وسألته: عن قوله: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما فالقوام من النفقة بين السرف والإقتار، وهو السيرة التي رضيها الله في النفقة للأبرار.

(1/11)

________________________________________

وسألته: عن حديث الثقلين، وهو حديث صحيح مذكور كبير في أيدي الرواة مشهور ومن تمسك كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهما فلن يضل أبدا لما جعل الله فيهما ومعهما من النور والهدى، وكتاب الله تبارك وتعالى كما قال رسول الله ص فهو أحدهما، وفيه الشفاء والبرهان والنور وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وعليهم وسلم كلهم مجمعون، فمنهم من عدل أبدا بمن الله لا يجور فمن تمسك بالمتقين منهم لم يضل ولم يجز عن الحق ولم يمل وكيف يضل متبع من يعدل في إتباعه على عدله وهو فيه كمثله. وحديث سفينة نوح من ذلك، وهي النجاة بها كذلك ومثل أهل بيت النبي ص كلهم، وفيما ذكر من التمسك بهم كمثلها في نجاة من نجا، وفيما ذكر من الضلالة والهدى.

وأما المسح على الخفين: فإن أهل البيت مجمعون أنه فاسد لا يجوز، وأما المسح على القدمين فليس فيه إلا ما يقول أصحاب الإمامية عن من يقولون به عنه، ولم ندرك أحدا من آل الرسول إلا وهو يفعل بخلاف ما قالوا به فيغسل ولا يمسح.

وسألته: عن السموات والأرض كيف الأرض والسماء بعضها فوق بعض، وكذلك ما سألت عنه من الأرض فأعلا السموات آخرها وأول السموات أولها، وكذلك أول الأرض أعلاها وأخرها أسفلها، وسألت أبي رضوان الله عليه عن قول الله عزوجل ثناؤه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما?.

فقال: تأويل ذلك إن شاء الله أنهم يبعثون يوم القيامة حين يجمعون، ويحشرون على صورهم التي فارقوا الدنيا عليها، وهيأتهم فعلى ما فارقوا الحياة عليه من ضلالهم وعماهم فمن فارق دنياه وهو أعما في بصره بعث كذلك عند حشره، وكذلك يبعث الأبكم وهو الأخرس اللسان، وكذلك الأصم من صمم الأذن فكل يبعث ويحشر على ما كان عليه في دنياه من الأحوال.

(1/12)

________________________________________

وكذلك يبعثون على ما كانوا عليه في الدنيا من الهدى والضلال، وليس تأويل على وجوههم إن شاء الله ما يذهب إليه أهل الجهالات من تبديل الله في يوم القيامة للخلق والهيئات التي كانوا عليها في الدنيا بدءاً وكيف يتوهمون صما وبكما وعميا، والله يقول سبحانه في ذلك اليوم ولا يسأل حميم حميما، يبصرونهم: هو يرونهم، وكيف يتوهمون صما بكما خرسا وهم يقولون: يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة وكيف يتوهمون ذلك، ذلك وهم يقولون في يوم الحساب ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالح فكفى بما بيانا الله من هذا ومثله بيانا لقوم يعقلون على أن الأمر في ذلك ليس كما يتوهم الجهلة ولا كما يظنون، وقرآنا فرقناه، تأويله فرقناه قطعا وفرقنا وجعلنا مفرقا لتقرأه على الناس على مكث، وهو على مهل وبمكث.

وتأويل نزلناه: فهو قليلا قليلا كذلك يذكر، والله أعلم أن جبريل صلى الله عليه كان يعلم رسول الله صلى الله عليه ما علمه من القرآن خمس آيات خمس آيات لما أراد الله إن شاء الله بذلك لفؤاده من الثبات كما قال الله سبحانه: كذلك لنثبت به فؤادك، ورتلناه ترتيلا: تأويله ونزلناه تنزيلا والتنزيل هو الإبانة والتفصيل، ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون،فقال: يقول أختبرنا وعذبنا لأن الفتنة اختبار ومحنة وتعذيب وعقوبة.

وقوله سبحانه: لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة، فقال: خبر عن رضاء الله عمن بايع تحت الشجرة إنما هو لقد رضي الله عمن آمن بالله. ألا ترى كيف يقول رب العالمين: لقد رضي الله عن المؤمنين فذكر أن رضاه تبارك اسمه إنما هو عمن آمن ممن تايعه وشايعه في البيعة وطاوعه.

