وسألت: عن قول الله سبحانه: وكلمته ألقاها إلى مريم وإنما القاها على لسان روحه إليها وهو التبشير بعيسى صلى الله عليه، ومعنا الكلمة فهي الحكم من الله سبحانه لها بعيسى وأن يجعله في بطنها من غير ذكر فسماه كلمته إذ كان بقضائه وقدرته وإيجاده وفعله فعيسى صلى الله عليه كلمته وكلمته فهي فعله وفطرته وقضاؤه وجبله ومجعوله وأمره الذي ألقاه في مريم وخلقه وأوجده في الرحم من غير نطفة بذكر ولا مداناة من ذكر فتعالى الله العلي الأعلى الفعال لما يشاء.

وسألت: عن قوله سبحانه: نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن ياموسي إني أنا الله رب العالمين معنا شاطئ الوادي الأيمن فهو جانب الواد الأيمن والبقعة المباركة من الشجرة فهو وسطها وفرعها وحيث كانت النار تتوقد وتأجج منها أن يا موسي إني أنا الله.

هذا كلام خلقه الله ناطقا عن النار فسمعه موسى عليه السلام فلم يكن بين الله وبين موسى بشر مودى للكلام وإنما كان الكلام من الله سبحانه خلقا وإيجادا فسمعه موسى صلى الله عليه.

وسألت: عن قول موسى: رب أرني أنظر إليك فلم يرد موسى عليه السلام ما يتوهم الجاهلون من أن يكون سال أن يرا ما لا يرى وموسى أعرف بالله من أن يجعله محدود ا، وإنما معنا قوله: أرني أنظر إليك هو أرني آية من كبار آياتك أنظر بها إلى عجائب قدرتك وإلى ما لا أشك فيه من عجائب فعلك الذي لا يناله غيرك ولا يقدر عليه سواك فأوحى الله إليه: إنك لن تراني، يقول: إنك لن ترى مني تلك الآية لضعف بنيتك عما طلبت من عظيم آياتي التي لا يقوم لها فطر الآدميين ولا يقدر على تأملها أحد من الآدميين.

(1/119)

________________________________________

ثم قال سبحانه: ولكن انظر إلى الجبل الذي هو أشد منك بنية وأقوى منك فطرة فإني سأهبط عليه بعض ما سألتني أن تراه من عظيم آياتي فإن استقر هذا الذي هو أشد منك بنية عند تجلي الآية عليه ووقوعها به فسوف أريكها أو مثلها وإن لم يستقر ولم يطقها فكيف تسألني أنت أن أريكها أو مثلها بل كيف تقوا بنيتك الضعيفة لها ولم يقم لها جسم الجبل العظيم الصخر الصلد الجسيم، فلما تجلا ربه يقول: فلما تجلت آية ربه للجبل جعله دكاء، فقال: تجلى ربه وإنما معناها تجلت آية ربه، وهذا من العربية فكثير أن يقيم الشيء مقام ما هو منه، مثل ذلك قول الله: واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها، فقال: العير والقرية وإنما القرية الجدر والأرض فلم يرد ذلك وإنما أراد أهل القرية مقام فطرح أهل وأقام القرية مقام أهلها.

والعير التي أقبلنا فيها والعير فهي الإبل وليس تسأل الإبل وإنما أراد أهل العير فطرح الأهل وأقام العير مقامهم فعلي ذلك يخرج قول الله فلما تجلى ربه، ولله المثل الأعلى ومعنا قوله للجبل فهو على الجبل غير أن حروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض ويجزي بعضها عن بعض. ومن الحجة أن العرب تطرح الشيء وتقيم ما كان من سببه مقامه قول الشاعر:

ألا إني سقيت أسود حالكا... ألا يجلي من ذا الشراب الأبلجي

... والأسود لا يشربه أحد ولا يسقاه وإنما هي الحية السوداء وإنما أردا أني سقيت سما أسود فطرح السم وأقام الأسود مقامه.

وسألت: عن قول الله سبحانه: فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء فمعنا قوله: يشرح صدره فهو يوفق ويسدد وينور الحق له وفيه حتى يتضاعف فيه الهدى ويدخله معرفة التقوى، ولا يكون ذلك إلا لمن قبل من الله سبحانه الهدا المبتدأ فزاده عند قبوله له هدىً، كما قال: والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم فهذا معنى الشرح من الله لصدور من أمر به واتقاه.

