وزعمت الحشوية أنه لم يره في الدنيا غير محمدٍ، وهم يرونه يوم القيامة.

وقالت الحشوية: إن موسى أمر محمداً أن يرجع عند ربه([45]) عندما قال له: إن الله فرض عليه وعلى أمته خمسين ركعة من الصلاة في يوم وليلة([46])، يستحط منه، فلم يزل يتردد إليه حتى أمره بسبع عشرة ركعة.

وقالت الإمامية: سبع عشرة في ثلاثة إحدى وخمسون ركعة، فالثلاثة هم بابٌ وإمام وحجة، يصلي إنسان للباب سبع عشرة حتى يوصله إلى الإمام، فطرح عنه الذي كان يصلي له وهي سبع عشرة ركعة، ثم أوصله الإمام إلى الحجة، فرفع عنه ما كان عليه له أيضاً، فإذا تمكن عند الحجة رفع عنه العبادة، فإذا به حر عتيق ليس عليه عبادة لأحد، وذلك قولهم: اعرف إمامك واعمل ما شئت غير معاقب ولا مأثوم.

وكذلك الحشوية تقول: إذا صليت هذه التراويح الذي رسمها لهم عمر، فلا تبال بصلاة النبي، فهذه أفضل من صلاة النبي، ودليل ذلك أن من تنفل بنافلة النبي، ولم يصل بصلاة عمر فدمه عند الحشوية حلال، كما حل عند الإمامية دم من خالفهم في بدعهم، ولذلك قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: (كل بدعة ضلالة، وما أحدث محدثٌ بدعة إلاّ ترك بها سنة).

فنافلة النبي وسنته تصلي ركعتين وسلّم([47]) واحدة ليس في الجماعة كما قال له ربه: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] الآية، وبهذه السنة أخذت الزيدية، وساروا في جميع عبادتهم بعبادة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم؛ إذ هم يرجون شفاعته يوم القيامة([48])، ولم يرجوا شفاعة من خالفه عندما سمعوا خالقهم يقول لرسوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودً} [الإسراء: 79] وقال لهم:{وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7].

ثم قال عز وجل، يخبر رسوله بما سيكون من أمره، فقال له:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: 30ـ31] أيقنوا أنَّ مخاصمهم بين يدي ربهم رسوله لا غيره فحذوا([49]) سنته عليه السلام.

وأمَّا الهداية من الله عز وجل لجميع خلقه فقد سبقت منه إليهم؛ لأن الله عز وجل ابتدأ جميع خلقه بنعمتة، ثم كان الضلال والعصيان منهم لخالقهم، فلم يذكر عز وجل في شيء من كتابه أنه أضل مؤمناً قط، ولا خذل تائباً، ولا أغفل منيباً، ولا أذل مطيعاً، في كتابه الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ ولا أنه أعزَّ كافراً، ولا أيَّد فاسقاً، ولا نصر ظالماً، ولا هدى خائناً، كما قال عز وجل:{وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 80] {لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ} [يوسف: 52] {لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 57].

[الإرادة]

تفسير الإرادة في كتاب الله على وجهين: إرادة حتم وقسر، فهي إرادة الله في فعله كما قال الله سبحانه:{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] يقول الله سبحانه إنه كونهما فكانتا بغير مخاطبة، ولا مؤامرة، ولا تقدم إرادة؛ لأن إرادته لا تسبق مراده، ولا فعله يسبق إرادته، بل إذا أراد إيجاد شيء أوجده، فإذا أوجده فقد أراده وكونه، لا فرق بين إرادته ومراده، كما قال سبحانه:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82] المعنى فيه أنه إذا كونه فقد أراده وأوجده؛ لأنه عز وجل لم يخاطب أحداً من خلقه، إلاّ ثلاثة، الملائكة والجن والإنس، وذاك بعد أن أوجدهم، وأكمل لهم عقولهم، وأمرهم حينئذ ونهاهم.

فأمَّا سائر خلقه فلم يخاطبهم من الأصل في دنياهم ولا آخرتهم؛ إذ ليس لهم عقول يميزون بها؛ لأن خلقه سبحانه على صنفين: حيوان وجماد، فالحيوان([50])   على صنفين: أهل العقول، والآخر لا عقل له، ولا عبادة عليه، والجماد لا روح فيه ولاعقل له، ولا هو مأمور ولا منهي فهو منشأ ومسخر ومسوق([51])ومصرف كما قال الله سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ}[الأنعام:141] إلى قوله:{إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}([52]) [الأنعام: 99] ثم قال سبحانه:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ} إلى قوله:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم:34] وقال سبحانه:{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} إلى قوله:{كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ} [الأعراف: 58].

