أمَّا العقل: فلِقِيام الدليل أنه تعالى لا تحله الأعراض والرِّقَّة عرض.

وأما السمع: فقوله تعالى: )ليس كمثله شيء( [الشورى – 11] .

أمَّا الرحمن: فيختص الله تعالى به لقوله تعالى: )قُلِ ادْعُوا الله أو ادعوا الرحمن( [الإسراء– 110] فعادل الاسم الذي لا يشاركه فيه غيره وكونه مختصاً به تعالى هو المحكي عن أكثر العلماء كما قال القرطبي وأبو حيان : ولا أعلم خلافاً في ذلك وهو من الصفات الغالبة كالنجم وليس بعلم .

وأمَّا رحيم: فعند أئمتنا أنه تعالى مختص به مع الإطلاق وأما مع الإضافة فيجوز نحو زيد رحيم بأهله والذي عليه بعضهم أنهما ليسا بمترادفين فالرحمن أعم ولذا قالوا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا واختاره الزمخشري إذ زيادة البناء تدل على زيادة المعنى وروي عن ابن عباس أنه قال : هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر , وروي مرفوعاً : وأما الرحمن فالعاطف على البَرِّ والفاجر من خلقه وأما الرحيم فالرقيق بالمؤمنين خاصة.

 قال الخازن في تفسيره : ( وقيل هما بمعنى , مثل ندمان ونديم معناهما ذو الرحمة وإنما جمع بينهما للتأكيد) , وقال أيضاً : (وقيل الرحمن قيد معنى العموم , والرحيم قيد معنى الخصوص , فالرحمن بمعنى الرازق في الدنيا وهو على العموم لكافة الخلق المؤمن والكافر , والرحيم بمعنى الغفور الكافي للمؤمنين في الآخرة فهو على الخصوص , ولذا قيل رحمن الدنيا ورحيم الآخرة) وقال أيضاً : (وقيل الرحمن بكشف الكروب , والرحيم بغَفْر الذنوب) .

وقال أبو حيان في البحر: (الذي يظهر لي أن جهة المبالغة مختلفة فلذلك جمع بينهما فلا يكون من باب التوكيد فمبالغة فعلان مثل غضبان وسكران من باب الامتلاء والغلبة ومبالغة فعيل من حيث التكرار ومحال الرحمة ولذلك لا يتعدى فعلان ويتعدى فعيل).

قال بعض النُّقَّاد: أن حديث عائشة وابن صابط يدلان على أن معناهما واحد وهو الدلالة على شمول رحمته في الدنيا والآخرة , قال : والعموم على هذا باعتبار الأزمان لا الأشخاص.

 إذا عرفت ما تقدم ظهر الفرق بين المغفرة والرحمة لغة إذ الرحمة رقة القلب والمغفرة هي الستر , أما في المعنى فالرحمة تستلزم الستر والتغطية ألا ترى أن من رحمه الله وحكم له بالجنة فقد ستر ذنوبه التي تاب منها وغطاها وغفرها.

هذا ما ظهر لي و فوق كل ذي علم عليم , وصلى الله على سيدنا محمد وآله .

52 / 270
ع
En
A+
A-