وقوله: ثم ليقضوا تفثهم، فقال: التفث لغوا لسعت وسعته وامتناعه مما يمتنع منه المحرم من الطيب وغيره وما يلزمه ما كان محرما في إحرامه حتى يطوف بالبيت العتيق كما أمره الله بالطواف.

بسم الله الرحمن الرحيم

(1/13)

________________________________________

عن القاسم بن إبراهيم عليه السلام أحسن الله رشك وتوفيقك وقوم لقصد الحق طريقك وبلغك صالح الأمل برحمته وأتم عليك وفيك ما وهب من نعمته قد فهمت استَمَعَ اللهُ بك ما وصفت وتعرفت من مذاهبك لما تعرفت فقرب الله قربك ووصل بحقه سببك فبمثلك بمن الله يتوصل إلينا فكيف تطلب لنفسك الإذن علينا.

سألت سددنا الله وإياك للرشد والاهتداء عن المخادعة من الله والمكر والاستهزاء، فأما المخادعة وفقك الله فليس يجوز القول بها على الله ولا ينسب شيء منها كلها إلى الله ولا تحتملها في الله الألباب، ولم ينزل بها من كتب الله كتاب لأن المخادعة إنما هي حيل من المحتال فيما يخادع به من كذب في فعل أو مقال ولعجز المخادع عن كثير مما يريد كاد فيه بالمخادعة من يكيد، والله جل ثناؤه متعال عن كل مخادعة واحتيال لا يجوز شيء من ذلك عليه. ولا يصح القول بشيء منه فيه.

وأما الخدع من الله لمن خادع الله والاختداع فليس في القول به على الله جل جلاله عيب ولا شناع، وفيه ما يقول الله سبحانه: إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم، ولم يقل جل ثناؤه: وهو مخادعهم.

وأما مكر الله واستهزاؤه فهو استدراج الله واملاؤه، ومكر من كفر بالله ربه فإنما احتياله على الذين يكذبونه في وحيه فاستهزاء من كفر بالحق والمحقين فيشبهه كذبا في القول والفعل بالمتقين، فمتى قيل أبدا للمبطلين خادعوا ومكروا فإنما يراد به فيهم كذبوا وكفروا وأظهروا خلاف ما أبطنوا وأسروا.

(1/14)

________________________________________

ومتى قيل لهم: استهزؤا وسخروا فإنما يراد به فيهم تلعبوا وبطروا في ذلك ما يقول الله سبحانه لرسوله ص، وإن جنحوا للسلم فاحتج لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم. وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم: لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم، يقول سبحانه: وإن يريدوا أن يخدعوك فيمكروا بالكذب فيما أعطوك فيعطوك، المسالمة كذبا ويكذبوك بالمخادعة لعلها تلعباًفحسبك في ذلك بتأييد الله ونصره، وبما ألف من قلوب المؤمنين على دينه وأمره.

وإذا كان استهزاؤهم ومكرهم إنما هو إخفاؤهم ما يخفون وسترهم من أمرهم لما يسرون وأمور الله استروأ بطن وأخفا عنهم وأكن، وذلك فقد يكون مكرا من الله بهم واستهزا واختداعاً من الله لهم صاغرين وأجزا وبذلك كان الله خادعا لمن خادعه لا مخادعا ولا مخدوعا وكان قلب من خادعه سبحانه من العلم بمكر الله به مقفلا مطبوعا ليس فيه لله حذار، ولا عن منكره ازدجار حتى يدها من الله أخذ الله دواهيه ولا يوقن أن شيئا منها يأتيه كما قال سبحانه: ومكروا مكرا والله خير الماكرين.

وقال جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون، وانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين.

وسألت يرحمك الله عن قوله: وإذا خلوا إلى شياطينهم من شياطينهم فإنهم الكبرا والرؤساء منهم وخلوا المبطلين إليهم هو كونهم معهم وفيهم.

