إلا إذا ثبت أنهم كانوا مسلمين وصالحين متمسكين بشريعة نبيهم . . . . وحينئذ

فعدم الرد عليهم لا يعد إقرارا بل إنكارا ، لأن حكاية القول عن الكفار

والفجار يكفي في رده عزوه إليهم ! فلا يعتبر السكوت عليه إقرارا كما لا يخفى

اه‍ . (3 ا) لأن ابن خزيمة اشتد إنكاره في (كتاب التوحيد) الذي ندم بأخره

على تصنيفه بعد إيراده لحديث الأصابع على من أنكر أن ضحكه (ص) ضحك إنكار

وهذا خطأ وقع فيه ابن خزيمة ، وكتابه التوحيد الذي يصفه الفخر الرازي في

تفسيره (14 / 27 / 151) بكتاب الشرك ندم ابن خزيمة على تصنيفه كما جاء عنه

بإسنادين في الأسماء والصفات للبيهقي ص (267) بتحقيق الإمام العلم الكوثري .

وقد شنع على ابن خزيمة أيضا الحافظ ابن الجوزي وابن فورك . (*) .

===========================================================================

[ 19 ]

(ثانيا) : إن ضحك النبي (ص) ليس نصا في تصديق اليهودي كما فهم الراوي ، بل

يحتمل الإنكار . وتلاوة الآية أولى بالدلالة على الإنكار لأن الآية لا ذكر

فيها للأصابع . وإذا احتمل الدليل وجهين ، سقط به الاستدلال (14) . (ثالثا)

: إن الأصابع لم تأت في خبر مقطوع به كما قال الخطابي ووافقه الحافظ ابن حجر

في فتح الباري (15) . (رابعا) : أنها لم تخل من تأويل صحيح موافق للغة العرب

. قال الخطابي : ولعل ذكر الأصابع من تخليط اليهودي ، فإن اليهود مشبهة ،

وفيما يدعونه من التوراة ألفاظ تدخل في باب التشبيه ، ولا تدخل في مذاهب

المسلمين . وأما ضحكه (ص) من قول الحبر ، فيحتمل الرضا والإنكار ، وأما قول

الراوي : تصديقا له ، فظن منه وحسبان ، وعلى تقدير أن يكون ذلك محفوظا ، فهو

محمول على تأويل قوله تعالى (والسموات مطويات بيمينه) أي قدرته على طيها ،

وسهولة الأمر في جمعها بمنزلة من جمع شيئا في كفه ، واستقل بحمله من غير أن

يجمع كفه عليه ، بل يقله ببعض أصابعه ، وقد جرى في أمثالهم : فلان يقل كذا

بإصبعه ، ويعمله بخنصره اه‍ وستأتي بقية لهذا البحث ، في باب إثبات الأصابع

لله عزوجل إن شاء الله . قال : نقد في باب الرد على من رأى كتمان أحاديث

صفات الله تعالى وروى من طريق الترمذي في سننه عن حماد بن سلمة عن ثابت

البناني عن أنس بن مالك عن النبي (ص) في قوله عزوجل (فلما تجلى ربه للجبل

(14) تقرر في علم الأصول أن الدليل إذا طرأه الاحتمال سقط به الاستدلال .

(15) انظر فتح الباري (13 / 398) وقد تقرر فيما قدم المصنف ودللنا عليه أنه

لا تثبت العقائد إلا بخبر مقطوع به لا يحتمل التأويل ولم يتصرف به الراوي .

===========================================================================

[ 20 ]

جعله دكا) أشار أنس بطرف إصبعه على أول بنان من الخنصر ، وكذلك أشار ثابت

البناني ، فقال له حميد الطويل : ما تريد بهذا يا أبا محمد ؟ فرفع ثابت يده

فضرب صدره ضربة شديدة ، وقال : من أنت يا حميد ؟ وما أنت يا حميد ؟ يحدثني

أنس بن مالك عن النبي (ص) وتقول أنت ! ما تريد بهذا ؟ اه‍ . وأقول : حماد بن

سلمة وإن كان ثقة ، فله أوهام ، كما قال الذهبي ، ولم يخرج له ا لبخار ي

(16) . ومن أوهامه ما رواه عن عكرمة عن ابن عباس (رأيت ربي جعدا أمردا عليه

حلة خضراء) . وروى عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس : أن محمدا رأى ربه في

صورة شاب أمرد دونه ستر في لؤلؤ ، قدميه أو رجليه في خضرة (17) . قال الذهبي

في الميزان : فهذا من أنكر ما أتى به حماد بن سلمة ، وهذه الرؤية رؤية منام

إن صحت (18) اه‍ . قلت : حديث المنام ، رواه الترمذي بلفظ : رأيت ربي في

صورة حسنة (19) . وهذا اللفظ لا نكارة فيه ، والصورة معناها الصفة وفي

المسند : (رأيت ربي) (20) .

===========================================================================

(16) وأقول : حماد بن سلمة : إمام ثقة ، لكن لا ينبغي أن تقبل أخباره في

الصفات البتة لأن ربيبيه كانا يدسان في كتبه ما شاءا وقال الذهبي في سير

أعلام النبلاء (7 / 452) : إلا أنه لما طعن في السن ساء حفظه . . .

فالاحتياط أن لا يحتج به فيما يخالف الثقات اه‍ كلام الذهبي . قلت : فما

بالك برواياته التي يخالف بها نصوص التنزيه في الكتاب والسنة ؟ ! فتدبر .

9 / 46
ع
En
A+
A-