(1/288)

وسألت: هل يجهر المصي بالقنوت في صلاة الفجر ويسمعه من ورآءه، قال محمد بن يحي عليه السلام القول في ذلك عندنا أنه يجهر بالقنوت ويسمعه من ورآءه.

وسألت: عن الرجل يتم التشهد في الركعتين الأولتين، ولم يسلم ثم ينهض هل تفسد صلاته بذلك، قال محمد بن يحي عليه السلام ليس ذلك بمفسد صلاته ولا يغير عليه شيئا من فرضه وإنما يقع الفساد لو سلم وقال بعض من نظر في العلم من العامة إذا سلم ولم يتكلم جاز له أن يبني على صلاته وليس ذلك عندي بصواب ولا أجيزه بل أرى أن كل من سلم في غير موضع التسليم أن صلاته قد انقظت ويجب عليه الإعادة لها لأن رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: تحريم الصلاة التكبير وتحليلها التسليم فإذا سلم فقد قطع الصلاة ووجب عليه الإبتداء.

وسألت: عن الإمام يسلم من بعد كمال صلاته وفراغه منها هل يقعد في موضعه وعلى مكانه فيستح ويدعو، قال محمد بن يحي عليه السلام: نحب للإمام إذا سلم من صلاته أن ينحرف يسرا عن مقامه ويدعو بما أحب من ودعائه كذلك رأينا السلف صلوات الله عليهم وعاينَّا الهادي إلى الحق صلوات الله عليه إذا سلم انفتل إلى جانب المحراب حتى يخرج من وسطه ويصير جالسا إلى حرفه ثم كان صلوات الله عليه يدعوا بما أحب وبداله. ثم ينصرف وبذلك نأخذ وعليه نعتمد والله سبحانه الموفق للصواب والمعين على الحق والسداد.

وسألت: عن صبي يولد على فطرة الإسلام وصبي يولد على فطرة الكفر فقلت أيهما أفضل.

(1/289)

قال محمد بن يحي عليه السلام: ليس يقال لأولاد المشركين أنهم ولدوا على فطرة الكفر لأن الله سبحانه إنما فطر الخلق وأوجدهم كما قال الله عز وجل للطاعة حين يقول وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فكل مولود يولد فعلى الفطرة كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله ؛كل مولود فهو على فطرة الإسلام حتى يكون أبواه يولد على فطرة الإسلام حتى يكون أبواه اللذان يهودانه أوينصرانه«، وحال الأطفال جميعا حال واحد من مات منهم صار إلى الجنة لأنهم لا ذنوب لنهم ولم يبلغوا جدَّا لأمر والنهي فيعصوا فيستوجبوا العقوبة والله سبحانه فلا يظلم العباد فلما أن كانوا كذلك كانوا مستوجبين للرحمة والرأفة وكان ذلك من العدل والعقاب لمن لا ذنب له فهو من الجور والله سبحانه بريء من ذلك تعالى علواً كبيراً وسألت عن رجل أطلع من دار جاره عمداً أو نسياناً هل هو في ذلك مأثوم وقلت وإن وقع بصره على حرمة من غير قصد لها قال محمد بن يحيى عليه السلام لا يجوز لمن يشرف على حرمة جاره ولا يطلب عورتها ولا ينظر شيئاً من محاسنها فإذا فعل ذلك عمداً فقد أخطأ وأساء ويجب عليه التوبة والإستغفار وإذا كان ذلك بغير عمد ولانية ولا قصد فليردد بصره ولا يعيد نظره فإنه غير مأخوذ بغفلته ولا معاقب على ما لم يقصد بنيته ونظره وهم مستوون في غير الجهاد من التعبد إلا في ما افترض الله على الرجال من القيام بالنساء ثم تعبد الرجال بعمل زادوا به على التعبد الأول فالأجر على قدر العمل وليس زيادة هذا في العمل بمقصرة بذلك كما جعل الله لهم من الثواب لأن كلا قد جعل الله عليه فرضا إذا قام به كان مطيعا.

