وهذا اثبات تبعيض ، وهو من أقبح الاعتقادات . قلت : ورأيت أبا بكر بن خزيمة

قد جمع كتابا في الصفات وبوبه فقال : باب اثبات اليد ، باب امساك السموات

على أصابعه باب اثبات الرجل وان رغمت انوف المعتزلة ثم قال : قال الله تعالى

: (ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها) فأعلمنا أن من لا يد له ولا

رجل فهو كالانعام . قلت : وإني لأعجب من هذا الرجل مع علوقدره في علم النقل

يقول هذا ويثبت لله ما ذم الأصنام بعدمه من اليد الباطشة والرجل الماشية ،

ويلزمه أن يثبت الأذن ولو رزق الفهم ما تكلم بهذا ، وأفهم أن الله تعالى عاب

الأصنام عند عابديها ، والمعنى لكم أيد وأرجل فكيف عبدتم ناقصا لا يد له

يبطش ولا رجل يمشي بها .

===========================================================================

[ 50 ]

قال ابن عقيل : تعالى الله أن يكون له صفة تشغل الأمكنة هذا عين التجسيم ،

وليس الحق بذي أجزاء وأبعاض يعالج بها ، ثم انه لا يعمل في النار أمره

وتكوينه حتى يستعين بشئ من ذاته ويعالجها بصفة من صفاته وهو القائل : (كوني

بردا وسلاما) فما أسخف هذا الاعتقاد وأبعده عن مكون الأملاك والأفلاك فقد

نطق بتكذيبهم فقال تعالى : (لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها) فكيف يظن بالخالق

أنه يردها . . ؟ ! تعالى الله عن تجاهل المجسمة . أقول : وليعلم أن الحنابلة

كانوا يبغضون ابن عقيل وابن الجوزي الحنبليان لان اعتقادهما كان صحيحا

موافقا لاعتقاد السلف الصالح ، وابن عقيل وإن اتصل بالمعتزلة فانه لم يقل

الا بالحق في اعتقاده بل رذ عليهم اغراقهم في التأويل ووافقهم فيما يقولونه

من اعتقادات صحيحة فلا تصغ لغير ذلك ، فقد قال الحافظ ابن حجر في اللسان

(243 / 4) : وهذا الرجل من كبار الائمة ، نعم كان معتزليا ، ثم أشهد على

نفسه أنه تاب عن ذلك ، وصحت توبته ، ثم صنف في الرد عليهم وقد أثنى عليه أهل

عصره ومن بعدهم ، وأطراه ابن الجوزي وعول على كلامه في أكثر تصانيفه اه‍ .

وقول ابن حجر (نعم كان معتزليا ثم تاب) أي أعلن براءته من كل ما تقوله

المعتزلة مما يخالف عقائد أهل السنة الاشاعرة والماتريدية وكلامه المنقول

عنه عند ابن الجوزي من التأويل الحسن الجيد الذي لا غبار عليه ، واقرار

الحافظ ابن حجر لتعويل ابن الجوزي على كلام ابن عقيل أوضح دليل على حسن مسلك

ابن عقيل وابن الجوزي وصحته عند أهل الحق وعند الحافظ ابن حجر الذي نقل كلام

ابن عقيل في الفتح (597 / 8) مقرا له ، ومنه يتبين أن ابن تيمية ومن تبعه

خلط في أمر ابن عقيل فوصفه (في جزء تعارض العقل والنقل 8 / 65 - 61) بانه من

نفاة الصفات ، وأنه تارة يحرم التأويل ريذمه وتارة يوجب التاوبل ، وله كلام

مخالف للسنة والحق . قلت : الحقيقة أن ابن عقيل أول ما يحتاج إلى تأويل

وبيان أو نفى أن يكون لكه رجل وتدم يضعها في النار ، ولم يؤول أشياء أخرى لا

حاجة لتاويلها وبيانها ، وابن تيمية لا يعجبه ذلك فاراد أن يشؤش صورته وكذا

صورة ابن الجوزي فتننه ولا تغفل عن هذا . والذي يؤكد ما تررناه أن الحافظ

ابن حجر ذكر أنه كان معتزليا وتاب وأشهد على نفسه وابن رجب يقول في (ذيل

طبقات الحنابلة 44 / 1 ا) : ويظهر منه في بعض الاحيان نوع انحراف عن السنة

وتاؤل لبعض الصفات ولم يزل فيه بعض ذلك إلى أن مات رحمه الد . اه‍ . وابن

رجب مثربه هو مشرب ابن تيمية كما هو معلوم وهؤلاء ينظرون لامثال ابن عقيل

===========================================================================

[ 51 ]

نقد باب الدليل على أن القدم هو (63) الرجل وروى الحديث المتقدم من طريق أبي

هريرة وقال فيه : (حتى يضع الله عزوجل رجله فيها فتقول : قط قط) . هذا من

شذوذ هذا الرجل ، يتمسك في إثبات صفات لله تعالى ، بخبر آحاد محتمل للتأويل

. ونقول في الرد عليه : (أولا) : هذا الحديث أتى بزيادة عما في القرآن ، فإن

الله تعالى قال : (يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد) ، وهذا

الحديث وإن كان صحيحا ، ليس في قوة القرآن ، فلا يجوزأن يقطع بما فيه من

الزيادة ، وتجعل صفة لله تعالى . (ثانيا) : ذكر ابن الجوزي (64) أن الرواية

التي جاءت بلفظ الرجل تحريف من بعض الرواة ، لظنه أن المراد بالقدم الجارحة

25 / 46
ع
En
A+
A-