وابن أبي شيبة (11 / 20) ومنه يتبين أن الرواية الواقعة في مسلم رواية
بالمعنى ، فلا يعول على لفظة (أين الله ؟ قالت : في السماء) التي وقعت فيه
وفي غيره . (29) ولذلك قال الحافظ في الفتح (1 3 / 359) : ولو قال من ينسب
إلى التجسيم من اليهود لا إله إلا الذي في السماء لم يكن مؤمنا كذلك ، إلا
إن كان عاميا لا يفقه معنى التجسيم فيكتفى منه بذلك كما في قصة الجارية . .
. اه قلت : ولا يثبت لفظ (أين الله قالت في السماء) كما تقدم لأنها رواية
بالمعنى . (*) .
===========================================================================
[ 29 ]
أو ابن عبيد والد عمران إلى النبي (ص) فسأله : (كم تعبد من إله ؟) قال : ستة
في الأرض ، وواحدا في السماء (30) ، وقال فرعون لهامان : (إبن لي صرحا لعلي
أطلع إلى إله موسى) لاعتقاده أن الله في السماء . ومع ذلك قال لقومه : أنا
ربكم الأعلى . (رابعا) : ان كون الله في السماء ليس على حقيقته عند جماعة من
العلماء ، بل هو مؤول عندهم على معنى العلو المعنوي . قال الباجي على قول
الجارية : في السماء ، لعلها تريد وصفه بالعلو ، وبذلك يوصف من كان شأنه
العلو ، يقال : مكان فلان في السماء ، يعني علو حاله ، ورفعته وشأنه . وذكر
السبكي في طبقات الشافعية (1 / 265) الأبيات المنسوبة لعبدالله بن رواحة :
شهدت بأن وعد الله حق وأن النار مثوى الكافرينا وأن العرش فوق الماء طاف
وفوق العرش رب العالمينا وقال عقبها : ما أحسن قول الإمام الرافعي في كتاب
الآمالي وقد ذكر هذه الأبيات : هذه الفوقية فوقية العظمة والاستغناء ، في
مقابلة صفة الموصوفين بصفة العجز والفناء اه وأركان الإيمان لا يدخلها
التأويل . نقد باب وضع الله عزوجل قدمه على الكرسي وروى فيه عن ابن عباس قال
: إن الكرسي موضع القدمين ، والعرش لا يقدر أحد قدره . قال : ويروى عن أبي
موسى وأبي هريرة وعكرمة وأبي مالك . قلت : أثر أبي موسى رواه ابن جرير
الطبري في تفسيره ، وروى نحوه عن السدي أيضا .
===========================================================================
(30) والحديث رواه الترمذي في كتاب الدعوات من سننه باب رقم (70) وفي سنده
من تكلم فيه ورواه ابن خزيمة أيضا بسند ضعيف فالقصة فيما يظهر ليست ثابتة
والحشوية يحتجون بها كثيرا ، فتنبه . (*) .
===========================================================================
[ 30 ]
والموقوفات والمقطوعات ، لا يحتج بها في الأحكام الفقهية ، فكيف يستدل
المؤلف بها في التوحيد ؟ هذا عجيب ! . وذكر السيوطي في الدر المنثور أثر أبي
موسى بلفظ : الكرسي موضع القدمين وله أطيط كأطيط الرحل ، وكذلك ذكره ابن
جرير ، قال السيوطي : هذا على سبيل الاستعارة ، تعالى الله عن التشبيه ،
ويوضحه ما أخرجه ابن جرير عن الضحاك في الآية ، قال كرسيه الذي يوضع تحت
العرش ، الذي تجعل الملوك عليه أقدامهم اه . وروى الخطيب في التاريخ عن عبد
الله بن خليفة قال : قال رسول الله (ص) (الكرسي الذي يجلس عليه الرب عزوجل ،
وما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع ، وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد) (31)
هذا مرسل ، وهو منكر جدا ، بل موضوع (32) .
===========================================================================
(31) ومن العجيب الغريب أن ترى الحديث في كتاب السنة المنسوب لعبدالله بن
أحمد وتجد في ذلك الكتاب ص (11) أنه يقول : فهل يكون الاستواء إلا بجلوس ؟
اه وتجد فيه ص (79) قوله : ذكر الكرسي ، سئل عما روي في الكرسي وجلوس الرب
عليه رأيت أبي رض الله عنه يصحح هذه الأحاديث أحاديث الرؤيا ويذهب إليها
وجمعها في كتاب وحدثنا به . اه قلت : وهذا كذب صريح على الإمام أحمد رحمه
الله تعالى ولئن ثبت ذلك على الإمام أحمد فانه يسقطه بلا شك ولا ريب من
منزلة الحجية ، وأحاديث الرؤيا هذه التي ذكرها هي أحاديث الجلوس الوثني
القائم في مخيلة الحشوية المشبهة وقد أورد منها ص (42) حديث رقم (208) وفيه
قال : بعث عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن العباس يسأله هل رأى محمد ربه