(1/290)

وسألت: عن ولي أبا أن ينكح حرمته فقلت كم تردد الطلب إليه، وقلت: إذا أبا وطلبت المرأة النكاح ماالحكم في ذلك، قال محمد بن يحي عليه السلام إذا خطبت المرأة إلى وليها وأنعمت هي بالنكاح لطالبها وكان كفؤا لها فأبا الولي أن ينكحها وامتنع من ذلك على الطالب لها وعليها وجب على الحاكم في أمور المسلمين من الأئمة العادلين أن يدعوه ويخوفه بالله ويمنعه من ضبطها ويأمره بإنكاحها فإن استعصم وأبا فقد بان عضله وشهد بالظلم على نفسه زوجها الإمام وإن عدم الإمام فلم يوجد خوفه المسلمون الظلمَ وذكروه بالله سبحانه، فإذا استعصم أيضا في العضل لها ولت رجلا من عصبتها أقرب الناس إليها بعد وليها الذي عضلها وأمره المسلمون بتزويجها فإن أبا جعلت أمرها إلى رجل من المسلمين فقام فيها بما حكم رب العالمين على لسان خاتم النبيين.

وسألت: عن مرأة تزوجها رجل بغير ولي وكان المنكح لها سلطانا بغير علم وليها ثم بلغ الولي خبرها فأنكر النكاح ورده ثم رفق به بعد الإنكار حتى رضي بالنكاح وأثبته، قال محمد بن يحي عليه السلام هذا نكاح غير ثابت لإنكار الولي وإنكاح من لم يكن له أن ينكح وعندما أنكر الولي العقدة انفسخت، ثم ذكرت أنه رضي من بعد ذلك فإذا رضي جدد النكاح المتزوج برضا من المرأة وكان على الزوج المهر الأول بما استحل من فرجها وعليه في النكاح الآخر مهر آخر بتجدد عقدة نكاحها الذي به ثبت تزويجها.

وسألت: هل نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يصلي الرجل وبه حاجة إلى البول والغايظ، قال محمد بن يحي عليه السلام هذا حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه نهى عن ذلك لما فيه من المزعج في الصلاة وشغل القلب ومما لا يؤمن من قطع الوضوء والمعاجلة في الصلاة فلا نرى لأحد يفعل ذلك.

(1/291)

وسألت: عن قول الله سبحانه فساهم وكان من المدحضين فقلت كيف ساهم وما كان سببه، قال محمد بن يحي عليه السلام كان صلى الله عليه وآله عندما كان من غضبه على من كان بينهم وانصرافه عنهم ركب في السفينة ومضا مع أهلها فلما وسوا في لجج البحر وصاروا في طيه وقعت السفينة بهم ولم تحول من موضعها بهم ولم تحول من موضعها فأرادوا العمل في مضيها فإذا بها غير زايلة فتراجع القوم بينهم فقالوا إن فيكم لرجلا ذا خطية فتساهموا بنا فمن وقع عليه السهم رمينا به في البحر فضربوا السهام على الرمي به فخرج فيهم يونس ثم ضربوه ثانية فخرج سهم يونس ثم ضربوه ثالثة فخرج سهم يونس فقال صلى الله عليه أنا صاحب الخطية فتلفف في كسائه ثم رمى بنفسه، فالتقمه الحوت كما ذكر الله سبحانه ومعنى المدحضين فهو المغلوبون الذين لم تقم لهم دولة ولم تثبت لهم حجة والعرب تسمى كل مهلك وتارك للرشد مدحضا ودحض يقول فلان دحض في الخطية أي وقع فيها ويقول دحض في البلا أي توسط ونزل به.

وسألت: عن رجل أقر عند موته بأن المال الذي كان في يده يحوزه ويعمره لمرته لا ملك له فيه،قال محمد بن يحي عليه السلام إن كان أراد بقوله أنه لها وفي ملكها هبة وهبها إياه فليس لها منه إلا الثلث وإن كان أراد بقوله أنه لها ملكا لها لا له وأنه كان معها تعيش في مالها وملكها لا ماله وملكه فهو لها إلا أن يكون مع ورثته شهود يشهدون أن المال كان له وفي ملكه يورث ورثه من أبيه أوملكه ملكه من ماله وأنه صيّره إليها أزؤا عن باقي الورثة وظلما لهم وحيفا عليهم فإذا صح الشهود بذلك قضيت المهر من المال وكان لهذه المرأة ثلث الباقي من بعد قضاء الدين واقتسم الورثة الثلثين الباقيين على السهام التي جعلها الله سبحانه وإن لم يكن مع ورثة الرجل بينة على ما ذكرنا فالمال في يد التي في يدها بإقرار زوجها مع دعواها حتى يخرجه حق من يدها وما هو أقوى من حقها.

