قال النبي صلى الله عليه: ؛لا يؤمن فاجر برا ولا أعرابي مهاجر في صلاته وقال في هامش المخطوط عند قوله إنه قال لا يؤمن الخ«، وقال صلى الله عليه: ؛صلاتكم بصلاة إمامكم إن صلى قاعدا فصلوا قعودا وإن صلى قائما فصلوا قياما وإذا لم تقبل صلاة الإمام لم تقبل صلاة من خلفه، وإنما يتقبل صلاة من أتقاه وخافه والتقوى هي الإيمان والبر والإحسان ولا ينسب الإيمان لحكمة ولا بإسمه إلا لمن عرف به، والمعرفة بذلك فلا تكون إلا بأحد الوجوه الثلاثة، إما بعيان لذلك ومشاهدة، وإما بأخبار متواترة مترادفة، وأما بخبر من ذي ديانه وثقة وطهارة وأمانة فمن لم تكن معرفة إيمانه بأحد هذه الوجوه الثلاثة الموصوفة لم يكن حقيقة إيمانة عند أحد بمعلومة ولا بمعروفة.
وسئل: عن المولى هل يجوز نكاحه للعربية فقال: لا يعلم بين علماء آل الرسول في ذلك اختلافا إذا رضي الأولياء وكانوا أهل عدل وعفاف.
وسئل: عن القيام مع من ليس بإمام، فقال: لايجوز شيء من ذلك إلا بإمام أو بولاية من إمام لما يكون في ذلك من الجمع والإحكام.
وسئل: عن أفضل الحج فقال: ذلك ما فضله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله فهو القدوة، وقد جاء عن علي رحمة الله عليه أنه قال: من تمام حجك وعمرتك أن تحرم من دويرة أهلك ولا يقرن الحج والعمرة إلا من ساق بدنة.
(1/77)
________________________________________
وسئل: متى يقطع التلبية في الحج والعمرة فقال: إذا رميت جمرة العقبة لأن الذي لبَّابه من حجة حين أحرم، وهو بعد فيه لم يحل له من الصيد والطيب ما حرم فإذا رمى جمرة العقبة حل له ما حرم الله عليه إلا النساء حتى يطوف بالبيت لإفاضته فإذا أفاض وطاف حل له ما كان حراما عليه من النساء قبل إطافته به والعمرة فيقطع التلبية فيها إذا عاين البيت المعتمر أو رآه لأنه حينئذ قد بلغ غايته ومنتهاه وإذا لم ير البيت فهو يعد في أمره وأول ما هو فيه من التلبية كآخره.
...................................
فقال: لا بأس به وأقل ما في ذلك فالأجر للميت على تزود الحاج عنه وبلغته وإعانته له على سفره ومؤمنته ونفقته.......................
النوافل، وأفضل ما في ذلك أدل دليل من قبل الله سبحانه: مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم، فقال: أما أفضل النوافل من الصلوات فصلاة التسبيح وهي صلاة جعفر بن أبي طالب التي علمه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله إذ صار إليه بخيبر فقال له صلى الله عليه: ؛ألا أهب لك ألا أعطيك ألا أنحلك?« قال: حتى ظننت أن رسول الله صلى الله عليه وآله سيعطيني ما لم يعطه أحدا قبلي فعلمني صلاة التسبيح وهي فمعروفة عند أهل العلم فمن أراد تعلمها.
وسئل: عن أشياء تحرم بها الزوجة على زوجها من غيره تكلم بطلاق، فقال: من ذلك أن يزني هو أو تزني أو تختلع منه أو تفتدي أو ترتد إلى الشرك بعد الإسلام، وفيما ذكرنا في ذلك من البيان ما يقول الله سبحانه: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك الآية، وإذا كان ذلك فاسدا منفسخا محرما كان عقده منفسخا محرما.
(1/78)
________________________________________
وقد ذكر أن عليا صلوات الله عليه حد رجلا زنا من أهل القبلة، وقذف لما حد بينه وبين زوجة له مؤمنة وفرق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله بين المتلاعنين، ولم يصح زنا الزوجة ببينة ولا يقين وجرى ذلك في اللعان سنة فكيف إذا كانت زوجية أحدهما منتفية.
