الكتاب : أئمة أهل البيت الزيدية المؤلف : عباس محمد زيد المحقق : الناشر : (مؤسسة الإمام زيد بن علي(ع) الثقافية) |
أئمة أهل البيت الزيدية
(عليهم السلام)
عباس محمد زيد
الإصدار الأول
أئمة الزيدية خارج اليمن
مقدمة
لم يعان نبيٌ من أمته وقومه مثلما عانى رسول لله ً منهم أثناء نشر دعوته بينهم، فقد قاوموا تلك الرسالة بكل المكائد والحيل والمكر والحروب المعلنة ضده، وضد الخُلّص من أتباعه، وضد أهل بيته صلوات الله عليهم، وقد ناصبوه العداء وتربصوا به، وكادوا يقتلونه، بل تآمروا على ذلك لطرده، أو قتله، أو سجنه، ولكن الله عصمه منهم.
كل هذا منهم إنكاراً للحق وإصراراً على أن يحكموا بأهوائهم فهم كما يصفهم القرآن {يبغونها عوجاً} ولذلك عانى رسول الله منهم الأمرّين.
وكما عانى رسول الله في نشر دعوته ورسالات السماء عانى من بعده أئمة أهل بيته وشيعتهم رضوان الله عليهم في كل زمان وكل مكان.
وكان من ناصب العداء لرسول الله هم من ناصب العداء لأئمة أهل البيت من بعده ممن استسلموا غير مؤمنين، واتبعوا غير موقنين، فدخلوا ضمن الأمة وهم أعداؤها، وكذلك الذين انحرفوا عن منهج الله وخالفوا شريعته فعطلوا وبدلوا، وأفسدوا في الأرض، وقطعوا الأرحام، فلم يعان أحد من المسلمين مثلما عانى أولئك النفر من الأئمة الأطهار، فكان أن تعقبهم أعداؤهم بالتقتيل، والتشريد تارة، والسجن حتى الموت تارة أخرى، ولكن ذلك كله لم يثنهم عن القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله.
وهم في سبيل ذلك لم يكتفوا بمعارضة أئمة الجور وحكام الظلم، وإنما أسسوا دولاً هنا وهناك، وكانت لهم اليد الطولى في نشر الإسلام بين الأوساط التي وصلوا إليها.
إذ لم يقتصر جهادهم على مقارعة الظلم، بل حكموا عندما تمكنوا، وقدموا لنا صورة مشرقة لأئمة العدل والتوحيد في مختلف الأقطار الإسلامية التي تمكنوا فيها كالمغرب العربي، وبلاد الجيل والديلم، وأفغانستان، والعراق، وبلاد اليمن.
كما كانوا مثالاً للإخلاص لكل حاكم عادل، إذ كانوا عوناً له ناصحين، ولكل مقدراتهم باذلين ما دام شرع الله قائماً وأمور الناس في سلام، كما كانت لهم اليد الطولى في نشر الفكر الإسلامي وإثراء الفقه الإسلامي بالاجتهاد في كل عصر ومصر، فخلفوا وراءهم لأجيال المسلمين تراثاً ثرياً في حين عقمت سائر المذاهب من تقديم مثل ذلك التراث الفكري والفقهي العظيم، فقد بلغت مصنفاتهم إلى آلاف العناوين، وبلغت تركتهم من المخطوطات عشرات الآلاف تتوزع حالياً على مختلف المكتبات العالمية، والتي ما يزال جُلّها حبيساً لم ير النور بعد، وتنتظر جهود الباحثين المنصفين لإخراجها بالتحقيق والدراسة.
لقد أخذنا المدخل لدراسة تأريخ أئمة أهل البيت إلى تلك المقارنة، وذلك من خلال استقراء تأريخهم المليء بالأحداث العظام، والذي أسهم في رسم المسارات التأريخية للعالم الإسلامي، سواء كانوا في السلطة أو المعارضة لقوى الفساد؛ لأن ما تعرض له أئمة أهل البيت من النكران والمحاربة هو في الواقع نفس ما تعرض له سائر الأنبياء من أقوامهم، خاصة إذا ما علمنا أن الاستضعاف الواقع عليهم وعلى أشياعهم هو من قبل مسلمين انتسبوا إلى الإسلام بالقول دون الفعل.
وحديثنا عن أئمة أهل البيت الذين سموا (بالزيدية) نظير اتباعهم لمنهج الإمام زيد بن علي بن الإمام الحسين سبط رسول الله صلى الله عليهم أجمعين يقتضي بالضرورة الإشارة إلى أن تلك النسبة لا تعني أن الإمام زيد بن علي قد تفّرد بمنهج خاص به دون أسلافه، وإنما أحيا أمراً في عهده كان قد اندثر وتناساه الناس، أو غفلوا عنه وهو جهاد الظالمين، وإنكار المنكر، والأمر بالمعروف، والدعوة إلى إقامة وتحكيم شرع الله، وهذا هو المنهج الذي سار عليه جده الإمام الحسين عليه السلام في ثورته المشهورة ضد يزيد الفاسق، ووقفته المشهورة بكربلاء، وكذلك ما سار عليه الإمام علي عليه السلام من إقامة عمود الدين عندما تمكن من النصرة بحضور الحاضر ووجود الناصر له، وما سار عليه الإمام السبط الحسن بن علي عليهما السلام من التخلي عن الأمر لعدم وجود الناصر له.
وذلك المنهج هو ما التزم به أئمة أهل البيت(ع) والذين من بعدهم فنسبوا إلى الإمام زيد وعرفوا بالزيدية لبيان حالهم مع غيرهم ممن آثروا التقية لعدم وجود الناصرين لهم، وخذلان العامة من حولهم.
ونحن هنا نقتصر على التعريف بالزيدية من الناحية التأريخية، تاركين التعريف بالزيدية كمذهب لمن يتناوله بالدراسة من زاويته الأصولية أو من زاويته الفقهية.
ويلاحظ أن الأحداث التي رسمها أئمة أهل البيت بسيرتهم وجهادهم، وما خلفوه من تراث فكري وثقافي وفقهي، تجعل الباحث في حيرة من أمره عندما يجد هذا الدور مجهولاً حتى لدى الكثير ممن ينتسبون إلى مذهب الزيدية، إلا أن معرفة السبب في ذلك لا تستعصي على المتأمل، فهو -بالنسبة لأتباع المذهب- قعودهم عن تحصيل المعرفة بهذا الدور بالرغم من توافرها في المصادر الخاصة بالمذهب وما أكثرها، وهو-بالنسبة لغيرهم- تجهيل متعمد لذلك الدور.
أما التجهيل فواضح المقاصد إذ لا يمكن لأي حاكم جائر أو من يسير في ركابه أن يقوم بالتعريف لسيرة أمثال هؤلاء الأئمة وشيعتهم؛ لأن في ذلك تقديماً لأنموذج القدوة التي لا يستطيع أن ينتهجها، ومن ثم فإنه من المنطقي أن يتوجه العتاب لمن يدعي الاتباع لمذهب أهل البيت، ويغفل عن دور هؤلاء المجاهدين عبر التاريخ وعبر العصور.
ولا يمكن أن نحصر العتاب على أتباع المذهب بل نوجهه لكل المسلمين في بقاع الأرض من تجاهلهم لسيرة هؤلاء الأئمة الذين قدموا أنفسهم في سبيل الحفاظ على منهج الله، والحرص الشديد على تطبيقه.
ما سبق كان مقدمة لا يسع الباحث تجاوزها وهو بصدد تقديم تراجم مختصرة لبعض أئمة أهل البيت الزيدية الذين جعلوا من كل أرضٍ كربلاء، ومن كل يوم عاشوراء، وكذلك بعض الأئمة الذين تمكنوا من تأسيس حكومات إسلامية في شتى بقاع العالم الإسلامي، ولم يكن في الوسع تقصي الجميع (فأئمة قد ذكرناهم هنا وأئمة لم نذكر).
وبما أن الاعتقاد العام هو أن الزيدية انحصرت في اليمن لارتباط تأريخ اليمن في مراحل كثيرة بتأريخ أئمة الزيدية فقد خصصنا هذا القسم لأئمة أهل البيت خارج اليمن، وذلك ليتمكن الباحثون مستقبلاً من تقصي أخبارهم وتحقيق تراثهم، على أن نخصص القسم الثاني لأئمة أهل البيت في اليمن، تحقيقاً للإنصاف بعد الظلم الفادح الذي تعرضوا له في حياتهم وبعد مماتهم.
وبما أن هذا القسم، قد اقتصر على العرض والوصف للظروف التاريخية التي خرج فيها الأئمة دون التعمق في التحليل والتفسير، فإننا قد حرصنا على بذل الجهد في تحديد المراجع والمصادر لمن أراد من الباحثين بذل الجهد في سبيل إكمال الدراسة عن كل إمام من الناحية الفكرية، والنسق التأريخي، أو هما معاً، والمعول في ذلك مستقبلاً على الباحثين المنصفين.
شاكراً في الأخير جهود الناشر في سبيل إظهار هذه الدراسة المتواضعة إلى حيز الوجود.
والله من وراء القصد
عباس محمد زيد
القاهرة
رمضان سنة 1421هـ/2000م.
1- الإمام الأعظم زيد بن علي زين العابدين عليهما السلام
- 75 هـ مولده (ع) وقيل سنة (80هـ).
- 25 محرم 122هـ استشهاده.
قال الإمام عبد الله (الكامل) بن الإمام الحسن المثنى بن الإمام الحسن سبط رسول الله ً: (العلم بيننا وبين الناس علي بن أبي طالب، والعلم بيننا وبين الشيعة زيد بن علي) فمنذ فاجعة كربلاء (61هـ) التي استشهد فيها سبط رسول الله ً الأصغر الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، وقتل معه فيها الكثير من أهل بيته وشيعته أطفالاً وشيوخاً، رجالاً ونساءً إلى زمن خروج الإمام زيد بن علي والأمر مستتب لبني أمية يسعون إلى توطيد حكمهم بالقتل، والسلب، والتنكيل لكل من لم يناصرهم.
فهذا يزيد بن معاوية (60-64هـ) الذي (يبادر ويجاهر بمعصيته ويستحسن خطأه، ويهون الأمور على نفسه في دينه إذا صحت له دنياه)(1) بعد أن فرض والده معاوية (40-60هـ) حكمه على المسلمين بالسيف والجبروت مرة، ونشر مذهب الجبر أخرى(2) يبادر بعد قتله الإمام الحسين وشيعته بكربلاء إلى المدينة ليقتل حتى من تقاعس عن نصرة الحسين في وقعة الحرة (63هـ) التي قتل فيها خلق كثير من الصحابة رضي الله عنهم ومن غيرهم، ونهبت المدينة، وافتضت فيها ألف عذراء(3) وبنو أمية وهم في سبيل ترسيخ أركان مذهبهم وحكمهم بشتى الأساليب خلال هذه الفترة لم يشهدوا أي حركة معارضة سوى ما حدث من حركة التوابين التي أُجهضت حين قيامها (65هـ) وكذا حركة المختار الثقفي الذي تمكن من السيطرة على العراق، وتتبع بالقتل كل من شهد مقتل الإمام الحسين بكربلاء، وأخذ بثأر أهل البيت، إلا أن حركة المختار قد لقيت نهايتها باستشهاده (67هـ) على يد أصحاب عبد الله بن الزبير (64-74هـ) المناوئ لبني أمية، والذي لقي بدوره مصرعه على يد الحجاج بعد أن أجهض ابن الزبير الحركات المناصرة لأهل البيت (ع) ضد بني أمية؛ موطداً بذلك حكم بني مروان الأمويين من جديد، حيث وُثِّقَ الأمر (لعبد الملك بن مروان بن الحكم بن العاص بن أمية) (74-86هـ) والذي بادر بهدم الكعبة أول أمره وكان يقول: (والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه)(4).
__________
(1) التنبيه والأشراف: المسعودي (ص 264).
(2) أورد ابن قتيبة في كتابه (الإمامة والسياسة) خطاب معاوية لعائشة أم المؤمنين والذي جاء فيه: إن أمر يزيد قضاء من القضاء وليس للعباد فيه الخيرة من أمرهم، جـ1/ص158.
(3) السيوطي: تاريخ الخلفاء ص 194.
(4) نفس المرجع ص204.
ومنذ ذلك التأريخ وبنو مروان الأمويون يتداولون الحكم دون اعتبار للدين والإصلاح، ولم يشذ عن سلوكهم سوى عمر بن عبد العزيز(99-101هـ) إلى أن وصلت الخلافة إلى هشام بن عبد الملك (105-125هـ) الذي يروي عنه السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء قوله: (ما بقي شيء من لذات الدنيا إلا وقد نلته)(1).
خروج الإمام زيد بن علي واستشهاده
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}[آل عمران: 173].
أشار الإمام محمد الباقر لأخيه الإمام زيد بعدم الخروج بقوله: (لا تركن إلى أهل الكوفة فإنهم أهل غدر ومكر، بها قُتِلَ جدك، وطُعِنَ عمك الحسن، وقُتِلَ أبوك الحسين) وودعه آخر من أهل بيته مبدياً النصح بعدم الخروج قائلاً: (أخاف عليك يا أخي أن تكون غداً المصلوب بكناسة الكوفة) ولكنه أبى إلا الخروج بعد أن قامت عليه الحجة بوجوب القيام بوجود الناصرين له.
فخرج في الكوفة بعد أن بايعه من أهلها قرابة خمسة عشر ألف رجل، ثم تفرقوا عنه ولم يبق معه سوى ثلاثمائة، ولما قُتِلَ حز رأسه وأُرسِلَ إلى الشام لهشام بن عبد الملك الذي أمر بإرساله إلى المدينة لنصبه عند قبر الرسول ً، وصلبت جثته عرياناً، ونسجت العنكبوت ستراً على عورته، وظل مصلوباً قرابة أربع سنين ثم أنزل وحرق، وذر رماده في ماء الفرات.
__________
(1) السيوطي: تاريخ الخلفاء ص 204.
يقول الدكتور أحمد محمود صبحي عن خروجه عليه السلام في كتابه الزيدية(1): (خرج زيد استنكاراً لسيرة من عرف بالتجبر في الأرض والفسق والفجور هشام بن عبد الملك، ولقد خشي أن يكون في التقية إقراراً للغلبة مبدأ للحكم فخالفها ليعيد مبدأ الإمام الحسين في الخروج؛ ولذا فقد شابه خروجه خروج الحسين (ع) ).
لقد جاء خروج الإمام زيد بعد مضي هذه الفترة الطويلة على حكم بني أمية إحياءً لواجب الجهاد الذي شرعه الله ضد الظالمين، وسار عليه الإمام علي بن أبي طالب(ع) بعد رسول الله ً، وقياماً بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سعياً نحو إصلاح أمر الأمة.
قال الإمام زيد بن علي: وددت أني أحرق بالنار ثم أحرق بالنار وأن الله أصلح لهذه الأمة أمرها.
وقد صار الخروج بعد ذلك مبدءاً مرتبطاً بخروج الإمام زيد منسوباً إليه، وسار على نهجه أئمة أهل البيت الزيدية (ع) الذين خرجوا باذلين أنفسهم لمقاومة الظلم، ومنابذة الظالمين.
قال الإمام محمد بن عبد الله (النفس الزكية): فتح لنا والله زيد بن علي الجنة وقال: ادخلوها بسلام آمنين، ولن ننحو إلا أثره، ولن نقتبس إلا من نوره).
2- الإمام يحيى بن زيد (2) عليهما السلام
__________
(1) الزيدية: أحمد محمود صبحي ص 66 بتصرف.
(2) أمه ريطة بنت هاشم بن عبد الله بن محمد الحنفية، قالت عندما وصلها رأسه إلى المدينة: شردتموه عني طويلاً وأهديتموه إلي قتيلاً صلوات الله عليه بكرة وأصيلاً).
- مولده 97هـ (1).
-استشهاده بجوزجان رمضان 125هـ.
يا بن زيدٍ أليس قد قال زيدٌ
من أحب الحياة عاش ذليلا
كن كزيدٍ فأنت مهجة زيد
تتخذ في الجنان ظلاً ظليلا
__________
(1) ذكر صاحب الإفادة في تاريخ الأئمة السادة أن مقتله كان في 126هـ، وقيل: 125هـ وقد رجحنا التاريخ الأخير؛ لأن جميع من أرخ له أجمعوا على أن مقتله كان في عهد الوليد بن يزيد والذي أجمع المؤرخون على فترة ولايته من شهر ربيع آخر 125هـ إلى جماد آخر سنة 126هـ فيكون مقتله في رمضان 125هـ كما ذكر هذا التاريخ ابن كثير في البداية والنهاية ج 10 ص 10، أما كتاب الشافي للإمام عبدالله بن حمزة ومقاتل الطالبيين فلم يذكرا تاريخاً لمقتله، وإن أكدا على أنه في زمن الوليد الفاسق.
قاتل عليه السلام مع والده ولم يثنه ما أصاب والده أيام هشام بن عبد الملك من القتل والصلب والإحراق، وإنما دفعه إلى أن يتمم رسالة والده بالخروج على الظلم، فخرج من الكوفة إلى خراسان باحثاً عن أنصار لدعوته، ثم إلى سرخس داعياً إلى نفسه، متابعاً دعوة أبيه، ولما تنامت حركته إلى مسامع هشام كلف نصر بن سيار عامله على العراق ليهتم بأمره ومتابعته، وتقصي حركاته، فتابع الإمام إلى بلخ والذي تمكن عاملها من تتبع الإمام وسجنه، وتقييده بالسلاسل إلى أن توفي هشام بن عبد الملك (125هـ) وتولى بعده الخليفة الوليد بن يزيد بن عبد الملك (125-126هـ)(1) فأمر بإطلاق سراحه خوف الفتنة، وحينها قدم إليه الشيعة يبايعونه، ويستنهضونه، وخرجوا إلى نيسابور التي جهز فيها نصر بن سيار جيشاً كبيراً لمقاتلته، وتمكن الإمام يحيى بن زيد مع أصحابه من الانتصار عليهم، والانتقال إلى بلخ، ثم إلى الجوزجان التي حوصر فيها بجيش كبير، وقاتل ثلاثة أيام بشجاعة ليفوز بعدها بعز
__________
(1) الوليد بن يزيد بن عبد الملك، قال عنه السيوطي في تاريخ الخلفاء (ص233): الخليفة الفاسق تولي بعد هشام بن عبد الملك، ونقم الناس عليه لمجاهرته بشرب الخمر ونكاح أمهات أولاد أبيه، وقال عنه أخوه سليمان بن يزيد: بعداً له أشهد أنه كان شروباً للخمر، ماجناً فاسقاً، ولقد راودني على نفسي، وقال الذهبي بعد أن اشتهر عن الوليد الإلحاد والكفر بالله: لم يصح عن الوليد الكفر وإنما اشتهر بالخمر والتلوط، وللمزيد من تفاصيل فسقه انظر كتاب الأغاني للأصفهاني ج ص، فعلى أمثال هؤلاء خرج أئمة أهل البيت، ولتثبيت الملك لأمثال الوليد ومسخ شريعة الله وقتل أئمة أهل البيت نصب لهم العداء أشياع بني أمية إلى يومنا هذا.