(1/292)

وسألت: عن رجل يغفل الحجامة حتى يهيج الدم به فيموت فقلت هل يكون ما زورا، قال محمد بن يحي عليه السلام إن كان تعمد بذلك قتلا لنفسه فهو ما زور وإن كان لم يتعمد به ضررا لنفسه ولم يكن عنده علم بما يكون من عواقب هيجان دمه فليس عليه وزر ولا إثم وإنما عليه الإثم والوزر في ما قصد به الهلكة لنفسه.

وسألت: عن اصطوانة تقع في الصف فتحول بين الرجل وبين الدخول في صف المصلين هل يجوز صلاته وقلت إن لم يمكن الراكع والساجد أن يفرج عضديه لتراكم الصفوف كيف يعمل في ذلك، قال محمد بن يحي عليه السلام إذا وقعت الإسطوانة في الصف واحتاج الرجل أن يخرج من أصلها ولم يمكنه الدخول في الصف لازدحامهم وجب عليه أن يجذب من الصف رجلا فيقمه معه ولا ينبغي له أن يصلي وحده ولا يسع الذي يحبذ أن يتخلف عما أراد به منه فأما الذي يزحم عن تفريج عضديه فيفعل من ذلك على ما قدر عليه وأمكنه ثم هو يجزي له إن شاء الله ولا ينبغي لأهل المسجد أن يزدحموا فيه كل الإزدحام فإن ذلك أصلح في الصلاة والإسلام.

(1/293)

وسألت: هل يجوز للإمام إذا صلى بالناس أن يقرأالبقرة أو يصلح لغيره إذا صلى وحده أن يقرأ بها، قال محمد بن يحي عليه السلام لا يجوز للإمام أن يقرأ في صلاته بالناس بالبقرة لما في ذلك من الفساد على المصلي من ذلك أن ينعس الناعس ويمل المصلي وتفسد نيته مع ضعف الشيخ وشغل ذي الحاجة وإتعاب المريض وقد يروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: ؛صلوا في الجماعة بصلاة أضعفكم ولا تطولوا فإن وراكم الشيخ الضعيف والمريض وذا الحاجة ولا أحب أيضا للمنفرد أن يقرأ في صلاته الفريضه بالسور الطوال لما في ذلك من فساد نيته وتعبه وملالته وقراءة السور القصار أصوب في الصلاة بالناس ومن قرأ الحمد وثالث آيات استجزأ في ركعته بها ولم يبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه كان يقرء بالسور الطوال في صلاة الفريضة وإن قرأ رجل في نافلة بالسور الطوال فذلك غير محظور عليه والمفصَّل فمن سورة محمد صلى الله عليه وآله الذين كفروا، إلى قل أعوذ برب الناس.

(1/294)

وسألت: عن البكر تستأذن في النكاح ويذكر لها فتسكت أم تضحك ولم تقل لا ولا نعم فقلت هل يكون منها رضا بالتزويج ويثبت به النكاح وتكون الشهادة على ذلك لو أبت وأنكرت، قال محمد بن يحي عليه السلام: ؛سكوت البكر وضحكها إنعام بالنكاح ورضى به فإذا سئلت فسكتت زوجت ثم لم تكن أن تنكر لأنها قد علمت ولو لم تود لقالت لا إلا أن يكون سكوتها من أجل خوف من الموامر لها ويكون قلبها منكرا فلها الإنكار عند الأمن إذا بان صدقها في الخوف وقد يروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه كان إذا زوج إحدى بناته كلمها من وراء الستر ثم يقول لها: ؛بنيه إن فلانا خطبك فإن رضيت فاسكتي وإن كرهت فخطي في الستر«، وسكوت البكر إذا لم يكن مخافة رضى وإن أنكرت من بعد ذلك لم يجز إنكارها وذكرت أنها في البيت وشهد الشهود على قول وليها أنها تسمع ما يقولون فإن شهد الشهود على رؤيتها وسكوتها فذلك لازم لها فإن لم يشهدوا وإلا على قول وليها فلم تقع الشهادة إلا على قول الولي لا عليها فإن كان مع وليها شاهدان عليها بسكوتها فليس لها إنكار وإلا استحلفت ما سكتت ولا أخبرت فإذا حلفت من بعد عدم الشهود انفسخت عقدة النكاح إذا أنكرت«.

