الكرماني (72) : لما قامت البراهين على استحالة هذه الأشياء يعني الباع
والذراع والهرولة في حق الله تعالى ، وجب أن يكون المعنى : من تقرب إلي
بطاعة قليلة ، جازيته بثواب كثير ، وكلما زاد في الطاعة ، أزيد في الثواب ،
وإن كانت كيفية إتيانه بالطاعة بطريق التأني ، يكون كيفية إتياني بالثواب
بطريق الإسراع . والحاصل أن الثواب راجع على العمل بطريق الكيف والكم ولفظ
القرب والهرولة مجاز على سبيل المشاركة أو الاستعارة أو إرادة لوازمها اه .
ويؤيده رواية ابن حبان في صحيحه (73) والبرقاني في مستخرجه (74) عن أبي
هريرة فذكر الحديث كما هنا وزاد بعد قوله : هرولة ، (وإن هرول سعيت
===========================================================================
(70) لا أظن أن عاقلا يقول بأن الهرولة من صفات الله تعالى ويصنف في إثباتها
المصنفات . (71) رواه البخاري (الفتح 13 / 511 - 512) ومسلم في كتاب التوبة
(1) وفي كتاب الذكر (1 ، 20 - 22) . (72) كما في الفتح (13 / 514) . (73)
انظر صحيح ابن حبان بتقديم الحوت (1 / 297) . (74) كما في الفتح (1 / 514) .
===========================================================================
[ 54 ]
إليه والله أسرع بالمغفرة) . ويؤيده أيضا أن الطاعات التي يتقرب العبد بها
إلى الله تعالى ، لا باع فيها ولا شبر ولا ذراع ، فهي مجاز بالنسبة لله
وللعبد ، ولكن المؤلف ضعيف في الفهم والاستنباط (75) . نقد باب إثبات نزوله
إلى السماء الدنيا (76) وروى عن رفاعة عن عرابة الجهني قال : قال رسول الله
(ص) : (إذا مضى شطر الليل أو قال ثلثاه ينزل الله عزوجل إلى سماء الدنيا
فيقول : لا يسأل
===========================================================================
(75) بلا شك ولا ريب كباقي المجسمة ، وخصوصا أتباعهم في هذا الزمان الذين
ينشرون كتب التجسيم الهدامة ، يحققونها ككتاب التوحيد لابن خزيمة ، وسنة ابن
أحمد ، والأربعين لهذا الهروي المجسم . والجميع بلا شك ينشرون عقائد اليهود
المنقولة من التوراة المحرفة المبدلة ، فالشيخ حمود التويجري ينقل في كتابه
الممجوج (عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن صحيفة (76) من
الطبعة الثانية التي قرظها الشيخ ابن باز هداه الله) ليثبت صفة الصورة لله
سبحانه وتعالى عما يصفون من التوراة فيقول : وأيضا فهذا المعنى عند أهل
الكتاب من الكتب المأثورة عن الأنبياء كالتوراة فإن في السفر الأول منها :
(سنخلق بشرا على صورتنا يشبهها) . اه فهذه عقيدة دعاة التوحيد من أتباع ابن
تيمية فتأملوا يا ذوي الأبصار ، وأنا أدعوهؤلاء للمناظرة إن كان فيهم من
يحسن المناظرة لنوضح لهم فساد العقائد الوثنية التي يعتقدونها ويدعون أنها
توحيد الأسماء والصفات تلبيسا على العامة والضعفاء . (76) نزول الله إلى
السماء الدنيا معناه نزول أحد ملائكة الله إلى السماء الدنيا هذا هو الصحيح
الذي جاءت به الأحاديث مفسرة مبينة ، منها حديث النسائي في عمل اليوم
والليلة (ص 340 حديث رقم 482 طبع مؤسسة الرسالة بتحقيق فاروق حماده) من حديث
أبي هريرة وأبي سعيد مرفوعا بلفظ : (إن الله عزوجل يمهل حتى يمضي شطر الليل
الأول ثم يأمر مناديا ينادي يقول : هل من داع يستجاب له ؟ هل من مستغفر يغفر
له ؟ هل من سائل يعطى ؟) . وهذه الرواية الصحيحة المفسرة لما كانت تخالف
مشرب الألباني ضعفها في سلسلته الضعيفة برقم (3897) كما في تحقيق الشيخ شعيب
لكتاب الكرمي (أقاويل الثقات) ص 205 بدعوى أنها رواية شاذة منكرة تفرد بها
حفص بن غياث وإن حفصا قد اختلط . ونجيب الألباني فنقول : حفص بن غياث ثقة من
رجال الستة ، وورد الحديث
===========================================================================
[ 55 ]
عن عبادي غيري من ذا الذي يسألني فأعطيه من ذا الذي يدعوني فأستجيب له من ذا
الذي يستغفرني أغفر له حتى ينفجر الصبح) (77) . قال الحافظ : استدل له من
أثبت الجهة ، وقال : هي جهة العلو . وأنكر ذلك الجمهور (78) ، لأن القول
بذلك يفضي إلى التحيز تعالى الله عن ذلك ، وقد اختلف في معنى النزول على