الجواب: في ذلك إن الله تبارك وتعالى أخبر عن قسوة قلوبهم وقلة رجوعها إلى الحق حتى أنها في ذلك أشد قسوة من الحجارة لو كان من الحجارةمن الفهم والتمييز ما في قلوبهم، ثم أخبر أن من الحجارة ما يشقق فيخرج منه الماء، وليس في قلوب هؤلاء المشركين قلب يلين إلى شيء من الحق، فالحجارة يعمل فيها الماء حتى يشققها ويفلقها ويخرج الماء منها، وقلوبهم لا تعمل فيها الفكرة ولا العظمة ولا التذكرة ولا التخويف ولا الترغيب فهي على ما يعمل فيها من التذكير والوعظ والتخويف أقسا وأشد من الحجارة على ما يعمل فيها الماء الخارج منها المشقق لها، وإن منها لما يهبط من خشية الله يقول: لو كان فيها من العقول والتمييز والفهم لما يراد منها ما فيكم هبطت من خشيته وهبوطها فهو تهدمها وتقلعها وسقوطها وأنتم فيكم من ذلك ما قد جعل وليس يصدكم عن معاصي الله ولا يردكم إلى طاعة الله.

وسألت: عن قول الله سبحانه وقودها الناس والحجارة والناس هم أهل المعاصي من الآدميين، والحجار: فقد قيل أنها حجارة الكبريت، وقد يمكن أن تكون هي وغيرها من الحجارة والصخور وليس في ذلك على الحجارة ألم ولا وجع فتكون بالألم والوجع مظلومة وإنما هي شيء جعلها الله لذلك لا تألم ولا تشكع وليس حال الصخور والإيقاد بها في الآخرة إلا كحال الحطب والإيقاد به في الدنيا فإن كان ذلك ظلما للحجارة فهو ظلم للحطب والخشب في الدنيا وإنما يقال: ما ذنب الشيء فيما يفعل به إذا كان يدري ويعلم ما يعمل به ويتألم ويشكع مما يصنع فيه.

فأما ما لا يشكع ولا يعلم ولا يألم ولا يفهم فلا يجوز ذلك القول في مثله ولا يجوز بأن يقاس بغيره.

(1/85)

________________________________________

وسألت: عن قول الله سبحانه: وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبا واستكبر وكان من الكافرين فإبليس لعنه الله أمر بالسجود كما أمرت الملائكة فأطاعت وسجدت وكفر واستكبر على آدم صلى الله عليه والسجود فإنما كان لله عزوجل لا لآدم وإنما قال اسجدوا لآدم أي من أجل آدم وما أظهرت فيه من عجائب الصنع والتدبير وعظيم الفعل والتقدير.

وسألت: عن قول الله سبحانه: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته، وهذا فإخبار عن عيسى بن مريم صلى الله عليه وعن أهل الكتاب الذين كفروا به من اليهود والنصارى، وقد قيل: إنه صلى الله عليه حي إلى ساعة الناس هذه وأنه يصلي ورآء المهدي ويظهر ويأمر وينهى ويؤمن به جميع أهل الكتاب ثم يموت من بعد ذلك عليه السلام.

ويوم القيامة يكون عليهم شهيد ا، فهو شهيد عليهم بما ألقا إليهم وأمرهم به وأذا إليهم من كتاب الله وأمره ونهيه فخالفوا إلى غيره وكفروا به ومما يشهد به عليهم يوم القيامة صلى الله عليه فيما أدَّا إليهم عن الله سبحانه من ذكر من محمد صلى الله عليه، والتبشير به والإخبار بصفته ووقته، وما أمرهم به عن الله من طاعته فخالفوا ذلك كله وصاروا إلى ضده من الكفر بنبيه فبذلك يشهد عليهم المسيح صلوات الله عليه يوم القيامة إني قد أمرتكم بأمر الله فكفرتم وأوقفتكم على الحق فخالفتم.

وسألت: عن قول الله سبحانه: الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها هذا إخبار من الله سبحانه بأنه القابض للأرواح المخرج لها وأنه لا يقبضها ويتوفاها غيره عند وقت وفاتها وبلوغ مدا مدتها.

(1/86)

________________________________________

وقوله: والتي لم تمت في منامها فهو ما يورد عليها من النوم المزيل للروح من البدن لأن النايم عند نومه يخرج روحه من بدنه ويبق نفسه في جسده، فأخبر أنه يتوفى الروح عند الوفاة، وعند المنام وهو الجوال في البدن فلما أن كان كل ذلك من الله، وبه جاز أن يقول يتوفاهما بخروجهما في وقتهما هذين عند الموت وعند النوم.