وإنما خلق الله عز وجل هذه الحيوان[53])  والجمادات منافعاً لولد آدم، ليشكروه على ما أنعم عليهم، وسخر لهم من الفلك والأنعام، وغير ذلك من نعمه، السابغة، الظاهرة والباطنة، كما قال سبحانه:{وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان: 20] وما كان من الحيوان من الإقبال والإدبار، والتعطف على الأولاد، فذلك من الله إلهام ألهمها إياه، وتسخير لمنفعة ولد آدم، كما قال الله سبحانه:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ(71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ(73)} [يس: 71ـ 73]، ثم قال سبحانه:{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} إلى قوله:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل:69].

[تفسير تسبيح الجمادات وسجودها]

وأمَّا تفسير قول الله عز وجل:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء: 44] وتفسير قوله:{وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن: 6] وما أشبه ذلك([54])، من ذكر السجود والتسبيح في كتاب الله الذي نسبه([55])  إلى هذه الجمادات والحيوان([56])،  يعني في كل ذلك تسبيح أهل العقول، وسجودهم؛ لأن العاقل إذا نظر إلى ما خلق الله من السماوات والأرض، وما بينهما من الخلق أجمعين من الدَّواب والجمادات يسجد لخالقها، وأقر له بالوحدانية والربوبية، وسبح له وعظمه، وخضع له وأطاعه، ووجب له حينئذ على خالقه الثواب، كما وجب لملائكته المقربين عندما سجدوا لخالقهم فيما رأوا  من تدبيره أمره في آدم عليه السلام، ومدحهم الله عز وجل وأثنى عليهم، وعرف بذلك آدم وذريته (بسجودهم له وطاعتهم إياه كما عرفنا بمعصية إبليس وذريته)([57])؛ لنقتدي بفعل الملائكة المقربين، ونتجنب فعل إبليس وأعوانه الغاوين.

والإرادة الثانية من الله عز وجل: تخيير معها تمكين وتفويض، أراد الله سبحانه من الملائكة والجن والإنس الطاعة له إرادة تخيير لا إرادة جبر؛ إذ هم مخيرون غير مجبورين، أراد عز وجل كون الطاعة منهم غير مكره لهم عليها كما أراد ألاّ تكون منهم المعصية غير حائل بينهم وبينها بل بالطوع منهم أراد كونها، لا بالقسر منه والإجبار، ولذلك قال سبحانه لرسوله:{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}[الكهف: 29] وقال سبحانه:{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} [المدثر: 37]، لم يقل سبحانه في شيء من القرآن فمن شاء فليحيا ومن شاء فليمت ([58])؛  بل قال سبحانه:{فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34].