وسئل: عن رجل أوصى بوصية موقوفة على مسكنة أهل بيته ثم إن الله تبارك وتعالى أفأ عليهم واستغنوا، فقال: إذا استغنوا ردت في سبيل الخير مثل مواساة أولي الحاجة وذوي القربى إن احتاج منهم أحد بعد ذلك وبني السبيل من أهل الديانة.
وسئل: عن أكل ما لم يجر تحريمه في تنزيل من كتاب الله عزوجل من الطير والسباع فقال: لا يؤكل من ذلك إلا ما أحله عزوجل، وبينه في تنزيله في بهيمة الأنعام، والأغنام وغير الأغنام، وصيد البر والبحر وما خصه الله من ذلك ومثله بالذكر.
وسألته: عن أكل الثمار إذا مر بها من غير أن يحمل? فقال: لا بأس إذا كان محتاجا إليه، ويس له أن يفسد ولا يتلف فيه تلفا.
كتاب فيه تفسير القرآن مما سأل عنه المرتضى لدين الله، وأجابه عليه الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن رسول الله صلى الله عليه وغير ذلك من تفسير الهادي أيضا، وفيه تفسير للقاسم بن إبراهيم صلوات الله عليه:
بسم الله الرحمن الرحيم
(1/79)
________________________________________
الحمد لله وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما، من تفسير الهادي إلى الحق صلوات الله عليه، وسألت: عن قول الله سبحانه: ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك، معنى آتيت فهو أعطيت فرعون وقومه هذه الأموال والزينة ليضلوا معنا لأن لا يضلوا ولأن يشكروا ويؤمنوا فلم يفعلوا، ولم يهتدوا بل عصوا فطغوا وخالفوا، فقال: ليضلوا وإنما أراد لأن لا يضلوا فطرح الألف استحفافا لها والعرب تفعل كذلك تطرحها وهي تريدها، وتثبتها وهي لا تريدها فبقيت ليضلوا فدخلت النون في إدراج الكلام فبقيت ليضلوا والمعنا فيها لأن لا يضلوا فلما أن طرح الألف جاز كما ذكرنا، وطرح الألف في القرآن كثير.
وفي لغة العرب وأشعارها، من ذلك قول الله سبحانه: لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بهذا البلد المعنا فيها معنا قسم أراد الله سبحانه ألا أقسم فطرحها استحفافا لها فمخرج اللفظ معنا نفي وإنما معناه معنا إيجاب ألا أقسم.
وقد تثبتها العرب في كلامها وهي لا تريدها فيخرج معنا اللفظ معنا نفي، وإنما معناه معنا إيجاب من ذلك قول الله: لأن لا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله فقال: لأن لا يعلم وإنما المعنا فيها ليعلم فأثبت فيها وهو لا يريدها، وقد تفعل ذلك العرب تثبتها وهي لا تريدها وتطرحها وهي تريدها فإنما أثبتها وهو لا يريدها في قوله: لئلا يعلم أهل الكتاب فأثبتها وهو لا يريدها.
(1/80)
________________________________________
وأما طرح الألف وهو يريدها فهو ما ذكرنا من قوله: لأن لا يضلوا وأما طرح الألف وهو يريدها فقوله: لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بهذا البلد، ومثله: وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فقال: أو يزيدون فأدخل الألف ها هنا وهو لا يريدها، وإنما معناه ويزيدون على المائة الألف فخرج المعنى حين أثبت الألف معنا شك، وإنما المعنا معنا إيجاب ونسق بالواو للزيادة على المائة الألف غير أن الألف دخلت وليس لها هاهنا معنا، فاختلف الظاهر والمعنا.
وسألت: عن قوله سبحانه: تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء، والملك: هاهنا الذي يؤتيه من يشاء فهو جبايات الدنيا وأموالها والذين يشاء أن يؤتيه إياهم فهم الأنبياء ثم الأئمة من بعدهم، والذين يشاء أن ينزعه منهم فهم أعداؤه من جبابرة أرضه.