(1/120)

________________________________________

وأما جعله لصدر الفاسق ضيقا حرجا فهو بالخذلان منه له وترك التوفيق والتسديد وبما يزيد أولياؤه في كل يوم برهانا من الحجة النيرة والبيان وبما يقيم لهم به حقهم ويثبت لهم به دعوتهم فكلما زاد الله أولياءه نوراً وظهور حجة إزدادت صدور أعدائه حرجاً بذلك وضيقا فهذا معنا جعله لصدر عدوه ضيقا حرجا.

وسألت: عن قول الله سبحانه: فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله فالقاسية هي الممتنعة من قبول حق الله الكارهة لما أنزل الله، ومعنا قوله: من ذكر الله فهو عن ذكر الله غير أن (من) قامت في مقام (عن) لأنهما من حروف الصفت يخلف بعضها بعضا ويقوم بعضها مقام بعضا، في ذلك ما يقول الله سبحانه فيما يحكي عن فرعون اللعين: لأصلبنكم في جذوع النخل، وإنما أراد على جذوع النخل والصلب لا يكون في الشيء وإنما يكون عليه، وفي ذلك ما يقول الشاعر:

شربن بماء البحر ثم ترفعت... لدى لجج حضر لهن نئيح

...

فقال لدا، وإنما أراد على.

وسألت: عن قول الله سبحانه لا يستطيعون سمعا، فهذا من الله على طريق الذم لهم والعيب لفعلهم أخبر سبحانه أن صدورهم عن الحق وقلة سمعهم له فعال كفعال من لا يستطيع سمعا، والسمع هاهنا هو الطاعة لله ولرسوله كقلة سمع من لا يستطيع طاعة ولا سمعا.

وسألت: عن قول الكافرين في يوم الدين: لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فمعنا ذلك من قولهم فهو لو كنا سمعنا لله ولرسوله وأطعنا أو كنا عقلنا عن الله ما به أمرنا ما كنا من المعذبين، ولا كنا من أصحاب السعير بل كنا عند الله لو فعلنا ذلك من المثابين وبنعمته وكرامته من الفائزين.

(1/121)

________________________________________

وسألت: عن قول الله سبحانه: ومن لم يجعل الله نورا فماله من نور النور هاهنا فهو زيادة الله للمهتدين هدى في هداهم وما يؤتيهم الله سبحانه من تقواهم، فأخبر سبحانه أن من لم يقبل الهدى المبتدأ لم يجعل له نورا بزيادة في الهدى، فالذين لم يجعل الله لهم نورا فهم الذين لم يقبلوا هدى الله ودينه وهم المستوجبون للخذلان المتكمهون في الضلال وهم الذين ذكر الله أنه لم يجعل لهم نور ا.

وسألت: عن قول الله سبحانه: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا، فأخذ الله سبحانه على بني آدم فهو أخذه على أولهم ما أخذ من الإقرار به وبوحدانيته وربوبيته والإ قرار بفرائضة وكتبه ورسله لا يزيلة عنهم شيء إلى أن تقوم الساعة فرضا لازما في الأولين والآخرين، فهذا معنا أخذ الله من بني آدم ومعنا ظهورهم فهو أخذه على نسلهم نسلا بعد نسل.

والظهور: ما يخرج من الظهور النسول وعلى ما يخرج منها كان الأخذ عليها، ألا تسمع كيف يقول: ذرياتهم فأخبر بذلك أنه عنا الذرية التي تخرج من الظهور، ومعنا أشهدهم على أنفسهم فهو بما جعل من حجج العقل الشاهدة لهم، وفيهم هذه بحقائق ما أخذ الله من الإ قرار بربوبيته ووحدانيته عليهم.

وسألت: عن قول الله سبحانه: بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ، والقرآن فهو القرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وآله والمجيد فهو الكريم العظيم واللوح المحفوظ فهو العلم المكنون ومحفوظ فهو الذي لا يزل منه قليل ولا كثير ولا صغير ولا كبير قد أتقن حفظه وأحصى عدده لايزل منه زال ولا يشتبه منه مشتبه فأخبر سبحانه أنه كذلك في علمه محفوظ معلوم.

وسألت عن قول الله سبحانه: فمنهم شقي وسعيد، فهذا إخبار من الله سبحانه بسعادة من سعد بفعله وشقا من شقي نعمه وليس لله في سبب سعادتهم فعل ولا له في شقائهم قضاء.

(1/122)

________________________________________

وسألت عن قول الله سبحانه: وما تشاؤن إلا أن يشاء الله،فمعنى ذلك إخبار من الله أنكم لم تكونوا تقدرون تشاءون شيئا ولاتكرهوا شيئا دون شيء، لولا أن الله شاء أن يجعل فيكم استطاعة على ذلك ومقدرة عليه بما ركب فيكم من هذه العقول التي بها تميزون الشيء عن ضده وتفرقون بها المجذوب من غيره فبهذه العقول المميزة التي شاء الله كيبها فيكم تستبين شيئاً دون ضده وتركتم شيئا دون غيره ولولا مشيئته لتركيب ما نلتم به ذلك فيكم ما كنتم لتقدروا على المشيه ولا الترك أبدا فهذا معنى ما عنه سألت من هذه الأشياء.

