(1) ومنه يتبين أن المعنى والتأويل والتفسير شئ واحد خلافا لمن حاول التفريق

بينهم . (2) قال العلامة اللغوي الراغب الأصفهاني في كتابه المفردات : وإذا

نسب ذلك إلى الله أي النسيان - فهو تركه إياهم استهانة بهم ومجازاة لما

تركوه . اه‍ (*) .

===========================================================================

[ 7 ]

بعض الألفاظ الواردة التي لا يجوز عدها من صفات الباري سبحانه كلفظة الضحك

وهي ثاني الأمثلة التي أوردناها في مقدمة هذه المقدمة فقد ثبت أن الإمام

البخاري رحمه الله تعالى أول الضحك الوارد في الحديث بالرحمة ، كما ذكره

الإمام الحافظ البيهقي في كتابه الأسماء والصفات (صحيفة 298 بتحقيق الإمام

الكوثري) حيث قال : وأما الضحك المذكور في الخبر فقد روى الفربري عن محمد بن

اسماعيل البخاري رحمه الله أنه قال : معنى الضحك فيه الرحمة . اه‍ وأما

الإمام أحمد رحمه الله تعالى أحد شيوخ الحديث والسنة في عصور السلف فقد ثبت

عنه التأويل ايضا ، روى الحافظ البيهقي في كتابه مناقب أحمد (مخطوط) ومنه

نقله الحافظ ابن كثير في كتابه البداية والنهاية (10 / 327) قال : روى

البيهقي عن الحاكم عن أبي عمرو بن السماك عن حنبل أن أحمد بن حنبل تأول قول

الله تعالى : (وجاء ربك) أنه جاء ثوابه . ثم قال البيهقي : وهذا إسناد لا

غبار عليه . اه‍ وكذ نقله الإمام الحافظ ابن الجوزي الحنبلي في كتابه المسمى

(بالباز الأشهب على مخالفي المذهب) أو المسمى أيضا (بدفع شبه التشبيه بأكف

التنزيه) فتأمل . أقول : ولو صدر هذا التأويل من غير الإمام أحمد كأحد

الأشاعرة لذمه المشبهة وقالوا عطل صفة المجئ الثابتة في القرآن ولرموه

بالتجهم والتعطيل . وأول سيدنا بن عباس الصحابي رضي الله عنه لفظة (الساق)

الواردة في قول الله تعالى (يوم يكشف عن ساق) بالشدة ، كما في فتح الباري

(13 / 428) ومسند أحمد (3 / 17) لأن العرب تقول : كشفت الحرب عن ساقها إذا

اشتدت ، لكون الحرب أ مرا معنويا ليست جسما له ساق وقدم ونحو ذلك . وأول

سيدنا ابن عباص الأيدي في قوله تعالى : (والسماء بنيناها بأيد) بالقوة كما

ثبت ذلك عنه في تفسير الحافظ ابن جرير والأيد في اللغة جمع

===========================================================================

[ 8 ]

يد وهي الكف كما في مادة (يدي) في القاموس ، وعلى هذا النهج السديد الذى

سلكه الصحابة والسلف وأهل الحديث في تأويل بعض الألفاظ سلك من جاء بعدهم من

أهل السنة الأشاعرة والماتريدية كالحافظ البيهقي والحافظ النووي والبغوي

وابن بطال وابن التين وابن حجر العسقلاني ، وما زال السطحيون أرباب الثقافة

الدينية الضعيفة من المشبهة يرمونهم بالتعطيل والتجهم على ممر العصور

ويثيرون الفتن ويضللون كثيرا من العامة الذين لا يميزون بين الغث والسمين ،

وقد كان لهم - أعني الحشوية المشبهة - على ممر العصور من يشتغل بشئ من

الحديث وينسب إلى الحفظ والأثر وهو لم يتلق باقي العلوم الضابطة الشارحة

المبينة لعلم الحديث ، كالعربية والأصول والفقه على أحد ، فتنقل عنهم كلمات

صريحة في التجسيم قالوها دون وعي بسبب ضعفهم العلمي كما نقل عن بعضهم أنه

يثبت الحركة والجلوس والحد والجهة لله سبحانه ، تعالى عما يقولون وسبحانه

عما يصفون ، وهؤلاء الذين اشتغلوا بعلم الحديث ولم يقرأوا باقي علوم الشريعة

الغراء يصف حالهم ويجلي أمرهم الإمام الكوثري فيقول معلقا على قول الحافظ

تقي الدين بن فهد في كتابه لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ ص 261 في ترجمة

ابن الشرايحي : (ونشأ أميا لا يقرأ ولا يكتب وكان حافظا لا يدانى في معرفة

الأجزاء . . .) الخ . قال الإمام الكوثري رحمه الله تعالى معلقا : تراه نشأ

عاميا لا يكتب ولا يقرأ كالمسند الشيخ يوسف الغسولي الذي يقول عنه ابن

العماد كان أميا لا يكتب مع أنه من مشايخ الذهبي ، وكالمسند إسماعيل بن أبي

عبد الله العسقلاني الراوي عن حنبل الرصافي وابن طبرزد وعنه يقال أيضا انه

كان أميا لا يقرأ ولا يكتب . ولأمثاله كثرة بين الرواة على اختلاف القرون بل

غالبهم بمجرد تعلمهم حروف التهجي في الكتاتيب ينصرفون إلى الراوية وإلى

3 / 46
ع
En
A+
A-