وسألت: عن قول الله سبحانه: قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم، الجواب في ذلك أن توفي ملك الموت لمن يتوفاه هو بأمر الله فملك الموت يقبض النفس والله يخرجها من البدن وما كان من ملك الموت فإنما هو بالله ومن الله وبإذنه وأمره وتقديره له وحكمه وتقوية ملك الموت على ذلك في خلقه، ومعنى وكِّل بكم فهو أمر بقبض أنفسكم.

وسألت عن قول الله سبحانه: وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربكم لقضي بينهم، المعنى في ذلك أن الله سبحانه أخبر أن الناس في الحق كانوا أمة واحدة في الإقرار بالله وما أمروا به من طاعة الله وأن الحكم من الله والأمر لهم في ذلك وله لم يزل واحدا حتى اختلف أهل العصيان والخلاف فعصوا وخالفوا ما جعل الله لهم من الأصل في الدين وثبت لهم من اليقين بغيا وضلالا وكفرا بالله وطغيانا،ومعنى قوله: ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم، يقول لولا حكم من ربك سبق بالتأخير لهم إلى يوم القيامة لقضي بين المحقين والمبطلين ولكن سبقت هذه الكلمة وهي الحكم من الله بالتأخير لمن خالف الحق إلى عقوبة الآخرة بالنار وبئس المصير، وربما أذاقهم سبحانه من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر.

(1/87)

________________________________________

وسألت عن قول الله سبحانه: إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون، وأجل الله لهم هاهنا فهو الأجل الذي أجله للعالمين وجعله مدة لآجالهم وعمرا لها وهو الموقت فإذا جاء الوقت الذي جعل الله إليه حياتهم، وبحلوله حلول وفاتهم لم يؤخروا بعده ولم يتأخر الأجل بعد حلوله طرفة وكذلك قوله: فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، وكذلك معنى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون.

وسألت عن قول الله: إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا، قال قد يخرج معنى هذا على طريق المثل أنه لو كان في السموات والأرض والجبال من الفهم والعقل والتمييز والمعرفة ما في الإنسان لأشفقن من حمل إثم الأمانة وتقلدها.

والأمانة: فهي أمانة الله التي استودعها خلقه وعقدها في رقابهم من آداء حقه والقيام بأمره وأخذ الحق وأعطائه، ومن ذلك أمانات الخلق فيما بينهم وما يتظالمون به ويحتروّن على الله به فيما يقولون لو كان في السموات والأرض والجبال من التمييز ما في الإنسان لأشفقن مما تقلده الإنسان فدخل فيه من أداء الأمانة والجزاء على الظلم فيها والتقلد لها.

وسألت: عن قول الله سبحانه: وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم معنا ذلك أنه ليس من شيء إلا وهو مقتدر عليه يفعل ما يشاء ويبسط للخلق من أرزاقه كلما يريد وأنه لا يعجزه ولا يمتنع منه شيء وعنده أصل كل شيء وفرعه والإمداد لمن يشاء بما شاء وأن لو شاءهم لبسط للخلق كما يحبون وأعطاهم أضعاف ما يريون لكنه سبحانه ينزل بقدر معلوم في الحكمة والتقدير الحسن الذي لا يصلح لخلقه غيره، ولا ينفع فيهم ولا يغنيهم سواه ولا يلزم عنهم كل اللزوم فيهلكوا ويموتوا ولا يبسط لهم كل البسط فيأشروا ويفسدوا.

(1/88)

________________________________________

وسألت: عن قول الله سبحانه: سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل، وهذا أمر لم يطلع الله عزوجل عليه نبيه صلى الله عليه لأنه لم يكن يحتاج إلى علمه ولم يفترض الله على أحد من العباد علمه ولم يتعبد به فلسنا نحتاج لتكليف ما كفينا منه، وقد تقحم في ذلك غيرنا بغير معرفة ولا نحب أن نتقحم فيما نذم فيه، ولا نحمد، والله أعلم بذلك وأحكم.

فأما القليل الذي ذكر الله أنهم يعلمونهم فإنماهم قليل ممن عرف مخرجهم وعددهم ووقت ما خرجوا من القرية هاربين، وآووا في ذلك اليوم إلى الكهف منحازين وليس القليل العالم بهم بعد استيقاضهم من رقدتهم وإنما القليل الذين علموا قبل رقدتهم وعند خروجهم من قريتهم وقد نها الله نبيه عن المماراة في عدتهم والقول في ذلك بما لم يطلعه عليه وما نهى عنه صلى الله عليه فنحن عنه منهيون وما أمر بتركه فيهم فالخلق بذلك مأمورون لا يسعهم التقحم في شبهه، ولا يحل لهم البحث عما أمروا بتركة إذ ليس مع أحد من الأولين والآخرين منه يقين معرفة، ولا يتكلم فيه أحد إلا بمحال وباطل وشبة لا يسع النظر فيها، ولا يجوز الإجتراء عليها.

