وأما قوله: في الظمات فهي ظلمات الكفر والعصيان والبعد من الواحد ذي الجلال والسلطان.

وأما قوله: من يشاء الله يضلله ومن يشاء يجعله على صراط مستقيم فقد تقدم منا شرح معنا أرادته لإضلال الضالين وهدايته لمن اهتدى من المهتدين، ومعنا الضلال والهدا هاهنا كمعناه فيما تقدم أو لا.

(1/109)

________________________________________

وسألت: عن قول الله سبحانه يوم يأتي تأويله فقلت: ما هذا التأويل وعلى ما يخرج من الأقاويل، واعلم أنه تأويل ما كان يأتي به رسول الله صلى الله عليه من الوعد والوعيد من ذي الجلال والإكرام مما كانت قريش ومن معها من المشركين وكثير ممن كان معه صلى الله عليه وعلى آله من المنافقين يكذبون به ويجحدون ويأبون التصديق به ويبطلونه من الحشر والميعاد وما أعد الله سبحانه للعباد من الثواب الذي أعده للمحسنين، والعقاب الذي جعله سبحانه جزآءً للفاسقين.

ألا تسمع كيف حكى ذلك عنهم الرحمن حين نقول في واضح ما نزل من الفرقان من قوله: إذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإننا لمخرجون لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين. فأخبر سبحانه عن مجيء ما كانوا يوعدون مما كانوا به يكذبون من يوم حشرهم وعقابهم وما يعاينون من حسابهم.

وسألت: عن قول الله سبحانه فيه: آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات والمحكمات رحمك الله فهن الآيات اللواتي ظواهرهن كباطنهن وتأويلهن كتنزيلهن لا يحتملن معنين ولا يقال فيهن بقولين مثل قوله تبارك وتعالى: ليس كمثله شيءوهو السميع البصير.

ومثل قوله: قل هو الله أحد ) الله الصمد ) لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، ومثل قوله: الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذي وكبره تكبير ا، ومثل سورة الحمد ومثل قوله: الله لا إله إلا هو الحي القيوم الآية كلها، وغير ذلك مما كان من الآيات المحكمات اللواتي لا يدخلهن التأويلات ولا يختلف فيهن القالات والأمهات فهن اللواتي يرد إليهن المتشابهات، وأم كل شيء فاصله وأصله فمحكمه الذي ترد إليه الفروع والإختلاف، ويقع بالرجوع إليه بعد التشاجر الايتلاف.

(1/110)

________________________________________

والمتشابهات: فهن ما حجب الله عن الخلق علمه من الآيات اللواتي لا يعلم تأويلهن غير رب السموات، كما قال الله لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم، يقول: آمنا به كل من عند ربنا، فأخبر أنه لا يعلم تأويله غيره، وأن الراسخين في العلم إليه يردونه إذ لم يعلموه وإذ حجب عنهم تأويله فلم يفهموه مثل يس، و حم و المر، و طسم، و كهيعص، و ألم و الر و المص و ص و ما كان من المتشابه مما يحتاج الخلق إلى فهمه فقد اطلع الله العلماء الذين أمر بسؤالهم على علمه وهو ما كان تأويله مخالفا لتنزيله مثل قوله سبحانه: وجوه يومئذ ناضرة ) إلى ربها ناظرة، ومثل قوله: والسموات مطويات بيمينه، ومثل قوله: تبارك اسم ربك، ومثل ما ذكر الله من الضلال والإملاء وغير ذلك مما ذكر تبارك وتعالى مما يتعلق تنزيله وينسب فيه إلى الله عنه خلقه الجاهلون فأبطلوا بذلك ما ذكر الله من الأمهات المحكمات اللواتي جعلهن بالحق شاهدات وعن ظاهر المتشابه ناطقات.

وسألت: عن قول الله سبحانه: ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس، فقلت: إذا كان الله قد ذرأهم لها فكيف يقدرون على المخلص منها، واعلم أن الذرو الذي ذكر الله هو الذرو الثاني في الحشر حشر المؤمنين إلى النعيم المقيم وحشر المنافقين الفاسقين إلى العذاب الأليم لا ما يتوهم الجهلة العمون على رب العالمين، من خلق الفاسق فاسقا والمنافق منافقا والصائح صالحا والطالح طالحا، ولو كان ذلك كذلك لما أرسل إليهم المرسلين ولما أمرهم بأن يكونوا من المؤمنين ولكان في أمره إياهم بذلك داعيا لهم إلى مغالبته أمرا لهم بالخروج من جنته ولم يكن المحسن أولى بثواب الإحسان من المذنب ولم يكن المذنب أولى بعقوبة الذنب من المحسن وذلك قول الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار.