الشهادة في سبيل إعلاء كلمة الله، وحز بعدها رأسه الشريف وأرسل إلى الوليد بن يزيد والذي بعث به إلى المدينة ليرهب كل مناوئيه، وأظهر أهل خراسان عليه النياحة ولم يولد لهم ولد حينها إلا سمي يحيى أو زيد، وصنعوا من القيد الذي قيد به خواتم للتبرك بها، ومع حداثة سنه عليه السلام فقد عاش مجاهداً مطارداً من قبل الأمويين وأشياعهم، مقاتلاً لهم، ولم يتزوج ولم يعقب، ومزار الإمام يحيى بن زيد مشهور ومقام إلى تاريخنا المعاصر في منطقة جوزجان شمال شرق إيران والتي تبعد مسافة 62 كم من مدينة مشهد شرقاً، وقد تم تجديده عام 1995م، وحوله مسجد يقصده الزوار في جميع المناسبات الدينية.
3- الإمام محمد بن عبدالله الكامل
(ذو النفس الزكية)
- ميلاده عام 100هـ.
- الدعوة الأولى عقب وفاة الوليد بن يزيد 126هـ.
- خروجه 28 جماد آخر سنة 145هـ.
- استشهاده يوم الاثنين 15 رمضان سنة 145هـ بالمدينة.
هو الإمام محمد بن عبدالله بن الحسن بن الإمام الحسن سبط رسول الله ً.
يصفه الأصبهاني في مقاتل الطالبيين(1) أنه (كان أفضل أهل بيته، وأكبر أهل زمانه في علمه بكتاب الله وحفظه له، وفقهه في الدين، وشجاعته وجوده وبأسه، وكل أمر يجمل بمثله حتى لم يشك أحداً أنه المهدي، وشاع له في العامة، وبايعه رجال من بني هاشم جميعاً من آل أبي طالب وآل العباس وسائر بني هاشم، ثم ظهر من جعفر بن محمد قول في أنه لا يملك وأن الملك يكون في بني العباس فانتبهوا من ذلك لأمر لم يكونوا يطمعون فيه).
__________
(1) مقاتل الطالبيين ص 233.
تأتي دعوة الإمام محمد بن عبدالله في مرحلة زمنية تعتبر من أهم فترات التاريخ الإسلامي حيث تتزامن مع مرحلة انهيار الدولة الأموية بعد أن اضطربت أحوالها بمقتل الوليد بن يزيد، ومرحلة تكوين الدولة العباسية، فإذا كان العام 132هـ قد شهد معركة الزاب الشهيرة التي انتهت بها الدولة الأموية فإن أنظار الناس كانت تتجه صوب الإمام محمد بن عبدالله، حيث كانت شخصيته محل إجماع حتى من خصومه الذين غدروا به، وتجمع الروايات التاريخية أن بني هاشم قد اجتمعوا (بالأبواء) على طريق مكة، وأجمعوا على مبايعة(1) الإمام محمد بن عبدالله بما فيهم السفاح وإبراهيم الإمام، والمنصور العباسي الذي كان يقول عنه (هذا مهدينا أهل البيت) وكان يسوي ثيابه على السرج(2)، وكانت البيعة له قد توافدت من مختلف الأمصار، ولم تكن لبني العباس أي دعوة تذكر في هذه الفترة، وبعد أن حسمت المعركة عسكرياً بسقوط بني أمية، سلم أبو مسلم الخراساني مقاليد الأمر لبني العباس الذين بادروا بالغدر به، وتوطيد أركان حكمهم، وإذا بحلفاء الأمس لأهل البيت ودعوتهم أصبحوا أعداء اليوم، بل أشد عداوة وأكثر غدراً، ويتحول الصراع إلى ذوي القربى(بنو هاشم) وهذا ما يجرنا إلى التنبيه بأهمية هذه الفترة التاريخية، ومما يجب التنويه إليه في مقام أهمية هذه الفترة التاريخية هو ما يذهب إليه بعض كتاب التاريخ بحسن نية أو بدونها من تصوير العراك الذي شهده عصر النبوة وفجر الإسلام ما هو إلا صراع بين بني أمية وبني هاشم، ويذهب آخرون للتدليل عليه برصد صراعاتهم منذ فجر التاريخ قبل الإسلام،
__________
(1) فيما عدا الإمام جعفر بن محمد الذي يروي الأصبهاني تحفظه من البيعة، مقاتل الطالبيين ص 233 وما بعدها.
(2) مرجع سابق ص 239.
وبظهور دعوة الإمام محمد بن عبدالله ومن جاء بعده من الأئمة ما يدحض تلك المقولات، حيث لم يكن صراع أئمة أهل البيت من منطلق قبلي بقدر ما هو عقائدي بحت، تمثل في الدعوة إلى نشر رسالات السماء وتحكيم شريعة وإقامة سنة نبيه، وإذا كان بنو أمية للأسف الشديد في خط المواجهة لهذه الدعوة طوال فترة صراعهم مع رسول الله ً ومن جاء بعده من أئمة أهل البيت فإن بني هاشم لا يزيدهم هذا إلا شرفاً طالما تمسكوا بخط الرسالة المحمدية، ولتأكيد بطلان تلك المزاعم من تصوير الصراع بين بني أمية وبني هاشم على أساس قبلي فإنه يكفي لنفي هذه الأطروحة التذكير بمعاملة الرسول (ص) لمن استسلم منهم بعد الفتح وجعلهم من الطلقاء بالرغم من عدائهم الصريح له ولدعوته، ولم يأمر بقتل أحدٍ منهم بعكس صنيعهم بأهل البيت وشيعتهم عندما أُتيحت لهم الفرصة فأكثروا من القتل للنساء والأطفال والشيوخ، وليست مأساة كربلاء إلا لوحة تجسد صنيعهم بأهل البيت وأتباعهم.
كما أن ظهور دعوة هذا الإمام بعد زوال دولة بني أمية ووقوفه ضد قرابته من بني هاشم تؤكد وضوح منهج أهل البيت في التزامهم بالقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحياء الجهاد ولو على أنفسهم.
ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن الإمام محمد بن عبدالله لم يخرج على بني العباس فالبيعة له كانت سابقة على قيام دولة بني العباس والبيعة منهم قد تمت له، وما حدث هو الغدر والخيانة، ونكث العهد منهم، ولذلك استمروا في مطاردته وتتبعه وسجن الكثير من أهل البيت أيام أبي جعفر المنصور العباسي حتى يسلموا لهم الإمام محمد بن عبدالله، وفي مثل هذه الظروف وإزاء هذا البطش كله والتعذيب خرج الإمام بالمدينة، واجتمعت له البيعة من كل الأمصار فحُصر بالمدينة حتى انهك من معه واستمر في المقاومة حتى قُتِلَ، واحتزت رأسه في 15 رمضان سنة 145هـ ودفن الجسد بالبقيع، ثم تتبع العباسيون أنصار الإمام بالقتل، وتشرد إخوانه إلى مختلف الأمصار الإسلامية، وكان ممن خرج مع الإمام مقاتلاً من آل الحسين عليه السلام عبدالله وموسى الكاظم ابناء جعفر الصادق، كما كان أبو حنيفة ومالك من أنصار الإمام ومن الداعين إلى ترك بيعة المنصور ((ليس على مستكره يمين))، وذلك لأن البيعة للمنصور العباسي تمت بالاكراه.
4- الإمام إبراهيم بن عبد الله الكامل (ع)
- مولده 95هـ وقيل 97هـ
-دعوته يوم العيد غرة شوال 145هـ.
- استشهاده يوم الإثنين غرة ذي الحجة 145هـ.
كان من دعاة أخيه الإمام المهدي محمد بن عبد الله النفس الزكية بالبصرة، ولما بلغه مقتل أخيه قام داعياً إلى نفسه، وبايعته المعتزلة والزيدية، وكثير من العلماء وأصحاب الحديث، واجتمع معه من العلماء ما لم يجتمع مع أحد من أهل بيته عليهم السلام.
واستولى على واسط والأهواز وأعمال فارس، وولى عليها من أصحابه، وطرد عمال أبي جعفر المنصور.
وكان أبو حنيفة ممن يدعو إلى بيعته سراً، ويكاتبه، ويحرض الناس للقتال معه، وهذا ما جعل أبا الدوانيق(1) أبا جعفر المنصور العباسي يتغير ويتألم من أبي حنيفة رضي الله عنه.
جهز أبو الدوانيق جيشاً كبيراً لمقاتلة الإمام إبراهيم بقيادة عيسى بن موسى والتقى الجيشان في منطقة (با خمرى) بين البصرة والكوفة وكانت معركة حامية قتل فيها الكثير من العباسيين إلى أن أصاب سهم رأس الإمام إبراهيم فاعتنق فرسه، وأطاف به أصحابه كالسور فقتل حوله أربعمائة فيهم من العلماء الكثير، وحزت الرأس عن الجسد ليرسله أبو جعفر المنصور إلى أبيه عبد الله بن الحسن في السجن للتشفي والحقد(2).
وكان رحمه الله عالماً فاضلاً، خطيباً مصقعاً، شاعراً شجاعاً، لا يخاف في الله لومة لائم.
5- الإمام موسى بن عبد الله الكامل (ع)
الملقب (موسى الجون)
... - وفاته 180هـ
__________
(1) دنق دنوقاً: كان شحيحاً يضن بدقائق الأمور فهو دنيق، والجمع دنق، والدانق: سدس الدرهم (فارسية) والجمع دوانق ودوانيق.
(2) حمل بعدها رأسه الشريف إلى مصر ودفن هناك.
اعتمدنا في التاريخ على ماجاء في (الشافي) للإمام عبد الله بن حمزة ص 199ـ210 جـ2.
وفي تاريخ مولده عليه السلام (التحف شرح الزلف) مجد الدين المؤيدي ص59 الطبعة الأولى1994م مؤسسة أهل لبيت للرعاية الاجتماعية، صنعاء.
هو الإمام الرابع من أولاد الإمام عبد الله بن الحسن المثنى (ع) وكان من دعاة أخيه الإمام محمد بن عبد الله النفس الزكية، ولأجله عجل النفس الزكية بظهور دعوته بالمدينة لما علم أن أبا جعفر المنصور قد كاتب واليه على المدينة أن يستوثق من موسى، ويرسله إليه لسجنه بعد وشاية الوالي إلى أبي الدوانيق (أبي جعفر المنصور) بأمر موسى ووقوفه مع الإمام محمد بن عبد الله النفس الزكية، وعندما أعلن الإمام محمد النفس الزكية دعوته بالمدينة وسيطرته عليها أمر أصحابه بإرجاع أخيه موسى الذي كان والي العباسيين قد أوثقه وأرسله إلى بغداد، فلحقوا به وأرجعوه(1) بعد قيام الإمام موسى بدعوته أُخِذَ وحُبِسَ حتى مات وذلك في عهد هارون الملقب بالرشيد، وعقبه عليه السلام من ولديه عبد الله بن موسى، وإبراهيم بن موسى(2) والذي ستأتي لاحقاً ترجمة بعضهم وفي أي عهد خرجوا، وكذا من كان من أحفاده من الأئمة والحكام الأشراف(3).
__________
(1) الشافي للإمام عبد الله بن حمزة بتصرف ج 1 ص197.
(2) سبق الإشارة إلى أن جميع أشراف مكة والمدينة من ذرية الإمام موسى بن عبدالله الكامل والذي تعاقبوا على إمارتها منذ العام 250هـ إلى عام 1345هـ الموافق 1925م والذي انتقل فيها آخر أشراف مكة وحكام الحجاز إلى جبل عمان (الأردن) وهو الشريف الحسين بن علي الجد الثاني لملك المملكة الأردنية الهاشمية المعاصر (الحسين بن طلال بن عبد الله) باستثناء المدينة المنورة قبل وجود الشريف قتادة حكمها بعض أحفاد الإمام الحسين سبط رسول الله.
(3) أول من ملك مكة من ذريته هو الشريف جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد الثائر بن موسى الثاني بن الإمام عبد الله بن موسى (الجون) بن عبد الله الكامل بن الإمام الحسن المثنى، واستمرت في ذريته حكم مكة طيلة (99عاماً).
كما أن أول من ادعى الإمامة من ذريته وسيطر على مكة هو الإمام إسماعيل بن يوسف الأصغر بن إبراهيم بن موسى (الجون) والذي تمكن بثورته عام 250هـ من السيطرة على مكة، ولكنه توفي بعدها عام (251) وانتقل الأمر إلى أخيه محمد بن يوسف.
ومن ذريته (شيخ الزيدية) الشريف عُليَّ بن عيسى بن حمزة . المتوفي عام (556هـ) وهو الشاعر المشهور بموقفه من فدك بقوله:
أتموت البتول غضبى ونرضى
ما كذا تفعل البنون الكرام
6- الإمام عبد الله بن محمد بن عبد الله (النفس الزكية)
- مولده 118هـ.
- استشهاده شعبان 151هـ.
هو ابن الإمام محمد - النفس الزكية - رحل في أيام والده إلى السند ليدعوهم إلى الإسلام وتتبعه جيش العباسية، ووقعت بينه وبين الجنود العباسيين وقعات كثيرة قتل في أحدها سنة151هـ في عهد الخليفة العباسي أبي الدوانيق (أبي جعفر المنصور) الذي أفرط في الأسر والسجن والقتل لكبراء آل محمد ً.
وكان مقتله عليه السلام بمدينة (كابل)(1) وحمل رأسه إلى أبي الدوانيق، وكانت دعوته وظهوره بعد استشهاد أبيه بخمس سنوات.
7- الإمام عيسى بن الإمام زيد بن علي (عليهم السلام)
(مؤتم الأشبال)
- مولده 120هـ.
- وفاته مسموماً166هـ شعبان.
كان عليه السلام من أنصار الإمام محمد بن عبد الله النفس الزكية، قاتل مع الإمام إبراهيم بن عبد الله في وقعة باخمرى-كما سبق الإشارة- والذي ظهرت فيها شجاعته وبأسه، ولقب بمؤتم الأشبال.
بعد مقتل الإمام إبراهيم بن عبد الله وكثير من أتباعه استتر الإمام عيسى في الكوفة لفترة طويلة؛ بسبب الاضطهاد الذي لقيه من الجنود العباسيين.
بايعته الشيعة بالكوفة سراً في عام (156هـ) أيام أبي جعفر المنصور الدوانيقي، كما توافدت إليه البيعة من الأهواز، وواسط، ومكة، والمدينة، وتهامة، وبلغ دعاته إلى مصر والشام، ولكن وبسبب اضطهاد العباسيين له ولأشياعه ومطاردتهم له فقد ظل متوارياً إلى أن توفي عليه السلام مسموماً أيام الخليفة العباسي الملقب (المهدي بن المنصور)(158-169هـ) والذي سرَّ بخبر وفاته أيما سرور.
__________
(1) كابل الآن عاصمة أفغانستان.
وقد ذكر صاحب (الحدائق الوردية) طرفاً من سيرته عليه السلام واضطهاد العباسيين له وتواريه بالكوفة، وذلك في سياق ترجمته للإمام محمد النفس الزكية(1) الأمر الذي يصور لنا مدى اضطهاد الحكام العباسين لفضلاء أهل البيت (ع) وكان عليه السلام أعلم أهل زمانه، وأورعهم، وأسخاهم، وأشجعهم.
8- الإمام الحسين بن علي بن الحسن (المثلث)
صاحب (فخ)
- مولده 128هـ.
- دعوته 19 ذي القعدة 169هـ،
- استشهاده 8 ذي الحجة 169م هـ.
بعد وفاة الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور (158هـ) الذي لم يستقم حكمه إلا بقتل خلق كثير من الناس، أخذت البيعة لولده محمد الملقب المهدي (158-169هـ) والذي خالف سياسة والده فمال إلى المصالحة، وهدأت في عهده الحركات المناوئة للعباسيين، وبعد وفاته أخذت البيعة بالعهد لولده موسى الملقب الهادي (169-170هـ)(2) والذي استأنف سياسة البطش والتنكيل بأهل البيت وشيعتهم الزيدية، وأمر واليه على المدينة بالتشديد عليهم وإلزامهم بالإقامة الجبرية نهار كل يوم، والعرض عليه يومياً خشية خروج أحدهم.
خروجه عليه السلام واستشهاده
__________
(1) انظر الحدائق الوردية ص155، وكتاب الشافي ج1 ص 211 ومقاتل الطالبين ص 405، تحقيق: السيد أحمد صقر، القاهرة 1949م.
(2) تولى الهادي العباسي بعهد من أبيه له ولأخيه هارون الملقب بالرشيد، وقد ذكر السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء ص260 (أنه جبار، وحكى الذهبي عنه أنه كان يتناول المسكر، وأن أمه كانت حاكمة مستبدة بالأمور الكبار) كما ذكر الإمام عبد الله بن حمزة في كتابه الشافي (أنه رام عقد الولاية لولده العباس وخلَع أخاه هارون من العهد وكان عمر ولده خمس سنوات).
