إنهم ليسوا لأهل السنة بأئمة لا في اعتقاد ولا فقه ولا شئ . اه‍ ومنه يتبين

من هم أجراء الحشوية القرنيين والمتكلمين والمصنفين عنهم ، وينبغي أن نطلع

إمام المسلمين في تلك البلاد الطاهرة على حقيقة هذه الأمور ليأخذ على أيدي

هؤلاء العابثين المهاترين . ولو كان فيهم من يحسن مناظرتنا سواء كبيرهم

وصغيرهم فليجلس لذلك في أي وقت شاء لأبرهن له فساد مذهبه . فالمحقق الفقيهي

غايته أن يجمع نصوصا دون أن تكون له قاعدة أو أصل يرجع إليه فهو خابط خبط

عشواء جاذب قرن تولاء . (26) في الأسماء والصفات (286) . (*) .

===========================================================================

[ 27 ]

وتعالى ، أنه نفس : أنه موجود ثابت غير منتف ولا معدوم ، وكل موجود نفس ،

وكل معدوم ليس بنفس . والنفس في كلام العرب على وجوه : فمنها نفس منفوسة

مجسمة مروحة ، ومنها مجسمة غير مروحة ، تعالى الى عن هذين علوا كبيرا .

ومنها نفس بمعنى إثبات الذات ، كما تقول في الكلام : هذا نفس الأمر ، نريد

إثبات الأمر ، لا أن له نفسا منفوسة أو جسما مروحا : فعلى هذا المعنى يقال

في الله سبحانه أنه نفس ، لا أن له نفسا منفوسة أو جسما مروحا . وقد قيل في

قوله عزوجل (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) أي تعلم ما أكنه وأسره

ولا علم لي بما تستره عني وتغيبه ، ومثل هذا قول النبي (ص) (فإن ذكرني في

نفسه ذكرته في نفسي) أي حيث لا يعلم به أحد ولا يطلع عليه اه‍ . فتبين أن

اطلاق النفس على الله تعالى ، بمعنى الذات وليس هو صفة زائدة كما يفهمه كلام

المؤلف . قال ابن بطال : في هذه الآيات والأحاديث إثبات النفس لله ، وللنفس

معان ، والمراد بنفس الله ذاته وليس بأمر مزيد عليه ، فوجب أن يكون هو اه‍ .

وأعود فأقول : لا أدري سر حرص المؤلف على نسبة الألفاظ الموهمة ، صفة الله

عزوجل . نقد باب الدليل على أنه تعالى في السماء وروى فيه حديث ابن عباس ،

قال جاء رجل إلى النبي (ص) ، ومعه جارية أعجمية سوداء فقال : علي رقبة ، فهل

تجزئ هذه عني ؟ فقال : (أين الله ؟) فأشارت بيدها إلى السماء ، فقال : (من

أنا ؟) فقالت رسول الله . قال : (أعتقها فإنها مؤمنة) . ثم قال المؤلف :

حديث معاوية بن الحكم أصح إسنادا من هذا . قلت : إسناد هذا الحديث فيه سعيد

بن المرزبان ضعيف مدلس ، بل متروك . وحديث معاوية بن الحكم ، في صحيح مسلم ،

لكنه شاذ مردود لوجوه : (أولا) : مخالفته لما تواتر عن النبي (ص) : أنه كان

إذا أتاه شخص يريد

===========================================================================

[ 28 ]

الإسلام ، سأله عن الشهادتين ؟ فإذا قبلهما ، حكم بإسلامه . وفي الموطأ (27)

عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود : أن رجلا من الأنصار ، جاء إلى

رسول الله (ص) بجارية سوداء ، فقال : يا رسول الله علي رقبة مؤمنة ، فإن كنت

تراها مؤمنة أعتقها ، فقال لها رسول الله (ص) : (أتشهدين أن لا إله إلا الله

؟) قالت : نعم . قال : (أتشهدين أن محمدا رسول الله ؟) قالت : نعم ، قال :

(أتوقنين بالبعث بعد الموت ؟) قالت : نعم . قال رسول الله (ص) (أعتقها) (28)

وهذا هو المعلوم من حال النبي (ص) ضرورة . (ثانيا) : إن النبي (ص) بين أركان

الإيمان ، في حديث سؤال جبريل ، حيث قال " (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته

وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره) ولم يذكر فيها عقيدة أن

الله في السماء (29) . (ثالثا) : إن العقيدة المذكورة ، لا تثبت توحيدا ولا

تنفي شركا . فكيف يصف النبي (ص) صاحبها بأنه مؤمن ؟ . كان المشركون يعتقدون

أن الله في السماء ، ويشركون معه آلهة في الأرض ، ولما جاء حصين بن عتبة

===========================================================================

(27) في كتاب العتق صحيفة رقم (777) حديث رقم 9 . (28) ورواه بلفظ أتشهدين

أحمد في مسنده (3 / 452) وقال الهيثمي في المجمع ورجاله رجال الصحيح . ورواه

عبد الرزاق في المصنف (9 / 175) والبزار كما في كشف الأستار (1 / 14)

والدارمي (2 / 187) والبيهقي (10 / 57) وفي مواضع أخرى والطبراني (12 / 27)

وسنده صحيح وليس فيه سعيد بن المرزبان ، وابن الجارود في المنتقى برقم (931)

13 / 46
ع
En
A+
A-