ملازمة مجالس السماع من صغرهم قبل تحصيل مبادئ العلوم
===========================================================================
[ 9 ]
الضرورية فيبقون من أبعد خلق الله عن النظر والتبصر ، ومن ثمة كان صاحب
الترجمة رحمه الله تعالى كبير التساهل في تسميع المترددين إليه كل ما بلغه
من أجزاء أناس من المشبهة لا يتحملها أهل العلم منهم إلا لتسجيل بدعتهم
عليهم ليرد عليهم المتبصرون من العلماء نحلتهم ، وفي بعض تلك الأجزاء صريح
نسبة القعود والجلوس والمكان والحد والحركة وغيرها إلى ربهم وهذا مما تقشعر
جلود الذين يخشون الله من نسبته إليه تعالى عما يصفون . وان كان بين هؤلاء
من شهر بالرواية لكن لم يزالوا على عاميتهم لبعدهم عن أهل العلم وعدم
ممارستهم النظر وتعودهم أن يعيشوا أمة وحدهم مغترين بكثرة الملازمين لهم
لتحمل ما عندهم من الروايات ولم يستأصل الإسلام من عقولم بعد شأفة نحلهم
التي كانوا عليها قبل الإسلام . . . الخ كلامه رحمه الله تعالى أقول : ولفظ
المرض والجوع أيضا وإن ورد في السنة الصحيحة مضافا لله تعالى فلا يصح عند أي
مسلم عاقل اطلاقه على الباري سبحانه . وفي الحديث الوارد فيه لفظ الجوع
والمرض تعليم صريح لنا من الله تعالى ورسوله (ص) للتأويل في مثل هذه الألفاظ
، والحديث رواه مسلم وهو حديث قدسي بلفظ : (يا ابن آدم مرضت فلم تعدني ، قال
: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين . قال : أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم
تعده ، أما أنك لو عدته لوجدتني عنده . . .) الحديث ففيه إضافة المرض إليه
ولا يصح حقيقة وصفه سبحانه بذلك لأنه مؤول بمرض عبده لأنه لا يمرض بل يستحيل
هذا عليه عقلا ونقلا (وان ثبتت لفظة مرضت) ، وهكذا كل لفظ موهم للنقص ما زال
العلماء من السلف والخلف يصرفونه من أن يطلق صفة لله سبحانه فما بال هؤلاء
القوم لا يكادون يفقهون حديثا فيرمون المسلمين بل علماء المسلمين بالتجهم
والتعطيل زورا والعجب العجاب أنهم لا يرمون أمثال الدشتي الحنبلي صاحب كتاب
(اثبات الحد لله عزوجل وأنه قاعد وجالس على عرشه) بالتجسيم والتشبيه ، ولا
يرمون الحافظ الجمال بن عبد الهادي الحنبلي بالتجسيم والتشبيه وهو
===========================================================================
[ 10 ]
الذي ثبت خطه على جزء الدشتي (والذي كان يسمعه) لأهله وخاصته ، ولا ابن
تيمية الذي يصف الله بالحد والجلوس والجهة وقيام الحوادث به سبحانه والحركة
، ولا ندري ما السبب في ذلك . وعلى كل حال فلا يجوز للعلماء أن يتقاعسوا عن
السهر على مداخل الفساد في الدين في وقت ، أصيب فيه مسلمو هذا العصر (فيما 4
أصيبوا) بمن يدر الرزق على ناشري نحلة التجسيم ومحاربة الفقه المتوارث ، حيث
قام أناس جياع متحللون من كل قيد - غيروا الشكل لأجل الأكل يحملون حملات
شعواء على القائمين بالدفاع عن حريم الإسلام متظاهرين بإنكار البدع والدعوة
إلى السنة ولسنا نذكر الآن أسماء القائمين بتلك الدعوة في الأقطار بل نرجئه
إلى موضع ووقت مناسب ، فانما نغفل أبا جهل مراعاة لخاطر عكرمة ، ولا بدأن
يعلم العلماء المتقاعسون عن القيام بواجبهم علما مؤكدا بأن الباطل زاهق في
كل مكان ، والحق لا يعدم نصيرا في كل زمان ، وان نصير الباطل صريع مخذول
وعدو الحق هالك مرذول ، فعلى المرء كل أن يقوم بواجبه في كل وقت ، والنجاح
إلى الله سبحانه وليس بيد العبد .
===========================================================================
[ 11 ]
(بسم الله الرحمن الرحيم) الحمد لله المنفرد بالإرادة والتدبير . المنزه عن
الشبيه والنديد والنظير . ليس كمثله شئ وهو السميع البصير . له الأسماء
الحسنى ، والصفات العلا (1) ، وهو العلي الأعلى ، يعلم خائنة الأعين وما
تخفي الصدور . والصلاة والسلام على سيدنا محمد البشير النذير ، والسراج
المنير ، وعلى آله المطهرين ، ورضي الله عن صحابته والتابعين . أما بعد :
فهذا جزء بينت فيه أشياء منتقدة في كتاب الأربعين في دلائل التوحيد ، لأبي
اسماعيل الهروي (*) ، وقد طبع في السنة الماضية 1404 ه بتعليق علي بن محمد