اجتمع للإمام الحسين بن علي بن الحسن المثلث عدد من أهل البيت (ع)(1) وشيعتهم لبيعته واستنهاضه، فاستولى على المدينة، واعتلى منبر جده رسول الله ً فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه وآله، ثم قال: أيها الناس أنا ابن رسول الله على منبر رسول الله، في مسجد رسول الله، أدعوكم إلى كتاب الله وسنة رسول الله، أيها الناس، أتطلبون أثر رسول الله في الحجر والعود وهذا - ثم مد يده- من لحمه ودمه …!
وخرج في عصابة من أهل البيت (ع) بلغوا إلى ستة عشر رجلاً ومن شيعتهم إلى ثلاثمائة داعين إلى الله، عاملين بكتاب الله، مواجهين لأعداء الله، والتقاهم الجيش الذي أنفذه الهادي العباسي والبالغ عدده أربعون ألفاً في طريقهم إلى مكة، فدعاهم الإمام إلى كتاب الله وسنة رسول الله ً ولم يجيبوه، فحملوا عليه فقاتلهم عليه السلام مع أصحابه حتى قُتِل ومن معه في سبيل الله يوم التروية8 ذي الحجة وهو مُحْرِم بمنطقة (فخ) جانب منى، وممن استشهد معه من أهل البيت عبد الله بن إسحاق، وسليمان بن عبد الله الكامل وغيرهم من صلحاء أهل البيت عليهم السلام.
__________
(1) ممن بايع الإمام الحسين بن علي ( الفخي) من أهل البيت:
1- إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن المثنى.
2- علي بن إبراهيم بن الحسن المثنى.
3- عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن المثنى.
4- الحسن بن الإمام محمد بن عبد الله النفس الزكية.
5-سليمان. 6- إدريس 7- يحيى أبناء عبد الله الكامل (إخوة النفس الزكية).
8- عبد الله 9- عمر ، ابنا الحسن الأفطس بن علي بن الإمام زين العابدين علي بن الإمام الحسين عليهم السلام.
بعد مقتل الإمام الحسين بن علي أُخِذَ رأسه الشريف وحُمِلَ إلى موسى الملقب الهادي ليفرح بمقتله ومن معه، ودفن جسده الشريف بفخ، ومشهده مقام ومزور، فقد أمر الإمام عبد الله بن حمزة -الذي تولى أمر الإمامة باليمن عام (674هـ)- حال ولاية السيد أبي الحسن قتادة بن إدريس أمير مكة آنذاك بعمارته فعمر عليه، وعلى الحسن بن محمد قبة حسنة وذلك عام (601هـ)(1).
أما أتباع الإمام الحسين بن علي الذين بقوا على قيد الحياة فقد تفرقوا في بلدان مختلفة تاركين الحجاز، ففر الإمام إدريس بن عبد الله الكامل إلى المغرب العربي، وفر أخوه الإمام يحيى إلى بلاد الديلم، وستأتي ترجمتهم لاحقاً.
ذكر طرف من فضائله
كان الإمام الحسين بن علي يقسم بالله أنه يخاف أن لا تقبل منه صدقاته؛ لأن الذهب والفضة والتراب عنده بمنزلة واحدة، فقد كان كريماً سخياً، باذلاً للمال والنفس.
والداه عليهم السلام
__________
(1) الحدائق الوردية للشهيد حميد أحمد المحلي ص181.
أمه زينب بنت عبد الله الكامل بن الحسن المثنى، وهي ووالده علي بن الحسن المثلث كان يقال لهما: الزوج الصالح، وكان أبوه يدعى الأغر والعابد، وهو ممن حبسهم أبو جعفر المنصور في محبس الهاشميين، وكانوا في المحبس لا يعرفون مواقيت الصلاة إلا بوظائفه من العبادة وقراءة القرآن، وكانت عليهم قيود ثقيلة في المحبس، وعندما نحلت أجسادهم بسبب طول فترة الحبس، كانوا يخلعونها فإذا أحسوا بالحرس ردوها، وأبى عليه السلام أن يحل قيده، فقال له عمه عبد الله الكامل بن الحسن المثنى (ع): مالك لا تحل قيدك؟ فقال: لا أفعل حتى ألقى الله عز وجل فأقول: يا رب سل أبا جعفر لم قيدني؟ فضجر عبد الله الكامل (ع) ضجره فقال: يابن أخي ادع على أبي جعفر فقال: يا عم إن لأبي جعفر منزلة في النار لا يبلغها إلا بما يوصل إلينا من الأذى، وإن لنا منزلة في الجنة لا ننالها إلا بهذا أو أبلغ منه، فإن شئت أن أدعو الله تعالى أن يضع من منزلتنا في الجنة وأن يخفف عن أبي جعفر من منزلته في النار فعلت، فقال: بل نصبر(1).
وتلاحظ هنا قوة إيمانهم بالله عز وجل، وإيمانهم بصدق الوعد والوعيد، ولولا ذلك الإيمان ما استطاعوا تحمل الأذى والاضطهاد في سبيل الله تعالى.
9- الإمام يحيى بن عبد الله الكامل
- وفاته 180 هـ
__________
(1) الشافي بتصرف.
قاتل الإمام يحيى بن عبد الله مع الإمام الحسين بن علي صاحب فخ وأصيب بجراحات كثيرة، وبعد وفاة موسى بن محمد الملقب الهادي (169-170هـ) تولى أخوه هارون الملقب الرشيد(170-193)(1) والذي طالت فترة سيطرته على مقاليد الحكم أكثر من ثلاث وعشرين سنة، قضاها في اللهو واللذات المحظورة والغناء(2) وجمع أموال المسلمين، وتكوين الثروات الطائلة(3) وتوطيد أركان حكمه بالبذل والعطاء، وكان للمغنين والمغنيات في عهده أكثر العطايا، وتمكن في فترة حكمه الطويلة من قتل خلق كثير وخاصة من علماء وأئمة أهل البيت(4)
__________
(1) يذكر السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء طرفاً من إسراف هارون في ملذاته وانتهاكه محارم والده ص270، منها خبر مراودته لجارية والده المهدي، ونكاح الإماء قبل الاستبراء.
(2) الذهبي: في سير الأعلام، انظر في هذا نفس المرجع السابق للسيوطي ص266، وفي إفراط هارون بالمعاصي انظر كتاب الشافي للإمام عبد الله بن حمزة ص220 وتهتكه في أمر جعفر بن يحيى.
(3) ذكر السيوطي أن الصولي حكى أن الرشيد خلف مائة ألف ألف دينار، ومن الأثاث والجواهر والدرق والدواب ما قيمته مائة ألف ألف دينار وخمسة وعشرون ألف دينار، ص275، ومعروف للجميع ترف الولاة في عهده وفقر رعيته حتى ظهر التصوف كحركة لها أثر مع ترف المغنين والمطربات وفقر العلماء والرعية.
(4) وممن قتل في عهده من أهل البيت:
1- عبد الله بن الحسن الأفطس بن علي المثنى بن علي زين العابدين بن الإمام الحسين.
2- العباس بن محمد بن عبد الله بن علي زين العابدين.
3- الحسين بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله بن الإمام جعفر الصادق.
4- الإمام موسى الكاظم بن جعفر الصادق.
5- إسحاق بن الحسن بن زيد بن الإمام السبط الحسن وغيرهم، انظر في هذا ص 240 الشافي للإمام عبد الله بن حمزة.
ومطاردة الآخرين، وفي عهده هذا خرج الإمام يحيى بن عبد الله بعد أن تمكن من الفرار بعد مقتل الإمام الحسين بن علي الفخي متنقلاً في بلدان كثيرة مهاجراً بدينه، فدخل إلى اليمن ومكث في صنعاء وأخذ عنه علماؤها، ثم ارتحل إلى السودان (بلاد الحبشة) وخرج منها ماراً بمصر إلى بلاد الترك فلقيه ملكها بالإكرام وأسلم على يديه، وبث الإمام دعاته في الآفاق وجاءته كتبهم ببيعته، وبايعه كثير من العلماء، وممن دعا إلى بيعته محمد بن إدريس الشافعي، وانتقل إلى بلاد الديلم عند ملكها حسنان الذي ناصره بادئ الأمر، وتمكن هارون الرشيد من إرسال أحد قادته (الفضل بن يحيى) الذي تمكن بحيلة وغدر من إقناع الملك بتسليم الإمام يحيى وأعاده إلى بغداد بعد أن أحضر له آلافاً من العلماء ليشهدوا له بأن يحيى بن عبد الله عبدٌ لهارون الرشيد، وقد أعطى هارون الرشيد المواثيق المشهودة من علماء وأناس كثير بالأمان ليحيى، وأحسن استقباله في بغداد بادئ الأمر، ثم سجنه وأطلق سراحه لينتقل إلى مكة، وتمكن حينها عبد الله بن مصعب بن الزبير - خصم يحيى- من الكيد بيحيى لدى هارون فأعاد سجنه إلى أن توفي بالسجن قتلاً، وإن اختلف في كيفية قتله عام (176هـ).
10- الإمام إدريس بن عبد الله الكامل
- 175هـ وفاته مسموماً
هو الإمام الخامس من أولاد الإمام عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط، خرج إلى المغرب داعياً لأخيه يحيى بن عبد الله، وعندما بلغه أمر يحيى وما احتاله عليه هارون الملقب بالرشيد دعا إلى نفسه بعد أن عرف به أناس من المغرب تعرفوا عليه في أثناء حجهم في العام الذي قاتل فيه مع الإمام الحسين بن علي صاحب فخ (169هـ) والتي انتقل بعدها إلى مصر، فالمغرب (172هـ) فاجتمع البربر على القيام بدعوته وخلع طاعة العباسيين فتمت له البيعة.
فتح مدينة فاس ثم تلمسان، وبايعه أهلها، وعظم أمره، واستطاع التغلب على الجيوش العباسية، وأقلق ذلك هارون الملقب بالرشيد، والذي دفعه للتخلص منه بالسم، وكانت وفاته بمدينة طليطلة(1) من بلاد الأندلس.
11- الإمام إدريس بن إدريس بن عبدالله
- دعوته 188 هـ
- وفاته 213 هـ
يعتبر الإمام إدريس بن عبد الله مؤسس دولة الأدارسة في المغرب وإليه نسبتها، وقد قام بالدعوة فصار حاكماً لمراكش بالإمامة بعده ولده إدريس بن إدريس عام (188هـ) بإجماع قبائل البربر، وقد أحبته رعيته لحسن سيرته وحزمه، فاستمال أهل تونس، وطرابلس الغرب، والأندلس إليه، وقد وطد دولة الأدارسة بالمغرب، وضرب السكة باسمه.
توفي بمدينة فاس مسموماً عام (213هـ) وله عقب بالأندلس والمغرب، ومصر، ووسط الجزيرة العربية بالحجاز وغيرها، وبلغت البلاد الخاضعة للأدارسة بالمغرب لأقصى سعتها حوالي سنة (246هـ)(2).
__________
(1) من بلاد الأندلس (أسبانيا) المعروفة حالياً (توليدو) جنوب مدريد.
(2) عن دولة الأدارسة ونهايتها
1- تاريخ الدول الإسلامية ومعجم الأسر الحاكمة.
2- تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي، ج3 ص 162، الدكتور/ حسن إبراهيم حسن، الطبعة السابعة، مكتبة النهضة العربية.
12- الإمام محمد بن إبراهيم بن إسماعيل
- دعوته 10 جمادى سنة 199هـ.
- استشهاده رجب سنة 199بالكوفة.
هو الإمام محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم (الشبه) ابن الإمام الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط.
أبوه إبراهيم المعروف بـ(طباطبا) والغمر، سجنه المهدي العباسي 158-169هـ وظل في السجن طيلة فترة حكم الهادي العباسي (169هـ) وهارون الملقب بالرشيد (193هـ) وتوفي بالسجن.
كان الإمام محمد بن إبراهيم من فضلاء أهل البيت (ع) في عصره، وقد دعا بالكوفة وبايعه الفضلاء من أهل البيت (ع) وكثير من العلماء بعد أن ألحّ عليه في الخروج بادئ الأمر (نصر بن شبيب) والذي توانى بعدها من نصرته، وحثه على الخروج بعد ذلك أبو السرايا (السري بن منصور الشيباني) والذي قاتل معه قتالاً شديداً، وتمكن من السيطرة على الكوفة بعد وقعات كثيرة بينه وبين الجنود العباسيين والتي قتل منها الكثير، وأرسل الإمام محمد بن إبراهيم دعاته إلى كثير من الأمصار، فأرسل أخاه الإمام القاسم بن إبراهيم إلى مصر، وبايعه محمد بن جعفر الصادق، وعلي بن عبيد الله بن الحسين بن علي زين العابدين بن الإمام الحسين سبط رسول الله، وكان خروجه ودعوته في أيام المأمون العباسي 198-218هـ (1).
__________
(1) وفي دوافع خروجه عليه السلام يذكر الإمام عبد الله بن حمزة في الشافي ص243ج1 أنه قبل قيامه بالكوفة قال: إنه خرج ظاهر الكوفة فرأى عجوزاً تتبع الطريق وتلقط من الرطبة ما سقط وتلفه في كسائها. فقال لها: يا أمة الله ما تريدين بهذا؟ قالت: إني امرأة أرملة ولي بنات يتائم ولا شيء لنا من المعيشة إلا هذا ألفه كل يوم فأرده إليهن فيقتتنه، قال: فبكى عليه السلام بكاءً شديداً وقال: أنت والله وأمثالك تخرجينني غداً فأقاتل حتى أقتل.
وقد استشهد في أحد الوقعات، وطلب منه أبو السرايا أن يعهد إليه بوصيته، فأوصاه بتقوى الله، والذب عن دين الله، وتولية الخيرة من آل علي، فإن اختلفوا فالأمر إلى علي بن عبيد الله الحسيني والذي اعتذر بدوره عن تولي الأمر لخوفه من الانشغال بغيره، فوثب محمد بن محمد بن الإمام زيد وهو أصغرهم سناً ودعا إلى نفسه فبايعه الجميع، وفرق عماله على الأمصار، وقد كان رغم حداثة سنه عالماً فاضلاً، شجاعاً مقداماً.
ومما تجدر الإشارة إليه هنا هو تحري أئمة أهل البيت في أمر الله ودينه، وعدم حرصهم على الحكم لذاته بقدر حرصهم على استقامة شرع الله، فالإمام محمد بن إبراهيم يتحرى فيمن تكون بعده، ويترك أمر الاختيار على من يجب عليهم البيعة والنصرة لمن تصح فيه وإن لم يتفقوا فيزكي أفضل أهل زمانه وهو علي بن عبيدالله والذي يتحرج عن قبول الولاية خوف التقصير، ويبادر بالبيعة إلى من هو أصغر منه سناً مع من بايعه من الناس وهو الإمام محمد بن محمد بن زيد الذي شهد له الجميع بعلمه، وفضله، وبأسه، وشجاعته.
13- الإمام محمد بن جعفر الصادق
- ربيع الأول 200هـ دعوته.
- وفاته مسموماً 201هـ تقريباً.
الإمام محمد بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الإمام الحسين السبط بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام.
وهو ممن خرج داعياً إلى الله أيام المأمون العباسي (198هـ-218هـ) وذلك في مكة المشرفة سنة (200هـ) وفي سبب خروجه يذكر الإمام عبد الله بن حمزة (624هـ) أن رجلاً في تلك المدة ألف كتاباً سب فيه أهل بيت رسول الله ً حتى اتصل بفاطمة الزهراء عليها السلام فنال منها، فجاء الطالبيون بالكتاب إلى محمد بن جعفر الصادق فقرءوه عليه، ولما سمع ذلك لم يرد عليهم جواباً دون دخوله إلى منزله فلبس الدرع، وتقلد السيف وخرج إليهم، مع أنهم كانوا يطالبونه القيام قبل ذلك، ولم يساعدهم في ذلك، وخرج معه من فضلاء أهل البيت أخوه علي بن جعفر الصادق، والحسين بن الحسن الأفطس، ومحمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن السبط، ومحمد بن الحسين المعروف بالسياق، وعلي بن الحسين بن عيسى بن الإمام زيد بن علي فبايعوه.
استولى على مكة ثم المدينة، فكلف المأمون لحربه (هارون بن المسيب) الذي هزم هو وجنوده من قبل الإمام محمد بن جعفر، ثم كثف المأمون الجنود العباسية لحرب الإمام فحوصر وأصحابه في جبل (ثبير) بالحجاز فسألوه الهدنة فأبى ذلك، فشددوا الحصار عليه حتى اضطروا أصحابه للتفرق عنه، فنزل على القوم، وأمنوه وأرسلوه إلى خراسان فلقيه المأمون بأنصاف مع خوفه من مهابته والتفاف الطالبيين لديه اضطر إلى أن يدس له السم فتوفى بجرجان، وأظهر عليه المأمون حزناً، وحمل جنازته مع من حمل، ونزل إلى قبره وسوى لحده، ثم نهض وقضى جميع ديونه التي تجاوزت خمسة وعشرين مثقالاً(1).
وكان رحمه الله عابداً فاضلاً، شجاعاً عالماً، جمع خصال الكمال، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وما علم أن خرج برداء ورجع به حياته، بل يتصدق به ويهبه، فعليه وعلى آبائه السلام.
__________
(1) الشافي: عبد الله بن حمزة، ص258.
14- الإمام الحسن بن إبراهيم بن عبد الله الكامل
- وفاته حوالي (167 هـ) بالبصرة.
هو الإمام الحسن بن الإمام إبراهيم بن عبد الله بن الحسن المثنى.
ظهر في عهده أبو الدوانيق المنصور العباسي الذي بالغ في طلبه ومطاردته، واحتال في حبسه عن طريق نصراني أرسله المنصور إليه ليظهر للحسن مودته، واحتال في الأمر على الإمام، وأرسله إلى المنصور العباسي، وظل في السجن إلى أن توفى أبو الدوانيق المنصور العباسي فخرج من السجن على يدي بعض أتباع أهل البيت في أيام المهدي العباسي (158-169هـ) الذي مال إلى المصالحة فأمنه، وتوفي في عهده.