وسألت يرحمك الله عن يعلمون الناس السحر، وعن السحر والسحر أمر لا يكون ولا يواتي أهله إلا بعظيم من الكفر والأئمة فيه والمعلمون له فهم الشياطين الكفرة الظالمون، ولذلك يقول منهم من علمه من يريد أن يتعلمه لا تكفر ليكفر إذا كفرنا بإقدام وتصميم بعد النهي بالتوقيف والإبانة للكفر والسحر والتعريف فكفر أهله بعد المعرفة بالتصميم ككفر إبليس فيما صمم من الكفر بالسحر.

(1/15)

________________________________________

وقوله: وما أنزل على الملكين ببابل، وقد يكون نفيا لا أن يكون السحر أنزل عليهما وأكذبا لمن نسب السحر من اليهود إليهما، وما أنزل على الملكين فقد يكون في النفي للسحر عنهما في البيان كقوله سبحانه في النفي: وما كفر سليمان، وهاروت وماروت، فقد يقال: إسمان نبطان معروف ذلك فيما يستنبط من اللسان لأن ما روت القرية في لسان النبط هو القرية وواليها وواليها وماروت القرية فيما يرى هو مستخرجها وجانبها، ولو كان من يعلم السحر لكان من المليكة إذا من قد كفروا.

ولما صح قوله سبحانه فيهم: بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون، وقوله سبحانه: لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملئكة المقربون وقربتهم هي منزلتهم عند الله في الزلفا والمكان وبرأتهم كلهم عند الله من العصيان، ولو كان منهم صلى الله عليهم من عصى بكفر أو غيره لذكره الله بعصيانه، كما ذكر إبليس في تنزيله أما تراه كيف نحاه لمعصيته عنهم، ولم يجعله إذ عصى منهم فقال فيهم: فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني، وذريته فإنما هم أمثاله وقبيله. وفي إبليس وقبيله ما يقول الله سبحانه في تنزيله إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم.

وسألت عمن يسكن في الهواء بين الملائكة والإنس والجن، والإنس فهما كما قال الله: الثقلان فالملائكة صلوات الله عليهم سماويون والإنس كلهم جميعا أرضيون والجن بين السماء والأرض هوائيون.

(1/16)

________________________________________

وسألت عن أية القصاص هل يقتل فيها الحر بالعبد وهل تجب الدية في شيء من العمد، وقد فصل الله فيما سألت عنه في ذلك من أمره بقوله: وعند ذكره (الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) فجلعهم في القصاص أصنافا مختلفة شتا وعلى ما ذكر الله من اختلافهم وشتاتهم اختلفوا باجتماع في دياتهم فدية العبد على قدر قيمته، والمرأة مخالفة للرجل في ديته، وهذا كله مجتمع عليه لا أعلم أحدا يقول بخلاف فيه، واختلافهم رحمك الله في الديات دليل على اختلافهم في القود والجراحات.

وما اختلف من ذلك فيه فليس بواحد والخلاف فبين بين الحر والعبد ولا يحكم في المختلف بالاستواء من لا علم له بالحكم في الأشياء، ولا قود ولا قصاص بين حر وعبد وليس أمرهما في كثير من الدين بواحد حد العبد في الزنا وغيره ليس يجده، والسيد في أكثر أموره، فليس كعبده، وكذلك المرأة في كثير أمورها فليست كالرجل ولو كانت كهو لما كان له عليها من الفضل ما ذكر الله سبحانه في قوله: وللرجال عليهن درجة.

وكفى بهذا في اختلافهما بيانا وحجة، فإن قيل: القاتل عبدا أو إمرأة عمدا وكان بقتله إياهما قتل في أرض الله مفسدا، قتل إذا صح فساده عند الإمام صاغرا ولم يحرز قاتله من القتل أن يكون حرا لقول الله سبحانه: من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، وفي الناس الحر والعبد جميعا معا فأحل الله من قتل الأنفس بالفساد في أرضه ما أحل من قتلها بترك التوحيد ورفضه. فأما من قتل عبدا أو إمرأة معاصيا أو قتله أو حصره فليس كمن قتلهما مفسد ا، وكان بفساده في أرض الله متمردا.

