، عن أبي الجارود، عن أبي عبد الرحمن، عن أبي جحيفة، عن علي-عليه السلام-، قال: كان إذا رأى هلال رمضان قال: اللهم، رب رمضان، ادخله علينا بسلامٍ وأمن وإيمان، وصحة من السقم، وفراغ من الشغل عن الصلاة.
باب ما ذكر في السحور
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي-عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن الله وملائكته يصلون على المستغفرين بالأسحار والمتسحرين، فليتسحر أحدكم ولو بجرعة من ماء)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، قال: حدثنا أبان بن أبي عياش، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((تسحروا فإن في السحور بركة)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: آخر وقت السحور أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.
والخيط الأبيض هو الفجر المعترض، وإنما قيل: الخيط؛ لاِخْتِياطه وهو اعتراضه.
قال أبو جعفر: كان بعض علماء آل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يُغْلِس بصلاة الفجر جداً، قرأ بعضهم في الفريضة البقرة وآل عمران، فلما قضوا الصلاة رأى بعضهم النجوم،

(1/318)


فنحبُّ للصائم أن يتعجل بالسحور قليلاً في وقت يوقن أنه يفرغ من سحوره قبل طلوع الفجر
قال أبو جعفر: الأكل حلال حتى تحل الفريضة.
باب وقت الإفطار ومن كان يفطر قبل الصلاة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر، عن آبائه، عن علي-عليه السلام- قال: اعتكف رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- العشر الأواخر من شهر رمضان، فلما نادى بلال بالمغرب أتي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بكتف جَزور مشوية، فأمر بلالاً فكف هنيهة، فأكل وأكلنا، ثم دعا بلبن إبل فمذق له فشرب وشربنا، ثم دعا بماء فغسل يده من غمر اللحم، ومضمض فاه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، قال حدثنا ليث، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: إن الشمس قد يواريها السحاب، وتواريها الجبال، ولكن انظروا إلى الأفق الأعلى الذي يجيء الله بالليل والنهار منه، فإذا علا غسق الليل الضراب (أي الليل المظلم) فكلوا واشربوا.
وبه قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، قال: حدثنا عبدالرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن علي -عليه السلام- قال: ((ثلاث من أخلاق الأنبياء: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع الأكف على الأكف تحت السرة)).

(1/319)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: وقت الإفطار، أن يَغْشَى الليل ويذهب النهار، ويبدو نجم في أفق من آفاق السماء؛ لأن الله تعالى يقول:? فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً?[الأنعام:76].
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا شعيب بن عبيد الرقي، عن طاهر بن عمرو، عن عمه عبيد بن شعيب، عن إبراهيم بن عبد الله أنه كان إذا أفطر من الصوم شرب الماء قبل أن يصلي المغرب.
باب من رُخِّص له في الافطار في شهر رمضان وأمره أن يقضي
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: لما أنزل الله فريضة شهر رمضان أتت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- امرأة حبلى فقالت: يارسول الله، إني امرأة حبلى، وهذا شهر رمضان مفروض، وهي تخاف على ما في بطنها إن صامت؟

(1/320)


وأتته امرأة ترضع، فقالت: يارسول الله، هذا شهر رمضان مفروض، وهي تخاف إن صامت أن ينقطع لبنها فيهلك ولدها.
فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((انطلقي فأفطري، فإذا أَطَقْتِ فصومي)).
وأتاه صاحب العطش فقال: يارسول الله، هذا شهر رمضان مفروض، ولا أصبر عن الماء ساعة واحدة، ويخاف على نفسه إن صام. فقال -صلى الله عليه وآله وسلم- ((انطلق فأفطر، فإذا اطقت فصم)).
وأتاه شيخ كبير يتوكأ بين رجلين فقال: يارسول الله، هذا شهر رمضان مفروض، ولا أطيق الصيام، فقال: ((اذهب فاطعم عن كل يوم نصف صاع للمساكين)).
ثم أمرهم بعد أن يصوموا اليوم والاثنين، ويفطروا اليوم والاثنين.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم لا شيء عليه؛ لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلاّ وسعها، وأكثر ما قيل في ذلك إطعام مسكين كل يوم مكان كل يوم، والحامل والمرضع يصومان، وإن ثقل ذلك عليهما إذا لم يكن إضرار بهما، فإن خشيتا ذلك أفطرتا وقضتا.
قال أبو جعفر: الحامل إذا خافت على نفسها، أو على ما في بطنها أفطرت وقضت، ولا كفارة عليها سمعنا عن النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- أنه أمر امرأة من أهله ترضع، فأفطرت في شهر رمضان.
قال أبو جعفر: هي في ذلك مأمونة على دينها، المرضع والحامل في ذلك سواء.

(1/321)


قال أبو جعفر: إذا كانت المرضع تجد من ترضع لها بأجرة، وهي تجد الأجرة، فليس ينبغي لها أن تفطر، إلاّ أن يكون الصبي لا يقبل إلاّ منها.
قال أبو جعفر: وصاحب العطش والمريض من صداع أو حمى أو غير ذلك من العلل، إذا خافوا أن تعنتهم العلة، فلهم أن يفطروا، وهم في ذلك مأمونون على أنفسهم، ويقضوا إذا أطاقوا، ولا كفارة عليهم.
وأما الشيخ الكبير الذي قد أَيِسَ من أن يطيق الصيام، والعجوز الكبيرة التي قد أيست أن تطيق الصيام، فإن لهما أن يفطرا، ويطعم الذي يفطر منهما عن كل يوم مسكيناً غداه وعشاه، ومن أطاق من هؤلاء جميعاً أن يصوم اليوم بين الأيام، فإنه يجب عليه أن يصوم ما أطاق، ويفطر ما لم يطق.
باب ما ذكر في صيام يوم الشك
وبه قال: حدثنا محمد قال: حدثنا أيوب بن الأصبهاني، قال: حدثنا القاسم بن معن، قال: سألت جعفر بن محمد عن صيام يوم الشك؟
فقال: أصوم يوماً من شعبان أحب إليَّ من أن أفطر يوماً من رمضان.
فقال: أصومه على أنه من شعبان. وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا يوسف بن موسى، عن فضيل بن دكين، قال: حدثنا عيسى بن دينار، قال: حدثني أبي عن عمرو بن الحارث، أنه سمع عبد الله بن مسعود يقول: ما صمت على عهد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- تسعة وعشرين أكثرمما صمت ثلاثين.

(1/322)


وبه قال محمد: سألت أحمد بن عيسى يوم ثاني من شهر رمضان، وقدكان الناس شكَّوا في صدر النهار بالأمس، فقلت له: أصمت أمس؟
فقال: أنا أصوم هذه الثلاثة الأشهر.
قال أبو جعفر: يعني وصلها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عيسى، عن أبيه في صوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان، قال: لايصومه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني جعفر، عن قاسم، في صوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان، قال: لابأس أن تصومه.
وقد قال علي بن أبي طالب -عليه السلام- فيما ذكر عنه: (لأن أصوم يوماً من شعبان أحبُ إليَّ من أن أفطر يوماً من رمضان).
قال أبو جعفر: من صام يوم الشك نوى أنه من شعبان، فإن تبين له أنه من شهر رمضان قضاه.
قال: فإن صام على أنه من شعبان، ثم تبين له بعد الزوال أنه من شهر رمضان، فإنه يتم صومه ويقضيه، لايعلم فيه اختلاف، وإن تلاوم ثم تبين له بعد في صدر النهار أنه من شهر رمضان نواه في وقت ما تبين له، وهو يجزيه إن شاء الله تعالى.

(1/323)


وقد قال حسن بن صالح وغيره: يصومه ويقضيه حتى يبتديه على صحة من اعتقاده قبل طلوع الفجر.
قال أبو جعفر: وإن أصبح فأكل في صدر النهار، ثم علم أنه من شهر رمضان، فليمسك عن الطعام في بقية يومه ويقضيه، ولا كفارة عليه.
قال أبو جعفر: إن أخبر رجل رجلاً أنه قد رأى الهلال فليصم،وليس يلزمه في الحكم، ولكن لايفطر عند انقضاء الشهر إلاّ على يقين، وإن رآه واحد وحده فَلْيَصُم، وأَهَاب له الإفطار إلاّ أن يثبت عنده.
وذكر عن بعض أهل العلم أنه قال: إذا أيقن رؤيته صام وأفطر.
باب مايقول الصائم عند إفطاره وما ذكر في الوصال
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا أفطر، قال: ((اللهم، لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، فتقبله منَّا)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: لاوصال في صيام، ولا صَمتُ يوم إلى الليل.

(1/324)


باب ما ذكر في صوم يوم عاشوراء وصوم الأيام البيض ويوم عرفة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عيسى، عن أبيه، أنه سئل عن الصوم في كل شهر أي أيام أحب إليك؟
فقال: صوم أول خميس من الشهر، ثم الأربعاء الذي بعده، ثم الخميس في الجمعة الذي بعده.
وبه قال أحمد بن عيسى، وكان عمر بن علي يقول: أُحب تعجيل البر.
قال أحمد بن عيسى: أما أنا فلا أَدَعُ صوم الأيام البيض وقد لزمته، وربما صمت الغرر من الشهر.
وبه قال: وحدثنا محمد، حدثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: صوم الأيام البيض، ورجب وشعبان، والإثنين والخميس حسن جميل، وجاء فيه فضل كثير، وكذلك يوم عاشوراء، ويوم عرفة، جاء ((أن من صام يوم عرفة كان له كفارة سنة))، قال: ويوم عاشوراء يوم عاشر من المحرم، لا اختلاف فيه.
قال أبو جعفر: وصوم أربعاء بين خميسين، أول خميس في الشهر، وأربعاء في وسط الشهر، وخميس في آخره، والأيام البيض ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة.
وقال: الأيام البيض هي عندي الأيام الغرر، ويوم عاشوراء يوم عاشر من المحرم.
حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن محمد بن فضيل، حدثنا الهجري، عن أبي عياض، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يوم عاشوراء عيد نَبِيِّ كان قبلكم فصوموه)).
حدثنا محمد، قال:

(1/325)


حدثنا علي بن منذر، عن محمد بن فضيل، حدثنا أبو إسحاق الشيباني، عن أبي بشير قال: سمعت علياً -عليه السلام- استسقى، وأمر الناس بصوم يوم عاشوراء.
باب ما ذكر في صوم الدهر ووصل شعبان برمضان
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي و محمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يصوم رجب وشعبان ورمضان، لا يفصل بينها بيوم.
وهو رأي أحمد بن عيسى يفعله.
وبه قال لي أحمد بن عيسى: أنا أصوم هذه الثلاثة الأشهر، يعني رجب، وشعبان، ورمضان، ويصِلُها.
وبه قال: حدثنا محمد، عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: يُستحب للرجل أن يفصل بين شعبان ورمضان في الصوم بإفطار.
وقال في صوم الدهر: لابأس به إذا أفطر في العيدين، وأيام التشريق، ومن أفطر في هذه الأيام لم يصم الدهر، وقد جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: ((لا صام ولا أفطر من صام الدهر)).
قال أبو جعفر: جائز أن يصوم شعبان فيصله بشهر رمضان، ولا يفصل بينهما.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سعيد بن محمد، عن عثمان بن مطر، عن جعفر بن محمد، قال: صيام شعبان ورمضان والله توبة من الله، ثم قرأ:? فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ?[النساء:92].
حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن محمد بن

(1/326)


فضيل، حدثنا أبان، عن أبي فاطمة، عن أبي موسى، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من صام الدهر ضيق الله عليه جهنم هكذا، ثم حلق بيده تسعين))
باب ماذكر في الحجامة للصائم والسواك الرطب
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا علي بن منذر، عن محمد بن فضيل، قال: حدثنا يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس قال: احتجم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو صائم مُحْرِم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، قال: لاينبغي للصائم أن يحتجم، وإن احتجم فلا أرى عليه قضاء، وأكره له كل شيء جَرّ إليه الضعف.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: لا بأس بالحجامة للصائم إذا لم يخف على نفسه منها ضررا.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد قال: لاينبغي للصائم أن يَسْتَاك بعود رطب، ولا يَبِلَ سواكه بالماء.
قال أبو جعفر: جائز الحجامة للصائم على ماروينا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
قال أبو جعفر: وأتوقى السواك للصائم بعودٍ رطبٍ،كره ذلك العلماء.

(1/327)


باب في الصائم يتقيأ أو يبدره
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي في الصائم قال: إن ذرعه القيء من سواكه، أو دعا فيه شيء فعليه التمام والقضاء، وإن كان خرج من غير شيء دعاه فليس عليه إلا الطهور.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: ليس للصائم أن يتقيأ، ومن بَدَرَه قَيْؤُه مضى على صومه واجتزى به إن شاء الله.
وبه قال أبو جعفر: إذا تقيأ الصائم، ذُكِرَ عن علي -عليه السلام- أنه قال في مثل هذا:يقضي.
و لعله-رحمه الله-، احتاط مخافة أن يكون رجع شيء إلى جوفه.
قال محمد: وإن بَدَرَه القيء فلا شيء عليه، إلاّ أن يرجع منه شيء.
ذكر عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال: الفطر مما دخل، وليس مما خرج.

(1/328)


باب من رخص في السواك الرطب ورخص في السواك إلى الظهر
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد قال: السواك للصائم قبل طلوع الفجر إلى الظهر، وأكره السواك إلى أن تغرب الشمس.
قال محمد: كره أحمد بن عيسى السواك للصائم بالعشي، وذكر خَلوف فم الصائم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في السواك الرطب للصائم.
قال: لا بأس به، ليس السواك بأرطب من الماء الذي يتمضمض به عند كل صلاة.
قال أبو جعفر: جائز السواك للصائم أَيّ النهار شاء، في أوله أو في آخره.
وبه قال: حدثنا محمد، عن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا شريك، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- اسْتَاك وهو صائم.
قال أبو جعفر: في بلِّ السواك للصائم إن توقاه أحبَّ إليَّ، وأرجو أن لا يكون به بأس.

(1/329)


باب من رخص في الكحل للصائم
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي-عليه السلام- قال: يكتحل الصائم، ولا يَسْتَعِطْ.
وبه قال محمد: سألت أحمد بن عيسى، عن الكحل للصائم؟
فقال: جائز، أنا أكتحل بالليل والنهار، وأَتَأَوّل قول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((خير كِحَالِكُم الأثْمد، يجلو البصر، وينبت الشعر، ويقطع الدمعة)).
وبه قال محمد: سألت أحمد بن عيسى، عن الذَّرُور للصائم فرخص فيه، وقال: هو أغلظ (يعني من الكحل)، وتوقيه أحبَّ إلى أحمد.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: لا بأس بالكحل للصائم؛ لأنه ليس بطعام ولا شراب فيكره له.
قال أبو جعفر: الكحل للصائم جائزٌ بالنهار مالم يكن فيه طيب، والسَّعُوط لا ينبغي للصائم، فإن استعط لعلة فليقض يوماً مكانه، ولا كفارة عليه.
وقال أبو جعفر في الذرور للصائم: أحبُّ إليَّ أن يقضي.

(1/330)


باب فيمن أكل ناسياً في شهر رمضان
وبه قال: حدثنا محمد، قال: سألت أحمد بن عيسى، عن رجل أكل ناسياً في شهر رمضان؟ فلم ير عليه القضاء، ولا شيء عليه.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في صائم أكل أو شرب ناسياً، ذكر عن علي -عليه السلام- وعن غيره أنه كان لا يرى على من طعم أو شرب ناسيا قضاء، وأكثر ما في ذلك أن يقضيه.
قال أبو جعفر: قال مالك بن أنس في الصائم: من أكل أو شرب أو جامع ناسياً: عليه القضاء.
قال أبو جعفر: من أكل أو شرب أوجامع ناسياً في شهر رمضان لا كفارة عليه، لكنَّا نستحب له أن يقضي ذلك اليوم وليس نلزمه.

(1/331)


باب في الصائم يواقع أهله في شهر رمضان
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في شهر رمضان فقال: يارسول الله، إني قد هلكت.
قال: ((وما ذاك))؟
قال: باشرت أهلي فغلبتني شهوتي حتى وصلت.
فقال: ((هل تجد عتقاً))؟
قال: لا والله ما ملكت مملوكاً قط.
قال: ((فصم شهرين متتابعين)).
قال: لا والله ما أطيقه.
فقال: ((اذهب فأطعم ستين مسكيناً)).
قال: لا والله، ما أقوى عليه.
قال: ((فأمر له رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بخمسة عشر صاعاً لكل مسكين مُد)).
قال: يارسول الله، والذي بعثك ما بين لابَتَيْها من أهل بيت أحقَّ مناَّ.
قال: ((فانطلق فكله أنت وعيالك)).
قال أبو جعفر: يقال لا يصلح هذا لأحد بعده.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في الصائم يجامع في شهر رمضان: عليه عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً.

(1/332)


باب ما ذكر في القبلة والمباشرة والكذبة والنظرة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: لا بأس بالقبلة والمباشرة للصائم ما لم يكن فيه اهتياج أو حركة، فإن كان فيه شيء من ذلك لم يحل له أن يقربها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني علي بن أحمد بن عيسى، عن أبيه، أنه سُئِل عن الكذبة والنظرة متعمداً، هل يفطران الصائم؟
قال: لا.
قال أبو جعفر: تكره القبلة للصائم والمباشرة لشهوة، وأرجو أن لا يجب عليه القضاء.
قال: فإن أمذى؟
قال: فكذلك أيضاً، فإن أمنى فعليه القضاء، ولا كفارة عليه.
قال محمد: وروي عن حسن بن صالح أنه جعل فيه القضاء والكفارة إذا أراد ذلك وتعمده.
وقال أبو جعفر: معنى الكذب يُفَطِّر الصائم، يقول: يخاف أن يذهب أجره، وليس يعنى أن عليه القضاء.

(1/333)


باب الصيام في السفر
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أبو مصعب المدني، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن هشام، عن عروة، عن أبيه، أن حمزة بن عمر الأسلمي قال: يارسول الله، أصوم في السفر؟
قال له: ((تُطِيق))؟.
قال: نعم. قال له: ((فذلك)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: سألت أحمد بن عيسى عن الصيام في السفر؟.
فقال: أما أنا فأفطر، وإن صام (يعنى صائم) لم آمره بالقضاء.
وبه قال محمد: سألت عبد الله بن موسى، عن الصيام في السفر؟
فقال: حدثني أبي، عن أبيه، أنه كان يصوم في السفر، ويقضيه في الحضر، ولا يوجبه على غيره، ويقول: إني لأ ستوحش أن آكل في رمضان.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: إن صام لم آمره بالقضاء، وإن أفطر فله، ونحن نقول: الصوم في السفر أفضل، فقيل له: فحديث النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- الذي رُوِي عنه: ((ليس من البر الصيام في السفر)).
قال: يعنى بذلك التطوع وليس بالفريضة.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني علي ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما أنه سئل عن الصوم في السفر أحب إليك أو الإفطار؟
قال: الإفطار أحبُّ إليّ وأنا أفعله.
قيل: وإن قوي الرجل على الصوم؟
قال: وإن قوي، فالإفطار أحب إليّ.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني علي ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما في رجل أدركه

(1/334)


شهر رمضان وهو في أهله، ثم بدا له فسافر، هل يجب عليه الصوم، أو له أن يفطر؟
قال: بل يفطر.
وحدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في الرجل يدركه شهر رمضان فيصوم ثم يسافر؟
قال: يصوم ما أقام وحضر، ويفطر إذا سافر وضعف، وإنما الإفطار في السفر رخصة من الله لعباده ويسر؛ لأن الله سبحانه يقول:?وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ?[البقرة: 185].
وبه قال: وحدثنا محمد، حدثنا أبو مصعب المديني، عن مالك بن أنس قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في غزاة فلما بلغوا الكديد، قال: ((أفطروا والفطر لعدوكم)).
قال: فصام قوم فسموا العصاة.
قال أبو جعفر: وزعم غير أبي مصعب أن أصحابه الذين سموهم العصاة ليس النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: يفطر الصائم فيما يقصر فيه الصلاة، وهو عندنا مسيرة اثني عشر ميلاً.

(1/335)


قال أبو جعفر: الصيام بمنزلة الصلاة إذا قصر فله أن يفطر.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا أبو هشام، عن وكيع، عن المسعودي، عن الحسن بن سعد، عن أبيه قال: خرجت مع علي-عليه السلام- من ضيعته بِيَنْبُع، فركب حماراً، ومشيت فصام، وأمرني فأفطرت.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: أتى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- رجل كان يصوم، فقال: أريد السفر فأصوم؟
فقال-صلى الله عليه وآله وسلم-: ((صُمْ إن شئت، وإن شئت فأفطر)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، قال: حدثنا أبان، عن أنس بن مالك، قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- خَرْجَة بدر في رمضان فصام بعضنا، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، وأما رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- فلم يَصُمْ.
وخرجنا خرجة حنين مثلها في رمضان فصام بعضهم، وأفطر بعضهم، فأما رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فلم يصم، وكان عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاث عشرة.

(1/336)


باب من قال تقضي الحائض الصوم ولا تقضي الصلاة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن أبي جعفر، قال: كان أزواج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أمهات المؤمنين يَرَيْن ما ترى النساء، فيقضين الصوم ولا يقضين الصلاة، وقد كانت أمنا فاطمة -رضي الله عنها- ابنة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وعليها السلام ترى ما ترى النساء، فتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي-عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ((تقضي المستحاضة الصوم ولا تقضي الصلاة)).
قال أبو جعفر: أجمع علماء أمة محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- أن الحائض والنفساء في شهر رمضان مفطرة، أكلت أم لم تأكل، وعليها القضاء.

(1/337)


باب من أصبح جنباً في شهر رمضان وفي الصائم ينظر إلى الشيء فيمني
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في شهر رمضان ورأسه يقطر، وصلى بنا الفجر و كانت ليلة أم سلمة، فأتيتها فسألتها، فقالت: نعم، إن كان لَجِمَاعاً من غير احتلام، فأتم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ذلك اليوم ولم يَقْضِه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في الرجل يصبح جنباً يجزيه صومه ذلك اليوم، وقد ذكر مثل ذلك، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وبه قال: وحدثنا محمد، عن عبد الله بن سعيد، عن أسباط، عن مطرف، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: إن كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لَيَجْنَب من الليل فيأتيه بلال فيؤذنه بالصلاة، فيقوم فيغتسل، فرأيت الماء ينحدر، فيظل يومه صائماً.
قال مُطَرِّف: قلت لعامر في شهر رمضان؟
قال: شهر رمضان وغيره سواء.
وبه قال محمد: وقال قاسم: إذا أمنى الصائم من النظرة قضى يوماً مكانه. ولم يفطر ذلك اليوم ومضى.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن حميد، عن حسن بن صالح، قال: إذا كرر المُحْرِم النظر يريد الماء الأعظم فسد حجه، وعليه الحج من قابل.
قال أبو جعفر: إذا أصبح الرجل جنباً في شهر رمضان فليتم صومه، ولا قضاء عليه ولا أحب له أن يتعمد ذلك.

(1/338)


وقال أبو جعفر: في الحائض ترى الطهر من الليل، ثم تصبح ولم تغتسل، قال: تتم صومها، والحيض بمنزلة الجنابة.
قال أبو جعفر: وذكر عن حسن بن صالح أنه كان يرى أن يقضيا يوماً مكانه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جبارة، عن شبيب بن شيبة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كان تصيبه الجنابة من وقاع، لا احتلام فيخرج ورأسه يقطر، ثم يتم صومه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في الرجل يصبح جنباً يجزيه صومه ذلك اليوم، وقد يذكر مثل ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن وكيع، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي عطية قال: تدارأ رجلان في المسجد في الرجل يصبح وهو جنب فيصوم، فانطلقا إلى عبد الله وانطلقت معهما، فسأله أحدهما فقال: يصوم.
قال: وإن نام؟
قال: نعم، وإن نام متعمداً.
قال: وإن كان من النساء؟
قال: وإن كان من النساء.
حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن علي بن مسهر، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي عطية، قال: سأل رجل ابن مسعود وأنا معه قال: أحتلم من الليل فشعرت ولم أغتسل حتى أصبحت أصوم ذلك اليوم؟ قال: نعم، فقال له رجل: وإن كان من النساء، قال: وإن كان من النساء.

(1/339)


حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن أبي بكر، عن أحمد بن عثمان، عن بكر بن عبد الرحمن، قال: حدثنا عيسى بن مختار، عن محمد بن عبدالرحمن، عن إسماعيل بن أمية، عن محمد بن مسلم، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن أبيه، عن عائشة وحفصة أنهما قالتا: كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يدرك الصبح وهو جنب من أهله، ثم يتم صومه.
حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر، عن يحيى بن آدم، قال: سمعت سفيان وشريكاً يقولان في الذي يصبح جنباً في رمضان: يجزيه ولا يقضي يوماً مكانه.
حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جيمل، عن إسماعيل بن صبيح، عن عمرو، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر في رجل اجتنب في السحر في رمضان، ثم نام حتى يصبح وهو جنب؟
قال: يغتسل ثم يصلي، ويتم صيامه، ولا يقضي يومه ذلك.
باب من أصابته جنابة بالنهار وهو صائم
وبه قال: وحدثنا محمد، حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: أيما رجل أصبح صائماً ثم نام قبل الصلاة الأخرى، فأصابته جنابة فاستيقظ، ثم عاود النوم، ولم يقض الصلاة الأولى حتى دخل وقت الأخرى، فعليه تمام ذلك اليوم وقضاؤه، يعني صلاته.
وقال محمد: من نام في شهر رمضان فأصابته جنابة فلا شيء عليه.

(1/340)


باب خيار الصيام في التطوع
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: إذا أصبح الرجل ولم يفرض الصيام فهو بالخيار إلى زوال الشمس، فإذا زالت الشمس فلا خيار له.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في رجل أصبح وقد نوى أن يصوم تطوعاً، ثم أفطر ليس عليه إعادة إلا أن يكون قد أوجبه وتكلم به، وليس يجب ذلك بالضمائر والنيات دون القول الظاهر.
قال أبو جعفر: اعتقاد الصوم ليس هو بالكلام دون النية، إنما الصوم بالعزم والاعتقاد وإن نوى بالليل فهو بالخيار إلى الفجر، وإن نوى بعد طلوع الفجر فهو بالخيار إلى زوال الشمس، فإذا زالت الشمس فلا خيار له.
باب ما ذكر في قضاء شهر رمضان
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في قضاء شهر رمضان؟
قال: يقضيه كما أفطره، إن أفطره متصلاً، قضاه متصلاً، وإن أفطره متفرقاً قضاه متفرقاً.
قال أبو جعفر: جائز أن يفرق قضاء رمضان من غير علّة، أفطره متتابعاً أو متفرقاً، وسمعنا عن علي بن أبي طالب-عليه السلام- أنه قال: اِقْض رمضان متتابعاً، وإن فرقته أجزاك.

(1/341)


باب في الصائم يأكل وهو يرى أن الشمس قد غابت
وبه قال: وحدثنا أبو جعفر محمد بن منصور بن يزيد، قال: أخبرني جعفر بن محمد، عن قاسم بن إبراهيم في صائمٍ ظن أن الشمس قد غربت فأكل، ثم طلعت الشمس بعدما أفطر. يقضي يوماً مكانه إذا تبين له أنه أكل في شيء من النهار.
وقال في رجل تسحر وهو يرى أن عليه ليلاً، وقد طلع الفجر: يتم ذلك اليوم، ويقضي يوماً مكانه، إذا كان أكل أو شرب بعد طلوع الفجر.
قال أبو جعفر: من أكل في شهر رمضان وهو يرى أن الشمس قد غابت ثم طلعت فيقضي ولا كفارة عليه، وإن أكل وهو يرى أن عليه ليلاً وقد كان طلع الفجر فليقض ولا كفارة عليه، ويتم ذلك اليوم.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في رجل شك في الفجر طلع أم لا، هل يأكل؟
قال: إن أكل مالم يتبين له، أو يخبره عنه مخبر أنه أكل بعد طلوع الفجر فلا يلزمه قضاء يومه، وإن صح عنده أنه أكل بعد طلوع الفجر قضى يومه الذي أفطر.

(1/342)


باب فضل صيام شعبان ورمضان
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي-عليه السلام- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يصوم شعبان ورمضان، يفصل بينهما بيوم.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((للصائم فرحتان فرحة عند فطره، وفرحة يوم القيامة، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)).
قال أبو جعفر: خلوف فم الصائم تلك الرائحة المتغيرة.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يصوم شعبان وشهر رمضان ويَصِلُهما وينهى الناس أن يَصِلُوهما، ويقول: هما شهرا الله، وهما كفارة لما قبلهما وما بعدهما من الذنوب.
باب من أمر أن يُقضى عنه الصوم
وبه قال: وحدثنا محمد، وبه قال: حدثنا أبو الطاهر، قال: حدثني محمد بن جعفر، قال: كان على أبي صوم من رمضان، فأمر عبد الله ابنه يقضيه عنه.
باب الاعتكاف وصوم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-

(1/343)


وبه قال: وحدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في الاعتكاف: يعتكف في مسجد جماعة ويلزم مُعْتَكَفَه، ولا يخرج منه إلاّ لحاجة ويصوم، فإنه لا اعتكاف إلاّ بصوم، ولا بأس أن يشهد الجنازة، ولا يلم بشيء مما أحل الله له من النساء بليل ولا نهار، حتى يخرج مما هو فيه من الاعتكاف الذي أوجبه على نفسه وصار إليه.
قال أبو جعفر: جائز للمعتكف أن يشهد الجمعة، ويشهد الجنازة، ويعود المريض، والمعتكف يقبل امرأته، بلغنا أن النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- قَبّل وهو معتكف، روت ذلك عنه عائشة، ويتطيب، وليس يفسد الاعتكاف إلاّ الجماع بعينه.
وحدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: ذكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه كان يصوم حتى يقال: لا يفطر، ويفطر حتى يقال: لا يصوم، وكان أكثر صومه من الشهور في شعبان.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في الصائم يدخل حلقه الذباب، لا يفسد ذلك عليه ما هو فيه من الصيام.
قال أبو جعفر: كذلك هو عندنا.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جبارة عن عبدالقدوس، عن الشعبي، قال: إذا دخل الذباب حلق الصائم لا يفطر.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أبو هشام، حدثنا وكيع، عن المسعودي، عن الحسن بن سعد، عن أبيه، قال: خرجت مع علي -عليه

(1/344)


السلام- في شهر رمضان من ضيعة له فركب حماراً ومشيت خلفه، فصام وأمرني أن أُفطر فأفطرت، ودخل المدينة ليلاً، فمررنا بدار عثمان وهو يقرأ فقام يستمع قراءته فقال: إنه ليقرأمن سورة النملة.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: قال وكيع: في هذا الحديث تسعة أحاديث (أي أحكام). فيه:
1- أن علياً اتخذ ضيعةً.
2- وفيه أنه سافر في رمضان.
3- وفيه أنه ركب حماراً ورجل يمشي خلفه.
4- وفيه أن الراكب يصوم.
5- و فيه أن الماشي يفطر.
6- وفيه أنه طرق أهله ليلاً.
7- وفيه أن عثمان كان إذا قرأ في داره سمع صوته في الطريق.
8- وفيه أن علياً قام يستمع قراءته.
9- و قال: إنه ليقرأ من سورة النملة. ولم يقل من السورة التى تذكر فيها النملة.
وبه قال محمد: سمعت أبا الطاهر يذكر أن هذه الضيعة بِيَنْبُع.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا عبد الله بن داهر الرازي، قال: حدثني أبي عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي -عليه السلام- قال: من قرأ يوم عاشوراء ألف مرة ?قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ?[الإخلاص:1] نظر الرحمن إليه، ومن نظر الرحمن إليه لم يعذبه أبداً.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي-عليه السلام- أن رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- اعتكف العشر الأواخر

(1/345)


من شهر رمضان، وأحيا الليل، وشد الِمئْزَر، وبَرَز من بيته، وكان يغتسل كل ليلة بين العشاءين.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن حميد -يعني ابن عبدالرحمن- قال: حدثنا حسن بن صالح، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي -عليه السلام- قال: المعتكف يعود المريض، ويشهد الجنازة ويأتي الجمعة، ويخرج للحاجة، ويأتي أهله في الحاجة، يقوم قائماً لا يجلس.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد التميمي، قال: حدثنا حسين بن علوان، عن جعفر، بن محمد، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((من اعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان كان يعدل حجتين وعمرتين)).
وحدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن حميد بن عبدالرحمن، قال: حدثنا حسن بن صالح، عن ليث، عن طاوس أن امرأة ماتت وعليها اعتكاف سنة وتركت ثلاثة بنين وزوجها، فأمر بنيها وزوجها أن يعتكفوا عنها ثلاثة أشهر ويصوموا عنها.
قال أبو جعفر: هو قول أهل المدينة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن ابن أبي زائدة، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي -عليه السلام- قال: إذا اعتكف الرجل فلا يَرْفُث ولا يجهل ولا يقاتل، ولا يُسَابّ، ولا ُيمَاري، ويعود المريض، ويأتي الجمعة، ولا يأتي أهله إلاّ لغائط وإلاّ لحاجة فيأمرهم، وهو قائم ولا يجلس.

(1/346)


حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم في امرأةٍ معتكفة حاضت، فجهلت فدخلت بيتاً؟
قال: انتقض اعتكافها.
قال أبو جعفر: يعني أنه لم يكن ينبغي لها لما حاضت أن تدخل بيتاً، ولو لم تدخل بيتاً كانت على اعتكافها إذا طهرت.
وبه قال: وحدثنا محمد، حدثنا محمد بن جميل، عن عبدالرحيم الرازي، عن جويبر، عن الضحاك قال: دخل ابن مسعود وحذيفة المسجد فأبصرا أبنية مضروبة في مؤخر المسجد، فقال عبد الله: ما هذه الأبنية؟
فقالوا: هولاء أناس معتكفون.
فقال عبد الله: وهل اعتكاف إلاّ في المسجد الحرام؟
فقال حذيفة: نعم سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((كل مسجد تقام فيه الصلاة له إمام ومؤذن يصلح فيه الاعتكاف)).
فقال عبد الله: فنعم إذن.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن عامر بن كثير، عن أبي خالد، عن أبي هاشم، عن زاذان، عن سلمان، قال: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فدعاني إلى الطعام، فقلت: يارسول الله، إني صائم، فقال: ((يوم مكان يوم، ولك مع ذلك حسنة بإدخال السرور على أخيك)).
وبه قال: و حدثنا محمد، قال: حدثنا جبارة، عن عبد الله بن حكيم، عن حجاج، عن عطاء عن عائشة، أنها أهديت لها جَشِيْشَةٌ، وأصبح رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ذلك اليوم صائماً،

(1/347)


فقلت: يارسول الله، لولا أنك أصبحت اليوم صائماً، لقربت إليك جشيشة أهديت إلينا.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((قربيها، فإنه ليس عليَّ جناحٌ ما لم يكن نذراً أو قضاء رمضان)).
حدثنا محمد، حدثنا علي بن حكيم، قال: حدثنا شريك، عن جرير بن زيد، عن ليلى، عن مولاتها، قالت: زارنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فاجتمع قوم من جيراننا، فقدمنا إليه طعاماً، فقام رجل من القوم، فقال له النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((مالك))؟
قال: أنا صائم يارسول الله.
فقال رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما من صائمٍ يأكل عنده مفطرون إلاّ صلت عليه الملائكة حتى يفرغوا)).
حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن إبراهيم بن يزيد، عن أبي الزبير، عن جابر قال: كنَّا في سفر فصام رجل فغُشِيَ عليه، فوقف عليه أصحابه، فمر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: ((ما شأنه))؟
فقالوا: صائم.
فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ليس من البر الصوم في السفر)).
حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن ابن عيينة، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قدم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- المدينة، واليهود يصومون يوم عاشوراء، فقا ل: ((ما هذا))؟
قالوا: يوماً نجى الله فيه موسى وأغرق فرعون.

(1/348)


فقال النبي-صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أنا أولى بموسى منكم))، فصامه، وأمر أصحابه أن يصوموا.
حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن زيد بن حباب، عن مسروق، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، قال: ما صمنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- تسعاً وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين.

فقال: ((أرأيت إن كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها))؟
قال: نعم.
قال: ((فدين الله أحق أن يقضى)).
حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن عاصم، عن الشعبي، أراه عن جابر، قال: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يسافرون مع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فيصوم الصائم ويفطر المفطر، فلا يعيب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم.
حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص، قال: حدثنا عاصم الأحول، قال: سألت أنساً عن الصوم في السفر؟
فقال: إن أفطرت فرخصة، وإن صمت فالصوم أفضل.

(1/349)


كتاب الحج
باب من أمر بالحج وحضَّ عليه
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا تزال أمتي يُكفُّ عنها، مالم يظهروا خصالاً: عملاً بالربا، وإظهار الرشا، وقطع الأرحام، وترك الصلاة في جماعة، وترك هذا البيت أن يؤم، فإذا ترك هذا البيت أن يؤم لم يناظروا)).
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من أراد دنيا أو آخرة فليؤم هذا البيت، ما أتاه عبدٌ سأل الله الدنيا إلا أعطاه منها، وسأله آخرة إلا ذخر له منها. أيها الناس، عليكم بالحج والعمرة فتابعوا بينهما، فإنهما يغسلان الذنوب كما يغسل الماء الدرن، وينفيان الفقر، كما تنفي النار خبث الحديد)).
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثنا أبو مروان المكي من ولد عثمان بن عفان، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد، عن أبيه، عن ابن عباس قال: ما تردد أحد إلى هذا البيت إلا ولله به حاجة.
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثنا أبو مروان، عن محمد بن عبد الرحمن بن محمد، عن أبيه، عن ابن عباس قال: لو تُرك هذا البيت لانطبَقَت السماء على الأرض.

(1/350)


باب فضل الحج وثوابه
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((تحت ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله: رجلٌ خرج حاجاً أو معتمراً إلى بيت الله عز وجلّ)).
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (لما كان عشية عرفة، ورسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- واقف، أقبل على الناس بوجهه فقال: ((مرحباً بوفد الله.(ثلاث مرات)، الذين إن سألوا أُعطُوا، وتُخلَفُ لهم نفقاتهم في الدنيا، ويجعل لهم عند الله مكان كلّ درهم ألفا، ألا أبشركم؟
قالوا:بلى، يا رسول الله.
قال: فإنه إذا كان في هذه العشية هبط الله إلى السماء الدنيا، ثم أمر ملائكته، فهبطوا إلى الأرض، فلو طُرحت إبرة لم تسقط إلا على رأس ملك، ثم يقول: (يا ملا ئكتي. انظروا إلى عبادي شعثا غبراً، قد جاؤني من أطراف الأرض، هل تسمعون ما يسألون؟
قالوا: يسألونك أي ربّ المغفرة. قال فأُشهدكم أني قد غفرت لهم،(ثلاث مرات). فأفيضوا من موقفكم هذا مغفوراً لكم ما قد سلف)).
وقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن الله أعظم من أن يزول من مكانه، ولكن هبوطه نظره إلى الشيء)).

(1/351)


وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: لما كان يوم النفر أصيب رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فغسَّله وكفَّنه، وصلى عليه، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: ((هذا المطهر يلقى الله بلا ذنب له يتبعه)).
وَبِهِ قال: وحدثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن محمد بن عمر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (أكثروا من الطواف، فإن لكل عبد منكم بكل قدم حسنة، والحسنة عشرة أمثالها).
باب من يجب عليه الحج
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد: في قول الله عز وجل: ?وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا?[آل عمران: 97]، قال: زادٌ، ومحمل.
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في قول الله:?وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا?[آل عمران: 97]. قال: الاستطاعة: الزاد والراحلة، وأمن السبيل.
وقوله: ?وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ?[آل عمران: 97]، فالكفر به هو الترك بعد الاستطاعة، ومن ذلك إنكاره وجحوده.

(1/352)


باب من كره أن يقول لمن لم يحج صرورة
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد قال: لاتقولن لرجل إذا لم يحج صرورة، فإنها كلمة أعرابية.
قال أبو جعفر: الصرورة، الذي لم يحج، مثل الرجل الذي لم يتزوج.
باب الغسل عند الإحرام
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال:حدّثني أبوجعفر، قال:الغسل عند الإحرام.

(1/353)


باب المواقيت للإحرام
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في المواقيت للإحرام لأهل الآفاق: (ذُكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: أنه وقَّت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجُحفة، ولأهل اليمن يلَمْلَم، ولأهل نجد قَرْنَا، ولأهل العراق العقيق بذات عرق).
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم: في الرجل يحرم من مسجد ذي الحليفة. أما أهل البيت،والأكثر من العلماء يقولون: يُلبي إذا استوت به البيداء، وأما غيرهم فإذا استوت به راحلته، ومن أهل المدينة من يُلبِّي إذا صلى في مسجد ذي الحليفة، ومنهم من يُلبّي إذا خرج من فناء المسجد.
قال حدّثني جعفر: قال: سألت قاسم بن إبراهيم، ما معنى قول علي -عليه السلا: (من تمام الحج أن تحرم من دويرة أهلك)؟
قال: إذا كان من دون الميقات، فمن دويرة أهله.
قال أبو جعفر: كذلك هو عندي.
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، قال: سألت قاسم بن إبراهيم، متى يلبي المحرم إذا أحرم بالشجرة؟
قال: إذا استوت به البيداء.
قال محمد: يُلَبِّي إذا أحرم بالشجرة. إذا خرج من المسجد، واستوت به البيداء، وكذا سمعنا.

(1/354)


باب ماذكر في الكحل والطيب للمحرم عند الإحرام
وَبِهِ قال مُحمَّد: سألت عبد الله بن موسى عن المحرم يكتحل؟ فكرهه وقال: كل شيء ينقصُه. (يعني فَلْيَتَوَقَّه).
وَبِهِ قال مُحمَّد: سألت قاسم بن إبراهيم عن الكحل للمحرم؟
فقال: لا بأس به إذا لم يكن فيه طيب.
وَبهِ قال: وحدّثنا محمد، حدّثنا عبد الله بن منصور، عن قاسم بن إبراهيم، في الطيب عند الإحرام: روي عن عائشة-رضي الله عنها-، أنها طيبت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عند إحرامه، حتى رأت وبيص الطيب في مفرقه بعد ثلاث.
وبه قال أبوجعفر: لابأس لمن أراد الإحرام أن يَدَّهِن بدُهن فيه طيب، أو يتطيّب قبل أن يغتسل لإحرامه.
باب منسك الحج
وبهِ قال: وحدّثنا محمد، حدّثنا عباد بن يعقوب، حدّثنا يحيى بن سالم الفرّا، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر قال: إذا أردت مكة إن شاء الله فعليك بتقوى الله، وذِكرَ الله، وقلَّة الكلام إلا بخير، فإنه من تمام الحج والعمرة أن يحفظ الرجل نفسه نحوا مما قال الله: ?فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ?[البقرة:197]، والرفث هو الجماع، والفسوق هو الفاحشة.. قول الرجل: لاوالله، وبلى والله، والجدال في الحج: هو الفاحشة، وعليك بورَعٍ يحجرك عن معاصي الله، وحلم تملك به غضبك، ولاقوة إلا بالله.

(1/355)


باب الإحرام
فإذا أتيت العقيق، فانتِف من إبطَيك، وقلّم أظفارك، وأطْلِ عانتك، ولايضرك بأي ذلك بدأت، فإذا أردت أن تحرم، فاغتسل والبَس ثوبَيك، ولا يضرك ليلاً أحرمت أو نهاراً، ولا تحرم إلا في دُبرِصلاة فريضة كانت أو نافلة غير أن أحب ذلك إليَّ أن تحرم في دبرِ صلاة الظهر، واغتسل، والبس ثوبي إحرامك، ثم ائت المسجد فصلّ فيه، ثم قل في دبر صلاتك: اللهمّ، إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج، فيَسِّره لي، وأعنِّي عليه، وتقبله مني، اللهمّ فإن حبستني فأنا حلُّ حيث حبستني بقدَرِكَ الذي قدَّرتَ عليَّ، فإذا كنت ماشياً، أو استوى بك بعيرك على البيداء قلت: (لبَّيكَ اللهمّ لبيك، لبَّيكَ لاشريك لك، لبَّيكَ إن الحمد والنعمة لك والملك، لاشريك لك). فإذا أحرمت فاتق قتل الدواب كُلَّها إلا العقارب، والحيات، والفأرة، وارم الغراب رمياً، واقتل الكلب العقور والسَّبع، إذا أراداك، وإن لم يريداك، فلا تُرِدْهُما، ولا تقتل حية في منزل الناس إلاحيةً تريدك، فإذا أرادتَك فاقتلها، واقتل الأفعى في منزل الناس، والأسود علىكل حال، ولا تَمَسَّ شيئاً من الدهن بعد أن تغتسل لإحرامك، ولا تُجَمِّرنّ ثوباً لإحرامك، ولا تمس طيباً ولا ثوباً مسّه طيب لتحرم فيه. فإذا اغتسلت لإحرامك، فلبست ثوباً لايصلح لك لباسه، أو أكلت طعاما لا يصلح لك أكله، فأعد

(1/356)


غسلك، وأمسك على أنفك من الريح الطيبة، ولا تمسك عليه من الريح المنتنة، ولا تأكل طعاماً فيه الزعفران، ولا تأكل من الصيد رطباً ولا يابساً، وإن كان صِيدَ في الحل، وألق عنك الدواب كلها إلا القملة، فإنها من جسدك، فإن أردت أن تحول القملة من مكان إلى مكان آخر منك فلا بأس، وإن ألقيتَ في حك رأسك قملة، فلا تُعدها، وإن أردت أن تطرح قرّادا عن بعيرك فلا بأس. ولا تلبس ثوبا له أزرار تُزِرره عليك، ولا تطرحه في رأسك، ولا تلبس قباءً إلا أن تنسى، ولا سرا ويل إلا أن لا يكون لك إزار فتلبس سراويلاً، ولا تلبس خفين إلا أن لا يكون لك نعلان فتلبس خفين، وإن نسيت فلبست قميصاً فلا تنزعه من قبَل رأسك، ولكن شقه و انزعه من قبل رجليك، ولاتقنّع رأسك وأنت محرم حتى تَحِل إن شاء الله، واغتسل حين تدخل الحرم.

(1/357)


باب دخول المسجد
فإذا دخلت المسجد الحرام إن شاء الله تعالى، فاستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود فادع الله عز وجل، واثن عليه بما هو أهله، وصلّ على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وأهل بيته وقل: (تصديقاً بكتابك، وسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-. فإن استطعت أن تقبّل الحجر الأسود فقبِّله، وإلا فاستَلِمه بيدك اليمنى، ثم قبلها، فإن لم تستطع أن تستلمه وزوحمت عليه فافتتح به واختم، فإن استلمته في كل طواف فهو أفضل، واستلم الركن اليماني والحجر الأسود. افعل ذلك سبع مرات إن قدرت عليه، وإلا فافتَتح بالحجر الأسود واختم به، فإنه لا بُدَّ لك من ذلك، واستقبله، فإذا فرغت من طوافك، فأتِ مقام إبراهيم فصلّ عنده ركعتين واتخذه إماما، واقرأ فيهما: ?قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ? و?قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ?، ثم ائت الحجر الأسود فقبِّله واستلمه، وليكن آخر عهدك استلامه، فإنه لا بدّ من ذلك.

(1/358)


باب الصفا والمروة
ثم اخرج إلى الصفا فاصعد إليه، واستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود، فادع الله، واثن عليه، وصلّ على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وتخيَّر لنفسك من الدعاء، واستغفر لذنبك، وانحدر من الصفا، فإذا بلغت الوادي، حيث تأخذ في الهبوط، فاسْعَ فيه حتى تجاوزه، وقل وأنت تسعى: (اللهمّ اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الله الأعزَّ الأكرم). ثم ائت المروة، واصعد عليها، واستقبل البيت، وادع الله واثْنِ عليه وصلّ على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وقل مثلما قلت على الصفا، ثم انحدر منها إلى الصفا، فإذا مررت بالوادي حين تأخذ بالهبوط فاسع فيه حتى تجاوزه، وقل كما قلت في أول مرة. طف سبعة أشواط تفتتح بالصفا، وتختتم بالمروة، ثم ارجع إلىرحلك، فقصّر من شعر رأسك، تأخذ من مقدمه ومن مؤخره، وجانبيه، ووسطه، وخذ من شاربك، وقلّم أظفارك، ولا تستأصلها، وأبق منها لحَجَّتِك إن شاء الله. فإذا فعلت ذلك إن شاء الله، فقد أحللت من كل شيء يحل منه المحرم. فطف ماشئت تطوعاً، وأنت حلال، ما بينك وبين يوم التروية إن شاء الله تعالى، ولا تَستَحِلَّن شيئاً من الصيد، وأنت محرم، ولا تَدُلّ عليه فيصطادوه، ولا تُشر إليه، فيستحل من أجله، فإن فيه فداء لمن تعمده.
وفداء النعامة: بدنة من الإبل، وفداء حمار الوحشي: بقرة من البقر، وفداء الطير: شاة. وما سوى ذلك فهو قيمته، يحكم بها ذوا عدل.

(1/359)


باب الخروج إلى منى يوم الترويه
فإذا أردت أن تخرج إلى منى يوم التروية، فاصنع كما صنعت يوم أحرمت بالعقيق، ثم اغتسل والبس ثوبيك، ثمَّ صلّ في المسجد الحرام، وقل في دبر صلاتك مثل الذي قلت في دبر صلاتك بالعقيق، ثم لبّ حين ينهض بك بعيرك ويستوي بك قائماً، وإن كنت ماشياً فلَبِّ من عند الحجر الأسود كما لبيت من العقيق، وتقول: لبَّيكَ بحجة تمامها عليك، وليكن رواحك يوم التروية حين تصلي الظهر، فإنه أمثل. وإن مكثت إلى صلاة العصر فلا يضرك.
فإذا أتيت منى: مكثت بها حتى تصلي الفجر (أي فجر عرفة)، ثم اغدُ إلى عرفات، فإذا زالت الشمس يوم عرفة، فاغتسل واقطع التلبية، وعليك بالتهليل، والتكبير، والتسبيح، والثناء على الله، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، واستغفر لذنبك، وتخيَّر لنفسك من الدعاء، ثم صلّ الظهر، ثم امكث ساعة إلى أن يتحمل الناس، ثم صلّ العصر، وإن شئت جمعتهما جميعاً، ثم ائت الموقف فاستقبل البيت، فكبر الله وهلِّله واحمده، وصلّ على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وتخيرَّ لنفسك من الدعاء، فإنه يوم مسألة ودعاء، ولا تترك حاجة أردتها عاجلة أوآجلة إلادعوت بها، وليكن من قولك وأنت واقف: (ربّ المشعر الحرام، افعل بي وافعل بي. اللهمّ،

(1/360)


فأنقذني من النار، وأوسع عليَّ من الرزق الحلال، وادرأ عني فسقة الجن والإنس). وقف في ميسرة الجبل مستقبل البيت، وقف ساعة في المكان، ثم تقدّم شيئاً أمام ذلك.
قال أبو جعفر: حدّثنا سفيان بن وكيع، حدّثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن أبان، عن صالح، عن عكرمة، قال: أفضْتُ من عرفات مع الحسين بن علي -عليهما السلام- فلم يزل يُلَبِّي حتى رمى جمرة العقبة، فلما قذفها أمسك. فقلت: ماهذا؟
فقال: أفَضْتُ مع علي بن أبي طالب -عليه السلام-، فلم يَزَلْ يُلبِّي حتى رمى جمرة العقبة، وأخبرني أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: كذاك كان يفعل.
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال حدّثنا عبد الله بن موسى، قال حدّثني أبي، عن أبيه، قال:(لم يزل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يُلبِّي حتى رمى جمرة العقبة، فقطع التلبية مع أول حصاة وكبر).
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، حدّثنا علي بن منذر، عن محمد بن فضيل، حدّثنا محمد بن عبيد الله، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: (أفاض رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- من عرفات، فحمل أسامة بن زيد خلفه حتى انتهى إلى جمع، فأنزله. فقال أسامة: مازلت أسمع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يُلَبِّي حتى نزلت، ثم أردف الفضل خلفه حتى انتهى إلى جمرة العقبة، فأنزله. فقال الفضل: مازلت أسمع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يُلَبِّي حتى رمىجمرة العقبة).

(1/361)


وَبِهِ قال: حدّثنا محمد، حدّثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، قال: حدّثنا عبدالملك بن أبي سليمان،عن عطاء، عن ابن عباس، قال: أفاض رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- من عرفات، فجالت به الناقة وهو رافع يديه لاتجاوزان رأسه، وردفه أسامة بن زيد، فقال أسامة: ما زال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يسير على هيئته حتى أتى جمعاً، فأفاض من جمع وردفه الفضل بن العباس.فقال الفضل: مازلت أسمع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يُلَبِّي حتى رمى جمرة العقبة.(رجع إلى حديث عباد) ثم قف ثم تقدّم ثم قف، فاصنع ذلك حتى تجب الشمس، فإذا وجبت فأفض على بركة الله.

(1/362)


باب الإفاضة
وتودّع في السير، واترك الوجيف الذي يصنعه كثير من الناس بالحبال، والحبال أودية، ويقال: هي الجواد، فإن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: كان يكف رأس ناقته حتى يبلغ رأسها الرحل، ويقول للناس: ((عليكم بالدعة بسنته، السنة تتبع)).
وإن قدرت أن تنزل حتى تأتي أول الحبال عند الشجرات في ميسرة الطريق فتمكث ساعة حتى يَخِفّ عنك كثيرمن الناس فافعل، ولاتصلّ المغرب حتى تأتي جمعاً، فإذا أتيتها فصلّ المغرب والعشاء بإذان واحد وإقامتين، وانزل بجمع بطن الوادي عن يمين الطريق، قريباً من المشعر، ولا تجاوز الجبل ليلة المزدلفة، فإني أكره لك ذلك، والمزدلفة جمع، واصبح على طهر، بعدما تصلي الفجر.
باب الوقوف بمزدلفة
وقف حتى تطلع الشمس، ويشرق لك الجبل، والجبل هو ثَبير.
قال أبو جعفر: ليس الناس على هذا. والناس على الإفاضة قبل طلوع الشمس؛ لأن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: (أفاض قبل طلوع الشمس وبه نأخذ).

(1/363)


باب الإفاضة من المزدلفة
ثم أفِضْ حتى تأتي منزلك بمنى، ثم ائت الجمرة العظمى، فارمها بسبع حصيات وكبر مع كل حصاة تكبيرة، تقول: (الله أكبر، الله أكبر، اللهم ادحَر عنِّي الشيطان، اللهم تصديقاً بكتابك وسنة رسولك محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-، اللهم اجعله حجاً مبروراً، وعملاً مقبولاً، وذنباً مغفوراً، وسعياً مشكوراً)، وإن شئت قلت ذلك مع كل حصاة، وإن شئت قلته حين تفرغ من رميك في آخر حصاة حين تريد الانصراف، إلا التكبير تكبِّر مع كل حصاة حين ترمي بها، لا بدّ من ذلك.

(1/364)


باب أخذ الحصى
وخذ الحصى من المزد لفة إن شئت، أو من رحلك بمنى، كل ذلك لابأس به، ولتكن كل حصاة قدر أنملة، حصا الخذف أو أصغر قليلاً، واجعل الحصى في يدك اليسرى، وارم بيدك اليمنى. فإذا فرغت من رمي الجمرة فارجع إلى رحلك، فاشتر أضحيتك، وهي هَديَك الذي كان فيها متعتك، فاجعله كبشاً سميناً أقرن فَحلاً، فإن لم تجد فحلاً، فالموجوّ من الضان والمعز ماتيسر.
قال أبوجعفر: الموجوّ: المخصي.
ثم استقبل به القبلة، فاذبحه، وقل حين توجهه إلى القبلة: (إني وجَّهتُ وجهيَ للذي فطر السماوات والأرضَ حنيفاً مسلماً، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنامن المسلمين، اللهم، مِنكَ ولك، بسم الله اللهم، تقبل منّي).
ثم مرّ عليه الشفرة ولا تنخعه، (قال محمد: تنخعه، تفصل رأسه) حتى يموت، ثم كل منه وأطعم، وتصدق، واهدِ منه إن شئت، ثم احلق رأسك بعد الذبح، ولا صلاة بعد الفجر يوم النحر إلا المكتوبة.

(1/365)


ثم زُرِ البيت بالعشيِّ، وإن اشتغلت فلا يضرك متى زرته، غير أنه ينبغي لك أن تغتسل إذا زرته بعد يوم النحر، فإن زرته يوم النحر كفاك غسلك الذي اغتسلت يوم النحر بعد الحلق.
فإن زرت البيت، فطُف به أسبوعاً، وصلّ عند مقام إبراهيم ركعتين، وطُف بين الصَّفا والمروة لَحَجِّك، وقل في طوافِك بالبيت، وبين الصفا والمروة، وقل عليهما مثل الذي قلت أوَّل يومٍ قدِمتَ مكة، ثم أحلّ لك الطيب والنساء والثياب وكُلَّ شيء يَحِلّ منه المحرم.
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال حدّثنا عباد بن يعقوب، عن يحيى بن سالم، قال: قال أبوالجارود: وحدّثني عبد الله بن علي بن الحسين قال: كنت أحُجُّ مع أبيْ عليّ بن الحسين، فكان إذا رَجع من الموقف إلى منى، فرمى الجمرة، ثم ذبح وحلق، حَلَّ من كلِّ شيء إلا النساء والطيب حتى يأتي البيت، فإذا أتى البيت طاف به، وبالصفا والمروة، وحلّ له النساء والطيب.
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثنا عباد، عن يحيى بن سالم، عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر: ومن لم يَجِد أضحية، فليَصُم ثلاثة أيام آخرهنَّ يوم عرفة، وسبعة إذا رجع إلى أهله. فإن قَدِمتَ مكة يوم التروية فلا تصم ولا يوم عرفة، ولكن صم ثلاثة أيام متتابعات بعد أيام التشريق، وأقم أيام التشريق بمنى، وهي الأيام التي قال الله سبحانه: ?أَيَّامٍ

(1/366)


مَعْلُومَاتٍ?[البقرة:197] و?أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ?[البقرة:203].وارْمِ الجمار كل يوم منها عند زوال الشمس، وأيّ ساعة شئت، غير أن أفضل ذلك عند زوال الشمس.
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثنا عباد، عن يحيى بن سالم، عن أبي الجارود قال: فذكرت لأبي جعفر قول الناس في رَميِ الجمار عند زوال الشمس، تُرمى عندزوال الشمس؟
فقال: يا أبا الجارود، أكُلّ الناس يطيق أن يرمي قبل زوال الشمس؟ لقد حجَّ الناس عاماً من تلك الأعوام حتى بلغ الناس قريباً من بئر ميمون. أفكُلهم رمى قبل زوال الشمس؟ ارم قبل الظهر وبعدها، وإن شئت ضحى، وإن شئت بالعشي، وابدأ بالجمرة الصغرى في اليوم الثاني، فارمها بسبع حصيات تكبّر مع كل حصاة، وتقول كما قلت يوم النحر حين رميت الجمرة العظمى.
قال أبو جعفر: يرمي قبل الظهر قبل زوال الشمس، في أول يومٍ من رمي الجمار، وفي آخر يوم، فأما في يومين بين ذلك فلا تَرمِ إلا بعد الزوال، تكبر مع كل حصاة، وتقول كما قلت يوم النحر، حين رميت الجمرة العظمى، وقف فادع الله وصلّ على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
فإذا رميت الجمرة الصغرى، فانطلق نحو الثانية، فارمها بسبع حصيات، تكبر مع كل حصاة، واستقبل البيت، وادع الله عزّ وجلّ ساعة، وصلّ على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وقل مثلما قلت حين رميت الجمرة

(1/367)


الصغرى، ثم امضِ إلى الجمرة الثالثة، فارمها بسبع حصيات، تكبر مع كل حصاة، وتقول نحوا مما قلت حين رميت الجمرة الصغرى، ثم تقف قريباً منها عند يسار الطريق، فادع الله واثن عليه، وصلّ على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وارم الجمار كل يوم ثلا ثَتَهُنَّ، ولا يضرّك أي ساعة رميت الجمار، مابين طلوع الشمس إلى غروبها، وأحَبُّ ذلك إليَّ عند الزوال. حتى إذا كان آخر أيام التشريق رميت الجمار كلها، وتصنع كما صنعت قبل ذلك، ثم صلّ الظهر، ثم انفُر من منى إلى مكة، فطف بالبيت، وإن لم تطف بالبيت فلا يضرك إن كنت طفت به يوم النحر كما وصفت لك وإن لم تكن طفت به فطف أسبوعاً، فإنه لابدّ لك من ذلك، فقد قضيتم حجكم، ولا تبيتوا أيام التشريق إلا بمنى، وكبروا فيهنَّ في دبر كل صلاة: أول التكبير صلاة الظهر من يوم النحر ـ إلى صلاة العصر يوم الرابع، ولا تكبر في العصر، وهي آخر أيام التشريق.
وَبِهِ قال مُحمَّد: روي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، من غيرحديث أبي سعيد (أن أول التكبير من يوم عرفة صلاة الفجر إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق).
وإذا كبرت فقل: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد على ماهدانا، الله أكبر على مارزقنا من بهيمة الأنعام)، يقول في دبر كل صلاة، وليكن آخر عهدك

(1/368)


بالبيت أن تستلم الركن الأسود تقول: (اللهم، لاتجعله آخر العهد من بيتك الحرام).
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب، عن يحيى بن سالم، قال: قال أبو الجارود، قال أبوجعفر: لو حججت مائة حجة، ما حججت إلا متمتعاً.
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب، عن يحيى بن سالم، عن أبي الجارود قال: قال أبوجعفر: من كان من نسائكم فليصنَعنَ مثلما صنعتم، وليقلنَ مثلما قلتم، غير أنهنَّ يلبسنَ الثياب كلها من غير أن يمسّهنّ طيب، ولا يصبغن منه ثوباً، وليبدأن بالطواف أول مايقدِمنَ مكة، قبل الحيض.
وتقضي الحائض المناسك كلها غير الطواف، إنها لاتطوف بالبيت حتى تطهر، فلتطف بعد الطهر، وإذا دخل شوال، فلا تأخذوا من رؤوسكم ولا من لحاكم، ذلك لمن أراد الحج عامهُ إن شاء الله.
وَبهِ قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا ضرار، قال: حدّثنا عبد العزيز بن محمد، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن الحارث بن بلال بن الحرث المزني التيمي عن أبيه قال: قلت: يارسول الله، أخبرني عن فسخ الحج لنا خاصة؟ أم للناس عامة؟ قال: ((بل لنا خاصة)).
وَبهِ قال حدثنا مُحمَّد: قال حدّثنا عباد، عن يحيى بن سالم، عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر: وكان علي بن الحسين إذا صدَرَ من مكة، وارتحل إلى أهله قال: (آيبون إن شاء الله، تائبون،

(1/369)


عابدون، إلى ربِّنا راغبون). وقال: لما أتى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ذا الحليفة: أمرالناس فأهلوا بالحج، فلما قدموا، قال: ((اجعلوها عمرة)) ثم قال: ((لو استقبلتُ من أمرِي ما استدبَرتُ لصنعتُ مثلما تَصنَعُون)).
قال: وكان علي -عليه السلام- باليمن فأقبل حتى إذا كان عليّ بيَلَملَم، لم يدرِ كيف لبّى الناس، وكيف أمر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فلبّى وقال: إهلال كإهلال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فلما قدم دخل البيت، فإذا ريحٌ طيبة، ففزع من ذلك.
فقال: مالك يا فاطمة؟ فقالت: (أمَرَنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فأحللنا من حجِّنا وجعلناها عمرة).
فأتى النبيَّ -صلى الله عليه وآله وسلم- فذكرذلك له.
فقال:((كيف قلت)) قال: قلت إهلالٌ كإهلال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
قال: ((فلا إذن. قال: فأمر له بثلث ما معه من البدن)).
قال: وكانت معه مائة بدنة.
وبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثنا عباد، عن يحيى بن سالم، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: (لما خرج رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى ذي الحليفة أمَرَ الناس أن يُهلّوا، فولدت أسماء بنت عميس: محمد بن أبي بكر، فأمرها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن تُهلّ مع الناس، وتقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت).

(1/370)


قال: وأهلَّت عائشة مع الناس، فلما قدمت أصابها الحيض، فأمرها: (أن تجعلها حَجَّة، فلما كان حين الصدر. دخل عليها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-. فقالت: يرجع الناس بحجة وعمرة، وأرجع أنا بحجة؟ فأقام بالأبطح وأرسلها مع أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم، فلبّت بعمرة، ثم جاءت.
فما أقام رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بالأبطح إلا ينتظرها.
قلت: يقول الناس أقام بالأبطح. ليس هو إلا من أجل عائشة حين انتظرها، فإن شئت يا أبا الجارود، فانزل بالأبطح، وإن شئت فلا تنزله.
فذكرت لأبي جعفر ما صنع عمر بن الخطاب في المتوفَّى عنهنَّ أزواجهنَّ: أنه ردهنَّ من عقبة الوادي.
فقال: قد أُصيبَ عُمَر. فأخذ علي -عليه السلام- بيد أم كلثوم فنقلها إليه، ثم أمرها فحجَّت في عدتها.
وَبِهِ: عن عباد، عن يحيى بن سالم، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: (مرّ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بِكَعب بن عجُرة وهو محرم، وهو ينثر قملاً قد آذاه رأسه. فأمره رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-. فحلق وأمره أن يهدي لذلك هدياً).
وَبِهِ عن عباد، عن يحيى، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر يقول: حلفت بالمشي فمشيت حتى بلغت نصف الطريق، فبعث إليّ علي بن الحسين، أن أركَب، فركِبتُ حتى إذا كان من قابل حججت،

(1/371)


فأمرني علي بن الحسين، فمشيت من حيث ركبت.
فذكرت لأبي جعفر قول عمر بن الخطاب، في الحجر: (إني لأعلم أنك حجرٌ ماتضُر ولا تنفع، فلولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قبّلك، ما قبَّلتُك).
قال أبو جعفر: إن بُنَيَّ الخطاب لَقَليلُ العلم بالحجر. إن الله حين أخذ ميثاق بني آدم من ظهورهم، استودعه هذا الحجر، فمسُّكم إيّاه بيعتكم فيما عاهدتُم عليه حين أخذ ميثاقكم، أن الله ربكم.
وَبِهِ قال أبو الجارود: وحدّثني عبد الله بن علي بن الحسين قال: والله لقد رأيت أبي علي بن الحسين يدّهن الدهنة البان عند إحرامه فيحلّ، وإن ريحها في ثيابه.
وَبِهِ قال أبوجعفر محمد بن علي: ما جعل الله من طاعة في مشي أو صدقة أو صيام ففيه النذور التي قال الله: ?يُوفُونَ بِالنَّذْرِ?[الإنسان:7].
فقال أبو الجارود: وحدّثنا أبو جعفر، قال: تخلف عثمان عاماً من تلك الأعوام، فلما حضرت الصلاة، قالوا لعلي بن أبي طالب -عليه السلام-: تقدّم -يا أبا الحسن- فصلّ بنا. قال: نعم، إن شئتم صليت بكم صلاة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
قالوا: لا والله. إلا صلاة عثمان.
فقال: لا والله، لا أصلي بكم.
وَبِهِ قال: حدّثنا عباد، عن يحيى بن سالم، عن أبي الجارود، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر قال: قلت: أيّ الدعاء عشيَّة عرفة أعجب إليك في

(1/372)


هذا الموقف؟ فقال: أكثِرَ اليوم من قولك: (اللهم اعتق رقبتي من النار، وأوسع عليّ من رزقك الحلال، اللهم ادرأ عنّي شرّ فسقَة الجن والإنس، اللهم لا تستدرجني، ولا تمكر بي، ولا تخد عني، ولا تخذُ لني).
وَبِهِ قال: حدّثنا عباد، عن يحيى بن سالم قال: عرضت هذا الكتاب على حسين بن علي بن الحسين، أخي أبي جعفر قال: كان عليّ بن الحسين ينسك بهذا الكتاب من أوله إلى ها هنا.
وَبهِ قال: حدّثنا عباد، عن يحيى بن سالم، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما أنسا أن ألقى جبريل مستلماً هذا الحجر ضاحكاً في وجهي، يقول: يامحمد، قل: ياواحد، يا أحد، يا حليمُ، يا جبَّار، ياقريبُ، يابعيد، اردُدْ عليّ نعمَاءَك التي أنعمت بها عليّ)). وبه قال: حدثنا عباد عن يحيى بن سالم، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر في قوله: ?وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً?[الحج: 27]...إلخ. قال: رجالة.
وَبهِ قال: حدّثنا عباد، عن يحيى بن سالم، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: ?وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً?[آل عمران:97]قال: من ملك ثمن راحِلَة وزاد، ولم يحج من عمره كله، قيل له إذا حضر الموت: إن شئتَ متَّ يهودياً أو نصرانياً.

(1/373)


وَبِه قال: حدّثنا عباد، عن يحيى بن سالم، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول، في المحرم ينتف إبطه متعمداً. قال: يُهرِيق دماً. قلت: فالمحرم يلبس القلنسوة ناسياً؟ قال ليس عليه شيء.
وَبه قال: حدّثنا عباد، عن يحيى بن سالم، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: لابأس بالمرأة المحرمة تمشط امرأة حلالاً.
قال أبو جعفر: إذا لم يكن في رأسها طيب.
وَبِه قال: حدّثنا عباد، عن يحيى بن سالم، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: لابأس بالقوم يحلق بعضهم بعضاً عند إحلالهم.
وبه قال: حدّثنا عباد، عن يحيى بن سالم، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: (تَلَّقت الملائكة آدم حين أفاض من جمع فقالوا: بَرَّ نُسُكَكَ ياآدم، وحيَّاك الله وبيَّاك. أما إنّا قدحجَجْنَا هذا البيت قبلَكَ بألفي عام).
قلت: ما حياك الله وبَيَّاك؟ قال: يقولون فرّحَك الله وسرَّك.
وَبِهِ قال: حدّثنا عباد، عن يحيى بن سالم، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر يقول: منى كلها مذبح. وَبِهِ: قال: سمعت أبا جعفر يقول:?لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ?[الحج:33].
قال: البدنة إن احتاج إلى لبنها شَرِبَ، وإن احتاج إلى ظهرها ركب بالمعروف، ومَحِلُّها إلى البيت العتيق: إلى يوم النحر بمنى.

(1/374)


أفضل ذلك بالبدنة، واجبة كانت أوتطوعاً.
وَبِهِ قال: سمعت أبا جعفر يقول: (ضحّى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بكبشين: كبشٌ عنه، وكبش عن مَنْ لَمْ يُضَحِّ مِن أُمَّتِه).
وَبِهِ قال: حدّثنا عباد، عن يحيى بن سالم، عن إسرائيل، عن رجل، عن أبي جعفر قال: (ضحى رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- بكبشين أملحين خَصِيَّيْن).
وَبِهِ عن عباد، عن يحيى بن سالم، عن أبي الجارود قال: سألت أبا جعفر عن الرجل يخرج من المسجد على غير وتر من طوافه؟
قال: لابأس به. فقلت: يصلي الفجر ثم يطوف، ويصلّي قبل طلوع الشمس؟
قال: نعم، إذا كان في وقت صلاة.
قلت: ماتقول في الرَّمَل؟
قال: حسنٌ. رملَ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ولم يَنْهَ عنه.
قلت: ماتقول في رجل ترك الرّمل؟
قال: إن رمل فحسنٌ، وإن لم يرمل فلا بأس.
قلت: فما تقول في العمرة، يعتمر الرجل قبل الهلال؟
قال: نعم. لا بأس، قبل الهلال وبعده.
قلت: وأين أحب إليك أن أُصلي إذا طفت؟
قال: صلّ أين شئت، فإنّ المسجد كله طيب.
ورأيته طاف، ودخل الحجر، وصلّى فيه بطوافه.
وَبِهِ قال: حدّثنا عباد، عن يحيى بن سالم، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر قال: رخّص رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- للرعاء أن يرموا ليلاً، وليس لهم أن يؤخروا ذلك إلى أن يصبحوا من الغد.

(1/375)


باب ما يلبس المحرم من الثياب وما يكره له منها
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو كريب، عن حفص، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا اغتسل للإحرَام، ثم لبس قميصه، أعاد الغسل).
وَبِه قال: حدّثني عبد الله بن منصور القومسي قال: سألت قاسم بن إبراهيم، عن المحرم يحرم في قميصه؟ قال: يرمي به عنه، فإن لبسه بعد إحرامه لزمه ذلك.
قال محمد: إذا نسي الرجل فأحرم في قميصه، فليشقَّه من قبل لُبَّتِه وليخرج منه ولاينزعه من قبل رأسه ولاكفارة عليه.
قال محمد: رأيت ثوبَي أحمد بن عيسى الَّلذين أحرم فيهما مفتولين.
وعن عبد الله قال: سألت قاسم بن إبراهيم عن لبس القُباء والدِّروَاج للمحرم؟
فقال: لاخير في شيء من ذلك للرجل، وإن اضطر إليه قلَبَه، وجعل أعلاه أسفله، أو لبسه معترضاً.
وَبهِ قال: حدّثنا جعفر، عن قاسم في المحرم يموت، هل يخمّر رأسه؟
قال: ذُكِر عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال في محرم وقَصَتهُ ناقته فمات: ((كفّنوه وحنِّطُوه، ولا تُخَمِّروا رأسَه فإنه يُبعَث يوم القيامة مُلبِّيا)).
وَبهِ قال مُحمَّد: إذا مات المحرم جُنِّبَ الطيبَ، ولم يُغَطَّ رأسَهُ.
وبه عن عبد الله، قال: سألت قاسم، عن لبس الخاتم للمحرم، فقال: لا بأس به.

(1/376)


باب مَن رَخَّص في الظِّلال للمحرم
قال محمد: سمعت رجلاً يسأل أحمد بن عيسى عن المحرم يُظَلَّل؟
قال: يُظَلَّل، ولا كفارة عليه.
وَبهِ قال مُحمَّد: وكذلك قال قاسم بن إبراهيم، وقال: ما رأيت أهل بيت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يختلفون في التَّظلل للمحرم أنه جائز إذالم يُصِب رأسَه، وقد يستحب له إذا استغنى عنه، وإن لم يكن فيه ما يدفع به أذاً، أن يُضَحِّي ولا يظلل.
وَبِهِ قال مُحمَّد: لا بأس بالظل للمحرم من الحرّ والبرد مالم يصب رأسه، ولا كفارة عليه.
باب ما يُؤمَرُ به مَن لم يحج إذا أراد الحج
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عبد الله قال: سألت قاسم بن إبراهيم عن إفراد الحج والإقران، والتمتع. أيها أحب إليك؟ فقال: الإفراد.
قال محمد: الذي سمعنا عمَّن مضى من علماء آل الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-: أنهم كانوا يختارون التمتع على الإفراد. والإقران أفضل ذلك عندنا مع السياق.
وكذلك سمعنا أنّ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-:(حج قارناً، وساق الهدي).
وَبِهِ قال مُحمَّد: من اشترى هدياً مما قد وقف به فقد ساق، وهذا قول العلماء.

(1/377)


باب ماذكر في الحجامة للمحرم
وَبِهِ قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا علي بن منذر، عن محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس قال: (احتجم رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- وهو محرم).
وَبِهِ قال: حدّثنا علي بن حسن بن علي بن عمر بن علي بن حسين، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر قال: (احتجم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو محرم (بلحي جمل)، حجَمَه خراش بن أمية الخزاعي، بقرنٍ مضبّبٍ بفضة.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حين فرغ: ((عَظُمَت أمَانَة رجلٍ قام على أوداج رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-بحديدة)).
قال محمد: (لحي جمل) موضع يقال له: لِحْي جمل.
فقال: يحتجم ويُكفِّر، وذكر غير عبد الله من أهل بيته أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- احتجم وفدى.
وَبِهِ عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: الحجامة للمُحرِم لا بأس بها.
وَبِهِ قال مُحمَّد: جائزٌ أن يَحتَجِمَ المحُرم إذا احتاج إلى ذلك، ولاكفَّارةَ عليه، فإن قَطَع ثلاث شعرات، فعليه دم.
وَبِهِ عن علي بن حسن، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه: أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وعلي بن أبي طالب، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين كانوا يُحرِمون في ثيابٍ خلاص(أي: بيضاء)، فإذا حَلّوا تصدّقوا بها.

(1/378)


باب ما ذُكرَ فيمَن واقَع أهله وهو محرم
وَبِهِ قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا وقع الرجل على امرأته وهما محرمان تفرقا حتى يقضيا نسكهما، وعليهما الحج من قابل، ولاينتهيا إلى ذلك المكان الذي أصابا فيه الحدث إلا وهما مُحرِمان، فإذا انتهيا إليه تفرَّقا حتى يقضيا نُسكَهُما، وينْحَرا عن كل واحدٍ منهما هدياً).
وَبِهِ عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، قال: من قضى المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، ثم واقع أهله. فسد حجه، وعليه الحج من قابل، وعليه بدنة لما أفسد من حجه.
أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر، قال: من قضى المناسك كلها إلا الطواف بالبيت ثم واقع أهله فسد حجه وعليه الحج من قابل، وعليه بدنة لما أفسد من حجه.
وَبِهِ عن محمد بن العلاء الهمداني أبي كريب، قال حدّثنا إسحاق بن منصور، عن حسن بن صالح، عن جابر عن أبي جعفرقال: إذاواقع الرجل امرأته قبل الطواف بالبيت يوم النحر، فإنه يُهرِيق دماً،وعليه الحج من قابل.
وَبِهِ قال: سُئِلَ قاسم بن إبراهيم عن الرجل يطوف بالبيت يوم النحر ثم يجامع قبل أن يصلي؟
قال: ليس له أن يصيب النساء حتى يتم طوافه وصلاته.
قال محمد: هذا عليه دم.

(1/379)


وَبِهِ قال: قاسم بن إبراهيم في محرم قبّل أو باشر.
قال: إذا أمنى فعليه بدنة، وإذا أمذى، فعليه بقرة، وإن كانت مع القُبلَة حركة أوشهوة، أحبَبنَا له أن يهدي شاةً، وإن كانت قبلة ليس معها شهوة ولاحركة، استغفر الله منها، ولم يعُد لها. واللمس والجس مثل ذلك.
وَبِهِ قال مُحمَّد: وبلغنا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: ((من وقف بعرفة ليلة النحر ساعة من الليل قبل طلوع الفجر، فقد أدرك الحج)).
قال محمد: وبذلك يأخذ عامّة أهل العلم.
وَبهِ قال مُحمَّد: فإن واقع رجلٌ امرأته قبل أن يزور البيت يوم النحر، فقد أدرك عندنا الحج، وعليه هدي لما فعل.
قال بعض أهل العلم: إنْ واقع النساء قبل أن يرمي جمرة العقبة، فعليه بدنة، وإن فعل ذلك بعدما يرمي جمرة العقبة، فتجزيه شاة.
وقال آخرون: إن أهدى بدنة في الوجهين جميعاً فهو أفضل، وإن أهدى شاة أجزته.
وقال قوم: إن واقع النساء بعد وقوفه بعرفة، وقبل مبيته بمزدلفة، ويقف بالمشعر. فقد أفسد حجه.
وقال آخرون: حين وقف بعرفة فقد تمَّ حجه، ولكن عليه بدنة إذا واقع النساء قبل موقفه عند المشعر الحرام بمزدلفة.
وذُكر عن أبي جعفر، وزيد بن علي وغيرهما قالوا: إذا واقع النساء قبل أن يزور البيت يوم النحر فقد أفسد حجه، ويهدي هدياً لما أفسد من حجه، وعليه الحج من قابل.

(1/380)


قال محمد: إن واقع أهله قبل الزيارة فلم يلق بدنة، فعليه شاة تجزيه. وقد تمَّ حجه.
قال أبو جعفر: وبهذا كان يقول حسن بن صالح، وشريك، وابن أبي ليلى.
باب متى يقطع الْمُتمَتِّع والحاجّ التلبية
وَبِهِ قال مُحمَّد: سألت أحمد بن عيسى عن المحرم متى يقطع التلبية؟
فأجابني: في المتمتع. قال: إذا استلم الحجر. قال وسألته فقلت: إذا أحرم الحاج يوم التروية، وخرج إلى منى وعرفات، متى يقطع التلبية؟ قال: إذا رمى جمرة العقبة.
وَبِهِ قال: وقال قاسم بن إبراهيم مثل ذلك.
وَبِهِ قال مُحمَّد: سألت عبد الله بن موسى عن ذلك؟ فقال:حدّثني أبي، عن أبيه قال: (لم يزل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يلبي حتى رمى جمرة العقبة، فقطع التلبية مع أول حصاة وكبّر).
قال محمد: هو قول عبد الله بن موسى.
وَبِهِ عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: الحاج يقطع التلبية في أول ما يرمي جمرة العقبة يوم النحر، وهكذا روي عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: أنه لم يزل يُلَبِّي حتى رمى جمرة العقبة.

(1/381)


باب في المحرم يقبّل أو يباشر
وَبِهِ قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني عبد الله، قال: سألت قاسم بن إبراهيم عن المحرم يقبّل. ما عليه؟
قال: إذا قبّل فاشتهى، إنْ أمذى فعليه دم، وإن لم يشته ولم يمذ فلا شيء عليه.
وبه عن عباد، عن ابن فضيل، عن أبيه قال: سألت عبد الله بن الحسن، عن محرم قبّل؟ قال: عليه دم. قلت: قبّل فأمذى قال: عليه دم أكبر من دم.
قال: قلت قبّل فأمنى.
قال: عليه دم أكبر من دم.
قال محمد: في محرم قبّل لشهوة يهريق دماً، فإن أمذى فَدَمٌ أيضاً واحد.
قال: وقوله، فان أمذى، فدمٌ أكبر من دم. يعني عندي يستفره الشاة، لأن البقرة بمنزلة البدنة.
قال محمد: فإن أمنى فبدنة.
وَبِهِ روى أبو كريب، عن حفص، عن أشعثَ عن الحسن أنه سئل عن رجل نظر فامنى (يعني محرم) قال: أفسد حجه.
وَبِهِ عن علي بن حكيم، عن حميد، عن حسن بن صالح، قال: إذا كرَّر النظر. يريد الماء الأعظم فأمنى، فقد أفسد حجه.
وَبِه عن عبد الله قال: سألت قاسم بن إبراهيم، عن المحرم يواقع أهله؟
قال: فسد حجه، وعليه الحج من قابل.
وعن عبد الله قال: سألت قاسم بن إبراهيم عن المحرم يحمل امرأته فيمذي؟
قال: أكثر ما يلزمه في ذلك إراقة دم، ولا ينبغي له أن يدنو منها إذا خشي ذلك.

(1/382)


باب فضل التمتع بالعمرة إلى الحج
وَبِهِ قال مُحمَّد: سمعت رجلاً يسأل محمد بن علي بن جعفر، عن الإقران والتمتع، أيهما أفضل؟ قال: التمتع.
وَبهِ قال مُحمَّد: سألت إسماعيل بن موسى بن جعفر أي شيء سمعت من أبيك في متعة الحج؟ قال: لا تزد ما سمعت منه، ولكن حججت معه فذكر كذا وكذا حجة، أحسبه قال: سبع عشرة حجة، كلها يدخل متمتعاً.
وَبِهِ عن جعفر، عن قاسم في التمتع والإقران والإفراد. أعجب إلي لمن قد حج التمتع.
باب من مات ولم يحج، وله مال ومن أوصى بحجة
وَبهِ قال مُحمَّد: سألت أحمد بن عيسى عن الرجل يموت ولم يحج حجة الإسلام وقد خلّف مالا، يلزم الوارث يحج عنه؟
قال: لا. إلا أن يوصي بذلك.
وَبِهِ قال مُحمَّد: سمعت محمد بن علي بن جعفر، وسئل عن الرجل يوصي بحجة؟
قال: إن كان فريضة فمِن صُلبِ المال، وإن كان تطوعاً فمن الثلث.
قال محمد: قول الكوفيين إنْ أوصى بها فريضة كانت أو تطوعاً فمن الثلث، وإن لم يوص فلا شيء على الوارث.

(1/383)


قال محمد: بهذا نأخذ، ومعنى قول أحمد بن عيسى: لا يلزم الوارث إلا أن يوصي الميت. إنما يعني أنما أوصى به فهو من الثلث.
وَبهِ عن محمد بن جعفر بن محمد بن زيد، عن عبيد الله بن علي، عن أبيه، عن موسى بن جعفر: في الرجل يوصي بحجة. قال: إن كانت فريضة فمن صلب المال.
قال محمد: وبلغني عن ابن عباس أنه قال، في رجل مات ولم يحج حجة الإسلام، قال: يحج عنه من ماله، قال محمد: وبلغنا عن الحسن البصري في الرجل يموت ولم يحج حجة الإسلام، قال: يحج عنه من ثلث المال، أوصى بذلك أو لم يوص.
قال: وبلغنا عن الحسن البصري، أنه قال: إذا قال الرجل عند موته إن عليّ من الزكاة كذا وكذا درهماً أُدّي ذلك عنه من جميع المال. استحسن محمد في الزكاة قول الحسن البصري.

(1/384)


باب ما ذُكر في الحج عن الميت ومافضُل من الحجة
وَبهِ قال مُحمَّد: سألت أحمد بن عيسى عن الحج عن الميت؟ قال: لا بأس به.
قال: وسألته عن الرجل يعطي الشيء يحج به عن غيره، فيفضل من نفقته شيء، ما ترى في الفضل؟
فقال: هذا مما أهابه.
وَبِهِ قال مُحمَّد: سمعت قاسم بن إبراهيم يقول في مثل ذلك: لا بأس به.
قال: وليس عليه أن يستحل من صاحبه فقد جعل له ذلك.
قال محمد: جائز الحج عن الميت، والحي التطوع، وجائز عن الميت الحج في الفرض والتطوع، ولا يجوز أن يحج عن الحي الفريضة، إلا أن يكون قد أيس أن يطيق ذلك، والرجل والمرأة في ذلك سواء.
وَبِهِ عن عبد الله، عن قاسم بن إبراهيم قال: لا بأس بالحج عن الميت والحي.
علي ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما في رجل أخذ دراهم ليحج بها عن ميت، أيأخذها مقاطعة كذا وكذا درهماً يحج بها عن ميت؟ فإن فضل شيء منها فهو له، أو يأخذها على الأمانة ليقتَصِد في النفقَة؟ فإن فضل شيء ردَّهُ إلى الورثة؟
قال محمد: وكذلك نقول يأخذها بالضمان أوسع عليه، وأحب الينا، وما بقي فهو له.

(1/385)


باب في الرَّجل يترُك الحج وهو موسر
وَبِه عن عبد الله قال: سألت قاسم بن إبراهيم، عمّن ترك الحج وهو موسر؟
قال: ما كان مُجمِعَاً على الحج، وإن أخَّرَه فليس كا لتارك له.
وَبِهِ عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في الشيخ الكبير والعجوز لا يثبتان على الدّابة والراحلة ولا يُقدَر أن يُسافَرَ بهما في محمل. هل يجوز أن يُحج عنهما في حياتهما؟
قال: فرض الحج زائل عن هذين؛ لأنهما غير مستطيعين، وإنما فرض الله الحج على من استطاعه؛ لأنه يقول سبحانه: ?وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً?[آل عمران: 97]، فإن حجّا عن نفسيهما أو حج عنهما أحد فحسن جميل؛ لما جاء من حديث الخثعميه التي استفتت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: (أن تحج عن أبيها، فأمرها بذلك).
قال محمد: ما أحسن ما قال فيهما.

(1/386)


باب حجّ الصَّبي وثواب من خرج به
وَبِهِ قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن علي بن جعفر العُرَبْضِي، عن محمد بن جعفر، عن جعفر، عن أبيه قال: مرّ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بِظَعْنٍ من العرب، فأدخلت امرأة يدها في هودج، فأخرجت صبياً فرفعته بعَضُدِه وقالت: يا رسول الله، ألهذا حج؟ قال: ((نعم، ولك أجر)).
قال محمد: له حج الصبي، فأما إذا أدرك فعليه الحج، وكذلك المملوك إذا حج وهو مملوك ثم أُعتق، فاستطاع فعليه الحج. وكذلك المكاتب، والمدبر، وأمِّ الولد في هذه المنزلة، واختلف في الأعرابي كان بعضهم يُنكِر إعادة الحج للأعرابي.

(1/387)


باب في المتمتع يجامع قبل أن يُقَصِّر ومن يجب عليه الذَّبح
وَبِهِ قال مُحمَّد: سألت عبيد الله بن علي عن متمتعٍ طاف بالبيت وسعى، فلم يقصِّر من شعره حتى وقع على جارية له؟ قال: عليه دم.وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في المتمتع يواقع أهله قبل أن يقصِّر، وقد طاف وسعى، قال: أكثر ما في ذلك أن يهريق دماً، وإن لم يهرق دماً فأرجو ألا يكون عليه بأس، قال محمد: عليه دم.
قال محمد: اختلف ابن عباس وعطاء في متمتعٍ طاف وسعى، فلم يقصِّر حتى لبس قميصاً.
قال ابن عباس: عليه دم. وقال عطاء: ليس عليه شيء.
قال محمد: وأما إذا وطئ امرأته فليس فيه اختلاف أن عليه دماً.
قال محمد: سألت عبيد الله بن علي عن متمتعٍ معه من النفقة قدر ما يبلغه إلى أهله. أيجب عليه ذبح؟ قال: هذا بمنزلة من ليس معه شيء، ولم يَرَ عليه ذبحاً.

(1/388)


باب ما ذكر في نكاح المحرم وأكله مما أصاب الحلال
وَبِهِ قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا أبو الطاهر، قال: حدّثني أبو ضمرة، عن جعفر، عن أبيه أن علياً كان يقول: لاينَكح المحرمُ ولا يُنكِح، فإن نَكح فنكاحُه باطل.
وعن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في المحرم يتزوج: لا ينكحُ نفسَه ولاغيرَه.
وَبِهِ قال: سألت أحمد بن عيسى عن المحرم. هل يأكل مما صاد الحلال؟
فقال: لا.
وَبِهِ: عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: لا يأكل المحرم من الصيد. ما اصطِيدَ له أو لغيره. وقد ذُكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم: أن الصعب بن جثًّامة أهدى له بالأبواء حماراً وحشياً ورسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وأصحابه محرمون، فلم يقبله، وقال: ((إنَّا حُرُم)). وإنما كان الصعب صاده لنفسه وأهله.
وذُكر عن علي -رحمة الله عليه: أنه امتنع من أكل يعاقيبَ عند عثمان.