15- الإمام الأعظم القاسم (الرسي) بن إبراهيم بن إسماعيل (ع)
- 169هـ مولده.
- 199هـ بداية دعوته.
- 226هـ الدعوة الجامعة له.
- 246 هـ وفاته.
هو الإمام أبو محمد ( نجم آل الرسول) القاسم بن إبراهيم (طباطبا) بن إسماعيل بن إبراهيم بن الإمام الحسن المثنى بن الإمام الحسن سبط رسول الله ً.
كان عليه السلام من دعاة أخيه الإمام محمد بن إبراهيم في مصر، ولما سمع بموت أخيه (199هـ) لبث في دعاء الخلق إلى أن توفي ولم يتسن له القيام والخروج، وذلك أنه لما قام بإرسال دعاته أول الأمر جاءته البيعة من أهل مكة والمدينة والكوفة، وأهل الري، وقزوين وطبرستان، وتخوم، والديلم، وكاتبه أهل العدل من البصرة والأهواز، وحثوه على الظهور فأمر جماعة من دعاته وبني عمه وغيرهم إلى بلخ، والطالقان والجوزجان، فبايعه كثير من فضلاء أهلها فسألوه أن ينفذ إليهم بولد له ليظهروا الدعوة، فانتشر خبره بذلك قبل التمكن فوجهت الجيوش العباسية أيام المأمون بطلبه ومطاردته فألجأه ذلك إلى الهجرة مستتراً في البلدان، فرحل إلى اليمن، والتجأ إلى البدو، ودخل عدن ومنها إلى بلاد السودان، فمصر، ثم الحجاز، وأراد الاستقرار بالمدينة وهو في جميع تنقلاته هذه متحملاً للشدة، مجتهداً في إظهار دين الله، منابذاً للظلم، وتوصل المأمون بمن قدر عليه في أن يصافيه ويأمن جانبه على أن يعطيه المأمون مالاً عظيماً، ويصل ما بينهما على أن يبدأه الإمام بكتاب إليه، أو يرد على كتاب المأمون فأبى ذلك أشد الإباء، ورفض حتى مجرد الرد على المأمون، وقد قال: والله لو كلفني المأمون ببناء مسجد لله على أن أعد آجورة ما فعلت، وهذا منتهى إعلان البراءة والمقاطعة للحكام.
وبعد وفاة المأمون اشتد في طلبه المعتصم (218-227هـ) وجهز جيوشاً كثيرة لمطاردته طوال فترة حكمه فظل عليه السلام مستتراً بين البلدان الأمر الذي منعه من الخروج.
أما بالنسبة لبيعته عليه السلام فله أكثر من بيعة، الأولى بعد وفاة أخيه محمد بن إبراهيم عام (199هـ) والثانية وهي الجامعة لفضلاء أهل البيت وغيرهم فكانت عام (226هـ) في منزل محمد بن منصور المرادي بالكوفة.
وكان الإمام القاسم بن محمد قد انتقل إلى جبل الرس بالقرب من ذي الحليفة، واستقر هو وولده فيها إلى أن توفي في سنة (246هـ) وقبره هناك فيها مشهور مزور جوار المدينة المنورة، وذلك في أيام المتوكل العباسي (232-246هـ) بعد أن عاصر أربعة من خلفاء العباسيين: المأمون (218هـ) وأخوه المعتصم (227هـ) وابنا المعتصم الواثق (227-232هـ) والمتوكل (247هـ) الذي عرف بشدة عدائه، ومحاربته لشيعة أهل البيت وأئمتهم.
مؤلفات الإمام القاسم بن إبراهيم (ع)
للإمام القاسم بن إبراهيم مؤلفات عديدة في أصول الدين، والفلسفة، والفقه، والتصوف، تناقلها علماء الزيدية وأئمتهم، ورووها بطرق عديدة، وهذه المؤلفات العديدة والمشهورة ما تزال مخطوطة والحمدلله أنها متواجدة في معظم المكتبات الزيدية(1) الخاصة والعامة، ونذكر منها:
أولاً: في أصول الدين:
كتاب الدليل الكبير ينصر فيه التوحيد ويحكي مذاهب الفلاسفة.
كتاب الرد على ابن المقفع.
مناظرة الملحد بأرض مصر، تحقيق: محمد يحيى سالم عزان، دار التراث، صعدة، الطبعة الأولى عام 1992م.
كتاب الرد على المجبرة.
كتاب تأويل العرش والكرسي.
__________
(1) ذكر المولى العلامة المجتهد مجد الدين المؤيدي في كتابه (التحف شرح الزلف) عند تعداده لمؤلفات الإمام القاسم بن إبراهيم ص 81 أن نسخاً منها موجودة لديه في مكتبته الخاصة، كما توجد نسخة مخطوطة من كتاب (مجموع الإمام القاسم الرسي) في المكتبة الخاصة بوالد الباحث محمد بن زيد.
كتاب الناسخ والمنسوخ.
فصول الإمامة رداً على مخالفي الزيدية.
كتاب الرد على النصارى.
ثانياً: في الفقه:
أجوبة الإمام القاسم عن المسائل التي سئل عنها نحو: (مسائل جعفر بن محمد النيروسي وعبدالله بن الحسن الكلاري).
كتاب الطهارة.
3- كتاب صلاة اليوم والليلة.
4- مسائل علي بن جهشيار.
5- جامع الأجزاء في تفسير قوارع القرآن.
6- كتاب الفرائض والسن.
7- كتاب المناسك.
ثالثاً: في التصوف والزهد:
1- سياسة النفس(1).
16- الإمام علي (الرضا) بن موسى (الكاظم)
- مولده 148هـ.
- بيعته 2 رمضان 201هـ.
- وفاته مسموماً 203هـ.
هو الإمام علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع).
__________
(1) ذكره الإمام يحيى بن الحسين الهاروني في كتابه (الإفادة في تاريخ الأئمة السادة) تحقيق: محمد يحيى سالم عزان، دار الحكمة اليمانية، الطبعة الأولى 1996م، طبع بعنوان (الإفادة في تاريخ أئمة الزيدية).
وإمامته مجمع عليها من أهل البيت(ع) الزيدية(1) والإثني عشرية (الإمامية) وإن اختلف في طريق ثبوتها له، وكذا أهل السنة والعباسيين، فالإمامية ترى إمامته بالنص باعتباره الإمام الثامن من أئمتهم عليهم السلام، وطريق إمامته عند أهل البيت الزيدية بدعوته للبيعة له بالإمامة، فأول من بايع له المأمون وأولاده، وأهل بيته، وبنو هاشم، ثم الناس على مراتبهم، والأمراء، والقواد، وجميع الأجناد.
وعند العباسيين وأهل السنة بولاية العهد من المأمون فقد أعطى لبيعته للناس عطاءً واسعاً، وضرب اسمه في السكة والطراز، وجعل له في خطبة الجمعة موضعاً يذكر فيها ويصلي ويسلم عليه وعلى آبائه، وقلبوا السواد إلى خضرة.
هذا وإن كان المأمون العباسي (198-218هـ) قد عرف بميله الظاهر إلى أهل البيت (ع) إلا أنه قد تُخلِصَ من الكثير من دعاتهم بالسم في عهده، كما فعل بالإمام علي الرضا بن موسى الكاظم، وذلك لأنه قد وجد معارضة قوية من قبل العباسيين في أخذه لولاية العهد للإمام علي الرضا وخاصة من قبل أخيه المعتصم (218ـ227هـ).
__________
(1) ذكر الإمام عبدالله بن حمزة في الشافي ج2: وعلى أنا قد أجمعنا نحن وبنو العباس على إمامة علي بن موسى الرضا (ع) ولم نختلف في ذلك نحن ولا هم، كما أشار إلى هذا السيد العلامة المجتهد المحقق المولى مجد الدين المؤيدي في كتاب التحف شرح الزلف ص84 بانه أجمع على إمامته أهل البيت وغيرهم، وإن كان الإمام الهادي إلى الحق لم يذكره من ضمن الأئمة في كتابه (الأحكام)؛ لأنه اكتفى بذكر الأئمة المجاهدين الثائرين، كأمثال الإمام زيد بن علي، والإمام محمد بن عبدالله النفس الزكية، وصاحب (فخ).
وقد نقل الأصفهاني صاحب مقاتل الطالبيين روايات عدة تفيد بأن المأمون ألزم الإمام بقبول ولاية العهد بعد التهديد له، كما يلاحظ أن بيعة الإمام علي بن موسى الرضا بولاية العهد من قبل المأمون قد جاءت بعد الأحداث والانتفاضات التي قام بها الإمامان محمد بن إبراهيم (119هـ) ومحمد بن محمد بن زيد (202هـ) وقتل فيها من جنود العباسية أكثر من مائتي ألف قتيل، وكذا قلق المأمون البالغ من تحرك الإمام القاسم الرسي بن إبراهيم السابق ذكره، والتي بدأت منذ وفاة أخيه الإمام محمد بن إبراهيم الأمر الذي دفع بالمأمون إلى عقد ولاية العهد للإمام علي بن موسى الرضا كمحاولة لامتصاص غضب المعارضة من العامة والخاصة، وإن شخصية الإمام علي الرضا كانت محل إجماع لعلمه ووجاهته وفضله وكماله، وكذا تزويجه للإمام بابنته (أم حبيب) ثم التخلص منه بالسم عام (203هـ) ولما مات أظهر عليه جزعاً عظيماً، وقبره إلى جانب والده (هارون) بمدينة طوس المعروفة حالياً بمدينة (مشهد)(1) نسبة إلى مشهد الإمام علي الرضا، وجهل الناس عن قبر هارون منذ ذلك التاريخ.
17- الإمام محمد بن القاسم بن علي بن عمر الأشرف (الطالقاني)
- وفاته حوالي (232هـ) بعد خروجه من السجن في عام 229هـ (2).
هو الإمام العالم العابد، الفاضل الزكي الزاهد، أبو جعفر محمد بن القاسم بن علي بن عمر الأشرف بن علي زين العابدين بن الإمام السبط الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام.
__________
(1) مدينة مشهد علي موسى الرضا تقع شمال شرق إيران، وتبعد عن العاصمة طهران مسافة 960كم.
(2) اعتمدنا في هذا التاريخ على مروج الذهب ج2 ص 246.
كانت دعوته أيام المعتصم العباسي (218- 227هـ)(1) بخراسان فاجتمع لبيعته أهل الفضل من المذاهب وانطوى ديوانه على أربعين ألف مقاتل، وله وقعات كثيرة مع آل طاهر كانت له اليد عليهم فيها، وكان يكره سفك الدماء، وهم بالتخلي فحثه أصحابه على مواصلة الجهاد، ومع ذلك فقد تخلى عنهم عندما وصل إلى (مرو) وسمع في ذات ليلة صوت باك فأمر أحد العلماء الذين صحبوه (وهو إبراهيم بن عبد الله العطار) لينظر في أمر الباكي، وقام الأخير بسؤال الحائك عن ما يبكيه فأخبره شاكياً أن أحد جنودهم أخذ عليه (لبداً)(2) ثم أمر الجندي برد ما أخذ على الرجل والذي تحجج بقوله (إنما خرجنا معكم لنكسب وننتفع
__________
(1) المعتصم العباسي هو الخليفة الثامن، ذكر الإمام عبد الله بن حمزة في الشافي ص276ج1 أن المعتصم كان متجبراً مقدماً على سفك الدماء، وكان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، مشتغلاً في كثير من أوقاته باللذات، وكان إذا غضب لم يبال من قتل، وفي هذا يذكر السيوطي في تاريخ الخلفاء ص309 أنه (كان ذو شجاعة وقوة، وكان عرياً من العلم) وحكى عن نفطويه أنه كان من أشد الناس بطشاً، وإذا غضب لا يبالي من قتل، وأخرج عن محمد بن عمر الروسي قال: كان للمعتصم غلام يقال له: عجيب، لم ير الناس مثله قط، وكان مشغوفاً به فعمل فيه أبيات ثم دعاني وقال: قد علمت أني دون إخوتي في الأدب لحب أمير المؤمنين لي وميلي إلى اللعب، وأنا حدث فلم أنل ما نالوا، وقد عملت في عجيب أبياتاً فإن كانت حسنة وإلا فاصدقني حتى أكتمها، وأورد ذكر بعض الأبيات الشعرية في غلامه وقد ذكرنا ذلك ليعرف اهتمامات هذا الخليفة الغضوب، راجع في ذلك كتاب السيوطي تاريخ الخلفاء ص 309 وما بعدها.
(2) اللبد: قطعة جلد مخيطة على هيئة كيس.
ونأخذ ما نحتاج إليه) ومع ذلك فقد ألح إبراهيم عليه ورد للباكي حقه، وعندما رجع إلى الإمام أخبره الخبر، فقال الإمام محمد بن القاسم: كيف ننتصر على إحياء الدين بمثل هذا؟ وبلغ ذلك الموقف منه كل مبلغ، ثم قال الإمام: فرقوا الناس عني حتى أرى رأيي.
وكان السبب في رفضه للخروج معهم وفرّق الناس من حوله، ورحل إلى الطالقان، وما يزال أصحابه يدعون الناس ويختارون أصلح الجند حتى أتوه مرة أخرى إلى الطالقان ليخرج معهم، وأرسل إليه عبدالله بن طاهر جيوشاً عدة لمقاتلته هزم أكثرها، ولكنه في الأخير تمكن من خدعة الإمام وإلحاق الهزيمة بجنده، فاستتر الإمام، وتتبعه ابن طاهر بجيوشه حتى ألقى القبض عليه، وقيده، وأرسله إلى سجن المعتصم الذي بالغ من الانتقاص من حقه، وتمكن الإمام من الفرار من سجن المعتصم سنة (229هـ) فتشدد المعتصم في طلبه فاستتر الإمام إلى وفاته.
واختلف في نهايته فقيل: رجع إلى الطالقان، وقيل: إلى واسط، وقيل: اسمه المعتصم، وقيل: إنه توارى إلى أيام المتوكل، ولهذا الاختلاف في عدم معرفة بيان وفاته اعتقد بعض عوام الزيدية جهلاً منهم آنذاك إلى أنه حي يرزق، وأنه لم يمت، وأنه يخرج فيملؤها عدلاً كما ملئت جوراً، كما تذهب إليه الإمامية في المهدي الغائب المنتظر الإمام الثاني عشر من أئمتهم عليهم السلام.
18- الإمام محمد بن جعفر بن يحيى بن عبد الله الكامل
- (بتاهرت -الجزائر). وفاته حوالي (230 هـ).
هو الإمام محمد بن جعفر بن الإمام يحيى بن عبد الله بن الإمام الحسن المثنى بن الإمام الحسن سبط رسول الله ً بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام.
بعد أن توفي المعتصم العباسي (229 هـ) والذي كان شديداً متجبراً، مقدماً على سفك الدماء، بويع لولده الملقب بالواثق (229 هـ-232هـ) والذي حسنت سيرته في الرعية، وخالف من سبقه من العباسيين في السيرة والاعتقاد، ومعاملة العترة عليهم السلام وشيعتهم، فأمنهم، وأدر عليهم الأرزاق، وأظهر شيئاً من العدل، وحسن القول في باب الاعتقاد، وشدد على أهل الجبر والقدر، والإرجاء.
أما عن اللهو والشراب واللعب فكان على منهاج من سبقه من أهل بيته، وله الألحان المعروفة في الغناء بالواثقية، وهي العشرة المختارة من المائة الذي كان الملقب (الرشيد) قد اختارها.
وفي عصره خرج الإمام محمد بن جعفر بن الإمام يحيى بمدينة (تاهرت(1) شمال الجزائر) من جهة المغرب العربي فاستقام له الأمر، وكان عادلاً متواضعاً يركب الحمار، ويطوف في الأسواق للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويحضر الجنائز، وكان عالماً، فاضلاً، ورعاً، فاستقام له الأمر في المغرب إلى أن توفي، وتبعه بعد ذلك من ذريته على سيرته إلى عام (290 هـ) (2).
__________
(1) في معجم البلدان: أن تاهرت مدينة في شمال الجزائر، ويقال لها الآن: تيارت.
(2) الواقع أن المصادر التي أشارت إلى قيام دولة الإمام محمد بن جعفر بن يحيى في شمال الجزائر قليلة ونادرة خاصة المخطوطة منها، ويمكن مراجعة المصادر المطبوعة عن تاريخ المغرب العربي، حاصة تاريخ الموارد الكبير د/ عبدالعزيز سالم، العصر الإسلامي، ج2-ج3، دار النهضة العربية، بيروت، وكذا تاريخ الإسلام السياسي والديني، والثقافي، والاجتماعي، د/ حسن إبراهيم حسن، الطبعة السابعة 1965م، مكتبة النهضة العربية.
لقد حرص أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين استتبت لهم الأمور، فقاموا بأمر الأمة حيناً بعد حين إلى تقديم صورة مخالفة كلياً عما سار عليه خلفاء بني أمية والعباسيين، فجانبوا الترف واللهو، والتزموا بالعفاف، والزهد، والعدل، وبهذا اشتهر أغلب من قام منهم إلى تاريخنا المعاصر.
19- الإمام محمد بن صالح بن عبد الله بن موسى بن عبد الله (الكامل)
- وفاته حوالي (240 هـ).