وسألت: عن قول الله سبحانه: ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين، الجواب: في ذلك أن هذا إخبار من الله تبارك وتعالى لنبيه عليه السلام عن الاقتدار على ما يشاء من خلقه وأن إرادته فيهم نافذة ومشيته ماضية وأنه لو جمعهم لم يجب ثواب لمثاب ولا عقاب على معاقب والله برئ عن جبر الخلق على المعصية وإخراجهم من طاعته.

(1/89)

________________________________________

وسألت: عن قول الله سبحانه: لا يخلقون شيئا وهم يخلقون الجواب في ذلك: أن هذا إخبار من الله سبحانه أن كل ما يعبد الكافرون من دونه لا يخلقون شيئا والله خالقه وخالق من عبد فيخبر سبحانه بضعف من كان كذلك وضلاله إذ هو يعيد مخلوقا مثله ويترك عبادة الخالق الذي ليس كمثله شيء.

وسألت: عن قول الله سبحانه: فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة، الجواب في ذلك أن الله سبحانه قد هدى كل الخلق إلى الهدى المبتدأ فمنهم من قبل الهدى فحقت له على الله سبحانه الزيادة في هداية والتوفيق والتسديد في أفعاله ومنهم من أبى الهدى فحق عليه الضلال بفعله ووجب عليه الخذلان بكسب يده حتى حق عليه الخذلان من ربه فالخذلان من الله تبارك وتعالى نازل به والضلال فمن نفسه لا من ربه.

وهذا: مما فسره الإمام القاسم بن إبراهيم صلوات الله عليه.

سألت: أبي رحمه الله عليه ورضوانه عن قول الله سبحانه والصافات صفا، فالزاجزات رجزا، فالتاليات ذكرا، فقال: الصافات صفا فيما أرى والله أعلم أنها الملائكة التي وصف الله بذكره، وهي واقفة وقفا، والزاجرات هن الذاكرات التي يعلن بالذكر ويزجرن فيه بالزجر والزجر فهو الدفع للصوت والإعلان فيه بالرجَّات لأن الصوت الشديد ربما صدع من صخر الجبال ما صلب وأسمع، ولذلك وفيه ومن الدلالة عليه ما يقول الله في تسبيح الملائكة تكاد السموات يتفطرن من فوقهن، والملائكة يسبحون بحمد ربهم خبرا عن رفعهم للأصوات وتسبيحهم ويتفطرن فهو يتصدعن وفوقهن فهو ظهورهن وذراهن وهو ما يلي الملائكة صلوات الله عليهم من أعلانهن يدل على أن الملائكة عليهم السلام الصافات صفا، وأنهم هم الموصوفون بما ذكر من هذه الصفة وصفا بقولهم صلوات الله عليهم: وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون.

(1/90)

________________________________________

وسألته: عن قول الله سبحانه: والنازعات غرقا ) والناشطات نشطا ) والسابحات سبحا ) فالسابقات سبقا ) فالمدبرات أمرا، فقال: النازعات فيما أرى والله أعلم هي السحايب المنتزعات بالأمطار من البحار والأنهار وبما في الأرض من الندوة والنخارة والناشطات نشطا هو المانحات منحا وهي الناشطات المانحات في نزعهن وإطلاعهن، والنشط هو الإغراق وهو القوة القوية في جبذهن واطلاعهن لما يطلعن في الهوا بما ينزعن من الماء وهن السابحات في الهواء سبحا كما يسبح في الماء من كان سابحا يمينا ويسارا وإقبالا وإدبار ا، وهن أيضا السابقات برحمة الله وفضله من المطر والغيث غير المسبوقات بإمساك الله للمطر لو أمسكه عن الأرض وأهلها بعدله، وقد تكون السابقات سبقا هي البروق لأن البرق أسرع شيء خفقا واحثه اختطافا وسبقا.

والسحايب: أيضا فهن المدبرات بما جعل الله من الغيث فيهن والأعاجيب لكل ذي حكمة أو نظر مصيب وغيرها إلى يوم يحشرون، وكذلك البرزخ الذي جعله بين البحرين شارعا فهو المحبس الذي جعله الله حاجزا بينهما مانعا، لكي لا يختلط البحر العذب السايغ للشاربين بالبحر المالح الأجاج الذي لا يطيق شربه أحد من الناس أجمعين رحمة منه جل ثناؤه للإنسان وغيره من بهائم الحيوان كما قال سبحانه ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثير ا، رأفة ورحمة في ذلك للإنسان وغيره وقدرة على إحكام أمره فيهما وتقديره.