(1/389)


باب جزاء الصيد
وَبِهِ قال: وحدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في حمارِ وحشٍ يصيبه المحرم: يذكر عن علي -عليه السلام- أنه قال: فيه بدنة، وقال غيره: فيه بقرة.
وفي ظبي أصابه المحرم. يذكر عن علي -رحمة الله عليه-، أنه قال في ظبي أصابه المحرم: شاة مُسنَّة.
ويذكر عن علي أنه قال: في الضَّبع شاةٌ.
وفي اليربوع، أوالضبّ يصيبه المحرم. قالوا: إن فيه عناقاً.
وفي الثعلب يصيبه المحرم قال: الثعلب كلب عقور، وقد قال بعضهم: إن فيه شاة.
وفي النعامة يصيبها المحرم. قال: يذكر عن علي-عليه السلام-: أن فيها بدنة.
وفي بقرةِ وحشٍ يصيبها المحرم قال: فيها بقرة.
وفي حَمَامةٍ يصيبها المحرم قال: فيها، وفي حمام الحرم شاة شاة.
وفي فرخِ طيرٍ يصيبه المحرم. قال: قد ذكر عن علي -عليه السلام-، أنه قال: في كل فرخٍ ولدُ شاة.
وفي بيض النعام يصيبه المحرم قال: يذكر عن علي -عليه السلام- أنه قال في بيض النعامة: عدة البيض فحولة تضرب في أبكار، فما نتج منهنَّ أهدي إلى الكعبة.
فقيل له: إن فيها ما يخدج. فقال: إن في البيض ما يفسد.
وقد ذكر عن غيره أن فيه قيمته، وفي العضاية يصيبها المحرم.
قال: يتصدق بشيءٍٍ من طعام مثلما في الجرادة وأشباهها.
وفي القطَا، والهدهد، والعصفور، وأنواع الطير صغارها وكبارها يصيبه المحرم.
قال:

(1/390)


قالوا إن في كل ذلك قيمته. وقال قاسم: أفضل ما في هذا كله، وما ذكر في الحيوان الذي نهي المحرم عن إصابته، إذا أصابه أن يحكم في تقديره وتمثيله بمثله من النَّعم ذوا عدلٍ، كما قال الله سبحانه وتعالى: ?فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا?[المائدة: 95].
قال محمد: في حمار الوحش بدنة. وبلغنا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه حكم في الضبع بشاة.
قال محمد: في الضبع والظبي والطير والقُمْري، وأشباه ذلك يصيبه المحرم شاة شاة.
وقال: في الثعلب شاة. إلا أن يعدو على المحرم، فلا يكون فيه شيء إن قتله، وفي اليربوع أو الضب يصيبه المحرم عناق.
قال محمد: في فرخ الطير يصيبه المحرم قيل فيه: يتصدق بدرهم، وقيل: ولد شاة.
قال محمد: في بيض النعامة يصيبه المحرم، روي أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((في كل بيضة صوم يوم، أو إطعام مسكين)).
قال: وقد روي عن علي -عليه السلام- أنه قال فيه: أن يؤخذ نوق يولدن، بعدَّة البيض ثم يهدي أولادهنَّ. قال محمد: تفسير قول علي -عليه السلام: إن من النوق ما يخدج. قال: وكذلك في البيض ما يمرق.. يقول فما أخدج من النوق فلا شيء عليه، فإذا ولدن،

(1/391)


فإن مات من أولادهنَّ شيء وقد كن الأولاد عدد البيض الذي أصابه المحرم، فما مات من أولادهنَّ قبل أن يفصلن عن أمهاتهنَّ، فلا ضمان على المحرم، قد فعل الذي عليه.
والفصال: هو الفطام. وينبغي له إذا فطمهنَّ أن يهديهنَّ إلى الكعبة إذا أمكنه أن يبعث بهنَّ، وما حبس منهنَّ بعد الفطام وهو ممكنة أن يبعث بهن فإن عطِبنَ فهو ضامن، فإذا بعث بهنَّ فما عطبت في الطريق قبل أن يصلن، أو عطبن جميعاً، فلا ضمان عليه.
فقال: وإن حِلنَ النوق جميعاً، فلا ضمان عليه؛ لأنه قد فعل الذي قدكان عليه.
قال محمد: ماكان من دون الطير فيتصدق بقيمته.
قال محمد: العصفور وأشباهه، قالوا فيه: شاةٌ ليست با لْمُسنة، وقال قوم: قيمته.
قال محمد: إن قتل المحرم نملاً، تصدق بصدقة.
وعن عبد الله، قال: سألت قاسم بن إبراهيم عن الصيد، يُصادُ في الحلِّ ويذبح في الحرم؟
قال: لا بأس به إذا لم يُصَد في الحرم.
قال محمد: أهل مكة لا يرون به بأساً، وغيرهم كرهه، ونحن نَتَنَزَّه عنه.
وعن عبد الله، قال: سألت قاسم عن المحرم يأكل القديد، ماترى؟
قال: لا بأس به. إذا لم يُصَد له ولا من أجله.
قال محمد: كان عليٌّ يكرهه.
وبه عن عبد الله قال: سألت قاسم عن قتل المحرم النمل؟
فقال: لا يقتل من الدواب كلها مالم يضربه، إلا ما ذكرت من الغراب، والحِدأة،

(1/392)


والكلب العقور.
وَبِهِ قال: وسألته عن المحرم يقطع البقول؟ فقال: لا بأس بذلك، ولا شيء عليه فيه؛ لأن له أُكله، وأكله أكبر من قطعه.
قال محمد: يقطع المحرم من البقول ما يحل له أكله مما أنبته الناس في الحرم وفي غيره، ولا شيء عليه، وكل ماكان مما أنبته الناس فأنبته الله فجائز أن يأكله المحرم من البقول وما أشبه ذلك في الحل والحرم.
وعن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في محرمين، اشتركوا في قتل صيد، فأكل منه بعضهم، أو لم يأكل منه أحدٌ منهم. قال: على كل واحد منهم جزاء على حِدَة، وأحسن ما سمعنا هذا. وأرجو إن أخرجوا كلهم جزاءً واحداً أن يكفيهم، ومن أكل منه أو لم يأكل في ذلك سواء.

(1/393)


قال محمد: في قوم محرمين اشتركوا في قتل صيد، فأكل منه بعضهم، وبعض لم يأكل: قال بعض أهل العلم: عليهم كلهم جزاء واحد، وقال بعضهم على كل واحدٍ منهم جزاء، ومن أكل منه كان عليه قيمة ما أكل مع الجزاء.
وَبِهِ عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في المحرم يقرّد دابته أو بعيره، لا بأس به، وقد ذكر عن عبد الله بن عباس أنه أمر بذلك.
قال محمد: لا بأس أن يقرّد المحرم بعيره. يطرح عنه القراد، ولا يطرح عنه الحلمة.
قال: ويقال إن الحلمة من البعير بمنزلة القملة من ابن آدم.
قال محمد: ما آذاه من النمل فقتله، فلا شيء عليه.
قال: والبق إن قتله المحرم فلا شيء عليه في الحل والحرم.

(1/394)


باب ما ذُكر في ذبيحةِ المحرم
قال محمد: قلت لأحمد بن عيسى: معي مسائل أحبُّ أن أعرضها عليك؟ فأخذها فنظر فيها.
فقال: هذه المسائل، إن كنتَ ترويها عن أبي جعفر، أو كان لها إسناد عندك سمعتها منك؟
قلت: لست أرويها.
قال: قد سأل وقد أجيب. يعني أنه قد أعجبه الجواب والمسألة.
قلت: ما تقول في ذبيحة المحرم؟
قال: يذبح ما يحل له أكله مما لا يختلف فيه مثل: الشاة، والبقرة، والجزور، والدجاجة الأهلية، والديك، وما أشبه ذلك. وأما مانهي عن أكله وصيده من الطير، والوحش، وغير ذلك. فإنه لا يذبحه.
ثم قلت: فما تقول إن جهل، فذبح من ذلك شيئاً؟
قال: لا يأكله هو ولا غيره محلٌ ولا محرم.
قلت: فيأكل المحرم مما نهي عن صيده إذا صاده الحلال؟
قال: لا. قلت: سواء صاده الحلال قبل أن يحرم المحرم أو بعدما أحرم؟
قال: كذلك عندنا، لا يأكل المحرم في الوجهين جميعاً.
قال محمد: إذا أخذ المحرم بيض النعام فشواه، ثم أكل ذلك البيض حلالٌ، فعلى المحرم الجزاء فيما فعل، وليس على الحلال شيء مما أكله. ليس هذا بمنزلة صيد ذبحه المحرم.
وَبِهِ قال: أخبرنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في قتل القمّل والقراد، والنملة، والجراد، والبعوضة، قال: لايقتلها، فإن قتلها، تصدق بشيء من طعامٍ كفاً، أو أقل أو أكثر، وأما البعوضة، والنملة، إذا آذته أو ضرته فقتلها، فلا شيء عليه، وإذا لم تؤذه فقتلها، تصدّق بشيء من طعام.

(1/395)


باب العمرة لأي شهرٍ هي
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أبو الطاهر، عن محمد بن جعفر بن محمد قال: العمرة للشَّهر الذي يحل منها. يعني الذي يطوف فيه ويسعى.
وَبِهِ روى أبو الطاهر، عن أبيه، وعلي بن موسى الرضى قالا: العمرة للشهر الذي يهلّ فيه.
قال محمد: العمرة للشهر الذي تهلّ فيه.
باب مَن يَجِبُ عليهِ الحَلق
وَبِه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أبو الطاهر، قال: حدّثني أبو ضمرة، عن جعفر، عن أبيه أن علياً -عليه السلام- قال: من لبد أو عقّص أوعقّد بسيرٍ وجب عليه الحلاق.
قال محمد: كان هذا شيء يُفعل في الجاهلية، تكون لهم الجمام، فإذا أرادوا أن يُحرِموا، فكان الرجل يلبد شعره بصمغٍ أو بغيره، وبعضهم يعقده بسير أو يعقّصه (يعني يلويه ثم يعقده)، فنُهِي عن ذلك، فمن فعل من ذلك شيئاً في الإسلام، فعليه أن يحلقه، وليس له أن يقصِّر، فإن لم يفعل من هذا شيئا، فإن شاء قصّر في الحج وإن شاء حلق.
قال: فأما العمرة في غير أشهر الحج، فإذا أحل حلق رأسه.

(1/396)


باب ما ذكر في العمرة في كل شهر
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني جعفر عن قاسم بن إبراهيم، قال: لا بأس بالعمرة في كلِّ شهرٍ إلا في أشهر الحج، إلا المتمتع يقيم إلى الحج، وقد قال أهل المدينة وغيرهم: لا بأس بالعمرة في شوّال، وذي القعدة، وقا لوا ليس في ذي الحجة عمرة حتى ينقضي، وقالوا: إنه من أشهر الحج. وإنما الحجُّ في بعضه.
باب: رمي الجمار
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر، قال: حصى الجمار قدر أُنمُلة. قال: وكان يُحِبّ أن تؤخذ من المزدلفة.
وَبِهِ عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، قال: رأيت عبد الله بن الحسن يأخذ حصى الجمار من منى.
وَبِهِ روى عبد الله، قال: سألت قاسم بن إبراهيم عن حصى الجمار من أين تحمَل؟ وهل تغسل؟
فقال: يستحبّ حمله من المزدلفة، وإن أخذته من غيرها فلا بأس به، وإن غسله فحسن، وإن لم يغسله فلابأس إذا لم يكن فيه قذر يتبين.
وَبِهِ عن عبد الله، قال: سألت قاسم بن إبراهيم عن الرجل يرمي بسبع حصيات جميعاً، تجزي عنه؟ فقال: أحبّ إلينا أن يُفرِّقها.
قال محمد: إذا رمى بسبع حصيات جميعاً. جعلها واحدة، وليستأنف ست حصيات.
وَبِهِ عن جعفر، عن قاسم: في المريض، إذا غُلِبَ ولم يقدر على أن يرمي في حال المرض، فيُرمَى عنه. وأكثر ما في ذلك، إذا لم يقدر على أن يرمي: أن يرمى عنه، وأن يهريق دماً.

(1/397)


قال محمد: المريض إذا أراد رمي الجمار، فإن أطاق إذا حمل إلى الجمرة أن يرمي، وإلا رُميَ عنه، ولا كفارة عليه عندنا؛ لأن الحديث جاء ((يُرمى عن المريض))، ولم يذكر فيه كفارة.
وَبِهِ عن عبد الله قال: سألت قاسم بن إبراهيم عن رمي الجمار راكباً؟
فقال: إن فعل ذلك فاعلٌ أجزاه، ورميه على رجليه أفضل، وأشبه بأعمال الصالحين قبله.
وَبِه روى أبو هشام، عن يحيى بن يمان، قال: رأيت جعفر بن محمد يرمي الجمار راكباً.
قال محمد: لا بأس أن يرمي الجمار راكباً من غير عِلَّة، فإن استطاع ماشياً فهو أفضل، لمن استطاع ذلك، قد رمى العلماء والصالحون ركباناً ومشاة.
وَبِهِ عن عبد الله، قال: سألت قاسم أيّ وقت أفضل لرمي الجمار؟
فقال: زوال الشمس، إلا يوم النحر، يرميها قبل الزوال.
وَبِهِ قال: وقال قاسم: إذا رمى الرجل الجمار. قال مع كل حصاة يرميها: (الله أكبر)، ثم يتقدم أمام الجمرتين الأولتين إذا رماهما، ويدعو بما حضر من الدعاء، ويذكر الله، فأما جمرة العقبة فيرميها ويكبر مع كل حصاة، ثم ينصرف، ولا يقف عندها، ولا يدعو.
وَبِهِ عن عبد الله، قال: سألت قاسم، عن رمي الجمار على غير وضوء؟
فقال: يستحب لمن يرمي أن لا يرمي إلا على طهر؛ لأنه منسك وموقف من مواقف التعبد لله.
قال

(1/398)


محمد: جميع مناسك الحج ينبغي أن يكون فيها على طهر، وإن رمى أو وقف على غير طهر أجزاه، ماخلا الطواف بالبيت وحده؛ لأنه جاء أن الطواف بالبيت بمنزلة الصلاة، إلا أن الله أحلّ فيه الكلام.
وبه عن عبد الله، قال: سألت قاسم بن إبراهيم، عن رمي الجمار قبل طلوع الفجر؟
فقال: رُخصِّ في ذلك للنساء، ولا يرمي الرجال إلا بعد طلوع الشمس.
وسئل قاسم عمّن نفر في النفر الأول، كيف يصنع بما بقي من الجمار لليوم الثالث؟
قال: لا يصنع بها شيئاً، يتركها وينفر؛ لأن الله سبحانه قال?فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ?[البقرة:203]، فإذا حلّ له النفر، حلَّ له ترك رمي الجمار لليوم الثالث.

(1/399)


باب ما تقضي المستحاضة من المناسك
وَبِهِ قال: أخبرنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: أتت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- امرأة فزعمت أنّها تستفرغ الدم.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لعن الله الشيطان، هذه ركضة من الشيطان في رحمك، فلا تدعي الصلاة، واقضي المناسك)).
وَبهِ عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد قال: كنا جلوساً عند أبي جعفر فسأله رجل، فقال: إن لي ذات قرابة تستحاض منذ سنين.
قال: ومالها؟
قال:تستفرغ الدم.
قال: ادركها، فإنها إن تَمُت، تَمُت مشركة.
قال: فكيف تصنع؟
قال: تجلس أيام أقرائها التي كانت تحيض فيها: إن ستاً فستاً، وإن سبعاً فسبعاً، وإن ثماناً فثماناً، ثم تغتسل. قال: أتقضي المناسك؟
قال: نعم.
قال: فتدخل المسجد؟
قال: نعم.
وَبِهِ عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((تقضي المستحاضة المناسك)).
وَبِهِ عن عبد الله، قال: سألت قاسم بن إبراهيم عن الحائض، ماتقضي من المناسك؟
فقال: تقضي مناسكها كلها، إلا الطواف بالبيت.
وَبِهِ عن عبد الله، قال: سألت قاسم بن إبراهيم، عن امرأة حاضت يوم النحر وهي تطوف قبل أن تصلي الركعتين؟
قال: إذا أتمت طوا فها، صلّت بعد طهرها.

(1/400)


قال محمد: على هذه دم إذا خرجت ولم تصل الركعتين.
باب ما يقال عند ذبح الأضحية
قال محمد: يدخر ثلثاً في النسك وفي غيره، ولكن أحب إلينا أن لا يخرج من منى من النسك شيئاً، فإن فعل فليس يضيق عليه.
قال محمد: يقول هذا الكلام وهو قائم قبل أن يضجعها.
باب ما يجزي من الأضاحي
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال في الأضحية: (صحيحة العينين، والأذنين، والقوائم (لاشرقاء ولا خرقاء، ولا مقابلة، ولامدابرة، أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن نستشرف العين والأذن) الثنيّ من المعز، والجذع من الضأن، إذاكانت سميناً، لاجرباء ولاجدعاء ولاهَرِمة، فإذا أصابها شيء بعدما اشتراها فبلغت المنحر فلابأس بها).
وبه قال: روى أبو الطاهر، قال: حدّثني أبو ضمرة، عن جعفر، عن أبيه، أن علياً -عليه السلام- كان يقول: (يجزي من البدن الثني، ومن المعز الثني، ومن الضأن الجذع، قال محمد يذكر عن بعض العلماء لم قيل: يجزى من الضأن الجذع، ولا يجزي من الإبل والبقر والمعز إلا الثني.
قال: لأنه ليس يلقح من البهائم شيء حتى شيء، والضان تلقح إذا جذع، فلذلك يجعل الجذع من الضأن بمنزلة الثنيّ من غيره.

(1/401)


قال محمد: بلغني هذا التفسير في قصة الجذع عن يحيى بن آدم.
قال محمد: (لا ينخعها) يعني لا يفصل عنقها إذا ذبحها حتى تموت.
وَبِهِ قال قاسم بن إبراهيم: في قوله عز وجلّ: ?فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ?[البقرة: 196]، هو ما تيسر وحضر.
قال: فإن تيسر بدنة فهي أفضل، وإن حضرت بقرة فهي أفضل، وحضورها: هو إمكانُها، وإلا فشاة.
وَبِهِ عن جعفر، عن قاسم قال: لا بأس بذبح المحرم، الشاة والبقرة والجزور، ويَحتَشّ لدابته في الحرم.
قال محمد: كره غيره أن يحتش لدابته في الحرم، ورأى أن يتصدق بالقيمة.
قال: وإن أرسلها ترعىفلا بأس.
وَبِهِ عن عبد الله، قال: سألت قاسم بن إبراهيم عن الثني والجذع من الضحايا؟
فقال: الجذع من الضان يجزي، والثني من المعز يجزي في الضحايا.
وَبِه عن عبد الله، عن قاسم، في المتمتع يشارك في الدم، ما أحب للمتمتع أن يشارك في دم، إن لم يجد ما استيسر من الهدي ما ينفرد به، صام ما أمر الله به من صيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذارجع إلى أهله. قال محمد: لا بأس أن يشارك المتمتع غيره في البدنة.
وَبهِ قال: روى جابر بن عبد الله، أن النبي -عليه السلام- شرّك بين سبعة، عام الحديبية في بدنة شتَّا.
قال محمد: من أهل البيت ومن غيرهم، ويقال أيضا معنى (شتّا) متمتعين وقارنين.
وَبِهِ عن عبد الله قال: سألت قاسم، عن ذبيحة اليهودي، والنصراني؟

(1/402)


فقال: يذكر عن زيد بن علي -عليه السلام- أنه كان يقول: طعام أهل الكتاب الذي يحل هو الحبوب، فأما الذبائح فلا؛ لأنهم ينكرون رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-، وما جاء به من الآيات عن الله، فهم بذلك مشركون بالله.
وَبِهِ قال مُحمَّد: لا بأس بذبيحة اليهودي والنصراني، إلا النسك والأضحية، فلا يلي ذلك إلا المسلم.
وَبِهِ عن جعفر، عن قاسم قال: لا بأس بركوب البدنة إذا لم يكن في ذلك إضرار بها.وقد ذُكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه أمر بذلك.
وَبِه عن عبد الله، قال: سألت قاسم عن البدنة، عن كم إنسان تجزي والبقرة؟
فقال: البدنة عن عشرة، والبقرة عن سبعة من أهل البيت الواحد.
قال محمد: تُنحر البدنة والبقرة عن سبعة، وكذلك سمعنا.
وعن حكم بن سليمان، عن إسحاق بن نجيح، عن إسماعيل بن عياش، عن عطاء، عن ابن عباس قال: أتى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- رجلٌ فقال: يا رسول الله، إني نذرت أن أنحر بدنة، ولست أقدر عليها. فقال: ((اذبح مكانها سبع شياه)).
قال محمد: المعمول عليه، البدنة عن سبعة.
قال محمد: وإذا ساق رجل بدنة فنَتَجَت في الطريق، فإن فصيلها يحمل على ظهرها حتى يطيق المشي، فإذا كان يوم النحر فإنهما ينحران جميعاً إن شاء صاحبهما عن نفسه، وإن شاء عن سبعة، لا

(1/403)


يجاوز بهما عن سبعة، ويبدأ بالأم في النحر هي وولدها واحد.
وَبِهِ عن عبد الله، قال: سألت قاسم عن ذبيحة الأغلف. فقال: إذا كان على الملّة، ومنعه من الاختتان علّة، فلا بأس بذبيحته.
قال محمد في ذبيحة الأغلف: إذا ذبح نسكاً أو غيره، إذا ترك الختان على الاستخفاف منه للختان، لا لسنة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وهو مستطيع، فقد جاء الأثر عن علي، وعن غيره أنه كره ذبيحته، وقد رخّص في ذلك جماعة من العلماء، فإن تقَزّز منها رجل لماروي فتصدق بها، فلا بأس بذلك.
قال: ولكن إن ترك الختان على الاستخفاف لسنة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لم تؤكل ذبيحته، ويعاقبه الإمام بقدر مايرى.
قال محمد: قلت لأحمد بن عيسى، معي مسائل أحبُّ أن أعرضها عليك.
فقال: هات، فنظر فيها، فقال: هذه المسائل إن كنت ترويها عن أبي جعفر، أوكان لها عندك إسناد سمعتها منك. قلت: لست أرويها.
قال: قد سأل، وقد أجيب.
قلت: ماتقول في الخصيِّ يضحى به؟
قال: جائز. يذكر ذلك عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
قلت: الشاء والإبل، والبقر كذلك سواء؟
قال: كذلك. قلت: تنحر البدنة عن واحد، وعن اثنين، أو ثلاثة... إلى سبعة؟
قال: نعم.
قلت: فتنحر البدنة عن أكثرمن سبعة.
قال: لا. قلت: سواء كان السبعة من أهل بيت أو غرباء متفرقين؟

(1/404)


قال: سواء. قلت: وكذلك بمنى تنحر البدنة عن سبعة قارنين ومتمتعين؟ قال: كذلك.
قلت: وكذلك البقرة أيضاً، تذبح أوتنحر عن سبعة؟
قال: كذلك.
قلت: يذبح الكبش عن جماعة؟ قال: ماأحب أن يذبح عن أكثر من واحد.
قلت: أي شيء تفسير ماروي: لا يضحى بالعضباء؟
قال: العضباء، هي المكسورة القرن من أصله.
قلت: ولا يضحى بعوراء، ولا بثولاء وهي المجنونة، ولا بعجفاء وهي المهزولة البين هزالها، ولابجدعاء، وهي مقطوعة الأذن، ويضحى بالعرجاء، إذا كانت تمشي المذبح.
قلت: يضحى بالشاة قطع الذئب إلْيَتَها؟قال: غيرها خير منها.
باب في الحلق والتقصير
وَبِهِ قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني جعفر بن محمد، عن قاسم بن إبراهيم قال: من دخل مكة بعمرة متمتعا قصّر، ولا يحلق إلا بعدما يرمي جمرة العقبة، وبعد أن يذبح.. يوم النحر.
وَبِهِ عن جعفر، عن قاسم، في محرم نتف من رأسه ثلاث شعرات، أو شعرتين.
قال: ما قلّ من ذلك فصدقة تجزي في ذلك، وأما من أخذ من رأسه فأكثر حتى يتبين في رأسه الأثر فما جعل الله من الفدية من صيام أو صدقة أو نسك.
قال محمد: إذا قطع المحرم شعرة، تصدّق بقبضة من الطعام، فإن قطع شعرتين، تصدّق بقبضتين، فإن قطع ثلاثاً أو أكثر من ذلك فعليه دم، يذبح شاة، ويتصدّق بلحمها.

(1/405)


باب ماذُكر في الصيام لِمَن لم يَجِد الهدي
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: أخبرنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في المتمتع يصوم ثم يجد الهدي يوم النحر أو يوم الثاني، قال: إذا وجد يوم النحر فيهدي، ولا يُعتدّ بصومه، وكذلك أيضا إذا أصابه في يوم من أيام الذبح. وفي المتمتع متى يصوم، إن خشي أن يفوته الصوم بمكة، هل يصوم في الطريق؟
قال: يصوم المتمتع قبل التروية بيوم،ويوم التروية، ويوم عرفة، فإن فاته ذلك، صام أيام منى لأنها من أيام الحج، فإن فاتت أيام (منى) ذهبت أيام الحج.وإن صام الأيام السبعة في مرجعه في الطريق إلى أهله، صام وهو راجع ما كان إليه متوجهاً، وله قاصداً لابأس به، ولا بأس أن يصوم الثلاثة الأيام في الطريق إذا خشي أن تفوته بمكة، إذا كان مقبلاً إليها، وإذا فات المتمتع صوم الثلاثة الأيام، فعليه دم.
ومنهم من يقول: يقضي مكانها، ولا يهريق دماً؛ لأن وجوبها ليس بآكد من وجوب شهر رمضان، ومن أفطره متعمداً فليس عليه إلاّ قضاؤه.
وفي تفريق صوم السبعة الأيام إذا رجع إلى أهله، قال: إذا صام الأيام السبعة في أهله وَصَلهَا ولم يفرّقها. (روي عن علي -عليه السلام- وابن عباس أن التتابع في صوم هذه الأيام يُستحبُّ.حكاه في (الاقتصاد).
قال محمد: إن شاء فرّق، وإن شاء وصل، والثلاثة الأيام، إن شاء فرّق، وإن شاء وصل، إلا أن آخرها يوم عرفة.

(1/406)


وَبِهِ قال مُحمَّد: إذا كان برجلٍ أذىً من رأسه، فاحتاج إلىحلق رأسه، أو احتاج إلى عمامة، أو لبس قميص، أو خفين، أو غيرذلك مما يحتاج إليه المحرم لعلّةٍ، أويداوي جرحاً بدواء فيه طيب، فالكفارة فيه، كما قال الله لا شريك له: ?فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ?[البقرة: 196]، فالصيام ثلاثة أيام، والطعام ثلاثة أصواع يتصدّق بها على ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، والنسك شاة يذبحها ويتصدق بها.
قال محمد: وإن شاء صام الثلاثة الأيام جميعاً في أول العشر، وأحَبُّ إلينا أن لا يصومها حتى يحلّ من عمرته.
قال محمد: إذا قضى الحج فيصوم متى شاء، السبعة الأيام، إن أقام أو شَخصَ إلى أهله، أو إلى غير أهله.
باب في المحرم يموت
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن، عن أبي بكر الكلبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن محمد بن الحسن بن علي: مات بالأبواء وهو محرم فكان فيمن حضره الحسين بن علي، وعبد الله بن عباس، فأجمعوا أن لا يقربوه طيباً، ولا يُغطّى رأسه.
وَبِهِ قال مُحمَّد: سألت أحمد بن عيسى عن المحرم يموت. يغطى رأسه؟
فقال: لا. وذَكَرَه عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-. إلا أن عائشة كانت ترى ذلك، فمَال الناس إلى قولها، وكانت تُحب أن تأمُرْ وتنهى.

(1/407)


باب من أمَرَ بدَفنِ الشعر
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن محمد بن عمر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (واروا هذا: يعني الشعر فإن كل شيء وقع من ابن آدم ميتٌ، فإنه يأتي يوم القيامة لكل عبد بكل شعرة نور يوم القيامة).
وَبِه عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن محمد بن عمر، عن أبيه: أنه رأى شعراً على العقبة فقال: يوشِكُ الناس أن يَترُكوا السنة، إنه ليس شيء يقع من الإنسان شعرٌ ولا ظفرٌ إلا وهو ميت فليُوَا رَى.

(1/408)


باب من جعل عليه المشي إلى بيت الله وما روي فيه
وَبِهِ قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام-: أنه أتَتْه امرأةً فقالت: إني جعلتُ على نفسي مشياً إلى بيت الله الحرام، وإني لستُ أُطيق ذلك.
فقال: أتجدين ما تشخصين به؟
قالت: نعم. قال: فامشي طاقتك واركبي إذا لم تُطيقِي، واهدي لذلك هدياً.
وَبِهِ عن جبارة بن المغلّس، عن شريك، عن محمد بن عبد الرحمن، مولى آل طلحة، عن كريب، عن ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: في الرجل يجعل عليه المشي إلى بيت الله، قال: ((يركب، ويكفّر عن يمينه)).
قال محمد: يعني إذا عجز عن المشي.
وَبِهِ روى علي ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما أنه حج متمتعاً.
وقال أحمد: ما أدركت أحدا من أهلنا ومشائخنا يحج إلا متمتعاً.

(1/409)


باب الطواف بعد العصر والفجر
وَبِهِ قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد قال: رأيت أبا جعفر طاف بعد العصر طوا فين، ثم جلس حتى صلى المغرب، فصلى الركعتين اللتين بعد المغرب، ثم ركع لكل أسبوع ركعتين يفصل بينهما.
وَبِه عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد قال: رأيت عبد الله بن الحسن طاف بعد العصر ثلاثة أسابيع، ثم ركع ركعتين لأسبوعٍ واحد، وأخّر أربع ركعات حتىصلى المغرب.
قال محمد: ينبغي أن يكون صلّى ركعتين للطواف الواجب بعد العصر، وهو في وقت من صلاة العصر، وأخّر أربع ركعات للطوافين التطوع حتى دخل وقت التطوع بعد المغرب.
قال محمد: وكذلك أقول.
وَبِهِ عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، قال: رأيت عبد الله بن الحسن طاف بعد الفجر أسبوعاً واحداً، ثم جلس حتى أضحى، ثم صلى ركعتين.
وَبِهِ عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في الرجل يطوف أسبوعين أو ثلاثة، يصلي لكل أسبوع منها إذا فرغ ركعتين، وفي التفريق بين الطواف والسعي: إن فرق ذلك لعلة غالبة حتى يكون في آخر يومه أومن غدٍ، فلا بأس به. وإن أبطأ عن ذلك فتَركه حتى تكثر أيامه فيستحبّ له أن يهريق دماً، وقد وسَّع في هذا غيرنا.

(1/410)


وقال محمد: جائز أن يؤخره ما بينه وبين أن يخرج إلى (منى)، ولا كفارة عليه من علة أو غير علة.
وَبِهِ قال: حدّثنا جعفر، قال: قال قاسم في الطواف: بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس.
قال: كان الحسن، والحسين، وعبد الله بن عباس، يطوفون بعدهما ويصلّون.
قال محمد: جائزٌ أن يصلي بعد الفجر والعصر لطوافه، فرضاً كان الطواف أوتطوعاً، إلا عند طلوع الشمس وعند غروبها.
باب التكبير أيام التشريق
وَبِهِ قال: وحدثنا محمد، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: لما بعثني رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال لي: ((يا عَليّ، كبّر في دبر صلاة الفجر من يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، صلاة العصر)).
وَبِهِ قال: حدّثنا جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: الحاج يكبر أيام التشريق مع التلبية، وأعجب إلينا أن يبدأ بالتكبير. وعلى النساء من التكبير ما على الرجال، إلا أنهنَّ يخفضنَ أصواتهنَّ.
قال محمد: يبدأ بالتكبير إذا سلّم من الفريضة، ثم يُلَبِّي بعد ذلك، ليس فيه اختلاف أعلَمُه.

(1/411)


باب التَّقصِير في الْمَساجِد
وَبِهِ قال: حدّثنا محمد، قال: سألت أحمد بن عيسى قلت: إذا كنتَ بمكة تُتِم الصلاة، ثم خرجت إلى منى وعرفات تتم الصلاة أو تقصر؟
فأشار إلى التقصير.
قال محمد: سألت عبيد الله بن علي عن ذلك، فقال: نقصر. فسألته عن الحُجَّة في ذلك؟
فقال: هكذا السُّنَّة.
وَبِهِ عن عبد الله، قال: سئل قاسم بن إبراهيم. يتمّ الصلاة بمنى أو لا يتمها؟
قال: لا يتمها من كان في حجة أو سفره إلا أن يُجْمِعَ عند أهل البيت على مقام عشرة أيام، فإنهم يقولون: من أقام عشرة أيام أتمَّ.
قال محمد: إذا نوى أن يقيم عشرة أيام بموضعٍ أتمَّ الصلاة.
باب قصر الصلاة بمكة
وَبِهِ قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (صلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بمكة ركعتين حتى رجع).
وَبِهِ عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (صلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بمكة ركعتين حتى رجع).

(1/412)


باب مسائل زيادة في الحج
وَبِهِ قال: حدّثنا عبد الله، قال: سألت قاسم بن إبراهيم عن المحرم يغتسل؟
قال: لا بأس بالاغتسال للمحرم.
وَبِهِ قال: قال قاسم في المحرم يصدع رأسه: هل يعصبه بخرقة؟
قال: لا بأسَ يعصب الجبين، ويكره له عصب الجمجمة لما تغطي العصابة من رأسه وشعره.
قال محمد: ما أحسن ما قال.
وَبِه قال: حدّثنا عباد، عن طلحة بِبَاغ السابري قال: حججت زمان الحرورية، فدخلت المدينة، فقلت:دلّوني على رجل أسأله؟
فقالوا لي: عليك بذاك الشيخ. فإذا عبد الله بن الحسن. فقلت: إنّي غلام صرورة، لم أحج قط، فكيف أصنع؟
قال: عليك مهلة، فأت الشجرة فاغتسل، والبس ثوبي الإحرام، ثم قل: اللهم، إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج، واحْرِمْ بالعُمرة، فإذا أتيت مكة، فطف بالبيت، وبين الصفا والمروة، واخرج إلى المروة، فقصّر من جوانب رأسك ووسطه ومن أطرافه وقد حللت، فطف بالبيت ما شئت وأنت حلال، فإذا كان يوم التروية، فاصنع كما صنعت، ثم ائت الحجر الأسود فصلّ إليه إن شئت تطوعاً، وإن شئت فريضة، ثم احرم بالحج، واخرج مع الناس، فإذا رجعت فعليك طوافٌ بالبيت، وبين الصفا والمروة، وطواف للزيارة، ثم إذا فرغت، فقد حلَّ لك كل شيء، وجمع الله لك الحج والعمرة.
وَبِهِ قال: حدّثنا عبد الله، قال: سألت قاسم بن إبراهيم، عن المحرم يقصّ شارب الحلال؟ لا بأس

(1/413)


بذلك، إنما يَحرُم عليه قص شارب نفسه.
قال محمد: لا بأس أن يأخذ المحرم من شعر الحلال، وإذا كانوا محرمين، فلا يقصر بعضهم لبعض حتى يقصر لبعضهم حلال، فإذا قصّر له حلال، فليقصِّر لأصحابه إن شاء، فإن لم يكن بحضرتهم حلال فليقصر أحدهم نفسه. كما صنع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فإنه قصر لنفسه، ثم يقصر لغيره.
وَبِهِ قال مُحمَّد: سألت عبيد الله بن علي عن متمتع طاف وسعى لعمرته، فلم يقصر حتى وقع علىجاريته؟ قال: يهريق دماً.
وَبِهِ عن عبد الله قال:سألت قاسم بن إبراهيم عن الرجل يطوف بالبيت يوم النحر،ثم يجامع قبل أن يصلي؟ قال: ليس له أن يجامع حتى يتم طوافه وصلاته.
قال محمد: عليه دمٌ.
وَبِهِ قال: وحدّثنا عبد الله، قال: سألت قاسم بن إبراهيم، عن دخول الكعبة، ما يرى فيه؟
فقال: دخولها حسن.
وَبِهِ قال: وحدّثنا عبد الله، قال: سألت قاسم بن إبراهيم عن المعتكف يدخل الكعبة؟
فقال: لا بأس.
قال محمد: أحبّ إليَّ أن لا يدخل المعتكف الكعبة.
وَبِهِ قال: روى أبو هشام، عن يحيى بن يمان، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: من دخل البيت. (يعني الكعبة) دخل في حسنة وخرج من سيئة، وخرج مغفوراً له.

(1/414)


قال محمد: لا بأس أن يرمس رأسه بالماء وهو محرم.
وَبِهِ عن عبد الله، قال: سألت قاسم بن إبراهيم عن الرمل بالبيت كيف هو؟
قال: يرمل ثلاثة أطواف من الركن إلى الركن.
قال محمد: إن نسي الرمل فلا كفّارة عليه.
وَبِهِ عن عبد الله، قال: سألت قاسم بن إبراهيم عن النساء، يرمُلْنَ؟
فقال: لا.
وَبِهِ عن عبد الله، قال: سألت قاسماً عن الكلام في الطواف والشرب؟
فقال: لا بأس بالكلام في الطواف، مالم يكن رفثاً أو فُحشَاً، وكذلك الشرب أيضاً، لا بأس به في الطواف والإمساك عن ذلك أحسن.
وَبِهِ عن عبد الله، قال: سألت قاسماً عمّن نسي أن يُلَبِّي حتى قضى مناسكه؟
قال: لا شيء عليه، ولا ينبغي له أن يترك ذلك متعمداً.
قال محمد: هو كما قال في التلبية، إذا كان قد لبّى أوّل ما أحرم.
وَبِهِ عن عبد الله، قال: سألت القاسم، عن الرجل إذا أصاب الإمام بعد الإفاضةمن عرفات. أدرك الحج أم لا؟ فقال: قد فاته الحج إلاّ من وقف بعرفة قبل طلوع الفجر.
وَبِه عن جعفر، عن قاسم في رجل فاته الوقوف يوم عرفة بالموقف: يجزيه إن أدرك ليلة جمع الوقوف بعرفة، وأدرك صلاة الفجر بجمع. وفي قوله:?فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ?[البقرة: 197]، قال: الرفث في الحج هو مجامعة النساء، وغير ذلك من العبث والخنا.

(1/415)


والفسوق: فهو الكذب والفجور.
والجدال: هو المنازعة والخصومة في كل باطلٍ أومظلمة.
وفي المعتمر يواقع أهله قبل أن يقصِّر، وقد طاف وسعى. قال: أقلّ ما في ذلك يهريق دماً.
وفي قول الله تبارك وتعالى: ?فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ?[الحج:36].
فقال: القانع: فهو الممسك عن المسألة المصطبر. والمعترّ: هو السائل.
قال محمد: القانع: السائل.
وَبِهِ عن جعفر، عن قاسم قال: لا بأس أن يشُدَّ المحرِم الهميان والمِعْضَدَة.
وَبِه عن عباد عن مصعب، عن جعفر، عن أبيه: أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- صلى بالناس يوم عرفة، الظهر والعصر بأذان وإقامتين، ولم يسبح بينهما، ثم وقف بعرفة حتى غابت الشمس، ثم دفع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- راحلته، ورديفه أسامة بن زيد، وهو يجبذ راحلته حتى أنّ ذفراها ليبلغ مورك الرحل. وهو يقول: ((أيها الناس عليكم بالسكينة)). فإذا أتى على جبل من الجبال أرخى زمامها، فتذهب حتى إذا استوت قائمةً جبذ راحلته، حتى أن ذفراها ليبلغ مورك رحل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، ثم فعل ذلك الثالثة، وهو يقول: ((أيها الناس عليكم بالسكينة)). فلما نزل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- جمعاً وهي المزدلفة، صلى بهم المغرب والعشاء بأذان وإقامتين، ولم

(1/416)


يسبح فيما بينهما، ثم صلى بهم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الفجر، ثم وقف، فلمَّا دفع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- راحلته أردف الفضل، فجعل ينظر إلى النساء، وكان رجلاً حساناً، فجعل النبي -عليه السلام- يضع يده علىوجهه من قبل يمينه، ومن قبل شماله إذا التفت، حتى إذا أتى على محسّر دفع إلى بطن محسّر. قال: وجعل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يلبّي حتى رمى جمرة العقبة).
(ومن نسخة غير مسموعة: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي معاوية، عن حجاج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: أتى رجل، النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-. فقال: يا رسول الله، أخبرني عن العمرة، أواجبة هي؟
قال: ((لا. وأن تعتمر خيرٌ لك)).
حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، قال: أخبرنا عائذ بن حبيب، عن محمد بن عبيدالله بن الحسن، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إنَّ البِرَّ كلّ البِرَّ، ثم البِرّ كل البِرّ ثلاث: أن تصلي لأبويك مع صلاتك، وتصوم لهم مع صومك، وأن تحج لهم مع حجك، وأن تعتق لهم مع عتقك)).

(1/417)


كتاب الجنائز
باب من أمر بتوجيه الإنسان إذاحضره الموت
أخبرنا الأمير بدر الدين، داعي أمير المؤمنين. محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى بن الناصر -عليهم السلام-، إجازةً عن الشريف السيد عماد الدين الحسن بن عبد الله بن محمد بن يحيى الحسني -رضي الله عنه-، مناولة (في سنة سبع وستين وخمسمائة) قال: أخبرنا الشيخ الأجل محمد بن محمد (بن محمد) بن الحسن بن علي بن غَبْرَة الحارثي، قراءة عليه في الكوفة (في شهر ربيع الآخر من سنة خمس وخمسين وخمسمائة)، قال: أخبرنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن علان، عن أبي طالب محمد بن الصباغ قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن عبد الرحمن بن ماتي الكاتب -رحمه الله تعالى-، وقرأه على الشيخ الإمام عفيف الدين إحسان أمير المؤمنين، حنظلة بن الحسن بن أحمد بن (شعبان) العياني الصنعاني -رحمه الله-(في سنة إحدى وستمائة)، قال: أخبرنا القاضي الأجل الإمام شمس الدين أبو الفضل جعفر بن أحمد بن عبد السلام بن أبي يحيى رضوان الله عليه، قراءة (في جمادى الأولى من إحدى وسبعين وخمسمائة)، عن الشيخ الفاضل العدل أبي علي الحسن بن علي بن ملاعب الأسدي قال:

(1/418)


أخبرنا الشريف السيد عمر بن إبراهيم بن حمزة العلوي الحسني، وأبو الحسن محمد بن علي بن أحمد بن (بحشل) العطار، قراءة عليهما جميعاً قال: أخبرنا أبو الفرج محمد بن الحارث، عن محمد بن الحسين البزا ر المعروف بابن الصباغ، عن علي بن ماتي قال: حدّثنا محمد، قال: حدثنا أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- على رجلٍ من ولد عبد المطلب وهوفي السوق، وقد وُجّهَ لغيرِ القبلة فقال: ((وجِّهُوه للقبلَة، فإنكم إذا فعلتم ذلك أقبلت عليه الملائكة، وأقبل الله عليه بوجهِه، فلم يزل كذلك حتى يُقبض)).
قال محمد: أقبَلَ اللهُ عليهِ بِرَحمَتِه.

(1/419)


باب مَن كَرهَ الصِّياحَ وغيره عندَ الْمُصِيبة
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال حدّثنا أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: أُتيَ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فقيل له: هذا عبد الله بن رواحة ثقيل، فأتاه وهو مغمى عليه، فدعاه ثلاث مرّات، فلم يجبه فقال: ((اللهم، عبدك إن كان قد انقضى أجله وَرِزقُهُ وأثره، فإلى جنتك ورحمتك، وإن كان لم ينقض أجله ورزقه وأثره، فعجل شفاءه وعافيته)).
فقال بعض القوم: يارسول الله، عجباً لعبد الله وتعرّضَهُ للشّهادة، ثم لم تقض له حتى يكون قبضاً على فراشه.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أتدرون من الشهيد من أمتي))؟
قالوا: نعم.الذي يقتل في سبيل الله صابراً محتسباً غيرَ مُوَلٍّ.
فقال: ((إن شهداء أمتي إذن لقليل.الشهيد الذي ذكرتم، والطعين، والمبطون، وصاحب الهدم، والغريق، والمرأة تموت جُمعاً)).
قالوا: وكيف تموت المرأة جُمعا؟
قال: ((يعترض ولدها في بطنها)).
قال: فخرج رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فوجد عبد الله بن رواحة خفّةً في جسمه.
قال: فقيل للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: هذا عبد الله بن رواحة.
قال: فوقف، فقال: ((ياعبد الله حدّث بمارأيت، فقد رأيت عجباً)).
قال: رأيت ملكاً من الملائكة بيده مقعمة من حديد تأجج ناراً، كلما صرخت صارخة،

(1/420)


ياجبلاه! أهوى بها لهامتي، أنت جبلها. فأقول: بل الله، فيكف بعد أهواء. فإذا قالت: ياعزاه! أهوى بها لهامتي. أنت عزها. فأقول: بل الله، فيكف بعد أهواء.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((صدق، فما بال موتاكم يبتلون بقول أحيائكم))!
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني حمزة بن أحمد، قال حدّثني عمي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (لما مات إبراهيم، أمرني رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-فغسّلتُه، وكفّنه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وحنّطَه وقال لي: ((احمله ياعلي))، فحملته حتى جئت به إلى البقيع، فصلى عليه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، ثم قال لي: ((انزل ياعلي في قبره)). فنزلت، ودلاّه عليّ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-. فلمَّا أن رآه منصباً بكى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فبكى المسلمون لبكاءِ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حتى ارتفعت أصوات الرجال على أصوات النساء، فنهاهم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أشدّ النهي، وقال:

(1/421)


((تدمعُ العين، ويحزَن القلب، ولا نقول مايسخط الرب، لولا أجل معدود ويوم موعود لاشتدّ حزننا عليك يا إبراهيم، وإنَّا بك لمصابون، وإنَّا عليك لمحزونون)). ثم سوّى قبره، ووضع يده عند رأسه وغمزها حتى بلغت الكوع، وقال ((بسم الله ختمتك من الشيطان أن يدخلك)). ثم قال لي: ((يا علي إن كان إبراهيم لنبياً)).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني حمزة بن أحمد، قال: حدّثني عمّي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لو أن إبراهيم عاش ما أذنت في قبطي يسترقّ ولا قبطيّة)).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني حمزة بن أحمد، قال حدثتني عمتي، عن أمها. أم حسين، أنها حضرت جعفر بن محمد عند وفاته، فقال: لا تلطمَنّ عليَّ خداً، ولا تشقنَّ عليّ جيباً، فما مِن امرأةٍ تشقُّ جيبها، إلا صُدِع لها في جهنّمَ صدع كلما زادت زيدت كلما زادت زيدت.

(1/422)


باب ما ذُكرَ في تعجيل الميّت
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثنا محمد بن عبيد، قال: حدّثنا الحكم بن ظهير، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من مات في الغداة، فلا يقيل إلا في قبره، ومن مات في العشيّ، فلا يبيت إلا في قبره)).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا حكم بن سليمان، عن عبد المنعم بن إدريس، قال حدّثني أبي، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا مات لأحدِكم الميّت فأحسنوا كفنه، وعجّلوا إنفاذ وصيته، واعمقوا له في قبره، وجنبوه جار السوء)).
قيل: يارسول الله، وهل ينفع الجار الصالح في الآخرة؟
فقال: ((هل ينفع في الدنيا))؟ قيل: نعم.
قال: ((فكذ لك ينفع في الآخرة)).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا أبو هشام الرفاعي، عن يحيى بن يمان، عن المنهال بن خليفة، عن حجاج، عن عطاء، عن ابن عباس: أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- دفن رجلاً ليلاً، وأسرج له في قبره، وقال: ((إنه كان أواهاً)).

(1/423)


وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا سفيان بن وكيع، قال: حدّثنا أبي، عن إبراهيم بن يزيد، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لاتدفنوا أمواتكم بالليل إلا أن تضطّروا إلى ذلك)).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا علي بن محمد بن حسين بن عيسى بن زيد، عن أبيه، عن عمر بن محمد، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ادفنوا موتاكم بالنهار، فإن ملائكة النهار أرأفُ من ملائكة الليل)).
باب ثواب من غسّل ميتاً
وبه: قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أيّما امرئ مسلمٍ غسّل أخاً له مسلماً فلم يقذّره، ولم ينظر إلى عورته، ولم يذكر منه سوءًا، ثم شيّعه وصلّى عليه، ثم جلس حتى يُدلّى في حفرته، خرج عُطلاً من ذنوبه)).
قال محمد: قلت لأحمد بن عيسى: إني أغسَّل الموتى، فربّما أُدعى إلى الرجلِ الذي يشربُ المسكر، ولعلّه أن يسكر، ويعمل بمعصية، فأتقزّزُ من ذلك وأكرهه، ولعلّه أن يكون له وليّ أستحي منه، فترىعَلَيَّ فيه شيئاً؟
فقال: لاشيء عليك. ورأى أن أغسله. وقال: السنة أن يُغسَّلوا.

(1/424)


باب كيف غُسِل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: لما أخذنا في غسل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- سمعتُ منادياً ينادي من جانب البيت (لا تخلعوا القميص).
قال: فغسّلنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وعليه القميص، فلقد رأيتُني أغسِّله، وإن يد غيري لتردّد عليه، وإني لأعان على تقليبه، ولقد أرد تُّ أن أكبه، فنوديت ألاّ تكبّه.
باب ماكُفّنَ فيهِ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (كُفّنَ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في ثلاثة أثواب: ثوبين يمانيين، أحدهما سحق، وقميص كان يتجمّلُ فيه).
قال محمد: السّحَق: يقول قديم.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني علي ومحمد ابنا أحمَد بن عيسَى، عن أبيهما قال: السنة في كفن الرجل، ما كُفّن فيه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: قميص، وإزار، ولفافة. وأما المرأة فخمسة أثواب، أحدها خرقة تشدّ بها من السرّة إلى الركبتين، إلا أن يكون بها أمرٌ يحتاج إلى أكثر من ذلك، لبعض العلل. هذا أحسن ما أروي، وبه آخذ.
قال محمد: وهذا قول أحمد بن عيسى.

(1/425)


باب الغُسلِ مِن غُسلِ الميّت
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: الغسل من غسل الميّت، وإن تطهرت أجزاك.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: حدّثني أبوجعفر قال: الغسل إذا غسَّلت ميتاً.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: يغتسل غاسل الميّت، وهو قول علي -عليه السلام- وغيره، وقدذُكِرَ ذلك عن عائشة، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
باب الرجُلِ وامرأتهِ يموت أحدُهمَا معَ الآخَر في السَّفر
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-: في رجل تُوفِيَت امرأته، هل ينبغي له أن يرى منها شيئاً؟
قال:لا. إلاّ ما يرى الغريب.

(1/426)


وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد: في الرجل يموت ومعه أهله في السفر. قال: تغسله، ولا تتعَمَّد النظر إلى الفرج.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم، في المرأة تموت مع الرجال: تُيَمَّم، أحسن ما سمعنا، إلا أن يمكن صَبُّ الماء عليها، إذا كان ينقيها من غير نظرٍ ولامَسٍّ، وكذلك إذامات الرجل مع النساء يُيَمَّم، إلا أن يصبُبنَ الماء، إذا كان ينقيه من غير نظرٍ ولا مَسّ.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، في المرأة تموت في السفر ومعها زوجها. قال: يُيَمّمْها؛ لأنه قد انقطع مابينهما، وتغسِّله هي؛ لأنها منه في عدّة.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم قال: تغسّل المرأة زوجها، والرجل امرأته، لأن علياً -عليه السلام- قد غسّل فاطمة -عليها السلام-، وغيره من الصحابة قد جوّزوا ذلك، وغَسّلت أسماء بنت عُميس أبابكر، والنساء يغسِّلن الغلام الذي لم يحتلم، إذا لم يكن معهنّ رجل. قال محمد بن منصور: لا بأس أن يغسِّل الرجل امرأته، والمرأة زوجها، والنساء يغسِّلن الصبيّ الفطيم ونحوه.

(1/427)


باب مَن مَات ومَعَه ذو مَحرَمٍ من النساء في السّفر
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، في الرجل تموت معه امرأةٌ في السفر ذات محرم من النساء، فقال: يُؤَزِرها فوق ثيابها، ويصبّ عليها الماء صباً.
قال محمد: تُيمَّمْ.
وبه قال محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد: في الرجل يموت في السفر ومعه نساء ذوات محرم.
قال:يؤزِّرنَه ويصبُبنَ الماء عليه صباً، ويمسَسْنَ جسَده، ولا يَمسَسنَ الفرج.
قال محمد: ييمّم.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في الرجل تموت معه ابنته في السفر، وليس معه نساء. قال: يغسِّلها، ويتجنب النظر إلى العورة.
قال محمد: يُيمِّمها، إلا أن تكون فطيماً أو نحو ذلك.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد،عن زيد، قال: إذا مات الرجل مع النساء، ليس فيهنّ امرأته، ولا ذات محرم من نسائه: وَزَّرْنَه إلى الركبتين، وصببن عليه الماء صباً، ولاينظُرْنَ إلى عورَته، ولا يلمَسْنَه بأيديهنَّ، ويطهّرنه. قال محمد: ييمّم.

(1/428)


باب المرأة تَمُوتُ ليسَ معَهَا مَحرَم
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، في المرأة تموت في السفر مع القوم، ليس فيهم ذو محرم. قال: تُيَمَّم.
وبه قال حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال: (أتى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- نفرٌ، فقالوا: إن امرأة معنا توفيت، وليس معها ذو محرم.
فقال: ((كيف صنعتم))؟
فقالوا: صبَبنَا الماء عليها صباً.
قال: ((أما وجدتم امرأةً من أهل الكتاب تغْسِلُها))؟
قالوا: لا. قال: ((أفَلا يَمَّمْتُمُوها))؟

(1/429)


باب ما يُصنَعُ بالشّهيد
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا مات الشهيد من يومِه، أو من الغد فوارَوهُ في ثيابه، وإن بقي أياماً حتى تغيرت جراحته، غُسل)).
قال محمد: إذا جاوزوا بِهِ المعركة وهو حيٌّ، إلا أن تكون خُطا يسيرة، والمعركة مجال القوم.
قال محمد: المعسكر كله معركة.
قال محمد: يغسل.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: لماكان يوم بدر أصيبوا فذهبَت رؤوسُ عامَّتهم، فصلى عليهم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وقال: ((انزعوا عنهم الفراء)).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (يُنزَعُ عن الشهيد الفرو، والخف، والقلنسوة، والعمامة، والمنطقة، والسراويل، إلا أن يكون أصابه دم، فإن كان أصابه دم ترك، ولم يُترك عليه معقُودٌ إلاّ حُلَّ).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: إذا مات الشهيد في المعركة لم يغسل، وإذا نقل وفيه حياة، ثم مات غسل وعُمِل به كمَا يُعمَل بالأموات.

(1/430)


وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: يصلّى على الشهيد؛ لأن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- صلّى على حمزة وكبّر عليه سبعين تكبيرة، يرفع قوم ويوضع آخرون، وحمزة موضوع في مكانه، فكبر عليه وعلى من استشهد يوم أحد.
ومن لم يرَ الصلاة على الشهيد كان مبتدعاً. ومَنْ أحَقّ بالصلاة والتّرحُم عليه من الشهيد.
وقدروي عن أنس: (أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لم يصلّ على قتلى أحد)، وقال: ((أنا الشهيد عليهم))، وليس يَصِحّ هذا الحديث.
باب ما يُصنَع بِمَن احتَرَقَ بالنَّار
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن ز يد، عن آبائه، عن علي -عليهم السلام: أنه سُئل عن رجلٍ احترق بالنار؟ فأمرهم أن يصبّوا عليه الماء صباً.
وبه قال محمد: إن كان يحتمل وإلاّ يمم.

(1/431)


باب في الصلاةِ على الْمَرجوم والغريق وغسلَهُما
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في المرجوم، هل يصلى عليه؟
أما الْمُقِرَّ التائِب المعترف، فلا اختلاف في الصّلاة عليه، ويُكَفّنُ ويُفعلُ به كما يُفعل بموتى المسلمين. وكذلك روي عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: أنه أمرَ بماعز بن مالك الأسلمي لمّا رُجِم.
وعن علي -عليه السلام-: في مرجُومةٍ رُجمت من همدان، أن يُكفّنوها ويُغسّلوها، ويصلّوا عليها، فأما المرجوم بالبينة فمنهم من قال: يصلّى عليه، ومنهم من قال: لا يصلّى عليه؛ لأن الصلاة ترحم واستغفار، ومن أتى كبيرة مما يوجب بها النار، لم يصلّ عليه، إذا كان غير تائب؛ لأنه ملعون يلعن، كما ذكر عن الحسين بن علي -عليه السلام-، ودعاؤه على سعيد بن العاص حين مات. وقد قال الله عز وجلّ في المتخلفين عن النفير مع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ?وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ?[التوبة:84].
وبه عن جعفر، عن قاسم قال: والغريق وكلّ ميت يُغسَّل، والحائض والجنب تُغسَّلان إذا ماتا على ذلك من حالهما، وقد غسّلت الملائكة حنظلة بن أبي عامر -رحمه الله-، يوم أحد وقتل وهو جنب.

(1/432)


باب ما ذُكرَ في الصلاة على الأغْلَف
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (أتى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- رجلٌ من أهل الكتاب وهو شابّ، فأسلم، وهو أغلف).
فقال له رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((اختتن)).
فقال: إني أخاف على نفسي.
فقال: ((إن كنت تخاف على نفسك فكفّ)). فمات فصلّى عليه، وأهدى له فأكل.
وبه عن أحمَد بِن عِيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (لا يُصلّى على الأغلف؛ لأنه ضيّع من السنّة أعظمها. إلا أن يكون ترك ذلك خوفاً على نفسه).
قال محمد: قلت لأحمد بن عيسى، ماتقول فيمن أسلم ولم يختتن، من غير علّة استخفافا بسنّةِ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يصلى عليه؟ فلم ير الصلاة عليه.
باب في الصلاةِ على وَلَدِ الزّنا
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد: في ولد الزنا، وسألناه أيُصَلَّى عليه؟
قال: نعم. مَن تولونه اليهود أو النصارى‍‍‍‍‍‍‍ ‍صلّوا عليه، وكفنوه، وَوَارَوهُ في حُفرتِه، فالله أولى به.
وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: يصلى على ولد الزنا كما يصلّى على غيره؛ لأنه ليس من فعل أبويه في شيء.

(1/433)


باب متى يُصَلَّى على المولود
وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا استهلّ الصبي. واستهلاله صياحه)، وشهد على ذلك أربع نسوة، أو امرأتان مسلمتان، وَرِثَ وَوُرِّثَ، وسُمِّي، وصُلِّيَ عليه، وإذا وقع ولم يُسمع له استهلال، لم يورَث ولم يرِث، ولم يُسمّ، ولا يُصلى عليه.
قال محمد: يُقبل قول القابلة فيه وحدها، وقد قيل إذا كانت مسلمة. وقد روي عن علي -عليه السلام- وغيره من أصحاب محمد -عليه السلام-: (أنه أجاز شهادة القابلة وحدها).
وبه عن جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: السقط لايُصلّى عليه إلا أن يكون قد استُهلّ، فإن استُهل ّصُلّيَ عليه.

(1/434)


باب ما يفعل من لقِيَ جنَازة
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (ثلاث لايدعهنّ إلاّ عاجز: رجلٌ لقي جنازة لا يُسَلِّم على أهلها، ويأخذ بجوانب السرير. فإنه إذا فعل ذلك كان له أجران).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في حمل الجنازة: يبدأ بميامنها، ثم يدور بها إن شاء في كلِّ جانب، وأيّ ذلك فعل، فلا يضيق عليه.
وفي المشي أمام الجنازة: يُذكر عن علي-عليه السلام- المشي خلفها. وقال: إنما أنت تابعٌ ولست بمتبوع إلاّمن تقدّمها لحملها.

(1/435)


باب في الاحتفاء مع الجنازة وخروج النساء معها
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-: (أنه كان يمشي في الجنازة حافياً).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-: (أنه كان يمشي في مواطن حافياً، ويعلّق نعليه بيده اليسرى، وكان يقول: إنها مواطنٌ لله، فأحبّ أن أكون فيها حافياً. إذا عاد مريضاً، وإذا شيّع جنازة، (وفي العيدين، وفي الجمعة).
وبه حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في خروج النساء مع الجنازة، وهل تزور المرأة القبور؟، قال: أرجو أن لا يكون باتباع المرأة لجنازتها بأس، إذا تنحّت عن الرجال، واستترت بما يسترها من الثياب، وأكره للمرأة أن تزور القبور.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب، قال: حدّثنا عبد الله بن نمير، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر: أن فاطمة -عليها السلام- كانت تزور قبر حمزة وتقوم عليه.

(1/436)


باب الإيذان بالجنازة
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في الإيذان بالجنازة ما أحب أن يصرخ به، وقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، أنه نهى عن النعي، وقال: ((إنه من فعل أهل الجاهلية))، وقال: إن آذن به إخوانه وأقاربه، فلابأس به إن شاء الله تعالى.
باب في كفَنِ الرجُل والصبي والمرأة
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في كفن الرجل والصبي والمرأة: يكفن الرجل بثوبٍ واحدٍ إذا لم يوجد له غيره، وثلاثة أثوابٍ إذا وُجِد، كما جاء عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: (أنه كفن في ثلاثة أثواب).
وقد كفَّن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حمزة في برده وهي الشملة. كان إذا غطى رجليه بدا رأسه، وإذا غطى رأسه بدَت رجلاه، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يُجعَل على رِجلَيه شيء من نباتِ الأرضِ).
وقال في شَعَر المرأة الميتة: يُضم ضَمَاً بعضُه إلى بعضٍ، ولا يُربَط برباطٍ من غيره.
قال محمد: روي عن بعض بنات النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- حين توفيت، أنه جعل شعرها ثلاثة قرون، وجعل في وسط رأسها.

(1/437)


باب ما ذكر في الْمِسك في الحنوط وماقيل فيه
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في المسك في الحنوط: رأيت آل محمد منهم من يكرهه؛ لأنه يقال: إنه ميتة، ومنهم من لا يرى فيه بأساً.
وقد ذُكِرَ أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- جعل في حنوطه مسك.
وذُكر عن علي -كرم الله وجهه-: أنه أمر أن يُجعل في حنوطه مِسكٌ، كان فَضُلَ من حنوط رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-.
قال محمد: المسك هو صرار دابة تصاد من البحر.
قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب، عن حسين بن زيد، عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: أوصاني رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((إذا أنا مِتُّ فغسِّلني بِسَبعِ قِرَبٍ من بئري بير غَرْس)).
قال أبو جعفر: قيل غرس قريب من قباء.

(1/438)


باب في التَّكبير على الجنازة وما يُقال في التكبير
وبه قال: محمد بن منصور، قال: شهدتّ عبد الله بن موسى صلى على إدريس بن محمد، فكبر عليه خمساً، ورأيتهم حين دَلَّوهُ في قبره جللوا القبر بثوب، فلم يُغيّر ذلك عليهم، وسلّوه من قِبَلِ رجليه وربّعوه تربيعاً.
قال: وحضرت عبد الله بن موسى بن جعفر صلى على مولى له، فكبر عليه خمساً.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني علي بن حكيم، عن ابن فضيل، عن ليث، عن المرقّع، قال: صليت خلف زيد بن أرقم على جنازة فكبر عليها خمساً، فقيل له في ذلك، فقال: (صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فكبر خمساً، فلن أدعها).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب، عن علي بن عابس، عن عطاء، عن الشعبي، عن عبد الله بن مسعود قال: (صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الجنازة، فكبر أربعاً وخمساً وسبعاً، وما ثبت بنا على شيء)، ثم قال كهيئة المعاتب قد كبر على حمزة سبعاً، ثم قدّمه مع الشهداء، فصلى عليه معهم، حتى كبر عليه سبعين تكبيرة.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا عباد، عن محمد بن فرات، عن زيد بن علي، أنه صلى على جنازة فكبر عليها خمساً.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عبد الله بن عامر بن زرارة، عن حفص، عن أشعث، عن الشعبي أن علياً -عليه السلام- كبر على سهل بن حنيف ستاً.

(1/439)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عباد، عن عبد الله بن الزبير، قال: سئل جعفر بن محمد-عليه السلام-، عن التكبير؟
فقال: ذلك إلى أهل الجنازة إن شاؤا أربعاً، وإن شاؤا خمساً.
وبه حدّثنا محمد، حدّثنا علي بن حكيم، عن أبي الأحوص، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: قدم على عبد الله بن مسعود رجلٌ من اليمن، فقال له: خلّفت معاذاً باليمن يكبرِّ على الجنائز خمساً، فضحك أصحاب عبد الله من قوله، فقال عبد الله: ما تضحكون من قوله، قد كنَّا نكبر خمساً وستاً وأربعاً.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن راشد، عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن علي، عن علي -عليه السلام-: أنه كبر على فاطمة -صلى الله عليها-، خمساً، ودفنها ليلاً.
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثنا محمد بن راشد، عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن علي، قال: كنت مع أخي. محمد بن الحنفية بالطائف، فمات عبد الله بن عباس، فضرب عليه فسطاطا، وكبَّر عليه خمساً، وسلّه سلاً، وقال: اليوم فُقِدَ ربّانيّ هذه الأمة. يعني عالمها.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أيوب بن الأصبهاني، عن يحيى بن مساور، عن أبيه، عن القاسم بن مسلم، عن حصين بن عامر، قال: قال لي أبوذر: ياحصين بن عامر إذا أنا متّ فاستر عورتي، وانق غسلي، وكفني في وتر، وكبر عليّ خمساً، وسلني سلاً، وربع قبري تربيعاً.

(1/440)


باب من كان لا يصلي على المحارب
وبه قال محمد: قلت لأحمد بن عيسى: صلى علي بن أبي طالب على من كان يحاربه؟
قال: لا. قلت: فتصلي أنت عليهم؟ قال: لا.
باب من أولى أن يصلي على المرأة
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بِن عِيسَى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-: في رجل توفيت امرأته. أيصلي عليها؟
قال: لا. غيره أولى بها، عصبتها.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بِن عِيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد قال: إذا توفيت المرأة صلى عليها أقرب الناس إليها من عصبتها.
وقال زيد: كانت تحت أبي امرأة من بني سليم، فماتت، فاستأذن عصبتها في الصلاة عليها، فقالوا: صلّ رحمك الله تعالى.

(1/441)


باب المسلم يموت له القرابة الكافر، والذمية تموت وفي بطنها ولدٌ مسلم
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في الرجل يموت له القرابة المجوسي أواليهودي أوالنصراني. قال: لابأس بتعزيته مالم يَدعُ له ويثن عليه، وما أحبّ أن يُشهدَ له جنازة؛ لقول الله عز وجل:?وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ?[التوبة:84].
قال محمد: تعزيةُ المسلم للذمي استرجاعٌ عنده، ويُذكّرَه بالموت وما بعده، ونحو هذا من الكلام.
قال: وكذلك الذمي، إذا كان له جار فأصيب بمصيبة أن يقول أيضا مثل ذلك، فأما الذمي إذا عزاك، فقل: هداك الله.
قال محمد: لاتكنّي الذمي وإن كانت لك إليه حاجة.
قال محمد: قلت لعثمان بن حكيم، أصافح الذمي وإن كانت لي إليه حاجة؟
قال: لا. قلت: فإن بدأني، أصافحه؟ قال: لا. ولا أكاد له.
وبه قال: وسألت حسن بن حسين عن مصافحة الذمي؟
فقال: قد غمز النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يد أبي جهل، فرخص فيه حسنٌ إذا كان على مثل تلك الحال.
وبه قال محمد بن منصور: إذا أردت أن تكتب إلى الذمي. قلتَ: من فلان بن فلان: سلامٌ علىمن اتّبعَ الهدى.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في اليهودية والنصرانية تموت وفي بطنها ولد مسلم: تقبر في مقابر أهل دينها، إذا لم يفصل الولد من بطنها.
وبه قال محمد: قال

(1/442)


بعضهم: تدفن في مقابر أهل الذمة، وقال بعضهم: تدفن بين مقابر المسلمين، ومقابر أهل الذمة، وقال بعضهم: تدفن في مقابر المسلمين، ويحملها المسلمون، ولا يصلى عليها.
قال محمد: وبه نأخذ.
قال محمد: الناس على أن تدفن في مقابر أهل الذمة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في الكافر يشهد بشهادة الحق عندما يحضره الموت مرةً واحدةً. حاله في الصلاة عليه والتكفين حال المسلمين.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا علي بن حكيم، عن شريك، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله بن جبر، عن أنس بن مالك، قال: عاد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- غلاماً يهودياً كان يخدمه.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((اشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله))، قال فنظر الغلام إلى أبيه، فقال: قل ما يقول محمد. فقال الغلام: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، ثم مات.
فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لأصحابه: ((دونكم أخاكم)).

(1/443)


باب ما ذُكر في وفاة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ودَفْنِه
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (لما قُبض رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال القوم: ماترون أين يدفن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-؟ فقال علي كرم الله وجهه: إن شئتم حدّثتكم.
قالوا: حدّثنا.
قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((لعن الله اليهود والنصارى كما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، إنه لم يقبض نبيّ إلا دفن في مكانه الذي قبض فيه)).
قال: فلما خرجت من فيه نَحَّوا فراشه، ثم حفروا موضع الفراش، فلما فرغوا قالوا: ماترى أنلحد أم نضرح؟
فقال علي -عليه السلام-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((اللحد لنا، والضّرح لغيرنا)) قال: فأُلحد للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في اللحد والضرح: اللحد أحب إلينا. أُلحد للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وقال -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((اللحد لنا، والضّرح لغيرنا))، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يضرحون.

(1/444)


وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، قال حدّثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن جعفر، عن أبيه قال: أُلحد لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لحداً، ونُصب اللِّبن علىقبره، وكفّن في ثلاثة أثواب: ثوبين من بزّ البحرين أوعمان، وبُرد حبرة، ورفع قبره من الأرض قريباً من شبر، ورُشّ على قبره، وجُعِل على قبره من حصباء العرصة.
وبه: قال حدّثنا محمد، قال: حدّثني أبو الطاهر، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن محمد بن عقيل، عن محمد بن الحنفية، عن أبيه، قال: (ماترك الله جُثة نبيٍّ تحت التراب أكثر من أربعين ليلة حتى يرفعه إليه).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أحمد بن عبد الرحمن، عن الحسين بن محمد بن فرقد، عن الحكم بن ظهير، عن السدّي، عن أبي مالك، عن ابن عباس قال: (ماترك الله عز وجل نبياً تحت التراب أكثر من أربعين ليلة حتى يرفعه إليه).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في الميّت هل يُبسط له في لحده ثوب أولبد؟ قال: لايوضع الميّت بعد تكفينه في القبر إلا على الأرض في لحده.
قال محمد: بلغَنِي عن وكيع، قال: كان ذلك خَاصَّاً بالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- -يعني فُرِش في لحده قطيفة-.

(1/445)


وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في تطيين القبور وتجصِيصِها، وإدخال الآجر فيها: أما الآجر فيُكره إدْخَاله، وكذلك التجصيص أيضاً يكره، ولا بأس بالتطيين.
قال محمد: إنما كُره الآجر والجص؛ لأن النار قد مسته.
قال محمد: ويكره أن تُجمّر ثياب الميّت وهو يغسل، في البيت الذي يغسل فيه. قال يُكره أن يكون آخر عهده النار.
قال: ويكره أن يُتبع الميّت بمجمر؛ لأنه من فعل الجاهليه.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن العلاء أبو كريب، عن حفص، عن جعفر، عن أبيه: أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، أُلحد له، وألقى شَقْران مولاه في قبره قطيفة كان يركب فيها في حياته -صلى الله عليه وآله وسلم-.

(1/446)


باب ما ذكر في دفن الميّت، وثواب من يتبعه
وبه قال: وحدّثنا محمَّد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: يؤخذ الميّت إذا أدخل في قبره من منكبه وصدره، ويحرف إلى القبلة تحريفاً، ويوسَّد شيئاً من الثرى، ولا يوسد بلبنة ولابحجر، ويدخل من قِبَل رجليه ويُسَلُّ. وفي الرجُلَين والثلاثة والأربعة، لايدفنون في قبرٍ واحد ماوجدوا من ذلك بداً، وإن دُفنوا ضرورةً، حجز بينهم بحاجز من الأرض أو اللبن أو التراب، وقد أمر رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- يوم أُحُد، أن يُدفَنوا اثنين وثلاثة في قبرٍ واحدٍ، وذلك أنّ أصحابه كثرت فيهم الجراحات، فعجزوا عن حفر القبور، فأمر بذلك.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا الحكم بن سليمان، عن إسحاق بن نجيح، عن عطاء الخراساني، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من حثا في قبر أخيه ثلاث حثيات من تراب، كفر الله عنه من ذنوبه ذنوب عام)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا حسين بن نصر، عن خالد بن عيسى، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- أنه كان إذا حثا على ميّت قال: (إيماناً بك، وتصديقا برُسُلِك، وإيماناً ببعثك، هذا ما وعد الله ورسوله، وصدق الله ورسوله).
ثم قال: مَن فَعَل ذلك كان له بكل ذرّةٍ من ترابٍ حسنة.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن

(1/447)


أبيه، قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يزاد على قبرٍ تراب لم يخرج منه، وأن يوضع على النعش حنوط.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم في الرجل والمرأة لايوجد لهما كفن: يواريان بما قُدِرَ عليه من نبات الأرض، وإن غاب ذلك ولم يوجد، دفنا على مايمكن من دفنهما.
وبه قال محمد: بلغني عن ابن عباس في الميّت يموت، ولا يوجد له ما يُكَفّن به، قال يبطح على وجهه، ولايستقبل بعورته القبلة، ولا يستدبر.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم: في جنائز رجال ونساء، وعبيد، وصبيان. إذا اجتمعت، قُدّم الرجال، ثم الصبيان الأحرار، ثم العبيد، ثم النساء من وراء ذلك، مما يلي القبلة.
قال محمد: يُجعَل الرجال مما يلي الإمام، كما قال قاسم، والمرأة إلى القبلة، لا أعرف غيرذلك.

(1/448)


باب ماذُكِر في غُسل المرأة
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا جعفر بن محمد بن عبد السلام من آل سريع، قال حدّثني المحاربي، عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الملك بن أبي بشير، عن حفصة ابنة سيرين، عن أم سليم، أم أنس بن مالك، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا تُوفِّيت المرأة فأرادوا أن يغسِّلوها، فليبدؤا ببطنها، فيمسَحه مسحاً رفيقاً إن لم تكن حبلى، فإن كانت حبلى فلا تحركها، فإذا أرادوا غسلها فليبدؤا بِسُفلَتها، فَلْتُلقِ على عورتها ثوباً ستيراً، ثم خُذي كُرسُفَة. (قال محمد: يعني خرقة)، فاغسليها فأحسني غسلها، ثم ادخلي يدك من تحت الثوب فامسحيها بكرسفةٍ ثلاث مرّات، وأحسني مسحها قبل أن توضيها، ثم وضّيهَا، ولِيْلِي غُسلَها أولى الناس بها، وإلاّ فامرأةٌ ورعَةٌ، فإذا فَرَغْتِ من وضوئها، فاغسليها بعد ذلك ثلاث مرّات، وابدئي برأسها قبل كل شيء، فانقي غسله، ولا تسرحي رأسها بمشط، فإن حدث منها حدث بعد الغسلات الثّلاث، فاجعليها خمساً، فإن حدث عليها في الخامسة حدثٌ، فاجعليها سبعاً، وكل ذلك فليكن وتراً بماءٍ وسِدر، حتى لا يريبك منها شيء، فإذا كان في آخر غسلة، فاجعلي فيها شيئاً من كافور)).

(1/449)


وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في غسل الميت: يكره أن يسخن للميت الماء، إلا أن يحتاجوا إليه لضرورةٍ من بردٍ غالب، أومن وسخٍ يكون في جسد الميّت فيفَتَّر له الماء حينئذ.
قال محمد: لا بأس أن يسخن الماء للميت إذا احتيج إليه.
قال وحدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في الميّت يسقط منه الشعر أو الظفر أو شيء يُرد في كفنه، ولا تقلم أظفاره.
قال محمد: إن كان في أظفاره وسخ، فلا بأس أن ينقى الوسخ منها، ولا يقصّ، فإن سقط منه ظفر أوغيره غسل وجعل معه في كفنه.

(1/450)


باب ماذُكرَ في الأوقَاتِ التي يُصَلَّى على الجنازة فيها، وتدفَنُ الموتى
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في الأوقات التي يدفن فيها الميّت، ويصلى عليه، يستحب إذا لم يكن في ذلك إضرار بأهل الجنازة، ولا بمن شهدها أن تدفن في مواقيت الصلاة، ولا بأس بدفنها بعد الصبح، وبعد العصر، ولا بالصلاة عليها، وإذا حضرت الجنازة والصلاة، بُدئ بأيهما شاء، ولا يضَيّق على أهلها مالم يَخَف فوت الصلاة المكتوبة.
قال محمد: إذا كان أهل الجنازة في وقتٍ من صلاة الفريضة، فجائز لهم أن يبدؤا بدفن الميّت، وإن خافوا فوت الصلاة بدؤا بالصلاة.
وبه قال: حدّثنا محمد، أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: يقوم الإمام من جنازة الرجل ما بين صدره وسرته، وأما المرأة فيقوم الإمام بحذاء صدرها ووجهها.
وبه قال: حدّثنا محمد، أخبرني جعفر، عن قاسم في رجل خاف أن تفوته الصلاة على الجنازة، وهو غير متوضئ، يَتَيَمّم إذا خاف فوت الصلاة عليها.

(1/451)


باب وفاة أمير المؤمنين عليٌّ -كرم الله وجهَه-، وأينَ دُفِن
وبه قال: حدّثنا ابن ماتي، حدّثنا محمد، حدّثنا أبو الطاهر، قال: بلغني عن عبد الله بن جندب، عن أبيه قال: دخلت على أمير المؤمنين علي -كرم الله وجهه-، أسأل به فقمت قائماً ولم أجلس لمكان ابنته، فقبض ليلة الإ ثنين لإحدى وعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من هجرة الرسول-صلى الله عليه وآله وسلم- إلى المدينة، فكبّر عليه الحسن بن علي -عليه السلام- خمساً.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أبو الطاهر، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن الحسن بن علي، قال: دفنتُ أبي علي بن أبي طالب -عليه السلام- في حِجْلَة، أو قال: حجرة من دُورِ آل جَعدة بن هبيرة.
باب ما ذُكِرَ في الجنازة تَتبعها الصَّوارخ وغير ذلك
وبه قال محمد: سألت أحمَد بِن عِيسَى عن الجنازة تتبعها الصوارخ، ومن النساء من قد شقّت الجيوب، ونتفت الشعر، ولعل الميت يكون رجلاً صالحاً، أو من أهل البيت، يسعني أن أتبعها؟
قال: نعم. لا عليك من ذلك، ذلك على من فعله، ولكن تأمرهم.

(1/452)


باب كيف يُوضَعُ الميت في حُفرَته
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (يُسَلّ الرجل سلاً، وتُستَقبَل المرأة استقبالاً، ويكون أولى الناس بالرجل في مقدمه، وأولى الناس بالمرأة في مؤخرها.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: آخِرُ جنازةٍ صلى عليها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، جنازة رجل من ولد عبد المطلب، كبر عليها أربع تكبيرات، ثم جاء حتى جلس على شفير القبر، ثم أمر بالسرير فوضع من قبل رِجْل اللحد، ثم أمر به فسُلّ سلاً، ثم قال: ((ضعوه في حفرته لِجَنبِه الأيمن مستقبلَ القبلة، وقولوا: بسم الله، وبالله، وفي سبيل الله، وعلى ملّة رسول الله، لاتُكبّوه لوجهه، ولا تلقوه لقَفَاه. ضع يدك على أنفه حتى يستبين لك ذلك، ثم قولوا: اللهم، لقنه حجته، وصعّد بروحه، ولقّه منك رضواناً)). فلما أُلقي عليه التراب قام رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فدعا بما شاء الله أن يدعو به، ثم قال: ((اللهم جافِ الأرض عن جنبه، وصعّد بروحه، ولقّه منك رضواناً)).

(1/453)


باب الصلاة على القبر
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: تُوفِّي رجل من ولد عبد المطلب، فصلى عليه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، ودفنه، ثم أتاه رجل، فقال: يا رسول الله، إني لم أُدرك الصلاة عليه، أفأصلي على قبره؟
قال: ((لا.ولكن قُم على قبره، فادع لأخيك بخير)).
وبه قال محمد: قد روي عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه صلى على قبر بعد ما دفن، وبه نأخذ.
باب الصلاة على الطفل
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثي أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي-عليه السلام-: أنه كان يقول في الصلاة على الطفل: ((اللهم، اجعله لنا سَلَفاً وفُرُطاً وأجرا)).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: السقط لا يُصَلّى عليه، إلا أن يكون قد استهل، فإن استهلّ صُلي عليه.
قال أبو جعفر: استهلاله، عطاسه أو صياحه.

(1/454)


باب ما يقال في الصلاة على الميت
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثي أحمَد بِن عِيسَى بن زيد، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- في الصلاة على الميت، قال: (يبدأ في التكبيرة الأولى بالحمد والثناء على الله عزوجلّ، والصلاة على النبي وأهل بيته -صلى الله عليه وآله وسلم-، ثم تقول في الثانية: اللهم، أنت خلقته، وأنت هديته للإسلام، وتعلم سرّه وعلانيته، ولا نعلم إلا خيراً، وأنت أعلم به، جئنا شفعاء فاغفر له، وتقول في الآخرة كما قلت في الأولى، وتنصرف).
وبه قال: وحدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمَد بن عيسَى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-، قال في الصلاة على الميت: (تبدأ بالتكبيرة، والحمد والثناء على الله سبحانه وتعالى، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وعلى أهل بيته. ثم تقول في الثانية والثالثة: اللهم، اغفر لصغيرنا وكبيرنا، و ذكرنا وأنثانا، وحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا. اللهم، من توفيته منَّا فتوفه على الإيمان، ومن أبقيته منّا فابقه على الإسلام، ثم تسلّم وتنصرف).
قال محمد: أجمع علماء آل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- على الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، والقنوت، والتكبير على الجنائز خمس، وعلى سَلّ الميت من قِبَل رجليه، وعلى تربيع القبر، وعلى تفضيل علي بن أبي طالب -عليه السلام- بعد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.

(1/455)


باب ماذكر في منكر ونكير
وبه قال محمد: سألت أحمَد بن عِيسَى عن منكر ونكير؟ فقال: لست أدفعه، وقال: الفتانَيْن.
وقال محمد: سألت قاسم بن إبراهيم عن منكر ونكير؟ فقال: إن الحديث فيهما كثير، وإن الله يقدر عليه، كما يقدر على غيره.
باب في كيفية الوصية
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني عباد بن يعقوب، عن محمد بن سليمان، عن قيس بن الربيع، عن جابر، عن الشعبي، قال: ذكر عند علي -عليه السلام- مالك بن نباته، فقال: أما أوصى؟
قالوا: إرشادك أردنا يا أمير المؤمنين.
فقال: إذا أراد الرجل أن يوصي فليقل: (بسم الله الرحمن الرحيم، شهادة من الله شهد بها فلان بن فلان، ?شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ?[آل عمران: 18] اللهم من عندك وإليك، في قبضتك، ومُنتهى قُدرَتك، يداك مبسوطتان تنفق كيف تشاء، وأنت اللطيف الخبير. بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به فلان بن فلان. أوصى أنه يشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق، لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين. اللهم،

(1/456)


إني أُشهدك وكفى بك شهيداً، وأُشهِدُ حملة عرشك، وأهل سماواتك، وأهل أرضك، ومَن ذرأت وبَرأت وأنبتّ، وأشجرت، وأفطرت، وأذريت، وأجريت، بأنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمداً عبدك ورسولك، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، أقوله مع من يقوله، وأكفيه من أبى، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم. اللهم، من شهد على مثل ما شهدت عليه، فاكتب شهادته مع شهادتي، ومن أباها فاكتب شهادتي مكان شهادته، واجعل لي به عهداً توفينيه يوم ألقاك فرداً، إنك لاتخلف الميعاد).
قال: ثم يفرش فراشه مما يلي القبلة، ثم ليقل: (على ملّة رسول الله حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، وليوصِ كما أمره الله عز وجلّ).
(انتهى كتاب الجنائز)
والله ولي التوفيق
تم الجزء الثاني من كتاب الأمالي

(1/457)


كتاب النكاح
باب ماذكر في فضل التزويج
وبه قال: حدّثنا أبوحعفر محمد بن منصور بن يزيد، قال: حدّثنا جبارة بن المغلس، عن مندل، عن ابن جريج، عن أبي المغلس، عن أبي نجيح السلمي، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من كان له ما يتزوج به، فلم يتزوج فليس مَّنا)).
وبه قال: وحدثنا محمد، حدّثنا جبارة، حدّثنا مندل، عن أبي رجاء، عن عثمان بن خالد، عن محمد بن خثيم، عن شداد بن أوس، أنه قال لأهله: زوجوني، فإن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أوصاني أن لا ألقى الله أعزب.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا جبارة، حدّثنا مندل، قال: حدثني عبدالرحمن، عن ابن أبي لبينة، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من أدرك له ولد في الإسلام وعنده ما يزوجه فلم يزوجه، وأحدث فالإثم بينهما)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا حسين بن نصر، عن خالد بن عيسى، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من ترك التزويج مخافة الفاقة أساء بربه الظن)). إن الله عز وجل يقول ?إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ?[النور:32].
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا محمد بن عبيد، عن أسباط بن محمد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير قال: لقيني ابن عباس فقال: تزوجت؟
قلت: لا، قال: تزوج. ثم

(2/1)


لقيني بعد فقال: تزوجت؟
قلت: لا.
فقال: تزوج، فإن خير هذه الأمة أكثرها نساءً.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن رجل، عن مجاهد: (أن النبي -صلى الله عليه آله وسلم- كان إذا خطب إلى قوم فردّوه، لم يعاوِدهم.قال: فخطب إلى رجل أخته، فقال أخوها: إن لي فيها شريكاً أؤامره. قال: فلقي أخوها النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بعد ذلك فقال: تلك الحاجة يا رسول الله، قال: ((إنا قد استلحفنا بعدك بلحاف)). (يعني تزوجنا بغيرها).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبدالرحمن بن يزيد، عن عبد الله قال: قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم، فإِنه له وجاء)).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن ابن جريج، عن أبي المغلس، عن أبي نجيح، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من وجد سعة أن ينكح فلم ينكح، فليس منَّا)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن عبد الله بن عمرو بن مرة، عن أبيه، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه

(2/2)


وآله وسلم-: ((ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً، ولساناً ذاكراً، وزوجةً مؤمنةً تعين أحدكم على أمر الآخرة)).
قال: ((وإن كانت غنية من المال)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن يحيى بن أبي لبينة، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من منع يتيماً له النكاح فزنا فالإثم بينهما)).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-، قال: من جمع من النساء مالا ينكح، وينكح فزنى، فالإثم عليه.
قال: حدّثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر قال: سمعت أبي وزيداً يعدَّان ما تزوج الحسن بن علي -عليه السلام-، فعدَّا سبعاً وخمسين امرأة وما استكملا.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: وحدثني أبو الطاهر، عن أبيه، قال حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: جاء عثمان بن مظعون إلى النبي -صلى الله علي وآله وسلم- فقال: يا رسول الله، غلبني حديث النفس، ولم أحدث شيئاً حتى استأمرك، فقال: ((بِمَ تحدثك نفسك يا عثمان))؟
فقال هممت.. فذكر أشياءً فيها طول، ثم قال: قد هممت أن أحَرّم خولة زوجتي على نفسي.
قال: ((فلا تفعل يا عثمان، فإن العبد إذا أخذ بيد زوجته كتب الله له مائة حسنة، ومحا عنه

(2/3)


مائة، سيئة فإن قبَّلها كتب الله له عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، فإن ألمّ بها، حضرتهم الملائكة، فإذا اغتسلا لم يمر الماء علىشعرة منهما إلا كتب الله لهما بها حسنة، ومحا عنهما سيئة، وقال الله عز وجل للملائكة: انظروا إلى عبديّ هذين، اغتسلا في هذه الليلة الباردة عَلِمَا أني ربهما، أشهدكم أني قد غفرت لهما، فإن كان لهما في وقعتهما تلك ولدٌ، فتقدمهما، كان شفيعاً لهما، وإن تأخرهما كان نوراً لهما، وإن لم يكن لهما في وقعتهما تلك ولد، كان لهما وصيف في الجنة، ثم ضرب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بيده صدري، ثم قال: يا عثمان، لا ترغب عن سنتي، فإنه من رغب عن سنتي عرضت له الملائكة يوم القيامة، فصرفت وجهه عن حوضي)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن عبيد، عن محمد بن فرات، قال: حدثني زيد بن علي قال: قال رسول الله -صلى الله علي وآله وسلم-: ((يا أيّها، الناس تزوجوا فإني مكاثر بكم يوم القيامة)).

(2/4)


حدثنا محمد، قال: حدّثنا الحكم بن سليمان، حدثنا عمرو بن جميع، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((خير نسائكم الطيبة الريح، الطيبة الطعم، التي إذا أنفقت أنفقت بمعروف، وإذا أمسكت أمسكت بمعروف، فتلك عاملة من عمَّال الله عزوجل، وعامل الله لا يخيب ولا يندم)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا الحكم بن سليمان، عن عمرو بن جميع، عن جعفر، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ليس شيء خيراً للمرأة من زوج أو قبر)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن عبيد، عن محمد بن فرات، قال: حدثني زيد بن علي: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((خير النساء الودود الولود)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أيوب بن الأصبهاني، حدّثنا يحيى بن مساور، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((خير نسائكم الودود العوود الولود، التي إن غضبت أو أغضبت قالت لزوجها:لا أُكحِلُ عيني بغمضٍ حتى ترضى)).

(2/5)


باب خطبة الرجل على خطبة أخيه المسلم
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا سفيان بن وكيع، حدّثنا أبو أسامة، عن عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه، ولا يبتع على بيع أخيه حتى يأذن له)).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن أبي بكر، عن فاطمة بنت قيس، قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا أحللت فآذنينا))، فخطبها معاوية، وأبو الجهم بن صخر، وأسامة بن زيد، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أما معاوية فهو رجل ترب لا مال له، وأما أبو الجهم فضراب للنساء، ولكن أسامة)). قال: فقالت بيدها هكذا، أسامة، أسامة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((طاعة الله وطاعة رسوله خير))، فتزوجته فاغتبطت به.

(2/6)


باب ما ذكر في تحريم المتعة وإبطال النكاح إلا بولي وشهود
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى بن زيد، قال: حدثني حسين بن علوان، عن أبي خالد الواسطي، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليهم السلام- قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن نكاح المتعة يوم خيبر.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثني القاسم بن إبراهيم، قال: حدثني إسماعيل بن أبي أويس، عن حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، عن علي، قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن نكاح السر.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن عبيد، عن عبدالرحيم بن سليمان، عن عبيد الله بن عمر، عن الزهري، عن الحسن، وعبد الله بني محمد بن الحنفية، عن أبيهما، عن علي -عليه السلام: أنه قال لابن عباس وهو يفتي في المتعة، فقال: (مهلاً فإن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قد نهى عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية).
وبه قال: وحدثنا محمد، حدّثنا محمد بن عبيد، حدّثنا أبو مالك، عن حجاج، عن الزهري، عن الحسن وأخيه بني محمد بن الحنفية، عن أبيهما، عن علي -عليه السلام-: (أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حرم يوم خيبر نكاح المتعة).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا أبوهشام، عن يحيى بن يمان، عن معمر، عن الزهري عن الحسن بن محمد، عن علي، قال: (نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن متعة النساء يوم خيبر، ولحوم الحمر الأهلية).