وسألت: عن رجل يحلق جبهته أو ينتف مكان التجفيف، قال محمد بن يحي عليه السلام: ؛أما حلق الرأس والأصداغ فجايز وأما النتف فلا يجوز لرجل ولا لمرأة لأن رسول الله صلى الله صلى الله صلى الله عليه وآله قد نهى عن ذلك وقال: ؛لعن الله الواشمة والموشومة والنامصة والمنتمصة والواصلة والمتصلة فهي التي تصل شعرها بشعر الناس فنهى عن ذلك في الرجال والنساء«.

وسألت: عن رجل قتل هل يكون بناته وبنوه مستويين في العفو عن القاتل وأخذ الدية، قال محمد بن يحي عليه السلام هم مستوون في العفو متفرقون في الدية لأنهم يرثون على قدر سهامهم.

(1/295)

وسألت: عن رجل قبَّل أخاه المسلم في رأسه أو بعض جسده فقلت هل يجوز ذلك أم لا وهل يجوز لهما أن يضطجعا في ثوب واحد.

قال محمد بن يحي عليه السلام: ؛لا بأس أن يقبل الرجل رأس أخيه ويده وكتفه لأن ذلك غير ضيق ولا محرم وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقبل رأسه ويده وما رأينا أحدا من الأخيار وينكر ذلك ويحرمه فآما الإضطجاع في ثوب واحد فإن كان عليهما سراويلاتهما وكان هذا الثوب لحافا لهما فلا بأس وإن كانا عريانين في ثوب واحد فلا يجوز ولا يحل لرجل أيضا أن يقبل فم الرجل ولا يسعه ذلك«.

وسألت: عن الرجل والمرأة إلى أي وقت يجوز لهما المضاجعة لأولادهما في ثوب واحد، قال محمد بن يحي عليه السلام: يجوز ذلك لهما إلى وقت تمييز الصبيان والمعرفة بالعورة ثم لا يجوز لهم ذلك.

وسألت: عن الصبية متى يجب عليها أن تستتر من الرجل، قال محمد بن يحي عليه السلام: ؛قد قيل إلى عشر سنين وسبع سنين وليس ذلك عندي بشيء ولا أراه بل أرى ان تحجب الصبية من صغرها إلى حين وفاتها.

وسألت: عن الرجل يدعى إلى الطعام ويكون الداعي له مسلما أو فاسقا فقلت أيجب عليه أن يجيبهما جميعا، قال محمد بن يحي عليه السلام: ؛لا نحب لمن دعاه أخوه المسام إلى طعام أن يتخلف عنه لأن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يجيب إذا دعي ويأمر بذلك لما فيه من الموادة والمحابة والخلطة والموانسة فأما الفاسق فلا تجاب دعوته ولا تحضر مائدته لأن المباعدة له فرض من الله عز وجل: وسئلت عن الصلاة على النبي صلى الله عليه فهي من الله رحمه ومغفرة ومن الخلق دعا وإعظام له وطاعة.

(1/296)

وسألت: عن الوصي ما يجوز له أن يفعله في مال اليتيم، قال محمد بن يحي عليه السلام: ؛يجوز له أن يصلحه ويقوم فيه بالعدل ويجنبه المتالف ويفعل فيه من الصلاح مايفعله في ماله ولا يهب منه شيئا ولا يبيع منه إلا لحاجة اليتيم أو ضرورة ولا يسلفه إلا أن يخاف عليه تلفا فيحصنه بالسلف ولا يضارب فيه ويجهد نفسه من القيام به ولا يتوانا في عمارته ولا يسرف فيه فيجري تلفه على يده وإن كان فقيرا أكل منه كما قال الله سبحانه: بالمعروف والمعروف القوت والبلغة لا الإسراف والتبذير وإنما أكله منه على سبيل الخدمة له وقيامه فيه وتركه لمصالح نفسه اشتغالا به فيكون على طريق الأجرة وإن كان غنيا فليستعفف فهو أفضل كما قال الله سبحانه عز وجل.