ومعنا تؤتي الملك فهو الحكم بالملك لهم صلوات الله عليهم، فمن حكم له بالنبوة أو بالإمامة حكما وأوجب له الطاعة على الأمة باستحقاقه لذلك الموضع إيجابا فقد آتاه الملك لأن الملك هو الأمر والنهي والجبايات والأموال التي تقبض التي بها قوام العساكر واتخاذ الخيل والرجال والسلاح وجميع أدات الملك فمن أجاز الله له قبض جبايات الأرض وإقامة أحكامها وحدودها وأوجب له الطاعة على أهلها.
فقد آتاه الملك حقا أولئك السابقون بالخيرات صلوات الله عليهم، ومن لم يحكم له بشيء من ذلك ولم يجزه له ويطلق يده فيه ولم يوجب له الطاعة على أحد من خلقه فقد نزع ملك أرضه منه وأبعده عنه أولئك أعداؤه وجبابرة أرضه الحاكمون بغير حكمه المغتصبون ما جعل الله سبحانه لأوليائه المعتدون لما حكم به في خلقه وبلاده أولئك يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا. فسبحان من لم يقض بشيء من ذلك لأعدائه ولم يؤته غير أولياءه.
(1/81)
________________________________________
وفي نفي الحكم منه بشيء من ذلك لأعدائه ما يقول لإبراهيم صلى الله عليه لا ينال عهدي الظالمين، والعهد فهو العقد بالأمانة والحكم لهم بالطاعة ومعنى لا ينال عهدي الظالمين، فهو لا يبلغهم ولا يجيزهم.
وسألت: عن قول الله سبحانه: إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون فهذا إخبار من الله سبحانه أن كل من عبد من دون الله أحدا وكان المعبود من دون الله راضيا بذلك من فعل العابدين، فإنه ومن يعبده حصب جهنم وحصب جهنم هو حطبها ووقودها أنتم لها واردون يرتد أنتم إليها صايرون وفيها داخلون، والعبادة فقد تكون على معنيين: فمنها عبادة ربوبية، ومنها عبادة سمع وطاعة واستقامة من المأمور لأمر الأمر.
فأما عبادة الربوبية فهو مثل من قد عبد النجوم، وعبد المسيح وعبد العزير وعبد اللات والعزا وودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا فهؤلا يعبدهم من يعبدهم عبادة ربوبية يتخذونهم آلهة من دون الله يتقربون بعبادتهم في قولهم إلى الله ولا يعبدون الله إجلالا زعموا وإعظاما من أن يعبدوه فاتخذوا هؤلاء أربابا من دون الله يعبدونهم لكفرهم وضلالهم وغيهم وإفكهم.
وعبادة الطاعة والاستقامة مثل عبادة من أطاع إبليس فنهاهم الله عزوجل عن عبادته ونهى عن طاعته، وذلك قوله سبحانه: ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين ) وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم.
والشيطان لعنه الله لم يعبده أحد من الناس عبادة ربوبية وإنما عبادتهم له فيما نهاهم الله عنه في الطاعة له فيما يأمرهم به ويوسوس لهم، وكذلك معنا قول الله سبحانه هاهنا وأن اعبدوني يريد أطيعون ولا تطيعوا إبليس اللعين، فهذا معنا قوله: وما سألت عنه من قول الله إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون.
(1/82)
________________________________________
وسألت: عن قول الله سبحانه: إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون معنا قوله سحبانه سبقت لهم منا الحسنى هو وجب لهم منا الحكم بالحسنى في دار الدنيا وتقدم لهم منا في حياتهم الدنيا وجوب الوعد بالحسنى والحسنا: فهي الثواب والرحمة ووجوب المغفرة ورفع الدرجة أولئك عنها مبعدون يخبر أن هؤلاء الذين قد وجب لهم من الله في الدنيا ما وجب من الحسنى عنها مبعدون يخبر أن هؤلاء الذين قد وجب لهم من الله في الدنيا ما وجب من الحسنى عنها مبعدون، وهي النار نعوذ بالله من النار.