(2/7)


وحدثنا محمد، قال: حدّثنا سفيان بن وكيع، عن ابن عيينة، عن الزهري، عن الحسن وعبد الله بني محمد بن علي، عن أبيهما، عن علي -عليه السلام-: أنه قال لابن عباس: (أما علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- نهى عن المتعة يوم خيبر).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو سعيد الأشج، حدّثنا إسحاق بن يحيى، عن معاوية بن يحيى، عن الزهري، عن عبدالرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه قال: (نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن نكاح المتعة في غزاة خيبر).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو هشام، عن يحيى بن يمان، عن معمر، عن الزهري، عن الربيع بن سبرة، عن أبيه قال: (نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن متعة النساء يوم خيبر).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عباد بن يعقوب، عن محمد بن فضيل، عن منصور بن دينار، عن الزهري، عن عبد الله بن كعب أوكعب بن عبد الله قال: (نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن نكاح المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية).
وبه قال: وحدثنا محمد، حدّثنا عبادبن يعقوب، عن محمد بن فضيل، عن منصور بن دينار، عن الزهري، عن سالم قال: جاء رجل إلى عبد الله بن عمر فسأله عن متعة النساء؟
فقال: هي حرام، فقال الرجل: إنَّ فلاناً يزعم أنها حلال.

(2/8)


فقال ابن عمر: لقد علم فلان أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- نهى عن متعة النساء يوم خيبر وقال: هي حرامٌ، وما كنَّا مسافحين.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عباد، عن فضيل، عن أشعث، عن الحسن قال: (أمر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بالمتعة بعد فتح الحديبية بعام، فأمر بها ثلاثة أيام ثم حرمها، فلا تحل لأحد قبل ولا بعد).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، عن وكيع، عن عبدالعزيز بن عمر، عن الربيع بن سبرة الجهني، عن أبيه، أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((استمتعوا من هذه النساء))، قال: والاستمتاع يومئذ النكاح.
وبه قال: وحدثنا محمد، حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن عبد العزيز بن عمر بن عبدالعزيز، حدّثنا الربيع بن سبرة، عن أبيه قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فلما قضينا عمرتنا قال لنا: ((استمتعوا من هذه النساء))، والاستمتاع عندنا يومئذ التزويج، فعرضنا ذلك على النساء فأبَيْنَ إلا أن يضرب بيننا وبينهنَّ أجل.
قال، فذكرنا ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: ((اجعلوا)). قال: فخرجت أنا وابن عم لي، ومعي برد، ومعه برد أجود من بردي، وأنا أشب منه، فأتينا امرأة فعرضنا ذلك عليها، فأعجبها شبابي وأعجبها برد ابن عمي، فقالت: بردٌ

(2/9)


كبرد، فتزوجتها، وكان الأجل بيني وبينها عشراً، فبت عندها تلك الليلة، ثم أصبحت غادياً إلى المسجد، فإذا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بين الحجر والباب قائماً يخطب الناس، وهو يقول: ((أيها الناس، إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من هذه النساء، ألا وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهنَّ شيء فليخل سبيلها، ولا تأخذوا مما آتيتموهنَّ شيئاً)).
وبه قال: محمد بن منصور، فذكرت هذا الحديث لأحمد بن عيسى بن زيد بن علي، فقال: حدثني حاظر بن إبراهيم، عن حسين بن زيد، قال: يحل من النساء ثلاث: إمرأة ترث، وامرأة لا ترث، وملك اليمين.
فقلت لأحمد بن عيسى: التي لا ترث هي اليهودية والنصرانية، ونكاحهما حلال، ولا يرثان.
فقال: هو وجهه.
(قال القاضي شمس الدين رحمه الله: المرأة لا ترث أن ينكح الرجل أمة غيره. تمت).
وبه قال: وحدثنا محمد، حدّثنا أحمد بن أبي عبدالرحمن، عن الحسن بن محمد، عن الحكم بن ظهير، عن السدي، عن ابن عباس في قوله تعالى: ?وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ?[المؤمنون:5-6] قال: نساؤهم، وقوله: ?أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ?.
قال: السراري، قوله: ?فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ?[المؤمون:7] قال: فما سوى ذلك فهو الزنا

(2/10)


وراء الحلال، وأما ما وراء ذلك فاؤلئك هم العادون: الذي يعدون الحلال إلى الحرام، فاؤلئك هم العادون، قال: فلم يحل الله له إلا زوجة، أو ملك يمين، والزوجة قد أنزل الله أحكامها وميراثها وعدتها.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو هشام، عن يحيى بن يمان، قال رجع ابن عباس عن المتعة، وقال: هي حرام كالميتة والدم ولحم الخنزير.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبوكريب، حدّثنا حفص بن غياث، عن ليث، عن بكر بن سعيد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: متعة النساء كالميتة والدم ولحم الخنزير.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو كريب، حدّثنا حفص، عن حجاج، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: متعة النساء كالميتة والدم ولحم الخنزير.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو الطاهر، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن زيد بن علي: أنه سئل عن المتعة؟ فقال: هي مثل الميتة والدم ولحم الخنزير.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عبد الله بن موسى، عن أبيه، عن عبد الله بن الحسن أنه قال لرجل كان يتزوج المتعة: اتق الله، ودع ما أنت عليه.
قال محمد: هذا الرجل يقال له: ابن عورك اللهبي الذي كان يتزوج المتع.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب، عن عبدالرحمن بن الأصبهاني قال: سألت جعفر بن محمد عن المتعة، فقال: صفها لي.

(2/11)


قلت: يلقى الرجل المرأة فيقول: أتزوجك بهذا الدرهم وقعة. فقال: هذا زنا.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عباد، عن عامر بن كثير، عن مسكين السمان، قال: سألت محمد بن عبد الله عن المتعة؟، فقال: لا تُردها.
وبه قال: محمد: سألت أحمد بن عيسى عن المتعة؟ فلم يرها.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر بن محمد، عن قاسم بن إبراهيم، قال: لا تحل المتعة؛ لأن المتعة إِنما كانت في سفر، كان فيه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، ثم حرم الله ذلك على لسان رسوله.
وقد روي عن علي -عليه السلام- بما قد صح: (أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- نهى عنها).
وأما من يحتج بهذه الآية ممن استحل الفاحشة من الفرقة المارقة في قول الله سبحانه: ?فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ?[النساء:24]، فالاستمتاع هو الدخول بهنَّ على وجه النكاح الصحيح، وأيتاؤهنَّ أجورهنَّ، فهو إعطاؤهنَّ مهورهنَّ، إلا ما وهبن بطيب من أنفسهنَّ، والتراضي فهو التعاطي، ولا يجوز النكاح إلا بولي وشاهدين؛ لأن في ذلك ترك ما بين الله عز وجل فيه، وخروج النساء من أيدي الأولياء، وإبطال ما جعل الله عز وجل للأولياء فيهنَّ، وما حكم به الأولياء عليهنَّ.
ألا تسمع كيف يقول لا شريك له: ?وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ?[النور:32]، وقال عزوجل:

(2/12)


?وَلاَ تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا?[البقرة:221] وقال: ?فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ?[البقرة: 232]، فلو كان الأمر في ذلك إليهنَّ، بطل الأمر في هذا كله من أيدي الرجال، وخرج من أيدي الأولياء أمهاتهم، وبناتهم، وأخواتهم، وحرماتهم، ولقد كان هذا ومثله في الجاهلية الجهلاء، وإنه ليُستعظَم، ويريق فيه الناس كثيراً من الدماء ويكون فيه فساد عظيم بين الأولياء من الرجال والنساء، فكيف في الإسلام الذي جعله الله عزوجل يصلح ولا يفسد، ويؤكد الحقوق بين أهلها، ويسدد، ولقد أدركنا مشايخنا من أهل البيت، وما يرى هذا منهم أحد، حتى كان بآخره أحداث سفهاء رووا الزور والكذب.
وقد حدثني إسماعيل بن أبي أويس، عن حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، عن علي، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدين))، وأن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- نهى عن نكاح السر، وأن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((أشيدوا النكاح)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدثني القاسم بن إبراهيم، عن أبي بكر بن أبي أويس، عن حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن نكاح السر وقال: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدين)).

(2/13)


أبو كريب قال: حدّثنا ابن مبارك، عن حجاج، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله: ((لا نكاح إلا بولي)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا إسماعيل بن موسى، عن مالك بن أنس، عن عبد الله بن فضل الهاشمي، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((الأيّم أولى بنفسها من وليها، والبكر تستأمر في نفسها)).
قيل: يا رسول الله، إن البكر تستحي أن تتكلم، قال: ((إذنها صماتها)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن عبدالرحمن بن مالك بن مِغْوَل، عن حجاج، عن أبي جعفر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، فمن لم يكن له ولي، فالسلطان وليه)).
قال محمد: قوله: الأيم أولى بنفسها حتى تقول: لا أو نعم. والبكر إذنها صمتها، إذا سكتت فقد أذنت، وليس ذلك في الأيم حتى تتكلم.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أحمد بن عبد الجبار، عن يعقوب بن حميد، عن عبد الله بن عبد الله، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((لا تزوج المرأة المرأة، ولا المرأة نفسها)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو كريب، حدثنا ابن مبارك، عن حجاج، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة،

(2/14)


قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا نكاح إلاّ بولي)).
وبه قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: (أيما امرأة تزوجت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل(ثلاثاً)، فإن دخل بها فلها المهر، فإن تشاجرا فالسلطان ولي من لا ولي له).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مُصَبَّح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- أنه قال في النكاح: إنه ليس للنساء إلا بضعهنَّ، فاحفظوا فيهن وصية الله وكتابه، وإن ولي عقدة النكاح أولى بالنكاح، فمن أنكح امرأة بغير إذن ولي النكاح فنكاحه باطل.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبح، عن مندل، عن عكرمة قال: جمع الطريق ركباً فيهم امرأة، فولت أمرها رجلاً، فزوجها وليس بولي، فرفع ذلك إلى علي -صلوات الله عليه وسلامه- فضرب الناكح والمنكوح وفرَّق بينهما.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (لا نكاح إلا بولي وشاهدين، ليس بالدرهم ولا الدرهمين، ولا اليوم ولا اليومين شبه السفاح، ولا شرط في نكاح).

(2/15)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عباد بن يعقوب، عن محمد بن فضيل، عن جويبر، عن الضحاك، عن النزال بن سبرة، قال: قال علي -عليه السلام: (من نكح أو أنكح بغير ولي فهو باطل).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه، قال:قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا نكاح إلا بولي)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن إسحاق بن منصور، عن حسن بن صالح، عن جويبر، عن الضحاك، عن علي -عليه السلام- قال: (أبطل النكاح إلا بولي). قال محمد: لا بهر. ليس لها عقدة النكاح، الإذن إليها والنكاح إلى الولي.

(2/16)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن عبدالرحمن بن مالك بن مغول، عن مجالد، عن الشعبي، قال: قال علي -عليه السلام-: (لا نكاح إلا بولي).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن حسن بن صالح، عن سِماك بن حرب عن رجل لم يسمه، عن علي -عليه السلام- قال: (لا نكاح إلا بولي).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن محمدبن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن الحكم، عن علي -عليه السلام- قال: (لا نكاح إلا بولي).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن سويد بن معاوية بن سويد المُرْنِي، قال: وجدت في كتاب أبي أن علياً -عليه السلام- قال: (لا نكاح إلا بولي، فإذا بلغ الحقاق النص، فالعصبة أولى، ومن شهد فليشهد بخير).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن قيس، عن عاصم بن أبي النجود، عن علي -عليه السلام- قال: (لا نكاح إلا بولي).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن ابن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لا نكاح إلا بولي مرشد أو سلطان.
قال وكيع: صاحب الشرط لا يجوز نكاحه.

(2/17)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمدبن إسماعيل، عن وكيع، عن همام، عن قتادة، قال، كان ابن عباس يقول: لا نكاح إلا بأربعة: ولي، وخاطب، وشاهدين، وصدقة معلومة مشهود عليها.
وبه قال: حدثنا محمد، حدّثنا علي بن أحمد، عن مخول بن إبراهيم، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، عن زيد بن علي، قال: لا نكاح إلا بولي.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا علي بن أحمد، حدّثنا مخول بن إبراهيم، عن محمد بن بكر، عن أبي الحارود، عن أبي جعفر، قال: لا نكاح إلا بولي.
قال محمد بن منصور: سألت أحمد بن عيسى عن المرأة لا يكون لها ولي، فتولي أمرها رجلاً من المسلمين يزوجها، فلم ير به بأساً، وقال: قد أجاز علي -عليه السلام- نكاح الأم.
قال محمد: هذه امرأة كان وليها نصرانياً، فزوجت الأم، أذنت لخال الجارية يزوجها.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدثني علي بن أحمد بن عيسى، عن أبيه، في امرأة ثيب وكلَّت رجلاً من المسلمين يزوجها بغير إذن وليها، قال: لانكاح إلا بولي للثيب والبكر للآمر القائم عن أمير المؤمنين -صلوات الله عليه-، فإن أبى الولي، فذاك إلى السلطان، وأحب الينا أن يكون القاضي، فإن كان غيره فمن ملك الأحكام من الولاة، فذلك أيضاً جائز إن شاء الله تعالى.

(2/18)


وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، في رجل نكح امرأة بغير ولي، زوجها رجل جعلته وليها، وأشهد رجلين ليس لأحد أن ينكحها إلاّ بإنكاح وليها، إلا أن يعضلها الولي أو يصير إلى المضارة لها، ومن لم يكن لها ولي فولت أمرها رجلاً من المسلمين فأنكحها، ولا بدفي كل نكاح من إشهاد رجلين عدلين.
قال أبو جعفر: نقول بعدلين.
ما ذكر في الرجلِ يزوج ابنته والمرأة يزوّجها الوليّان
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن ابن أبي يحيى المدني، عن ربيعة بن أبي عبدالرحمن، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن نهار العبسي: أن رجلاً قال للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: إني عرضتُ على ابنتي أن أزوجها فأبت.
فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا تنكحوهنَّ إلا بأذنهنَّ)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا إسماعيل بن موسى، عن مالك بن أنس، عن عبد الله بن فضل الهاشمي، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((الأيم أولى بنفسها من وليها، والبكر تستأمر في نفسها)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام-: أنه قضى في امرأة قالت: إن أبي أنكحني وأنا كارهة، فقال: أنشدك الله، هل كنت قلت لأبيك إن وجدت لي رجلاً ترضاه فانكحه؟

(2/19)


قالت: نعم. قال: وجب نكاح أبيك، وأبوك أملَكُ بإنكاحِكِ.
قال محمد: سمعت القاسم بن إبراهيم يقول في الرجل يزوج ابنته المدركة وهي بكر لم يستأمرها وهي كارهة: لا تنكح البكر إذا بلغت إلا بعد استئمارها، وإن كان أبوها هو المنكح لها، فإن أنكحها أبوها ولم يؤامرها فالأمر أمرها. لا يزوج ابنته المدركة البكر إلا بعد استئمارها، وإن كان هو المنكح لها، فإن أنكحها أبوها، ولم يؤامرها، فالأمر إليها.
وبه قال: حدّثنا محمد، عن أبي كريب، عن ابن أبي زائدة، عن أشعث، عن عامر: أن رجلاً زوج ابنته ثم أدركت فتزوجت، فأجاز علي نكاحها الأول، وأبطل نكاح الآخر.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام-: في امرأة أمرت أخاها فأنكحها رجلاً، ثم أنكحتها أمها بعد ذلك رجلاً آخر، فدخل بها، فاختصموا فيها إلى علي -عليه السلام- فقامت للأول شهود، فألحقها بالأول، وجعل الصداقين لها عليهما، ومنع زوجها الأول أن يدخل بها حتى تضع ولدها.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن يحيى بن فضيل، عن حسن بن صالح، عن رجل، عن سمرة بن جندب: أن نبي الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((أيما امرأة أنكحها وليان، فهي للأول منهما، وأيما رجلين باعا بيعاً جميعاً فهو للأول منهما)).

(2/20)


أبواب من النكاح
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن عبيد، عن محمد بن ميمون، عن جعفر، عن أبيه: أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كان يحمل في مرضه في ثوب، يطوف على نسائه، يقسم بينهنَّ.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان عن أبي قيس الأودي عبدالرحمن بن ثروان، عن هذيل بن شرحبيل: أن امرأة زوجتها أمها وخالها، فرفع ذلك إلى علي -عليه السلام- فنظر فيه فأجازه، (أي أجاز نكاح الخال كما في رواية ابن أبي شيبة).
قال أبو جعفر: قال حسن بن صالح جاز حين أجازه علي -عليه السلام- لأنه كان إماماً.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن ابن فضيل، عن الشيباني، عن أبي قيس الأودي، أن امرأة كانت معه في داره زوجتها أمها وعصبتها غُيّب، فأجاز علي -عليه السلام- النكاح.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن سعيد بن عثمان، عن أبي مريم قال: سألت جعفر بن محمد، عن رجل تزوج امرأة بائنة بأمرها، قد بانت بمالها بغير إذن ولي، أو كان وليها غائباً، قال: تولي أمرها رجلاً من المسلمين يزوجها.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا غاب الاب فأنكح الأخ فهو جائز).

(2/21)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (نكاح الأخرس جائز، وعتقه إذا كان يحسن الخط أو يعرف الخط إذا كتب له).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه: أن رجلاً أتىعلياً بعبده، فقال: يا أمير المؤمنين، إن عبدي تزوج بغير إذني، فقال علي -عليه السلام- لسيده: فرِّق بينهما.
فقال السيد لعبده: يا عدو الله، طلِّق.
فقال علي-عليه السلام-: كيف قلت؟
فقال: قلت: طلِّق.
فقال علي -عليه السلام- للعبد: أما الآن فإن شئت فطلِّق، وإن شئت فأمسك.
فقال السيد: يا أمير المؤمنين، أمرٌ كان بيدي فجعتله بيد غيري؟
فقال: ذاك حين قلت له: طلق، أقررت له بالنكاح.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا تزوج العبد بغير إذن مواليه فلا نكاح له، وإذا تزوج بغير إذن مواليه ثم أذنوا له بعد فلا بأس).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر، في رجل فوض إلى عبده في التجارة، وأمره أن يتسرى.
قال أبوجعفر: ليس له أن يتسرى؛ لأنه لا يملك نفسه وماله، ولكن يتزوج.

(2/22)


وبه قال: حدّثنا محمد، قال حدثنا محمد بن جميل، عن مصبحِّ بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي -عليه السلام-، عن أبيه، عن جده: في رجل أمر رجلاً أن يخطب عليه امرأة وهو غائب، فأنكح الغائب، وفرضت الصدقة، ثم جاء خبره أنه قد توفي.
وقال علي -عليه السلام-، في رجل نكح امرأة، ولم يفرض لها صدقة، ثم توفي عنها قبل أن يدخل بها، قال: (لا صدقة لها، وهي وارثة، وعليها العدة، عدة التي توفى عنها زوجها).
قال محمد: هذا لا يأخذ به الناس. الناس يأخذون بقول عبد الله: لها صداق مثلها، ولها الميراث، ونحن نأخذ بقول علي؛ لأن هذا ثابت عن علي، ليس فيه اختلاف عن علي، إنما قول علي عندنا أشبه بالقرآن، لأن الله تبارك وتعالىلم يجعل للتي لم يفرض لها صداقاً، وإذا طلقت لم يجعل لها نصف الصداق، إنما قال ?مَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ?[البقرة:236].
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، قال: حدثني حسين بن علوان، عن أبي خالد الواسطي، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-: أنه أتاه رجل فقال: إنَّ رجلاً خرج فأوصى إليَّ بأهله وابنته، وقال: إن رأيت لها كفواً فانكحها، فأنكحتها، أفيجوز نكاحي؟ قال: نعم، فأجازه.

(2/23)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سالم الخياط، عن الحسن، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من طلق لاعباً، أو أعتق لاعباً، أو أنكح لاعباً جاز)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عباد بن يعقوب، عن أبي علي القطان، عن أبي الجارود، عن زيد بن علي، قال: دخل علي -عليه السلام- على عمر، فخطب إليه أم كلثوم، فقال علي: أنت رجل قد حلت، وهي صغيرة، تريد من هي أعرف بحقك منها فخرج ودخل العباس، فأخبره عمر، فقال: أنا عمه، وأنا أزوجك فزوجه.
وبه قال: حدّثنا علي ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما، في جارية صغيرة زوجَّها عمها، فماتت قبل أن تبلغ، قال: يتوارثان.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا جعفر، عن القاسم بن إبراهيم، في الوصي هل له أن يزوج؟
قال: ليس الوصي من الولي بالنسب في شيء، وإنما الأولياء أهل الاشتراك في الأنساب.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن إسحاق بن منصور، عن الحسن بن صالح، عن عبد الله بن نجي، عن علي -عليه السلام- قال: (ثلاث ليس فيهنَّ لعب: الطلاق، والعتاق، والنذر).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- في رجل نكح امرأة فأصدقته المرأة، واشترطت أن

(2/24)


بيدها الجماع والطلاق. فقال علي: قد خالفت السنة، ووليت الحق من لم يوله الله، فقضى أن عليه الصداق، وبيد الرجل الجماع والفرقة، وقال: ذلك السنة.
وقال علي -عليه السلام-: لا يشترط المخطوب إليه طلاقاً.
قال محمد: النكاح ثابت، والشرط باطل.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في الرجل يتزوج المرأة، وتشترط عليه أن لا يخرجها من مصرها أو دارها، أو يشترط عليها أن لا ينفق عليها، أو ينفق عليها ما شاء، ويقسم لها من ليل أو نهار ما شاء، قال: لا يجوز مثل هذه الشروط في عقدة النكاح، قال محمد: النكاح جائز، والشرط باطل.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا جبارة بن المغلس، قال: حدثني يحيى بن العلاء، عن علي بن عروة، عن سليمان بن موسى الأشدق قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((العرب بعضها لبعض أكفاء قبيلة فقبيلة، ورجل فرجل، والموالي بعضها لبعض أكفاء قبيلة فقبيلة، ورجل فرجل))، [ويقال: إلا حائك أو حجام في نسخة بن عمر].
وبه عن محمد قال: سمعت القاسم بن إبراهيم يقول: لو أن رجلاً من أبناء الفرس ممن يُرضى دينه لرأيت أن أزوجه عربية.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا حسين بن نصر، عن خالد بن عيسى، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: انكحوا الأبكار، فأنهنَّ أعذب أفواهاً، وأعز أخلاقاً، وأفتح أرحاماً.

(2/25)


وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا علي بن حكيم، عن حميد بن عبد الرحمن، عن حسن بن صالح، عن أشعث، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي، قال: يُرَدّ النكاح أو أَرُدّ النكاح قبل أن يدخل بامرأته من أربع: من الجذام، والبرص، والجنون، والقَرَنْ، فإن دخل بها فهي امرأته.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه: أن امرأة أتت علياً -عليه السلام- فذكرت أنها مع زوجها منذ سنين، وأنه لا يستطيع أن يقربها، فدعا زوجها فسأله عن ذلك؟، فقال: صدقت، ما أقدر على ذلك، فأجَّلَه حولاً، ثم قال:إن رضيت بعد الحول أن يكسوك ويكفيك المؤنة، وإلا فأنت أملك بنفسك.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عباد بن يعقوب، عن ابن فضيل، عن محمد بن إسحاق، عن خالد بن كثير الهمداني، عن الضحاك عن علي -عليه السلام- أنه قال: (أجل العِنِّيْنَ الذي لا يصل إلى امرأته سنة، فإن وصل قبل ذلك وإلا فَرّق بينهما).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبحِّ بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام: في الخصي أنه لا ينكح امرأة محصنة، قال محمد: ليس ينبغي له أن يدلس نفسه، فإن دلس فهي بالخيار، وأما إن تراضيا،

(2/26)


فذلك جائز، ولها الصداق كاملاً إذا خلا معها، ورأى منها ما يحرم على غيره.
قال محمد: نكاحه جائز إذا رضيت، ودخوله بها أن يرى مايحرم على غيره.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام-: في امرأة دلس عليها عبد نفسه فنكحها، لم تعلم إلا أنه حُرٌّ، قال: يفرق بينهما إن شاءت المرأة الحرة.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا علي بن الحسن بن الحسن العلوي قال: حدّثنا حماد بن عيسى، عن جعفر، عن أبيه قال: خطب رجل إلى قوم فقالوا: ما تجارتك؟
فقال: أبيع الدواب.
فزوجوه، فإذا هو يبيع السنانير، فخاصموه إلى علي -عليه السلام-، فأجاز نكاحه، وقال السنانير دواب.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- أنه أتاه قوم، فقالوا: خطب إلينا رجل فزعم أنه يبيع الدواب فوجدناه يبيع السنانير، فقال علي -عليه السلام-: السنانير من الدواب.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا علي بن حكيم، عن حميد، عن حسن أنه أجازه، وقال: السنانير من الدواب.

(2/27)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدثناجعفر بن محمد الهمداني، قال، حدثني يحيى بن آدم، عن قيس بن الربيع، عن أبي حصين، عن الشعبي، عن علي -عليه السلام-: أن أمة أَبقَتَ إلى اليمن، فزعمت أنها حرة، فتزوجها رجل، فولدت، ثم جاء مولاها فأقام البينة أنها أمته، قال: يأخذها ويأخذ عقرها، وعلى أبي ولدها قيمة ولده.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عباد بن يعقوب، عن محمد بن فضيل، عن أشعث، عن الزهري قال: تزوج رجل من قريش امرأة في بيت رفيع في عدتها، فبلغ ذلك عمر، ففرق بينهما، وجلد كل واحد منهما مائة جلدة، وأخذ مهرها فجعله في بيت المال، فبلغ ذلك علي بن أبي طالب -عليه السلام-، فقال: إن كانا جهلا السنة، فلم يجب عليهما أن يجلدا، وأن يطرح ما لهما في بيت المال، فبلغ ذلك عمر، فرجع إلى قول علي -عليه السلام-، وقال: ردّوا الجهالات إلى السنة، فردّوا عليها المهر بما استحل من فرجها، فأمرها أن تعتد بقية عدتها من الأول، ثم تستقبل عدة الجهالة، ويكون خاطباً من الخطاب.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو كريب، عن حفص، قال: حدّثنا الحجاج، عن الأسود بن قيس، عن أشياخ من قومه، قالوا: زوج رجل ابنة له ابنة عربية ثم أدخل عليه ابنة له، ابنة سرية، فارتفعوا إلى علي -عليه السلام- فقضى عليه أن يدخل عليه ابنته ابنة العربية بمهر من قبل الأب قال: وفرَّق بينه وبين الأولى.

(2/28)


وبه قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام-: في رجل خطب امرأة إلى أبيها وأمها، امرأة عربية، فأملكه إياها الأب، ولها أخت من أبيها وأمها أعجمية، فلما كان وقت البنا أولج عليه ابنة الأعجمية، فلما أصبح الرجل أنكرها، فقضى أن الصدقة للتي دخل بها ابنة العجمية، وقضى له بابنة العربية، وجعل صدقتها على أبيها، وقال: لا يدخل بها حتى تحل أختها.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن حفص، عن ابن جريج قال: سألت عطاء، أكان ابن عمر يطأ مدبرته، قا ل: نعم، وابن عباس.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد الواسطي، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: لما كان في ولاية عمر، غاب عن امرأة زوجها، ثم فقد. فأتت عمر، فأمرها أن تدعو قرابته من الرجال، فسألهم عمر عنه؟ فأخبروه أنهم لا يعلمون له قراراً، فأمرها أن تنتظر حولين وتسأل عنه، فلما مضى حولان أمرها أن تعتد عدة المتوفى عنها زوجها، فلما انقضت العدة أمرها فتزوجت زوجاً فمكثت مع زوجها حولاً، ثم جاء زوجها المفقود، فقال عمر: ما ترون في هذا؟

(2/29)


قال: فإني أرى أن أخيِّرها.
فقال له علي -عليه السلام-: مالها وللخيار، الزوج الأول أبْدَا، وقد فسد نكاح الأخير، ولها المهر بما دخل بها، وهي لزوجها الأول لا يقربها حتى تنقضي عدتها من هذا الآخر.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا جعفر بن محمد، عن يحيى بن آدم، عن حسن بن صالح، عن مطرف، عن الشعبي، قال: قال علي -عليه السلام- في الرجل يغيب عن امرأته: لاتتزوج حتى يشهد شاهدان أنه قد مات.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا جعفر بن محمد، عن يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عياش، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن علي في امرأة فقدت زوجها، فتزوجت، ثم جاء زوجها الأول، قال: هو أحق بها، يفرق بينها وبين الآخر، ولها المهر بما استحل من فرجها، ولا يقربها الأول حتى تعتد من الآخر.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفصل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام-: في امرأة زعمت أن بعلها قتل، وقامت لها بذلك البينة فنكحت زوجاً غيره، ثم جاء بعلها الأول، فقضى أن ترد المرأة إلى زوجها الأول، وقال: ولدها الذي ولدت بعده لأبيه.

(2/30)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده عن علي-عليه السلام-: في الرجل يكون عنده أربع نسوة، فيطلق إحداهنَّ، لا ينكح امرأة حتى يخلو أجل امرأته التي طلق.
قال محمد: إذا كان لرجل امرأة، ولها ابن من غيره، فمات ابنها الذي من غيره، فلا يطأ الرجل امرأته حتى تحيض حيضة، لأنه إن كان بها حمل، حين مات ابنها كان ذلك الحمل يرث أخاه الميت وهو أخ لأم.
وبه قال: حدثنا محمد، حدّثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- أنه كره أن يكون للرجل امرأة ولهاولد من غيره فيموت ولدها أن يطأ امرأته حتى تحيض حيضة أو يتبين حملها. أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن أبائه، عن علي -عليه السلام-: في رجل أظهر طلاق امرأته وأشهد وأسر رجعتها، فلما رجع وجدها قد تزوجت. قال: لا سبيل له عليها من أجل أنه أظهر طلاقها وأسرَّ رجعتها.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن شعبة، عن الحكم، قال: قال علي -عليه السلام-: (إذا طلق الرجل امرأته ثم راجعها ولم يعلمها الرجعة، فهي امرأته، أعلمها أم لم يعلمها، إذا أشهد على رجعتها).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن أشعث، عن الحسن، عن علي-عليه السلام- قال:إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً فلا يتزوج أختها حتى تنقضي عدة التي طلق.

(2/31)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبوكريب، عن حفص، عن أشعث، عن الحسن، سئل علي -عليه السلام- عن رجل طلق امرأته، ثم تزوج أختها قبل أن تنقضي عدة الأولى، قال: يفرق بينهما لا يتزوج حتى تنقضي عدة الأولى.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي-عليه السلام-: في رجل تزوج امرأة فطلقها وهي حبلى، فخطب أختها فنكحها قبل أن تضع أختها ما في بطنها، فأمره علي -عليه السلام- أن يطلق أختها حتى تضع المطلقة ولدها، ثم يخطبها ويصدقها صدقتها مرتين.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد الواسطي، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: إذا فجر الرجل بالمرأة، ثم تابا وتفرقا وتواثقا أن لا يعير أحدهما صاحبه بما كان منهما، وطلبها نفسها فامتنعت منه فليتزوجها.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن محمد بن جبلة، عن محمدبن بكر، قال: قلت لأبي الجارود، رجل فجر بامرأة، ثم أراد أن يتزوجها، قال: لا بأس، كان أوله سفاح وآخره نكاح، هو مثل رجل سرق من مال شيئاً، فكان حراماً عليه، ثم اشتراه بعينه، فكان حلالاً.
قال أبو الجارود: سألت أبا جعفر عن الرجل يسافح المرأة، أيتزوجها؟

(2/32)


قال: سبحان الله!! إن تابا، وآنس منها خيراً فليتزوجها.
قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن إسحاق بن منصور، عن الحسن، قال: سمعت جعفربن محمد يقول في الرجل يفجر بالمرأة قال: يتزوجها إذا تابت وتاب.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن قيس، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن الحارث، عن علي -عليه السلام- في الرجل يفجر بالمرأة، ثم يتزوجها، قال: هما زانيان أبداً.
قال محمد: يعني عندنا فيمن قذفهما أنه لا حد عليه.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن القاسم بن إبراهيم: في الرجل يفجر بالمرأة ثم يتزوجها إذا تابت وتاب فلا بأس بنكاحهما.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدثنا محمد بن جميل، عن محمد بن فضيل، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله قال: (أتى رجل من الأنصار النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: يا رسول الله، إن لي جارية أعزل عنها، قال: ((فعسى أن يأتيها ما قدر لها)).ثم جاءه بعد ذلك، فقال: إن الجارية قد حملت.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما قدر الله من نفس تخرج إلا هي كائنة)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدثنامحمد بن جميل، عن محمد بن جبلة، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: ذكرت لأبي جعفر قول المغيرة في العزل، فقال: كذب والله المغيرة إني لأعزل وجاريتي

(2/33)


هذه قد كنت أعزل عنها، ولقد كنت حريصاً على أن لا تعلق فسبقني، وذهبت لأقوم فبدرني، فعلقت بابني هذا، فليعزل الرجل عن جاريته، وأما الحرة فتستأذن في ذلك.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم، قال: لا بأس بالعزل عن الأمة، ولا بأس بالعزل عن الحرة إلا أن يكون منها مناكرة.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي-عليه السلام-، أنه قال في العزل: (هو الوأد الخفي فلا تقربوا ذلك).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن عبيد، عن محمد بن ميمون، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن علياً كان لا يعزل، ويقول: هو الوأد الخفي.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمدبن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال في رجل أتاه، فقال: إني كنت أعزل عن جارية لي فجاءت بولد، فقال له علي -عليه السلام- إن الوكاء قد ينفلت، فأمره أن يُلحقه.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، قال: تحمل المرأة من ماء الرجل كما يحمل رأس القلم من المداد.

(2/34)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا علي بن الحسن العلوي، حدثنا حماد بن عيسى، عن جعفر، عن أبيه، عن علي-عليه السلام- قال: (لا تؤتى جارية لأقل من تسع سنين، فإن فعل فعنتت ضمنه).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (لا تؤتى جارية لأقل من تسع سنين، فان فعل فعنتت ضمن).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي في امرأة طلقها زوجها عند الشهود تطليقتين، وأشهد على الثالثة رجلاً واحداً، فلما عرف المطلق أنه مشهود عليه مكر بشهادة الذي شهد على الواحدة، فقال: إنما نفس في امرأتي، فأراد أن يحرمها عليَّ ثم يتزوجها.
فقال الشاهد: والله إن كانت لسرية أبي وما تحل لي، ولكن أشهدني على الثالثة.
فقال علي: إني لأظنك صادقاً، ولكنا لانقضي في الطلاق إلا بشاهدين، فأحلف البعل بالله أنها لامرأته، وما حرمت عليه، وأن الشاهد لكاذب.

(2/35)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام-: في امرأة طلقها زوجها، فبانت منه، فتزوجها آخر، ففرت منه قبل أن يجامعها تريد زوجها الأول، فقال: ورب الكعبة، لإن رجعت إلى زوجها حتى تخالط رجلاً غيره لأقذفنها بالحجارة.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح عن إسحاق، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام-: في رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات، فندم وندمت بعدما أبانها بثلاث تطليقات فأصلحا أمرهما بينهما أن يأمر رجلاً فيحللها له، قال: لبسا ودلسا، لا تنكحها حتى تتزوج رجلاً بغير علم منك، ولا أمرك، فان نكحت بغير أمرك فجامعها بنكاح الإسلام، فطلقها، فحل أجلها، فأنكحها إن شاءت وشئت.

(2/36)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، حدّثنا أبوضمرة، عن جعفر، عن أبيه، أن علياً كان يقول: (المحرم لا ينكح ولا ينكح، فإن نكح فنكاحه باطل).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (لا ينكح المحرم، ولا ينكح فان نكح وهو محرم فنكاحه باطل).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن إسماعيل، حدّثنا وكيع عن شعبة، عن الحكم، قال: قال علي -عليه السلام: (إذا طلق الرجل امرأته، ثم راجعها ولم يعلمها الرجعة فهي امرأته، أعلمها أو لم يعلمها إذا أشهد على رجعتها).
قال محمد: سألت عبد الله بن موسى عن حرٍ تزوج مملوكة، أي شيء يكون ولده، فقال: مماليك، فأعدت عليه، فقال: مماليك لا يختلف فيه.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدثنا أبو هشام الرفاعي، عن معاذ بن هشام الدستوائي، قال: حدثني أبي، عن عاصم الأحول، عن الحسن: (نهى النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- أن تنكح الأمة على الحرة).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، قال: تزوج رجل أمة على حرة ففرق علي بينهما، وقال: (لا تحل لك أن تتزوج أمة على حرة).

(2/37)


وبه قال: حدثنا محمد، حدّثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي قال: (لا تنكح الإماء إلا لمن خشي العنت، يعني الزنا ولا ينكح إلا واحدة).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي: في رجل نكح أمة فوجد طول حرة، وكره أن يطلق الأمة نَفِسَ فيها، قضى أن ينكح الحرة على الأمة إذا كانت الأمة أولهما عنده، وليس له أن ينكح الأمة علىالحرة إذا كانت الحرة أولهما عنده، والقسم بينهما أن للحرة الثلثين من ماله ونفسه، وللأمة الثلث من نفسه وماله.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا جعفر بن محمد، قال حدّثنا عبدالسلام، عن خصيف، وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لا يتزوج الحر من الإماء إلا واحدة.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو هشام الرفاعي، عن حفص، عن حجاج، عن حصين، عن الشعبي، عن الحرث، عن علي، قال: (لا تنكح الأمة على الحرة، وتنكح الحرة على الأمة).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا أبوهشام، عن وكيع، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال، عن عباد بن عبد الله، عن علي -عليه السلام- قال: (لا تنكح الأمة على الحرة، وتنكح الحرة على الأمة، وللحرة يومان، وللأمة يوم).

(2/38)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مُصَبِّح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام-: في رجل نكح مكاتبة وعنده امرأة حرة، قال: (انكحها إن شئت، واعلم أنها إن ولدت ولداً في مكاتبتها أنه يعتق من ولدها مثل ما يعتق منها، ويرق منه مثل ما يرق منها).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن يحيى بن فضيل، عن الحسن، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال، عن عباد بن عبد الله، عن علي، قال: (يتزوج الرجل الحرة على الأمة، ويجعل للحرة يومين، وللأمة يوماً).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (لا ينكح الأعرابي المهاجرة، وينكح المهاجر الأعرابية، ولا ينكح المهاجرة الأعرابي إلا على أن لا يخرجها من دار الهجرة).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- قال: (لا يحل أن يتزوج المرأة من أهل الكتاب على المسلمة)
قال محمد: يتزوج أيهما شاء على صاحبتها.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: لاينكح اليهودي ولا النصراني المسلمة، وينكح المسلم اليهودية والنصرانية.

(2/39)


قال محمد بن منصور: سألت أحمد بن عيسى عن نكاح نساء أهل الكتاب؟ فقال: لا بأس به.
قال: وما أدري أي شيء هذا الذي يروى عن زيد بن علي، أراه ذهب إلى الآية.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أحمد بن أبي عبدالرحمن، عن الحسن بن محمد، عن الحكم بن ظهير، عن السدي، عن ابن عباس، في قول الله عز وجل?وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ?[المائدة:5].
أما ?وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ? قال: هو ذبائح أهل الكتاب، وطعامكم ذبائحكم، ?وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ?، يقول: العفائف من أهل الكتاب حلٌ لكم ?إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ? مهورهن.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، قال: لا يحصن الرجل باليهودية ولا بالنصرانية ولابالأمة، وإذا فجر وقد أحصن بواحدة منهن وقع عليه الحد، ولم يقع عليه الرجم.

(2/40)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن إسماعيل، عن عبيدالله بن موسى، قال: حدّثنا عثمان بن عطاء الخراساني، عن أبيه، عن شعيب بن محمد، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال عبد الله بن عمرو: يا رسول الله، إني أسمع منك أشياء أخاف أن أنساها، أفتأذن لي أن أكتبها، قال: ((نعم)).
قال: فكان فيما وجدنا من كتبه أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((أربع من النساء لا ملاعنة بينهن وبين أزواجهن: الحرة تحت العبد، والمملوكة تحت الحر، واليهودية تحت المسلم، والنصرانية تحت المسلم)).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي قال: إذا أسلمت المرأة دعت الرجل إلى الإسلام، فإن أسلم أقامت إن شاءت على نكاحها، فإن لم تشأ كانت أملك بنفسها، وإذا أسلم الرجل من أهل الكتاب، دعا امرأته إلى الإسلام، فان أجابت، وإلا أقام عليها.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه قال: إذا جمع المسلم بين المسلمة وبين النصرانية فطلاقهما سواء، والقسم سواء، والإيلاء بينهما سواء.
قال محمد بن منصور: هذا المعمول به اليوم.
وعن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن، حدّثنا حماد بن عيسى، عن جعفر، عن أبيه: أنَّ علياً كره مناكحة أهل الحرب.

(2/41)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو كريب، عن حفص، قال حدّثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي قال: (يتزوج العبد امرأتين، وحد العبد نصف حد الحر).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح، عن حفص، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (يتزوج العبد امرأتين حرتين أو أمتين).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدثنا عبيد بن صباح، قال: حدّثنا حسن بن صالح عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال:يتزوج العبد أمتين.
وبه قال: حدثنا محمد، حدّثنا عباد بن يعقوب، عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر، عن أبيه: أن علياً -عليه السلام- كان يقول: لا ينكح العبد إلا أمتين.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا حسين بن نصر، عن خالد بن عيسى، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- في رجل وقع على مكاتبته، قال: هي مكاتبة ويعطيها مهر مثلها، فإن ولدت منه فهي على مكاتبتها، فإن عجزت ردت في الرق، وهي من أمهات الأولاد.
وبه قال: حدثنامحمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن إسماعيل بن صبيح، عن عمرو بن شمر، عن ليث، عن مجاهد قال: أقبل رجل حتى قام على رأس علي -عليه السلام- فقال: إني أتيت امرأتي وهي على غير طهر، فماكفارة ما أتيت؟ فقال علي -عليه السلام-: (انطلق فوالله ما أنت بصبور ولا قذور، فتصدق بدينار، واستغفر الله من ذنبك، ولا تعد لمثلها، ولا قوة إلا بالله).

(2/42)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن نوح بن دراج، عن أشعث، عن عامر، عن علي -عليه السلام- قال: (اللمس هوالجماع، غير أنه كنى عنه).
فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((حدثي من لقيتِ من النساء أن طاعة الزوج واعترافاً بحقه تعدل ذلك كله، وقليل منكنَّ تفعل ذلك)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، عن هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، اللمس والمس والمباشرة هي الجماع، ولكن الله يكني ما شاء بماشاء.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا سفيان بن وكيع، عن حفص، عن أشعث، عن الشعبي، عن أصحاب علي، عن علي -عليه السلام- قال: هو الجماع.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو هشام الرفاعي، قال: حدّثنا أبو نعيم، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة قال: كنت جالساً عند ابن عباس فجاءت امرأة، فقالت له:يحل لي أن آخذ من مال زوجي؟ فقال لها: أيحل له أن يأخذ من حليك؟
قالت: لا.
قال: فهو أعظم عليك حقاً.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو هشام، عن يحيى بن آدم، عن ابن شهاب، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، قال: سئل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ما حق المرأة على زوجها؟
قال: ((يطعمها مما يأكل، ويلبسها مما يلبس، ولا يؤذيها، ولا يضربها، ولا يهجرها في غير بيتها)).

(2/43)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو هشام، عن وكيع، عن بشير بن سليمان، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحبَّ أن تزِّين لي؛ لأن الله عز وجل يقول:?وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ?[البقرة:228]، وما أحب أن استنظف جميع مالي عليها من الحق؛ لأن الله سبحانه يقول: ?وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ?[البقرة:228].
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن محمد بن جبلة، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: ذكرت لأبي جعفر قول المغيرة: إذا حبلت المرأة لم توطأ حتىتضع، وإذا وضعت لم توطأ حتى تفطم ولدها، فقال: سبحان الله! هذا قول اليهود، كانت المرأة إذا كانت ترضع ضمت ولدها إلى صدرها، ثم قالت: أنشدك الله أن تمغله، فكان الرجل يتجنب امرأته مخافة المغل على ولده، فانزل الله سبحانه:?لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ?[البقرة: 233]، قال: فكانت تحرز بولدها أن يأتيها زوجها، وتمتنع أن يجامعها، فكان يأتيها ويعزل.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو هشام، حدّثنا وكيع، عن رجل، عن الحكم، قال: لما تزوج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أم سلمة، أقام عندها ثلاثاً، وقال: ((إن شئت سبَّعت لك، وإن سبَّعت لك، سبَّعت لسائر النساء)).

(2/44)


قال: قلت للحكم: ممن سمعت هذا الحديث؟
قال: هذا حديث عند أهل الحجاز معروف.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو هشام، عن وكيع، عن سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبدالملك بن أبي بكر، قال: لما تزوج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أم سلمة، أقام عندها ثلاثاً، وقال: ((ليس بك هوان على أهلك، إن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لسائر نسائي، وإلا فإنما هي ثلاث ثم أدور)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو هشام، عن وكيع، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول: ((اللهم هذه قسمتي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك)).
قال وكيع: يعني الحب، والجماع.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو هشام، عن يحيى بن آدم، عن الأشجعي، عن سعيد بن عبيدالطائي، عن علي بن ربيعة الوالبي، قال: كان لعلي -عليه السلام- امرأتان، فكان إذا كان يوم إحداهما اشترى في بيتها لحما بنصف درهم، فإذا كان يوم الأخرى اشترى في بيتها لحماً بنصف درهم.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (كان القسم بين الحرة والأمة: للحرة الثلثان من ماله ونفسه، وللأمة الثلث من ماله ونفسه).

(2/45)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن محمد بن جبلة، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: إن كان الرجل ليشتري من المرأة لياليها وأيامها، إذا أعجبته امرأة له أخرى أن يقيم عندها.
قال: وكان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حين مرض وهو في بيت عائشة، فدعا نساءه فاستطابهنَّ إقامته في بيت عائشة، فطيبن له.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي قال: (إذا تزوج الرجل الثيب أقام عندها ثلاثاً ثم يقسم لنسائه بعد، وإذا تزوج الرجل البكر أقام عندها سبعاً ثم يقسم بعد لنسائه).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه قال: إذا جمع المسلم بين المسلمة والنصرانية فالقسمة بينهما سواء.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو هشام، عن يعلى بن عبيد، عن محمد بن إسحاق، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، قال: ((للثيب ثلاث، وللبكر سبع)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو هشام، عن يحيى، عن ابن شهاب، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، عن علي قال: القسمة بينهما للحرة الثلثان من نفسه وماله، وللأمة الثلث).

(2/46)


وبه قال: محمد: حدّثنا يوسف بن موسى، عن جرير، عن حجاج بن أرطأة، عن أبي هاني قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من نظر إلى فرج امرأة لم تحل له أمها ولا ابنتها)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، عن إسحاق بن يوسف الأزرق، عن عبدالملك، عن الحكم بن عتيبة، أن رجلاً سأل ابن مسعود بالكوفة عن رجل تزوج امرأة فماتت قبل أن يدخل بها، أيحل له أن يتزوج أمها؟.
قال: فكأن ابن مسعود رخص له فيها فتزوجها، فولدت له، فعرض في نفس ابن مسعود منها شيء، فلقي علياً -عليه السلام- فسأله، فقال: لا تحل له.
فقال: أليس الله تعالى يقول: ?وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ?[النساء: 23].
فقال علي -عليه السلام-: هذه قد فسرت، وهذه مبهمة.
قال: فرجع ابن مسعود ففرَّق بينهما.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أحمد بن أبي عبد الرحمن، عن الحسن بن محمد، عن الحكم بن ظهير، عن السدي في قوله عز وجل: ?وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ? قال: قال علي بن أبي طالب -عليه السلام-: (إذا تزوج الرجل الجارية دخل بها أم لم يدخل بها لم تحل له أمها؛ لأنها مبهمة محرمة في كتاب الله عز وجل).

(2/47)


وقال السدي في قوله عز وجل: ?وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ?[النساء:23] قال: قال علي بن أبي طالب -عليه السلام-: (هي ابنة امرأته في حجره فهي عليه حرام إذا دخل بأمها، فإن لم يدخل بأمها فتزوجها، فتزويجها له حلال).
قال: والحجر: الحرمة.
يقول: اللاتي في حرمتكم قد حرمهنَّ الله عليكم ومثلها ?هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ?، يقول: محرمة.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عثمان بن أبي شيبة عن محمد بن بشر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: هي مبهمة، ?وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ?.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، قال: قال علي -عليه السلام-: في رجلٍ نكح أبوه امرأة فتوفي قبل أن يدخل بها، قال: (لا تحل لابنه، ولا لابن ابنه، وهي عليه حرام).
قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، عن وكيع، عن علي بن صالح، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله سبحانه: ?حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ...?[النساء:23] إلى آخر الآية، قال: حرم الله سبعاً من النسب، وسبعاً من الصهر ?كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ? ما وراء هذا النسب.

(2/48)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن عبيد، عن حفص بن غياث، عن أشعث، عن عدي بن ثابت، قال: حدّثنا أصحابنا، عن البراء بن عازب: أن خالاً له مر به ومعه لواء، فقال: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى رجل تزوج امرأة أبيه أن أقتله.
وبه قال: محمد بن منصور: ذاك إذا كان من نسب أو رضاع.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه: أن علياً أتي برجلٍ تزوج امرأة على خالتها فجلده، وفرَّق بينهما.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أحمد بن أبي عبد الرحمن، عن الحسن بن محمد، عن الحكم بن ظهير، عن السدي في قوله سبحانه: ?وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ?[النساء:23].
قال السدي: إنما أريد بما قد سلف ليعقوب؛ لأنه جمع بين (راحيل) أم يوسف، وأختها(آبيل).
لاتقتدوا بذلك.
قال السدي: وكان علي بن أبي طالب -عليه السلام- يقول: (حرمهما في آية، وأحلهما في آية أخرى).
قال: وأن تجمعوا بين الأختين الحرتين.
فقال: في هذا الموضع الأختين الجمع بينهما حرام.
وقال في آية أخرى:?إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ?[النساء:24] فكان علي -عليه السلام- يقول: لاأفعله، ولا أحرمه، ولا آمر أحداً من أهل بيتي يفعله.

(2/49)


وبه قال: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، عن كثير بن هشام، قال: حدّثنا جعفر بن برقان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن نتزوج المرأة على عمتها أو على خالتها.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، قال: حدثني يحيى بن يعلى، عن موسى بن أيوب، عن عمه إياس بن عامر الغافقي، أنه سأل علياً عن رجل له جاريتان أختان تسرّى إحداهما فولدت له، ثم رغب في الأخرى، أيطأها؟
قال: (يعتق التي كان يطأها، ثم يطأ الأخرى إن شاء).
قال: قلت: إن رجالاً يقولون يزوجها.
قال: (أرأيت إن مات زوجها كيف يفعل؟ بل يعتقها) ثم أخذ بيدي فقال: (يحرم عليك مما ملكت يمينك مايحرم عليك في كتاب الله من الحرائر، ويحرم عليك من الرضاع مايحرم عليك في كتاب الله من النسب.
قال الله: ?وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ?[النساء:23] أكره لك ماكره الله ورسول الله.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو هشام، عن حفص، عن أشعث، عن الحكم، عن علي -عليه السلام- في رجلٍ طلق امرأته فلم تنقض عدتها حتى تزوج أختها قال: يفرق بينهما، ولها المهر، بما استحل من فرجها وتعتدّ عدة مستقبلة وتكمل الأولى مابقي من عدتها، ثم هو خاطب.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو هشام، عن حفص، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب أن رجلاً طلق امرأته، ثم تزوج أختها في عدتها، فقال ابن عباس لمروان وهو على المنبر: فرّق بينهما.

(2/50)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن مغيرة، عن قثم مولى ابن عباس، قال: جمع عبد الله بن جعفر بين امرأة على ليلى بنت مسعود النهشلية، وبين أم كلثوم بنة علي بن أبي طالب -عليه السلام- لفاطمة، فكانت كلتاهما امرأتيه جميعاً.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا جعفر، عن القاسم بن إبراهيم، قال: يجمع بين ابنتي العم، وابنتي الخال، قال الله عز وجل: ?وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ?[الأحزاب:5] وقد تزوج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أم سلمة وأمها ابنة عبد المطلب عمته، وتزوج زينب بنت جحش، وأمها ابنة عبد المطلب عمته، فجمع بينهما.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-: أنه كشف ساق أمَةٍ له، ثم وهبها للحسن، ثم قال له: (لاتدن منها فإنها لاتحل لك).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عباد بن يعقوب، عن عيسى بن عبد الله، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام-، قال: (لا يحرِّم حرام حلالاً، ولا حلالٌ حراماً).
وبه قال: حدثني محمد، حدّثنا سفيان بن وكيع، عن ابن مهدي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- نهى عن الشغار.

(2/51)


وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا محمد بن جميل، عن محمد بن جبلة، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: ذكرت لأبي جعفر مايكون من الرجل إلى المرأة يسافحها، فيتزوج أختها أو شبهها من المحارم؟ فقال: إن الحرام لا يحرِّم حلالاً.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر بن محمد، عن القاسم بن إبراهيم، في رجل فجر بأم امرأته، أو ابنتها.
فقال: لايحرم حرامٌ حلالاً، وهو قول أهل الأثر.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن داود، عن الشعبي، قال: قال علي -عليه السلام-: (لايكون المهر أقل من عشرة دراهم).
وبه قال: حدّثنا محمد بن منصور: كان أحمد بن عيسى، والقاسم بن إبراهيم يقولان: لايكون المهر أقل من عشرة دراهم.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبو هشام، عن ابن يمان، عن شريك، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، قال: ((يتزوج الرجل من ماله بما قلّ أو كثر)).
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليهِ السَّلام- قال: أنكحني رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فاطمة على اثنتي عشرة أوقية ونصف من فضة.

(2/52)


قال: حدّثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليهِ السَّلام- قال: مانكح رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- امرأة من نسائه إلا على اثنتي عشرة أوقية.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السَّلام- قال: (لا تغالوا بمهور النساء فتكون عداوةٌ).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عباد، حدّثنا شيخ من أصحابنا، عن حجاج، عن عنبسة، قال: دخلت مع أبي مسجد المدينة، فإذا عبد الله بن الحسن جالساً، فجلس إليه أبي، فقال عبد الله بن الحسن: إن لي حاجة فقوموا معي، فأتى داراً، فخرج إليه صاحب الدار، فقال: إني جئتك خاطبا لابنتك فلانة.
فقال له: ذلك إليك -يا ابن رسول الله-.
قال: فخطب عبد الله بن الحسن، فقال: الحمد لله والواحد الله، وصلى الله على محمد وآله، إني في كهف حصين، وشعب أمين، وقد بذلت لفلانة أربعمائة دينار.
قال فقال الرجل: ملكت يا ابن رسول الله.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-: أنه سئل عن امرأة أرسلت إلى رجل بمال ليتزوجها به، فقال: المال له هبة، وفرجها له حلال.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام-: في الشغار نكاح المرأتين ليس لواحدة منهما صداق،

(2/53)


إلا بضع صاحبتها، قضى أن ذلك لايحل، إلا أن تنكح كل واحدة منهما بصدقة مثل نكاح المسلمين.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السَّلام- قال: (لايكون فرج بغير مهر).
وبه عن حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي-عليه السلام-: في الرجل يتزوج المرأة على وصيف. قال: لا وكس ولا شطط.(أي لا أدنى ولا أعلى).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا حسين بن نصر، عن خالد بن عيسى، عن حصين بن المخارق، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-: في الرجل يتزوج المرأة على وصيف، فيكبر عندها، فيزيد أو ينقص، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها.
قال: عليها نصف قيمته يوم دفعه إليها، لاينظر في زيادة ولا نقصان.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن ابن عيسى، عن حصين بن المخارق، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي: في الرجل يتزوج المرأة على جهاز البيت.
قال: لاوكس ولا شطط.

(2/54)


وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي: في امرأة توفي زوجها ولم يفرض لها صداقاً، قال: (حسبها الميراث، ولاصداق لها).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي-عليه السلام- قال: (إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها، فلاميراث لها ولاعدة عليها).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: في رجلٍ نكح امرأة ولم يفرض لها صدقة، ثم توفي عنها قبل أن يدخل بها، قال: (فلا صدقة لها وهي وارثة، وعليها العدة، عدة التي توفي عنها زوجها).

(2/55)


وبه قال: حدّثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن القاسم بن إبراهيم: في رجل تزوج امرأة وأظهر صداقاً أكثر مما أصدقها في السرّ، يلزمه من الصداق ما أظهر إلا أن يأتي ببينة على أن ما أظهر غير ما أسرّ، وإلا كانت دعوى منه على المرأة عليها فيها اليمين.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا أبوهشام الرفاعي، عن وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن طلحة، عن خيثمة، أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- جهّز امرأة إلى زوجها، ولم ينقدها شيئاً.
قال أبو جعفر: يقول أخّر الصداق عليه.
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه: أن امرأة أتت علياً ورجل قد تزوجها ودخل بها، وسمى لها مهراً، وسمى لمهرها أجلاً، فقال له علي: (لاأجل لك في مهرها، إذا دخلت عليها فحقها حال، فأدّ إليها حقها).
وبه قال: حدّثنا محمد ، قال: حدّثنا أبو هشام، عن وكيع، عن سفيان، عن عمران، عن أبي عطاء، عن ابن عباس قال: اعطوها ولو نعلين.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا أبو هشام، عن عَبْدَة بن سليمان، عن سعيد، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: تزوج علي فاطمة فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((اعطها شيئاً)). فقال: (ما أجد شيئاً)، فقال: ((فأين درعك الحطمية))؟

(2/56)


وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي: في الرجل يطلق امرأته تطليقة، ثم يراجعها قبل أن يعطيها شيئاً، قال: لابأس، وإن طرح عليها ثوباً فحسن.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل الهاشمي، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام-: في رجل تزوج امرأة فأعطاها صدقتها، ولم يدخل بها، ثم علم أنها ابنة أخيه، أو عمته، أو خالته من الرضاعة، قال: (ترد عليه ماله الذي أعطاها).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا حسين بن نصر، عن خالد بن عيسى، عن حصين بن المخارق، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-: أن رجلاً أتاه وهو متعلق بامرأة، فقال: يا أمير المؤمنين، إن هذه غرتني من نفسها، وزينت لي بيتاً، وأرتني خدماً حتى أثقلتني بالمهر، فلما تزوجتها لم أر من ذلك شيئاً. قال: (بيتها زينت، فلا شيء لك إنما نفقت نفسها عندك).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن نصر بن مزاحم، عن إسرائيل، عن أبان بن أبي عياش، عن أنس، قال: أعتق رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- صفية وجعل عتقها صداقها.

(2/57)


وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح عن إسحق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي: في رجلٍ نفس في سريته أو ولدته.
قال: (لابأس، ويجعل صداقها نفسها، وينكحها طائعة أو كارهة).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا جعفر بن محمد الهمداني، عن يحيى بن آدم، عن حماد بن سلمة وحماد بن زيد، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك، قال: أعتق رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- صفية وجعل عتقها صداقها.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر، قال: حدثني أبي: أن في كتاب علي: (أيما رجل أراد أن يعتق جاريته، ثم يجعل عتقها صداقها فهو جائز).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثنا محمد بن عبيد، عن حاتم، عن جعفر، عن أبيه: أن علياً -عليه السلام- قال: (إن شاء الرجل أعتق أم ولده وجعل مهرها عتقها).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا إسمعيل بن موسى، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي -عليه السلام- قال: إذا أعتق الرجل أمةً ثم تزوجها، فله أجران).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي-عليه السلام-: في امرأة نكحها رجل، فدخلت عليه، فأغلق عليها الباب خاليين، ثم طلقها، فزعم أنه لم يجامعها، قال: (لها صدقتها كاملة، وعليها العدة).

(2/58)


وبه قال: حدّثنا محمد، أخبرني جعفر، عن القاسم بن إبراهيم، في رجل زوَّج ابنته أو أخته، أو بعض نسائه، وشرط لنفسه شيئاًسوى صداقها، قال: يلزم الناكح شرطه، وشرطه داخل في صداقها، ويجوز ذلك إذا رضيت المرأة. قال محمد: ليس الناس عليه.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن عبيد، عن محمد بن فرات، قال: حدثني زيد بن علي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لاتنكحو الحمقى، فإن صحبتها بلاء، وولدها ضياع)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، قال: حدّثنا زكريا بن الحكم الجزري، حدّثنا عبد القدوس بن المغيرة الحمصي، قال: حدّثنا مبشر، قال: حدّثنا حجاج بن أرطأة، عن عطاء وعمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لاتنكحوا النساء إلا الأكفاء، ولا يزوجهنّ إلا الأولياء، ولامهر دون عشرة دراهم)).
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا علي بن حكيم، عن حميد بن عبدالرحمن، حدّثنا حسن بن صالح، عن مطرف، عن الشعبي، عن علي -عليه السلام-: في امرأة تزوجت في عدتها، قال: يفرق بينهما، وفي خ ش (بينها وبين هذا الذي تزوجته في عدتها)، ثم تكمل عدتها من الأول، ثم تعتد من الآخر.
وبه قال: حدّثنا محمد، حدّثنا علي بن حكيم، عن حميد، حدّثنا فطر الخياط، عن الحكم، عن علي -عليه السلام-: مثله.
حدثنا عباد، حدّثنا نوح بن دراج، وعابد بن حبيب، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر في الرجل يتزوج المرأة في عدتها، ثم تعلم بذلك. قال علي بن أبي طالب: عدة واحدة منهما جميعاً.
قال أبوجعفر: هذا قول أصحابنا الكوفيين.

(2/59)


باب مايحرم من النكاح من قبل الرضاع
وبه قال: حدّثنا محمد، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، قال: حدّثنا حفص بن غياث، عن الأعمش، عن سعيد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي -عليه السلام- قال: قلت يارسول الله أراك تتوق إلى قريش ولاتخطب إلينا. قال: (وعندك شيء)؟
قال: قلت: ابنة حمزة.
قال: ((إنها ابنة أخي من الرضاعة لاتحل لي)).
وبه قال: حدثنا محمد، حدّثنا إبراهيم بن محمد، عن سفيان بن عيينة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، قال: قال علي -عليه السلام-: يارسول الله، هل لك في ابنة حمزة، أجمل فتاة في قريش؟
قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ياعلي، أما علمت أنها ابنة أخي من الرضاعة، إن الله حرَّم من الرضاعة ماحرَّم من النسب)).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا إبراهيم بن محمد، عن يحيى بن يعلى، عن موسى بن أيوب، عن عمه إياس بن عامر الغافقي، عن علي -عليه السلام- قال: (يحرم عليك من الرضاع مايحرم عليك في كتاب الله من النسب).

(2/60)


وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا عباد بن يعقوب، عن محمد بن فضيل، عن الأجلح، عن الحكم، عن عراك بن مالك، قال: جاء أفلح بن أبي القعيس إلى عائشة فاستأذن عليها، فأبت أن تأذن له، فقال: إني عمك أرضعتك امرأة أخي، فأبت أن تأذن له، حتى جاء النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فأخبرته، قال: فقال -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن عباد بن منصور الناجي، قال: سمعت القاسم، يقول: جاء أبو القعيس يستأذن على عائشة، فأبت أن تأذن له، حتى جاء النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: ((لِيَلِجْ عليك عمك))، قالت: قلت: يارسول الله، إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل، فقال -عليه السلام-: ((ليلج عليك عمك))، قال القاسم: وكان أبو القعيس أخا زوج ظئر عائشة.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن مالك بن أنس، عن الزهري، عن عمرو بن الشريد، عن ابن عباس: أنه سئل عن رجل كانت له امرأتان، فأرضعت إحداهما بلبنه غلاماً، والأخرى جارية، فسئل، أيتزوج الغلام الجارية؟
فقال: اللقاح واحد فكرهه.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا أبو الطاهر، أو حدثني بعض أصحابنا عن حسن بن يحيى العلوي، عن أبي بكر بن أبي أويس، عن حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام-، أنه كان يقول: (الرضاع من قبل الأب يحرم مايحرم النسب).

(2/61)


حدثنا محمد بن جميل، عن إبرهيم بن محمد، عن أبي مالك الجنبي، عن خرام بن عثمان، عن أبي عتيق وابن جابر بن عبد الله، عن جابر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((لارضاع بعد فصال)).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا محمد بن جميل، عن إبراهيم بن محمد، عن سعيد [بن عثمان] (يعني ابن خثيم)، عن حزام، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: ((لارضاع بعد فصال)).
وبه قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (لارضاع بعد فصال).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا علي بن أحمد، عن مخول بن إبراهيم، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: حدثني أبو جعفر، قال: كان علي يقول: (لارضاع بعد فطام).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن أبي عبد الرحمن، عن الحسن بن محمد، عن الحكم بن ظهير، عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس، قال: إذا أراد الوالدان فصال ولدهما قبل سنتين فصلاه، إن أجمع رأيهما على ذلك، فإن كرهت الأم، فقال الأب: ليس عندي نفقة أنفق عليه، أرضعته الأم إن شاءت بغير نفقة، وإن أرادت الأم فصاله وكره ذلك الأب استأجر له مرضعة أخرى.

(2/62)


وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن وكيع، عن المنذر بن ثعلبة، عن عليا اليشكري، عن علي -عليه السلام- قال: قال الله تبارك وتعالى: ?وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ?[البقرة:233]، وقال: ?وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا?[الأحقاف:15]، فالحمل: ستة أشهر، والرضاع: حولين.
وبه قال: حدثنا أبوكريب، عن حفص، قال: حدثنا داود بن أبي هند، عن عكرمة، وذكر ابن عباس، قال: إذا حملته تسعة كفاه واحد وعشرون الرضاع، وإذا حملته ستة كفاه الرضاع سنتان، أربعة وعشرون شهراً، قيل له: يعني (حمله وفصاله ثلاثون شهراً)، قال: نعم.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم بن عامر، عن قيس، عن ليث، عن مجاهد، عن علي قال: (الرضعة الواحدة تُحَرِّمْ).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا إسماعيل، عن إسحاق، عن يحيى بن هاشم، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-، قال: (الرضعة الواحدة كالمائة رضعة).

(2/63)


أبواب من النكاح
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا علي بن منذر، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا الحجاج، عن عبد الملك بن المغيرة، عن عبد الرحمن البيلماني، قال: قام رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يخطب فقال: ((انكحوا الأيامى ثلاث مرات))، فقال رجل: يارسول الله، فما العلايق بينهم؟
قال: ((ما تراضى عليه الأهلون)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا علي بن المنذر، عن ابن فضيل، قال: وحدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثني محمد بن إبراهيم، قال: كان صداق بنات رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وصداق نسائه خمسمائة درهم، اثنا عشر أوقية ونصف.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، قال: حدثنا عبيدة، عن حبان، قال: زوج رجل أختاً له بالشام، وزوجها آخر بالكوفة، فقدم زوجها الأول من الشام، وقد حملت من الآخر، فقال: هي امرأتي، فأتوا عليا -عليه السلام-، فقضى بها للأول، وقال: ((الصداق بما استحل من فرجها)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، حدثنا محمد بن عبيد الله، عن عطاء، عن ابن عباس، فال: المسلم يعلو اليهودية والنصرانية، والنصراني واليهودي لايعلو المسلمة.

(2/64)


وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، عن ليث، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: إذا كان الرجل بأرض فلاةٍ، فأصابه شبق يخاف فيه على نفسه ومعه امرأته فليطأها إن شاء.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، قال: حدثنا ليث، عن عبد الرحمن بن سابط، قال: زوج رجل ابنة له، فأتت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وقالت: يارسول الله، إن أبي زوجني رجلاً وإن عم ولدي أحب إليَّ منه، فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((تزوجي من أحببت)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني علي بن منذر، عن ابن فضيل، قال: حدثنا محمد بن عبيد الله، عن الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لاتزوج المرأة على عمتها ولاعلى خالتها، ولاتسأل المرأة طلاق أختها لتنتزع ما في صحفتها، وإنما رزقهاعلى الله، ولا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع زوج أو ذي رحم)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، قال: حدثنا أبان، عن الحسن، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((مامن امرأة تسأل زوجها الطلاق في غير كنهه، فتجدرائحة الجنة أبداً)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، قال: حدثنا ليث، عن شهر بن حوشب، قال: تزوج رجل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- امرأة، ثم طلقها، فقال له النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((طلقتها))؟ قال: نعم.
قال: ((من بأس)).

(2/65)


قال: لا، يارسول الله.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في الثالثة: ((إن الله لايحب كل ذوّاقٍ من الرجال، ولاكلّ ذواقة من النساء)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، قال: حدثنا مطرف، عن عامر، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من كانت له جاريةٌ فعالها وأحسن إليها، ثم أعتقها، ثم تزوجها، فذاك له أجران)).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، حدثنا عاصم، عن بكر بن عبد الله، قال: خطب المغيرة بن شعبة امرأة فذكرها للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال له النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((هل نظرت))؟
قال: لا.
قال: ((فانظر فإنه أجدر أن يؤدم بينكما)). (يعني: يؤلف).
وبه قال: وحدثنا محمد، حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، حدثنا محمد بن عبيد الله، عن بعض أهل الحجاز، قال: كانت لمحمد بن مسلمة امرأة فخطبها، فنظر إليها من سطح له إلى منزلها، فنظر إليه رجل فقال: أتفعلون هذا يا أصحاب رسول الله؟
فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((إذا أراد أحدكم خطبة امرأة فلينظر إليها)).

(2/66)


وبه قال: وحدثنا محمد، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، قال: كانت تحت شيخ امرأة، فحملت، فخسف ولدها في بطنها، ثم إن زوجها مات، فاجتمعوا فيه على عهد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إقض فيها ياعلي)).
قال: فإني أقرع بينهم، فإذا قرع أحدهم، دفعت إليه الولد، وأخذت منه مائة بعير، للذي لم يقرع، وصار الولد للقارع.
فلما مات الشيخ، وانقضت عدتها، تزوجها رجل شاب، ثم إنها ولدت، فقال أهل الشيخ: هو منَّا، وقال الشاب: هو مني. فاجتمعوا عند ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: ((ياعلي اقضِ فيها))، فقضى فيها هذا القضاء فأعجبه.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا عثمان، عن جرير، عن مغيرة، عن الشعبي قال: قضى عمر في الرجلين يصليان الجارية في طهر واحد، فتلد فلايدري من أيهما هو، فيدّعيانه جميعاً، قال عمر: أقضي فيه بقول القافة، قال: وكان علي يورثه منهما جميعاً، ويكون لأحدهما حياته، وإذا ماتا كلاهما كان بين ورثتهما جميعاً.
قال: وقال المغيرة: وإن مات الغلام قبل أن يموت واحد منهما فالميراث بينهما، فإن مات أحدهما قبله ثم مات هو فإن ميراثه للباقي، لايرث أخوه مع أب.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا سفيان بن وكيع، عن عمارة بن صدقة، عن محمد بن إسحاق، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس: (أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ردّ زينب على أبي العاص بن الربيع بعد ست سنين على النكاح الأول).

(2/67)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، عن جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، قال: (تزوج رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- خولة بنت الحارث، فجعل عتقها مهرها، وأعتق من وجد من أهل بيتها).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم في الرجل يتزوج الأمةَ فيشترط على مولاها أن كل ولد ولدته منه فهو حرّ، قال: كل ولد تلده في حياة مولاها فهو حرّ، فإذا مات مولاها فكانت لغيره، يعني فليس شيء وولده مملوكون.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثنا داود بن حصين، عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن جابر، قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((إذا خطب أحدكم امرأة فقدر على أن يرى منها بعض مايدعوه إليها، فليفعل)).
قال جابر: فخطبت امرأة من بني سلمة فجعلت أتخبأ لها في النخل حتى رأيت بعض مادعاني إليها فتزوجتها.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن يزيد بن هارون، عن موسى بن مسلم بن رومان، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من أعطى في صداق مثل هذا بُراً، أو دقيقاً، أو سويقاً، فقد استحل)). (أخرجه أبو داود، والبيهقي عن جابر).

(2/68)


قال محمد بن منصور: وجه هذا الحديث عندنا أن الرجل إذاتزوج على صداق مسمى، فجعل لها ماقل أو كثر، فقد حلّ له الدخول بها حللوه مما بقي أو أخروه.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن جرير، عن منصور، عن طلحة قال: (زوج رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- رجلاً من المسلمين، ولم يكن له شيء، فأمر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، بامرأته تدخل عليه، فصار ذلك الرجل من أشرف المسلمين).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن يحيى بن سعيد، عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، قال: سئل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، أي النساء أخير؟
قال: ((التي تطيع إذا أَمَرَ، وتسر إذا نظر، ولاتخالفه فيما يكره في نفسها ومالها)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن إبراهيم بن الفضل، عن المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((انكحوا صغار النساء، فإني مكاثر بكم الأمم)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن عبيد الله، قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، قال: ((تنكح النساء لأربع: لجمالها، وحسبها، ومالها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)).

(2/69)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان، عن يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- قال: قالت لي مولاة لنا إن فاطمة قد خطبت إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فما يمنعك أن تخطبها؟ قلت: وعندي شيء أتزوجها به؟
فقالت لي: إن أتيته زوّجك. فما زالت توبخني حتى أتيته، فدخلت عليه فقال لي: ((ما جاء بك وما حاجتك))؟ لعلك جئت تخطب فاطمة؟
قال: قلت نعم، يارسول الله.
قال: ((فأين درعك الحطمية التي سلحتكها))؟
قال: قلت: هي عندي، وإنها الحطمية تسوى أربعة دراهم.
فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم: قد زوجتك فاطمة عليها، فابعث بها إليها لتستحلها بها، فوالله ماكان لفاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- صداق غيرها.
قال أبو جعفر: هذا عندي غلط، وقد سمعنا أنها تسوى أربعمائة درهم.فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ((قد زوجتك فاطمة عليها فابعث بها إليها لتستحلها)) فوالله ما كان لفاطمة بنت رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- صداق غيرها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن وكيع، عن سفيان، عن يعلى، عن عطاء، عن عبد الله بن مسلم، عن سعيد بن جبير، قال: ليس في ثورٍ عامل صدقة.

(2/70)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن وكيع، عن سفيان، عن ليث، قال: سمعت مجاهداً يقول: ليس في البقر العوامل صدقة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبوهشام، عن يحيى بن يمان، عن معلا بن عطاء، عن عبد الله بن مسلم، عن سعيد بن جبير، قال: ليس في ثور عامل صدقة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحداد، عن يحيى بن آدم، قال: سألت شريكاً، عن الجواميس صدقتها مثل صدقة البقر، قال: نعم، إنما هي من جنس البقر.
قلت: تجوز الجواميس في الهدي؟ قال: نعم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن حميد بن عبد الرحمن، قال: الجواميس من البقر.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا جعفر بن محمد بن عبيد الله، عن وكيع ويحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر، قال: ليس في البقر الصغار حتى تكون جذعان صدقة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن يزيد بن هارون، عن هشام بن حسان، عن الحسن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن الله عز وجل لما خلق جنة الفردوس، قال: (وعزتي وجلالي وارتفاعي في مكاني، لا يَدْخُلك مُدمِنُ خمرٍ، ولا مُصِرٌّ عل الزّنا، ولا دَيّوث، ولا قَتَّاتْ، ولا قلاَّع، ولامنَّان، ولا ختَّار). قال: قيل: يارسول الله، من مدمن الخمر؟
قال: ((الذي كلَّما وجدها شربها)).
قيل: فمن المصِرّ على الزنا؟
قال: ((هو الذي كلما وجده فعله)).
قيل: فمن الدّيوث؟

(2/71)


قال: ((الذي لايغار على زوجته)).
قيل: فمن القتات؟
قال: ((النمام)). قيل: فمن القلاع؟
قال: ((الناشور يعني الغماز)).
قيل: فمن المنَّان؟
قال: ((الذي يمنّ بمعروفه)).
قيل: فمن الختار؟ قال: ((الذي لايفي بعهده)).
أبوابٌ من النكاح
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور بن يزيد، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن حسين بن صالح، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أيما عبدٍ تزوج بغير إذن مواليه، فهو عاهر)). يعني زانٍ.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه: أن صداق فاطمة -عليها السلام- جرد برّ، وحَبِرَة ودرع، وكان فراشهما جلد كبش يقلبان صوفه فيفترشانه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ينكح نساءه على اثنتي عشرة أوقية وشيء، قال: قلت وما ذاك الشيء؟ قال: نصف أوقية.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا موسى بن سلمة قال: أخبرني علي بن جعفر، عن حسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((إذا خلت المرأة مع زوجها خلعت الحياء مع درعها، فإذا ردت درعها رجع الحياء)).

(2/72)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا موسى بن سلمة، عن علي بن جعفر، عن حسين بن زيد، عن جعفر، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن الله يحب المرأة الملقة البرعة مع زوجها الحصان عن غيره)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا موسى بن سلمة، عن علي بن جعفر، عن حسين بن زيد، عن جعفر، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن الله ليبغض المرأة المرها السلتا)).
قال محمد بن منصور: المرها: التي ليس في عينيها كحل، ولا في يديها خضاب.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا موسى، عن محمد بن جعفر، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن الملائكة لتضحك للزوجين إذا التقيا)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن أبي أسامة، عن زائدة، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن علي-عليه السلام- قال: جهز النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فاطمة في خميل وقربة ووسادة أدم حشوها ليف وإذخر.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن محمد بن عبد الملك، عن أبيه، عن سلام المدائني، عن زيد العمي، عن يزيد الرقاشي، عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من تزوج امرأة من خشية الله، زوجه الله من الحور العين)).

(2/73)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن أبيه، عن يوسف بن عطية، عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من تزوج لله توَّجه الله بتاج الملك وأعطاه الله من الجنة حتى يرضى)) قالوا: يارسول الله وكيف يتزوج لله؟ قال: ((رحمٌ يصلها، أو حاجة يسدها)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن ابن أبي ذيب، عن محرزبن بشير، قال: سمعت سعيد بن المسيب قال: لانكاح لمن لم تولد.
وبه قال: محمد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: قال رجل لقوم: أيكم يذبح شاة ويطعمها القوم، وأزوجه أول بنت تولد لي؟ قال: فقام رجل من القوم فذبح شاة فأطعمها القوم، فولدت له جارية، فارتفعا إلى ابن مسعود، فقال: إن المرأة لاتنكح على ذبح شاة، ولكن لها صدقة نسائها فأثبت النكاح، قال: وكان جعل تزويجها ذبح شاة.

(2/74)


[وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، قال: حدثني الشيباني، عن عامر، أن امرأة من قومه زنت فضربها مصدق لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الحدّ، وكان لها أخوة فقالوا لعمر بن الخطاب: أتخبر بأمرها إن زوجناها؟ فقال: زوجوها كما تزوجون نساءكم، ولا تذكروا أمرها إلى أحد فيصيبكم مني نكال، فصارت بعد ذلك من سريات نساء قومها].
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد الهمداني، عن يحيى بن آدم قال: سمعت شريكاً وسأله رجل عن العضيوط، أتخير امرأته؟ قال: فقال: إنها لتخيّر فيماهو دون هذا.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا حسين بن يحيى، عن ضرار بن صرد، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن سعيد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي -عليه السلام-، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم: في الرجل يكون عنده أربع نسوة فيطلق إحداهنّ، قال: ((لايتزوج حتى تنقضي عدة التي طلقها)).

(2/75)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبوهشام، عن وكيع، عن سفيان، عن قيس بن مسلم، عن الحسن بن محمد بن علي قال: (كتب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى مجوس يعرض عليهم الإسلام، فمن أسلم قبل منه، ومن أبى ضربت عليه الجزية، على أن لاتؤكل لهم ذبيحة، ولا تنكح منهم امرأة).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن أشعث، عن شيخ من أهل البصرة، عن أبي الخليل، عن أبي سعيد قال: لما أصبنا سبايا أهل أوطاس أصبنا نساء تعرف أنسابهنَّ وأزواجهنَّ، فأمسكنا عنهنَّ، فنزلت هذه الآية: ?وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ?.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا عثمان، عن محمد بن الحسن، قال: وحدثنا شريك، عن سالم، عن الضحاك بن مزاحم قال: سألت ابن عباس وعنده سعيد عن قوله: ?وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ?[النساء: 24]؟.
قال: نزلت في نساء أهل خيبر، لما فتح رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- خيبر أصاب المسلمون سبايا، فكان الرجل منهم إذا أراد أن يأتي المرأة منهنَّ قالت: إن لي زوجاً، فأتوا النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فذكروا ذلك له فأنزل الله عز وجل: ?وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ?[النساء:24].

(2/76)


قال: السبايا من ذوات الأزواج لابأس بهنَّ، فذكرت لسعيد بن جبير فقال: صدق الضحاك.
قال محمد بن منصور: إذا سبيت المرأة من أهل دار الحرب لم توطأ حتى تستبرئ بحيضة، بلغنا أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- سبى صفية، فاستبرئت بحيضة بأمر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، قال: وإن كانت ذات زوج استبرأت بحيضتين، وإن هاجرت مسلمة من دار الحرب إلى دار الإسلام، لم تزوج في دار الإسلام حتى تحيض ثلاث حيض، وإن هاجرت مسلمة وليست بذات زوج لم تزوج حتى تحيض حيضة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبوهشام، عن عمر، عن ثور بن يزيد، عن مكحول، قال: لايحل نكاح إماء أهل الكتاب لغني ولا لفقير.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا عباد بن يعقوب، عن عبد الرحيم، عن عبد الله بن مسلم، عن سعيد بن المسيب، قال: حدثني فلان أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((أيما امرأة أقسم زوجها عليها بيمين حقٍ، ثم أحنثته أحبط الله عملها سبعين سنة)).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن مطرف، عن الشعبي، عن علي -عليه السلام- قال: إذا أسلمت امرأة اليهودي والنصراني عنده، كان أحق ببضعها؛ لأن له عهداً.
قال محمد بن منصور: ليس يؤخذ بهذا.

(2/77)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا عباد، عن ابن فضيل، عن عبد الملك، عن عطاء في الرجل وامرأته يكونان مشركين ويسلمان، قال: يثبت نكاحهما، فإن أسلم أحدهماقبل الآخر انقطع مابينهما، يعني بذلك المجوس والمشركين، غير أهل الكتاب.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا عباد بن فضيل، عن عبيدة، عن إبراهيم، قال: إذا أسلمت امرأة النصراني عنده لم يفرق بينهما، فإن أسلمت امرأة المجوسي عنده فرّق بينهما.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا عباد، عن ابن فضيل، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر في النصراني يكون تحته النصرانية فتسلم، قال: هي امرأته، ولكن لايخرجها من دار الهجرة.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا عباد، عن ابن فضيل، عن مطرف، عن الحكم: في اليهودي والنصراني تسلم امرأته، قال: يفرق بينهما.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا جبارة بن المغلس، عن قيس بن الربيع، عن الشيباني، عن أبي عوف الثقفي، عن عروة بن مسعود الثقفي، أنه أسلم وله تسع نسوة، أربع من قريش أحداهنَّ ابنة أبي سفيان، فخيَّره النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- منهنَّ أربعاً، فاختار ابنة أبي سفيان في الرابعة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا جبارة، عن قيس، عن حماد، عن إبرهيم قال: يختر الأول.

(2/78)


وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا يوسف بن موسى، عن سلمة بن الفضل، قال: حدثنا إسحاق بن راشد الجزري، عن زيد بن علي بن الحسين، قال: أراد عمر بن عبيد الله بن معمر أن يزوج ابناً له، وأبان بن عثمان يومئذ على الموسم، فطلب إليه أن يحضر ذاك، فقال له أبان: لا أراك إلا أعرابياً جافياً، أما بلغك؟ أوما سمعت عثمان بن عفان: (كان يذكر عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن المحرم لاينكح ولاينكح، ولايخطب على أحد).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا يوسف بن موسى، عن حَكَّام بن سلم، قال: حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن المرأة تنكح على خلال ثلاث: على دينها ومالها وجمالها))، فقال -عليه السلام-: ((تربت يداك، عليك بذات الدين)).
وبه قال: وحدثنا محمد، حدثنا الحسين بن يحيى، عن أبي الطاهر، عن أبي بكر بن أبي أويس، عن حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- خطب أم سلمة بنة أبي أمية، فقالت: كيف لي ورجالي بمكة؟
فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يزوجك ابنك، ويشهد لك ناس من أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-)) فاجتمعوا لذلك، قال: فخطبها النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى ابنها، فقال: مَا ذا تسمي لها من الصداق؟
قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: كما أصْدَقت عائشة: صحفة كثيفة، وقدحاً كثيفاً، وفراشاً حشوه ليف، ومجشة)).

(2/79)


فقال الغلام: مَا المجشة؟
قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((الرحى))، ثم دخل عليها نبي الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في الظلمة ليلة دخل عليها، فوطئ على يد ابنتها زينب.
فقال: ((مَا هذا))؟
فقالت: هذه زينب.
فقال: ((انظروا زيانبكم لاأطأ عليها)).
ودخلت زينب على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو يغتسل، فأخذ بيده ماء فنضحهُ في وجهها.
قال: فحدثني بعض ولد زينب أنه لم يزل مَاء الشباب في وجهها حتى عجزت.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، قال: أخبرني أبان، عن مجاهد قال: قال ابن عمر لعبده: طلِّق امرأتك.
قال: وكانت تعجبه، فحلف ثلاثة أيمان ليطلقها، وحلف الغلام لا يفعل، فقال ابن عمر: غلبني الغلام.
فقلت: إنما هما عبدك وأمتك، إن شئت فرقت بينهما، وإن شئت جمعت.
فقال ابن عمر: ليس ذلك لي؛ لأني زوجته والطلاق بيده.
فقلت: كيف تصنع بأيمانك؟
قال: كفارة واحدة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال:إذا تزوج العبد بغير إذن مواليه، فإن شاء مواليه أجازوا نكاحه، وإن شاءوا ردوه، فإن ردوه أخذوا مَا وجدوا من عين مالهم مما أمهرها، ومَا استهلكت فهو لها، فإن كان أحد غرّ المرأة، فما استنقذ منها فعلى من غرها.

(2/80)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن ابرهيم، قال: كل شرط في النكاح يهدمه النكاح إلاّ الطلاق.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا جعفر بن محمد الهمداني، قال: وحدثنا حفص، عن أشعث، عن الشعبي، أن أمة أَبَقَت، فزعمت أنها حرة، فتزوجت رجلاً من المسلمين، فيُقِيم مولاها البينة، قال: يأخذها ويأخذ عقرها، وقيمة ولدها على قدر أسنانهم صغاراً فصغار، وكباراً فكبار[ويرجع بما لحقه من قيمه الأولاد على سيدها إلى قدر قيمتها].
وبه قال: محمد بن منصور: قال حسن بن صالح: قيمتهم يوم ولدوا.
وقال أبو حنيفة: قيمتهم يوم يقضى عليه.
قال محمد: من قال قيمتهم يوم ولدوا ضمّن أبائهم من مات منهم، ومن قال يوم يقضى بهم لم يضمن الأب من مات قبل ذلك.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا ضرار بن صرد، عن عبد العزيز بن محمد، عن ربيعة الرازي، عن سليمان بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- تزوج ميمونة وهو حلال، وكان أبو رافع السفير بينهما.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن عبيد، عن محمد بن ميمون، عن جعفر، عن أبيه أن عليا كان يقول: (لا يخطب المحرم ولا ينكح، فإن نكح فنكاحه باطل).

(2/81)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن جميل، عن نصر بن مزاحم، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة أو غيره، عن ابن عباس، قال: أسلمت امرأة على عهد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فتزوجت رجلاً غير زوجها، فقال: يارسول الله، إني قد أسلمت معها وعلمت بإسلامي، فنزعها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- من زوجها الأخير، وردها على زوجها الأول.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا ضرار بن صرد، عن عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن عبيد اللهبن الهاد، عن عبيد الله بن عبد الله بن الحصين بن الهاد، عن خزيمة بن ثابت، أنه سمع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول:((إن الله لا يستحي من الحق، قالها ثلاث مرات: لا تأتوا النساء في أدبارهنَّ)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا ضرار بن صرد، عن عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن عبد الله، عن محمد بن كعب، عن ابن عباس: اسْقِ حرثك من حيث نباته.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا أبو كريب، عن حفص، عن عمرو، عن الحسن أنه كان لا يرى بأساً أن يقول ماشاء من الكلام، ويكره أن يقول: إذا انقضت عدتك تزوجتك.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه قال: إذا جمع المسلم بين المسلمة و النصرانية فطلاقهما سواء، والقسمة بينهما سواء والإيلاء بينهما سواء.

(2/82)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن مطرف، عن عامر في قوله: ?وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ?[المائدة:5]، قال: إحصان اليهودية والنصرانية أن لا تزني، وتغتسل من الجنابة.
قال محمد: وإنما يحل من نساء أهل الكتاب الحرائر، فأما إماء أهل الكتاب فلا يحل نكاحهنَّ للمسلمين إلاّ بملك اليمين، ليس للمسلم أن يتزوج أمة من أهل الكتاب. قال الله تبارك وتعالى: ?وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ?[النساء:25]، فليس ينبغي للمسلم أن يتزوج أمة من أهل الكتاب، ولا مجوسية حرة ولا أمة، ولا صابئة، ولا مشركة من عبدة الأوثان، ولا امرأة من أهل دار الحرب، فإن أُسِر المسلم، أو دخل بأمان، فليس ينبغي له أن يتزوج امرأة من أهل دار الحرب.
ذكر عن علي وابن عباس أنهما كرها أن يتزوج الرجل المسلم من أهل الكتاب في دار الحرب، مخافة النسل أن يولد له ولد فيسترق.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا علي بن الحسن بن الحسن، قال: وحدثنا حماد بن عيسى، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن عليا كره مناكحة أهل الحرب.

(2/83)


وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا أبو هشام، عن عمر، عن ثور بن يزيد، عن مكحول، قال: لايحل نكاح إماء أهل الكتاب لغني ولا لفقير.
قال محمد بن منصور: قال جماعة من العلماء إن تزوج رجل مسلم امرأة من أهل الكتاب في دار الحرب، فنكاحه جائز، وإنما كره ذلك مخافة على ولده أن يسترقوا.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن عبيد، عن شريك، عن منصور، عن إبراهيم في الأمة والعبد يكرهان على النكاح، قال: كانوا يغلقون الأبواب عليهن.
قال محمد: يعني يزوجوهن وإن كرهوا.
وجماعة من العلماء يقولون: يزوج السيد أمته وإن كرهت، ولا يزوج عبده إلاّ بإذنه؛ لأن قبول نكاح العبد إليه، وقبول نكاح الأمة إلى سيدها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن عبيد، عن حفص، عن عاصم، عن ابن سيرين، عن شريح أنه كان لايجيز نكاح المضطهد.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي في رجل وقع على مكاتبته، قال: هي مكاتبته، ويعطيها مهر مثلها، فإن ولدت منه فهي على مكاتبتها، وإن عجزت ردت في الرق، فهي من أمهات الأولاد.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا ضرار بن صرد، عن عبد العزيز بن محمد، عن زيد بن أسلم، وصفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس، قال: سأل رجل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: مالي من امرأتي وهي حائض؟ فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم:((شد عليها إزاراً، ثم شأنك بها)).

