غلاة المثبتة (8) ، بل إذا كان التأويل قريبا يحتمله اللفظ ، ولا يرده

المعنى ، وجب قبوله (9) .

===========================================================================

وبعضهم رواه بلفظ : (فقال لها : أتشهدين أن لا إله إلا الله ؟ قالت : نعم .

. .) الحديث وهذا اللفظ الثالث هو المعتمد الموافق لما تواتر عنه (ص) كما

سيأتي ، فعلى الأقل إن لم يكن مرجحا لأحد الألفاظ لا يصح أن يجزم بواحدة من

هذه الروايات فيها كلمة زائدة بأن تلك الكلمة صفة لله تعالى للشك فيها ، بغض

النظر على كونها من الآحاد أو من المقطوع به ، أو من المعارض الموهم أو من

المتشابه أو غير ذلك . (8) وذلك لأن السلف الصالح أولوا بلا شك ولا ريب

وتفسير ابن جرير الطبري الحافظ السلفي المتوفى سنة (310 ه‍) من أكبر الأدلة

على ذلك والعجب ان غلاة المثبتة يزعمون أنهم متمسكون بما عليه إمام السنة

أحمد بن حنبل مع أن الإمام أحمد كان مؤولا كما نقلنا عنه في المقدمة أنه أول

(وجاء ربك) فقال : جاء ثوابه . وأول أشياء أخرى فهلا رموه بالتجهم والتعطيل

؟ ! بل غلاة المثبتة يؤولون قوله تعالى : (وهو معكم) بالعلم مع أنهم ينقلون

الإجماع على عدم وجوب التأويل ، ويقولون أن في الآية قرينة تدل على أن

المراد المعية بالعلم ، ونحن نقول أن العلو والاستواء هو علو واستواء وفوقية

بالقهر لأن لفظ القهر ورد في كتاب الله تعالى في قوله عزوجل : (وهو القاهر

فوق عباده) ، وبلغني أن الشيخ محمد صالح العثيمين قال : وعقيدتنا أن الله

تعالى معية حقيقية ذاتية تليق به وتقتضي إحاطته بكل شئ علما وقدرة وسمعا

وبصرا . . . الخ فتأمل . (9) ومثال ذلك حديث النزول وهو حديث أبي هريرة

مرفوعا : (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث

الليل الآخر يقول من يدعوني فاستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر

له) . ورد له تأويل في حديث صحيح بأن النزول نزول ملك ، فقد روى النسائي في

عمل اليوم والليلة بسند صحيح من حديث أبي هريرة وأبي سعيد مرفوعا : (ان الله

عزوجل يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول ثم يأمر مناديا ينادي هل من مستغفر

يغفر له . . .) الحديث ولم ينفرد بهذه الرواية حفص بن غياث كما زعم الألباني

فأنكرها تدليسا ، بل لها شواهد ومتابعات صحيحة انظر معجم الطبراني الكبير (9

/ 51) ومجمع الزوائد (1 0 / 153) ومسند أحمد (4 / 22 و 217) وكشف الأستار (4

/ 4 4) وفتح (*) .

===========================================================================

[ 16 ]

(ثالثا) : إذا احتمل اللفظ معنيين : أحدهما يفيد تنزيه الله تعالى ، قدم على

الذي لا يفيده ، لأن التنزيه واجب بإجماع المسلمين . وهذا حين الشروع في

المقصود بعون الله . نقد باب إيجاب قبول صفة الله تعالى وروى بإسناده عن

عبيدة عن عبد الله ، قال : جاء رجل من أهل الكتاب إلى النبي (ص) فقال : يا

محمد إن الله يضع السموات على إصبع ، والأرضين على إصبع ، والجبال على إصبع

، والثرى على إصبع ، ثم يقول : أنا الملك ، قال : فضحك رسول الله (ص) ، حتى

بدت نواجذه ، ثم قرأ (وما قدروا الله حق قدره) زاد فضيل : فضحك تعجبا

وتصديقا له (10) .

===========================================================================

الباري (3 / 30) وقد بسطت الكلام في ذلك في (الأدلة المقومة لاعوجاجات

المجسمة) . فتأويل نزول الله بنزول الملك هو الصحيح الثابت وهذا هو الذي

تقتضيه قواعد مصطلح الحديث ، قال الحافظ العراقي في ألفيته : وخير ما فسرته

بالوارد كالدخ بالدخان لابن صائد ولأن ظاهر لفظ : (ينزل الله) الانتقال من

مكان إلى مكان وذلك محال في حقه سبحانه لتنزهه عن المكان والحلول والحركة .

(10) قوله (وتصديقا له) ليست في كافة الروايات بل تفرد بها فضيل بن عياض وهي

زيادة ثقة لكنها غير مقبولة لمعارضتها ظاهر الآية التي ذكرها النبي (ص) :

(وما قدروا الله حق قدره) ، بل قال القرطبي كما نقل الحافظ في الفتح (13 /

398) : وأما من زاد (وتصديقا له) فليست بشئ فإنها من قول الراوي وهي باطلة

لأن النبي (ص) لا يصدق المحال وهذه الأوصاف في حق الله محال . إذ لو كان ذا

7 / 46
ع
En
A+
A-