وسألت: عن رجل وقف وقفا واشترط لنفسه أو لغيره فيه شرطا سواء الوجه الذي جعل الوقف عليه فقلت هل يجوز ذلك، قال محمد بن يحي عليه السلام: ؛هذه مسئلة لم نتبين فيها ما الشرط الذي خالف الوقف ولا كيف أوقفه فإن يكن خالف الوقف بإلحاق الشرط بعد نفاذ الوقف فذلك لايجوز لأنه قد ألحق فيه ما لم يكن بناه عليه أولا والوقف على شروطه الأوله وعلى ما يفذ عليها وسبِّل فيها وإن كنت أردت اشترط في غلته شيئا للمساكين أو غيرهم وكان هذا الوقف بعض المال ربعا أو ثلثا فقد أفسد عليهم في غلته بما أدخل عليهم من هذا لنقص الموصى به لأنه إذا وقف ثلثا أو ربعا ثم اشترط في ثمره شيئا لإنسان فلم يجي ذلك الثلث إلا بما اشترط بقي الآخرون بغير شيء فيكون قد أفسد عليهم وضرهم وإن كان أوقف المال كله ثم أوصى في غلته بوصية واشترط يخرج في الثلث ويوقف عليه وتقتسم باقي المال على السهام وهو موقوف لا يباع ولا يوهب وعلى قيد المسئلة وشرحها يخرج الجواب ولم نقف على النكته التي أردت فنقصدها وقد ظننا ظنا فاجبنا على وجهين.

(1/297)

وسألت: عن قول الله سبحانه: وابتلوا اليتاما حتى؛ إذا بلغوا النكاح إلى قوله وكفى بالله حسيبا، قال محمد بن يحي عليه السلام: ؛معنا قوله عز وجل وابتلوا أي اختبروا اليتاما والإختبار هو النظر إلى أفعالهم والتمييز لأحوالهم وما يكون من رشدهم ومعنا حتى إذا بلغوا النكاح فالنكاح هو التزويج والبلوغ هو الإحتلام وقال سبحانه: فإن آنستم منهم رشداً عند بلوغ النكاح فادفعوا إليهم أموالهم التي في أيديهم التي على أيديكم وقال: ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا، والإسراف فهو الإفراط في ما لا يجوز أكله والبدار فهو الإستفحال والمسابقة في إفنائها قبل بلوغ اليتاما ثم قال سبحانه: ومن كان غنيا فليستعفف، والإستعفاف فهو الإشتغال بمال نفسه والإستجزاء به عن مال اليتيم الذي في يده ثم قال سبحانه ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف والمعروف فهو الوسط من الأموات وما يعرف بالكفاية والقوت لا بالإفراط والسرف ثم قال سبحانه: فإذا دفعتم إليهم أموالهم يغني اليتاما فأشهدوا عليهم بدفعها وكفى بالله حسيبا.

وسألت: عن قول الله سبحانه: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيما، قال محمد بن يحي عليه السلام: ؛هذا أمر من الله سبحانه للمؤمنين لا يؤتون أموالهم السفهاء التي جعلها الله لهم قياما والقيام فهي تقيمهم وتحثهم والسفهاء هاهنا فهم الأبناء والأخوة الذين أوجب الله على الإمام لنقفة عليهم إذا كانوا فقراء فأمرهم الله عز وجل إذا عملوا منهم الفساد لها ألا يدفعوا إليهم منها ما يفسدون وبه على معصيته يستعينون وأن يقوتوهم فيها والسفهاء فهو سفهاء الرأي وسفهاء العقول الذين لا تمييز لهم ولا نظر في أمور نفوسهم لقلة عقولهم وبعد انتباههم والعرب تسمي من كان كذلك سفيها سفيه الرأي وسفيه العقل.

وسألت: عن الصابي ما معنى، قال محمد بن يحي عليه السلام الصابي اسم لبعض فرق النصارى مثل اليهود والنصارى والقسيسين والرهبان.