(2/84)


وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن عبيد، عن علي بن مسهر، عن عثمان، عن سليمان بن يسار قال: سئل زيد بن ثابت عن مملوك كانت تحته مملوكة ففارقها ثم اشتراها، قال: لا تحل له، قال: فإن هو أعتقها، وأمهرها كذا وكذا. قال: لاتحل له.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن عبيد، عن أسباط، عن سليمان، عن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: إذا أراد رجل أن يتزوج أو يترى ولد زنِية، قال: لأن أتزوج أمها أحب اليَّ من أن أتزوجها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا يوسف بن موسى، عن سلمة، قال وحدثنا الحجاج بن أرطأة، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((لا تنكح المرأة على ابنة أخيها، ولا على ابنة أختها)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا يوسف بن موسى، قال: وحدثنا جرير، قال: حدثني رجل يعني من ولد المغيرة أن المغيرة بن شعبة أحصن تسعين امرأة.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن أبيّ البهلول، عن إسماعيل الحمصي، عن أبان بن أبي عياش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لما تزوج زينب بنة جحش أَوْلَمَ وكانت وليمته الحيس، وكان يدعو من المؤمنين عشرة عشرة، فإذا أصابوا

(2/85)


طعام نبيهم -صلى الله عليه وآله وسلم- استأنسوا لحديثه، وكان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يحب أن تخلو له الدار، فأنزل الله عزَّ وجل: ?يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ...?[الأحزاب:53] الآية. فمكث رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في بيت زينب سبعة أيام ولياليهنَّ، ثم تحول من بيت زينب إلى بيت أم سلمة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم في الرجل يتزوج وهو مريض، فقال إبراهيم: جائز من غير ثلثه (أي من رأس المال)، وكان ابن أبي ليلى يقول: لو تزوج في مرضه بماله كله كان جائزاً.
وبه قال: و حدثنا محمد، قال: و حدثنا حسين بن نصر، عن خالد بن عيسى، عن حصين، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((لاحرمة لنساء أهل الذمة، أن ينظر إلى شعورهنَّ وثديهنَّ)).
قال أبو جعفر: لا ينظر نظرة يهواها القلب.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا علي بن منذر، عن محمد بن فضيل، عن داود بن أبي هند، عن بكر بن عبد الله المزني قال: زوج رجل أعرابي ابنته، فاستاق مهرها وذهب به ومات، فجاءت الجارية وأخوتها إلى عمر، فقالوا: ميراث أبينا، وقالت الجارية: مهري، فقال لها عمر: إن وجدتِ مهركِ بعينه فخذيه، وإن لم تجديه فلا أرى لك على أبيك شيئاً.

(2/86)


و به قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن عبد الرحمن، عن سفيان بن عيينة، قال: سأل عبيد الله بن أبي يزيد ابن عباس، عن رجل اشترى جارية وهي حامل، أيطأها؟
فقال: لا. وقرأ عليه ابن عباس: ?وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ?[الطلاق:4].
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن عبد الرحمن، عن سفيان، عن عبيد الله قال: سألت ابن عباس عن رجل أصاب امرأة حراماً أيتزوجها؟، قال: نعم، ذاك حين أصاب الحلال.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن عبيد، عن أبي مالك الجنبي، عن ابن أبي خالد، عن عامر، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- قال: (لعن المحُلِّل والمحلَّل له).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن مغيرة، عن حماد في رجل تزوج امرأة على أن يحج بها حجة. فقال: قيمة حجة مهرها، فإن طلقها قبل أن يدخل بها فنصف قيمة حجة أدنى مايبلغ إنسان حجهُ.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون، قال حدثنا جرير بن حازم، عن عيسى بن عاصم قال: سمعت شريحاً يقول: سألني علي عن الذي بيده عقدة النكاح. فقلت: هو الولي. فقال علي: (هو الزوج).

(2/87)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا جعفر بن محمد الهمداني، قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن يزيدبن عبد العزيز، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن حنظلة، عن الشعبي في الرجل يتزوج المرأة على أن يعتق أباها فلا يقدر عليه. قال: عليه قيمته.
وبه قال: و حدثنا محمد، قال: وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم في العِنّين يتزوج امرأة، فتدخل عليه فيطّلع منها على مالا يحل لغيره، قال: لها المهر كاملاً.
فإن رضيت فذاك لها (ذكر نحو ذلك عن علي -عليه السلام-).
وإن قالت: لا أرضى فرَّق الحاكم بينهما، وإن قالت: أنا أرضى، ثم قالت بعد ذلك لست أرضى، لم يقبل قولها، وكانت مع زوجها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا أبو كريب، عن حفص، عن عمرو، عن الحسن في الوليّين إذا أنكحا.
قال: يستأمراها، و إذا أنكحاها، فأيهما أنكح أولاَّ فالنكاح للأول، فإن لم يعلم أيهما كان أولاً بطل النكاح، فإن زوجاها ولم يستأمراها اختارت أيهما شاءت كان زوجها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن حجاج، عن ميمون بن مهران، قال: سئل ابن عمر عن وليدة كانت لرجل يطأها، ولها أخت عنده، فأراد أن يطيف بالأخرى فيطأها، قال: لا.
قال: أرأيت إن زوجها يطأ أختها؟
قال: لا، حتى يخرجها عن ملكه.
قال أبو جعفر: هذا قول علي -عليه السلام.

(2/88)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن هشام وأشعث، عن ابن سيرين قال: ذكر عند عبد الله الأختين المملوكتين تكونان عند الرجل فأكثروا عليه حتى غضب، وقال: جَمَل أحدكم مما ملكت يمينه.
قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص، قال: حدثنا ليث، عن عبدة بن أبي لبابة، عن ابن عباس أنه سئل عن الأمة يفجر بها، أيطأها سيدها؟
قال: نعم، إن شاء.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن ابن جريج، قال: سألت عطاء عن العبد يتزوج المرأة بغير إذن مواليه، وقد طلقها زوجها تحل لزوجها الأول؟
فقال: لا تحل له، كل نكاح على غير جهة النكاح فإنها لا تحل لزوجها الأول.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أبو كريب، عن حفص، عن أشعث بن سوار، عن ابن سيرين، عن عَبِيْدة عن علي-عليه السلام- قال: (لايحل نساء بني تغلب ولا ذبائحهم، فإنهم لم يتمسكوا من النصرانية إلاّ بأكل الخنزير وشرب الخمر وصلاتهم للصليب).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص، قال: حدثنا ليث، عن حجاج، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وعن الحكم، عن علي أنهما كانا يكرهان ذبائح أهل أرمينية ونصارى العرب.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم في الرجل يتزوج أَمَةً وحرةً في عقده، قال: يبطل نكاحهما جميعاً.

(2/89)


قال محمد بن منصور، وقال أبو حنيفة: أنا أقول: يثبت نكاح الحرة، ويبطل نكاح الأمة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا أبو كريب، عن حفص، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة أن زوج بريرة كان حراً.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي قال: (النظر عند المجامعة يورث العمى).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن ابن عباس أنه كان ينهى عن الكلام عند الجماع، وقال: إنه يورث الخرس.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن يحيى بن فضيل، عن الحسن أنه كره أن ينكح الرجل المملوكة على النصرانية.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثنا عبد السلام، عن خصيف، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لا يتزوج الحر من الإماء الا واحدة.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن يحيى بن آدم، عن شريك، قال: لا يتزوج الحر من الإماء إلاّ واحدة، وذلك لمن خشي العَنَت، والعنت هو: الزنا.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن يحيى بن آدم، عن حسن بن صالح، قال: لا يتزوج الحر من الإماء الا واحدة، ولا يتزوج أمة وهو يجد طَوْل حرة، و إذا وجد طول حرة بما يتزوج به أمة، فلا يتزوج أمة.

(2/90)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن وكيع و يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر، عن مسروق، عن عبد الله قال: لا ينكح الأمة على الحرة إلاّ المملوك.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا جعفر بن محمد، عن يحيى بن آدم، عن شريك أنه كان لا يرى بأساً أن يتزوج المملوك الأمة على الحرة؛ لأنه يتزوج الأمة وهو يجد طول الحرة.
و حدثنا محمد، قال: وحدثنا جعفر بن محمد، عن يحيى بن آدم، عن حسن بن صالح، قال: لا بأس أن يتزوج العبد الأمة على الحرة؛ لأنه يتزوج الأمة وهو يجد طول الحرة.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا جعفر بن محمد، عن يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عياش، عن مغيرة، قال: لا بأس أن يتزوج العبد الأمة على الحرة.
قال يحيى بن آدم: وكرهه أبو حنيفة؛ لأنه جاء لا ينكح الأمة على الحرة، والحر والعبد في هذا سواء.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، قال: حدثنا ابن فضيل، قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن، عن مَزْيَدة بن جابر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (يهدم النكاح الثلاث، ولا يهدم الواحدة ولا الاثنتين).
وبه قال: حدثنا محمد قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن عمر، في الرجل يطلق

(2/91)


امرأته تطليقة أو تطليقتين، ثم يتركها حتى يحل أجلها، ثم يراجعها زوجها الأول، قال: هي عنده على مَا بقي من الطلاق.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، قال: حدثنا ابن فضيل، حدثنا عبيدة عن إبراهيم، عن أبي بن كعب أنه كان يقول: إذا تزوج الرجل المرأة وطلقها تطليقة أو تطليقتين ثم تزوجت زوجاً آخر فدخل بها، ثم تزوجها الأول، فهي عنده على مَا بقي من الطلاق.
قال: فقال إبراهيم: هي عنده على مابقي على ثلاث تطليقات.
وقال إبراهيم: لم يوافق أبياً على قوله أحد.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، قال: حدثنا ابن فضيل، قال: حدثنا داود بن أبي هند، عن عامر، قال: أرسل زياد أمير البصرة إلى عمران بن حصين يسأله عن رجل طلق امرأته تطليقة أو تطليقتين، ثم تزوجت زوجاً آخر فدخل بها، ثم طلقها أو مات عنها وتزوجها الأول.
قال: فقال عمران: هي على مَا بقي من الطلاق.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، قال: حدثنا ابن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر قال: كتب رجل إلى عمر أنه طلق امرأته تطليقتين فتزوجت زوجاً غيره فطلقها ثم راجعها الأول، فطلقها واحدة.
قال: لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.

(2/92)


كتاب الطلاق
باب تسمية عدد الطلاق
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن ابن إدريس، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: قال رجل لامرأته على عهد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: لا أقربك ولا تحلين مني، قالت: فكيف تصنع؟ قال: أطلقك، فإذا مضت عدتك راجعتك.
قال: فجزعت فأتت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، قال: فأنزل الله سبحانه:?الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ?[البقرة:229]، فاستقبله الناس جديداً من كان طلقَّ ومن لم يكن طلقَّ.
وبه قال: حدثنا محمد، قال:حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كان الطلاق لوقت، فيطلق الرجل ماشاء ثم إن راجع راجع امرأته قبل أن تنقضي عدتها، وكانت امرأته، قال: فغضب رجل من الأنصار على امرأته فقال: لا أقربك ولا تحلين مني.

(2/93)


قالت له: كيف؟.قال: أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك ثم أطلقك، فإذا دنا أجلك راجعتك، فشكت ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فأنزل الله سبحانه ?الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ?.وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن أبي معاوية، عن إسماعيل بن سميع، عن أبي رزين قال: أتى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- رجل، فقال: يا رسول الله، أرأيت قول الله ?الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ?
فأين الثالثة؟
فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان هي الثالثة)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن أبي عبدالرحمن، عن الحسن بن محمد، عن الحكم بن ظهير، عن السدي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قول الله عزوجل: ?الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ?، قال السدي: كان أهل الجاهلية يطلقون مائة تطليقة أو أقل ثم يراجعونها، فأنزل الله -عز وجل: ?الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ?.

(2/94)


باب ما ذكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه طلق ومن كره الطلاق
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن معروف بن واصل، عن محارب بن دثار قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ليس شيء مما أحل الله أبغض إليه من الطلاق)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر قال: طلق رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- امرأتين إحداهما من بني هلال بن عامر.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن الربيع، عن الحسن، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أنا أنكح وأطلق فمن رغب عن سنتي فليس مني)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سلام بن القاسم الثقفي، عن أبيه، عن أم سعيد، سرية كانت لعلي بن أبي طالب قالت: قال لي علي: يا أم سعيد، قد اشتقت إلى أن أكون عروساً، وعنده يومئذ أربع نسوة، فقلت: طلق إحداهن واستبدل. فقال: الطلاق قبيح أكرهه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر، قال: لم يكن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يطلق، كان يعتزل.

(2/95)


باب طلاق السنة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: إذا طلق الرجل امرأته فليطلقها في قبل عدتها عند طهرها في غير جماع، كما كتب الله عز وجل ?لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ?[الطلاق:1].
وبه قال: محمد بن منصور: الطلاق أن يقول الرجل لامرأته: اعْتَدِّي، فإذا قال ذلك فهي تطليقة واحدة، وهو أملك برجعتها. (هذا مسموع من طريق ش).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن يزيد بن إبراهيم، عن ابن سيرين، عن علي -عليه السلام- قال: لو أن الناس أصابوا حد الطلاق ماندم رجل على امرأة، يطلقها وهي طاهر، لم يجامعها منذ طهرت، أو حبلى قد تبين حبَلها، حتى إذا كان في قبل عدتها طلقها، فإن بدا له أن يمسكها راجعها، فإن بدا له أن يخلي سبيلها خلى سبيلها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن حميد بن عبدالرحمن، عن حماد بن زيد، عن يحيى بن عتيق، عن ابن سيرين، عن علي -عليه السلام- قال: لو أن الناس أخذوا بأمر الله في الطلاق ماتبع رجل نفسه امرأة أبداً، يطلقها تطليقة، ثم يتركها ما بينها وبين أن تحيض ثلاث حِيَض، فمتى شاء راجعها.

(2/96)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن أبي عبدالرحمن، عن الحسن بن محمد، عن الحكم بن ظهير، عن السدي، عن ابن عباس في قول الله عز وجل?يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ...?إلى قوله:? بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ?[الطلاق:1]، قال: لا ينبغي للرجل أن يطلق امرأته في مقعد واحد ثلاثاً، فان فعل فقد أخطأ السنة، وأثِم بربه، وبانَت امرأته، ولا ينبغي له أن يطلق امرأته حتىتحيض ثم تطهر في غير جماع، فإن كانت تحيض طلقها عند كل طهر تطليقة، فإن أتبعها نفسه راجعها قبل أن يبينها بثلاث، فإن كانت لا تحيض طلقها كل شهر تطليقة، فإذا طلق الرجل امرأته على العدة لم يخرجها من بيته، ولم يقطع عنها نفقته، وتشوفت له وتعرضت له، لعله يراجعها تفعل ذلك في تطليقة أو تطليقتين، فإذا أراد أن يتم الطلاق انتظر حتىتطمث ثم تطهر الثانية، ثم يطلقها تطليقة أخرى فتذهب تطليقتان في طهرين وحيضة واحدة.
ثم ينتظر حتى تحيض وتطهر الثالثة، ثم يطلقها تطليقة فتذهب ثلاث تطليقات في ثلاثة أطهار وحيضتين، ثم ينتظر حتىتحيض الثالثة، فإذا كان الثالثة شدت خمارها ومنطقتها، ثم انصرفت إلى أهلها، فإذاطهرت فقد حل لها أن تتزوج إن شاءت، فهو قوله:?الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ?[البقرة: 229].

(2/97)


فإن طلقها الثالثة فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، وإن هو لم يطلقها إلا واحدة، أو اثنتين، وطهرت الرابعة من الحيضة الثالثة وهي في مغتسلها فأخذ بيدها فراجعها فهي امرأته.
باب من قال إذا طلق الرجل امرأته وهي حائض لزمتها التطليقة ومن لم يعتد بالحيضة التي هي فيها
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن جميل، عن إبراهيم بن محمد، عن أيوب، عن جابر، عن منصور، عن أبي وائل، عن ابن عمر، أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال:((مره فليراجعها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم يعتد بتطليقة، ولا يعتد بحيضة)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال وحدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن محمد بن عبدالرحمن، عن سالم بن عبد الله، عن ابن عمر أنه طلق امرأته في المحيض قال: فذكر ذلك عمر للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: ((مُرْه فليراجعها ثم ليطلقها وهي حامل أو طاهر)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر، أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: ((مُرْه فليراجعها، فإذا طهرت ثم حاضت وطهرت، فإن شاء أمسكها وإن شاء طلقها))، أراه قال: ((فانها العدة التي أمر الله تعالى أن تطلق لها النساء)).

(2/98)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي في الرجل يطلق امرأته وهي حائض قال: لا تعتد بتلك الحيضة، ولكن تستأنف ثلاث حِيَض.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن أبي عبدالرحمن، عن الحسن بن محمد، عن الحكم بن ظهير، عن السدي، عن ابن عباس قال: إن هوطلقها تطليقة وهي طامث حسبت التطليقة من ثلاث تطليقات، ولم تحسب الحيضة من ثلاثة قروء، وينبغي أن تستأنف ثلاثة قروء وأربعة أطهار، وإذا أراد أن يطلقها للسنة انتظر بها حتى إذا طَمِثت ثم طهرت طلقها طاهراً في غير جماع تطليقة فتبين منه، ثم إن شاءت تزوجته وهو أحق بها من غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي -عليهم السلام- قال: طلق ابن عمر امرأته تطليقة واحدة وهي حائض، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: (مره فليراجعها، ثم يطلقها طلاق السنة لطهر من غير جماع).
فسألته مامعناه؟ قال: يدعها حتى إذا حاضت وطهرت، قال لها: اعتدي.

(2/99)


باب من قال إذا طلق الرجل امرأته تطليقة ثم حاضت ثلاث حيض فهو أحق برجعتها مالم تغتسل من الثالثة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا عباد، عن السري بن عبد الله، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن علياً وابن عباس قالا: إذا طلق الرجل امرأته فهو أحق بها ما لم تغتسل من آخر حيضة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن عبيد، عن حاتم بن إسماعيل، قال: وحدثنا عيسى، عن الشعبي، قال: قال اثنا عشر من أصحاب محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-، منهم علي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن مسعود، وعمر: الرجل أحق بامرأته ما لم تغتسل من القرء الثالث.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن علي -عليه السلام- في الرجل يطلق امرأته تطليقة قال: هو أحق برجعتها مالم تغتسل من الحيضة الثالثة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن عبيد، عن محمد بن ميمون، عن جعفر، عن أبيه أن علياً وابن عباس كانا يقولان: الرجل أحق بامرأته ما لم تغتسل من آخر حيضها، وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه قال: كانت أم كلثوم بنة عقبة تحت الزبير بن العوام فخرج إلى الصلاة وقد ضربها الطلق فقالت: طيب نفسي بتطليقة، فطلقها تطليقة فرجع وقد وضعت فأتى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فسأله فقال: ((قد بلغ الكتاب أجله اخطبها إلى نفسها)). فقال الزبير: ما لها خدعتني خدعها الله.

(2/100)


باب طلاق الحامل وعدتها من قال أجلها أن تضع حملها في الطلاق
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن محمد بن أبي عبدالرحمن، عن سالم بن عبد الله، عن ابن عمر أنه طلق امرأته في الحيض، فذكر ذلك عمر للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، قال: ((مُرْه فليراجعها، ثم ليطلقها وهي حامل أو طاهر)).
فطلقها تطليقة فرجع وقد وضعت، فأتىالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فسأله فقال: ((قد بلغ الكتاب أجله اخطبها إلى نفسها)).
فقال الزبير: ما لها خدعتني خدعها الله.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن إسماعيل بن صبيح، عن أبي خالد، عن أبي جعفر قال: إذا طلق الرجل امرأته فوضعت مكانها ملكت نفسها، وليس له عليها رجعة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر، قال: إذا طلق الرجل امرأته حاملاً أوّل النهار، فوضعت آخر النهار، فهي أملك بنفسها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (تطلق الحبلى إذا أراد أن يطلقها في كل شهر).

(2/101)


باب من قال إذا طلقت الحامل فولدت ولداً وبقى في بطنها آخر فزوجها أحق بها ما لم تضع الثاني
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن جميل، عن شريك، عن ليث، عن أبي عمرو العبدي، عن علي -عليه الصلاة والسلام-، قال: (المرأة إذا طلقها زوجها فوضعت واحداً، وبقي واحد في بطنها، فهو أحق برجعتها).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن شريك، عن ليث، عن أبي عمرو العبدي، عن علي -عليه السلام- قال: (هو أحق برجعتها مالم تضع الثاني).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، قال: إذا وضعت أحد الولدين، وفي بطنها آخر، فهو أحق برجعتها مالم تضع الآخر.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن حفص، عن غياث، عن ليث، عن أبي عمرو العبدي، عن علي-عليه السلام- في الرجل يطلق امرأته وقد وضعت ولداً وبقي في بطنها ولد، قال: (هو أحق برجعتها).

(2/102)


باب من قال عدة الحامل المتوفى عنها زوجها آخر الأجلين
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن جميل، عن مصبح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: أجل الحرة إذا توفي عنها زوجها أربعة أشهر وعشر، فإن كانت حبلى فأجلها آخر الأجلين، وأجل الأمة إذا توفي عنها زوجها نصف أجل الحرة شهران وخمسة أيام.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا أحمد بن أبي عبدالرحمن، عن الحسن بن محمد، عن الحكم بن ظهير، عن السدي في قوله: ?وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ?[الطلاق:4]، قال: وكان علي بن أبي طالب -عليه السلام- يقول: (أجلها آخر الآجلين، إن وضعت حملها، وقد بقي من الأجل يوم واحد فلا تنكح حتى تستوفي عدة الأجل بالشهور والأيام أربعة أشهر وعشراً، وإن لم تضع ثمانية أشهر أو سبعة، أو أقل من ذلك، فإن زوجها أحق برجعتها ما لم تتم ثلاث تطليقات.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن أبي خالد، عن عامر، قال: كان علي -عليه السلام- يقول في المتوفى عنها زوجها آخر الأجلين، وكان عبد الله يقول: أجل كل حامل أن تضع ما في بطنها.

(2/103)


وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن عبيد، عن حاتم بن إسماعيل، قال: حدثنا جعفر، عن أبيه، عن علي-عليه السلام- قال: (عدة المُتَوفّى عنها زوجها آخر الأجلين).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا أبو مالك عن حجاج، عن أبي إسحاق: عن الحارث، عن علي -عليه السلام- قال: (آخر الأجلين).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن أبي مالك، عن الحجاج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: (آخر الأجلين).
باب الكناية عن الطلاق
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (الطلاق أن يقول الرجل لامرأته اعْتَدِّي، فإذا قال ذلك فهي تطليقة واحدة، وهو أملك برجعتها).

(2/104)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن جميل بن زيد الطائي، عن عبد الله بن كعب الأنصاري قال: تزوج رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- امرأة من بني غفار، فلما قعد منها مَقْعَد الرجل من ا لمرأة أبصر بكشحها برصاً فقام عنها، وقال: (سوي عليك ثيابك، وارجعي إلى بيتك).
باب ما جاء في الذي يطلق لاعباً أو يتصدق أو يعتق لاعباً
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سالم الحناط، عن الحسن، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((من طلق لاعباً، أو أنْكَح أو نَكَح لاعباً جاز)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن جابر الجعفي، عن عبد الله ابن نجي، عن علي بن أبي طالب قال: (ثلاث لا لعب فيهن: الطلاق، والعتاق، والصدقة).

(2/105)


باب ما جاء في طلاق الصبي ونكاحه وطلاق المعتوه في حال جنونه وطلاق السكران
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يبلغ)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي، عن وكيع، عن الربيع، عن الحسن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ((رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يُفيِق، وعن الصبي حتى يبلغ)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا عمرو، عن وكيع، عن الأعمش، عن أبي طيبان، عن ابن عباس أن عمر أتي بامرأة مجنونة قد فجرت، فشاور الناس في رجمها فقال علي: (أما علمت أن القلم، رفع عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يعقل)؟!.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا بلغ اثنتي عشرة سنة جرى عليه وله فيما بينه وبين الله، وإذا طلعت العانة وجبت عليه الحدود).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (طلاق السكران جائز).

(2/106)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن قيس، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي -عليه السلام- قال: (اكْتُمُوا الصبيان النكاح، فإن كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه).
باب الاستثناء في الطلاق والعتاق
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن عبيد المحاربي، قال: وحدثنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثني حميد عن مكحول، عن معاذ بن جبل، قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((يا معاذ، ماخلق الله شيئاً على وجه الأرض أبغض إليه من الطلاق، فإذا قال: أنت طالق إن شاء الله فله استثناؤه ولا طلاق عليه، وماخلق الله شيئاً على وجه الأرض أحب إليه من العتاق، فإذا قال: أنت حر إن شاء الله فهو حر ولا استثناء له)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن أسباط، عن معروف بن واصل السعدي، عن محارب بن دثار قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((إن الله لم يُحِل شيئاً أكره إليه من الطلاق)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إبراهيم بن مكتوم البصري، عن عبد الله بن داود، عن مسعر بن كدام، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-:((والله لأغزونَّ قريشاً، والله لأغزونَّ قريشاً، والله لأغزونَّ قريشاً إن شاء الله)).

(2/107)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن يزيد، قال حدثنا شعيب بن إسحاق الدمشقي، قال: حدثنا عمر بن موسى، عن خالد بن معدان، عن معدي كرب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((من استثنى في الطلاق والعتاق فله ثُنْيَاه)).
باب طلاق العربي بلسان العجمي والأعجمي بلسان العربي والرجل يقال له طلقت فيقول نعم ولم يكن قد طلق
وبه قال: أخبرنا محمد، قال: حدثنا علي بن الحسن العلوي، قال:حدثنا حماد بن عيسى، عن جعفر، عن أبيه، أن علياً قال: (كل طلاق بكل لسان طلاق).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه قال: الطلاق بكل لسان.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- أنه قال في الرجل يقال له: طلقت امرأتك؟ فيقول نعم، قال: (قد طلقها حينئذ).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن ابن عباس قال: من طلق نصف تطليقة فهي تطليقة.

(2/108)


باب من قال طلاق العبد بيده دون مولاه
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن إبراهيم بن محمد، عن يحيى بن يعلى، عن موسى بن أيوب، عن عكرمة أن رجلاً زوج عبداً له، ثم خاصمه إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((الطلاق لمن أخذ بالساق)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن حصين، عن عامر قال: قضي في بَرِيرة ثلاث قضايا: اشترتها عائشة وشرطت ولاءها لأهلها، فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((الولاء لمن أعتق))، وكان لها زوج، فخيرها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حين أعتقت، وتصدق عليها بلحم فأهدته إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((هو لها صدقة ولنا هدية)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: إذا تزوج العبد بإذن سيده فالطلاق بيد العبد، وإذا تزوج العبد بغير إذن مواليه، ثم أذنوا له بعد ذلك، فلا بأس به.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن مغيرة، عن عامر قال: كان علي -عليه السلام- يقول: (إذا اُشْتُرِيَت الأمة ولها زوج تركها مع زوجها على نكاحها).
قال: واشتريت لعلي -عليه السلام- جارية فاشترى بضعها من زوجها بخمسمائة درهم.

(2/109)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو هشام الرفاعي، عن يحيى بن يمان، عن مَعْمر، عن الزهري، أن عائشة أرادت أن تشتري بريرة وتشترط ولاءها لأهلها، فبلغ ذلك النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: ((ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، شرط الله أوثق والولاء لمن أعطى الوَرِق)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، قال: حدثني حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، أن علياً -عليه السلام- قال لرجل: (أَصِبْ لي جارية أتخذها أم ولد)، فأتاه بجارية فاسْتَنْطَقها فأعجبه عقلها، فقال لها: (أفارغة أنت)؟
فقالت: يا أميرالمؤمنين، وما الفارغة من المشغولة؟
قال: (أذات زوج أنت، أم لا زوج لك)؟
قالت: بل ذات زوج.
فقال للذي جاء بها: (انطلق فإن فارقها زوجها عن رضىً، وإلا فردها على صاحبها).
فقال بعض الجلوس: يا أمير المؤمنين أوليس بيعها طلاقها؟
فقال علي: (لا، إذا زوج السيد فإن الطلاق بيد العبد أبداً).ثم قال: (لا يحل فرج لاثنين).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن إسرائيل، عن عبدالأعلى، عن أبي عبدالرحمن السلمي أن علياً اشترى جارية لها زوج فنظر إليها، فعوضها حين علم أن لها زوج بالنظر.

(2/110)


باب من قال إن الطلاق والعدة بالنساء إن كانت حرة تحت عبدٍ فطلاقها ثلاثُُ وإن كانت أمة تحت حر فطلاقها اثنتان
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا محمد بن عبيد، عن محمد بن ميمون، عن جعفر، عن أبيه أن علياً كان يقول: (الطلاق والعدة بالنساء).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن يحيى بن فضيل، عن الحسن بن صالح، عن جعفر قال: قال علي: (الطلاق للنساء، أيما حرة كانت تحت عبدٍ فطلاقها ثلاث، وأيما أمةٍ كانت تحت حر فطلاقها اثنتان).
وبه قال: أخبرنا محمد، حدثنا محمد بن مصبح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي قال: (طلاق الحر والعبد للحرة ثلاث تطليقات، وأجلها أجل الحرة، إن كانت تحيض فأجلها ثلاث حِيَض لا يحلها إلا هُنّ، وإن كانت لا تحيض فأجلها ثلاثة أشهر.
وطلاق الحر والعبد للأمة تطليقتان إن طلق، وأجلها حيضتان، إن كانت تحيض، وإن كانت لا تحيض فأجلها شهر ونصف).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا محمد بن جميل، عن حسن بن حسين، عن علي بن القاسم، عن ابن أبي رافع، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- في عبد طلق امرأته تطليقتين، ثم جامعها، فأمر بهما علي -عليه السلام-، فضرب كل واحد منهما خمسين جلدة وفرق بينهما.

(2/111)


باب الرجل يطلق امرأته تطليقة أو تطليقتين فيتزوجها رجل غيره ثم ترجع إلى الأول على كم تكون عنده من الطلاق
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا محمد بن عبيد، عن عبدالرحيم بن سليمان، حدثنا أشعث عن الحسن، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام-، وعمران بن الحصين قالا: (إذا طلق الرجل امرأته تطليقة أو تطليقتين، فتزوجها رجل آخر فيموت عنها أو يطلقها، فيتزوجها الأول، قال: هي عنده على ما بقي من الطلاق، ولا يهدم الواحدة ولا الاثنتين).
وبه قال: وحدثنا محمد بن عبيد، عن عبد الرحيم، حدثنا إسماعيل بن مسلم، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي وأبي بن كعب قالا: (هي عنده على ما بقي من الطلاق ولو تزوجت أربعة).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا محمد بن عبيد، عن عبدالرحيم، حدثنا ابن أبي ليلى، عن مَزْيَدة بن جابر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (هي ما بقي من الطلاق الأول).

(2/112)


وبه قال: وحدثنا محمد، وحدثنا محمد بن جميل، عن عاصم بن عامر، عن قيس بن الربيع، عن أشعث، عن الحكم، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن علي وأبيّ قالا: (هي على ما بقي).
وبه قال: وحدثنا محمد، حدثنا محمد، عن إبراهيم بن محمد، عن أحمد بن مفضل، عن إسرائيل، عن عبدالأعلى، عن محمد بن الحنفية، عن علي، في الرجل يطلق تطليقة أو تطليقتين، ثم يتزوجها في عدتها، قال: (هي علي ما بقي).
وبه قال: حدثنا محمد، وحدثنا محمد بن عبيد، عن علي بن هاشم، عن ابن أبي ليلى، عن مَزّيَدة بن جابر، عن علي قال: (لا يهدم الزواج إلا الثلاث).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا محمد، عن عبدالرحيم بن سلمان، عن أبي بردة، عن حماد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا في الرجل يطلق امرأته واحدة أو اثنتين، فتتزوج غيره ويدخل بها، ثم يطلقها أو يموت، ثم يتزوجها الأول قالا: يهدم دخولُ الآخر طلاقَ الأول.

(2/113)


باب من قال لا طلاق قبل نكاح سُمِّي أو لم يسم
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا طلاق ولا عتاق إلا ما ملكت عقدته)).
وبه قال: وحدثنا محمد، وحدثنا عبد الله بن موسى، قال: حدثني أبي، عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا طلاق لمن لم ينكح، ولا عتق لمن لم يملك)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (لا طلاق ولاعتاق إلا ما ملكت عقدته).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أبو كريب عن حفص، عن ليث، عن عبدالملك، عن النزال بن سبرة، عن علي -عليه السلام- قال: (لا طلاق قبل نكاح).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر العلوي، قال: حدثني محمد بن جعفر، عن أبيه، عن جده قال: كان علي بن الحسين يقول: لو وضع يده على رأسها ما كان شيئاً للذي يقول: يوم أتزوج فلانة فهي طالق.

(2/114)


وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن جميل، عن إبراهيم بن محمد، عن حفص بن غياث، عن سليمان بن أبي المغيرة، قال: سمعت علي بن الحسين، وسئل عن الرجل يقول: يوم أتزوج فلانة فهي طالق، فقرأ هذه الآية: ?يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ...?[الأحزاب:49].
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد عن إبراهيم، عن أبي خالد سليمان بن حيان، عن سليمان، عن علي بن الحسين في رجل قال لامرأته: يوم أتزوجك فأنت طالق.
قال: ليس شيء، وتلا هذه الآية.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد، عن إبراهيم، عن يحيى بن يعلى، عن الأجلح، عن حبيب بن أبي ثابت، عن علي بن الحسين في رجل قال: يوم أتزوج فلانة فهي طالق وسماها باسمها واسم أبيها.
قال: بدأ الله بالنكاح قبل الطلاق، وقرأ:?يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ...?[الأحزاب:49].
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن الأجلح، عن حبيب بن أبي ثابت، عن علي بن الحسين في قول الرجل: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، قال: ليس بشيء.

(2/115)


قال: أقلت هذا؟ وأنت تملكها؟
قال: لا. قال: فتزوجها.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، في رجل قال: يوم أتزوج فلانة فهي طالق. قال: أكرهه، وليس بحرام.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن جميل، عن إبراهيم بن محمد، عن ابن إدريس، عن أشعث، عن عطاء، عن ابن عباس قال: إنما الطلاق بعد النكاح، وتلا: ?إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ?.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثنا ابن أبي فديك، عن عبدالعزيز الدراوردي، قال: سألت محمد بن عمر بن علي عن ذلك؟ فقال: ليس بشيء.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني رجل ثقة، عن عبد الله بن موسى، أنه قال: ليس بشيء.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: كتبتُ إلى أحمد بن عيسى بن زيد أسأله عما يأخذ به فيمن طلق قبل أن يملك؟، فكتب إليّ وعرفت خطه: سألت إجابتك حفظك الله فإنه لا طلاق ولاعتاق إلا بعد ملك، الذي نأخذ به من ذلك بقول أصحابنا، وما أسندوا من ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وقد ذكر الكوفيون وما عليه الناس من أنه إذا وَقّتَ أو سمّى وقعت الفرقة إذا ملك، غير أني لا أوثر على الأخذ بقول أصحابنا إذا صح عنهم القول فيه، فاعلم ذلك.

(2/116)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا إسماعيل بن إسحاق، قال: سمعت أحمد بن عيسى، وسُئل عن الرجل يقول يوم أتزوج فلانة، أو من قبيلة كذا، أو وقّت لها وقتاً، فقال: ليس بشيء حتى يملك.
قال إسماعيل: فقلت له العتق مثل ذلك؟ قال: نعم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم في رجل قال: يوم أتزوج فلانة فهي طالق، أو متى ما يتزوج امرأة فهي طالق، أو يقول: إن أتزوج إلى كذا وكذا فهي طالق، ذكر عن علي أنه قال: (لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتاق إلا بعد ملك وإن سماها باسمها).
ويروى أن رجلاً من الأنصار لاحى ابن أخيه ونازعه، فحلف ابن أخيه بالطلاق لا يتزوج ابنته، فإن تزوجها فهي طالق.
فسأل الأب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فأمره بنكاحها، ولم يلزمه طلاقها قبل ملكها.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن جميل، عن إبراهيم بن محمد، عن أبي مالك الجنبي، عن جويبر، عن الضحاك قال: كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كلهم لا يرون الطلاق قبل النكاح شيئاً إلا أن عبد الله كان يقول: إذا وقّت أو سمّى.

(2/117)


باب طلاق المكره
وبه قال: وحدثنا محمد بن منصور، قال: وحدثنا أبو هشام الرفاعي، عن يحيى بن يمان، عن هشام، عن الحسن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن الله عز وجل تجاوز لأمتي عن خطئها ونسيانها وما اسْتُكْرِهت عليه، وماحدّثت به أنفسها ما لم تعمله)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن عمر بن علي، عن علي-عليه السلام- قال: جاء إليه رجل فقال: إن امرأتي دخلت عليّ المُغْتَسَل وفي يدها السيف، فقالت: طلقني وإلا ضربتك بهذا السيف، فطلقتها ثلاثاً.
فقال: اشدد يدك بامرأتك، وأحسن أدبها.
قال محمد: المكره ليس عليه شيء.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن إبراهيم بن محمد، عن معمر الخرزي، عن حجاج، عن عبدالجبار، عن أبيه قال: اسْتَكْرَه رجلٌ امرأة على عهد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فضربه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الحد، ولم يُقِم عليها.

(2/118)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: سألت أحمد بن عيسى، قلت: الرجل يحلفه السلطان على اليمين الغليظة فيها الطلاق وغيره يُكْرِهه على ذلك، ويحلفه على حفظ الغلة وغيرها بما يحلف السلطان عليه؟.
فقال: فلْيَنْوِ غيرما يحلف عليه، ولا شيء عليه.
قلت: فإن لم ينو غير ما يحلف عليه، ولم يهتد له؟ قال: فلا شيء عليه ما أراه إلا مكرهاً.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني علي، ومحمد ابنا أحمد بن عيسى عن أبيهما أنه سئل عن طلاق المُكْرَه؟.
فقال: لا أرى للمكره طلاقاً إذا كان مظلوماً، وأرى عليه طلاقاً إذا كان ظالماً في ذلك بعينه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن راشد، قال: وحدثنا إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه: عن علي-عليه السلام- قال: (ليس طلاق المكره بشيء).

(2/119)


باب الرجل يقول لامرأته أنت طالق إذا كان وقت كذا وكذا
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن إسماعيل بن صبيح، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي في رجل قال لامرأته: إذا حملت فأنت طالق.
قال: إن تبيّن حملها اجتنبها، وأجَلها أن تضع حملها، فإن كان طلاقه إياها ثلاثاً، فليس منها في شيء حتى تنكح زوجاً غيره ثم يطلقها.
قلت: رحمك الله، إن تزوجت زوجاً غيره فمات قبل أن يقربها، أو طلقها قبل أن يقربها.
قال: لا، حتى يذوقها وتذوقه، ولكن إن كان طلق واحدة أو اثنتين، فأجلها أن تضع حملها، ثم هو خاطب كغيره إن شاءت تزوجته، وإن شاءت تركته.
وقال عطاء: إذا قال الرجل لامرأته إذا حملت فأنت طالق: أعجبني أن يجتنبها ساعة تطهر، فإن المرأة ربما تعلقت يومها.
وأما طاوس فتابع أبا جعفر، وعبد الله بن بريدة.
قال محمد: قول أبي جعفر نفس الحكم، وقول عطاء احتياط وتوقي.
باب المرأة تملك من زوجها شيئاً
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن شريك، عن عطاء، عن ميسرة، عن علي أنه قال: إذا ملكت المرأة من زوجها شيئاً بانت منه.

(2/120)


باب فيمن يحلف بالطلاق ليجامعنَّ في رمضان نهاراً أو ليصومنَّ يوم الأضحى والرجل يحلف لا يتسرى جاريته ولا يعتقها ثم يتزوجها
وبه قال: محمد: حدثنا حسين بن نصر، عن خالد بن عيسى، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه أن رجلاً أتى علياً بالكوفة، فقال: يا أمير المؤمنين، إني حلفت على امرأتي أن أطأها في شهر رمضان نهاراً بطلاقها.
فقال: (سافر بها إلى المدائن ثم تطأها نهاراً، فقد حل لك الطعام والشراب والنكاح).
وبه قال: وحدثنا محمد، حدثنا حسين بن نصر، عن خالد بن عيسى، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- في رجل قال لامرأته: أنتِ طالق ثلاثاً إن لم أصم يوم الأضحى.
قال: إن صامه لم تطلق امرأته، والله ولي عقوبته، ويعزره الإمام.
قال محمد: هذا الحديث قوة لقول أبي يوسف، قال أبو يوسف في رجل حلف ليصومنّ يوم الأضحى، قال: هو صائم وقد أساء.
وقال زفر: ليس بصائم؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قد حرمه.

(2/121)


وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال: كنت عند أبي جعفر فقال: جاءني رجل من الكوفيين فقال: إن امرأتي حلفتني بطلاقها أن لا أتسرّى جاريتي، ولا أعتقها وأتزوجها، وإني سألت الفقهاء فأعيوني.
قال أبو جعفر: قلت لكنني لا أعييك، كاتبها مكاتبة لا تدالس فيها، فإذا أدت مكاتبتها فتزوجها.
قال محمد: هذا لا يؤخذ به، ويقولون: هو حانث.
باب الرجل يطلق امرأته في نفسه ويعزم على ذلك
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن عبيد، عن أبي معاوية، عن إسماعيل، عن قتادة، عن زرارة بن أبي أوفى، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن الله قد عفا لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به، أو تكلم به)).
قال: حدثنا محمد، حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن إسماعيل، عن قتادة، عن زرارة بن أبي أوفى، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن الله تجاوز لأمتي عماحدثت به أنفسها ما لم تعمل به، أو تحدث به، أو تكلم)).

(2/122)


باب الاستئذان على المطلقة وما للمبتوتة والتي لم تَبِن من السُّكْنى وأين تعتد المُتَوفّى عنها زوجها
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن جميل، عن عاصم بن عامر، عن قيس، عن جابر، عن عامر، عن علي -عليه السلام- قال: (المتوفى عنها زوجها تعتد حيث شاءت).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا أبو هشام، عن يحيى بن آدم، قال: حدثني زهير، قال: حدثني الحسن بن الحسن، قال: حدثني الحكم أن المطلقة وهي حامل ينفق عليها، فإن لم تكن حاملاً فلا نفقة لها، ولها أن تسكن. كان علي وعمر يسكنانها.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن عبيد، عن أبيه، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا توفي الرجل عن امرأته تعتد بأرض الحجاز وغيرها).

(2/123)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن أبي مالك، عن أبي خالد، عن عامر، قال: كان علي يرحل المتوفى عنها زوجها إلى بيتها متى شاءت.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (المطلقة والمتوفى عنها زوجها لا تبيت في غير بيتها).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، قال: لا تخرج في عدتها إلى حج ولا عمرة إلا أن تخرج إلى حاجة وترجع إلى بيتها.
قال محمد: تخرج للحج وحدها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي في امرأة طلقها زوجها، قال: إن كانت له عليها رجعة فلا يستأذن عليها ما كانت له عليها رجعة، فإن حرمت عليه وليس له مسكن غير بيت واحد، فلا يَلِج عليها إلا بإذن إذا كانت في البيت، ولا تَلِج هي عليه إلا بإذن إذا كان في البيت، ويتخذا بينهما ستراً.
وبه قال: علي في امرأة طلقت فأرادت الاعتكاف في المسجد، فمنعها أن تخرج حتى يحل أجلها.

(2/124)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران قال: أتيت المدينة فسألت عن أَفْقَه أهلها فرُفِعت إلى سعيد بن المسيب، فقلت: المطلقة ثلاثاً أين تعتد؟
قال: في بيت زوجها.
قلت: إن فاطمة بنت قيس أخت الضحاك طلقها زوجها ثلاثاً، فأمرت أن تعتد عند ابن أم مكتوم.
قال: كانت تلك امرأة لَسِنَةً فوضعت على يدي ابن أم مكتوم.
قال محمد: وضعها النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- على يديه.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أبو هشام الرفاعي، عن ابن إدريس، عن محمد بن عمرو، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن ابن عباس قال:?لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ?[الطلاق:1].
قال: هو أن تعدو على أهله.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا أبو هشام، عن يعلى ويزيد بن هارون، عن محمد بن عمرو، عن محمد بن إبراهيم، عن ابن عباس مثله وزاد فيه، فإذا فعلت ذلك حل لهم إخراجها.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أبو هشام، قال: قال يحيى بن آدم: يقولون إنما أخرجت فاطمة بنت قيس بهذا الوجه.

(2/125)


باب ما للمطلقة المدخول بها والتي لم يدخل بها وما تجتنب المطلقة والمتوفى عنها زوجها من الزينة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن جميل، عن إسماعيل بن صبيح، عن عمرو بن شمر، عن أبي إسحاق، عن الحارث الأعور قال: طلق الحسن بن علي -عليهما السلام- عائشة بنة خليفة فوفاها صداقها كاملاً، ومتّعها عشرة آلاف درهم.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن عبيد، عن حاتم، عن جعفر، عن أبيه قال: قالت أم سلمة: يا رسول الله، إن امرأة مات زوجها فتأذن لها في الكحل؟
فقال -عليه السلام-: ((قد كنْتُنّ قبل أن آتيكنّ إذا توفي زوج المرأة منكنّ أخذت بَعْرَةً فرمت بها خلفها، ثم تقول: لا أكتحل حتى تَحُول هذه البعرة، وإنما جئتكن بأربعة أشهر وعشر)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن جميل، عن سعيد بن عثمان، عن أبي مريم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((المتوفى عنها زوجها لاتكتحل ولا تختضب)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (لاتكتحل المتوفى عنها زوجها، ولو انْفَقَأت عيناها).
قال محمد: إذا كان من علة فلا بأس به إذا لم يكن في الكحل طيب.

(2/126)


باب ما قيل في التشاور وعدة الحرة التي تحيض والتي لاتحيض وعدة الأمة والصبية والآيسة
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا أبو هشام الرفاعي، عن يحيى بن آدم، عن مندل، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن إبن عباس، ?فإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاور?.
قال: التشاور قبل الحولين.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: طلاق الحر والعبد للحرة ثلاث تطليقات، وأجلها أجل الحرة، إن كانت تحيض فأجلها ثلاث حِيَض لا يحلها إلاهنّ، وإن كانت لا تحيض فأجلها ثلاثة أشهر، وطلاق الحر والعبد للأمة تطليقتان أيما طلق، وأجلها حيضتان إن كانت تحيض، وإن كانت لا تحيض فأجلها شهر ونصف).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: وحدثنا محمد بن عبيد، عن أسباط، عن مطرف، عن عمرو بن سالم قال: لما نزلت عدة المتوفى عنها زوجها، والمطلقة في سورة البقرة قال أبي: يا رسول الله، إن أناساً يقولون: قد بقي من النساء ما لم يذكر فيه شيء، فنزلت: ?وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ?[الطلاق:4].

(2/127)


باب الميَؤسة من المحيض تعتد بالشهور ثم تحيض بعد والمتوفى عنها زوجها تخرج من بيتها بالنهار وترجع بالليل
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، أن رجلاً أتى علياً فقال: إنه كانت لي زوجة فطالت صحبتها لي ولم تكن تلد فطلقتها، ولم تكن تحيض فاعتدت بالشهور، وكانت ترى أنها من القواعد فتزوجت زوجاً، فمكثت عنده ثلاثين شهراً ثم حاضت، فأرسل إليها وإلى زوجها فسألهما عن ذلك، فأخبرت أنها اعتدت بالشهور من غير حيض، فقال للأخير: لا شيء بينك وبينها ولها المهر بدخولك بها، وقال للأول: هي امرأتك ولا تقربها حتى تنقضي عدتها من هذا الأخير.
قالت: فبِمَ أعتد يا أمير المؤمنين؟
قال: بالحيض.
قال فهلكت قبل أن تنقضي عدتها، فورثها الزوج الأول، ولم يكن بينها وبين الآخر شيء.
وبه قال: أخبرنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن ابن جريج، عن إسماعيل بن كثير، عن مجاهد أن نسوة قُتل أزواجهنَّ عنهنّ يوم أحد، فسألن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقلْن: إنَّا في دار وحشة.
فقال: ((اجتمعن بالنهار فتحدثن، فإذا كان الليل فلترجع كل امرأة إلى بيتها)).

(2/128)


باب المرأة تدعي أنها قد اعتدّت في شهر ومتى تعتد المغيبة بالوفاة أو بالطلاق
حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن ابن أبي خالد، عن عامر قال: جاءت امرأة إلى علي قد طلَّقها زوجها فزعمت أنها حاضت في شهر ثلاث حيض طهرت عند كل قرء وصلت، فقال علي لشريح: قل فيها، فقال شريح:إن جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته يشهدون أنها حاضت في شهر ثلاث حيض تطهرت عند كل قرءٍ وصلت فهي صادقة، وإلاّ فهي كاذبة، قال فقال علي: (قالون بالرومية أي أصبت).
وحدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن علي بن هاشم، عن ابن أبي خالد، عن عامر، عن علي وشريح نحوه.
حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن علي قال: (تعتد من يوم يأتيها الخبر).
حدثنا محمد، قال: حدثني محمد بن عبيد، عن عبثر بن القاسم، عن أشعب، عن الحكم بن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ، قال: قال علي في المغيبة المتوفى عنها زوجها أو يطلقها: (تعتد يوم مات أو طلق).

(2/129)


باب نفقة المتوفى عنها وهي حامل ومتعة المطلقة
أخبرنا أبو الحسين علي بن عبد الرحمن، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن منصور، قال: حدثنا أبو هشام، عن ابن فضيل، عن أشعث، عن الشعبي، عن علي -عليه السلام- وعبد الله وشريح قالوا نفقتها من جميع المال.
حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو هشام، عن أبي أسامة، عن أبي العميس، عن الحسن بن سعد، عن أبيه أن الحسن بن علي متع بعشرة آلاف.
وحدثنا محمد، قال: حدثنا أبو هشام، عن وكيع، عن سفيان، عن إسماعيل أبي أمية، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أرفع المتعة الخادم، ثم دونها الكسوة، ثم دونها النفقة.
حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن محمد بن جبلة، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سألت أبا جعفر عن متعة المطلقة هل لها حد، فإن الله عز وجل يقول: ?عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ? قال: مالها حد، غير أن الحسن بن علي كان مما يمتع بالخادم والوصيف.

(2/130)


باب مقدار نفقة المطلقة تعتد بالحيض
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو هشام، عن ابن يمان، عن منهال، عن حجاج، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن علي أنه فرض لامرأة وخادمها على زوجها في كل شهر اثني عشر درهماً، أربعة للخادم، وثمانية للمرأة، منها درهمان للقطن والكتان.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا محمد بن جميل، عن علي بن حكيم، عن ابن إدريس، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حيان، قال: كان جدي حيان تزوج امرأة من بني هاشم، وامرأة من الأنصار، فطلق الأنصارية، فحاضت حيضة، ثم ارتفع حيضها، فمكثت سنة، ثم مات الزوج، فاختصموا إلى عثمان، فسأل علياً، فقال: (اقسم الميراث بينهما)، فقال عثمان: هذا رأي ابن عمك.

(2/131)


باب عدة أم الولد
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (أجل أم الولد والسرية إذا أعتقها سيدها ثلاث حِيَض إذا كانت تحيض، فإن كانت لا تحيض فأجلها ثلاثة أشهر).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن مصبِّح، عن محمدبن أبان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: إذا أعتقت أم الولد، أو مات سيدها فلتعتد بثلاث حيض؛ لأن الحرة لا تعتد أقل من ثلاث حيض.
وبه قال:حدثنا محمد، قال: حدثنا واصل بن عبد الأعلى، عن محمد بن فضيل، عن حجاج، عن أبي عامر الخراساني، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- قال: (إذا مات الرجل عن أم ولده أو أعتقها اعتدت ثلاثة قروء).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا جعفر بن محمد بن عبدالسلام، عن أبي خالد، عن حجاج، عن الشعبي، عن علي-عليه السلام-، قال: (تعتد أم الولد إذا مات عنها سيدها ثلاث حيض).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عبدالسلام، عن أبي خالد، عن حجاج، عن عامر الهمداني، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي في أم الولد إذا أعتقها سيدها اعتدت ثلاث حيض.

(2/132)


باب استبراء الحامل وغير الحامل
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن أبي مالك الجنبي، عن الحجاج، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن علي -عليه السلام-، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((ليس منَّا من وطئ حبلى حتى تضع)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث،، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (تستبرئ الأمة إذا اشتريت بحيضة، فإن كانت لا تحيض فبخمس وأربعين ليلة).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه قال: إذا بيعت الجارية وهي حائض أجزت البائع والمبتاع.
قال محمد: هذا لا يؤخذ به حتى تستبرئ بحيضة مستقبلة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا ابْتَاع الجارية أصاب منها مادون الفرج مالم يستبرئها).

(2/133)


باب الرجل يطلق امرأته ثلاثاً في كلمة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-، قال: جاء رجلان من قريش إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقالا: يا رسول الله، إن أبانا طلق أمنا مائة تطليقة.
فقال -عليه السلام-: ((إن أباكم عصى ربه فلم يجعل له مخرجاً، بانت أمكما من أبيكما بثلاث، وسبع وتسعون معصية)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن علي بن هاشم، عن صدقة بن أبي عمران، عن إبراهيم بن داود عن عبادة بن الصامت أن رجلاً طلق امرأته ألفاً، فسأل بنوه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: فقال: ((إن أباكم لم يتق الله، فلم يجعل له مخرجاً، بانت منه بثلاث على غير السنة، وسبع وتسعون وتسعمائة إثم في عنقه)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن علي بن هاشم، عن عبيدالله الوصافي، عن إبراهيم بن داود، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- مثله.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن يحيى، حدثنا إسماعيل بن أمية القرشي، حدثنا عثمان بن مطرف، عن عبدالغفور، عن أبي هاشم، عن زاذان، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- قال: سمع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- رجلاً طلق البَتّة، فغضب، وقال: ((أتتخذون آيات الله ـ أو قال دين الله- هزؤاً ولعباً، من طلق البتة ألزمناه ثلاثاً، لاتحل له حتى تنكح زوجاً غيره)).

(2/134)


وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا محمد بن عبيد، عن علي بن هاشم، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن رجل من أصحاب علي -عليه السلام، عن علي -عليه السلام- أنه قال له رجل: طلقت امرأتي ألفاً قال: (ثلاث تحرمها عليك، واقسم سائرهنَّ بين نسائك).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- أنه كان يقول في الخلية والبرية، والبائنة والبتة والحرام نوقفه، فنقول: ما نويت؟ فإن قال: نويت واحدة، كانت واحدة بائنة، وهي أملك بنفسها، وإن قال: نويت ثلاثاً كانت حراماً، حتىتنكح زوجاً غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن حسين بن زيد، عن جعفر بن محمد أن رجلاً جاء إلى علي -عليه السلام- فقال: طلقت أهلي عدد النجوم.
فقال: (أخطأت السنة، وفارقت أهلك، تؤخذ بثلاث ويترك ما سوى ذلك).
وبه قال: حدثنا حمزة، عن جعفر، عن أبيه أن علياً كان يقول: (إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً، ولم يدخل بها لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (كان يقول يحرم عليه ما أحل له وخليّة وبريّة وحَبْلُك على غاربك ثلاثاً، إلا أنه كان يدينه في حبلك على غاربك).

(2/135)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن مطرف، عن الشعبي قال: جاء رجل إلى علي -عليه السلام- فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثاً، فتزوجها رجل آخر، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، هل تحل للأول؟
قال: لا، حتى يهزها، وأشار عليَّ بيده.
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن حاتم، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- في رجل قال لامرأته أنت علي حرام، فقال: (لا تحل له حتىتنكح زوجاً غيره).
وبه قال: حدثنا محمد، وحدثنا محمد بن جميل، قال: حدثني أبو ضمرة، عن جعفر، عن أبيه أن علياً -عليه السلام- كان يقول: (إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً ولم يدخل بها:لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا عباد، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- في رجل قال لامرأته أنت عليَّ حرام، قال: (لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا أسباط، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، وأبي حسان الأعرج، عن علي قال: (إذا قال الرجل لامرأته: أنت مني برية، وأنت مني خلية، وأنت مني بائن، وأنت مني بتة، وأنت عليَّ حرام، وأنت طالق طلاق الحرج، فكل واحدة منهنَّ ثلاث، لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره).

(2/136)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن السري بن عبد الله السلمي، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- في رجل قال لامرأته: أنت عليَّ حرام، قال: (لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حسن بن عطية، عن موسى بن أبي حبيب، عن علي بن الحسين قال: من طلق امرأته ثلاثاً في مقعد، بانت امرأته، وخالف السنة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن عبد الله بن جرير قال: سألت محمد بن عمر بن علي بن عمر بن علي بن أبي طالب -عليه السلام-، عن رجل طلق امرأته ثلاثاً، قال: لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر محمد بن علي في رجل، قال: كل حل عليه حرام، قال: أنويت في ذلك امرأتك؟ قال: لا. قال: فلا شيء كذبة كذبتها، فإن نويت امرأتك كانت تطليقة بائنة، وليس لك عليها رجعة، وأنت خاطب من الخطاب.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن نصر بن مزاحم، عن أبي خالد، قال: سألت أبا جعفر وزيد بن علي وجعفر بن محمد، عن رجل طلق امرأته ثلاثاً في كلمة واحدة؟ قالوا: بانت منه، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني حسين بن زيد، عن محمد

(2/137)


بن عبد الله بن الحسن، قال: من طلق امرأته ثلاثاً لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبو جعفر، عن أبيه، قال: من طلق ثلاثاً فهي ثلاث.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن عبد الكريم، قال: سألت جعفر بن محمد عن رجل طلق امرأته ثلاثاً، قال: أنتم يا أهل الكوفة، تقولون هي واحدة، قال: قلت: أهل الكوفة يقولون: إنك تزعم أنها واحدة، قال: معاذ الله من طلق ثلاثاً بانت منه، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن حنان بن سدير قال: سمعت رجلاً يسأل جعفر بن محمد عن رجل طلق امرأته ثلاثاً، قال: بانت منه، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن عمران بن فايد، قال: كنت عند جعفر فسأله إسحاق بن عمار عن رجل طلق امرأته ثلاثاً؟ قال: ويفعل هذا أحد، ما يمنعه أن يطلق كما أمره الله، قال: نعم، يفعله كثير فما تقول فيه إذا فعله؟ قال: بانت منه، وعصى ربه، لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عبد الكريم، قال: سألت جعفر بن محمد عن رجل طلق امرأته ثلاثاً؟ قال: بانت منه، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن معلى بن موسى، قال: سألت جعفر بن محمد عن رجل طلق امرأته ثلاثاً، قال: بانت منه، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.

(2/138)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن عمرو بن شبيب، قال: سألت جعفر بن محمد، قلت: رجل له امرأة وهي ابنة عمه، وله منها ولد يأمرها بالأمر فتعصيه ويغضب فيطلقها ثلاثاً؟ قال: بانت منه، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: سألت محمد بن جعفر بن محمد: أي شيء كان يقول أبوك فيمن طلق امرأته ثلاثاً؟ قال:كان يقول: لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: سمعت حسن بن حسين يقول: حدثوني عشرة، عن جعفر بن محمد، عن رجل طلق امرأته ثلاثاً، قال: إنها لاتحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، قال: حدثني مسلمة بن جعفر، قال: سألت جعفر بن محمد عن رجل طلق امرأته ثلاثاً، قال: هي ثلاث لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص بن غياث، قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: من طلق ثلاثاً فهي ثلاث.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن محمد بن ميمون، عن جعفر، عن أبيه قال: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً ولم يدخل بها، لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.

(2/139)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا الحسن بن يحيى العلوي، عن نصر بن مزاحم، عن أبي خالد، عن محمد بن علي أن رجلاً سأله عن رجل طلق امرأته ثلاثاً. قال: أخطأ السنة، وعصى ربه، وطلقت منه امرأته، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، ولها السكنى والنفقة حتى تنقضي العدة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا قاسم بن أحمد، قال: حدثني عمي عبدالعظيم بن عبد الله، عن عبيدالله بن عبد الله الحسني، قال: سألت محمد بن جعفر بن محمد، وعلي بن موسى الرضى عن رجل طلق امرأته ثلاثاً، فقالا: يلزمه.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: سألت أحمد بن عيسى بن زيد بن علي عن رجل طلقت امرأته ثلاثاً، فقال: بانت منه، لا نقول فيها بقول الرافضة.
وبه قال: سألت عبد الله بن موسى عن رجل طلق امرأته ثلاثاً، فقال: فارق امرأته، وعصى ربه.
وبه قال: وسألت محمد بن علي بن جعفر، عن رجل طلق امرأته ثلاثاً، فقال: أنا أشدِّد فيه، يعني يوجبها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا الحسن بن يحيى العلوي، عن أبيه أنه كان يقول في الطلاق ثلاثاً في كلمة: إنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد وعلي بن منذر، عن محمد بن فضيل، عن جويبر عن الضحاك، قال: اجتمع عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس في الرجل يطلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها، أنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.

(2/140)


وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن مصبِّح بن الهلقام، عن أبي مريم الأنصاري قال: سألت جعفر بن محمد عن رجل طلق امرأته ثلاثاً؟.
فقال جعفر بن محمد: عصى ربه، وخالف السنة، وبانت منه امرأته.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن محمد بن فضيل، قال: حدثنا مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: طلق رجل امرأته عدد النجوم، فقال ابن عباس: أخطأ الطلاق، وحرمت عليه امرأته، وبانت بثلاث تطليقات.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن ابن عباس قال: سأله رجل عن رجل طلق امرأته مائة في كلمة؟ فقال ابن عباس: أما الثلاث فتحرمها عليك، وأما سبع وتسعون فمعصية.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن عاصم، عن زرّ، عن عبد الله قال: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها، فهي بمنزلة المدخول بها، لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن حسن بن صالح، عن مطرف قال: سألت الحكم عن رجل طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها؟ قال: لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، وإذا قال: أنت طالق أنت طالق قبل أن يدخل بها بانت بالأولى.

(2/141)


قال: قلت: عمن؟ قال: عن أصحاب محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-: علي، وعبد الله، وزيد.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن يحيى بن سعيد، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن معاوية بن أبي عياش، قال: كنت عند عبد الله بن الزبير، وعاصم بن عمر فجاء محمد بن إياس يستفتيه في رجل طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها؟
فقال: مالي بها علم، ولكني تركت أبا هريرة وابن عباس عند عائشة، فانطلق فاسألهما، ثم ارجع إلينا فأخبرنا، فسألهما فقال أبو هريرة: الواحدة تبينها، والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجاً غيره، فتابعه ابن عباس وعائشة على قوله.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن جابر، عن عطاء، عن ابن عباس في الرجل يطلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها.
قال: لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، عقدة كانت بيده أرسلها جميعاً، ولو كانت تترى بانت بالأولى.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو هشام الرفاعي، عن يحيى بن آدم، عن شريك، عن أبي بكر بن أبي الجهم أنه دخل على فاطمة بنة قيس فحدثته أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لم يجعل لها سكنى ولا نفقة حين طلقها زوجها ثلاثاً.

(2/142)


باب ما روي في الحرام
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده عمر بن علي، عن علي -عليه السلام- أنه كان يقول: حرم عليه ما أحل له ثلاث.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن مصبح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا قال الرجل لامرأته: أنت عليّ حرام، فقد حرمت عليه، ولست بمُحِلٍّ له ما حرَّم على نفسه، فإن إسرائيل حُرِّم عليه ما حرم على نفسه من الطعام، وإذا قال الرجل لامرأته: قد برِئْتُ منك، فقد برِئَت منه كما قال).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن حاتم بن إسماعيل وإبراهيم بن أبي يحيى، والسري بن عبد الله، عن جعفر، عن أبيه، عن علي في رجل، قال لامرأته: أنت عليّ حرام، قال: لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن إبراهيم بن محمد، عن أبي مالك، عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر، عن علي في الرجل يقول لامرأته: أنت عليّ حرام، إذا أراد به الطلاق فإنها ثلاث، لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن أبي ضمرة، عن جعفر، عن أبيه أن علياً -عليه السلام- كان يقول في قول الرجل لامرأته: أنت عليَّ حرام: إنها ثلاث.

(2/143)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي عن آبائه، عن علي -عليه السلام- أنه كان يقول في الحرام يُوقِفه فيقول: ما نويت؟
فإذا قال: نويت واحدة. كانت واحدة بائنة، وهي أملك بنفسها وليس له عليهارجعة، وهو رجل من الخطاب، ولا يخطبها في العدة أحد غيره؛ لأنها تعتد من مائة.
وإن قال: نويت ثلاثاً كانت حراماً حتى تنكح زوجاً غيره.
وإن قال: لم أنو شيئاً كانت واحدة، يملك الرجعة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن يحيى بن فضيل، عن الحسن بن صالح، عن جابر، عن علي -عليه السلام- في كل حِلٍ عليه حرام.
قال: (تحرم عليه امرأته، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، ويكفر عن يمينه من ماله).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن الحسن البصري، عن علي -عليه السلام- أنه كان يقول: (الحرام ثلاث).

(2/144)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد الهمداني، عن إسحاق بن منصور، قال: حدثنا حسن بن صالح، قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: قضيت فيها بثلاث في الرجل يقول لامرأته: أنت عليَّ حرام.
قال: ليس له نية في قول علي.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا جعفر، عن يحيى بن فضيل، عن حسن بن صالح قال: قلت لمنصور: ثبت عندكم عن علي -عليه السلام- أنه جعل الحرام ثلاثاً، قال: نعم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، عن محمد بن جعفر يرفعه إلى أبي جعفر في الحرام ثلاث لا نُدِيْنه فيها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن يحيى بن فضيل، عن الحسن بن صالح، عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر محمد بن علي قال: إذا قال أحدكم لامرأته، أو من قال لامرأته: إنها حرام، فلا تصلح له حتى تنكح زوجاً غيره.

(2/145)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن حاتم بن إسماعيل، عن عيسى، عن الشعبي أنه ذكر عنده أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حرم جاريته عليه، فأنكر ذلك، وقال: إنما كان تحريمه إياها أنه كان أقسم قسماً.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن ابن فضيل، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، عن علي -عليه السلام- أنه قال: في الذي يحرم امرأته يقول: هي عليَّ حرام.
قال: كان يقول: (ما أنا ِبُمحلِّها ولا بمحرمها عليه، إن شاء فليتقدم وإن شاء فليتأخر).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن أبي محياة، عن محمد بن سالم، عن عامر أن علياً -عليه السلام- كان يقول: في كل حِلٍ عليه حرام، ولا ينوي به الطلاق (فهي يمين يكفرها).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن إبراهيم بن محمد، عن أبي مالك، عن عبد الله بن عطاء، قال: قلت لأبي جعفر: إن قتادة سئل عن رجل قال لامرأته: ذكري الليلة عليك حرام؟
فقال: قد حرّمت عليه امرأته.
قال أبو جعفر محمد بن علي: أصاب وأحسن قتادة، إذا حرمت عليه ليلة واحدة فقد حرمت عليه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن أبي مالك، عن حجاج، عن أبي جعفر، قال: حرم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- جاريته ريحانة فكان طلاقاً.
قال أبو جعفر: المملوكة ليس لها طلاق.

(2/146)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد وعطاء قالا: حرم جاريته، يعنيان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد عن أسباط، عن أبي بكر الهذلي، عن شَهْر بن حوشب أن ابن عباس قال: الحرام يمين يكفرها.
قال أبو جعفر: إذا قال يمين، فهي يمين.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن أبيه، عن إسرائيل، عن منصور، عن سعيد قال: أراه عن ابن عباس قال: النذر والحرام يمين مغلظة، تحرير رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً نصف صاع لكل مسكين.
وقال أبو جعفر: إذا أراد بالحرام الظهار، فهو كما قال؟

(2/147)


باب من طلق امرأته البَتّة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى: عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- في البتة، أنه كان في البتة يوقفه، فيقول: ما نويت؟، فإن قال: نويت واحدة، كانت واحدة بائناً، وهي أملك بنفسها، فإن قال: نويت ثلاثاً، كانت حراماً حتى تنكح زوجاً غيره، وإن قال: لم أنو شيئاً كانت واحدة، يملك الرجعة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن أبي مالك، عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر في الرجل يقول لامرأته: بتة، إذا أراد به الطلاق أنها ثلاث، لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عبدالسلام، عن أبي خالد الأحمر، عن أشعث، عن الشعبي، عن الرياش الطائي أن رجلاً طلق امرأته البتة، فجعلها علي ثلاثاً.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن الحسن البصري أنه كان يقول في البتة: إنها ثلاث.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر أن علياً -عليه السلام- كان يجعل البتة ثلاثاً.

(2/148)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر قال: قال ابن أخي الحارث بن ربيعة، إن خرجت من الدار فأنت طالق البتة، قال وخرج لحاجة فمر بعروة الثقفي، فقال عروة: أزائراً جئتنا مع فلانة؟
قال: قلت: وما شأن فلانة؟ قال: هي في المنزل. قال: فافتني فيها، فإني قلت: إن خرجت من الدار، فأنت طالق البتة، فأرسل إلى عبد الله بن شداد، فقال: أشهد على عمر أنه جعل البتة تطليقة، ثم أرسلوا إلى رجل من أصحاب علي فقال: أشهد على علي أنه كان يجعل البتة ثلاثاً، ثم أرسلوا إلى شريح، فقال: أما قوله طالق فتطليقة، وأما قوله البتة: فبدعة، نقفه عند بدعته: مانويت؟ قال: نويت ثلاثاً.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن ابن فضيل، عن أشعث، عن عامر قال: قال رجل من قريش لامرأته: إن أنت خرجت فاستعديت علي سلطاناً فأنت طالق البتة، فأتت امرأته امرأة عروة بن المغيرة، فشكت زوجها إليها.
فقالت:كما أنت حتى يجيء، فلما جاء قال: من هذه؟ قالت: امرأة فلان، جاءتك تستعديك على زوجها، فأمرها أن ترجع حتى يروح زوجها فيذكر له ذلك، فلما راح زوجها ذكر له ذلك.
قال: إنا لله وإنا إليه راجعون.
فقال: مالك، قال: قلت لها: إن خرجت فاستعديت عليَّ سلطاناً فأنت طالق البتة؟
فقال: من سمع في هذا شيئاً؟ فقال الرياش بن عدي: طلق رجل امرأته البتة فقضى علي بن أبي طالب -عليه السلام- أنها ثلاث.

(2/149)


وقال عبد الله بن شداد: قضى فيها عمر أنها تطليقة بائنة.
فقال: قد اختلف علينا علماء أصحاب محمد، انطلق إلى شريح، قال: فانطلق فسأله، فقال شريح: أما قولك: أنت طالق، فهي كما قال، وأقفه عند بدعته، فسأله الأمير عن ذلك؟، فقال: نويت أن لا أعود إليها.
باب في الخَلِيّة والبَرِيّة والبَائِنة وحبلك على غاربك
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن مصبح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا قال الرجل لامرأته: قد برئت منك، فقد برئت منه).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: وحدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (كان يقول: خلية، وبرية، وحبلك على غاربك ثلاث، إلا أنه كان يدينه في حبلك على غاربك).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- أنه كان يقول في الخلية والبرية والباينة: (يوقفه فيقول: مانويت؟ فإن قال: نويت واحدة، كانت واحدة وهي أملك بنفسها، وإن قال:نويت ثلاثاً:كانت حراماً حتىتنكح زوجاً غيره، وإن قال لم أنو شيئاً كانت واحدة، يملك الرجعة.

(2/150)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن إبراهيم بن محمد، عن أبي مالك، عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر، عن علي -عليه السلام- في الرجل يقول لامرأته: خلية أو برية أو بتة، إذا أراد بها الطلاق أن كل واحدة منهنَّ ثلاث، لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد عن يحيى بن فضيل، عن حسن، عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر محمد بن علي قال: إذا قال أحدكم لامرأته أو من قال: هي خلية أو طالق البتة، أو هي بائنة أو هي برية، فلا تصلح له حتى تنكح زوجاً غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن الحسن البصري، عن علي -عليه السلام- أنه كان يقول في الخلية والبرية والبائن والبتة والحرام كل واحدة منهنَّ ثلاث.
باب الرجل يطلق امرأته طلاق الحرج أو يطلقها بغير اسمها
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا أسباط بن محمد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، وأبي حسان الأعرج، عن علي -عليه السلام- أنه قال: (إذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق طلاق الحرج أنها ثلاث).
قال أبو جعفر: كان اسم امرأته (نواة).

(2/151)


باب شهادة النساء في الطلاق وطلاق النائم والصبي والمجنون
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن اليرتجي بن خالد، قال: سمعت جعفر بن محمد يذكر عن أبيه عن علي -عليه السلام- قال: (تجوز شهادة النساء في كل شيء إلا الحد).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن الربيع بن صبيح، عن الحسن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ)).
وبه قال: وحدثنا محمد، قال: حدثنا محمد عن وكيع، حدثنا الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: أتي عمر بامرأة مجنونة قد فجرت، فشاور الناس في رجمها، فقال له علي -عليه السلام-: (أما علمت أن القلم قد رفع عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يعقل)؟
فخلى سبيلها.

(2/152)


باب الخيار إذا اختارت المرأة نفسها أو اختارت زوجها وما روي في ذلك
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن نوح، عن ابن أبي ليلى، قال: كل من حدثني عن علي -عليه السلام- قال: (إذا اختارت المرأة زوجها فلا شيء).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن عاصم، عن قيس، عن مخول بن راشد، عن أبي جعفر قال: قال علي -عليه السلام- (إن اختارت نفسها فواحدة بائن، وإن اختارت زوجها فلا شيء).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن محمد بن جبلة، عن محمدبن بكر، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: إذا خير الرجل امرأته فاختارت نفسها فهي تطليقة باينة، وهي أملك بنفسها، فإن اختارت زوجها أو سكتت فلا شيء).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن محمد بن جبلة، عن محمدبن بكر، عن أبي الجارود، عن جعفر قال: خيَّر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- نساءه فاخترنه، أفكان ذلك طلاقاً؟ إنهن جلسن عند امرأة منهنَّ فتذاكرن فقلن: إن يحدث بنبي الله حَدَث فلا نساء والله أرغب في عيون الرجال، ولا أرفع ولا أغلى مهوراً منَّا، فغار الله عز وجل وأمره فاعتزلهنَّ تسعاً وعشرين ليلة، ثم إن جبريل -عليه السلام- قال: قد تم الشهر فأمره أن يخيرهنَّ، فقال:?يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَِزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا

(2/153)


وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً، وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا?[الأحزاب:28-29]. فقلن: بل الله ورسوله والدار الآخرة، أفكان طلاقاً؟.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن عائد بن حبيب، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر: إن أهل الكوفة يزعمون أن علياً -عليه السلام- كان يقول: إذا خيّر الرجل امرأته فاختارت زوجها فهي واحدة وهو أحق بها، وإن اختارت نفسها فهي بائنة.
قال أبو جعفر: هو شيء وجدوه في الصحف، وقد خير رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- نساءه، فجعل يسمي واحدة واحدة، فيقول: يا فلانة اختاري، فاخترنه كلهنَّ فلم يعد ذلك طلاقاً، فقلت له: أرأيت لو اخترن أنفسهنَّ، قال: هي واحدة بائنة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، قال: حدثنا حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن أبي جعفر في رجل خيَّر امرأته فاختارت زوجها، قال: قد خيَّر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- نساءه فاخترنه فلم يكن طلاقاً، قال: فإنها اختارت نفسها.
قال: هي تطليقة بائنة هي أملك بنفسها، وليس عليها رجعة، وهو رجل من الخطاب، ولا يخطبها في العدة غيره؛ لأنها تعتد من مائه.

(2/154)


وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا محمد بن جميل، عن نصر بن مزاحم، عن شريك، عن جابر، عن عامر في قول علي وعبد الله وزيد: أمرُكِ بيدك، واختاري سواءً.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن مخول بن راشد، عن أبي جعفر أنه أنكر قول علي -عليه السلام- في الخيار، وقال: إنما هذاشيء يجدونه عن علي في الصحف، قال: كان علي -عليه السلام- يقول: إذا اختارت نفسها فهي واحدة بائنة، فإذا اختارت زوجها فلاشيء.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن سفيان، عن ليث، عن طاوس عن ابن عباس أنه كان يقول في الخيار مثل قول عمر وعبد الله.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن عبيدة، عن إبراهيم عن الأسود، عن عائشة خيَّرنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فاخترناه فلم نحسبه طلاقاً.

(2/155)


باب من قال من خيَّر فقد طلق
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- أنه قال: (إذا خير الرجل امرأته فاختارت زوجها فهي تطليقة، وهو أحق برجعتها، فإن اختارت نفسها فواحدة وهي أملك بنفسها، ويخطبها إن شاء).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن شريك، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، وعن محمد بن الحنفية، عن علي قال: (من خير فقد طلق).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبدالرحمن، عن عبدالسلام بن حرب، عن مطرف، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن علي -عليه السلام- أنه كان يقول: (إذا اختارت نفسها فواحدة بائنة، وإن اختارت زوجها فواحدة وزوجها أحق بها).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبدالرحمن، عن الحسن بن محمد بن فرقد الأسدي، عن الحكم بن ظهير، عن السدي قال: كانت عائشة تفتي في التخيير أن المرأة إذا اختارت زوجها فلا شيء وهي امرأته، وإذا اختارت نفسها فهي تطليقة، وتقول: قد خيرنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فاخترناه، فلم يعد ذلك طلاقاً، وكان علي -صلوات الله عليه- يخالفها في ذلك ويقول: (إذا اختارت المرأة نفسها فهي تطليقة وهي أحق بنفسها، وإذا اختارت زوجها فهي تطليقة وهو أحق بها).

(2/156)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا خيرها فاختارت نفسها فهي واحدة بائنة، وإن اختارت زوجها فهي واحدة وهو أحق بها).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن أبي خالد، عن الشعبي قال: سألني عبدالحميد بن عبدالرحمن، عن الرجل يخيَّر امرأته، فقلت له: كان علي يقول: (إذا اختارت نفسها فهي واحدة بائنة، وإذا اختارت زوجها فهي واحدة وهو أحق بها)، وكان عبد الله يقول: إذا اختارت نفسها فواحدة وهو أحق بها، وإن اختارت زوجها فلا شيء. وكان زيد بن ثابت يقول: إذا اختارت نفسها فثلاث.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن جرير بن حازم، عن عيسى بن عاصم الأسدي، عن زاذان، قال: سئل علي بن أبي طالب-عليه السلام- عن الخيار، فقال: سألني عنه عمر، فقلت: إن اختارت نفسها فهي واحدة بائنة، وإن اختارت زوجها فهي واحدة وهو أحق بها.
فقال لي عمر: ليس كما قلت، ولكن إن اختارت نفسها فواحدة، وهو أحق بها، وإن اختارت زوجها فلا شيء.
قال علي: فلم أجد بداً من متابعة أمير المؤمنين، فلما وليت الأمر وأتيت في الفروج، رجعت إلى ما كنت أعرف.
فقلنا له، أو قيل له: رأيكما في الجماعة أحب الينا من رأيك في الفرقة، فضحك وقال: أما إنه قد أرسل إليَّ زيد بن ثابت فسأله فخالفني

(2/157)


وإياه، فقال: إن هي اختارت نفسها فهي ثلاث، وإن اختارت زوجها فهي واحدة وهو أحق بها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن الهزاز الرواسي، أن عدي بن قريش جعل له نعلاً وطيلساناً على أن يخير امرأته ثلاثاً فخيرها فاختارته، كل ذلك تختاره، ففرق علي بينهما.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم في التخيير قال: كان علي يقول: إن اختارت نفسها فتطليقة بائنة، وإن اختارت زوجها فتطليقة يملك رجعتها، وكان عمر وعبد الله وعائشة يقولون: إن اختارت زوجها فلا شيء، وإن اختارت نفسها فتطليقة يملك رجعتها.
باب الموهوبة لأهلها
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن مطرف عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن علي في رجل قال لامرأته: قد وهبتك لأهلك، قال: (إن قبلوها فواحدة بائنة، وإن ردوها فواحدة وهو أملك برجعتها).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن علي بن غراب، عن عبدالوهاب بن مجاهد، وعن مجاهد قال: قال علي -عليه السلام-: (أربع ليس للرجل فيهن رجعة على النساء: المرأة تشتري نفسها بمالها، والمرأة يخيرها الرجل فتختار نفسها، أو يهبها لأهلها، أو يطلقها قبل أن يدخل بها). قال محمد: يعني: نجمها.

(2/158)


باب الرجل يجعل أمر امرأته بيدها أو بيد غيرها
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن منصور عن الحكم، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا قال الرجل لامرأته: أمرك بيدك، فالقضاء ما قضت به).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن جابر، عن عامر، عن علي -عليه السلام- قال: (من كانت بيده عقدة فجعلها بيد غيره فهو كما جَرى لسانه عليه).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي ليلى، عن الشعبي، قال: في قول علي وعبد الله وزيد: اختاري وأمرك بيدك سواء.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم بن عامر، عن قيس، عن جابر، عن عامر، عن علي قال: (إذا جعل الرجل أمر امرأته بيدها فهو بيدها ما لم تكلم).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان عن منصور، عن الحكم، عن علي قال: (إذا جعل الرجل أمر امرأته بيدها، فأمرها بيدها حتى تكلم).

(2/159)


باب الظهار
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبدالرحمن، عن الحسن بن محمد، عن الحكم بن ظهير، عن السدي، عن ابن عباس في قول الله سبحانه: ?قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا...?[المجادلة:1]إلخ، نزلت في امرأة من الأنصار يقال لها: (خولة بنة ثعلبة)، وكان لها زوج يقال له: (أوس بن الصامت)، فبينما هي تصلي إذ نظر إليها فأعجبته، فأمرها أن تنصرف إليه فأبت وتمت على صلاتها، فغضب وقال: أنت عليَّ كظهر أمي، وكان الظهار طلاقاً من طلاق الجاهلية، فندم، وندمت، فأتت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فذكرت ذلك له، وقالت: انظر هل ترى له من توبة؟
فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما أرى له من توبة في مراجعتك)). فرفعت يدها إلى الله عزوجل وقالت: اللهم، إن أوساً طلقني حين كبرت سني ورق عظمي، و ذهبت حاجة الرجال مني. فرحمها الله عز وجل فأنزل الله الكفارة، فدعاه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وقال له: ((اعتق رقبة))، قال: لا أجدها، هي تحيط بمالي، إن أعتقت رقبة لم يكن لي مال إلا شقص في دار.

(2/160)


فقال له النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((صم شهرين متتابعين)).
فقال: إن لم آكل كل يوم ثلاث مرات لم أصبر.
قال: ((فاطعم ستين مسكيناً)).
فقال: ما عندي ما أتصدق به إلا أن يعينني الله ورسوله، فأعانه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-بعرق من تمر وهو الزنبيل، فيه ثلاثون صاعاً من تمر كان عند النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من الصدقة، فقال: يا رسول الله، ما بين لابتي المدينة أهل بيت أحوج إليه منَّا.
قال: ((فانطلق فكله أنت وأهلك، وقع على امرأتك)).
قال أبو جعفر: هذا لا يصلح لأحد بعد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إن كان عنده، وإلا صام شهرين.

(2/161)


باب في المظاهر يحنث أو لا يحنث وما يجب عليه من الكفارة
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا عباد، قال: حدثنا عيسى بن عبد الله، قال حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: من ظاهر فعليه الكفارة فاء أو لم يَفئ؛ لِمَا قال من المنكر والزور. قال الله سبحانه:?وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا?[المجادلة:2].
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، قال: حدثنا عيسى بن عبد الله قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- في المظاهر، (عليه الكفارة حَنِث أو لم يحْنَث؛ لما قال من المنكر والزور).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي قال: (ليس الكفارة في الكذب إنما الكفارة في الحنث).
قال محمد: هذا لا يستعمل.

(2/162)


باب في المظاهر يغشى قبل أن يكفِّر، والرجل يظاهر من أربع نسوة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن أبي معاوية، عن إسماعيل، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، قال: أتى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- رجل فقال: إني ظاهرت من امرأتي، وإني أعجبني خلخالها في القمر، فوقعت عليها، فقال -عليه السلام-: ((ألم يقل الله عز وجل ?مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا?[المجادلة:3]؟ أمسك حتى تكَفّر)).
قال محمد: أراد به لم يأمره إلا بالكفارة الواحدة، جرت به السنة عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمدبن عبيد، عن علي بن هاشم، عن إسماعيل، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: ((ألم يقل الله عز وجل: ?مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا?؟ أمسك حتى تكَفّر)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر عن أبيه، عن علي -عليه السلام- في رجل ظاهر من أربع نسوة قال: (كفارة واحدة).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر في رجل ظاهر من أربع نسوة في مجلس واحد، قال: كفارة واحدة، إن كان حراً فعليه كفارة الحر، وإن كان عبداً فليس عليه من الكفارة إلا صيام شهرين متتابعين؛ لأن المملوك وماله لمولاه.

(2/163)


باب الرجل يظاهر من امرأته مراراً والمرأة تظاهر من زوجها
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن مصبح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه عن جده، عن علي -عليه السلام- في الرجل يظاهر من امرأته ثلاث تظهيرات: (أن عليه ثلاث رقاب إن كان له سعة مال، فإن لم يكن له سعة مال فإن عليه تحرير رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً، لكل مسكين صاع من طعام، ولا تحل له حتى يقضي الكفارات كلهنَّ).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر في الرجل يظاهر من امرأته أربع مرات قال: يعتق أربع رقاب، أو يطعم، أو يصوم ثمانية أشهر.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا حسين بن نصر، عن خالد بن عيسى، عن حصين بن المخارق، عن جعفر، عن أبيه في امرأة ظاهرت من زوجها فقالت: هو علي كظهر أمي، فلم ير عليها كفارة.

(2/164)


باب الرجل يظاهر من أمته
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن حفص، عن غياث، عن ابن أبي عروبة عمن حدثه، عن عطاء، عن ابن عباس في الرجل يظاهر من أمته، قال: ليس بظهار.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن إسحاق بن منصور، عن حسن بن صالح، قال: سألت جعفر بن محمد عن الرجل يظاهر من أمته، قال: يعتق.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن الحسن، عن جعفر، عن أبيه في الرجل يظاهر من أمته، قال: يعتق.
وبه قال: حدثنا محمد قال، حدثنا عباد، عن نصر بن مزاحم، عن الحسن بن صالح قال: سألت جعفر بن محمد عن الرجل يظاهر من أمته؟، قال: عليه الكفارة مثل الحرة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن يحيى بن فضيل، عن الحسن، عن جعفر بن محمد في الرجل يظاهر من أمته، قال: عليه الكفارة كاملة إن شاء أعتقها كفارة عن يمينه ثم يتزوجها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن إسحاق بن منصور، عن حسن بن صالح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال:عليه كفارة يعتق.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن نصر بن مزاحم، عن الحسن بن صالح، عن جعفر بن محمد في الرجل يظاهر من أمته، قال: قال أبو جعفر: يعتق.

(2/165)


باب من كفارة الظهار
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا كان على الرجل صوم كفارة ظهار فواقع أهله، استأنف الصوم).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص قال: حدثني ابن جريج، عن إبراهيم بن فلان، عن علي قال: (لا يدخل ظهار في إيلاء، ولا إيلاء في ظهار).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (عليه تحرير رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً، لكل مسكين صاع من الطعام).
قال: أكثرهما ثمناً بدينار.

(2/166)


باب المختلعة وما يجوز أن يؤخذ منها
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن جعفر بن حيان أبي الأشهب، عن الحسن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((المختلعات المتبرعات هن المنافقات)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن خالد الحَذَّاء أو أيوب السختياني، عن أبي قلابة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس لم تُرِح رائحة الجنة)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن ابن مبارك، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: أتت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- امرأة فقالت: إني أبغض فلاناً، وأحب فرقته تعني زوجها.
فقال: ((تردين عليه حديقته))؟.
قالت: نعم، وأزيده، قال: ((أما الزيادة من مالك فلا))، فقبل منها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فبلغ ذلك زوجها فأجازه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن عبدالرحيم بن سليمان، قال: حدثنا ابن أبي عروبة، عن أيوب السختياني، عن عكرمة أن امرأة أتت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في زوجها فقالت: والله ما أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكن أكره كذا في الإسلام.
فقال: ((تردين عليه حديقته))؟.
قالت: نعم، ففرق بينهما، وقال نبي الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا تأخذ منها أكثر مما أعطيتها)).

(2/167)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص بن غياث، قال: حدثنا ابن جريج، عن عطاء وابن الزبير أن امرأة أتت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- تشكو زوجها، فقال: ((تردين عليه حديقته وما أخذت منه))؟.
قالت: نعم، وأزيده.
قال: ((أما الزيادة فلا)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن أبي مالك، عن حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن حبيبة بنة سهل كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس، وكان دميماً فقالت: يا رسول الله، لولا مخافة الله لبصقت في وجهه حيث يدخل عليَّ.
قال: ((فتردين عليه حديقته))؟.
قالت: نعم، فردت عليه حديقته، وفرق رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بينهما.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عبيدالله بن يحيى الحضرمي، عن علي -عليه السلام- قال: (يطيب للرجل الخلع إذا قالت: والله لا أبَر لك قسماً ولا أطيع لك أمراً، ولا أغتسل لك من جنابة، ولا أكرم لك نفساً).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الرحمن، عن الحسن بن محمد، عن الحكم بن ظهير، عن السدي، عن علي وابن عباس في الرجل تَنْشُز امرأته وتطلب الفراق فتقول: والله لا أبرلك قسماً، ولا أطيع لك أمراً إذا فعلت، حل فراقها لزوجها أن يأخذ منها، ولا يأخذ أكثر مما أعطاها.

