[ 40 ]

سبيل العناية والتخصيص ، يكون صفة لله تعالى ، مثل اليدين ودليلنا على ما

نقول : قول الله تعالى (إنما أمرنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) ،

وفي الحديث القدسي (عطائي كلام ، وعذابي كلام) (46) . فآدم عليه السلام ،

وجنة الفردوس ، وجنة عدن ، والعرش ، والكرسي كلها مخلوقة بقول الله كن . وقد

بالغ عثمان الدارمي في الإثبات حتى زعم أن الله خلق آدم بيده مسيسا (47) .

===========================================================================

(46) حديث حسن الإسناد رواه الترمذي في سننه في أبواب صفة القيامة (4 / 68)

وقال : هذا حديث حسن ورواه أحمد في المسند (5 / 154 ، 177) وابن ماجه في

كتاب الزهد من سننه برقم (4257) . (47) قال عثمان الدارمي في كتابه الذي رد

فيه على بشر المريسي ص (29) : ولو لم يكن لله يدان بهما خلق آدم ومسه بهما

مسيسا كما ادعيت لم يجزأن يقال : (بيدك الخير) . اه‍ فتأمل ما يصدر من هذه

العقول . (تنبيه) وكتاب (رد الدارمي على بشر المريسي) مشحون بالطامات

المستشنعة وفيه ص (85) عبارة : ولو قد شاء - الله - لاستقر على ظهر بعوضة .

. . اه‍ التي نقلها ابن تيمية في بعض كتبه مقرا لها ، كما في كتابه التأسيس

في الرد على أساس التقديس في (1 / 568) ، بل كان ابن تيمية يحض على قراءة

كتاب الدارمي هذا ويدعي أن فيه لب التوحيد وتقريره كما نقل ذلك عنه تلميذه

ابن القيم في غزو الجيوش الاسلامية ص (88) من الطبعة الهندية . ومحمد حامد

الفقي الأثيم الآثم حذف من كتاب الدارمي هذا عبارات كثيرة عند طبعه كما حذف

كثيرا من عبارات الكتب الأخرى ليجعل صورة أئمته حسنة أمام جماهير المسلمين ،

فتدبروا يا ذوي الألباب . بل يقول الدارمي في كتابه المشؤوم المذكور ص (100)

: من أنبأك أن رأس الجبل ليس بأقرب إلى الله من أسفله ؟ اه‍ قلت : الله

تعالى يقول : (واسجد واقترب) " والنبي (ص) يقول : (أقرب ما يكون العبد من

ربه وهو ساجد) وهؤلاء الحشوية المجسمة يقولون : اصعد إلى رأس الجبل لتكون

أقرب إلى الله ، فسبحان قاسم العقول ! أقول : ومما يتعلق بذلك ايضا : قول

ابن القيم في زاد المعاد (1 / 19 طبع مصطفى الحلي 1390) : (فخلق الله

السموات سبعا فاختار العليا منها فجعلها مستقر المقربين من ملائكته ، واختصها

===========================================================================

[ 41 ]

وهذا تشبيه صريح ، ثم أن اليد جاءت في القرآن مفردة ومثناة ومجموعة . نحو

(يد الله فوق أيديهم . . . بل يداه مبسوطتان . . . أو لم يروا أنا خلقنا لهم

مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون) . فلو أخذنا بهذه الآيات ، أثبتنا

له يدا ويدين وأيديا ، وهذا باطل . فلم يبق إلا أن يكون التعبير باليد مؤولا

بما يقتضيه أسلوب الكلام فتارة يؤول بالقدرة وتارة بالنعمة وتارة بالعناية ،

وهكذا ولا بد من التأويل ، وإن زعم غلاة المثبتة أنه تجهم (48) وبالله

التوفيق . نقد باب إثبات الخط لله عزوجل وروئ حديث أبي هريرة عن النبي (ص)

قال : (احتج موسى وآدم عليهما بالقرب من كرسيه ومن عرشه) . اه‍ ثم قال :

(ولو لم يكن إلا قربها منه تبارك وتعالى) . فعنده أن الأشياء تفضل بقربها من

الله بالمسافة . لاعتقاده هو وابن تيمية شيخه وعثمان الدارمي قدوتهما أن

الله في مكان فوق العالم وقد صرح الدارمي بذلك في رده على بشر المريسي ص

(82) فقال : بل هو على عرشه فوق جمع الخلائق في أعلى مكان وأطهر مكان . اه‍

. وقال ابن القيم في الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ص (193) ما نصه

: فداء التعطيل هو الداء العضال الذي لا دواء 4 له ولهذا حكى الله تعالى عن

إمام المعطلة فرعون أنه أنكر على موسى عليه الصلاة والسلام ما أخبر به من أن

ربه فوق السماوات (يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات

فاطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا) اه‍ . قلت : ومراده بالمعطلة الذين

إمامهم فرعون الأشاعرة ، وقد كان من الحق الواجب عليه الذي يدركه كل لبيب أن

يعكس فيقول : ولهذا حكى الله تعالى عن إمام المجسمة فرعون أنه ظن أن رب موسى

عليه الصلاة والسلام في السماء فقال : (يا هامان ابن لي صرحا الخ) والمفسرون

متفقون على أن معنى قوله (وإني لأظنه كاذبا) أي في أن له إلها غيري بدليل

20 / 46
ع
En
A+
A-