(1/298)

وسألت: عن رجل يقول لرجل أقتل فلانا فقتله ثم ندم وتاب من بعد أن قتل وعن رجل رضي يقتل رضي ولم يأمر به ورجل أمر بإحراق بيت إنسان أو قتل دابة ففعل المأمور ذلك فقلت هل ترك الأمر في الظلم والغرامة، قال محمد بن يحي عليه السلام هذه المسائل تخرج على وجهين إن كان هذا الأمر بالقتل جبارا يوقن المأمور أنه إن لم يفعل ما أمره به قتله ورءى من هذا الجبار تصميما وعزما لا محالة على إنفاذ أمره ففعل فقد قيل يقتل به لأنه فعل ما لا يجوز وأطاع فيما لم يكن للظالم فيه طاعته وهو باب حسن.

وأما أنا فلو نزلت بي هذه المسئلة وتحوكم إلي لنظرت الأمر فإن كان المأمور لقي من الأمر إفزاعا وإسرافا على بلا وتلف فقد لم آمن أن يكون فعله بغير عزم لأنا قد رأينا من إذا فزع وخاف على نفسه غلط ففعل أشياء لا يعقلها ويعرف عنه عقله فإذا كان كذلك وادعى أنه أيقن بالقتل ورغب قلبه دري الحكم عنه بالشبهة التي قد تمكن أن يقع وألزمته الجبار في نفسه وإن كان الأمر ممن لا يخاف منه هذه الخطة الشديدة التي يقع بمثلها الإختلاط على ذوي ضعف القلوب قتلت القاتل لا الآمر لأنه قد أطاع في ماله فيه فسحة ولم تحمله عليه عطيمة يمكن معها زوال العقل وأما من أمر من عوام الناس رجلا بإحراق منزل أو عقر دابة فالغرامة على من فعل ذلك بيده، وأما الرجل الذي رضي بقتل رجل ولم يأمر به فإن كان المقتول مستحقا للقتل بحكم الله فغير مأ زور الراضي به فإن كان غير مستحق للقتل وإنما قتل ظلما فرضاه بقتله معصية وإثم لأن قتله إسخاط لله ومخالفة لأمره ومن رضي بإسخاط الله ومخالفة أمره فقد أثم وزور.

(1/299)

وفي هذا ما يروى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رحمة الله عليه حين يقول في خطبته بصفين أيها الناس إنه سيُشرك في حربنا هذه من في أصلاب الرجال وأرحام النساء فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين كيف يكون ذلك في قوم لم يحضروا فقال صلوات الله عليه يأتون من بعدنا فيرضون بفعلنا فيكونون منا أو يسخطون فعلنا فيكونون من عدونا، قال محمد بن يحي عليه السلام شاهد هذا الحذيث الذي يروى عنأمير المؤمنين عليه السلام كتاب الله مصدق لحديثه رحمة الله عليه قول الله تبارك وتعالى في كتابه لأهل الكتاب: فلم تقتلون أنبياء الله من قبل، وهم فلم يقتلو الأنبياء وإنما رضوا بفعل آبائهم وصاروا بذلك شركاء لهم في عذابهم داخلين في قبيح نياتهم وأفعالهم مستوجبين لدار أسلافهم جهنم يصلونها وبئس المصير.

وسألت: عن رجل له مرأة لا تطيعة وتعصية وثنا بذه ثم وكزها برجله وهي مريضة فقضى عليها ما يجب عليه، قال محمد بن يحي عليه السلام: ؛إن كان اعتمد بضربه إياها برجله مقتلا من مقاتلها يريد قتلها فهو قاتلها عمدا فإن أحب ورثتها أن يقتلوه فقتلوه ويتردوا نصف ديته وبذلك حكم أمير المؤمنين صلوات الله عليه لأنه قتلها تمردا وعتوا وفسادا في الأرض وهذا ممن سعى في الأرض فسادا وإنما قلنا يقتل على قدر ما يشاهد الإمام من جرئته على الله فإن أجمع رأيه على قتله مع رأي أوليايها كان ما قلنا من أمره وإن كان قتلها خطأفعليه نصف دية الرجل خمسمائة دينار والكفارة التي جعلها الله في قتل الخط فهي تحرير رقبة مؤمنة لا يكون طفلا ولا مجنونا لم يقع عليه إسم الإيمان ولا ذا معصية يعرف بها إلاأن يكون قد تاب عنها فالله سبحانه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات«.