(1/17)

________________________________________

وأما ما سألت عنه من قول الله سبحانه: فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعرروف وأداء إليه بإحسان فهو العفو من الطالب عن الدم إلى الدية إذا كانت نفس الطالب والمطلوب بذلك راضية، وهذا إذا ترضيا به فما لا يقول أبو حنيفة وأصحابه بغيره فجعل الله لرأفته ورحمته بخلقه العفو عفوين عن الدية والدم جميعا وعفوا عن الدم إلى الدية رأفة منه وتوسيعا وأمر الله تبارك وتعالى الطالب بحسن الطلب فيها، والمتابعة وأمر المطلوب بحسن الأداء لها زيادة من الله في الرحمة وتوسعة.

وسألت عن قوله: فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا فهو من حضر الشهر فلم يغب عنه فليصم في حضوره له ما ألزمه الله فيه منه، والمشاهدة له فهو أن يحضره كله ومن شهد بعضه فلم يحضر كله، والشهر كما قال رسول الله ص ثلاثون وتسعة وعشرون وليس الهلال والرؤية بشهر تام ولو لزم من حضر الرؤية الصيام لكان ذلك لأهله إضرارا وعاد تيسير الله فيه اعتبار ا، وقد سافر رسول الله (ص) إلى بدر وغير بدر فصام في سفره وأفطر، ولو لزم من رآه وأهله في أهله المقام لما قال رسول الله (ص) عمرة كحجة، العمرة في رمضان. ولما جاز لأجد من الناس فيه إعساراً.

وسألت يرحمك الله عن: ويسألونك عن المحيض فهو المحيض الخالص من دم الحيض فليس لأحد أن يصيب منه، وفيه ما ينجسه ويؤذيه فأما دم الاستحاضة فدم ليس بمحيض كدم الحيضة فدم المحيض دم خالص ليس فيه كدرة ودم المستحاضة دم فيه يَرِيهٌ وصُفْرَهْ وبينهما عند من يفقدهما من النساء فرق لا تجهله منهن إلا الحمق، فإذا طهرت المرأة من الحيض وهو ما قلنا به من الحيض لزمها وحل منها ما يلزم وتحل من المرأة النقية من حيضها المتطهرة.

وسألت عن قول الله سبحانه الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان فإن سرح فهو للثلاث التطبيقات تمام وإن أمسك فالثالثة الباقية من الطلاق كان الإمساك والمقام.

(1/18)

________________________________________

وسألت هل يلزم الطلاق لغير سنة أو على خلاف ما أمر به في الطلاق من العدة يلزمه منه ما ألزم نفسه وإن هو عصى فيه ربه ولو كان لا يلزم في ذلك شيء كان الأمر فيه سواء والنهي ولم يجر فيه نهى ولا تجدوه إذا لم يكن فيه طلاق ولا مضرة.

وسألت: عن القروء، وما هو ? فهو الحيض فليس بإطهار، وإنما القرو الجمع للحيض من التدفق والانتشار مما يجمعه به النساء من الخرق يتنظقن به لذلك من النطق، وكذلك تقول العرب في الاقراء: إذا أرادت أن تأمر أحداً بجمع ماء في إناء أو سقاء أقر لنا من الماء في الحوض أو في الإناء وبات فلأن يقري من مآئه في حوضه وسقايه.

وسألت: عن لا تضار والدة بولدها، ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك، وقد قال بعض الناس في ذلك وعلى الوارث في ذلك ألا يضار، وليس قول من قال بذلك حجة، فيما قال بينة ولا إشعار، وقال واصل بن عطا وعمرو بن عبيد وغيرهما على وارث اليتيم إذا لم يكن له مال الاسترضاع له والكسوة والإنفاق، والوارث الذي أمر بالنفقة فهو من يرث اليتيم إن مات بالقرابة، وليس هو بالزوج ولا الزوجة.

وسألت: عن تمتيع المطلقات هل وجوبه كوجوب الفرائض الواجبات فذلك واجب على من لم يسم مهرا موسرا كان أو معسر ا، وفي ذلك ما يقول سبحانه: على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، والموسع فهو الموسر والمقتر: فهو المفتقر فكل يعطي على قدره في يسره للمتعة وعسره وليس في ذلك عدد معدود ولا حد في الأشياء محدود، هذا فرض واجب وجد في المتعة لازم كما قال الله سبحانه: حقا على المتقين كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون. ومن سمى من الأزواج لإمرأة مهراً فلها مهرها موسرا كان الزوج أو معسرا.

(1/19)

3 / 47
ع
En
A+
A-