قال الهادي إلى الحق عليه السلام: فكانت إرادته عز وجل في أفعال عباده، الأمر لهم بالمرضي من أعمالهم، فنفذت إرادته في الأمر لهم، كما ([59])   لو أراد أن يجبرهم على طاعته لجبرهم، ولو جبرهم على صنعهم، وفعالهم لكان العامل لما عملوه دونهم من أعمالهم([60])، ولو كان العامل لما عملوه، لكان الآمر لنفسه دونهم بما فعلوه، ولكان هو المشرك بنفسه لا هم، ولكان العابد لأصنامهم دونهم، ولو كان على ما يقولون؛ إذ هو الصانع لكل ما صنعوا، الممضي دونهم لكل ما أمضوا، ولكانوا هم من كل مذموم أبرياء، وفي الحق مطيعين أتقياء، وعند الله للثواب مستاهلين سعداء؛ إذ هم فيما صرفهم ربهم منصرفون، وفي قضائه ومشيئته ماضون، فتعالى الله الرحمن الرحيم عمَّا يقول فيه حزب الشيطان الرجيم، فلو أراد الله سبحانه منهم الطاعة، كما أراد خلقهم وموتهم، لكانوا كلهم مطيعين، كما كلهم يموتون، وذلك قوله سبحانه:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [الأنفال: 99] وقال:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام: 35]، وقال:{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: 13]يعني سبحانه في هذه وما أشبهها من الآيات: لو شاء لجبرهم على الهدى، كما جبرهم على الخلق والموت، فجعل منهم أبيض وأسود، وأحمر وأسمر وأصفر، وطويلاً وقصيراً، فلو أراد واحد ([61])  يخرج من الطاعة إلى المعصية، ومن المعصية إلى الطاعة، كما ذكر سبحانه عنهم حين يقول سبحانه:{الَّذِينَ ءَامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ءَامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} [النساء: 137] ألاترى كيف ذكر الله سبحانه انتقالهم من الكفر إلى الإيمان مرةً، ثم من([62]) الإيمان إلى الكفر تارةً بعد أخرى، باختيارهم للكفر مرة وللإيمان أخرى([63])، وذلك بحلم الله عنهم، وإمهاله لهم، لا بجبرٍ جبرهم، ولا حتمٍ حتمَ عليهم، ولا بغلبة كانت منهم لخالقهم، إلاّ اختياراً منهم للإيمان والكفر، ودليل  ذلك أن([64]) الله سبحانه بدأ موسى وفرعون بالرحمة، إذ خلقهما طفلين، وجعل في قلوب أبائهما وأمهاتهما لهما الرحمة، حتى قاموا بهما، وأسبغ عليهما النعمة، وأكمل لهما العقول، ثم دعاهما إلى الإيمان به فآمن به موسى، وكفر به فرعون، ثم أرسل سبحانه إليه رسوليه بالآيات والمعجزات، فقال لهما: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44] أي: يقدر أن يؤمن، إذ هو مخير ليس مجبوراً، ففعل رسولاه كما أمرهما، وهو يقول: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [النازعات: 24]، {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص:38]، {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} [الشعراء: 29]، {سِحْرَانِ تَظَاهَرَا} [القصص: 48]، {فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [الذاريات: 39] ثم قال: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} [الزخرف: 52]، {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} [الزخرف: 51]،{فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ} [طه: 56]، ويقول: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} [المؤمنون: 47]، وقال سبحانه:{وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ ءَايَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى} [طه: 58]، {فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى * فَكَذَّبَ وَعَصَى} [النازعات: 30 ـ 31]، {فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [الإسراء: 103]، ويقول: {إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَامُوسَى مَسْحُورًا} [الإسراء: 101]، {وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [القصص: 38]، {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ} [القصص: 39]، {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} [طه: 79]، ويقول: {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى} [غافر: 26] الآية، وقال:{سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف: 127].

وقال الله عز وجل يخبر عن فرعون ومعصيته حين يقول:{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ} [إلى قوله] {إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 4]، {كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ} [الدخان: 31]، {وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ} [يونس: 83]، {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ ءَامَنْتُ} [يونس: 90]، قال ربه: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: 9].

بين سبحانه بقوله: الآن وقد عصيت قبل، وأنه([65]) قادر على الإيمان من قبل الغرق، كقدرة من آمن به مع الملائكة والجن والإنس، وأنه قد ركب فيه استطاعة الفعلين، ومكنه من العملين، وهداه النجدين، كما هدى غيره، وأنه الذي تعدى وظلم نفسه، وخسر دنياه وأخراه([66]).

وإنما ذكرت موسى وفرعون وخبرهما؛ لأن جل القرآن فيهما، ثم هما ليسا في عصر محمد، ولكن الله أراد أن يعرف رسوله بخبرهما، حتى يعتبر هو ومن معه فيتبعوا سيرة موسى، ويتجنبوا سيرة فرعون، ثم هو سبحانه يقول:{نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [القصص: 3].

[تبرير فعل فرعون على رأي القدرية]

فما آمنت القدرية المجبرة، الضالة الغوية بخالقهم، ولا صدقوه في شيء من عدله وتوحيده، بل نسبوا ظلم عبيده إليه وشبهوه بخلقه، وهم يتلون كتابه ليلهم، ونهارهم فهم كما قال الله سبحانه:{وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس:101] وقال:{صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} [البقرة:18]،{فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}[البقرة:171] وقال:{كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [الشعراء: 200 ـ 201].

 فميز بين فعل الله وفعل خلقه، فالله يقول: فعل فرعون كان على وجه البغي والعدوان، والقدرية تقول: كان بقضاء  الله وتقديره، وإرادته ومشيئته، وإنه حال بينه وبين الدخول في الإيمان، وجبره على الكفر به([67])   والعصيان، كذباً على الله وعلى رسوله، فميز بين فعل الله وفعل خلقه، فعل خلقه الطاعة والمعصية.