(1/300)

وسألت: عن رجل اعترف بقتل رجل خطأ فقلت: ؛هل يقتل به«، قال محمد بن يحي عليه السلام: ؛إن كان عند أولياء المقتول بينة أنه قتله متعمدا أخذ بالشهود ولم ينظر إلى قوله فإن لم يكن عندهم بينة كان على هذا المقر بالخطأ الدية وقد قال بعض الناس أنه يقتل به لأنه قد أقر بقتله وادعا خطأ ولا ينظر إلى دعواه ويؤخذ بما أقر به وليس هذا عندي بشيء ولا أرى عليه إلا الدية وقلت إن تاب ولم يؤد الدية هل يكون عند الله ناجيا والدية فلا بد منها وهو في ما جاء منه من الخطأ غير معاقب ولا ماثوم.

وسألت: عن رجل وجبت عليه الدية هل يأخذ من الأعشار والزكوات، قال محمد بن يحي عليه السلام: ؛إن كان هذه الدية خطأفهي على عاقلته وإن صعفت العاقلة أعناتنهم عاقلة العاقلة فإن كان دية عمد وصفح الأولياء عن قتله وقبلت الدية منه كانت في رقبته وليست على عاقلته وإن تاب وأناب نظر الإمام المتولي للأعشار في أمره على قدر ما يوفقه الله ونرى له من ندامة القاتل.

(1/301)

وسألت: أكرمك الله عن حديث رسول الله صلى الله عليه عن الخوارج حين سئل عن علاماتهم فقال نعم التشييد فقلت ما معنا التشييد، قال محمد بن يحي عليه السلام: ؛لسنا نعرف التشييد في اللغة ما هو ولا نقف عليه إلا أن يكون من طريق البناء أو تشييد الذكر فأما صفة أخرى فلا نعرفها فإن كنت أردت بالتشييد هذا المعنى وإلا فهذا حرف لا يعرف بالعربية وأما الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقد ذكرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وذكر كفرهم وعنادهم وقال يقتل فيهم ذو الثدية رجل له ثدي كثدي المرأة عليه ثلاث شعرات كأنهن من شعر الخنزير فلما قتلوا بالنهروان أمر أمير المؤمنين رضوان الله عليه في طلبه في القتلا فطلب فلم يوجد فقام رحمة الله عليه مغضبا فقال: ؛والله ما كذبت ولا كذبني رسول الله صلى الله عليه وآله لقد أخبرني أن فيهم ذا الثدية مقتول فقام وقام المسلمون معه وجعل يقلب القتلا حتى وجد جماعة في بير فأخرجهم فإذا فيهم ذو الثدية مقتول فلما نظر إليه المسلمون كبروا وحمدوا الله على ما منَّ به عليهم من قتالهم وازدادوا نصرة وبينة في إمامهم رحمة الله عليه وعليهم«.

(1/302)

وسألت: عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله العجما جبار والبير جبار، قال محمد بن يحي عليه السلام: ؛هذا حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله صحيح وله تفسير من ذلك أنه أراد صلى الله عليه وآله أن الدابة إذا لم تعرف بالقتل ولا العقر أن ما أتا منها جُبار لا دية فيه فأما إذا عرفت العجما بالضرب والتعرض للناس والبهائم فصاحبها ضامن لما أحدثت وكذلك البير إذا وقع فيها إنسان فليس على صاحبها دية وإن وقعت فيها دابة فليس على صاحبها غرامة لأنه صلى الله عليه وآله قد أزاح ذلك عن صاحبها إذا كان حفره إياها في ملكه وماله، فأما لو أن رجلا حفر بئرا على طريق المسلمين للزمه ما حدث فيها من سقوط إنسان أو دابة لأنه قد تعدى وظلم وأما الرجل الذي يستأجر رجلا يحفر بئرا فتنهار عليه فليس يلحق المستأجر شيء وليس يلزمه دية«.

وسألت: عن رجل استأجر رجلين يهدمان له جدارا فهدماه فسقط عليهما فقتل أحدهما، قال محمد بن يحي عليه السلام: ؛الحكم في هذا كالحكم في البئر لا يلزم المستأجر لهما شيء لأنهما قد تقدما على ما عرفا واستؤجرا عليه وإن كان الباقي من الأجيرين هو الذي طرح الجدار على صاحبه فديته لازمة له إن كلن خطأ وإن كان عمدا قتل به«.

31 / 47
ع
En
A+
A-