(2/168)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد عن ابن فضيل، عن ليث، عن الحكم، عن علي قال: (إذا خلع الرجل امرأته فلا يأخذ منها فوق الذي أعطاها).
حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن ليث، عن الحكم، عن علي أنه كره: أن يأخذ من المختلعة أكثر مما أعطاها.
حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن جريج، عن عطاءٍ يبلغ به النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((لا يأخذ منها أكثر مما أعطاها)).
حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن حفص بن غياث، عن ليث، عن الحكم عن علي-عليه السلام- أنه كان يكره أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا قبل الرجل من امرأته فدية فهي تطليقة واحدة، وهي أملك بنفسها، فإن رجعت فلا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهنَّ شيئاً إلا أن يخافا إلا يقيما حدود الله، وذلك أن تقول المرأة لزوجها: لا أقيم لك حدود الله، أو تقول: لا أكرم لك نفساً، ولا أطيع لك أمراً، ولا أبِرّ لك قسماً، ولا أغتسل لك من جنابة، أو تقول لا أغتسل لك من حيضة، ولا أتوضأ للصلاة، فإذا فعلت ذلك جاز له الفدية).

(2/169)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن أبي محياة، عن منصور، عن الحكم، عن إبراهيم قال: كان علي -عليه السلام- لا يأخذ في الخلع أكثر مما أعطاها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن ابن مبارك، عن أبي حنيفة، عن رجل، عن أبيه، عن علي، قال: لايأخذ منها أكثر مما أعطاها.
حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن سفيان بن عيينة، قال: سمعت رجلاً يحدث عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: لا يأخذ منها أكثر مما أعطاها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن ابن مبارك، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: يأخذ منها حتى قرطها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن ابن المبارك، عن الحسن، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: يأخذ منها كل قليل وكثير ولو عقيصتها.

(2/170)


باب البينونة بالخلع والطلاق بعد الخلع في العدة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن إبراهيم بن يزيد المكي، عن داود بن أبي عاصم الثقفي، عن سعيد بن المسيب، قال: جعل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الخلع تطليقة بائنة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن مصبح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيد الله بن محمد بن عمر، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا قبل الرجل من امرأته فدية فهي أملك بنفسها وهي تطليقة واحدة).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن عاصم، عن عامر، عن قيس أو غيره، عن عبدالوهاب بن مجاهد، عن أبيه قال: قال علي -عليه السلام-: (إذا اشترت المرأة نفسها من مالها من زوجها فهي تطليقة بائن).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن علي بن غراب، عن عبدالوهاب بن مجاهد، عن مجاهد، قال: قال علي -عليه السلام- (ليس للرجل رجعة على امرأته تشتري نفسها بمالها).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، قال: حدثني إسماعيل بن عياش، قال: حدثنا العلاء بن عتبة، عن علي بن أبي طلحة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((للمختلعة طلاق ما كانت في عدتها)).

(2/171)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه قال: المختلعة يلحقها الطلاق ما كانت في العدة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن أبي فضالة، عن علي بن أبي طلحة، عن أبي عون الأعور، عن أبي الدرداء قال: للمختلعة طلاق في العدة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن سفيان بن عيينة، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: ليس الطلاق بعد الخلع بشيء.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن ابن مبارك (يعني علي ابن المبارك)، عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن مسعود، وعمران بن الحصين، قالا: التي تفتدي من زوجها يقع عليها الطلاق ما كانت في العدة.
باب عدة المختلعة ونفقتها
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن إسرائيل، عن عبدالأعلى الثعلبي، عن محمد بن الحنفية، عن علي قال: (عدة المختلعة عدة المطلقة).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو هشام الرفاعي، عن يحيى بن آدم، عن شريك، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس أنه كان لا يرى للمختلعة نفقة ولا متعة.

(2/172)


باب الإيلاء والأيمان التي توجبه
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبدالرحمن، عن الحسن بن محمد، عن الحكم، عن السدي في قوله سبحانه:?لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ?[البقرة:226-227]. قال: الإيلاء: الحلف، وهو الرجل يحلف أن لا يقع على امرأته، فقال فيها علي بن أبي طالب: (إذا مضت الأربعة الأشهر أوقف، فقيل له: أمسك أو طلق، فإن أمسك فهي امرأته، وقد فاء إليها بالعطف إليها وإمساكها، وإن طلق فهي طالق، تستقبل ثلاث حيض منذ طلقها، وإن كان غائباً انتظر حتى يَقْدَم ثم يوقف).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن حماد بن يعلى قال: سألت جعفر بن محمد عن الإيلاء، فقال: الإيلاء أن يحلف الرجل بالله الذي لا إله إلا هو، لا يقرب أهله أربعة أشهر، فإذا مضت أربعة أشهر خيَّر.

(2/173)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (كل إيلاء دون الحد فليس بإيلاء).
وبه قال: محمد: هذا أحب إلينا من قول حسن، وابن أبي ليلى، وإبراهيم، والشعبي.
حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، عن أبي خالد الأحمر، عن محمد بن سالم عن الشعبي، عن علي، وابن عباس، وابن مسعود قالوا: لا فيء في الإيلاء، إلا الجماع. إلا أن عبد الله قال: فإن حال بينه وبينها أمر لا يخلص إليها معه سفر أو مرض أو كبر، ففاء بقلبه أو بلسانه فهو فيء.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن حفص بن غياث، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن حبيب، قال: اختلف الموالي والعرب فقالت الموالي: الفيء هو ما دون الجماع، وقال العرب: الفيء هو الجماع، فقال ابن عباس: غُلِبَت الموالي.
وبه قال: محمد بن منصور: لا يكون فيء باللسان والقلب لا نعرفه، ولكن إذا قال: اشهدوا أني قد فئت إلى فلانة وأبطلت إيلائي منها، فهو فيءُ إذا كان لا يستيطع، وكذلك إن كان غائباً، فإذا كان يستطيع فلا يكون إلا في الجماع في الفرج، جماع يوجب الحد والرجم.

(2/174)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم بن عامر، عن قيس، عن محمد بن سالم، عن عامر قال: كان علي -عليه السلام- يقول: (الفيء الجماع).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن شريك، عمن سمع الشعبي، عن علي -عليه السلام- قال: (الفيء الجماع).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن المسعودي، عن الحكم، عن مِقْسم، عن ابن عباس: الفيء الجماع.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن قبيصة، عن مطرف، عن عامر، عن ابن عباس قال: الفيء الجماع.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن القاسم، قال: الفيء الجماع، فإن لم يقدر على الملامسة لمرض أو علة أو سفر فاء بلسانه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن مصبح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي في رجل أقسم لا يجامع امرأته حتى تفطم ولدها خشية أن يفسد لبنها، فلبثت معها سنتين، فقضى علي -عليه السلام- أن ذلك ليس بإيلاء، ولا بأس عليه في ذلك.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا حفص بن غياث، عن ليث، عن زُبَيد عمن حدثه، عن علي -عليه السلام- قال: (إنما الإيلاء في الغضب).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان، عن روح، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير أن علياً -عليه السلام- قال له رجل: إني حلفت أن لا أمس امرأتي سنتين، فأمره علي -عليه السلام- باعتزالها.

(2/175)


فقال له رجل: إنما ذلك من أجل أنها ترضع، فخلى بينه وبينها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- أنه أوقف رجلاً آلى من امرأته بعد سنة أن يفي أو يعزم، وكان يقول: لا أرى امرأته تبين حتى يوقف.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، عن جرير، عن ليث، عن مجاهد، قال: حدثنا مروان بن الحكم، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا مضت أربعة أشهر حبس الرجل حتى يبين، رجعة أو طلاقاً).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد عمن حدثه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن علياً كان يوقف المولِي ولو بعد سنة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبدالرحمن، عن الحسن بن محمد، عن الحكم بن ظهير، عن السدي قال: قال علي: (العزيمة إذا أوقف أمسك أو طلق، فإن طلق فقد عزم).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن شريك، عن ليث، عن مجاهد قال: سمعت مروان بن الحكم يقول: سمعت علياً يقول في الرجل يولي من امرأته: (إن كنتُ لموقفه بعد الأربعة أشهر).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن عبثر بن القاسم، عن الشيباني، عن عامر، عن عمرو بن سلمة قال: أوقف علي -عليه السلام- رجلاً آلى من امرأته بعد الأربعة فقال: إما أن يفيء وإما أن يطلق.

(2/176)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن محمد بن ميمون، عن جعفر عن أبيه أن علياً كان يقول: (إذا مضت الأربعة الأشهر، إما أن يطلق وإما أن يمسك).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن علي بن غراب، عن جعفر، عن أبيه أن علياً كان يقول: (إذا مضت الأربعة الأشهر إما أن يطلق وإما أن يمسك).
حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن حاتم، قال: حدثنا جعفر، عن أبيه أن علياً -عليه السلام- قال: (إذا آلى الرجل من امرأته فمضت أربعة أشهر، فإما أن يمسك بمعروف، وإما أن يسرح بإحسان).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن عبد الرحمن قال: حدثنا محمد بن علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- أنه كان: يوقف المولي بعد الأربعة أشهر يقول: إما إن يفيء وإما أن يطلق.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن عمار بن زريق، عن موسى بن أبي عائشة، عن الشعبي قال: زوج النعمان بن بشير الأنصاري ابنته رجلاً فآلى منها، فقال له مولى له: إن فلاناً قد آلى من امرأته فلانة، وقد تقاربت الشهور أن تنقضي، وأمير المؤمنين علي بحضرتكم.
فقال: أنت رسولي إليه، فسأله؟ فقال علي: (له الفيء في الأربعة، ولها الفيء بعد الأربعة).
قال محمد: لها الفيء بعد الأربعة، لها أن تحاكمه بعد الأربعة.

(2/177)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن قبيصة بن ليث، عن الشيباني، عن بكير بن الأخنس، عن مجاهد، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: شهدت علياً -عليه السلام- أتي برجل وامرأته قد آلى منها بعدما مضت الأربعة فقال: (إما أن تفيء وإما أن تطلق).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن عبدالرحمن بن سليمان، حدثنا سليمان الشيباني، عن عامر، عن عمرة بن سلمة، عن علي-عليه السلام- أنه كان يوقف المولى بعد الأربعة الأشهر يقول: (إما أن تفيء وإما أن تطلق إلى هنا).
حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن أبيه، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر أن علياً أوقف عمرو بن الحارث وكان آلى من امرأته عند انقضاء الأربعة الأشهر فعزم.
حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن الشيباني، عن الشعبي، عن عمرو بن سلمة أن علياً كان يوقف المولي عند انقضاء الأربعة الأشهر، فإما أن يفيء وإما أن يطلق.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر أن علياً-عليه السلام- أوقف عمرو بن الحارث بعد الأربعة فعزم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان عن الشيباني، عن عامر، عن عمرو بن سلمة، عن علي أنه كان يوقف المولي.

(2/178)


حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن سفيان، عن الشيباني، عن بكير بن الأخنس عن مجاهد، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن علي -عليه السلام- أنه كان يوقف المولي.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد، عن مروان بن الحكم أن علياً كان يوقف المولي.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن إبراهيم بن محمد، عن أبي مالك الجنبي، عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر، قال: كان يقول إذا آلى الرجل عن امرأته فمضت له أربعة أشهر أوقفه، فقال: إما أن تمسك وإما أن تطلق، قال: قلت لأبي جعفر: أكان يوقفه ولو بعد سنة؟ قال: ولو بعد سنة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا عائذ بن حبيب، قال: حدثني سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن علي-عليه السلام- قال: (مضي الأربعة الأشهر تطليقة بائن).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن أبي خالد الأحمر، عن حجاج، عن سالم المكي، عن ابن الحنفية قال: عزيمة الطلاق مضي الأربعة الأشهر، وهي بائن وتعتد بثلاثة قروء، ولا يخطبها في عدتها غيره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن أن علياً قال: (إذا آلى الرجل من امرأته فمضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائن).

(2/179)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد ومحمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن شعبة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: عزيمة الطلاق انقضاء الأربعة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن علي بن صالح، عمن سمع الشعبي، عن علي قال: هما كفرسي رهان، وقال ابن مسعود: يهدم الطلاق الإيلاء.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن يحيى بن فضيل، عن حسن بن صالح، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: إنما الإيلاء في الجماع.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر عن القاسم قال: الإيلاء أن يحلف الرجل على امرأته أن لا يكون بينها وبينه جماع.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه قال: إذا جمع المسلم بين المسلمة والنصرانية فطلاقهما سواء، والإيلاء منهما سواء.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، حدثنا سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار، عن بضعة عشر من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أنهم كانوا يقولون في المولي يوقف.
قال محمد: هذا مثل قول علي -رحمة الله عليه-.

(2/180)


باب اللعان
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، قال: فرق رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بين المتلاعنين وقال: ((حسابكما على الله، أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها)).
قال: يا رسول الله، مالي...
قال: ((لا مال لك، إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد لك منه)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم بن عامر، عن قيس، عن عاصم بن أبي النجود، عن زرّ، عن علي -عليه السلام- قال: ((المتلاعنان لا يجتمعان أبداً)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان عن أبيه، عن قيس، عن عاصم، عن زر، عن علي -عليه السلام- قال: (المتلاعنان لا يجتمعان).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبدالرحمن، عن الحسن بن محمد، عن الحكم، عن السدي، عن ابن عباس قال: يفترقان فلا ينكحها أبداً.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن عبد الله بن موسى، قال حدثنا عثمان بن عطاء الخراساني، عن أبيه، عن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، قال: قال عبد الله بن عمرو: يا رسول الله، إني أسمع منك أشياء أخاف أن أنساها فتأذن لي أن أكتبها؟ قال: ((نعم))، فكان فيما وجدنا في كتبه أن رسول الله

(2/181)


-صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((أربع من النساء لا ملاعنة بينهنَّ وبين أزواجهنَّ: الحرة تحت العبد، والمملوكة تحت الحر، واليهودية تحت المسلم، والنصرانية تحت المسلم)).
وبه قال: محمد: هذا حسن عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو المعمول به.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن عباد بن منصور الناجي، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لاعن بِحَبَل.
قال محمد: أهل الكوفة يلاعنون بالولد وبالقذف، ولا يلاعنون بالحبل، وأهل المدينة يلاعنون بنفي الولد وبالحبل، ولا يلاعنون بالقذف، فقيل لأهل الكوفة: إن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قد لاعن بحبل، فقالوا: النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كان يعلم، فمن كان يعلم مثل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فذلك إليه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- أنه كان يقول: إذا قذف الرجل امرأته جلد، حية كانت أو ميتة، شاهدة كانت أو غائبة.
قال محمد: هذا لا يستعمل.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال في رجل أدخلت عليه امرأته، فقال: لم أجدها عذراء، قال: لا يُصدق، فإن قذفها جلد.

(2/182)


كتاب البيوع

باب من قال الفقه ثم المتجر
وبه قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن منصور، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه أن رجلاً أتى علياً -عليه السلام- فقال: يا أمير المؤمنين، إني أريد التجارة فادع الله لي. فقال له علي-عليه السلام: أفقهت في الدين؟ قال: أو يكون بعض ذلك؟ قال: ويحك!!، الفقه قبل، ثم المتجر، إن من باع أو اشترى ولم يسأل عن حلال ولا حرام ارتطم في الربا، ثم ارتطم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد، عن مصعب، عن سعد، عن أبي جعفر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يا معشر التجار، أما إني لا أسميكم السماسرة، ولكني أسميكم التجار، والتاجر فاجر، والفاجر في النار، إلا من أخذ الحق وأعطاه)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن الله يحب العبد سهل البيع، سهل الشراء، سهل القضاء، سهل الاقتضاء)).

(2/183)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((تحت ظل العرش، يوم لا ظل إلاظله، رجل خرج ضارباً في الأرض يطلب من فضل الله، يعود به على عياله)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عيسى، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني لعنت الإمام يتجر في رعيته)).
قال محمد: يعني لا يتجر الإمام في رعيته؛ لأن الرعية تهابه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: لعن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الربا، وآكله، ومؤكله، وبائعه، ومشتريه، وكاتبه، وشاهديه.

(2/184)


باب من قال الذهب بالذهب والفضة بالفضة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: أهدي لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- تمر، فلم يُرِد منه شيئاً، فقال لبلال: ((دونك هذا التمر حتى أسألك عنه))، فانطلق بلال فأعطى التمر مثلين وأخذ مثلاً، فلما كان الغد قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((يابلال: آتنا خبيئتنا التي استخبأناك))، فلما جاء بلال بالتمر، قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما هذا الذي استخبأناك)).. فأخبره بالذي صنع، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((هذا الحرام الذي لا يصلح أكله، فانطلق فاردده على صاحبه، ومره أن لا يبيع هكذا ولا يبتاع))، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((الذهب بالذهب مثل بمثل، والفضة بالفضة مثل بمثل، والشعير بالشعير مثل بمثل، والبر بالبر مثل بمثل، والذرة بالذرة مثل بمثل، فمن زاد أو ازداد فقد أربى)).

(2/185)


باب النهي عن شرطين في بيع وعن سلف وبيع وعن بيع الملامسة وطرح الحصاة
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن صبيِّح، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن شرطين في بيع، وعن سلف وبيع، وعن بيع ما ليس عندك، وعن ربح ما لم يضمن.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن كثير بن هشام، قال حدثنا جعفر بن برقان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن لبستين أن يلتحف الرجل بالثوب الواحد يرفع جانبيه عن منكبيه ليس عليه ثوب غيره، أويحتبى الرجل بالثوب الواحد ليس بين فرجه وبين السماء ستر.
ونهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن نكاحين: أن تزوج المرأة على عمتها أو على خالتها.
ونهانا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن مطعمين: الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، وأن يأكل الرجل منبطحاً على بطنه.
ونهانا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن بيعتين، عن بيع المنابذة والملامسة، وكانوا يتبايعون بهما في الجاهلية.
فسألت جعفراً عن الملامسة والمنابذة؟ قال: المنابذة: أن يقول الرجل إذا نبذت إليك فهو بكذا وكذا، والملامسة أن يعطي الرجل الشيء ثم يلمسه المشتري بيده وهو مغطى لا يراه.

(2/186)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن صبيح، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-، قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن بيع الملامسة، وطرح الحصاة، وعن بيع الشجرة حتى تعقد، وعن بيع التمر حتى يصفر أو يحمر، ونهانا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن بيع العذِرَة وقال: ((هي ميتة)).
قال محمد بن منصور: كانت الحصاة بيع في الجاهلية إذا سام الرجل الرجل بالسلعة، فإذا طرح أحدهما حصاة فقد وجب البيع.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن صبيح، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن أكل كل ذي ناب من السبع، وعن لحوم الحمر الأهلية، وعن الحبالى أن يوطأن إذا كان الحبل من غيرك أصبتها شراءً أو خمساً.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((الماء يسقي الماء، ويشد العظم، وينبت اللحم))، وعن مهر البغي، يعني أجر الزانية، وعن أجر كل عسيب وهي الفحولة، وعن ثمن الخمر، وبيع الصدقة حتىتحاز، وعن بيع الخمس حتى يحاز.

(2/187)


باب من كره أن يحتكر الطعام
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-، قال: (محتكر الطعام آثم عاصٍ).
حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا الأصبغ بن زيد، قال: حدثنا أبو بشر، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((من احتكر طعاماً أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه أن علياً -عليه السلام- كان يطوف على القصابين فينهاهم عن النفخ، وقال: (إنما النفخ من الشيطان، فلا ينفخ في طعام ولا شراب ولا هذا)، يعني الشاة.
قال محمد: كره النفخ للبائع من أجل الشراء، فأما غيره فلا بأس به.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه: أن رجلين اختصما إلى علي -عليه السلام- فقال أحدهما: بعت هذا قواصر، واستثنيت خمس قواصر لم أعلمهن ولي خيار، فقال علي -عليه السلام-: (بيعكما فاسد).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جبارة، قال: حدثنا يحيى بن العلاء، عن المبارك، عن أبي عمر الأزدي، عن الحسن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من تربص بطعام أربعين ليلة ليغليِّ به سعر المسلمين ثم باعه وتصدق بثمنه، لم تكن صدقته كفارةلما صنع)).

(2/188)


باب ما جاء في السّلمِ
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر قال: لابأس بالسلم في الحيوان، أسنان معلومة إلى أجل معلوم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: لا بأس بالسلم في الحيوان إذا كانت سناً معلوماً إلى أجل معلوم، وكرهه قوم.
قال محمد بن منصور: هذا قول أهل الحجاز، وأهل البيت، وأهل الكوفة لا يأخذون به.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم قال: لا بأس في السلم في الثياب إذا كان ثوباً معلوماً ورقعة معلومة، ولا بأس بالسلم في الأبريسم والصوف، والقطن.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عبد الله قال: حدثني يحيى بن آدم، عن أبي شهاب، عن الربيع بن صبيح، عن أبي نصر، عن الزهري أن يهودياً قال لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: إن شئت يا محمد أسلمت إليك وزناً معلوماً في تمر معلوم، وكيل معلوم إلى أجل معلوم من حائط معلوم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا يا يهودي، ولكن إن شئت فأسلم وزناً معلوماً إلى أجل معلوم، في ثمرة معلومة وكيل معلوم، ولا أسمي لك حائطاً)).
قال: نعم، فأسلم إليه،

(2/189)


فلما كان آخر الأجل جاء اليهودي إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يتقاضاه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يا يهودي، إن لنا بقية يومنا هذا)).
قال: إنكم معشر بني عبدالمطلب قوم مطل، قال: فأغلظ له عمر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((انطلق معه إلى موضع كذا وكذا، فأوفه كذا وكذا حقه، وزده كذا وكذا للذي قلت له)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن عبد الله بن كثير، عن أبي المنهال عن ابن عباس قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- المدينة وهم يسلمون في الثمار السنتين والثلاث، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو هشام الرفاعي، عن يحيى بن يمان، عن حنظلة، عن القاسم، عن ابن عباس قال: لا بأس بالسلم في السبائب ذرع معلوم إلى أجل معلوم.

(2/190)


باب من قال البيعان بالخيار ما لم يفترقا
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((البيِّعان بالخيار فيما تبايعا، حتى يفترقا عن رضى)).
قال محمد بن منصور: سألت أحمد بن عيسى عمَّا ذكر في البيعين بالخيار ما لم يفترقا، قلت: هو عندك فرقة الكلام، أو فرقة الأبدان؟ قال: فرقة الأبدان أحوط. وجرى حديث جعفر بن محمد أنه باع من رجل زيتاً أو براً ثم قام، فقعد ناحية، ثم قال: حتى يجب البيع.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من اشترى مصراة فهو فيها بالخيار ثلاثاً: فإن رضيها وإلا ردها، ورد معها صاعاً من تمر)).
قال محمد بن منصور: المصراة من الإبل تصر يعني ضرعها، وتسمى من الغنم محفلة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، عن أبي ضمرة، عن جعفر، عن أبيه أن علياً قال: (إذا ابتاع الرجل الأمة فوجد بها عيباً، وقد أصابها، حطّوا عنه بقدر العيب من ثمن الجارية، ويلزمها الذي ابتاعها).

(2/191)


باب من أجاز بيع المصاحف وشراءها
وبه قال: حدثنا محمد، قال: سألت أحمد بن عيسى عن بيع المصاحف وشرائها والتجارة فيها وكتابتها بالأجر؟، فقال: لا بأس به، ما هي إلا كغيرها من التجارة، وقال أحمد: ليس هو بيع القرآن، إنما هو بيع الجلد وأجر يده.
وقال قاسم بن إبراهيم: لا بأس ببيع المصاحف وشرائها، وكتابة القرآن، والعلم بالأجرة.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا عباد، عن حاتم، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (من باع عبداً وله مال، فالمال للبائع إلا أن يشترط المبتاع، قضى به رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-: أنه كان لا يرى ببيع المصاحف وشرائها بأساً.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا أبو هشام، عن ابن يمان، عن إسرائيل، عن إسماعيل بن سليمان، عن أبي عمر، عن ابن الحنفية قال: لا بأس ببيع المصاحف، إنما يبيع الورق.

(2/192)


وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن ابن إدريس، عن هشام وداود، عن الحسن أنه كان يقول: لا بأس بشراء المصاحف وبيعها.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا جعفر عن ابن إدريس، عن داود، عن الشعبي قال: إنهم ليس كتاب الله يبيعون، إنما يبيعون الورق وعمل أيديهم.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا جعفر، عن ابن إدريس، عن أبيه، عن حماد، عن سعيد بن جبير قال: اشترها، ولا تبعها.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن حميد، عن حسن أنه كان يكره بيع المصاحف، ولا يرى بشرائها بأساً.
باب ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فيمن باع نخلاً قد لقح أن الثمرة للبائع إلا أن يشترط المبتاع، وما جاء في الثمرة لا تباع حتى يبدو صلاحها وما جاء في بيع الغرر

(2/193)


وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا هشام، قال حدثنا عبيدالله عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من باع نخلاً قد لقح فالثمرة للبائع، إلا أن يشترط المبتاع)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن أبي حنيفة، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من باع نخلاً مؤبراً فالثمرة للبائع إلا أن يشترط المشتري)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن حميد، قال: حدثنا الوصافي، عن سالم بن عبد الله قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن بيع الغرر، وعن بيع الثمار حتىتدرك، وعن بيع المضطر.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبدة بن عبد الرحيم المروزي، عن ضمرة بن ربيعة، قال: حدثنا عباد بن قيس، عن عثمان الأعرج، عن الحسن، عن عمران بن الحصين قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن بيع ما في ضروع الماشية قبل أن تحلب، وعن بيع جنين في بطون الأنعام، وعن بيع السمك في الماء، وعن بيع المضامين والملاقيح وحبل الحبلة.

(2/194)


وقوله: حبل الحبلة شيء كانوا يبتاعون به في الجاهلية إذا كان بالناقة أوبالرمكة أو الشاة حمل، يعني الجنين الذي في بطن أمه الثاني هذا حبل الحبلة، وقوله: السمك في الماء مثل الآجام ونحوها، نهى أن يبتاع ما فيها من السمك، إلا أن يكون قد حظر عليها حظائر، حتى يرى الذي يشتري ما فيها من السمك، وإذا أراد صيده لم يستطع السمك أن يمتنع من أن يؤخذ، وبيع الغرر مثل السمك في الماء والعبد الآبق ونحوه.
وقوله: نهى عن بيع المضطر، الذي يأخذه ا لسلطان بالخر اج، وما كان نحو ذلك مما يقهر عليه الرجل، فيبيع ماله من أرض أو عبد أو دار فيوكس في ثمنه، أو يشتري الشيء بتأخير ليفتدي به نفسه، فنهى أن يوكس في ثمنه، أو يزاد عليه في البيع، فيحتكرونه عليه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لا تبايعوا الصوف على ظهور الغنم، ولا تبايعوا اللبن في الضروع.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان وسفيان قالا: حدثنا عبدة بن سليمان، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن تلقي الجلب.

(2/195)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: سألت أحمد بن عيسى عن بيع أمهات الأولاد؟ فكرهه، وقال: إني لأستوحش منه، وقال: كيف لنا أن نعلم أن علياً كان يرى ذلك؟
فذكرت قوله لقاسم بن إبراهيم، فقال نحواً من قوله، وقال: صدق. وكيف لنا أن نعلم أن علياً كان يفعله؟.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم ولهم عذاب أ ليم: رجل بايع إماماً، فإن أعطاه شيئاً من الدنيا وفى له، وإن لم يعطه لم يف له، ورجل له ماء على ظهر طريق يمنعه سابلة الطريق، ورجل حلف بعد العصر لقد أعطي بسلعته كذا وكذا، فأخذها الآخر بقوله مصدقاً له وهو كاذب)).

(2/196)


باب أحاديث مختلطة في البيوع
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (جالب الطعام مرزوق).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان الثوري، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من ابتاع طعاماً فلا يبيعه حتى يكتاله)).
وبه قال: حدثنا محمد بن جميل، عن سعيد بن عثمان، عن عبد الرحيم، عن محمد بن سعيد، عن محمد بن زيد بن أبي مالك قال: أخبرني أبو شجاع، قال: سمعت واثلة بن الأسقع يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((لا يحل لامرئ أن يبيع شيئاً إلا أن يبيِّن ما فيه من العيب، ولا يحل لمن علمه إلا أن يبينه)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبد الله بن داهر، قال: أخبرني عمرو بن جميع، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((غُبن المسترسل ربا)).
وبه قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل قال: حدثنا مسلم، عن مجاهد، عن ابن عباس أنه كره بيع ده بأزده، وده وأزداه، ولكن يقول: هذا بألف، وأبيعك بألف ومائتين.

(2/197)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن أبائه، عن علي، قال: أتى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- رجل فقال: إني لست أتوجه في شيء إلا حورفت فيه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أنظر شيئاً قد أصبت فيه مرة فالزمه))، قال: القرظ. قال: ((فألزم القرظ)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((كل بيعين لا بيع بينهما حتى يفترقا، أو يقول أحدهما لصاحبه: اختر)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((البيعان بالخيار مالم يفترقا، إلا بيع الخيار)).
قال محمد: بيع الخيار إذا قال الرجل للرجل: قد بعتك هذه السلعة بكذا وكذا، فقال له قد قبلت، فيقول البا ئع للمشتري: اختر، فإذا اختار القبول أو الفسخ فقد وجب البيع.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد قال: لو أن رجلاً باع خدمة عبد حياته تم إذا رضي العبد.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن جابر، عن أبي جعفر أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- باع خدمة المدبر.

(2/198)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن وكيع، عن عبد الله بن عمر بن عثمان، عن الأخضر بن عجلان، عن أبي بكر الحنيفي، عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- باع متاع رجل قدحوَحِلْس وفاس فيمن يزيد.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (لا بأس بالمجارفة مالم يسم كيلاً).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا ضِرار بن صرد، عن عبد العزيز بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن سعيد بن المسيب، قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يباع اللحم بالحيوان.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن بيع المَجْر يعني: ما في الأرحام.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثا عباد، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن ربيعة بن عثمان، عن عمران بن أبي أنيس العامري، أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- نهى عن بيع الرطب بالتمر مثلاً بمثل؛ لأن الرطب إذا يبس نقص.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، عن عبدة بن سليمان، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن المزابنة، والمزابنة بيع النخل بالتمر كيلاً، وبيع العنب بالزبيب كيلاً، وبيع الزرع بالحنطة.

(2/199)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان، عن عبد الوهاب، عن أيوب، عن أبي الزبير، عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- نهى عن بيع المزابنة، والمحاقلة، والمخابرة، والمعاومة.
قال محمد: المزابنة: أن يشتري ما في رؤوس النخل من التمر بكيل من التمر.
والمحاقلة: أن يشتري الفراخ الزرع بفراخ زرع مثله أو بكيل من الحنطة.
والمخابرة: قبالة الأرض بطعام مسمى من الأرض التي تقبلت.
والمعاومة: أن يشتري التمر من النخل والشجر أعو اماً.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، أن رجلا أتى عليا -عليه السلام- وقد اشترى من عند رجل قد ولاه ضيعته، فقال السيد: لم آذن لعبدي أن يبيع فرده، وقال: (لا تبيع إلا بإذن السيد).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو هشام الرفاعي، عن ابن فضيل، عن عمر بن ذر، عن أبي جعفر أنه سئل عن قبالة الأرض والنخل؟ فقال: إن النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- كان يقبل خيبر من أهلها بالنصف، يقومون على النخل ويسوقونه ويلقحونه ويحفظونه، فإذا أينع صرامه بعث عبد الله بن رواحة فخرص عليهم ورد إليهم بحصتهم من النصف، فأتوا النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في بعض تلك الأعوام فقالوا: قد زاد علينا عبد الله في الخرص.

(2/200)


فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((فنحن نأخذ بقول عبد الله في الخرص، ونرد عليكم النصف بحصتكم)) فعقدوا ثلاثين وقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض، وأخذوا بقول عبد الله في الخرص.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن حميد بن عبد الرحمن، عن حسن بن صالح قال: سألت جعفر بن محمد، عن قبالة الأرض بالثلث والربع، فقال: لابأس به نحن نفعله، وقال: قد أعطى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- خيبر أهلها بخبر.
قال محمد: يعني بخبر: شطر ما يخرج من الأرض.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، قال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- نهى عن بيع النخل حتى يزهو، وعن بيع السنبل حتى يبيض، ويأمن من العاهات، نهى البائع والمشتري.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، قال: حدثنا ابن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا تشتروا الثمار حتى يبدو صلاحها))، قيل: يارسول الله، وما يبدوا صلاحها؟

(2/201)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه أن رجلا أتى علياً -عليه السلام- فقال: إني جعلت عبدي حراً إن حدث بي حدث، أفلي أن أبيعه؟
قال: (لا). قال: فإنه قد أحدث، قال: (حدثه على نفسه وليس لك أن تبيعه).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، قال: حدثنا عاصم بن عامر، عن شريك، عن عياش العامري، عن مسلم أن سويدا سأل علياً عن الفضة الرديئة بالفضة الجيدة وبينهما شيء، فقنع رأسه وقال: (ذلك الربا العجلان).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن عاصم، عن مندل، عن محمد بن سحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن سعيد بن المسيب، قال: باع علي جملاً بجملين، فقال له صاحبه: ادفع إلي جملي، فقال: (لا تفارق يدي خطامه أو تأتيني ببعيرين).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن حفص، عن جعفر، عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- رأى امرأ ة من السبي تبكي، فقال لصاحب السبي: ((مالهذه تبكي))؟
قال: بعت ابناً لها في بني عبس أعطيت به ثمناً حسناً.
قال: ((انطلق حتى ترده)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جبارة، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن جابر، عن أبي جعفر والشعبي وعطاء قالوا: لابأس أن يفرق بين المولدات وآبائهنَّ.

(2/202)


قال محمد: يعنون المولدات اللواتي ولدن في دار الإسلام، وإلى هذا ذهب حسن بن صالح، وقال أبو حنيفة: لايفرق بين المولدات من السبي، ولا من غيرهنَّ.
قال: وإنما جاء الحديث مرسلاً.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عبد السلام، عن عمر بن عبيد الطنافسي، عن سماك بن حرب أو عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: كنت أبيع الإبل فآخذ الفضة بالذهب، والذهب بالفضة، والدنانير بالدراهم، والدراهم بالدنانير.
فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا أخذت أحدهما، وأعطيت الآخر فلا يفارقك صاحبك وبينك وبينه لبس)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن أبي سلمة الصائغ، قال: سمعت زيدا أبا رجاء يحدث عن زاذان، أن علياً -عليه السلام- سئل عن درهمين زائفين بدرهم طيب؟ فكرهه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن عبيد الله، عن يحيى بن آدم، عن حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: أخذت بثوب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو يريد حجرة حفصة، فقلت: يارسول الله، افتني أسألك، فسألته، فقلت: إنا نتبايع الإبل بالبقيع بالدنانير ونأخذ الدراهم، ونبيع بالدراهم ونأخذ الدنانير؟
قال: ((إذا كان بالسعر فلا بأس)).

(2/203)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، وجعفر بن محمد قالا: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أشعث، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه كره أن يشتري الفضة بشرط.
قال محمد: يقول: قد اشتريت عشرين وكذا وكذا درهماً بدينار برد زائف لا خير فيه؛ لأنه شرط في بيع.
وقال حسن بن صالح: لا بأس به.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي جعفر، وسئل عن ولد الزنا؟.
فقال: هو شر الثلاثة عندنا حتى يبلغ الحنث، والحنث أن يجري عليه وله، فإذا بلغ ذلك فقرأ كتاب الله، وفقه في دين الله كان منَّا، فقلنا: نقتدي به؟
قال: نعم.
قلنا: نصلي خلفه؟
قال: نعم.
قلنا: ويباع نسمة؟ قال: نعم.
قال محمد: يباع نسمة إذا كان من أمتك، فأما إذا كان لقيطاً لا يعلم من أبوه فلا، هو حر.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- في السيف المفضض والمنطقة والقدح يشترى؟
قال: إذا اشتريته بأكثر مما فيه من الفضة فلا بأس، وإذا كان بأقل مما فيه فحرام.

(2/204)


باب في المضاربة من قال الربح على ما اصطلحا عليه، والوضيعة على المال
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم بن عامر، عن قيس بن الربيع، عن أبي حصين، عن الشعبي، عن علي -عليه السلام- أنه قال: (الربح على ما اصطلحا عليه، والوضيعة على المال).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن قيس، عن أبي حصين، عن عامر أنه قال في المضارب: الربح على ما اصطلحا عليه، والوضيعة على المال.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عبيد الله، عن يحيى بن آدم، عن عبد الرحمن بن أبي الزنّاد، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، قال: إذا تطارزا على المضاربة بينهما على أن لأحدهما من الربح درهماً، وللآخر ما بقي فلا يجوز، وإن جعل لأحدهما العشر أو أقل أو أكثر وللآخر ما بقي فلا بأس.

(2/205)


باب الشفعة من قال جار الدار أحق بالدار
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وسفيان بن وكيع، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من كانت له أرض أو نخل فلا يبيعها حتى يعرضها على شريكه)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عبد السلام، عن ابن إدريس، عن ابن جريح، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قضى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بالشفعة في كل شرك لم يقسم رائغة أو حائط لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال حدثنا ابن إدريس، وإسماعيل بن علية، عن ابن جريج، عن أبي الزبير عن جابر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((في كل شرك رائغة أو حائط لا يصلح له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن باع فهو أحق به حتى يؤذنه)).
حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان، عن ابن نمير، عن حجاج، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((أيما قوم كانت بينهم رباع أو دار، فأراد أحدهم أن يبيع فليعرض على أصحابه)).

(2/206)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، قال حدثنا هشيم، قال: حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((جار الدار أحق بشفعة جاره ينتظر بها إن كان غائباً، إذا كان طريقهما واحداً)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، قال: حدثنا عبدة بن سليمان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((جار الدار أحق بالدار)).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا محمد بن جميل، عن مصبح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال في بيع الدار: الجار أحق بها إذا قا مت على ثمن، إلا أن يطيب عنها نفساً، والشفعة بالحصص.
وبه قال محمد بن منصور: يعني بالحصص: إذا كان لرجل تسعة أعشار دار، ولآخر عشرها، ثم بيعت دار إلى جنب دارهما فلهما أن يأخذاها بالشفعة، وهي بينهما على عشرة أسهم لصاحب العشر سهم، ولصاحب التسعة أعشار تسعة أسهم، وإن كان نصف دار لرجل، والنصف الآخر بين تسعة، أخذوا الدار بالشفعة مناصفة: لصاحب النصف نصفها، والنصف الآخر بين التسعة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (وصي اليتيم بمنزلة أبيه، يأ خذ له بالشفعة إذا رأى رغبة، وللغائب شفعة).

(2/207)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، و محمد بن إسماعيل قالا: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن الحكم، عمنَّ سمع علياً وعبد الله يقولان: قضى رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- بالجوار.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (من وهب هبة يريد بها وجه الله والدار الآخرة، أو صلة الرحم، فلا رجعة له فيها، ومن وهب هبة يريد بها عوضاً كان له ذلك العوض ماكان قائماً بعينه، فإن استهلك كان له قيمته).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثني أبي، عن موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن كالئ بكالئ: يعني ديناً بدين.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن محمد بن جبلة، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر يقول: كل قرض جرّ منفعة فهو ربا.
قال محمد: يقول: إذا ابتدأ القرض على أنه يريد المنفعة فلا خير فيه، وإن ابتدأ يريد الأجر، أو المعروف، ثم كافأه الرجل بما شاء فهو جائز.

(2/208)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن إسماعيل بن صبيح، عن عمرو بن جابر، عن علي بن أبي طالب، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((لا تشتريَنَّ أصنافا بدرا هم ضربة، حتى يضيف لكل نوع ثمنه من الورق)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو هشام، عن يحيى بن يمان، عن عبد الله بن أبي يزيد، عن أبي عياض، عن علي -عليه السلام- أ نه كره الرهن والكفيل في السلم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص، قال: حدثنا أشعث، عن الحكم، قال: لا يسلم في الحرير إلا وزناً.
حدثنا محمد، قال: حدثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- أنه قال في المضارب: إذا أنفق في سفره، فمن جميع المال، فإذا قدم وكره فما أنفق فمن نصيبه.
وبه قال: محمد: هذا الذي عليه الناس.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-، أنه قال في الرجل يموت وعنده مال مضاربة، قال: (إن سماه بعينه قبل موته، فقال: هذا لفلان فهو له، وإن مات ولم يذكره فهو أسوة بين الغرماء).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- في رجل له على رجل مال فتقاضاه فلا يكون عنده، فيقول: هو عندك مضاربة، فلا يصلح حتى يقبض.

(2/209)


أحاديث مختلطة من البيوع
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب عن حفص، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عبد ربه، عن أبي عياض، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا رهن الرجل رهناً فهلك الرهن، فقال: إن كان فيه فضل رده، وإن كان فيه نقصان رجع، فإن أصابته جائحة فهو بما فيه).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن حميد بن عبد الرحمن، عن علي بن صالح، عن عبد الأعلى، عن محمد بن الحنفية، عن أبيه قال: (إن كان الرهن أكثر فهو بما فيه، وإن كان أقل ترادّا).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا أبو هشام، عن يحيى بن يمان، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((الرهن لا يغلق، له غُنمُه، وعليه غُرمه)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن مصعب بن محمد، عن رجل من أهل المدينة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((من اشترى سرقة وهو يعلم أنها سرقة، فقد شرّك في عارها وإثمها)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو هشام، حدثنا يحيى بن يمان، عن أبي الأحوص، عن طارق بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن سابط، قال: لعن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- من سرق المنار.

(2/210)


قلت: وما المنار؟
قال: الرجل يأخذ من أرض صاحبه في أرضه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن أبي غسان، قال: حدثنا ابن مبارك، عن ابن جريج، عن صديق بن موسى، عن محمد بن أبي بكر بن حزم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا تَعْفية على أهل الميراث إلا حمل القَسْم)).
قال محمد: تفسيره عندنا: في الرجل والقوم تكون لهم في البيت الأسهم إن قسمت لم ينتفعوا بها، فإن أراد صاحب الكثير أن يقسم فليس له ذاك، وإن أراد صاحب القليل أن يقسم فذاك له؛ لأن المضرة تدخل عليه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو هشام، حدثنا يحيى بن آدم، عن عبد الرحمن، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن قال: إذا اقتسم القوم الأرض، ورفعوا شربهم بينهم، فهم شركاء في الشفعة.
قال يحيى بن آدم: جعل الشرب مثل الطريق.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جبارة، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن دهثم بن قرّان، عن فلان بن حارثة الأسدي، عن أبيه، عن حذيفة قال: اختصم إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- رجلان في خُصّ، فأرسل معهما حذيفة فقضى بالذي إليه القمط، ثم أتى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فأخبره فقال: ((أصبت، وأحسنت)).

(2/211)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-، قال: اختصم إليه بالعراق في خصّ فقضى بالذي يليه القمط.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس أنه كره بيع المشافه يعني المرابحة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن مسعر، عن أبي بحر، عن شيخ لهم قال: رأيت على علي إزاراً غليظا فقال: (اشتريته بخمسة دراهم فمن أربحني فيه درهماً بعته)، قال: ورأيت معه دراهم مصرورة فقال: (هذه بقية نفقتنا من ينبع).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد عن وكيع، عن سفيان، عن هشام، عن ابن سيرين، عن ابن عباس قال: إياك أن تشتري دراهم بدراهم بينهما جريرة، يعني: التي يستحل بها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط)).
وبه قال: حدثنا محمد قال: حدثنا أبو هشام، عن يحيى بن يمان، عن معمر، عن الزهري أن عائشة أرادت أ ن تشتري بريرة وتشترط ولاء ها لأهلها، فقال: رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله عز وجل، شرط الله أوثق، والولاء لمن أعطى الورق)).

(2/212)


وبه قال: حدثنا محمد، قال حدثنا محمد، عن وكيع، عن إسرائيل، عن عبد الله بن عصمة قال: سمعت ابن عباس وسئل عن رجل اشترى عضواً من جزور قد نحرت برخل عناق، واشترط على صاحبها أن يرضعها حتى يفطمها، فقال ابن عباس: لا يصلح.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن بيع المجر، يعني ما في الأرحام.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن يونس بن أبي إسحاق، عن مجاهد، قال: اشترى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- مهراً من رجل من الأعراب بمائة صاع من تمر، فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- للرجل: ((انطلق، فقل لهم يكيلون حتى يستوفوا الكيل)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد عن وكيع، عن مسعر، عن سلمة بن كهيل، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- استقرض سناً فأعطى سناً فوق سن.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن حنظلة الجمحي، عن طاوس، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((اجعلوا المكيال على مكيال أهل مكة، والميزان على ميزان أهل المدينة)).

(2/213)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن محمد بن فضيل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((اللهم، بارك لأمتي في بكورها)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن محمد بن فضيل، عن أشعث، عن واصل بن حيان، عن المعرور بن سويد، قال: كانت سوق بالبقيع للتجار، وكانت اسماؤهم السماسرة، فسماهم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- التجار، وقال: ((يامعشر التجار، إن البيع يحضره الحلف والكذب، فشوبوه بالصدقة)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم بن عامر، عن نوح بن دراج، عن الحجاج، عن قتادة، عن الحسن، عن علي في الرجل يشتري الأمة وهي لا تحيض، قال: (خمسة وأربعين ليلة).
قال محمد: يعني استبرئها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان، عن يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن ثمن الكلب والهر إلا كلب الصيد.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا الخليل بن عمر، قال: حدثني قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: (من وجد متاعه بعينه عند مفلس فهو أحق به).

(2/214)


وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، قال: حدثنا محمد بن عبيد الله، عن قتادة، عن خلاس، عن علي في رجل نزع في قوس رجل فكسرها بغير إذنه، فضمّنها علي -عليه السلام- إياه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن منذر، قال: حدثنا محمد بن فضيل، قال: حدثنا محمد بن عبيد الله، عن قتادة، عن حنش، عن علي -عليه السلام-، قال: دعا رجل رجلاً نجاراً، فضرب النجار المسمار في الغلق فكسره وكسر الغلق، فضمنه علي -عليه السلام-.
قال محمد: هذا إذا كان المبيع قائما بعينه، فأما المستهلك فبينة المدعي، وتصديق المدعى عليه أو يمينه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان، عن حماد بن مسعدة، عن محمد بن عجلان، عن عون بن عبد الله قال: كان جرير بن عبد الله إذا أقام سلعة بصّر عيوبها، ثم خيّرصاحبها، وقال: إن شئت فخذ، وإن شئت فاترك، فقيل له: إنك إن فعلت هذا لم ينفذ لك بيع، فقال: إنَّا بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- على النصيحة لأهل الإسلام.
حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن المسعودي، عن جابر، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، قال: حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن الخلابة لا تحل لمسلم، وبيع المحفلات خلابة.
قال محمد بن منصور: المحفلات الرجل يريد بيع الشاة فيتركها لا يحتلبها من العشي إلى الغداة أو من الغداة إلى العشي.

(2/215)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: يارسول الله، إني أخدع في البيع، فقال: ((إذا بعت فقل لا خِلابة)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، عن أسباط بن محمد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((عهدة الرقيق ثلاث)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إسحاق بن موسى، عن مصعب، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن علي بن أبي طالب -عليهم السلام- أنه كان يقول: (إذا اشترى الرجل الجارية فأصابها وبها عيب فإنها تقوَّم ثم يرد على صاحبها الذي أصابها بقدر ما نقص من ثمنها).
وبه قال: حدثنا محمد، قال حدثنا سفيان، عن أبيه، عن علي بن مبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي كثير، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا باع أحدكم الشاة أو اللقحة فلا يحفلها)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، قال: حدثني يزيد بن هارون، قال: حدثنا حجاج، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في الحيوان اثنين بواحد، يداً بيد، ولا يصلح نساء.

(2/216)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن إسحاق بن منصور، عن الحسن بن صالح، عن ابن أبي ليلى أن الحسن والحسين -عليهما السلام- اشتريا أرضاً من أرض السواد.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لعن الله الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومشتريها، وآكل ثمنها، وشاربها، وساقيها، وحاملها، والمحمولة إليه)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان عن أبي أسامة، عن عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن جابر قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول عام فتح مكة: ((إن الله ورسوله حرما بيع الخنازير، وبيع الميتة، وبيع الخمر، وبيع الأصنام)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن حميد، قال: حدثنا فضيل بن غزوان، عن أبي الفرات، عن أبي مالك الأحمري قال: دخلت على حذيفة وهو يخطب الناس وهو يقول: أيها الناس، تعهدوا أرقاءكم، وانظروا من أين يأتونكم بضرائبهم، فإنه لا ينبت لحم من سحت فيدخل الجنة، ألا وإن بائع الخمر وساقيها كشاربها، ألا وإن مقتني الخنزير وبائعه ومبتاعه كآكله.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان، عن أبي خالد الأحمر، عن حزام بن عثمان، عن أبي عتيق، عن جابر: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن خراج الأمة إلا أن يكون في عمل واصب.

(2/217)


قال محمد: يعني لا تفجر إن لم تقو على ماجعل عليها، والواصب هو الدائم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو عمار المروزي، عن الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عن أبي الزبير، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: إن رجلاً أتى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: إن لي إبلاً تنفق أفأبيع شحومها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((قاتل الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان عن أبي أسامة، عن عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عطاء، عن جابر، قال: قام رجل فقال: يارسول الله، ماترى في شحوم الميتة، فإنه يدهن بها السقاء، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن اليهود لما حرَّم الله عليهم شحومها أخذوها فجملوها وأكلوا أثمانها)).
قال أبو أسامة: جملوها يعني أذابوها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، قال: حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((لاتناجشوا)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان، عن سويد الكلبي، عن شريك، عن حميد، عن الحسن، عن عمران بن الحصين، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((لاجَلب، ولا جنب، ولا شَغَار في الإسلام)).

(2/218)


قال سمعت محمداً يقول: التناجش: أن يمدح السلعة هو أو غيره. وأما: لاجلب فالرجل يبيع الفرس أو الحمار فيجلب عليه حتى يعطي ماليس عنده أو يجهد نفسه.
وأما لا جنب: فالرجل يبيع الفرس أو الدابة، فيُجنب معها ما هو أفره منها، حتى تجهد نفسها.
وأما لا شغار: فالرجلان يكون لهذا ابنة، ولهذا ابنة أو أخت، فيجعل كل واحد منهما ابنته أو أخته مهراً للأخرى، كانت تفعله أهل الجاهلية، فنهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عنه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن يحيى بن فضيل، عن حسن بن صالح، عن سعيد أن أبا عياض حدّث أن علياً -عليه السلام- كان يقول: (إذا كان الرهن ذهباً أو فضة أو متاعاً فإنهما يترادان الفضل بينهما إلا أن تصيب الذي عنده الرهن جائحة والرهن أكثر من دينه فهو بمافيه).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، عن إسماعيل بن عياش، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي رافع قال: استسلف النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- بكراً من رجل، فلما قدمت الصدقة أمر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يعطى الرجل بكراً، فلم يجد فيها إلا رباعاً، فأخبر بذلك رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: ((اعطه فإن خير الناس أحسنهم قضاء)).

(2/219)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن محمد بن فضيل، عن الشيباني، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه كره أن يعطي الذهب من الفضة، والفضة من الذهب.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن سعيد بن عثمان، عن عبد الرحمن، عن أشعث بن سوار، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: كنَّا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- نشتري الصاع من الحنطة بستة آصع من تمر يداً بيد.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن حماد بن يعلى، قال: سمعت جعفر بن محمد وجاءه شاب من أهل الري، فقال: إني أبيع الطعام، وإن الرجل يأتيني فيقول: كيف تبيع؟ فأقول: بسعر السوق، فقال جعفر: لا، حتى تسمي.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن ابن فضيل، عن الأجلح، عن الحكم، قال: خرج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وإذا رجل يلازم رجلاً، واذا المطلوب يقول: لا، والذي لا إله غيره ما هي عندي، فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- للطالب: ((خذ الشطر ودع الشطر)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرني يونس بن عبيد، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا أُحِلْت على ملي فاتبعه، ولا تبيعنَّ بيعتين في بيعة واحدة)).

(2/220)


قال محمد: هو مثل قول الرجل: قد بعتك هذا الطعام، أو هذه السلعة بكذا وكذا درهماً، الدينار بأربعة وعشرين فذلك بيعتان في بيعة، وشرطان في بيع لا يصلح.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزبير، سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((لا يبيع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا الحكم بن سليمان، عن مسعدة بن اليسع، عن الحجاج من قرافصة، عن الوليد رجل من أهل الشام، قال: خطب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، في عباءتين قطوانيتين فقال: ((من طلب الدنيا حلالاً رقّةً على والد أو ولد أو زوجة أو جار، بعثه الله يوم القيامة ووجهه على صورة القمر ليلة البدر، ومن طلب الدنيا حلالاً، مرائياً، مراغماً، مكاثراً لقي الله يوم القيامة وهو عليه غضبان)).

(2/221)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن هشام الدستوائي، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن علي -عليه السلام- قال: ((إذا مات الرجل وعليه دين وعنده سلعة قائمة بعينها لرجل فهو أسوة الغرماء)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن الفضل بن دلهم، عن الحسن، قال: هو أحق بها من الغرماء.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن مصبح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي في رجل مسلم أعار أخاه عارية فَهلَكت، فقال: (لا يسألها المعير ولا يضمنها المستعير، فإن أعارها رجلاً آخر فهلكت من عنده فقد غرمها).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن جعفر بن محمد -عليهما السلام-، عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قضى بشهادة رجل، ويمين المدعي.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن خالد بن أبي كريمة، عن أبي جعفر، أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أجاز شهادة رجل، ويمين المدعي في الحقوق.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن حسن بن حسين، عن علي بن القاسم، عن ابن أبي رافع، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام: أنه كره بيع وسق تمر من تمر خيبر بوسق من تمر المدينة عاجلاً؛ من أجل أن تمر المدينة أجودهما.

(2/222)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، قال: حدثنا محمد بن بشر، عن زكريا، عن عامر قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((الحلال بين، والحرام بين، وبينهما شبهات،، لايعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع. ألا إن لكلٍ ملك حمى، ألا إن حمى الله محارمه)).
وبه قال: حدثنامحمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن إسماعيل، عن عمرو، عن جابر، عن أبي جعفر قال: سألته عن الفلوس تكون علينا لرجل، ويتغير سعرها؟ فقال: إن كنت إنما أخذتها منه عدداً، يعني سهاماً مسماة، فاقضه عدداً كما أخذت منه، وإن كنت إنما أخذتها منه سهاماً واحدة، يعني الدوانيق، فاعطه على سعر ما أخذت.
قال قلت: وإن زادت الفلوس؟
قال: نعم، وإن نقصت.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن شعبة، عن يمان أبي حذيفة، عن زياد مولى ابن عباس، قال: سئل ابن عباس، عن الرجل يخلط الحنطة بالشعير؟ قال: لابأس.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن سفيان، عن محمد التيمي، عن شيخ لهم قال: رأيت علياً أخرج سيفه إلى السوق فقال: (من يشتريه مني، أما لو كان عندي ثمن إزار مابعته).

(2/223)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لا بأس ببيع السيف المحلَّى بالدراهم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن سعيد بن عثمان، عن عبد الرحيم بن سليمان، عن أبان بن أبي سفيان، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا تبيعوا الحب حتى يفرك، ولا تبيعوا النخل حتى يزهو، ولا الثمرحتى يبدو صلاحه)) يعني: حتى يطعم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن سعيد بن عثمان، عن أبي مريم، عن يحيى بن سعيد قال: سمعت القاسم بن محمد يقول: أتى رجل من أهل العراق فقال لابن عباس: إنا نسلف في سبائب فنبيعها قبل أن نقبضها، فقال: ذلك ورق بورق. يعني أنه ربا.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر، عن علي -عليه السلام- قال: (لابأس بالحلة بالحلتين يداً بيد).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال: البر بالتمر نسيئة ربا.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن قيس، عن عبد الله، بن زهير، عن يحيى بن عقيل، عن أبيه، قال: كنت جالساً عند علي -عليه

(2/224)


السلام- فجاء رجل فشهد على رجل أنه أكل الربا، فقال علي: (لتخرجنَّ مما قلت وإلا عاقبتك). فجاء بالبينة، فدعا علي بماله فأحرق نصفه، وجعل نصفه في بيت المال، وضربه عدة أسواط، وقال: (لا شهادة لك).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن عبد الأعلى بن عامر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لا بأس أن يأخذ بعض سلمه وبعض رأس ماله، وقال: ذلك المعروف.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن سفيان، عن جعفر بن برقان عن رجل، عن محمد بن علي، قال: لابأس به.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن ابن أبي يحيى، عن ربيعة بن عثمان، عن عبد الله بن ربيعة، عن أبي سعيد الخدري قال: قدم رجل بغنم له، فسمته بكبش منها، فحلف أن لايبيعه مني بشيء قد سماه، فباع غنمة غيره ثم عرضه عليّ بالثمن الذي حلف أن لايبيعه، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: ((باع آخرته بدنياه)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن عمرو بن فروج القتات، عن رجل يقال له حبيب بن الزبير، عن عكرمة قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يباع اللبن في الضروع، أوسمن في لبن.

(2/225)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن الربيع بن صبيح، عن الحسن، قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يشاب لبن بماء للبيع.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لا يشتري اللبن في ضروعها، ولا الصوف على ظهورها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن وهب بن عقبة، قال: سألت الشعبي عن قوم يتبايعون ألبان البقر أياماً معلومة ثم يبيعونها؟.
قال: لايصلح إلا يداً بيد.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن أبي مالك، عن مسلم، عن عبد الله بن مالك قال: كان فينا رجل يبيع الأكسية، فكان يشتري الورق أربعة دراهم وخمسة دراهم بدرهم، ويبيعها الأعراب، فأتى علياً فسأله عن ذلك؟.
فقال له علي: منذ كم تفعل هذا؟.
قال: منذ زمان. قال: فهل سألت عن هذا أحداً قبلي أو غيري؟
قال: لا.
قال: (لو أخبرتني أنك سألت عن هذا غيري لصدعت رأسك بهذه القناة) ثم قال: (الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، وصاع من تمر خيبر بصاع من تمر المدينة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، فمن زاد فقد أربا).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن ابن أبي ذؤيب، عن مخلد بن حقاق الغفاري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: قضى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن خراج العبد يعني غلته بضمانه.

(2/226)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن سعيد بن عثمان، عن عبد الرحمن، عن حجاج بن أرطأة، عن عطاء بن أبي رباح قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عتاب بن أسيد إلى أهل مكة فقال: ((تدري إلى أين أبعثك؟ إلى أهل الله فانههم عن أربع: عن بيع وسلف، وعن بيع ماليس عندهم، وعن ربح ما لم يضمنوا، وعن شرطين في بيع، فأما بيع وسلف فتقول: اشتر مني وأسلفك)).
قال محمد: بيع ماليس عندك أن يسومك الرجل بالشئ فتقاطعه على الثمن، ثم تشتريه، ثم تدفعه إليه.
وربح مالم يضمن، تشتري الشيء فتبيعه قبل أن تقبضه، أو يكون مع الشريك فتبيعه قبل أن تقاسمه إياه.
وشرطين في بيع، تقول قد بعتك هذا بكذاوكذا، على أن الدينار بكذا وكذا.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن مصبح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام: فيمن باع سلعة بها داء، فجاء المبتاع بشاهدين يشهدان أنه كتمه داءً وعواراً، ردت إليه سلعته.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن أبي جناب يحيى بن أبي حية، عن أبي جميلة الطهوي قال: سمعت علياً -عليه السلام- يقول: احتجم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ثم قال للحجام حين فرغ: ((كم خراجك))؟
فقال: صاعان، فوضع عنه صاعاً وأمرني فأعطيته صاعاً.

(2/227)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن شريك، عن جابر، عن عامر، عن ابن عباس قال: احتجم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وأعطى الحجام أجره، ولو كان حراماً لم يعطه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن معمر بن سام، عن أبي جعفر أنه كره للمعلم أن يشارط.
فذكرت أن لها زوجاً، فأرضي الزوج بأربعمائة درهم ثم طلقها، فأمرها أمير المؤمنين فاعتدت بطهرين بعد طمثين ثم أتاها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن عثمان الثقفي، عن سالم بن أبي الجعد، عن علي قال: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن ننزي حماراً على فرس.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد عن وكيع، حدثنا سفيان بن أبي جهضم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، عن ابن عباس قال: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن ننزي حماراً على فرس.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن سفيان، عن سماك بن حرب عن سويد، قال: جلبت أنا ومخرفة العبدي بزاً من هجر، فجاءنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فساومنا بسراويل وعندنا وزّان يزن بالأجر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- للوزّان: ((زن، وارجح)).

(2/228)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن مغيرة، عن زياد الواسطي، عن عبادة بن نُسَي، عن الأسود بن ثعلبة، عن عبادة بن الصامت، قال: علّمت رجالاً من أهل الصّفَّة القرآن والكتابة، فأهدى إليّ رجل منهم قوساً، فقلت: ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله، فسألت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: ((إن شئت أن تطوق بها طوقاً من نار فاقبلها)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن سعيد بن عثمان، عمن حدثه، عن جعفر بن محمد، أنه لم يكن يرى بأساً أن يباع العصير إذا كان حلواً.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أنه كره بيع العصير إذا كان جلداً، يعني إذا اشتدّ قليلاً.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن مصبِّح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (ليس على مؤتمن ضمان ولايمين، وإن اتهم حلف، ولا ضمان عليه).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة وعمرو بن دينار، قالا: جعل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في العبد الآبق، إذا جيء به خارجاً من الحرم ديناراً.

(2/229)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم بن عامر، عن قيس، عن زيادة بن علاقة، عن ابن فروة قال: وجدت شاةً سوداء فعرّفتها، ولم أجد من يعرفها، فحملت عليها فبلغت هي وأولادها قريباً من ثلاثين، فسألت علياً -عليه السلام- عنهنَّ، فقال: (عرفهنَّ، واستمتع بهنَّ).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن حزن بن بشير الخثعمي، عن جابر بن الحارث أن رجلاً اجتعل في عبد آبق، فأخذه ليرده، فأبق منه، فخاصمه إلى شريح فضمنه فبلغ علياً فقال: (أساء القضاء، يحلف بالله لا أبق منه، ولاضمان عليه).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن عبادة بن مسلم الفزاري، عن درهم بن عبد الله المحاربي، قال: رأيت علياً أصابته السماء وهو في السوق، فاستظل بخيمة فارسي، فجعل الفارسي يدفعه عن خيمته، قال وعلي يقول: (إنما استظل من المطر)، فجعل الفارسي يدفعه، فأخبر بعد أنه علي، فجعل يضرب صدره.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبد الله بن منصور، قال: حدثنا أبو مصعب، قال: حدثني إبراهيم بن علي الرافعي، عن محمد بن عبد الله بن علي بن حسين، عن جعفر بن محمد يرفعه إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عبد الرحمن بن عوف بدينار يشتري أضحية، فاشترى كبشاً بدينار وأقبل به، حتى إذا كان ببعض الطريق لقيه رجل

(2/230)


فأربحه نصف دينار فباعه، ثم رجع إلى السوق فاشترى كبشاً بدينار، ثم أقبل به حتى إذا كان ببعض الطريق لقيه رجل فأربحه نصف دينار فباعه، ثم رجع إلى السوق فاشترى كبشاً بدينار فأتى به النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: يا رسول الله: إني ابتعت لك كبشاً بدينار فأقبلت به حتى إذا كنت ببعض الطريق لقيني رجل فأربحني فيه نصف دينار فبعته منه.ثم رجعت إلى السوق فاشتريت لك كبشاً بدينار، فأقبلت به حتى إذا كنت ببعض الطريق لقيني رجل فأربحني فيه نصف دينار فبعته، ثم رجعت إلى السوق فاشتريت لك كبشاً بدينار وهذا هو، والدينار ربحته لك.
قال: ((بئس ماصنعت يا بن عوف!كنَّا سميناه أضحية، خذ هذا الدينار فتصدق به، ولا تعودنَّ لشيء من هذا)).
وبه قال محمد بن منصور: في رجل في يده مال لرجل، فاتجر في المال بغير إذن صاحبه، فربح فيه ربحاً، فينبغي له أن يعلم رب المال أنه كذا، ويتصدق بالربح، ولا يطيب عندنا الربح لرب المال؛ لأنه كان مضموناً، ولايطيب له ربح مال مضمون، ولا يطيب الربح للذي كان في يده المال؛ لأنه كان بمنزلة الغاصب، ولاربح للذي في يده مال مغصوب.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن مصبح بن الهلقام، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي، قال في ورق وجد في قرية خربة، قال، (تعرّف، فإن لم يُعرف فليستمتع بها)، وقال: (من وجد لقطة يعرِّف بها سنة، فإن لم تُعرف فليستمتع بها، فهي كسبيل ماله).

(2/231)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن يحيى بن أبي الهيثم العطار، عن الأصبغ بن نباتة، قال: كنَّا في زمان علي -عليه السلام- من سبق إلى مكان في السوق كان أحق به إلى الليل.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن إسماعيل، عن عمرو، عن جابر، عن أبي جعفر، عن علي بن أبي طالب، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((كل قرض جرَّ منفعة فهو ربا، ولاتشتريَّن أصنافاً بدراهم ضربة، حتى تضيف لكل نوع ثمنه من الورق)).
وذكر أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بعث علياً -عليه السلام- مصدقاً فجعل الرجل يأتيه بأفضل إبله وأفضل غنمه، فيقول: خذها فإني أحب أن أعطي الله عز وجل أفضل مالي.
فقال لهم علي -عليه السلام-: إنما أمرني رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن آخذ من صدقاتكم الوسط، فلست آخذها حتى أرجع إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فأذكرها له فرجع فذكر له، فقال نبي الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((بيَّن لهم مافي أموالهم من الفرائض، فإن طابت أنفسهم بأفضل من ذلك فاقبل منهم)).

(2/232)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن الربيع بن صبيح، عن الحسن وثابت بن أبي حفصة، عن سالم بن أبي الجعد، قال: غلى السعر على عهد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فقالوا: يارسول الله، لو سعرت لنا، فقال -صلى الله عليه وآله وسلم- ((إن الله هو المسعر، المقوم، وإني أريد أن ألقى الله ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن الربيع بن صبيح، قال: كان الحسن يكره أن يشتري الطعام في المصر، ثم يحتكره، ولا يرى بأساً إذا جلبه أن يحبسه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن قيس، عن مغيرة، عن الشعبي، قال: أبقت أمة إلى اليمن، فقالت: إني حرة، فتزوجها رجل فخاصمه مولاها إلى علي فدفعها إليه ودفع الولد إلى أبيه بالقيمة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر، قال: إن الخياط يأخذ الثوب بالنصف والثلث فيعطيه بأقل من ذلك، فقال: إذا أعانه بشيء فلا بأس.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن قيس، عن سماك بن حرب، عن حجاج بن أبجر، قال: كنت عند معاوية إذ أتي برجل فعرف متاعاً له سرق، فأخذ مع رجل قد اشتراه فقال: لو كان لها أبو الحسن، فقال: أنا أشهدته قال له: (خذ متاعك)، وقال للآخر: (اتبع مالك حيث وضعته).

(2/233)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا يبيع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن قيس، عن يحيى بن قيس، عن كثير بن الأسود قال: قال علي: (لا بأس بالثوب بالثوبين، والبعير بالبعيرين يداً بيد).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن خلاد الصفار، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((لا يحل بيع المغنيات، ولا شراؤهنَّ ولا التجارة فيهنَّ، وأكل أثمانهنَّ حرام، وفيهنَّ أنزل الله عز وجل عليَّ ?وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ?[لقمان:6].

(2/234)


قال أبو جعفر: قالون بالرومية: أصبت.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن حسن بن صالح، عن مطرف، عن صالح بن دينار أن علياً-عليه السلام- كان يضمن الأجير المشترك، قال محمد بن منصور: يعني الذي يعمل للناس.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن قيس، عن محمد بن عبيد الله، عن قتادة، عن خلاس، عن علي -عليه السلام- أن رجلاً اشترى ناقة على أنها إن كانت حاملاً فبكذا، وإن كانت حائلاً فبكذا، فقال علي: (إن كانت قائمة ردَّها).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن ليث، عن رجل، عن ابن عباس في رجل قال لأمته: فرجك حر، قال: هي حرة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن شريك، عن جابر، عن القاسم قال: كان علي يجيز الصدقة وإن لم تقسم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن حبان بن علي العنزي، عن ليث، عن الحكم، عن علي -عليه السلام- أنه كان يرى الصدقة جائزة بالثلث والربع في الدار، وإن لم تقسم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن الأعمش، عن زهير العنسي أن رجلاً التقط لقيطاً، فأتى به علياً -عليه السلام- فأعتقه وألحقه في مائة، يعني في أعطاء أهل المائة.

(2/235)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن شريك، عن علي بن عبيد الله أن رجلاً التقط لقيطاً منبوذاً، فأتى به علياً -عليه السلام- فأعتقه وألحقه في مائة، وقال للذي التقطه: وددت أني كنت وليت منه مثل الذي وليت.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن حاتم، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (المنبوذ حر، فإن شاء أن يوالي الذي التقطه والاه، وإن شاء أن يوالي غيره والاه).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن إسماعيل بن صبيح، عن عكرمة، عن تميم، قال أنا مع علي بن أبي طالب -عليه السلام- يوماً حين قام على الصرافين، فقال: (اتقوا الله يا معشر أصحاب الفضة والذهب والميزان، واعلموا أنكم على شفا حفرة من الربا إلا من عصم الله)، ثم قام على رابية فنادى بصوت عال: (ياجماعة أهل السوق: ألا إن التاجر فاجر ثلاثاً، إلا من أخذ الحق وأعطاه، بئس الربح ربح أدخل صاحبه النار).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن سفيان، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن السلمي: ?وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ?[النور:33] قال: ربع المكاتبة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن مندل، عن علي، عن الحسن بن الحكم، عن أبي سبرة قال: احتكر رجل طعاماً في زمان علي -عليه السلام- فأرسل إليه فأحرقه.

(2/236)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن إبراهيم بن نافع، عن سليمان الأحول، عن طاوس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لايحل لأحد أن يرجع في هبته إلا الوالد)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد، عن وكيع، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن عمرو بن دينار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((الرجل أحق بهبته مالم يثب منها)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن مصبح، عن إسحاق بن الفضل، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب-عليه السلام-، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (لا تجوز شهادة رجل على شهادة رجل قد مات إلاّ شهادة رجلين).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا حسين بن نصر، عن خالد بن عيسى، قال: حدثني حصين، عن أبي عبد الرحمن، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قام علي بن أبي طالب -عليه السلام- في سوق الكوفة على رابية فنادى ثلاثاً: (يا معشر الناس، أوصيكم بتقوى الله فإنها وصية الله في الأولين والآخرين، [وأن أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين، وزنوا بالقسطاس المستقيم، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين] ولا تغشوا هذه الفضة الجيدة بالزئبق ولا بالكحل فتكونوا غدا من المعذبين).

(2/237)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا حسين، عن خالد، عن حسين بن زيد بن علي، عن زيد بن علي، عن علي بن الحسين، قال: دعي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى جنازة رجل من الأنصار ليصلي عليها، فجاء حتى قام مقام الإمام، وانتظمت الصفوف خلفه، ثم التفت إلى قومه وقرابته، فقال: ((أي رجل صاحبكم))، وضم يده وبسطها، فقالوا: بل هكذا وضموا أيديهم، فخرق رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الصفوف، ثم قال: ((صلوا على صاحبكم، إني نهيت عن الصلاة على سبعة: على البخيل، وآكل الربا، والمطفف، والباخس، ومخسر الميزان، والكاذب في المرابحة، وغاش الورق)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن المحرزي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن شبيب بن عزقدة، عن عروة البارقي، قال: أعطى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عروة بن أبي الجعد ديناراً يشتري له به شاة، قال: فاشترى له شاتين بدينار، فباع إحداهما بدينار، وأتاه بدينار وشاة، فدعا له رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في بيعه بالبركة، فكان لو اشترى التراب لربح فيه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبوعبد الله، قال: حدثنا هناد، قال: حدثنا أبوبكر بن عياش، عن أبي حصين، عن حبيب بن أبي ثابت، عن حكيم بن حزام أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أعطاه ديناراً ليشتري له أضحية فاشتراها فتلقاه رجل فأربحه، فأتى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بدينار وأضحية، فقال: يا رسول الله، اشتريت لك وربحت لك ديناراً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((بارك الله لك في تجارتك، وفي صفقتك)) فضحى بالشاة، وتصدق بالدينار.

(2/238)


كتاب الحدود
باب الرجم
وبه قال: حدّثَنا محمد بن منصور بن يزيد أبوجعفر، قال: حدّثَني أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((الثيب بالثيب جَلد مائةٍ والرجم، والبكر بالبكر، جلد مائة ونفي سنة)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا عمر بن عبد الله الأودي، عن وكيع، عن مبارك، عن الحسن قال: قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهنَّ سبيلا. الثيب بالثيب جلد مائة والرجم)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن قيس، عن أبي حصين، عن عامر قال: جاءت شراحة إلى علي -عليه السلام-، فقالت: إني زنيت. قال: (فلعَلّ زوجَكِ من عدُوّنا).
قالت: لا.
قال: (فلعل زوجك أتاك وأنت نائمة)؟
قالت: لا.
قال: (فلعل رجلاً استكرهَكِ)؟ قالت: لا.
قال: (فاذهبي حتى تضعِي).
قال: فوضعت ثُمّ جاءت، فقال: (لا أقتل نفسين في نفس، أيكم يكفل هذا)؟

(2/239)


فقال رجل: أنا أكفله.
فقال علي: تباً لك.
قال: فجلدها مائةً، يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة.
فقال: (جلدتها بكتاب الله ورجمتها بالسنة، ثُمّ أمربها فحفر لها إلى صدرها، فأحدق الناس بحفرتها، ثُمّ رمى الناس، فكلما رمى صف، قال: الحق بأهلك، حتى رموا جميعاً، ثُمّ قال: أيما امرأة (يعني وجب عليها الرجم) بإقرارها فالإمام يرجم، ثُمّ الناس، ثُمّ قال: افعلوا بها، كما تفعلون بموتاكم، وأيما امرأة قامت عليها البينة، فإن البينة ترجم، ثُمّ الناس).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا عمرو الأودي، عن وكيع، عن هشام بن سعد قال: أخبَرني ابن نعيم بن هزال، عن أبيهِ قال: كان ماعز بن مالك يتيماً في حَجْر أبي، فأصاب جاريةً من الحي، فقال له: إئت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فاخبرهُ بما صنعت، لعله يستعفر لك، فأتاه، فقال: يانبي الله، إني زنيت فأقم عليّ كتاب الله، فأعرض عنه، ثُمّ عاد، فقال: يانبيّ الله، إني زنيتُ فأقم عليّ كتاب الله، ثُمّ أتاه، فقال مثل ذلك، حتى قالها أربع مرات، فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إنك قُلتَها أربع مرات. فبمن))؟.
قال: بفلانة.
قال: ((هل ضاجعتها))؟
قال: نعم.
قال: ((هل باشرتها))؟
قال: نعم.
قال: ((هل جامعتها))؟

(2/240)


قال نعم.
قال: فأمر به أن يُرجَم، فلما خرج به إلى الحرة فرُجِم، فلما وجدَ مسّ الحجارةِ جزِعَ، فخرج يشتد، فلقيه عبد الله بن أنيس وقد أعجز أصحابه، فنزع له بوظيف بعير، فرماه به فقتله، ثُمّ أتى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فذكر له ذلك، فقال: ((فهَلاّ تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا سفيان، عن يزيد بن هارون، عن حمّاد، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، قال: ((إذا أصاب المكاتَب ميراثاً أوحداً فإنه يرِثُ على قدرِ ما أعتق منه، ويقام عليه الحدّ على قدرِ ما أعتق منه)).
قال محمد بن منصور: ليس الناس عليه.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (إنما أُعطوا الذمة على أن لا يخفروا مسلماً، فأيّما رجلٍ من أهل الذمة فجَرَ بمسلمةٍ قُتل، ولا دية له).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن جميل، عن السري بن عبد الله، عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن علياً -عليه السلام- قال: (إذا وجِدَ الرجل مع المرأة في لحافٍ واحدٍ، جُلدَ كلُ منهما مائةً غير سوط).
قال محمد: لا يبلغ به الحد.

(2/241)


باب في الغُلامِ والجاريةِ الّذَينِ لم يبلُغا إذا أتَيا ما يَجِبُ فيه الحدّ
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-: (أنه أتي بغلام قد سرق، فنظر إلى عانته، فلم يرَ شيئاً، فخَلّى سبيله. وقال: إذا بلغ الغلام اثنتي عشرة سنة أجري عليه، وله فيما بينه وبين الله، وإذا طلعت العانة جرت عليه الحدود).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر، وسئل عن الغلام الذي لم يحتلم يقذف الرجل، أيُضرَب؟
قال: لا. وذلك لو أنّ رجلاً قذف الغلام لم يضرب.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عبد الله، عن أبيهِ، قال: وسُئل جعفر عن الغلام الذي لم يحتلم يوجد مع المرأة يفجرُ بها؟ قال: يُعَزّر الغلام، وتجلد المرأة حداً.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيهِ: أن علياً -عليه السلام- أُتي بغلام قد سرق، فحك إبهامه والْمُسَبّحَة حتى أدماهما.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا حسين، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيهِ: أن علياً -عليه السلام- أتي بغلام قد راهق الحلم، قد سرق فقطع خنصره.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيهِ: أن علياً-عليه السلام- أتي بجاريةٍ قد سرقت ولم تَحِض، فضربها أسواطاً ولم يقطعها.

(2/242)


وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر، قال: الجارية التي لم تَحِض لاتحد إن هي قذفت، ولا يُحَدّ من قَذَفها.
وسئل عن الرجل يفجر بالجارية التي لم تَحِض؟
قال: تعزر الجارية، ويضرب الرجل حداً.
بابٌ مِنَ الْحُدُود
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيهِ: أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أتي برجلٍ وطئَ جاريةً من الغنيمةِ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لهُ فيها نصيبٌ، لا حدّ عليه، فغَرّمَه قيمتها)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عمرو بن عبد الله الأودي، عن وكيع، عن موسى بن عبيدة، عن داود بن بكر بن أبي الفرات: أن رجلاً من أصحابِ عليٍّ زنى بجاريةٍ من الخُمس، فقامت عليه البينة عند علي -عليه السلام- فقال: (ما أنت؟ أثيبٌ أنت أم بكر)؟
فقال: ما أدري ما ثَيّبٍ ولا بكر. إلاّ أني قد تزوجت اعمي فلانة ابنة فلان، فأرسلت إلى أهلها بصِدَاقها. فجلده مائة جلدة، وأرسل إلى أهلها أن ردوا الذي أخذتم منه، فإنه زانٍ، وإن صاحبتكم قد حَرُمَت عليه، ففرّقَ بينهما.
قال محمد بن منصور: هذا لا يأخذ به الناس.

(2/243)


وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا محمد بن عبد الرحمن المحرزي، حدّثَنا عبد السلام بن حرب، عن هشام، عن الحسن عن سلمة بن المحبق أن رجلاً وقع على جارية امرأته، فرفع إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فلم يَحُدّه.
قال محمد: لأن فيه شبهة.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا محمد بن جميل، عن مصبح، عن يحيى بن العلاء، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (حد المكاتب نصف حد الحرّ في كلّ شيء).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد، عن حسن بن حسين، عن علي بن القاسم، عن ابن أبي رافع، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام-: في مكاتبة فجرت وقد عتُق منها ثلاثة أرباع ورُقّ ربع، فجلدت ثلاثة أرباع منها حد الحر من المائة، وذلك خمس وسبعون جلدة، وجلد ربعاً منها بحساب حد ربع المملوك من الخمسين، وذلك اثنا عشر ونصف جلدة، فذلك سبعة وثمانون ونصف، وأبى أن ينفيها، وأبى أن يرجمها.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيهِ: (أن عليا -عليه السلام- أتي برجل تزوج امرأة على خالتها فجلده، وفرَّق بينهما).
قال محمد: سألت أحمد بن عيسى عن رجلٍ تزوج امرأة، فطلقها قبل أن يدخل بها، ولا امرأة له غيرها، أتراه محصناً، حتى تحكم عليه بما تحكم على المحصن؟ قال: لا.

(2/244)


وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي قال: لا يحصن الرجل باليهودية ولا بالنصرانية، ولا بالأمة، وإذا فجر وقد أحصن بواحدة منهنَّ وقع عليه الحد، ولم يقع عليه الرجم.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد، عن السري بن عبد الله، عن جعفر، عن أبيه: (أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أتي برجل أحيبن أصيفر، فقال: يا رسول الله، فجرت بهذه، فدعا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بعرجون فيه مائة شمراخ فضربه ضربة واحدة).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي قال: (لما كان في ولا ية عمر أتي بامرأة فسألها عمر؟ فأقرت بالفجور، فأمر بها ترجم، فلقيها علي، فقال: ما بال هذه؟ فقالوا: أمر بها أمير المؤمنين أن ترجم، فردّها علي -عليه السلام-، فقال: أمرت بهذه أن ترجم؟
قال: نعم، اعترفت عندي بالفجور.
فقال: هذا سلطانك عليها. فما سلطانك على ما في بطنها؟
فقال: ما علمت أنها حبلى.
قال: إن لم تعلم فاستَبْرِ رحمها.
قال علي: فلعلك انتهرتها أو أخفْتَها؟
قال: قدكان ذلك.
قال: أوما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((لاحدّ على معترفٍ بعد بلاء))، فلعلها إنما اعترفت بوعيدك إياها. فسألها عمر؟ فقالت: ما اعترفت إلا خوفاً، فأمر بها فخُلّيَ سبيلها.
ثم قال: عجزت النساء أن يَلدِنَ مثلَ عليّ. لولا عليّ لَهَلَك عمر.

(2/245)


وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا علي بن حسن، عن حماد بن عيسى، عن جعفر، عن أبيه، قال: لا يجوز على رجلٍ حد بإقرارٍ على تَخوِيفٍ. ضرب، ولا سجن، ولا قيد.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا أبو كريب، عن حفص، حدّثَنا جعفر: أنَّ رجلاً أصيفر أحيبن به زمانة، مرَّ بامرأةٍ قد ذهب عقلها من الوعَكِ، فوقع عليها، فأتي به النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فدعا بعثكول فيه مائة شمراخ، فضربه ضربةً واحدة.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عمرو بن عبد الله، عن وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، وجابر، عن القاسم، عن أبيهِ: أن رجلاً جاء إلى علي -عليه السلام-، فقال: إني سرقت، فطرده.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا أبو هشام، عن يحيى بن يمان، عن أبي سنان، عن ثابت الشيباني، عن الضحاك، عن علي: أنه ضرب رجلاً حدّين في مقامٍ واحد.
قال محمد بن منصور: هذا قولٌ لابن أبي ليلى، وخلافٌ لأبي حنيفة.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا أبو كريب، عن أبي بكر بن عياش، عن أبي سنان، عن ثابت الشيباني، عن الضحاك، عن علي -عليه السلام-: أنه أتي بعبدٍ قد زنا وشرب خمراً فضربه حدين، خمسين، وأربعين.

(2/246)


وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا عمرو بن عبد الله الأودي، عن وكيع، عن سفيان، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-: أنه أتي بالنجاشي سكران من الخمر، في رمضان، فتركه حتى صحا، فضربه ثمانين، ثُمّ أمر به إلى السجن، ثُمّ أخرجه من الغد، فضربه عشرين. قال: ثمانين للخمر، وعشرين لجرأتك على الله في رمضان.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدثنا سفيان، عن أبيه، عن سفيان، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ليس على خائن قطع)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا أبوكريب، عن حفص، حدّثَنا جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (ما أحِبّ أن أكون أول الشهود الأربعة).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا أبو كريب، عن حفص، حدّثَنا الحجاج، عن الزهري، قال: مضت السنة من رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه لا يجوز شهادة النساء في الحدود.

(2/247)


وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم: في السارق من أين تقطع يده؟ وفي كم تقطع يده؟، قال: تقطع يد السارق من كوعه.
قال أبو جعفر: الكوع: المفصل. ويقطع في عشرة دراهم، أو ماكانت قيمته من المتاع، إذا سرق من حرزه.
وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وهو قول أهل المدينة: أنه قطع في مِجَنٍّ قيمته ربع دينار. وقال غيرهم: يقطع في خمسة دراهم.
وقال آخرون: فيما قلّ أو كثر، إذا وقع عليه اسم السرقة، لزمه فيه الحكم.
وقد ذكر أيضاً في الحديث: أن قيمة المجن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كانت عشرة دراهم.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في السارق يؤخذ قبل أن يخرج بالسرقة، هل عليه قطع؟
قال: مالم يخرج بالسرقة من حرزها، فلا قطْعَ عليه فيها.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-: أنه أتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين. إن عبدي سرق مالي.
قال: (هو مالك سرق بعضه بعضاً).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن القاسم: في الرجل يسرق، ويقتل، ويشرب الخمر.
قال: تقام عليه حدود الله صاغراً. وهكذا ذُكر عن علي -عليه السلام-.

(2/248)


وقد قال بعض الناس: القتل يأتي عليها، ويكفي منها كلها.
وفي السارق يُقرّ بالسرقة. كم مرة يُرَدّ؟
قال: ذُكر عن علي -عليه السلام-: أنه رَدّ مرّتين.
والسارق إذا أقرّ، قُطِعَ إلا أن يرجع عن ذلك وينكر.
وفي رجلٍ سرق صبياً أو مملوكاً، قال: عليه من الحد في سرقته لهما ما عليه في سرقته غيرهما.
وقال محمد بن منصور: من سرقَ، حراً صغيراً أو كبيراً، فلا قطع عليه، ويؤدبه الإمام بقدرِ مايرى، ومن سرق مملوكاً كبيراً أو صغيراً يعبر عن نفسه فلا قطع عليه، ويؤدبه الإمام بقدر مايرى.
ومن سرق مملوكاً صغيراً لا يعبر عن نفسه، فعليه القطع، إذا كانت قيمته تبلغ قيمة ما يقطع في مثله.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم: في مسلم سرق من ذمي خمراً أو طنبورا أو عوداً.
قال: كلما حرم الله على العباد ملكه، ففي ذلك من التنكيل والتعزير مايرى الإمام.
قال محمد: إذا سرق المسلم من ذمي خمراً، من موضع الذمي من قريته التي ليس لنا أن نمنعهم من إظهارها عندهم، فإن سرق قيمة مايُقطع في مثله، فعليه القطع.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم: في رجلٍ سرق دابةً أو بقراً، أو تمراً، أو زرعاً. قال: لا قطع عليه في ذلك إلا أن يسرق من جَرِينٍ أو مراح أو حرزٍ.

(2/249)


وقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فيما ذُكر عنه، ورواه رافع بن خديج أنه قال: ((لا قطع في ثمر ولا كثر)). والكثر الجمَّار.
وفي النّبّاش يوجد معه كفن الميت، قال: تقطع يده إذا خرج به من القبر.
قال محمد: يقطع النباش، إذا كان قيمة الكفن عشرة دراهم فصاعداً.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم في الخلسة هل فيها قطع؟
قال: لا قطع في خلسة، وكذلك ذُكر عن علي -عليه السلام-. وفي السارق يؤمر بقطع يمينه فيدفع يساره فيقطع، قال: يكتفي بذلك في قطعه؛ لأن الله لم يُسَمّ في القطع يميناً أو شمالاً، وقد ذكر عن علي -عليه السلام-: أنه أمر بقطع سارق فأخرج يده اليسار فقطعت، فقال: قد مضى الحد في قطعه ما أمضى.

(2/250)


باب حد القاذف
وبه قال: حدّثَنا محمد بن منصور، قال: سمعت محمد بن علي بن جعفر يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من سبّني فاقتلوه، ومن سبَّ أصحابي فاجلدوه)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا قذف امرأته وأقام على القذف وهو منكر لولدها تلاعنا، مالم يكن بينة، فإن أنكر وقامت بينة جلد، وكانت امرأته، فإن أقرّ أنه كاذب جُلد حداً، وكانت امرأته).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه الصلاة والسلام: في رجل أدخلت عليه امرأته، فلم يجدها عذراء، قال: (لا يصدق، فإن قذفها جلد).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر بن محمد الطبري، عن قاسم بن إبراهيم: في الرجل يقذف ابنه، والمسلم يقذف الذمي، والحر يقذف العبد، قال: إذا قذف الرجل ابنه حدّ كما أمر الله سبحانه، ولم يكن العفو في ذلك إلى ابنه، ولا إلى غيره؛ لقول الله عز وجل: ?وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً?.
وقال غيرُنا: إن العفو في القذف جائزٌ لغير الابن.
وفي قولهم للابن أجوز، قال محمد: إذا قذف الرجل ابنه فلا حدّ عليه، وإن قتله لم يقتل به لا اختلاف فيه، وإن قذف الابن أباه جُلد، وإن قتله قتل به.

(2/251)


وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرَنا جعفر، عن قاسم، قال: إذا قذف الذمي العبد، فلا يجب عليه الحد؛ لأن الله عز وجل إنما جعل النكال في ذلك على من قذف المحصنات الغافلات المؤمنات، وليس الذمي ولا الذمية بمؤمنين.
وقد قال بعضهم: في الأمة المؤمنة والعبد المؤمن، إذا كانا عفيفين، يحد من قذفهما، وهو شاذ ضعيف.
وفي الرجل يقول للرجل: يا فاعلاً بأمه، أو يا فاجر أو يا فاسق: أمَّا من قال: يا فاعلاً بأمه، فعليه ما على القاذف، وأمَّا من قال يا فاجر يافاسق، فيسأل عما أراد بمقالته، فإن أراد الزنا كان قاذفاً، وإن أراد بالفسق والفجور الخبث في الدين والتقصير فيه، لم يكن قاذفاً، وعليه تعزير.
قال محمد: إذا قال الرجل للرجل: يافاسق، يافاجر، ومثل هذا وشبهه، فلا حَدّ عليه، ولا يسأل عمَّا أرادبه، ولكن يؤدبه الإمام بقدر ما يرى في ذلك.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم، في أكثر التعزير وأدناه قال: قد قيل: إن التعزير لا يكون إلا أقل من كل حد، وقد قال بعضهم: التعزير قدر مايرى الإمام، لكل حر وعبدٍ كثر ذلك أو قلّ.
قال محمد: لا يكون التعزير مائة جلدة، في زنا كان أو غيره، ولكنه يكون دون المائة إلى ما يرى الإمام في أقل من ذلك. عزر علي -عليه السلام- وعمر: مائة سوط إلا سوطاً.

(2/252)


وكان ابن أبي ليلى يقول: التعزير ما بين خمسة وسبعين إلى أقل من ذلك.
وقال أبو حنيفة: لا يكون التعزير إلا تسعة وثلاثين إلى أقل من ذلك، وقد أدّب عليٌّ بلطمةٍ في قصاص.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم: في الرجل يقذف، ويدعي بينة له غيب، قال: يؤجل أجل مثله في دعواه.
قال محمد: أجله أول مجلس يجلس القاضي.
باب المتلاعنين
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليهِ السّلام-: أنه أتَتْه امرأة، فقالت: إن زوجي وقع على ولِيدَتي. قال: (إن تكوني صادقة رجمناه، وإن تكوني كاذبة جلدناك الحد).
فقيل لها: هل لك بينة بما تقولين؟
قالت: لا. فأقيمت الصلاة، فذهبت.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-: في رجل قذف امرأته، ثُمّ خرج وجاء، وقد توفيت، قال: يخير واحدة من ثنتين:
يقال له: إن شئت ألزمتَ نفسك الذنب، فيقام عليه الحد وتعطى الميراث، وإن شئت أقررت، فَلاعَنْتَ أدنى قرابتها، ولا ميراث.