وسألت عن قول الله سبحانه: ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها، وكذلك الله تبارك وتعالى يخبر عن قدرته ويجبر أنه قادر على ذلك والمعنى أنه لو أراد أن يخبر الخلق على الإهتداء ويدخلهم كلهم في الطاعة والهدى بالقسر لهم فيه جبرا والجبر لهم في ذلك قسرا لفعل سبحانه بهم ذلك حتى يكونوا في جميع الأمر كذلك غير أنه سبحانه لم يرد إدخالهم في طاعته وهذا جبرا ولم يرد إخراجهم من معاصيه جل جلاله قسرا، بل أمرهم سبحانه تخييرا ونهاهم تحذيرا وكلفهم يسيرا وأعطاهم على قليل كثيرا أراد أن يطيعوه مختارين بالإحسان لا بالجبر لهم وكذلك معاصيهم بالإحسان منهم كانت فيهم ومنهم لا بقضاء شيء من ذلك سبحانه عليهم حكما من الحكيم الرحمن ورأفة منه في ذلك لكل إنسان وتميزا منه بذلك بين أهل الطاعة والعصيان ليستحق كل باختياره جزاء فعله وليجد خيراً من قدم من خير أوشراً بإختياره غدا عند ربه قطعا منه جل جلاله عن أن يحويه قو ل أو يناله لحجج خلقه عنه ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيي عن بينة وإن الله لسميع عليم.

(1/123)

________________________________________

وسألت عن قول الله سبحانه: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء، معنى ذلك أن الله سبحانه يخبر نبيه أنه لن يستطيع أن يجبر قلب أحد على الهدى حتى يجعل باطن أمره كظاهره ثم أخبر سبحانه أنه يقدر على ذلك غير أنه لا يفعله بأحد جبرا وإن كان عليه قادرا لما ذكرنا وفسرنا من حكمه في تلك المسئلة الأولى وذلك مغني عن تكراره هاهنا.

وسألت عن قول الله سبحانه: ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء، والمعنى في هذه الآية والأولى واحد وإن اختلف التفسير معناها أنه يخبر سبحانه أنه لم يفترض عليه قسر قلوبهم على الهداية وجبرها حت ىتكون مخلصة في أعمالها كما افترض عليه قسر ألسنتهم على التكلم بالإيمان والنطق به وكما افترض عليه قسر جوارحهم على ظاهر أعماهم في أداء فرائضهم كلها فأخبر الله نبيه أن الذي افترض عليه فيهم من أمره بدعايهم وجهادهم هو الظاهر مما يناله ويقدر عليه منهم مثل التكلم بالإسلام والقرار به واستعمال الجوارح في الصلاة والصيام والحج والجهاد وما أشبه ذلك من ظاهر الأفعال التي يحقنون بها دمائهم عن القتل وحرمهم عن السبي وأموالهم عن الأخذ وأنه لم يفترض عليه ولم يكلفه صلاح قلوبهم وإيمانها ولا علم باطنها وضميرها.

واستخراج مكنون غيبهم يكونون بذلك من فعل نبيه مهتدين حقا وينتضمهم إسم الإيمان صدقا فأخبر جل جلاله بما ذكر من ذلك وفيه أن عليه صلى الله عليه إصلاح ظاهرهم والمعاملة منه على ذلك لهم وأن الله سبحانه معاملهم على باطن ضمائر القلوب وأن الله سبحانه العالم بما تنطوي عليه قلوبهم من الغيوب ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى.

(1/124)

________________________________________

وسألت: عن قول الله سبحانه وجل عن كل شان شانه ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا وعن قوله ولو شاء لهداكم أجمعين،فمعنى هاتين الآيتين وتفسيرهما كمعنى قوله: ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها، سواء سواء لا فرق بينهما في سببت ولا معنى والجواب في ذلك أولاً يجزي عن شرح هاتين أيضاً.

