(52) صدقت فإنه كذلك . (53) رواه الترمذي في كتاب القدر (3 / 30 4 / برقم 2

2 26) وقال حسن صحيح ، والحاكم في المستدرك (2 / 288) ، وغيرهما ، وعقد

البخاري بابا في صحيحه سماه : باب مقلب القلوب ، انظر الفتح : (13 / 377) .

===========================================================================

[ 44 ]

إصبعين من أصابع الرحمن عزوجل ، فإذا شاء أن يقيمه أقامه ، وإذا شاء أن

يزيغه أزاغه) (54) . تقدم أن أصابع لم تأت في خبر مقطوع به ، فلا تنسب صفة

لله تعالى ، ثم هي مؤولة . قال ابن حزم : بين إصبعين بمعنى بين تدبيرين

ونعمتين من تدبير الله عزوجل ونعمه ، إما كفاية تسره ، وإما بلاء يأجره عليه

، والإصبع في اللغة النعمة ، وقلب كل أحد بين توفيق الله وجلاله ، وكلاهما

حكمه عزوجل اه‍ . ونقل البيهقي (55) عن أبي حاتم أحمد بن محمد الخطيب أنه

قال في تأويل الحديث : قيل معناه تحت قدرته وملكه . وفائدة تخصيصها بالذكر .

أن الله تعالى جعل القلوب محلا للخواطر والارادات والعزوم والنيات ، وهي

مقدمات الأفعال ، ثم جعل الجوارح تبعا لها في الحركات والسكنات . ودل بذلك

على أن أفعالنا مقدورة لله تعالى مخلوقة ، لا يقع شئ دون إرادته ، ومثل

لأصحابه قدرته القديمة بأوضح ما يعقلون من أنفسهم ، لأن المرء لا يكون أقدر

على شئ منه ، على مابين إصبعيه ، ويحتمل أنها نعمتا النفع والدفع ، أو بين

أثريه في الفضل والعدل ، يؤيده قوله : إذا شاء أقامه وإذا شاء أزاغه ،

ويوضحه قوله : يا مقلب القلوب ثبت قلبي ، وإنما ثنى لفظ الإصبعين ، والقدرة

واحدة ، لأنه جرى على المعهود من لفظ المثل . قال البيهقي : وزاد عليه غيره

في تأكيد التأويل الأول بقولهم : ما فلان إلا في يدي ، وما فلان إلا في كفي

، وما فلان إلا في خنصري ، يريد بذلك إثبات قدرته عليه ، لا أن خنصره يحوى

فلانا ، وكيف يحويه وهي بعض من جسمه ؟ وقد يكون فلان أشد بطشا وأعظم منه

جسما اه‍ . وقال ابن بطال : لا يحمل ذكر الأصابع على الجارحة بل يحمل على

===========================================================================

(54) رواه الطبراني ورجاله ثقات كما في المجمع (7 / 211) . (55) في الأسماء

والصفات ص (341) بتحقيق الإمام الكوثري .

===========================================================================

[ 45 ]

أنه صفة من صفات الذات لا تكيف ولا تحدد ، وهذا ينسب إلى الأشعري ، ووافقه

ابن التين (56) . وقال الخطابي : لم يقع ذكر الأصبع في القرآن ولا في حديث

مقطوع به ، وقد تقرر أن اليد ليست بجارحة حتى يتوهم من ثبوتها ثبوت الأصابع

، بل هو توقيف أطلقه الشارع ، فلا يكيف ولا يشبه ، ولعل ذكر الأصابع من

تخليط اليهودي ، فان اليهود مشبهة ، وفيما يدعونه من التوراة ألفاظ تدخل في

باب التشبيه ، ولا تدخل في مذاهب المسلمين (57) . وأما ضحكه (ص) من قول

اليهودي ، فيحتمل الرضا والانكار . وأما قول الراوي تصديقا له فظن منه

وحسبان . وقد جاء الحديث من عدة طرق ليس فيها هذه الزيادة ، وعلى تقدير

صحتها ، فقد يستدل بحمرة الوجه على الخجل ، وبصفرته على الوجل ، فيكون الأمر

بخلاف ذلك . فقد تكون الحمرة لأمر حدث في البدن ، كثوران الدم ، والصفرة

لثوران خلط من مرار وغيره .

===========================================================================

(56) وهو مردود عليهم إذ ليس الإصبع على التحقيق صفة له تعالى وقوله : لا

تحدد ولا تكيف لا معنى له . واللة اعلم . (57) قال الإمام الكوثري في تعليقه

على الأسماء والصفات ص (336) : ومن أحاط علما بقول الخطابي هنا علم أن ما

يسوقه الحشوية في كتبهم التي يسمونها التوحيد أو الصفات أو العلو أو السنة

أو نحوها من الأخبار المضطربة والوحدان والمفاريد ليس مما يلتفت إليه في

المطالب اليقينية ، والاشتغال بتأويلها شغل من لا شغل له ، والمحدثون

يتساهلون في المناقب ويتشددون في الحلال والحرام ، فإذا كان التشدد في

الأحكام العملية الظنية واجبا فهو في المسائل الاعتقادية يكون أوجب ، فلذا

نريد في المسائل الاعتقادية رجالا لم يتكلم فيهم أصلا ، ولا نكتفي أن يكون

22 / 46
ع
En
A+
A-