تم تصدير هذا الكتاب آليا بواسطة المكتبة الشاملة

(اضغط هنا للانتقال إلى صفحة المكتبة الشاملة على الإنترنت)

الكتاب : أخبار أئمة الزيدية في طبرستان وديلمان وجيلان

المؤلف :

مقدمة

أخبار أئمة الزيدية

في

طبرستان وديلمان وجيلان

نصوص تاريخية جمعها وحققها

ويلفريد مادلونغ

إن النصوص التي تم تجميعها وتحقيقها هنا تُوفر، لأول مرة، مصدراً لتاريخ الحكم العلوي والزيدي في مناطق جنوب بحر الخزر، من القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي وحتى بداية القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي. وقد كتب معظمها أبناء المجتمع الزيدي الخزري، وكُتب الباقي بالاعتماد المباشر على ما سجلوه من أعمال. وكنتيجة لانقراض المجتمع الزيدي الخزري مع بداية العصر الصفوي، فإن المجتمع الزيدي في اليمن هو الذي حفظ تراثهم الأدبي بشكل يكاد يكون منفرداً، فجميع النصوص المنشورة في هذه الطبعة التي بين يدينا قد جاءت بالفعل من مصادر يمنية.

(1/1)

إن العلاقات بين المجتمعين الزيديين، في منطقة بحر الخزر واليمن، كانت وثيقة جداً وخاصة خلال بعض المراحل في تاريخيهما، وذلك على الرغم من التباعد الجغرافي الكبير، فمؤسس الإمامة الزيدية في اليمن، الهادي إلى الحق يحيى (توفي عام 298هـ/911م) زار طبرستان في البداية ليثبّت نفسه هناك، وعندما استقر لاحقاً في اليمن دعمه فيها متطوعون زيود من منطقة بحر الخزر. هذا وكان الزيود في طبرستان الغربية، في الرويان Ruyan وكلار Kalar وشالوس Shalus، قد تبنوا في مرحلة مبكرة التعاليم الشرعية للمدرسة التي أسسها جدّ الهادي – القاسم بن إبراهيم الرسي (توفي عام 246هـ/860م) – والتي عُرِفت باسمه "القاسمية". وحتى عندما قام الإمام الزيدي الخزري الناصر للحق الأُطروش (توفي عام 304هـ/917م) بتدريس تعاليم شرعية مختلفة إلى حد ما بين الديلميين والجيلانيين في المناطق الغربية الأبعد، وعُرف أتباعه فيما بعد "بالناصرية". حافظت القاسمية الخزرية على هويتها المنفصلة، والتي مالت للبحث عن القيادة من بين ذرية القاسم، واعترفت بالهادي وبولديه وخليفتيه في اليمن – محمد المرتضى (توفي عام 310هـ/922م) وأحمد الناصر لدين الله (توفي عام 322هـ/934م) – كأئمة شرعيين. وبعد قرن من الزمان، توسّع اثنان من أئمة الخزر، هما الأخوان البطحاني، المؤيد بالله أحمد (توفي عام 410هـ/1020م) والناطق بالحق أبو طالب (توفي عام 424هـ/1033م)، في التعاليم الشرعية للقاسمية وأدخلا عليها التعديلات. وعلى الرغم أن زيود اليمن قد اعترفوا بهما كإمامين بعد وفاتهما فقط، فإن أعمالهما أصبحت مع الوقت

(1/2)

مرجعاً هاماً بينهم. وفي عام 437هـ/1045 -1046م تم الاعتراف بعلوي قادم من مجتمع الخزر، هو الناصر أبو الفتح الديلمي (توفي عام 444هـ/1052- 1053م)، إماماً لليمن. وفي بداية القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي(1)، اعترف اليمنيون بإمامة أبي طالب الأخير (توفي عام 520هـ/1126م)، وهو من ذرية المؤيد الذي حكم في الديلمان وجيلان، وكان نائبه في اليمن من ذرية الهادي. وفي ذلك القرن، جرت عملية إحضار غالبية أدبيات زيود الخزر وأعمالهم لليمن على أيدي علماء فارس الزيود أثناء زياراتهم لليمن، وعلى أيدي علماء اليمن العائدين من زيارة مراكز التعليم الزيدي في شمال غرب إيران. وفي بداية القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي اعترف زيود الخزر بإمامة الإمام اليمني المنصور بالله عبدالله بن حمزة (توفي عام 614هـ/1217م) (2). ومن تلك الفترة يرجع تاريخ آخر وثيقة جاءت من مجتمع الخزر، وتوفرت لنا في الطبعة الحالية، وهي رسالة يوسف الجيلاني من لاهيجان والتي كُتِبت عام 607هـ/1210م.