(1/111)

________________________________________

وسألت: عن قوله: لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون إلى أم لم تنذرهم لا يؤمنون، فالقول الذي حق على الفاسقين، فهو وعيد الله وما حكم به على العاصين من العذاب المهين، يقول: قد أحق عليهم وعيدنا ما اكتسبوه من معاصي الله، ومعنا قوله: أحق فهو وجب ووقع وصح عليهم فلن يدفع بإدخالهم لأنفسهم في العصيان وما به يحق عليهم القول من عذاب النيران.

وقوله: فهم لا يؤمنون فإخبار منه سبحانه لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله باختيارهم لما هم عليه من كفرهم وأنهم لا يتركون ما هم عليه من شكرهم لا أن الله فعل ذلك بهم ولا أدخل شيئا من كفرهم عليهم، وأما قوله سبحانه: إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون فقد تقدم شرح مثلها والقول في هذه كالقول فيها.

وأما قوله: سواء عليهم أئنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون فهذا أيضا فإخبار من الله لنبيه صلى الله عليه وعلي آله عن اختيارهم للكفر وصدهم عن الهدى والإيمان وأنهم لا يؤمنون، ولو أكثر من الإنذار وأطال من الإعذار لما قد غلب عليهم من الحمية والجهل وداخلهم من الحسد والدغل لا أن الله أحدث ذلك فيهم ولا قضاه سبحانه عليهم.

وسألت: عن سورة براءة لم لم تكتب في أولها بسم الله الرحمن الرحيم، واعلم هداك الله ووفقك وأعانك على نجاتك وبصرك أن بسم الله الرحمن الرحيم، مفتاح خير وبركة ورضا وتزكيه أثبتها الله فيما كان نزله على نبيه وعلى المؤمنين من القرآن وأن برآة نزل أولها مفتاح حرب وإنذار ونبذ للعهد الذي كان بين الرسول وبين المشركين، وإنذارا وإبعادا لهم من ذي الجلال والإكرام عن المسجد المطهر والبيت الحرام وإخبار لهم بأن ما كانوا يفهمون ويعرفون قد زال وتصرم وحال وأنهم إن ثبتوا على شركهم قتلوا حيث ما ثقفوا إشادة من الله سبحانه بذكر الإسلام وإظهارا وإعزازاًا لدعوة نبيه عليه السلام فلذلك لم يثبت فيها بسم الله الرحمن الرحيم.

(1/112)

________________________________________

وسألت: عن قول الله سبحانه: وبعولتهن أحق بردهن في ذلك فقلت: ما ذلك الذي بعولتهن أحق بردهن فيه، وهذه الآية نزلت في رجل من الأنصار طلق زوجته ثم أراد مراجعتها فأبا عليه أولياؤها فأنزل الله هذه الآية يخبر أنه أحق بها من غيره، وأما قوله: في ذلك فقد يحتمل أن يكون يريد العدة وأيامها وما دامت في أقرائها، ويحتمل أن يكون معنا قوله في ذلك أي بذلك يريد الأمر الذي يمت به زوجها إليها من النكاح، والحرمة والمصاحبة والخلة والولد والرغبة فيقول وبعولتهن أحق بردهن لذلك الأمر الذي كان أولا والسب الذي كان بينهما من المداناة والإفضا فليس لكم أن تمنوعهما من التراجع إن أراد الاصلاح والإتفاق والايستلاف والاهتداء.

وسألت: عن قول الله سبحانه: حتى إذا لقيا غلاما فقتله، فقلت بما استحق الغلام القتل، وقلت: إن قالت المجبرة أنه إنما إستحق القتل بعلم الله بعاقبة أمره وكذلك استحق الكافر العذاب بعلم الله لا بأعمالهم، فسبحان من لا يعذب أحدا لا يقتل ولا غيره من العذاب إلا من بعد فعله لسبب يستحق به ذلك كائنا ما كان من الأشياء، وأما الغلام فإن العرب تسمى الشاب البالغ غلاما وتختار ذلك لها لغة وكلاما، وقد يمكن أن يكون هذا الغلام الذي قتله الخضر صلى الله عليه غلاما قد جرت عليه الأحكام والآداب فقتله بأمر فعله أطلعه الله عليه وأوجب القتل على الغلام فيه مع ما كان من سوء فعله ورأيه ونيته في أبويه.

(1/113)

________________________________________

وسألت: عن قول الله سبحانه وجل عن كل شأن شأنه فكاتبوهم إن علمتم فيهم خير ا، فقلت: ما الخير وهم العبيد الذين يطلبون الكتابة فيكاتبون إذا علم فيهم خير والخير فهو الدين والتقوى والوفاء والإعفاء والورع والاهتداء لا ما يقول غيرنا من أنه المال ويقيسون ذلك لقول الله إن ترك خيرا الوصية وليس ذلك كذلك وإن اشتبه في اللفظ فهو مخالف في المعنى وكيف يكون ذلك هو المال، ومال العبد لسيده وهو لو علم بمال عند عبده فأخذه لكان ذلك له فكيف يبتعه نفسه بمال هو له دونه.