هو حفيد الإمام عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الإمام الحسن المثنى بن الإمام الحسن سبط رسول الله ً، والإمام عبد الله بن موسى بن عبد الله من أفاضل أهل البيت وأعلمهم، وأحد أكابر أهل البيت الذين اجتمعوا في دار محمد بن منصور المرادي وبايعوا الإمام القاسم (الرسي) بن إبراهيم، وذلك في عهد المأمون العباسي (198- 218هـ) وكان المأمون يسعى إلى مواصلته، وإظهار المودة له بعد موت الإمام علي الرضا بن موسى الكاظم، وأرسل إليه برسالة طويلة، فأجاب عليه الإمام عبد الله بن موسى بإجابة شديدة، وحمّله مسؤولية قتل الإمام علي بن موسى الرضا بالسم فيما أطعمه من العنب، وصرح فيها بعداوته له، وبأنه أضر على الإسلام والمسلمين من كل عدو، وكان الإمام عبد الله بن موسى طوال عهد المتوكل العباسي (232- 247هـ) مستتراً إلى أن توفي في عهد المتوكل الذي شدد في مضايقته لأهل البيت منذ توليه بعد وفاة أخيه الواثق (232هـ) فكانت أيام المتوكل من أشد الأيام التي مرت بآل الرسول ً وشيعتهم، فقد تتبعهم بالقتل والتشريد وتخويف أتباعهم، وملاحقتهم، مستعيناً بذلك عليهم بوزرائه، ومنهم عبد الله بن يحيى بن خاقان الذي حسَّن له القبيح من أعماله، وفي عهده أمر قوماً من اليهود بهدم قبر الإمام الحسين بن علي عليهما السلام،
ومنع وعاقب زائريه، وهو الذي قتل ابن (السكيت) لتفضيله الإمام علي عليه السلام، كما أنه هو الذي أمر المحدثين بنشر أحاديث الرؤية والصفات(1)، وتبنى فقه أحد أصحاب الإمام الشافعي وأمر قضاته بنشره.
ومما بالغ فيه بالعداوة لأهل البيت أن استعمل على المدينة ومكة واليه (عمر بن الفرج) الذي منع الناس من التقرب إلى أهل البيت، ومنع أعطياتهم، وكان إذا بلغه أن أحداً أبرّ واحداً من أهل البيت بشيء وإن قل نهكه عقوبة، وأثقله غرماً(2) حتى كان قميص الواحد يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعد واحدة، ثم يرفعنه ويجلسن على مغازلهن عوارى حواسر، والمغنيات والعوارات تُحمل إليهن أنواع الثياب الفاخرة على الإبل.
فخرج في أيامه الإمام أبو عبد الله محمد بن صالح بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن المثنى فخدعوه بعد أن أمنوه، وحمل إلى (الري)(1) وحبس هناك.
وممن كان في عهد المتوكل مطاردٌ ومات في عهده الإمام القاسم الرسي، وقد قُتِلَ المتوكل العباسي على يد ابنه المنتصر العباسي (247-248هـ) الذي سار بخلاف سيرة أبيه، فلم يتعرض لأحد من أهل البيت مع قصر مدة عهده فرد فدك، وسمح بزيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام.
20- الإمام يحيى بن عمر العلوي الحسيني
- وفاته حوالي (250هـ).
__________
(1) راجع في هذا السيوطي، تاريخ الخلفاء مرجع سابق ص.
(2) ذكر صاحب مقاتل الطالبيين أن وزير المتوكل كان يقتل كل من زار أحداً من أهل البيت أو شيعتهم أو ينهكه عقوبة، وقد ذكر هذا أيضاً الفخري 213هـ، وأبو الفداء ج2 ص40، وابن الأثير ج7 ص 19، نقلاً من مقاتل الطالبيين للأصفهاني، تحقيق السيد أحمد صقر، القاهرة 1949م طبع بدار إحياء الكتب العربية ص597.
هو الإمام يحيى بن عمر بن الحسين بن الإمام زيد بن علي بن الإمام الحسين السبط عليهم السلام.
أحد الأئمة الثائرين الذين خرجوا على المتوكل العباسي (232-247هـ) في خراسان، وتمكن (عبدالله بن طاهر) من تقييده وإرساله إلى بغداد، فأمر المتوكل بضربه وحبسه، ثم أطلقه، وتولى بعده عمه الملقب المستعين بن المعتصم (248-252هـ) أقام الإمام يحيى بن عمر دعوته عام (248هـ) في بغداد بعد أن أحبه أهلها لحسن إقامته لديهم، وتوجه إلى الكوفة فاستولى عليها، وطرد نواب المستعين منها، فوقعت بينه وبين الجنود العباسية وقعات عدة كان له النصر في أولها، ثم جهز محمد بن عبد الله بن طاهر جيشاً قوياً لمواجهته فاقتتلا(بشاهي) قرب الكوفة، فقاتل الإمام بشجاعة حتى قتل، واحتز رأسه، وأُرسل إلى المستعين العباسي، وقد رثاه كثير من الشعراء، فلقد كان فارساً شجاعاً، ورعاً، عالماً، عابداً، كريماً، فاضلاً، فرحمه الله وألحقه بالشهداء الصالحين من آل بيت رسول الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وممن قام بالدعوة من أهل البيت عليهم السلام في أيام المستعين (248-252هـ):
- الإمام علي بن زيد بن الحسين بن عيسى بن زيد بن علي بن الإمام الحسين السبط بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام، كان خروجه بالكوفة بعد مقتل الإمام يحيى بن عمر وقد قتل بعد خروجه، وقد ذكره الإمام عبد الله بن حمزة في الشافي أيام المهتدي العباسي (255-256هـ).
- الإمام الحسين محمد بن حمزة بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين السبط بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام.
خرج بالكوفة بعد الإمام يحيى بن عمر فوجه له المستعين جيشاً كبيراً فأسره، وبايع للمعتز العباسي (252- 255هـ) وأراد الخروج ثانية فرد، وحبس بضع عشرة سنة، ثم أطلق سنة (268هـ) ثم خرج بسواد الكوفة، وظفر به المعتمد العباسي (256-279هـ) في آخر سنة (269هـ) فحبسه بواسط.
- الإمام محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الإمام الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط عليهم السلام، خرج بالكوفة وغلب عليها فخادعه ابن طاهر حتى تمكن منه فحبسه حتى مات.
21- الإمام الداعي إلى الله الحسن بن زيد بن محمد
- مولده (219هـ).
- وفاته (270هـ).
- ظهوره 25رمضان 250هـ.
هو الإمام الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الإمام زيد بن الإمام الحسن السبط عليهم السلام.
بدأ دعوته في أيام المتوكل العباسي (232-247هـ) في طبرستان فتمكن من السيطرة عليها أيام المستعين العباسي (247-252هـ) عام (250هـ) وهو مؤسس الدولة العلوية بطبرستان التي استمرت فترة طويلة من الزمن، وقد امتدت خلافته عشرين عاماً، وكان عادلاً حسن التدبير، وكانت بينه وبين الجنود العباسية وقعات كثيرة كان له النصر فيها عليهم.
وتمكن الإمام الحسن بن زيد في مدة ثلاثة أعوام من رمضان 250هـ حتى ذي الحجة 253هـ من مد نفوذه إلى جميع طبرستان (رويان، جالوس، والري) إلى قسم هام من الديلم، وطرد العمال العباسيين ودخل مدينة (آمل).
وأمر بعد أن استقر في طبرستان والديلم بعمارة المشهدين المقدسين: مشهد الإمام علي عليه السلام، ومشهد الإمام الحسين بن علي عليهما السلام، وكان يأمر إلى الحجاز والعراق بألف ألف درهم تفرق على ضعفة آل محمد ً وبعث دعاته في الآفاق.
توفي عليه السلام عام (270هـ) فقام بالدعوة بعده أخوه الإمام محمد بن زيد، الآتي ذكره.
22- الإمام الداعي محمد بن زيد بن محمد بن إسماعيل
- دعوته سنة 270هـ.
- استشهاده رمضان سنة 287هـ.
قام بالأمر بعد أخيه الداعي الحسن بن زيد عام270هـ ونشر في طبرستان العدل والتوحيد، وكانت إقامته بخراسان، وكان يضرب بعدله المثل.
وكان شجاعاً، عالماً، عابداً، حاربه السامانيون الموالون للعباسيين، وكانت له معهم وقعات كثيرة.
قتل يوم الجمعة في شهر رمضان (287هـ) أيام المعتضد العباسي (279-289هـ) فدفن بجرجان، وقبره مشهور مزور، وتمكن السامانيون بقيادة الأمير إسماعيل الساماني من السيطرة على طبرستان من عام (287هـ) إلى عام (301هـ) وهم يحكمونها من بخارى، وبعدها تمكن الإمام الأعظم الحسن بن علي الملقب بالناصر الأطروش من إعادة السيطرة على الجيل، والديلم، وطبرستان، واستمرت دولته ومن تعاقب من بعده من أهل البيت إلى عام 315هـ.
وهي الدولة الزيدية التي عاصرت قيام دولة الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين مؤسس الدولة الزيدية في اليمن.
23- الإمام إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم
- 251هـ دعوته.
- 252هـ وفاته.
هو الإمام إسماعيل بن يوسف(1) بن إبراهيم بن الإمام موسى بن عبد الله (الكامل) بن الإمام الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط عليهم السلام جميعاً.
__________
(1) والد الإمام إسماعيل هو يوسف المعروف (بالأخيضر) وعقبه هم أول من تولى إمارة مكة واليمامة ونجد، والمعروفون بالأخيضريين، واستمرت ولايتهم على مكة99 عاماً ابتداءً من ثورة الإمام إسماعيل(251هـ) إلى (350هـ) في عهد الأمير محمد بن جعفر الذي استولى القرامطة على مكة في عهده بعد قتله.
إمام ثائر من أهل البيت أيام المستعين العباسي (248-252هـ) ظهر أمره بمكة سنة (250هـ) فاستولى عليها، وطلب واليها العباسي، وزحف إلى المدينة، وتوارى عاملها، فرجع الإمام إلى مكة فوجده، وفي بداية العام (252هـ) خلع المستعين العباسي من قبل ابن أخيه الملقب المعتز بن المتوكل (252هـ) فكانت بين الإمام وبين الجنود العباسية وقعات قتل فيها من خيار أهل البيت وشيعتهم الكثير، وتوفي الإمام بالجدري عام (252هـ) أيام المعتز العباسي الذي قُتل في عهده الكثير من أهل البيت، نشير إلى البعض منهم:
جعفر بن عيسى بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
أحمد بن عبد الله بن موسى بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنى بن الإمام الحسن بن الإمام علي عليهم السلام.
وفي الري قتل جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن علي بن عمر الأشرف بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
وتوفي بالسجن أيام المعتز: عيسى بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عليهم السلام.
ومات في السجن أحمد بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن الإمام الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط عليهم السلام.
ويلاحظ أن المعتز العباسي (252-255هـ) قد أكثر من القتل في آل محمد ً، وذلك أنه في عهده تمكن الإمام الداعي الحسن بن زيد من إقامة دولته في طبرستان (250هـ)، وامتد نفوذه الأمر الذي دعا المعتز لملاحقة أهل البيت بالكوفة والمدينة، وتتبعهم بالقتل والسجن إلى أن خُلع المعتز العباسي من قبل ابن أخيه الملقب المهتدي محمد بن الواثق (255-256هـ) والذي استمر في قتل آل محمد ً، وقد قتل في عهد المهتدي رغم قصر مدته التي لم تتجاوز عاماً واحداً من أهل البيت الكثير نشير إليهم لاحقاً.
24- الإمام علي بن زيد بن الحسين
- استشهاده (256هـ).
هو الإمام علي بن زيد بن الحسين بن عيسى بن الإمام زيد بن علي زين العابدين بن الإمام السبط الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام.
بعد أن تمكن الحاكم العباسي الملقب (محمد المهتدي بن الواثق) (255-256هـ) من خلع ابن عمه الملقب (المعتز بن المتوكل) سار على نهجهم في تتبع آل محمد ً بالقتل والحبس، وقد أهلك من فضلاء أهل البيت الكثير، ولم يكن لمن تتبعهم بالقتل أي جرم سوى انتسابهم الشريف إلى رسول الله ً وكذا علمهم بفضلهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وسنشير لاحقاً إلى بعض فضلاء أهل البيت الذين قتلوا في عهد المهتدي، معتمدين في ذلك على ما أورده الإمام عبد الله بن حمزة في كتابه الشافي، والذي التزم في ذكره لمن قتل ببعض الفضلاء من الذرية الطاهرة، والذين هم بين مستحق للإمامة بالسبق، وبين معروف بالفضل، لا يعرف فيهم تارك فضيلة، منبهين بهذا على أن ما سنبينه لاحقاً ليس على سبيل الحصر ولكن ليتضح مدى جرم الخلفاء العباسيين، وشدتهم على أهل البيت العاملين المجاهدين الفضلاء.
وفي عهد المهتدي خرج بالكوفة الإمام علي بن زيد بن الحسين، وكان خروج أهل الكوفة معه لما لحقهم من القتل والأسر، وذلك بعد خروج الإمام يحيى بن عمر السابق ذكره.
وقد جهز المهتدي جيشاً كبيراً بقيادة (الشاه بن كيال) وكان بينهم وبين أنصار الإمام وقعات شديدة، قتل فيها من الجنود العباسية الكثير، وانتهى أمر الإمام بالاستشهاد في عام (256هـ).
وممن قتل في عهد المهتدي العباسي من فضلاء أهل البيت:
1- موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله الكامل بن الإمام الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط عليهم السلام، وكان جامعاً لخصال الكمال، عابداً، ورعاً، فقيهاً، راوياً للحديث ويعرف بموسى الثاني -ومنه ينحدر أشراف مكة والمدينة جميعاً- وترجم له أبو الرجال في كتابه (مطلع البدور)(1) الذي ذكر فيه رجالات الزيدية فقال: (أخذه سعيد بن الحاجب) والي البصرة العباسي مع ابنه إدريس بن موسى وابن أخيه محمد بن يحيى بن عبد الله بن موسى وغيرهم من أهل البيت وأراد إرسالهم لسجن العراق فعارضته بنو فزارة بالحاجر، فقاتلوه قتالاً شديداً، واستطاعوا تخليص إدريس بن موسى ومن معه من يد سعيد الحاجب.
أما موسى الثاني بن عبد الله فرده سعيد بن الحاجب فقتله سماً، وحمله إلى المهتدي في محرم (256هـ).
2- إبراهيم بن موسى بن عبد الله بن الإمام موسى بن عبد الله الكامل بن الإمام الحسن عليهم السلام، حبسه عامل المهتدي(2) على المدينة حتى مات.
__________
(1) مطلع البدور ج4 ص218 صورة مخطوطة بمكتبة جامعة صنعاء، الشافي ج1ص295.
(2) عامل المهتدي بالمدينة محمد أحمد بن عيسى بن المنصور العباسي.
3- عبد الله بن محمد بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن عبد الله بن الإمام الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط، حبسه أبو الساج حتى مات.
4- يحيى بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام، قتل في خراسان.
5- محمد بن الحسن بن محمد بن إبراهيم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، أسره الحارث بن أسد في (لنجار) وحمله إلى المدينة، فمات بالصفراء، وقطعوا رجليه لأجل القيود.
6- جعفر بن إسحاق بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق عليهم السلام، قتله سعيد الحاجب بالبصرة.
7- عيسى بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر، أسره عبد الرحمن خليفة أبي الساج في لنجار، وحمله إلى العراق فمات بالكوفة.
8- محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عليهم السلام، قتله (عيسى بن عزيز بن السري) بقزوين.
9- علي بن موسى بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام، أخذه (عيسى بن محمد المخزومي) فحبسه بمكة إلى أن مات.
10- محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام.
11- علي بن موسى بن إسماعيل بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين السبط عليهم السلام، أخذهما (عبد الله بن عزيز) عامل طاهر إلى (سر من رأى) فحبسا جميعاً حتى ماتا، ويلاحظ أن أكثرهم من فضلاء العترة الطاهرة في ذلك العصر، وأنهم جميعاً ممن تعرض للسجن والتقتيل من قبل عمال بني العباس بسبب فضلهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، والتزامهم جميعاً بمنهج أهل البيت الذي أحياه الإمام السبط الحسين عليه السلام، وتابعه في ذلك الإمام زيد بن علي عليهم السلام، مع اختلاف مناطق تواجدهم، وانتشارهم بسبب المطاردة والتشريد الذي تعرضوا له جميعاً، وجميعهم من ذرية الإمام علي بن أبي طالب سواء من عقب ولده الإمام الحسين السبط عليهم السلام، أو من عقب ولده الإمام السبط الحسن بن علي عليهم السلام، وكذا من عقب جعفر بن أبي طالب أخي الإمام علي عليه السلام، بل إن بعضهم من نسل الأئمة الإثني عشر (الإمام موسى الكاظم) ومعاصرين للإمام الحادي عشر (الحسن العسكري) (232هـ مولده، 260هـ وفاته) وكان الجميع على مذهب أهل البيت المجاهدين، وإن اختلفت أدوارهم الجهادية ظهوراً واستتاراً بحسب ظروفهم، ووجود الناصرين لهم من عدمه.
25- الإمام الأعظم الناصر للحق أبو محمد الحسن بن علي (الأطروش)(1)
- مولده (230هـ).
- دعوته(284هـ).
- وفاته (25 شعبان سنة 304هـ).
هو الإمام الأعظم الناصر للحق الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر الأشرف بن علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام.
__________
(1) سمي بالأطروش لثقل في سمعه بعد أن ضربه عامل العباسيين بنيسابور في أذنه بالسياط فأصابه طرش.
كان مع الإمام الداعي محمد بن زيد (270-287هـ) السابق ذكره إلى أن توفي الداعي في قتاله مع السامانيين عام (287هـ) وتمكن السامانيون من السيطرة على طبرستان لمدة تزيد على ثلاث عشرة سنة، واستمر الإمام الناصر مقيماً في الديلم وجيلان يدعو الناس للإسلام والالتزام بمنهج العدل والتوحيد، وقد دخل على يديه في الإسلام سكان الجيل والديلم، والتي ظل سكانها على ديانتهم المجوسية طوال الفترة السابقة لدخول الإمام الناصر بالرغم من افتتاحها منذ عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، وكذا إعادة السيطرة عليها في العهد العباسي أيام أبي جعفر المنصور والمأمون.
