فاستلزم ذكر معنى كل واحد لغةً قال الجوهري  في الصحاح : الغفر التغطية والغفر الغفران , وقال : ويقال: استغفر الله لذنبه ومن ذنبه بمعنى فغفر له ذنبه مغفرةً وغفراناً واغتفر ذنبه مثله فهو غفور .

وفي لسان العرب المحيط: الغفور الغفار جل ثناؤه وهما من أبنية المبالغة ومعناهما الساتر لذنوب عباده المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم .

وأما الرحمة فقال الجوهري: الرحمة الرقة والتعطف والمرحمة مثله , وقد رحمته وترحمت عليه وتراحم القوم ورحم بعضهم بعضاً , والرحموت من الرحمة.

وقال ابن منظور في لسان العرب المحيط مادة رحم: الرحمة الرقة والتعطف والمرحمة مثله , وقد رحمته وترحمت عليه وتراحم القوم رحم بعضهم بعضاً والرحمة المغفرة وقوله تعالى في وصف القرآن الكريم: )هُدَىً ورحمةً لقومٍ يؤمنون ( [يوسف – 111 , النحل - 64] أي فصلناه هادياً وذا رحمة , وقوله تعالى: )ورحمةً للذين آمنوا منكم( [التوبة – 61] أي هو رحمة لأنه كان سبب إيمانهم , وقال أيضاً: )والله الرحمن الرحيم ( بنيت الصفة الأولى على فعلان لأن معناه الكثرة وذلك لأن رحمته وسعت كل شيء وهو أرحم الراحمين.

وأمَّا الرحيم: فإنما ذكر بعد الرحمن لأن الرحمن مقصور على الله عز وجل والرحيم قد يكون لغيره , وقال أيضاً : والرحمة في بني آدم عند العرب رقة القلب ورحمة الله عطفه وإحسانه ورزقه.

قال أبو حيان في البحر المحيط: الرحمن فعلان من الرحمة , وأصل بنائه من اللازم من المبالغة , وشَذَّ من المتعدي , و " أَلْ " فيه للغلبة كهي في الصعق , فهو وصف لم يستعمل في غير الله .... إلخ .

وقال: الرحيم فعيل مُحَوَّلٌ من فاعل للمبالغة وهو أحد الأمثلة.

وحيث قد تعرضنا لمعنى الرحمة في اللغة وأنها الرقة والتعطف في حق المخلوق فلنذكر معناها في حق الخالق جل وعلا فنقول : ذهب الجمهور إلى أنها في حق الله تعالى مجاز لأن الرحمة رقة في القلب كما قدمنا وذلك مستحيل عليه تبارك وتعالى فيراد لازمها وهو الإحسان والتفضل لأن الملك إذا تفضل على رعيته أصابهم بمعروفه وإحسانه فهو مجاز مرسل تبعي لأن التجوز فيهما تابع لأصلهما الذي هو الرحمة وقيل أن الرحمة إرادت الخير لمن أراد الله به الخير .

قال أبو السعود: الرحمة في اللغة رقة القلب ومنه الرحم لانعطافها على ما فيها والمراد هاهنا التفضل والإحسان أو إرادتهما بطريق إطلاق اسم المسبب بالنسبة إلينا على مسببه البعيد أو القريب .

وقال الإمام القاسم بن محمد (عليه السلام) : بل هما حقيقتان دينيتان وضعهما الشارع اسمين له تعالى كما في مؤمن وكافر إذ لو كانا مجازين لافتقرا إلى القرينة عند إطلاقهما عليه تعالى والمعلوم أنهما لا يفتقران فلما لم يفتقرا ثبت كونهما حقيقة فيه تعالى إما لغوية أو دينيه واللغوية ممنوعة لاستلزامها التشبيه فتعين كونهما حقيقة دينية وأجيب بأن القرينة الصارفة عن المعنى الحقيقي حاصلة وهي العقل والنقل.

51 / 270
ع
En
A+
A-