ألا تسمع كيف يقول: وآتوهم من مال الله الذي آتاكم من يريد من ماله الذي جعله في أيديكم لهم من الصدقات قال الله سبحانه: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل لله وابن السبيل، والرقاب فهم المكاتبون المذكرون في الصدقات المفروض لهم ثمن ما جبي من ذلك من الجبايات إلا أن لا يكون منهم تستعين في مكاتبته ولا يجد الإمام ذلك في ولايته فيصرف جزؤهم في أحق الأصناف السبعة الباقية.

فأما ما يقول العامة من أن المأمور بأن يأتوهم من مال الله من كاتب عبده فإنه يجب أن يطرح عنه جزءا مما عليه فليس ذلك بشيء، وليس على من باع شيئا ورضي المشتري بما ابتاع واشترى وضع درهم مما عليه بعد افْتَرَقَا ومضى عليه وبه الشرى.

فأما من لم يؤمن وتؤمن بوايقه وشره ولم يرح رسده وخبره فلا يجوز مكاتبته ولا عتقه لأن في ذلك له راحة من الملك القاسر له عن كثير من فعال العاصين ومتى تخلصت رقبته من الرق تزايد في فعال الفاجرين، وتفرغ لمعاونة الظالمين، ومعاندة رب العالمين وكان من أعتقه ومن كاتبه معينا له على معاصيه لما أطلق من حباله وأسلس من عنانه وقد علم بفجوره وعصيانه.

(1/114)

________________________________________

وسألت: عن قول الله سبحانه: وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون، والأمثال فهي ما ضرب الله لعباده من الأمثال في كتابه مثل قوله: مثل نوره كمشكاة إلى قوله: والله بكل شيء عليم، ومثل قوله: أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب إلى قوله: لعلكم تتفكرون. ومثل قوله: ضرب لكم مثلا من أنفسكم، إلى قوله: لعلكم تعقلون، وغير ذلك مما في الكتاب مما يطول شرحه ويكثر في الكتاب ذكره وذلك فلا يعلمه ولا يعقله إلا العالمون بغامضها الراسخون في تفسيرها ومن عقلها بالعلم بما كان فيه أمر أو نهى والرجوع إلى حكمها وتصديق لكل ما فيها.

وسألت: عن قول الله سبحانه: وآتوهم ما أنفقوا يريد ما انفقوا من المهور وما أخرجوا لنسائهم اللواتي هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله مؤمنات راغبات في الحق مسلمات وهن أم الحكم إبنت أبي سفيان كانت عند عياض بن شداد الفهري ومرَّة من ربيعة يقال لها بروع كانت تحت شماس بن عثمان المخزومي وعمرة بنت عبدالعزيز بن نضلة ويقال: هند بنت أبي جهل كانت تحت هشام بن العاص من وائل السهمي فهؤلاء اللواتي هاجرن إلى رسول الله صلي الله عليه وآله وأعطا رسول الله صلى الله عليه أزواجهن ما أنفقوا علهن من المهور وكان ما أعطاهم فيهن من الغنيمة ولم يرد منهن أحدا إلى المشركين لأن الله حرم ذلك عليهن، وعلى المؤمنين.

(1/115)

________________________________________

ألا تسمع كيف يقول سبحانه: يآ أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا وكان ممن أعطا في ذلك عمر بن الخطاب كانت عنده فرسه بنت أمية بن المغيرة المخزومي فلما هاجرا دارها على الهجرة فأبت عليه فأعطاه رسول الله صلى الله عليه ما أنفق عليها ولم تكن آمنت ولا هاجرت وتزوجها معاوية بن أبي سفيان وهو كافر يؤمئذ وأعطاه رسول الله إيفا ما أنفق على مرته أم كلثوم بنت جرول الخزاعي حيث أبت أن تهاجر معه.

وسألت: عن قول الله سبحانه: كذلك كدنا ليوسف ومعنا ذلك رحمك الله أنه يقول: كدنا لمعاقبته على إحتياله لأخذ أخيه وادعيائه من السرقة لما ادعا عليه بدسه الصواع في رحاله حتى أخذه بذلك من أخوته فكره الله لنبيه صلى الله عليه الظلم والزلل ولم يرض بذلك من أحد من أهل الملل، فهذا معنا قوله كدنا فكان من يوسف صلى الله عليه الزلل والنسيان وكان من الله سبحانه العفو والمن والإحسان.