وبالرغم من طول الفترة التي حكم فيها المسلمون هذه البلدان، إلا أن أهلها ظلوا على عبادة الأصنام والنيران، واكتفى الحكام المسلمون بجباية الجزية منهم، ولهذا فتحت، ولا خلاف في أن الإمام الناصر للحق الحسن الأطروش كان السبب في إسلام سكان الجيل والديلم، فقد ذكر ذلك الإمام الناصر عند افتتاحه لآمل سنة (301هـ) وأشار إلى هذا المؤرخ الإيراني (عباس إقبال الشنياني)(1) ويشير إلى هذا معللاً الدكتور أحمد محمود صبحي أنه (ما كان لأهل الديلم وطبرستان أن يستجيبوا للناصر وأن يدينوا بدين الإسلام إلا لأنهم وجدوا فيه خلقاً يباين تماماً ولاة العباسية)(2) كما أكد ذلك السيوطي في تاريخه للخلفاء(3).
__________
(1) انظر (تاريخ إيران بعد الإسلام) لعباس إقبال، ترجمة د: محمد علاء الدين منصور- جامعة القاهرة - منشورات دار الثقافة سنة 1992م.
(2) انظر (الزيدية) أحمد محمود صبحي ص190.
(3) انظر تاريخ الخلفاء للسيوطي -أحداث سنة301هـ.
وكان الإمام عالماً، عابداً، زاهداً، حاكماً، بأمر الله، شجاعاً، استقر له الأمر في الجيل والديلم منذ وفاة الداعي محمد بن زيد إلى وفاته، وقد امتد نفوذه على طبرستان ففتح (آمل) ودخل (جالوس) سنة(301هـ) واستقر له الحكم إلى وفاته عام (304هـ).
ويلاحظ أن الإمام الناصر الأطروش كان معاصراً لخروج الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين في اليمن، ولذا فقد كان يحث الناس إلى نصرة الإمام الهادي، وقد مد الإمام الهادي بجنود لنصرته عرفوا بالطبريين نسبة لطبرستان.
وكان قيام دولته عليه السلام أيام المقتدر العباسي (295-320هـ) والذي بالغ في سفك دماء أهل البيت(1)
__________
(1) وممن قتل من أهل البيت في أيام المقتدر ممن لا ينازع في فضله وكماله:
1- العباس بن إسحاق بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظم الحسيني.
2- طاهر بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين سبط رسول الله.
3- الحسن بن محمد بن عبد الله بن الأشتر بن الإمام ذي النفس الزكية (محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى الحسني).
4- أحمد بن القاسم بن محمد بن الإمام الصادق جعفر (ع).
5- عبد الله بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
6- جعفر بن الحسين بن الحسن الأفطس بن علي بن علي بن زين العابدين الحسيني.
7- الحسين بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنى بن الحسن سبط رسول الله ً، انظر في هذا الشافي للإمام عبد الله بن حمزة.
وقرب في وزارته النصارى وغلب على أمره النساء، ولا شك في أن تزامن قيام دولة الإمام الناصر الأطروش بطبرستان والجيل والديلم مع قيام دولة الزيدية في اليمن، وكذا وجود حكم الأدارسة بالمغرب آنذاك قد دفع ذلك كله الخليفة العباسي لملاحقة الفضلاء من أهل البيت وشيعتهم وقتلهم؛ خوفاً من اتساع نطاق ولاية أهل البيت، وتجاوب الناس معهم من مختلف الأمصار.
من آثاره العلمية
الإمام الناصر للحق الحسن بن علي الأطروش بالرغم من اشتغاله بالدعوة والجهاد، وإقامة حكومة إسلامية بالجيل، والديلم، وطبرستان، فقد كان متفرغاً لتدريس العلوم الإسلامية المختلفة (علوم القرآن، وعلم الكلام، والحديث، والأدب، والأخبار، واللغة، والشعر) فقد كان له مجلس للنظر في قضايا الناس، ومجلس آخر لإملاء الحديث، وشهد بعلمه جميع أقرانه ومن جاء من بعده من الأئمة، وقد خلف تراثاً علمياً كبيراً في أصول الدين والفقه، وإليه تنسب الناصرية من الزيدية في الاختيارات الفقهية الفروعية(1) وله من المؤلفات الفقهية:
كتاب البساط، حققه مؤخراً الأستاذ عبد الكريم جدبان، وتمت طباعته الأولى عام 1997م- دار التراث بصعده.
2- كتاب المغني.
3- كتاب المسفر.
4- كتاب الصفي.
5- كتاب الباهر.
6- كتاب التفسير، الذي اشتمل على ألف بيت من الشعر.
7- كتاب الإمامة (الحجج الواضحة بالدلالة الراجحة).
8- كتاب الأمالي (الأخبار ضمنه فضائل العترة النبوية).
9- كتاب الحاصر لفقه الناصر (جمع السيد أبو طالب).
10- كتاب الموجز (جمعه أبو القاسم البستي).
11- كتاب الإبانة في فقه الناصر (جمعه أبو عبد الله بن موسى).
__________
(1) الرمز الفقهي اختصاراً لاختيارات الإمام الناصر الفقهية في كتب الفقه الزيدي هو (ن).
12- كتاب ألفاظ الناصر، جمعه أبو عبد الله الوليدي الذي لزم مجلس الإمام الناصر، وضمن في كتاب جميع ألفاظ الناصر في فنون العلم المختلفة.
كما يذكر المؤرخون للإمام كتباً ومؤلفات جمعها علماء عصره في فقهه، وقد ذكرها المحقق عبدالكريم جدبان في كتاب (البساط)(1).
توفي عليه السلام (بآمل) وقبره هنالك مشهور مزور(2)، وقام بالأمر بعده الإمام الحسن بن القاسم الذي امتدت ولايته من (304-316هـ).
26- الإمام الداعي الحسن بن القاسم
- مولده (264هـ).
- دعوته (14 رمضان 304هـ ).
- استشهاده (316هـ).
هو الإمام الداعي (الصغير) الحسن بن القاسم بن الحسن بن علي بن عبد الرحمن (الشجري) بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الإمام السبط الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام.
__________
(1) يراجع مقدمة المحقق عبدالكريم جدبان في كتاب (البساط) للإمام الناصر للحق الحسن بن علي الأطروش ص14-15 والتي ذكر فيها مؤلفات الإمام الناصر.
(2) تم ترميمه وصيانته في العام 1996م ضمن اهتمام حكومة الجمهورية الإسلامية بإيران بإحياء التراث الإسلامي والمقامات والمزارات المختلفة والمتواجدة في جميع أنحاء إيران، وقد تسنى لنا بحمد الله زيارته وتصويره في العام 1995م قبل الإصلاح والترميم.
كان مع الإمام الناصر للحق الحسن بن علي الأطروش وبعد وفاة الناصر بمدينة (آمل) قام بالأمر وبويع له يوم الأربعاء الرابع عشر من رمضان سنة 304هـ فأظهر من حسن السيرة في الأمور كلها، وكان يضرب بعدله المثل في طبرستان، وكانت له حروب مشهورة ووقائع كثيرة مع الجنود العباسية الخراسانية كانت له فيها الغلبة، واختلف معه ولدا الناصر الأطروش (أبو القاسم جعفر- وأبو الحسن أحمد) والذي انتهى أمرهما بموت أبي الحسن فجأة، ومات أخوه بعده، وقد استظهر الإمام الداعي استظهاراً تاماً في جميع الجهات التي وصل أمره إليها وخطب له بنيسابور ونواحيها، وكذا بالري ونواحيها، وكان قد توجه إلى بغداد إلا أنه استشهد في إحدى الوقعات التي دارت بينه وبين الجيوش الخراسانية التي قاتلت مع أصحاب الجيل وملوكهم، وذلك يوم الثلاثاء27 رمضان سنة 316هـ.
وكان من قادة جيشه (علي بن بويه) الذي تلقب فيما بعد بعماد الدولة فأسس مع أخويه (ركن الدولة ومعز الدولة) دولة بني بويه التي سيطرت على مقاليد الحكم في بغداد، وحكموا قصر الخلافة العباسية منذ تولي الخليفة العباسي الملقب (المستكفي - عبد الله بن علي المستكفي)(1)
__________
(1) يذكر صاحب مطلع البدور ومجمع البحور -أبو الرجال- والذي ترجم في كتابه لعلماء وأئمة الزيدية ورجالها وقد عد أبو الرجال من رجالات الزيدية (السلطان الكبير عضد الدولة فناخسرو بن الحسن بن بويه- ملك الفرس ثم الموصل وبلاد الجزيرة - عالم له مصنفات عديدة، وقد أظهر قبر الإمام علي بن أبي طالب في 8 شوال سنة 372هـ ببغداد، وقد جاء بعده ولده صمام الدولة - ذكره الإمام عبد الله بن حمزة من رجال الزيدية في كتابه الشافي.
وقد نقل الحاكم في العيون عند تعداد من قال بالعدل والتوحيد من الولاة ما لفظه: ومنهم آل بويه أكثرهم يميل إلى التوحيد والعدل ومذهب الزيدية وعد منهم عماد الدولة أبا الحسن علي بن بويه، وركن الدولة أبا علي الحسن بن بويه، ومعز الدولة أبا الحسين بن بويه، وهو الذي حاجج الإمامية أين إمامكم؟ فقيل له: أين إمامك؟ فقال: هذا وأشار إلى أبي عبد الله بن الداعي (صاحب هوسم) وكذا عضد الدولة كان زيدياً، ومؤيد الدولة بن بويه والذي جعل وزيره الصاحب بن عباد إلى أن قال: وكان المتقدمون منهم يذهبون مذهب العدل ويميلون إلى الزيدية إلى أن انتهى الأمر إلى أواخرهم فدخلوا في عهد القرامطة وانقطعت دولتهم) ج4ص18 في كتاب مطلع البدور، صورة مخطوط بجامعة صنعاء.
(333-334هـ) وفي عهد هذه الدولة كانت الشوكة للعلويين حيث تمكن من كان من أهل البيت مناصراً لها وتحت ولايتها من إظهار مذهب أهل البيت وأُمِنوا، وقد اعتبرت دولة بني بويه (320-447هـ) من الدول المشايعة لأهل البيت الزيدية (1) في بادئ أمرها، وقد ظهر من قاداتها ووزرائها كبار مفكري ومناصري مذهب أهل البيت أمثال الصاحب بن عباد، وسنشير باختصار إلى من هو من أئمة أهل البيت في عهدهم لاحقاً.
27- الإمام المهدي لدين الله محمد بن الإمام الداعي الحسن بن القاسم
- دعوته (353هـ).
- وفاته (360هـ) قيل: مسموماً.
هو الإمام أبو عبد الله المهدي لدين الله محمد بن الإمام الداعي الحسن بن القاسم بن الحسن بن علي بن عبد الرحمن (الشجري) بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الإمام سبط رسول الله ً الحسن بن الإمام علي عليهم السلام.
عاش أيام الدولة البويهية أثناء خلافة المطيع العباسي (334ـــ363هـ) فخرج إلى فارس، وأكرمه عماد الدولة بن بويه (320ـــ338هـ) الذي كان أحد قواد والده الإمام الداعي فانتقل إلى بغداد في أيام معز الدولة (أبي الحسن أحمد بن بويه) (320ـــ356هـ) فزاد في إعظامه وإكرامه والرفع من محله، وكان معز الدولة وأخوه ركن الدولة من خواص الداعي، ولما استقر أمر معز الدولة ببغداد وصفا له الملك جعل الإمام المهدي محمد بن الحسن بن القاسم متولياً على نقابة العلويين الذي بدوره تمنع من تحمل مسئوليتها إلا بشروط منها: أن لا يدخل على الخليفة العباسي المطيع كما سار عليه من سبقه ممن تولى أمر النقابة، وكذا أن لا يقبل لهم خلعة ولا يلبيها فأجابه المعز إلى شروطه.
__________
(1) راجع كتاب الزيدية -أحمد محمود صبحي.
وكانت بيعته عليه السلام أثناء إقامته ببغداد حيث ورد إليه رجالات أهل الديلم يطلبون منه قبول بيعتهم ونصرتهم له على إحياء دين الله وألحّوا عليه غاية الإلحاح، وخرج من بغداد مستتراً أثناء غياب معز الدولة بعد أن تعين عليه فرض القيام بالأمر بعد البيعة والنصرة، فاستقام له الأمر (بهوسم) ونفذ أمره في الجيل والديلم.
والإمام المهدي هو من أظهر القول بأن (كل مجتهد مصيب) في المسائل الفرعية، وذلك بسبب الخلاف الذي نشب بين أتباع مذهب أهل البيت في الجيل والديلم، فأهل الديلم كانوا يعتقدون أن من يخالف أقوال وفتاوى الإمام القاسم الرسي فهو ضال، وكذا أهل الجيل كانوا يعتقدون أن من يخالف فتاوى الإمام الناصر فهو ضال، فأظهر الإمام هذه القاعدة.
ونظراً لما اشتهر به من علم وزهد وعبادة وفضل فقد اتبعه الجميع على هذه القاعدة وجمع بين أتباع القاسمية والناصرية بعد التباين العظيم، وبقيت هذه القاعدة إلى يومنا هذا فيما يتعلق بمسائل الفروع خاصة في المناطق التي حكمها أئمة أهل البيت الزيدية، ومنها اليمن الذي استمرت فيها الإمامة أكثر من ألف ومائتي عام مع انقطاعها لفترات زمنية عدة.
قاتله جيش العباسية وكانت له معهم أكثر من وقعة كانت الغلبة في جميعها له بشجاعته وإقدامه وثباته، وتقدم إلى جرجان وطبرستان وتمكن منها ومن غلبه الجيوش العباسية فيها، إلا أنه عاد إلى هوسم بسبب المكيدة التي لقيها من بعض أصحابه، واستمر في ثباته وعدله إلى أن سقي السم فمات رضي الله عنه بهوسم، وقبره فيها مشهور مزور وذلك سنة (360هـ).
28- الإمام الثائر في الله جعفر بن محمد بن الحسين وأبناؤه
- دعوته(367هـ).
هو الإمام أبو الفضل جعفر بن محمد بن الحسين بن علي بن الحسن بن علي بن عمر الأشرف بن علي زين العابدين بن الإمام سبط رسول الله ً الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام.
ظهر أمر الإمام الثائر في الله جعفر أيام الخليفة العباسي الملقب الطائع (363-381هـ)(1) في الجيل، وبايعه أهلها بعد معرفتهم لفضله وكماله وصلاحه للقيام بالأمر.
دعا إلى الله واستقام وأصلح أحوال الناس فقصد مدينة آمل وفيها عامل ركن الدولة أبو علي بن الحسن فاستظهر عليها واستقر له الأمر بطبرستان بأسرها، فنفذت أوامره فيها وفرق العمال في نواحيها.
استمر مقيماً للعدل آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر إلى أن توفاه الله، وقد خلَف الإمام الثائر في الله جعفر بن محمد ولده الإمام أبا الحسن المهدي بن الإمام الثائر، والذي بايعه الناس واستقر له الحكم بعد والده في الجيل والديلم وطبرستان حتى توفاه الله في شبابه، فقام مقامه نظيره في الفضل أخوه الإمام الثائر في الله أبو القاسم الحسين بن جعفر إلى أن توفاه الله.
__________
(1) الطائع العباسي واسمه عبدالكريم، خلف والده الملقب بالمطيع (334-363هـ) وكان مثله محتقراً مستضعفاً من قبل حكام الدولة البويهية أيام معز الدولة أبي الحسين أحمد (320-356هـ) ومن بعده عز الدولة بختيار (356-367هـ) والذين توليا أمر العراق، وكانا يخلعان من أرادا من الحكام العباسيين ويقيمان من أرادا مقابل رسم مالي للخليفة العباسي في بغداد، ففي هذا العهد ظهر أمر الإمام الثائر في الله في طبرستان والجيل والديلم.
وإن كانت المراجع التي تذكر سيرتهم وتراجمهم لم تشر إلى سنوات وفاتهم ومدة أعمارهم إلا أنها جميعاً تؤكد على أن ولايتهم في الجيل والديلم وطبرستان متعاقبة ومتتالية بعد والدهم، وهذا يعني أن ولايتهم جميعاً استمرت فقط أيام الخليفة العباسي الملقب بالطائع، وما يؤكد هذا أن دعوة الإمام الأعظم المؤيد بالله أبي الحسين أحمد بن الحسين الهاروني قد بدأت منذ العام (380هـ) والذي لم يكن له فيها منازع، فيكون مدة ولايتهم مع أبيهم نحو (17) عاماً تقريباً.
29- الإمام المؤيد بالله أبو الحسين أحمد بن الحسين بن هارون
- مولده (333هـ).
- دعوته (380هـ).
- وفاته (9 ذي الحجة 411هـ).
هو الإمام الحسين أحمد بن الحسين بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الإمام السبط الحسن بن الإمام علي عليهم السلام.
قال صاحب الحدائق الوردية (1) إن الإمام المؤيد بالله كان (إمامياً فوضح له الحق فانقاد له أحسن انقياد) فقد كان وحيد عصره، وفريد دهره، جمع العلوم وحفظها، وقد أخذ عن معاصريه من أهل البيت فقه الزيدية، وممن أخذ منهم السيد أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط، كما أخذ عن أبي الحسين علي بن إدريس وقرأ عليه فقه الزيدية والحنفية.
ولهذا فقد أخذ جميع العلوم وفاض من أنوار علمه الكثير من المؤلفات التي ما تزال متداولة إلى عصرنا هذا.
بيعته
__________
(1) صورة مخطوطة عن تراجم أئمة أهل البيت (الزيدية) للشهيد حسام الدين حميد بن أحمد المحلي.
أول دعوة له كانت عام (380هـ) أيام الخليفة العباسي الملقب القادر (381-422هـ) والذي كان كسلفه محتقراً من حكام الدولة البويهية، وكان للإمام دعوة أخرى متأخرة عن هذا التاريخ في أيام الصاحب بن عباد، وقد بايعه أهل الجيل والديلم واستولى على هوسم، ثم امتد إلى الري ومدينة آمل، وبسبب توافد الناصرين له وبذل أموالهم وأنفسهم فقد امتدت ولايته إلى الجيل وطبرستان فاستقام له الأمر، وكانت بينه وبين ملوك الديلم وجنود العباسية وقعات كثيرة كان النصر له، وأثبت فيها شجاعته.
وقد ناصره وبايعه كثير من علماء عصره منهم قاضي القضاء (عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمداني) والذي كان شيخ المعتزلة في عصره، والصاحب بن عباد، وكذا من أهل البيت الكثير منهم الإمام مانكديم.
استقام له الأمر وكان مثالاً نادراً في زهده وحلمه وتواضعه فقد كان يحمل حاجياته من السوق بنفسه ولا يجيز لنفسه ولا لأولاده أن يحمل حاجياته في دواب بيت المال إلا بأجر، وكان عليه السلام كثير الورع والتقشف، متصوفاً زاهداً، يجالس الفقراء والمساكين، يرد الهدايا والوصايا إلى بيت المال، وكان يتولى بنفسه حراسة بيت المال ويقسم بيده الأموال للجند، وكان يرفع من شأن العلماء والصالحين وهو مع كل هذا ومع تفرغه لحل قضايا المتظلمين فقد كان غزير الدمعة كثير البكاء، دائم الفكر، كثير العبادة إلى أن توفاه الله تعالى يوم عرفة 411هـ وصلى عليه الإمام مانكديم يوم الأضحى بمدينة لنجا(1).
مؤلفاته
له مؤلفات كثيرة في الأصول والفروع منها:
أولاً: في علوم القرآن
كتاب يبين فيه إعجاز القرآن - طبع بعنوان (إثبات نبوة النبي ً) تحقيق خليل أحمد الحاج.
ثانياً: في أصول وعلم الكلام
1- كتاب (النبوءات).
2- كتاب (الآداب في علم الكلام).
3- كتاب (التبصرة).
4- كتاب (النقض على ابن قبة) جميعها مخطوطة.
ثالثاً: في الفقه
كتاب (شرح التجريد) تم تصويره من نسخ مخطوطة ونشرت أربعة أجزاء منه بهيئتها في مجلدين، وهو شرح لفتاوى الإمام القاسم والإمام الهادي، وهو من أجل معتمدات أهل البيت في الفقه.
2- كتاب (البلغة).
3- كتاب (الإفادة).
4- كتاب (الزيادات).
__________
(1) لنجا إحدى القرى الواقعة شمال إيران في منطقة تعرف حالياً بمازندران، ولنجا تعرف حالياً بلنكا الواقعة جنوب مدينة عباس أباد، والتي تبعد من مدينة جالوس 31كم باتجاه الغرب، ومطلة على بحر قزوين. انظر خارطة مازندران الصادرة من وزارة الإرشاد الإسلامي بالجهورية الإسلامية بإيران.
5- كتاب (التفريعات) تولى جمعها أبو القاسم بن تال.
6- كتاب (الهوسميات).
7- كتاب (الأمالي الصغيرة). جميعها ما يزال مخطوط لم تطبع ولم تحقق، عدا الأخير منها.
رابعاً: في الزهد
كتاب (سياسية المريدين) أورد جزء من مقدمته صاحب الحقدائق الوردية ص78ج2. وهو مخطوط صورة منه في مركز بدر العلمي بصنعاء.
30- الإمام أبو طالب يحيى بن الحسين بن هارون
- مولده (340هـ).
- بيعته (411هـ).
- وفاته (424هـ).
هو السيد الناطق بالحق أبو طالب يحيى بن الحسين أخو الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين السابق ذكره وجميعهم من ذرية الإمام الحسن سبط رسول الله ً.
قام عليه السلام بالأمر آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر على طريقة أسلافه من العترة المطهرة، وكان أكثر شغله في مدة حياته نشر العلم إلى أوان قيامه ثم اشتغل بصلاح الأمة وإنفاذ أحكام الله، وقد عاصر من الخلفاء العباسيين آخر أيام القادر وبداية حكم القائم العباسي (422-467هـ).
وكانت ولايته في مناطق الجيل وجرجان إلى أن توفي عليه السلام بها، وقبره مشهور مزور بمدينة جرجان(1)، وكان رضوان الله عليه عالماً عابداً زاهداً، وقد خلف تراثاً علمياً زاخراً في مختلف فنون العلم نذكر منه:
أولاً: في أصول الدين
__________
(1) جرجان: إحدى المدن الواقعة شمال إيران في منطقة تعرف حالياً بمازندران، وتعرف جرجان حالياً بكركان وتبعد عن آمل 254كم باتجاه الشرق. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
كتاب الدعامة في الإمامة، طبع بعنوان (نصرة المذاهب الزيدية) ثم بعنوان (الزيدية) منسوباً للصاحب بن عباد تحقيق د. ناجي حسن، ويؤكد المولى العلامة مجد الدين المؤيدي أن المحقق أخطأ في العنوان وفي نسبته إلى صاحبه، وأنه قد قام بمقابلة النسخة المطبوعة على الأصل المخطوطة (الدعامة) مؤكداً نسبته إلى الإمام أبي طالب يحيى بن الحسين مع وجود أخطاء مطبعية كثيرة في كتاب المحقق.
كتاب (المبادئ) مبادئ الأدلة في الكلام.
زيادات شرح الأصول ذكره صاحب الحدائق الوردية.
شرح البالغ المدرك، تحقيق محمد يحيى سالم عزان، طبع مؤخراً.
ثانياً: في أصول الفقه وفروعه
كتاب (المجزي) مجلدان وهو من المراجع الهامة في أصول الفقه.
جوامع الأدلة.
(التحرير) في فقه الإمام الهادي عليه السلام وشرحه اثني عشر مجلداً، طبع مؤخراً في مجلدين بتحقيق الأستاذ محمد يحيى سالم عزان - نشر دار التراث بصعدة 1998م.
ثالثاً: في الحديث
الأمالي المعروفة بأمالي السيد أبي طالب وهو في الحديث، طبع طبعة مملوءة بالأخطاء بعنوان (تيسير المطالب في أمالي السيد أبي طالب) ولم يحقق بعد، وللسيد العلامة المجتهد مجد الدين المؤيدي تعليقات وتحقيقات عليه لم تطبع بعد.
رابعاً: في السيرة والتاريخ
(الإفادة في تارخ الأئمة السادة) وهو في سير الأئمة وتاريخهم طبع مؤخراً بعنوان (الإفادة في تاريخ الأئمة الزيدية) تحقيق محمد يحيى سالم عزان، دار الحكمة اليمانية الطبعة الأولى 1996م.
الحدائق في أخبار ذوي السوابق في تاريخ أئمة الزيدية، مخطوط.
وقد كان لمؤلفات هذين الإمامين المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني، وأخيه الإمام أبي طالب يحيى بن الحسين دور هام في حفظ ونقل مرويات أهل البيت (ع) وكذا تخريج فقه أهل البيت في الجيل والديلم وكذا أئمة أهل البيت في اليمن، فقد نقلا وشرحا فتاوى الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين الذي أسس الدولة الزيدية في اليمن عام284هـ إلى الجيل والديلم كما حفظا مرويات أئمة أهل البيت الذين استقروا في الجيل والديلم وطبرستان وما تزال مؤلفاتهم من أهم المراجع في فقه أهل البيت المتقدمين.
31- الإمام المستظهر بالله أحمد بن الحسين
- دعوته (417هـ).
- وفاته حوالي (422هـ).
هو الإمام أحمد بن الحسين بن أبي هاشم محمد بن علي بن محمد بن الحسن بن الإمام محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن علي بن عمر الأشرف بن الإمام زين العابدين علي بن الإمام الحسين السبط بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام.
يعرف بمانكديم ومعناه (وجه القمر) كان من أصحاب الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين المتوفى سنة (411هـ) وهو الذي صلى على الإمام المؤيد يوم وفاته، وأقام دعوته في مدينة لينجا سنة (417هـ) وتلقب بالمستظهر بالله.
وتشير المصادر إلى تزامن دعوته مع الإمام أبي طالب يحيى بن الحسين الذي بايعه الجميع بعد وفاة أخيه المؤيد بالله، إلا أن قيام الإمام ما نكديم كان محصوراً بمدينة لينجا، وكانت وفاته قبل وفاة الإمام أبي طالب المتوفى (424هـ) وذلك لأن جميع من أرخ له يذكر وفاته بالري سنة نيف وعشرين وأربعمائة هجرية.
كان عليه السلام عالماً مجتهداً وله كتاب شرح الأصول الخمسة لقاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمداني.
32- الإمام الناصر الهوسمي
- دعوته (432هـ).
- وفاته (472هـ) بمدينة هوسم.
هو الإمام الناصر أبو عبد الله الحسين بن أبي أحمد بن الحسن بن علي بن الإمام الناصر للحق الحسن بن علي الأطروش، من ذرية الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين عليهم السلام.
نصبه العلماء بهوسم بادئ الأمر ولم يبايعوه على الطاعة إلا بعد أن استتم علمه وبتحقيق تحصيله العلمي وتفوقه عليهم بايعوه بالطاعة وبلغ عدد المجتهدين بمجلسه ثمانية عشر.
التف حوله خلق كثير فاستقام له الأمر، ودانت له جميع البلاد التي كانت تحت يد الإمام الناصر للحق الحسن بن علي الأطروش (وهي الجيل والديلم وطبرستان) ولم يكن له منازع في جميع جيلان وديلمان مع كثرة الملوك والسلاطين فيهما، وقد استمرت مدة ولايته إلى وفاته نحو أربعين عاماً فعاصر حكم القائم العباسي (422-467هـ) والمقتدي العباسي (467-487هـ).
كان عليه السلام ذا جاه عريض، ومملكة باسطة، وقوة قادرة، وكان مع ذلك مشتغلاً بمرافقة الفقراء والبذل لهم متودداً للأيتام، محسناً للرعية، ومتعهداً للمتعلمين، معظماً من حفظة القرآن مشجعاً لهم بالرزق الواسع، حتى صار أهل الجيل أكثر الناس حفظاً لكتاب الله.
توفي عليه السلام بهوسم سنة 472هـ ومشهده مشهور ومزور.
33- الإمام الموفق بالله الحسين بن إسماعيل الجرجاني
- وفاته حوالي(424هـ).
هو الإمام أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن زيد بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن محمد بن جعفر بن عبد الرحمن (الشجري) بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الإمام السبط الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام.
هو من أصحاب الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني المتوفى عام (411هـ) وقد بلغ في العلوم مبلغاً عظيماً لم يبلغه أحد في عصره، وقال المنصور بالله الإمام عبد الله بن حمزة في الشافي: (كان عليه السلام أعلم بفقه الحنفية والشافعية والمالكية من فقهائهم المحققين، ولا ينازعونه في ذلك).
ومصنفاته تشهد بهذا وله من المؤلفات:
1- كتاب الاعتبار وسلوة العارفين.
2- كتاب الإحاطة في علم الكلام.
وهو والد الإمام المرشد بالله يحيى بن الحسين الآتي ذكره، ولم يذكر من ترجم له سنة قيامه بالأمر وتحديد وفاته عليه السلام بعد العشرين وأربعمائة تقريباً.
34- الإمام المرشد بالله يحيى بن الحسين
- مولده (412هـ).
- دعوته ( 479هـ).
- وفاته حوالي (499هـ).
دعا أيام المستهظر العباسي (487-512هـ) في الجيل والديلم والري وجرجان، واستقام له الأمر إلى أن توفي، وكان عليه السلام غاية في الزهد والتعبد والإخلاص، ومتفرغاً للجهاد وتدريس العلوم الشرعية، وكان عليه السلام له مجلسان لإملاء الحديث وتدريسه وذلك يوم الإثنين والخميس والذي درس فيه كتابه المشهور بالأمالي.
ومن مؤلفاته:
1- الأمالي الخميسية، طبع على نفقة محمد صالح الباز - باب السلام مكة المكرمة بمطبعة القاهرة الفجالة سنة 1376هـ.
2- كتاب الأمالي الإثنينية (المعروف بكتاب الأنوار في الفضائل والسير).
3- الاستبصار في أخبار العترة الأطهار.
35- الإمام الهادي الحقيني (أبو الحسن بن علي)
- استشهاده في رجب (490هـ).
هو الإمام أبو الحسن علي بن جعفر بن الحسن بن عبد الله بن علي بن الحسن بن علي بن أحمد الحقيني بن علي بن الحسين بن الإمام زين العابدين علي بن الإمام الحسين سبط رسول الله ً بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام.
كان عليه السلام جامعاً للعلوم، وقد أجمع علماء زمانه أن سُبع علمه يكفي للإمامة، وقد ترشح للإمامة في بلاد الاستندارية من أرض الديلم، فأقبل العلماء على بيعته لتكامل خصال الإمامة فيه.
كان متشدداً على الباطنية الملاحدة، وقد عاصر الإمام الرضي أبا الرضى الكيسمي الآتي ذكره، فاقتصر الإمام الهادي الحقيني بالأمر في بلاد ديلمان، والإمام أبو الرضى الكيسمي في بلاد جيلان، وكانا متشددين جداً في الإنكار على الملاحدة، واستمر عليه السلام في إقامة عمود الدين إلى أن رزق بالشهادة على يد أحد الملاحدة بغتة وذلك في يوم الإثنين شهر رجب سنة 490هـ ثم نقل إلى كلار ودفن في قرية هكشير، وله عليه السلام وصية تذهل منها العقول أوردها صاحب الحدائق الوردية وغيره.
36- الإمام أبو الرضى الكيسمي الحسيني
- دعوته ( 490هـ).
هو الإمام أبو الرضى الكيسمي بن مهدي بن خليفة بن محمد بن الحسن بن جعفر بن الإمام الناصر للحق الحسن بن علي (الأطروش)، من ذرية الإمام زين العابدين علي بن الإمام السبط الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
كان عليه السلام مقيماً في أرض جيلان، قائماً بالأمر من جهة الإمام الناصر الحسين الهوسمي ( 472هـ) واستمر كذلك حتى بعد وفاة الإمام الناصر الهوسمي مع أنه كان صالحاً للأمر جامعاً لشروط الإمامة.
وقد عاصر الإمام الهادي الحقيني - كما سبق الإشارة- الذي قام بالأمر بأرض ديلمان إلى أن توفي عليه السلام عام (490هـ) شهيداً، فقام بالأمر بعده وبويع بالإمامة الإمام أبو الرضا الكيسمي، واستولى على جميع أقطار جيلان وديلمان إلى حدود طبرستان، وكان عليه السلام منشغلاً بالتدريس لفقه آل محمد ً، وكان يفتي أنه لا يشترط كون الإمام مجتهداً إلا في الأحكام الشرعية في الأبواب السياسية وحسب.
وكان عليه السلام زاهداً، خشناً ملبسه، طاهر السريرة إلى أن توفاه الله في بلد كيسم، ومشهده هناك معروف مزور، وتوفي بعد الإمام الهادي الحقيني بقليل.
37- الإمام أبو طالب الأخير يحيى بن أحمد بن الحسين الهاروني
- دعوته (502هـ).
- وفاته (520هـ)
هو الإمام المؤيد بالله أبو طالب الأخير يحيى بن أحمد بن الحسين بن الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون بن محمد بن القاسم بن الحسين بن زيد بن الإمام السبط الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام.
كان عليه السلام حافظاً لمذهب أهل البيت، غزير العلم، وافر الفهم، جامعاً لخصال الإمامة، وكان خروجه بجيلان فاستقام له الأمر في جميع البلاد التي تحت يد الإمام الناصر الأطروش (جيلان وديلمان وطبرستان) ما عدا لاهيجان، وفي عهده انتصر لمذهب أهل البيت وقويت، ونفذ أمره إلى اليمن ومكة.
وفي عهده يمثل سابقة لم تتكرر عبر التاريخ، وهي وحدة الولاية لإمام واحد من أهل البيت يجمع ما بين أرض جيلان وديلمان (شمال إيران حالياً) واليمن، وكذا والاه الأشراف من بني فليتة في مكة، وخطب باسمه في جميع هذه البلدان، كما ناصره ملك عمان والذي تذكر المصادر بأنه كان زيدياً مناصراً للإمام أبي طالب الأخير، وقد ساعده أكثر من مرة بتجييش الجيوش إلى اليمن لنصرته.
ووصلت دعوة الإمام أبي طالب إلى اليمن عام (512هـ) وقام بها الأمير المحسن بن الحسن بن الناصر بن الحسن بن عبدالله بن محمد المختار بن الناصر أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين، وقام بها أحسن قيام، ونفذت أوامره في صعدة ونجران والجوفين والظاهر وصانع حمير، ثم قتله أهل صعدة عام (513هـ) فأرسل الإمام أبو طالب الأخير الشريف السيد شرف الدين الحسين بن عبدالله بن المهدي بن عبدالله بن الإمام المرتضى محمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين، والذي ولاه الإمام ما بين مكة وعدن وسائر نواحي اليمن، وقد باشر هذا المتولي بالقصاص ممن قتل الأمير محسن، وقد كان عهد إليه الإمام أبو طالب عهداً جاء فيه: (هذا ما عهد الإمام الحق أبو طالب إلى السيد الأجل.. ولاه اليمن بسهولها وجبالها وما تضمنه من أعمالها...) وقد جاء فيها التعليمات والتوجيهات التي أرشده إلى الحكم بموجبها(1).
كما كان عليه السلام شديداً على الملاحدة الباطنية، وكانت له عليهم وقعات كثيرة، وظل أمره قوياً حازماً إلى أن توفاه الله عام (520هـ) وأوصى أن يدفن سراً حتى لا يعرف قبره الملاحدة.
ومع علمه وفهمه الواسع فقد اشتهر بالشعر والفصاحة والبيان.
__________
(1) راجع نصها من كتاب الحدائق الورديةج2ص110- ص117، صورة مخطوطة.
وبهذا نختتم ذكر أئمة أهل البيت في الجيل والديلم وطبرستان لنبدأ الحديث عن أئمة أهل البيت في اليمن، حيث نفرد لهم كتاباً مستقلاً نظراً لكثرة الأئمة الذين حكموا، وكذا الدعاة منهم.
نسأل الله التوفيق ومنه نستمد العون.. والله من وراء القصد.