(2/253)


قال محمد بن منصور: قد ذكر عن الشعبي مثل قول علي: أنه يلاعن قرابتها بعد الموت، وليس يؤخذ بهذا.
وبه قال:حدّثَنا محمد، قال: حدّثَني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-، قال: (إذا قذف الرجل امرأته وأقام على القذف وهو منكر لولدها تلاعنا).
قال محمد: سألت أبا عبد الله، عن المتلاعنين إذا شهد الرجل، وأبت المرأة أن تشهد؟
فرأى أن تقتل. وقال: قال الله سبحانه وتعالى: ?وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ?[النور:8].
قلت: قد كان الحسن بن صالح يرى هذا، وغيره يخالفه. يقول: تحبس، فسكت.
قال محمد: الناس على أنها تحبس، وقال: قلت لأ حمد بن عيسى: فالرجل إذا صار إلى الحاكم وقذفها فأبى أن يشهد. فرأى أن يضرب الحد، ويُلزَم الولد. قال محمد: هذا المعمول عليه.

(2/254)


باب الحد في الزنا والسرقة
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم: في الرجل يُقرّ بالزنا. كم يردَّدْ؟
والسارق إذا قطع، والمرجوم إذا رجم بالبينة: كان أول من يرجمه الشهود، وإذا أقرّ أو اعترف، أو كان حملاً بعد ما تضع، كان أول من يرجمه الإمام، ثُمّ الناس، وقد ذكر مثل ذلك عن علي -عليه السلام-، وكان يقول: (إذا أمر بالضرب أن تضرب الأعضاء كلها إلا الوجه)، وكان يقول: (اتركوا للمحدود يديه يتوقى بهما وجهه وعينيه، وأما المرجوم من الرجال فيحفر له حفرة يقوم فيها إلى سرته، وأما المرأة فيحفر لها إلى ثدييها، فيرجم جماعة ويمضون، الأول فالأول حتى يفرغوا، والسوط الذي يضرب به المجلود يكون سوطاٍ بين الدقيق والغليظ).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-: (أنه رجم امرأة بالكوفة، فحفر لها حتى وَارَى ثدييها، ثُمّ قام الناس صفاً، ثُمّ رمى بيده اليمنى، ثُمّ رمى بيده اليسرى، ثُمّ رمى الناسُ).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-: (أنه أتي بامرأة بكر، فقال: زعموا أنها زنت، فأمر النساء، فنظرن إليها، فقلنَ: هي عذراء. فقال: ما كنت لأضرب مَن عليها خاتمٌ من الله، وكان يجيز شهادة النساء في مثل هذا).

(2/255)


وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا علي بن منذر، حدّثَنا محمد بن فضيل، قال: حدّثَني إسماعيل بن مسلم، عن الحسن قال: سرقت امرأة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فأتوا أم سلمة يستشفعون بها على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((والذي نفسي بيده لوكانت فاطمة بنت محمد لقطعت يمينها)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيهِ قال: قال رسول الله -صلى عليه وآله وسلم-: ((إدْرؤا الحدُودَ بالشُّبهات، وأقيلوا الكرام عثراتهم إلا من حدّ)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن جميل، عن أبي ضمرة، عن جعفر، عن أبيهِ: أن أسامة بن زيد كان يشفع في الذي لاحدَّ فيه، فأتي بإنسان قد وقع عليه حدٌّ، فشفع فيه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يا أسامة لا تشفع في حدّ)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عمرو بن عبد الله، عن وكيع، عن حريث، عن أبي بكر بن حفص: أن صفوان بن أمية سرق رداؤه من تحت رأسه وهو نائم، فأتي به النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فأمر بقطعه، فقال صفوان: يانبي الله هوَ لَهُ. فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((فهلاَّ قبل أن تأتيني به)).

(2/256)


وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن إسماعيل، عن يعلى بن عبيد، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر قال: بات صفوان بن أمية في المسجد، فسرق رجل رداءه من تحت رأسه، فأتي به النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فأمر بقطع يده.
وقال: يارسول الله، هو له، لاتقطعه. قال: ((فهلاَّ قبل أن تأتيني به يا أبا أمية))، فقطعه، فعرف المسلمون أن عفو الحد يجوز بينهم ما لم ينته إلى الإمام.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عثمان بن أبي شيبة، عن معاوية بن هشام، حدّثَنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء، عن ابن عباس في قوله: ?وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا?[آل عمران:97] قال: إذا أصاب الرجل الحد في غير الحرم، ثُمّ دخل الحرم لم يتابع، ولم يؤذَ، ولم يجالس حتى يُعرِض فيخرج، فإذا أصابه في الحرم أقيم عليه.
وبه قال: حدثنا محمد، حدّثَنا عمرو بن عبد الله، عن وكيع، عن محمد بن عبد الله الشعيثي، عن العباس بن عبد الرحمن، عن حكيم بن حزام، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا يقام الحدّ في المساجد ولا يُستَقَادُ فيها)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا سفيان عن ابن فضيل، عن إسماعيل بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لاتقام الحدود في المساجد، ولا يقتل الوالد بالولد)).

(2/257)


وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (لا يُقام على أحدٍ حدٌ بأرض العدو).
وقال محمد: لا تقيموا الحدود بأرضٍ يخاف أن يلحق الذي يقام عليه الحد بأرض العدو.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا أبو كريب، عن حفص بن غياث، عن حجاج، عن الحسن بن سعد قال: قال علي: (من أقيم عليه الحدّ فهو كفارته).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن لا تنزع من ثياب القاذف شيئاً إلا الرداء).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن أبي مالك، عن جويبر، عن الضحاك، عن علي -عليه السلام- قال: (أربعة لا قطع عليهم: من سرق من الغنيمة، والخُلسة، والأجير يخونكم، والغَلُول).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عثمان، عن جرير، عن مغيرة، عن الشعبي قال: لم يكن عليٌّ يقطع من سرق من بيت المال شيئاً؛ لأن له فيه حق.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد، عن الوليد بن أبي ثور، عن سماك، عن أبي عبيد الأسدي، قال: جمع علي -عليه السلام- أهل الكوفة، ليقسم بينهم متاعاً اجتمع عنده، فقام رجل من حضرَمُوت، فاشتمل على مغفر، فَأُخِذَ، فدفع إلى علي، فقالوا: اقطع يده، إنه سارق.
فقال: (إنه ليس بسارق، إنه شريك في المتاع، ولكنه خائن).

(2/258)


وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عمروبن عبد الله، عن وكيع، عن حمزة الزيات، عن الحكم، عن أبي جعفر قال: المجن الذي قطع فيه السارق قيمته دينار.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد، عن عمرو بن ثابت، قال: رأيت أبا جبرة قطعه علي -عليه السلام- من رأس الكوع.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد، عن الوليد، عن سماك، عن حنش: أن وليدة لعلي بن أبي طالب -عليه السلام- سرقت جونة لهم فيها حلي وثياب، وأخذت بعد ذلك بيومين، فجاؤا بها إلى علي -عليه السلام-، وقالوا: اقطع يدها. قال: (إنها ليست بسارقة، قد كنا ائتمناها على بيتنا ومافيه، ولكنها خائنة، فأرسلها).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا أبو كريب، حدّثَنا حفص، عن الأعمش، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيهِ قال: رأيت علياً -عليه السلام- أقرّ عنده عبدٌ سارق مرتين، فقطع يده، وعلقها في عنقه، فإني أنظر إلى يده تضرب صدره.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا علي بن منذر، عن ابن فضيل، حدّثَنا محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر، عن علي -عليه السلام- أنه قال: (حبس الرجل في السجن بعد أن يعلم ما عليه من الحق ظلم).
قال محمد بن منصور: يقول يسأل عنه، فإن كان مطلعا على حقه حكم عليه له، وإن كان معدماً فلَّسه وأخرجه.

(2/259)


وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليهم السلام: (أنه أتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إن عبدي سرق مالي، فقال: هو مالك سرق بعضه بعضاً).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا هناد بن السّري، عن عبدة، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: سمعت رجلاً من مزينة، وهو يسأل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: يارسول الله، أسألك عن ضَالّة الإبل؟
فقال: ((معها حذاؤها وسقاؤها ترد الماء وتأكل الشجر، فدعها حتى يأتيها باغيها)).
قال: الضالة من الغنم؟
قال: ((لك أو لأخيك أو للذئب، فاجمعها حتى يأتيها باغيها)).
قال: الحريسة التى تؤخذ في مراعيها؟
قال: ((فيها ثمنها مرتين وضرب نكال، فما أخذ من عطنه، ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن الْمِجَنّ)).
قال: اللقطة -يارسول الله- في سبيل العامرة؟
قال: ((عرفها حولاً، فإن جاء باغيها فادفعها إليه وإلا فهي لك)).
قال: يارسول الله، فما يؤخذ في الخراب العادي؟
قال: ((فيه وفي الركاز الخمس)).
قال: فالثمر ة وهي في أكمامها؟
قال: ((من أكل بفيه ولم يتخذ خبيئة فليس عليه شيء، ومن أخذ قد احتمل، فعليه ثمنه مرتين وضرب نكال، قال: فما أخذ من جرانه ففيه القطع إذا بلغ ثمن الْمِجَنّ)).

(2/260)


قال محمد بن منصور: الحريسة تكون مع الراعي؛ لأنه يحرسها، وقوله: ثمنه مرتين، هذا كان خاصاً للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- جعله عقوبة، لا يجوز لأحد أن يأخذ أكثر من مثل شيئه.
وقوله: ما أخذ من عطنه، العطن هو الدِّمن.
وقوله: الْمِجَنّ ما استُجِنّ به مثل البيضة والترس والمغفر.
وقوله: ما يؤخذ في الخراب العادي. يقول في البرية، فما يؤخذ فيه، كنز من ضرب الأعاجم، ففيه الخمس وأربعة أخماسه لمن أصابه.
والركاز: هو المال المدفون من ضرب الأعاجم. وقال بعضهم: هو الذهب والفضة التي تخلق من الأرض، وفيه أيضاً الخمس وأربعة أخماسه لمن أصابه.
وقوله: الثمار في أكمامها، يقول: مثل النخل والشجر، فما أخذ منه فلا قطع فيه، ولكن إن أخذ قائماً بعينه أخذ منه وإلاّ فعليه قيمته، ومن أكل بفيه ولم يتخذ خبيئة، وهي الجرة، فلا شيء عليه.
وقوله: ما أخذ من جرا نه. الجران: الحظائر، واحده جَرِين.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن دُكين، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن رافع بن خديج، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا قطع في ثمر ولا كثر)).
قال أبو جعفر: الكَثَر: الجمّار.

(2/261)


وبه قال: حدّثَنا محمد بن منصور، حدّثَنا عمرو بن عبد الله، عن وكيع، عن سفيان، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا يقطع المختلس ولا المنتهب)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا جعفر الهمداني، عن معاوية بن هشام، عن المختار التمار، عن أبي مطر قال: أقرّ رجلٌ بالسرقة عند علي -عليه السلام- ثُمّ رجع، فتركه.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا جعفر، عن قاسم: في المملوك والمملوكة يزنيان، من يقيم عليهما الحدّ؟ قال: يقيم عليهما الحد إمام المسلمين دون سيدهما، وقد قيل: إنه يكتفى في ذلك بالسيد.
والحديث فيه: ((أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم: في جارية بين رجلين وقع أحدهما عليها، قال: لا حدّ عليه فيها، وعليه فيما نال منها حكومة، وتبرئتها من إصابته إياها: حيضة.
قال محمد: إن كانت علقت منه فقد صارت أم ولده، فعليه نصف قيمتها، ونصف عقرها، وإن كانت لم تعلق منه فيدرأ عنه الحد؛ لأن له فيها نصيب. هذا المعمول عليه، قاله أبوحنيفة وأصحابه، وقال زيد بن علي، وابن أبي ليلى، وحسن بن صالح، وغيرهم: عليه نصف قيمتها، ونصف عقرها، ونصف قيمة ولدها. وقال أبوحنيفة: ليس للولد قيمة؛ لأنه وقع في الرحم وهوَ حُرّ، ولا قيمة لحر.

(2/262)


وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا سفيان بن وكيع، عن يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر، عن علي: (أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قطع الرِّجْل بعد اليد، ولم يزد على ذلك).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد، عن حاتم، عن جعفر، عن أبيهِ قال: كان علي لا يزيد أن يقطع يداً ورجلاً، فإذا أتي به بعد ذلك، قال: (إني لأستحي من الله أن لايتطهر لصلاته، ولكن امسكوا كلَبَته عن المسلمين وأنفقوا عليه من بيت مال المسلمين).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا حكم بن سليمان، حدثنا عمرو بن جميع، عن جويبر، عن الضحاك، عن النزال بن سبرة، عن علي -عليه السلام- قال: (حد النباش حدّ السارق، وهو أعظمهما جرماً).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيهِ قال: لاقطع في حجارة على من سرقها. الرخام وأشباهه من الحجارة.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليهِ السّلام- قال: (ليس على القَفَّاف قطع، ولكن التعزير).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا أحمد بن يحيى، حدّثَنا إسماعيل بن زياد، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن جعفر، عن أبيهِ عن علي -عليه السلام- قال: (إذا طر الطرار من الثوب الأعلى لم يقطع، وإذا طر من الثوب الداخل قطع).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن جميل، عن حسن بن حسين، عن علي بن القاسم، عن ابن أبي رافع، عن أبيهِ عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (لاقطع في عام سنة). يعني مجاعة.

(2/263)


وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عمرو بن عبد الله، حدّثَنا وكيع، عن سفيان، عن عاصم بن كليب، عن أبيهِ: (أن عليا كان يأمر الشهود إذا شهدوا على الرجل أن يلُوا قطعه).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عمرو، عن وكيع، عن سفيان، عن مطرف، عن عامر: (أن علياً أتي برجل شهد عليه رجلان أنه سرق، فقطع يده، ثُمّ جاؤا بآخر، فقالوا: لا. هذا الذي سرق وليس ذاك، فاتهمهما عليٌّ، وأغرمهما دية الأول، وقال: لو أعلم أنكما تعمدتما ذلك لقطعت أيديكما).

(2/264)


باب الساحر وغيره
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن الساحر؟
فقال: ((إذا جاء رجلان فشهدا عليه فقد حلَّ دَمه)).
وقال محمد: إنما يقتل ساحر المسلمين، ولا يقتل ساحر المشركين؛ لأن ما هو فيه من الشرك أكبر من السحر.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-: (أنه أُتي برجل قد أسلم ثم أكل لحم خنزير، فأمر به، فجلد حدّ الخمر، وشبّهَهَا بالخمر).
قال محمد: الناس على أنه يؤدب.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيهِ، قال: من أقر بولَدِهِ ساعةً ثُمّ نفَاهُ، جُلِدَ الحدّ، وأُلحق به الولد.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-: (أنه أتي برجلٍ ولدت امرأته غلاماً وجارية في بطن، فأقرّ بأحدهما، وأنكر الآخر.
قال عليّ: (إما أن يعترف بهما جميعاً وإما أن ينكرهما). قال أبوجعفَر: هذا هو المعمول عليه.

(2/265)


باب حدِّ اللُّوْطيّ
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليهِ السّلام- قال: (الرجلان إذا نكح أحدهما صاحبه، حدّهما حدّ الزاني، إن كانا أُحصِنَا رجماً، وإن كانا غير محصنين، يقتضي جلدهما).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر، وسأله عن رجلين وجدا في لحافٍ واحد؟ قال: يُعزران.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا حكم بن سليمان، عن عمرو بن جميع، عن جويبر، عن الضحاك، عن النزال بن سبرة، عن علي -عليه السلام- قال: (اللوطيّ بمنزلة الزاني، وهو أعظمهما جرماً).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم: في الذي يعمل عمل قوم لوط، قال: حدّه في ذلك الرجم، وكذلك فعل الله بقوم لوط، رجمهم من سمائه.
وذكر مثل ذلك عن علي -عليه السلام-: في رجل أتي به في ذلك. وذكر عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، بالأخبار غير المتواطئة، في كثيرٍ من الرواية، أنه قال: ((اقتلوا الفاعل والمفعول به)).
قال محمد: حده حدّ الزاني، إن أحصن رجم، وإن كان غير محصن حُدّ حَدّ الزاني.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا الحسن بن يحيى، عن إبراهيم بن محمد، عن عبد الرحمن بن محمد العرزمي، عن جعفر بن محمد، عن أبيهِ قال: أتي عمر بفاعلٍ أو مفعولٍ به، فاستشار علياً -عليه السلام-، فأمره أن يضرب عنقه. ثم قال: قد بقي حدٌ آخر.

(2/266)


قال: وما هو؟
قال: تحرقه بالنار.
ثُمّ قال -عليه السلام-: (إن لهم أرحاماً كأرحام النساء). قيل: فما بالهم لا يلدون؟ قال: (إن أرحامهم منكوسة).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا العلاء بن سعيد، عن أبي إسحاق الشيباني، عن حمزة، عن عمرو بن دينار، عن ابن الحنفية، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من أمكن من نفسه ثلاثاً جعل الله له في دبره رحماً كرَحِمِ المرأة يشتهي به كما تشتهي المرأة)).
قال: يا رسول الله، فما بالهم لا يلدون؟
قال: ((إن أرحامهم منكوسة)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا أبو الطاهر أحمد بن عيسى بن عبد الله، قال: حدّثَني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن الشياطين يأتون النساء في صورة الرجال)).
قال: يا رسول الله، هل لذلك من علامة؟
قال: ((قِلَّةَ الحياء وما أحدٌ أقل حياءً ممن أمكن من دبره)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (لَمَّا عَمِل قوم لوطٍ بما عَمِلوا، بَكَتِ السماءُ والأرضُ إلى ربّها من أعمالهم، فقال للسَّماءِ: احصبيهم، وقال للأرض: اخسفي بهم).

(2/267)


وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم: فيمن أتى بهيمة. قال: إذا أتى بهيمة كإتيانه المرأة، فحُكمُه حُكْم من أتى الرجل في المقعدة، ومن أتى رجلاً أو بهيمة فيمَا دون المقعدة، فحاله في ذلك كحاله في المرأة سواء، عليه من التعزيز بما يرى الإمام.
باب من الحدود
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم قال: شهادة النساء والمماليك، لا تجوز شهادة النساء في حدٍّ من الحدود، وتجوز شهادة امرأة واحدة فيما لايشهد عليه إلا النساء من الأمور، مثل القابلة إذا كانت صدوقة عدلة، ولا تجوز شهادة المملوك.
وسألته عن ذمي استكره امرأة مسلمة حتى أصابها؟
قال: عليه في ذلك ما على المستَكْرِهِ من المسلمين، وقد قال بعضهم: يقتل الذمي إذا غلبها على نفسها؛ لأنهم لم يعطوا العهد على ذلك، وفي الرجل المسلم يفجر بذي محرم منه، أو بذي رحم ليس بمحرم، قال: الحكم في ذلك حكم من فجر.
وقد ذُكر عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: (أنه أمر بقتل رجل نكح امرأة أبيه). رواه عنه البراء بن عازب، ولم يصح ذلك عندنا عنه.
وقد قال بعض الناس: إن حكمه إذا فجر بذات محرم، حكمه في غيرهامن النساء.
قال محمد: حديث البراء صحيح.
قال محمد: سألت أحمد بن عيسى في كم يقطع السارق؟
قال: في ربع دينار. وسألته من أين يقطع؟ قال: الأنامل، يعني أصول الأصابع. قال محمد: القطع من الرسغ وأصول الأصابع، قد روي عن علي، وكل ذلك جائز.

(2/268)


باب حدّ السَّاحِرِ والدَّيُوث
وبه قال: أخبَرَنا محمد، قال: أخبرني جعفر عن قاسم: في حد الساحر، ما حَدّه؟
قال: حد الساحر أن يقتل بعد الاستتابة، إن لم يتب، وإن تاب لم يقتل.
وقال مالك بن أنس، وأهل المدينة: يقتل، ولا يستتاب.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عبد الله بن محمد بن سليمان، عن عبد الله بن موسى، عن أبيهِ موسى بن عبد الله، عن جده عبد الله بن حسن، عن أبيهِ حسن بن حسن، عن حسن بن علي، عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((اقتلوا الديوث حيث وجدتموه)).
قال محمد: الديوث الذي يدخل الرجال على امرأته، أو حُرَمِه.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم: في المرتد كيف يصنع به؟
قال: المرتد يقتل إن أقام على ردته، ولا يخرجه من القتل إلا التوبة. وفي الزنادقة ما حدهم؟ قال: الزنادقة إن لم يتوبوا قتلوا، وإن تابوا لم يقتلوا. وقد قال مالك بن أنس: يقتل الزنديق، ولا يستتاب.
وفي المرأة تقع على المرأة، قال: عليها التعزير بقدر مايرى الإمام. وفي المحارب الذي يتعرض للطريق: إن قَتَلَ قُتِل، وإن أخذ من المال ما يجب فيه القطع قطع، وإن أخاف السبيل طلب حتى يُنفَى، وإن ظفر به عُزّر بقدر مايرى به الإمام، وكان ذلك له نكالاً وجزاءً.

(2/269)


باب الأمَةُ تكون بين الرجُلَينِ فيَطأُها أحَدُهُما
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد: في الأمة تكون بين اثنين، فيطأها أحدهما، فتلد منه. قال: يدرأ عنه الحدّ، وتُقَوَّمُ هي وولدُها فيردّ على صاحبها نصف قيمتهما.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم في جارية بين رجلين وقع عليها أحدهما، قال: لا حدَّ عليه فيها، وعليه فيما نال منها حكومة، وتبرئتها من إصابته إياها حيضة.
باب الرجم بالبينة والإقرار
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا علي بن أحمد، عن إبراهيم، عن علي البزار، حدّثَنا عبد الله بن المبارك، عن ابن
جريج، عن أبي الزبير، عن ابن عمٍ لأبي هريرة، عن أبي هريرة قال: جاء ماعز بن مالك إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: يا رسول الله، إني زنيت، فأعرض عنه، فقال: إني زنيت. فأعرض عنه، فقال: إني زنيت، فأعرض عنه، فقال: إني زنيت. فأقبل عليه.
فقال: ((أتيتها))؟ فقال: نعم.
قال: ((وهل غاب ذلك منك في ذاك منها كما يغيب الميل في المكحلة، والرشاء في البئر))؟
قال: نعم. قال: ((وهل تدري ما الزنا))؟ قال: نعم. أتيتها حراماً كما يأتي الرجل من أهله حلالاً.
قال: ((فما تريد بقولك))؟
قال: أريد أن تطهرني يارسول الله، فأمر به فَرُجِم.
فمرّ برجلين يقول أحدهما للآخر: انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه، فلم تدعه نفسه حتى رُجِمَ مَرجَمَ الكلبِ، فسكت عنهما النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، حتى مرَّ بجيفةِ حمارٍ مشير برجله، فقال لهما: ((انزلا فأصيبا من هذه الجيفة)).
فقالا: غفر الله لك يارسول الله، أنأكل من هذه الجيفة؟!
فقال: ((ما أصبتما من أخيكما آنفاً أعظم من إصابتكما من هذه الجيفة، لو أصبتما منها.إنه الآن لفي أنهار الجنة يتقمص فيها)).

(2/270)


آخر كتاب الحدود باب الديات
باب ماذُكرَ في القاتِلِ غَيرَ قاتِلِه، والضَّارِبِ غيرَ ضَارِبِه
وبه قال: حدّثَنا أبوجعفَر محمد بن منصور بن يزيد، قال: حدّثَني علي ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: أتي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقيل له: هذا قتيل بين دور الأنصار.
فأتاه فقال: ((هل يعرف))؟ قالوا: نعم.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لو أن الأمة اجتمعت على قتل مسلم لأكَبَّهُم الله في نار جهنم)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عبد الله بن موسى، قال: حدّثَني أبي، قال: وجد في قائم سيف رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كتاب مشدود موثوق فيه: إن أعتى الخلق على الله الضاربُ غيرَ ضاربِه، والقاتل غير قاتله، والمتولي غير مواليه، والمدّعِي غيرَ أبيهِ.
وبه قال محمد: سمعت عبد الله بن موسى يقول: حديث موطأْ: ((من أعان على قتل امرئ مسلم بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله تعالى)).

(2/271)


أبوابٌ من الدِّيات
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا أبوكريب، حدّثَنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن مكحول قال: ((قضى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في النفس الدية كاملة مائة من الإبل)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد، حدّثَنا محمد بن فضيل بن غزوان الضبي، عن أشعث بن سوار، عن عامر، عن علي بن أبي طالب قال: (في قتل الخطأ: الدية، مائة من الإبل أرباعاً: خمس وعشرون جذعة، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون ابنة لبون، وخمس وعشرون ابنة مخاض.
وفي الأنف إذا استأصل أو قطع مارنة الدية أرباعاً، فما نقص فبحسابه، ربع جذاع، وربع حقاق، وربع بنات لبون، وربع بنات مخاض.
وفي اللسان إذا استؤصل: الدية أرباعاً، فما نقص فبحسابه، ربع جذاع، وربع حقاق، وربع بنات لبون، وربع بنات مخاض.

(2/272)


وفي الذكر إذا استؤصل: الدية أرباعاً، فما نقص فبحساب.
وفي الحشفة إذا قطعت: الدية أرباعا، فما نقص فبحسابه، ربعاً جذاع، وربعاً حقاق، وربعاً بنات لبون، وربعاً بنات مخاض.
وفي العين: نصف الدية، خمسون من الإبل، أرباعاً: ربع جذاع، وربع حقاق، وربع بنات لبون، وربع بنات مخاض.
وفي الأذن إذا استؤصلت: خمسون، أرباعاً، فربع جذاع، وربع حقاق، وربع بنات لبون، وربع بنات مخاض.
وفي اليد: نصف الدية، خمسون من الإبل، أرباعاً: ربع جذاع، وربع حقاق، وربع بنات لبون، وربع بنات مخاض.
وفي الرِّجْلِ: نصف الدية خمسون من الإبل، أرباعاً، ربع جذاع، وربع حقاق، وربع بنات لبون، وربع بنات مخاض.
وفي الأنثى: نصف الدية: خمسون من الإبل، أرباعاً، ربع جذاع، وربع حقاق، وربع بنات لبون، وربع بنات مخاض.

(2/273)


وفي المأمومة: ثلث الدية، أرباعاً، ربع جذاع، وربع حقاق، وربع بنات لبون،، وربع بنات مخاض.
وفي الجائفة: ثلث الدية، أرباعاً: ربعاً جذاع، وربعاً حقاق، وربعاً بنات لبون، وربعاً بنات مخاض.
وفي المنقلة: خمس عشرة من الإبل، أرباعاً: ربع جذاع، وربع حقاق، وربع بنات لبون، وربع بنات مخاض.
وفي الأصابع: في كل إصبع عشر من الإبل، أرباعاً: ربع جذاع، وربع حقاق، وربع بنات لبون، وربع بنات مخاض.
وفي الموضحه: خمس من الإبل، أرباعاً: ربعاً جذاع، وربعاً حقاق، وربعاً بنات لبون، وربعا بنات مخاض.
وفي الأسنان: في كل سن خمس من الإبل، أرباعاً: ربع جذاع، وربع حقاق، وربع بنات لبون، وربع بنات مخاض.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن أشعث، عن عامر، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام-، في شبه العمد: (الدية مغلّظة: ثلاث وثلاثون جذعة، وثلاث وثلاثون حقة، وأربع وثلاثون، مابين ثنية إلى بازل عامها، كلها خلفة).
قال محمد: الْخِلفَة التي في بطونها أولادها، من حين أن يتبين حملها إلى وقت ما تضع.

(2/274)


وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن جميل، حدّثَنا عاصم بن عامر، عن نوح بن دراج، عن المنهال بن خليفة، عن سلمة بن تمام: أن رجلاً صبَّ على رأس رجلٍ ماءً حاراً، فذهب شعره فرفعا إلى علي -عليه السلام-، فضّمنَه الدية.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن جميل، حدّثَنا مصبِّح، عن عباد بن العوام، عن عمر بن عامر، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب: في رجل أصاب عين رجل، فذهب بعض بصره، وبقي بعض، فاختصما إلى عليّ: (فأمر بالعين الصحيحة فرُبطت، ثُمّ أمر بالأخرى فتركت، ثُمّ أعطى رجلاً بيضة فقال: انطلق بها، والآخر ينظر حتى انتهى بصره، ثُمّ خطَّ عند ذلك علماً، ثُمّ أمر بعينه الأخرى فعصبت، وفتحت الصحيحة، وانطلق الرجل بالبيضة، حتى انتهى بصره، ثُمّ خطَّ عند ذلك علماً، ثُمّ تحول إلى مكان آخر، ففعل مثل الذي فعل أولاً فوجده سواء، فأعطاه من الدية بحساب ما نقص من عينه من مال الآخر).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-، قال: (لا تقاس عينٌ في يومِ غيمٍ).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-: (أنه قضى في رجل ضرب رجلاً حتى سَلِسَ بوله، فقضى فيه بالدية).

(2/275)


وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن إسماعيل، قال: حدّثَني عيسى بن طلحة، عن طلحة، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-: (أنه قضى في الرجل إذا ضربت رجله فلم يقبضها صاحبها فقد تم عقلها).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-: (أنه قضى في العين القائمة بمائة دينار).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا يحيى بن حسان، حدّثَنا وكيع، حدّثَنا محمد بن سليم أبو هلال، عن عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عباس قال: في العين العوراء إذا خسفت ثلث الدية.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا أبو كريب، حدّثَنا عَبْدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن مكحول، قال: ((قضى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في الآمّةِ الثلث)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن إسماعيل، حدّثَنا أسباط، حدّثَنا الشيباني، عن الشعبي قال: كان عليّ يجعل جراحة المرأة على النصف من جراحة الرجل، لا يسوي بينهما في شيء من الجراحات ولا الخدش.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثَنا عباد، عن الحجاج، عن حصين، عن الشعبي، عن الحرث، عن علي -عليه السلام-، قال: (إذا اسودت السن فقد تم عقلها).

(2/276)


حدثنا محمد، قال: حدّثَنا محمد بن جميل، عن عاصم، عن قيس، عن الحجاج، عن حصين، عن الشعبي عن الحرث، عن علي -عليه السلام-: (أنه كان ينظر إلى السنِّ إذا كُسر، فيعطيه عقلها، ثُمّ يؤجله سنة، فإن اسودت، أعطاه العقل كله).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا أحمد بن صبيح، عن طريف بن ناصح، عن ابن أبي عمير، عن جعفر، عن علي -عليه السلام-: (أنه أفتى في حلمة ثدي المرأة بثُمُنِ الدية).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (أتي برجلٍ قَطَعَ قُبُلَ امرأته، فلم يجعل بينهما قِصَاصاً، وجعل عليه الدية).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-: (أنه قضى في موضحة العبد نصف عشر قيمته).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا جعفر بن محمد الهمداني، حدّثَنا يحيى بن آدم، عن حماد بن سلمة، عن حجاج، عن حصين، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي -عليه السلام- قال: (تجري جراحات العبيد على نحو من جراحات الأحرار، في عينه نصف ثمنه، وفي يده نصف ثمنه، وفي مارنه ثمنه كله).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن جميل، عن مصبِّح، عن الحكم بن ظهير، عن السُّدي، عن عبد خير، عن علي قال: (العبد مالٌ يؤدَّى ثمنه، ولا تكون قيمة العبد أبداً أكثر من دية الحر).

(2/277)


وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا سفيان، ومحمد بن إسماعيل، عن العلاء بن عبيد، عن حجاج الصواف، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ((قضى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في المكاتب يقتل يودى بقدر ما أدى من مكاتبته دية الحر، وما بقي دية العبد)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدّثَنا سفيان، عن يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عياش، عن أبي سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس: ((أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وَدَى العامريين بدية المسلمين، وكان لهما عهد من رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-، قال: (دية اليهودي والنصراني مثل دية المسلم).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا أبوكريب، عن حسن بن عطية، عن موسى بن أبي حبيب، عن علي بن الحسين، قال: دية المعاهد مثل دية المسلم.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا حسين بن نصر، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-: (أنه قضى في جنين اليهودية والنصرانية والمجوسية عشر دية أمهِ).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن جميل، عن مصبح، عن حفص بن غياث، عن أشعث بن سوار، عن عامر، عن علي -عليه السلام- قال: (مع كل خطأ كفارة سوى الدية).

(2/278)


باب مَن قَتَلَه اثنانِ أو أكْثَرَ
وبه قال: حدّثَنا محمد بن منصور، سألت أبا عبد الله أحمد بن عيسى، عن اثنين فما فوق ذلك، إذا قتلوا رجلاً عمداً؟ قال: يُقتَلونْ، كلٌ قاتلٌ. وقال قاسم بن إبراهيم مثل قوله.
باب مَن قُتِلَ ولهُ أولياء صغارٌ أو غُيَّب
وبه قال: محمد بن منصور: سألت أبا عبد الله، عن رجلٍ قتل رجلاً، وللمقتول أولياء صغار وكبار، ومعتوه؟ فرأى أن للكبار أن يقتلوا، ولا يستأنوا بالصغير والمعتوه. وذكر الحسن بن علي وقَتْلِهِ ابن ملجَم -لعنه الله-، ولم يستأن بالصغار، وأن علياً أوصى أن يُقتَل.
قال محمد: هذا الذي عليه الناس، إلاأن ابن أبي ليلى، والحسن بن صالح قالا: لايقتل حتى يبلغ من كان صغيراً، ويصح من كان معتوهاً. ورأى أبو عبد الله:في رجل قتل رجلاً، وللمقتول أولياء بالغون، وبعضهم غائب. فرأى أن لايقتل حتى يحضر الغائب.
قال محمد: هذا الذي عليه الناس.

(2/279)


باب في الغَيْلَةِ
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: قال لي أحمد بن عيسى: ما تقول في الغيلة؟
قلت: إن كان في حرب فيغتاله ويحتال له، وإن كان في غير حرب، فهذا قد نُهيَ عنه، فأمسك أحمد، وكأن الجواب قد وافقه.
باب من أمرَ رجُلاً يقتُلُ رجلاً
وبه قال محمد، قال لي أبو عبد الله: ما تقول في رجل أمر رجلاً بقتل رجل فقتله؟
قلت: إن كان في حرب قتل الآمر والمأمور، وإن كان في غير حرب قتل المأمور وعوقب الآمر.
قال: أصبت، يُعاقَبُ عقوبَةً شديدة.
باب القَسَامَةِ إذا أبَوا أن يَحلِفُوا
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: سألت أحمد بن عيسى عن القسامة إذا أبوا أن يحلفوا؟
فرأى أن يحبسوا، بمنزلة من وجبت عليه اليمين، فأبى أن يحلف.
قال أحمد بن عيسى: أهل المدينة يقولون: القسامة على أولياء المقتول.
وقال أبو جعفر: قلت لأحمد بن عيسى: إن حسن بن صالح كان يقول في القسامة: إذا امتنعوا أن يحلفوا قُتلوا، فأنكر أحمد بن عيسى هذا القول إنكاراً شديداً.

(2/280)


باب مسائل من الديات
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال أخبرني جعفر بن محمد، عن قاسم بن إبراهيم: في الدية من الدراهم، والدنانير، والإبل، والبقر، والغنم.
قال: أما الإبل فمائة من الإبل، كما جاء في الأثر مبينة بما ذكر من أسنانها.
وأما البقر: فمائتا بقرة.
وأما الغنم: فألفا شاة.
وأما الدنانير: فألف دينار.
وأما الدراهم: فهي اثنا عشر ألفاً، في قول أهل الحديث، وقد قال غيرهم: يقدر ذلك على قدر الأثمان.
وفي دية الخطأ وشبه العمد قال: ليس بين الخطأ والعمد منزلة، إنما القتل كله خطأ أو عمد، وفي ذلك ما جعل الله عز وجل فيه من قود أو دية.
وقد قال غيرنا: إن شبه العمد منزلة ليست بالعمد ولا الخطأ، الدية فيها مغلظة.
وقيل عن علي -رحمة الله عليه-: إن شبه العمد ماكان بالعصا، والقذف بالحجر العظيم. وذكر عن علي -عليه السلام- في دية الخطأ: أنها أرباع، ربع جذاع، وربع حقاق، وربع بنات مخاض، وربع بنات لبون.
وفي الموضحة كم فيها من الدية، وأين تكون الموضحة؟
قال: الموضحة ماكان في الوجه أو الرأس، وهو ما أوضح العظم حتى يتبين، وفيها خمس من الإبل، وذلك مذكور عن عليّ -عليه السلام-، وقد قال بعض الناس فيها حكومة.

(2/281)


قال: الأمة فيها ثلث الدية، وذلك مذكور عن علي -عليه السلام-.
وعن المنقلة كم فيها؟ وكيف المنقلة؟
قال: المنقلة هي ما خرج منها عظام أو عظم، وفيها خمس عشرة من الإبل، وذلك مذكور عن علي -عليه السلام- وعن غيره.
وعن الجائفة كم فيها، وأين تكون الجائفة؟
قال: الجائفة ماوصل إلى الجوف من أيّ ناحية كانت، وفيها: ثلث الدية، وذلك مذكور عن علي -عليه السلام-.
وعن الأعور تُفقَأ عينه، كم فيها؟
قال: ذُكرَ عن علي -عليه السلام- أنه قال: فيها الدية كاملة إن شاء.
وقال بعضهم: فيها نصف الدية.
وعن أعور فقأ عين صحيح، قال: يُقادُ منه، وإنما العين بالعين، وإن أراد الدية فله نصف الدية.
وعن الظفر، والسن إذا اسودت، أو تغيرت؟ إذا اسودت السن أو سقطت، ففيها خمس من الإبل، وإذا انفصمت فبحساب ما ذهب منها من نصف، أو ربع، أو أقل، أو أكثر. وهذا أيضا مذكورٌ عن علي -عليه السلام-، وقد قال قوم: إن في ذلك حكومة.
وعن البيضتين، أو إحداهما؟ قال: فيهما جميعاً الدية، وفي واحدة منهما: نصف الدية.
وفي كل زوج من الإنسان من عينين، أو يدين، أو رجلين: ففيهما الدية، وفي كل فرد من ذلك نصف الدية.
وقد قال بعضهم: في اليسرى من البيضتين ثلثا الدية، وفي الأخرى ثلث الدية.
قال محمد: هذا قول زيد بن ثابت.

(2/282)


وفي العين القائمة تنخس؟ قال: في العين القائمة إذا نخست حكومة، بقدر مايتبين فيها من النقص والشين.
وعن اليد والرجل الشَّلاء يصابان؟ قال: واليد والرجل الشلاء إذا أصيبتا ففيهما: حكومة، فليس في شيء من ذلك كله دية محدودة معلومة.
وعن لسان الأخرس يصاب؟ فقال: في لسان الأخرس إذا قطع كله أو بعضه حكومة، وليس فيه أيضاً دية محدودة معلومة.
وعن فتق المثانة؟ قال: إن كان نفذ إلى الجوف، ففيه ما في الجائفة، وإن كان لم ينفذ ففيه حكومة على قدر المضرة.
وعن جناية العبد والصبي قال: أما جناية العبد ففي رقبته، وأما جناية الصّبي فعلى عاقلته.
وعن رجل وغلامٍ اشتركا في قتلٍ أو جراحة، قال: أما الرجل فيقاد منه ويقتص، وأما الصبي مالم يبلغ فلا يقتص منه، ودية ما جنى على عاقلته.
وعن جراحات الرجال والنساء؟ قال: جراحات النساء على النصف في الدية من جراحات الرجال، كما أن دية المرأة نصف دية الرجل، وذلك مذكور عن علي -عليه السلام-.
وقد قال مالك بن أنس وأهل المدينة: إن المرأة تساوي الرجل في الجراحة إلى ثلث الدية، ثُمّ ماكان بعد ذلك، فهو على النصف من جراحات الرجال.
وبه قال محمد: إذا اشترك رجلٌ وصبي في قتل رجل فإن كان مع الرجل عصا، فنصف الدية على الرجل على عاقلته، ونصف الدية على عاقلة الصبي، وإن كان مع الرجل سيف ومع الصبي سيفٌ أو عصا، فعلى الرجل نصف الدية في ماله، وعلى عاقلة الصبي نصف الدية؛ لأن عمد الصبي خطأ. راجع الحديث الأول.

(2/283)


وعن جنين الأمة إذا أسقطت؟ قال: في جنين الأمة على مقدار ثمنه، على ما في جنين الحرة في مقدار ديته.
قال محمد في جنين الأمة: إن كان غلاماً، فنصف عشر قيمته، وإن كانت جارية فعشر قيمتها.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم: وعن جنين البهيمة. قال: في جنين البهيمة حكومة على ما يقدر في مثله.
وعن جنين الحرة قال: في جنين الحرة إذا أسقطته غرة عبد أو أمة، وذلك مذكور عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وعن علي -عليه السلام-.
وعن الغرة على من هي؟ قال: إن كان مصيب المرأة أصابها عمداً، فعليه في ماله، وإن كان أصابها خطأ، فذلك على العاقلة.
وعن الجراحات من أيها يقاد؟ ومن أيها لا يقاد؟
قال: يُقاد ويقتصّ من الجراحات من كل ما يُمكِن أن يستقاد منه، وما يعرف حدُّه وقدره، وأما ما غلب منها وتفاوت، ولم يضبط منه الحد والتقدير، ولم يمكن أن يوقف على حدّ معلوم، فلا قصاص فيه ولا قود، مثل الجائفة، والمنقلة، والمأمومة، وما يخاف أن يأتي على النفس.
وعن رجلٍ أخرج من حده شيئاً فأصاب إنساناً؟ قال: إن كان في طرق العامة لزمه غرامة ما أصيب به من الضرب في نفسٍ كان ذلك أو مالٍ، وقد قيل عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن البئر جبار والبهيمة جبار))، وذلك أن لا يكون فيهما شيء، وإن يصيبا ما أصابا، وهما في حدود أهليهما، أو في مكان لا ضرر فيه على أحد.

(2/284)


وعن الدابة تنفح برجلها: قد ذُكر عن علي -عليه السلام- أنه قال: (من أوقف دابةً في طريق من طرق المسلمين، أو في سوق من أسواقهم، فهو ضامنٌ لما أصابت بيدها أو برجلها).
وعن عين الدابة وذَنَبِها؟
قال: عين الدابة وذنبها بقدر ما نقص من ثمنها، وقد قالوا: ربع ثمنها.
قال محمد: روي عن علي -عليه السلام-، وابن مسعود: في عين الدابة ربع ثمنها، فإن أصيب ذنبها فما نقصها من الثمن، فإن قطعت يدها أو رجلها، دُفِعَت إلى الذي أصابها، وأخُذَ منه قيمتها.
قال أبوجعفر: إن كانت المصابة شاة أو بقرة أو بعيراً فما نقصه من الثمن، وإنما ذلك في الدّواب التي يعمل عليها، ولا يؤكل لحمها مثل الحمار والبغل والبرذون والفرس.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم في عين العبد والأمة، قال: فيهما على قدر ما نقص من أثمانهما.
قال محمد: روي عن علي -عليه السلام: في عين العبد والأمة نصف أثمانهما. وكذا في أيديهما نصف أثمانهما.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم: في دية اليهودي، والنصراني، والمجوسي، قال: دية اليهودي والنصراني، وكل ذي عهد وميثاق ما كان في عهده وميثاقه فدية تامة؛ لقول الله عز وجل: ?وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ?[النساء:92].

(2/285)


وقد قيل عن عمر وغيره: إن ديتهما نصف دية المسلم.
وقد قيل: ديتهما أربعة آلاف درهم، وإن دية المجوسي ثمانمائة درهم. والأمر عندنا في ذلك أن دية كل ذي عهد دية مسلم، وعلى القاتل ما أمره الله به في الكفارة من تحرير رقبةٍ أو صيام شهرين متتابعين إن لم يجد رقبة مؤمنة.
وعن مسلمٍ قتل ذمياً متعمداً قال: لا يقتل مسلم بكافر، قتله قتل عداوةٍ أو غيلة؛ لأن الله عز وجل إنما جعل فيه الدية والكفارة. وهكذا ذكر عن علي -عليه السلام-، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وقد قال قوم: إنه يقتل به، وليس بشيء.

(2/286)


بابٌ في مسائِلِ الدّيات
وبه قال: حدّثَنا أبوجعفَر محمد بن منصور بن يزبد، قال: حدّثَني علي ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما، عن حسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-، قال: (اجتمع الصحابة في ولاية عمر فجعلوا دية اليهودي أربعة آلاف، ودية النصراني أربعة آلاف، ودية المجوسي ثمانمائة درهم).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر بن محمد، عن قاسم بن إبراهيم: في القصاص بين الرجال والنساء، قالوا: قد اختلفوا في هذا، عن علي -عليه السلام-، وذكروا عنه أنه قال: (لايقتل رجل بمرأة، لما فرق الله بينهما من الفضيلة والدية). وذكر عنه أيضاً: (إن أراد أولياء المقتول القتل أعطو أولياء القاتل نصف ديته، ثُمّ قتلوا إن شاؤا).
وليس هذا بثابت عندنا عن علي -عليه السلام-، وقد قال كثير من التابعين: إن بينهما قصاص، في الجراحات. وقال آخرون: ليس بينهما قصاص.
وعن رجلٍ قتل عبده أو عبدَ غيره، قال: لايقتل حرٌ بعبدٍ على أي حال، وقد ذكر عن علي -عليه السلام-: (أن رجلاً قتل عبده على عهد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فضربه مائة، ونفاه سنة، ومحى سهمه من المسلمين، ولم يُقِدْهُ منه).
وقال: ((لا يقتل حرٌ بعبدٍ، إنما هو مالٌ من الأموال، إذا قُتِل فإنما فيه قيمته)).

(2/287)


وعن رجل قتل ابنه، أو أباه، أو قتل وارثه قال: لا يرث أحداً ممن قتله، ولا يورث بينه وبينه، وكذلك جاء عن علي، وعن جناية المجنون، قال: جناية المجنون كلها خطأ، والدية فيها على عاقلته.
وعن الرجل يُقتل فيعفو بعض الأولياء عن القاتل، قال: إذا عفا بعض الأولياء عن القاتل زال القتل عنه، وإن قَبِل الباقون من الأولياء الدية، وكان الآخرون قد عفوا عن القتل والدية جميعاً زال عنه من الدية قدر ما للعافين من النصيب فيها، ولا يُقتَل القاتِل إذا عفا بعض الأولياء، وقد قال بعض الناس بغير هذا، وهو قول شاذ، فزعموا أن الدم لمن طلب من الأولياء به، وإن عفا بعض الأولياء فلا يلزمه.
وعن الْمُتَطَبِّبِ والخاتن والمداوي يعنت فيما يعالج. قد قال بعض الناس: يضمن، وذكر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: ((من لم يعرف بالطب قبل ذلك و أعنت ضمن))، وذكر عن علي -عليه السلام- أنه قال: (من لم يكن متطبباً فعالج أحداً فليتبرأ مما أتى على يديه فيه، وليشهد شهوداً على براءته، ثُمّ يعالج، وليجتهد ولينصح، وليتق الله ربه فيمن يعالجه).

(2/288)


وإذا أوقف الدابة في طريق أو سوق، أو سَلَكَ بها في ذلك، فصدمت إنسانا ضمن صاحبها أيضاً، في قول علي -عليه السلام-.
وعن الرجل يُقتَصّ منه فيموت في قصاصه قال: لا شيء فيه، إنما قتله حكم الله عليه، وهذا مذكور عن علي -عليه السلام-.
وعن العبد يجني الجنايات، قال: جناية العبد في قيمته وقدر مبلغ ثمنه، وعلى سيده إن أحب أن يفديه من جنايته، وليس تعقل العاقلة عبداً ولا أمةً.
وعن الرجل يُقتَل وله أولاد صغار، قال: ينتظر بهم وبعفوهم واستِقَادَتِهم، حتى يبلغوا الاحتلام، ويحبس لهم القاتل بقتيلهم حتى يدركوا.
وعن الرجل يريد المرأة عن نفسها فتقتله، قال: إذا صحَّ ذلك فلا قود عليها في قتله، ولا دية إذا كانت إنما قتلته امتناعاً مما أراد بها ومدافعةً.
وعن الكلب يعقر على من عقله؟ قال: إن كان الكلب عقوراً أو معروفاً بذلك كان على مالكه، وإن لم يكن عقوراً فليس على مالكه شيء مما أصاب، إلا أن يخرج به صاحبه في طريق أو سوق، فَحَالُه فيها حال العجماء.
وعن القسامة كيف هي، وكيف يستحلفون؟
قال: القسامة في الدم على المدَّعَى عليهم، فإن أقسموا برؤا أنفسهم مما ادعي من الدم قبلهم، وليس يقتل أحدٌ بالقسامة كما يقول أهل المدينة، وهذا لا اختلاف فيه بين آل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، ولا يقسم المدعون كما يقول أهل

(2/289)


المدينة، ولا يستحقون بالقسم إذا لم تكن بيِّنة، درهماً، فكيف يستحقون به دماً، ويستحلف المدعى عليهم خمسين قسامة بالله ماقتلوا ولا يعلمون قاتلاً.
وعن رجل ضرب رجلا، فذهبت عينه ولسانه، أو قطع يديه ورجليه جميعاً؟
قال: قد قيل في كل شيء من ذلك فرداً كان أو زوجاً دية، وقال بعضهم: لايكون في ذلك أكثر من دية واحدة.
وعن الرجل يقتل أباه، أو أمه أوذا محرمٍ خطأ، على من الدية؟
قال: الدية على عاقلته، ولا يرث القاتلُ المقتولَ عمداً كان القتل أو خطأ شيئاً من ديته.
وعن الرجل يستعمل عبدَ غيره بغير إذن سيده، أوصبيّ غيره بغير إذن وليه فيعنت أو يقتل؟
قال: من استعمل صبياً أو عبداً بغير إذن أهله ضمن ما أصيب.
وعن الأصبع والسن الزائدة تصاب؟ قال: فيها حكومة.
قال أبو جعفر: إن كانت الأصبع الزائدة ينتفع بها ففيها سدس دية الرجل واليد، وإن كان لا ينتفع بها، ففيها حكومة بقدر الألم.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم: وعن القصاص في الجراحات كيف يقتص؟
قال: يقتص منها بقدر طولها وعرضها وذهابها، لايزاد على قدرها.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا محمد بن جميل، عن عبد الرحيم الرازي، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح: أن رجلاً عضَّ رجلاً في عهد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-،

(2/290)


فجذب يده من فيه فخرجت ثنيتاه، فأتي به النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: ((يعدو أحدكم على أخيه كما يعدو الفحل، فإذا انتزع يده من فيه طلب العقل، فأهدرهما)).
باب في الرجل يسلم ويأبى ولده الإسلام
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (إذا أسلم الأب جر الولد إلى الإسلام، فمن أدرك من ولده دعي إلى الإسلام فإن أبى قتل، وإذا أسلم الولد لم يَجُره أبويه ولم يكن بينهم ميراث).
باب في المسلم يقتل بالمعاهد
وبه قال: حدثنا محمد، قال: سألت أبا عبد الله يقتل المسلم بالمعاهد؟ فهاب ذلك، فذكرت له حديث ابن البيلماني عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه أقاد من مسلم بمعاهد، وقال: ((أنا أحق من وفى بذمته)).
وعن علي بن أبي طالب -عليه السلام- وعن علي بن الحسين نحو ذلك، فقال: وقد روي غيره. كتاب الأحكام

(2/291)


باب الأحكام وماجاءفيه
وبه قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن منصور بن يزيد، حدثنا أبو كريب، عن أبي زائدة، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن عبد الملك بن عمير، قال: كان علي -عليه السلام- إذا قال الرجل:إن لي على هذا مالاً فخذ لي به قال: (أله مال، إن كان له مال أخذناه لك به) فإن قال: نعم قد لجاه قال: (أقم بينة أنه لجاه، وإلاّ حلف بالله ما لجاه) فإن قال: احبسه لي، قال: (لا أعينك على ظلمه) فإن قال: فإني ألزمه، قال: (إن لزمته كنت ظالماً، ولم أحل بينك وبينه).
قال أبو جعفر: ولم أحل بينك وبينه حتى يستعديني عليك.
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا علي بن منذر، عن محمد بن فضيل، حدثنا محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر، عن علي، أنه قال: (حبس الرجل في السجن من قبل أن يعلم ما عليه من الحق ظلم).
وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا محمد بن راشد، حدثنا إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- أنه كان يحبس الرجل إذا التوى على غريمه، فإذا تبين له إفلاسه وحاجته أخرجه حتى يستفيد مالاً، ويقول له: (قد استفدت مالاً، فاقسمه بين غرمائك).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-، قال: (إذا أقرَّ الرجل من الورثة بدين فليس بشاهد، إنما أقرَّ على نفسه وهو في نصيبه).

(2/292)


وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن محمد بن علي، عن علي -عليه السلام-، قال: (مرَّ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- على رجلين أحدهما يلزم صاحبه، فقال: ((ما شأنكما)))؟
فقال أحدهما: يارسول الله، استأجرَ مِنّي أرضاً بكذا وكذا وسقاً فزرعها، فقال الآخر: يارسول الله، أصاب زرعي آفة.
فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن أخاك قد أصابه ما ذكر فإن رأيت أن تجاوز عنه فا فعل)). قال: قد فعلت يارسول الله.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا الحكم بن سليمان، عن إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم، قال: سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والزعيم غارم)).
وبه قال: أبو جعفر: العارية مؤداة يقول: إذا استعرت شيئاً، يقول: فهي مضمونة في ضمانك حتى تردها. والمنحة مردودة: الرجل يمنح الرجل الأرض، ويقول له: ازرعها، أو الشاة أو البقرة يقول له: احتلبها، يقول: هي مردودة متى ما شاء أخذها، والزعيم غارم: هو الضمين أو الكفيل.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد بن يعقوب، عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر، عن أبيه، قال: استعار رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يوم فتح مكة، من صفوان بن أمية ثمانين درعاً،

(2/293)


فقال صفوان: يا محمد، عارية مضمونة مؤداة، قال: ((نعم))، فدفعها إليه.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا محمد بن ميسر، قال: حدّثَنا موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي، وعبد الله بن عبيدة أنهما قالا: كان رجل من الأنصار يسني على بقرة له، فإذا فرغت من عملها أرسلها تختلي، وكان لرجل من المهاجرين حمار، فربط حماره وألقى علفه، قال: فأرسل الرجل بقرته فجاءت إلى الحمار تتناول من علفه، فرمحها ونطحته بقرنها فقتلته، فاختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: ((اذهبا إلى أبي بكر يقضي بينكما))، فأتيا أبا بكر، فقصَّا عليه قصتهما، فقال: العجماء جبار، ولا شيء لصاحب الحمار، فأتيا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فأخبراه، فقال: (اذهبا إلى عمر يقضي بينكما)، فأتياه، فقال لهما مثل ذلك، فأتيا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فأخبراه، فقال: (اذهبا إلى علي يقضي بينكما)، فأتيا علياً -عليه السلام-، فقال: لصاحب الحمار: (أرَبَطْتَ حمارك)؟، قال: نعم.
فقال: لصاحب البقرة: (أرسلت بقرتك)؟ قال: نعم.
قال: (هذا ربط، وأنت أرسلت، اغرم له حماره).
قال: فأتيا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فأخبراه، فقال عليه الصلاة والسلام: ((الحمد لله الذي جعل في أمتي من يقضي بهذا القضاء)).

(2/294)


قال محمد بن ميسر،: فذكرته لأبي حنيفة، فقال: هذا قولنا، إذا أرسلها في غير ملكه فأصابت في فورها.
وبه قال: حدثنا محمد، حدّثَنا علي بن منذر، عن محمد بن فضيل، حدثنا الأعمش، عن عبد الرحمن بن ثروان، عن هزيل بن شرحبيل، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((المعدن جبار، والبئر جبار، وفي الركاز الخمس)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدثنا يحيى بن حسان، عن وكيع، حدّثَنا سفيان، عن أبي قيس الأودي، عن هزيل بن شرحبيل قال قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((الرِّجل جبار، والمعدن جبار، والبئر جبار، وفي الركاز الخمس)).

(2/295)


وبه قال: حدثنا محمد، حدّثَنا يحيى بن حسان، حدّثَنا وكيع، عن زمعة بن صالح. أظنه عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وحرام بن سعد بن محيصة: (أن ناقةً للبراء بن عازب دخلت حائطاً فأفسدت، فأتوا النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقضى أن على أهل الماشية حفظها بالليل، وعلى ربّ الزرع حفظه بالنهار).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا علي بن حكيم، قال: حدّثَنا حميد بن عبد الرحمن، حدّثَنا حسن بن دينار عن الحسن، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((من أشرع حداً في طريق فهو ضامن)).
قال أبو جعفر: يعني الصخر الذي يخرج في الحائط وغيرها.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، أن علياً قال: (كل عامل مشترك إذا أفسد فهو ضامن، وقال: الذي يعمل لي ولك ولهذا).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه: (أن علياً أتى بحمال كانت عليه قارورة عظيمة فيها دهن فكسرها فضمَّنه إياها).

(2/296)


باب الكفارات
وبه قال: حدّثَنا محمد بن منصور، قال: حدّثَني عبد الله بن موسى، قال: حدّثَني أبي، عن أبيه، عن آبائه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((من حلف بيمين على شيء ثُمّ رأى غيره خيراً منه فليأته فإنه كفارته)).
قال أبوجعفَر: ليس الناس عليه.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم: في كفارة اليمين، كم يعطىكل مسكين؟
قال: مُدَّينِ مدَّ ين حنطة، لكل مسكين بإدامها من أي إدام كان، أو قيمته بعض ما يصلح مما أعطى من الإدام، فيكون ذلك لغدائهم وعشائهم، وذلك يروى عن علي -عليه السلام-.
وقال بعضهم: يجزيه لكل مسكين مُدّ من طعام وإدامه، وإن أعطى لكل مسكين مدين، مداً لطعامه ومداً لإدامه أجزأه ذلك.
وفي إطعام المساكين في الكفارة، إذا لم يجد ستين مسكيناً أو عشرة، هل يجوز أن يردد عليهم؟ قال: لا يردد عليهم، ولكن ينتظر حتى يجد عدة ما قال الله عز وجل، ستين مسكيناً أو عشرة مساكين.
وعن الأيمان التي تكفر، والتي لا تكفر؟
قال: الأيمان التي لا تكفر: أن يحلف على الشيء أنه ليس بذلك، وقد علم أنه خلاف ذلك، فحلف مُصِرّا على الكذب، أو يحلف أنه كذلك وقد علم أنه ليس كما حلف. وأما التي تُكَفّر: فالرجل يحلف بالله أن لا يفعل كذا وكذا، ثُمّ يفعل، أو يحلف على شيء أنه كذلك في ظنه، فيكون كاذباً في يمينه، فهذه الأيمان التي تُكَفَّر.

(2/297)


وفي الرجل يُردِّدَ اليمين في الشيء الواحد؟
قال: إذا كان في الشيء الواحد أيمانه مكررة أن لا يفعله ففعله، فعليه كفارة واحدة.
وفي الرجل قال عليه عهد الله وميثاقه، وبالله، وتالله، وأيمّ: إنها يمين.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عثمان بن أبي شيبة، عن وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر: في كفارة اليمين، قال: كسوة الشتاء والصيف، ثوب ثوب.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم، في قول الرجل: أقسم، وأقسم بالله، فقال: وكذلك أقسم بالله، فهي كقوله: والله، وأما أقسم، إذا لم يقل بالله، فيسأل عن نيته؛ لأنه قد يقسم ويعني الله.
وفي رجلٍ يقول: هو بريء من الإسلام؟ قال: قد قال قوم: إنها يمين عليه كفارة، وما هو عندي بشيء، ليس هو بريء من الإسلام.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا سفيان، عن أبيه، عن ابن أبي ليلى، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن علي -عليه السلام-، قال: (إطعام كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من حنطة).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم بن إبراهيم: في رجلٍ حلف فقال: ماله في سبيل الله إن لم يفعل كذا وكذا، أو ماله في المساكين صدقة؟
قال: قد اختلفوا في مثل هذا، فقال بعضهم: تجزيه كفارة يمين، وقال بعضهم:

(2/298)


يلزمه. وأحسن ما عندنا وسمعنا في ذلك: أن يخرج ثلث ماله، ويمسك باقيه على نفسه وعياله.
وفي رجل حلف فقال: هو يهدي ولده، أوْ مَالَه، أو داره، أو أمه، أو أباه، أو امرأته، أو غلامه، أو أشباه هذا؟
قال: أما أمه، أو أبوه، أو ولده، أو امرأته، وما لا يجوز يهدي مثله ولا ملك له فيه، فلا يلتفت إلى قوله، ولا يلزمه فيه شيء، وأما الدار أو الغلام فيلزمه فيها ما جعل لله على نفسه في ثمنها، وأما المال فالجواب فيمن قال: ماله كله في سبيل الله أو صدقة على المساكين.
وفي تفريق صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين: لا يفرق بين صوم الكفارة، ويصوم الأيام الثلاثة متتابعة.
وفي رجلٍ جامع حائضاً؟ قال: يذكر عن ابن عباس، يرفعه أن يتصدق بنصف دينار إن صح الحديث. وأحسن ما عندنا فيه التوبة وترك العودة، وإن تصدق بصدقة فنافلة حسنة. وفي قول الله عز وجل: ?أَوْ كِسْوَتُهُمْ?[المائدة:89] وما يكسى كل مسكين؟
قال: لكل مسكين ثوب ثوب إزار، أو قميص، أو قيمة ذلك إذا لم يجد الثياب، فليس فيه ثمن معلوم.
قال أبو جعفر: من وجد ما يطعم عشرة مساكين فهو مخير إن شاء أطعم، وإن شاء كسى.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم: في تحرير رقبة مؤمنة، أيجوز المولود، والمكفوف، والأعور، والأعرج، والأشل، والأخرس، والمجنون؟

(2/299)


قال: قد اختلفوا في هذا كله، ويجوز ذلك عندي، والرقبة السليمة أفضل إلاّ أن يكون في القتل، فالرقبة المؤمنة: من قد عرف الإسلام وصلى، وفيما سوى القتل أرجو أن يجزي المولود في مثل الظهار وغيره، إلا أن يكون نوى وأضمر أن تكون سلمة، فلا تجزيه إلا سليمة؛ لأن القيمة تكون في ذلك أكثر، فعليه ما جعل لله على نفسه من نذر إن كان نذر.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَني أحمد بن عبد الرحمن، حدّثَنا الحسن بن محمد، عن الحكم بن ظهير، قال: حدّثَني السدي، قال: قال ابن عباس في قوله: ?لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ?[المائدة:89]، اليمين يحلف عليها الرجل وهو يظن أنه فيها صادق ولا يكون صادقاً، فلا يكون عليه في تلك اليمين كفارة؛ لأنه حلف وهو يرى في نفسه أنه صادق.
وأما ?بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ?[المائدة:89]: فالرجل يحلف على اليمين وهو يريد يتم عليها، ثُمّ يرى خيراً من ذلك، فعليه أن يترك يمينه ويكفرها، فيطعم عشرة مساكين غداءهم وعشاءهم ?مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ?[المائدة:89]: الخبز والخل والزيت والسمن، وذلك لأن أفضل ما يطعم الرجل أهله الخبز واللحم وأدناه الملح، فهذا إن أطعمهم في بيته، فإن هو لم يطعمهم في بيته فدفع ذلك إليهم، فليدفع إلى كل مسكين نصف صاع قمح أو صاعاً تمراً، والصاع ثمانية أرطال،

(2/300)


وهو بمكيال أهل العراق وأربعة أرباع بالحجازي، فربع طعامه، وربع إدامه، وأما أهل الحجاز فيقولون يكفيه مد، والمد ربع الصاع، ثلثاه طعامه، وثلثه إدامه.
وقوله: ?أَوْ كِسْوَتُهُمْ?، قال: كسوة المساكين أن يجتمع جسده، إما قميص وإما ثوب يلتحف به، وإما كساء لا يكون فيه سراويل؛ لأن السراويل لا يجتمع فيه الجسد، أو يعتق رقبة مؤمنة صغيرة أو كبيرة.
وبه قال: حدّثَنا أبوجعفَر محمد بن منصور، قال: أخبَرنا جعفر، عن قاسم: في الرجل يحلف ويستثني بعدما انقطع كلامه أو لقّنه إنسان؟ قال: إن استثنى وهو في مجلسه فله ثنياه، وإن كان استثناؤه بعد قيامه وبعد انقطاع كلامه، لم يكن استثناؤه استثناء، ولزمته اليمين فيما حلف عليه.
وفي قول الله عز وجل: ?وَلاَ تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ?[البقرة:224] قال: يقول لا تكثروا الحلف بالله في كل حال، ووقروا الله سبحانه وتعالى عن أن تجعلوه عرضة لأيمانكم، وإن أصلحتم بين الناس، وأردتم بأيمانكم الإصلاح.
وفي الرجل يحلف بالقرآن كله، أو بالسورة، أو بآية، أو بالبيت الحرام؟
قال: ليس الحلف بالبيت والقرآن بيمين، والكفارة لا تلزم إلامن حلف بالله، وقد قال بعض الناس: إن في كل ما حلف به من ذلك كفارة يمين، وقال بعضهم: يلزمه بكل آية يمين، وليس قولهم بشيء في ذلك.

(2/301)


وفي المدَبَّر هل يجوز في الرقبة؟
قال: لا بأس بالمد بَّر في عتق الكفارات.
وفي ولد الزنا، هل يجوز في الكفارة؟ قال: لا يجوز عتق ولد الزنا في الكفارة، وقال أبو جعفر: يجوز عتق ولد الزنا بعد أن تملك رقبته، إذا كان من أمتك.
وفي الرجل يقول: حلفت بالله، أو يقول: عليّ يمين، إنما ذلك كذبة كذبها، وليس يلزمه من ذلك مالم يكن منه.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم: في الرجل يظاهر من أمته، أو أم ولده، قال: القول في ذلك مختلف، فمنهم من يقول: لاظهار إلا من زوجة، لقول الله سبحانه وتعالى: ?الَّذِينَ يَظَّهَّرُوْنَمِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ?[المجادلة:2]، ونسائهم الأزواج.
ومنهم من يقول: الظهار من أم الولد والأمة كالظهار من الحرة. قال أبو جعفر: الظهار من الأمة كالظهار من الحرة.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم: في رجل ظاهر من نسوةٍ كم عليه من الكفارات؟
قال: يَلزمه في كل امرأة ظاهر منها كفارة على حدة.
وفي رجل ظاهر من امرأته مراراً؟ قال: إن ظاهر منها في مجلس أو قول متصل كانت عليه في ذلك كفارة واحدة، وإن ظاهر منها بعد التكفير لزمه في ذلك من الظهار ما لزمه في الأول.
وفي رجل ظاهر من امرأته، ثُمّ طلقها، فتزوجت فطلقها الآخر أو مات عنها، فرجعت إلى الأول، ولم يكن كفَّر

(2/302)


ظهاره، قال: يكفِّر إذا رجعت إليه من قبل أن يمسها، ولا يمسها إلا بعد أن يكفِّر، لقول الله سبحانه: ?مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا?[المجادلة: 3، 4].
وفي رجل ظاهر يوماً أو شهراً، فلا يلزمه الظهار قلّ أوكثر فيما وقت له.
وفي رجل يظاهر من امرأته فيقول: أنت عليّ كظهر خالتي أو عمتي، أو أختي، أو ابنتي أو ابنة أخي، أو ابنة أختي، قال: وهذا أيضاً مختلف فيه.
قال بعضهم: لا يكون الظهار إلا بما ذكر الله سبحانه من الأمهات، ولا يلزم بغير الأم من الحرم؛ لأن الله سبحانه لم يذكر إلا الأم وحدها، ولم يذكر من الحرمات غيرها.
وقال بعضهم: يقع الظهار بكل ذات محرم أُماً كانت أوغيرها.
قال أبو جعفر: كل من ظاهر من ذي رحم محرم فهو يقع، وهو المعمول عليه.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم: في امرأة ظاهرت من رجل، قال: لا ظهار على النساء، وإنَّمَا الظهار منهنّ.
وفي الظهار قبل النكاح، قال: لا يلزم ظهار قبل النكاح، كما لا يلزم طلاق قبل نكاح.
وفي امرأة صامت في كفارة شهرين متتابعين، فحاضت قبل أن ينقضي الصوم؟ قال: تبني على صومها إذا طهرت، وتعتد بما مضى من الأيام، وليس ذلك بأوكد من شهر رمضان.
وفي رجل عليه صوم سنة كيف يصنع بالفطر، والأضحى، وأيام التشريق؟. قال: يفطر يوم الفطر، ويوم الأضحى، ويصوم أيام التشريق؛ لأنها أيام يجوز فيها الصوم للمتمتع إذا فاته في أيام العشر.

(2/303)


وفي يمين الْمُستَكرَه يحلفه السلطان الجائر يخاف سوطه أو سيفه أو حبسه، أو اللصوص يستحلفونه بالعتاق، والطلاق، وصدقة ما يملك، قال: كل يمين يستكره عليها، فليس يلزمه الحنث فيها، إن شاء الله تعالى، إذا خاف سلطاناً أو لصوصاً.
قال أبو جعفر: وسألت أحمد بن عيسى، فقال: مثل ما قال في هذا.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: أخبَرني جعفر، عن قاسم في رجل حلف بالحج ماشياً، أو يحلف عليه ثلاثون حجة، أو أقل أو أكثر مما لايطيقه، ولا يقدر عليه؟
قال: كل ما حلف عليه حالف ولا قوة له به فليس يلزمه، ولا يجب عليه؛ لأن الله لا شريك له عز وجل، لا يكلف خلقاً شيئاً لا طاقة له به، وقد قال قوم بخلاف هذا.
وفي رجل حلف عليه المشي إلى بيت الله الحرام، ولم يسم حجة ولا عمرة، قال: إن عرف نيته فهو ما نوى، وإن لم يعرف نيته أجزته العمرة.
وفي رجلين اجتمعا على قتل خطأ، قال: يكفركلّ واحد منهما كفارة عن نفسه.
وفي الرجل إذا أراد أن يطعم المساكين في كفارة يمين، ولم يجد مساكين المسلمين، هل يجوز أن يطعم مساكين أهل الذمة اليهود والنصارى؟
قال: لايطعم في كفارة اليمين المشركين، ولا يطعم إلا مساكين المسلمين، وقد قال غيرنا: إن إطعام مساكين أهل الذمة مجزئ في الكفارة، ولايعجبنا ذلك.

(2/304)


وفي رجلٍ أفطر يوماً من شهر رمضان متعمداً، أو يومين أو ثلاثة أو الشهركله؟
قال: يقضي ماأفطر، ويتوب إلى الله عزّ وجل ويستغفره، إلا أن يكون في مجامعة النساء، فإن فيه القضاء والكفارة، كما جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا أبو هشام الرفاعي، عن يحيى بن يمان، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي موسى، قال: استحملنا النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فحلف أن لا يحملنا، ثُمّ حملنا، فقلنا: يمينك يارسول الله؟
قال: ((إني إذا رأيت خيراً منها أتيت الذي هوخير، وكفرت عن يميني)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: أتى معقل بن مقرن عبد الله بن مسعود، فقال: إني نذرت أن لا أنام على فراشي، فقرأ عليه هذه الآية: ?يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ?، ثُمّ قال: نم على فراشك، وكفِّر عن يمينك.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن أبي خالد، عن عامر، قال: أخبرت أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((ألا أخبركم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوا لدين، واليمين الغموس)).

(2/305)


وبه قال أبوجعفَر محمد بن منصور: الأيمان ثلاثة: يمين تكَفَّر، ويمين لا تُكَفَّر، ويمين لا يؤاخذ بها.
فأما اليمين التي تُكَفَّر: فالرجل يحلف بالله ليفعلن كذا وكذا، فلا يفعل ذلك، أو يقول: والله لا فعلت كذا وكذا فيفعل ذلك، فعليه الكفارة.
وأما اليمين التي لا تُكَفَّر: فالرجل يحلف بالله لقد كان كذا وكذا، وهو يعلم أنه لم يكن، أو يحلف بالله ما كان كذا وكذا، وهو يعلم أنه قد كان، فهذه اليمين التي لا تُكَفَّر، وينبغي لصاحبها أن يتوب عنها ويستغفر الله ولا يعود إلى مثلها.
وأما اليمين التي لا يُؤاخَذُ بها: فالرجل يحلف على الأمر الذي يرى أنه حق، ثُمّ يتبين له أنه باطل، فلا يؤاخَذ به إن شاء الله؛ لأنه حلف على حق عنده، وهو قول الله عز وجل:?لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ?[المائدة:89].
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن الأعمش، عن شقيق، قال: قال عبد الله: من حلف على يمين وهو فيها كاذب لقي الله وهو عليه غضبان.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله تعالى: ?وَلاَ تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ?[البقرة:224] فنها هم الله عزّ

(2/306)


وجلّ أن يحلف الرجل أن لايبر ذا قرابته، ولا يدخل على جاره، ولا يصلح بينه وبين إخوانه، فكره الله ذلك لهم أن تبروا، وقال: بإن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس، فبلغنا والله أعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((من حلف على شيء من هذا فليكفِّر عن يمينه، وليَعُد على ما حلف عليه، افعلوا الخير، ودعوا الشر)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد، عن ابن فضيل، عن الأعمش، عن عبد العزيز بن رفيع، عن تميم الطائي، عن عدي بن حاتم، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا حلف أحدكم على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليُكفِّرها، وليأت الذي هوخير)).
قال أبو جعفر: فإذا حلف الرجل فاستثنى مع يمينه، والاستثناء أن يقول: إن شاء الله، فلا حنث عليه، وينبغي له أن يجهر بالاستثناء ويسمع نفسه.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن محل، عن إبراهيم في الرجل يحلف ثُمّ يستثني في نفسه؟
قال: ليس بشيء حتى يجهر بالاستثناء كما يجهر باليمين.
وبه قال: حدّثَنا أبوجعفر، وقد ذكر عن أبي جعفر محمد بن علي قال: إذا حرك لسانه بالاستثناء، ولم يسمع نفسه فهو مستثني، وكذلك ذكر عن سفيان الثوري، قال أبوجعفر: وقد كره أن يحلف بغير الله عز وجل.

(2/307)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن ابن فضيل، عن أشعث، عن الحسن، قال: لقد أدركت الناس، ولو أن رجلاً ركب راحلته لأنضاها قبل أن يسمع رجلاً يحلف بغير الله.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن العلي بن المسيب، عن أبيه، قال: قال كعب: إنكم تشركون ولا تدرون.
قالوا: كيف ذاك؟
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدثنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن عبيدة، عن إبراهيم قال: أتي بطعام، فقال: ادن فكل، فأبيت أن أدنو، فقال: أقسمت عليك لتطعمنَّه.
فقلت: ما أشتهيه، قال: أما لا، فأبرّ يميني، فأكلت لقمة أو لقمتين، فقلت: يا أبا عمران، أيمين هي؟ فقال: لولم تفعل لكفَّرتُ يميني.
قال أبو جعفر: وإذا قال الرجل: مالي في المساكين صدقة إن فعلت كذا وكذا، فحنث في يمينه، فقد روي عن غير واحدٍ من أهل العلم قالوا: يكفّر يميناً، وكذلك قال أحمد بن عيسى.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا جعفر بن محمد، عن يحيى بن آدم، عن مندل، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن عائشة: في الرجل يحلف بصدقة ماله، قالت: كفارة يمين.
قال أبو جعفر: وروي عن زفر أنه قال: يتصدق بماله.
وقال: أبو حنيفة: يتصدق بما يملك من الذهب، والفضة، وأموال التجارة، والسائمة، وقال: إنما الأموال كلما وجب في صنفه الزكاة.

(2/308)


وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن مطرف، عن الحكم وعامر والحرث: أنهم قالوا في رجلٍ قال: كل ماله في المساكين صدقة إن فعل كذا وكذا، قالوا: ليس بشيء.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدثنا عباد، عن ابن فضيل، عن محمد بن عبيد الله، عن عطاء، عن ابن مسعود، قال: أتاه رجل، قال: إني جعلت مالي سائبة. فقال ابن مسعود: أعليك مالك، فإنه ليس بشيء، إنما هذا شيء كانت تفعله الجاهلية.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن العلى بن المسيب، عن يعلى بن النعمان، عن عكرمة، عن ابن عباس: في رجلٍ أهدى ماله. فقال: سد به فاقتك، وأنفقه على عيالك، واقض به دينك، وكفِّر يمينك.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا جعفربن محمد، عن يحيى بن آدم، عن مندل، قال: سألت ابن أبي ليلى؟ فقال ليس بشيء.
قال أبو جعفر: وإذا قال الرجل: والله لا كلمت فلاناً إن شاء الله، ثُمّ كلَّمه، فلا حنث عليه، وإذا قال الرجل: والله لا كلمت فلاناً، والله لا كلمت فلاناً، والله لا كلمت فلانا إن شاء الله، فإن أهل العلم اختلفوا في ذلك، فقال بعضهم: الاستثناء على اليمين الثالثة، فلا حنث عليه فيها إن كلمه، وأما اليمين الأولى والثانية فهو حانث فيها إن كلمه؛ لأن الاستثناء لم يكن عليهما.
وقال الآخرون: الاستثناء على الأيمان كلها، ولا حنث عليه، إن كلمه في واحدة منها. بلغنا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال:

(2/309)


((والله لأغزونَّ قريشاً، والله لأغزونَّ قريشاً، والله لأغزونَّ قريشا ثُمّ سكت، ثُمّ قال: إن شاء الله)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا إبراهيم بن مكتوم، عن عبد الله بن داود، عن مسعر، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((والله لأغزُوَنَّ قريشاً، والله لأغزونَّ قريشاً، والله لأغزونَّ قريشاً، ثُمّ قال: إن شاء الله)).
وأخبرني بذلك عثمان بن حكيم، وحسن بن حسين، وبشر بن مرثد، وذكر عن شريك، عن سماك، عن عكرمة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ذلك، ولا أعلمه، قال: سكت.
وبه قال: أبو جعفر: ولو أن رجلاً حراً حنث في يمين، وهو معسر، ثُمّ أيسر فكفارته كفارة المؤسر، وإن حنث وهو موسر، ثُمّ صار معسراً فكفارته كفارة الموسر، وهذا أحسن ماقيل في هذه المسأله عندنا.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا جعفر بن محمد، عن يحيى بن آدم، عن مندل، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: إذا حنث وهو موسر، فلم يكفِّر حتى أعسر فكفارته كفارة موسر، وإن حنث وهو معسر، فلم يكفر حتى أيسر فكفارته كفارة موسر.
قال يحيى: وهذا أحب الينا.
وبه قال: أبوجعفر: وإن صام وهو معسر في كفارة اليمين، ثُمّ أيسر قبل أن تغرب الشمس من آخر يوم فقد بطل الصيام، وكفارته كفارة الموسر.

(2/310)


وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا جعفر بن محمد، عن جعفر بن عون، عن حجاج، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن علي -عليه السلام-: (في كفارة اليمين للمساكين غداء وعشاء خبز وتمر، خبز وسمن، خبز ولحم).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا جعفر بن محمد، عن وكيع وعبيد الله، عن ابن أبي ليلى، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن علي، قال: (في كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين، نصف صاع من حنطة).
قال أبو جعفر: إذا حنث الرجل في يمينه، فكفارته كما قال الله عز وجل:?فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ?[المائدة:89].
قال أبوجعفَر: وتفسير الإطعام أن يطعم عشرة مساكين أحراراً مسلمين غداءهم وعشاءهم، لا يكون فيهم صبي، إلا أن يكون صبيّ قد بلغ مبلغاً يعتمل مثله، ويأكل مثله أكل الرجال، فإذا بلغ هذه الصفة فهو بمنزلة الرجال، والرجال والنساء في ذلك سواء يغديهم ويعشيهم في يوم واحد، وإن غدى مسكيناً واحداً يوماً وعشاه، لم يجزه أن يردَّد عليه عشرة أيام، وإن ردّد عليه فإنما هو مسكين واحد فعليه أن يطعم تسعة مساكين حتى يستكمل العدد الذي قال الله عز وجل (عشرة مساكين).

(2/311)


قال: وإن غدَّاهم في يوم وعشَّاهم في يوم آخر، لم يجزه ذلك حتى يكون غداؤهم وعشاؤهم في يوم واحد.
قال: وإن أطعم مسكيناً واحداً في يوم غداه وعشاه، ثُمّ أطعم مسكينا آخر في يوم آخر غداه وعشاه، حتى أتى على العدد الذي سماه الله عز وجل أجزاه ذلك.
قال: وإن أراد أن يعطيهم الطعام يأكلونه في منازلهم، فلا يدعوهم عليه إلى منزله فذلك له، وليدفع إلى كل واحد منهم نصف صاع من بر أو صاع من شعير أو صاع من تمر أو زبيب.
وإن أراد أن يدفع إليهم خبزاً، فليدفع إليهم أربعة أرطال منها إدامها.
قال: والصاع الذي يذكر في كفارة اليمين هو صاع عمر، يكون ثمانية أرطال إلاشيئاً برطلنا هذا.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا جعفر بن محمد، عن يحيى بن آدم، عن الأشجعي، عن سفيان، عن جابر، عن عامر، قال لا يجزي في كفارة اليمين إلا عشرة مساكين، كما قال الله عز وجل.
وقال أبوجعفَر: إذا أراد الذي عليه الكفارة أن يطعم المساكين أو يكسوهم، فلا يكون فيهم يهودي ولا نصراني، فإن جهل فأطعمهم أو كساهم لم يجزه ذلك، ولا يجزيه في الكفارة إلا مساكين المسلمين.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا جعفر بن محمد، عن يحيى بن آدم، عن ابن مبارك، عن هشام، عن الحسن، قال: ليس لأهل الذمة في الواجب من الزكاة والكفارة شيء، إنما الواجب لمساكين أهل الإسلام.

(2/312)


وبه قال: حدثنا محمد حدثنا جعفر، عن وكيع، عن سفيان، عن جابر، عن الحكم في الرجل لا يجد مساكين من المسلمين فيعطي اليهودي والنصراني، قال: لا يجزيه وقال عامر: لا يجزيه.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال حدّثَنا جبارة، عن قيس، عن محمد بن الزبير، عن الحسن، عن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا نَذْرَ في معصية الله، وكفارته كفارة اليمين)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا عباد، عن محمد بن فضيل، عن محمد بن عبيد الله، عن أبي يزيد، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن عائشة قال: جاءت أمةٌ لعائشة بقديرة، فقالت: أقسمت عليك لتأكلينها، فقالت عائشة: أميطيها عنِّي، فقالت: أقسمت عليك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أبرّي قسمها، وإلا كان عليك إثمٌ)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدثنا عباد، عن محمد بن أشعث، عن طلحة بن مصرف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كفارة النذر كفارة يمين.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد، عن محمد، عن ليث، عن الحكم، عن معقل بن يسار، عن ابن مسعود، قال: من جعل عليه نذراً ولم يُسَمِّه، فعليه نسمة.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد، عن محمد، عن مطرف، عن عامر: في الرجل يحلف في المجلس بعشرة أيمان، قال: إذا كان في مجلس واحد أجزته كفارة واحدة.

(2/313)


وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا عباد، عن محمد، عن مُحِلٍّ، عن إبراهيم، قال: إذا حلف الرجل على الشيء الواحد الأيمان فكفارته واحدة.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد، عن محمد، عن الأعمش، عن سعيد بن عبيد، عن أبي عبد الرحمن، قال: سمع ابن عمر رجلاً يحلف وأبيه. فقال له: لا تحلف بهذه اليمين، هذه يمين عمر التي كان يحلف بها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا تحلف بها فإنها شرك)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد، عن محمد، عن محمد بن عبيد الله، عن عطاء، قال: إذا قال الرجل: أقسمت بالله فهي يمين، وإذا قال: أقسمت فليس بشيء.

(2/314)


وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عباد، عن محمد، عن محمد بن عبيد الله، عن الحكم، عن مجاهد، في الرجل يقول: هو يهودي، هو نصراني، قال: يمين يكفِّرها.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عثمان بن أبي شيبة، عن وكيع، عن إسماعيل بن رافع، عن خالد بن يزيد، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من نذر نذراً لم يسمِّهِ فكفارته كفارة يمين)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا أبو كريب، عن حفص، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، أنه سئل عن رجل حلف أن لا يكلم رجلاً؟ فمر فسلم عليه، قال: قد كلَّمه.
وحدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا أبو كريب، عن حفص، قال: حدّثَنا أشعث، عن ابن سيرين: أن أبا الدرداء أعتق غلاماً له، ثُمّ حنث في يمين كان حلف عليها.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا أبو كريب، عن حفص، قال: حدّثَنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يكفِّر إذا حلف قبل أن يحنث.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا جعفر بن محمد، عن عبيد الله، عن يحيى بن آدم، عن شريك، عن إسماعيل بن مسلم، عن ابن سيرين: أن سلمان الفارسي كفَّر قبل أن يحنث.
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا جعفر بن محمد، عن يحيى بن آدم، عن حسن بن صالح قال: يكفِّر بعد الحنث أحب إليّ، وأرجو أن يجزيه أن يكفِّر قبل الحنث.

(2/315)


وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن محمد بن فضيل، عن يحيى بن سعيد، عن عبيد الله بن زَحْر، عن أبي سعيد، عن عبيد الله بن مالك، عن عقبة قال: نذرت أختي أن تحج حافية غير مختمرة، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: ((مُرْ أختَك فلتختَمِر ولتركب، ولتصم ثلاثة أيام)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا أبوكريب، عن أبي بكر بن عياش، عن عبد العزيز بن رفيع، عن تميم بن طرفة، عن عدي بن حاتم، قال: قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، فليأت الذي هو خير وليكفِّر يمينه)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا عثمان بن أبي شيبة، عن أبي أسامة، قال: حدّثَنا عبد الحميد بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيهِ، عن أبي هريرة، عن أبي بن كعب قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أتحب أن أعلمك سورةً ما أنزل الله في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها))؟ قلت: نعم. قال: ((إني لأرجو أن لا أخرج من ذلك الباب حتى تعلمها))، قال: وقام رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فأخذ بيدي، وجعل يجذبني، فجعلت أتباطأ كراهية أن يبلغ الباب ولم يخبرني بها، فلمّا دنا من الباب قلت: يارسول الله، الذي وعدتني. قال: ((كيف تصنع إذا قمت في الصلاة))؟.

(2/316)


قلت: أقرأ فاتحة الكتاب.
قال: ((فهي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أعطيته)).
قال: وقال: يعني الله لاشريك له: ((هي مقسومة بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدّثَنا عبد الرحيم، عن خارجة بن مصعب، عن سعيد بن أبي هند، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن كريب، عن ابن عباس، أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((من نذر نذراً لم يسمّه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً فيما لايطيق، فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً في معصية الله فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً فيما يطيق فليوف بما نذر)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن أبي خالد الأحمر قال: سمعت محمد بن كريب يذكر، عن أبيه، عن ابن عباس: أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((ثلاثة لايمين فيهنَّ: لايمين لولد مع والد، ولا لامرأة مع زوجها، ولا لعبد مع سيده)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا سفيان، عن يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، حدّثَنا حبيب، عن عطاء، عن جابر، قال: قال رجل: يارسول الله، إني نذرت إن فتح الله عليك بيت المقدس أن أصلي فيه ركعتين.
فقال: ((صلِّها هنا))، فأعاد عليه، فقال: ((صلها هنا))، فأعاد عليه فقال: ((صلها هنا))، فأعاد عليه فقال: ((صلّ حيث قلت)).

(2/317)


وبه قال: حدّثَنا محمد، حدّثَنا سفيان بن وكيع، عن عبد الوهاب، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين، قال: قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لاوفاء بنذرٍ في معصية الله، ولاوفاء بنذرٍ فيما لا يملك العبد))، أو قال: ابن آدم.
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا سفيان، عن عبد الوهاب الثقفي، عن خالد، عن أبي قلابة، عن عمران بن حصين، قال: فقدت ناقة للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فوجدت مع امرأة، فقالت: إني نذرت أن أنحرها، فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ((إنه لا نذر فيما لا يملك ابن آدم)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن علي بن مبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد الحنظلي، عن أبيه، عن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين)).
وبه قال: حدّثَنا محمد، قال: حدّثَنا سفيان، عن يزيد بن هارون، عن هشام، عن محمد بن سيرين، عن عمران بن حصين، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((من حلف على يمين مصوَّرَة كاذبة متعمداً، فليتبوأ بوجهه مقعده من النار)).
تم كتاب الحدود والديات
ويليه كتاب تحريم المسكر

(2/318)


كتاب تحريم المسكر

باب ما جاء في تحريم المسكر
وبه قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن منصور بن يزيد، حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((كل شراب أسكر فهو حرام)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إبراهيم، عن عبد الله بن إدريس، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((كل مسكر خمر)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إبراهيم، عن محمد بن فضيل، عن السري بن إسماعيل الهمداني، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير، قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((إن من العنب خمراً ومن التمر خمراً، ومن العسل خمراً، ومن الحنطة والشعير خمراً، وإني أنهاكم عن كل مسكر)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إبراهيم، عن محمد بن فضيل، عن ليث بن أبي سليم، عن عثمان، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما أسكر كثيره فقليله حرام، وما أسكر الفرق منه فالحسوة منه حرام)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد، عن عبد الله بن إدريس، عن ليث، عن عثمان، عن عائشة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما أسكر الفرق منه فالوقية منه حرام)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال:

(2/319)


حدثنا إبراهيم، عن مصعب بن سلام، عن محمد بن أبي حميد، عن محمد بن المنكدر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((كل مسكر حرام ما قلَّ منه أو كثر)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إبراهيم، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن السائب بن يزيد، أنه سمع عمر يقول: اُخبرت أن عبيد الله بن عمر ورجالاً شربوا شراباً، وأنا سائلهم، فإن كان مسكراً حَدَدْته، قال: وروى السائب وعمر حده.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد، عن سلام بن الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي بُردة، قال: قال عمر: الخمر من خمسة: من التمر، والزبيب، والعسل، والبر، والشعير، فما خمرت أو عَتُقت فهو خمر.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إبراهيم، عن ابن إدريس، عن أبي حيان، عن عامر، قال: الخمر ما خامر العقل.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إبراهيم، عن محمد بن فضيل، عن ليث، عن يحيى بن عباد، عن أنس بن مالك قال: لقد حرمت الخمر، وما خمرنا يومئذ إلا من التمر.

(2/320)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إبراهيم، عن مصعب بن سلام، عن سعد، عن الأصبغ، عن علي -عليه السلام- قال: (ما أبالي أخمراً شربت أم مسكراً).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إبراهيم، عن محمد بن فضيل، عن ليث، عن مجاهد وعطاء وطاوس، قالوا: قليل ما أسكر كثيره حرام.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إبراهيم، عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما أسكر كثيره فقليله حرام)).
وقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا أُحلُّ مسكراً)).
وقال: ((كل مسكر حرام)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا إبراهيم، عن أبي إدريس الأعرج، عن عبد الله بن الحسن، وجعفر بن محمد قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما أسكر كثيره فقليله حرام)).

