وقد قال الإمام القاسم (عليه السلام) في جواب مسائل سُئِلَ عنها: (وسألته عن الروح الذي يكون في الحيوان فقال : هو المتحرك الذي به يَحيى الحيوان ويذهب ويقبل ويدبر ويعرف وينكر وهو شيء لا يعرف بالعين وإنما يعرف بالدليل واليقين) انتهى كلامه (عليه السلام) .

وقال الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (عليه السلام) في شرح الرسالة الناصحة للإخوان : (والروح هو النَّفَس المتردد في مخارق الحي عند أهل العلم واللغة ومنبعه من القلب وليس للإتساع في ذكره هاهنا وجه , وقد قال الإمام الهـادي إلى الحق يحيى بن الحسين صلوات الله عليه : (( وعلق في صدره قلباً وركب فيه لباً وجعله وعاءً للعقل الكامل وحصناً للروح الجايل )) انتهى كلام الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (عليه السلام) .

وقال الإمام المهـدي أحمد بن يحيى المرتضى (عليه السلام) في دامغ الأوهام :(مسألة , واختلف الناس في الروح هل هو حي أم لا ؟

فقالت البصرية من المعتزلة أن الإنسان هو الحي والروح النَّفَس وليس بحي وإنما هو أجزاء مبثوثة يجذبها الحي ويدفعها في كل حين قيل والحكمة في ذلك أن الكبد فيها حرارة كليه فخلق الله الريه خفيفة لا تزال تضطرب على جهة المروحة على الكبد وهي إنما تضطرب وتتحرك بما يصل إليها من أجزاء الهوى التي ينجذب والنفس فيملأ مخاريقها .... الخ .

هذا ما ظفرت به من أقوال الأئمة الهداة وملخص مقالهم أنه جسم وصريح قول الهادي والقاسم والحسين بن القاسم والمؤيد بالله والإمام أحمد بن سليمان عليهم السلام أنه يبقى بعد موت الجسم أما ما ظفرت به من أقوال العامة والفلاسفة فسأحكيه وفي الحكاية عنهم ما يعرفه المطلع عليه من التباين والاختلاف فمنهم من قال هو جسم , ومنهم من يقول هو عرض , ومنهم من يقول ليس بجسم ولا عرض , ومنهم من يقول الروح هو الحياة وهي المعنى الذي يوجب صحة الإدراك وهذا قول بعض المعتزلة وغيرهم , ومنهم من قال غير ذلك .

والقائلون بأنَّه جسم اختلفوا على أقوال:

 أحدها: أنه الأجزاء اللطيفة المكنونة في البطن الأيسر من القلب النافذة في الشرايين المنبثة في أجزاء البدن.

 وثانيها: قال قوم الروح عبارة عن الأجزاء اللطيفة المكنونة في الدماغ الصالحة لقبول قوى الحس والحركة والحفظ والفكر والذكر النافذة من الدماغ في شظايا الأعصاب المنبثة في أقاصي البدن.

وثالثها: قال قوم الروح هو الدم فإنه إذا نزف الدم مات الحيوان ويريدون الدم أو ما يقوم مقامه من المائية التي تكون في بعض الحيوانات كالذباب وغيره.

ورابعها: أنَّ الروح التنفس في الهواء الذي يكون في مخارق الحيوان ووجهه أن الروح أصله ريح وهذا يناسب المراد ولأنه إذا انقطع النسم الذي يدخل أجواف الحيوانات هلكت , وقد أجيب على أهل هذا القول بأنه لا يسلم أن كل حيوان يحتاج إلى التنفس ولا يلزم من إحتياجه إليه أن يكون هو الروح فانه يحتاج إلى البنية والرطوبة ولم يقولوا هي الروح.

54 / 270
ع
En
A+
A-