وأما تأويل قوله: هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا فهي ما كان من روياه في أول أمره، وقيل: فعل إخوته ما فعلوا به من سجود الكواكب و الشمس والقمر فكان تأويل ذلك أبويه وإخوته وإتيانهم إياه في مملكته فخروا له سجد ا، كما قاله الله سبحانه ومعنا: وخروا سجدا فهو خروا لله من أجل ما أنعم عليهم به فيه كما كان سجود الملائكة لآدم وإنما معنا قول الله سبحانه اسجدوا لآدم أي اسجدوا لله من أجل آدم عليه السلام لعجيب ما ترون من قدرته فيه وابتداعه له وخلقه.

فأما قوله: قد جعلها ربي حقا فإنما يقول قد حققها ربي مما منَّ به من إتيانه بكم ونفضل بذلك علي وعليكم.

(1/116)

________________________________________

وسألت: عن قول الله سبحانه: فأحبط أعمالهم فقلت: ما هذه الأعمال التي أحبطها الله وهم فلم يؤمنوا فيكون لهم أعمال، وهذا أحاطك الله فخبر عن فعل من مضا ممن لم يقبل إلى الهدى وهو وعيد لمن بقي من أهل الدنيا ممن يدعي الإسلام وغيرهم من سائر الأنام إلى يوم الدين وحشر العالمين.

فأما أعمال من لم يؤمن بالله ورسله فإنه لم تكن أمة من الأمم إلا وهي تعلم أن الله خالقها وخالق غيرها، وذلك قوله: ولأن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم، وكل أمة قد كانت لها أعمال ترى أنها أفضل الأديان من عبادة الشمس والقمر والنجوم والأوثان والأنصاب ومنهم من كان يعبد المليكة المقربين، ويزعمون أنهم يريدون بذلك التقرب إلى رب العالمين.

ومنهم من كان يعبد اللات والعزا وهما قبتان كانتا بالطائف ونخلة فأخبر الله أن ذلك كله بور حابط وأنه لكل شيء محبط وإحباطه إياه هو حكمه بالبطلان والبور وجعله إياه سبحانه هباءً منثورا لا يرفع منه قليل ولا كثير ولا ينتفعون منه وإن جهدوا فيه بحقير ولا خطير إذ ذلك عند الله كفر وشرك، وله جحدان وأنه لا يرضى من أحد من خلقه بغير الإخلاص له والإيثار وترك عبادة كل ما كانوا دونه يعبدون ورفض ما كانوا يؤثرون.

(1/117)

________________________________________

فأما وعيده لمن بقي من بعد أولئك ممن يدعي الإسلام وينتحل دين محمد صلى الله عليه وآله فقوله: إنما يتقبل الله من المتقين، فأخبر أن أعمال من كان غير متقي وكان من أهل الاجتراء والمعاصي وكان مقراً بالتوحيد غير مقبولة ولا مرفوعة ومن كان عارفا بما جاء به الرسول قائماً بفرائض ربه موديا لكل أمره غير مقارف للظلم والعصيان ولا داخل في كبائر مانها عنه ذو المن والسلطان فإن توبتبه مقبولة مرفوعة لأنه إنما يرفع ما يتقبل من الأعمال لأن رفعه هو تقبله وتقبله هو رفعه لا فرق بينهما وكل ما تقبله فقد رفعه وكل ما رفع فقد تقبل، وكذلك حال من كان في الأرض من أهل الملل وغيرهم من المجوس ونظرائهم من السامرية والسودان والروم وغيرهم من أهل البلدان..

وسألت: عن قول الله سبحانه: وكلم الله موسى تكليما، ومعنا قوله: كلم فهو ألقا في أذن موسى عليه السلام ما القا من الكلام ولم يكن بينه وبني موسى رسول كما كان بينه وبين سائر الأنبياء وإنما كان من الله خلق الكلام وإيقاعه في أذن موسى عليه السلام، فلما أن كان ذلك كذلك قال: كلم الله موسى تكليما، إذ لم يكن بينه وبينه رسول ولم يكن المودى الكلام إلى موسى إلا الله سبحانه فجاز إذ كان ذلك كذلك أن يقول: كلم الله موسى تكليما إذ لم يكن بينه وبينه مودى غير الله سبحانه ولا مسمع سواه.

وسألت: عن قول الله سبحانه: وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله وكلام الله فهو وحي الله وقوله: وإنما قيل كلام الله لأنه من فعل الله وما كان من فعل الله فهو منسوب إلى الله لأن هذا الكلام خلق الله فلما أن كان من الله وفعل الله نسب إليه كما يقال سمآء الله وأرض الله وعبد الله.

(1/118)

________________________________________

15 / 47
ع
En
A+
A-