(2/321)


وبه قال: حدثنا محمد، قال حدثنا إبراهيم، عن سعيد بن خثيم، عن رجل، عن زيد، أنه قال: النبيذ ما انتَبَذْتَه غدوة وشربته عشِيّة، وما انتبذته عشية وشربته غدوة، وإذا جلست عليه وأنت تريد السكر منه فهو عليك حرام، سكرت أو لم تسكر فهو عليك حرام.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، عن خالد بن حيان، عن بدر بن راشد، عن الحسن، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من شرب مسكراً نَجُسَ ونجست صلاته أربعين يوماً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد نَجُس ونجست صلاته أربعين يوماً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد نجس ونجست صلاته أربعين يوماً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد الرابعة كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال)).
قال خالد: فحدثني بدر بن راشد، عن الحسن، عن أبي سعيد، أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ((كل مسكر وإن يقل خمر)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبيد بن أبي هارون، عن المحاربي، عن ليث، عن أبي عثمان، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((كل مسكر حرام، وما أسكر الفرق منه فالحسوة منه حرام)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، أن علياً أتي برجل قد شرب مسكراً فجلد الحد.

(2/322)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه أن علياً-عليه السلام- قال: (السكر بمنزلة الخمر).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني قاسم بن إبراهيم، قال: حدثني أبو بكر بن أبي أويس، عن حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- أنه كان يجلد في قليل ما أسكر كثيره كما يجلد في الكثير.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (ما أسكر كثيره فقليله حرام).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد وسأله رجل عن الداذي؟، فقال: أحولها تُحِّوطون، تلك الخمر اجتنبها، كل شراب يزداد فوق ثلاثة أيام جَوْدَة فهو حرام.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني علي بن محمد بن جعفر، عن أبيه والرضى، قالا: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد: التقية من ديني، ولا تقية عندي في شرب النبيذ، والمسح على الخفين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن صبيح، عن حسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: (نُهينا أن نسلم على سكران في حال سكره).

(2/323)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن سليمان، قال: حدثني عبد الله بن موسى، عن أبي معمر سعيد بن خثيم، قال: قال لنا زيد بن علي: كل مسكر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني عبد الله بن داهر الرازي، عن أبيه، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباته، عن علي -عليه السلام- قال: (لا يسلم على الذين في أيديهم الخمور والرياحين).
وبه قال: حدثنا محمد، قال حدثنا محمد بن راشد، عن عيسى بن عبد الله، قال: أخبرني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما أسكر كثيره فقليله حرام، اللهم، لا أحلُّ مسكراً)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبد الله بن داهر، عن سَلم القزويني، قال: سمعت جعفراً يقول: قال علي -عليه السلام-: (إياكم وما يجود على الترك من هذه الأشربة فإنها الخمر بعضها من بعض).
وبه قال: حدثنا أبو جعفر، حدثنا شعيب بن عبيد الرقي، عن طاهر بن عمرو، قال: حدثني عمي، عن إبراهيم بن عبد الله بن حسن، قال: نظرنا في النبيذ فإذا قد اختلف فيه، فكانت شهادة الذين دفعوا بشهادتهم شهواتَهم أولى أن تقبل شهادتهم من الذين جروا بشهادتهم شهواتهم.

(2/324)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن محمد بن فرات، قال: حدثني الحكم، عن أبي جعفر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((من شرب الخمر بعد أن حرمها الله عز وجل على لسان نبيه -صلى الله عليه وآله وسلم- فليس له أن يُزوج إذا خطب، ولا يشَّفع إذا شفع، ولا يصدق إذا حدّث، ولا يؤتَمَن على أمانة، فإن اؤتمن على أمانة فأكلها أو استهلكها فليس لصاحبها أن يؤجرهالله، ولا يخلف عليه.
باب ما ذكر في الشطرنج والنرد
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا علي بن حكيم، عن شريك، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن علي -عليه السلام-، أنه قال: (من أكذب الناس؟ يقول: قتلت والله ولم يقتل شيئاً) يعني صاحب الشطرنج.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن شريك، عن عبد الملك، عن شيخ من أهل الشام قال: ما من مؤمن إلا يغفر له كل يوم اثني عشر مرة إلا صاحب الشاهين، يعني الشطرنج.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- أنه مرَّ بقوم يلعبون بالنَّرْد فضربهم بدرته حتى فرق بينهم، ثم قال: (ألا إن المُلاعبة بهذه قمارا كأكل لحم الخنزير، والملاعبة بها غير قمار كالمتلطخ بشحم الخنزير، ومُدّهِنَه)، ثم قال: (هذه كانت ميسر العجم، والقداح كانت ميسر العرب).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جبارة بن المغلس، عن يحيى بن العلي،

(2/325)


عن عطاء بن عجلان، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة قال: خرج علي على قوم يلعبون بالشطرنج، فقال: (ما هذه التماثيل التى أنتم لها عاكفون)؟.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبد الله بن داهر الرازي، عن أبيه، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباته، عن علي -عليه السلام- قال: (ستة لا يسلم عليهم: اليهودي، والنصراني، والمجوسي، والمُتَفَكِّهين بالأمهات، والذين بين أيديهم الخمور والرياحين، والذين يلعبون بالشطرنج).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن صبيح، عن حسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن نسلم على سكران في حال سكره، وعلى المتفكَّهين بأمهاتهم.
قال علي: وأنا أنهاكم أن تسلموا على من يلعب الشطرنج.
قال أجعفر: المتفكهون بأمهاتهم، الذين يعيبون الناس بما يكرهون حتى يشتموا.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: قال علي -عليه السلام-: في النرد والشطرنج: (هي الميسر).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن أبي معاوية، عن عبيد الله بن عمر، قال: قلت للقاسم بن محمد: هذه النرد نُهي عنها، فما بال الشطرنج؟
قال: كل ما يلهي عن ذكر الله فهو من الميسر.

(2/326)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا حسين بن نصر بن مزاحم، عن يوسف بن يعقوب الثقفي، عن إسحاق بن نجيح، عن عباد بن راشد، عن الحسن، عن عمران بن حصين وعبد الله بن مسعود أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- نهى عن اللعب بالشطرنج.
باب ما ذكر في الغناء والنوح وأشباههما
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني علي ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من تغنَّى أو غني له، أو ناح أو نِيْح له، أو أنشد شعراً، أو قرضه وهو فيه كاذب، أتى شيطانان فجلسا على منكبيه يضربان صدره بأعقابهما، حتى يكون هو الساكت)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني علي ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (بئس البيت بيت لا يعرف إلا بالغناء، وبئس البيت بيت لا يعرف إلا بالفسق والنياحة).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني علي ومحمد ابنا أحمد بن عيسى، عن أبيهما، عن حسين يعني ابن علوان عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن أول من تَغَنّى إبليس ثم زَمَر ثم حَدى ثم ناح)).

(2/327)


وبه قال:
حدثنا محمد، قال حدثنا محمد وعلي، عن أبيهما، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن علي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إياكم والغناء فإنه يُنبت في القلب النفاق كما ينبت الماء الشجر)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن خلاد الصفار، عن عبد الله بن زحْر، عن علي، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهنَّ، ولا التجارة فيهنَّ، وأكل أثمانهنَّ حرام، وفيهنَّ أنزل الله عز وجل عليّ:?وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ?[لقمان:6])).

(2/328)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن ابن فضيل، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال:? وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ?، قال: الغناء ونحوه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبدة بن عبد الرحيم المروزي، حدثنا زيد بن حباب العُكْلي، حدثنا عبد العزيز بن أبي سليمان أبو مودود، قال: حدثني هلال بن أسامة القرشي، يقول: سمعت عطاء بن يسار يقول: سمعت كعباً يقول: إن في الكتاب الذي أنزله الله سبحانه على موسى في التوراة: (إنا أنزلنا الحق لنذهب به الباطل، ونبطل به اللعب الزفن والمزامير والمزاهير والكِنَّارات والشعر، والخمرة مرُّ لمن شربها، وأقسم الله بعزته وجلاله لاينتهكها عبد بعد أن حرمتها إلا أعطشته يوم القيامة، ولا يتركها عبد بعد أن حرمتها إلا أسقيته إياها في حظيرة القدس).
وقال زيد سألت أبا مودود عن المزامير؟ فقال: هذه المزامير التي ينفخون فيها.
قلت: فالمزاهير؟
قال: الدفوف. قلت: فما الكِنَّارات؟ قال: الطنابير.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سعيد بن محمد، حدثنا أبو وكيع الجراح بن مليح، عن منصور، عن إبراهيم قال: كان أصحاب عبد الله يقفون على أفواه السكك، ويخرقون الدفوف.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي عوانه، عن عبد الكريم، عن سعد بن أبي هاشم، عن ابن عباس قال: الدف حرام، والكوبة حرام، والمعزاف حرام، والمزمار حرام.

(2/329)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن حميد، حدثنا زهير، عن امرأة من أهله، عن عمتها: قالت:مر بي سويد بن غفلة وأنا جُوَيْرِية ومعي دف، فأمر رجلاً معه فحرقه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن حميد، عن حسن بن صالح قال: كان يعجبه تحريق الدفوف، ويكره التجارة فيها.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن السري، عن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما أسكر كثيره فالقليل منه حرام)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا هارون بن إسحاق، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، عن يزيد بن عبد الملك، عن يزيد بن حصيفة، عن أبيه، عن السائب، عن عمرو ورفعة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((النظر الى المغنية حرام، وغنائها حرام، وثمنها مثل ثمن الكلب، وثمن الكلب سحت، ومن نبت لحمه من سحت فإلى النار)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: ((كره الله عز وجل لكم ستاً: الخمر، والميسر، والمعزاف، والمزمار، والكوبة، والدف)).

(2/330)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن هلال بن يساف، عن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يكون في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف)).
فقال بعض القوم: متى ذلك يارسول الله؟
قال: ((إذا ظهرت المعازف، وكثرت القينات، وشربت الخمور)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن موسى بن عمير، عن مكحول، عن أبي أمامة قال: إذا خلع الفساق نعالهم، ووضعوا أرديتهم، ونصبوا باطية الخمر، وتنازعوا الكأس بينهم تنازعوا الكفر حتى يقوموا.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن موسى بن عمير، عن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((بعثت بكسر المعزاف والمزمار، وأقسم ربي لا يشرب عبد في الدنيا خمراً إلا سقاه يوم القيامة حميماً))، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((كسب المغنية سحت، وكسب المغني سحت، وكسب الزانية سحت، وحق على الله أن لا يدخل الجنة لحماً نبت من سحت)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا معن بن عيسى، حدثنا معاوية بن صالح، عن حاتم بن حريث، عن مالك بن أبي مريم، عن عبد الرحمن بن غُنْم الأشعري، قال: سمعت أبا مالك الأشعري، يقول:

(2/331)


سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((ليشربنَّ ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها، يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم القردة والخنازير)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حفص، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن فضيل بن مرزوق، عن ميسرة الهمداني، قال: مرَّ عليّ بقوم يلعبون بالشطرنج، فقال: (ماهذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون)، قال: ثم أفسدها.
قال: علي وحدثنا غير عبيد الله أن علياً-عليه السلام- كان يعقل صاحب الشطرنج إلى الظهر، ويعقل صاحب النرد إلى الليل.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص بن غياث، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من لعب بالكعبين فقد عصى الله ورسوله)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص، حدثنا الهجري، عن أبي الأحوص قال: قال عبد الله: اتقوا هاتين الكعبتين الموسومتين اللتين يزجران زجراً، فإنهما ميسر العجم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن حسين بن زياد، عن يوسف، عن جابر، عن أبي جعفر قال: مَرّ علي بقوم من بني أسد وبين أيديهم شطرنج، فأمر بها فأحرقت وأحرق الجلد، ولم يسلم عليهم، فقال رجل: يا أمير المؤ منين، لا نعود.

(2/332)


فقال: (إن عدتم عدنا).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لتأمرنَّ بالمعروف، ولتنهنَّ عن المنكر، أو ليسلطنَّ الله عليكم شراركم، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم، أو ليسلطنَّ الله عليكم من يعذبكم، ثم يعذبهم الله، وأنتم أولى بالحق منهم)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو الطاهر، قال: حدثني حسن بن علي، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لايحل لعين ترى الله يعصى فتطرف حتى تغيره)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عبد الله بن داهر، عن عمرو بن جميع، عن جعفر، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((اللهم، لا تجعل لكافر ولا لفاجر عليّ منّة ترزقه بها مني مودة)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني عبد الله بن داهر، عن عمرو بن جميع، عن عبد الله بن الحسن، عن أبيه، عن جده مثله.
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي وابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن علي بن الحسين قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((تعذب هذه الأمة بخمسة أصناف من العذاب: قذف، ومسخ، وخسف، وريح حمراء كريح عاد، وحيات لها أجنحة تطير بين السماء والأرض تبتلعهم)).

(2/333)


قالوا: متى ذاك يارسول الله؟
قال: ((إذا شربوا الخمور، وغنتهم القينات، وافترشوا الحرير)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((عشر من عمل قوم لوط فاحذروهنَّ: إسبال الشارب، وتصفيف الشعر، ومضغ العلك، وتحليل الأزرار، وإسبال الإزار، وإطارة الحمام، والرمي بالجلاهق، والصفير، واجتماعهم على الشراب، ولعب بعضهم ببعض)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن صبيح، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((ثلاثة لا تنالهم شفاعتي: ناكح البهيمة، ولاوي الصدقة، والمنكَح من الذكور مثل ما ينكح من النساء)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا علي بن زيد بن جدعان، عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر، عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن من الفطر أو الفطرة المضمضة والاستنشاق، وقص الشارب، والسواك، وتقليم الأظافر، وغسل البراجم، والختان، ونتف الإبط، والاستحداد)).

(2/334)


وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا عثمان، عن جرير، عن يوسف بن صهيب، عن حبيب بن يسار، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من لم يأخذ شاربه فليس منَّا)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال حدثنا إسحاق بن موسى الشعلاني، عن مصعب بن سلام، عن الزبرقان السراج، عن حبيب بن يسار، عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من لم يأخذ شاربه فليس منَّا)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص بن غياث، عن ابن جريح، عن عطاء، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن آل كسرى يجزون لحاهم، ويوفرون شواربهم. وإن آل محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- يأخذون شواربهم، ويعفون لحاهم)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، عن محمد بن فرات، عن هلال الصيرفي، عن طاوس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من أخذ شاربه حتى يأخذ بظفريه فلا يمكنه، كان له بكل ما سقط منه نور يوم القيامة)).

(2/335)


كتاب الصيد

أبواب الصيد
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثني أبو عبد الله، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد في صيد المعراض والبندق: لا تأكله حتى يذكى، وإن أنت رميت طيراً بسهم فوقع على الأرض فلا تأكل، فإني أخاف أن تكون الأرض أعانت على قتله.
قال أبو جعفر فيما قتل البندق: فيه عن سلمان رخصة، وكرهه غيره.
وقال: البندقة لا تخرق.
قال أبو جعفر: وأنا أكره ما قتلت إلا أن تدركه حياً فتذكيه.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أبو عبد الله، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: أتى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- راعٍ، فقال: يارسول الله، أرمي بسهمي فأصمي وأنمي -يعني الذي يتوارى عنه-، قال: ((ما أصميت فكل، وما أنميت فلا تأكل)).
قال أبو جعفر: ما أصميت مالم يتوار عن بصرك، وما أنميت: ما توارى فلم تدر لعل الذي قتله غيرك.
قال أبو جعفر: ومن رمى صيداً متوارياً عن بصره، ثم أصاب سهمه في مقتله أو غير مقتله، أو لم يصب السهم فيه ووجده ميتاً، و كان تواريه عنه كثيراً أو قليلاً فلا يأكله، قال: وكذلك إن رماه وهو على حائط فسقط حياً واضطرب ثم مات، فلا يأكل، وإن سقط في ماء فمات فلا يأكل إلا أن تدرك ذكاته، وإن رميته بسهم وهو على جدار فسقط ميتاً فكل إذا كان قد مات قبل أن يسقط.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني

(2/336)


أبو عبد الله، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، قال: إذا رميت طيراً بسهم فوقع في الماء فلا تأكله، فإني أخاف أن يكون الماء أعان على قتله.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا ضرار بن صُرَد، عن عبد العزيز، عن صفوان بن سليم، قال: سألت سلمان عمَّا قتلت البندقة؟ فقال: كله يا بن أخي فإن لم تأكله فائتني به آكله.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أبو عبد الله، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد في صيد الباز، والصقر، وكل شيء من الطير يصيد: لا تأكله حتى يذكى.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثني قاسم بن إبراهيم أن رجلاً كتب إليه يسأله عن هذه المسائل، فأجابه بهذا الجواب، وقرأه قاسم علينا: سألتَ -وفقنا الله وإياك للرشد برحمته- عمَّا قتل الكلب والصقر؟ فما قتل الكلب المعلم فحلال عندي أكله، وذكاة ما قتل الكلب فهو قتله له، ويؤكل ما قتل، وإن أكله إلا أقله، ولا أعلم فيما أجبتك به من هذا اختلاف بين أحد إلا شيء ذكر عن ابن عباس، أنه كان يقول:لا يؤكل ما أكل الكلب المعلم من صيده، فإنه إنما أمسك الصيد إذا أكله على نفسه لا على مرسله، فظننت أن ابن عباس تأول في ذلك قول الله عز وجل:?فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ?[المائدة:4] فكان عند ابن عباس أكله له غير إمساك منه على من أرسله، والمذكور المشهور أن عدي بن حاتم وأبا ثعلبة

(2/337)


الخشني سألا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن الكلب المعلم يأكل من صيده؟، فأمرهما بأكل فضله، وقال أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كلهم إلا ابن عباس: كل فضل الكلب المعلم، وإن لم يبق منه إلا بضعة من اللحم.
قال: وذكر أن طاوس كان يقول: ليس الصقور ولا الفهود ولا النمور من الجوارح التي أحل الله أكل ما أكلت من صيدها، وقال غيره: هذه كلها كالكلاب في صيدها.
وقال قاسم: لا يؤكل صيد الصقر والبازي والفهود إلا ما أدركت ذكاته؛ لأن الله عز وجل يقول: ?مُكَلِّبِينَ?[المائدة:4]، ولم يقل: مصقرين.
قال أبو جعفر في الجوارح من الكلاب، والبزاة، والصقور، والفهود: كلها سبيلها سبيل واحد في نفس الصيد، غير أنه يختلف في التعليم والأدب، فالكلاب إنما تعلم تؤدب لئلا تأكل، وكذلك بلغنا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فإذا أكل الكلب المعلم من صيده فلم يقبل الأدب، ولم يحفظ التعليم فلا تأكل إلا ما أدركت ذكاته. وأما البازي والصقر فإنما يعلمان يؤدبان أن يجيبا إذا دعيا، فإذا هو دعي فأجاب فقد قبل التعليم، فكل من صيده، والفهد بمنزلة الكلب.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم فيما قتل الكلب المعلم والبازي والصقر من الصيد وأكل، قال: قد اختلفوا في ذلك، وقد روى أهل العراق منهم الشعبي، وعدي بن حاتم،

(2/338)


وقد روي عن أبي ثعلبة الخشني أنهما سألا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن صيد الكلب المعلم؟ فقال: ((كل مما أمسك عليك وإن قتل، وإن أكل فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه)).
وذكر عن ابن عباس وقد اختلفوا عن غيره من الصحابة منهم سلمان وسعد، ومن التابعين أبو جعفر وسعيد بن المسيب أنهم قالوا: لا بأس وإن أكل ثلثيه، وتأولوا ?فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ? كان عندهم أنما أمسك وإن أكل بعضاً وترك بعضاً، وهو عندي كأنه أشبه بالكتاب، ومن احتاط لم يكن عليه في ذلك شيء، ومن تأول كتاب الله وأقاويل هؤلاء الذين لم يروا بأكله بأساً رجوت أن لا يكون بآثم ولا حرج، وإن كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال ما روي عن عدي بن حاتم وأبي ثعلبة، فالباطل ما خالفه، وما أظن الرواية عنه بصحيحة.
فأما البازي والصقور والشواهين فأعجب ما فيه عندي من القول: أن صيدها ليس بذكي؛ لأن الله سبحانه يقول: ?مُكَلِّبِينَ?، والمكلِّب هو المُغْرَي، والإكلاب للكلب هو الإغراء. والصقر وأشباهه من الطير ليس عندنا من الجوارح، وقد رخص فيها كثير من الناس، وكذلك عندي الفهود ليس من الجوارح؛ لأن الصقور والبازي وأشباهها من الطير لا تشلا ولا تؤمر، فلذلك عندي ليست من الجوارح، فإن كانت الفهود لا تُشْلا ولا تغرى فحالها كحال الصقور، وإن كانت

(2/339)


تؤمر وتشلا فتأتمر، فهي كالكلاب يؤكل ما أَفْضَلت وذكي ما قتلت.
وأما كلب المجوسي المعلم فلا بأس بأكل صيده إذا كان مرسله مسلم، وسمى الله، وكان الكلب معلماً. وقد كرهه قوم، ولم يَرَ به آخرون بأساً.
قال أبو جعفر: يكره صيد كلب المجوسي إذا أصابه مسلم.
قال: وكره ابن أبي ليلى سكين المجوسي.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم في الرجل يأخذ الصيد من كلبه وبه رمق ثم يموت، قال: إذا أدركه وفيه حياة ذبحه وذكاه، وإن لم يدرك ذكاته فلا يأكله إلا أن يذكيه ذكاة تامة.
قال أبو جعفر: إذا أدركت ذكاة الكلب والبازي والصقر أو غير ذلك فلم تأخذه من فيه حتى مات، فإن كنت تربصت به مجتزئا بتذكية الكلب فلا تأكل، كان ينبغي أن تكون أنت الذي تذكيه، وإذا اشتغلت بغيره فمات قبل أن تذكيه فلا تأكل.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم في الصيد بالليل في مأمن الصيد ومأواه، قال: إنما يكره من ذلك أن يطرق، فإن صار إليه يعني الصيد فلا بأس بما أصيد من صيد فيه؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا شريك له أحل الصيد، ولم يوقت من الليل والنهار له وقتاً.
قال أبو جعفر: في صيد الوحش والطير بالليل: لا يصلح، بلغنا أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- نهى عن ذلك، وقد تكلم بعض أهل العلم في صيد السمك بالليل، فرخص فيه

(2/340)


بعضهم وكرهه بعضهم.
قال أبو جعفر: الناس على صيد السمك بالليل والنهار، وليس في النهي بمنزلة الطير والوحش، وقد كره بعض الناس، وليس به بأس عندي.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم في صيد المجوسي والمشرك المحارب للسمك، قال: يغسل ما أصابوا من مس أيديهم، ولا بأس به؛ لأنه ذكي في نفسه.
وقد روي عن علي -عليه السلام- أنه كرهه، وما أظنه بصحيح عنه، وكان ابن عباس لا يرى بصيد المجوسي للسمك بأساً.
قال أبو جعفر في صيد المجوسي للسمك، روي عن علي -عليه السلام- أنه كان يكره صيد المجوسي للسمك، ورخَّص فيه غيره.
قال أبو جعفر: المشرك بمنزلة المجوسي يكره صيده للسمك، قال: وأما صيد اليهودي والنصراني فلا بأس بصيدهما للسمك وغير السمك، وجائز ذبيحتهم.
قال: وقد نهى علي وابن عباس عن نكاح أهل الحرب في دار الحرب، وقالا: من أجل النسل لا من أجل التحريم.

(2/341)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم، في رجل رمى صيداً فأصابه، ثم غاب ليله وراء جبل، ثم أصابه ميتاً وسهمه فيه، قال: إذا لم ير فيه أثراً سوى أثره أو أرسل عليه كلباً، فلم ير فيه سوى أثر كلبه وعرف ذلك معرفة يقين أكله وكان حلالاً أكله، نهاراً أصاده أو ليلاً، وفي سهل كان ذلك أو جبل.
وفي الذئب أو الأسد يعدو على البقرة أو الشاة فينثر قُصْبَها ما لو تركها على حالها لماتت فتذكى، قال: لا بأس بأكلها إذا أدركت ذكاتها، ولا يأكل من ذلك عضواً بان بانتهاش السبع أو قطعه، سمعت أبا جعفر يقول: إذا افترس السبع شاة أو غيرها من الحيوان فنثر قصبها يعني بطنها، فقول أبي جعفر محمد بن علي وأصحابه: إذا أدركت منهاً عينا تطرف أو رجلاً أو ذنباً تتحرك فذكه فهو لك ذكي.
قال:وقال الحسن بن صالح ومحمد بن الحسن وغيرهما ممن يتفقه: إذا نثر قصبها فلا تأكل، هي بمنزلة الميتة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: أخبرني جعفر، عن قاسم، عن الطافي من السمك، وعمَّا قذف به البحر، وعمَّا قذف الحيتان بعضه بعضاً، قال: هذا كله ميتة فلسنا نحب أكله، وقد جاء عن علي -عليه السلام- النهي عن الطافي، وهو الميت من السمك، وكذلك كل ميت من كل ما أحل الله عز وجل من بهيمة الأنعام، ومن صيد البر والبحر.
قال أبو جعفر: يكره أكل السمك الطافي. بلغنا عن

(2/342)


علي -عليه السلام- أنه كرهه، وقال: وما قذف الماء على الساحل أو في سفينة، كأن رأيته حين قذفه فهو لك ذكي، وإن أخذته وبه حياة أو بعدما مات فهو لك ذكي، وإن كان قذفه فلا تأكل، وإذا حسر الماء عنه فأصيب في الساحل فقد اختلف فيه.
روي عن جابر بن عبد الله أنه رخص فيه عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وكان بعض العلماء لم يثبت هذا الحديث أنهم أصابوه ميتاً، فقال: لا تأكل إلا أن تعلم أنه حسر الماء عنه وهو حي أو قذفه وهو حي، وإن علمت أنه قذفه وهو طاف، أو لم تدر فلا تأكل.
قال أبو جعفر في ميت الجراد: إذا كان أخذ ميتاً فقد اختلف أيضاً فيه، فأطلقه قوم، وكرهه قوم.
وروي عن علي -عليه السلام- قال: (الجراد والحوت ذكي)، وروي عن ابن عمر أنه نهى عن الطافي، ولم يذكر عنه في الجراد شيء.
قال: ولا يجوز أكل ما صاد الكلب غير المعلم إلا أن تدرك ذكاته، قال: كأنك أنت أصدته فأكلته.
قال: وإن أرسلت كلباً معلماً وقمت حين أرسلت، فإن أعانه كلب غير معلم ولم تدرك ذكاته فلا تأكل.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عباد، حدثنا أبو إبراهيم مولى جعفر بن محمد، عن جعفر، عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((الطير في وكره آمن بأمان الله، فإذا طار بجناحه فانصب له فخك وارمه بسهمك)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال:

(2/343)


حدثنا أحمد بن أبي عبد الرحمن، عن الحسن بن محمد، عن الحكم بن ظهير، عن السدي، عن ابن عباس، قال: أتى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أناس من طي فيهم زيد الخير، وعدي بن حاتم، فقالوا: يارسول الله، إن الله قد حرم الميتة على من أكلها، وإن لنا كلاباً نصيد بها، فمنها ما ندرك ذكاته، ومنها ما لا ندرك ذكاته، وربما أكلت، فما يحل لنا من ذلك؟
فأنزل الله عز وجل: ?يَسْأَلُونَكَ? يا محمد? مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ?[المائدة:4] الحلال مما اصطادته الكلاب.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا سميت قبل أن ترسل فأخذته الكلاب فمات في أفواهها ولم تأكل منه شيئاً فكله، فأحل الله لهم ما أمسكته إن قتلته ما لم تأكله،، وما أدركت ذكاته فكله، وما أكل منه فلا تأكل، فإنما أمسكه على نفسه، وليس هو حينئذ بمعلم، وإنما المعلم الذي يضرب إذا أكل الصيد حتى لا يعود يأكل منه، وإذا أرسلتموها وذكرتم اسم الله فكلوا)).
والجوارح: الكلاب، والفهود، والصقور، والبزاة، ?فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ?.
قال أبو جعفر محمد بن منصور: يعرف تعليم الكلب إذا تعلم حتى يحل أكل صيده بإجابة صاحبه إذا دعاه، وأرسله على الصيد فأخذه وقتل فلم يأكل، وأمسكه على مرسله فهو حينئذ معلم، ويؤكل كل صيده بعد ذلك،

(2/344)


قال: فإن أكل بعد التعليم فلا تأكل صيده؛ لأنه قد نسي التعليم.
قال: وإن أرسل بعد ذلك فأمسك على صاحبه، ولم يأكل من صيده فقد صار عالماً، فليتأن صاحبه حتى يرسله مرتين، فإذا أمسك في الثالثة ولم يأكل فقد صار عالماً ويؤكل صيده إذا قتل.
قال: وإذا أرسل الرجل كلبه المعلم فينبغي له أن يسمي مع إرساله، يقول: بسم الله، فإن ترك التسمية مع إرسال كلبه ناسياً فليأكل ما أصاب وقتل ولا يضره ذلك.
قال: وإن ترك التسمية مع إرسال كلبه متعمداً، وهو يعلم أن التسمية واجبة عليه، أو لا يعلم فلا يأكل ما أصاد كلبه، وكذلك الذبيحة إلا أن يدرك ذكاته، وإن ترك التسمية مع إرساله ثم سمى بعد ذلك قبل أن يأخذ كلبه الصيد، فلا يأكل أيضاً ما قتل.
قال: وإن سمى بعد إرساله وزجر كلبه فانزجر لزجره، وأخذ صيداً فقتله فهو ذكي يؤكل صيده.
قال:وإذا أرسل الرجل كلبه وسمى، فأصاد كلبه صيداً فلم يأكل من لحمه، ولكنه شرب من دمه فقد ذكر عن ابن عباس أنه قال في مثل هذا: لابأس بأكله.
قال: وإذا أرسل الرجل كلبه فأصاب صيداً فليسرع السير إليه وليتخلصه منه في أقرب ما يقدر عليه من ذلك، فإن تخلصه منه حياً فليذكه وذكاته ذبحه، فإن مات في يده قبل أن يذكيه وهو يقدر على ذبحه لو أراد ذبحه، أو لا يقدر على ذبحه لسرعة ذلك فلا يأكله، ولا خير في أكله.
قال: وإذا

(2/345)


أدرك الصيد في فم الكلب فأراد أخذه فلم يتخلصه منه، ولم يفرط في ذلك حتى مات الصيد في فمه فهو ذكي وليأكل.
قال: وإذا أرسل كلبه على صيد فأخذ من فوره ذلك غير الصيد الذي أرسله عليه فهو ذكي وليأكل إن قتل.
قال: وإن ثنى من فوره على الصيد الأول فهو أيضاً ذكي.
قال: وإذا أرسل كلبه على أعداد من الصيد، فسمى على إرساله ولم يسم على كل صيد، فكلما أصاد من فوره ذلك فهو ذكي، وإن هو أصاد ثم رجع إلى صاحبه، ثم ثنى بغير إرسال من صاحبه فما أصاد فلا خير فيه، ولا يؤكل منه إلا ما أدرك ذكاته.
قال: وكل الكلاب إذا علمت الصيد فتعلمت وأصادت أكل صيدها، بمنزلة الكلاب السلوقية المعلمة.
قال: وإذا أرسل كلبه على صيد فقتله، ثم أتبع صيداً آخر من فوره على المكان فقتله فهو ذكي، وإن تمكث على الصيد الأول طويلاً بعدما أصاده، ثم رأى صيداً آخر فأتبعه فأصاده وقتله فلا يؤكل الثاني، وإذا أرسل كلباً على صيد فأصاده وقتله فهو ذكي، فإن أصاد من فوره ذلك صيداً آخر فقتله وأكل منه فلا يؤكل من الصيد الثاني ولا الأول.
قال: وإن كان أكل من الصيد الأول، ولم يأكل من الثاني فهو بأكله من الأول تارك للتعليم، ولا يؤكل من واحد منهما.
قال: وإذا علم الباز أو الصقر أو الشاهين أو الباشق أو العقاب أو البازنجان فتعلم الصيد فأصاد وقتل فهو ذكي، وتعليمه

(2/346)


أن يجيب إذا دعي ولا ينفر من صاحبه.
قال أبو جعفر: ولو أن امرأة أرسلت كلباً وسمت، أو كان سوى الكلب من الجوارح فأرسلته وسمت فأصاد وقتل ولم يأكل فإنه ذكي.
وأما الصبي فإن كان يعقل وسمى وأرسل كلبه فأصاد وقتل، فإن زيد بن علي وغيره من أهله، منهم أحمد بن عيسى، يقولون: إذا كان الصبي يعقل الصلاة فسمى وأرسل كلبه أو صقره أو بازه، أو ما كان من الجوارح التى يحل صيدها فسمى، فما أصادت فهو ذكي.
قال: وإن نسي التسمية أحد من هؤلاء: الرجل أو المرأة أو الصبي فأصاد وقتل فهو ذكي بمنزلتهم إن نسوا التسمية في الذبيحة، فأي من هؤلاء نسي التسمية عند الذبيحة فذبيحته حلال؛ لأن الذبيحة للملة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن وكيع، عن زكريا، عن عامر، عن عدي بن حاتم في قوله: ?فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ?[المائدة:4]، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا أرسلت كلبك وسميت فكل مما أمسك ما لم يأكل، وإن جَاء مع كلبك كلب غيره وقد قتل فلا تأكل، وإنما ذكرت اسم الله على كلبك ولم تذكره على غيره)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، عن ابن نمير، عن مجالد، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم قال: قلت: يارسول الله، إنَّا قوم نصيد بهذه الكلاب

(2/347)


والبزاة فما يحل لنا منها؟.
قال: ((يحل لكم ما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهنَّ مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا سفيان، عن يحيى بن يمان، عن شريك، عن جابر، عن أبي جعفر، قال: الباز والصقر من الجوارح.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن حفص، عن الحجاج، عن القاسم، عن مجاهد في قوله: ?وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ?، قال: من الطير والكلاب.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، عن وكيع، عن سعيد، عن الهيثم، عن طلحة، عن خيثمة في قوله تعالى: ?مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ?، قال: أثبت لك أن الصقر والباز من الجوارح.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، عن وكيع، عن الحسن بن صالح، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: إذا أكل الكلب فلم يحفظ التعليم.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن جميل، عن عاصم بن عامر، عن عائذ، عن محمد بن سالم، قال: قال علي: (إذا أكل الباز من صيده فكل).
قال أبو جعفر: إذا أكل الكلب والفهد من صيدهما فلا تأكل، وإن أكل الباز أو الصقر فكل؛ لأن الكلب إنما يعلم أن لا يأكل، فإذا أكل فلم يحفظ التعليم، والصقر والباز إنما يعلم أن يجيب إذا دعي ولم ينفر من صاحبه، فإذا دعي فأجاب فقد حفظ

(2/348)


التعليم فكل من صيده، أكل أو لم يأكل.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: إذا رد الكلب الذي لم يعلم على المعلم أفسد صيده.
قال أبو جعفر: إذا أرسلت كلبك المعلم وكلبك الغير المعلم فقتلا صيداً فلا تأكل إذا أخذاه جميعاً.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا عثمان، عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: إذا أكل الكلب من الصيد فلا تأكل منه فإنما أمسك على نفسه إلا أن تدركه وبه حياة فتذكيه.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا عثمان، عن جرير، عن مغيرة، عن حماد، عن إبراهيم، قال: إذا أكل الباز والصقر من الصيد فكل فإنه لا يعلم.
قال حدثنا عثمان، عن جرير، عن مغيرة، قال في الصيد يأخذه الكلب فيمسكه حتى يموت، ثم يأكل منه فلا تأكل منه، فإنه لم يحفظ التعليم.
قال أبو جعفر: إذا أدركت كلبك أو صقرك أو بازك وقد أخذ صيداً، وأنت تنظر اليه حتى مات في فمه أو في مخلبه فهو ذكي كله وهو حلال.
قال: وإن أدركته وهو في فم كلبك، أو في مخالب صقرك، أو بازك فتركته قليلاً أو كثيراً وأنت تقدر على أخذه فمات في فم كلبك، أو مخالب صقرك، أو بازك فلا تأكل فهو ميتة، قال: وإن أدركته على هذا الحال وليس معك حديدة، فتركته في فم كلبك، أو في مخالب صقرك مجتزياً بتذكيته لك إذا لم يكن

(2/349)


معك حديدة فلا تأكل لاخير فيه.
قال: وإن أخذت الصيد من فم كلبك، أو مخالب صقرك أو بازك وبه جراحة في مقتله أو في غير مقتله فأخذته تريد أن تذكيه فسبقك بنفسه، فلا تأكل فهو ميتة.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن جابر، عن عامر قال: إذا أجاب الباز فقد علم.
وبه حدثنا محمد بن منصور، حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، في صيد الباز والصقر وكل شيء من الطير يصيد: لا تأكله حتى يذكى.
وبه حدثنا محمد بن منصور، حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن حجاج، عن حماد، عن إبراهيم، قال: إذا أكل الباز من الصيد فكل، فإذا أكل الكلب فلا تأكل.
وبه حدثنا محمد بن منصور، حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن حجاج، عن عطاء، قال: إذا أكل الكلب فلا تأكل.
حدثنا محمد بن منصور، حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن ابن عباس، قال: إذا أكل الكلب فلا تأكل.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا أبو هشام، عن ابن يمان، عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، قال إذا أكل الباز فكل.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا عبد الله بن مبارك، عن حيوة بن شريح، قال: سمعت ربيعة بن يزيد الدمشقي يقول: أخبرني أبو إدريس عائذ الله، قال: سمعت أبا ثعلبة الخشني يقول: قلت: يارسول الله، إني أصيد

(2/350)


بكلبي المعلم، قال: ((ما أصدت بكلبك المعلم فاذكر اسم الله وكل)).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا عبيدة بن حميد، قال: حدثني أبو مريم، قال: سألت أبا جعفر عن كلب أفلت ولم يرسله صاحبه، فأدركه وقد قتله، أيأكل منه؟ فقال: لا، ولكن إذا اصطاد وقد سمىفليأكل، وإن هو اصطاد ولم يسم فلا يأكل.
قال أبو جعفر: إذا أفلت كلبك المعلم من غير أن ترسله فاصطاد فلا تأكل، قال: وكلما اصطاد الكلب المعلم إذا لم ترسل، أو الكلب غير المعلم، ثم أدركت ذكاته فذكيته فهو حلال أكله.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا أبو معاوية، عن إسماعيل، عن عطاء، عن ابن عباس إذا أرسل كلبه أو بازه فأخذ فقتل فليأكل.
وبه قال: حدثنا محمدبن منصور، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا أسباط، عن الشيباني، عن حماد، عن إبراهيم، عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا أرسلت الكلب فأكل من الصيد فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه، وإن أرسلته فقتل ولم يأكل فكل، فإنما أمسك على صاحبه، فإن الكلب إذا ضربته لم يعد)).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا علي بن هاشم، عن زكريا، عن عامر، عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن صيد الكلب؟ فقال: ((ما أمسك ولم

(2/351)


يأكل منه فكله فإن أَخْذَه ذَكاتُهُ)).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا محمد بن فضيل، عن أبان بن أبي عياش، قال: سألت سعيد بن المسيب عن الصيد أدركه وقد أكل الكلب أو الباز نصفه؟ فقال: سألت سلمان الفارسي، فقال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن ذلك؟ فقال: ((كله وإن لم تدرك إلا نصفه)).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا عبيدة بن حميد، قال: حدثني عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله عليه فكل ما أمسك عليك أكل منه أو لم يأكل.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا عبيدة، حدثنا أبو مريم، قال: سألت أبا جعفر عن رجل أرسل كلبه فصاد وقد سمى فأدركه وقد قتل؟ فقال أبو جعفر: كل وإن أكل منه.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا محمد بن فضيل، عن داود بن أبي هند، عن عامر قال: قال أبو هريرة: لو أكل ثلثيه لأكلته.
قال أبو جعفر: الذي نأخذبه إذا أكل الكلب المعلم من صيد فلا تأكل منه، فإنه لما أكل لم يحفظ التعليم، وإنما أمسك على نفسه، وكذلك سمعنا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا أسباط، عن الشيباني، عن حماد، عن

(2/352)


إبراهيم، قال: قال ابن عباس: الطير إذا أرسلته فقتل فكل، فإن تعليم الطير أن يرجع إلى صاحبه وليس يضرب، فإذا أكل من الصيد أو نتف الرأس فكل.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا عبيدة، حدثنا أبو مريم، قال: سألت أبا جعفر عن الصقر والباز يرسله صاحبه فيصيد وقد سمى فيدركه وقد نقر أيكل منه؟ قال: نعم.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا حفص، عن ابن جريح، قال: قلت لعطاء: الرجل لا يكون معه السكين فيتربص بالصيد حتى يقتله الكلب، فكرهه.
وبه قال: أبو جعفر: هذا يكره أكله لنا.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا محمد بن فضيل، عن المجالد بن سعيد، عن عامر، عن عدي بن حاتم، قال: قلت: يارسول الله، إنا قوم نصيد، فما يحل لنا؟
فقال: ((ما علمتم من الجوراح مكلبين إلا أن يخلطها كلب آخر فلا تأكل، حتى تعلم أن كلبك الذي أخذه)).
قال أبو جعفر: إذا أرسل الرجلان كلبيهما فسمى أحدهما وترك التسمية الآخر متعمداً، فتعاون الكلبان على الصيد لم يؤكل الصيد إلا أن تدرك ذكاته، قال: فإن سمى الرجلان وتعاون الكلبان علىالصيد فهو حلال، وهو بينهما نصفان، فإن أرسل كلبه وقد سمى، ثم أعانه آخر معلم لم يرسله صاحبه فلا تأكل.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن عبيد،

(2/353)


حدثنا محمد بن فضيل، عن زكريا، عن عامر، عن عدي بن حاتم، قال: سألت رسول الله عليه وآله السلام عن صيد الكلب؟ فقال: ((إن وجدت عنده كلباً آخر فخشيت أن يكون أخذ معه وقد قتله فلا تأكل، فإنما ذكرت اسم الله على كلبك ولم تذكر اسمه على غيره)).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا عبد الله بن مبارك، عن حيوة بن شريح، قال: سمعت ربيعة بن يزيد الدمشقي، يقول: أخبرني أبو إدريس عائذ الله، قال: سمعت أبا ثعلبة الخشني يقول: قلت: يارسول الله، إنا بأرض صيد، أفأصيد بكلبي الذي غير معلم؟، فقال: ((ما أصدت بكلبك الذي غير معلم فأدركت ذكاته فكل)).

(2/354)


قال أبو جعفر: بهذا نأخذ، لايؤكل إذا قتل إذا أعانه كلب غير معلم إلا أن تدرك ذكاته.
قال: وكذلك إن كان كلب مجوسي فأعان الكلب المعلم أو هيَّبه فقتل الصيد فلا تأكل، وإن كان كلب يهودي أو نصراني معلم فأرسلا جميعاً فتعاون الكلبان، فلا بأس به إذا سميا، فإن نسي الذمي التسمية فلا يأكل المسلم من صيده، (ولا من ذبيحته).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا ابن مبارك، عن حيوة بن شريح قال: سمعت ربيعة بن يزيد الدمشقي يقول: أخبرني أبو إدريس عائذ الله قال: سمعت أبا ثعلبة الخشني يقول: قلت: يارسول الله، إنا بأرض صيد أصيد بقوسي؟
قال: ((ما أصدت بقوسك فاذكر اسم الله وكل)).
وبه قال: حدثنا محمدبن منصور، قال: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا محمد بن فضيل، عن مجالد، عن عامر، عن عدي بن حاتم، قال: قلت: يارسول الله، إنا قوم نرمي. قال: ((إذا سميت وخرقت فكل مما خرقت)). قلت: يارسول الله، فالمعراض؟ فقال: ((لا تأكل من المعراض إلا ما ذكيت)).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا علي بن هاشم، عن زكريا، عن عامر، عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن صيد المعراض؟ فقال: ((ما أصبت بحده فكله، و ما أصبت بعرضه فهو وقيذ)).
وبه قال أبو جعفر: إذا رمىالرجل بسهمه،

(2/355)


وفي رأسه حديدة فأصاب الصيد فخرق، والخرق أن يخرق الجلد ويخرج الدم فليأكل إذا سمى حين يرمي، وإن أصاب السهم بعرضه فقتل الصيد فلا تأكل؛ لأنه وقيذ.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لاتأكل من البندقة إلا ماذكيت)).
وبه قال: أبو جعفر: البندقة لا تخرق، فما قتلت البندقة فلا خيرفيه إلا أن تدرك ذكاته.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا علي بن هاشم، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، قال: قال عبد الله: إذا رمى أحدكم طيراً فوقع في ماء فلا تأكله فعسى أن يكون الماء هوقتله.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا محمد بن فضيل، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله، قال: إذا رميت صيداً وهو على جبل فتردى فمات فلا تأكله، فإني أخاف أن يكون ترديه قتله، وإذا رميت طيراً فوقع في ماء فغرق فلا تأكله، فإني أخاف أن يكون مات غرقاً.
قال أبو جعفر: كل صيد رميته بسهمك وقد سميت فأعان عليه بعد رميك من ماء أو تردٍ من جبل، أو من حائط، أو أرض فمات ولم تدرك ذكاته فلا تأكل فإن ذلك مكروه.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال:

(2/356)


حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا علي بن هاشم، قال: سئل ابن أبي ليلى عن الرجل يرمي الصيد بالسهم فيجده فيه بعد ذلك فيعرف سهمه؟ فذكر عن عبد الكريم، عن مجاهد أن رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عن ذلك؟ فقال: ((لو أعلم أن سهمك قتله لأمرتك بأكله)).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا علي بن هاشم، عن إسماعيل، عن عطاء، عن ابن عباس قال: أتاه رجل فقال: إني صاحب قنص فربما أصميت، وربما أنميت، فقال: إذا أصميت فعاينته فكل، وإذا أنميت فتغيب عنك فلا تأكل.
قال أبو جعفر: إذا رميت الصيد بسهم وسميت فغاب عنك قليلاً أو كثيراً، ثم أصبت الصيد ميتاً وسهمك فيه فلا تأكل، وإذا عاينت الصيد، وأصبت السهم وقد مات الصيد، وقد جرح وأخرج الدم فكله، وكذلك في الكلب والصقر إذا أرسلته مثل ذلك.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن عامر، قال: أهدى رجل للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ظبياً، فقال: إني رميته أمس فطلبته فأعجزني، ثم غدوت فوجدته في أحجار أو في غار، وهذا مشقصي أعرفه فيه، فقال -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((غاب عنك ليلة، ولا آمن أن يكون أعانك عليه هامة من هوام الأرض، لا حاجة لي فيه)).

(2/357)


وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا محمد بن عبيد، وإسماعيل بن بهرام، قالا: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، قال: حدثني أبي، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أحل لكم ميتتان، ودمان، الميتتان: الحوت، والجراد، والدمان: الكبد، والطُّحَال)).
وبه قال: أبو جعفر: أعاف الطحال؛ لأنه روي عن علي -عليه السلام- أنه كرهه.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا أبي، حدثنا يونس بن أبي يعفور قال: سمعت أبي يقول: عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- سبع غزوات نأكل الجراد.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا محمد بن فضيل، عن محمد بن عبد الله، عن علقمة بن مرثد، عن شيخ من قومه، قال: أتيت علياً، فقلت: إن هذا الجراد يكثر ببلادنا فنكنسه، فوالله ما ندري ما الحي من الميت. فنشويه في القدور.
فقال: هو ذكي من صيد البحر.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن علي بن غراب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: قال علي -عليه السلام-: (الجراد والحيتان ذكي كله).
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن حاتم، حدثنا جعفر بن محمد، قال: رأيت أبي يأكل الجراد.

(2/358)


وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا حفص بن غياث، عن عمرو، عن الحسن، قال: كل شيء قتل من الجراد من حر أو برد أو مطر أو دابة فكله، إلا أن يموت ميتة نفسه حيث يعيش.
قال أبو جعفر: إذا وجدت الجراد في الصحراء أو بين الأشجار وقد سقط بعضه على بعض، فوجدت بعضه قدمات فكله كله، ذكي حيه وميته.
قال أبو جعفر:كل ما أخذ من السمك من طير أو غير ذلك فأَخْذُه ذكاته إلا أن يكون طافياً فلا خير فيه، وإذا أصدت سمكة فوجدت في جوفها سمكة فهي ذكية كلهما جميعاً، وإن طير ابتلع سمكة فازدردها حية فكلها هي ذكي.
وبه قال: حدثنا محمد بن منصور، حدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثني عبيدة، عن عطاء بن السائب، عن ميسرة، عن علي -عليه السلام- قال: (ما طفا من صيد البحر فلا تأكله).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا محمد بن فضيل، عن الأجلح، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن ابن عباس قال له رجل: إني أجد البحر قد جفل سمكاً كثيراً، قال: كل إلا أن تجد فيه شيئاً طافياً.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد،، حدثنا هشيم، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: بعثنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- مع أبي عبيدة في سرية، ففني زادنا، فمررنا بحوت وقد قذفه البحر، فأردنا أن نأكل منه فنهانا أبو عبيدة، ثم قال: نحن رسل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وفي سبيل الله فكلوا، فأكلنا منه، فلما قدمنا على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ذكرنا ذلك له، فقال: ((إن كان بقي معكم شيء فابعثوا به إليَّ)).

(2/359)


وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا محمد بن فضيل، عن مطرف، عن رجل، عن كليب الأودي، عن علي -عليه السلام- قال: (ما طفا على البحر فلا تأكل).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو كريب، عن حفص بن غياث، قال: حدثنا ابن جريج، عن عطاء، أنه كره أن يتربص الكلب حتى يقتل الصيد.
وبه قال: سمعت أبا جعفر يقول: إذا أرسل كلبه وترك التسمية متعمداً، فسمى والكلب في وجهه قبل أن يأخذ الصيد فلا تأكل.
قال: وإن نسي التسمية، ثم سمى بعد إرساله فلا بأس به يأكل ما قتل.
وبه قال أبو جعفر: السبع، والنمر، والذئب، والضبع هذه سباع، هذه لا تصيد ولا تعلم الصيد، (وإنما تكلم الناس في الفهد؛ لأنه جرب فأصاد).
وبه قال أبو جعفر: إذا أرسل الرجل كلبه، فتبع الكلب صيداً حتى دخل دار قوم فأخذ الكلب الصيد في دارهم، فالصيد لصاحب الكلب، وليس لصاحب الدار فيه شيء، لا يعلم فيه اختلاف، وكذلك إذا نصب حبالته أو فخه في أرض غيره فأصاب صيداً فهو للذي نصب، وليس لصاحب الأرض فيه شيء

(2/360)


باب صيد السمك
قال محمد: ذكاة السمك أخذه من الماء إلا أن يكون طافياً، والطافي من السمك هو ما مات في الماء من السمك محبوساً في الماء حظيرة أو غير ذلك، حتى لا يستطيع السمك أن يذهب ولا يمتنع من أحد، ومن أراده أخذه بغير صيد، فما مات من السمك في الماء في هذه الحال فهو ذكي وليس بطاف، وما مات من السمك وهو في الماء في شبكة أو في شعص أو غير ذلك مما يصاد به قبل أن يصل إلى صاحبه فهو ذكي، بعد أن يكون السمك لا يستطيع أن يمتنع من أخذه، فإذا دخل الماء أرض رجل فحبسه بمثناة، أو حصر عليه فما كان في الماء من سمك فهو لصاحب الأرض، وليس لأحد أن يأخذه إلا بإذنه، وما صار في ذلك الماء من غير السمك من طير أو وحش أو غير ذلك فهو لمن اصطاده صاحب الأرض وغيره في ذلك سواء، غير أن لصاحب الأرض أن يمنع من دخول أرضه، وإن كان الماء صار إلى أرض الرجل بنشق انبثق وهو جاري ما ضي ليس الماء بمحتبس في أرض، فما كان فيه من سمك أو غير ذلك فهو لمن أصاده صاحب الأرض، والأجنبي فيه بمنزلته، غير أن لصاحب الأرض أن يمنع دخول أرضه.

(2/361)


وبه قال: حدثنا محمد، حدثنا علي، عن حميد، عن جرير بن حازم، عن عيسى بن عاصم، قال: كان علي يكره صيد المجوسي السمك وغيره، بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب -عليه السلام-.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن حميد، قال: قال حسن بن صالح: سألت المغيرة عن البندقة؟ فقال: سألت إبراهيم عنها؟ فقال: إنها تدخل دخولاً، ولا تخرق فلا تأكل.
وبه قال: حدثنا محمد،، قال: حدثنا علي، عن حميد، قال: حدثنا زهير، عن جابر، عن عامر قال: لا تأكل من الحجر.

(2/362)


باب في كل ذي ناب من السبع ومخلب من الطير
قال محمد: بلغنا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أنه عاف أكل الأرانب لدم رآه بها، وأذن لأصحابه في أكلها)).
وبلغنا عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ((أنه نهى عن أكل كل ذي مخلب من الطير، وكل ذي ناب من السبع)).
فكل ذي مخلب من الطير: فالباز، والصقر، والشاهين، والعقاب، والباشق، وما أشبه ذلك، والغراب الأبقع والنسر لا خير في أكله.
وما لم يكن له مخلب من الطير فلا بأس بأكل لحمه، وكل ذي ناب من السبع: فالأسد، والنمر، والذئب، والضبع، والثعلب، وما أشبه ذلك، ولا بأس بأكل لحم الغراب الأسود الزرعي، والعقعق، والسوداني.
وبلغنا عن علي -عليه السلام- أنه أكل لحم سوداني ونهى عن أكل الضَّب، ويكره أكل لحم اليَرْبُوع والقُنْفُذ وجميع هوام الأرض، وهذا مكروه من صيد البر، وأما صيد البحر فيحل منه السمك.
وقد ذكر عن أبي جعفر محمد بن علي في أكل البزاق رخصة وكرهه غيره. وكذلك السلحفاة والسرطان والقنفذ، وجميع صيد البحر مكروه أكله خلا السمك.
وقال: رجل استأجر رجلاً يصيد له منذ غدوه إلى العشاء بأجرة مسماة في ملك المستأجر، أو في مباح غير ملك، فالأجرة جائزة، وما اصطاد منذ غدوه إلى العشاء فقد وجبت له الأجرة بجلوسه، وإن كان استأجره على أرطال مسماة بأجرة مسماة فله الأجرة، إذا اصطاد استأجره على أرطال مسماة

(2/363)


بأجرة مسماة فله الأجرة إذا اصطاد ما سمي له، وإن قصر من الصيد عمَّا سمي له فله من الأجرة بقصد ما اصطاد، فإن لم يصد شيئاَّ فلا شيء له، وإن اصطاد أكثر مما سمي له فليس له إلا ما سمي له من الأجرة، وهو متطوع بما اصطاد، وهو للمستأجر إن كان في ملكه، وإن كان في غير ملك فهو للذي اصطاد، ولا شيء للمستأجر من فضل السمك، فإن كانت الشبكة للمستأجر، فأعان بها المستأجر في فضل ما اصطاده فهو ضامن لما أفسد.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- أنه كان يكره أكل الطافي على الماء، وما نضب عنه الماء إلا أن يدركه حياً، وما وجد بساحل البحر إلا أن يدركه يتحرك.
قال محمد: هذا الحديث الأخذ به أحب إليّ، ولا أفسد ما وُجد بساحل البحر، وما قذف الماء، وما نضب عنه الماء إلا لما روي عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من الرخصة فيما وجد بساحل البحر، إلا أن يعلم أنه طاف فلا يؤكل.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن حسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن صيد الطير بالليل، وقال: ((إن الله سبحانه وتعالى جعل الليل سكناً وأماناً)).
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا قاسم بن محمد، عن أبي شيبة،

(2/364)


حدثنا عمران بن محمد بن أبي ليلى، عن أبيه محمد عبد الرحمن، في المسلم يصيد بكلب يهودي والنصراني إذا كان معلماً.
قال: لا يؤكل إلا أن يكون المسلم قد أخذه وعلمه.
وقال ابن أبي ليلى: كل شيء يصيد من الطير فهو من سباع الطير لا خير فيه؛ لأنه لا يؤكل مثل الغراب الأبقع والأسود الغداف.
وقال ابن أبي ليلى في كلب مجوسي معلم يصيد به مسلم، قال: إن الناس يرخصون، ولكن دع ما يريبك الى ما لا يريبك. وسئل عن سكين المجوسي؟ فقال: مثل ذلك.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا علي بن حكيم، عن حميد، حدثنا قيس بن الربيع، عن سالم، قال: سألت سعيد بن جبير عن الحلال يصيد الصيد يأكله المحرم؟.
فقال: سأخبرك من ذلك بما لا تسأل عنه أحداً بعدها: قال الله تعالى وتبارك: ?يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ?[المائدة:95]...الآية. وقال تعالى: ?أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ?[المائدة:96] وذاك الرجل يأتي القوم في سفينتهم فيقولون: إن شئت أطعمناك عريضاً، وإن شئت من طعامنا، فإن قال: عريضاً ألقوا شباكهم فصادوا، فإن قال: من طعامكم أطعموه مما ملحوا ويبسوا، فذلك:? َطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ?

(2/365)


ثم قال تعالى: ?وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا?[المائدة:96] فحرم قتله في أول الآية، وحرم أكله في الآية.
وبه قال: حدثنا محمد، عن علي بن حكيم، عن حميد، حدثنا زهير، عن حجاج، قال: سمعت عطاء يقول: ماكان من صيد البحر يعيش في البر، وما كان من صيد البر يعيش في البحر فلا يصيده المحرم، وفيه الكفارة.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا قاسم بن أبي شيبة، عن عمران بن محمد، قال ابن أبي ليلى في رجل أرسل كلبه فأدرك صيده حياً فمات في يده، أو مات تحت كلبه فتركه متعمداً حتى يقتله، أو غير متعمد.
قال: إذا أدركه حياً فليذبحه، فإن كان تركه تحت الكلب حتى مات فلا يضره.
وقال في صيد كلب اليهودي والنصراني إذا كان معلماً أو غير معلم، وكلب المسلم إذا كان غير معلم فأخرجه معه فاصطاد، قال: إذا رد عليه الكلبان فلا يأكل، وإن أرسله المسلم ولم يعلمه فاصطاد فليأكل.
وبه قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الرحمن، عن الحسن بن محمد، عن الحكم بن ظهير، عن السدي، قوله تعالى: ?يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ?[المائدة:94] قال السدي: هذا الضب، واليربوع، وبيض النعام، وأما ما حكم بالند على الخيل فهو الحمار الوحشي، والنعامة والبقرة الوحشية، والظبي والقوس مثل الرمح.

(2/366)


حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد عن الحسن، عن الحكم، عن السدي قوله تعالى: ?يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ?، قال: من اصطاد صيدا خطأ أو عمداً فعليه الفدية، إما مثل ماقتل من النعم، قال: في الظبي شاة، وفي البقرة بقرة، وفي الحمار الوحشي جزور، وفي الضب واليربوع سخلة قد رضعت وأكلت العشب.
حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد، عن الحسن، عن الحكم، قال: حدثني السدي، قال: قال علي بن أبي طالب -عليه السلام- في بيض النعام إبل عدد البيض، ثم يساق عنه أولادها إلى الكعبة، فما نتجت يوضع مكان البيض، فقيل له: إن الأبل تزلق، فقال: (والبيض تمذق)، يقول تفسد.
حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد، عن الحسن، عن الحكم، عن السدي:من وجد طعام مساكين فهو يجد ثمن الهدي، ومن وجد ثمن الهدي، فقد وجب عليه الهدي، فقد وجب عليه أن يهدي، وإنما هذا اعتبار يعتبر عليه، ينظر كم جزاء الصيد يومئذ فيقوّم حنطة، فيُقَسّم مقدار الحنطة علىالمساكين؛ كل مسكين نصف صاع، ثم يصوم الرجل عدل ذلك المقدار من المساكين، لكل مسكين يوم.

(2/367)


حدثنا محمد، قال: حدثنا أحمد، عن الحسن، عن الحكم، عن السدي في قوله:?أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ? للمحرم، وصيده هو الطري، وأما متاعه فالمالح: ?وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا? شيء من الصيد في البر فهو حرام على المحرم.
حدثنا عثمان، عن أبي الأحوص سلام بن سليم، عن سماك، عن عكرمة، قال:قتل رجل ضبعاً وهو محرم، فأتى علياً، فجعل فيه كبشاً.
حدثنا محمد، قال: حدثنا عثمان، عن وكيع بن سفيان، عن سليمان التميمي،، عن أبي مخلد، عن ابن عباس: ?وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا?، قال: ما كان يعيش في البر والبحر فلا تصيده، وما كان حياته في الماء فذاك.
حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: أتى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: ((هدية أو صدقة))؟

(2/368)


فقال الرجل: آكلها؟
قال: ((نعم، وكلوا معه))، فأكل القوم، وإنما تركها النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لأنه عافها، فقال الراعي: يارسول الله، أرمي بسهمي فأصمي وأنمي، يعني الذي يتوارى عنه.
فقال: ((ما أصميت فكل، وما أنميت فلا تأكل)).
فقال: يارسول الله، انتهى إلى الشاة عارض، أخاف إن تسبقني بنفسها وليست معي مدية، أفأذبح بعظم؟
قال: ((لا)). قال: أفأذبح بشطاطي؟ قال: ((لا)). قال أفأذبح بظفري؟ قال: ((لا))، ولكن عليك بالمروة فاذبح بها، فإن أفريت فكل، وإن لم تفر فلا تأكل)).
حدثنا محمد، حدثنا ضرار، عن عبد العزيز بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن عمرو بن أسعد، أنه سأل ابن عمر، وعبد الله بن عمر، وأبا هريرة عمَّا يلفظه البحر؟ فقالوا: ليس بأكله بأس.
حدثنا محمد، حدثنا محمد بن راشد، عن إسما عيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه أنه كره صيد الحمام بالأمصار، وقال: لابأس بها في القرى.
حدثنا محمد، حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-، قال: (الجراد بثر حوت).
حدثنا محمد، حدثنا محمد بن راشد، عن إسماعيل بن أبان، عن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- في رجل ضرب صيداً فبان بعضه، قال: (لا يؤكل ما بان منه، ويؤكل سائره، فإن قطعها نصفين أكلها جميعاً).

(2/369)


قال محمد: وإن ضرب الصيد فقطع منه عضواً، يداً أو رجلاً أو عجيزاً وبقي معلقاً فإنه يأكل الصيد كله ما كان معلقا وغير ذلك، والضربة ذكاة لجميعه، فإن ضرب الصيد فقطع الثلث مما يلي عجزه أكل الثلثين مما يلي الرأس، ولم يأكل الثلث، وإن قطع بالضربة الثلث مما يلي رأسه أكل جميع الصيد.
حدثنا محمد، حدثنا علي بن حكيم، عن حميد قال: إذا ضرب الرجل الصيد فخالط بضربته جوفه حتى تقطعت أمعاؤه، وبلغ منه ما لا يعيش أبداً أكله، وإن كان أحد الجانبين أكثر من الآخر، وإن كانت الضربة قد أبانت منه شيئاً، فخذاً أو يداً أو عجزاً، أو لم تخالط الجوف لم يأكل ما أبان منه، وأكل البقية.
وحيثما ضربت منه فقتلته ولم تَبِن منه شيء، أكلته كله إذا كانت ضربة قد حزت وأدمت.
حدثنا محمد، حدثنا علي، عن حميد بن عبد الرحمن، قال: إذا أرسلت كلبك على صيد فقطعه حتى يبلغ منه ما لا يعيش أبداً، ثم أدركته قبل أن يموت فلم تذكه واجتزيت في نفسك بما بلغ منه الكلب فسبيله في قول الحسن بن صالح عندنا أن يؤكل؛ لأن الكلب قد بلغ منه ما ليس بعده في قوله.
قال محمد:نحن نكره أن نأكل هذا؛ لأنه بلغنا عن عطاء أنه كره أكله.
وذكر عن محمد بن الحسن أنه كره أكل مثل هذا.

(2/370)


حدثنا محمد، حدثنا سفيان، عن محمد بن أبي عدي، عن ابن أبي عروبة، عن علي بن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (نهى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عن كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير).
حدثنا محمد، حدثنا محمد بن عبيد، عن ابن مبارك، عن معمر، عن مطرف، عن معاوية بن قرة، عن علي -عليه السلام- أنه سئل عن بيض نعام؟، فقال: فيه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((قد سمعت ما قال علي، ولكن هلم إلى الرخصة، عليك في كل بيضة صوم يوم أو إطعام مسكين)).
حدثنا محمد، حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن غياث، عن ابن جريج، عن عبد الله بن ذكوان أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عن محرم أصاب بيض نعام؟ فقال: ((في كل بيضة صيام يوم أو إطعام مسكين)).
حدثنا محمد، حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن أشعث، عن ابن سيرين، قال: قضى في بعض النعام يصيبه المحرم في كل بيضة صيام يوم، أو إطعام مسكين.
حدثنا محمد، حدثنا محمد بن عبيد، عن محمد بن ميمون، عن جعفر، عن أبيه أن علياً كان يقول: في الصيد إذا أدركتها وهي تركض برجلها، أو تطرف بعينها، أو تحرك ذنبها فهو ذكاتها.
حدثنا محمد، حدثنا محمد، عن صالح بن موسى الطلحي، عن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- أنه سئل عن صيد البحر، وعن الحيتان والجراد، ذكي ذكاتها صيدها.

(2/371)


حدثنا محمد، حدثنا عباد، عن إسماعيل، عن عياش، عن عبد العزيز، عن وهب بن كيسان، وتميم بن عبد الله، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((كلوا مما حسر عنه البحر، وما ألقى، وما وجدتموه ميتاً طافياً فوق الماء فلا تأكلوه)).
حدثنا محمد، حدثنا عباد، عن ابن العوام، عن عمر، عن عامر، عن حماد، عن إبراهيم قال: ما وجدت في الساحل فكل، وما نضب عنه الماء فكل، وما وثب في السفينة فكل، وما مات في مصيدتك فكل، وما طفا على الماء فلا تأكل.
حدثنا محمد، حدثنا عباد بن العوام، عن حجاج، عن حصين بن الحارفي، عن عامر، عن الحارث، عن علي قال: (إذا أصبت الصيد فقطعت منه يداً أو رجلاً أو شيئاً فكل الصيد، ولا تأكل الذي قطعت منه).
حدثنا محمد، حدثنا عباد، عن سعيد بن عمرو، عن مسعده العبدي، عن جعفر، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لا يصاد الطير بالليل، فإن الله سبحانه وتعالى جعل الليل أمناً لها)).
حدثنا محمد، حدثنا أبو كريب، عن جعفر، عن أشعث، قال: إذا أكل السراب وشرب فلا تأكل.
حدثنا محمد، حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن ابن جريح، عن عطاء، قال: إذا أكل فلا تأكل، وإذا شرب فكل، وهو قول أبي حنيفة.
حدثنا محمد، حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن حجاج، قال: سألت عطاء عن الكلاب تنفلت من مرابطها فتأخذ الصيد فتقتله، فقال: كل.

(2/372)


حدثنا محمد، حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن حجاج، عن معروف بن أبي معروف، قال: لقينا ابن عمر، وقد أخرجنا أكْلُباً لنا، فقال: إذاً فقولوا: بسم الله، اللهم، اهد صدورها.
حدثنا محمد، حدثنا عبد الله بن منصور، حدثنا أحمد بن عبدة، حدثنا عيسى بن يونس، عن إسحاق، عن مجالد، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن صيد البازي؟ فقال: ((ما أمسك عليك فكل)).
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي عن أبيه، عن جده، قال: لما توفي الحسن بن علي بن أبي طالب -عليه السلام- و وارته بنو هاشم في لحده، وحثوا عليه التراب، وقف محمد بن الحنفية على شفير قبره فاغْرَوْرَقَت عيناه، ثم قال: لئن عزت حياتك لقد هدت وفاتك، ولنعم البدن تضمنه روحك، ولنعم الكفن كفن تضمنه بدنك، وكيف لا يكون كذلك وأنت سليل الهدى، وخلف أهل التقى، وابن خير النساء، وخامس أهل الكساء، وعمك الطيار في الجنة حيث يشاء، وجدك النبي المصطفى، وأبوك الذائد عن الحوض غدا، غذتك أكف الحق، وربيت في حجر الإسلام فطبت حياً، وطبت ميتاً، وإن كانت أنفسنا غير طيبة بفراقك، ولا سالية عن الحياة عنك فإنك، وأخوك لسيدا شباب أهل الجنة لا شك فيه لكما، وأبوكما والله خير منكما.
ثم قام وأخذ بيد الحسين بن علي فقال: قم بأبي وأمي، فعلى أبي محمد السلام.
حدثنا محمد، حدثنا محمد بن جميل، عن إسماعيل بن صبيح، عن عامر، عن جابر، عن أبي جعفر قال: نكره الطافي على البحر، وما نبذ الماء ميتاً، فأما الذي تخرجه الحديدة ميتا، أو تخرجه الشبكة فكله وأنت غير حرج.

(2/373)


حدثنا محمد، حدثنا إسحاق بن حبيب، عن برد الإسكافي، قال: سألت جعفر بن محمد، عن شعر الخنزير تخرز به الأسكاف؟ قال: تغليه في ماء حار، فإن خرج له دسم فلا تخرز به، وإن لم يخرج دسم فاخرز به.
حدثنا محمد، حدثنا عباد، عن مثنى بن الصباح، قال: سألت عبيد الله بن الحسن عن شعر الخنزير يخرز به الأساكفة؟ قال: يغلى فإن خرج له دسم فلا تخرز، لا خير فيه، وإن لم يخرج فلا بأس يخرز به الأساكفة.
حدثنا محمد، حدثنا أبو كريب، عن حفص، عن أبي الحسن، أرى اسمه علي، عن أبي جعفر قال: لا بأس بشعر الخنزير يخرز الأساكفة.
حدثنا محمد، قال: أخبرني أبو كريب، عن حفص، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، قال: لا بأس بشعر الخنزير تخرز به الأساكفة.
حدثنا محمد، حدثنا عباد، عن سعيد بن عمر، عن مسعدة العبدي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن حمزة قال: قضى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في كلب الصيد أربعين درهماً، وفي الراعي شاة، ورخص لأهل القاصية في اتخاذ الكلب، وقال: ((اقتلوا منها كل أسود بهيم ذو عينين)).
حدثنا محمد، حدثنا عباد، عن عبيد بن محمد بن قيس، عن أبيه قال: كان نافع يفتي أهل مكة في الصيد يصاد في الحل فيدخل الحرم، قال: لا بأس به.
فأرسل أبو جعفر فنهاهم، وكان لا يفتيهم وكف.

(2/374)


حدثنا محمد، حدثنا جعفر بن محمد بن عبد السلام، حدثنا أبو خالد، عن ابن جريح، عن أبي الزبير، عن عبدة بن عمير، قال: إذا طرفت بعينها، أو مصعت بذنبها، أو تحركت فقد حل لك، قال: فقلت لعطاء: أرأيت صيدا تَرَدّى من جبل فانقطع رأسه وهو يتحرك لم يمت، أذكيه؟ قال: لا.

باب ماذكر في القدر
الحمدلله وحده
اعلم -وفقنا الله وإياك للصواب- أن هذا الباب وهو باب ماذكر في القدر، والمشيئة، والإرادة، والاستطاعة، وخلق الأفعال، وقدم القرآن، وغير ذلك مما هو بعينه نصوص مذاهب الأشعرية وسائر الجبرية التي لاريب فيها ولا إشكال، ولاتأويل ولااحتمال، وهذه الأبواب غير موجودة في النسخ الصحيحة، وقد نبهت على ذلك في مبحث (الجامع الكافي) وفي (لوامع الأنوار) فقلت: وحاشا نجوم آل محمد -صلوات الله عليهم- عن جهالات الجبرية القدرية سادات البرية، والعدل هاشمي والجبر أموي، وغير بعيد من بعض الناظرين دعوى التمكن من التأويل، والإتيان بما قد كثرت فيه الأقاويل، من معنى الخلق والقدر ونحوها، ونقول: قد أبرزنا ما يلزمنا، وعرضنا ماعندنا على باب ذوي الألباب، العالمين بفصل الخطاب، ولعلنا والحمدلله تعالى أحرص على صيانة أمثال هذا الكتاب:
والحق أبلج ما تخيل سبيله*** والحق يعرفه أولوا الألباب
والغرض بحمدالله قول الحق، ورد الباطل المختلق، والله ولي التوفيق. وكتب: عبدالرحمن محمد شمس الدين -وفقه الله تعالى-.

(2/375)


قال مولانا الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي -أيده الله تعالى- بعد ذلك: نعم، وقد وقفت بعد ذلك على نسخه في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء تحت رقم (38) ص (348) وفيها مالفظه: قال في الأم المنقول النسخة معها ما لفظه: وصحت روايته جميعه سوى هذين البابين، أولهما باب صيد السمك، قلت: وعني بالثاني باب ما جاء في القدر، قال: فإنهما غير مسموعين في أي النسخ المسموعة لنا، صحّت روايتي لجميعه عمن أثبت اسمها في أول الكتاب على الوجه المذكور هنالك، وأرويه أيضاً عن الأميرين الأجلين، السيدين الكبيرين شيخي آل رسول الله -صلوات الله عليه وعليهما- شمس الدين وبدره يحيى ومحمد ابني أحمد بن يحيى بن يحيى بن الهادي -عليهم السلام- إجازة، وكتب محمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن الوليد القرشي العبشمي. انتهى. إملاء مولانا الإمام الحجة: مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي -أيده الله تعالى بتأييده، وحفظه بما حفظ به الذكر المبين- وكتب إبراهيم بن مجدالدين بن محمد المؤيدي -وفقه الله تعالى.
حدثنا محمد بن منصور، حدثنا أحمد بن صبيح، عن حسين بن علوان، عن سعيد بن طريف، عن عباية قال: كنت جالساً عند على بن أبي طالب -عليه السلام- فجاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إن قوماً يزعمون أن المشيئة إليهم، فإن شاؤا عملوا خيراً، وإن شاؤا عملوا شراً.

(2/376)


فالتفت إلى عباية، فقال: ياعباية، رحم الله امرأً مسلماً قرأ ثلاث آيات من كتاب الله، فأيقن بهنَّ لسانه.
فقلت: ومَا هنَّ يا أمير المؤمنين؟
قال: أما أولهنَّ:?مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ?[فاطر:107].
وأما الثانية: قوله لمحمد -صلى الله عليه وآله وسلم-: ?إِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ?[يونس:107].
والثالثة: ?وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ?[هود:6].
يا عباية، إن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق، وشاء لهم جميعاً الهدى فلم يهتدوا كما شاء لهم، وشاء لهم إبليس الضلالة، فلم تنفذ مشيئته في خلقه حتى يهتدوا، فقد زعم هذا الزاعم أن إبليس أقوى في مشيئته من الله حيث شاءلهم الهدى، وشاء لهم إبليس الضلالة، فمن قال هذه المقالة فقد وَهَنَ الله في ملكه، وجعل لله شريكاً في حكمه، وبَرِئْنَا إلى الله يوم القيامة منه.

(2/377)


قال أبو جعفر: قلت لأبي عبد الله: إن قوماً يزعمون أن الله لا يضر ولا ينفع، فقال: بلى، والله إن علم الله هو السابق لَيَضُر وينفع، وذكر فيه كلاماً وشرحاً لم أحفظه، وذكر فيه آيات من القرآن:?وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ?[الدخان:32]. وذكر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، واختيار الله إياه.
حدثنا محمد، حدثنا علي بن عبد الله، عن أبيه، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن أول مَا خلق الله القلم، ثم خلق الدواة، وهو قوله:?ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُون?[القلم:1].
قال له:خط كل شيء هو كائن إلى يوم القيامة من خلقٍ أو أجلٍ أو رزقٍ أو عملٍ، وإلى مَا هو صائر إليه من جنة أو نار.
ثم خلق العقل فاسْتَنْطقه فأجابه، ثم قال له: استدبر، فأدبر، ثم قال له: أقبل، فأقبل، فاستنطقه فأجابه، فقال: وعزتي، مَا خلقتُ خلقاً هو أحبُّ إليّ منك، بك آخذ، وبك أعطي، أما وعزتي لأكملنك فيمن أحببت، ولأنقصنك فيمن أبغضت.
فأكمل الناس عقلاً أَخْوَفُهُم لله، وأطوعهم له، وأنقص الناس عقلاً أخوفهم للشيطان وأطوعهم له)).

(2/378)


حدثنا محمد، قال: حدثني علي، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن العبد لتكوننَّ له المنزلة من الجنة لا يبلغها إلا شيء من البلاء حتى ينزل به الموت، ومَا بلغ تلك الدرجة فيشدد عليه الموت حتى يبلغها)).
حدثنا محمد، قال: حدثني أبي، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: والله ماكذبت، ولا كُذِّبت، ولا ابتدعت، مَا أُنزلت هذه الآية إلا في القدرية خاصة: ?إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ، يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ، إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ?[القمر:47-49] وإنهم المسوخ من هذه الأمة.
حدثنا محمد، حدثنا ابن يحيى، عن جعفر بن محمد، قال: لا أحفظ من بينه وبينه، قال: قيل لجعفر بن محمد: العباد مفوض إليهم؟ قال: لا. قيل: فمجبورون؟ قال: لا. قيل: فدون ذلك شيء.
قال: ستر من ستر الله احتجب به عن خلقه.
حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن صبيح، عن حسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه في قوله سبحانه وتعالى: ?وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ?[الإسراء:13] قال: هو مَا قُدِّر له.
حدثنا محمد، حدثنا حرب بن الحسن، عن سعيد بن عمرو، عن زيد بن علي، قال: أشرك القدرية من حيث لا يعلمون، ثم قرأ: ?وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ?[الأنعام:23].

(2/379)


باب الاستطاعة
قال أبو جعفر: سألت أبا عبد الله أحمد بن عيسى، عن تقدمه بالاستطاعة، والفعل بعد الاستطاعة، وليس حيث مذهب المعتزلة: الاستطاعة: هي الآلة التي خلقها الله: الفؤاد، والسمع، والبصر، والبدن، والأدم التي خلقها الله لابن آدم مُذْ هو صغير، فإذا بلغ الحنث كلف العمل، والعون والتوفيق من الله يوفق أو يخذل، ويعين ويدع، يفعل مَا يشاء.
تكلم أبو عبد الله في هذا الكلام وشرح شرحاً لم أحفظه، وذكر أبو عبد الله الاستطاعة وهي عنده على وجوه، من ذلك قوله تعالى:? هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ?[المائدة:112].
قال: قد علموا أنه يستطيع، وإنما أرادوا: هل يفعل ربك؟ ومن قال: هل يستطيع ربك، قال: تستطيع أن تسأل ربك. ووجه آخر ذكره أبو عبد الله لم أحفظه، وقال: قوله تعالى:?وَكَانُوا لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا?[الكهف:101].

(2/380)


باب في أفاعيل العباد
قال أبو جعفر: سألت أبا عبد الله عن أفاعيل العباد مخلوقة؟
قال: نعم، مخلوقة، وقد سئل علي، فقال: هي من الله خلقاً، ومن العباد فعلاً، ولا تسأل عنها أحدًا بعدي.
قال أبو عبد الله: إنما يعذب العباد على فعلهم لا على خلقه.
حدثنا محمد، حدثنا علي بن أبي عبد الله، عن أبيه، قال: سأل رجل أمير المؤمنين -عليه السلام- عن أعمال العبد، أشيء هي منهم، أم من الله؟
فقال: خلقها الله، وعملها العباد، لا تسأل عنها أحداً بعدي
قال محمد: قيل لأبي عبد الله -رحمه الله تعالى: فالمعاصي بقضاء وقدر؟
قال: نعم، حكم الله أن سيكون ماسبق في علمه من أفعال العباد، وثبت القدر خيره وشره، ويقول: الإيمان مَنّ مَنّه الله على أوليائه، وتوفيق، وعصمة لتصديق علمه السابق، الذي لا يبطل بعد الحجة لصحة العقل، وبما مثله تفهم المخاطبة، فإن لم يفهم فهو مقطوع العذر لكمال علقته، وسلامتها من الآفات المانعة لهم.

(2/381)


باب الجواب في القرآن
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني محمد بن إسماعيل، عن أبي فديك، عن ابن أبي ذيب، عن الزهري، عن الحسن بن محمد بن الحنفية، قال: سألت أبي مَاسمعت عن أبيك علي في الكتاب؟ فقال: مَا سمعته يذكر فيه شيئاً، ولكنه كتاب الله وكلامه
قال محمد: ذاكرت عبد الله بن موسى قول من يقول: القرآن مخلوق، فقلت أدركت أحداً من آبائك يقول به؟
قال: لا.
قال أبو جعفر: وكان يكره الكلام فيه وفي غيره مما أحدث الناس، وكان عبد الله بن موسى إذا ذكر له رجل ممن يتكلم، ومما أحدث الناس من الكلام، قال: اللهم، أمتنا على الإسلام ويمينك.
قال محمد: سألت أبا عبد الله -عليه السلام- عن الجنة والنار خلقتا؟
قال: هما مخلوقتان، قد خلقهما الله، وأسكن آدم الجنة، وأخرج إبليس منها.

(2/382)


باب في الأطفال ومَا يصيبهم من الآلام
قال محمد: أخبرني رجل أثق به أنه سمع من قاسم بن إبراهيم: سألت عمَا يصيب الأطفال من الألم كيف كان الله عزَّ وجل فيما يصيبهم به غير ظلاّم، ولو فعل بهم غيره لكان لهم ظالماً؟
قيل لهم: لا حول ولا قوة إلاّ بالله، الفرق عند من أنصف أبين من كل بيان؛ لأن الله عزَّ وجل ولي كل مَا بالأطفال من نعمة، وليس بمأمور ولا منهي في شيء في ذلك، الشكر واجب فيما بهم من نعمة وحسنة، وليس لهم في ذلك على الله نعمة واجبة، وكل مَا وصل إليهم من الله من ألم أو أذى ففيه موعظة وعبرة لأولي النهى، ودليل على قدرة الله، ولو كان يلزم في ذلك شيء من التجويز والظلم للزم فيما هو أكبر من ذلك من موتهم الذي هو آلم الآلام، وكذلك أيضاً كان يلزم من موت الأبرار، فهم أكثر من الأطفال، وليس في هذا والحمد لله مسألة يلزم بها تعنيف، ولا يعتلّ بها إلاّ كل متحير.
حدثنا محمد، قال: حدثني عبد الله بن محمد: أنه كان حاجاً أو معتمراً مع أبيه عبد الله بن الحسن، فلما مروا بعرق الظبية، إذا بجعفر بن محمد جالس في ظل العرق، فاتكأ عبد الله بن الحسن على جناح المحمل، ثم قال: يا جعفر بن محمد.. قال: لبيك يا أبا محمد، لا ورب هذه البنية الحرام التي أنا متوجه إليها مَا الأمر إلاّ الذي تعرف، ولا الدين إلاّ واحد، وإنه ليكذب عليّ كل ماتسمع.
حدثنا محمد، قال: أخبرني قاسم بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يا علي، يكون قوم يهلكون بادعاء حبك، لهم نبز يعرفون به، يقال: لهم (الرافضة)، إن أدركتهم فاقتلهم فإنهم مشركون)).

(2/383)


قال قاسم: فكنت أهاب هذا الحديث، ثم نظرت فإذا هم مشركون من وجوه.
حدثنا محمد، قال: حدثني علي بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد قال: كنا جلوساً عند أبي جعفر محمد بن علي، فقال له رجل من الأنصار يسمى سعد: يا بن رسول الله، إن قوماً يأتوننا من المشرق فيحدثوننا بأحاديث، فإما قوم ضللنا، وإما قوم كتمنا، والحجة على من كتمنا.
فقال: كيف؟
قلت: ياسعد، فرد عليه المسألة.
فقال: هي ياسعد.
فقال: هو أعظم من أن أواجهك به.
قال: عزمت عليك لما جئت به.
فقال: يزعم قوم أنك تعرف شيعة آل محمد بأسمائهم وأسماء عشائرهم.
فقال: ويحك! والله مَا أظن من يستحل دماءنا وأموالنا تقول هذه المقالة.
ويزعم قوم أنك تركب بغلة رسول الله الشهباء فتصلي بهم بالكوفة الجمعة، ثم تروح إلينا بالمدينة، ويزعم قوم أنكم سترجعون أنتم وعدوكم إلى الدنيا فتقتصون منهم مَا أتوا إليكم قبل الآخرة.
ويزعم أنكم تأمرون نساءكم الحيض إذا هنَّ طهرن أن يقضين مَا جلسن في حيضهنَّ من صلاة.

(2/384)


قال: هي ياسعد..قال: حسبي، أخرجني من هؤلاء الأربع.
قال: أما قولك: إني أعرف شيعة آل محمد بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم، فهذا بيتي ليس له باب سوى هذا الباب، وفيه يكون أهلي، وتالله مَا أدري من يدخل إليهم ولا من يخرج من عندهم ولا يتحدثون به، فكيف أعلم بما هو ناءٍ عني؟.
وأما قولك: إني أركب بغلة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الشهباء فأصلي بالكوفة الجمعة، ثم أروح إلى المدينة، فوالله مَا رأيت بغلة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قط، ولا رأيت الكوفة في نوم ولا يقظة.
وأما قولك: إنَّا نرجع نحن وعدونا إلى الدنيا فنقتصّ منهم مَا أتوا إلينا قبل الآخرة، فكفى بعقوبة الآخرة نكالاً، فوالله لو نعلم ذلك مَا سكنَّا مساكنهم ولا اقتسمنا مواريثهم، ولا خلفنا على نسائهم، ولا أنكحنا نساءهم غرائب في غيرنا، ووالله إن كانت وصية الحسن للحسين إذْ قال له: يا أخي، إن تحتي ثلاث نسوة فقد رضيت لك تبعلهنَّ فاخلف عليهنَّ، فخلف على امرأتين منهنَّ، وأبت الثالثة وقالت له: ليس يمنعني أن لا تكون كفواً، ولكن عليّ أن لا يجتمع رأسي بعد الحسن ورأس أحد أبداً.
ويحك يا سعد!! فإن رجع الحسن والحسين لأيهما تكون؟ إذا رأيت أسماء بنت عميس كانت تحت جعفر بن أبي طالب فقتل شهيداً مع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، ثم خلف عليها بعد أبو بكر علي، فإذا رجع القوم لأي الثلاثة تكون إذاً؟

(2/385)


وأما قولك: إنَّا نأمر نساءنا الحُيَّض إذا طهرن أن يقضين مَا جلسن في حيضهنَّ من الصلاة، خالفنا كتاب الله ربنا وسنة نبينا، إذن فقد كانت أزواج رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أمهات المؤمنين يرين مَا ترى النساء، فيقضين الصوم ولا يقضين الصلاة، وقد كانت أمنا فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ترى مَا ترى النساء فتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، بل نأمر نساءنا الحيض إذا كنَّ في وقت الصلاة أن يسبغن الوضوء، ويستقبلن القبلة، من غير أن يفرض صلاة، ولا يدخلن المسجد، ولا يقرأن قرآناً فيسبحن ويكبرن.
فقال له رجل من القوم: يكبرن إذا دخلن، ويسلمن إذا خرجن؟
قال: ويحك!!.. قد فرض إذن.
قال محمد: سألت أبا عبد الله عن الرجعة؟ فقال: باطل.
وقال أبو عبد الله: قد ذكرت لأبي جعفر، فقال: تزوج الحسين بعض نساء الحسن، فإذا رجعوا لمن تكون منهما للأول أو للآخر؟
قلت لأبي عبد الله: يصلى خلف من يقول بها؟
قال: لا.
قال محمد: سألت قاسم بن إبراهيم عن الرجعة؟ فلم يثبتها، ولم يذكر أنه أدرك أحداً من أهله أثبتها.

(2/386)


باب في المرجِية
قال محمد: سألت أبا عبد الله عن الإيمان قول وعمل؟
قال: الإيمان قول وعمل، ثم قال: والقول عمل. وقال أبو عبد الله: الإيمان: المعرفة، والإقرار.
قال الله تعالى: ?وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى?[الأعراف:172] وقوله تعالى: ?وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ?[الزخرف:87].
قلت لأبي عبد الله: الإيمان يزيد وينقص؟
قال: نعم. قلت: مَا معنى زيادته ونقصانه؟ فذكر الأعمال، وزيادة الإيمان يزداد بالطاعة من الصوم والصّلاة وغير ذلك مما يقرب إلى الله، ونقصان العمل بالمعصية، ومَا يباعد عن الله، وقال: مَا العَوْن والمَنّ والتوفيق؟ وشرح أبو عبد الله فيه شرحاً لم أحفظه، وذكر آيات من القرآن الكريم.
حدثنا محمد، قال: حدثني علي بن أبي عبد الله، عن أبيه، أنه سئل عن الإيمان يزيد وينقص؟
فقال: الإيمان تام في كل الأحوال، لا يكون ناقصاً، ولكن يزداد باليقين والإخلاص على قدر مَا يخص بذلك منه.
ويزداد بالأعمال والفرائض الواجبة عليه، وهو في كل الأحوال تام لاينقص، وهو التصديق بما جاء به محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-، والإسلام: إقامة مَا شرع من شرائع الدين والانقياد له، فهذا معنى الإيمان

(2/387)


والإسلام وهو جملة، ومن الدليل عليه قوله تعالى ذكره: ?قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ?[الحجرات:253] وذلك لما أظهروا من التصديق، ولم يكن عنه اعتقاد يقين وإخلاص، فكان ذلك غير مقبول عند الله، والإسلام مَا أقاموا به من شرائع الدين.
فقال أمير المؤمنين -عليه السلام-: بما سماهم الله، يقول الله تبارك وتعالى:?تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ...? إلى قوله: ?وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيد?[البقرة:253].
فنحن الذي آمنوا، وهم الذين كفروا.
قال محمد: وسئل أبو عبد الله: أكان أمير المؤمنين في براءة من أهل حزبه أو ولاية، وسئل عمَا يُرْوَى عن أمير المؤمنين -عليه السلام- أنه كان يأخذ مَا وجد في عسكره في حزبه إذا انقضت ردة عليهم أو على ذراريهم؟
فقال: مكذوب عليه.

(2/388)


باب مسائل لأبي عبد الله في التفسير وغيره
قال محمد: سألت أبا عبد الله عن قول الله تعالى: ?أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ?[الإسراء:78] قال: زوالها.
قلت: إنه يروى عن ابن مسعود أنه قال: دلوكها: غروبها، وقال: دلكت براحي، فقال لي أبو عبد الله: تدري مَا معنى دلكت براحي؟
قلت: مَا هو؟
قال: كان راعٍ يطلب إبله أو قال غنمه، فلما زالت الشمس ستر بصره براحته، ووضع أبو عبد الله راحته فوق حاجبه ورفع رأسه، وقال: قال الراعي: ثبتت قدما رباح طلعت حتى دلكت براحي.
قال: طلعت حتى دلكت براحي، يقول: حتى زالت.
قال أبو عبد الله: ولكن العرب قد تخفف، ربما سقط الشيء كان يطلب غنمه أو إبله مذ طلعت الشمس حتى زالت.
قال محمد: سألت أبا عبد الله عن قوله: ?وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ?[القيامة:22-23] فقال: ناضرة: ناعمة، إلى ربها ناظرة: تنتظر الثواب.
قال محمد: سألت أبا عبد الله مَا يقول في قوله تعالى: ?لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا?[الأعراف:179].
قال: هذا على العيب لهم، وكانوا لا يستطيعون سمعاً، إنما هذا على الكراهية إذا سمعوا الحق وذكر الله فرغوا من ذلك.