 فالله عز وجل لا يطيع ولا يعصي، بل يطاع ويعصى، ولكن لم يُطع مكرِهاً، ولم يُعص مغلوباً قط، وفعله سبحانه الخلق والرزق، والموت والحياة، كما قال عز وجل في كتابه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[الروم: 40]، ثم قال سبحانه:{هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [فاطر: 3].

[الملائكة والثقلان مخيّرون في أفعالهم]

والملائكة والجن والإنس مخيرون في الطاعة والمعصية؛ فأمَّا الملائكة فقد اختاروا كلهم الطاعة على المعصية، رغبة منهم في ثواب خالقهم، وخشية من عذاب ربهم، كما قال سبحانه فيهم: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ(26)لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ(27)يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ(28)وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ(29)} [الأنبياء].

 بين سبحانه بقوله: ومن يقل منهم إني إله من دون الله([68]) أن الملائكة عليهم السلام مخيرون، وأنهم اختاروا الطاعة على المعصية، كما قال سبحانه فيهم: {عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]، فليس في ملائكة الله عاصٍ من الأصل بل كلهم مطيع.

[هاروت وماروت ليسا من الملائكة]

وأمَّا قول الجهال في الملكين الذين ذكرهما الله في سورة البقرة حين يقول سبحانه:{وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} [البقرة: 102]، إنهما من الملائكة، فهذا قول فاسد مخالف لكتاب الله عز وجل، وطعن على ملائكة الله المقربين، هما رجلان من ولد آدم كانا في هاتين القريتين، في هاروت أحدهما والثاني في ماروت من أرض بابل، فتعلما السحر وعلماه الناس، كما حكى الله عز وجل عنهما حين يقول:{فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 102]، يقول سبحانه: بعلم الله لا بأمره.

وإنما الكفرة الذين كانوا قبل النبي عليه وعلى آله السلام كانوا يقولون: إن ملك سليمان عليه السلام كان يسحر به، وإن هذين الرجلين الذين علما السحر كانا من الملائكة، فأنزل الله على رسوله إنكاراً لقولهم ورداً عليهم، فقال سبحانه:{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} [البقرة: 102]، وبين سبحانه أن السحر كان من مردة الشياطين من الجن والإنس، ولم يكن من سليمان ولا من الملائكة وإنما قوله: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} يعني: ليس بإيجاب وإنما نَسَقٌ([69])  على قوله: وما كفر سليمان، وما أنزل على الملكين.

وتصديق ذلك  أنهما من ولد آدم قول([70]) الله لرسوله في الملائكة: {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا} [الإسراء: 95]، ذكر عز وجل أن الملائكة لا يطأون الأرض، ولا يطمئنون إلى الناس، ولا يظهرون إليهم إلاّ عند الموت، كما قال سبحانه للذين قالوا: لو أنزل على رسول الله ملك: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ}[الأنعام:8]؛ لأن ولد آدم إذا أبصروا الملائكة عند سياق الموت لا يقدرون أن يكلموا أصحابهم بخبر الملائكة، ثم أكد ([71])   عز وجل نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم   في صدورهم، بما عاينوه من رسوله من الصدق والأمانة، والنقاء والنزاهة قبل مبعثه إليهم، وذلك قوله سبحانه: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: 9].

قال الله سبحانه: ولو جعلناه ملكاً ـ كما يسألوا ـ لجعلناه على هيئة رجل من بني آدم([72])،  فإذا جاءهم رسول أجنبي لم يعرفوه كان أشد للتلبيس عليهم؛ لأنهم أنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعد معرفتهم بصدقه، وأمانته وعدالته فيهم، وورعه ونزاهته من كل دنس وباطل، صلى الله عليه وآله وسلم.

فالملائكة أفضل الخلق عند الله، وأقربهم إليه، وأفضلهم([73])  درجةً لديه، بطاعتهم له؛ لأن الفضل لا يكون إلاّ بالأعمال الصالحة، والعبادة الدائمة، فقد ذكرهم الله عز وجل، حين يقول فيهم: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 19 ـ 20]، ثم قال سبحانه فيهم: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ}[الأنبياء:20]، ثم قال سبحانه فيهم: {الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف: 206]، وقال عز وجل:{لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [النساء: 172].

[الملائكة أفضل الخلق]

قد ثبت أن الملائكة هم أفضل الخلق، عندما اختاروا طاعة الله على معصيته، ثم الأنبياء من بعدهم؛ لأنهم اختاروا الطاعة على المعصية، وهم قادرون على المعصية، كما قال الله سبحانه لرسوله: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65]، ثم قال في جميع رسله: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأنعام: 88]([74])حاشا لأنبياء الله من الشرك إلاّ أن قوله سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأنعام:88]، يدل على أنهم مخيرون في الطاعة والمعصية، فهذا عين العدل من الله عز وجل والإنصاف، إذا([75]) ساوى بين عباده، كل من تقرب منهم إليه بالطاعة قربه وأدناه، ورفع درجته([76]) في دنياه وأخراه([77])، كما قال سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:97].

ومن تباعد منه بمعصيته أبعده وأخزاه، في دنياه وآخرته كما قال سبحانه فيهم: {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 114]، فالحمدلله المعز لأوليائه، المذل لأعدائه، المنصف لخلقه، كلفهم يسيراً، وأعطاهم على ذلك كثيراً.

[تفسير آيات من المتشابه]

* وأمَّا تفسير قوله سبحانه:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56] {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام: 35]،  وقوله: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ}[البقرة:272]،فتفسير ذلك ومعناه: أنه يخبر سبحانه أنه لم  يفترض عليه قسر قلوبهم على الهدى، وجبرها حتى تكون مخلصةً في أعمالها، كما افترض عليه قسر ألسنتهم على التكلم بالإيمان([78])،  والنطق به، وكما افترض عليه قسر جوارحهم على ظاهر أعمالهم في أداء فرائضهم كلها، ثم التكلم بالإسلام والإقرار به، واستعمال الجوارح، والصلاة والزكاة، والصيام والحج والجهاد، وما أشبه ذلك من ظاهر الأعمال، التي يحقنون بها دماءهم عن القتل، وحرمهم عن السبي، وأموالهم عن الأخذ، وأنه لم يفترض عليه ولم يكلفه صلاح قلوبهم وإيمانها، إذ هو عليه السلام غير قادر على ذلك، ولكنه سبحانه لو أراد لجبرهم على الهدى والإيمان، كما جبرهم على الخلق والموت ولكن لم يرد ذلك عز وجل.

قال الله عز وجل{سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ}الآية [الفتح: 16] اختلف الناس في أولي البأس الشديد.

 فقال قوم: هم هوازن.

وقال قوم: هم الروم.

وقال قوم: هم بنو حنيفة.

وقال قوم: هم فارس وخراسان.

فالذي قال: بنو حنيفة يريد بذلك إثبات إمامة أبي بكر، ومن قال إنهم فارس يريد([79])  إثبات إمامة عمر، ومن قال إنهم خراسان أراد إثبات إمامة عثمان.

فالآية تشهد لهوازن والروم، لأن الله عز وجل قال: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ}[الفتح:16] وإنما تولوا وأدبروا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد وقال سبحانه: وإن تتولوا من الرسول كما توليتم يوم أحد.

 فهوازن حاربهم النبي يوم حنين، والروم حاربهم يوم مؤتة، ويوم حنين حضر هو بنفسه، وأدبر عنه في ذلك اليوم من أدبر من أصحابه، كما قال الله سبحانه: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}[التوبة: 25] الآية.

 وأما مؤتة فكان متولي([80]) للأمر جعفر بن أبي طالب صلوات الله عليه، فقتل ثم ولي الأمر بعده زيد بن حارثة فقتل رحمة الله عليه، ثم عبدالله بن رواحة الأنصاري، فقتل أيضاً رحمة الله على جميعهم، ثم تولى أمر العسكر بعد هؤلاء خالد بن الوليد المخزومي.

فكان الظفر للمسلمين كما قال الله عز وجل في ذلك: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الروم:4ـ5]، فالإمام المطاع في المواضع الثلاثة أحد وحنين ومؤته، فهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وأمَّا بنو حنيفة فهم قوم مسلمون قاتلهم أبو بكر على منع الزكاة، لأنهم قالوا له: (كنَّا ندفع زكاة أموالنا (إلى رسول الله، وأنت لا تستحق مقام الرسول، فنحن نقسم زكاة أموالنا)([81])  على فقرائنا ومساكيننا).

فالله يقول: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [الفتح: 16]، فهؤلاء قوم مسلمون.

وأمَّا فارس، فاستفتح بلدهم عمر، وأمَّا خراسان فاستفتحها عثمان.

فقد صح أن أولي البأس الشديد هم هوازن، فالروم الذين حاربهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لقول الله سبحانه: {فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}[الفتح: 16]، فحرب هوازن والروم كانت بعد أحد بإجماع الأمة لا يشك في ذلك أحدٌ فافهمه إن شاء الله.

4 / 44
ع
En
A+
A-