__________

(1) - صفحة 11 في النص الإنجليزي.

(2) - لمزيد من التفاصيل بشأن هذه التطورات، أنظر كتاب و.ماديلونغ عن الإمام القاسم بن إبراهيم، وعنوانه:

Der Imam al-Qasim ibn Ibrahim und die Glaubenslehre der Zaiditen, PP. 153-222 ، صفحة 153 حتى 222. وكتاب "الحكام العلويون لطبرستان وديلمان وجيلان":

Atti del III congresso di Studi. 492-483, Arabie Islamici (Racello 1966).

(1/3)

وبعد تلك الفترة ضعفت العلاقات بين زيود الخزر وزيود اليمن، ولكنها لم تنقطع بالكامل. وفي عام 674هـ/1275 -1276م، دعا الإمام اليمني المتوكل على الله المطهر بن يحيى – طبقاً لمصدر يمني – الجيلانيين والديلميين لإعلان ولائهم له، وقد اعترف به بعض علمائهم(1). ولا شك أن المزيد من الدراسات لأعمال زيود اليمن في ذلك العصر قد تكشف مزيداً من المعلومات عن المجتمع الخزري، رغم أنه يبدو من غير المحتمل العثور على مزيد من وثائق مطوّلة من النوع الذي حققناه هنا. إن تاريخ زيود الخزر خلال معظم القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي ما زال – على ضوء غياب مصادر غير زيدية – مبهماً على وجه الخصوص. أما في بداية القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي فإن وصف أبي القاسم كاشاني لجيلان يقدم على الأقل بعض المعلومات بشأن بقاء الأسر العلوية الحاكمة في تلك المنطقة(2). وفي النصف الثاني من القرن يعطي ظاهر الدين مرعشي في كتابه "تاريخ جيلان وديلميستان" (والذي ضاعت أجزاؤه الأولى لسوء الحظ) صورة أوضح لانتشار الزيدية في المنطقة والدور الذي مازالت تلعبه في التطورات السياسية. هذا وقد ذكر السيد علي بن أمير كيائي ملاطي، وهو من ذرية السيد علي بن محمد الغزنوي، في رسالة ليوسف الجيلاني أنه

__________

(1) - يحيى بن الحسين بن القاسم، "غاية الأماني" طبعة سعيد عبدالفتاح عاشور ومحمد مصطفى زيادة،I، ص461. I . ص15 تُقرأ"الجيل" بدل "الجبل".

(2) - Cf.H.L.Rabino di Borgomale, "Deux descriptions du Gilan du temps des Mongols", Journal Asiatique CCXXXVIII (1950) 325-333..

(1/4)

طبقاً للتعاليم الزيدية الحقيقية قد آل على نفسه واجب "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" مؤيداً بجماعة من العلويين والزيود النادمين التائبين. وعندما استولى على لاهيجان (769هـ/1368م) أعلن علماء الزيود في البلدة رسمياً ولاءهم له كإمامهم الشرعي، شاهدين باستيفائه لشروط الإمامة الخمسة(1)، وكان هناك متمردٌ واحد هاجر إلى رشت(2). وبعد وفاة السيد علي (781هـ/1379-1380م)، سرعان ما حكم خلفاؤه بشكل منفرد معتمدين على قاعدة الحكم بالوراثة بين أفراد الأسرة الحاكمة. وإن المرء ليشك إن كان أي منهم قد استوفى التأهيل التعليمي في العلوم الدينية وهو من الشروط اللازمة في الإمامة الزيدية، هذا ولم يكشف لنا ظاهر الدين شيئاً عن موقف علماء الزيود من هؤلاء الحكام اللاحقين من أسرة أمير كيائي، ويبدو في أغلب الظن أنهم أيدوهم على أنهم حكام صالحون من الذرية العلوية في غياب أي مُطالب مؤهل بالإمامة كما حدث في العصور السابقة. أمَا أن تدريس التعاليم الزيدية قد ظل حيّا وقوياً خلال تلك المرحلة وخلال العقود الأولى من القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي، فهو أمر تأكد الآن بشهادة عدد من الوثائق التي كتبها المجتمع الزيدي الخزري في مرحلته الأخيرة والتي ظهرت حديثاً إلى دائرة الضوء. وهذه الوثائق مرتبّة ترتيباً مميزاً، وتضم عدداً من الملاحظات والحواشي معظمها باللغة الفارسية أو باللهجات المحلية، مُبعثرة فوق الصفحة، وتتصل الحاشية بالكلمة

__________

(1) - صفحة 12 في النص الإنجليزي.