والذين سبق لهم هذا من الله في حياتهم ووجب لهم منه الوعد الصادق في دنياهم وآخرتهم فهم المؤمنون بالله والعارفون به المثبتون لعدله وتوحيده القائلون بصدق وعده ووعيده والعارفون بفضل الجهاد في سبيله الموالون لأوليائه والمعادون لأعدائه الؤدون لجميع فرائضه القائمون بطاعته التاركون لمعصيته المستقيمون على واضح سبيله رحمة الله ورضوانه عليهم ونسأله أن يجعلنا في حكمه كذلك وأن يرزقنا برحمته ذلك وأن يفعل بنا ما يفعل بأولئك إنه ولي حميد.
وسألت: عن قول الله سبحانه الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل، معنا ذلك أن الله تبارك وتعالى خالق كل شيء من فعله لا من أفعال غيره فأفعاله بائنة من أفعال خلقه وأفعال خلقه باينه من فعله، وأفعال الله في خلقه بائنة متلاحقة يلحق أخرها أولها ويثبت أولها لآخرها وأفعال الخلق فغير متلاحقة بل هي أعراض متباينة متفاوتة لا يلحق آخرها أولها، ولا يدخل في ثاني منها إلا بعد انقضا الأول فهذا الفرق بين أفعاله وأفعال خلقه، والله كما قال سبحانه خالق كل شيء موجود متلاحق برئ من خلق ما لا يتلاحق فما كان متلاحقا فهو فعل الله والله خلقه وما كان غير متلاحق لا يلحق أوله آخره.
(1/83)
________________________________________
فذلك فعل غيره لا فعله تبارك وتعالى عن فعل أفعال المخلوقين وكيف يخلق أفعالهم أو يفعلها وفيها الغشم والظلم والجور والله برئ عن فعل ذلك متقدس عن أن يكون كذلك، فلو جاز أن يكون خلق ما يفعلون كان فاعلا لكل ظلم فعلوه أو جور أحدثوه أو عظيمة جاؤا بها ولكان هو الفاعل له دونهم إذ كان الموجد له لا هم فافهم هديت ما ذكرنا، وقس كل ما أتاك من هذا كما شرحناه، على كل شيء وكيل والوكيل هو المحاسب الرقيب الحفيظ لأفعال من هو عليه وكيل.
وسألت: عن قول الله سبحانه: والله خلقكم وما تعملون فالذي عنا بذلك سبحانه فهو الحجارة التي ينحتوها أصناما ويعملونها لهم آلهة وما أشبه ذلك من الأنصاب التي يعبدونها فهذا معنا، وما تعملون فالله خلقهم ومفعلوهم ولم يخلق سبحانه فعلهم والمفعول فهو الصنم الذين ينحتونه من الحجارة وفعلهم فهو الحركة التي كانت منهم من الرفع والوضع والنحت فالله خلق الحجر الذي عملوه صنما، ولم يخلق الفعل الذي كان منهم في نحت الحجر.
وسألتت: عن قول الله سبحانه في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا، المعنى في ذلك أن مشركي قريش كان في قلوبهم مرض من دعوة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، والمرض فهو الشك والحيرة والحسد له صلى الله عليه فكانت قلوبهم مدخولة مما يأتي به من الحق خوفا أن يطهر حقه وكلمته وتتمكن في قلوب العرب دعوته فكانوا كلما أشفقوا من شيء زاد الله نبيه حجة ونورا ودلالة وحقا فازدادت قلوبهم مرضا بما يزيد الله نبيه من النور والهدى في كل يوم يثبت الله لنبيه حجته ويزيده نورا وتقوى ونصرا وتأييدا فتزداد لذلك قلوبهم عداوة وحسدا، فهذا معنا قول الله في قلوبهم مرض يخبر سبحانه أن كلما يؤتيه نبيه من العز والخير وإقامة الحجج على الأمة يزيد ذلك قلوب المشركين سقما وغما وبلا ومرضا فهذا معنا ما عنه، سألت: من قول الله سبحانه في قلوبهم مرض فزادهم مرضا.
(1/84)
________________________________________
وسألت: عن قول الله سبحانه: ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وأن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله.