(وكلتا يديه يمين) قال القاضي عياض : هو تنبيه على أنه لم
===========================================================================
(35) وكذلك قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (5 / 114) ورد عل الحافظ
الذهبي . (36) لكن البيهقي أثبت في الأسماء والصفات (427) أن عبد الله بن
المبارك أراد بقوله (بحد) أي بدليل ، فلم يرد ما ذهبت إليه المجسمة من
الغاية والنهاية . (*) .
===========================================================================
[ 33 ]
يرد باليمين ولا باليد : الجارحة ، لأنه لو أريد به ذلك ، لكان المقابل
لليمين الشمال ، وتستحيل نسبة الجارحة إلى الله سبحانه وتعالى ، لأن ذلك
إنما يكون في الأجسام المتحيزة المقدرة ذوات الجهة ، وكل ذلك على الله
سبحانه محال اه . فظهر أن الحديث ينفي الجهة ، وأن فهم المؤلف خطأ ، ثم ما
غرضه بإثبات الجهة لله (37) ، مع أنها من خواص الأجسام المتحيزة ؟ .
===========================================================================
(37) الله تعالى منزه عن الجهة ، ولم يرد لفظ الجهة مضافا لله تعالى في كتاب
ولا في سنة ، والمجسمة الحشوية يقولون : لا نصف الله إلا بما وصف به نفسه ،
والإمام الطحاوي ينقل في عقيدته السلفية التي هي عقيدة أبي حنيفة وصاحبيه
تنزيه الله عن الجهة فيقول : وتعالى عن الحدود والغايات ، والأركان والأعضاء
والأدوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات اه وإنما صح وصفه سبحانه
بالعلو من جهة المعنى ، لا من جهة الحس ، كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح
(6 / 136) . ونقل الإمام أبو منصور البغدادي في كتابه (الفرق 333) إجماع
الأمة على تنزيه الله عن المكان ، وذكر أن سيدنا علي كرم الله وجهه ورضى عنه
قال : إن الله تعالى خلق العرش إظهارا لقدرته لا مكانا لذاته . اه والإمام
الحافظ البيهقي يقول في الأسماء والصفات ص (400) : واستدل بعض اصحابنا في
نفي المكان عنه تعالى بقوله (ص) : (أنت الظاهر فليس فوقك شئ وأنت الباطن
فليس دونك شئ) وإذا لم يكن فوقه شئ ولا دونه شئ لم يكن في مكان . اه . قلت
: وإذا ثبت أنه منزه عن المكان ثبت أنه لا يوصف بأنه في جهة ، لأن الجهة من
لوازم الحادثات والله تعالى (ليس كمثله شئ) وابن تيمية يخالف هذا كله ويقول
في عدة مواضع من كتبه بإثبات الجهة ، منها في منهاج سنته (1 / 264) حيث يقول
: (فثبت أنه في الجهة على التقديرين) اه وانظر قوله في التسعينية (ص 3) حيث
يقول : أنا قول القائل الذي نطلب منه أن ينفي الجهة عن الله والتحيز فليس في
كلامي إثبات لهذا اللفظ - (ولم يصدق كما تقدم النقل عنه) - لأن اطلاق هذا
اللفظ نفيا واثباتا بدعة . اه قلت : فحكم على نفسه بالابتداع ، وهذه مغالطة
منه ، فان في قوله سبحانه : (ليس كمثله شئ) نص صريح في نفي الجهة عنه تعالى
إذ لو لم تنتف الجهة لكانت له أمثال لا تحصى تعالى الله عن ذلك . (*) .
===========================================================================
[ 34 ]
نقد باب إثبات الصورة له عز وجل (38) وروى حديث أبي هريرة قال : قال رسول
اللة (ص) (خلق الله آدم عليه السلام على صورته طوله ستون ذراعا) (39) وهذا
حديث مختصر من حديث في الصحيحين ، والاستدلال به لإثبات الصورة لله عزوجل ،
غلو في الإثبات مذموم ، فإن الضمير في صورته يعود على آدم لأنه أقرب مذكور ،
ويؤيد ذلك قوله طوله ستون ذراعا ، وقوله في آخر الحديث عن أهل الجنة (على
خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم ستون ذراعا في السماء) فالحديث كما ترى
يبين أن الضمير في صورته يعود على آدم . قال الحافظ في الفتح : والمعنى أن
الله تعالى ، أوجده على الهيئة التي خلقه عليها ، لم ينتقل في النشأة أحوالا
، (38) قوله تعالى : (ليس كمثله شئ) وقوله تعالى : (ولم يكن له كفوا أحد)
وإقرار النبي لمن قال : (يا من لا تراه العيون ولا تخالطه الظنون ولا يصفه
الواصفون) في الحديث الصحيح مع ذكر الله تعالى في كتابه أنه هو المصور (هو
الذي يصوركم في الأرحام) يوجب أن الله تعالى منزه عن الصورة التى يضيفها
المجسمة وصفا له ، ولذلك أجمع أهل السنة على تنزيه الله عن الصورة قال