A
الخاتمة
من خلال الاستعراض العابر لتاريخ أهل البيت عليهم السلام يلمس الباحث مدى المحنة والابتلاء الذي خُصت به أمة محمد عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم، فإذا كان الله قد امتحن وابتلى أمة كل نبي من الأنبياء السابقين وأتباعه بأمر ليميز الخبيث من الطيب، ويتميز به المصدق من المكذب للدعوة فإن أمة الإسلام قد امتحنها الله بأهل بيت نبيه، حيث قال تعالى: {قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} ووصى رسول الله أمته وذكرهم بأهل بيته مراراً وتكراراً كما ورد في السنة النبوية الصحيحة، ولذلك من خلال قراءة سريعة للتاريخ الإسلامي وكيفية التعامل مع هذا الامتحان وهذا الابتلاء المتمثل في ذرية رسول الله لا نجد إلا التقتيل والتشريد والمصادرة والمطاردة إلى كل صنوف الكيد والمكر لحقوقهم حتى فيما يتعلق بكتابة التاريخ، وما يزال هذا الابتلاء قائماً حتى الساعة في كل أرض وفي كل زمان، وهذا الابتلاء ليس مقصوراً على من اتبع الاسلام ودان به، وإنما كذلك على أهل بيت النبوة من حيث التزامهم بمنهج الله والمحافظة على سنة نبيه ً ومدى التزامهم به.
وهذه التراجم الموجزة عن بعض أئمة أهل البيت الزيدية خارج اليمن لاتف بالغرض من التعريف الكامل بهم، بل هي دعوة لكل الباحثين والمهتمين بالفكر الإسلامي والتاريخ الإسلامي إلى النظر في أسئلة كثيرة تحتاج الإجابة عليها إلى بحوث متخصصة تنتظر أهل الهمم العالية والبحث الجاد والصادق، وكيف تفرقت الأمة الإسلامية إلى عدة فرق سواء الشيعية أو السنية؟ وكيف نشأت المذاهب الإسلامية؟ وكيف ظهرت مذاهب في فترات تأريخية وأفلت في أخرى؟ وكيف تحول الأبناء من مذهب آبائهم إلى مذهب آخر؟ وما هي عوامل التغيير التاريخية؟ خاصة إذا ما لاحظنا أن أئمة الفقه المشهورين كانوا مناصرين لأئمة أهل البيت، فهذا الإمام أبو حنيفة-رضوان الله عليه-تجده مناصراً للإمام زيد بن علي، وكذلك نجد الإمام مالك -رضوان الله عليه- مؤيداً لدعوة الإمام محمد بن عبدالله النفس الزكية،ودعوة أخيه الإمام إبراهيم بن عبد الله بالبصرة وكذلك نجد الإمام الشافعي -رضوان الله عليه- كان مناصراً لدعوة الإمام يحيى بن عبدالله، وقد تشرد إلى مختلف الأمصار هروباً من الاضطهاد الواقع عليه بسبب نصرته لأئمة أهل البيت، وثم ملاحقتة بتهمة التشيع لأهل البيت حتى أصبح التشيع لهم تهمة يدان بها كل فرد إلى يومنا هذا، ولا نعني هنا الدعوة لإلغاء الاجتهاد وإلغاء التراث الإسلامي الناتج عن الاختلافات الفقهية، ولكن نحاول الإشارة إلى ضرورة دراسة أسباب الاختلاف فيما يتعلق بالولاية العامة، وإلى آليات ووسائل وأدوات هذا الخلاف.
فالمعلوم للجميع أنه لا يوجد أمر اختلف عليه المسلمون مثلما اختلفوا على الإمامة أو الولاية العامة إلى يومنا هذا.
كما نؤكد على ضرورة الاستفادة الجادة من دراسة التاريخ وهذا ما ندعو إليه كل الباحثين المنصفين.
وبما أن هذه التراجم الموجزة لا تغني أي باحث أو طالب علم من المعرفة الكاملة بالتاريخ الإسلامي وتاريخ أهل البيت خصوصاً فقد حرصت علي إيراد بعض المصادر الخاصة بتأريخ الزيدية والتي ما يزال أغلبها مخطوطاً، كما أشرت إلى بعض المصادر المطبوعة سواء من المراجع العامة أو الدراسات المعاصرة التي تطرقت إلى ذكر أئمة أهل البيت الزيدية ليستعين بها أي باحث مع الإشارة إلى أني استبعدت من المراجع التاريخية ما كان متعلقاً وخاصاً بتأريخ أئمة الزيدية باليمن لنضمنها في القسم الثاني إن شاء الله.
مع بالغ الشكر والتقدير لمؤسسة الإمام زيد بن علي على ما تقوم به من جهود جادة في سبيل نشر التراث الإسلامي، وفي الأخير أتوجه بالشكر إلى كل من ساهم بالنقد والتعليق والتصحيح قبل وأثناء إعداد هذا القسم.
وأسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، والله من وراء القصد.
المؤلف
a
المصادر
أولاً: المخطوطات
أنوار اليقين في إمارة أمير المؤمنين، الإمام الحسن بن بدرالدين(ت663هـ).
الإفادة في تأريخ الأئمة السادة، الإمام أبو طالب يحيى بن الحسين الهاروني (ت-424هـ) طبع مؤخراً بتحقيق: محمد يحيى سالم عزان، ط1 1995م.
التحفة العنبرية في المجددين من أبناء خير البرية، محمد بن عبدالله أبو علامة (ت 411هـ).
الجامع الوجيز بوفيات الأعلام ذوي التبريز، أحمد بن عبدالله الجنداري (ت1337هـ) مكتبة الجامع الكبير، برقم (37) وأخرى بدار الكتب المصرية، القاهرة برقم (2132).
الحدائق الوردية في مناقب أئمةالزيدية، حميد بن أحمدالمحلي (ت652هـ) مكتبة الجامع الكبير برقم (15) وأخرى بالمتحف البريطاني برقم (3812) مكتبة أندروزيانا (128PJ) (97Dc) حالياً تحت التحقيق بمركز بدر صنعاء- إشراف د/ مرتضى بن زيد المحطوري.
شرح البسامة، منظومة السيد صارم الدين إبراهيم الوزير، الشرح لمحمد بن علي الزحيف (ت916هـ) إيطاليا الأمبروزيانا (D2j4 PJ(195).
طبقات الزيدية، إبراهيم بن القاسم الشهاري (ت1153هـ) مكتبة الجامع الكبير برقم (44) وأخرى بمكتبة العلامة محمد محمد المنصور.
اللآلئ المضيئة في أخبار أئمة الزيدية، أحمد بن محمد الشرفي (1055هـ) وهذا الكتاب شرح للبسامة، يخضع جزء منه حالياً للتحقيق من خلال الباحثة سلوى المؤيد بجامعة صنعاء -قسم التاريخ. وبقية الكتاب تحت تحقيق الأستاذ عبد السلام الوجيه.
المصابيح، أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني (ت 353هـ) مكتبة الأمبروزيانا بإيطاليا رقم(1383-(PJ84)+PJ.84/E232).
ثانياً: المصادر المطبوعة.
السبحاني، (الملل والنحل) ج7، مطبعة قم إيران 1995م.
الإمام القاسم الخوئي (معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة ج7 مطبعة قم بإيران سنة 1992م.
هاشم معروف الحسيني (الانتفاضات الشيعية عبر التاريخ) دار المكتبة الشعبية بيروت لبنان 1985م.
الإمام زيد بن علي (الصفوة) تحقيق الدكتور حسن محمد تقي الحكيم مؤسسة دار البيان العربي الطبعة الأولى سنة 1412 هـ سنة 1992م.
عبدالأمير المهنا (أخبار المصلوبين وقصص المعذبين في العصرين الأموي والعباسي) دار الفكر اللبناني، ط1 سنة 1990م.
الإمام زيد بن علي (تفسير غريب القرآن) تحقيق د/ حسن محمد تقي الحكيم، مؤسسة دار البيان العربي ط1 سنة 1992م.
خليل أدهم (تأريخ الدول الإسلامية ومعجم الأسر المالكة) نقله عن التركية بزيادات د. أحمد السعيد سليمان- دار المعارف- مصر 1972م.
د. أحمد شوقي إبراهيم العمرجي (الحياة السياسية والفكرية للزيدية في المشرق الإسلامي) ط1/2000م مكتبة مدبولي مصر القاهرة.
أحمد شوقي إبراهيم العمرجي (المعتزلة في بغداد وأثرهم في الحياة الفكرية والسياسية من خلافة المأمون حتى وفاة المتوكل على الله). (رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الآداب بوهاج، جامعة أسيوط).
صلاح مهران محمد راشد (الحياة السياسية ومظاهر الحضارة في دولة الأئمة الزيدية في اليمن). (رسالة دكتوراة مقدمة إلى كلية الآداب، جامعة المنيا).
فيلفردماديلو نغ -المستشرق الألماني- (أخبار أئمة الزيدية بالجيل والديلم وطبرستان) دار النشر فرانش شتاينز بقيبادن، المعهد الألماني للبحوث الشرقية، بيروت ط1 /1987م.
كارل بروكلمان (الأدبيات اليمنية) ترجمة: صالح بن الشيخ أبو بكر، ط1/ 1985، دار الحداثة، لبنان -بيروت-.
الإمام عبدالله بن حمزة (ت614هـ) (الشافي)، طبع بمراجعة العلامة مجد الدين المؤيدي -مكتبة اليمن الكبرى ط1/1986م.
عباي إقبال (تاريخ إيران بعد الإسلام) ترجمة د. محمد علاء الدين منصور، جامعة القاهرة- دار الثقافة سنة1992م.
د. حسن إبراهيم حسن (تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي) ط7/1965 مكتبة النهضة العربية بيروت.
ابن الأثير (ت630هـ) (علي بن أحمد بن أبي الكرم) (الكامل في التاريخ)- دار الفكر بيروت1398هـ/1978م.
الأصفهاني (356هـ) (أبو الفرج بن الحسن بن أحمد) (مقاتل الطالبيين) دار المعرفة للبطاعة والنشر، بيروت -لبنان 1398هـ/1969م.
البستي(ت354هـ) محمد بن حبان بن التميمي (مشاهير علماء الأمصار) دار الكتب العلمية بيروت- د.ت).
البلاذري (ت 279هـ) أحمد بن يحيى بن جابر (فتوح البلدان) دار الكتب العلمية، بيروت -لبنان 1398هـ/1978م.
البيروني (ت440هـ) محمد بن أحمد (الآثار الباقية من القرون الخالية).
البيهقي (ت 470هـ) أبو الفضل محمد بن حسين (تاريخ البيهقي) ترجمة الخشاب وصادق نشأت، دار النهظة، بيروت، 1982م.
التوحيدي (ت 680هـ) علي بن محمد بن العباس (أخلاق الوزيري) (الصاحب بن عباد وابن العميد) المطبعة الهاشمية 1358هـ/1965م، تحقيق محمد بم تاويت الطنجي.
الثعالبي (ت 429هـ) أبو منصور عبدالملك بن محمد (يتيمة الدهر في محاسن العصر)، دار الفكر، بيروت -ط2/1393هـ/1973م.
الجاحظ (ت255هـ) أبو عثمان عمر بن بحر (البيان والتبيين) تحقيق عبدالسلام هارون، ط4، مكتبة الخانجي، القاهرة 1367هـ/1948م.
ابن الجوزي (ت 597هـ) أبو الفرج علي بن محمد (المنتظم في أخبار الملوك والأمم) حيدر أباد 1357هـ/ط1.
ابن خلكان (ت681هـ) شمس الدين أبو العباس أحمد بن إبراهيم (وفيات الأعيان) تحقيق: محمد محيى الدين عبدالحميد.
الدار قطني (ت385هـ) أبو الحسن علي بن عمر (ذكر أسماء التابعين ومن بعدهم) دراسة وتحقيق ديوان الضناوي، كمال يوسف، مؤسسة الكتب الثقافية. ط1/1406هـ/1985م بيروت- لبنان.
ابن قتيبة (ت 276هـ) أبو محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (الإمامة والسياسة) ط4/1388هـ/1969م مطبعة مصطفى البابي- حلبي مصر.
الذهبي (ت748هـ) الحافظ شمس الدين أبو عبدالله (ميزان الاعتدال في نقد الرجال) تحقيق علي محمد البجاوي، ط1 مطبعة عيسى الحلبي، القاهرة 1382هـ/1963م.
الزركلي -الأعلام، ط3 بيروت- لبنان 1969م.
السيوطي (ت911هـ) جلال الدين بن عبدالرحمن (تاريخ الخلفاء) تحقيق محمد محي الدين عبدالحميد، القاهرة د.ت.
الصفدي (ت764هـ) صلاح الدين خليل بن ايبك الصفدي (الوافي بالوفيات) تحقيق: إحسان عباس وآخرين، دار النشر فرانز شتاينز بفسبادن 1381هـ/1962م.
الطبري (310هـ) أبو جعفر محمد بن جرير (تاريخ الأمم والملوك) تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف ط2/1976م.
ابن عنبة (828هـ) جمال الدين أحمد بن علي الحسني (عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب) طبعة النجف 1961م.
ابن كثير (ت588هـ) عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر (البداية والنهاية) ط4، مكتبة المعارف بيروت1401هـ/1981م.
المازندراني (588هـ) أبو جعفر رشيد الدين محمد بن علي (مناقب آل أبي طالب)، المطبعة الحيدرية بالنجف 1376هـ.
المسعودي(ت346هـ) أبو الحسن علي بن الحسين (التنبيه والاشراف) دار الصاوي للطبع والنشر والتأليف-القاهرة 1357هـ/1938م.
المقريزي (ت845هـ) تقي الدين أحمد بن علي.
المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة ط2/1987م.
النزاع والتخاصم فيما بين بني أمية وبني هاشم (تحقيق د: حسين مؤنس، دار المعارف /1988م).
اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء (تحقيق د: جمال الدين- دار الفكر العربي 1367هـ/1948م).
اليعقوبي (ت282هـ) أحمد أبي يعقوب بن جعفر (تاريخ اليعقوبي -طبعة دار صادر، بيروت).
مجدالدين المؤيدي (التحف شرح الزلف) ط1/ مؤسسة أهل البيت للرعاية الاجتماعية- ج.ي صنعاء سنة 1994م.
أحمد فريد الرفاعي (عصر المأمون) ط1/1346هـ/1927م مطبعة دار الكتب المصرية.
أحمد محمود صبحي (الزيدية)، نشر الزهراء للإعلام العربي ط2 /1404هـ/1984م.
حسن إبراهيم حسن (تاريخ الدولة الفاطمية) مكتبة النهضة ط4/ القاهرة سنة 1981م.
محسن الأمين (أعيان الشيعة) دار التعارف -بيروت 1403هـ/1983م.
عبدالرزاق الموسوي المقرم (زيد الشهيد بن الإمام علي) مطبعة الغري، النجف 1355هـ/1937م.
محمد أبو زهرة (الإمام زيد بن علي حياته وعصره) دار الفكر العربي- القاهرة 1378هـ/1959م.
محمد أبو زهرة (تاريخ المذاهب الإسلامية في السياسة والعقائد وتاريخ المذاهب الفقهية) دار الفكر العربي ط1/1989م.
فهرست
مقدمة ...
1- الإمام الأعظم زيد بن علي زين العابدين عليهما السلام ...
خروج الإمام زيد بن علي واستشهاده ...
2- الإمام يحيى بن زيد عليهما السلام ...
3- الإمام محمد بن عبدالله الكامل ...
4- الإمام إبراهيم بن عبد الله الكامل (ع) ...
5- الإمام موسى بن عبد الله الكامل (ع) ...
6- الإمام عبد الله بن محمد بن عبد الله (النفس الزكية) ...
7- الإمام عيسى بن الإمام زيد بن علي (عليهم السلام) ...
8- الإمام الحسين بن علي بن الحسن (المثلث) ...
9- الإمام يحيى بن عبد الله الكامل ...
10- الإمام إدريس بن عبد الله الكامل ...
11- الإمام إدريس بن إدريس بن عبدالله ...
12- الإمام محمد بن إبراهيم بن إسماعيل ...
13- الإمام محمد بن جعفر الصادق ...
14- الإمام الحسن بن إبراهيم بن عبد الله الكامل ...
15- الإمام الأعظم القاسم (الرسي) بن إبراهيم بن إسماعيل (ع) ...
16- الإمام علي (الرضا) بن موسى (الكاظم) ...
17- الإمام محمد بن القاسم بن علي بن عمر الأشرف (الطالقاني) ...
18- الإمام محمد بن جعفر بن يحيى بن عبد الله الكامل ...
19- الإمام محمد بن صالح بن عبد الله بن موسى بن عبد الله (الكامل) ...
20- الإمام يحيى بن عمر العلوي الحسيني ...
21- الإمام الداعي إلى الله الحسن بن زيد بن محمد(220-270هـ) ...
22- الإمام الداعي محمد بن زيد بن محمد بن إسماعيل ...
23- الإمام إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم ...
24- الإمام علي بن زيد بن الحسين ...
25- الإمام الأعظم الناصر للحق أبو محمد الحسن بن علي (الأطروش) ...
26- الإمام الداعي الحسن بن القاسم ...
27- الإمام المهدي لدين الله محمد بن الإمام الداعي الحسن بن القاسم ...
28- الإمام الثائر في الله جعفر بن محمد بن الحسين وأبناؤه ...
29- الإمام المؤيد بالله أبو الحسين أحمد بن الحسين بن هارون ...
30- الإمام أبو طالب يحيى بن الحسين بن هارون ...
31- الإمام المستظهر بالله أحمد بن الحسين ...
32- الإمام الناصر الهوسمي ...
33- الإمام الموفق بالله الحسين بن إسماعيل الجرجاني ...
34- الإمام المرشد بالله يحيى بن الحسين ...
35- الإمام الهادي الحقيني (أبو الحسن بن علي) ...
36- الإمام أبو الرضى الكيسمي الحسيني ...
37- الإمام أبو طالب الأخير يحيى بن أحمد بن الحسين الهاروني ...
الخاتمة ...
المصادر ...