وسألت: عن قوله الله سبحانه: والفجر وليال عشر والشفع والوترر والليل إذا يسري ) هل في ذلك قسم لذي حجر )، والفجر هو انفجار الليل عن صبحة وانفتاقه عن ضوء الصبح ووضوحه، والليالي العشر وما ذكر الله من الليالي العشر هي ليالي ذي الحجة إلى آخرها يوم النحر، والشفع والوتر من العدد فهو كل زوج أو فرد، وفي ذلك لكل ذي حكمة ولب - أعجب ما يتعجب له من العجب.

(1/91)

________________________________________

والليل إذا يسري فهو الليل ويسري: فهو السير والليل فهو يسري ويمضي حتى يطلع الفجر ويضيء والقسم فهو الحلف والإيلاء وذو الحجر فهو من جعل الله له عقلا، والحجر فهو العقل والنهى واللب والحجا.

وسألت: عن قول الله تبارك وتعالى ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، فقال: الألقاب الأنباز التي يلقب بها بعضهم بعضا التي هي خلاف الأسماء التي سميت بها الآباء فحرم الله عليهم أن يسمي بعضهم بعضا بالألقاب، وجعل ذلك حكما مفروضا في الكتاب.

وسألت: عن قول الله سبحانه كدأب آل فرعون، فقال: كمثل آل فرعون كحالهم وعاد.

وسألت عن قول الله عز وجل: أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين فقال الصيب المطر الذي فيه الظلمات والرعد والبرق والذين يجعلون أصايعهم في آذانهم خوفاً من الهلكة على أنفسهم.

وسئل عن قول الله سبحانه فيما يحكي عن يعقوب صلى الله عليه بجماعة نبيه يا نبي لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة هذا من يعقوب صلى الله عليه حين خرجوا عنه مسافرين فخاف عليهم من النفس وعيون الناظرين فأمرهم عند دخول القرية بأن لا يدخلوا جملة واحدة لما كانوا عليه من كمالهم وكثرتهم وجمالهم وكانوا أحد عشر رجلا لم ير مثلهم جمالا ولا كمالا فخاف عليهم وأشفق صلى الله عليه من أن يراهم أهل تلك البلدة مجتمعين جماعة واحدة على ما هم عليه من كمالهم وحسنهم وجمالهم فأمرهم أن يتفرقوا وأن يدخلوا من أبواب متفرقة شفقة عليهم من العين والنفس، قال الله سبحانه: فلما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه يخبر سبحانه أن الحذر للنفس والعيون لا ينفع إلا بدفاع الله وتوفيقه ولطفه وحفظه.

(1/92)

________________________________________

وسألت: عن قول الله سبحانه: إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فقال: الاستحياء من الله عزوجل ليس على طريق الخجل وإنما المعنا، والله أعلم في قوله: إن الله لا يستحيي أن الله تبارك وتعالى لا يرى أن في التمثيل للحق والصدق بما هو صحيح صادق من الأمثال عيبا ولا خطأ ولا مقالا بتخطيه لشيء من قول الله سحبانه لأحد من أهل الصلاة.

وسئل: عن قول الله سبحانه: وأما بنعمة ربك فحدث فقال: هذا أمر من الله لنبيه صلى الله عليه وعلى آله بنشر نعمته عليه وذكر إحسانه إليه لأن الله تبارك وتعالى شاكر يحب الشاكرين ويرضا الشكر والثنا عليه بنعمه من المؤمنين.

ويريد أن يحدث المؤمنون بعضهم بعضا بنعمه عليهم وإحسانه إليهم ليكونوا بذلك ذاكرين.

وسئل: عن قول الله سبحانه: فلا تزكوا أنفسكم فقال: هذا نهي من الله سبحانه لعباده عن تزكية أنفسهم لأنه لا شريك له أعلم بسرهم وعلانيتهم والله تبارك وتعالى لا يخطي علمه فيهم ولا يغلط ولا يسخط إلا في موضع السخط، وقد يغلطون في أفعالهم ويخطئون فيظنون أنهم في بعض ما يعملون لله من مرضين وهم عنده في ذلك مسخطون، ويقولون: القول الذي يتوهمونه لله رضا وهو عند الله سخط.

ألا ترى كيف يقول سبحانه: هو أعلم بكم، وكذلك الله سبحانه هو أعلم بهم من أنفسهم والمحيط بعلانيتهم وسرهم، وسئل عن قوله سبحانه: لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى فقال: هذا نهي من الله سبحانه للمؤمنين بأن يكونوا بالمن والأذا لمن تصدقوا عليه: تصدقاتهم مبطلين منهم لمن أحسنوا إليه وكثر الإمتنان بذلك الإحسان إليه.

12 / 47
ع
En
A+
A-