(2) - ظاهر الدين مرعشي، "تاريخ جيلان وديلمستان" طبعة Menuchehr Setuda، ص41.

(1/5)

المعنية في متن النص من خلال خط يربطهما. وبين هذه الوثائق نسختان من "كتاب الإبانة" لأبي جعفر الهوسمي، وكان قاضياً في فترة حكم الإمام أبي طالب الناطق بالحق، وكان الكتاب عن التعاليم الشرعية طبقاً للناصر الأطروش مع تعليقات مفصلة(1) وعدد من التفسيرات القرآنية المعتمدة على المذهب الزيدي(2)

__________

(1) - Ms طهران، المكتبة المركزية لجامعة طهران، رقم 6623 وَصَفَ الكتابَ

M.T. Daneshpazhuh: "Do mashikha- ye zaydi", Nama-ye Minovi,

طهران 1350، ص179-188. وMs طهران، Majlis no.235 khuyi، وقد وصف المخطوط اللاحق:

Abd al-Hosayn Ha`eri in Fahrest Ketabkhana-ye Majles-e Shura-ye melli, volume VII. ص384-8. وسبق تعريفه خطأً على أنه "الناصرية" للمنصور بدر الدين. ولكن دانشبازهوه Daneshpazhuh قد عرّفه بشكل صحيح على أنه يحتوي على كتاب "الإبانة" للهوسمي "Do mashikha" ص188. وليست التعليقات الموجودة في هذه النسخة هي "شرح الإبانة" للهوسمي نفسه، والتي ما زالت مخطوطتها اليمنية باقية في ميونيخ وميلانو وأماكن أخرى، ولكنها اعتمدت [أي التعليقات] في أغلب الاحتمالات على "زوائد الإبانة" لشمس الدين محمد بن صالح الجيلاني، الذي يبدو أنه عاش خلال عام 700هـ/1300م.

Cf.on him "Do Mashikha"صفحات 173, 182, 184.

(2) - المخطوطات التالية معروفة لدي: Manisa Genel Kitablik رقم 127ويحتوي على حواشٍ يرجع تاريخها من 897هـ/ 1492م إلى 918هـ/1512م، طهران مجلس رقم 5656 (وهناك نسخ فوتوكوبي لهذين المخطوطين موجودة في المكتبة المركزية لجامعة طهران:

Cf. M.T. Daneshpazhuh, Fehrest-e mikrufilmha-ye ketabkhana-ye markazi-ye Daneshgah-e Tehran pp.301-8), Tehran, ketabkhana-ye melli-ye malek no227.

وتفسير أبي الفضل الديلمي ما زال موجوداً في مكتبة خاصة في النجف، ويقع في مجلدين تم إكمالهما عام 871هـ/1467م وعام 876هـ/1472م. وقد عاش المؤلف أبو الفضل بن شهردوير بن بهاء الدين يوسف بن أبي الحسن الديلمي الجيلاني، في أواخر القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي.

=Cf. Agha Buzurg al-Tihrani, al_Dhari`a ila tasanif al-shi`a. IV,pp.256-58

وعدة مخطوطات مختلفة في النحو والأدب، والتي أنتجها أيضاً المجتمع الزيدي الخزري، ذكرها دانشبزهوه

"Do mashikha"pp.179f, Daneshpazhuh".

(1/6)

. ومخطوطات هذه المدرسة تؤكد أيضاً تحول المجتمع الزيدي الخزري للشيعة الإمامية في النصف الأول من القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي. وكان آخر تفسير للقرآن(1) أخرجته هذه الجماعة، والذي اكتمل عام 961هـ/1554م، قد خلا من أية آثار للتعاليم الزيدية، وقد احتوى في بعض الأحيان على التعاليم الإمامية(2). وطبقاً لنور الله شوشتري فإن أمير "كيا" السلطان أحمد خان وغالبية مواطنيه الزيود قد تركوا المذهب الزيدي عام 933هـ/ 1526-1527م(3).

لقد قدمت المخطوطات اليمنية الكثير من المعلومات الجديدة عن تاريخ المجتمع الزيدي الخزري حتى القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي، والتي لم تتوفر لدينا من مصادر أخرى. وبالفعل، بعد منتصف القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، وبعد أن انتهت الإشارات المتكررة لابن اسنفديار عن التطورات في ديلمان وجيلان، وفّرت المصادر اليمنية المرجع الوحيد عن الحكم العلوي في تلك المنطقة.

__________

(1) - صفحة 13 في النص الإنجليزي.

(2) - Ms. Tahran, majles-e sana no.17517 بعض الحواشي التي أضيفت للنص يرجع تاريخها للأعوام 962-964هـ/ 1555-1557م.

1 / 4
ع
En
A+
A-