(2/389)


قال محمد: سمعت أبا عبد الله يقول في قول الله تبارك وتعالى:
{هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ}[المائدة:112].
قال: قد علموا أنه يستطيع، وإنما أرادوا: هل يفعل ذلك؟
قال أبو عبد الله: ومن قال: هل يستطيع ربك، قال: هل تستطيع أن تسأل ربك؟ ووجه آخر ذكره أبو عبد الله.
قال محمد: قلت لأبي عبد الله: كيف تقرأ أنت ?هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّك?، بالياء، أو (هل تستطيع) بالتاء؟
وأما مَا أقرأ فلست أعدل بقراءة علي -رحمة الله تعالى عليه-: (هل تستطيع ربك)، بالتاء.
قال محمد: قلت لأبي عبد الله: إن جعفر بن محمد كان يكره أن يقرأ بنسر، وولده، وحرم، وبالنخل. وكان يقرأ: بنصر، وحرام، وولدوا، بالنحل.
قلت لأبي عبد الله: كيف تقرأ أنت؟ قال: قلت أخرى، ثم قرأ: ?وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ?[الأنبياء:95].
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو عبد الله، عن أبيه أنه سئل لِمَ صارت بغلة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وسلاحه عند علي دون العباس، والعباس أقرب رحماً من رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- من علي؟
فقال: لقول رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من يقضي عني عداتي وديوني، وتكون له تركتي))؟ فضمنها علي، فمن هذا الوجه صارت له تركة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- دون العباس.

(2/390)


قال محمد: وسئل أبو عبد الله عن قول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لعلي يوم غدير خم: ((اللهم، وال من والاه، وانصر من نصره، وعاد من عاداه)).
قال: يقول: هو في حلالته لكم وليّ لا يكون أن يكون في حاله يراه أبداً، ويمكن ذلك في غيره كائناً من كان فنصب لهم عَلَماً عند الاختلاف والفرقة.
وسئل عن الولاية، أفرض كسائر الفرائض؟
فقال: نعم، لنداء النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بها له، وإن جهلها رجل فلم يتولّ لم ينقطع عنّا بذلك عصمته، وإن تبرأ وقد علم انقطعت عصمته، وكان منَّا في حد براءته، نقول: براء مما دان به، وأنكر من فرض الولاية، لا براء يخرج بها من حد المناكحة والموارثة وغيره مما تجري له أحكام المسلمين بينهم بعضهم في بعض على من أو فقنا في الولا ية، وأنجابها في المناكحة والموارثة، غير أن هذا الموافق معتصم بما قد اعتصمنا به من الولاية، ونحن من الآخر في حد البراءة من فعله وقوله على مثل هذه الجهة، لا على مثل البراءة منَّا من أهل الشرك واليهود والنصارى والمجوس، فهذا وجه البراءة عندنا ممن خالفنا.
قال محمد: وقال أبو عبد الله: يتولى أمير المؤمنين -رحمة الله عليه- في ظاهره وباطنه، ويوجب له العصمة، وليس ذلك لغيره من الأمة، ولو أن رجلاً تبرأ منه لشيء من أعماله، وترك ولايته لشيء منها، ولو أن رجلاً قال: أنا أتولى رجلاً من المسلمين لظاهر عمله وأموره، وأتبرأ منه

(2/391)


لشيء قد اطلعت عليه من باطن أمره لم تجب علينا البراءة ممن قال هذا، ولكنَّا نقول: إنَّا نتولاه على مَا ظهر من أعماله وفعاله، وأنت أعلم ومَا تقول فيه، ولو قال: أتبرء من علي لوجه من الوجوه، لا عماله وفعاله وغير ذلك، قلنا له: قد تبرأت ممن أمر الله تعالى بولا يته، وقد أخبرنا بعصمته، وقد وجبت البراءة منك، وليس ذلك لغير علي.
قال محمد: وقال أبو عبد الله: التقية جائزة لغير الحجة مَا كان باللسان دون العقل، ولا تقية في العقل لأحد، ولا تقية للحجة في أمر ونهي، وهو النبي ومن بعده ممن أخبر الله بعصمته أن يقولوا في كل أقوالهم الحق، قبل منهم ورد عليهم.
حدثنا محمد، قال: حدثني ابن أبي عبد الله، عن أبيه أنه كان يتقي التشبيه، ويقول: هو عزَّ وجل موجود في كل مكان بلا كيفية، قال: كل شيء في القرآن جاء ربك، ويأتي ربك وأشباه هذا، وهو جاء أمر ربك، ويأتي أمر ربك.

(2/392)


قال محمد: وسئل أبو عبد الله عن العرش؟ فقال: ومَا ينكر أن يكون الله خلق العرش ليتعبد به الخلق كما تعبدهم بنصره، فقال:?إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ?[محمد:7] وكان غنياً عن نصرهم، وإنما أمرهم ليتعبدهم به، فتعبد الخلق بالإيمان بعرشه، وهو بكل مكان موجود، وعلى كل نفس رقيب، وبكل شيء محيط، ?مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ.... أَيْنَ مَا كَانُوا?[المجادلة:7] ?وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ?[الأنعام:6].
حدثنا محمد، قال: وسئل أبو عبد الله عن أمر عثمان؟ فقال: مَا في أمره شبهة على ذي عقل وعلم، والدليل على ذلك أن أمير المؤمنين لم يقُدْه منه، ولم يَدِه من بيت المال، ولو لزمه ذلك مَا تركه لشيء. قال: وقال أبو عبد الله: لايعدو الأمر في عثمان من أن يكون على واحد من ثلاثة أوجه: إن كان قُتِل بحق فلا ِديَة ولا قَوَدَ على قاتله، وإن كان قتل مظلوماً وقاتله لا يُعرف فالدية من بيت المال، وإن كان قتل مظلوماً وقاتله معروف قيد به.

(2/393)


باب فضل أهل بيت النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن زيد بن علي في قوله:?ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا?[فاطر:32] قال: نحن أولئك.
حدثنا محمد، حدثنا محمد بن راشد، عن عيسى، عن عبد الله، عن أبيه، عن زيد بن علي، قال: نزلت هذه الآية فينا?ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا..?[فاطر:32] إلى آخر الآية.
حدثنا محمد، حدثنا علي بن حسن بن علي بن عمر بن علي بن حسين، عن إبراهيم بن رجاء الشيباني، قال: قلت لجعفر بن محمد: مَا أراد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بقوله لعلي يوم الغدير: ((اللهم، من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه))؟

(2/394)


حدثنا محمد، حدثنا يحيى بن حسين الأسدي، عن محمد بن مساور، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، قال: الأئمة المفترضة طاعتهم منَّا أهل البيت أربعة: علي، والحسن، والحسين، والقائم.
قال أبو جعفر:سألت قاسم بن إبراهيم عن إمامة علي كيف كانت من رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم؟
قال: بالدلالة، والإيماء.
حدثنا محمد، حدثنا حسن بن حسين، عن يحيى بن مساور، عن غالب بن عثمان الهمداني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ذات يوم وعنده أصحابه: ((نقي القلب، نقي الكفين، يقول صواباً، ويمشي سداداً، تزول الجبال ولا يزول))، قالوا: من هو يارسول الله؟
قال: ((علي بن أبي طالب)).
حدثنا محمد، حدثنا موسى بن سلمة، عن محمد بن جعفر، عن أبيه، عن جده، قال: افتقد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عليا فاغتم غماً شديداً، فلما رأت خديجة ذلك، قالت: يارسول الله، أنا أَعْلَم لك علمه، فشدت بعيرها ثم ركبت فلقيت علي بن أبي طالب، وقالت له: اركبه وأْتِ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فإنه بك مغتم، فقال: مَا كنت لأجلس مجلس زوجة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، بل امضي وأخبري رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
قالت: فمضيت، فأخبرت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فإذا هو قائم يقول:

(2/395)


((اللهم، افرج عني بأخي علي))، قال: فإذا بعلي قد جاء فتعانقا، فقالت خديجة: ولم أكن أجلس إذا كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قائماً، فما افترقا متعانقين حتى ضَرَبَتْ عليّ قدمي.
قال محمد: فسمعت أبا عبد الله يقول: وذكر حسن وحسين قال: لا يجوز عليهما حكم، قلت: مثل أي شيء؟
قال: لا تُقبل عليهما دعوى، قلت: مثل أي شيء؟ قال: مالا يجوز في دين لو أن مُدَّعٍ ادَّعى عليهما سرقة أو مَا أشبه ذلك لم تقبل عليهما دعواه، وإن أقام على ذلك بينَّة، قال: وإلا فسد قول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فيهما.
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو عبد الله، قال: حدثني سليم بن نهيك، قال: جلست إلى سفيان بن عيينة في المسجد الحرام، فجر الحديث بيني وبينه إلى أن قال: قال علي: (لو ثُنيت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل القرآن بقرآنهم)، ثم قال: كان والله يفعل.
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي عن أبيه، عن جده، قال: وقعت جرادة وابن عباس وابن الحنفية يتغديان، فأخذها ابن عباس بيده فقال: يا أبا القاسم مَا سمعت من أبيك في هذا الكتاب الذي في جناحها؟ قال: سمعت أبي يقول: فيها كتاب بالسريانية.
قال: فما هو؟
قال: يقول الله: إني أنا الله لا إله إلاّ أنا، خلقت الجراد جنداً من جندي، أرسله على من شئت من خلقي.

(2/396)


حدثنا محمد، حدثنا موسى بن سلمة، عن محمد بن جعفر، عن أبيه، عن جده، قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- على فاطمة والحسن والحسين يشكوان الجوع، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((قومي يافاطمة، هَلُمّي الطبق من الكوّة)).
فقالت: يارسول الله، مَا في الكوّة طبق.
فقامت فإذا بطبق في الكوّة فيه زبيب كأنه من زبيب الطائف، وكعك كأنه من كعك الشام، وأَقِط كأنه من أقط المدينة، فوضعته بين أيديهما، وإذا بسائل قال: السلام عليكم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((اخسأ)).
قالت فاطمة: يارسول الله، مَا هكذا يُقَال للسائل.
قال: ((إنه إبليس علم أن جبريل جاءه من عند الله للحسن والحسين، فأحبَّ يأكل منه)).
حدثنا محمد، حدثنا عبد الله بن محمد بن سليمان، عن عبد الله بن موسى، عن أبيه، عن جده قال: كانت أمي فاطمة بنة حسين تقول: بني الزم خالك، يعني علي بن الحسين، فما جئته قط إلاّ رجعت من عنده قد استفدت خيراً، إما حديثا عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وإما خوفاً من الله من شدة مَا أرى من خوفه.
حدثنا محمد، حدثنا عثمان، عن جرير، عن شيبة بن نعامة قال: كان علي بن الحسين يبخل، فلما مات وجدوه يقوت أهل مائة بيت من فقراء أهل المدينة.

(2/397)


حدثنا محمد، حدثنا عثمان، عن جرير، عن عمرو بن ثابت، قال: لما غسل علي بن الحسين رئي في ظهره آثار سوداء، قيل: لِمَ هذه؟
قيل: جرب الدقيق والسويق يحملها بالليل إلى فقراء أهل المدينة.
حدثنا محمد، قال: حدثني عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه قال: قال لي أبي: مَا أصبح لنامن المال؟
قلت: أربعين ديناراً.
قال: تصدق بها يستفتح بها الرزق.
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني ابن أبي فديك، عن جدي، عن أمه خديجة بنة علي بن الحسين، عن أبيهما، قالت: سمعت أبي الحسين بن علي يقول: أربعة أرغفة يعطاها الرجل من غير مسألة خير له من أن يعطى مائة ألف رغيف بمسألة.
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن علي بن الحسين بن زيد، عن جده عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: بعث سعد بن عبادة إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بطبق فيه تمر ورُطب، فلما جاء ابنه قيس قال: (أي شيء رأيت)؟
قال: رأيته تشرّف، فلما وضع بين يديه فرآه تمراً ورطباً انكسر، فقال سعد: اللهم لك عليَّ أن أطعم نبيك خير مالي، فقام إلى ناضح عليه ذات سنام عظيم فضرب في لبته، ثم أخذ كبده وسنامه وأطايبه، فبعث به إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في طبق، فلما وضع بين يديه قال: ((اللهم، لاتنساها لسعد)).

(2/398)


قال: وكان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا تزوج امرأة، قال لها: ((إن صحفت سعد تدور عليّ)).
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، أن علياً-عليه السلام- وعمر كانا عند رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: ((اليد العليا أفضل من اليد السفلى)).
قال: فقالا: يارسول الله، وإن كانت العليا يدك؟
قال: ((وإن كانت العليا يدي، وإن كانت العليا يدي))، ثم انصرف.
ثم أتى الصبح -صلى الله عليه وآله وسلم- بشيء فبعث إليهما فرداه، ثم جاءا إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال لهما: ((رددتما))؟
قالا: يارسول الله، قلت: ((اليد العليا أفضل من السفلى))، قلنا لك: وإن كانت العليا يدك؟ فقلت: ((نعم، وإن كانت العليا يدي)).
قال: ((إنماكان ذلك عن مسألة، فأما مَا كان عن غير مسألة فلا)).
قالا: والذي بعثك بالحق لا نسأل أحداً شيئاً أو يداً، أو ليأتينا بشيء من غير مسألة إلاّ قبلناه.
حدثنا محمد، قال: حدثنا عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر بن محمد قال: ذكر زيد بن علي، فقال: ر حم الله عمي، كان والله سيدنا، لا والله مَا ترك فينا للدنيا ولا الآخرة مثله.
حدثنا محمد، حدثنا عبد الله بن محمد العلوي، قال: أخبرني مولى لعمي، عن رافع مولى إبراهيم بن عبد الله، قال:

(2/399)


خرجت مع محمد بن حوائط الالبغيبجات صدقات علي بن أبي طالب -عليه السلام- فقال لي محمد بن رافع: تموت هذه العيون ثم تحيا، ثم تموت، ثم تحيا، ثم تموت ثم تحيا، ثم تموت فلا تحيا أبداً.
قال عبد الله بن محمد: فلقد مَا تت ثم حييت، ثم ماتت ثم حييت، ثم ماتت.
حدثنا محمد، حدثنا إدريس بن محمد، عن يحيى بن عبد الله، قال: حدثني ابن الماجشون عن أبي حسين وكان من أصحاب محمد بن عبد الله، قال: كنت مع محمد بن عبد الله بالحرة، أو قال: أحجار الزيت، فقال لي: يا أبا حسين، هاهنا تقتل النفس الزكية من آل محمد، قارئة القرآن.
قال أبو حسين: فرأيت محمداً بعد ذلك مقتولاً في ذلك الموضع.
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((دعوا جدال كل مفتون، فإن كل مفتون يلقى حجته حتى تشتعل به خطيئته فتحرقه أو يهلك)).
حدثنا محمد، حدثنا عبد الله بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن أمه ابنة الحسين قال: قالت: يابني، لا تجادلوا القرآن بعضه ببعض، فإن ذلك كفر به، واعملوا بحكمه، وردوا علم متشابهه إلى الله.
حدثنا محمد، حدثنا عبد الله، عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ((اتقوا جدال كل مفتون، فإنه يلقى حجته، حتى إذا انقطعت مدته اشتعلت خطيئته فأحرقته)).

(2/400)


حدثنا محمد، حدثنا جعفر بن محمد، عن أبي خالد الأحمر، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: لا تضر بوا القرآن بعضه ببعض، فإن ذلك يوقع الشك في قلوبكم، وقولوا فيه كما قال من قبلكم: ?آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا?[آل عمران:7].
قال: فأسكتُوا، فقال سلمان: أما مجادلة المنافق بالقرآن فإن له مناراً كمنار الطريق، فما عرفتم منه فخذوه، ومالم تعرفوه فكِلوه إلى الله.
وأما دنيا تقطع عنكم أعناقكم فإنه سيكون، فإذا كان ذلك فلينظر الرجل إلى من هو أسفل منه، ولا ينظر إلى من هو فوقه.
و أما زلة عالم، فإن هو اهتدى فلا تحملوه دينكم، وإن هو زل فلا تقطعوا منه أناتكم.
حدثنا محمد، حدثنا علي بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-، قال: (كنا أنا ورسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- جالسين إذْ جاء رجلان من أصحابه فجلسا، وكان بينهما كلام، فقال أحدهما لصاحبه: أنا آتيك بما تصدقني من كتاب الله، وقال الآخر: أنا آتيك بما يصدقني عن كتاب الله، فاتكأ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- على ساعده، ثم خرج إليهما وهو مغضب، فقال: ((أفعلتموها؟! إنما هلكت بنو إسرائيل في هذا، ألا إن ضرب القرآن بعضه ببعض كفر، إنما أنزل القرآن يُصَدّق بعضه بعضاً)).

(2/401)


باب مسائل من التفسير لقاسم بن إبراهيم
قال محمد بن منصور: سمعت قاسم بن إبراهيم يقول في قوله تعالى: ?يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا?[آل عمران:200].
قال: اصبروا على مَا أصابكم، وصابروا عدوكم، قال: مثل قوله تعالى: ?إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ?[النساء:104].
وفي قوله: ?وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ?[القصص:42]، قال: من المقتولين.
وقال قاسم: أما سمعت قول الأعرابي: قبح الجور بالجند.
وقوله: ?وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ...?[الزمر:74]، قال: أرض الجنة.
وقوله: ?قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ?[الفرقان:77] قال: لولا دعاؤه إياكم.
وقوله: ?وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ?[العنكبوت:45]، قال: ذكر الله الدعاء إلى الله.
وفي قوله: ?وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا?[الزمر:69] قال: ربها.
وقوله: ?وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ?[النساء:330]، قال: الموالي هي: الموالاة والقرابة المتوارثون؛ لأنه قد يرث غير القريب، فإنما أراد الله تبارك وتعالى في هذه الآية كل نسب، ألا ترى أن الزوجة والزوج قد يرثان وإن لم يكن بينهما نسب.

(2/402)


وأما قوله سبحانه: ?خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ?[هود:107-108] فهي سماوات الآخرة وأرضها الباقية، وليست هي سماوات الدنيا هذه وأرضها التي هي فانية.
وأما: ?إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ?[هود:107-108] فإنه هو خبر عن قدرة الله على إفنائها إن شاء.
وأما قوله: سبحانه لرسوله: ?قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ?[الزخرف:81]، فإن ذلك من المبالغة في الاحتجاج لله على الجاحدين؛ لأنه قد علم أن لن يأتوا أبداً -ولو جهدوا- بأن لله ولداً.
وأما قول السامري: ?فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ?[طه: 96]، فإن الرسول هو جبريل، والأثر موطئ قدميه، والقبضة قبضة من تراب، فصيرها الله إلى ماصارت إليه من العجل.
وأما قوله: ?كُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ?[يس:12] فإنه يقول سبحانه في علم منَّا عليم.
وأما: ?السَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ?[الزمر:67] فإنما يريد سبحانه قدرته عليهنَّ.
وأما: ?الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ?[ق:17]، فقد قيل: إنهما ملكان لكل إنسان يحفظان منه كل إساءة وإحسان.
وقوله: ?أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ?[ق:24] ممن كنتما معه ?كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ? مما أنتمامعه.

(2/403)


و أما: ?النَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ?[الرحمن:6] فتأويله: يخضعان ويذلان.
وأما: ?الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ?[الحشر:23] فالله هو المؤمن لأوليائه من سخطه، المهيمن: الشهيد فالله الشهيد على أعدائه بمعصيته.
وأما: ?وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ?[التكوير:4] فهي الإبل الحوامل، عطلت: يقول: تركت.
وفي قوله: ?النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ?[الفلق:4] فهي السواحر، والنفث فهو الرقى والتفل، وأما العقد، فهو مَا عقده السواحر يعقد به السير والخيط.
وأما: ?أَصْحَابُ الأَعْرَافِ?، فإنهم أصحاب مَا علا من منازل الجنة.
وأما: ?وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا?[يوسف:26]، فإنه كان رجل من قرابتها له حكمة وفضل.
وفي قوله: ?عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ?[التوبة:43] قال: ليس هو ذنب، ولكل كما بوصل الكلام، يقول الرجل للرجل: عفا الله لك، وليس هو عن ذنب.
قال قاسم: سبحان الله تبرئة لِلَّه.
قال محمد: ذكرت لقاسم بن إبراهيم أنه بلغني أن عبد الله بن الحسن خرج من مسجد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يريد منزله فتبعه رجل يمشي إلى جنبه عن يمينه، فقال عبد الله: حاجتك؟
فقال: مالي جاحة يا بن رسول الله، ولكني رأيتك وحدك فأحببت أن أصل جناحك.
فقال قاسم بن إبراهيم: ليس هو عبد الله بن الحسن، هو جدي إبراهيم بن حسن بن حسن.

(2/404)


قال: فدخل إلى منزله فقال لأم ولده -قال قاسم: قد رأيتها كان اسمها مهدية ـ فقال لها إبراهيم: أي شيء عندي؟
قالت: ليس فيه خمسائه دينار.
قال: ثم أي شيء؟
قالت: ورزمتا الثياب اللتان جاءتا من مصر، رزمتا سطوى.
قال محمد ظننا يومئذ وأنا عند قاسم أن قيمة الرزمتين مائتا دينار.
قال: ادفعوا الرزمتين والخمسمائة دينار إلى هذا الرجل، واعذرونا عنده.
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني الحسن بن علي، قال: كان الحسين بن علي صاحب فَخْ يقول: دَيْنِي على الوالي؛ لأني إنما أسْتَدَين أطعم به المساكين، وأجمل به، وأكسوبه.
حدثنا محمد، قال: حدثني قاسم بن إبراهيم عن أبيه أو غيره أن رجلاً كان له على الحسين بن علي صاحب فَخْ سبعة عشر ألف دينار، فلما أصيب حسين حَلَّلَه منها.
حدثنا محمد، حدثنا علي بن حفص، عن عمرو بن شعيب، عن جعفر قال: يقوم على أعواد الكوفة في سنة تسع وتسعين ومائة في عشر من جمادى رجل منَّا أهل البيت، يباهي الله به الملائكة.
حدثنا محمد، حدثنا أبو علي الرقي، وكان محمد بن إبراهيم في منزله، قال: هاجت ليلة ريح وظلمة شديدة، فلم يزل محمد بن إبراهيم قائماً يقول:?وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ

(2/405)


يَسْتَغْفِرُونَ?[الأنفال:33] أستغفر الله، ثم يعود فيه، فلم يزل يردد هذا حتى قطرت، فلما قطرت جلس، وقال: هذا فعل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جعفر وابن أبي فديك، عن الدراوردي، عن جعفر، وعن أبي جعفر قال: من أخذ بَطْن لحيته بيده اليسرى ثم رفع يده اليمنى بطنها إلى السماء قال: اللهم، عجل فرج آل محمد سبع مرات، فتح الله له ثمانية أبواب الجنة، يدخل من أيها شاء.
قال محمد: سمعت قاسم بن إبراهيم ذكره عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((مَا من مولود يولد من ولد فاطمة إلاّ وبين عينيه نور مشرق)).

(2/406)


حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن صبيح، عن حسين، عن جعفر، عن أبيه، قال: الدعاء يحجب عن السماء حتى يصلى على محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وعلى أهل بيته.
قال محمد: سمعت أبا عبد الله يقول: لا يختلف آل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في حق حكم من الله، وذكر اختلاف أبي جعفر وزيد في نكاح أهل الكتاب.
قال أبو جعفر محمد بن علي: هو حلال، وقال زيد: هو حرام.
قال أبو عبد الله: لم يحرمه زيد بن علي على أن تحريمه حكم من الله، ولو كان كذلك لبرئ من خالفه، وبرئ كل واحد منهما عن صاحبه، ولكن حرمه من جهة النظر على أنه كان عنده كذلك.
حدثنا محمد، حدثنا عباد، عن عمرو بن ثابت، عن أبيه، قال: قلت لأبي جعفر: إنكم تختلفون، قال: إنا نختلف ونجتمع، ولن يجمعنا الله على ضلالة.
باب فضل زيارة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-

(2/407)


حدثنا محمد، حدثنا قاسم بن إبراهيم، قال: حدثني رجل شيخ من بني هاشم كان صوّاماً قوَّاماً، عن أبيه، عن جده يسنده عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من رآني في حياتي أو زار قبري بعد وفاتي صلت عليه ملائكة الله اثنا عشر ألف ألف سنة)).
حدثنا محمد بن إبراهيم بن عبد الله، عن حسن بن عثمان الرواسي، عن معقل، عن جعفر بن محمد، قال: قال الحسن بن علي للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- مَا لمن زارني؟
فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من زارني حياً أو ميتاً، أو زار أباك حياً أو ميتاً، أو زار أخاك حياً أو ميتاً، أو زارك حياً أو ميتاً حقيق عليّ أن أستنقذه يوم القيامة)).
حدثنا محمد، حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة، عن موسى بن هلال العبدي، عن عبد الله العميري، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من زار قبري وجبت له شفاعتي)).
باب فضل زيارة الحسين بن علي -رضي الله عنه-

(2/408)


حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (يُوَكِّل الله بقبر الحسين بن علي أربع آلاف ملك شعثاً غبراً يستغفرون الله له ويدعون لمن جاءه).
حدثنا محمد، حدثنا حرب بن الحسن، عن الشيباني، عن أبي الجارود، قال: قال لي أبو جعفر: كم بينكم وبين قبر أبي عبد الله الحسين بن علي؟
قلت: يوم وليلة.
قال: لو كان منَّا على مثل الذي هو منكم لاتخذناه هجرة. وكم بينكم وبين الفرات؟
قلت له: شيء يسير.
قال: لو كان منَّا على مثل الذي هومنكم لسرني أن لا يأتي عليَّ يوم إلاّ أتيته.

(2/409)


كتاب الزهد والأدب

حدثنا محمد، قال: حدثني أبو عبد الله، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((سبعة تحت ظل العرش يوم لا ظل إلاّ ظله: شاب نشأ في طاعة الله، ورجل دعته امرأة ذات حَسَبٍ ونَسَبٍ إلى نفسها فقال: إني أخاف الله رب العالمين، ورجل خرج من بيته فأسبغ الطهور ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله فهلك فيما بينه وبين ذلك، ورجل خرج حاجاً أو معتمراً إلى بيت الله الحرام، ورجل خرج مجاهداً في سبيل الله، ورجل خرج ضارباً في الأرض يطلب من فضل الله يكفي به نفسه أو يعود به على عياله، ورجل قام في جوف الليل بعدما هَدَأت كل عين، فأسبغ الوضوء ثم خرج إلى بيت من بيوت الله فهلك فيما بينه وبين ذلك)).
حدثنا محمد، قال: حدثني موسى بن سلمة أن الله لَيُحِب الشائب نقي الثوبين.
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبو ضمرة، عن جعفر، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا خطب حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: ((أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله، وإن أفضل الهدي هَدْي محمد، وأشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)) يرفع بها صوته، وتحمر وجنتاه، ويشتد غضبه، إذا ذكر الساعة حتى

(2/410)


كأنه منذر جيش، ثم يقول: ((صبحتكم أو مستكم كهاتين))، ويفرق بين أصبعيه الوسطى والسابة: ((صبحتكم الساعة، من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك دنيا أو ضياعاً فإليَّ وعليَّ)).
حدثنا محمد، قال: حدثني علي بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي قال: كانت جارية خلاسية تلقط الأذى من مسجد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- افتقدها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فسأل عنها؟، فقالوا: توفيت، فقال: ((لذلك رأيت لها الذي رأيت، كأنها في الجنة تلتقط لها من طيب ثمار الجنة)). ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من أخرج أذى من مسجد كانت له حسنة، والحسنة بعشرة أمثالها، ومن أدخل أذى في المسجد كان له ذنباً عليه سيئة بسيئة)).
حدثنا محمد، حدثنا علي، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من تناول من وجه أخٍ له مسلم أذى فَأَرَاه إياه كان له حسنتان، فإن لم يُرِهْ إياه كانت له حسنة)).
حدثنا محمد، حدثنا علي، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: أتي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بثلاثة نفر، فآمنوا بالله ورسوله، فسأل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أكبرهم: ((مَا اسمك))؟

(2/411)


قال: اسمي: وابل.
قال: ((بل اسمك مقبل)).
ثم قال: يارسول الله، إنَّا أهل بيت نعالج بأرضنا هذا الطب، ونكره أن نعالج شيئاً إلاّ بذلك.
فقال: ((إن الله تبارك وتعالى لم يترك داء إلاّ وأنزل له شفاء إلاّ السام والهرم فلا بأس أن تسقوا مَا لم تسقوا مُعْنِتاً)).
فقلت: ومَا المعنت؟
قال: ((الشيء إذا اِسْتَمْسَك في البطن قتل، ليس ينبغي لأحد أن يشربه ولا يسقيه)).
قال حدثنا محمد، قال: حدثني علي، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((اقتلوا من الحيّات مَا ظهر لكم، فإنه لا يظهر من الحيات إلاّ شرارها))، ونهانا عن قتل الحيات التي تكون في البيوت.
حدثنا محمد قال: حدثني علي عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن عبد الله بن الحسن، قال: حدثتني أمي فاطمة بنت الحسين، عن أبيها الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يا علي، احفظ هذه الكلمات فإنهن لا يَقَرْنَ في قلب منافق، ولا يقولهنَّ عبد ثلاث مرات إلاّ خرج من النفاق: اللهم، إني ضعيف فقولي في رضاك ضعفي، وخذ للخير ناصيتي واجعل الإسلام منتهى رضائي، وبارك فيما قسمت لي، وبلغني من رحمتك الذي أرجوه، واجعل لي وداً في صدور المؤمنين، وعهداً عندك)).

(2/412)


حدثنا محمد، قال: حدثني علي، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي هاشم، عن زاذان، عن سلمان قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((عودوا أنفسكم الاستغفار، فإن الله لم يعود كم الاستغفار إلاّ وهو يريد أن يغفر لكم)).
حدثنا محمد، قال: حدثني علي، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي هاشم، عن زاذان، عن سلمان قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وأتاه رجل فشكا إليه بعض مَا يكون منه.
فقال: أين أنت من الاستغفار؟
ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من ختم يومه يقول عشر مرات: استغفر الله الذي لا إله إلاّ هو الحي القيوم، وأتوب إليه، اللهم اغفر لي وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم، إلاّ غفر الله له مَا كان في يومه، أو قالها في ليلة إلاّ غفر الله له ماكان في ليلته)).
حدثنا محمد، قال: حدثني علي، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، قال: كنَّا جلوساً ننتظر عبد الله بن الحسين على باب داره، فلما خرج علينا قمنا في وجهه فقلنا: كيف أنت يا بن رسول الله.
قال: السلام عليكم، كيف أصبحتم؟
ثم قال: ابتدئوا بالسلام ثم المسألة.

(2/413)


حدثنا محمد، قال: حدثني، علي، عن أبيه، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن أبي هاشم، عن زاذان، عن سلمان، قال: خرجت مع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- زائراً لأ نا سِيّة من أهل اليمن كانوا بايعوا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- على الإسلام، فدخل عليهم فجعل يصافحهم واحداً واحداً، فلما خرجنا قال: ((ياسلمان، ألا أبشرك))؟
قلت: بلى يارسول الله، قال: ((ما من مسلم يخرج زائراً لإخوة له مسلمين إلاّ خاض في رحمة الله، وشيّعه سبعون ألف ملك حتى إذا التقوا وتصافحوا كانوا كالكفين تغسل إحداهما الأخرى، وغفر لهم مَا سلف، وأعطوا مَا سألوا)).

(2/414)


باب وصايا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه أن علياً جمع أهل بيته، وهم أحد عشر: الحسن بن علي، والحسين بن علي، و محمد بن علي الأكبر، وعمر بن علي، ومحمد بن علي الأصغر، وعباس بن علي، وعبد الله بن علي، و جعفر بن علي، وعبيد الله بن علي، وعثمان بن علي، وأبو بكر بن علي، فلما اجتمعوا عنده قال: (يا بني، لِيَبرَ صغاركم كباركم، وليرأف كباركم بصغاركم، ولا تكونوا كألاشباه الغواة الجفاة الذين لم يتفقهوا في الدين، ولم يعطوا من الله اليقين، كبيض بيض في أدحيته وَيْحَ الفراخ فراخ آل محمد من خليفة مستخلف عتريف مترف، يقتل خلفي وخلف الخلف، ثم قال: والله، لقد علمت بتبليغ الرسالات وتمام الكلمات، وتصديق العِدات، وليتمنَّ الله عليكم نعمته أهل البيت).
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: بلغني عن عبد الله، عن حسن، عن أبيه قال: دخلت على أمير المؤمنين أسأل به، فقمت قائماً ولم أجلس لمكان ابنته، قال: ودعا الحسن والحسين، فقال: (أوصيكما بتقوى الله، ولا تبغيا الدنيا، ولا تكونا على شيء منها مَا زوي عنكما منها، فقولا الحق، وارحما اليتيم، واعينا الضعيف، وكونا للظالم خصماً، وللمظلوم عوناً، واعملا بالكتاب، ولا تأخذكما في الله لومة لائم)، ثم نظر إلى محمد بن علي بن الحنفية، فقال: (هل فهمت مَا أوصيت به أخويك)؟

(2/415)


قال: نعم، قال: (أوصيك بمثله، أوصيك بتوقير أخويك، وتعظيم حقهما، وتَزْيِين أمرهما، ولا تقطعنَّ أمراً دونهما)، ثم قال: (أوصيكما به فإنه شقيقكما، وابن أبيكما، وقد علمتما منزلته كانت من أبيكما، وإنه كان يحبه فأحباه).
وكان آخر مَا تكلم به بعد مَا أوصى الحسن بما أراد: (لا إله إلاّ الله، يرددها حتى قُبِض -رحمة الله عليه- خمساً.
حدثنا محمد، حدثنا إبراهيم بن محمد، حدثنا عبد الله بن الأجلح، عن عطاء بن السائب، عن زاذان، قال: قال علي: من قال عند الموت: (لا إله إلاّ الله دخل الجنة).
قال: حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، قال: (هذا مَا أوصى به أمير المؤمنين إلى ابنه الحسن: أوصى بشهادة أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، ثم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومما تي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، ثم إني أوصيك يا حسن، وجميع ولدي وأهل بيتي، ومن بلغه كتابي من المؤمنين بتقوى الله ربكم، ولا تموتنَّ إلاّ وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((إصلاح ذات البين أفضل من عامّة الصلاة والصيام، وإن المبيرة

(2/416)


الحالقة للدين فساد ذات ا لبين، ولا قوة إلاّ بالله)) ثم انظروا ذوي أرحامكم فَصِلُوهم يُهَوِّن الله عليكم الحساب، والله الله في اليتامى، لا تَغَيّرَن أفواههم، ولا تضيعن بحضرتكم، و.. الله في جيرانكم فإنها وصية رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- مَا زال يوصيني بهم حتى ظننت أنه سيورثهم، والله في القرآن لا يسبقنكم بالعمل به غيركم، والله في الصلاة فإنها عمود دينكم، والله الله في بيت ربكم فلا تخلفوه مَا بقيتم، فإنه إن ترك لم يناظروا، والله الله في شهر رمضان، فإن صيامه جنة من ا لنار، والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم.
والله في الزكاة فإنها تطفئ غضب ربكم، والله الله في ذمة نبيكم، فلا يُظْلَمُنَّ بين ظهرانيكم، والله الله في أصحاب نبيكم فإن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أوصى بهم، والله الله في الفقراء والمساكين، شاركوهم في معايشكم، والله الله فيما ملكت أيمانكم فإنه آخر مَا تكلم به رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((أوصيكم في الضعفاء من اليتامى، ومَا ملكت أيمانكم)). الصلاة الصلاة، ولا تخافوا في الله لومة لائم، يكفيكم من أرادكم وبغى عليكم، وقولوا للناس حسناً كما أمركم الله، لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فَيَلِي أمركم شراركم، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لكم عليهم.

(2/417)


يابني، عليكم بالتواصل والتباذل والتزاور، وإياكم والتقاطع والتدابر والتفرق، وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، اتقوا الله إن الله شديد العقاب.
حفظكم الله من أهل بيت، حفظ نبيه فيكم.. وأستودعكم الله، وأقرأ عليكم السلام.
حدثنا محمد، قال: حدثنا أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، قال: بلغني أن علي بن أبي طالب -رحمة الله عليه- دعا الحسن بن علي حين حضره الموت، فقال: (يابني، أوصيكم بتقوى الله، وإقامة الصلاة لوقتها، وإيتاء الزكاة عند محلها، وحسن الوضوء والصبر عليه، فإنه لا صلاة إلاّ بطهور، ولا تقبل الصلاة ممن منع الزكاة. أوصيكم بمغفرة الذنب، وكظم الغيظ، وصلة الرحم، والحلم عن الجاهل، والتفقه في الدين، والتثبت في الأمر، والتعاهد للقرآن، وحسن الجوار، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجتناب الفواحش كلها ماعُصي الله فيه).
حدثنا محمد، قال: حدثنا قاسم بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن الحسن، وإبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن إبراهيم، عن بعض آبائه قال: قَلّ ماكان يَعْتَدِل بعلي بن أبي طالب مقامه مكان مُخْتَطَبِه إلاّ قال: (أيها الناس، اتقوا الله، فما خُلِق امرؤٌ عبثاً فَيَلْهُو، ولا أُهمل سُدَى فيَلْغُو، ومَا دنياه التي تَحَسَّنَت إليه بِخَلَفٍ من آخرته التي قبّحها

(2/418)


سوء النظر لديه، ومَا الخسيس الذي في الدنيا بأعلى منيته كالآخر الذي ظفر من الآخرة بأدنى سهمته).
حدثنا محمد، حدثنا إبراهيم بن محمد الجعفري، قال: حدثني محمد بن جعفر الجعفري، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ملعون ملعون، كاذب غير ملجأ)).
حدثنا محمد، حدثنا إبراهيم بن محمد، عن شريك، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن، عن علي، قال: (من كذب في منامه كُلِّف يوم القيامة عقد شعيرة ومَا هو بفاعل).
حدثنا محمد، حدثنا عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر، قال: أَيّما رجل سُئل عن مسلم فَصَدَق فأدخل على ذلك المسلم معرة، كتب عند الله يوم القيامة مع الكاذبين، ومن سُئل عن مسلم فكذب فأدخل على ذلك المسلم منفعة، كتب عند الله يوم القيامة من الصادقين.
حدثنا محمد، حدثنا حسن بن عبد الرحمن، حدثنا عمر أبو حفص القزاز، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب -عليه الصلاة والسلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((سبق العلم، وجَف القلم، ومضى القضاء، وتم القدر بتَحْقِيْق الكتاب، وتصديق الرسل، ومَا العباد عاملون، وبالسعادة من الله لمن آمن واتقى، وبالشقاء إن كذب وكفر، وبالولاية من الله للمؤمنين، وبراءة من المشركين)).
ثم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم:

(2/419)


((أروي حديثي عن الله سبحانه: قال الله جل ثناؤه: يا بن آدم بمشيئتي، كنت الذي تشاء لنفسك مَا تشكو، بإرادتي كنت الذي تريد لنفسك مَا تريد، وبفضل نعمتي قَوِيْتَ على معصيتي، وبعِصْمَتي وعوني وعافيتي أدّيتَ فرائضي، أنا أوْلى لإحسانك منك، وأنت أولى بذنبك مني، لأن الخير مني بما أَوْلَيتُك يداً، والشر مني بما جَنَيت جزاءً، ولي السبيل عليك بالعصيان، ولك الجزاء الحسن عندي بالإحسان.
يا ابن آدم، لم أَدَعْ تحذيرك، ولم آخذك عند عزتك، ولم أكلِّفك فوق طاقتك، ولم اُحَمِّلك من الأمانة إلاّ مَا أقْرَرْت به على نفسك، ورضائي لنفسي منك مَا رضيت لنفسك مني)).
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، عن أبي ضمرة، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، أن أسامة بن زيد جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في ثوب من حرير، فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم: ((هذا لباس من لا خلاق له)) فأمره النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يشقه خُمراً للنساء.
حدثنا محمد، حدثنا أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن زيد بن علي، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((ملعون من أَغْرَى بين البهائم)).

(2/420)


ثم حدثنا محمد، حدثنا أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب -عليه السلام- أنه رأى رجلاً به تَأْنِيْث في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: (أخرج من مسجد رسول الله). ثم قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال)).
حدثنا محمد، قال: حدثني علي، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي قال: كنت مع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- جالساً في المسجد، حتى أتاه رجل به تَأْنِيْث فسلم، فرد عليه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ثم كتب في الأرض يسترجع، ثم قال: ((هؤلاء في أمتي، إنه لم يكن مثل هؤلاء في أمةٍ الا عُذّبت قبل الساعة)).

(2/421)


حدثنا محمد، قال: حدثني علي، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يأتي القرآن يوم القيامة له لسان طَلْقٌ ذَلق مصدق وشفيع مشفع، فيقول: يارب، حملني فلان عبدك في جوفه، فكان لا يعمل فيَّ بطاعتك، ولا يجْتَنب فيّ معصيتك، ولا يُقيم فيَّ حدودك، فيقول: صدقت، قال: فيكون ظلمة بين عينيه وأخرى عن يمينه، وأخرى عن شماله، وأخرى من خلفه، تَنْتَهِزُه هذه وتتبعه هذه وتدفعه هذه، حتى يذهب إلى أسفل دركٍ من النار، ويأتي فيقول: يارب، جمعني عبدك فلان في جوفه، وكان يعمل فيَّ بطاعتك، ويجتنب فيَّ معصيتك، ويُقيم فيّ حدودك، فيقول: صدقت. قال: فيكون له نوراً يسطع مَا بين السماء والأرض حتى يدخل الجنة، قال: ثم يقول: اقرأه وارقه)).
قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((فله بكل حرف درجة حتى يساوي الأنبياء والشهداء)).
قال: ثم قال: ((هكذا)) بأصبعه، وجمع بين السبابة والوسطى.
حدثنا محمد، حدثنا علي، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن هاشم، عن زاذان، عن سلمان، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول:((إن القرآن يأتي يوم القيامة في صورة الرجل الحسن إلى الرجل المؤمن فيقول: تعرفني؟
فيقول: لا، فيقول: أنا القرآن الذي تأكل بي في

(2/422)


دنياك، وأنا الذي أسهرتُ ليلك، وقد كنت تشتهي الضّجعة، وأنا الذي أظميت كبدك وقد كنت تشتهي برد الشراب، وأنا الذي كنت تمشي بي في حَلَق الذكر تنشرني بينهم، ابسط يمينك، فيبسطها، فيملأها من النعيم، ثم يقول: ابسط يسارك، فيبسطها، فيملأها من الخُلد، ثم يقول: امض بي إلى ربك فيعطيك، ثم يكون له نوراً بين السماء والأرض حتى يدخل الجنة، ثم يقول: اقرأ وارْقَ، فيقرأ ويرقى، فله بكل حرف درجة حتى يساوي الأنبياء هكذا، وجمع بين أصبعيه السبابة والوسطى)).
حدثنا محمد حدثنا عبد الله بن داهر، حدثنا عمرو بن جميع، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن أحق الناس بالتّخشُّع البين في السر والعلانية حامل القرآن، وإن أحق الناس بالصلاة حامل القرآن، وإن أحق الناس بالصوم الكثير في السر والعلانية حامل القرآن، ثم قال بأعلى صوته: يا حامل القرآن، تواضع لله به يرفعك الله به، ولا تعَزّز به فيذلك الله، يا حامل القرآن، تزيَّن لله به يزينك به، ولا تزين به للناس فيشينك الله به.
من جمع القرآن فكأنما درَجَت النبوة بين عينيه، ولكنه لا يوحى إليه، ومن أوتي القرآن فظن أن أحداً أوتي أفضل مما أوتي، فقد حقّر مَا عظَّم الله، وعظَّم مَا حقَّر الله، إن صاحب القرآن ليس له أن يْجَهل فيمن يجهل،

(2/423)


ولا يَحِد فيمن يَحِد، ولا يغضب فيمن يغضب، ولكن يعفو أو يصفح، ويغفر ويرحم تعظيماً للقرآن)).
حدثنا محمد، حدثنا علي بن أحمد، عن مخول، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، عن زيد، عن علي في قول الله سبحانه: ?الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ?[البقرة:121]، قال: (أما والله مَا هو يا أبا الجارود بالتلاوة، ولكن اتباعه.
حدثنا محمد، حدثنا محمد بن عمرو المازني، عن أبي بكر الكليبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((القرآن أفضل من كل شيء دون الله، فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه، حرمة القرآن عند الله كحرمة الوالد على ولده، والقرآن شافع مشفع، مَا حل مصدق، من شفع له القرآن شفع، ومن محل به القرآن صدق)).
حملة القرآن هم المعلمون كلام الله، المُلَبّسُون نور الله، المحفوفون برحمة الله، من والاهم فقد والى الله، ومن عاداهم فقد عادى الله، يقول الله سبحانه: حملة القرآن، اسْتَحِبُّوا الله بتوقير كتابه يزدكم حباً ويحبّبكم إلى عباده. قارئ القرآن يدفع عنه شر الآخرة، مستمع القرآن يدفع به بلاء الدنيا. قارئ آية من القرآن خير له مما تحت العرش إلى النجوم. مستمع آية من القرآن خير له من صُبيرة ذهب. ألا وإن في كتاب الله لسورة تدعى

(2/424)


العزيزة، يسمى صاحبها: الشريف عند الله، وهي يس والقرآن الحكيم.
حدثنا محمد، قال: حدثني حسين بن يحيى بن هاشم، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن صاحب القرآن ليسأل يوم القيامة عمَّا يسأل عنه المرسلون، غير لا يسأل عنه النبوة)).
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو عبد الله، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر، قال: كان علي بن الحسين إذا لعب يومه أو شغل عن القائلة، أو أمسى فاتراً، جلس على فراشه فعرض القرآن، فقرأ مائتي آية، ثم يقول: يا بني، كان يُقال: من قرأ في ليلة مائة آية لم يكن من الغافلين، ومن قرأ مائتي آية كتب من القانتين.
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو عبد الله، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((لَمِن أحب أن يقرأ ثلث القرآن فليقرأ ?قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ?)).
حدثنا محمد، حدثنا عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن عمرو بن جميع، عن جعفر، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((قراءة القرآن في صلاة أفضل من قراءة القرآن في غير صلاة، وقراءة القرآن في غير صلاة أفضل من ذكر الله، وذكر الله أفضل من الصدقة، والصدقة أفضل من الصوم، والصوم جنة من النار)). ثم قال: ((لا قول إلاّ بعمل، ولا قول ولا عمل إلاّ بنية، ولا قول ولا عمل ولا نية إلاّ بإصابة السنة)).

(2/425)


حدثنا محمد، حدثنا علي بن غالب، عن أبي عبد الله: أنه كان يختم القرآن في صلاة في كل ثلاث.
حدثنا محمد، قال: حدثني قاسم بن إبراهيم، عن نفسه أنه كان يختم القرآن في كل أربعة أيام.
حدثنا محمد، حدثنا عبد الله بن محمد بن سليمان، قال: حدثني رجل أثق به عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((أيها الناس، نظفوا أفواهكم فإنها من طرق ربكم، ومَا أكلتُ بصلاً مذ قرأت القرآن)).
قال محمد: قال عبد الله بن محمد: ومَا أكلت بصلاً ولا ثوماً منذ عشرين سنة.
حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن صبيح، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: كان رجل من الأنصار يعلّم القرآن في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فأتاه رجل ممن كان يعلّمه بقوس، فقال: هذا لك، أحملك عليه في سبيل الله، فأتى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فسأله عن ذلك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((تحب أن يكون حظك غداً))؟
قال: لا، قال: ((فاردده)).
قال: قلت لأبي عبد الله: إني أُقرئ القرآن فيختم الرجل، فيدعو أهل المسجد ويدعوني فيهم؟
قال: لا بأس بذلك.
قلت: فإن خصني بشيء من ذلك؟
قال: أنت ليس تعلمه لهذا، فلم يَرَ بأساً بذلك مَا لم يجعل ذلك من أجل القرآن.

(2/426)


باب بر الوالدين
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو عبد الله، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي قال: أتى رجل إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: يارسول الله، إن أبي عَمد إلى مملوكي فأعتقه هيئة المضارة.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أنت ومَالك من هِبَة الله لأبيك، أنت سهم من كِنَانة يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور، ويجعل من يشاء عقيماً، جرت عتقة أبيك، يتناول والدك من مالك وبدنك، وليس لك أن تتناول من ماله ولا بدنه شيئاً إلاّ بإذنه)).
قال أبو جعفر: كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال هذا الحديث، فلعله منسوخ؛ لأن العلماء على خلافه؛ لأنه لا يكون فرْج يحل لاثنين، ولا يكون مال لابن فيجب على الأب الحج لسبب مال ابنه، ولا يكون رجل يحل له عتاقة أمة لا يحل له فرجها.
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبو بكر بن أبي أويس، عن حسين بن عبد الله بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (إن الرجل ليكون باراً لوالديه في حياتهما فيموتان فلا يستغفر لهما فيكتبه الله عاقاً، وإن الرجل ليكون عاقاً لوالديه في حياتهما فيموتان فيستغفر لهما فيكتبه الله باراً).

(2/427)


حدثنا محمد، حدثنا موسى بن سلمة، عن الرضى علي بن موسى أنه كتب إلى ابنه: يابني، استوص بفلان خيراً، فأبي حدثني عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((من بِرّ الرجل بوالده حفظه لصديق والده)).
حدثنامحمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني عمرو بن طلحه، عن أسباط بن نصر، عن رجل، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: مرَّ رجل بحجر فنَحّاه عن ظهر الطريق ثم قال: هذا عن أبويَّ، فغفر الله لهما وأدخلهما الجنة.
حدثنا محمد، حدثنا إبراهيم بن حبيب، قال: حدثني موسى بن أبي حبيب، عن علي بن الحسين أن رجلاً أتاه وقال: إن أبويَّ يأمراني بطلاق امرأتي، فقال: إن كانت امرأة صالحة فلاتطلقها، وإن كانت امرأة سوء فطلقها.
حدثنا محمد، قال: حدثني علي، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من أحب أن يملأ له عسره، ويبسط له رزقه، ويستجاب له، وتدفع عنه ميتة السوء فليطع أبويه في طاعة الله، وليصل رحمه، وليعلم أن الرحم معلقة بالعرش يوم القيامة، لها لسان طَلْقٌ ذَلْق، تقول: اللهم، صِل من وصلني، واقطع من قطعني، قال: فيجيبها الله تبارك وتعالى أن قد استجبت دعوتك، فإن العبد لقائم يرى أنه لبسبيل خير حتى تأتيه الرحم

(2/428)


فتأخذه بهامته، فتذهب به إلى أسفل درك من النار بقطيعته إياها كانت في دار الدنيا)).
حدثنا محمد، قال: حدثني علي، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((رحم الله رجلاً أعان ولده على بره)).
فقال رجل من القوم: وكيف يعينهم يا رسول الله؟
قال: ((تعفو عن سيئته، وتكثر الدعاء فيما بينك وبين الله تعالى)).
حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن صبيح، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن من تعظيم الله أن يجل الولد الأبوين في طاعة الله)).
حدثنا محمد، حدثنا عبد الله بن داهر، عن عمرو بن جميع، عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((النظر إلى البيت الحرام عبادة، والنظر في كتاب الله عبادة، والنظر في وجه الوالدين إعظاماً لهما وإجلالاً لهما عبادة)).

(2/429)


باب صلة الرحم
حدثنا محمد، حدثنا محمد بن علي، عن حسين، قال: حدثني علي بن جعفر، عن حسين بن علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن الحسين، عن علي، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن الرجل ليصِل رحمه وقد بقي من عمره ثلاث فيجعلها الله ثلاثاً وثلاثين، وإن الرجل ليقطع رحمه وقد بقي من عمره ثلاث وثلاثين، فيجعلها الله ثلاثاً)).
قال محمد: سمعت حمزة بن أحمد يقول: حدثنا عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن علي -عليه السلام-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من يضمن واحدة أضمن له أربعاً: من يصل رحمه فيحبه أهله، ويكثر ماله، ويطول عمره، ويدخل جنة ربه)).
حدثنا محمد، قال: حدثني علي بن عبد الله، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن أقربكم مني غداً و أوجبكم عليَّ شفاعة، وأكملكم إيماناً أحسنكم أخلاقاً، الموطؤن أكنافاً، الواصلون لأرحامهم، الباذلون لمعروفهم، الكافّون لأذاهم، العافون بعد قدرة)).
حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن صبيح، عن حسين، عن جعفر، عن محمد، عن أبيه، عن ميمونة قالت: قال لي النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((مَا فعلت خادمك))؟
قلت: يارسول الله، أعتقها؟ فقال: ((أما لو وصلت بها بعض أهلك لكان أعظم لأجرك)).

(2/430)


باب حق الجار
حدثنا محمد، قال: حدثني قاسم بن إبراهيم، قال: حدثني المقبري، عن الفضل بن دلهم، عن الحسين، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((مَا آمن))!
قالوا: من يارسول الله؟
قال: ((من بات شبعاناً وجاره جائع وهو يشعر)).
حدثنا محمد، حدثنا عبد الله بن داهر، عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((البر وحسن الجوار زيادة في الرزق، وعمارة للديار)).
حدثنا محمد، قال: حدثني قاسم بن إبراهيم، حدثنا أبو سهل سعد بن سعيد، عن الفضل بن دلهم، عن أخيه، عن أبيه، عن أبي هريره قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((مَا يؤمن))! قيل: من يارسول الله؟
قال: ((رجل لا يأمن جاره بوائقه)).
حدثنا محمد، حدثنا قاسم بن إبراهيم، حدثنا المقبري، عن الفضل بن دلهم، عن الحسن، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((مَا آمن))!. قالوا: من يارسول الله؟
قال: ((من لم يأمن جاره بوائقه: غشمه، وظلمه)).
حدثنا محمد، حدثنا علي بن حكيم، عن مطرف، عن أبي عمر، عن أبي جحيفة، قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يشكو جاره، فقال له النبي -صلى الله عليه وآله وسلم: ((اطرح متاعك على الطريق أو في الطريق)) فجعل الناس

(2/431)


يمرون فيلعنونه فجاء إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: يارسول الله، مَا لقيت من الناس، قال: ((ومَا ذا لقيت منهم))؟
قال: يلعنونني، قال: ((فقد لعنك الله من قبل الناس))، قال: فإني لن أعود يارسول الله.
فجاء الذي شكا إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال له النبي: ((ارفع متاعك فقد أمنت وكفيت)).
باب حق المؤمن
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو عبد الله، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن من أوجب العقاب لو أن الأمة اجتمعت على قتل مؤمن لأكبها الله في نارجهنم)).
حدثنا محمد، حدثنا عبد الله بن داهر، عن عمرو بن جميع، عن عبد الله بن الحسن، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن من أوجب المغفرة إدخالك السرور على أخيك المسلم)).
حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن صبيح، عن حسين، عن جعفر، عن أبيه، قال: من قضى لمؤمن حاجة قضى الله له حوائج كثيرة إحداهنَّ الجنة، ومن نفس عن مؤمن كربة، نفس الله عنه كرب يوم القيامة بالغاً فيه مَا بلغ، ومن أطعمه من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقاه من عطش سقاه الله من الرحيق المختوم، ومن كساه ثوباً كان في ضمان الله مَا بقي عليه من ذلك الثوب سلك، والله

(2/432)


[لقضاء] حاجة المؤمن أفضل من صوم شهر واعتكافه.
حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن صبيح، عن حسين، عن جعفر، عن أبيه، قال: أوحى الله إلى داود: إن العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فأحكمه يوم القيامة في الجنة.
قال داود: إلهي، ومَا تلك الحسنة؟
كربة فرجها على مؤمن، ولو بقدر تمرة.
قال داود: إلهي، حقُّ من عرفك ألا يقطع رجاءه منك.
حدثنا محمد، حدثنا حرب، عن مطلب بن زياد، عن الوصافي، عن أبي جعفر، قال: جاء رجل إلى الحسين بن علي في حاجة، فسأله أن يقوم بها؟.
فقال: إني معتكف، فجاء إلى الحسن فأخبره، فقال: إني أتيت أبا عبد الله ليقوم معي في حاجة، فقال: إني معتكف، فقام معه الحسن في حاجته فجعل طريقه على الحسين، فقال: يا أخي، مَا منعك أن تقوم معه في حاجته؟
فقال: إني معتكف.
قال الحسن: لأن أقوم مع أخي المسلم في حاجته أحب إليَّ من اعتكاف شهر.
حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن صبيح، حدثنا محمد بن الحسن بن زياد الهمداني، عن أبان بن تغلب، قال: كلمني رجل من أصحابنا في حاجة، ونحن بمكة، فقلت: اشتد الحر علينا، ولكن نرجع فنقيل، فإذا بردنا فميعادك هذا المكان، فسبقته فقعدت له، فمر جعفر بن محمد فقمت إليه، فقال لي: كأنك تشير إلى إنسان؟
قلت: نعم، رجل من أصحابنا كلمني في حاجة، قال: فاخرج في حاجة أخيك، قلت: أخرج وأقطع الطواف.

(2/433)


قال: نعم، قلت: أخرج وأدعك؟ قال: نعم، مَا ترى ماجاء فيمن أدخل على مسلم سروراً؟ قلت: وما الذي جاء فيه؟ قال: من أدخل على مسلم سروراً خلق الله من ذلك السرور صورة حسنة، فإذا كان عند موته أتته في أحسن صورة، فقالت له: ابشر يا ولي الله، أما مَا بين يديك فقد أملَّتْهَ، وأما ماخلفك فقد كفيت مَؤُونَته، وأما مَا كنت ترجو فقد أصبته، قال: فإذا دخل قبره أتته فذبّت عنه هَوَامَّ الأرض، فإذا كان في نشوره أتته فقالت له مثل ذلك، فإذا انتهى إلى باب الجنة التفت إليه، فقال له: من أنت ياعبد الله؟ فوالله مازلت تبشرني عند موتي، وفي قبري، وفي نشوري، فيقول: أنا السرور الذي أدخلته على أخيك المسلم.
باب في المتحابين في الله
حدثنا محمد، قال: حدثني علي بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن أبي هاشم، عن زاذان، عن سلمان قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((أنا شفيع لكل أخوين تآخيا في الله من مبعثي إلى يوم القيامة)).

(2/434)


حدثنا محمد، قال: حدثني علي، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن علي -عليه السلام- قال: كنت أنا ورسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- جالسين، إذ أقبل رجل من الأنصار قد أسبغ الوضوء، ثم تقدم إلى مقدم المسجد فصلى، فقال رجل من الأنصار جالس عند رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: والله يا رسول الله إني لأحبه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((فِيمَ أحببته)) فقال: في الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((فإن لك بحبه الجنة، ولقربه فإنه أصفى وأنقى للمودة، وخيرٌ في المعاد)).
حدثنا محمد، قال: حدثني أيوب بن الأصبهاني، عن يحيى بن مساور، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ذات يوم وعنده أصحابه: ((ألا أنبؤكم برجالكم من أهل الدنيا))؟ قالوا: بلى، يا رسول الله، قال: ((النبي في الجنة، والصديق في الجنة، والشهيد في الجنة، ومولود الإسلام في الجنة، والرجل يزوج أخاه في الجنة))، قال: ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ألا أنبؤكم بنسائكم من أهل الدنيا في الجنة))؟ قالوا: بلى، يارسول الله، قال: ((العوود الولود الودود التي إن غضبت أو أُغضبت قالت لزوجها: لا أُكحل عيني بغمض حتى ترضى)).
حدثنا محمد، حدثني أحمد بن صبيح، عن حسين بن علوان،

(2/435)


عن جعفر، عن أبيه، في قوله تعالى: ?وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ? قال: هو الرجل يلقى أخاه المسلم، ويسلم عليه، ويصافحه، ويدعو كل منهما لصاحبه فيستجيب الله لهما، ويزيدهما الله من فضله.
حدثنا محمد، قال: حدثني علي بن علي بن عبد الله، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((توضع منابر جنتي العرش من زمرد وياقوت، فتقول الملائكة الموكلة بها: يا رب، لمن وضع هذا؟ قال: فيمزج على أفواهها للغرباء، فيقولون: يا رب وما الغرباء؟ فيقول: قوم تحابُّوا في جلالي من غير أن يروني، قال: فبينماهم كذلك إذ أقبل كل عبد منهم مع أخيه الذي آخاه في الله في دار الدنيا، وأدنوهم من الرب على قدر درجاتهم في الجنة)).
قال أبو جعفر: أدنوهم إلى الله في المنزلة والقدرة، كما تقول: فلان أقرب إلى الله من فلان، وتقول: أفعل كذا وكذا، فإنه أقرب لك إلى الله، فإذا تكامل القوم يقول الرب تبارك وتعالى: عبدي، وخلقي، وخيرتي، وزواري المتحابين في جلالي من غير أن يروني اطعمهم، قال: فيؤتون بلحم طير كثير فيه كل شهية ولذة وريح طيبة، ثم يقول: عبدي، وخلقي، وخيرتي، وزواري، والمتحابين في جلالي اطعموهم وفكهوهم

(2/436)


واسقوهم، قال: فيؤتون بآنية لا يدرون الإناء أشد بياضاً أو ما فيه، يرى من إنائه من عن يمينه وعن شماله، وما أمامه وما خلف ظهره مد البصر من إنائه، وقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ومد بصر أحدهم مسيرة يوم للراكب المسرع)).
ثم يقول المولى عزوجل: عبدي، وخلقي، وخيرتي، وزواري، ومتحابين في جلالي من غير أن يروني اطعموهم وفكهوهم واسقوهم واكسوهم، قال: فيأتيهم شجر من الجنة، يخذ الأرض ثمرها، كثداء النساء الأبكار في كل ثدي منها سبعون حلة، ليس منها حلة على لون صاحبتها، غير أن كل أخوين تآخيا في الله يلبسان شبهاً؛ لكي يعرفان بذلك، ثم يقول: عبدي، وخلقي، وخيرتي، وزواري، والمتحابين في جلالي من غير أن يروني، اطعموهم وفكهوهم واسقوهم والتقوهم وطيبوهم، اكشفو لهم الغطاء، وبين الله وبين أدنى خلقه منه من ملك مقرب سبعون ألف حجاب من نور لم يستطع أدناهم ملكاً إلى أدناهم حجاباً أن يرفع طرفه لعظمة الله، فإذا وضعت الحجب وقع القوم سجداً مما يرون من عظمته، قال: فيقول الرب تبارك وتعالى: ارفعوا رؤوسكم فإنكم ليس في دار عمل، ولكنكم في دار نعمة ومقامة عندي، لكل عبد منكم مثل الدنيا منذ يوم خلقتها إلى يوم القيامة أفنيتها وسبعين ضعفاً مثلها معها، هل رضيتم؟
فيقولون: ربنا رضينا إذا رضيت عنَّا.
فيقول: عبدي لكل عبد

(2/437)


منكم مثلما أنتم فيه وعشرة أضعاف في مثله، هل رضيتم؟
قال: فينصرفون، وقد ضعف كل عبدٍ منهم سبعين ضعفاً على ماكان عليه قبل من الجمال.
قال: ويضعف لأزواجهم أرضاً لذلك، فإذا التقوا هم وأزواجهم قلن له: لو لا أنَّا نعلم أنك بعلنا لرأيناك قد بدلت، ويقول هو لهنَّ مثل ذلك، قال: فبينما هم كذلك، إذ أقبل إلى كل واحد سبعون ألف ملك، ليس منهم ملك إلاّ معه إنَاء لا يشبه إنَاء صاحبه، وعلى إنائه شيء ليس على إناء صاحبه مثله، يَبْتَدِرون أيهم يُؤخذ منه يقولون: هذا أرسل به إليك ربك، وهو يقرأ عليك السلام.
قال: فبينما هم كذلك إذ هو بشيء إلى جنبه، وقد أضاء على جميع ماعنده، قال: فيقولون: من أنت؟
فيقول: أنا من المزيد الذي زادك ربك، وليس من عبدين تآخيا في الله إلاّ وأحدهما ينظر إلى أقصى منزل أخيه غير أنهم إذا أرادوا شيئاً من شهوات النساء أُرخيت لهم الحجب.

(2/438)


باب الاستخارة
حدثنا محمد، قال: حدثني عبد الله بن موسى، عن أبيه، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يعلِّم أصحابه الاستخارة، كما يعلمهم السورة من القرآن.
كان يقول: ((إذا أراد أحدكم أمراً فليُسْهِم، وليقل: اللهم إني أَسْتَخِيرك فيه بعلمك، وأَسْتَقْدِرُك فيه بقدرتك، وأسألك فيه من فضلك، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، اللهم، أنت علام الغيوب، اللهم، مَا كان خيراً من أمري هذا فارزُقْنِيْه، ويسره لي، وأعني عليه، وحبِّبه إليَّ، ورضِّني به، وبارك لي فيه، ومَا كان شرا لي فاصرفه عني ويسر لي الخير حيث كان)).
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني ابن أبي فديك، عن محمد بن أبي حميد الزرقي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من سعادة الرجل كثرة استخارته، ومن شقائه تركه الاستخارة)).
حدثنا محمد، حدثنا محمد بن راشد، قال: حدثني عيسى بن عبد الله، قال: أخبرني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يقول الله، يستخيرني عبدي فأخير له فيغضب)).
حدثنا محمد، حدثنا محمد بن راشد، حدثنا عيسى بن عبد الله، قال: أخبرني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (مَا أُبالي إذا استخرت الله على أي جنبي وقعت).

(2/439)


باب في التوكل
حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن صبيح، عن حسين بن علوان عن جعفر، عن أبيه قال: أبى الله أن يجعل رزق المؤمن إلاّ من حيث لا يحتسب: ?وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ?[الطلاق:2-3].
حدثنا محمد، حدثني إسحاق بن إبراهيم، عن أبي معاذ، قال: سمعت زيد بن علي يقول: خَلَوْت بالقرآن ثلاث عَشْرَة سنة أقرؤه وأتدبره، فما وجدت في طلب الرزق رخصة، ومَا وجدت: ?ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ?[الجمعة:10] إلاّ العبادة والفقه.
قال أبو جعفر: يعني عندي لنفسه بما لزمته من الحجة؛ لأن الله قال في كتابه: ?وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا?[البقرة:175]. ثم قال: ?وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ?[المزمل:20]، إطلاق منه للبيع والشراء.

(2/440)


باب في حسن الخلق
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو عبد الله، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أقربكم مني غداً وأوجبكم عليّ شفاعة، أصدقكم لساناً، وأكثركم أداءً لأمانته، وأحسنكم خلقاً، وأقربكم من الناس)).
حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن صبيح، عن حسين، عن أبي جعفر، عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((نصف العقل التّوَدُّد للناس)).
حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن صبيح، عن حسين، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن الرجل لَيُدرك بحسن خلقه درجة الصائم نهاره، والقائم ليله، المجاهد في سبيل الله، وإنه ليكتب جباراً ومَا يملك إلاّ أهله)).
باب في ليلة النصف من شعبان
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو عبد الله، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: (لما كان ليلة النصف من شعبان، جاء رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وقرع الباب، ثم قال: ((يا علي بن أبي طالب، ويافاطمة بنت محمد، خذا لهذه الليلة أهبتها، فإنها إذا كان في هذه الليلة، نزل الله إلى السماء الدنيا فيغفر كل ذنب، ويعطي فيها كل مَا سُئِل))).

(2/441)


حدثنا محمد، قال: حدثني عبد الله بن داهر، عن عمرو بن جميع، عن جعفر، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من فتح له باب دعاء، فتح الله له باب إجابة فذلك قوله: ?ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ?[غافر:60])).
باب الصلاة على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، عن أبي ضميرة، عن جعفر، عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من نسي الصلاة عليّ أخطأ الطريق إلى الجنة)).
حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن صبيح، عن صفوان، عن جعفر، عن أبيه، قال: إذا التقى المؤمنان فتصافحا، وذكرا الله، وصليا على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.

(2/442)


باب فضل يوم الجمعة
حدثنا محمد، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن سليمان، قال: وجدت في كتب أبي، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((هبط عليّ جبريل في هيئة المرأة البيضاء فيها نكتة سوداء، فقلت: مَا هذا ياجبريل؟
قال: هذه الجمعة، عيد لك ولأمتك من بعدك، فقلت: مَا هذه النكته السوداء فيها؟
قال: هذه الساعة، وفيها تقوم.
ثم قال لي: يا محمد، مَا النبيُّون ولا الصدّيقون ولا الشهداء إلى شيء بأشوق منهم إلى يوم الجمعة.
يا محمد، إن ربنا اتخذ في السماء الرابعة وادياً يفوح منه ريح أطيب من مسك أبيض، فإذا كان يوم الجمعة وُضعت فيه منابر من نور، حُفت بكراسي مُكَلّلة بالدُّر، والياقوت، وأتي بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين فأقعدوا عليها، ثم يوحي الله إليهم: عبادي سلوني، فيقولون: إلهنا رضاك، فيقول: رضائي عنكم الذي أحلكم محل كرامتي، فيوحي الله إليهم الثانية، فيقولون مثل مقالتهم، ويقول مثل القول الأول: رضاي عنكم الذي أحلكم محل كرامتي، قال: فيقول: يا جبريل، متى ذلك من يوم الجمعة؟
قال: يا محمد، قدر مَا بين صلاتكم إلى مُنْصَرَفِكم، ثم يعودون إلى منازلهم إلى الجنة)).

(2/443)


باب في الصبر
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: رأى موسى عبداً على سوأة فدعا عليه، فأوحى الله إليه: أما علمت أن من أسمائي الصبور.
حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن صبيح، عن حسين، عن جعفر، عن أبيه قال: لا بأس بالصلاة يوم الجمعة كله؛ لأن جهنم ليس تسجر فيه.
حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن صبيح، عن حسين بن علوان، عن جعفر، عن علي -عليه السلام- قال: لا ينال عبد حقيقة الإيمان حتى تكون فيه ثلاث خصال: حسن التقدير في المعاش، والصبر على المصائب، والتفقه في الدين.
حدثنا محمد، قال: حدثني عبد الله بن داهر، عن عمرو بن جميع، عن جعفر، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن الله إذا أحبَّ عبدا ابتلاه، و إذا ابتلاه فصبر صافاه)).

(2/444)


باب في الشكر والتواضع
حدثنا محمد، حدثنا أحمد بن صبيح، عن حسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ثلاث من كنّ فيه حرم الله لحمه على النار، وأَوْجَب له الجنة: من إذا أصابته مصيبة اسْتَرْجَع، و إذا أنعم الله عليه فذكرها حمد الله عند ذكره إياها، و إذا أذنب استغفر الله)).
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: أوحى الله إلى موسى: يا موسى، تدري لِمَ اصطفيتك على الخلائق وكلّمتك تكليماً؟
قال: لِمَ يارب؟
قال: إني اطلعت على قلوب عبادي فلم أجد فيهم أشد تواضعاً لي منك.
حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن عيسى، عن جعفر، عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد)).

(2/445)


باب في الخوف
حدثنا محمد، قال: حدثني عبد الله بن محمد، قال: حدثني عبد الله بن موسى، عن آبائه، عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن الضفادع كانت أمّة فألقت نفوسها في النار من خشية الله، فأبدلها الله بحر النار برداً، وجعل نقيقها تسبيحاً)).
حدثنا محمد، حدثنا أبو هشام، عن يحيى بن يمان، عن غياث، عن جاد، عن عكرمة، قال: كانت الضفادع تأوي إلى الحجارة فرأت تنوراً يُسجر فألقت نفوسها فيه من خشية الله، فأبدلها الله بأبرد الأشياء، الماء، وجعل نقيقها تسبيحاً.
حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن صبيح، عن حسين بن علوان، عن عبد الله، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن المولود إذا ولد حزنت الملائكة، قال: سقط إلى الأرض لا ندري هل ينجو أم لا، وبنو آدم يفرحون، و إذا مات المولود فرحت الملائكة بدخوله الجنة، ويحزن بنو آدم)).
حدثنا محمد، قال: حدثني علي بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن الله إذا أحب عبداً تعاهده بالبلاء حباً أن يسمع دعوته واستغاثته، ويعطي العبد من الدنيا ومَا يعبأ به شيئاً بعد أن يسمع صوته واستغاثته)).

(2/446)


حدثنا محمد، قال: حدثني عبد الله بن داهر، عن سالم، قال: سمعت جعفر فقلت: يابن رسول الله، بَعُدَت الشُّقَّة وقَل الزاد فأخبرني بأمرٍ أنتهي إليه، فقال: صَلّ صلاتنا، واستقبل قبلتنا، ووَال وليّنا، وعاد عدونا، وانتظر حقنا.
فقلت له: أنوصي بشيء؟
فقال: نعم، ابلغ من يطيعنا بتقوى الله، والورع، والاجتهاد، وحسن الجوار، وأداء الأمانة، وصدق الحديث، وطول السجود.
باب في السخاء
حدثنا محمد، قال، حدثني أحمد بن صبيح، عن حسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((السخاء شجرة في الجنة، أغصانها في الدنيا، فمن أخذ بغصن منها، قاده ذلك الغصن إلى الجنة، والبخل شجرة نابتة في النار، أغصانها في الدنيا، فمن أخذ بغصن منها، قاده ذلك إلى النار)).

(2/447)


باب في الزهد في الدنيا
حدثنا محمد، قال: حدثني قاسم بن إبراهيم، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((يا بن آدم، إنما أنت أيام، فإذا ذهب يومٌ، فقد ذهب بعضك)).
وسمعت قاسم بن إبراهيم يقول: قال داود -عليه السلام-: ينبغي للصِّدّيق أن يرحم أنفس بهائمه.
حدثنا محمد، قال: حدثني عبد الله بن داهر، عن مسلم، قال: سمعت جعفر بن محمد يقول لأناس أخبروني: هل تعرفون الناسخ من المنسوخ؟
قالوا: لا، قال: فما يَحْمِلكم على الخصومات؟
لعلكم تحلِّون حراماً، وتحرمون حلالاً، وأنتم لا تدرون؟! كونوا في الناس كهيئة النحل مع الطير، تطير مع الطير لا يدري مَا في أجوافها، إن كنتم تعملون لله فيخفي أحدكم يمينه عن شماله، فإنه ليس يصعد إلى الله إلاّ الخالص من العمل.
حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن صبيح، عن حسين بن علوان، عن عبد الله بن الحسن، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن صلاة السر تضعف على صلاة العَلانيّة بسبعين ضعفاً)).

(2/448)


باب في الرفق
حدثنا محمد، قال: حدثني قاسم بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، قال: ((الرفق يُمْنٌ، والخرق شؤم)).
حدثنا محمد، قال: حدثني علي بن أحمد، حدثنا أبو ضمرة، عن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إذا أراد الله بأهل بيت خيراً دلهم على الرفق)).
باب فيمن أعان ظالما
حدثنا محمد، قال: حدثني عبد الله بن موسى، عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من سَوَّد علينا فقد شَرِكَ في دمائِنا)).
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (يقول الله: بعزتي لأنْتَقِمَنّ من الظالم بالظالم).
حدثنا محمد، قال حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن أبي جعفر، قال: إذا كان يوم القيامة، جُعل سُرادق من نار يجعل فيه أعوان الظلمة، ويجعل لهم أظافر من حديد يَحْتَكُّون بها تبدو أفئدتهم.
قال: فيقولون ربنا أَلَم نكن نعبدك؟ قال: فيقول: بلى، ولكنكم كنتم للظالمين أعواناً.
حدثنا محمد، قال: حدثني أبو الطاهر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن أبي جعفر قال: المعين لهم كالمعين فرعون على موسى.

(2/449)


حدثنا محمد، قال: حدثني حرب بن الحسين، عن يحيى بن مساور، عن أبي خالد، عن أبي جعفر، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يلبس من النعال المخضر المعقبة المُدَوّرة الرأس لها قبالان، وكان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يلبس من القَلانِيس البيض المضربة.
قال: أما الفيل فكان جباراً لُوطِياً لايَدَع رطباً ولا يابساً، وأما الدُّب فكان رجلاً مُؤَنَّثاً يدعو الرجال إلى نفسه، وأما الحريث فكان رجلاً دَيُّوثاً يدعو الناس إلى حَلِيلَته، وأما الضُّب فكان أعرابياً يسرق الحاج بمحجنة، وأما الدعموص فكان رجلاً نمّاماً يَقطع بين الأحبّة، وأما العقرب فكان همّازاً لا يسلّم عليه أحد، وأما العنكبوت فامرأة سحرت زوجها، وأما الأرنب فكانت امرأة قَذِرةٌ لا تغتسل من حيض ولا من غير ذلك، وأما الوَطْوَاط فكان رجلاً يسرق الرُّطب من رؤوس النخيل وهو الخشاف، وأما القردة فحين عدوا في السبت، وأما الخنازير فحين سألوا نزول المائدة، وكانوا أشدّ مَا كانوا بعدها تكذيباً.
وأما سُهَيْل فكان عشّاراً باليمن، وأما الزُّهْرَة فكانت امرأة يقال لها نَاهِيذ، وهي التي افتتن بها هاروت وماروت)).
حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن صبيح، عن حسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((سِرْ سنتين بِرّ والدتك، سِرْ سنة صِلْ رحمك، سِرْ ميلاً عُد مريضاً، سر ميلين شيّع جنازة،

(2/450)


سر ثلاثة أميال أجِب دعوة، سر أربعة أميال زُرْ أخاً في الله، سر خمسة أميال أعِنْ مظلوماً، سر ستة أميال أغث ملهوفاً، وعليك بالاستغفار، فإنه المَمْحَاة)).
حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن صبيح، عن حسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن علي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((من كانت له إلى الله حاجة فليَدْعُ بها في صلاة العشاء، فإنها صلاة لم يصلها أحد من الأمم قبلكم)).
حدثنا محمد، قال: حدثني أحمد بن صبيح، عن حسين، عن جعفر، عن أبيه، عن علي، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((اختنوا أولادكم لسبعة أيام، فإنه أطيب وأطهر، فإن الأرض لَتَنْجُس من بول الأغْلَف أربعين صباحاً)).
حدثنا محمد، حدثنا محمد بن راشد، عن عيسى بن عبد الله، قال: أخبرني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (النطفتان تعْتَلِجان في الرحم، فأيهما كان أكثر غلب على النتنة، إن كانت نطفة المرأة أكثر أشبه الأخوال، وإن كان ماء الرجل أكثر أشبه الأعمام).
حدثنا محمد، حدثنا محمد بن راشد، عن عيسى بن عبد الله، قال: أخبرني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: (العظام والعصب من نطفة الرجل، والعروق واللحم من نطفة المرأة).

(2/451)


حدثنا محمد، قال: حدثني محمد بن راشد، عن عيسى بن عبد الله، قال: أخبرني أبي، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((كل شيء من ابن آدم يَبْلى إلا عجب ذنبه فإنه الذي يبتدئ عليه الخلق الذي يعاد عليه الثانية)).
حدثنا محمد، حدثنا محمد بن راشد، عن عيسى بن عبد الله، قال: أخبرني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي -عليه السلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما من مولود يولد إلاّ أخذ جبريل من تراب فذره على سراره، ثم قال: اذهب حيث شئت فلا تدفن إلاّ في تلك التربة)).
حدثنا محمد، حدثنا محمد بن راشد، عن عيسى بن عبد الله، قال: أخبرني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ليس على أهل لا إله إلاّ الله وحشة في قبورهم، كأني أنظر إليهم ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون: الحمد لله الذي صدقنا وعده)).
حدثنا محمد، حدثنا محمد بن يحيى، عن أبيه، عن رجل من أهل الجزيرة، رفعه إلى الحسين بن علي -عليه السلام-، قال: كان لي أخٌ، وكان من أعظم الناس في عيني، وكان رأس مَا عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه، كان خارجاً عن سلطان الجهالة، لا يشتهي مَا يجد، ولا يُكثر إذا وجد، لا يمُد يده إلا ثقة لمنفعة، كان دهره صامتاً، وإذا قال بَذْ القائلين، كان يفعل مَا يقول، ولا يقول مَا لا يفعل، كان إذا بدأ أمران لا يدري أيهما أقرب إلى الصواب، نظر أيهما أقرب إلى هواه فخالفه، كان يترك من الكلام كل شيء يعْتَذِر منه.

(2/452)


وكان يترك صحبة من لا عقل له ولا دين.
كان إذا غُلِب على الكلام لم يُغلب على الصمت.
كان ضعيفاً مستضعفاً وإذا جاء الجد فهو الليث غادياً.
كان لا يشرك في مِراء، ولا يدخل في عِداء.
ولا يُدلي بحجّة حتى يأتي قاضياً.
وكان لا يلزم أحداً فيما يجد العذر في مثله لغيره حتى يرى اعتذاره.
وكان لا يشكو الوجع إلاّ عند من يرجو عنده البرء، وكان لا يتَشَكّى ولا يتَشَهّى، ولا يتسَخّط، وكان لا يغفل عن إخوانه، ولا يخص نفسه بشيء دونهم.
حدثنا محمد، حدثنا إسماعيل بن سكين، حدثنا محمد بن يحيى الأودي، حدثنا داود بن المحبر، حدثنا سليمان بن الحكم الكلبي، عن العلاء بن كثيرالسهمي، عن العلاء بن كثير الليثي، عن مكحول، أن فتى سأل أبا الدرداء عن صيام رجب؟
فقال: سألت عن شهر كانت الجاهلية تفضله على جاهِلِيّتها وتعظمه، ومَا زاده الإسلام إلاّ فضلاً وتعظيماً.
من صام يوماً واحداً منه تطوعاً يحتسب به في ثواب الله ويبتغي به وجه الله مخلصاً به لله، أطفأ صومه ذلك اليوم غضب الله، وأغلق عنه باباً من أبواب النار، ولو أعطي ملء الأرض ذهباً مَا كان ذلك جزاء له بشيء من ثواب الدنيا يوم الحساب، وله إذا أمسى عشر دعوات مستجابات، فإن دعا بشيء من عاجل

(2/453)


الدنيا أعطيه، وإلا ذُخِر له من الخير كأفضل مَا دعا داعٍ من أولياء الله وأحبائه وأصفيائه.
ومن صام يومين كان له مثل ذلك، وله مع ذلك كأجر عشرة من الصديقين في عمرهم بالغةً أعمارهم مَا بلغت، ويشفع في مثل مَا يشفعون فيه، ويكون معهم في زمرتهم، ويدخل الجنة معهم من رفقائهم.
ومن صام ثلاثة أيام كان له مثل ذلك، وقال الله عن إفطاره: لقد وجب حق عبدي هذا عليّ، ووجبت له جنتي وولايتي، أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت له مَا تقدم من ذنبه ومَا تأخر.
ومن صام أربعة أيام، كان له مثل ذلك، ومثل ثواب أولي الألباب التوابين الأوابين، ويعطى كتابه في أوائل العابرين.
ومن صام خمسة أيام، كان له مثل ذلك، ويبعث يوم القيامة ووجهه مثل القمر ليلة البدر، ويكتب له عدد رمل عالج حسنات ويدخل الجنة، ويقال له: تَمَنّ على الله مَا شئت.
ومن صام ستة أيام كان له مثل ذلك ويعطى سوى ذلك، يستضيء أهل الجمع يوم القيامة، ويبعث في الآمنين حتى يمر على الصراط بغير حساب، ويعافى من عقوق الوالدين وقطيعة الرحم، ويقبل الله عليه بوجهه إذا لقيه يوم القيامة.
ومن صام سبعة أيام، كان له مثل ذلك، وأغلق عنه سبعة أبواب النار، و أوجب له الجنة يتبوأ منها حيث يشاء.
ومن صام ثمانية أيام، كان له مثل ذلك، وفتح له ثمانية أبواب الجنة فيدخل من أيها شاء.

(2/454)


ومن صام تسعة أيام، كان له مثل ذلك، ورفع كتابه في عليين، ويُبعث يوم القيامة من الآمنين، ويخرج من قبره ووجهه نور يتلألأ، لا يشرق لأهل الجمع حتى يقولوا: هذا نبي مصطفى، وإن أدنى مَا يُعطى، يدخل الجنة بغير حساب.
ومن صام عشرة أيام، منح له مثل ذلك وعشرة أضعافه، وهو ممن تبدل سيئاته حسنات، ويكون من المقربين القوامين لله بالقسط، وكأنما عبد الله ألف عام، صائماً قائماً صابراً محتسباً.
ومن صام عشرين يوماً، كان له مثل ذلك وعشرين ضعفاً، ويكون مع إبراهيم خليل الله في درجته، ويشفع في خلق كثير كلهم من أهل الخطايا والذنوب.
ومن صام ثلاثين يوماً، كان له مثل ذلك وثلاثين ضعفاً، وناداه مناد من السماء: أبشر ياولي الله بكرامة الله العظمىفي مرافقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. طوبى لك.. طوبى لك غداً إذا انكشف عنك الغطاء فأفضيت إلى جسيم ثواب ربك الكريم، فإذا نزل به الموت سقاه الله عند خروج نفسه شربة من حِياض الفردوس فيُهَوّن الله عليه سكرة الموت حتى مَا يجد للموت ألماً، فيظل في قبره ريّاناً حتى يَرِد حوض النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، و إذا خرج من قبره تلقاه سبعون ألف ملك معهم النَّجائِب من الدر والياقوت، ومعهم طرائف الحلي والحلل يقولون: ياولي الله، النجاة إلى ربك، والذي ظمئت له

(2/455)


نهارك، وأنحلت له جسمك، فهو أول الناس دخولاً جنات يوم القيامة مع الفائزين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، ذلك الفوز العظيم.
قال: فإن كانت له في كل يوم صدقة يتصدق بها على قدر قوته، فهيهات.. هيهات لو أجر الخلائق على أن يُقدِّروا قَدْر مَا أُعطي ذلك العبد من الثواب مَا بلغوا معشار العشر مما أعطي ذلك العبد من الثواب.
قال: قيل له هذا شهر رجب فكيف شعبان؟
قال: رجب شهرك، وشعبان شهر نبيك -صلى الله عليه وآله وسلم-، فضل شعبان على رجب كفضل نبيك عليك، ورمضان شهر ربكم.

(2/456)


حدثنا محم، حدثنا حسين بن نصر بن مزاحم، عن أبيه، عن أبي خالد، عن زيد، عن آبائه، عن علي -عليه السلام- قال: قال -صلى الله عليه وآله وسلم- يوما الفجر يغلس، ثم أقبل علينا بوجهه، قال: ((هل منكم أحد رأى هذه الليلة شيئاً))؟
قال: قال القوم: لا، قال: ((ولكني رأيت ملكين أتياني وأخذا بضَبْعِي فانطلقا بي حتى إذا أنا بملك من الملائكة وأمامه آدمي، بيد الملك صخرة يضرب بها.
فانطلقنا حتى أتينا على رجل مُضطجعٍ على قفاه، ورجلٌ قائم على رأسه بصْخَرة يشْدَخ بها رأسه، فإذا ضربه تدمده الحجر، وانطلق إليه ليأخذه، فيرجع إلى هذا حتى يلتئم رأسه، وعاد رأسه كما كان، فعاد إليه فضربه.
فقلت: مَا هذا؟ قالا: انطلق.
فانطلقنا حتى أتينا إلى ثقب مثل التّنور، أعلاه ضيق وأسفله واسع، تتوقد تحته نار، فإذا اقترب ارتفعوا حتى يكادوا يخرجون منها، فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة.
فقلت: مَا هذا؟ قالا: انطلق.
فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم، وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج، رمى الرجل بحجر في فِيه فرده حيث كان، فجعل كلما جاء يخرج رمى في فِيه حجراً فيرجع كما كان.
فقلت: مَا هذا؟ قالا: انطلق.
فانطلقنا حتى أتينا إلى روضة خضراء فيها شجرة عظيمة، وفي أصلها شيخ

(2/457)


وصبيان، و إذا رجل قريب من الشجرة بين يديه نار يوقدها، فصعدا بي إلى الشجرة، فأدخلاني داراً وسط الشجرة، لم أَرَ قط أحسن منها، فيها رجال شيوخ وشباب ونساء وصبيان، ثم أخرجاني منها، فصعدا بي إلى الشجرة وأدخلاني داراً هي أحسن وأفضل منها، فيها شيوخ وشباب، فقلت لهما: إنكما قد طوفتماني الليلة، فأخبراني عمَا رأيت، قالا: نعم
أما الرجل رأيته يشق شَدَقُه، فكذاب يحدث الكذبة فيتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيصنع به كما ترى إلى يوم القيامة.
والذي رأيته يشرخ رأسه، فرجل علمه الله القرآن فنام عنه بالليل، فلم يعمل بما فيه بالنهار، يفعل به مارأيت.
والذي رأيته في الثقب فهم الزناة، والذي رأيته في النهر آكل الربا.
والشيخ الذي رأسه في أصل الشجرة هو إبراهيم -عليه السلام-، والصبيان حوله، فأولاد الناس.
والذي يوقد النار فـ(مالك) خازن النار.
والدار الأولى التي دخلت دار عامة المؤمنين، وأما هذه الدار، فدار الشهداء، وأنا جبريل، وهذا ميكائيل، فارفع رأسك، فرفعت رأسي، فإذا فوقي مثل السحاب.
قالا: ذلك منزلك.
قلت: دعاني أدخل منزلي.
قالا: إنه بقي لك عشر لم تستكمله، فلو استكملت أتيت منزلك)).

(2/458)


والحمد لله رب العالمين على كل حال من الأحوال، بنعمته تتم الصالحات، لا أحصي ثناء عليه، والصّلاة والسلام على خير الأنام، وخاتم الرسل، وعلى أخيه ووصيه ووارث علمه، جم الفضائل والمناقب علي بن أبي طالب، وعلى زوجته الزهراء البتول فاطمة بنت محمد الرسول، وعلى ولديهما أبي عبد الله الحسن، وأبي عبد الله الحسين، وعلى من تناسل منهما طيباً طاهراً إلى يوم القيامة.
كان الفراغ من رقم هذا الكتاب الجليل، والسفر الجميل ليلة الأربعاء، من شهر شعبان سنة 52 هـ.
بقلم الحقير إلى الله القدير عبد الملك بن علي بن إسماعيل القاضي، وفقه الله إلى حب آل محمد، آمين.
وذلك بعناية سيدي المولى العلامة نجل آل الرسول أحمد بن علي الكحلاني، أطال الله بقاءه، وجعله قدوة للمهتدين بحق محمد وآله.
بخط أسير الذنوب، المستجير من النار بعلام الغيوب، الحيمي بلداً، والزيدي مذهباً، والعدلي اعتقاداً عبد الملك بن علي بن إسماعيل القاضي، -وفقه الله تعالى.

(2/459)