وسألت: عن قول الله سبحانه: ولايزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم، وقد قيل في ذلك أن معناها للرحمة خلقهم والذي أراه أنا في ذلك ويتوجه لي من القول فيه أنه سبحانه أراد به خلق المؤمنين لمخالفة الكافرين لأن مخالفة الكافرين في كفرهم أعظم الطاعة لرب العالمين، وقد قال الله سبحانه: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، فأخبر أنه لم يخلق الخلق إلا لعبادته فمن خالف عبادته وطاعته فمخالفته في ذلك من فرض الله على من يخالفه ولا مخالفة لأعداء الله ولا مفارقة أكبر من ضرب وجوههم باسيف وسفك مايهم ومجاهدتهم على مخالفة الحق، وهذا فهو أكبر فرائض الله على خلقه وأعظم ما افترض الله على عباده ولهذا خلق الخلق لأنه أفضل عبادته فإذا قد صح فرض المخالفة للفاسقين على المؤمنين والجهاد فقد صح أن لتلك المخالفة التي افترضها عليهم خلقهم وإليها دعاهم وبها في أعدائه أمرهم.

وسألت: عن قول الله سبحانه: كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون فالكرام هم الملائكة الموكلون ببني آدم، ومعنى كاتبين فهو حفظة وإنما ضرب لهم بالكتاب مثلالحفظة الملائكة فعال الخلق فأخبر أن حفظهم في الإحصا مثل حفظ ما كتب وأنه لا يزل عنهم شيء ولا أشياء وأنه في علمهم وحفظهم عندهم كالكتاب المكتوب يعرفون كل ما يفعله الآدميون والكاتبون فهم الذين يعلمون كل ما يفعل الإدميون فهم الذين قال عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد، وهما ملكان موكلان بكل إنسان يحفظان ما يفعل ويحيطان عن يمينه وشماله قعيدان.

(1/125)

________________________________________

وسألت: عن قول الله سبحانه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت فهؤلاء قوم من بني إسرآئيل مسخوا عن عتوا واجتروا فجعلوا صور ما ذكر الله جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله من القردة والخنازير فجعله الله لهم هو تحويله لصورهم وإحلاله لنقمه الله سبحانه لهم على ماكان من فعلهم وما استوجبوا بجرمهم، وأما قوله وعبد الطاغوت فإنما هو منه على التقديم والتأخير أراد سبحانه هل أنبيكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنة الله وغضب عليه وعبد الطاغوت فجعلها في اللفظ مؤخره وهي في المعنى مقدمة وفعل الطاغوت فليس من فعل الله لأن الطاغوت هو ما أطغا من الفعل وأفسد من العمل وخالف الحق وجنب عن الصدق.

وسألت: عن قول الله سبحانه: ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب، ومعنى ذلك عندنا وما نتأوله في قولنا أنه أراد أنه لم يكن ليذر المؤمنين على ما عليه غيرهم من المنافقين، وذلك أن المؤمنين كانوا إذا أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بشيء مما أمره الله أن يأمرهم به من شرائع الإسلام أذعنوا لذلك وسلموا وانقادوا له وأجابوا بقولهم وألسنتهم وكان المنافقون إذا أمروا ونهوا أجابوا بألسنتهم وأظهروا في باطنهم خلاف ما أظهروا وكانوا يحتذون قول المؤمنين ويذكرون عن أنفسهم ما يذكر المسلمون من الإجابة والرغبة والصدق والسمع والطاعة والحق فذكر الله عز وجل أنه لا يذرهم على ذلك حتى يميزهم بالأمر والنهي لهم والإفتراض لما افترض على خلقه من الجهاد في سبيله والإتفاق في طاعته والإتباع لرسوله فيما أمروا به من الجهاد.

(1/126)

________________________________________

والصبر مع الرسول في البلا حتى يتبين للرسول الصادق في فعله وقوله والكاذب فيما يظهر من نفسه للرسول فلما افترض ذلك عليهم وجعله حجة له باقية فيهم لا يسعهم تركها ولا يجوز لهم رفضها لهج لذلك المؤمنون وبسم له المتقون وقولهم بفعلهم صدقوا، ونكل المنافقون ورضوا بالتخلف عن رسول الله وعصوا فبان بذلك المؤمنون من الفاسقين والصادقون من المنافقين ومازهم بذلك رب العالمين، فوقف الرسول ومن معه على ذلك من فعلهم وعرفوهم بما كان من عملهم وقد يكون الميز من الله لهم بما حكم به في الأخرة عليهم ولهم من الثواب للمتقين، والعذاب للفاسقين.

وسألت عن قول الله سبحانه: وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين، والجعل هاهنا فهو الحكم من الله على الأنبياء بعداوة أهل الفسق والردا من المجرمين الكفرة العاصين ألا تسمع كيف يقول سبحانه: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حآد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم في المؤمنين فكيف بالأفضل من النبيين صلوات الله عليهم أجمعين ومن حرمت موادته فقد جعلت وفرضت معاداته ومنابذته.

(1/127)

16 / 47
ع
En
A+
A-